<

 

________________________________

مجلة كلية القانون والعلوم السياسية

Journal of the College of Law and Political Sciences


العدد ٢٩

السنة ٢٠٢٥


الشروط القانونية لاختصاص الاكسيد في تسوية المنازعات الاستثمارية العراقية دراسة في شروط قبول الدعوى والقبول الكتابي للتحكيم تحديث 2025

م. د. مُصْعَب ثَائِر عَبْدُ السَّتَّار العُبَيّديّ.*

(*) الجامعة العراقية – كلية العلوم الاسلامية

Musaab.t.abdul-sattar@aliraqia.edu.iq

المستخلص

يعد المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار الاكسيد (ICSID) إحدى مؤسسات البنك الدولي، وقد أنشئ بموجب اتفاقية تسوية نزاعات الاستثمار بين دول ومواطني دول أخرى عام 1965م المعروفة باسم (اتفاقية واشنطن)، التي دخلت حيز النفاذ بتاريخ 14/10/1966م، ولم ينضم العراق لها إلا مؤخرا بموجب القانون رقم (64) لسنة 2012م، وقد وقع العراق أيضا على ما يعرف باتفاقية المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار (ICSID) في 17 نوفمبر/تشرين الثاني لسنة 2015م، ليصبح الدولة رقم (160) التي توقع على هذه الاتفاقية، والدولة رقم (152) التي تنضم إلى عضوية المركز. إن أهمية الانضمام إلى الاتفاقية وإلى المركز لحل المنازعات التجارية يعد وسيلة مهمة لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وأحد الركائز الأساسية للتنمية الاقتصادية في العراق، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية التي يواجهها الوضع العراقي الراهن. ولتحقيق ذلك، يسعى العراق إلى تحسين بيئة الاستثمار وتوفير ضمانات قانونية للمستثمرين الأجانب. ويأتي انضمام جمهورية العراق إلى المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار (ICSID) كخطوة استراتيجية في هذا الاتجاه، حيث يوفر إطارا قانونيا دوليا لتسوية المنازعات الاستثمارية ويعزز الثقة في بيئة الاستثمار العراقية. وعليه جاءت أهمية بحثنا هذا لبيان أهم الشروط القانونية لاختصاص الاكسيد من حيث شروط قبول الدعاوى الاستثمارية العراقية وشروط القبول الكتابي للتحكيم ومدى توافق هذه الشروط مع الاستثمارات التجارية العراقية وقانون الاستثمار العراقي رقم (13) لسنة 2006م، وسبل حل المنازعات المتعلقة بها وخاصة في مجال التحكيم التجاري.


الكلمات المفتاحية:

اختصاص الإكسيد (ICSID)، المنازعات الاستثمارية، قبول الدعوى، القبول الكتابي للتحكيم.


للأستشهاد بهذا البحث:

العبيدي، م.ث.ع. (2025). الشروط القانونية لاختصاص الاكسيد في تسوية المنازعات الاستثمارية العراقية دراسة في شروط قبول الدعوى والقبول الكتابي للتحكيم. مجلة كلية القانون والعلوم السياسية، 29، ٣٥–٧٠

https://doi.org/10.61279/7yrtfb61

تاريخ الاستلام ٤/٣/٢٠٢٥

تاريخ القبول: ١٣/٥/٢٠٢٥

تاريخ النشر ورقيا: ٢٥ تموز ٢٠٢٥

متوفر على الموقع الالكتروني: ٢٥ تموز ٢٠٢٥

ترميز DOI: 

https://doi.org/10.61279/7yrtfb61

متوفر على:

https://jlps.edu.iq/index.php/jlps/article/view/508

https://iasj.rdd.edu.iq/journals/journal/issue/17079

المجلة تعمل بنظام التحكيم المجهول لكل من الباحث والمحكمين

هذا البحث مفتوح الوصول ويعمل وفق ضوابط (نسب المشاع الإبداعي)(نَسب المُصنَّف - غير تجاري - منع الاشتقاق ٤.٠ دولي)

حقوق الطباعة محفوظة لدى مجلة كلية القانون والعلوم السياسية في الجامعة العراقية

حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمؤلف

حقوق النشر محفوظة للناشر (كلية القانون والعلوم السياسية - الجامعة العراقية)

المجلة مؤرشفة في مستوعب المجلات العراقية المفتوحة

للمزيد من المعلومات مراجعة الموقع الالكتروني

__________________________________________________

Issue 29

Year 2025

The Legal Requirements for ICSID Jurisdiction in Settling IraqiInvestment Disputes- A Study of Conditions for Admissibility of Claims and Written Consent to Arbitration

(*)Dr.Instructor. Musaab Thair Abdul-Sattar Al-Obaidi

(*)Al-Iraqia University - College of Islamic Sciences

Musaab.t.abdul-sattar@aliraqia.edu.iq


Abstract

The International Centre for Settlement of Investment Disputes (ICSID) is an institution of the World Bank, established under the Convention on the Settlement of Investment Disputes between States and Nationals of Other States of 2 1965, known as the Washington Convention, which entered into force on October 14, 1966. Iraq acceded to the Convention relatively recently, pursuant to Law No. 64 of 2012, and further signed the ICSID Convention on November 17, 2015, becoming the 160th signatory and the 152nd member state  . Accession to the Convention and the Centre for the resolution of commercial disputes is a crucial instrument for attracting foreign direct investment and a cornerstone of Iraq’s economic development, particularly given the prevailing economic challenges. To this end, Iraq endeavors to enhance its investment climate and provide legal safeguards to foreign investors. The Republic of Iraq’s accession to ICSID is a strategic move in this direction, offering an international legal framework for resolving investment disputes and fostering confidence in the Iraqi investment environment. This research aims to elucidate the key legal requirements for ICSID jurisdiction, specifically concerning the conditions for the admissibility of Iraqi investment claims and the prerequisites for written consent to arbitration. It examines the compatibility of these requirements with Iraqi commercial investments and the Iraqi Investment Law No. 13 of 2006, as well as the mechanisms for resolving related disputes, particularly within the realm of commercial arbitration.

Keywords

ICSID Jurisdiction, Investment Disputes, Admissibility of Claims, Written Consent to Arbitration.

recommended citation

العبيدي، م.ث.ع. (2025). الشروط القانونية لاختصاص الاكسيد في تسوية المنازعات الاستثمارية العراقية دراسة في شروط قبول الدعوى والقبول الكتابي للتحكيم. مجلة كلية القانون والعلوم السياسية، 29، ٣٥–٧٠

Received : 4/3/2025 ; accepted :13/5/2025 ; published 25/7/2025

published online: 25/7/2025

DOI: https://doi.org/10.61279/7yrtfb61

Available online at: https://jlps.edu.iq/index.php/jlps/article/view/508

Online archived copy can be found at: https://iasj.rdd.edu.iq/journals/journal/issue/17079

Indexed by:

DOIJ: https://doaj.org/toc/2664-4088

CROSSREF doi: prefix 10.61279

This article has been reviewed under the journal’s double-blind peer review policy.

This article is open access and licensed under a Creative Commons Attribution-NonCommercial-NoDerivatives 4.0 International License (CC BY-NC-ND 4.0).

Printing rights are reserved to the (Journal of the College of Law and Political Science) - Aliraqia University

Intellectual property rights are reserved to the author Copyright reserved to the publisher (College of Law and Political Science - Aliraqia University)

For more information, visit jlps.edu.iq

__________________________________________________


المقدمة

بدايةً.. يعتبر المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار الإكسيد (ICSID) إحدى المؤسسات الدولية التي تهدف إلى توفير إطار قانوني دولي لتسوية المنازعات الاستثمارية بين الدول والمستثمرين الأجانب، وقد اكتسب انضمام جمهورية العراق إلى هذا المركز أهمية بالغة في ظل سعيه الحثيث لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتعزيز بيئة الاستثمار المحلية -خاصة في ظل الظروف الاقتصادية التي يمرُّ بها البلد. وقد عرف المشرّع العراقي (الاستثمار) في قانون الاستثمار العراقي رقم (١٣) لسنة ٢٠٠٦م: هو توظيف المال في اي نشاط او مشروع اقتصادي يعود بالمنفعة المشروعة على البلد، وهكذا فالمقصود أن يكون موضوع الدعوى المطروحة على الإكسيد نزاعاً من المنازعات ذات الطبيعة المالية، أي المنازعات التي يمكن تقديرها بالنقود! وهي بشكل عام دعاوى التعويضات الناشئة عن الإخلال بالالتزامات التعاقدية في الغالب الأعَّم. وتأسيساً على ذلك يخرج من نطاق ولاية الإكسيد الدعاوى ذات الطبيعة السياسية. وعليه.. يُمكن القول إنَّ اختصاص الإكسيد يَنحصر في الدعاوى الناشئة عن الاستثمار، أي تلك الدعاوى المرتبطة باستغلال رؤوس الأموال بين الدولة والمستثمر الأجنبي، وذلك وفقًا للمفهوم الموحد للاستثمار بعد تدويله، وبعبارة أخرى.. فإنَّ منازعات الاستثمار العراقية بأنواعها سواء تلك المتعلقة «ببعض» الجوانب المتعلقة بالنفط أو الهيئة الوطنية للاستثمار، أو وزارة النقل مؤخرًا مع شركة هورس المصرية -قضيّة لم تُحسم بعد- كلها تدخل ضمن اختصاص الإكسيد مادامت تلك المنازعات تقتصر على الدعاوى ذات الطبيعة المالية فقط وبذلك يتحقق الشرط الأول لاختصاص المركز وفقًا للنص وحسبما ورد في المادة (٢٥/١) من اتفاقية الإكسيد -كما سنرى في صفحات بحثنا- والذي قسمته لمبحثين؛ المبحث الأول: المنازعات التي يختص بها الإكسيد: شروط قبول الدعوى. والمبحث الثاني: شرط التحكيم لدى الإكسيد: صور القبول الكتابي للدولة والمستثمر باختصاص المركز.


أهمية البحث:

تكمن أهمية هذا البحث هذا، في تسليط الضوء على الإطار القانوني الذي يحكم المنازعات الاستثمارية في العراق، وتقديم رؤية دقيقة لأهم الشروط لقبول الدعوى والقبول الكتابي للتحكيم وكيفية استفادة جمهورية العراق من انضمامه إلى الإكسيد في جذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز التنمية الاقتصادية الحالية.


مشكلة البحث:

تكمن مشكلة في هذا السياق البحث إلى دراسة الشروط القانونية لاختصاص الإكسيد في تسوية المنازعات الاستثمارية العراقية، مع التركيز على شروط قبول الدعوى والقبول الكتابي للتحكيم. كما يسعى البحث إلى تقييم ومعرفة مدى توافق شروط المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار بين الدول والمستثمرين الأجانب، مع قانون الاستثمار العراقي رقم (13) لسنة 2006م، ومع المنازعات الاستثمارية التي يكون العراق طرفًا فيها، وتحليل سبل حل المنازعات المتعلقة بالاستثمارات، خاصة في مجال التحكيم التجاري.


منهجية البحث:

اعتمدت في بحثنا هذا على المنهج الوصفي التحليلي، الذي يهدف إلى وصف وتحليل الشروط القانونية لاختصاص المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار (الإكسيد) في تسوية المنازعات الاستثمارية العراقية، مع التركيز على شروط قبول الدعوى والقبول الكتابي للتحكيم. وقد تم استخدام المنهج الوصفي لجمع البيانات والمعلومات المتعلقة بموضوع البحث، بما في ذلك اتفاقية الإكسيد، وقانون الاستثمار العراقي رقم (13) لسنة 2006م، والقوانين والأنظمة العراقية الأخرى، بالإضافة إلى الأحكام القضائية الصادرة عن المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار (الإكسيد). أما المنهج التحليلي، فقد تم استخدامه من خلال تحليل الشروط القانونية لاختصاص الإكسيد، وشروط قبول الدعوى، وشروط القبول الكتابي للتحكيم، وتحديد مدى توافقها مع قانون الاستثمار العراقي. وتحليل سبل حل المنازعات المتعلقة بالاستثمارات العراقية، خاصة في مجال التحكيم التجاري. وقد تم استخلاص النتائج وتقديم التوصيات بناءً على التحليل الذي تم إجراؤه.


المبحث الأول:

المنازعات التي يختص بها الإكسيد: شروط قبول الدعوى.


تمهيدٌ وتقسيمٌ:

بدايةً.. الإكسيد هو اختصارًا للمركز الدولي لمنازعات الاستثمار يعَّرف باللغة الإنكليزية International Centre for Settlement of Investment Disputes مختصرًا بـ(ICSID) وهو يعتبر جهاز قضائي يتولى الفصل في المنازعات الناشئة عن الاستثمار بين طرفين: الدولة المضيفة والمستثمر الأجنبي. وهذا الاختصاص نوعي محدد مستمد حتى من مسمى الاتفاقية المنشئة له، فهي “الاتفاقية الخاصة بتسوية المنازعات الناشئة عن الاستثمار بين الدول ورعايا الدول الأخرى” ولقطع الشك باليقين في تحديد هذا الاختصاص نصت المادة (٢٥/١) من اتفاقية واشنطن على أنه يمتد الاختصاص القانوني للمركز إلى أية خلافات قانونية تنشأ مباشرة عن استثمار بين دولة متعاقدة (أو أي إقليم فرعي أو أي وكالة تابعة للعضو المتعاقد سبق أن عينته الدولة المتعاقدة إلى المركز وبين مواطن من دولة أخرى متعاقدة، وبشرط أن يوافق طرفا النزاع كتابة على تقديمها للمركز. وعند إعطاء الطرفين موافقتهما لا يحق لأي من الطرفين أن يسحب هذه الموافقة دون قبول من الطرف الآخر” [1] . ويشترط لاختصاص المركز وفقًا للنص ضرورة توافر الشروط الثلاثة التالية [2] : أولًا: أن يكون موضوع الدعوى نزاعا يتعلق بالاستثمار. ثانيًا: أن يكون النزاع بين دولة طرف في الاتفاقية ومستثمر ينتمي بجنسيته لدولة أخرى طرف في ذات الاتفاقية. ثالثًا: قبول الطرفين كتابة باختصاص الإكسيد بفض النزاع. وعليه.. تم تقسيم هذا المبحث إلى ثلاث مطالب؛ المطلب الأول: أن يكون موضوع الدعوى نزاعا يتعلق بالاستثمار أما المطلب الثاني: أن يكون النزاع بين دولة مُوقِّعة على اتفاقية واشنطن، ومستثمر يحمل جنسية دولة أخرى مُوقِّعة على الاتفاقية ذاتها والمطلب الثالث: قبول الدولة والمستثمر كتابة باختصاص المركز.


المطلب الأول: أن يكون موضوع الدعوى نزاعاً يتعلق بالاستثمار

تتحدد الولاية القضائية للمركز - وحسبما ورد في المادة (٢٥/١) من اتفاقية المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار (ICSID) وبحصر اللفظ - بأية خلافات قانونية تنشأ مباشرة عن الاستثمار. ويعني مصطلح الاستثمار جميع حركات رؤوس الأموال وتوظيفها بهدف الربح. فهذا الاصطلاح يتسع ليشمل «كافة أنواع الأصول التي لديها خصائص الاستثمار مثل الالتزام برأس المال أو موارد أخرى، وتوقعات الكسب أو الربح، أو تحمل المخاطرة، سواء كانت منشأة أو مكتسبة بواسطة مستثمري أحد الطرفين المتعاقدين في إقليم الطرف الآخر المتعاقد، وذلك وفقا لقوانين وتشريعات الدولة المضيفة للاستثمار كجمهورية العراق محل البحث [3] ، وتتضمن عادةً - لا على سبيل الحصر - الآتي:


(أ) الممتلكات المنقولة وغير المنقولة وكذلك أي حق عيني آخر، والحقوق المستمدة منها، مثل حقوق الارتفاق الرهونات العقارية، حقوق الارتهان، حقوق الانتفاع، والحقوق المماثلة.


(ب) الأسهم والحصص أو أيَّ شكل آخر من أشكال المساهمة في الشركات سواء النفطية أو الغازية وغيرها.


(ج) المطالبة باستحقاقات مالية أو بأداء أعمال ذات قيمة اقتصادية، باستثناء المطالبات الناشئة فقط من العقود التجارية لبيع السلع أو الخدمات أو من الائتمانيات التي تتعلق بعمليات تجارية ذات تاريخ استحقاق أقل من ثلاث سنوات.


(د) حقوق الملكية الفكرية، وبالأخص (حقوق النشر، حقوق الملكية الصناعية مثل براءة الاختراع ونماذج الخدمات والتصميمات أو النماذج الصناعية، أو العلامات التجارية أو الخدمية والأسماء التجارية، وعلامات المنشأ، والمعرفة التقنية والشهرة التجارية).


(هـ) الامتيازات، وتضم امتيازات البحث والتنقيب عن الموارد الطبيعية مثل النفط والغاز والمعادن الأخرى واستخراجها أو استغلالها، بالإضافة إلى كافة الحقوق الأخرى سواء الممنوحة بموجب القانون، أو بموجب عقد أو بقرار السلطات المختصة في الدولة، انتهى.. ولا يؤثر أي تغيير يطرأ على الشكل الذي أقيم به الاستثمار على صفته كاستثمار وفقاً لهذا الاتفاق» [4] .


ومن الجدير بالذكر هنا، أن المشرع العراقي في قانون الاستثمار العراقي رقم (١٣) لسنة ٢٠٠٦م [5] في المادة (٢٩) نصت على «تخضع جميع مجالات الاستثمار لأحكام هذا القانون باستثناء ما يأتي: أولًا الاستثمار في مجالي استخراج وإنتاج النفط والغاز. ثانيًا الاستثمار في قطاعي المصارف وشركات التأمين». وهو ما يعني خروج هاتين الفقرتين من مجال تطبيق هذا القانون، مع العلم انَّ اغلب قوانين الاستثمار شملت النفط والغاز باعتبارها اهم موارد الدولة -وان كان هناك قوانين منظمة لها- أما عن تعريف الاستثمار فلم يخرج هذا التعريف عن المفهوم الموحد للاستثمار فقد عرف المشرّع العراقي (الاستثمار) في قانون الاستثمار العراقي: هو توظيف المال في اي نشاط او مشروع اقتصادي يعود بالمنفعة المشروعة على البلد [6] وهكذا فالمقصود أن يكون موضوع الدعوى المطروحة على الإكسيد نزاعاً من المنازعات ذات الطبيعة المالية، أي المنازعات التي يمكن تقديرها بالنقود. وهي بشكل عام دعاوى التعويضات الناشئة عن الإخلال بالالتزامات التعاقدية. وتأسيساً على ذلك يخرج من نطاق ولاية الإكسيد الدعاوى ذات الطبيعة السياسية [7] . وخلاصة ما تقدم.. يُمكن القول إنَّ اختصاص الإكسيد يَنحصر في الدعاوى الناشئة عن الاستثمار، أي تلك الدعاوى المرتبطة باستغلال رؤوس الأموال بين الدولة والمستثمر الأجنبي، وذلك وفقًا للمفهوم الموحد للاستثمار بعد تدويله. وبعبارة أخرى.. فإنَّ منازعات الاستثمار العراقية بأنواعها سواء تلك المتعلقة ببعض الجوانب المتعلقة بالنفط أو الهيئة الوطنية للاستثمار، أو وزارة النقل مؤخرًا مع شركة هورس المصرية كلها تدخل ضمن اختصاص الإكسيد مادامت تلك المنازعات تقتصر على الدعاوى ذات الطبيعة المالية فقط وبذلك يتحقق الشرط الأول لاختصاص المركز وفقًا للنص وحسبما ورد في المادة (٢٥/١) من اتفاقية الإكسيد.


المطلب الثاني: أن يكون النزاع بين دولة مُوقِّعة على اتفاقية واشنطن، ومستثمر يحمل جنسية دولة أخرى مُوقِّعة على الاتفاقية ذاتها.


لإقامة الدعاوى القضائية، لا بد من وجود طرفي دعوى مدعٍ ومدعى عليه، إذ لا تنشأ أي دعوى إلا بوجود أطرافها. وقد يشترط القانون في بعض الحالات مواصفات معيّنة في كل من المدعي والمدعى عليه، كما هو الحال في اتفاقية واشنطن، التي تفرض شرطًا أساسياً على الدولة الطرف في النزاع، أن تكون قد انضمت إلى الاتفاقية. ويعد هذا الشرط منطقيًا، إذ لا يمكن إلزام الدولة بأحكام الاتفاقية أو تمكينها من الاستفادة من إجراءات التقاضي وفقًا لمقتضياتها ما لم تكن طرفًا فيها. بالتالي، فإنَّ انضمام الدولة إلى اتفاقية واشنطن يُعد دليلاً قاطعًا على قبولها الخضوع للولاية القضائية للمركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار الإكسيد، ولا يمكن مقاضاتها أمامه دون هذا الإجراء. وبناءً على ذلك، لا يملك المركز أي اختصاص قضائي تجاه الدول التي لم تصادق على الاتفاقية، لأنها لم تُبدِ رغبتها في الاستفادة من خدماته أو الالتزام بأحكامه.  وتأكيدًا لهذا المبدأ، نصت المادة (25/1) من الاتفاقية على توسيع مفهوم «الدولة المتعاقدة» ليشمل، إلى جانب الدولة المركزية أو الإتحادية، أو الهيئات الاعتبارية العامة، أو الأقاليم الفرعية، أو أي وكالة تابعة للدولة العضو، شريطة أن تكون هذه الجهات قد تم تعيينها مسبقًا من قبل الدولة المتعاقدة لتمثيلها أمام المركز. وهكذا يتسع مفهوم الدولة الطرف في النزاع ليشمل الدولة المركزية أو إحدى الهيئات التابعة لها، وحتى المحافظات سواء كانت منتظمة بإقليم مثل إقليم كردستان العراق أو المحافظات الغير منتظمة بإقليم [8] .


وتحديداً:


١-الدولة الأجنبية في حد ذاتها (دولة مركزية).


٢- إحدى هيئاتها الاعتبارية العامة.


٣- أي إقليم من أقاليمها الفرعية.


٤- أي وكالة تابعة للدولة المتعاقدة.


على أنه يشترط في جميع الأحوال أن تقوم الدولة بإخطار المركز الدولي الإكسيد - بهذه الكيانات - وعندئذ تكتسب - بمجرد الإخطار - صلاحية التقاضي أمامه، سواء كمدع أو مدع عليه. ويتم تحديد الدولة الطرف وفقاً للمفاهيم المقررة في القانون الدولي العام: كيان قانوني وسياسي يستوفي عناصر ثلاث: الإقليم والشعب والسلطة السياسية. ويتم تحديد مفهوم الإقليم الفرعي أو الوكالة طبقاً لقانون الدولة الطرف، باعتبارها الدولة التي عينته للمركز لكي يكون طرفاً في منازعات المستثمرين الأجانب.


وفي هذا السياق نقول.. ويُعدُّ هذا المركز إحدى مؤسسات البنك الدولي، وقد أنشأ بموجب اتفاقية تسوية نزاعات الاستثمار بين دول ومواطني دول أخرى عام 1965م، التي دخلت حيز النفاذ بتاريخ ١٤/١٠/1966م، ولم ينضم العراق لها الا مؤخراً بموجب القانون رقم (64) لسنة 2012م [9] . وقد وقّع العراق أيضًا على ما يُعرف باتفاقية المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار (ICSID) في 17 نوفمبر/تشرين الثاني لسنة 2015م، ليصبح الدولة رقم (160) التي توقع على هذه الاتفاقية، والدولة رقم (152) التي تنضم إلى عضوية المركز [10] .


أما عن الطرف الآخر في النزاع فلابد أن يصدق عليه أولاً وصف المستثمر. فاختصاص المركز لا يمتد إلا للدعاوى بين الدول والمستثمرين من رعايا الدول الأخرى. ويتم تحديد وصف المستثمر وفقا للأحكام الموحدة التي استقر عليها القانون الدولي الخاص للاستثمار بشأن تدويل المفاهيم طبقاً لما سبق بيانه. ولا ضير - في هذا المقام - من إعادة الاستشهاد بمفهوم المستثمر وفقا لقانون الاستثمار العراقي رقم (١٣) لسنة ٢٠٠٦م، فقد عرفته المادة (١) في الفصل الأول منه بقولها «المستثمر العراقي: هو الذي يحمل الجنسية العراقية في حالة الشخص الحقيقي ومسجل في العراق إذا كان الشخص معنويًا أو حقوقياً» [11]


ويشترط ثانيًا في المستثمر أن يكون منتميا بجنسيته لدولة أخرى متعاقدة، ويتوافر له هذا الوصف إذا كان من رعاياها. فلما كان هذا الأخير لا يمكنه إبرام أو الانضمام للاتفاقيات الدولية، فإنه يشترط هذا الوصف في الدولة التي ينتمي إليها، بأن تكون إما من المشاركين في إبرام الاتفاقية وقت التوقيع عليها، وإما من المنضمين إليها في تاريخ لاحق. ولا عجب في ذلك فقد أبرمت الاتفاقية خصيصا لهذا الغرض، وهو فض المنازعات الناشئة عن الاستثمار بين الدول ورعايا الدول الأخرى. وبالنظر لهذا الاعتبار فقد امتد حرص اتفاقية واشنطن - وبكل دقة - على تحديد المقصود برعايا الدول الأخرى والشروط المتطلبة في كل منهم. وخاصة الشروط المتعلقة بالجنسية وغايرت - في سبيل ذلك بين الشخص الطبيعي والشخص الاعتباري. وقد تم تعريف المستثمر الأجنبي وفقًا لقانون الاستثمار العراقي رقم (١٣) لسنة ٢٠٠٦م، في المادة (١) في الفصل الأول منه بقولها أيضًا « المستثمر الاجنبي: هو الذي لا يحمل الجنسية العراقية في حالة الشخص الحقيقي ومسجل في بلد أجنبي إذا كان الشخص معنوياً او حقوقياً.»


فالملاحظ أن المادة (٢٥/٢) من الاتفاقية قد نصت على أنه «۲- يقصد بمواطن الدولة المتعاقدة الأخرى ما يأتي:


(أ) أي شخص طبيعي يتمتع بجنسية دولة متعاقدة بخلاف الدولة طرف النزاع يوم اتفاق الأطراف على القيام بالتوفيق أو التحكيم لأي نزاع وكذا يوم تسجيل الطلب تطبيقا للفقرة (۳) من المادة (۲۸) أو الفقرة (۳) من المادة (٣٦) ولكنه لا يشمل أيَّ شخص يكون قد حصل في أي من التاريخين المذكورين على جنسية الدولة طرف النزاع.


(ب) أي شخص اعتباري حاصل على جنسية دولة متعاقدة غير طرف في النزاع في تاريخ موافقة الأطراف على تقديم طلب التوفيق أو التحكيم للنزاع وأي شخص اعتباري يتمتع بجنسية دولة متعاقدة طرف للنزاع في هذا التاريخ والذي نتيجة لسياسة معاملة الأجانب، اتفق الطرفان على معاملته كمواطن لدولة متعاقدة أخرى تحقيقًا لأغراض هذه الاتفاقية» ويتضمن النص أحكاماً عديدة ومتنوعة، يتعين التمييز في موضوعها بين جنسية الشخص الطبيعي وجنسية الشخص الاعتباري.


جنسية المستثمر (الشخص الطبيعي)  يشترط في الشخص الطبيعي - استنادا لنص المادة (٢٥/٢) أ -حتى يكون طرفا في دعوى التحكيم لدى المركز:


١- أن يكون حاملاً لجنسية دولة معينة، فعديم الجنسية لا تقبل دعواه، لعدم وجود دولة ينتمي إليها، تكون طرفا في الاتفاقية المنشئة للإكسيد [12]


٢- أن تكون الدولة التي يتمتع الشخص بجنسيتها طرفا في الاتفاقية. أما إذا لم تكن طرفا فلا يستفيد رعاياها من خدمات المركز، وذلك لأن رعايا الدول الأطراف لن يستفيدوا في مواجهتها من هذه الخدمات. فالاتفاقيات الدولية تنهض كأصل عام على مبدأ المعاملة بالمثل.


٣- اختلاف جنسية الشخص الطبيعي عن الجنسية التي تمنحها الدولة التي يقاضيها. وهذا الاختلاف أساسي بالنظر للموضوع الرئيسي لاتفاقية واشنطن، وهو تسوية المنازعات التي تنشأ بين الدولة المضيفة للاستثمار ورعايا الدول الأجنبية الأخرى الأطراف في ذات الاتفاقية. وبالتالي لا يجوز مطلقا للشخص الطبيعي أن يقاضي دولته ولو كان يحمل إلى جانب جنسيتها جنسية دولة أو دول أخرى متعاقدة. فالشخص لن يستفيد من حالة ازدواج أو تعدد الجنسية في مواجهة إحدى الدول التي يحمل جنسيتها، لأنه مواطن لكل الدول التي منحته الجنسية. ومن هنا فالشرط الأساسي أن يكون الشخص الطبيعي أجنبيًا لدولة طرف في مواجهة دولة أخرى طرف.


٤- أن يكون الشخص الطبيعي الأجنبي متمتعا بجنسية الدولة الأخرى الطرف، وبالتالي يكون أجنبيًا عن الدولة التي يقاضيها في التاريخين الآتيين:


أولًا: يوم اتفاق الأطراف على اللجوء إلى التحكيم، سواء تقرر هذا الاتفاق لحظة إبرام عقد الاستثمار الأصلي أو بعد نشوء النزاع.


ثانيًا: يوم تسجيل طلب التحكيم لدى المركز. وهذا هو القصد من عبارة نص المادة (٢٥/٢) «أ- يقصد بمواطن الدولة المتعاقدة الأخرى ... أي شخص طبيعي يتمتع بجنسية دولة متعاقدة بخلاف الدولة طرف النزاع يوم اتفاق الأطراف على القيام بالتوفيق أو التحكيم لأي نزاع وكذا يوم تسجيل الطلب». ويتم تسجيل طلب التحكيم لدى المركز بواسطة السكرتير العام، «إلا إذا تراءى له بجلاء من خلال المعلومات التي تحتويها الدعوى أن النزاع يخرج من اختصاص المركز. ويجب عندئذ إخطار الطرفين مباشرة بتسجيل الدعوى أو برفض تسجيلها» [13] أما إذا كان الشخص حاملاً لجنسية الدولة التي يقاضيها يوم الاتفاق على التحكيم أو حصل عليها يوم تسجيل الطلب لما كان أجنبيا في اللحظتين، وافتقر بالتالي إلى شرط أساسي من شروط اختصاص المركز، لأنه في الحالة الأولى سيقوم بالاتفاق على التحكيم في مواجهة دولته، وفي الحالة الثانية سيلجأ إلى التحكيم في مواجهة دولته فهو في الحالتين من رعاياها. والمقرر أن المركز يختص فقط بالمنازعات التي تنشأ بين الدول الأطراف ورعايا الدول الأطراف الأخرى، ولا يختص بالمنازعات التي تنشأ بين الدولة ورعاياها. وهذا هو القصد من العبارة الواردة في عجز النص المذكور: «ولكنه لا يشمل (والمقصود طلب التحكيم) أيَّ شخص يكون قد حصل في أي من التاريخين المذكورين على جنسية الدولة طرف النزاع». ولهذا يجب على الشخص أن يذكر صراحة عند تقدمه للمركز أنه لا يتمتع بجنسية الدولة التي يقاضيها [14] . وهنا نقول.. أن إقليم كردستان طالما يتمتع بحكم مستقل منتظم بإقليم حسب دستور العراق لسنة ٢٠٠٥م، باعتبار العراق جمهوري نيابي (برلماني) ديموقراطي اتحادي، فإن إقليم كردستان لا يمكنه أن يستفيد مطلقا أن يقاضي دولته أو ينازعها أو تنازعهُ ولو كان يحمل إلى جانب جنسيتها جنسية دولة أو دول أخرى متعاقدة -نفترض ذلك-. فهنا لن يستفيد من حالة ازدواج أو تعدد الجنسية في مواجهة إحدى الدول التي يحمل جنسيتها، لأنه مواطن لكل الدول التي منحته الجنسية. ومن هنا فالشرط الأساسي أن يكون الشخص الطبيعي أجنبيًا لدولة طرف في مواجهة دولة أخرى طرف. رغم وجود منازعات تحكيمية واستثمارية بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان بخصوص النفط والغاز وما إلى ذلك [15] . ثمَّ قضت المادة (٢٥/٢) في شقها الآخر بأنه «يقصد بمواطن الدولة المتعاقدة الأخرى ... (ب) أي شخص اعتباري حاصل على جنسية دولة متعاقدة غير طرف في النزاع في تاريخ موافقة الأطراف على تقديم طلب التوفيق أو التحكيم للنزاع، وأيَّ شخص اعتباري يتمتع بجنسية دولة متعاقدة طرف للنزاع في هذا التاريخ والذي نتيجة لسياسة معاملة الأجانب، اتفق الطرفان على معاملته كمواطن لدولة متعاقدة أخرى تحقيقا لأغراض هذه الاتفاقية. ويتشابه الحكم المشار إليه مع وضع الشخص الطبيعي من حيث اختلاف جنسية الشخص الاعتباري عن جنسية الدولة التي يقاضيها. فالنزاع المبرر لاختصاص المركز - وفقًا لهذا النص - هو نزاع طرفاه: أولًا دولة عضو في الاتفاقية المنشئة للمركز. ثانيًا شخص اعتباري يحمل جنسية دولة أخرى عضو. ويتأسس هذا الحكم على أنَّ الاتفاقية - وكما نكرر دائمًا - هي اتفاقية بشأن تسوية المنازعات الناشئة عن الاستثمار بين الدول ورعايا الدول الأخرى... [16] . وعليه.. فمن شأن الشرط الأخير التضييق إلى حد بعيد من لجوء الأشخاص الاعتبارية إلى التحكيم أمام المركز؛ لأن الواقع العملي «يؤدي في النهاية إلى اعتبار عدد كبير من الشركات الأجنبية من رعايا الدول المضيفة للاستثمار وفقا للمعايير التقليدية في جنسية الشركة، سواء معيار التأسيس أو مكان ممارسة النشاط. وهو ما يترتب عليه خروج قطاع كبير من الاستثمارات الأجنبية من نطاق اختصاص المركز الدولي عند تطبيق القاعدة الواردة في الشق الأول من المادة (٢٥/٢ ب)» [17] .  ولهذا السبب فقد ورد في الشق الثاني وتطبيقا لذلك يختص المركز بنظر المنازعات التي تثور بين الدولة المستقبلة للاستثمار وأحد الأشخاص الاعتبارية التي تحمل جنسيتها، ولكن بشرط قبول الدولة - نتيجة لسياستها في معاملة الأجانب - معاملة هذا الشخص الاعتباري الوطني بوصفه مواطنا أجنبيًا لدولة أخرى متعاقدة. ومن أمثلة الدول العربية التي تم ذكرها في هذا السياق.. والتي قبلت هذا الوضع كل من جمهورية مصر واليابان، بمقتضى اتفاقية حماية وتشجيع الاستثمارات الموقعة بينهما في طوكيو بتاريخ ٢٨/١/١٩٧٧م، حيث تنص في مادتها رقم (۱۱) على «أنه سيوافق كل من الطرفين المتعاقدين على عرض أي نزاع قانونى ينشأ عن أي استثمارات يقوم بها أي مواطن أو شركة للطرف المتعاقد إلى المصالحة أو إلى التحكيم بما يتفق مع نصوص أحكام اتفاقية تسوية منازعات الاستثمار بين الدول ورعايا الدول الأخرى الموقعة في واشنطن في ۱۸مارس سنة ١٩٦٥م بناء على طلب هذا المواطن أو الشركة، وأن أي شركة تابعة للطرف المتعاقد الأول والتي كانت أو مازال يشرف عليها مواطنو وشركات الطرف المتعاقد الآخر قبل أو في التاريخ الذي اتفق فيه أطراف النزاع على عرضه على التسوية أو التحكيم - سوف تعامل طبقا لنص المادة (٢٥/٢ ب) من الاتفاقية لتحقيق أهدافها كشركة تابعة لهذا الطرف المتعاقد الآخر وفي حالة الخلاف على ما إذا كانت المصالحة أو التحكيم هو الإجراء الأكثر ملائمة فإن الشركة أو المواطن المضار سيكون له حق الاختيار» [18] . ويلاحظ - في هذا الصدد - مغايرة نص المادة (٢٥/٢ ب) في شأن التوقيت الذي يعتد به لاختلاف الجنسية التي يتمتع بها الشخص الاعتباري عن الجنسية التي تمنحها الدولة المتنازعة. فهذا الاختلاف يعتد به فقط لحظة اتفاق الطرفين على التحكيم لا قبلها ولا بعدها. في حين اعتد نص المادة (٢٥/٢ أ) في شأن الشخص الطبيعي بلحظتي الاتفاق على التحكيم وتسجيل طلب التحكيم. والهدف من هذا الحكم هو سد الباب أمام تلاعب الشخص الطبيعي، فلا يلجأ للتخلي عن جنسيته الأصلية في سبيل اكتساب جنسية أجنبية، ومن ثم يدعي توافر هذا الشرط في جانبه لحظة تقديم طلب التحكيم لذلك اشترط النص أن يكون أجنبيًا في هذا التوقيت إضافة إلى كونه أجنبيًا -أيضا - وقت الاتفاق على التحكيم. أما الشخص الاعتباري فقد اكتفت الاتفاقية بأن يكون أجنبيًا فقط لحظة الاتفاق على التحكيم. والهدف من تحديد تاريخ واحد فقط للاعتداد بجنسية الشخص الاعتباري هو تحقيق ذات العلة في شأن الشخص الطبيعي وهي تجنب التلاعب في الجنسية، وذلك بمنع التعديلات غير المجدية في الجنسية والتي قد تهدف إما إلى خلق اختصاص المركز أو حرمانه من الاختصاص بشأن نزاع معين [19] . ويتصور ذلك عندما تقوم الدولة بفرض جنسيتها على الشخص الاعتباري، ليصير وطنيا فتقيد من حقه في اللجوء إلى المركز، أو أن يقوم الشخص الاعتباري ذاته مثلاً بنقل مركز إدارته الرئيسي لدولة أخرى متعاقدة لكسب جنسيتها وفقد جنسيته الأولى طمعا في مقاضاة دولته الأصلية [20] ويتضح مما سبق أن النزاع على الجنسية لا يثور دائما إلا بشأن  جنسية المستثمر سواء كان شخصا طبيعيًا أو اعتباريًا، للتأكد مما إذا كان أجنبيًا عن الدولة التي يقاضيها أم لا [21] .  وخلاصة ما سبق نقول.. يتضح جليًا أن نطاق سريان اتفاقية تسوية منازعات الاستثمار بين الدول ومواطني دول أخرى لعام 1965م، والمعروفة باتفاقية الإكسيد (ICSID)، ينحصر في المنازعات الاستثمارية التي تنشأ بين الدول المتعاقدة ورعايا الدول المتعاقدة الأخرى. وبناءً على ذلك لا يشمل نطاق الاتفاقية المنازعات التي قد تثور بين الأفراد الخاصة، أو حتى المنازعات التي تنشأ بين الدول ذاتها، حتى وإن كانت ذات صلة بالاستثمار؛ ويعزى استبعاد المنازعات بين الأفراد الخاصة من نطاق الاتفاقية إلى إمكانية تسوية هذه المنازعات من خلال آليات التحكيم المحلية أو الخاصة [22] . أما المنازعات التي تنشأ بين الدول، فهي تخضع لأحكام القانون الدولي العام. وعليه فإننا نرى.. أنَّ الدعاوى التي تدخل في نطاق اختصاص المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار الإكسيد (ICSID) تتسم بطبيعتها الخاصة والمميزة والمحدودة، سواء من حيث أطراف النزاع أو من حيث موضوع النزاع. لذا، يوصف نظام التحكيم في الإكسيد بأنه «نظام تحكيم متخصص» يقتصر على منازعات الاستثمار التي تنشأ بين طرفين محددين؛ أحدهما دولة موقعة على الاتفاقية أو هيئة حكومية تابعة لها، والطرف الآخر شخص ينتمي بجنسيته إلى دولة أخرى موقعة على الاتفاقية. ولا يشمل اختصاص المركز المنازعات بين الحكومات أو بين الأفراد الخاصة، وكذلك المنازعات التي قد تنشأ بين الحكومات والدول الأجنبية المالكة لمشروعات اقتصادية ذات طبيعة مماثلة لتلك التي يمارسها الأفراد [23] . وعليه تكون خلاصة الشروط «أي مخالفة لأيّ من الأحكام المذكورة أعلاه تخرج الدعوى عن نطاق الاختصاص القضائي لاتفاقية واشنطن» [24] .


 


المطلب الثالث: قبول الدولة والمستثمر كتابة باختصاص المركز.


نصَّ قانون الاستثمار العراقي رقم (١٣) لسنة ٢٠٠٦م [25] في المادة رقم (٢٧) في الفقرة (٤) رابعًا على «إذا كان أحد طرفي النزاع خاضعًا لأحكام هذا القانون يجوز لهم عند التعاقد الاتفاق على آلية حل النزاع بما فيها الالتجاء إلى التحكيم وفقًا للقانون العراقي أو أي جهة أخرى معترف بها دوليًا» وكما هو معروف ابتداءً ان المركز معترف به دوليًا.. لكن.. لا يكفي لاختصاص الإكسيد بدعاوى التحكيم توقيع دولتي المستثمر والدولة المضيفة للاستثمار على اتفاقية واشنطن؛ فمجرد انضمام الدول إلى الاتفاقية المنشئة للمركز لا يعنى قبولها بشكل تلقائي لاختصاصه. وإنما يلزم - بشكل إضافي - وكشرط ثالث - ضرورة موافقتها المسبقة على تسوية منازعاتها مع المستثمر الأجنبي أمامه.


وعلى هذا فإن الانضمام لاتفاقية واشنطن لا يعنى بالنسبة للدولة «سوى استعدادها لقبول تسهيلات المركز وخدماته دون أن ينصرف إلى إلزامها بإحالة منازعات الاستثمار التي تكون هي أو أحد رعاياها طرفا فيها إلى المركز الدولي» [26] ، وتدعو اتفاقية واشنطن ذاتها مؤكدة لهذا الحكم عندما نصت في ديباجتها على أنه: «أية دولة متعاقدة لا تعتبر بمجرد التصديق أو القبول أو الموافقة على هذه الاتفاقية ملتزمة بعرض أي نزاع على التوفيق والتحكيم مالم توافق صراحة على ذلك»، وتعلق الاتفاقية «أهمية خاصة على إتاحة الوسائل اللازمة للتوفيق والتحكيم الدولي لتمكين الدول المتعاقدة ورعايا الدول المتعاقدة الأخرى من عرض هذه المنازعات عليه إذا رغبوا في ذلك»، وتتأكد هذه القاعدة أيضًا بنص المادة (٢٥/١)»يمتد الاختصاص القانوني للمركز إلى أية خلافات قانونية تنشأ مباشرة عن استثمار بين دولة متعاقدة.. وبين مواطن من دولة أخرى متعاقدة، وبشرط أن يوافق طرفا النزاع كتابة على تقديمها للمركز»، ولا شك أن العبارات الواردة في عجز النصوص السابقة تقطع بهذا الحكم: «مالم توافق صراحة على ذلك»؛ «إذا رغبوا في ذلك»؛ «وبشرط أن يوافق طرفا النزاع كتابة على تقديمها للمركز» وتأسيسا على ذلك، فإن الانضمام لاتفاقية واشنطن لا يعني سوى استحداث طريق جديد يضاف إلى الطرق التقليدية لتسوية منازعات الاستثمار بين الدولة والمستثمرين الأجانب. فهذه المنازعات ظلت لفترات طويلة تسوى عن طريق المحاكم الوطنية أو مراكز التحكيم العادية؛ فلما جاءت اتفاقية واشنطن استحدثت طريقًا جديدًا، وأنشأت المركز الدولي لتسوية المنازعات، وأصبحت الدول - بمجرد الانضمام إليه - تقبل الاستفادة من خدماته كآلية منافسة للآليات التقليدية، فصار لدينا بدائل عديدة أهمها:


المحاكم الوطنية.


مراكز التحكيم العادية.


المركز الدولي لتسوية المنازعات.


ويكون الاختيار بين هذه البدائل لأطراف النزاع. فكما أنشأت الدول محاكمها الوطنية، وكما أنشأت بعض الهيئات مراكز التحكيم، أنشأت اتفاقية واشنطن مركز تسوية المنازعات. وكما لا يعنى وجود المحاكم قبول الأفراد اختصاصها بشكل جبري، وكما لا يعنى وجود مراكز التحكيم قبول المتنازعين اختصاصها بشكل تلقائي، فلا يعنى أيضًا وجود الإكسيد قبول المتنازعين اختصاصه بشكل تلقائي. إن الهدف من اتفاقية واشنطن - إذًا - هو إنشاء المركز، حيث تعتبر مصدر وجوده وشهادة ميلاده. وانضمام الدول إليها لا يعنى سوى إقرارها.. بميلاد المركز، والاعتراف بها كآلية جديدة وكبديل اختياري ومنافس للبدائل القائمة، وبذلك لا يصلح هذا الانضمام لأن يكون سنداً لاختصاص الإكسيد بنظر مختلف منازعات الدولة مع المستثمرين الأجانب بشكل مطلق. وإنما يلزم موافقة الدولة على اختصاصه - وبشكل إضافي - بصدد كل نزاع على حدة. وهكذا يتضح مما سبق أن اختصاص المركز اختصاصاً اختيارياً وليس إجبارياً. فانضمام الدول إليه يفتح أمامها بديلاً اختيارياً وجديداً للتقاضي، ولا يصير هذا البديل إلزامياً إلا في حالة موافقة طرفي النزاع كتابة على الخضوع لاختصاصه. وفي هذه الحالة، ومتى أعطى طرفا النزاع موافقتهما على الخضوع للمركز فلا يحق لأي منهما الانسحاب من هذا الاتفاق دون موافقة الطرف الآخر (المادة ٢٥/١)، فليس بمقدور الإرادة المنفردة التحلل من التزام نشأ بالإرادة المشتركة للمتعاقدين. ولا يختلف اختصاص الإكسيد في هذا الصدد - وبشكل عام - عن اختصاص مختلف مراكز التحكيم الأخرى، والتي تحتاج لانعقاد الدعوى أمامها ضرورة موافقة طرفي النزاع على اللجوء إليها، سواء اتخذت هذه الموافقة شكل شرط أو مشارطة التحكيم. فالاستفادة من خدمات الإكسيد تتقرر - إذن - على مرحلتين: المرحلة الأولى: الانضمام لاتفاقية واشنطن. -وكما ذكرنا سابقًا- فقد أنظَّم العراق لها مؤخراً بموجب القانون رقم (64) لسنة 2012م [27] . أما المرحلة الثانية: قبول الطرفين كتابة باختصاص المركز وهو ما يعبر عنه صراحة بشرط التحكيم لدى الإكسيد. وقد اشترطت المادة (٢٥/١) في اتفاق التحكيم أن يكون مكتوباً فلا تصح الاتفاقات الشفوية، حين نصت على أنه: «يمتد الاختصاص القانوني للمركز إلى أية خلافات قانونية تنشأ مباشرة عن استثمار بين دولة متعاقدة... وبين مواطن من دولة أخرى متعاقدة، وبشرط أن يوافق طرفا النزاع كتابة على تقديمها للمركز». ويتطابق هذا الحكم مع القواعد المعمول بها في شأن التحكيم العادي.


في قانون الاستثمار العراقي رقم (١٣) لسنة ٢٠٠٦م، [28] في المادة (٢٧) في الفقرة (٥) «... ، أما في المنازعات التجارية فيجوز للأطراف اللجوء إلى التحكيم على أن ينص على ذلك في العقد المنظم للعلاقة بين الأطراف» والمادة (٢٥٢) من قانون المرافعات المدنية رقم (٨٣) لسنة ١٩٦٩م المعدل في الباب الثاني منه بعنوان (التحكيم) حيث نصت على «لا يثبت أتفاق التحكيم إلا بالكتابة ويحدد فيها موضوع النزاع ويجوز اثبات هذا الاتفاق أثناء المرافعة بالمحكمة...» وهنا اعتراف صريح بإنَّه يجب أن يكون -في جميع الأحوال اتفاق التحكيم- مكتوبًا وإلَّا فقد قيمته القانونية إذا كان شفويًا حسب نص المادة في قانون المرافعات العراقي وهو ما ذهبت إليه أغلب التشريعات العربية.


وأيضًا المادة (١٢) من قانون التحكيم المصري تنص على أنه «يجب أن يكون اتفاق التحكيم مكتوباً وإلا كان باطلاً. ويكون اتفاق التحكيم مكتوباً إذا تضمنه محرر وقعه الطرفان أو إذا تضمنه ما تبادله الطرفان من وسائل أو برقيات أو غيرها من وسائل الاتصال المكتوبة». والنص الأخير بدوره منقول عن العديد من القوانين والنظم، كالمادة (٧/٢) من القانون النموذجي للجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي، والمادة الأولى (١) من قواعد التحكيم التي أعدتها نفس اللجنة عام ١٩٧٦م، والمادة (٢) من اتفاقية نيويورك بشأن تنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية، والمادة (٣) من قانون التحكيم الفيدرالي الأمريكي [29] ، والمادة (١٧٨/١) من القانون الدولي الخاص السويسري [30] . وقد وسعت قوانين التحكيم العادية من مفهوم الكتابة – محل اتفاق التحكيم - كما هو واضح إلى الحد الذي يشمل كل الوسائل الممكنة كأيَّ محرر وقعه الطرفان أو الرسائل أو البرقيات المتبادلة كالإيميل أو الفاكس وخلافه. كما وسعت أيضًا من صور اتفاق التحكيم ليشمل شرط التحكيم وشرط التحكيم بالإحالة ومشارطة التحكيم، بشرط أن تكون جميعها مكتوبة [31] . وعلى هذا لا يعد اشتراط اتفاقية واشنطن لكتابة اتفاق التحكيم بين المستثمر والدولة المضيفة للاستثمار بدءًا من القول، وإنما إعمالاً للقواعد العامة في شأن التقاضي عن طريق التحكيم. فالقبول - بالتحكيم - يجب أن يكون -في جميع الأحوال- مكتوبًا وإلَّا فقد قيمته القانونية إذا كان شفويًا. فالواضح اذن في النظم القانونية هو الاجماع على كتابة اتفاق التحكيم. والمستقر عليه ايضًا في هذه النظم أن اللجوء إلى التحكيم العادي يتقرر بإحدى الطرق المشار إليها. والقاسم المشترك بين جميع هذه الطرق هو قبول الطرفين صراحة اللجوء إلى التحكيم؛ بشكل مباشر، ودون أن يتولى طرف مهمة التعبير عن الرضاء نيابة عن الطرف الآخر. وإنما يجب على كل طرف ان يعبر عن رضائه الصريح والمباشر وبشكل شخصي في اختيار التحكيم بديلًا للقضاء، سواء اتخذ هذا الاختيار شكل شرط التحكيم أو شرط التحكيم بالإحالة أو مشارطة التحكيم. وليس الحال كذلك بخصوص التحكيم لدى المركز الدولي. فإذا كانت اتفاقية واشنطن قد اتفقت مع الإجماع المقرر بشأن كتابة اتفاق التحكيم أو بالأحرى وكما عبرت المادة (٢٥/١) بشرط أن يوافق طرفا النزاع كتابة على تقديمها للمركز، فإن العمل قد جرى على تجاوز صور اتفاق التحكيم العادي، والزيادة عليها بصور وأشكال أخرى للتوسيع من اختصاص الاكسيد. فقد استقر الرأي على تفسير مفهوم الموافقة الكتابية موضوع المادة (٢٥/١)، بشكل يزيد عن الصور التقليدية للجوء إلى التحكيم، لجلب مزيد من الاختصاص للمركز الدولي. كما جرى العمل أيضًا على التوسع من حالات التعبير عن الرضا، لتتجاوز فكرة التعبير الشخصي الصريح والمباشر. فالمستثمر قد يعبر عن قبوله بالاتفاق المشترك مع الدولة المضيفة للاستثمار وإعمالاً لما سبق، فإن قبول المستثمر - وكما جرى عليه العمل بشأن اختصاص المركز - قد يعبر عنه بقبول دولته نيابة عنه، حال إبرامها لاتفاقية استثمار ثنائي مع الدولة المضيفة للاستثمار، مع تضمنها لشرط ولا يختلف الأمر كثيرا لتوسيع حالات التعبير عن الرضا بالنسبة للدولة المضيفة للاستثمار. فقد جرى العمل على الاعتداد بتعبير الدولة عن إرادتها بقبول اختصاص المركز الدولي بشكل يفوق الطرق التقليدية. حيث يعتد بقبول الدولة المكتوب، متى ورد في عقد الاستثمار (شرط التحكيم)، أو في وثيقة منفصلة (مشارطة التحكيم)، أو في أي قانون من قوانينها الداخلية (خاصة قانون الاستثمار)، أو متى ورد في إحدى الاتفاقيات المنظمة للاستثمار، وذلك على النحو الآتي تفصيله في الصفحات الآتية.


المبحث الثاني

شرط التحكيم لدى الإكسيد:

صور القبول الكتابي للدولة والمستثمر باختصاص المركز


تمهيدٌ وتقسيمٌ:

علمنا أن انضمام الدول إلى اتفاقية واشنطن المنشئة للمركز الدولي لتسوية المنازعات لا يعنى سوى مجرد استعدادها لقبول خدمات المركز وتسهيلاته دون أن يؤدى ذلك إلى إلزامها بشكل تلقائي بالخضوع لاختصاصه متى أراد المستثمر. فكما لا يملك الأخير إلزام الدولة باللجوء إلى التحكيم أمام المراكز العادية دون شرط أو مشارطة تحكيم، فلا يملك أيضا إلزام الدولة باللجوء إلى الإكسيد ما لم يوجد بينهما اتفاق مشترك بقبول التحكيم أمام المركز الدولي. وهكذا يشترط ضرورة موافقة طرفي النزاع - الدولة والمستثمر - كتابة على تسوية النزاع أمام الإكسيد كشرط مبدئي للاختصاص. ولا تثور عادة مشكلة بالنسبة لقبول المستثمر، وإنما تثور هذه المشكلة بالنسبة للدولة؛ والسؤال المطروح: ما هي الصور التي من المتصور أن يرد فيها قبول الدولة باختصاص المركز؟ يكمن وجه المشكلة في أن نص المادة (٢٥/١) لم يتطلب إلّا القبول الكتابي دون تحديد لصورة الكتابة. وإزاء هذا الصمت فقد أطرد العمل لدى الإكسيد على انه يكفي أن يرد قبول الدولة إما في عقد الاستثمار أو في قانون الاستثمار أو في الاتفاقيات الدولية المنظمة للاستثمار. أن المستثمر يستفيد من شرط التحكيم الوارد في الاتفاقية الثنائية أو الجماعية المنظمة للاستثمار في مواجهة الدولة التي يقاضيها متى كانت الأخيرة ودولته الأصلية طرفا في الاتفاقية. كما تستفيد بالمقابل - الدولة التي تقاضيها - وبنفس القدر - من ذات الشرط. ويلاحظ في هذه الحالة الازدواج في دور الاتفاقيات الدولية. حيث سبق للدولتين الدولة المضيفة ودولة المستثمر الانضمام لاتفاقية واشنطن وقبول الاستفادة من خدمات المركز الدولي، بعد ذلك، ولمزيد من التعاون بين الدولتين قررتا - وبشكل إضافي - إبرام اتفاقية لتشجيع وحماية الاستثمار فيما بينهما، وتضمنت ضمن بنودها شرطًا كتابيًا بقبول التحكيم لدى المركز. وهكذا يتسع شرط التحكيم لدى المركز أو بالأحرى صور قبول الدولة والمستثمر باختصاصه لثلاث صور نعالجها تفصيلاً في ثلاث مطالب؛ المطلب الأول: عقد الاستثمار (الاتفاق المباشر بين الطرفين). أما المطلب الثاني: الموافقة في قانون الاستثمار من خلال التشريعات الداخلية للدول. وأخيرًا.. المطلب الثالث: الموافقة من خلال الاتفاقيات الثنائية أو الجماعية المنظمة للاستثمار [32] .


المطلب الأول: عقد الاستثمار (الاتفاق المباشر بين الطرفين).


لا تختلف هذه الصورة عن اللجوء إلى التحكيم التقليدي في شأن المنازعات العادية، والذي يتجسد بشكل مألوف في شرط التحكيم. فليس هناك أفضل في التعبير عن الرضا، من اتفاق الطرفين بشكل مباشر في عقد الاستثمار على تسوية المنازعات المتصور نشؤها في المستقبل أمام المركز. ويتصور كذلك - وإن كان أمرًا نادرًا - أن يرد الاتفاق المباشر على اختصاص الإكسيد بعد حدوث النزاع. ويتخذ الاتفاق في هذه الصورة شكل مشارطة التحكيم، التي لا ترد - بحكم اللزوم - إلا في وثيقة منفصلة عن عقد الاستثمار الأصلي بالنظر لأن النزاع قد وقع بالفعل. والقاسم المشترك بين الشرط والمشارطة أن كلا الطرفين - الدولة والمستثمر – يباشر سلطة التعبير عن الرضا باختصاص الإكسيد بالأصالة عن نفسه، ليقوم بذاته بهذه المهمة دون أن يباشرها أحد نيابة عنه كما هو الحال في الصورة الثالثة التي سيأتي الحديث عنها لاحقًا. ونعتقد أن انعقاد الاختصاص للمركز بمقتضى الاتفاق المباشر بين الطرفين - شرطًا كان أم مشارطة - هو الصورة المقصودة بنص المادة (٢٥/١) من الاتفاقية، وذلك بنصها على «اختصاص الإكسيد بأية خلافات قانونية ناشئة عن الاستثمار بشرط أن يوافق طرفا النزاع كتابة على تقديمها». فاللجوء إلى التحكيم يستند ابتداءً وبشكل مؤكد إلى الاتفاق المباشر بين الدولة والمستثمر.


المطلب الثاني: الموافقة في قانون الاستثمار من خلال التشريعات الداخلية للدول.


تتساهل بعض الدول - خاصة المستوردة لرؤوس الأموال الأجنبية - في قبولها للتحكيم وفقًا لاتفاقية واشنطن، فتقضي قوانينها الداخلية بإمكان تسوية المنازعات التي تنشأ بينها وبين المستثمر أمام المركز. والهدف من هذا المسلك هو تشجيع المستثمرين الأجانب والسعي إلى جذب رؤوس الأموال إضافة إلى جلب التكنولوجيا التي قد تكون في حاجة إليها [33] . وتعد هذه الصورة بمثابة إيجاب عام من الدولة بقبول اختصاص الإكسيد بمختلف المنازعات المتصور نشوبها في المستقبل. ويُحدث هذا الإيجاب أثره، ويصير مرتبًا لنتائجه الإلزامية بالإرادة المشتركة للمتعاقدين، وذلك في حالة مطالبة المستثمر بتسوية النزاع. فالدولة قد عبرت عن رغبتها في قوانينها الداخلية، والمستثمر قد عبر عن إرادته باللجوء تلقائيا للمركز. وهكذا تتلاقى إرادتهما المشتركة على قبول الاختصاص، وإن كان التعبير عن إرادة كل طرف قد تم بشكل مختلف وفي وقت مختلف عن الطرف الآخر. وبذلك يختلف شكل القبول في هذه الصورة عن الصورة الأولى، فالاتفاق المباشر - محل الصورة الأولى - هو أبسط الصور، حيث يعبر كل طرف بالأصالة عن نفسه، وبشكل مباشر، وربما يعد مراحل من التفاوض، بقبول التحكيم لدى المركز في حين يختلف الأمر في الصورة محل الحديث، حيث لا يوجد اتفاق بين الطرفين بشكل مباشر على اللجوء للمركز الدولي كوسيلة لفض المنازعات. وإنما نكون أمام صورة من صور توافق أو تلاقي الإرادات، دون أن يتم ذلك في مجلس عقد أو في نفس اللحظة، بل ولا يجمع الطرفين مكان ولا زمان واحد ولا يدخلان من حيث المبدأ في تفاوض بخصوص شرط التحكيم. وإنما تعبر الدولة عن رغبتها في شكل إيجاب عام، موجه لجميع المستثمرين في جميع الظروف وفي جميع الأحوال طالما كان قانونها نافذًا. ليبدي المستثمر قبوله في استخدام هذه الوسيلة لاحقا عند حدوث نزاع لتتلاقى إرادته مع إرادة الدولة في تلك اللحظة لينعقد الاختصاص للمركز الدولي.


في قانون الاستثمار العراقي رقم (١٣) لسنة ٢٠٠٦م، [34] في المادة (٢٢) منه أن «يتمتع المستثمر الأجنبي بمزايا إضافية وفقًا لاتفاقيات دولية بين العراق ودولته أو اتفاقيات دولية متعددة الأطراف كان العراق قد انضمَّ إليها»  ونرجو أن لا تكون هذه المادة ذات مردود سلبي كما هو الحال مع جمهورية مصر العربية وإن كان ظاهرها إيجابي يدل على- الموافقة في قانون الاستثمار من خلال التشريعات الداخلية للدول- إلا انَّ التجربة المصرية كانت غير موفقة في ذلك..


فقد كان لجمهورية مصر العربية الدور الريادي والأولي في الكشف عن هذه الصورة من صور القبول الكتابي باختصاص المركز. كما كان لها مردود سلبي وكعادتها للأسف- أن تشهد هذه الصورة في مواجهتها تطبيقا قاسيًا، أدى إلى خسارتها لقضية هامة بتعويض كبير، وتعود أحداث هذا الموضوع إلى صدور القانون رقم (٤٣) لسنة ١٩٧٤م، بشأن استثمار رأس المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة؛ حيث كانت مادته (٨) تنص على أنه “تتم تسوية منازعات الاستثمار المتعلقة بتنفيذ أحكام هذا القانون بالطريقة التي يتم الاتفاق عليها مع المستثمر أو في إطار الاتفاقيات السارية بين جمهورية مصر العربية ودولة المستثمر أو في إطار اتفاقية تسوية منازعات الاستثمار بين الدولة ومواطني الدول الأخرى التي انضمت إليها جمهورية مصر العربية بموجب القانون رقم (٩٠) لسنة ١٩٧١م، في الأحوال التي تسرى فيها [35]


وقد أعمل المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار هذا النص إعمالاً كاملاً ضد مصر، وذلك في قضية من أهم وأشهر القضايا على الإطلاق وهي قضية هضبة الأهرام Laffaire du Plateau des Pyramides وتعود وقائع هذه القضية لعام ١٩٧٤م، على إثر تبنى الحكومة المصرية لسياسات اقتصادية جديدة قائمة على الانفتاح وجلب رؤوس الأموال الأجنبية. فقد أبرم بتاريخ ٢٣/٩/١٩٧٤م، اتفاق أساسي بين وزير السياحة المصري والمؤسسة العامة المصرية للسياحة والفنادق طرفًا في العقد، وشركة جنوب الباسفيك، وهي شركة أمريكية الجنسية تتخذ من هونج كونج مقرًا لها طرفًا ثانيًا. وقد تجسد موضوع التعاقد في قيام الشركة الأخيرة بإنشاء منطقتين سياحيتين كبيرتين.


إحداهما حول هضبة الأهرام بالجيزة والأخرى عند رأس الحكمة على ساحل البحر الأحمر. على أن يشمل المشروع إقامة فنادق وقرى سياحية تتضمن شاليهات وفيلات وبحيرات صناعية. بيد أنه وعند الإعلان عن هذا المشروع نُظمت حملة عالمية كبرى مناهضة لإقامة أية مشروعات سياحية فوق هضبة الأهرام، بالنظر لكونها ترانا ثقافيًا مشتركا للإنسانية، وهو الأمر الذي يوجب المحافظة عليها ضد أي أعمال حفر أو شق لمياه الشرب والصرف الصحي على سبيل المثال. وعلى هذا الأساس لم تجد الحكومة المصرية بدًا من إلغاء المشروع [36]   وبعد المرور بمراحل طويلة للنزاع [37] ، لجأت شركة جنوب الباسفيك للإكسيد مطالبة الحكومة المصرية بالتعويض عن إلغاء عقد الاستثمار المبرم بين الطرفين من جانب واحد. وقد كان العقد المشار إليه لا يتضمن شرط تحكيم يفيد قبول الدولة المصرية باختصاص المركز بشكل مباشر، ولكن الشركة المدعية أسست دعواها على نص المادة (٨) من قانون الاستثمار رقم (٤٣) لسنة ١٩٧٤م، سابق الإشارة إليه. فاعترضت الحكومة المصرية على هذا الاختصاص؛ استنادًا إلى أن نص المادة (٨) يعد بمثابة مجرد دعوة إلى التحكيم، ويتفق في أثره مع مجرد الانضمام للاتفاقية المنشئة للمركز، وبالتالي فهو يحتاج لخطوة إضافية وتكميلية، وهي الاتفاق المباشر بين الحكومة والشركة المدعية على فض النزاع أمام المركز. ووجهة نظر الحكومة المصرية أن نص المادة (٨) من قانون الاستثمار لا يعتبر بأي حال من الأحوال صورة من صور القبول الكتابي باختصاص المركز. فالمادة (٢٥/١) من اتفاقية واشنطن علقت صراحة هذا الاختصاص - وبحصر اللفظ - على شرط “أن يوافق طرفا النزاع كتابة على تقديمها للمركز”. والنص الوارد في قانون الاستثمار لا يستوفي هذا الشرط ولا يعبر عن موافقة الدولة الكتابية على تقديم النزاع للمركز [38] . لم تعتد هيئة التحكيم بدفاع الحكومة المصرية، وذهبت إلى أن نص المادة (٨) يعين ثلاثة بدائل ملزمة ومتساوية في أثرها [39] .


الاتفاق المباشر مع المستثمر.


الاتفاق المباشر مع المستثمر.

الاتفاقيات الثنائية بين مصر ودولة المستثمر.

اتفاقية واشنطن التي انضمت إليها مصر.


أما وقد انعدم البديلان الأول والثاني، فإن البديل الثالث يشكل قبولاً صريحا للحكومة المصرية - وحسبما ذهبت هيئة التحكيم – باختصاص المركز طبقًا لنص المادة (٢٥/١) من اتفاقية واشنطن [40] .


وقد شيدت هيئة التحكيم قضاءها بالفصل في صحة اختصاصها في تفسير نص المادة (٨) من قانون الاستثمار المصري بأن كلمة «تتم» الواردة في صدر المادة، تعنى أن الدولة قد فرضت على نفسها وعلى سبيل الوجوب أو الإلزام تسوية المنازعات التي تنشأ بينها وبين المستثمرين الأجانب أمام الإكسيد. وبعبارة أخرى، فقد رأت هيئة التحكيم أن شرط الرضا في جانب الحكومة المصرية قد توافر ضمن نصوص قانون الاستثمار، بالنظر إلى أن المشرّع قبل مقدما في هذا القانون - رقم (٤٣) لسنة ١٩٧٤م - بخضوع منازعات الاستثمار لنظام تحكيم المركز الدولي لتسوية المنازعات، بعبارة أخرى اتخذت هيئة التحكيم من نص قانونى وارد في التشريع المصري دليلاً على قبول جمهورية مصر العربية لاختصاص هذا المركز بنظر منازعات الاستثمار بينها وبين المستثمرين الأجانب؛ لذا يطلق بعض الفقه على الطريقة التي اعتمدتها هيئة التحكيم التابعة للمركز في استخلاص قبول مصر لاختصاص المركز بنظر هذا النزاع تسميته  الرضا الآلي Le consentement automatique [41] وقد كان من نتيجة ذلك أن صدر حكم التحكيم لصالح شركة جنوب الباسفيك بإلزام مصر بدفع تعويض وقدره (٢٧.٦٦۱۰۰۰) (سبعة وعشرين مليون وستمائة وواحد وستون ألف دولار أمريكي) [42]  


ولعل الدرس القاسي والمستفاد من هذا الحكم - كما سبق أن أكدنا – يتلخص في «أن الدولة شأنها في ذلك شأن الأفراد يجب أن تهتم بصياغة القواعد القانونية التي تسنها مثلما يهتم الأفراد بصياغة العقود المبرمة بينهم، فيتعين على الدولة عند صياغتها للنصوص الخاصة بحل المنازعات الناجمة عن الاستثمار أن تعلن عما إذا كانت إرادتها قاطعة في قبول الخضوع لاختصاص المركز على نحو عام بصدد جميع المنازعات أم أنها تحتفظ بحق قبولها للاختصاص أو رفضه في كل حالة على حدة»  [43]  


وربما انتبه المشرع لهذا الاعتبار – في بعض المواضع - وقام بتعديل النص المشار إليه رقمًا ومعنى وإن كان بشكل طفيف. وقد تقرر ذلك بإلغاء قانون الاستثمار (٤٣) لسنة ١٩٤٧م، ليحل محله القانون رقم (٨) لسنة ١٩٩٨م، بشأن ضمانات وحوافز الاستثمار. وقد نصت مادته (٧) على أنه «يجوز تسوية منازعات الاستثمار المتعلقة بتنفيذ أحكام هذا القانون بالطريقة التي يتم الاتفاق عليها مع المستثمر. كما يجوز الاتفاق بين الأطراف المعنية على تسوية هذه المنازعات في إطار الاتفاقيات السارية بين جمهورية مصر العربية ودولة المستثمر أو في إطار الاتفاقية الخاصة بتسوية المنازعات الناشئة عن الاستثمارات بين الدول وبين رعايا الدول الأخرى التي انضمت إليها جمهورية مصر العربية بالقانون رقم (٩٠) لسنة ۱۹۷۱م، وذلك بالشروط والأوضاع وفي الأحوال التي تسري فيها تلك الاتفاقيات» [44]


ويلاحظ أن المشرع قد استبدل مصطلح «تتم» الذي كان واردا في القانون القديم بمصطلح «يجوز» في القانون الجديد، ومن ثم فإن قانون ۱۹۹۸م، لم يعد يقدم - من وجهة نظر المشرّع - إيجابًا عامًا ملزمًا للدولة بقبول اختصاص المركز كالذي كان يقدمه في قانون ۱۹۷٤م، وإنما هو مجرد حافز للاستثمار أو دعوة للاتفاق على التحكيم أمام الإكسيد. فالاختصاص الوارد في النص مجرد إجازة لا تعبر بمفردها عن رغبة الدولة في الخضوع للمركز بشكل تلقائي، وإنما يحتاج - من وجهة نظر واضعيه - الخطوة الأخرى الإضافية، هي الاتفاق المباشر كتابة مع المستثمر [45] . والحقيقة أن نص المادة (٧) من قانون ۱۹۹۸م، لا يختلف في جوهره عن نص المادة (٨) من قانون١٩٧٤م، فكلاهما يقرر ثلاث صور لبلوغ اختصاص الإكسيد غاية ما هنالك أن نص المادة (٧) يستخدم عبارة الجواز، يجوز تسوية منازعات الاستثمار... في حين يستخدم نص المادة (٨) عبارة التمام تتم تسوية منازعات الاستثمار... ليتقرر للمضرور في الحالتين الاختيار بين هذه البدائل. ومن ثم فلا فارق جوهري لدينا بين مضمون النصين.


تأكيدًا لهذا الذي نقرر، فقد صدر قانون الاستثمار الجديد رقم (٧٢) لسنة ۲۰۱۷م، وألغى كلية هذا الحكم وأزال من الوجود فكرة الموافقة على اختصاص الإكسيد بالاستناد إلى الإيجاب الصادر من الدولة في قانون الاستثمار. وهي الصورة التي اعتمد عليها المركز الدولي كسند للاختصاص في قضية هضبة الأهرام. فقد حمل الباب الخامس من القانون الجديد رقم (۷۲)  لسنة ٢٠١٧م، عنوان (تسوية منازعات الاستثمار)، وجاء الفصل الرابع من هذا الباب بعنوان (الوسائل الودية لتسوية المنازعات ومركز التحكيم والوساطة) وقد حددت المادة (٩) من القانون المشار إليه الطرق الجديدة لتسوية المنازعات وفقا لما ارتأه المشرع المصري بنصها على أنه «تجوز تسوية منازعات الاستثمار المتعلقة بتنفيذ أحكام هذا القانون بالطريقة التي يتفق عليها مع المستثمر أو وفقا لأحكام قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم(١٧) لسنة ١٩٩٤م. كما يجوز للطرفين، في أي وقت من الأوقات خلال النزاع، الاتفاق على التماس سبل التسوية بمختلف أنواعها طبقا للقواعد المعمول بها لتسوية المنازعات، بما في ذلك اللجوء إلى التحكيم غير المؤسسي (الحر)، أو التحكيم المؤسسي» [46]


والحقيقة أن القراءة الدقيقة لهذا النص تبصر بأن المشرع قد حصر كل طرق فض المنازعات طبقًا لأحكامه في طريق واحد فقط، هو الطريقة التي يتفق عليها مع المستثمر، سواء أنشأ الأطراف اتفاقا كاملاً وشاملاً في شكل شرط أو مشارطة تحكيم تتضمن كافة التفصيلات أو وفقا لقانون التحكيم المصري رقم (۲۷) لسنة ۱۹۹٤م، أو أي طريق آخر للتسوية بما في ذلك اللجوء إلى التحكيم الحر أو التحكيم المؤسسي، والقاسم المشترك في جميع الأحوال هو اتفاق الطرفين الدولة والمستثمر.


وعلى هذا الأساس يختلف النص الجديد المادة (٩٠) من قانون٢٠١٧م، عن نص المادتين (٨) من قانون ۱۹۷٤م، و (٧) من قانون ۱۹۹۸م، حيث استبعد النص الجديد من نطاق تطبيقه صورتي تسوية المنازعات وفقا للاتفاقيات الثنائية مع دولة المستثمر وكذلك اتفاقية واشنطن التي انضمت إليها مصر. ولكن هذا لا يخل بحق المستثمر - بطبيعة الحال – في اللجوء للإكسيد بالتأسيس على سند آخر للاختصاص غير وارد في قانون الاستثمار كالاتفاقيات الثنائية على ما سيأتي بيانه لاحقًا.


الخلاصة من ذلك أنَّ على الجانب العراقي أن ينتبه للمزايا التي تقدمها الاتفاقيات الثنائية التي يتمتع بها الأجنبي فنص المادة صريح بالقبول منه بتمتع الأجنبي بهذه المزايا ابتداءً كما نص قانون الاستثمار العراقي رقم (١٣) لسنة ٢٠٠٦م، [47] في المادة (٢٢) منه أن «يتمتع المستثمر الأجنبي بمزايا إضافية وفقًا لاتفاقيات دولية بين العراق ودولته أو اتفاقيات دولية متعددة الأطراف كان العراق قد انضمَّ إليها». وأن يعتمد بشكل أو بآخر أن يقوم بتفعيل مركز التحكيم العراقي في فض المنازعات ايضًا، وان يحاول جاهدًا لإخراج قانون للتحكيم التجاري أسوة بأقرانه من الدول العربية بدلًا من تضمينه في قانون المرافعات في الباب الثاني منه والذي ينقصه الكثير من الأمور. 


المطلب الثالث: الموافقة من خلال الاتفاقيات الثنائية أو الجماعية المنظمة للاستثمار.


ذاع في السنوات الأخيرة - كما تقدمت الإشارة -سعي الحثيث من قبل المجتمع الدولي إلى إبرام العديد من الاتفاقيات الثنائية والجماعية لتشجيع وحماية الاستثمار. ومن ذلك ايضًا قانون انضمام جمهورية العراق الى اتفاقية الاعتراف بقرارات التحكيم الاجنبية وتنفيذها (نيويورك 1958) رقم (14) لسنة 2021م [48] .وقد علمنا أنَّ هذه الاتفاقيات هدفت إلى تحقيق غايتين أساسيتين: الأولى تدويل النظام القانوني، الحاكم للاستثمار بعيدًا عن بطش القوانين الداخلية. الثانية تدويل أجهزة التقاضي بعيدا عن سيطرة المحاكم الوطنية. وانطلاقا من هاتين الغايتين لا تكاد توجد دولة في العالم إلا وكانت طرفا في عشرات الاتفاقيات المنظمة للاستثمار. فقد أبرمت عام ٢٠٠٢م، فقط! (٧٦) دولة من دول العالم معاهدات استثمار ثنائية، ليصل بذلك إجمال هذه الاتفاقيات عالميًا - حتى العام المشار إليه عدد (٥١٨١) اتفاقية [49] .


وقد تنوعت آلية تدويل أجهزة التقاضي في الاتفاقيات المشار إليها، ما بين النص على اختصاص المركز الدولي وما بين تشكيل محكمة تحكيم. والملاحظ رغم ذلك كم الدعاوى خاصة على المتداول أمام الإكسيد مع مختلف دول العالم، واللافت للنظر أيضًا من كم الأحكام الذي يصدرها سنويًا، أنَّ الأغلبية الساحقة من هذه الاتفاقيات تتضمن بندا نمطيًا يقضى باختصاص المركز بنظر منازعاتها مع المستثمرين الأجانب، بغية الاستفادة من خدماته كونه جهازا قائما بمارس عمله بكفاءة واقتدار من خلال هيكله الإداري والتنظيمي وسوابقه القضائية، إضافة إلى قواعده المستقرة بمقتضى اتفاقية واشنطن. وهو ما يجنب الدولة والمستثمر - من ناحية أخرى - عناء تشكيل هيئة تحكيم خاصة مع تحديد ضوابط عملها ونظامها القانوني.


والملاحظ - رغم ذلك - على هذه الصورة من صور شرط التحكيم لدى المركز الدولي، أن القبول فيها يكتسب معنى فنيا خاصا، حيث لا يجمع المستثمر بالدولة أي اتفاق على التحكيم. وإنما يتقرر هذا الاتفاق بين دولتين أو مجموعة من الدول، لتستفيد منه كل هذه الدول، إضافة إلى جميع رعاياها في حالة حدوث منازعة بين إحدى الدول المضيفة للاستثمار وأحد رعايا دولة أخرى طرف في الاتفاقية. وترجع استفادة الأفراد من شرط التحكيم الوارد في اتفاقيات الاستثمار إلى فكرة الحلل القانوني، بحلول إرادة الدولة محل إرادتهم، بهدف توفير غطاء دولي حامي وضامن لتدفق رؤوس الأموال عبر الحدود. بحيث يغنم منه الجميع بقدر ما يغرم، فكما يغنم البعض من استخدام شرط التحكيم الوارد فيها لمصلحته، وقد يغرم في أحوال أخرى من استخدامه في مواجهته.


ولزيادة الأمر إيضاحا نقرر أنه إذا أبرمت دولتان اتفاقية ثنائية لتنظيم الاستثمار، فإنها تبرمها بالأصالة عن نفسها وبالنيابة عن رعاياها، بحيث يمتد الإلزام بمضمونها لها ولرعاياها، وأساس ذلك أن القواعد القانونية التي تتضمنها هذه الاتفاقيات إنما تشكل الإطار التشريعي الحاكم للاستثمار، كما تشكل أيضا وسيلة التقاضي المتفق عليها جهة الاختصاص العام بفض المنازعات الناشئة عن تطبيقها. ليترتب بذلك الأثر القانوني المشار إليه، وهو أثر على قدر كبير من الأهمية، حيث لا تعتبر الاتفاقية ملزمة للدول فقط، وإنما لرعاياها على حد سواء، استنادًا لفكرة الحلول القانوني كما ذكرنا. ففاعلية التدويل، وفاعلية القانون الدولي الخاص للاستثمار تحتم التزام جميع المتعاملين في مجال المعاملات الدولية بالنظام القانوني الدولي الجديد، دولاً وأفرادًا، إذ لا يمكن التزام فصيل دون آخر. وإلا انهار هذا النظام الذي حرصت الجماعة الدولية على إقامته بنهاية الحرب العالمية الثانية منتصف القرن الماضي.


وتطبيقا لذلك، إذا ثار نزاع بشأن أيَّ معاملة مالية تم إبرامها بالتطبيق لأحكام هذه الاتفاقية، كان لرعايا أيَّ من الدولتين الاستفادة - وبشكل كامل - في مواجهة الدولة الأخرى، من كل مظاهر النظام الذي جاءت به، سواء من حيث الإطار التشريعي لحماية وضمان الاستثمار أو من حيث جهاز التقاضي. كما يكون - بالمقابل - للدولة ذاتها - إذا كانت هي المدعية - أن تستفيد - وبنفس القدر - استنادًا لمبدأ المعاملة بالمثل - بكل مظاهر التدويل المشار إليها تشريعا وقضاء، بحيث يمكنها اللجوء للمركز الدولي في مواجهة أحد رعايا الدولة الأخرى، إذا انتهك قواعد النظام القانوني المشار إليه، إضافة إلى عدم التزامه بالإطار التعاقدي الخاص بالاستثمار بين الطرفين.


وبالنسبة إلى موقف الحكومة العراقية وفق الاتفاقيات الثنائية أو الجماعية المنظمة للاستثمار، هو المادة (٨) من قانون تصديق اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار بين حكومة جمهورية العراق و جمهورية أرمينيا رقم (٤) لسنة ٢٠١٤م [50] بقولها «١-تتم تسوية النزاعات التي تنشأ بين طرف متعاقد ومستثمر من الطرف المتعاقد الآخر سلميًا عن طريق المفاوضات والتوفيق. ٢-إذا لم تتم التسوية الودية بعد استخدام المعالجات الداخلية غير القضائية خلال مائة وثمانون يومًا (١٨٠) من تاريخ تقديم أي منهما طلبًا بالتسوية السلمية من خلال اخطار خطي، يقدم النزاع لحله من خلال اختيار مستثمر طرف النزاع لأحد الطرق التالية: أ- المحكمة الوطنية للطرف المضيف. ب-المركز الدولي لتسوية نزاعات الاستثمار (ICSID) المؤسس بموجب اتفاقية تسوية نزاعات الاستثمار بين الأطراف ومواطنين الأطراف الأخرى. والموقعة في واشنطن ١٨ آذار ١٩٦٥ (اتفاقية واشنطن) حسب ما جاء في ملحق الاتفاقية إذا كان أحد الطرفين المتعاقدين ليس عضوًا فيها. أو، ج- محكمة تحكيم... “. وهنا نرى ان هذه الاتفاقية الثنائية قد نصت صراحةً على حل النزاع لدى الاكسيد.


وقد سبق التعرض لنماذج عديدة من شرط التحكيم الوارد في اتفاقيات الاستثمار الثنائية، والقاضي باختصاص المركز الدولي. ويمكن إعادة الاستدلال بنص المادة (١٠) من اتفاقية الاستثمار بين مصر والكويت، التي تنص في فقرتها (٣) على أنه في حالة اختيار المستثمر عرض النزاع للتسوية على تحكيم دولي فإنه يتعين على المستثمر أيضًا تقديم موافقته الخطية على عرض النزاع للتسوية بواسطة إحدى الجهات التالية: (أ) المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار «المركز»، الذى تم إنشاؤه بناء على اتفاقية تسوية منازعات الاستثمار بين الدول ومواطني الدول الأخرى المفتوحة للتوقيع في واشنطن في ۱۸آذار / مارس ١٩٦٥م، اتفاقية واشنطن في حالة كون الدولتين المتعاقدتين طرفين في اتفاقية واشنطن وانطباق اتفاقية واشنطن مع النزاع [51]


ولا يظن ظان أن اللجوء للمركز الدولي - وفقا للاتفاقية المذكورة - حق قاصر على المستثمر الأجنبي دون الدولة المضيفة للاستثمار. وقد يساعد على هذا الظن صياغة النص المشار إليه حين يقرر “في حالة اختيار المستثمر عرض النزاع للتسوية على تحكيم دولي... “. بما قد يوحى للوهلة الأولى أن طلب التحكيم يقتصر فقط على الشخص الخاص الطبيعي أو الاعتباري المتعاقد مع الدولة. ولكن يرد على ذلك بأن مفهوم المستثمر يتحدد وفقًا للمفاهيم الموحدة التي استقرت في شأن تدويل القواعد الحاكمة للاستثمار، والتي ساوت في هذا الخصوص بين الدولة والمستثمر الأجنبي، نظرًا لخوضهما معًا مجال التجارة والاستثمار بما يتسع معه مصطلح المستثمر ليشمل الدولة والمتعاقد معها على حد سواء. وما يؤكد هذا الحكم - الذي لا يحتاج لتأكيد - نص المادة الأولى من اتفاقية الاستثمار المصرية الكويتية، عندما حددت مفهوم المستثمر بأنه “لأغراض الاتفاقية، ومالم يقتض سياق النص خلاف ذلك... ٢- يعنى مصطلح مستثمر بالنسبة لدولة متعاقدة (أ) شخص طبيعي يحمل جنسية تلك الدولة المتعاقدة طبقا لقوانينها النافذة (ب) حكومة تلك الدولة المتعاقدة وهيئاتها ومؤسساتها. فالاتفاقية بذاتها قد وسعت من مفهوم المستثمر ليشمل على السواء الشخص الطبيعي وحكومة وهيئات الدول المتعاقدة ومؤسساتها”.


وتبدو اتفاقية الاستثمار المصرية القطرية أكثر وضوحًا وصراحة في تقرير هذا الحكم. فقد جاءت مادتها السادسة تحت عنوان “تسوية النزاعات بين طرف متعاقد وأحد مستثمري الطرف المتعاقد الآخر”. وقضت بأن أي منازعة لا تتم تسويتها وديًا بين الطرفين خلال ستة أشهر منذ تاريخ إثارتها، “۲ - ... فتتم تسويتها، بناء على طلب واختيار أي من هذين الطرفين بأحد الطرق التالية: ... (ب) المركز الدولي لتسوية نزاعات الاستثمار المنصوص عليه في معاهدة تسوية نزاعات الاستثمار بين الدول ومواطني الدول الأخرى الموقعة في واشنطن في ١٨/٣/١٩٦٥م” [52] . فاللجوء إلى الإكسيد يتقرر وفقًا للاتفاقية - وبحصر اللفظ الذي ورد فيها - بناء على طلب واختيار أي من هذين الطرفين. والمقصود بالطرفين - وكما ورد في عنوان المادة (٦) محل التعليق - الدولة المتعاقدة وأحد مستثمري الدولة المتعاقدة الأخرى. وقد تبارت - كذلك - المادة (١) من ذات الاتفاقية على توحيد مفهوم المستثمر - وكعادة مختلف اتفاقيات الاستثمار الأخرى - بنصها على أنه “لأغراض هذا الاتفاق ...٣- تعنى كلمة مستثمر: (أ) أيَّ شخص طبيعي يحمل جنسية طرف متعاقد وفق قوانينه. (ب) أيَّ شخص اعتباري متخذا شكل شركة عامة أو خاصة أو مختلطة أيا كان نوعها... (ج) أيَّ من الطرفين المتعاقدين”.


وخلاصة القول إن الهدف الرئيسي من إبرام الاتفاقيات الثنائية في مجال الاستثمار، وهو تقرير حزمة من الضمانات والحوافز، التي تشكل غطاء تشريعيًا دوليًا لحماية وضمان وتعزيز وتشجيع الاستثمارات المتبادلة بين الدولتين. ومن ضمن حزمة الضمانات والحوافز التي تحرص الدول على تقريرها، تحديد جهاز دولي محايد يتولى فض المنازعات بين أي من الدولتين وأحد رعايا الدولة الأخرى استنادًا لمبدأ المعاملة بالمثل. وقد تمثل - في غالب الأحوال - هذا الجهاز في الإكسيد. فكلا الدولتين إذن، وبمقتضى إيجاب عام وارد في الاتفاقية، قد عبرت عن رغبتها في فض منازعاتها مع مستثمري الدولة الأخرى أمام المركز الدولي. فإذا ثار نزاع ولجأ المتضرر للمركز فإن الأمر لن يخرج عن أحد فرضين:


الفرض الأول: أن يكون اللجوء للإكسيد - وهذا هو العادي والمألوف - من قبل المستثمر. وهنا يتلاقى قبول المستثمر باللجوء للإكسيد مع إيجاب الدولة المضيفة، الذي سبق لها إبداءه في الاتفاقية المنظمة للاستثمار. بل ويتوافق - أيضًا - قبول المستثمر مع القبول الذي أبدته دولته الأصلية، في الاتفاقية سند الاختصاص، والتي أبرمت - ومن ضمن أهدافها - تحقيق هذا الغرض.


الفرض الثاني: أن يكون اللجوء للمركز من قبل الدولة المضيفة للاستثمار. وهنا تستفيد من النص الاتفاقي - سند الاختصاص - الذي تقرر مع دولة المستثمر. كما يلتزم المستثمر مرغمًا - في جميع الأحوال - بهذا الاختصاص. فكما يستفيد منه في الحالات التي يبادر فيها باستغلال هذا الاختصاص كمدع، يلتزم به أيضًا في الأحوال التي تتخذ فيها الدولة المضيفة للاستثمار زمام المبادرة كمدع، في حين يكون هو في مركز المدعى عليه. وأساس التزام المستثمر بشرط التحكيم الوارد في الاتفاقيات الثنائية يعود لأمرين: الأول إبرام الدول لاتفاقيات الاستثمار بالأصالة عن نفسها وبالنيابة عن رعاياها، ومن ثم يلتزمون بما ورد فيها من أعباء، مقابل استفادتهم بما تقرر فيها من مزايا. الثاني المقرر في جميع الدول بعد إبرام الاتفاقية الدولية والتصديق عليها، أن تكون لها قوة القانون بعد نشرها. والقانون ملزم الجميع المواطنين، بما في ذلك المستثمرين. فالمستثمر يلتزم بشرط التحكيم الوارد في الاتفاقيات المنظمة للاستثمار، ليس فقط لكونها اتفاقية دولية، وإنما أيضًا لكونها نزلت منزلة القانون بالنسبة له. وليس أدل على ذلك من نص المادة (٧٣) في الفقرة الثانية (٢) من الدستور العراقي النافذ لسنة ٢٠٠٥م «يتولى رئيس الجمهورية الصلاحيات الآتية: ... ثانيًا: المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية، بعد موافقة مجلس النواب، وتعد مصادقًا عليها بعد مضي خمسة عشر يومًا من تاريخ تسلمها” وقبلها المادة (٦١) من دستور ٢٠٠٥م، «يختص مجلس النواب بما يأتي: ... رابعًا تنظيم عملية المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية، بقانون يسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب”.


فالتزام المستثمر باختصاص المركز سنده [53] :


١-قوة الاتفاقية الدولية.


٢-قوة القانون الداخلي وفقًا لنص المادة (١٣) من الدستور العراقي لسنة ٢٠٠٥م.


وهذا هو الوضع المقرر في جميع الدول؛ ولعلنا نجد أن أغلب الدول العربية والأفريقية تتخوّف من استغلال شرط التحكيم الوارد في اتفاقيات الاستثمار، ولا تلجأ في مواجهة المستثمر الأجنبي للتحكيم لدى المركز الدولي متى أخل بالتزاماته التعاقدية؟! وذلك بدلاً من محاولة استعادة حقوقها بإسلوبها المعروف وهو إنهائها للتعاقد معه بإرادتها المنفردة وكأنها شخص قليل الحيلة في مجتمع بدائي، تدفعه الظروف المحيطة لاقتضاء حقه بالقوة؟! وخسائر العرب وأفريقيا خير شاهد على ذلك فقد خسر العرب وحدهم أكثر من (٧٠٠) قضية تحكيم دولي [54] . فقد أدمنت هذه الدول إنهاء تعاقداتها من جانب واحد، بزعم مخالفة المستثمر لأحكام العقد، في حين كان الأوفق لها - إن أفلحت في موقفها أن تبادر باللجوء إلى الإكسيد للمطالبة بالتعويض. ولكن مسلكها بإنهاء العقود بهذا الشكل يبدل من موقفها، فتتخذ موقف المدعى عليه وتفقد مركزها القوي بهذا الإجراء غير المحسوب الذي يخول للمستثمر زمام المبادرة باللجوء للتحكيم واتخاذ مركز المدعى صاحب اليد الطولى والحماية المقررة رفقًا للتدويل وأحكام القانون الدولي الخاص للاستثمار السابق بيانها، والتي تحرم على الدول اتخاذ هذا الإجراء استنادًا لمبدأ قدسية العقود.. وبذلك نكون قد انتهينا من كتابة بحثنا هذا عسى ان نكون موفقين في بيان تلك الشروط، والله من وراء القصد.


الخاتمة:

ختامًا، لا يسعني إلا أن أحمد الله رب العالمين على ما يسر وأعان، فله عظيم الشكر على التوفيق والامتنان، وأسأله مزيد فضله والإحسان.. ومن منطلق الحرص على إثراء هذا المجال وإفادة المختصين والباحثين، يأتي هذا البحث مكللًا بمجموعة من الاستنتاجات والتوصيات التي نرى أنها ضرورية لتعزيز الفهم والتطبيق الأمثل لموضوع (الشروط القانونية لاختصاص الإكسيد في تسوية المنازعات الاستثمارية العراقية - دراسة في شروط قبول الدعوى والقبول الكتابي للتحكيم) وذلك لتوفير حلول عملية وعلمية للتحديات التي يطرحها هذا المجال.

الاستنتاجات:

 لم ينضم العراق إلا مؤخرًا لاتفاقية واشنطن 1966م، بموجب القانون رقم (64) لسنة 2012م، وقد وقع العراق أيضًا على ما يعرف باتفاقية المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار (ICSID) في 17 نوفمبر/تشرين الثاني لسنة 2015م، ليصبح الدولة رقم (160) التي توقع على هذه الاتفاقية، والدولة رقم (152) التي تنضم إلى عضوية المركز.

إنَّ اختصاص الإكسيد يَنحصر في الدعاوى الناشئة عن الاستثمار فقط!! أي تلك الدعاوى المرتبطة باستغلال رؤوس الأموال بين الدولة والمستثمر الأجنبي، وذلك وفقًا للمفهوم الموحد للاستثمار. وبعبارة أخرى.. فإنَّ منازعات الاستثمار العراقية بأنواعها سواء تلك المتعلقة -عدا المتعلقة بثروات النفط والغاز- كلها تدخل ضمن اختصاص الإكسيد مادامت تلك المنازعات تقتصر على الدعاوى ذات الطبيعة المالية فقط.

ينحصر الفصل في المنازعات الاستثمارية للإكسيد فقط التي تنشأ بين الدول المتعاقدة ورعايا الدول المتعاقدة الأخرى. وبناءً على ذلك لا يشمل نطاق الاتفاقية المنازعات التي قد تثور بين الأفراد الخاصة، أو حتى المنازعات التي تنشأ بين الدول ذاتها، حتى وإن كانت ذات صلة بالاستثمار.

موقف الحكومة العراقية إيجابي وفق الاتفاقيات الثنائية أو الجماعية المنظمة للاستثمار بخصوص حل المنازعات عن طريق الإكسيد، مثال على ذلك: نص المادة (٨) من قانون تصديق اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار بين حكومة جمهورية العراق وجمهورية أرمينيا رقم (٤) لسنة ٢٠١٤م.

أغلب الشروط الواردة في اتفاقية واشنطن بخصوص حل المنازعات عن طريق المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار قد خاضت الحكومة العراقية شوطًا في تحقيق أهدافها رغبة في جلب المستثمر الأجنبي والتواصل البناء في خصوص حل المنازعات عن طريق الاكسيد.

 

التوصيات:

نوصي المشرّع العراقي بضرورة الإسراع في تشريع قانون للتحكيم التجاري الدولي إسوة بدول المنطقة والعالم المتقدَّم لما يمثله من نقله كبيرة في مجال الاستثمار ونهوض بلدنا العزيز.

 الإسراع في انجاز الجهود المستمرة لتطوير قانون التحكيم، حيث يدعم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الحكومة العراقية في صياغة قانون تحكيم جديد يواكب أفضل الممارسات الدولية؛ نحن نعلم أنَّهُ يوجد في قانون المرافعات المدنية العراقي رقم (83) لسنة 1969م، أحكام تتعلق بالتحكيم، ولكنها تحتاج إلى “تحديث” لتتوافق مع المعايير الدولية.

رغمَّ التوجهات الرشيدة للحكومة العراقية في انضمام جمهورية العراق الى اتفاقية الاعتراف بقرارات التحكيم الاجنبية وتنفيذها (نيويورك 1958) رقم (14) لسنة 2021م. وانضمام العراق لاتفاقية تسوية منازعات الاستثمار بين الدول ومواطني الدول الأخرى (اتفاقية واشنطن1965) وإن كانت متأخرة بموجب القانون رقم (64) لسنة 2012م، واتفاقية المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار (ICSID) في 17 نوفمبر/تشرين الثاني لسنة 2015م، إلا أننا ما زلنا نجد عزوف -باستثناء بعض القضايا- عن تسوية المنازعات عن طريق التحكيم.

نوصي المنظمات الحقوقية والمحامين الدوليين إلى تفعيل دورهم في تبني الشركات إلى اللجوء إلى المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار وتفعيل آليات التحكيم وادواته، ومعرفة أسباب تكرار الخسائر الناتجة عن التحكيم الدولي.

 

__________________________________________________

إقرار تضارب المصالح

يُقر المؤلف بعدم وجود أي تضارب محتمل في المصالح فيما يتعلق بالبحث أو التأليف أو نشر هذا المقال


التمويل

لم يتلقَ المؤلف أي دعم مالي لإجراء هذا البحث أو تأليفه أو نشره.

 

البيان الأخلاقي

هذا البحث يتوافق مع المعايير الأخلاقية لإجراء الدراسات العلمية. وقد تم الحصول على موافقة خطية من جميع المشاركين الأفراد المشمولين في الدراسة.

 

بيان توفر البيانات

البيانات متاحة عند الطلب من المؤلف المراسل.

 

المواد التكميلية

لا توجد مواد تكميلية لهذا البحث

 

الشكر والتقدير

لا يوجد شكر وتقدير أفصح به الباحث

 

__________________________________________________

Declaration of Conflicting Interests

- The author declared that there isn t any potential conflicts of interest with respect to the research, authorship, and/or publication of this article .

 

Funding

The author received no financial support for the research, authorship , and/or publication of this article .

 

Ethical Statement

This research complies with ethical standards for conducting scientific studies. Informed consent was obtained from all individual participants included in the study .

 

Data availability statement

The data that support the findings of this study are available from the corresponding author upon reasonable request .

 

Supplemental Material

Supplemental material for this article is available online .

 

Acknowledgement

The authors did not declare any acknowledgements

المصادر:

أولًا الكتب

 د. أحمد عبد الحميد عشوش التحكيم كوسيلة لفض المنازعات في مجال الاستثمار، مؤسسة شباب الجامعة بالإسكندرية، لسنة ١٩٩٠م.

د. جلال وفاء محمدين، التحكيم تحت مظلة المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار، دار الجامعة الجديدة للنشر، ١٩٩٥م.

د. حفيظة الحداد الاتفاق على التحكيم في عقود الدولة ذات الطبيعة الإدارية وأثره على القانون الواجب التطبيق، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، ۲۰۰۱م.

د. حفيظة الحداد، العقود المبرمة بين الدول والأشخاص الأجانب -تحديد ما هيتها والنظام القانوني الحاكم لها- دار النهضة العربية لسنة١٩٩٦م.

د. عبد المنعم زمزم، أحكام الجنسية في القانون الدولي والقانون المصري المقارن طبقًا لأحدث التعديلات، دار مصر للنشر والتوزيع، الطبعة٢، لسنة ٢٠٢٢م.

د. عبد المنعم زمزم، الأبعاد القانونية لتصدير الغاز المصري لإسرائيل، المشكلات وبعض الحلول المقترحة، دار النهضة العربية لسنة ٢٠١٣م،

د. عبد المنعم زمزم، شرح قانون التحكيم دراسة في إطار التحكيم التقليدي والتحكيم الإلكتروني، دار النهضة العربية لسنة ٢٠١١م

د. عبد المنعم زمزم، عقود الفرنشايز بين القانون الدولي الخاص وقانون التجارة الدولية، دار النهضة العربية ١٤٣٢ هـ - ۲۰۱۷م.

د. عصام القصبي، خصوصية التحكيم في مجال منازعات الاستثمار، دار النهضة العربية، لسنة ١٩٩٣م،

د. مصعب ثائر عبد الستار منازعات التحكيم التجاري في عقود البترول -دراسة مقارنة- دار الفكر الجامعي الطبعة ١ لسنة ٢٠١٨م.

د. مصعب ثائر عبد الستار، النظام القانوني للعقود النفطية العراقية بين السيادة الوطنية والهيمنة الأجنبية، المؤسسة العربية المتحدة للنشر والتوزيع، الطبعة ١ لسنة ٢٠٢٥م.

ثانيًا التشريعات القانونية

اتفاق التشجيع والحماية المتبادلة للاستثمارات بين مصر وسويسرا، جمهورية مصر العربية، الجريدة الرسمية - العدد ٢٦ في ٢٨ حزيران/يونيو ٢٠١٢م.

قانون انضمام جمهورية العراق الى اتفاقية الاعتراف بقرارات التحكيم الاجنبية وتنفيذها (نيويورك 1958م) بموجب القانون رقم (14) لسنة 2021م.

اتفاقية تسوية منازعات الاستثمار بين الدول ومواطني الدول الأخرى (واشنطن١٩٦٥م) بموجب القانون رقم (64) لسنة 2012م.

اتفاقية المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار (ICSID) في 17 نوفمبر/تشرين الثاني لسنة 2015م.

الجريدة الرسمية -جمهورية مصر العربية- العدد ٦ في ۹شباط/فبراير سنة ۱۹۷۸م.

الجريدة الرسمية جمهورية مصر العربية - العدد ٣٣ في ١٧ آب/ أغسطس ٢٠٠٦م.

الجريدة الرسمية جمهورية مصر العربية العدد ٢١ الصادرة في ٣١ آيار/مايو لسنة ٢٠١٧م.

الجريدة الرسمية جمهورية مصر العربية- العدد ٢٦ في ٢٧ حزيران/يونيو سنة ١٩٧٤م.

الجريدة الرسمية جهورية مصر العربية– العدد ٢٢ في ٣٠ آيار/ مايو ٢٠٠٢م.

القانون الاستثمار العراقي رقم (١٣) لسنة ٢٠٠٦م، المعدل بقانون رقم (٢) لسنة ٢٠١٠م.

قرار رئيس الجمهورية في مصر رقم (٢٢٠) لسنة ۱۹۸٦م، بشأن الموافقة على معاهدة تبادل تشجيع وحماية الاستثمارات والبروتوكول التكميلي لها بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية الموقعتين بتاريخ ٢٩/٩/١٩٨٢م، و١١/٣/١٩٨٦م، - الجريدة الرسمية - العدد ٣٤ في ٢٠ أغسطس ١٩٩٢.

الوقائع العراقية الجريدة الرسمية لجمهورية العراق العدد (٤٣٠٩) للسنة ٥٥ في ١٠ شباط لسنة ٢٠١٤م.

الوقائع العراقية- الجريدة الرسمية لجمهورية العراق والمنشورة بالعدد (4283) في 29/7/2013م.

الوقائع العراقية- الجريدة الرسمية لجمهورية العراق العدد (4633) الصادرة في٣١/٥/٢٠٢١م.

ثالثًا المقالات والرسائل والاطاريح

د. عبد المنعم زمزم، مقال بعنوان (المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار: هيكله الإداري – اختصاصه القانوني - دعاوى التحكيم لديه) لدى مجلة التحكيم العربي، مجلة متخصصة تصدرها الأمانة العامة للاتحاد العربي للتحكيم الدولي، العدد ٢٦، حزيران/ يونيو ٢٠١٦م.

د. سلامة فارس، وسائل معالجة اختلال توازن العلاقات التعاقدية في قانون التجارة الدولية، رسالة دكتوراه جامعة القاهرة لسنة ١٩٩٨م.

د. عمرو حيدر، تسوية منازعات الاستثمارات الأجنبية في إطار اتفاقية واشنطن بشأن إنشاء المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار، رسالة دكتوراه جامعة القاهرة، لسنة ٢٠١٢م.

رابعًا الانترنت

الموقع الرسمي للأكسيد على الرابط التالي: https://icsid.wordbank.org

الحكم المنشور على الموقع الرسمي للأكسيد: https://icsid.worldbank.org/

تفاصيل توقيع  الاتفاقية من قبل الدكتور سامي الأعرجي، رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار، في العاصمة الأمريكية واشنطن. للمزيد انظر موقع الهيئة الوطنية للاستثمار على الرابط التالي: https://investpromo.gov.iq/ar/?p=13337&utm_source=chatgpt.com

تفاصيل قضية التحكيم التي تعود إلى عام 2014م، بين تركيا والعراق وإقليم كردستن، والوثائق الأخرى التي تبين أن تركيا قامت تبعاً لذلك بوقف ضخ النفط الخام العراقي من خط الأنابيب الذي يؤدي إلى ميناء جيهان. للمزيد انظر الرابط التالي: https://www.bbc.com/arabic/middleeast-65076253

المركز العراقي للتحكيم الدولي (ICIA)، أنظر الموقع الرسمي للمركز:  https://najafchamber.com/المركز-العراقي-للتحكيم-الدولي

المواد القانونية المتعلقة  بتسوية النزاعات مع المستثمرين في القانون الجديد على الرابط التالي: https://www.elwatannews.com/news/details/623646 

مقال منشور على الانترنت بعنوان (47 اتفاقية في 2021م، ما هو دور البرلمان في التصديق على المعاهدات الدولية).. أسئلة وإجابات عن قواعد مناقشة “النواب” للاتفاقيات والمعاهدات للمزيد أنظر على الرابط التالي: https://www.parlmany.com/News/2/469365/47- اتفاقية-في-2021-ما-هو-دور-البرلمان-في-التصديق

مقال منشور بعنوان (العرب خسروا أكثر من 700 قضية تحكيم دولي لافتقارهم إلى الوعي بفنيات التعاقد مع الشركات الأجنبية وبنود العقود) منى مكين، مدير معهد أيمس للتدريب الأهلي. اقرأ المزيد: https://www.aljarida.com/articles/

خامسًا المصادر الأجنبية

Ying Li, La transmission et lextension de la clause compromissoire dans larbitrage international, op. cit., nº 101.





[1] الموقع الرسمي للأكسيد على الرابط التالي: https://icsid.wordbank.org (٩:٠٠م) في ٢١/٣/٢٠٢٥م.

[2] مقال د. عبد المنعم زمزم، (المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار: هيكله الإداري – اختصاصه القانوني - دعاوى التحكيم لديه) مجلة التحكيم العربي، مجلة متخصصة تصدرها الأمانة العامة للاتحاد العربي للتحكيم الدولي، العدد ٢٦، حزيران/ يونيو ٢٠١٦م، الصفحات رقم (١و١١).

[3] د. مصعب ثائر عبد الستار منازعات التحكيم التجاري في عقود البترول -دراسة مقارنة- دار الفكر الجامعي لسنة ٢٠١٨م. الصفحة رقم (٢٥) وما يليها.

[4] المادة (١/۱) من اتفاق التشجيع والحماية المتبادلة للاستثمارات بين مصر وسويسرا، الجريدة الرسمية - العدد ٢٦ في ٢٨ حزيران/يونيو ٢٠١٢م. و د. مصعب ثائر عبد الستار، النظام القانوني لعقود النفط العراقية بين السيادة الوطنية والهيمنة الأجنبية، المؤسسة العربية المتحدة للنشر والتوزيع، القاهرة لسنة ٢٠٢٥م، الصفحة رقم (١٣٦) وما يليها.

 


[5] عدل هذا القانون رقم (١٣) لسنة ٢٠٠٦م، بقانون رقم (٢) لسنة ٢٠١٠م، ليصبح على ما هو عليه أعلاه.

 


[6] المادة (١) من قانون الاستثمار العراقي رقم (١٣) لسنة ٢٠٠٦م، في الفصل الأول منه.

 


[7] تخرج من نطاق الدعوى لدى الإكسيد التي يكون موضوعها الحماية الدبلوماسية وغير ذلك من الطلبات غير المالية أي التي لا يمكن تقديرها بالنقود.

 


[8] د. مصعب ثائر عبد الستار منازعات التحكيم التجاري في عقود البترول -دراسة مقارنة- دار الفكر الجامعي لسنة ٢٠١٨م. الصفحة رقم (١٩٢) وما يليها.

 


[9] الوقائع العراقية- الجريدة الرسمية لجمهورية العراق والمنشورة بالعدد (4283) في 29/7/2013م.

 


[10] تم التوقيع من قبل الدكتور سامي الأعرجي، رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار، في العاصمة الأمريكية واشنطن. للمزيد انظر موقع الهيئة الوطنية للاستثمار على الرابط التالي:

 https://investpromo.gov.iq/ar/?p=13337&utm_source=chatgpt.com

 


[11] في هذا السياق، مصطلح «حقوقياً» يُستخدم كمرادف لـ «معنوياً»، ويشير إلى الشخص الاعتباري أو المعنوي، مثل الشركات والمؤسسات التي تُعتبر كيانات قانونية مستقلة عن الأفراد المؤسسين لها. بمعنى آخر، إذا كان المستثمر شخصًا طبيعيًا، فيجب أن يكون عراقي الجنسية، أما إذا كان شخصًا معنويًا (كشركة أو مؤسسة)، فيجب أن يكون مسجلاً في العراق ليُعتبر مستثمرًا عراقيًا.

 


[12] د. عبد المنعم زمزم، أحكام الجنسية في القانون الدولي والقانون المصري المقارن طبقًا لأحدث التعديلات، دار مصر للنشر والتوزيع، الطبعة٢، لسنة ٢٠٢٢م، الصفحات رقم (٦٣٥و٣٧٩) وما يليها.

 


[13] المادة (٣٦/٣) ويتم طلب التوفيق وفقًا لنص المادة ٢٨/٣ بأن «يقوم السكرتير العام بتسجيل الطلب ما لم يتبين له - على أساس المعلومات التي اشتمل عليها الطلب - أن النزاع يبدو بجلاء خارجا عن اختصاص المركز وعندئذ يتعين عليه إخطار طرفي النزاع بقيامه أو رفضه تسجيل الطلب».

 


[14] د. جلال وفاء محمدين، التحكيم تحت مظلة المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار، دار الجامعة الجديدة للنشر، ١٩٩٥م، الصفحة رقم (٢٦).

 


[15] قضية التحكيم التي تعود إلى عام 2014م، والتي إدعى فيها العراق بأن تركيا انتهكت الاتفاقية المشتركة الموقعة بين البلدين من خلال سماحها لحكومة إقليم كردستان بتصدير النفط عبر خط الأنابيب لميناء جيهان التركي. وتعتبر بغداد صادرات حكومة الإقليم من النفط غير قانونية. وعليه فقد تمَّ ابلاغ العراق رسمياً من قبل محكمة التحكيم الدولية بالقرار النهائي، والذي كان لصالح العراق. وعليه فإن العراق أوقف من جانبه ضخ النفط عبر خط الأنابيب الذي ينطلق من حقول النفط في شمالي كركوك ثم قامت تركيا بإبلاغ مسؤولين الشحن الأتراك: الموظفين العراقيين في مركز تصدير النفط بميناء جيهان التركي بأنه لن يُسمح لأي سفينة بتحميل شحنات من النفط الخام الكردي بدون موافقة من الحكومة العراقية. وأظهرت وثيقة أخرى أن تركيا قامت تبعاً لذلك بوقف ضخ النفط الخام العراقي من خط الأنابيب الذي يؤدي إلى ميناء جيهان. للمزيد انظر الرابط التالي:

 https://www.bbc.com/arabic/middleeast-65076253

 


[16] لمزيد من التفاصيل عن تفسير المادة (٢٥/٢/ب) في ضوء بعض القضايا العملية التي طرحت على الإكسيد: د. حفيظة الحداد، العقود المبرمة بين الدول والأشخاص الأجانب -تحديد ما هيتها والنظام القانوني الحاكم لها- دار النهضة العربية لسنة ١٩٩٦م، الصفحة رقم (۱۲۱) وما يليها.

 


[17] د. عمرو حيدر، تسوية منازعات الاستثمارات الأجنبية في إطار اتفاقية واشنطن بشأن إنشاء المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار، رسالة دكتوراه جامعة القاهرة، لسنة ٢٠١٢م، الصفحة رقم (٢٥٨) ولمزيد من التفاصيل عن جنسية الشركات أنظر د. عبد المنعم زمزم، أحكام الجنسية في القانون الدولي والقانون المصري المقارن المرجع السابق، الصفحات رقم (٤٤٦و۷۲۳) وما يليها.

 


[18] الجريدة الرسمية - العدد ٦ في ۹شباط/فبراير سنة ۱۹۷۸م، وأنظر ايضًا: مقال د. عبد المنعم زمزم بعنوان (المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار: هيكله الإداري - اختصاصه القانوني دعاوى التحكيم لديه) المرجع السابق، الصفحات رقم (٢٢ و٢٦) وما يليها.

 


[19] د. جلال وفاء محمدين، التحكيم تحت مظلة المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار، دار الجامعة الجديدة للنشر لسنة ١٩٩٥م، الصفحة رقم (۲۷).

 


[20] د. عبد المنعم زمزم، الأبعاد القانونية لتصدير الغاز المصري لإسرائيل، المشكلات وبعض الحلول المقترحة، دار النهضة العربية لسنة ٢٠١٣م، الصفحات رقم (١٩٣-١٤٤).

 


[21] Ying Li, La transmission et lextension de la clause compromissoire dans larbitrage international, op. cit., nº 101, p 77.

 


[22] المركز العراقي للتحكيم الدولي (ICIA)، من المراكز المحليّة في العراق. أنظر الموقع الرسمي للمركز:

 https://najafchamber.com/المركز-العراقي-للتحكيم-الدولي


[23] د. جلال وفاء محمدين، التحكيم تحت مظلة المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار، دار الجامعة الجديدة للنشر، لسنة ١٩٩٥م، الصفحة رقم (۱۹).

 


[24] د. أحمد عبد الحميد عشوش التحكيم كوسيلة لفض المنازعات في مجال الاستثمار، مؤسسة شباب الجامعة بالإسكندرية، لسنة ١٩٩٠م، الصفحة رقم (١٢٤).

 


[25] عدل هذا القانون رقم (١٣) لسنة ٢٠٠٦م، بقانون رقم (٢) لسنة ٢٠١٠م، ليصبح على ما هو عليه أعلاه.

 


[26] د. عمرو حيدر، تسوية منازعات الاستثمارات الأجنبية في إطار اتفاقية واشنطن بشأن إنشاء المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار، المرجع السابق، الصفحة رقم (١٥٩)؛ وانظر أيضا د. عصام القصبي، خصوصية التحكيم في مجال منازعات الاستثمار، دار النهضة العربية، لسنة ١٩٩٣م، الصفحات رقم (٣٢و ٦٨).

 


[27] الوقائع العراقية- الجريدة الرسمية لجمهورية العراق والمنشورة بالعدد (4283) في 29/7/2013م.

 


[28] عدل هذا القانون رقم (١٣) لسنة ٢٠٠٦م، بقانون رقم (٢) لسنة ٢٠١٠م، ليصبح على ما هو عليه أعلاه.

 


[29] د. عبد المنعم زمزم، شرح قانون التحكيم دراسة في إطار التحكيم التقليدي والتحكيم الإلكتروني، دار النهضة العربية لسنة ٢٠١١م، الصفحة رقم(٦٧).

 


[30] تنص هذه المادة صراحة على أنه:

Quantàla forme, la convention darbitrage est valable si elle est asséeparécrit télégramme, téléx, télécopieur ou tout autre moyen de communication qui permet denétablir lapreuve par un texte.

 


[31] د. عبد المنعم زمزم، شرح قانون التحكيم دراسة في إطار التحكيم التقليدي والتحكيم الإلكتروني، المرجع السابق، الصفحة رقم(۱۱۰).

 


[32] د. مصعب ثائر عبد الستار منازعات التحكيم التجاري في عقود البترول -دراسة مقارنة- دار الفكر الجامعي لسنة ٢٠١٨م. الصفحة رقم (١٤٠) وما يليها.

 


[33] د. عبد المنعم زمزم، عقود الفرنشايز بين القانون الدولي الخاص وقانون التجارة الدولية، دار النهضة العربية ١٤٣٢ هـ - ۲۰۱۷م، الصفحة رقم (٢٠٧و٢٦٦)

 


[34] عدل هذا القانون رقم (١٣) لسنة ٢٠٠٦م، بقانون رقم (٢) لسنة ٢٠١٠م، بالنص الحالي.

 


[35] الجريدة الرسمية - العدد ٢٦ في ٢٧ حزيران/يونيو سنة ١٩٧٤م.

 


[36] د. عبد المنعم زمزم، مؤلفنا الأبعاد القانونية لتصدير الغاز المصري لإسرائيل المشكلات وبعض الحلول المقترحة، المرجع السابق، الصفحة رقم (۲۰۲) وما يليها، ص (١٤٨) وما يليها.

 


[37] Ying Li, La transmission et lextension de la clause compromissoire dans larbitrage international, op. cit., n° 134 et suiv., p. 107 et suiv.

Leboulanger, État politique et arbitrage : laffaire du Plateau des Pyramides, Rev. arb., 1986, p. 3 et suiv.

Gaillard, Centre international pour le règlement des différends relatifs aux investissements (C.I.R.D.I.), Clunet, 1994, I, p. 217 et suiv.


[38] د. حفيظة الحداد العقود المبرمة بين الدول والأشخاص الأجنبية، المرجع السابق، الصفحة رقم (٢٦٤) وما يليها، د. عصام القصبي، خصوصية التحكيم في مجال منازعات الاستثمار، المرجع السابق، الصفحة رقم (٤٧)، الصفحة رقم (١٠٦) وما يليها، د. سلامة فارس، وسائل معالجة اختلال توازن العلاقات التعاقدية في قانون التجارة الدولية، رسالة دكتوراه جامعة القاهرة لسنة ١٩٩٨م ، الصفحة رقم (١٣٢) وما يليها.

 


[39] وربما يكون من المفيد إعادة التذكرة مرة أخرى بنص المادة الثامنة من القانون الملغى رقم (٤٣) لسنة ١٩٧٤م، بشأن استثمار رأس المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة: «تتم تسوية منازعات الاستثمار المتعلقة بتنفيذ أحكام هذا القانون بالطريقة التي يتم الاتفاق عليها مع المستثمر أو في إطار الاتفاقيات السارية بين جمهورية مصر العربية ودولة المستثمر أو في إطار اتفاقية تسوية منازعات الاستثمار بين الدولة ومواطني الدول الأخرى التي انضمت إليها جمهورية مصر العربية بموجب القانون رقم (10) لسنة ۱۹۷۱م، في الأحوال التي تسرى عليها».

 


[40] إنَّ جمهورية مصر العربية لم تكن قد أبرمت في ذلك الوقت اتفاقية ثنائية لتشجيع وحماية الاستثمار مع الولايات المتحدة الأمريكية. فالشركة المدعية هي: شركة جنوب الباسفيك – كانت برأس مال أمريكي. وقد جرى الانتهاء من هذه الاتفاقية والانضمام إليها بشكل كامل عام ۱۹۸٦م. وقد صدر في هذا الخصوص قرار رئيس الجمهورية رقم (٢٢٠) لسنة ۱۹۸٦م، بشأن الموافقة على معاهدة تبادل تشجيع وحماية الاستثمارات والبروتوكول التكميلي لها بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية الموقعتين بتاريخ ٢٩/٩/١٩٨٢م، و١١/٣/١٩٨٦م، - الجريدة الرسمية - العدد ٣٤ في ٢٠ آب/أغسطس ١٩٩٢.

 


[41] د. سلامة فارس، وسائل معالجة اختلال توازن العلاقات التعاقدية في قانون التجارة الدولية، المرجع السابق، الصفحة رقم (١٤٩) وما يليها.

 


[42] الحكم منشور على الموقع الرسمي للأكسيد: https://icsid.worldbank.org/

 


[43] د. حفيظة الحداد العقود المبرمة بين الدول والأشخاص الأجنبية، المرجع السابق الصفحة رقم (٢٧٤).

 


[44] جريدة الوطن تنشر مواد تسوية النزاعات مع المستثمرين في القانون الجديد على الرابط التالي:

 https://www.elwatannews.com/news/details/623646

 


[45] د. حفيظة الحداد الاتفاق على التحكيم في عقود الدولة ذات الطبيعة الإدارية وأثره على القانون الواجب التطبيق، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، ۲۰۰۱م، الصفحة رقم (۱۱) وما يليها.

 


[46] الجريدة الرسمية العدد ٢١ الصادرة في ٣١ آيار/ مايو لسنة ٢٠١٧م.

 



[47] عدل هذا القانون رقم (١٣) لسنة ٢٠٠٦م، بقانون رقم (٢) لسنة ٢٠١٠م، النص الحالي.

 

[48] العدد (4633) من جريدة الوقائع العراقية الصادر في٣١/٥/٢٠٢١م.

 

[49] علمًا أنَّ هذا الرقم قابل للزيادة والنقصان، فمن خلال مراجعتي للعدد المذكور أعلاه بتاريخ= =كتابة أسطر هذا البحث بتاريخ ٣/٢/٢٠٢٥م وجدت هناك اتفاقيات تجارية من قاعدة بيانات (UNCTAD) مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية لسنة ٢٠٢٣م، بلغت (٣٠٠٠) أما عن منظمة التجارية العالمية فقد ذكرت المئات دون تحديد رقم معيّن! وهناك البنك الدولي وغيرها من قواعد البيانات الحكومية، منها ما تم الغاؤها ومنها ما تم تجديدها بل وعقد اتفاقيات أخرى.. للمزيد أنظر أيضًا: عمرو حيدر، تسوية منازعات الاستثمار الأجنبية في إطار اتفاقية واشنطن بشأن إنشاء المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار، المرجع السابق، الصفحة رقم (۱۷۲).

 

[50] الوقائع العراقية الجريدة الرسمية لجمهورية العراق العدد ٤٣٠٩ في ١٠ شباط لسنة ٢٠١٤م للسنة ٥٥.

 

[51] الجريدة الرسمية – العدد ٢٢ في ٣٠ آيار/ مايو ٢٠٠٢م.

 

[52] الجريدة الرسمية - العدد ٣٣ في ١٧آب/ أغسطس ٢٠٠٦م.

 

[53] مقال بعنوان (47 اتفاقية في 2021م، ما هو دور البرلمان في التصديق على المعاهدات الدولية).. أسئلة وإجابات عن قواعد مناقشة «النواب» للاتفاقيات والمعاهدات للمزيد أنظر على الرابط التالي:

 https://www.parlmany.com/News/2/469365/47-اتفاقية-في-2021-ما-هو-دور-البرلمان-في-التصديق

[54] منى مكين، مدير معهد أيمس للتدريب الأهلي. مقال بعنوان « العرب خسروا أكثر من 700 قضية تحكيم دولي لافتقارهم إلى الوعي بفنيات التعاقد مع الشركات الأجنبية وبنود العقود» اقرأ المزيد:

 https://www.aljarida.com/articles/