تاريخ الاستلام 6/9/2022     تاريخ القبول 31/1/2023

حقوق الطباعة محفوظة لدى مجلة كلية القانون والعلوم السياسية في الجامعة العراقية

حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمؤلف

حقوق النشر محفوظة للناشر (كلية القانون والعلوم السياسية - الجامعة العراقية)

CC BY-NC-ND 4.0 DEED

Printing rights are reserved to the Journal of the College of Law and Political Science at Aliraqia University

Intellectual property rights are reserved to the author

Copyright reserved to the publisher (College of Law and Political Science - Aliraqia University)

Attribution – Non-Commercial – No Derives 4.0 International

For more information, please review the rights and license

DOI /10.61279/4a26zs04

دور الاتفاقيات الدولية

في تحديد القانون الواجب التطبيق

على التأمينات الاجتماعية

The Role of International Conventions

in Determining The Applicable Law

to Social Insurance

أ.م.د. خليل ابراهيم محمد

جامعة الموصل - كلية الحقوق

Assistant Prof.Dr. Khaleel Ibrahim Mohammed

University of Mosul - College of Law

المستخلص

ان ما يتعرض له العامل من اخطار اثناء قيامه بعمله من حوادث واصابات، وعجز، ومرض، ووفاة وغيرها، ادى الى قيام المجتمع الدولي بمسؤوليته الجماعية في توفير الحماية الضرورية له وتأمينه من هذه الاخطار، فتم ابرام الاتفاقيات الدولية الجماعية والثنائية، لتصبح تلك الاخطار مؤمنة ومضمونة، فيحصل العامل نتيجة لهذه الحوادث على معونات مختلفة، وحسب الاصابة او العجز الذي يحصل له اثناء عمله.

ان انتقال العمال من دولهم الى دول اخرى لغرض العمل، يؤدي الى تنازع القوانين الواجبة التطبيق على تلك الاخطار، ومن ثم البحث عن قوانين التأمينات الاجتماعية التي تغطيها، واذا كانت التشريعات الداخلية تختلف في حلول التنازع، جاءت الاتفاقيات الدولية لتقوم بدور كبير لإزالة الصعوبات والمشكلات التي يمكن ان تظهر بهذا الصدد، فهي تضع قواعد تنازع موحدة بين الدول المتعاهدة تشير الى تحديد قانون التأمينات الاجتماعية الواجب التطبيق.

Abstract

The risks that the worker during his work, such as accidents, injuries, disability, illness, death and othershave led the international community to assume its collective responsibility in providing the necessary protection for him and securing him from these risks, so collective and bilateral international agreements have been concluded, so that these risks become insured and securedAs a result of these accidents, the worker receives different benefits according to the injury or disability that he receives during his work.

The movement of workers from their countries to other countries for the purpose of work, leads to a conflict of laws applicable on those risks, and then the search for social insurance laws that cover them, and if the internal legislation differs in the solutions to the conflict, international conventions will play a major role in removing the difficulties and problems that may appear in this regardas it sets unified rules of conflict between the contracting states, referring to determining the applicable social insurance law.

المقدمة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد ... سنتناول المقدمة في البنود التالية:

أولاً: التعريف بموضوع البحث:

في مواجهة المخاطر التي يتعرض لها العامل اثناء العمل، تقوم فلسفة الضمان الاجتماعي على توفير الحماية للعامل، وتقديم المعونة والمساعدة له لكي يتجنب تلك المخاطر، وما تؤدي اليه من كوارث تحيط به او بأسرته، ومع تطور المجتمعات الصناعية، وتفاقم الاخطار التي يتعرض لها العامل من الامراض، والحوادث، والاصابات، والعجز، والوفاة وغيرها، زاد شعور المجتمع بمسؤوليته الجماعية في توفير الحماية الضرورية له. لذلك اصبحت تلك الاخطار التي تحصل نتيجة مباشرة العامل لعمله مؤمنة ومضمونة، اذ يحصل العامل نتيجة لهذه الحوادث على معونات مختلفة وحسب الاصابة او العجز الذي يحصل له اثناء عمله.

واصابة العمل هي من ضمن المسائل المضمونة في نظم التأمينات الاجتماعية، وهي كل واقعة خارجية تتميز بقدر من المفاجأة تسبب مساساً بجسم الانسان، ويشترط في الاصابة ان تسبب ضرراً بجسم الانسان ناتجة عن حادثة خارجية وعنيفة، وان تكون هناك علاقة سببية بين الفعل الضار والعمل، بمعنى ان الاذى ناتج عن قيام العامل بعمله تحت رقابة رب العمل واشرافه، وبتوفر هذه الشروط تتحقق اصابة العمل المضمونة بقوانين التأمينات الاجتماعية (الضمان الاجتماعي)، فضلاً عن العجز، والمرض، والوفاة، وغيرها.

وفي العلاقات ذات العنصر الاجنبي يقتضي الامر البحث عن حلول لتنازع القوانين، ومن ثم البحث عن قانون التأمينات الاجتماعية الذي يغطي تأمين تلك المسائل، اذ كان للتطور الكبير الذي طال الجانب الاجتماعي والاقتصادي في السنوات الاخيرة، دوره في انتقال الايدي العاملة عبر الحدود، فأصبحت ظاهرة طبيعية ومألوفة تزداد يوماً بعد يوم، مما صاحب ذلك العديد من المشكلات التي تتعلق بحق هؤلاء العمال في التمتع بالحماية التأمينية اثناء انتقالهم للعمل في دول اخرى وحماية حقوقهم المكتسبة، وتحقيقاً لتلك الحماية سعت الدول الى ابرام العديد من الاتفاقيات الجماعية والثنائية التي تؤمن العامل اجتماعياً عند انتقاله من دولة الى اخرى، لذلك اهتمت الاتفاقيات الدولية بإيجاد حلول لهذا التنازع، او النص على المبادئ التي تساعد على ذلك. وبرز الاهتمام الدولي نتيجة عدم التنسيق بين التشريعات الوطنية للتأمينات الاجتماعية المختلفة، واختلاف الاسس فيما بينها، الامر الذي قد يؤدي الى حرمان العامل من الاستفادة من نظم التأمينات الاجتماعية عند انتقاله الى العمل خارج حدود دولته، او قد يؤدي الى ازدواجية في دفع الاشتراكات، او التعويض عن الخطر نفسه، مما يخل بمبدأ حقوقه المكتسبة، لذلك كان اللجوء الى الاتفاقيات الدولية للتأمينات الاجتماعية، سواء أكانت ثنائية ام جماعية لغرض تنسيق المبادي التي تقوم على تحديد القانون الواجب التطبيق في هذا الشأن.

وقد حظيت قضايا العمل على اهتمام كبير على المستوى الدولي، وقد نالت حماية العمال ضد اصابات العمل القدر الاكبر من هذا الاهتمام، وكان لمنظمة العمل الدولية دور بارز في هذا المجال، وقد اصدرت هذه المنظمة العديد من التوصيات المتعلقة بالمساواة بين الوطنين والاجانب بخصوص التعويض عن اصابات العمل وغيرها من فروع الضمان الاجتماعي، كما كان لهذه المنظمة الدور الكبير في ابرام العديد من الاتفاقيات الدولية الجماعية والثنائية المتعلقة بحماية العمال وتأمينهم.

وعادةً ما تحدد تلك الاتفاقيات نطاق تطبيقها من حيث الاشخاص اي العمال الذين يخضعون لأحكامها، كما تحدد المبادئ التي تقوم عليها كمبدأ المساواة بين العمال الوطنين والاجانب دون تفرقة بينهم في مجال الاستفادة من نظم التأمينات الاجتماعية، ومبدأ احترام الحقوق المكتسبة التي اكتسبها قبل انتقاله للعمل في دولة اخرى.

  ومن اهم المسائل التي تتناولها هذه الاتفاقيات هي تحديد قانون التأمينات الاجتماعية الواجب التطبيق على اصابات العمل وغيرها من المسائل المضمونة، سواء بإيراد قاعدة عامة في تحديد هذا القانون، او ايراد استثناءات على القاعدة العامة كما في حالة ايفاد العمل، او العمل بصفة مؤقتة، او العمل على ظهر السفن وغيرها، وهو ما سنحدده في هذا البحث.

ثانياً: اشكالية البحث:

يعد العامل طرفاً ضعيفاً في علاقاته مع رب العمل، وقد اختلفت التشريعات الوطنية في تحديد نظم التأمينات الاجتماعية الواجبة التطبيق على كل ما يتعرض له للعامل اثناء عمله، مما يخلف صعوبات ومشكلات في تحديد القانون الواجب التطبيق عليها، ومن ثم تحديد قوانين التأمينات الاجتماعية التي تحكمها، لذلك جاءت الاتفاقيات الدولية لتقوم بدورها في ازالة تلك الصعوبات والمشكلات التي يمكن ان تظهر بهذا الصدد، فهي تضع قواعد تنازع موحدة بين الدول المتعاهدة تشير الى تحديد ذلك القانون على المسائل التي تعالجها، لذلك فان الدول المنظمة لهذه الاتفاقيات سوف تسري عليها قاعدة موحدة بشأن تحديد القانون الواجب التطبيق، وقد اعتمدت هذه الاتفاقيات على تطبيق قانون مكان الحادث كقاعدة عامة، وقانون مركز المؤسسة استثناءً منها.

ثالثاً: منهجية البحث:

سنحاول في هذا البحث الاعتماد على المنهج التحليلي للقواعد الواردة في الاتفاقيات الدولية سواء الجماعية منها ام الثنائية، فضلاً عن بيان المبادئ التي جاءت بها اتفاقيات العمل العربية، وذلك في نطاق دورها في تحديد قانون التأمينات الاجتماعية الواجب التطبيق.

المبحث الاول

مفهوم التأمينات الاجتماعية

تقوم فلسفة الضمان الاجتماعي على توفير الحماية للعمال بما يضمن لهم سبل التكامل والانتاج لرفع مستوى الطبقات الاقل حظاً اقتصادياً من غيرها، اذ في مواجهة المخاطر التي يتعرض لها العامل اثناء العمل، تقوم هذه الفلسفة على تقديم المعونة والمساعدة له لكي يتجنب تلك المخاطر وما تؤدي اليه من كوارث تحيط به او بأسرته، ومع تطور المجتمعات الصناعية في اوربا، وتفاقم الاخطار التي يتعرض لها العامل من الامراض والحوادث، والاصابات، والعجز، والبطالة، والشيخوخة، والوفاة، زاد شعور المجتمع بمسؤوليته الجماعية في توفير الحماية الضرورية له[1]. لذلك اصبحت هذه المخاطر التي تحصل نتيجة مباشرة العامل لعمله مؤمنة ومضمونة، اذ يحصل العامل نتيجة لهذه الحوادث على معونات مختلفة، وحسب الاصابة او العجز الذي يحصل له اثناء عمله، لذلك سنحاول في هذا المبحث بيان التطور التاريخي لنظم التأمينات الاجتماعية، ومن ثم بيان المسائل المضمونة بهذه النظم، وذلك في المطلبين الآتيين:

المطلب الاول: التطور التاريخي لنظم التأمينات الاجتماعية

في محاولة للقضاء على ظروف العمل السيئة، والرغبة في حماية العمال، بذلت جهود عديدة في ارساء قواعد تشريعية توفر حماية اجتماعية للعمال في حالة مباشرة اعمالهم، واثمرت الجهود التي بذلتها الطبقات العاملة ضد الرأسمالية البرجوازية في الدول الصناعية، بعض النجاحات المتواضعة في مجال الضمان الاجتماعي، فصدرت بعض التشريعات في هذا المجال، وكان القاسم المشترك بينها، شمولها لفئات محددة من المواطنين، وانخفاض مستوى الضمانات التي كانت تقدمها، وقلة المقادير التي كانت تعطى للمحتاج، كما انها لم تكن تغطي كل حالات فقدان القدرة على العمل، والشيخوخة، والمرض، وحالات فقدان العمل نفسه، اذ كان الضمان الاجتماعي الاجباري على البطالة قد ادخل في انكلترا فقط[2].

وعلى المستوى الدولي تم ابرام اتفاقية ثنائية بين فرنسا وايطاليا عام 1904 تتعلق بالضمان المتبادل لاستفادة العمال المهاجرين بين الدولتين من قواعد الحماية الاجتماعية وتطورات القوانين العمالية، وحددت الاساليب الخاصة بتطبيق الفقرة (د) من المادة الاولى، لاحقاً، بموجب بروتوكول ملحق ابرم عام 1906، والذي كان يرمي الى استفادة العمال المهاجرين بين الدولتين من مزايا التعويض عن اصابات العمل، كما حددت آليات تطبيق الفقرة (ب) من المادة نفسها ببروتوكول ملحق ثان ابرم في 1910 بشأن الاستفادة المتبادلة من المعاشات المقررة للعمال في كلا البلدين، وكرست هذه الجهود واخذت بعداً واقعياً بعد انشاء منظمة العمل الدولية، بموجب الفصل الثالث عشر من معاهدة فرساي المبرمة في 11 نيسان 1919، فتأكد بذلك مبدأ التأمين الاجتماعي للفئات العاجزة عن العمل، او تلك التي فقدت عملها، منذ تأسيس منظمة العمل الدولية، كمبدأ اساسي وهدف رئيسي على اساسه تقوم العدالة الاجتماعية، ومن دونه يتعرض السلام والوئام العالميين للخطر، وقد كرست منظمة العمل الدولية جهودها ونشاطها على تحسين شروط العمل وظروفه، وتوفير الحماية الاجتماعية للعاملين على قدم المساواة[3]، من خلال اقرار وتبني العديد من الاتفاقيات والتوصيات في مجال تأمين العامل العاطل، والعامل الذي فقد عمله من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية، كما جاء اعلان فيلاديلفيا الذي صدر عام 1944 مؤكداً على انه «لجميع البشر دون تمييز الحق في العمل من اجل رفاهيتهم المادية، وتقدمهم الروحي، في ظروف توفر لهم الحرية والكرامة والامن الاقتصادي وتكافؤ الفرص، وان تحقيق الظروف التي تسمح بالوصول الى ذلك يجب ان يشكل الهدف الاساسي لكل سياسة وطنية»[4].

ولاقت الجهود الدولية المبذولة من قبل منظمة العمل الدولية في مجال الضمان الاجتماعي صدى لها على الصعيدين العالمي والاقليمي، وتبنت الفكرة العديد من الاعلانات والبروتكولات والمواثيق العالمية والاقليمية، فأولتها الوثائق الصادرة في اطار مجلس اوربا اهمية بالغة، اذ يمارس الحق في الضمان الاجتماعي ضمن احكام المادة (12) من الميثاق الاجتماعي الاوربي الصادر عام 1961، كما تحددت معالمه ومجالات تطبيقه مفصلاً ضمن احكام المدونة الاوربية للضمان الاجتماعي الصادرة في عام 1971، والعديد من النصوص اللاحقة، واصدرت منظمة العمل العربية[5] تكريساً للمبادئ المقررة دولياً، الاتفاقية العربية رقم (3) لسنة 1971، بشأن المستوى الادنى للتأمينات الاجتماعية، والاتفاقية العربية رقم (14) لسنة 1981 بشأن حق العامل العربي في التأمينات الاجتماعية عند تنقله للعمل في احد الاقطار العربية[6]. وغيرها من الاتفاقيات العربية بهذا المجال.

وظهر الالتزام الدولي بالتأمين على حوادث العمل لأول مرة بموجب اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم (12) لسنة 1921 بخصوص التعويض عن حوادث العمل في الزراعة، من خلال تعهد الدول المصدقة على الاتفاقية بضرورة توسيع القواعد القانونية التي تنص على تعويض العمال عن اصابتهم التي تقع بسبب حوادث ناجمة عن العمل الزراعي او بسببه[7]، ثم صدرت الاتفاقية رقم (17) لسنة 1925 بخصوص التعويض عن حوادث العمل من المنظمة نفسها، والتي اكدت على ضرورة تعويض العاملين المصابين في حوادث العمل او من يعولهم، ...[8]، ثم جاءت الاتفاقية رقم (19) لسنة 1925 المتعلقة بالمساواة في المعاملة بين العمال الوطنيين والاجانب فيما يتعلق بالتعويض عن حوادث العمل، وعدلت هذه الاتفاقية بموجب الاتفاقية رقم (118) لسنة 1925[9].

وفي مرحلة اخرى جاءت اتفاقية التعويض عن الامراض المهنية للعمال رقم (18) لسنة 1925، والتي تمت مراجعتها عام 1934 بموجب الاتفاقية رقم (42)، والتي الزمت هي الاخرى الدول المصدقة عليها بضرورة دفع تعويض للعمال الذين يصابون بعجز نتيجة للأمراض المهنية، او الذين يعولونهم في حالة وفاة العامل بسبب هذه الامراض، والحق بهذه الاتفاقية جدول يبين طبيعة الامراض المهنية التي يتعرض لها العامل، وتحديد قائمة الامراض والمواد السامة، فضلاً عن تحديد قائمة المهن والصناعات والعمليات المقابلة لها، ثم صدرت في عام 1946 الاتفاقية رقم (70) بخصوص الضمان الاجتماعي للبحارة، والتي تم مراجعتها بموجب الاتفاقية رقم (165) لسنة 1989[10]. وبصدور الاتفاقية رقم (108) لسنة 1952 بشأن المعايير الدنيا للضمان الاجتماعي، فتح باب جديد للالتزام الدولي بالتعويض عن حوادث العمل، اذ جاءت الاتفاقية بمبدأ شامل لكل انواع التعويض المتعلق بإصابات العمل، وفي سنة 1964 صدرت الاتفاقية رقم (121) وهي اتفاقية بشأن اعانات اصابات العمل، ويلاحظ هنا ان منظمة العمل الدولية بدأت تلجأ الى فكرة التخصيص بعد عمومية الاتفاقيات الانفة الذكر فخصصت هذه الاتفاقية لإصابات العمل[11]، ووفقا للمادة (28) منها فإنها تراجع اتفاقية تعويض حوادث العمل في الزراعة، واتفاقية تعويض حوادث العمل لعام 1925، واتفاقية الامراض المهنية لعام 1925، واتفاقية الامراض المهنية (مراجعة) لعام 1934 [12].

المطلب الثاني: المسائل المضمونة بنظم التأمينات الاجتماعية

من ضمن المسائل المضمونة بنظم التأمينات الاجتماعية، اصابات العمل التي تنتج عن الحوادث العديدة التي تحصل اثناء ممارسة العامل لعمله، وحادث العمل هو اوسع من اصابة العمل لان كل اصابة لابد وان تنتج عن حادث، ولكن ليس كل حادث ينتج عنه اصابة، ولفظ الحادث انما يعبر عن معنى الفجائية، وهي احدى الخصائص التي تمييز اصابة العمل بالمعنى الضيق عن المرض المهني[13]. ومصطلح اصابة العمل هو الانسب في الاستخدام، لان القانون لا يهتم بالحادث الذي لا ينتج عنه ضرر لجسم العامل، فالحادثة التي لا تنشأ عنها اضرار بجسم العامل لا تخضع لقانون الضمان الاجتماعي[14]. ويعرف جانب من الفقه اصابة العمل بانها «كل واقعة تسبب مساساً بجسم الانسان وتكون ذات اصل خارجي يتميز بقدر من المفاجأة، والمقصود بالمساس بجسم الانسان كل اذى يلحق به من جروح وفقدان القوى العقلية والوفاة»[15]. وعرف قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال رقم (39) لسنة 1971 العراقي المعدل[16] في المادة (1) منه اصابة العمل بانها: «الاصابة بمرض مهني، او الاصابة بعطل عضوي نتيجة حادث وقع اثناء العمل او بسببه، ويعتبر في حكم ذلك الحادث الذي يقع للعامل المضمون اثناء ذهابه المباشر الى العمل او اثناء عودته المباشرة منه، وتحدد الامراض المهنية، والاعطال العضوية، ونسبة العجز الذي تخلفه كل منها، بجداول ملحقة بهذا القانون...».

وتتطلب التعريفات السابقة لإصابة العمل حصول ضرر بجسم العامل، وان يقع حادث العمل بشكل مفاجئ، وان توجد علاقة سببية بين الإصابة التي تحدث للعامل وبين عمله[17]، أي يجب أن تكون الإصابة بسبب العمل، أو أثناء تأديته له، أي أن الإصابة يجب أن تكون نتيجة قيام العامل بتنفيذ التزاماته الملقاة على عاتقه بموجب عقد العمل لصالح صاحب العمل[18].  وقد اشار قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال رقم (39) لسنة 1971 العراقي المعدل الى فروع الضمان الاخرى فضلاً عن اصابة العمل في المادة (2) منه التي نصت على ان «يهدف هذا القانون الى تأمين صحة وسلامة ومستقبل عيش جميع افراد الطبقة العاملة في الجمهورية العراقية، كما يهدف الى تهيئة الظروف وتوفير الخدمات التي تساعد على تطوير الطبقة العاملة اجتماعياً ومهنياً الى مستوى افضل. ويحقق القانون اهدافه المذكورة عن طريق فروع الضمان الاجتماعي الرئيسة الآتية: ... الضمان الصحي، ... ضمان اصابات العمل، ... ضمان التقاعد، ... ضمان الخدمات».

اما في الاتفاقيات الدولية فلم يرد تعريف لإصابة العمل، وذلك لصعوبة وضع تعريف جامع مانع له، فتركت الاتفاقيات الدولية للتشريعات الوطنية وقضائها وضع هذا التعريف[19]، على الرغم من ان هناك العديد من الاتفاقيات التي صدرت في اطار منظمة العمل الدولية، التي عدت حماية العمال من المخاطر من الحقوق الاساسية له، المنبثقة عن حقه بالصحة، والسلامة الجسدية، والحياة، كما ان التعويض عن اصابات العمل من حقوق العامل الاساسية بما يكفل له العلاج، والمعونة، وحفظ الكرامة، لذلك اولت منظمة العمل الدولية اهمية خاصة لوضع المعايير العامة للوقاية من اصابات العمل، والامراض المهنية والتعويض عنها، وشروط الصحة والسلامة المهنية[20]

وقد اشارت الاتفاقيات الدولية الى فروع الضمان الاجتماعي الاخرى، فالاتفاقية رقم (118) لسنة 1962 بشأن المساواة في المعاملة بين الوطنيين وغير الوطنين في مجال الضمان الاجتماعي، نصت في المادة (2/1) منها على ان «يجوز لكل دولة عضو ان تقبل الالتزامات الناشئة عن هذه الاتفاقية بخصوص واحد او اكثر من فروع الضمان الاجتماعي التالية، اذا كان يسري بشأنها بالفعل في هذه الدولة تشريع يغطي رعايا هذه الدولة ضمن اراضيها: أ. الرعاية الطبية، ب. اعانات المرض، ج. اعانات الامومة، د. اعانات العجز، ه. اعانات الشيخوخة، و. اعانات الورثة، ز. اعانات اصابات العمل، ح. اعانات البطالة، ط. الاعانات العائلية». فهي اشارت الى فروع الضمان الاجتماعي فضلاً عن اشارتها الى اصابات العمل[21]، كما ان اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم (102) لسنة 1952 بشأن المعايير الدنيا اشارت الى كثير من المخاطر المضمونة في المادة (7) وما بعدها منها: «الرعاية الطبية، اعانة المرض، اعانة البطالة، اعانة الشيخوخة، اعانات اصابات العمل، الاعانة العائلية، اعانة الامومة، اعانات العجز، اعانة الورثة».

اذن فالمخاطر المضمونة بنظم التأمينات الاجتماعية تتمثل في اصابات العمل، والوفاة، والعجز، والمرض، والبطالة، وغيرها مما تم ذكره آنفاً.

المبحث الثاني

ضوابط الاسناد في الاتفاقيات الدولية

كان لمنظمة العمل الدولية الدور البارز في اصدار العديد من التوصيات المتعلقة بالمساواة بين الوطنين والاجانب فيما يتعلق بالخضوع لقوانين التأمينات الاجتماعية، والتعويض عن اصابات العمل وغيرها من فروع الضمان الاجتماعي، كالتوصية رقم (2) لعام 1919 بشأن المعاملة بالمثل للعمال الاجانب، وكذلك التوصية رقم (25) لسنة 1925 بشأن المساواة في معاملة الوطنيين والاجانب فيما يتعلق بالتعويض عن حوادث العمل، ويعد مكان مباشرة العمل من ضوابط الاسناد الاساسية في مجال الاتفاقيات الدولية للتأمينات الاجتماعية، ويبدوا هذا الضابط مجدياً وفعالاً في الحالات التي يباشر فيها العامل عمله داخل الدولة التي انتقل اليها، ولكن قانون مكان مباشرة العمل لا يخلوا من المشكلات، على وجه الخصوص بالنسبة للعمال المهاجرين، اذ ان ضابط مكان العمل قد لا يضمن الحماية الكافية لهم في الحالات التي تستلزم الاخذ في الاعتبار مدد التأمين، او حدوث المخاطر في القانون الوطني المختص، كما ان هذه القاعدة تبدوا من دون فائدة فيما يتعلق بالعمال المنتدبين او العاملين بصفة مؤقتة، او الذين يباشرون اعمالهم في دول عدة، او بالنسبة لفئات معينة من العمال العاملين على متن السفن، لذلك تعددت ضوابط الاسناد الاخرى الى جانب ضابط مكان مباشرة العمل، وعلى وجه الخصوص ضابط مركز المؤسسة التي ينتمي اليها العامل، لذلك سنبين في هذا المبحث ضابط الاسناد الاساسي وهو ضابط مكان مباشرة العمل، فيكون قانون التأمينات الاجتماعية لتلك الدولة هو الواجب التطبيق، وكذلك نبين ضابط اسناد مركز المؤسسة، اذ يكون قانون التأمينات الاجتماعية في الدولة التي فيها هذه المؤسسة هو الواجب التطبيق وذلك في مطلبين وكالاتي:

المطلب الاول: تطبيق قانون التأمينات الاجتماعية لدولة مباشرة العمل

من الاتفاقيات الدولية الجماعية التي اخذت بقانون مكان مباشرة العمل في مجال التأمينات الاجتماعية، اللوائح الاوربية للتأمينات الاجتماعية، اذ تعد الحماية الاجتماعية للعمال داخل السوق الاوربية المشتركة، احد الاهداف الاساسية لاتفاقية روما المبرمة في (25) اذار عام 1975 بين دول الاتحاد الاوربي، وقد اهتمت هذه الدول بالقوى العاملة من ابناء الدول الاوربية وعالجت مسألة التأمينات الاجتماعية، كما نظمت حرية انتقال العمال بين دول المنظمة، فأصدرت المنظمة العديد من اللوائح التي تنظم قواعد التأمينات الاجتماعية العمال المتنقلين داخل الدول الاوربية، منها اللائحة رقم (1408) لسنة 1971 و (574) لسنة 1972 [22].

فنصت المادة (3) من اللائحة رقم (1408) لسنة 1971 على مبدأ المساواة في المعاملة بين الوطنيين والاجانب داخل السوق الاوربية المشتركة[23]، واذا كانت هذه اللوائح قد تبنت مبدأ المساواة الا انها لم تغفل عن تحديد القانون الواجب التطبيق بالنسبة للمنازعات التي تثار بصدد قواعد التأمينات الاجتماعية، فخصصت المواد (13-17) من اللائحة المذكورة آنفاً لتحديد القانون الواجب التطبيق، اذ نصت من حيث المبدأ على اختصاص قانون دولة مباشرة العمل كضابط اسناد رئيسي، لذلك فان الدولة التي يباشر فيها العامل عمله يكون هو الواجب التطبيق على التزامات العامل وحقوقه فيما يتعلق بالتأمينات الاجتماعية، اذ نصت المادة (13/2/أ) من اللائحة رقم (1408) لعام 1971[24] على ان «يخضع العمال الذين يعملون على اقليم احدى الدول الاعضاء للتشريع الساري في هذه الدولة، حتى لو كان العامل يقيم في اقليم دولة اخرى، او اذا كان مركز ادارة المؤسسة او موطن رب العمل الذين يباشر العامل العمل لحسابهم يقع في اقليم دولة اخرى».

لذلك وبموجب هذه المادة فان العمال الذين يباشرون اعمالهم على اقليم احدى الدول الاعضاء في الدول الاوربية يخضعون لتشريع التأمينات الاجتماعية الساري على اقليم تلك الدولة، دون تطلب شرط اقامة العامل او رب العمل، اذ يعد مكان مباشرة العمل هو المعيار الوحيد الذي يحدد القانون الواجب التطبيق، فلا يؤخذ في الاعتبار مكان اقامة العامل، او موطن رب العمل، او مركز المؤسسة، وهذا القانون هو الذي يحدد حقوق والتزامات العامل تجاه المؤسسة، كما انه يحكم الالتزامات التي تتصل بالانضمام الى نظام التأمينات الاجتماعية، وكذلك فيما يخص الحق في الاداءات، كما ان خضوع العامل للتشريع الساري في مكان العمل سوف يستتبع بالضرورة خضوع رب العمل للتشريع نفسه فيما يتعلق بأداء الاقساط المستحقة، حتى لو كان رب العمل يقيم في دولة اخرى[25].

واختصاص قانون مكان العمل هو اختصاص مانع، له صفة الالزام، لان اختصاص هذا القانون لا يتعارض مع منح العامل حماية اجتماعية تكميلية بواسطة قانون دولة اخرى، الا ان هذا الجمع بين التعويضين يكون مستبعداً متى كان تشريع الدولة غير المختصة اصلاً يلزم العامل بالمساهمة في تمويل احدى الهيئات التي لا تضمن له حماية اجتماعية تكميلية عن الخطر نفسه والمدة نفسها، فلا يجوز التطبيق المتزامن اذا كان لا يؤدي الى حماية اجتماعية تكميلية[26].

كما ان حادث طريق العمل الذي يقع في دولة غير دولة مكان مباشرة العمل يعد واقعاً في اقليم دولة الاختصاص أي دولة مباشرة العمل، وهذا ما نصت عليه المادة (56) من اللائحة الاوربية رقم (1408) لسنة 1971 التي جاء فيها «حادث العمل الذي يقع على اقليم احدى الدول الاعضاء غير دولة العمل يعد واقعاً في اقليم دولة الاختصاص». ولم تكن اللائحة الاوربية رقم (3) لسنة 1958 قد عالجت مسألة حادث العمل، الا ان محكمة العدل الاوربية في قرارها الصادر في 5 ديسمبر عام 1967[27] اشارت الى ان انتقال العامل الى مكان عمله يكون اثراً لممارسة هذا العمل، وان تجزئة الطريق يخالف احكام المادة (12) من اللائحة رقم (3) لسنة 1958، وان القانون البلجيكي يجب تطبيق كونه قانون مكان العمل، وكانت الدعوى تتعلق بأحد العمال الهولنديين الذين يعملون لصالح شركة هولندية ويقيم في الاقليم الهولندي، ولكنه يباشر عمله في الاقليم البلجيكي، ولأجل قيامه بهذا العمل كان ينتقل يومياً من هولندا الى بلجيكا، بواسطة سيارة تابعة لرب العمل، واثناء انتقاله من مكان عمله الى مكان اقامته اصيب بحادث على الطريق الواقع في الاقليم الهولندي، وتم رفع الدعوى امام القضاء الهولندي، الذي قام بتطبيق القانون البلجيكي، فطالب المدعي بتطبيق القانون الهولندي لان رب العمل لم يكن مؤمناً وفقاً للقانون البلجيكي، فتم رفع الامر الى محكمة العدل الاوربية فأصدرت حكمها آنف الذكر[28].

ومن الاتفاقيات الثنائية التي اخذت بمكان مباشرة العمل، الاتفاقية المبرمة بين مصر وقبرص بصدد التأمين الاجتماعي عام 1988 واصبحت نافذة في مصر عام 1989[29]، اذ نصت المادة الثالثة منها على ان «يخضع كل من مواطني الطرفين الذين يقيمون في اقليم دولة الطرف الآخر والمستفيدين عنهم للالتزامات كما يتمتعون بمزايا تشريعات هذا الطرف وبذات المعاملة التي يعامل بها مواطنوه كما يخضعون للأحكام الواردة في هذه الاتفاقية». الا ان الاشارة الى تطبيق قانون دولة مباشرة العمل كانت غير صريحة في هذه المادة، الا انه يستشف من هذه المادة انها اخذت بقانون الدولة التي يباشر فيها العامل عمله.

المطلب الثاني: تطبيق قانون التأمينات الاجتماعية لدولة مركز المؤسسة

اذا كانت القاعدة العامة في تحديد القانون الواجب التطبيق في مجال التأمينات الاجتماعية هو مكان مباشرة العمل، فان هذه القاعدة يرد عليها استثناء يتمثل في تطبيق قانون مركز المؤسسة، لفئات معينة من العمال نبينهم في البنود التالية:

أولاً: العمال المنتدبين:

هؤلاء العمال يباشرون اعمالهم بصفة مؤقتة في اقليم دولة اخرى غير الدولة التي يوجد فيها مركز المؤسسة، ولان العمل يكون بصفة مؤقتة، فلا تسري بشأنهم القاعدة العامة بشأن القانون الواجب التطبيق، وهو قانون مكان مباشرة العمل، وانما يتم تطبيق قانون الدولة التي يوجد فيها مركز المؤسسة، أي قانون الدولة التي تم الانتداب منها، وذلك لان العامل يعمل في دولة غير الدولة التي يقيم فيها اقامة معتادة، لصالح مؤسسة يكون مركز ادارتها في المحل نفسه الذي يقيم فيه العامل، فالانتداب يقوم على فكرة عمل دائم داخل الدولة التي يقيم فيها العامل، والتي يوجد فيها في الوقت نفسه مركز المؤسسة، وعمل مؤقت داخل الدولة التي يباشر عمله فيها. والسبب في خضوع العامل لقانون مركز المؤسسة الموفدة له يرجع الى اعتبارات عديدة، منها ان العامل وخلال الفترة القصيرة التي تم ايفاده فيها لا يمكن ان يخضع الا لتشريعه الوطني، لان تقديم الاداءات يكون في مركز ادارة المؤسسة، فضلاً عن اسهام العامل في الحياة الاقتصادية في هذه الدولة، كما انه يؤدي الى وحدة القانون الواجب التطبيق وهو قانون مركز المؤسسة على كل العمال الموفدين من هذه المؤسسة[30].

وقد اخذت بهذا الحل اللائحة الاوربية رقم (3) لسنة 1958، اذ يخضع العمال او من يمثلهم، الذين يباشرون اعمالهم لحساب احدى المؤسسات التي لها على اقليم احدى الدول الاعضاء فرع يرتبط  به هؤلاء العمال، وتم انتدابهم بواسطة هذه المؤسسة لإقليم احدى الدول الاعضاء الاخرى من اجل القيام بعمل لصالح المؤسسة التابعين لها، للتشريع الساري في الدولة التي تم انتدابهم منها ....، بشرط ان لا تجاوز الفترة المتوقعة لتنفيذ العمل عن 12 شهراً، وان لا يكون العامل مرسلاً بديلاً عن عامل اخر قاربت فترة انتدابه على النهاية، وفي حالة امتداد العمل بسبب الظروف الطارئة او غير المتوقعة خارج فترة الـ 12 شهراً، فان تشريع الدولة الموفدة يبقى مطبقاً حتى يتم انجاز العمل بشرط موافقة السلطة المختصة في الدولة الثانية قبل نهاية ال 12 شهر[31]. وظلت هذه القاعدة في اللائحة الاوربية رقم (1408) لعام 1971 [32].

ويفهم مما ذكر آنفاً انه تم حديد مدة الانتداب بـ 12 شهراً، فاذا تم تجاوز هذه المدة، فلا يطبق قانون مركز المؤسسة، وانما تطبق القاعدة العامة وهي قانون دولة مكان مباشرة العمل، الا اذا كان تجاوز هذه المدة بسبب الظروف الطارئة او غير المتوقعة، فان تشريع الدولة الموفدة يبقى مطبقاً حتى يتم انجاز العمل بشرط موافقة السلطة المختصة في الدولة الثانية قبل نهاية ال 12 شهر[33].

كما اخذت بهذه القاعدة بعض الاتفاقيات الثنائية، كالاتفاقية المبرمة بين جمهورية مصر العربية وجمهورية قبرص، الا ان هذه الاتفاقية استخدمت مصطلح الايفاد، وليس الانتداب، اذ نصت على ان «اذا اوفد صاحب العمل في احدى الدولتين عاملاً لديه للعمل في اقليم الدولة الاخرى طبقت على هذا العامل تشريعات الدولة الموفدة»[34].

كما ان الاتفاقية المبرمة بين بلجيكا وفرنسا عام 1948 اخذت بقانون الدولة التي يوجد فيها مركز المؤسسة، وحددت هذه الاتفاقية فترة الانتداب بمدة (6) اشهر، مع امكانية تجاوز هذه المدة في بعض الحالات التي تتعلق بالظروف الطارئة، وغير المتوقعة، وذلك بالاتفاق مع السلطة المختصة للدولة المنتدب اليها العامل. كما اخذت بالقاعدة نفسها الاتفاقية المبرمة بين فرنسا وتشيكوسلوفاكيا سابقاً عام 1948، وكذلك الاتفاقية المبرمة بين انكلترا وفرنسا عام 1948 [35].

ثانياً: عمال النقل الدولي:

لا يخضع عمال النقل الدولي الى قاعدة الاسناد الاساسية وهي قانون مباشرة العمل، وانما يخضعون لقاعدة اسناد اخرى، وهي التي تشير الى تطبيق قانون مركز المؤسسة، لان هذا القانون يتلاءم مع الطبيعة المهنية لتلك الاعمال، كما ان هؤلاء العمال يباشرون اعمالهم على اقاليم العديد من الدول، مما يؤدي الى تزاحم التشريعات الواجبة التطبيق، وتفادياً للعراقيل الادارية التي قد تنشأ عن هذا التعدد، وما يترتب عليه من تداخل لاختصاصات هيئات التأمينات الاجتماعية، وتفادياً للتطبيق المتزامن للعديد من التشريعات الوطنية على الخطر نفسه، وفترة التأمين نفسها، ومن اجل ازالة العراقيل التي تعوق حركة العمال في الانتقال بين الدول، لذلك يطبق على هؤلاء قانون الدولة التي يوجد فيها مركز المؤسسة، ومن الاتفاقيات التي اخذت بهذه القاعدة الاتفاقية الاوربية المتعلقة بالتأمينات الاجتماعية لعمال النقل الدولي لعام 1956[36]، وتهدف هذه الاتفاقية الى حل المشكلات المتعلقة بالقانون الواجب التطبيق في مجال التأمينات الاجتماعية على هذه الفئة من العمال، وكما ذكرنا فان القانون الواجب التطبيق على هذه الفئة من العمال هو قانون الدولة التي يوجد فيها مركز المؤسسة[37].

ثالثاً: العمال الذين يباشرون اعمالهم في العديد من الدول[38]:

وهؤلاء العمال يخضعون لقانون مركز المؤسسة او قانون موطن رب العمل، اذا كان العامل لا يقيم في اية دولة من الدول التي يعمل فيها، ولكن اذا كانت مراكز ادارة المؤسسات، او موطن ارباب الاعمال تقع في دول عديدة، فهنا يخضع العامل للتشريع الساري في قانون الدولة التي يقيم فيها ويباشر عمله فيها، وهذا ما نصت عليه اللائحة الاوربية رقم (1408) لسنة 1971 في المادة (14/1/ث)، كما ان اللائحة الاوربية رقم (3) لسنة 1958 نصت على المبدأ نفسه.

رابعاً: العاملون في المؤسسات الحدودية:

هذا الفرض يتناول العمال الذين يباشرون اعمالهم لدى مؤسسات تباشر اعمالها على جانبي الحدود، كما هو الحال في عمال الزراعة بين مصر والسودان، وعمال المناجم بين هولندا وبلجيكا، وهؤلاء العمال يخضعون لقانون الدولة التي يوجد فيها مركز المؤسسة، وهذا ما اخذت به المادة (14/3) من اللائحة الاوربية رقم (1408) لسنة 1971 [39].

المبحث الثالث

ضوابط الاسناد في اتفاقيات العمل العربية

سعياً من الدول العربية في تحقيق التقارب والوحدة بين تشريعات التأمينات الاجتماعية في الدول العربية، دعت هذه الدول الى انشاء منظمة على غرار منظمة العمل الدولية، للاهتمام بمصالح وقضايا العمال العرب داخل حدود الدول العربية، فأنشئت منظمة العمل العربية التي لعبت دوراً كبيراً في توحيد تشريعات التأمين الاجتماعي في الدول العربية، واصدرت عدداً من الاتفاقيات المتعلقة بالتأمينات الاجتماعية، واذا كانت هذه الاتفاقيات لم تتضمن حلاً جذرياً لمشكلة تنازع القوانين بين تشريعات التأمينات الاجتماعية الوطنية للدول الاعضاء، -عدى الاتفاقية العربية للمعاملة بالمثل في نظم التأمينات الاجتماعية، التي نصت على بعض ضوابط الاسناد-، الا ان هذه الاتفاقيات نصت على مبادئ مهمة تسهم في حل مشكلات القانون الواجب التطبيق على اصابات العمل، ومن ثم تطبيق قوانين التأمينات الاجتماعية، واهم هذه المبادئ هو المساواة بين العمال الوطنين والاجانب، والحفاظ على الحقوق المكتسبة، لذلك سنبين في هذا المبحث ضابط مكان مباشرة العمل والاستثناءات الواردة عليه، وكذلك بيان هذين المبدأين في المطلبين الآتيين وكالاتي:

المطلب الاول: ضابط مكان مباشرة العمل والاستثناءات الواردة عليه

نصت الاتفاقية العربية للمعاملة بالمثل في نظم التأمينات الاجتماعية[40]، على ضابط مكان مباشرة العمل كضابط اسناد رئيسي في حل مشكلات تنازع القوانين في شأن انطباق قواعد التأمينات الاجتماعية، وجاءت هذه الاتفاقية تأكيداً لمبدأ معاملة مواطني الدول المتعاقدة بالمثل، من حيث تطبيق التأمينات الاجــتماعية في كل منها، ورغبة في تحقيق هذا المبدأ، واتخاذ الترتيبات التي تمكن مواطني هذه الدول الذين يتنقلون من دولة إلى اخرى من حفظ حقوقهم التي اكتسبوها بالتطبيق لنظم التأمينات الاجــتماعية في الدول التي انتقلوا منها، وللانتفاع بالمزايا والحقوق التي تقررها تشريعات ونظم التأمينات الاجــتماعية في الدول التي ينتقلون اليها، ورغبة في اتخاذ الاجــراءات اللازمة لتكامل مدد التأمين الموجــبة للاستحقاق في المزايا طبقاً لتشريعات الدول المتعاقدة، وتحقيقاً لأهداف اتفاقية الوحدة الاقتصادية العربية[41].

وتسرى احكام هذه الاتفاقية بالنسبة لنوع أو اكثر من التأمينات[42]. ويعمل بأحكام تشريع أية تأمينات جــديدة تنظمها الدولة المتعاقدة بعد ثلاثة اشهر من تاريخ اخطار الدولة الاخرى بالموافقة على تنفيذها[43]. ونصت هذه الاتفاقية على مبدأ المساواة ، اذ جاء في المادة الرابعة منها على ان «يتمتع المؤمن عليهم المنتمون لجــنسية احدى الدول المتعاقدة بنفس المزايا التي يقرها تشريع الدولة المتعاقدة الاخرى التي يقيمون بها مع مراعاة الشروط والاوضاع المعمول بها في هذه الدولة».

وبخصوص تنازع القوانين فقد جاءت هذه الاتفاقية كما قلنا بضابط اسناد رئيسي وهو ضابط مكان مباشرة العمل، اذ بموجب المادة (5) من هذه الاتفاقية «يسرى التشريع المعمول به في ارض الدولة التي يعمل فيها الشخص المؤمن عليه حتى ولو كان مقيماً في الدولة الاخرى أو كان المقر الرئيسي لصاحب العمل في هذه الدولة الاخرى». فأخذت هذه الاتفاقية بضابط الاسناد التي اتخذته الاتفاقيات الدولية الجماعية والثنائية التي مر ذكرها، بمعنى ان العامل العراقي اذا كان يعمل في سوريا فان قانون التأمينات الاجتماعية السوري هو الذي يسري على اي اصابة عمل يتعرض لها هذا العامل العراقي، حتى لو كان مقيماً في العراق، وحتى لو كان يعمل لمصلحة مؤسسة مقر عملها في العراق[44]. وقد ورد على هذه القاعدة العامة استثناء يتمثل في العمال المؤمن عليهم الذين لا يستمر أو يحتمل الا يستمر عملهم خارج دولهم اكثر من ستة اشهر إذا يسرى عليهم تشريع الدولة التي ينتمون اليها[45]. وليس تشريع الدولة التي يباشرون عملهم فيها، وغالباً ما يكون هذا التشريع هو تشريع مركز المؤسسة التي يعمل لديها العامل. واذا زادت مدة عمل هؤلاء العمال خارج دولهم المتعاقدة على ستة اشهر في دولة اخرى متعاقدة، وجــب اخطار هذه الدولة الاخرى التي يعملون بها لتطبق في حقهم احكام هذه الاتفاقية، ومع ذلك يجــوز الاتفاق على تحديد هذه المهلة بحيث لا تتجــاوز في جــملتها سنة على الاكثر[46]. ويسرى على العمال المؤمن عليهم الذين يعملون في احدى الدول المتعاقدة تشريع هذه الدولة فيما يتعلق بمنافع التأمينات الآتية: تأمين اصابات العمل، التأمين الصحي، تأمين الامومة (الحمل والوضع)، التأمين ضد البطالة، المنافع العائلية، وذلك مع عدم الاخلال بأحكام المادة الخامسة من هذه الاتفاقية[47].

كما نصت اتفاقية الضمان الاجتماعي بين دول الاتحاد المغربي على هذا المبدأ[48] اذ نصت الاتفاقية على القاعدة العامة في تطبيق قانون مكان مباشرة العمل، ذلك ان العامل المضمون بموجب هذه الاتفاقية الذي يشتغل فوق تراب دولة من الدول المتعاقدة، يخضع لتشريع بلد العمل[49]. وبعد ان نصت الاتفاقية على القاعدة العامة في تطبيق قانون مكان العمل، ذلك ان العامل المضمون بموجب هذه الاتفاقية الذي يشتغل فوق تراب دولة من الدول المتعاقدة، يخضع لتشريع بلد العمل[50]، عادت ونصت على بعض الاستثناءات في المادة (الثامنة/1) منها ما يخص العامل الملحق، فهذا الاخير الذي يشتغل فوق تراب احدى الدول المتعاقدة، لفائدة مؤسسة، او مشغل، يتبع له بكيفية اعتيادية، ويلحق فوق تراب دولة اخرى، يظل خاضعاً لتشريع الدولة التي يوجد فيها مقر المؤسسة، او المشغل، على ان لا تتعدى مددة الالحاق هذه سنة، قابلة للتجديد، باتفاق مشترك بين السلطات المختصة في كل دولة.

المطلب الثاني: المساواة بين العمال الوطنيين والاجانب

من اولى اتفاقيات منظمة العمل العربية التي نصت على مبدأ المساواة في المعاملة بين رعايا الدول العربية هي الاتفاقية العربية رقم (2) لعام 1967 بشأن تنقل الايدي العاملة،  وتتعهد الدول الأطراف في الاتفاقية بأن تجعل الأولوية في التشغيل للعمال العرب، وذلك بما يتفق وحاجات كل طرف[51]. اذ نصت المادة (6) من الاتفاقية على أن «يتمتع العمال الذين ينتقلون للعمل وفقاً لأحكام هذه الاتفاقية، بالحقوق والمزايا التي يتمتع بها عمال الدولة التي ينتقلون للعمل بها، ويشمل ذلك-على الأخص- الأجور وساعات العمل، والراحة الأسبوعية، والإجازات بأجر، والتأمينات الاجتماعية والخدمات التعليمية والصحية».

ان نص هذه المادة يقرر مبدأ المساواة في الحقوق بين عمال الدولة العربية التي ينتقلون منها وعمال الدولة التي ينتقلون اليها للعمل فيها[52].

كما نصت على هذا المبدأ الاتفاقية العربية رقم (3) لعام 1971 بشأن المستوى الأدنى للتأمينات الاجتماعية، التي أوجبت أن يتضمن تشريع التأمينات الاجتماعية في الدول المتعاقدة أحكاماً، تتضمن دخلاً معقولاً ورعاية ملائمة للمؤمن عليهم، في حالة تعرضهم لحالة أو أكثر من الحالات التي ينص عليها التشريع الوطني[53]. ومن الجدير بالذكر ان المزايا المنصوص عليها في هذه الاتفاقية تعد حداً أدنى لما يجب أن يوفره تشريع التأمينات الاجتماعية للمؤمن عليهم[54]، كما لا يجوز أن يترتب على الانضمام إلى هذه الاتفاقية الانتقاص من أية مزايا نقدية أو عينية ينص عليها تشريع معمول به في أية دولة طرف في هذه الاتفاقية[55].

وفيما يخص مبدأ المساواة نصت المادة (6) من هذه الاتفاقية على ان «يجب عند تغطية أية فئة عدم التفرقة بين: الرعايا العرب[56]، الوطنيون، والأجانب، بشرط المعاملة بالمثل». اذ اضافت الاتفاقية المساواة مع الاجانب ايضاً بشرط المعاملة بالمثل. كما نصت على مبدأ المساواة اتفاقية العمل العربية رقم (14) لسنة 1981 بشأن حق العامل في التأمينات الاجتماعية عند تنقله للعمل في احد الاقطار العربية[57]، اذ نصت المادة (الثالثة) على ان « يؤمن تشريع كل دولة للعمال العرب الاستفادة من النظام التأميني النافذ في البلد المنتقل اليه، وفي اطار الحقوق التأمينية التي يتمتع بها عمالها، وعلى الاخص: 1. الحصول على الرعاية الطبية في حالات العمل والولادة، وكذلك خدمات التأهيل المهني، وتقديم الاطراف الصناعية والاجهزة التعويضية، 2. الحصول على المعونة المالية في حالات العجز المؤقت والمرض والاصابة والحمل والولادة والبطالة، 3. الحصول على المعاش (الراتب التقاعدي) في حالات العجز والوفاة الناتجة عن اصابات العمل والمرض المهني، وكذلك حالات الشيخوخة والعجز والوفاة، 4. الحصول على تعويض الدفعة الواحدة (المكافأة) في حالات اصابة العمل والمرض المهني، والشيخوخة والعجز والوفاة، عند عدم توافر شروط استحقاق المعاش».

  ومن الجدير بالذكر ان هذه الاتفاقية تسري على العمال العرب الوافدين للعمل الى قطر عربي من قطر عربي اخر او من دولة اجنبية، كما تسري على العمال الفلسطينيين الذين يعملون او يتنقلون لغرض العمل بين الدول العربية المصدقة على هذه الاتفاقية، او الوافدين من دولة اجنبية[58].

واذا كانت هذه الاتفاقيات التي تطرقت الى مبدأ المساواة في المعاملة، ولم تتطرق الى تحدد القانون الواجب التطبيق، الا انه يمكن القول بان قانون مكان حادث العمل هو القانون الواجب التطبيق في هذا الصدد، فاذا اصيب احد العمال العراقيين في مصر بحادث عمل فان القانون المصري هو الذي يطبق وفقا لما يمكن استخلاصه من النصوص الانفة الذكر[59].

المطلب الثالث: الحفاظ على الحقوق المكتسبة

لا يكفي القول بمبدأ المساواة بين العمال الوطنيين والاجانب فيما يتعلق بالحقوق التأمينية، والتسليم بتطبيق قانون مكان العمل، بل لابد كذلك من التسليم بإمكانية استفادة العامل بالحقوق التي اكتسبها قبل انتقاله للعمل في دولة اخرى[60]، ويتحقق ذلك بزمن التعرض للخطر اثناء انتقال العامل للعمل في عدة دول وبصفة خاصة فيما يتعلق بالمرض المهني، اذ قد لا تظهر اعراض ذلك المرض الا بعد مضي فترة زمنية، يكون العامل خلالها قد غادر الدولة التي تعرض فيها للمرض المهني حينما كان يباشر اعماله في احدى منشآتها، كما يتحقق ايضاً فيما يتعلق الاداءات التي كان قد اكتسبها اثناء مباشرته لعمله على اقليم احدى الدول وعودته الى وطنه الاصلي او انتقاله من بلده الاصلي الى احدى الدول لمباشرة عمل ما[61].

اذ نصت اتفاقية العمل العربية رقم (14) لسنة 1981 الانفة الذكر على ان «تلتزم الدول المصدقة على الاتفاقية بأن يضمن ترشيحها الاحكام التالية: 1. احتساب مدة الخدمة التي يؤديها المؤمن عليه خارج قطره في الوطن العربي من ضمن خدماته المضمونة (المؤمن عليها) لغرض تكامل مدة الخدمة المؤمن عليها (المضمونة) المؤداة في بلده الاصلي او في البلد الذي يستقر فيه بصورة نهائية، بعد تحويل الاشتراكات المدفوعة لحسابه، وفقاً للأحوال والشروط التي قررها التشريع الوطني. 2. الحق في اختيار احتساب المعاش المستحق وفق احكام النظام التأميني المطبق في القطر الذي انتقل اليه او انتهت خدمته فيه، او النظام التأميني في قطره الاصلي. 3. اعتبار مدة عمل العامل العربي في اي قطر عربي لم يأخذ بنظم التأمينات (الضمان الاجتماعي) خدمة مضمونة (مؤمن عليها) في قطره الاصلي او في القطر الذي انتقل اليه وانتهت خدمته فيه واحتسابها لغرض الحصول على المعاش المستحق، بشرط ان يسدد عنها العامل الاشتراكات المستحقة، وفقاً للأحوال والشروط التي قررها التشريع الوطني»[62].

كما نصت هذه الاتفاقية ايضاً على اتخاذ الاجراءات التشريعية والتنظيمية التي تكفل عدم تحمل العامل العربي الاشتراكات عن مدة الخدمة نفسها منعاً من الازدواجية في ادائها، وفي حالة تعدد المعاشات المستحقة للمؤمن عليه (المضمون) تسوى تلك المعاشات طبقاً لأحكام التشريع الوطني في البلد الذي انتهت خدمته فيه، كما يحق للمؤمن عليه جمع المعاشات دون حد اقصى في حال توافر شرائط استحقاقها نتيجة تعدد شموله بالأنظمة التأمينية العربية واستفادته من اكثر من معاش واحد عن الخدمات المتلاحقة المؤداه في اكثر من قطر واحد[63]. وفي سبيل تسهيل هذا الامر على الدول العربية ان تعقد فيما بينها اتفاقيات لتنظيم الامور التالية: 1. تحويل الاحتياطات والمعاشات والاشتراكات والمسائل المتعلقة بها، 2. التنسيق في الاجراءات الادارية وتبادل المستندات والمعلومات والبيانات، 3. تصفية اية حقوق مكتسبة[64].

والحقوق المنصوص عليها في هذه الاتفاقية تمثل الحد الادنى لما يجب ان يتمتع بها العامل العربي، مع عدم المساس بأحكام التشريع الخاص اذا كانت تتضمن حقوقاً تأمينية افضل له[65]. والحد الادنى للحقوق ورد في اكثر من اتفاقية فعلى سبيل المثال، نصت على ذلك الاتفاقية العربية للمستويات الاساسية للتأمينات الاجتماعية، اذ نصت المادة (3) منها على ان «تعتبر المزايا المنصوص عليها في الجــزء الثالث من هذه الاتفاقية، حد ادنى لما يجــب أن يوفره تشريع التأمينات الاجــتماعية (الضمان الاجــتماعي) للمؤمن عليهم كما لا يجــوز أن يترتب على الانضمام إلى هذه الاتفاقية من أية مزايا نقدية أو عينية ينص عليها تشريع معمول به في أية دولة طرف في هذه الاتفاقية»[66]. كما نصت الاتفاقية العربية للمعاملة بالمثل في نظم التأمينات الاجتماعية على مبدأ الحقوق المكتسبة للعمال وذلك في المادتين (7 و8)[67].

ومن الجدير بالذكر ان هذه الاتفاقيات لم تتضمن حلاً جذرياً لمشكلة تنازع القوانين بين تشريعات التأمينات الوطنية للدول الاعضاء، لذلك كان على هذه الاتفاقيات ان تحل مشكلة تنازع القوانين في مثل هذه الحالات حتى يشعر العامل العربي بالطمأنينة والامان في الحصول على حقوقه اثناء انتقاله للعمل في دولة عربية اخرى[68].

الخاتمة

بعد ان انتهينا من هذا البحث الموسوم بـ «دور الاتفاقيات الدولية في تحديد القانون الواجب التطبيق على التأمينات الاجتماعية»، والذي بينا فيه مفهوم التأمينات الاجتماعية، والتطور التاريخي لها، وكذلك فروع الضمان الاجتماعي المضمونة بنظم التأمينات الاجتماعية، وتحديد القانون الواجب التطبيق عليها كما هو محدد في الاتفاقيات الدولية والعربية، فقد توصلنا الى جملة من الاستنتاجات والتوصيات نلخصها بالاتي:

اولاً: الاستنتاجات:

ان تفاقم الاخطار التي يتعرض لها العامل، ادى الى قيام المجتمع الدولي بمسؤوليته الجماعية في توفير الحماية الضرورية له في تأمين هذه الاخطار، فتم ابرام الاتفاقيات الدولية الجماعية والثنائية التي عاجلت حوادث العمل واصاباته، فأصبحت تلك الاخطار التي تحصل للعامل مؤمنة ومضمونة، اذ يحصل العامل نتيجة لهذه الحوادث على معونات مختلفة وحسب الاصابة او العجز الذي يحصل له اثناء عمله.

تركت تلك الاتفاقيات الدولية تعريف اصابات العمل للتشريعات الداخلية واحكام القضاء، كما تولى الفقه ايضاً تعريف هذه الاصابات، واصابات العمل هي التي تحدث للعامل اثناء مباشرته للعمل او بسببه او في ذهابه وعودته من عمله، ويضاف اليها الامراض المهنية، وهذه الاصابات تحدث نتيجة فعل خارجي عنيف ومفاجئ، اما الامراض المهنية التي تكون الاصابة فيها بعد مرور فترة معينة من الزمن، لا يشترط فيها ان يكون الحادث عنيف ومفاجئ.

الاعانات التي يحصل عليها العامل لا تقتصر على اصابات العمل بل تشمل كذلك الرعاية الطبية، اعانة المرض، اعانة البطالة، اعانة الشيخوخة، الاعانة العائلية، اعانة الامومة، اعانات العجز، اعانة الورثة

ان انتقال العمال من دولهم الى دول اخرى لغرض العمل، يؤدي الى تنازع القوانين، ومن ثم البحث عن قوانين التأمينات الاجتماعية التي تكون واجبة التطبيق، واذا كانت التشريعات الداخلية تختلف في حلول التنازع، جاءت الاتفاقيات الدولية لتقوم بدور كبير لإزالة الصعوبات والمشكلات التي يمكن ان تظهر بهذا الصدد، فهي تضع قواعد تنازع موحدة بين الدول المتعاهدة تشير الى تحديد القانون الواجب التطبيق على المسائل التي تعالجها، وهذا الامر ادى الى اللجوء الى الاتفاقيات الدولية في مجال اصابات العمل لتحديد القانون الواجب التطبيق، لذلك فان الدول المنظمة لهذه الاتفاقيات سوف تسري عليها قاعدة موحدة بشأن تحديد القانون الواجب التطبيق.

 اعتمدت هذه الاتفاقيات على تطبيق قانون مكان الحادث كقاعدة عامة، وقانون مركز المؤسسة استثناءً من هذه القاعدة في حالات العمل المؤقت والانتداب او الايفاد، والعاملون بالقرب من الحدود، وعمال النقل الدولي، وكذلك الذين يؤدون اعمالهم في دول عديدة.

هذا الحل اخذت به بعض اتفاقيات العمل الدولية التي ابرمتها منظمة العمل الدولية، وكذلك اللوائح الاوربية في نطاق الاتحاد الاوربي، وبعض الاتفاقيات بين الدول العربية.

اغلب الاتفاقيات التي ابرمت في ظل منظمة العمل العربية لم تنص صراحة على القانون الواجب التطبيق على اصابات العمل، ولكن يستشف منها انها اعتمدت على قانون مكان الحادث، كما انها تضمنت بعض المبادئ التي تساعد في حل مشكلات تنازع القوانين كمبدأ المساواة بين العامل الوطني والعامل الاجنبي، ومبدأ الاحتفاظ بالحقوق المكتسبة للعمال، تلك الحقوق التي تراعي مدة العمل والاشتراكات التي دفعها العامل في دول اخرى لتضاف الى مدة العمل والاشتراكات التي يدفعها في الدولة التي يعمل فيها. وهذه المبادئ نصت عليها ايضاً اتفاقيات العمل الدولية برعاية منظمة العمل الدولية.

ثانياً: التوصيات:

لعل التوصية التي يمكن ان نخرج منها في هذا البحث، هي الدعوة للمشرع العراقي لإبرام الاتفاقيات الثنائية مع الدول التي يعمل فيها العمال العراقيين، وضمان حقوقهم في ما يتعلق بالتأمينات الاجتماعية، التي يمكن ان يحصلوا عليها عند تعرضهم لإصابات عمل نتيجة حوادث العمل، او في حالة العجز، والمرض، والشيخوخة، والوفاة، وغيرها من فروع الضمان الاجتماعي التي تحدث في تلك الدول، كما ندعوا المشرع العراقي للانضمام الى الاتفاقيات الدولية الجماعية التي لم ينضم اليها سواء في نطاق منظمة العمل الدولية او منظمة العمل العربية.

ان التوصية بانضمام العراق لهذه الاتفاقيات والتصديق عليها، سوف يؤدي الى سريان قواعد الاسناد المنصوص عليها في هذه الاتفاقيات في العراق، ووجدنا ان قواعد الاسناد هذه، فضلاً عن المبادئ الواردة في هذه الاتفاقيات تمثلت بالاتي:

خضوع العمال الذين يعملون على اقليم احدى الدول، الى قانون التأمينات الاجتماعية الساري في تلك الدولة، حتى لو كان العامل يقيم في اقليم دولة اخرى، او اذا كان مركز ادارة المؤسسة او موطن رب العمل الذين يباشر العامل العمل لحسابهم، يقع في اقليم دولة اخرى.

حادث العمل الذي يقع على اقليم احدى الدول الاعضاء غير الدولة التي يعمل فيها، يعد واقعاً في اقليم الدولة التي يباشر عمله فيها.

خضوع العمال الذين يعملون على ظهر سفينة مسجلة في اقليم دولة معينة، الى قانون التأمينات الاجتماعية لدولة تسجيل السفينة.

خضوع فئات معينة من العمال الى قانون التأمينات الاجتماعية للدولة التي يوجد فيها مركز مؤسسة رب العمل وهؤلاء الفئات هم: العمال المنتدبون لفترة محددة لا تتجاوز مدة معينة، عمال النقل الدولي، العمال الذين يباشرون اعمالهم في العديد من الدول، العاملون في المؤسسات الحدودية.

يتمتع العمال المؤمن عليهم المنتمون لجــنسية احدى الدول المتعاقدة بنفس المزايا التي يقرها قانون التأمينات الاجتماعية للدولة المتعاقدة الاخرى التي يقيمون فيها «مبدأ المساواة».

احترام الحقوق المكتسبة من خلال احتساب مدة الخدمة التي يؤديها العامل المؤمن عليه خارج بلده من ضمن خدماته المضمونة (المؤمن عليها) لغرض تكامل مدة الخدمة المؤمن عليها (المضمونة) المؤداة في بلده الاصلي، او في البلد الذي يستقر فيه بصورة نهائية، بعد تحويل الاشتراكات المدفوعة لحسابه، وفقاً للأحوال والشروط التي قررها التشريع الوطني. وكذلك حق العامل في اختيار احتساب المعاش المستحق وفق احكام النظام التأميني المطبق في البلد الذي انتقل اليه او انتهت خدمته فيه، او النظام التأميني في بلده الاصلي. وعد مدة عمل العامل في اي بلد لا يأخذ بنظم التأمينات (الضمان الاجتماعي) خدمة مضمونة (مؤمن عليها) في بلده الاصلي او في البلد الذي انتقل اليه وانتهت خدمته فيه، واحتسابها لغرض الحصول على المعاش المستحق، بشرط ان يسدد عنها العامل الاشتراكات المستحقة.

 

[1] أ. ثوابتي ايمان ريما سرور و أ. مرزوقي وسيلة، اساسيات في النشاط التشريعي للمنظمة الدولية للعمل في مجال الضمان الاجتماعي، بحث منشور في مجلة جامعة تكريت للعلوم القانونية والسياسية، المجلد (4)، العدد (16)، السنة (4)، ص75.

[2] صدرت بعض التشريعات المتعلقة بالتأمين الاجباري في المانيا ما بين عامي 1883-1889، وفرنسا ما بين 1898 -1910، وانكلترا ما بين 1909-1911، نقلاً عن أ. ثوابتي ايمان ريما سرور و أ. مرزوقي وسيلة، المرجع نفسه، ص76.

[3] ينظر: ديباجة دستور منظمة العمل على الرابط الاتي:

https://www.ilo.org/wcmsp5/groups/public/@ed_norm/@relconf/documents/legaldocument/wcms_629341.pdf

[4] أ. ثوابتي ايمان ريما سرور و أ. مرزوقي وسيلة، المرجع السابق، ص76-77.

[5] وافق مجلس جامعة الدول العربية في دور انعقاده الثالث والأربعين بموجب قراره رقم 2102 بتاريخ 21 يناير عام 1965م على الميثاق العربي للعمل، ودستور منظمة العمل العربية. وفي 8 يناير عام 1970، أصدر المؤتمر الخامس لوزراء العمل العرب، الذي عقد في القاهرة، قراراً بإعلان قيام منظمة العمل العربية بعد اكتمال العدد اللازم من تصديقات الدول الأعضاء على الميثاق العربي للعمل ودستور المنظمة ... وباشرت العمل بتاريخ 15 سبتمبر عام 1972م. ينظر في تأسيس منظمة العمل العربية موقع ويكيبيديا على الرابط التالي:

https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D9%86%D8%B8%D9%85%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%84_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9#cite_ref-2

[6] أ. ثوابتي ايمان ريما سرور و أ. مرزوقي وسيلة، المرجع السابق، ص78.

[7] نصت المادة (1) من هذه الاتفاقية على ان «تتعهد كل دولة عضو في منظمة العمل الدولية تصدق هذه الاتفاقية بان توسع نطاق قوانينها ولوائحها التي تنص على تعويض العمال عن اصابتهم في حوادث تقع بسبب العمل او اثناء ادائه لتشمل كل العمال الزراعيين الاجراء».

[8] ينظر المادة (2) من الاتفاقية رقم (17) لسنة 1925 بخصوص التعويض عن حوادث العمل.

[9] اسامة غربي، الالتزام بالتأمين على حوادث العمل بين اتفاقيات منظمة العمل الدولية والتشريع الجزائري، بحث منشور في مجلة دراسات وابحاث، المجلة العربية في العلوم الانسانية والاجتماعية، المجلد (10)، العدد (3)، السنة العاشرة، 2018، ص147.

[10] اسامة غربي، المرجع نفسه، ص148.

[11] نصت المادة (4) من هذه الاتفاقية على ان «1. يحمي التشريع الوطني المتعلق بإعانات إصابات العمل جميع المستخدمين، بمن فيهم التلاميذ الصناعيون، وذلك في القطاعين العام والخاص، بما في ذلك التعاونيات، كما يحمي، في حالة وفاة العائل، فئات مقررة من المستفيدين ... «

[12] اسامة غربي، المرجع السابق، ص148.

[13] د. علي العريفي، شرح تشريع العمل في مصر، ج3، ط2، مطبعة عطا، مصر، 1954، ص10؛ ونصت المادة (1) من قانون الضمان الاجتماعي العراقي رقم (39) لسنة 1971 على ان المرض المهني هو «العلة الناجمة عن ممارسة مهنة معينة ... وتحدد الامراض المهنية، والاعطال العضوية، ونسبة العجز الذي تخلفه كل منها، بجداول ملحقة بهذا القانون، تصدر بقرار من الوزير بناء على اقتراح مجلس الادارة، بعد استطلاع راي وزارة الصحة، كما تحدد بالخبرة الطبية في الحالات غير الملحوظة بالجداول المذكورة».

[14] م.م. علياء غازي طاهر ود. حسن محمد علي حسن، اصابة العمل في القوانين العراقية، التعريف والعناصر، دراسة مقارنة، بحث منشور في مجلة الرافدين للحقوق، تصدر عن كلية الحقوق في جامعة الموصل، المجلد (20)، العدد (71)، السنة (22)، ص 271-272.

[15] محمد حلمي مراد، التأمينات الاجتماعية في البلاد العربية، ط1، المطبعة العالمية، القاهرة ، 1972، ص52؛ وفي تعريف اصابة العمل ينظر: عدنان العابد و د. يوسف الياس، قانون الضمان الاجتماعي، المكتبة القانونية، بغداد، 2011، ص113.

[16] ومن الجدير بالذكر ان اول قانون للضمان الاجتماعي في العراق هو قانون رقم (27) لسنة 1956 لم يتضمن تعريفاً لإصابة العمل، على الرغم من انه عدها من ضمن المخاطر المضمونة بالقانون، كما ان قانون العمل العراقي رقم (72) لسنة 1936، وقانون العمل رقم (1) لسنة 1958 الملغيان، لم ينصا كذلك على تعريف اصابة العمل، على الرغم من انهما تضمنا الاحكام الخاصة بتأمين العمال ضد اصابة العمل.

[17] وهي تمثل شروط اصابة العمل، وللمزيد من التفصيل حول هذه الشروط  ينظر: حكمت جميل، الاضاءة واثرها على صحة العاملين، سلسلة الكتب العمالية، المعهد العربي للثقافة العمالية وبحوث العمل، العراق، بغداد، 1998، ص68؛ د. محمد لبيب شنب، الاتجاهات الحديثة للتفريق بين حوادث العمل والامراض المهنية، مجلة العلوم القانونية والاجتماعية، تصدر عن جامعة عين شمس، العدد (1)، السنة التاسعة، 1967، ص221.

[18] محمد عبد الله الظاهر، إصابات العمل بين قانون العمل وقانون الضمان، من دون دار نشر، عمان، 1994، ص13؛ فالإصابة قد تحدث اثناء العمل، او بسببه، او اثناء طريق العمل، كما يعد المرض المهني من ضمن اصابات العمل، ينظر في انواع اصابات العمل براهيمي مصطفى، التعويض عن حوادث العمل والامراض المهنية في التشريع الجزائري، مذكرة ماستر في القانون، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم القانون الخاص، جامعة أكلي محند أولحاج، البويرة، الجزائر، 2017-2018.

[19] على سبيل المثال نصت الاتفاقية رقم (121) لسنة 1964 بشأن الاعانات بشأن اصابات العمل في المادة (7) منها على ان «1. تضع كل دولة عضو تعريفاً لعبارة «حوادث العمل» تحدد فيه الظروف التي تعتبر فيها حوادث الطرق حوادث عمل ...».

[20] المحامي محمد زكي ابو عرة والمحامية ليالي الترك، اصابة العمل والتعويضات عنها في فلسطين، ص13. منشور على الموقع الاتي:

http://dwrc.org/attachment/141

[21] ينظر المادة (1/2) من الاتفاقية رقم (42) لسنة 1934 بشأن تعويض العمال عن الامراض المهنية؛ والمادة (1) من الاتفاقية رقم (12) لسنة 1921 بشأن التعويض عن حوادث العمل في الزراعة.

[22] لمزيد من التفصيل ينظر: د. جابر سالم عبد الغفار، تنازع القوانين في مجال حوادث العمل، دار الجامعة الجديدة، الاسكندرية، 2010، ص368.

[23] مبدأ المساواة نصت عليه العديد من اتفاقيات العمل الدولية والعربية، كالاتفاقية الدولية رقم (25) لسنة 1925 بشأن المساواة بين العمال الوطنيين والاجانب فيما يتعلق بالتعويض عن حوادث العمل والمبرمة في ضل منظمة العمل الدولية، في المادة (1) منها؛ واتفاقية منظمة العمل الدولية رقم (118) لسنة 1962 بشأن المساواة في المعاملة بين الوطنين وغير الوطنيين في مجال الضمان الاجتماعي في المادة الثالثة منها؛ واتفاقية العمل العربية رقم (14) لسنة 1981 بشأن حق العامل في التأمينات الاجتماعية عند تنقله للعمل في احد الاقطار العربية في المادة (3) منها.

[24] ينظر:

COUNCIL REGULATION (EC) No 1408/71 of 14 June 1971 on the application of social security schemes to employed persons, to self-employed persons and to members of their families moving within the Community (8) (9) (10) (11) Consolidated version — OJ No L 28 of 30.1.1997p. 1. (OJ L 149, 5.7.1971, p. 2).

[25] لمزيد من التفصيل ينظر: د. جابر سالم عبد الغفار، المرجع السابق، ص371.

[26] وهذا ما تضمنه قرار محكمة العدل الاوربية بخصوص المادة (12) من اللائحة الاوربية رقم (3) لسنة 1958 والتي حلت محلها المادة (13/2/أ) من اللائحة الاوربية رقم (1408) لسنة 1971، ينظر نص قرار محكمة العدل الاوربية:

Judgment of the Court of 9 June 1964. - M. Th. Nonnenmacher, widow of H.E. Moebs v Bestuur der Sociale Verzekeringsbank. - Reference for a preliminary ruling: Centrale Raad van Beroep - Netherlands. - Case 92-63.

https://eur-lex.europa.eu/legal-content/EN/TXT/PDF/?uri=CELEX:61963CJ0092&qid=1636830851032&from=EN 

[27] في تفاصيل القرار ينظر:

Judgment of the Court of 5 December 1967. - Bestuur der Sociale Verzekeringsbank v J. H. van der Vecht. - Reference for a preliminary ruling: Centrale Raad van Beroep - Netherlands. - Case 19-67

https://eur-lex.europa.eu/legal-content/EN/TXT/PDF/?uri=CELEX:61967CJ0019&qid=1653667341663&from=EN

[28] لمزيد من التفصيل حول هذه القضية ايضاً ينظر: د. جابر سالم عبد الغفار، المرجع السابق، ص373.

[29] نصت المادة (2) من هذه الاتفاقية على ان «تسري هذه الاتفاقية على مواطني الطرفين والمستفيدين عنهم حسب المعنى الوارد بالتشريع المطبق في كل منها». والاتفاقية منشورة في الجريدة الرسمية، العدد 31 في 5 اغسطس سنة 1989، كما انها متاحة على الموقع الاتي:

https://manshurat.org/node/41623

[30] د. جابر سالم عبد الغفار، المرجع السابق، ص378-379.

[31] ينظر: المادة (13/1/أ) من اللائحة الاوربية رقم (3) لسنة 1958.

[32] ينظر: المادة (14/1/أ) من اللائحة الاوربية رقم (1408) لعام 1971.     

[33] ينظر:  د. جابر سالم عبد الغفار، المرجع السابق، ص379 وما بعدها.

[34] هذه الاستثناءات على تطبيق قانون مكان العمل وردت في المادة (4) من الاتفاقية التي نصت على ان «اذا اوفد صاحب العمل في احدى الدولتين عاملاً لديه للعمل في اقليم الدولة الاخرى، طبقت على هذا العامل تشريعات الدولة الموفدة 2. في حالة عمل احد مواطني اي من الطرفين المتعاقدين على ظهر سفينة مسجلة في اقليم الدولة الاخرى طبقت في شأنه تشريعات هذه الدولة 3. مع عدم الاخلال بحكم الفقرة 2 اذا كانت ملكية السفينة في اقليم الدولة التي يحمل العامل جنسيتها او كان بها مكتب مسجل لصاحب العمل طبقت في شأنه تشريعات هذه الدولة»، ونصت اتفاقية الضمان الاجتماعي بين دول الاتحاد المغربي على هذا المبدأ، واستخدمت مصطلح العامل الملحق للدلالة على الانتداب او الايفاد، والعامل الملحق هو «العامل الذي يشتغل فوق تراب احدى الدول المتعاقدة، لحساب مؤسسة، او مشغل يتبع له بكيفية اعتيادية، ويلحق للعمل فوق تراب دول متعاقدة اخرى، غير التي يوجد فوق ترابها المقر الرئيسي للمؤسسة او للمشغل» ينظر: المادة (الاولى/ ز) من هذه الاتفاقية.

[35] نقلاً عن جابر سالم عبد الغفار، المرجع السابق، ص379.

[36] تم التوقيع على هذه الاتفاقية في 9 يونيو 1956 وتم التصديق عليها من جانب كل من فرنسا، بولونيا، هولندا، لوكسمبورغ، تركيا وبلجيكا.

[37] ومع ذلك فهناك رجوع الى قاعدة الاسناد العامة التي يتم بموجبها تطبيق قانون الدولة التي يباشر فيها هؤلاء العمال اعمالهم في حالتين: الاولى: اذا كان العامل يباشر عمله في اقليم احدى الدول الاعضاء في فرع دائم للمؤسسة التي يقع مركز ادارتها في دولة عضو اخرى، فهنا يخضع هؤلاء العمال لقانون الدولة التي يقع فيها مركز ادارة ذلك الفرع، والثانية: عندما يقيم العامل او يجد نفسه يباشر عمله في الغالب في اقليم احدى الدول الاعضاء، ويقع مركز ادارة المؤسسة في اقليم دولة اخرى، ففي هذه الحالة يخضع العامل للتشريع الساري في محل اقامته او في مكان مباشرة عمله المعتاد، ينظر: د. جابر سالم عبد الغفار، المرجع السابق، ص374-375 و382.

[38] في حالة تنفيذ العمل في دول متعددة، قيلت اراء كثيرة بهذا الخصوص، فذهب رأي الى تطبيق قانون كل مكان جرى فيه تنفيذ العمل، ويعاب عليه انه يتعارض مع وحدة القانون المختص، وذهب رأي ثاني الى تطبيق قانون مكان التنفيذ الاخير، ويعاب عليه ان هذا المكان قد يكون عديم الاهمية بالنسبة للعمل في مجمله، وذهب رأي الى تطبيق قانون مكان تنفيذ العمل الرئيسي، الا ان صعوبته تظهر في حالة كانت الاعمال كلها تجري على قدم المساواة، لذلك ذهب رأي الى تطبيق قانون مركز المؤسسة او المشروع في الحالة الاخيرة، ينظر في هذه الآراء د. منير عبد المجيد، تنازع القوانين في علاقات العمل الفردية، منشأة المعارف، الاسكندرية، 1992، ص171-173.

[39] نقلاً عن د. جابر سالم عبد الغفار، المرجع السابق، ص383 وص385.

[40] صادق العراق على هذه الاتفاقية بموجب القانون رقم (111) لسنة 1970 الصادر بتاريخ 16/5/1970 وجاء في المادة الاولى منه «تصدق بهذا القانون الاتفاقية العربية للمعاملة بالمثل في نظم التأمينات الاجــتماعية (الضمان الاجــتماعي) التي اقرها مؤتمر وزراء العرب في دورته الثالثة المنعقدة عام 1967 في الكويت ووافق عليها مجــلس الوحدة الاقتصادية العربية في دورته الثانية عشرة المنعقدة عام 1968». نشر قانون التصديق على هذه الاتفاقية في الوقائع العراقية عدد 1886 في 6/6/1970.

[41] ينظر ديباجة الاتفاقية العربية للمعاملة بالمثل في نظم التأمينات الاجتماعية.

[42] كتأمين اصابات العمل، التأمين الصحي، تأمين الامومة (الحمل والوضع)، تأمين العجــز، تأمين الشيخوخة، تأمين= =الوفـاة، التأمين ضد البطالة، المنافع العائلية، ويعد سارياً كل تعديل يطرأ على هذه التأمينات في الدولة المتعاقدة بشرط أن تخطر به الدولة الاخرى خلال شهر من تاريخ العمل به، ينظر: المادة (2) من الاتفاقية العربية للمعاملة بالمثل في نظم التأمينات الاجتماعية.

[43] ينظر: المادة (3) من الاتفاقية العربية للمعاملة بالمثل في نظم التأمينات الاجتماعية.

[44] هذا الضابط ورد في معظم قواعد الاسناد في التشريعات العربية، وهو ضابط مكان وقوع حادث العمل، وذلك في حالة عدم وجود مسؤولية عقدية في المنازعة، كالمادة (27) من القانون المدني العراقي رقم (41) لسنة 1951؛ والمادة (21) من القانون المدني المصري رقم (131) لسنة 1948؛ والمادة (66) من القانون الكويتي رقم (5) لسنة 1966 الخاص بتنظيم العلاقات ذات العنصر الاجنبي.

[45] ينظر: المادة (5) من الاتفاقية العربية للمعاملة بالمثل في نظم التأمينات الاجتماعية.

[46] ينظر: المادة (5) من الاتفاقية العربية للمعاملة بالمثل في نظم التأمينات الاجتماعية.

[47] ينظر: المادة (6) من الاتفاقية العربية للمعاملة بالمثل في نظم التأمينات الاجتماعية.

[48] تضم هذه الاتفاقية دول، ليبيا، وتونس، والجزائر، والمغرب، وموريتانيا، وهذه الاتفاقية منشورة على الموقع الالكتروني الاتي:

http://www.moqatel.com/openshare/Wthaek/Molhak/MalahekMag/AMalahekMagrab35_2-1.htm_cvt.htm

[49] ينظر: المادة (السادسة) من اتفاقية الضمان الاجتماعي بين دول الاتحاد المغربي.

[50] ينظر: المادة (السادسة) من اتفاقية الضمان الاجتماعي بين دول الاتحاد المغربي.

[51] ينظر المادة (4) من الاتفاقية رقم (2) لسنة 1967 بشأن تنقل الايدي العاملة.

[52] نصت المادة (2) من هذه الاتفاقية على ان «يحدد كل طرف من الأطراف المتعاقدة، السلطة المختصة لديه بتنفيذ أحكام هذه الاتفاقية، وتتولى هذه السلطة تنظيم تنقل الأيدي العاملة والإشراف عليه، وتتعاون في ذلك مع السلطة في بلاد الأطراف الأخرى، ولا يجوز اقتضاء أية رسوم أو أجور عن الخدمات التي تقدمها».

[53] ينظر: المادة (2) من الاتفاقية رقم (3) لعام 1971 بشأن المستوى الادنى للتأمينات الاجتماعية.

[54] ينظر: المادة (9) من الاتفاقية رقم (3) لعام 1971 بشأن المستوى الادنى للتأمينات الاجتماعية، وهذا الحد الادنى يشمل الخدمات الطبية والعلاج، خدمات التأهيل، مؤنة العجز وتعويض العجز، ومعاش العجز الكامل والجزئي، ومعاش الوفاة .... الخ.

[55] ينظر: المادة (3) من الاتفاقية رقم (3) لعام 1971 بشأن المستوى الادنى للتأمينات الاجتماعية.

[56] في نطاق تطبيق الاتفاقية نصت المادة (4) منها على ان «يجب أن تشمل نظم التأمينات الاجتماعية جميع المشتغلين لدى الغير بأجر، على أنه يجوز في المراحل الأولى من تطبيق أي نوع من أنواع التأمين استثناء الفئات الآتية: الأشخاص غير الخاضعين لتشريعات العمل، العاملون بالمنشآت التي تستخدم أقل من خمسة عمال، عمال الزراعة، والغابات، العاملون (الخدم) بالمنازل، أفراد أسرة صاحب العمل، عمال الصيد، وعمال السفن، العمال الذين يؤدون أعمالا عرضية، أو موسمية، أو مؤقتة، العاملون في البعثات الدبلوماسية، أو الدولية ...».

[57] صادق العراق على هذه الاتفاقية بالقانون رقــم (3)  لسنة  1982 بتاريخ 18/1/1982 اذ جاء في المادة (1) منه «تصديق اتفاقية العمل العربية رقم 14 لسنة 1981 بشان حق العامل العربي في التأمينات الاجتماعية عند تنقله للعمل في احد الاقطار العربية التي اقرها مؤتمر العمل العربي في دورته التاسعة بمدينة بنغازي بالجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية في اذار 1981».

[58] المادة (الاولى) من اتفاقية العمل العربية رقم (14) لسنة 1981.

[59] بهذا المعنى ينظر: د. جابر سالم عبد الغفار، مرجع سابق، ص352.

[60] الحقوق المكتسبة هي التي تتكون وتنشأ في نطاق قانون دولة ما بشكل أصولي وصحيح ويراد إنفاذها أو الاحتجاج بها في نطاق قانون دولة أخرى، للمزيد من التفصيل حول الحقوق المكتسبة ينظر: د. عبد الرسول عبد الرضا الاسدي وعباس حسن بطي الشمري، النفاذ الدولي للحقوق المكتسبة في مسائل الاحوال الشخصية، بحث منشور في مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسة، تصدر عن كلة الحقوق جامعة بابل، العدد الثالث، السنة السادسة، ص207.

[61] د. جابر سالم عبد الغفار، مرجع سابق، ص354.

[62] المادة (الخامسة) من اتفاقية العمل العربية رقم (14) لسنة 1981.

[63] المادة (السادسة) من اتفاقية العمل العربية رقم (14) لسنة 1981.

[64] المادة (السابعة) من اتفاقية العمل العربية رقم (14) لسنة 1981.

[65] المادة (الثامنة) من اتفاقية العمل العربية رقم (14) لسنة 1981.

[66] صادق العراق على هذه الاتفاقية بموجب القانون رقم (106) لسنة 1970 في 13/5/1970 وجاء في المادة (1) من هذا القانون «تصدق بهذا القانون الاتفاقية العربية للمستويات الاساسية للتأمينات الاجــتماعية (الضمان الاجــتماعي) التي اقرها مؤتمر وزراء العمل العربية بدورته الثالثة المنعقدة في الكويت عام 1967 ووافق عليها مجــلس لوحدة الاقتصادية العربية». ونشر هذا القانون في الوقائع العراقية عدد 1886 في 6/6/1970؛ والنص نفسه ورد في الاتفاقية العربية رقم (3) لسنة 1971 بشأن المستوى الادنى للتأمينات الاجتماعية في المادة (3) منها.

[67] اذ ورد في المادة (7) من هذه الاتفاقية على «تكامل مدد التأمين والمدد الاعتبارية التي تحسب للمؤمن عليهم في احدى الدول المتعاقدة كما لو كانت تكاملت في الدولة الاخرى». ونصت المادة (8) منها على ان «في حساب درجــات العجــز المتخلف عن اصابات العمل أو الامراض المهنية، تؤخذ في الاعتبار درجــات العجــز المتخلفة عن الاصابات السابقة، وكذا المعاشات المستحقة عنها ولو كانت تلك الاصابات أو الامراض المهنية ناشئة عن عمل سابق في دولة متعاقدة اخرى».

[68] بهذا المعنى ينظر: د. جابر سالم عبد الغفار، مرجع سابق، ص357-357.