تاريخ الاستلام 1/11/2022         تاريخ القبول 9/1/2023

حقوق الطباعة محفوظة لدى مجلة كلية القانون والعلوم السياسية في الجامعة العراقية

حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمؤلف

حقوق النشر محفوظة للناشر (كلية القانون والعلوم السياسية - الجامعة العراقية)

CC BY-NC-ND 4.0 DEED

Printing rights are reserved to the Journal of the College of Law and Political Science at Aliraqia University

Intellectual property rights are reserved to the author

Copyright reserved to the publisher (College of Law and Political Science - Aliraqia University)

Attribution – Non-Commercial – No Derives 4.0 International

For more information, please review the rights and license

DOI /10.61279/jvd25588

إختصاص القضاء الإداري

بتسوية منازعات الجنسية في العراق               

The competence of the administrative judiciary

  in resolving the nationality disputes in Iraq        

ا. م. د. رنا علي حميد

الباحث: احمد علي عبدالله

الجامعة العراقية - كلية القانون والعلوم السياسية

Assist.prof.Dr.Rana Ali Hameed

Ahmed Ali Abdullah

Iraqi University/ College of law and  Political Science                      

 المستخلص:

إن الجهة القضائية المختصة بتسوية منازعات الجنسية في العراق، هي القضاء الإداري باعتباره صاحب الولاية العامة بنظر جميع المنازعات الإدارية، ومن بينها منازعات الجنسية، لكون طبيعتها القانونية تنسجم مع اختصاصه، بالنظر لوجود الإدارة المختصة بمسائل الجنسية طرفا في النزاع، والعلاقة التي تحكمها هي علاقة أو رابطة قانون عام، ومن ثم يكون القضاء الإداري هو القضاء الطبيعي المختص بتسوية هذه المنازعات نظرا لما يتمتع به من استقلال وحياد.

تتعدد الدعاوى القضائية الناشئة عن منازعات الجنسية بصورة عامة بالنظر لاختلاف محلها، فهناك دعوى أصلية تأخذ صورة طعن في قرار إداري يتعلق بالجنسية « وهنا يظهر الدور الاساسي للقضاء الاداري العراقي في الرقابة على اعمال الادارة» ودعوى تقريرية أو مجردة لإثبات الجنسية أو نفيها، وهناك دعوى تبعية ناتجة عن خصومة مطروحة أمام القضاء، وتعتبر جميع هذه الصور وسـائـل لحمايـة حـق الفـرد فـي الجـنسية وحـمايـة مبدأ المشروعية.                                          

Abstract

The judicial authority competent to settle nationality disputes in Iraqis the administrative judiciary, as it has the general jurisdiction to consider all administrative disputes, including nationality disputes because it is legal nature is consistent with its competence in view of the presence of the department concerned with espionage matters as a party to the dispute, and the relationship that governs it is a relationship or a common law association and then the administrative judiciary is the natural judiciary specialized in settling these disputes due to its independence and impartiality.

There are many lawsuits arising from nationality disputes in general, due to the differences in their location. There is an original lawsuit that takes the form of an appeal against an administrative decision related to nationality, “ and here the main role of the Iraqi administrative judiciary appears in overseeing the work of the administration “. And a declarative or mere call to prove or deny nationality and there is an ancillary lawsuit resulting from a dispute handed over to the judiciary, and all these forms are considered means to protect the individuals right to nationality and to protect the principle of legality.

المقدمة

أولاً: موضوع البحث

إن ممارسة الإدارة المختصة بمسائل الجنسية لنشاطها باعتبارها ممثلة عن الدولة العراقية في إصدار قرارات الجنسية تطبيقا لأحكام قانون الجنسية العراقية، قد تمس حق الشخص في الجنسية من خلال إصدارها لهذه القرارات، مما يعرضه للخطر، وبالتالي ينشأ خلاف بين هذه الإدارة والشخص المعرض حقه في الجنسية للخطر، فينازع هذا الشخص جهة الإدارة المختصة بمسائل الجنسية في موقفها هذا، وهذه هي المنازعات التي تتخذ صورة الطعن في قرار إداري يتعلق بالجنسية، وقد تتخذ المنازعات الخاصة بالجنسية صورة دعوى تقريرية أو مجردة يرفعها الشخص على الدولة ممثلة بالإدارة المختصة بمسائل الجنسية يطلب فيها ثبوت الجنسية له أو نفيها عنه دون الحاجة إلى صدور قرار إداري من الإدارة، وهاتين الصورتين من صور دعاوى منازعات الجنسية يندرجان تحت مسمى الدعوى الأصلية لمنازعات الجنسية، من جهة أخرى قد تثأر منازعات الجنسية بصورة دعوى تبعية أو فرعية للخصومة الاصلية التي تم طرحها أمام القضاء، ولغرض حسم هذه المنازعات يقتضي الأمر وجود جهة قضائية مستقلة ومحايدة تختص بتسويتها.

وقد أحدث صدور قانون الجنسية العراقية رقم(٢٦) لسنة ٢٠٠٦ نقلة نوعية فيما يتعلق بتحديد الجهة القضائية المختصة بتسوية منازعات الجنسية، فوفقا للمادة(١٩) منه أُسنِد الاختصاص بتسوية هذه المنازعات إلى القضاء الإداري ليمارس دوره في الرقابة عليها من خلال دعوى قضائية يرفعها إليه الأفراد لحماية حقهم في الجنسية تسمى دعوى الجنسية، تبعه بعد ذلك» قانون الجنسية العراقية «صدور دستور جمهورية العراق لسنة٢٠٠٥ ليمنع حظر تحصين أي قرار من رقابة القضاء وفقا للمادة(١٠١) منه، وقد تأيد اختصاص القضاء الإداري بتسوية هذه المنازعات بصدور قانون مجلس شورى إقليم كردستان رقم(١٤)لسنة٢٠٠٨ الذي منح الاختصاص بتسوية منازعات الجنسية إلى القضاء الإداري في الإقليم بموجب المادة(13/رابعا) منه.

ثانياً: أهمية البحث

تتمثل أهمية الدراسة في كون منازعات الجنسية تحظى باهتمام كبير بوصفها الوسيلة الوحيدة بيد الشخص المعرض حقه في الجنسية العراقية للخطر في مواجهة الإدارة المختصة بمسائل الجنسية وما تمتلكه من سلطة اصدار قرارات إدارية قد تؤدي إلى حرمان بعض الاشخاص من حقهم في الحصول على الجنسية العراقية، الأمر الذي يقتضي وجود جهة قضائية مستقلة ومحايدة يلجأ إليها المتخاصمون للفصل بينهم طلبا للأنصاف وحسم الخلافات، ولا يوجد افضل من القضاء الإداري للقيام بهذه المهمة نظرا لما يتمتع به من خبرة وتخصص بالفصل في المنازعات التي تحدث بين الأفراد والإدارة عندما تظهر هذه الأخيرة بصفتها صاحبة السلطة وتتمتع بامتيازات لا يتمتع بها الأفراد.                                                                                                       

ثالثاً: فرضية البحث

يقوم البحث على فرضية أن القضاء الإداري هو المختص وفقا لقانون الجنسية العراقية النافذ رقم(٢٦) لسنة٢٠٠٦ بتسوية المنازعات التي تنشئ ما بين الإدارة المختصة بمسائل الجنسية عند تطبيقها لأحكام هذا القانون والأفراد، وإن نجاح القاضي الإداري بتسوية هذه المنازعات، وممارسة دوره بالرقابة على سلطة الإدارة عند إصدارها لقرارات الجنسية العراقية يحتاج إلى نظام قانوني رصين خالي من القصور وعدم الوضوح، لذلك فان فرضية الدراسة تثير العديد من التساؤلات التي يتعين علينا الإجابة عليها وهي:

1- ما هو تعريف منازعات الجنسية في العراق؟ وما هي عناصرها والأسباب التي تؤدي إلى نشؤها؟

2- هل ينسجم اختصاص القضاء الإداري في العراق مع طبيعة منازعات الجنسية؟ وما هو الأساس القانوني لاختصاصه بتسويتها؟

3- هل للقضاء الإداري في العراق دور فاعل في جميع  صور الدعاوى القضائية لمنازعات الجنسية؟

رابعاً: إشكالية البحث

لا شك بأن الخوض في أي موضوع لا يخلو من المشاكل وتتمحور إشكالية بحثنا الأساسية في عدم فاعلية المعالجة التشريعية الحالية لتسوية الخلافات التي تنشأ بين الإدارة المختصة بمسائل الجنسية والأفراد الراغبين في الحصول على الجنسية وفقا للتشريعات العراقية، فبالرغم من إلغاء النصوص التشريعية التي كانت تمنع القضاء من نظر دعاوى الجنسية، إلا أن قانون الجنسية العراقية رقم(٢٦) لسنة٢٠٠٦ وقانون مجلس الدولة العراقي رقم(71) لسنة2017، قد جاءا بنصوص قانونية قاصرة على معالجة هذه الخلافات.  خامساً: أسباب اختيار موضوع البحث من الأسباب التي دفعت الباحث لاختيار موضوع  البحث هي قلة الدراسات القانونية المختصة في القضاء الإداري لبحث هذا النوع من المنازعات بشكل تفصيلي، خصوصا إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار الاختصاص الجديد للقضاء الإداري في العراق بهذا الجانب، وصدور قانون مجلس الدولة رقم (٧1) لسنة  201٧ الذي بموجبه أصبح مجلس الدولة العراقي جهة قضائية مستقلة، إضافة إلى الإغفال التشريعي لبعض الأمور المهمة في نصوص قانون الجنسية العراقية رقم (26) لسنة 2006النافذ، لذلك ارتأينا أن نرفد المكتبة العراقية القانونية بهذا النوع من الدراسات، ولذلك اخترنا هذا العنوان.

سادساً: منهجية البحث

سنتبع في دراستنا المنهج الوصفي والتحليلي من خلال عرض وتحليل النصوص القانونية الخاصة بالجنسية العراقية نظرا لما يُثار بصددها من منازعات بين الإدارة المختصة بمسائل الجنسية والأفراد، وما طرحه الفقهاء من آراء تخص منازعات الجنسية التي تتم إثارتها أمام القضاء، مع الاستعانة بالأحكام القضائية الصادرة من القضاء الإداري في العراق بخصوص دعوى الجنسية وتحليليها.

سابعاً: خطة البحث

سيتطلب بحثنا أن نقسمه الى مبحثين، حيث سنبين في المبحث الأول منه اساس اختصاص القضاء الإداري بتسوية منازعات الجنسية، والذي سنقسمه إلى مطلبين، في الاول نتناول الاساس الفلسفي لاختصاص القضاء الاداري بتسوية منازعات الجنسية، اما الثاني نبين فيه الاساس القانوني لهذا الاختصاص، وفي المبحث الثاني سنتناول صور منازعات الجنسية امام القضاء الاداري، والذي سيكون على مطلبين نخصص الاول منه لبيان منازعات الجنسية بصورة دعوى اصلية، اما الثاني فنخصصه لمنازعات الجنسية بصورة دعوى تبعية.

المبحث الأول

اساس اختصاص القضاء الإداري بتسوية منازعات الجنسية

الاختصاص هو القدرة على ممارسة تصرف على وجه يعتد به القانون، وفي مجال الجنسية فإن الاختصاص بمعناه الموضوعي يمكن أن يكون لأكثر من سلطة أو جهاز، ويتنوع حسب طبيعة النشاط أو العمل المقصود، فقد يكون النشاط أو العمل اداريا أو تنفيذا لأحكام الجنسية، وهنا يتعين تحديد الجهة أو السلطة التي أعترف لها القانون بأهلية القيام بالنشاط الإداري أو التنفيذي المتعلق بالجنسية، وقد يكون النشاط أو العمل قضائيا عند الادعاء بوجود مخالفة لإحدى قواعد الجنسية، وهنا يتعين تحديد الجهة التي اناط بها القانون مهمة القيام بالعمل القضائي المتضمن تقرير وجود مخالفة، وتطبيق القاعدة القانونية وتحقيق الحماية القضائية للحق أو المركز القانوني للشخص[1].                                          

لغرض التوصل إلى الأساس الذي يستند إليه القضاء الإداري بتسوية منازعات الجنسية فإن الأمر يقتضي أن نقسم هذا المبحث إلى مطلبين، نتناول في المطلب الاول الأساس الفلسفي الذي ينبني على أفكار فلسفية تذهب إلى اعتبار أن القضاء الإداري هو الجهة القضائية المختصة بتسوية هذه المنازعات، لكونها منازعات ذات طبيعة ادارية تنسجم مع طبيعة اختصاص القضاء الإداري بنظرها، أما المطلب الثاني سنبين فيه الأساس القانوني لاختصاص القضاء الإداري بتسوية منازعات الجنسية، والذي يكون مصدره دستور جمهورية العراق لسنة ٢٠٠٥، والتشريعات العادية، وعلى النحو الآتي:-

المطلب الأول: الأساس الفلسفي لإختصاص القضاء الإداري بتسوية منازعات الجنسية

إن اساس اختصاص القضاء الإداري بتسوية المنازعات الإدارية بشكل عام ومنازعات الجنسية بشكل خاص، يمكن إرجاعه إلى فكرة القضاء الطبيعي أو القاضي الطبيعي، فمن حق كل فرد أن يلجأ إلى القاضي الطبيعي المختص بنظر نزاع معين، وفي بحثنا يكون النزاع المتعلق بالجنسية هو المقصود، وهذا القضاء يعتبر الجهة التي تحافظ على حق الفرد في ممارسة حقه بالتقاضي أمامها، نظرا لما يتمتع به القضاء الطبيعي مـن اسـتقلال وحياد، ويمكنّه مـن حسم المنازعـات المتعلقة فـي الـجنسية بشكل يضمـن تحقيق العدالة والـمساواة بين طرفي النزاع، ولذلك سنقسم هذا المطلب إلى الفرعين التاليين:-

الفرع الأول: معنى فكرة القاضي الطبيعي

اختلفت الآراء الفقهية حول معنى فكرة القاضي الطبيعي إلى اتجاهين، بالنسبة للاتجاه الاول فقد ضيق من هذه الفكرة، مقتصرا إياها على الفصل في المنازعات القضائية، معرفين القاضي الطبيعي بأنه «القاضي العادي الذي تتوفر فيه صفة الاستقلالية والحياد اللازمتين للقيام بوظيفته استنادا إلى القانون، وبما يضمن تحقيق مبدأ المساواة أمام القانون»[2]، أو هو « من تنظم شؤونه قوانين التنظيم القضائي وتحيطه بالضمانات التي تكفل استقلاله وعدم انحيازه، ويمارس عمله وفقا للقانون»[3]، وقد عرفه البعض الآخر بأنه:» كل من يحدده القانون للفصل في خصومة معينة»[4].                                                                   

أما الاتجاه الثاني فقد وسع من معنى فكرة القاضي الطبيعي إلى أكثر مما ذهب إليه أنصار الاتجاه الاول، فيرون أن هذه الفكرة تقوم على معنيين متباينين:» المعنى الاول موضوعي، يقصد به النشاط الذي يزاوله رجال القضاء، ويهدفون به إلى التحقق من مدى مشروعية التصرف القانوني من حيث مطابقته أو عدم مطابقته للقانون، أما المعنى الأخر فهو عضوي، يراد به القضاء ذاته ممثلا في هيئاته وموظفيه الذين يختصون بمزاولة هذا النشاط»[5]، فعرف بأنه القضاء المستقل المحايد الذي تم انشائه بقانون محددا  تشكليه واختصاصاته قبل نشوء النزاع، ويعمل بصفة دائمة لكي ينظر جميع ما يقع من منازعات تدخل في اختصاصـه، وتتوفر فيه ضـوابط ومـقومات الثقة سـواء فـي القاضـي أو الـمحكمة أو فـي الإجـراءات  التي يتم اتباعها[6]، من جانبنا نؤيد الاتجاه الواسع، فهو يتفق مع فكرة القضاء الطبيعي، إذ يحدد الضوابط والعناصر التي يقوم عليها هذا القضاء والتي من خلالها يتجسد معنى القضاء المختص، وهذا ما سنقوم بتوضيحه وفق الآتي:

أولاً: ضوابط القاضي الطبيعي: لكي نكون بصدد قضاء طبيعي مختص ومستقل، فإنه يقتضي أن يتوافر فيه عدد من الضوابط، بعضها يتعلق بالمحكمة والبعض الاخر يتعلق بالوظيفة القضائية وبعضها ما يتعلق بالقاضي والتي سنبينها بالاتي:

أ-  الضوابط التي تتعلق بالمحكمة، وتتضمن الاتي:

1- أن تكون المحكمة قد تم إنشاؤها وتحديد اختصاصها وتشكيلها بقانون:

إن القانون باعتباره الأداة التي تنظم ممارسة حقوق وحريات الأفراد، والمصدر للقواعد القانونية ومن ضمنها قواعد التنظيم القضائي وقوعد تحديد الاختصاص، وبذلك فإن القانون بقواعده المجردة العامة هو أداة إنشاء المحكمة وتحديد اختصاصها[7]، كما ينبغي أيضا أن يكون تشكيل المحكمة ثابت بنص القانون، فلا يجوز للسلطة التنفيذية أن تقوم بتعيين أشخاص لذلك، وأن ينص القانون على معيار محدد ومنضبط لتحديد ما يدخل في اختصاص المحكمة    مـن عـدمه، كمــا ينبغي أن تكـون المـنازعـات التي تدخـل فـي اختصـاص المحكمـة مـعـروفة، أي إن الأشـخـاص يعرفون أين يرفعون دعواهم هذا من ناحية[8].

من ناحية أخرى، فإن دستور جمهورية العراق لسنة ٢٠٠٥ قد نص على إن أحداث المحاكم وتشكيلها وتحديد اختصاصها يكون وفقا للقانون، أي إن المشرع الدستوري قد أقر المشرع العادي هذا الاختصاص[9]، وبالتالي فلا يكون للسلطة التشريعية الحق في أن تفوض السلطة التنفيذية ممارسة اختصاصها هذا، وفي حالة ما إذا حدث مثل هذا التفويض فإن المحاكم التي تكون منشأة من قبل السلطة التنفيذية تعد غير مشروعة ومخالفة للدستور[10].

2- أن تكـون الـمحكمة مـشكلة قبـل نشـوء الـنزاع:

ويقصد بـذلك أن تكـون الـمحكمة قائمـة مـن حيث التكوين والاختصاص قبل نشوء النزاع، وهذا يعود إلى إن الاختصاص القضائي يجب أن يخضع لمبدأ المشروعية لأهمية ذلك تجاه المتقاضين، فوجود محكمة مشكلة قبل أن ينشئ النزاع يمكن المتقاضي من العلم بطبيعة المحكمة المختصة بمحاكمته قبل تحقق الواقعة المنشئة للنزاع، ولضمان ذلك يقتضي أن تكون القواعد التي تحدد المحكمة المختصة تتصف بالوضوح والعمومية والتجريد لكي تنال ثقة المتقاضين هذا من جانب[11].

من جانب آخر، فإن سبق نشأة المحكمة لنشوء الحق في إقامة الدعوى يعتبر نتيجة حتمية لالتزام الدولة بالمبادئ الدستورية التي تستقر بالدولة وتفرض عليها الالتزام بإقامة القضاء وكفالة حق التقاضي، كما إن سبق نشأة المحكمة يعد أمر حتمي لاحترام استقلال القضاء من قبل السلطة التشريعية والتنفيذية، وأي انتهاك لذلك سواء من قبل السلطة التشريعية التي تسن القوانين أو من السلطة التنفيذية فإنه يعد انتهاك لاستقلال القضاء[12].

3- أن تكون المحكمة دائمة:

يقتضـي أن تكون المحكمـة دائمـة وليسـت اسـتثنائية أو خاصـة لكـي تنتم إلى القضاء الطبيعي، وهذا يعني إن القانون الذي انشاءها يجب أن لا يقيدها بمدة زمنية محددة، وأن لا  يكون وجودها مرتبط بظروف مؤقتة أو استثنائية مثل الحروب أو حالات الطوارئ، إذ لا تعد المحاكم التي تنشئ في مثل هذه الظروف محاكم دائمة، وإنما تعد من المحاكم الاستثنائية التي يتوقف أنشأها على ظرف معين، وهذه المحاكم تعتبر غير دستورية ولا تنتمي للقضاء الطبيعي، لكونها تتنافى مع المبادئ الدستورية[13]، وإن دستور جمهورية العراق لسنة 2005 قد حظر انشاء محاكم خاصة أو استثنائية حسب نص المادة(95) منه.

ب- الضوابط التي تتعلق بالوظيفة القضائية:

لكي يؤدي القضاة وظيفتهم بمستوى لائق يقتضي أن يتوفر لهم عدد من الضمانات التي من شأنها أن تضمن استقلالهم وحيادهم، ومن أهم هذه الضمانات التي تحقق ذلك هي الحصانة القضائية، وأن يتوافر لهم الاستقلال الذي يجعلهم في منأى عن أي ضغوط أو تدخلات قد تؤثر على ابدأ رايهم في الأحكام التي يصدرونها عند تسوية النزاعات المعروضة عليهم[14].

ج- الضوابط التي تتعلق بالقاضي:

وتتضمن ضوابط تتعلق بالقواعد التي يطبقها القاضي، واخرى تتعلق بتخصص القاضي وكفاءته، ففيما يتعلق بالضوابط التي يطبقها القاضي فإن نوعية القواعد التي يطبقها القاضي على النزاع المعروض أمامه هي التي تحدد ما إذا كان القاضي طبيعي أم لا، فإذا كانت القواعد القانونية العادية التي يطبقها القاضي على المتقاضين تتماشى مع المبادئ الدستورية نكون أمام قاضي طبيعي، أما إذا كانت القواعد التي يطبقها هي قواعد استثنائية تنتهك مبادئ حقوق الإنسان، فنكون أمام   قاضي غير طبيعي، ولا يمكن أن نفصل بين القاضي والقانون في حدود فكرة القاضي الطبيعي[15].

أما الضوابط المتعلقة بتخصص القاضي وكفاءته فيراد بها أن تكون ممارسة العمل القضائي مقصورة على من يكون مؤهلا تأهيلا علميا خاصا، بالعلم القانوني المعمق، والمعرفة الواسعة، وذو تكوين عملي خاص، قوامه التدريب والتأهيل والممارسة والخبرة، وأن يكون متفرغ لمهامه، فضلا عن توافر المكنة الشخصية الضرورية كالخلق الحسن والسلوك السوّي، كذلك فإن من شأن دعم التكوين المهني للقاضي أن يتأكد استقلال القضاء، لأنه بفضل هذا التكوين سيصبح قادر على أداء وظيفته بالحكم في المنازعات طبقا للقانون وحده، وبدون هذا التكوين قد لا يتحقق الاستقلال على الوجه الصحيح، لأن القاضي الذي لا يكون لديه معرفة بحدود وظيفته ومناط قضاءه قد لا يتمكن من مواجهة اي تدخل في شؤونه[16].

ثانياً: عناصر» مقومات» القاضي الطبيعي: بعد أن بينا معنى القاضي الطبيعي وتحديد ضوابطه، فإنه لا يستطيع أن ينهض بهذه المسؤولية، إلا إذا توفرت فيه عدة مقومات أو عناصر، وهي:

أ- استقلال القضاء:

إن استقلال القضاء يعد من بين الأمور المهمة التي يقوم عليها القضاء الطبيعي، فهو يعد العنصر الاول بالنسبة للقضاء الطبيعي[17]، وضمانة مهمة للمجتمع، ومن واجب الدولة أن تقيم القضاء المستقل، إذ أن القاضي الطبيعي يمارس وظيفته المتعلقة بحماية الحقوق والحريات وتطبيق حكم القانون، وهذا الهدف الذي يسعى إليه لا يمكن ممارسته إذا لم يكن مستقلا، إذا فالاستقلال يعد عنصر مهم من أجل أن يبرز القاضي الطبيعي دوره في تحقيق العدالة والمساواة بين جميع الافراد في المجتمع، فإذا ما فسد استقلاله ستكون هذه المبادئ مجرد نظرية لا مجال لتطبيقها على أرض الواقع، وكل فرد في المجتمع له  الحق في اللجوء إلى القضاء، لأنه يعتبر الحصن المنيع لحماية الحقوق والحريات، والملاذ الآمن للمظلومين، ومن خلاله يتمكن الأفراد من الحصول على الحماية القانونية الكاملة لحقوقهم، وتتحقق العدالة لهم، كما أنه يمنع تعسف الإدارة تجاه الأفراد في حالة ما إذا كانت هي التي تتولى الفصل في المنازعات التي تنشئ بينهم وبين الإدارة ومن ثم يحقق السلم المجتمعي[18].

وقد نص دستور جمهورية العراق لسنة ٢٠٠٥ على استقلال القضاء في العديد من نصوصه، إذ نصت المادة (١٩/ اولا)على إن(القضاء مستقل لا سلطان عليه لغير القانون)، كمـا نصت المادة(87) علـى إن (السلطة القضائية مستقلة، وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وتصدر احكامها وفقا للقانون)، أما المادة التي تليها فقد نصت على (القضاة مستقلون، لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون…….).

ب- حياد القاضي:

يعد القضاء ميزان للعدل، وإن سلامة هذا الميزان تقتضي أن يكون مجردا من التأثر بالمصالح او العواطف الشخصية، ومبدأ استقلال القضاء قد كفل حمايته من التأثير الخارجي من قبل جميع سلطات الدولة وذلك لضمان عدم تأثره بغير حكم القانون[19]، إلا أن هذا الاستقلال لا يكفي لضمان وحدة سلامة ميزان العدل ما لم يكن حكم القاضي غير خاضع لعوامل التحكم، ولهذا يعد الحياد عنصرا مكملا لاستقلالية القضاء، لأنه يوكد الثقة في القضاء من جانب، ومن جانب آخر فإن القيمة الموضوعية للقانون تتوقف على تطبيقه المحايد[20].

ويمكن تعريف حياد القاضي بأنه عدم خضوع القاضي لأية تأثيرات من الممكن أن تؤدي إلى ميله لأحد الأطراف في الخصومة القائمة على حساب الطرف الآخر، وذلك لغرض تحقيق مصلحته الشخصية، أو مـصـلحـة غيره أو محـابـاة لاحـد الخـصـوم أو غيرهـا مـن الحـالات التـي يمـكـن أن تـؤدي إلـى اخـتلال مـيزان الحـق لصالح أحـد الأطراف علـى حساب الآخـر[21]، فالقاضي يجـب أن يبقـى غـير متحيز وموضوعـي، بـحيث يفصل في المنازعات القانونية وفقا لقانون خال من تأثير التحيز أو الضغط السياسي، وأحكامه يجب أن توجهها القوانين وحدها لا المصالح الخاصة أو الدوافع الحزبية[22].

الفرع الثاني: المزايا التي تحققها فكرة القاضي الطبيعي لمنازعات الجنسية:

المزايا التي تحققها فكرة القاضي الطبيعي بشأن منازعات الجنسية عديدة، وتشمل حماية مبدأ المشروعية من الانتهاك، والرقابة على اعمال الإدارة المختصة بمسائل الجنسية، وإكمال النقص التشريعي الحاصل في قانون الجنسية العراقية النافذ رقم (26) لسنة 2006، وتحقيق التوازن بين طرفي النزاع، وغيرها من المزايا، وهذا ما سنوضحه بالآتي:-

أولاً: حماية مبدأ المشروعية:

تتبع أهمية القضاء الإداري باعتباره القضاء الطبيعي الذي يختص بتسوية منازعات الجنسية من أهمية القضاء بصفة عامة، ففي ظل الدولة القانونية التي تخضع فيها تصرفات الحكام والمحكومين على حد سواء لأحكام القانون، فإنه لا يجوز لها ممارسة أي نشاط سواء كان عاما أو خاصا، إلا وفقا للقانون، وبمقتضى الأوضاع والشروط المقررة لذلك، وهو ما يقصد به مبدأ المشروعية، ولكي يكون هناك من الضمانات التي تمنع انتهاك هذا المبدأ من خلال إتيان أي عمل مخالف، فإنه يقتضي أن يعهد بالرقابة عليه والسهر على حمايته لجهات قضائية مستقلة ومحايدة ونزيهة[23].

ومن خلال العمل بمبدأ تدرج القواعد القانونية تتحقق هذه الرقابة، وبالتالي فإن على القاضي الإداري أن يتولـى إلغاء أي عمل قانونـي صـادر مـن الإدارة يتعارض مـع هـذا المـبدأ أو يشكل خروجا عليـه مـن خـلال الوسائل القانونية المتاحة أو أن يمتنع عن تطبيق النصوص القانونية المخالفة له[24]، فإذا ما أصدرت الإدارة المختصة بمسائل الجنسية قرارا بالامتناع عن منح الجنسية لمن يطلبها بشكل مخالف لقانون الجنسية، فهنا يظهر دور القاضي الإداري باعتباره القاضي المختص بحماية مبدأ المشروعية ويلغي هذا القرار ومـن ثم يعيد الحق إلى صاحبه، أما إذا صدرت تعليمات من الإدارة المختصة بمسائل الجنسية أو صدر قانون من السلطة التشريعية يتعلق بالجنسية بشكل مخالف لنص المادة(١٨) من دستور جمهورية العرق لسنة 2005، فإن دور القاضي الإداري هنا يتمثل بالامتناع عن تطبيقها لكونها غير مشروعة.

ثانياً: الرقابة على اعمال الإدارة المختصة بمسائل الجنسية:

كما أشرنا سابقا إلى أن المشرع العراقي» الدستوري والعادي»، قد منح الجنسية أهمية كبيرة، كونها تعد من اهم حقوق الإنسان، وهذا يتضح من خلال نص المادة(١٨) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005، والتي أشارت وبشكل مفصل إلى حق المواطن العراقي بالجنسية، وهذا الأمر يقتضي أن توجد جهة قضائية تتولى حماية هذا الحق من تعسف الإدارة، وتتمثل القضاء الإداري لأداء هذه المهمة، على اعتبار أن الاختصاص بالرقابة على تصرفات السلطة التنفيذية هو اختصاص طبيعي للقضاء الإداري، والذي انشى اساسا بقصد نظر المنازعات الإدارية[25].      

وبالنظر لما تتمتع به الجهة الإدارية المختصة بمسائل الجنسية من سلطة مقيدة وتقديرية بخصوص تطبيق قانون الجنسية العراقية النافذ، فإن أي قرار إداري يصدر منها بشكل يتعارض مع أحكامه، فإن القاضي الإداري سيتصدى له، ويقضي بإلغائه لعدم مشروعيته[26].

ثالثاً: العمل على اكمال النقص التشريعي الحاصل في قانون الجنسية العراقية:

إن القاضي الإداري بحكم وظيفته ورسالته فإنه يلتزم بالفصل في ما يدعيه كل طرف من أطراف المنازعة المتعلقة بالجنسية، بما يكشف عن وجه الحق فيها، وذلك لا يتأتى له إلا من خلال تطبيق حكم القانون على هذه المنازعة، لكن النقص التشريعي الحاصل في نصوص قانون الجنسية أو قصورها عن الوفاء بالحلول اللازمة للفصل في المنازعة وإظهار الحق فيها نتيجة لعدم كفايتها، فإن واجب القاضي الإداري هنا ودوره للفصل في هذه المنازعة                                                                                                    يقتضي منه أن يعمد إلى تكملة النقص التشريعي الحاصل وذلك من خلال اللجوء إلى النصوص القانونية في التشريعات الأخرى أو أحكام القضاء أو المبادئ العامة القانون، بما يتلائم وطبيعة المنازعة[27].

المطلب الثاني: الأساس القانوني لاختصاص القضاء الإداري بتسوية منازعات الجنسية

بما إن العراق يعتبر من دول القضاء المزدوج الذي يمنح الاختصاص بتسوية المنازعات الإدارية التي تكون الإدارة طرفا فيها إلى المحاكم الإدارية والتي يتفق اختصاصها مع طبيعة هذه المنازعات وبضمنها منازعات الجنسية، لذلك يقتضي الأمر أن نبين الأساس القانوني لهذا الاختصاص والذي يقصد به مصدر منح القضاء الإداري اختصاص الرقابة على اعمال الإدارة المختصة بالجنسية، من خلال الفرعين التاليين: -

الفرع الأول: النصوص الدستورية المؤسسة لإختصاص القضاء الإداري بتسوية منازعات الجنسية

إن مصدر منح القضاء الإداري الاختصاص بتسوية منازعات الجنسية يجد أساسه في الكثير من المبادئ الدستورية، والتي من اهمها مبدأ الفصل بين السلطات، وحق التقاضي، والتي سنبينها وفقا للآتي:-  

أولاً: مبدأ الفصل بين السلطات[28]:

يعد مبدأ الفصل بين السلطات من المبادئ الدستورية المهمة، وذلك لأنه يؤدي إلـى ضمـان حماية مبدأ المشـروعية ويصـون الـحريـات، فقد أثبت فـاعليته فـي ميدان حماية حقوق وحريات الأفراد بشكل عـام والحـق فـي الجنسـية علـى نحـو خاص، وهـذا يمثل أحـد أهـداف المشرع الدستورية، وذلك من خلال احاطتها بسور منيع ضد أي تدخل للسلطات العامة فيها، سواء كان ذلك بسنّ تشريع يخالف المبدأ من قبل السلطة التشريعية أو محاولة السلطة التنفيذية الاستئثار بسلطات غيرها والهيمنة عليها[29].

ويراد بهذا المبدأ أن يتم توزيع وظائف الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية بين هيئات متعددة ومتساوية تستقل كل منها بمباشرة الوظيفة المخصصة لها، ولا يجوز لها أن تخرج عن النطاق المحدد لها، وتعتدي على اختصاصات السلطات الأخرى، والغرض من أعمال هذا المبدأ هو منع الاستبداد والتعسف، وذلك في حالة إذا ما تركزت جميع هذه السلطات بيد هيئة واحدة فتسيئ استعمالها، ومن ثم تحول دون حصول الأفراد على حقوقهم[30]، وبالتالي يمكن القول إن وظائف الدولة تباشر من قبل ثلاث سلطات، فهناك سلطة تختص بتشريع القوانين وهي السلطة التشريعية، وأخرى تتولى تنفيذ هذه القوانين وهي السلطة التنفيذية، وسلطة ثالثة تقوم بتسوية المنازعات التي تحدث بين الأفراد او بينهم وبين الدولة وهي السلطة القضائية، وإذا ما حاولت إحدى هذه السلطات مخالفة الدستور، فيجب على السلطات الأخرى وقف هذا الانحراف أو المخالفة، لأنه يشكل اعتداء على النظام القانوني للدولة والذي تستمد كل السلطات شرعيتها منه[31].                             وهذا الفصل بين السلطات ليس فصلا مطلقا وإلا أصبحت كل سلطة» دولة داخل دولة»، وإنما الفصل الـمـقصـود هـو الفـصـل الـنسـبي والـمـرن، الـذي يـقـوم عـلـى التعـاون والـتـوازن بين السـلطات إضـافة إلـى الـرقابـة المتبادلة بينها[32]، إذ يكون نظام الحكم قائما على اساس أن السلطة تَحد أو توقف السلطة، فيؤدي ذلك إلى صيانة حقوق الأفراد واحترام القوانين وضمان تنفيذها، الأمر الذي يتفق مع مبدأ الفصل بين السـلطات، والـذي يـهـدف إلـى تحـقيق التوازن والتعـاون بينهـا، وتـوفـيـر الحياد لـكـل واحـد منهـا فـي مجال اختصاصه[33].

يتمثل دور السلطة القضائية بفض المنازعات التي تعرض عليها تطبيقا للنظام وحماية للحقوق والحريات العامة والفردية، فهي تعتبر الحامي لحقوق المجتمع والأفراد وحرياتهم، وهي التي تعطي للقانون فاعليته والزامه، إذ بغير هذه السلطة لا يعدوا القانون أن يكون سوى قواعد نظرية لا يوجد لها صفة الإلزامية الامرة، لذلك تحرص الدساتير على أن تكون هذه السلطة مستقلة ومحايدة في عملها، لكونها تعتبر الحامي لحقوق وحريات الأفراد من انتهاكات الغير التي قد يتعرضون لها[34].

وكما هو معلوم إن الدول ذات النظام القضائي المزدوج تمنح الاختصاص بتسوية المنازعات الإدارية التـي تـقـوم بين والأفـراد والإدارة عندمـا تـكون صاحـبة سـلطـة عـامـة[35]، وتتمتع بـامـتيازات لا يتمتـع بـها الأفـراد، ويطبق عليها القضاء الإداري قواعد القانون العام باعتباره القضاء الطبيعي لها، ورقابة القضاء الإداري بناءا على هذا النظام تتمثل في رقابته على احترام مبدأ المشروعية وحماية حقوق وحريات الأفراد من تعسف الإدارة عندما تستعمل سلطاتها التي منحها إياها القانون[36].

ويستند نظام القضاء المزدوج بالأساس على نظام الفصل بين السلطات، ومن مقتضاه منع القضاءالعادي من نظر المنازعات التي تكون الإدارة طرفا فيها، وهو ما وفر للقضاء الإداري الكثير من الاستقلال والخصوصية يناسب وظيفته في الفصل بالمنازعات الإدارية وأنشأ قواعد القانون الإداري التي تتميز عن قواعد القانون الخاص[37].

ومن جانب آخر يستقل القضاء الإداري تجاه كل من القضاء العادي والإدارة، أما استقلاله تجاه القضاء العادي فيتمثل في إن لكل من جهتي القضاء رجالها ومحاكمها واختصاصاتها، فتخضع المحاكم العادية لرقابة محكمة التمييز الاتحادية التي توجد على قمة القضاء العادي، في حين إن المحاكم الإدارية تخضع لرقابة مجلس الدولة الذي يقف على رأس القضاء الإداري[38]، ويستقل عن الإدارة استنادا لمبدأ الفصل بين السلطات، فالإدارة وجه من وجوه السلطة التنفيذية أما القضاء الإداري فيعتبر وجه من وجوه السلطة القضائية، وكل منهم له أشخاصه وتخصصاته المختلفة عن الاخر[39]، وهذا ما بينته المحكمة الاتحادية العليا عندما طعن وزير العدل بقانون مجلس الدولة رقم(١٧) لسنة ٢٠١٧ الذي شرعه مجلس النواب، فذهبت المحكمة إلى أن مجلس الدولة لا يمكن اعتباره ضمن تشكيلات السلطة القضائية الاتحادية نظرا لاختلاف مهامه واختصاصاته عنها، إلا أن عدم ربطه بها لا يمس جوهر الموضوع، فهي مسألة تنظيمية، وبالتالي فإن اعتبار مجلس الدولة جهة مستقلة لا يتعارض مع أحكام الدستور التي منحت السلطة التشريعية اختصاص أنشأ الهيئات بقانون يصدر منها، كما أنه لا يمكن ربطه بالسلطة التنفيذية وذلك من أجل ضمان حياده واستقلاليته عندما يتصدى قضاؤه الإداري للقرارات والأوامر الإدارية التي تصدرها هذه السلطة[40].

ثانياً: حق التقاضي:

إن حق الانسان في اللجوء إلى القضاء مكفول في دستور جمهورية العراق لسنة ٢٠٠٥[41]، فهو يعد من الحقوق اللصيقة بالإنسان، وبدونه لا يمكن للأفراد أن يحافظوا على حقوقهم أو أن يردوا ما يقع عليهم من اعتداء، بغض النظر عن مصدره سواء كان من قبل الأفراد أو السلطة العامة، وبالتالـي فلا يجوز أن يوجـد نص فـي الدسـتور أو القانون أو التشريـع الفـرعـي يحظر هذا الحـق، وإلا عُدَّ ذلك نص غير دستوري لتعارضه مع ما نص عليه الدستور باعتباره القاعدة الأعلى في سلم التدرج القانوني[42].

يراد بهذا الحق في مجال القضاء الإداري الوسيلة القانونية المخولة لكل من له مصلحة ومشروعة وحالة وممكنة ومعلومة أن يطلب الحماية القضائية أمام القاضي الإداري» قاضيه الطبيعي»، متى تم أو خشى من المساس بمصلحته المحمية قانونا[43]، وهو بذلك يكون له ثلاثة عناصر، الأول هو المتقاضي صاحب الحق، والآخر هو الحق محل الاعتداء أو المصلحة التي تم المساس بها، والعنصر الثالث هو القضاء أي الجهة صاحبة الاختصاص بالفصل في النزاع وهي القضاء الإداري» القضاء الطبيعي»[44]، وبالتالي فلا يجوز حرمان أي فرد من حقه في اللجوء إلى القضاء للمطالبة بحماية حق أو مصلحة تم الاعتداء عليها، كما كان يحدث قبل صدور قانـون الجنسية النافذ، مـن حرمـان الأفـراد مـن اللـجوء إلـى القضـاء لحمايـة حقهـم فـي الـجنسية مـن اعتداء الإدارة، حيث كانت قرارات الإدارة تعتبر من أعمال السيادة[45].

إن حـق التقاضـي يسـتند عـلـى عـدد مـن المبادئ تعـد الـدعائـم الأسـاسـية التـي يقـوم عليها، ومن خلال تقريرها والتمسك بقيمها يتمكن القاضي من أن يؤدي الدور الذي أسند إليه بكل أمانة، وذلك في ضوء حرية إرادته باتخاذ القرار القضائي المناسب الذي يراه ملائما في كل دعوى يتم عرضها عليه، وهذه الدعائم أو المرتكزات هي من بين ضوابط كفالة حق التقاضي وضمانة لجميع الأشخاص، ومن ثم تكون الضمانة لتحقيق العدالة، لذا من الواجب على المشرع أن يراعي هذه المبادئ والاسس[46]، والتي من أهمها مـبدأ سـيادة القانـون ومبدأ المساواة أمام القانون ومبدأ تعدد درجات التقاضي وغيرها من المبادئ[47].

الفرع الثاني: النصوص التشريعية المؤسسة لإختصاص القضاء الإداري بتسوية منازعات الجنسية

أَسند المشرع العراقي للقضاء الإداري اختصاص تسوية منازعات الجنسية بنصوص صريحة، باعتبارها منازعات إدارية داخلة في ولاية القضاء الإداري العراقي على اعتبار إنه الجهة التي لها الاختصاص العام بنظرها، الأمر الذي يقتضي منا أن نبين الأساس الذي يستند إليه القضاء الإداري في العراق بتسوية هذه المنازعات، وعلى النحو الاتي:                  

أولاً: اساس اختصاص القضاء الإداري بتسوية منازعات الجنسية في قانون مجلس الدولة العراقي:

إن النظام التشريعي في العراق لا يكاد يخلو من الإشارة إلى اختصاص القضاء الإداري بتسوية المنازعات الناشئة عن تنفيذ قانون الجنسية العراقية النافذ رقم(26) لسنة2006، وهنا نشير إلى ما جاء به قانون مجلس الدولة الاتحادي رقم(١٧) لسنة ٢٠١٧، وقانون مجلس شورى إقليم كوردستان رقم(14) لسنة2008:-

أ- اساس اختصاص القضاء الإداري في قانون مجلس الدولة العراقي الاتحادي:

بصدور القانون رقم(١٠٦) لسنة ١٩٨٩ قانون التعديل الثاني لقانون مجلس شورى الدولة رقم(65) لسنة ١٩٧٩، انشاء لأول مرة في العراق قضاء إداريا مستقلا إلى جانب القضاء العادي، وبات العراق من دول القضاء المزدوج بعد أن كان يتبع القضاء الموحد، وبصدور قانون التعديل الخامس لمجلس الدولة رقم(١٧) لسنة ٢٠١٣، أعيد تنظيم المجلس جوهريا[48]، ثم تعزز استقلاله بصدور قانون مجلس الدولة رقم(٧١) لسنة[49]2017، وعلى الرغم من هذا التطور الذي طرأ على قانون مجلس الدولة، إلا أنه لم ينص على اغلب المنازعات الإدارية، ومنها المتعلقة بالجنسية، على الرغم من إن منازعات الجنسية تعتبر منازعات إدارية، مما يدخلها حتما في ولاية القضاء الإداري باعتبارها رابطة من روابط القانون العام[50]، ونتيجة لعدم النص عليها في قانون مجلس الدولة، حدث اختلاف بين الفقهاء حول مدى اختصاص القضاء الإداري بنظر هذه المنازعات، لذلك ندعو المشرع العراقـي إلـى النص عليها فـي قانون مجـلس الدولة لكي يقطع الشك حـول اختصاص القضاء الإداري بجميع صور منازعات الجنسية، ويزيل التعارض الحاصل ما بين اختصاص محكمة القضاء الإداري المنصوص عليه في قانون المجلس، وطبيعة منازعات الجنسية، كما فعلت بعض الدول العربية[51].

ب- اساس اختصاص القضاء الإداري في قانون مجلس شورى إقليم كردستان:

بالرجوع إلى موقف المشرع في قانون مجلس شورى الإقليم نلاحظ أنه كان أكثر تطورا وانسجاما مع طبيعة منازعة الجنسية واختصاص القضاء الإداري بنظرها، فوفقا لقانون مجلس شورى الإقليم تم منح الاختصاص بنظر منازعات الجنسية إلى المحكمة الإدارية في الإقليم[52]، وهذا الأمر يتماشى مع ما ذكره المشرع العراقي في قانون الجنسية النافذ الذي منح الاختصاص إلى القضاء الإداري بتسوية منازعات الجنسية[53]، لكن على الرغم من ذلك فإن قرارات المحكمة الإدارية في الإقليم يتم الطعن بها أمام الهيئة العامة لمجلس شورى الإقليم وذلك خلال»30» يوما من اليوم التالي للتبليغ أو اعتباره مبلغا[54]، في حين إن قانون الجنسية قد منح الاختصاص في نظر الطعون بالقرارات الصادرة عن المحاكم الإدارية في العراق إلى المحكمة الإدارية العليا، وبالتالي سيكون هناك تعارض ما بين قانون مجلس شورى الإقليم والقانون الاتحادي بخصوص دعاوى الجنسية، والسؤال الذي يثار هنا هل يتم الطعن بقرارات المحكمة الإدارية في الإقليم أمام جهتها الطبيعية وهي الهيئة العامة لمجلس شورى الإقليم» خصوصا وإن مسائل الجنسية تعتبر من الاختصاصات الحصرية السلطات الاتحادية»[55]، أم يتم الطعن بها أمام المحكمة الإدارية العليا؟

هناك رأي في الفقه الإداري العراقي يذهب إلى اعتبار إن الاختصاص ينعقد إلى المحكمة الإدارية في الإقليم بنظر منازعات الجنسية بصفتها محكمة أول درجة، استنادا إلى المادة(١٩) من قانون الجنسية العراقية النافذ، أما المحكمة الإدارية العليا فهي المختصة بالطعن بقرارات المحكمة الإدارية في الإقليم بصفتها محكمة تمييز[56]، عـلـى اعتبار إن قانون الجنسـية العراقية هو قانون اتحادي وبالتالي يسمو عـلـى قانون مجـلس شـورى الإقليم[57]، وهذا يتفق مع النص الدستوري الذي ورد فيه بأن تنظيم مسائل الجنسية يكون حصرا للسلطات الاتحادية[58]، ونحن نرى أن يتم إجراء تعديل في قانون مجلس شورى إقليم كردستان بخصوص نظر منازعات الجنسية من قبل المحكمة الإدارية في الإقليم لأن بقاء النص على حاله يجعل من اختصاص المحكمة بنظر هذه المنازعات معطل في الوقت الحالي، لذلك نقترح أن تضاف فقرة أخرى إلى نص المادة(18) تتضمن إحالة الطعون المتعلقة بقرارات الجنسية الصادرة من المحكمة الإدارية في الإقليم بعد أن تتأكد من توفر الشروط الشكلية اللازمة في الطلب وإحالتها إلى المحكمة الإدارية العليا الاتحادية.

ثانياً: اساس اختصاص القضاء الإداري بتسوية منازعات الجنسية في قانون الجنسية العراقية النافذ:

منح قانون الجنسية العراقية النافذ القضاء الإداري العراقي الاختصاص بتسوية منازعات الجنسية بعد أن كانت تعتبر من أعمال السيادة، وبذلك أصبح القضاء الإداري هو صاحب الولاية العامة بنظر هذه المنازعات، إذ نصت المادة(١٩) منه على:(تختص المحاكم الإدارية في الدعاوى الناشئة عن تطبيق أحكام هذا القانون)، وقد أثار نص هذه المادة الخلاف بين الفقهاء في العراق، والذي يمكن أن نرجعه إلى أمرين: الأول يتعلق بتسمية المحاكم الإدارية[59]، إذ إن هذه المحاكم أنشأت بالقانون رقم(١٤٠) لسنة ١٩٧٧، والغيت بالقانون رقم(١٣١) لسنة ١٩٨٠، ولا يمكن اعتبار هذه المحاكم شكلا من أشكال القضاء الإداري[60]، وعلى الرغم من الإجماع الفقهي على أن المشرع العراقي قد أخطأ في صياغة النص وإن المقصود بهذه المحاكم هي محكمة القضاء الإداري[61]، إلا أننا نرى إن المشرع العراقي قد جانب الصواب في هذه التسمية للأسباب الآتية:-

أ- حسب قانون مجلس الدولة فإنه بالإمكان تشكيل أكثر من محكمة للقضاء الإداري في العراق[62]، وبالتالي ستكون لدينا أكثر من محكمة درجة أولى.

ب- بـالإمكـان اعـتبار المحـكـمة الإداريـة فـي إقـليـم كـردسـتان مـحـكـمة أول درجـة وبـالتالـي فـإن صـياغـة الـنـص تنسجم مع تسمية هذه المحاكم بمجموعها.

ج- نرى أن المادة(٢٠) من قانون الجنسية النافذ والتي تنص على:(يحق لكل من طالبي التجنس والوزير إضافة إلى وظيفته الطعن في القرار الصادر من المحاكم الإدارية لدى المحكمة الاتحادية) معطلة في الوقت الحاضر، على اعتبار إن المحكمة الاتحادية العليا لا تنظر في الطعون المقدمة إليها بحق أحكام محكمة القضاء الإداري، إضافة إلى إن نص المادة قد اجازَ فقط للمتجنس والوزير الطعن بأحكام المحاكم الإدارية في حين أن المحكمة الإدارية العليا قد نظرت طعنا يتعلق باسترداد الجنسية[63]، وهذا يخالف نص هذه المادة، من جهة أخرى فإن نص المادة قد ذكر عبارة المحكمة الاتحادية ولم يذكر العليا ويوجد لدينا أكثر من محكمة اتحادية، وبالتالي يمكن أن نستنتج مما سبق إن نص المادة(١٩) هو المعمول به، فجاء شاملا للمحاكم الإدارية باعتبارها أول درجة، والمحكمة الإدارية العليا باعتبارها جهة طعن بأحكام محاكم الدرجة الأولى[64]، أمـا الأمر الأخر فيتعلق بالشق الثاني مـن نص المادة(19)، إذ جاء النص شـاملا لجميع مـنازعات الجنسية، فيرون أن النص قد اقتصر على دعوى الطعن بالقرارات التي يصدرها وزير الداخلية المتعلقة بالجنسية فقط، مستندين في ذلك إلى نص المادة(٧/ اولا) من قانون التعديل الخامس لقانون مجلس الدولة رقم(١٧) لسنة ٢٠١٣[65]، من جانبنا نرى أن نص المشرع العراقي في قانون الجنسية قد شمل جميع منازعات الجنسية، فلو أراد المشرع أن يقتصر النص على دعوى الإلغاء لذكره، وبالتالي فإن المشرع العراقي قد اعتبر القضاء الإداري هو صاحب الولاية العامة في نظر هذه المنازعات لكن للأسباب التي سنبينها في المبحث التالي اقتصر دور القضاء الإداري على دعوى الإلغاء.

المبحث الثاني

صور منازعات الجنسية امام القضاء الإداري

إن الدعوى القضائية في منازعات الجنسية، والتي يختص القضاء الإداري بتسويتها، تتخذ صورا عديدة، وذلك بالنظر إلى محلها تتخذ فقد تكون بصورة دعوى أصلية، يرفعها الشخص لحماية حقه في الجنسية سواء برفع دعوى إلغاء قرار إداري ايجابي أو سلبي يتعلق باعتداء الإدارة على حقه بالجنسية كالقرار الصادر بسحب الجنسية أو الامتناع عن منحهـا أو برفـع دعـوى تعويـض عـن ضرر تسـبب به قـرار صـادر مـن الإدارة يتعلق بـالجنسـية أو مـن خـلال رفع دعوى تقريرية يحمي عن طريقها الفرد حقه في الجنسية مستقبلا، وقد تكون المنازعة بصورة دعوى فرعية تتعلق بالجنسية، يرفعها الفرد تبعا لدعوى أصلية يتوقف الفصل فيها على الفصل في الدعوى التبعية ، ولغرض بيان هذه الصور سنبينها في المطلبين الآتيين، وفقا للتقسيم الآتي:-

المطلب الأول: منازعات الجنسية بصورة دعوى أصلية

تتعدد الدعاوى القضائية التي يرفعها الفرد بشكل أصلي في مسائل الجنسية، والتي من خلالها يستطيع حماية حقه في الجنسية إذا ما تعرض للانتهاك من قبل الإدارة المختصة بمسائل الجنسية، وهذه الدعاوى قد يرفعها الفرد في حالة إذا ما حصل الانتهاك فعلا لحقه في الجنسية، وقد تكون وقائية يرفعها لغرض دفع ضرر من المحتمل أن يصيب حقه في الجنسية مستقبلا، لذلك سنبين هذه الدعوى وفقا للفرعين الآتيين: -    

الفرع الأول: دعوى الطعن في قرار الجنسية

إن الإدارة المختصة بمسائل الجنسية قد تصدر قرار إداري يتعلق بجنسية أحد الافراد سواء كان ذلك بسحب جنسيته أو الامتناع عن منحها له خلافا لقانون الجنسية العراقية النافذ أو الامتناع عن إعادتها إليه، ففي هذه الحالة فإن الفرد سينازع الإدارة المختصة بمسائل الجنسية أمام محكمة القضاء الإداري طالبا منها إلغاء القـرار سـواء كـان إيجابـي أو سـلبي مـن خـلال رفـع دعـوى الإلغاء، إضافة إلـى المطالبة بـالتعويـض عنه عند الاقتضاء من خلال رفع دعوى التعويض، لذلك سنبين هاتين الدعويين بالشكل الآتي:-

أولاً: دعوى إلغاء قرارات الجنسية: يمكن تعريف دعوى الإلغاء بأنهاء دعوى قضائية ترفع للمطالبة بإعدام قرار إداري صدر مخالفا للقانون، وتعد هذه الدعوى من أهم وسائل حماية مبدأ المشروعية، إذ تؤدي إلى ترتيب البطلان كجزاء يصيب القرار الإداري المخالف للقانون[66]، وهذا النوع من الدعاوى يعد هو الأكثر تطبيقا من الناحية العملية في العراق، لإلغاء القرارات الإدارية غير المشروعة التي تتعلق بالجنسية، كذلك فـإنه ينسجـم مـع طـبيعة اختصـاص محكـمة القضاء الإداري فـي الـوقت الحـالـي، وتعتبر دعـوى الإلغـاء وسـيلـة القاضـي الإداري فـي مـراقبة خـروج الإدارة علـى الالتزام بـمبدأ المشـروعية مـن عدمـه، وفحص مـشـروعية القرار المطعون فيه، وبالتالي فقد اضفى عليها الفقه صفة العينية، إذ إن الخصومات القائمة على روابط القانون العام، هي خصومات عينية أو موضوعية تستهدف حماية مبدأ المشروعية، وبالتالي فإذا كانت غاية الطاعن في رفع دعوى الإلغاء هي الحصول على حق له من القرار المطعون فيه، فان غرض القاضي الإداري في قبول الدعوى وبحثها هو رد القرار إلى حكم القانون وحماية مبدأ المشروعية[67]، وبالتالي فإذا ما طعن أحد الاشخاص أمام القضاء الإداري في العراق بامتناع الإدارة عن إصدار قرار بمنحه الجنسية العراقية أو استردادها، فلا يكون أمام القاضي الإداري في هذه الحالة سوى الحكم بمشروعية القرار أو عدم مشروعيته ومن ثم ابطاله، بخلاف سلطته في دعاوى القضاء الكامل، إذ تمتد إلى امكانية تعديل القرار والحكم بالتعويضات المالية عنه[68]، ومن خلال ما تقدم يمكن تعريف دعوى إلغاء قرارات الجنسية بأنها الوسيلة  القانونية التي يلجأ اليها الشخص أو من يمثله إلى محكمة القضاء الإداري في العراق للمطالبة بإلغاء القرار الإداري السلبي أو الايجابي الصادر من الإدارة المختصة بمسائل الجنسية، والذي صدر خلافا للقواعد القانونية التي تنظم شؤون الجنسية العراقية، ومن التطبيقات القضائية الصادرة من محكمة القضاء الاداري حكمها المرقم(4277/ق/2020) في 9/5/2021 والذي جاء فيه( لـدى التدقيق والمداولـة ومـن خـلال الاطـلاع علـى محضـر ضـبط جلسـة المرافعـة المـؤرخ في٣١/٣/٢٠٢١ وجدت المحكمة إن المدعية بالكتاب المرقم (د. ق/ ٢٦٤/۲٠۲٠) في ٢٨/۷/۲۰۲۰ المتضمن ابطال نموذج شهادة الجنسية العراقية العائدة اليها الصادرة بالرقم (۷۳۹۲۸۷) في ١٧/٣/٢٠١٥ وتجميد قيدها لعام ١٩٥٧، وانها تبلغت به بتاريخ 13/9/2020 وتظلمت منه بتاريخ 1/۱۰/۲۰۲۰ دون رد، وحيث انها اقامت دعواها في ٢٦/۱۱/۲۰۲۰ فأنها تكون بذلك قد اقامتها ضمن المدة القانونية المنصوص عليها في البند (سابعا) من المادة (7) من قانون مجلس الدولة رقم (65) لسنة ١٩٧٩ فقرر قبولها شكلا............... كما تضمن الامر محل الطعن في الفقرتين (6 و7) منه تجميد قيد المدعية لعام ١٩٥٧ .........ولحين حضورها شخصيا وتقديم ما يثبت بيان موقفها من قانون الجنسية العراقية رقم (٢٦) لسنة ٢٠٠٦ لغرض رفع اشارة التجميد عن قيدها لعام 1957، والزامها بالحضور الى مقر مديرية شؤون الجنسية لبيـان مـا يثبت موقفها القانوني من قانون الجنسية المـذكـور انفا، واشـار الأمـر محـل الطعـن في الفقـرة (8) منه الـى الايعـاز الـى مـديرية شـؤون البطـاقة الوطـنية لغرض استيقاف القيد الخاصة بالمدعية ولحين ما يثبت اكمال وتنفيذ الفقرتين (6و7) انفتي الذكر،........ لذا تقرر بالاتفاق رد دعوى المدعية لعدم وجود سند لها من القانون ...............)[69].

وفي حكم آخر جاء فيه( لدى التدقيق والمداولة وجد ان اعتراض المدعي واقع ضمن المدة القانونية قرر قبوله شكلا ولدى عطف النظر على دعوى المدعي وجد ان المدعي( و. ف. ي) مولود من ام عراقية وهي السيدة( س. د. س) ومن اب فلسطيني وذلك وفقا للمستمسكات المبرزة في الدعوى وحيث ان المولود لاب عراقي او ام عراقية يـعتبر عـراقيا بـحكـم القانون وتمنح لـه الجنسية العراقية تـطبيقا لحـكم المادة(١٨/ ثانيا) مـن دستور جمهورية العراق المنشور في الوقائع العراقية بالعدد( ٤٠١٢) في ٢٠٠٥ / ١٢ / ٢٨ والمادة(3/ أ) من قانون الجنسية رقم(٢٦) لسنة ٢٠٠٦ وحيث ان الثابت من وقائع الدعوى ومستمسكاتها ان المدعي( و. ف. ي) مولود من ام عراقية لذا فانه ولد عراقيا بحكم القانون ................وحيث لا يمكـن لأي تشريـع ان يصادر اي حق وارد فـي الدسـتور فيكون بذلك حق مكتسب للمدعـي بمنحه الجنسية العراقية وتأسيسا علـى مـا تقدم قرر بالاتفاق الحكم بالزام المدعى عليه اضافة لوظيفته بمنح المدعي( و. ف. ي) الجنسية العراقية والمولود لامه العراقية السيدة ( س. د. س) استنادا لقانون الجنسية رقم(٢٦) لسنة ٢٠٠٦..............)[70].

وفي حكمها المرقم(870/ق/2015) في31/8/2015 قض ( لدى التدقيق والمداولة وجدت المحكمة أن المدعي يطعن وبحسب اقرار موكله في جلسة 17/8/2015 بالأمر الاداري المرقم (876) في 29/1/2013 والمتضمن سحب الجنسية العراقية عن موكله وان المدعي قد اقر في الجلسة ذاتها بانه قد تبلغ بالأمر المطعون فيه في تشرين الثاني من عام ٢٠١٤ وحيث انه قد تظلم بتاريخ 19/5/2015 فانه يكون بذلك قد تظلم خارج المدة القانونية ....لذا تقرر بالاتفاق رد دعوى المدعي شكلا .....................)[71].

ثانياً: دعوى التعويض عن قرارات الجنسية: يراد بدعوى التعويض، هي الدعوى التي يرفعها اصحاب الشأن مـن الافراد للمطالبة بالتعويض عما اصيبوا به مـن اضرار بسبب تصـرف أو عمل الإدارة[72]، وتعد هذه الدعوى من أهم دعاوى القضاء الكامل، فقضاء الإلغاء على الرغم من اهميته، فإنه لا يكفل للأفراد تغطية ما يترتب عليها من اضرار طيلة مدة نفاذها، ذلك لأن رفع دعوى الإلغاء لا يوقف تنفيذ القرار المطعون فيه[73]، فإذا حدث وإن نفذت الإدارة قرارا إداريا معيبا ألغاه القضاء بعد ذلك، فإن العدالة تتطلب تعويض الآثار الضارة الناشئة عنه، وبهذا تكون دعوى التعويض مكملة لدعوى الإلغاء، فضلا عن ذلك فإنه إذا كان قضاء الإلغاء وسيلة لمراقبة القرارات الإدارية فانه لا ينال من أعمال الإدارة المادية، فرقابة الاعمال المذكورة تجري من خلال دعوى التعويض[74].                                                                                   ووفقا للقواعد العامة فإن هذا النوع من الدعاوى قد ترفع بصورة مستقلة، فتتضمن طلبا بالتعويض عن القرار الإداري الصادر من الإدارة، وهنا يختص القضاء العادي في العراق بنظرها، وقد ترفع بصورة تبعية، وهنا يكون القضاء الإداري هو المختص بذلك[75]، أما في قانون مجلس شورى اقليم كردستان فيلاحظ أنه كان اكثر حداثة من قانون مجلس الدولة العراقي إذ منح المحكمة الإدارية في الاقليم صلاحية نظر طلبات التعويض عن الاضرار الناجمة من القرارات الإدارية الصادرة خلافا للقانون بصفة اصلية، وذلك استنادا لنص المادة(13) من قانون مجلس شورى اقليم كردستان العراق رقم (14) لسنة [76]2008.

وهناك رأي في الفقه الإداري يذهب إلى إن اختصاص النظر في طلبات التعويض عن القرارات الإدارية المتعلقة بالجنسية المخالفة للقانون في العراق مشترك ما بين القضاء العادي والقضاء الإداري، سواء رفعت الدعوى بصفة اصلية أم تبعية، ويترتب على ذلك إنه إذا رفعت دعوى التعويض إلى محكمة القضاء الإداري تبعا لطلب الغاء قرار إداري يتعلق بالجنسية امتنع رفعها امام المحاكم العادية، كما  يترتب على رفع دعوى التعويض عن القرار الإداري المتعلق بالجنسية أمام المحاكم العادية بصفة أصلية، عدم جواز رفعها أمام محكمة القضاء الإداري[77].

من جانبنا نرى أن القضاء الإداري في العراق هو الجهة المختصة بمنازعات الجنسية، وذلك حسب نص قانون الجنسية العراقية رقم (26) لسنة 2006النافذ، إذ إن النص قد جاء بشكل مطلق، والمطلق يجري على اطلاقه، ومن جهة اخرى فإن نص قانون الجنسية يعتبر نص خاص واستثنائي بمنح الاختصاص للقضاء الإداري، والنص الخاص يقيد العام، وبالتالي فإن الجهة القضائية التي تمتلك سلطة إلغاء القرارات الإدارية غير المشروعة المتعلقة بالجنسية، والتعويض عن الاضرار التي تسببها هي محكمة القضاء الإداري سوآءا رفعت الدعوى اليها بصفة أصلية أو تبعية باعتبارها القضاء الطبيعي المختص والمحايد.

الفرع الثاني: الدعوى التقريرية

قد يكون موضوع الدعوى المرفوعة أمام القضاء بخصوص الجنسية هو تقرير ثبوت الجنسية الوطنية أو انتفائها، حتى وإن لم تكن هناك خصومة مطروحة أمام القضاء بشأنها، وهذه هي الدعوى التقريرية أو كما تسمى احيانا بالدعوى المجردة بالجنسية، بالنظر إلى امكان تحريكها دون الحاجة لوجود نزاع أصلي يتعلق بالجنسية[78]، وتسمى ايضا بدعوى الاعتراف بالجنسية، ويقصد بها الدعوى التي يرفعها الفرد ابتداءا، وبصفة مستقلة عن أي دعوى أخرى، ويختصم فيها الدولة ممثلة بوزارة الداخلية[79]، ويطلب فيها المدعى عليه من القضاء الحكم له بتمتعه بالجنسية أو نفيها عنه، وبالتالي فلا يكون هناك طعن بقرار إداري، كما إنها لا تنشا بشكل متفرع عن نزاع اصلي بوصفها مسألة اولية، بل تطرح المنازعة فيها على القضاء بصفة أصلية    فتكون الخصومة بين الفرد والدولة[80]، وهذا يعني إن الدعوى التقريرية تهدف إلى تقرير وجود أو ثبوت الجنسية الوطنية للفرد أو تقرير نفيها عنه لعدم توفر شروط اكتساب الجنسية وفقا لأحكام القانون، وبالتالي فإن هذا التقرير قد يكون ايجابيا، اي تقرير وجود الحق في التمتع بالجنسية، بتأكيد وجود المركز القانوني للوطني، وإزالة مـا يثور حوله مـن شك وكفالة استقراره[81]، كما إن التقرير قد يكون سلبيا أي تقرير عدم وجود الحق فـي التمتع بالجنسية الوطنية، وتأكيد إن المدعى لا حق له في عضوية شعب الدولة[82].

ونشير في هذا الصدد إلى أن دعوى الجنسية من النادر أن ترفع إذا لم يكن ثمة نزاع بخصوصها، وأقصى ما يمكن أن يقال في هذا الصدد إن رافعها يتوقع نزاعا بخصوص جنسيته، ويريد أن يتجنبه مقدما، وفي فسحة من الوقت حتى يقطع السبيل على كل منازعة بهذا الخصوص في المستقبل، وتلك مصلحة محتملة ومشروعة[83].

ويذهب البعض مـن الفقهاء إلـى أن الدعوى التقريرية اكثر حماية لحـق الافراد فـي التمتع بالجـنسية مـن دعوى الإلغاء وذلك للأسباب الاتية:

أ- إن دعوى الإلغاء يكون محل الطعن فيها قرارا اداريا، في حين إن الدعوى المجردة لا تستلزم ذلك، من ناحية اخرى فإن الدعوى التقريرية لا تتقيد بالمواعيد المقررة لرفع دعوى الإلغاء، ومن ثم فإن الفرد الذي يغلق أمامه باب الطعن بالإلغاء، يمكنه الوصول إلى حقه عن طريق الدعوى التقريرية التي تقدم الفائدة إليه في هذه الحالة لدرجة كبيرة، مادام إن دعوى الإلغاء غير مقبولة شكلا لرفعها بعد الميعاد[84].

ب- إن دعوى الإلغاء هي في حقيقتها وسيلة دفاعية، في حين إن الدعوى المجردة تعتبر وسيلة هجومية، إلا إن ذلك لا يمنع الفرد من أن يحول دعوى الإلغاء إلى وسيلة هجومية من خلال تقديم طلب معين إلى الإدارة، ومع التسليم بتلك الحقيقة فإن الدعوى التقريرية اكثر ملائمة لمقيم الدعوى على الاقل من حيث الاثر الادبي والنفسي، لأن دعوى الإلغاء بالرغم من وصفها بانها تخاصم القرار في ذاته فأنها تتضمن هجوما على الإدارة، وتسبب احراجا لمصدر القرار وهو امر لم تألفه الإدارة لدينا في حين إن الدعوى المجردة لا تحمل هذا المعنى[85].

ج- مـن الناحية الـعملية، إن المدعـى الذي يحصل علـى حـكم لـصالحه فـي الدعوى المجردة يكون فـي مـوقع افضل ومركز متميز مـن ذلك الذي تحكـم لـه المحكمة بإلغاء قرار اداري يمنحه أو يمنع عنه التمتع بالجنسية ويثار الخلاف بصدده في تفسير منطوقه، سواء كان ذلك الخلاف مفتعلا لتعطيل تنفيذه أو مسببا يؤجل تنفيذه، ولا محل لمثل هذا الخلاف تجاه الحكم المباشر الذي يصدر في الدعوى المجردة[86].

د- تدخل الدعوى المجردة أو التقريرية، في نطاق قضاء المشروعية مستقلة بذلك عن دعوى الإلغاء، فالفرد يختصم وزير الداخلية كجهة ادارية تمثل الدولة في مواجهة القضاء، وإن الهدف من هذه الدعوى ليس مخاصمة» وزير الداخلية» لشخصه، وإنما يستهدف رافعها تطبيق قواعد المشروعية، والحصول على حقه الذي يقرره القانون مباشرة، ودون توقف على إرادة الإدارة، فهو لا يطلب حق شخصي، وإنما يطالب بحق قرره له القانون في مواجهة الكافة[87]، وهكـذا فإن أثر الحكم في الحالتين أو الدعوتين واحـد، سواء سلك المتظلم طريق دعوى الإلغاء أو الدعوى التقريرية أو المجردة[88]

من جهة اخرى فقد ثار خلاف بين الفقهاء حول قبول هذا النوع من الدعاوى، فذهب البعض إلى عدم قبول رفع الدعوى بصورة تقريرية دون أن تكون هناك منازعة، ذلك لأن الحكم الكاشف أو التقريري لم يأخذ به قانون المرافعات المدنية العراقي رقم(83) لسنة1969، لأن المادة(٢) منه تشترط في الدعوى أن تكون مطالبة شخص لأخر أمام القضاء بحق يدعيه لنفسه، وهنا لا ينازعه أحد في أمر الجنسية، فيلزم أن يكون هناك اعتراض من قبل الإدارة لهذا الشخص بخصوص جنسيته، ثم يلجأ الفرد إلى المحكمة طاعنا بهذا القرار الإداري، وطالبا منع المعارضة أو بعبارة اخرى فان بإمكان الشخص الذي يطالب بالجنسية العراقية مراجعة مديرية الجنسية لغرض الحصول عليها، فإذا ما امتنعت هذه المديرية عن تزويده بالجنسية فله في هذه الحالة أن يقدم اعتراضا على هذا القرار الإداري أمام القضاء يطلب فيه منع معارضة الإدارة له في حمل الجنسية العراقية[89]، إضافة إلى ذلك فإن هذه الدعوى لا تهدف إلى الحصول على حكم يمنع الاعتداء على حق أو مركز قانوني، حيث إن المدعي يطلب فتوى أو رأيا استشاريا بشان حقه في الجنسية[90]، والافتاء ليس مـن وظيفة القضـاء[91]، فضـلا عن ذلك لا توجد مـصلحة حقيقية أو حـالة للمدعى فـي هذا النوع مـن الـدعاوى.

وطالما لا توجد مصلحة فلا توجـد دعـوى[92]، أمـا بـالنسبة  للجانب المـؤيد مـن الفقهـاء لهذه الدعـوى فـيـرى إن للفرد حقا فـي رفـع هـذه الدعوى، وإنها تكون مقبولة أمام القضاء باعتبارها دعوى وقائية، يكفي بشأنها توفر المصلحة الادبية للمدعى في ثبوت الجنسية، بالإضافة إلى ذلك فإن المدعي يدفع ضررا يخشى أن يلحقه توخيا للنزاع الذي قد يثأر مستقبلا حول تمتعه أو عدم تمتعه بجنسية الدولة، إذ إن المدعي عند اللجوء إلى القضاء يطلب إصدار حكم قضائي يحوز حجية الامر المقضي فيه يتضمن تقريرا بثبوت الجنسية او نفيها[93]، ونحن نرى أن محكمة القضاء الإداري في العراق بإمكانها أن تقبل الدعوى التقريرية إلى جانب دعوى الإلغاء فهما وسيلتان لحماية مبدأ المشروعية، وحق الفرد بالحصول على الجنسية العراقية، لكن:

أ- مـن الافضل أن يتوجه الفرد إلـى الإدارة مقدما قبل أن يسـلك إجـراءات التقاضي، وهـذا مـن شأنه أن يخفف من الدعاوى التي ترفع للقضاء الإداري العراقي. 

ب- من الأيسر للفرد أن يتوجه للإدارة المختصة بمسائل الجنسية ويطلب منها أن تثبت له الجنسية وفقا لقانون الجنسية العراقية النافذ، إذ من الممكن أن توافق على طلبه وتعترف بحقه بالجنسية، وبهذا يتجنب إجراءات ونفقات التقاضي، أما إذا رفضت طلبه أو لم تجبه فله في هذه الحالة أن يسلك طريق دعوى الإلغاء.

ج - بسبب عدم وجود نظام قانوني يحكم هذه الدعوى في العراق إضافة إلى الاختلافات الفقهية حول قبولها من عدمه وما استندوا إليه من حجج وتوجهات القضاء الإداري في العراق يدفعنا إلى القول بأن هذا النوع من الدعاوى غير مقبول في العراق.

المطلب الثاني: منازعات الجنسية بصورة دعوى تبعية

قد تُثار المنازعة في الجنسية أمام القضاء باعتبارها مسألة أولية يقتضي الفصل فيها تمهيدا لحسم الخصومة الأصلية المطروحة أمامه[94]، أو بعبارة اخرى فإن الدعوى الخاصة بالجنسية تثار كمسألة اولية سابقة علـى الفصل فـي دعوى الجنسية، كان يثار دفع فرعي خاص بـالجنسية اثناء نظر منازعة اخرى أصلية معروضة على القضاء الإداري أو العادي أو الجنائي بحيث يتعين البت بالدفع أولاً حتى يمكن الفصل في الدعوى الأصلية[95]، وسنتناول هذه الدعوى من خلال الفرعين الآتيين:-

الفرع الأول: معنى الدعوى التبعية

      يراد بالدعوى التبعية أو الفرعية بتقرير الجنسية « هي تلك التي تعرض أمام القضاء، وهو ينظر دعوى أصلية تتعلق بإحدى مسائل الأحوال الشخصية، أو المعاملات المالية، أو بمسألة التمتع بحق من الحقوق العامة أو الخاصة، بصفة عامة، ويكون الفصل فيها، بالإستيثاق مـن تمتع أحد الأشخاص بجنسية معينة مـن عدمه، لازما لتقرير الاختصاص القضائي بتلك الدعوى الأصلية، والبت النهائي فيها من حيث الموضوع»[96].

والأمثلة على هذه الدعوى كثيرة، فقد يثار النزاع أمام القضاء العادي، كأن يكون النزاع معروضا بشأن دعوى ميراث وادعى بعض الورثة بأن المورث من جنسية أجنبية بينما يدعي البعض الأخر بأنه عراقي الجنسية[97]، وقد يكون النزاع معروضا أمام القضاء الجنائي كأن يرتكب شخص جريمة في الخارج معاقب عليها في قانون الدولة التي ارتكب فيها وتتطلب توافر صفة الوطني في الجاني، فيدفع المتهم بأنه ليس وطنيا وإنما هو أجنبي، وهنا سيكون اثبات كون الجاني وطنيا واقعا على عاتق سلطة الاتهام لتقرير الاختصاص الجنائي والبت في الدعوى الجنائية، وقد يطعن شخص بقرار إداري بأبعاده أمام المحاكم الادارية ويدفع في طعنه إلى كونه من الوطنيين ومن ثم فلا يجوز ابعاده، وهنا تثور مسألة أولية يلزم للبت في الدعوى الاصلية بالإلغاء[98].                                                                                    

أما فيما يتعلق بأطراف هذه الدعوى فيمكن القول إن اطراف الدعوى الفرعية يكون الخصوم عادة هم الافراد أو الدولة احيانا، أما بعد الاحالة، فإن الخصوم يتغيرون، فيصبح الفرد الذي يثور الخلاف حول جنسيته مـن جـهة، والدولة مـمثلة بـوزارة الداخلية مـن جـهة اخـرى، فـالدولة بـاعتبارها صـاحبة الجنسية وبـاعتبار إنه لا يجوز أن ينتسب اليها إلا من ترتضيه يجب أن لا تغيب عن مثل هذه الدعوى[99].    

وتعد الدعوى الفرعية استثناء من أصل الدعوى الأصلية فهي الطلبات العارضة التي تقدم اثناء خصومة قائمة[100]، وبالتالي فإنه لابـد أن تتوافر عـدة مقومات أو عناصر اسـاسية فـي الدعـوى الفرعية للمدعـي وهـي:

أ- لا يجوز أن يتم تصحيح الطلب الأصلي بدعوى فرعية.

 ب- ألا يكون من شأن التعديل الرجوع إلى الطلب الأصلي ومن ثم القضاء على الطلب العارض.

ج- يجب على المدعي ألا يسلك مسلكا قانونيا يتعارض مع الطلب الأصلي.

د- يجب أن يرد الطلب العارض على الدعوى الأصلية وإلا تكون قد زالت.                                       

ه- يجب عدم الخلط ما بين الطلب العارض والطلب التابع للطلب الأصلي[101].   

الفرع الثاني: الطبيعة القانونية للدعوى التبعية وشروطها

بالنسبة للطبيعة القانونية للدعوى التبعية أو الدفع الفرعي فإن الراي الغالب من الفقه يذهب إلى اعتبار هذه الدعوى متعلقة بالنظام العام[102]، ويترتب على ذلك النتائج التالية:

أ- لا يتم العمل بقاعدة إن قاضي الأصل هو قاضي الفرع[103].

ب- يجوز لكل ذي مصلحة أن يثير الدفع، كما يجوز أن يثيره القاضي من تلقاء نفسه، ويمكن ذلك في أي وقت، كما يمكن التمسك به في اي مرحلة كانت عليها الدعوى[104].

ج- الفصل في الدفوع المتصلة بالجنسية سواء بثبوتها أو نفيها، إذا أثيرت أمام القضاء بصفة تبعية لدعوى أصلية، يدخل أيضا في نطاق قضاء المشروعية، مثله في ذلك مثل الدعوى الأصلية، ولنفس الأسباب[105].

د- إن إحالة الدعوى التبعية لا يعتبر دفعا موضوعيا، لأن الدفع الموضوعي يعترض به الخصم على الحـق المراد حمايته[106]، وذلك مـن خـلال إنكار واقعـة تـؤثر فـي وجـود الحـق أو تغييره أو اسـتحقاقه، وبالتالـي فهو يعتبر الوجه المقابل للدعوى، وكذلك الحكم الذي يصدر فيه يحوز حجية الأمر المقضي فيه[107]، في حين أن الإحالة القضائية تعد وسيلة وقائية، وظيفتها نقل الدعوى تلقائيا من محكمة إلى اخرى، فالخصم هنا لا يعترض على الحق المطلوب حمايته، وإن تقدير المحكمة لسبب الاحالة التي اثيرت بمقتضاه وإن كان محلها يعتبر من عناصر الدعوى إلا أنه تقدير سطحي لا تتعرض به لأصل الحق[108].                                       

أما فيما يتعلق بشروط قبول الدعوى التبعية او الدفع فرعي، فيتعين أن تتوفر الشروط التالية لكي يتم قبولها:

الشرط الأول: يجب أن تكون هناك دعوى أصلية، أيا كان موضوعها مطروحة أمام القضاء العادي أو الاداري، ويجب أن لا يكون الموضوع الاساسي لتلك الدعوى هو تقرير ثبوت الجنسية الوطنية أو نفيها، وإلا كنا أمام دعوى أصلية بتقرير الجنسية[109].                                                             

الشرط الثاني: أن يكون هذا النزاع جديا لا صوريا، ويكون كذلك إذا كان الخصم الذي أثار النزاع لديه مستندا أو حكما يثير الشك في الجنسية التي يحملها الطرف الاخر، في حين إن الظاهر يفيد عكس ذلك[110]،  وللمحكمة سلطة تقدير جدية هذا النزاع، فإذا قدرت إن الهدف مـن المنازعة هو الكيد والمماطلة ليس إلا، فلها أن تغض النظر عما يثار من شك حول الجنسية وتفصل في الدعوى الأصلية حتى لا يتعطل مسير العدالة[111].                                                                                            

الشرط الثالث: يجب أن يكون الفصل في الدعوى التبعية أو الفرعية بتقرير الجنسية ضروريا للحكم في الدعوى الأصلية، سواء من حيث الاختصاص بها أو من حيث الموضوع، وتحديد ضرورة لزوم الفصل في الدعوى التبعية يعود للسلطة التقديرية للمحكمة التي طرحت أمامها الدعوى الأصلية، فلها أن تعتبر الأمر غير لازم أو أن تغفل عن الدفع بالجنسية[112].     

الخاتمة

بعد أن وصلنا إلى نهاية بحثنا والذي جاء بعنوان» إختصاص القضاء الإداري بتسوية منازعات الجنسية في العراق» ينبغي علينا أن نبين أهم الاستنتاجات والمقترحات التي توصل إليها البحث، من خلال الآتي:

أولاً: الاستنتاجات:                                                                                                                                                                                                                      

1- يمكن تعريف منازعات الجنسية في العراق بأنها الخلافات التي تنشئ ما بين الإِدارة المختصة بشؤون الجنسية «وزارة الداخلية»، والاشخاص الراغبين بالحصول على الجنسية العراقية، بمناسبة تطبيق احكام قانون الجنسية العراقية رقم(٢٦) لسنة٢٠٠٦، ومن خلال هذا التعريف يمكن القول إن عناصر منازعات الجنسية هي:

ا- وجود الإدارة المختصة بشؤون الجنسية كطرف في النزاع، وذلك بما تمتلكه من امتيازات السلطة العامة.

ب- أن يكون المرجع في تسوية المنازعة تطبيق قانون الجنسية العراقية رقم (26) لسنة 2006 باعتبار إن قواعده التنظيمية هي قواعد قانون عام.

 ج- أن يتعلق موضوع منازعات الجنسية بتنفيذ قانون الجنسية العراقية النافذ أو تعليماته.

2- إن منازعات الجنسية في العراق كأي منازعات إدارية تقوم بين طرفين هما:

الإدارة المختصة بمسائل الجنسية « ممثلة بوزير الداخلية ومدير الجنسية العام والمديريات الاخرى التابعة له، فهي تعتبر الطرف الاول الذي يصدر قرار منح الجنسية العراقية أو سحبها أو استردادها، وهذا يعني إن سُلطة الدولة بمنح الجنسية هي سُلطة مباشرة من جهة لكونها لا تتلقى سلطتها بتنظيم شؤون الجنسية من جهة أعلى منها، ومقيدة من جهة اخرى بالدستور الذي يعد اسمى كل القوانين، أما الطرف الاخر فهو الشخص الطبيعي أو الفرد، الذي يرغب بالحصول على الجنسية، وهذا الطرف له حقوق في مقابل السلطة التي تمتلكها الإدارة المختصة بمسائل الجنسية، وهذه الحقوق نص عليها دستور جمهورية العراق لسنة 2005 في المادة(١٨) منه.

3- إن من أهم الاسباب التي تؤدي نشوء منازعات الجنسية في العراق:

أ- الغموض الذي يكتنف بعض نصوص قانون الجنسية العراقية النافذ، وعدم امتلاكه لفلسفة واضحة من بعض الحالات التي نص عليها.

ب- التعارض القائم ما بين نصوص قانون الجنسية العراقية النافذ رقم(26) لسنة2006 من جهة، ودستور جمهورية العراق لسنة 2005 من جهة اخرى.

ج- جـمود قانـون الـجنسية العـراقية النافذ وبقائـه علـى حـاله دون تحديث، أدى إلـى حدوث مـثل هذه المنازعات.

د- إصرار الإدارة المختصة بشؤون الجنسية على الامتناع عن منح الجنسية للمولودين من ام عراقية واب غير عراقي رغم السلطة المقيدة الممنوحة لها.                                          

ه- تعسف الانظمة السابقة في حرمان البعض من فئات الشعب العراقي من جنسيتهم العراقية.

4- توصل البحث إلى إن القضاء الإداري في العراق هو القضاء المختص بتسوية منازعات الجنسية وذلك لأنه يعتبر القضاء الطبيعي المختص بتسوية المنازعات التي تكون الإدارة طرفا فيها، والاقدر على حماية مبدأ المشروعية وتحقيق التوازن بين طرفي الخصومة، وبالتالي فهو يشكل ضمانة فعالة لصيانة وحماية حق الأفراد في الجنسية من تعسف الإدارة، إضافة إلى إن أحكامه تتمتع بحجية الشيء المحكوم به، ومن ثم يقع على عاتق الادارة المختصة بمسائل الجنسية الالتزام بتنفيذها وإلا تعرضت للمسائلة القانونية.                       

5- يستند القضاء الإداري في اختصاصه بتسوية منازعات الجنسية إلى قانون الجنسية العراقية رقم(٢٦) لسنة ٢٠٠٦، وذلك لأن قانون مجلس الدولة الاتحادي رقم (٧١) لسنة ٢٠١٧ المعدل لم ينص على هذا الاختصاص، بخلاف قانون مجلس شورى الإقليم رقم (١٤) لسنة ٢٠٠٨ الذي كان أكثر تطورا من خلال منح المحكمة الإدارية في الاقليم الاختصاص بتسوية هذه المنازعات في قانون المجلس.

6- الدعاوى القضائية التي يتم رفعها في منازعات الجنسية على نوعين فهناك الدعوى الاصلية التي تتضمن دعوى الإلغاء ودعوى التعويض والدعوى التقريرية، وهناك الدعوى التبعية بتقرير الجنسية، وقد أقتصر دور القضاء الاداري في العراق على دعوى الإلغاء منها، فلا تُقبل دعوى الجنسية أمام محكمة القضاء الإداري ما لم يسبقها صدور قرار إداري يتعلق بالجنسية من الجهة الإدارية المختصة بمسائل الجنسية والتظلم منه، وهذا ينسجم مع اختصاصها في الوقت الحالي.

ثانياً: المقترحات:

من خلال الاستنتاجات التي تم التوصل اليها يمكن أن نقدم المقترحات التالية:

1- نقترح على المشرع العراقي إلغاء نص المادة(١٩و20) من قانون الجنسية العراقية رقم(٢٦) لسنة2006،  وايراد نص في قانون مجلس الدولة العراقي رقم(65) لسنة1979المعدل يمنح بموجبه القضاء الإداري الاختصاص بتسوية كافة الدعاوى الإدارية ومن بينها دعاوى منازعات الجنسية العراقية بشكل واضح، باعتباره القضاء الطبيعي المختص بها إضافة إلى كونها منازعات قانون عام والقاضي الإداري هو قاضي القانون العام.

2- نقترح على المشرع العراقي تعديل المادة(١٠١) من دستور جمهورية العراق لسنة2005، وذلك من خلال اعتباره جهة قضائية مستقلة تختص بكافة المنازعات الإدارية إضافة إلى اختصاصه الافتائي، على أن يتولى قانون مجلس الدولة العراقي تنظيم ذلك، لغرض الحد من حالات التضييق من اختصاص القضاء الإداري.

3- نقترح على مشرعنا العراقي تعديل نص المادة(١٨) من قانون مجلس شورى إقليم كردستان رقم (١٤) لسنة ٢٠٠٨، ويكون ذلك بأن تحيل المحكمة الإدارية للإقليم الطعون المقدمة إليها بخصوص دعاوى منازعات الجنسية بعد أن تصدر فيها الحكم باعتبارها محكمة اول درجة إلى المحكمة الإدارية العليا الاتحادية باعتبارها محكمة تمييز بدلا من الهيئة العامة لمجلس شورى الإقليم، ويكون قرارها باتا وملزما.


[1] د. احمد عبدالكريم سلامة، القانون الدولي الخاص ( الجنسية، الموطن، معاملة الاجانب والتنازع الدولي للقوانين والمرافعات المدنية والتجارية)، ط١، دار النهضة العربية، القاهرة، ٢٠٠٨، ص403.

[2] د. اعبودة الكوني، فكرة القاضي الطبيعي وضمانات المحاكمة العادلة في القانون الليبي، بحث منشور في مجلة الاجتهاد القضائي، العدد(١٣)،٢٠١٦، ص71.                                        

[3] د. حسن يوسف مصطفى، الشرعية في الإجراءات الجنائية، ط١، الدار العلمية للنشر والتوزيع، عمان، ٢٠٠٣، ص96. نقلا عن محمد عزت فاضل، استقلال القضاء في ظل الدساتير العراقية، رسالة ماجستير مقدمة الى مجلس كلية الحقوق، جامعة الموصل،٢٠٠٩، ص23.

[4] صلاح سالم جوده، القاضي الطبيعي( دراسة تأصيلية مقارنة)، بدون طبعة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1997، ص23. نقلا عن محمد مصطفى السيد وأخرون، القضاء الإداري في ميزان التخصص القضائي(دراسة خاصة بمحكمة الاحزاب)، بحث منشور في مجلة كلية الحقوق للبحوث القانونية والاقتصادية، جامعة الاسكندرية، العدد(2)، ٢٠١٠، ص603.       

[5] د. فؤاد العطار، كفالة حق التقاضي، بحث منشور في مجلة العلوم القانونية والاقتصادية، مصر، العدد(1)، سنة ١٩٥٩، ص٦٢٧. نقلا عن حامد منصور الفيتوري، القاضي الطبيعي، بحث منشور في مجلة البحوث القانونية، جامعة مصراته، المجلد(١)، العدد(٢)،٢٠١٤، ص196.

[6] محمد مصطفى السيد وأخرون، مصدر سابق، ص604.

[7] د. احمد فتحي سرور، القانون الجنائي الدستوري، ط٢، دار الشروق، القاهرة، ٢٠٠٢، ص394.                          

[8] محمد مصطفى السيد وأخرون، مصدر سابق، ص605.

[9] ينظر في ذلك المواد(89/96/99/101) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005.                   

[10] د. محمد كامل عبيد، حق المواطن العربي في اللجوء إلى قاضيه الطبيعي، بحث منشور في المؤتمر الثاني للعدالة بعنوان ( دعم وتعزيز استقلال القضاء)، كلية الحقوق، جامعة القاهرة، ٢٠٠٣، ص7. وتجدر الاشارة إلى أن المقصود بالقانون هنا هو القانون بالمعنى الضيق متمثلا بما يصدر مباشرة عن السلطة التشريعية المنوط بها سن القوانين وفقا لمعايير موضوعية مجردة. احمد نجيب قربي، القاضي الطبيعي(دراسة مقارنة بين الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي)، بحث منشور في مجلة الحقوق، جامعة الكويت، المجلد(39)، العدد(٤)،٢٠١٥، ص444.

[11] محمد عزت فاضل، مصدر سابق، ص24.

[12] احمد نجيب قربي، المصدر السابق، ص447.

[13] سيبان جميل مصطفى، مبدا استقلال القضاء(دراسة دستورية مقارنة)، رسالة ماجستير، القانون، جامعة الموصل، 2003، ص36.

[14] سيبان جميل مصطفى، المصدر نفسه، ص36.

[15] محمد مصطفى السيد وأخرون، مصدر سابق، ص606.                                                                                    

[16] احمد نجيب قربي، مصدر سابق، ص455_456.

[17] د. ماجد نجم عيدان واخرون، استقلال القضاء وضماناته واثرهما في تعزيز مبدا القاضي الطبيعي، بحث منشور في مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية، جامعة كركوك، المجلد(6)، العدد( 23 / 1)، 2017، ص20.                   

[18] د. طلعت يوسف خاطر، استقلال القضاء(حق الانسان في اللجوء الى قضاء مستقل)، ط١، دار الفكر والقانون للنشر والتوزيع، المنصورة، ٢٠١٤، ص29_30.                                                                            

[19] د. عبد القادر الشيخلي، ضمانات استقلال السلطة القضائية، بدون طبعة، المكتبة القانونية، بغداد، ٢٠١٩، ص52.

[20] د. احمد فتحي سرور، مصدر سابق، ص369.

[21] د. اسماعيل صعصاع البديري وصفاء عبدالله صاحب، مضمون مبدأ حياد القاضي الإداري، بحث منشور في مجلة الكوفة للعلوم القانونية والسياسية، المجلد(١)، العدد(١/ ٤٨)، ٢٠٢١، ص39                                              

[22] د. عبد القادر الشيخلي، مصدر سابق، ص51                        

[23] د. حسني درويـش عبد الحميد، النظـرية العـامة للقـرارات الادارية( دراسـة مقـارنة فــي التــشريع والفقه والقـضاء الفـرنسي والمـصري والكويتي)، ك1، ط1، منشورات معهد الكويت للدراسات القضائية والقانونية، الكويت،2020، ص16.

[24] احمد عبد الحسيب السنتريسي، دور قاضي الإلغاء في الموازنة بين مبدأ المشروعية ومبدأ الامن القانوني( دراسة مقارنة)، ط١، دار الفكر الجامعي، الاسكندرية، ٢٠١٨، ص15.                                        

[25] د. سراج الدين شوكت خير الله، الاختصاص النوعي لمحكمة القضاء الإداري في العراق( دراسة مقارنة)، ط١، مكتبة القانون المقارن، بغداد، ٢٠١٩، ص296.                                                         

[26] د. مازن ليلو راضي، اختصاص القضاء الإداري في نظر منازعات الجنسية( دراسة مقارنة)، بحث منشور في مجلة بيت الحكمة للدراسات القانونية، بغداد، العدد(27)، 2011، ص51.         

[27] عبد المجيد احمد المقنن، النقص التشريعي وسلطات القاضي الإداري في مواجهته، بحث تم تقديمه في الملتقى العلمي     الثاني للاتحاد العربي للقضاء الإداري، مجلس الدولة، مصر، ٢٠١٧، ص5_6.

[28] اشارة الدستور العراقي لسنة ٢٠٠٥إلى مبدأ الفصل بين السلطات واستقلال القضاء في المادة( ١٩/ اولا) والمادة(٤٧) منه.

[29] د. إدريس حسن محمد، مبدأ الفصل بين السلطات ودوره في حماية الحقوق والحريات العامة، بحث منشور في مجلة جامعة تكريت للعلوم الإنسانية، المجلد(١٥)، العدد(4)، ٢٠٠٨، ص256.

[30] هشام جليل الزبيدي، مبدأ الفصل بين السلطات وعلاقته باستقلال القضاء( دراسة مقارنة)،ط١، المركز القومي للإصدارات القانونية، القاهرة، ٢٠٢٠، ص31_32.

[31] د. حميد حنون، حقوق الانسان، ط١، مكتبة السنهوري، بغداد، سنة ٢٠١٥، ص241_242.                         

[32] د. عبد القادر الشيخلي، مصدر سابق، ص13.

[33] د. محمود عبد علي الزبيدي، دور القاضي الإداري في تحقيق التوازن بين سلطة الإدارة وحقوق المتقاضين في المرافعات الادارية( دراسة مقارنة)، ط١، دار المسلة، بغداد، ٢٠٢١، ص530.                            

[34] د. عبد القادر الشيخلي، مصدر سابق، ص32.

[35] د. محمد علي جواد ود. نجيب خلف الجبوري، القضاء الإداري، ط٦، مكتبة يادكار، السليمانية، ٢٠١٦، ص62.       

[36] د. مازن ليلو راضي، اختصاص القضاء الإداري في نظر منازعات الجنسية( دراسة مقارنة)، مصدر سابق، ص46.

[37] د. مازن ليلو  راضي، اصول القضاء الإداري، ط٤، دار المسلة، بغداد، ٢٠١٧ ، ص80.

[38] د. وسام صبار العاني، القضاء الاداري، ط1، مكتبة السنهوري، بغداد،2015، ص99.

[39] د. غازي فيصل مهدي ود. عدنان عاجل عبيد، القضاء الإداري، ط4، مكتبة دار السلام القانونية، النجف الاشرف،2020، ص155.                                                             

[40] ينظر في ذلك قرار المحكمة الاتحادية العليا المرقم ٨٥/ اتحادية/ ٢٠١٧، منشور على الموقع الالكتروني الرسمي للمحكمة الاتحادية العليا عبر الرابط الالكتروني:

https://www.iraqfsc.iq/ethadai.php

تاريخ الزيارة: 16/ 4/ 2022، وقت الزيارة: 00: 9مساء.

[41] ينظر في ذلك نص المادة(19/ثالثا) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005.

[42] حسين علي قاسم، حق التقاضي في دعاوى القضاء الإداري، رسالة ماجستير، كلية القانون والعلوم السياسية، جامعة ديالى،2022، ص11. 

[43] د. عليا غازي موسى، ممارسة حق التقاضي في الدعوى الإدارية في ظل جائحة كورونا، بحث منشور في مجلة المعهد، العدد(٧)،٢٠٢١، ص87.                                    

[44] كريم خميس خصباك، حق التقاضي في الدعوى الجزائية، اطروحة دكتوراه، كلية القانون، جامعة بغداد،2008، 58.

[45] ينظر في ذلك قرار مجلس قيادة الثورة المنحل الصادر بتاريخ 15 / 4 / 1975 والذي نص على ( 1_ تمتنع المحاكم من النظر في الدعاوى الناشئة عن تطبيق احكام قانون الجنسية العراقية،...........). منشور على الموقع الالكتروني الرسمي لقاعدة التشريعات العراقية عبر الرابط الالكتروني:

https://iraqld.hjc.iq/identity_search.aspx

تاريخ الزيارة: 30 / 1 / 2022، وقت الزيارة: 00: 9صباحا.

[46] د. عليا غازي موسى، مصدر سابق، ص89.                                                                      

[47] الاستاذة مجادي نعيمة، الحق في التقاضي أمام المحاكم والمجالس الدستورية( دراسة مقارنة)، ط١، المركز القومي للإصدارات القانونية، القاهرة، ٢٠١٩، ص57-58                                          

[48] د. مازن ليلو راضي، اصول القضاء الإداري، مصدر سابق، ص101.

[49] ينظر في ذلك نص المادة (1) من قانون مجلس الدولة رقم(٧١) لسنة 2017.

[50] د. مازن راضي ليلو، اختصاص القضاء الإداري في نظر منازعات الجنسية( دراسة مقارنة)، مصدر سابق، ص47.    

[51] ينظر في ذلك المادة(١٠/ سابعا) من قانون مجلس الدولة المصري رقم(47) لسنة ١٩٧٢، والمادة(٨/١/ ي) من قانون مجلس الدولة السوري رقم(32) لسنة ٢٠١٩.                                                 

[52] ينظر في ذلك نص المادة( ١٣ / رابعا) من قانون مجلس شورى إقليم كردستان رقم(١٤) لسنة ٢٠٠٨.                                    

[53] ده شتى صديق محمد، القضاء الإداري وتنازع اختصاصاته مع القضاء العادي( دراسة تحليلية مقارنة)، ط١، المركز القومي للإصدارات القانونية، القاهرة، ٢٠١٦، ص١٠٥.                            

[54] ينظر في ذلك نص المادة(18) من قانون مجلس شورى إقليم كردستان رقم(١٤) لسنة ٢٠٠٨.  

[55] ينظر في ذلك نص المادة(110/خامسا) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005.

[56] د. مازن ليلو راضي، اختصاص القضاء الإداري في نظر منازعات الجنسية( دراسة مقارنة)، مصدر سابق، ص49

[57] د. حيدر ادهم الطائي، احكام جنسية الشخص الطبيعي والمعنوي في التشريعات العراقية، ط١، مكتبة السنهوري، بغداد، ٢٠١٦، ص235.

[58]() ده شتى صديق محمد، مصدر سابق، ص105.                                                                     

[59] د. عباس العبودي، شرح أحكام قانون الجنسية العراقية رقم(٢٦) لسنة ٢٠٠٦ والموطن ومركز الاجانب( دراسة مقارنة في نطاق القانون الدولي الخاص)، ط١، مكتبة السنهوري، بغداد، ٢٠١٥، ص181.                                           

[60] اوهام علي حبيب، الاختصاص القضائي بنظر المنازعات الإدارية في العراق، بدون طبعة، مكتبة القانون والقضاء، بغداد،  ٢٠١٥، ص52.

[61] د. عماد خلف الدهام ود. طلعت جياد لجي الحديدي، شرح احكام قانون الجنسية « دراسة مقارنة»، ط١، منشورات زين الحقوقية، بيروت، ٢٠١٦، ص235. ود اياد مطشر صيهود، اسس القانون الدولي الخاص، بدون طبعة، مكتبة السنهوري، بغداد، ٢٠١٧، ص123. ود. محمد جلال المرزوي، القانون الدولي الخاص في الجنسية والموطن ومركز الاجانب (دراسة للنظرية العامة في ضوء شرح أحكام قانون الجنسية العراقي رقم (26) لسنة 2006 وقانون إقامة الاجانب رقم (76) لسنة 2017)، ط1، مكتبة يادكار، السليمانية، 2018، ص114. 

[62] ينظر في ذلك نص المادة (7/اولا) من قانون مجلس الدولة رقم (65) لسنة 1979 المعدل.                                        

[63] ينظر في ذلك قرار المحكمة الادارية العليا رقم (558/ قضاء اداري/ تمييز/2016) في 6/4/2017 منشور في مجموعة قرارات مجلس الدولة العراقي وفتاواه لسنة 2017، ص590_591.    

[64] وقد اصدرت المحكمة الادارية العليا العديد من القرارات القضائية المتعلقة بالجنسية بصفتها محكمة تمييز، ومن بينها قرارها المرقم(264/ق/تمييز/٢٠١8) في31/١/٢٠١9(غير منشور)، وكذلك قرارها المرقم ( 48/ قضاء إداري/ تمييز/٢٠١9) في ٣١/١/٢٠١٩ (غير منشور).

[65] د. ظاهر مجيد قادر ود. كاوان اسماعيل ابراهيم ود. هيوا ابراهيم قادر، القانون الدولي الخاص، ج١، ط١، مكتب التفسير للطبع والنشر، اربيل، ٢٠١٩، ص175. ود. عماد خلف الدهام ود. طلعت جياد لجي الحديدي، مصدر سابق، ص235. 

[66] د. ميسون طه حسين و د. غني زغير الخاقاني، مبادئ القانون الاداري والتنظيم الاداري في العراق، ط١، مؤسسة دار الصادق الثقافية، ٢٠١٩، ص20.                                                                                                                   

[67] د. علي يونس اسماعيل، القاضي الإداري بين المشروعية والملائمة، ط، دار المسلة للطباعة والنشر والتوزيع، بغداد، 2018، ص58 .                                                                                                        

[68] د. وسام صبار العاني، القضاء الاداري، ط1، مكتبة السنهوري، بغداد، 2015، ص100.

[69] قرار (غير منشور).

[70] قرار محكمة القضاء الإداري رقم (57 / قضاء اداري / ٢٠٠٨ ) في12/6/2008، منشور في مجموعة قرارات مجلس الدولة وفتاواه لسنة2008، ص536-537.

[71] قرار (غير منشور).                                            

[72] د. حنان محمد القيسي وآخرون، إجراءات التقاضي امام القضاء الإداري ( دراسة مقارنة)، ط١، المركز العربي للنشر والتوزيع، مصر،٢٠٢١، ص18.                                           

[73] د. محمد علي جواد ود. نجيب خلف الجبوري، القضاء الإداري، مصدر سابق، ص222.                       

[74] د. نجيب خلف الجبوري، القضاء الإداري، بدون طبعة، مكتبة يأدكار، السليمانية، ٢٠١٨، ص247.

[75] رفاه كريم رزوقي، دعوى التعويض عن القرارات الإدارية غير المشروعة( دراسة مقارنة)، رسالة ماجستير، كلية القانون، جامعة بغداد، ص97.

[76] ده شتى صديق محمد، مصدر سابق، ص ١٠٥.

[77] د. مازن ليلو راضي، اختصاص القضاء الإداري في نظر منازعات الجنسية( دراسة مقارنة)، مصدر سابق، ص54 .

[78] د. محمد سامر دغمش، الرقابة القضائية والاختصاص النوعي على مسائل الجنسية في اختصاص القضاء الإداري (دراسة مقارنة)، ط١، مركز الدراسات العربية للنشر والتوزيع، مصر، ٢٠١٨، ص143.                                        

[79] د. عزالدين عبدالله، القانون الدولي الخاص،ج١، ط١٠، دار النهضة العربية، القاهرة،١٩٧٧، ص 504                  .            

[80] د. هشام علي صادق، القانون الدولي الخاص، بدون طبعة، دار المطبوعات الجامعية، الاسكندرية، ٢٠٠٤، ص306.

[81] د. محمد سامر دغمش، مصدر سابق، ص 152.

[82] د. احمد عبدالكريم سلامة، المصدر السابق، ص413.                                                                

[83] د. سليمان محمد الطماوي، القضاء الإداري ورقابته لأعمال الإدارة(دراسة مقارنة)،ط٣، دار الفكر العربي،١٩٦١، ص222.

[84] د. داود الباز، اختصاص مجلس الدولة بدعاوى الجنسية( دراسة مقارنة)، بدون طبعة، دار النهضة العربية، القاهرة،2000، ص38.  

[85] د. محمود عبد علي الزبيدي، مصدر سابق، ص70.                    

[86] د. داود الباز، مصدر سابق، ص 39.

[87] د. سراج الدين شوكت خير الله، مصدر سابق، ص 314_315. 

[88] د. سليمان محمد الطماوي، القضاء الإداري ورقابته لأعمال الإدارة ( دراسة مقارنة)، مصدر سابق، ص222.           

[89] د. ممدوح عبد الكريم حافظ، القانون الدولي الخاص( وفق القانونين العراقي والمقارن)، ط1، دار الحرية للطباعة، بغداد، 1977، ص 154_155.

[90] د. احمد عبدالكريم سلامة، مصدر سابق، ص415.                                                                

[91] د. سليمان محمد الطماوي، القضاء الإداري ورقابته لأعمال الإدارة ( دراسة مقارنة)، مصدر سابق، ص 218. 

[92] د. ابو العلاء علي النمر، النظام القانوني للجنسية المصرية، ط٢، دار النهضة العربية، القاهرة،٢٠٠٠، ص442.

[93] د. احمد مسلم، القانون الدولي الخاص( الجنسية ومركز الاجانب)،ج١، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، ١٩٥٦، ص259.

[94] د. ابراهيم عبدالعزيز شيحا، القضاء الإداري، بدون طبعة منشأة المعارف، الاسكندرية، ٢٠٠٦، ص198.

[95] د. داود الباز، مصدر سابق، ص32.                                          

[96] د. احمد عبدالكريم سلامة، مصدر سابق، ص 417.                                                        

[97] د. مازن ليلو راضي، اختصاص القضاء الإداري في نظر منازعات الجنسية( دراسة مقارنة)، مصدر سابق، ص60.

[98] د. ورود لفته مطير، اختصاص محكمة القضاء الإداري بالرقابة على قرارات الجنسية( دراسة مقارنة)، بحث منشور في مجلة ميسان للدراسات القانونية، ٢٠١٧، ص 259_260.        

[99] مهدي الشيخ عوض احمد، الرقابة القضائية على القرارات المتعلقة بمسائل الجنسية( دراسة مقارنة)، اطروحة دكتوراه ، الحقوق، جامعة عين شمس، ٢٠٠٣، ص325.

[100] د. ورود لفته مطير، مصدر سابق، ص259. وتجدر الإشارة إلى أن الطلبات الأصلية: هي الطلبات التي تنشئ عنها قضية لم تكن موجودة قبل ابدائها، فهي أول ما يتخذ في الخصومة من إجراءات ولذلك تسمى الطلبات المفتتحة للخصومة، الطلبات العارضة: هي الطلبات التي تبدأ أثناء خصومة قائمة فهي لا تنشئ خصومة جديدة وإنما تعدل من نطاق خصومة قائمة، فالطلبات العارضة التي يقدمها المدعي أو المدعى عليه هي التي تتضمن تصحيح الطلب الأصلي أو تحويل موضوعه لمواجهة ظروف طرأت أو ظهرت بعد رفع الدعوى. د. سامي الوافي الدفوع في الدعوى الادارية( دراسة تشريعية قضائية فقهية)، ط١، المركز الديمقراطي العربي للنشر، برلين- المانيا، سنة ٢٠١٧، ص11_12.

[101] د. محمد سامر دغمش، مصدر سابق، ص157.                                                

[102] د. احمد عبدالكريم سلامة، مصدر سابق، ص419.

[103] د. سراج الدين شوكت خير الله، مصدر سابق، ص318.

[104] مهدي الشيخ عوض احمد، مصدر سابق، ص325.                          

[105] د. سراج الدين شوكت خير الله، مصدر سابق، ص318.

[106] د. محمد سامر دغمش، مصدر سابق، ص 163.

[107] د. سامي الوافي، مصدر سابق، ص94وما بعدها.

[108] د. محمد سامر دغمش، مصدر سابق، ص 163.

[109] د. احمد عبدالكريم سلامة، مصدر سابق، ص418.

[110]  نبراس ظاهر الزيادي، الاجراءات القضائية في مسائل الجنسية( دراسة مقارنة)، رسالة ماجستير، كلية القانون، جامعة بابل، ٢٠١١، ص45.    

[111] د. ابو العلاء علي النمر، مصدر سابق ، ص448.

[112] مهدي الشيخ عوض احمد، مصدر سابق، ص324.