تاريخ استلام البحث 17/11/2022   تاريخ القبول  11/1/2023      

حقوق الطباعة محفوظة لدى مجلة كلية القانون والعلوم السياسية في الجامعة العراقية

حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمؤلف

حقوق النشر محفوظة للناشر (كلية القانون والعلوم السياسية - الجامعة العراقية)

CC BY-NC-ND 4.0 DEED

Printing rights are reserved to the Journal of the College of Law and Political Science at Aliraqia University

Intellectual property rights are reserved to the author

Copyright reserved to the publisher (College of Law and Political Science - Aliraqia University)

Attribution – Non-Commercial – No Derives 4.0 International

For more information, please review the rights and license

DOI 10.61279/0cvg1980

المسؤولية المدنية عن التلوث الضوئي

Civil Responsibility On Light Pollution

م.د. خالد محمد علي

جامعة ديالى / كلية القانون والعلوم السياسية    

Lecturer Doctor Khalid Mohammed Ali

Universty Of Diyala / College Of Law And Political Science

Khalid.mohammed@uodyiala.edu.iq

المستخلص

من أجل الاستمرار في العيش على كوكب الأرض في بيئة نظيفة وصالحة ، يجب القضاء على الأسباب التي تلوث هذه البيئة وكافة العناصر الأخرى المكونة للأرض، ومن أسباب هذا التلوث، التلوث الضوئي الذي يضر بالبشر وجميع المكونات الاخرى للبيئة فلا بد من تحديد المسؤول عنه وكيفية معالجته.

Abstract

continue to live on planet Earth in a clean and suitable environment, the causes that pollute this environment and all other components of the earth must be eliminated, and among pollution the light pollution that harms humans and all other components of the environmentit is necessary to determine who is responsible for it and how to treat it.

المقدمة

أولا: توطئة                                                                                                                                          

ان مشكلة التلوث البيئي تعتبر من المشكلات المهمة التي يبحث الجميع عن وضع حلول نهائية لها وفي هذا الصدد لا يوجد فرق بين سعي الدول من حيث قوتها الاقتصادية الى وضع تلك الحلول، فالتلوث البيئي من المشكلات المعاصرة التي لا تعرف حدود و لا يمكن لأي دولة ان تحتج بعدم التأثر بها، و وجود الانسان على سطح الأرض في بيئة تمنحه القوة والنمو الاجتماعي والاقتصادي الامر الذي يدفعه الى عدم التفكير ببيئته، حيث وجد نفسه امام تحديات وصعوبات خطيرة ، فأتجه نحو تبني تشريعات بيئية تلزم المجتمع بضوابط قانونية للمحافظة على البيئة من التلوث، حيث يلزم من يثبت خطأه او قيامه بفعل يشكل ضررا على البيئة بالتعويض، وعلى الرغم من ذلك فقد شهدت المسؤولية عن الاضرار البيئية صعوبات كبيرة من حيث اثبات الضرر، وذلك لما تتميز به من خصائص تختلف عن الاضرار التي تعرفها المسؤولية المدنية، فالتلوث البيئي يعتبر ضرر غير مرئي و لا ينتج اثاره بصورة فورية بل قد تتراخى اثاره من زمنيا وتؤثر على تدرجه، ويعتبر من الاضرار المنتشرة التي لا يمكن حصرها في مكان بذاته وانما يغطي مساحات غير متوقعة.

ان المسؤولية المدنية المنشودة تتحقق اذا ما توافرت عناصرها المتمثلة بالخطأ والضرر والعلاقة السببية بينهما، و يتميز الضرر في التلوث الضوئي بأنه من نوع خاص الذي يصيب البيئة، ، وتحديده  كسبب يصلح لقيام المسؤولية المدنية، وتحديد المقصود بالتلوث الضوئي وهو ما دفعنا الى البحث في هذا الموضوع.

ثانيا: أهمية البحث

تكمن أهمية البحث في اعتبار الأضواء المنبعثة عن الاجسام المضيئة من قبيل التلوث الذي يصيب البيئة، ويسبب ضررا لها ولكل الكائنات الحية الموجودة في تلك البيئة، وتحديد المسؤول عن تلوث البيئة بسببها، بالاستعانة بقواعد المسؤولية المدنية التي نص عليها القانون المدني.

ثالثا: مشكلة البحث

يطرح البحث عدة أسئلة منها ما المقصود بالتلوث الضوئي ومدى إمكانية اعتباره من الأفعال المسببة للأضرار البيئية وسببا يصلح معه قيام المسؤولية المدنية، وما هو الأساس القانوني لنشأة تلك المسؤولية، ونوع تلك المسؤولية التي يندرج تحتها التلوث الضوئي، وماهي الإجراءات المتبعة لحماية البيئة من التلوث الضوئي.

رابعا: منهجية البحث                                       

بعد ما سبق من تحديد مجال البحث ونظرا للحكمة المتوخاة منه ينهض هذا البحث على المنهج التحليلي المقارن الامر الذي يستدعي تقسيم دراستنا الى مبحثين.

المبحث الأول

مفهوم التلوث الضوئي

والفعل الضار المنشئ للمسؤولية المدنية

تمهيد وتقسيم:

تتشكل البيئة من عناصر أساسية هي الماء والهواء والتربة والتي تعتبر الأساس لوجود البشرية والتي لا يمكن للإنسان ان يعيش بدونها، على ان تكون ضمن نسق ونسبة معينة , حيث يتمثل دور الانسان بالمحافظة على حياة سليمة خالية من الاخطار التي تنتج عن اختلال التناسق بين عناصر البيئة السابقة حيث يؤدي الاختلال الى حدوث تلوث بيئي.

يعد التلوث الضوئي أحد صور الاستخدام العشوائي لنمط حياة الانسان دون الاكتراث بالنتائج المصاحبة لعملية تحوله نحو حياة متطورة وبأسلوب جديد، وهو يبحث عن حياة تشابه حياة أولئك الذين يظهرون في أفلام الخيال العلمي والذي يتطلب منا البحث للوصول الى تحديد المراد بالتلوث الضوئي في مطلب اول وتحديد الفعل الضار الناشئ عن التلوث الضوئي الذي يصيب البيئة بالمقام الأول والانسان بالمقام الثاني الذي يعد ركنا أساسيا في نشأت المسؤولية المدنية في مطلب ثاني. 

المطلب الأول: التعريف بالتلوث الضوئي

يعد التلوث الضوئي أحد اشكال وصور التلوث التي تصيب البيئة بشكل عام فلا بد من الوقوف على معنى التلوث البيئي وصور تحققه وشروطه للوصول الى تعريف التلوث الضوئي.

وردت تعريفات عديدة للتلوث البيئي في مراجع علمية وقانونية ومنها ما يعرف التلوث البيئي على انه التغيرات الحاصلة في العناصر المكونة للبيئة سواء كانت تلك التغيرات فيزيائية او كيميائية, والتي تؤدي الى تغيير في خصائصها, فالتلوث البيئي يدل على التراجع الاقتصادي لبلد معين, فرمي المخلفات الصناعية والمواد الضارة الى البيئة تدل على الاستخدام غير المنصف للعناصر الطبيعية المكونة لها[1].

وعرفه اخرون بأنه كل التأثيرات السلبية على العناصر المكونة للبيئة والتي من ضمنها النباتات والحيوانات والمؤثرات على تركيب العناصر غير الحية المكونة للبيئة[2], ويمكن تعريف التلوث على انه جميع العوامل الخارجية المؤثرة على العناصر الأساسية المكونة للبيئة والتي من شأنها احداث تغيرات تنعكس سلبا على جميع الكائنات الحية.

عرف المشرع العراقي التلوث على انه «وجود أي من الملوثات المؤثرة في البيئة بكمية او تركيز او صفة غير طبيعية تؤدي بطريق مباشر او غير مباشر الى الاضرار بالإنسان او الكائنات الحية او المكونات الاحيائية التي توجد فيه»، ويذهب المشرع العراقي الى ان المقصود بالملوثات « أية مواد صلبة أو سائلة أو غازية أو ضوضاء أو اهتزازات أو إشعاعات أو حرارة أو وهج أو ما شابهها أو عوامل إحيائية تؤدي بطريق مباشر أو غير مباشر إلى تلوث البيئة»[3].  

وعلى الصعيد الدولي فأن الاتفاقيات الدولية تتناول التلوث بمفاهيم مغايرة ، وقد تضمنت وثائق ستوكهولم تعريفا لتلوث البيئة ما نصه» ان النشاطات الإنسانية تؤدي حتما الى إضافة مواد ومصادر للطاقة الى البيئة على نحو متزايد يوما بعد يوم وحينما تؤدي تلك المواد او تلك الطاقة الى تعريض صحة الانسان ورفاهيته وموارده للخطر او يحتمل ان تؤدي الى ذلك مباشرة او بطريقة غير مباشرة فأن هذا هو التلوث»[4].

يلاحظ ان المشرع العراقي قصد من خلال تعريفه للتلوث وجود علاقة سببية قائمة على أساس الحاق الضرر بالعناصر الرئيسية المكونة للبيئة بين الملوثات والفعل الضار الذي تحدثه بالبيئة التي توجد فيه تلك الملوثات، وقد تنوعت تلك الملوثات لتشمل كافة صور المواد الغير مرغوب فيها بحيث يمكن القول ان كل ما من شأنه ان يؤدي الى تغيير او تشويه التركيب الأساسي لعنصر مكون لبيئة معينة(كالماء والهواء والتربة)، ونحن بصدد تعريف التلوث الضوئي الذي يصيب البيئة يظهر من خلال بيان أنواع الملوثات التي أشار اليها المشرع العراقي «الوهج، الاشعاعات» والتي سنبينها لاحقا كأحدى صور التلوث الضوئي.

يعد مفهوم التلوث الضوئي من المفاهيم الحديثة جدا الناتج عن اضاءة او انزعاج عن مصدر اضاءة غير طبيعية سواء بالليل او بالنهار،  ويعرف التلوث الضوئي على انه الاستخدام الغير محدود للأضواء المصطنعة التي تؤدي الى اجراء تغييرات على الإضاءة الطبيعية للبيئة والتي بدورها تؤثر سلبا على صحة وسلامة الانسان وكذلك الحياة البرية، و ارتفاع ملحوظ في مستوى استهلاك الطاقة، وينعكس على الأبحاث الفلكية بصورة سلبية، والتي تؤدي الى خلل في النظم البيئية، ومن ابرز أسباب التلوث الضوئي الاستخدام الغير محدود للافتات المتوهجة واضواء الزينة و وضع انارة قوية في الشوارع بطريقة عشوائية ،و الاستخدام غير المنظم للإضاءة كترك المنازل غير المشغولة مضاءة، و التخطيط العمراني غير الصحيح مما يسبب كثافة سكانية والذي ينتج عنه اكثر من مصدر للضوء في مكان واحد[5] . 

وبالإمكان تعريف التلوث الضوئي على انه التغيرات التي تحصل بالنسبة الطبيعية للإضاءة والتي تستقر فيها الكائنات الحية ومنها الانسان، ناتجة عن حزمة ضوئية ذات درجة شديدة تبهر متلقيها، او يمكن القول انه ضوء غير محدد الهدف «لامع مشرق ومبهر متوهج يحير البصر من شدة الضوء»، وعرفته الجمعية الدولية للسماء المعتمة بأنه اضاءة غير محمية بشكل صحيح مما يسمح بتوجيه الوهج الصادر منه الى العينين والسماء[6].

وعرف التلوث الضوئي اخرون على انه خسارة بالطاقة الكهربائية والذي يسقط في أماكن لا حاجة لنا به ويؤدي الى خسارة بيئية واهدار للمال، او هو الضوء المتداخل او التعدي الخفيف للأضواء الخارجية التي تسبب عدم الراحة لأشخاص لا حاجة لهم بها، حينما تغزو المجال الخاص لأولئك الناس ويتطفل على البيئة التي يعيشون فيها، ويمكن ملاحظة التلوث الضوئي من خلال توهج السماء الناتج عن تشتت الضوء الصاعد في الغلاف الجوي بحيث يتم إعادة توجيهه نحو الأسفل مرة أخرى وبدوره يصل الى العين البشرية[7].

وللتلوث الضوئي عدة صور منها  توهج السماء، فإن سطوع سماء الليل فوق المناطق المأهولة هو المسؤول في الواقع عن اختفاء مجرة ​​درب التبانة والنجوم من العديد من المناطق، و التعدي الخفيف قد يحدث هذا مع تعدي الضوء عندما يدخل الضوء غير المرغوب فيه إلى ملكية خاصة، سواء كان ذلك من أحد الجيران أو المصابيح الأمامية للسيارات المارة، أو مصابيح الشوارع، و الإفراط في الإضاءة غالبًا ما يتداخل هذا مع وهج السماء في المناطق المتحضرة ويحدث عند استخدام الضوء المفرط للفت الانتباه إلى مبنى مهم، حيث يتبادر إلى الذهن معالم المدن المهمة والمباني التاريخية وناطحات السحاب، التي تبحث عن جذب الانتباه وخاصة في المدن التي يرتادها السائحون، و الوهج عندما يتركز الضوء غير المحمي من مصدر واحد في السماء وأماكن أخرى، و يمكن أن يقلل الوهج من الرؤية ويمكن أن يسبب العمى، و فوضى خفيفة  من التجمعات الزائدة من الأضواء الساطعة والمربكة ، والتي توجد بشكل شائع في المدن ذات الإضاءة الزائدة والمناطق المأهولة، حيث انشأ موقع المصباح (LED ) في المملكة المتحدة ، مخطط المعلومات الذي يستكشف كيف تؤثر هذه الأشكال من التلوث الضوئي على بيئة الكرة الارضية[8].

وقد خلصت دراسات عديدة الى ان التلوث الضوئي كما يصيب البيئة فأنه يصيب الانسان على حد سواء ومن هذه الاضرار، امراض القلب وارتفاع ضغط الدم والتي ترتبط بشكل غير مباشر بأرتفاع مستويات التوتر للمتعرض للإضاءة، والتي تؤدي بدورها الى افراز الجسم هرمونات أخرى ينتج عنها امراض تصيب القلب ، ومرض السرطان وقلة المناعة المرتبط بانخفاض الهرمونات المسؤولة عن المناعة حيث يؤدي التعرض للضوء لأوقات طويلة سلبا على جهاز المناعة، لكونه يؤثر في العين وينتقل الى الدماغ ومنه الى الغدة الصنوبرية، وللضوء تأثير خطير على العاملين في الليل من امراض السكري  النوع الثاني ومن اثاره الزيادة في الوزن، ومن المخاطر التي تصيب الجسم البشري نتيجة التعرض للضوء منع الجسم البشري من افراز هرمون الميلاتونين بصورة طبيعية، والذي يفرزه الجسم البشري بحلول ساعات الليل يكمن دوره الشعور بالنعاس ومن ثم النوم[9]، ونجد الأثر الأكبر للتلوث الضوئي وقت الليل، حيث يكون الضوء اكثر حدة وشدة على البصر مما يسبب ضررا بأجزاء العين واهمها الشبكية، وان الثابت علميا ان الإضاءة الشديدة لها تأثير سلبي على الصحة العضوية او النفسية للإنسان والذي يتسبب التلوث الضوئي بدوره بأنواع كثيرة من السرطانات التي تصيب الانسان[10].

المطلب الثاني: الفعل الضار المنشئ للمسؤولية المدنية عن التلوث الضوئي

ان التلوث بصوره المتعددة يشكل ضررا على البيئة ونحن بصدد البحث عن الأساس القانوني لنشأة المسؤولية عن التلوث الضوئي باعتباره واحدا من تلك الصور، ولما كان التلوث الضوئي يشكل ضررا على البيئة ومحيطها والذي يكون ماديا وفي أحيان أخرى يصاحبه الضرر المعنوي ملحقا ضررا نفسيا[11] ، وان الخطأ التقصيري يراد به التعدي وتجاوز الحدود التي يجب على الشخص الالتزام بها في سلوكه فالانحراف بالسلوك متعمد مقترن بقصد الاضرار بالغير او غير متعمد ناتج عن اهمال وتقصير ويستعان بالمعيار الموضوعي لتحديد التعدي او لضبط الانحراف[12]، والسؤال الذي يطرح عن ماهية التلوث الضوئي لأعتباره  فعلا ضاراً؟ ان المشرع العراقي أورد في باب المسؤولية عن الاعمال غير المشروعة في المواد (186،190،204) عبارة التعدي او التعمد التي يستدل منها عن الانحراف على السلوك السابق ذكره، ولم يذكر في تلك النصوص مصطلح الخطأ، مما يعني ان المشرع العراقي قد تأثر كثيرا بالفقه الإسلامي واسس المسؤولية على أساس الأفعال الصادرة عن أي شخص مميز او عديم التمييز والتي تخالف السلوك الاعتيادي للشخص المعتاد وجعلها صالحة لالتزامهم بتعويض الاضرار الناشئة عنها، لأن الخطأ كركن من اركان المسؤولية يتطلب تحققه شرط التمييز والادراك، مما جعل المشرع العراقي يخالف المشرع المصري في موقفه من كون مسؤولية عديم التمييز احتياطية جوازية مخففة على عكس المشرع العراقي اصلية مخففة.

ان الطبيعة الخاصة للمسؤولية عن الأفعال التي ينجم عنها التلوث البيئي بصورة عامة والتلوث الضوئي بصورة خاصة تفرض نفسها على الدول لأصدار تشريعات تنظم مثل هذه الأفعال، من خلال مجموعة قوانين خاصة تتناول الأنشطة التي تنتج عن التلوث البيئي، توضح فيها نطاقه والنتائج التي تترتب عليه بحيث يمكن القول ان للتلوث نظام قانوني خاص للمسؤولية، وان ذلك لا يعني ان المسؤولية عن التلوث الضوئي لا تخضع للقواعد العامة للمسؤولية، فالتقنيات العلمية بتطور مستمر وكل تطور علمي في مجال معين تظهر معه مظاهر جديدة للخطأ، وان جهود القضاء لم تقف عند نوع محدد من أنواع المسؤولية، حيث هناك قواعد المسؤولية شبه الموضوعية او الموضوعية، وان البحث عن أساس تعويض المتضرر يأخذ مسارين أولهما سلوك مرتكب الفعل الضار او المسؤول عن الضرر، وثانيهما حق المضرور بالمطالبة بالتعويض على اعتبار ان ضمان حقه بالتعويض هو أساس المسؤولية[13].

ولما كان الأصل ان الخطأ يشكل الركن الأساسي لقيام المسؤولية عن الأفعال الضارة والتي تصدر عن أي شخص، وفي حال مساءلته عن الأفعال الضارة التي تصدر عنه بدون توافر الخطأ من قبله وهذا يعد خروجا عن الأصل السابق بيانه، فالخطأ هو محل افتراض اخلال بواجب قانوني سابق والى هذا أشار المشرع المصري بالنص على «كل خطأ سبب ضررا للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض»[14]، والخطأ يرتكز على عنصرين هما مادي ومعنوي، فالجزء المادي ناتج عن تعمد الاضرار بالغير وفي أحيان أخرى دون التعمد نتيجة اهمال او عدم حيطة، وفي نطاق الاضرار الناتجة عن التلوث الضوئي هي قيام أي شخص بفعل يترتب عليه احداث ضرر بالأخرين او بأموالهم او بالعناصر البيئية من حولهم، في حال تحققت احدى صور التلوث الضوئي التي سبق وان تم بيانها في المطلب السابق، على فرض ان مرتكب هذه الأفعال قام بارتكابها قاصدا الحاق ضرر بالطرف الاخر المتضرر، او لديه النية المسبقة لأحداث الضرر بالأشخاص او عناصر البيئة وهنا يتحقق العنصر المعنوي[15].

يلاحظ من خلال محاولة الوصول الى وضع تعريف للتلوث الضوئي بالمطلب السابق وتحديد صوره التي لا يمكن حصرها لان التلوث الضوئي، ينتج عن مصادر معلومة في الوقت الحالي وقد تستجد في المستقبل، ولما كان التلوث الضوئي ينتج عن أشياء تسبب ذلك الضرر لعناصر البيئة وللأشخاص المتواجدين فيها، فأن الفعل الضار الناتج عن التلوث الضوئي لا يمكن حصره بركن الخطأ فقد يكون كذلك او قد يتحقق بناءا على فكرة الحراسة التي تدور وجودا وعدما مع الشيء المادي الذي يكون ضمن مجال الحراسة والذي يمكن من خلاله ان تتحقق المسؤولية عن الأشياء وما تحدثه من اضرار.

ولما كان التلوث الضوئي ينشئ عن مصادر متنوعة فقد نص المشرع العراقي على «ليس لأحد وضع شيء في الطريق العام بلا ترخيص واذا فعل ضمن الضرر الذي تولد من هذا الفعل»[16]، فقد تكون تلك الأشياء الموضوعة في الطرق العامة عبارة عن أعمدة انارة او لوحات إعلانية، مما تسبب تلوثا بيئيا فيما لو وضعت بصورة خاطئة او استعملت فيها نوعية اضاءة تسبب ضررا للمارة و لمن يقود سيارته ليلا.

ان مسؤولية حارس الأشياء الخطرة تتحقق طالما كانت تلك الأشياء تسبب ضررا وتعتبر خطرة بطبيعتها والمسؤولية في هذا المجال لا تشترط لتحققها الاتصال المادي، بين مسبب التلوث الضوئي والضرر الناتج عنه، فالسيطرة الفعلية على مصدر الشيء المسبب للتلوث الضوئي، بصرف النظر عن السند القانوني الذي تستند اليه تلك السيطرة من كونها مشروعة ام غير مشروعة، لان أساسها الاستعمال المادي للشيء، ويجب ان يكون الشيء الذي تسبب بأحداث الضرر خطرا، من خلال نشاطه الإيجابي المسبب للضرر[17]، والسيطرة الفعلية (الحراسة الفعلية) تتطلب توافر ثلاث عناصر أولها الاستعمال من خلال توظيف الشيء للغرض الذي اعد من اجله او تم تخصيصه للقيام بوظيفة معينة، وثانيها التوجيه أي سلطة الحارس على توجيه الشيء والتي لا تتطلب الحيازة المادية حتى وان كانت عن بعد، وثالثها الرقابة على الشيء وتعني ممارسة سلطة الاشراف والتحكم بأجزاء الشيء ، والتي تمنحه الحق بأستبدال وتصليح الأجزاء التالفة منه، والتصرف به قانونا[18] .

خلاصة القول نرى ان الفعل الضار الناشئ عن التلوث الضوئي يتحقق بتوافر الخطأ المفترض في حال قيام شخص طبيعي او معنوي بعمل او امتنع عن القيام بعمل يؤدي الى نشوء التلوث، واذا ما سلمنا ان الخطأ المفترض هو السبب في قيام المسؤولية عن التلوث الضوئي ، فأن هذا الخطأ قابل لأثبات العكس بواسطة السبب الأجنبي على سبيل المثال وان من احدث الضرر لا دخل له فيه، ويمكن اعمال المسؤولية عن الفعل الضار المتمثل بالتلوث  الضوئي من خلال الحراسة عن الأشياء والتي تفترض السيطرة الفعلية على الشيء مصدر التلوث الضوئي والقدرة على التحكم به، وان أساس هذه المسؤولية يتمثل بالاعتبارات الاجتماعية والاقتصادية التي حملت المشرع على اختيار شخص معين يتحمل عبء  التعويض عن الضرر الحاصل، وهذه المسؤولية لا تتطلب الاتصال المباشر بين مصدر التلوث الضوئي ومحل الضرر، بل تفترض الاتصال بين مصدر التلوث وحارسه.

المبحث الثاني

سبل حماية البيئة من التلوث الضوئي

تنشأ المسؤولية المدنية بتوافر أركانها وفقا للقواعد العامة وبحالات خاصة كالتلوث الذي يصيب البيئة بشكل عام فقد ، التي بينها المشرع بالتعدي و التعمد  والضرر والعلاقة السببية كما اسلفنا، وللتصدي للآثار المترتبة على التلوث الضوئي في حالة تحققه، فقد ذهب المشرع الى اتخاذ خطوات تعالج هذه الظاهرة السلبية في البيئة من خلال الضبط الإداري وما يتضمنه من سبل وإجراءات، تعمل الإدارة على تطبيقها للحد من التلوث الضوئي من خلال معالجته في المطلب الأول ، واذا ما وقع التلوث الضوئي وتحقق فلا مناص من اللجوء الى القضاء واتباع ما رسمه القانون من طرق لدرء الاضرار الناجمة عنه في مطلب ثاني.

المطلب الأول: الضبط الإداري للوقاية من التلوث الضوئي

تمهيد وتقسيم:

تعمل المؤسسات العامة على درء وقوع الضرر البيئي وما يترتب عليه من اثار متمثلا بالتلوث الضوئي في مجال بحثنا، وفي سبيل قيامها بواجباتها فلا بد ان تمتع تلك المؤسسات بمجموعة من السلطات التي تعمل من خلالها على أداء وظائفها التي عهدت اليها، والسؤال الذي يطرح ماهو دور الإدارة المركزية والمحلية في مجال الضبط الإداري، وما هي الإجراءات التي تتبعها في سبيل أداء واجبها بالمحافظة على البيئة.

الفرع الأول: سلطات الضبط الإداري

ان الإدارة على المستوى المركزي والمحلي تعمل على تحسين البيئة وحمايتها وتعدها من الشؤون العامة وليست شأنا خاصا، ويتجسد ذلك الدور من خلال التشريعات التي تمنح البيئة الأولوية في مجال الحماية القانونية كأولى واجبات الإدارات المركزية، ومن أولى تلك المظاهر ما نص عليه المشرع العراقي في قانون حماية وتحسين البيئة على تشكيل مجلس يسمى «مجلس حماية وتحسين البيئة» ، ويكون هذا المجلس مركزيا ويرتبط بوزارة البيئة وممثلا برئيسه وزير البيئة او من يخوله و وكيل الوزير الفني، وعدد من الأعضاء(24) عضوا ممثلين في المجلس لكافة الوزارات (الإدارات المركزية)، إضافة الى ذلك ان المشرع العراقي قد رسم الية عمل مجلس البيئة وكيفية انعقاد جلساته والكيفية التي تصدر بها قراراته، مبينا مهامه التي يمارسها على صعيد حماية البيئة الوطنية بالتزامن مع دوره في حماية البيئة على الصعيد الدولي التي يشترك بها العراق مع الدول المجاورة[19]، بالإضافة الى حل المشكلات الدولية البيئية المعاصرة ومنها التغير المناخي، فالدور الذي يقوم به المجلس وفق قانون حماية وتحسين البيئة العراقي يمثل دورا مركزيا بصورة لا تقبل الشك او التفسير. 

ان الغموض الذي يشوب المفاهيم الاقتصادية والسياسية التي تتعلق بالبيئة وعدم نشر ثقافة المحافظة على البيئة تعد من عوامل فشل الإدارة المركزية في حماية البيئة، وغياب الخطط الموحدة بين الوزارات المختلفة وصعوبة التنسيق بينها تعود الى الطبيعة التي تتميز بها حماية البيئة، وعدم نظر الوزارات ذات الصلة الى كونها مهمة جوهرية، بالإضافة الى ضعف الدور الذي تتخذه الوزارة المعنية بحماية البيئة، كونها لا تعد من الوزارات السيادية وكذلك غياب الخطط المستقبلية لحماية البيئة، وعدم ادراج بنود واضحة في المشاريع المنفذة تتضمن اليات حماية البيئة بعد انجاز المشروع و دخوله حيز التشغيل والعمل[20].

اما على صعيد الإدارة المحلية ومن خلال استقراء نصوص قانون حماية وتحسين البيئة العراقي فأننا نجد ان المشرع قد نص على تشكيل «مجلس حماية وتحسين البيئة في المحافظة» يرأسه المحافظ في كل محافظة ويتكون من عدد من الأعضاء وتحدد مهامه وكيفية عمله من قبل مجلس حماية البيئة المشار اليه سابقا[21] ، وبالفعل فقد أصدرت وزارة البيئة العراقية تعليمات[22]، تبين مهام عمل المجالس في المحافظات بشكل يماثل عمل المجلس المركزي ومن خلال استقراء نصوص التعليمات، يتبين ان وزارة البيئة قد جعلت من مجالس حماية البيئة في المحافظات مجرد مجالس مراقبة للأوضاع البيئية في المحافظات، دون إمكانية اتخاذ أي قرار او اللجوء الى قانون حماية وتحسين البيئة النافذ، والذي يتضمن نصوص عقابية وإمكانية فرضها على المخالف، وان جعل دورها مقتصرا على رفع توصيات لأتخاذ الاجراء المناسب من قبل المجلس المركزي في الوزارة، ماهو الا رفع الصفة الأساسية التي من اجلها تؤسس تلك المجالس في المحافظات وتقاطعا مع نظام الإدارة اللامركزية، التي نص عليها الدستور حيث تتمتع المحافظات بمجالس إدارة محلية متمثلة بمجالس المحافظات، ونقل العديد من الصلاحيات الى المحافظين في تلك المحافظات الغير منتظمة بأقليم، وعطفا على ذلك فقد قامت الحكومات السابقة بدمج وزارة البيئة مع وزارة الصحة واعتبارها وزارة واحدة وهو دليل على عدم جدية تلك الحكومات بمنح البيئة الأولوية في جدول اعمالها، وعلى الرغم من ذلك فأن قانون حماية وتحسين البيئة العراقي قد نص على عدة وسائل تساهم في الضبط الإداري لحماية البيئة.

الفرع الثاني: الإجراءات الوقائية لحماية البيئة من التلوث الضوئي

تمتلك سلطات الضبط الإداري في سبيل أداء مهمتها في حماية البيئة من التلوث الضوئي مجموعة من الإجراءات الوقائية التي نص عليها القانون، وتعد احد الأساليب القانونية الفعالة والجدية لحماية البيئة من التلوث الضوئي، ولابد من إجراءات وقائية تسبق وقوع الضرر من قبل السلطات الإدارية او تعمل على تقليل اثاره وسوف نستعرض مجموعة من الإجراءات الوقائية وكما يلي:

أولا: الحظر                                                 

ويقصد بالحظر هو وسيلة تلجأ اليها سلطات الضبط الإداري للمحافظة على النظام البيئي العام لتمنع بموجبه القيام بأي اجراء او ممارسة نشاط يشكل تهديدا على البيئة، ومما تجدر الإشارة اليه ان الحظر لا يعني الغاء الحريات التي كفلها القانون، ومن ذلك فأن مجلس الدولة الفرنسي لم يقر للأدارة ان تمنع المصورين من مزاولة نشاطهم في الشوارع بشكل مطلق، فالحظر المقصود منه ان يعمل القانون على منع أي ممارسة لأي تصرف من شأنه ان يهدد البيئة وتلحق ضررا بها[23].

وتجدر الإشارة الى ان المشرع العراقي أشار الى الحظر  في مجال الحماية والمحافظة على البيئة من التلوث من خلال نص المادة(11) من قانون حماية وتحسين البيئة العراقي التي جاء بنصها «تمنع الجهات ذات النشاطات المؤثرة على البيئة من ممارسة عملها دون استحصال موافقة الوزارة»، مما يعني عدم إمكانية الشروع في انشاء أي مشروع يتضمن عمله نشاطا قد يسبب تلوثا بيئياً دون تقديم طلبات أصولية مسبقة، مثال ذلك قيام أصحاب المشاريع بوضع لوحات إعلانية ضوئية كبيرة الحجم في الطرقات بصورة عشوائية للإعلان عن مشاريعهم وما تتضمنه لجذب الزبائن.

ثانيا: التخطيط البيئي العمراني                  

ويقصد به وضع الخطط المستقبلية لإنشاء المدن من قبل السلطات الإدارية متضمنة المحافظة على البيئة من التلوث الضوئي، والى ذلك أشار المشرع العراقي بالنص « تتولى الجهات التخطيطية في الدولة بالعمل على إدخال اعتبارات حماية البيئة ومكافحة التلوث والاستهلاك الرشيد للموارد الطبيعية والتنمية المستدامة في خطط المشروعات التنموية»[24]، فعلى وزارة التخطيط والدوائر المرتبطة بها ان تضع نصب عينها المحافظة على البيئة من التلوث وهي تعمل على اعداد تلك الخطط، وان تتضمن وسائل تمنع وقوع التلوث الضوئي.

ثالثا: سلطة الالزام او الامر الإيجابي   

ويقصد به اجراء قانوني واداري على الافراد ضرورة القيام ببعض الأفعال الإيجابية التي تهدف الى تحقيق المحافظة على البيئة من التلوث الضوئي، ويعتبر الالزام الإيجابي الصورة الأكثر شيوعا للإجراءات القانونية التي تستخدمها سلطات الضبط الإداري، فهي لا تقوم بحظر او تعليق النشاط على ترخيص او اذن مسبق، بل تكتفي بمجرد تنظيم النشاط وكيفية ممارسته، وعلى صاحب النشاط القيام بتصرف إيجابي يهدف الى حماية البيئة ومنع التلوث، وهو ما أشار اليه المشرع العراقي بالنص من خلال المادة(9) منه[25].

رابعا: تقرير دراسة التأثير                             

على صاحب المشروع وقبل البدء به ان يقدم دراسة توضيحية مفصلة عن الية عمل المشروع لبيان الاضرار البيئية الناشئة عن نشاطه مستقبلا، واذا ما كانت تشكل تهديدا او ضررا بيئيا محتملا والى ذلك أشار المشرع العراقي بالنص «  أولا : يلتزم صاحب أي مشروع قبل البدء بإنشائه بتقديم تقرير لتقدير الأثر البيئي يتضمن ما يأتي:

 أ – تقدير التأثيرات الايجابية والسلبية للمشروع على البيئة وتأثير البيئة المحيطة عليه

ب – الوسائل المقترحة لتلافي ومعالجة مسببات التلوث بما يحقق الامتثال للضوابط والتعليمات البيئية.

جـ-حالات التلوث الطارئة والمحتملة والتحوطات الواجب اتخاذها لمنع حدوثها بالبيئة وترشيد استخدام الموارد

د – البدائل الممكنة لاستخدام تكنولوجيا أقل إضرارا.

هـ-تقليص المخلفات وتدويرها أو إعادة استخدامها كلما كان ذلك ممكنا.

و – تقدير الجدوى البيئية للمشروع وتقدير كلفة التلوث نسبة إلى الإنتاج.

ثانيا : تتضمن دراسة الجدوى الفنية والاقتصادية لأي مشروع التقرير المنصوص عليه  من هذه المادة»[26].

خامسا: الحوافز التشجيعية                                  

للوقاية من التلوث الضوئي تعمل السلطات الإدارية على اتباع أسلوب الحوافز التشجيعية كأجراء قانوني للحد من ظاهرة التلوث الضوئي، متمثلا بتقديم المنح المالية او التأمينات المالية و الإعفاءات الضريبية وتقديم بعض التسهيلات القانونية.

وقد تكون بشكل تقدير معنوي كالشهادات التقديرية او الشكر او على شكل اوسمة او الإشادة والعديد من الصور الأخرى, كمنح القروض الميسرة بدون فوائد لأستخدام الطاقة النظيفة، او التخلص من النفايات من خلال إعادة تدويرها او استخدامها كالنفايات الالكترونية[27](28) .

من جانبه فأن المشرع العراقي لم يغفل مسألة الحوافز التشجيعية فقد نص في قانون حماية وتحسين البيئة على « للوزير منح الأشخاص الطبيعية والمعنوية من الذين يقومون بأعمال أو مشروعات من شأنها حماية البيئة وتحسينها مكافآت يحدد مقدارها وكيفية صرفها بتعليمات يصدرها وفقا للقانون «[28]، ويلاحظ ان المشرع العراقي اقتصر في مجال الحوافز التشجيعية على المكافآت المالية دون المزايا المعنوية ،كالتشجيع على تقديم البحوث والدراسات التي من شأنها حماية البيئة من التلوث الضوئي، وتشجيع طلبة الدراسات العليا في الجامعات على تقديم البحوث والدراسات العلمية التي تساهم بحل مشاكل التلوث الضوئي ومشاكل البيئة بصورة عامة، وفي ذات الوقت فأن المشرع العراقي قد اغفل ذكر الإعفاءات الضريبية او المنح المادية كأحدى وسائل الحوافز التشجيعية، وسوف نتناول الجزاءات القانونية في المطلب الثاني من بحثنا.

المطلب الثاني: الجزاءات القانونية المترتبة على التلوث الضوئي

ان اغلب التشريعات المعنية بحماية البيئة تتضمن مجموعة من الجزاءات القانونية التي تفرض على الأفعال التي تشكل ضررا للبيئة ومنها التلوث الضوئي، وللبيئة طبيعة خاصة للحماية تفرض وجود نظام جزائي يتناسب مع ما تمثله من مصالح تستحق الحماية القانونية، فلا بد من وجود اسلوبين من أساليب الحماية القانونية تتمثل بالوقاية والغرامات المالية والازالة، وأخرى تتمثل بالجزاءات الجزائية والمدنية، وسوف نعالج هذه المواضيع من خلال المبحثين القادمين.     

الفرع الأول: الجزاءات الإدارية للحد من اثار التلوث الضوئي

توصف الجزاءات الإدارية البيئية بـأنها ذات طابع وقائي و علاجي في وقت واحد لما تتضمنه من العقاب الذي يفرض على الأفعال المخالفة لنصوص تشريعات حماية البيئة، وتتميز الجزاءات الإدارية بسرعة تطبيقها والتي تؤدي الى منع اتساع الاضرار التي تلحق بالبيئة، فضلا عن الأساليب الوقائية التي تردع مرتكب المخالفة البيئية وتفرض الجزاء المناسب له، والجزاء الإداري هو الذي تفرضه الإدارة المركزية او المحلية على حد سواء، على مرتكب المخالفة سواء كان مرتكبها من الافراد او المؤسسات ،بدون العودة الى القضاء لكونها تحقق حماية المصلحة العامة والنظام الاقتصادي السائد في مجتمع معين[29]

ويعتبر البعض ان الغرامات المالية من اهم صور الجزاءات الإدارية التي تترتب على مخالفة النشاط لقوانين البيئة والحاق الضرر وفق مفهوم التلوث الضوئي، وتمثل مبلغ من النقود تقرره التشريعات ذات العلاقة يفرض على مرتكب الفعل المخالف ، وتكون بديلا عن المطالبة الجزائية ويجب عليه تسديد ذلك المبلغ الى الجهة المختصة قانونا, وتتنوع صور الغرامات المالية التي وردت في التشريعات البيئية، فقد تكون مبلغ محدد سلفا او يترك تقديره للجهة المختصة في حالة وقوع الفعل الضار المنشئ للتلوث الضوئي[30].

وقد ذهب المشرع العراقي الى منح سلطات الضبط الإداري السلطة التقديرية في فرض الغرامات الإدارية كجزاء على مرتكب فعل التلوث الضوئي، حيث خول الوزير المختص او من يخوله الوزير مشترطا فيه ان يكون من الدرجات الوظيفية المعتبرة او الدرجات التي  لا تقل عن مدير عام، ان يفرض غرامة مالية لا تقل عن مليون دينار و لا تزيد عن 10 مليون دينار عراقي، حيث يلاحظ ان المشرع منح سلطة الضبط الإداري المختصة صلاحية فرض الغرامة بما يتناسب مع جسامة الفعل المرتكب، والتي يجب ان تؤدي الغرامة دورها في إزالة الضرر وتتناسب مع الهدف منها أجاز إمكانية تكرار فرض العقوبة على المخالف في حالة عدم الاستجابة من فرض الغرامة بالمرة الاولى[31].

ومن صور الجزاءات الإدارية غلق المشروع او منع المشروع من مزاولة نشاطه من خلال القرار الإداري الصادر عن الجهة المختصة والتي تمتلك سلطة اصدار القرار، ويتمثل غلق المشروع نتيجة الاخلال او مخالفة القوانين واللوائح، ويعد هذا الجزاء قاسيا نوعا ما كونه ينطوي على منع المشروع من مزاولة نشاطه طيلة فترة الغلق والذي يترتب عليه خسائر مالية كبيرة، وهذا القرار يستند الى نص القانون دون الرجوع الى القضاء[32].

ويلاحظ ان المشرع العراقي جعل من اغلاق المشروع المسبب للتلوث الضوئي يأتي لاحقا وبعد توجيه الإنذار الى صاحب المشروع الملوث للبيئة او يعتبر مشروعه مصدرا للتلوث او يقوم بأزالة الجزء او العامل المسبب للتلوث الضوئي كرفع لوحات الإعلانات الضوئية الكبيرة من الأماكن غير المرغوب فيها والتي تسبب ضررا للمارة ولسائقي العجلات ليلا، او تؤثر بشكل مباشر على الحياة الطبيعية للكائنات الحية التي تعيش في ذات البيئة مما تسبب اضطرابا بيئيا، وهذه الإجراءات السابقة يجب ان تتم خلال العشرة أيام التي تلي توجيه الإنذار وضرورة التبليغ به كما هو معروف قانونا، في الإجراءات القانونية المتبعة في التبليغات واذا ما استمر هذا الفعل او العامل المسبب للتلوث الضوئي، فللوزير المختص سلطة إيقاف العمل بالمشروع المخالف او الغلق المؤقت وليس نهائي، وتم تحديد مدة الغلق بموجب النص القانوني  على ان لا تتجاوز 30 يوما قابلة للتمديد مرة ثانية في حال استمر المشروع بمخالفته دون رفعها او معالجة أسباب التلوث الضوئي[33].

ولما تقدم يلاحظ ان المشرع العراقي قد جعل من الإنذار احد وسائل الجزاءات الإدارية يضاف الى الغرامة والغلق ولم يمنح الوزير المختص حق توكيل غيره بأستعمال السلطة الممنوحة له كما تقدم بيانه في نصوص أخرى، بل جعل تلك السلطة منوطة بشخصه فقط دون غيره، ويمنح النص إمكانية صاحب المشروع المخالف المماطلة في معالجة سبب التلوث من خلال تمديد الغلق من جانب ، وقد يترتب على الغلق اثارا سلبية كإيقاف منح العاملين مرتباتهم الشهرية والخسائر المالية الكبيرة التي تصيب المشروع نتيجة الغلق ، وكان الاجدر الوقوف على أسباب التلوث الضوئي ومعالجتها بصورة فورية من خلال لجان ذات خبرة مشتركة بين الطرفين، وهناك نوع اخر من الإجراءات الغير إدارية والتي لا تتصل بالسلطة الإدارية والتي سوف نبينها بشيء من التفصيل في الفرع القادم.

الفرع الثاني: الجزاءات غير الادارية للحد من اثار التلوث الضوئي

تتضمن اغلب تشريعات حماية البيئة نوعين من الجزاءات القانونية منها اداري والقسم الاخر غير اداري يتناسب مع المصالح التي تستحق الحماية القانونية، فمن الضروري ان تتنوع الجزاءات التي تفرض على مرتكب الأفعال المعتبرة كمخالفة بموجب قوانين حماية البيئة، وهذه الجزاءات منها ما يكون مدنيا ومنها ما يكون جزائيا وسوف نتناول تلك الجزاءات تباعا:

أولا: التعويض                                                       

اذا ما توافرت اركان المسؤولية المدنية عن اضرار البيئة يتوجب على المسؤول عنها تعويض المتضرر عن الاضرار التي لحقت به، على ان يجبر التعويض الضرر الحاصل وقد يكون التعويض عينيا كما قد يكون نقديا والذي بدوره يغطي الضرر بنوعيه الادبي والمادي.      

من افضل وسائل التعويض عن الضرر البيئي تلك الوسائل التي تمنع او تقلل من التلوث الضوئي الى المستوى المقبول والذي يمكن القبول به مستقبلا، والذي يمكن المتضررين من تجنب الضرر مستقبلا او إعادة الحال الى ما كانت عليه في بيئة الشخص المصاب، فالتعويض العيني ما دام ممكنا فهو افضل وسيلة لجبر ضرر التلوث الضوئي الذي أصاب البيئة، من الإبقاء على الضرر مقابل تعويض المضرور نقدا[34] .

ولاشك ان التعويض العيني يعد الأفضل من حيث التعويض عن الضرر البيئي لكونه يعمل على الزام مسبب الفعل الضار على ازالته مادام ذلك ممكنا وعلى حسابه الخاص، عوضا عن منح المتضرر من التلوث الضوئي مبلغا ماليا وإبقاء الحال على ماكانت عليه[35]، فمن يقوم بوضع شاشات إعلانية ضوئية في الطرق العامة بطريقة تؤدي الى وقوع فعل التلوث الضوئي يلزم واضعها بإزالتها.

وتجدر الإشارة الى ان المشرع العراقي نص على الزام كل شخص ارتكب فعلا شخصيا او صدر عمن هم في رعايته او تحت رقابته او سيطرته الفعلية، يؤدي الى الحاق ضرر بالبيئة فسوف يكون مسؤول قانونا عن تلك الأفعال وعليه رفع تلك المخالفات وإعادة الحال الى ما كانت عليه، مشيرا الى كون مسؤولية مرتكب الفعل مبنية على أساس الخطأ المفترض[36]، وعلى من صدر عنه الفعل الضار ان يودع مبلغ التعويض في صندوق حماية البيئة في مركز الوزارة.

والتعويض العيني قد يكون بمقابل غير نقدي هو ان تأمر المحكمة مرتكب الفعل الضار ان يقوم بعمل على سبيل تعويض المضرورين منه، فأذا قام شخص بأرتكاب فعل السب والقذف فتأمره المحكمة بنشر الحكم بالجريدة وعلى حسابه الخاص بالإضافة الى انها قد تأمر بالتعويض ان كان له مقتضى[37]، وفي حالة التلوث الضوئي فأن وضع الأضواء الشديدة في غير محلها الصحيح وتقوم بحجب الرؤية فعلى صاحب تلك الإضاءة ان يقوم بوضع أعمدة انارة تضئ الطريق كي تقلل من شدة الضوء المسبب للتلوث الضوئي ويحجب الرؤية في ذات الوقت.

ان الأصل في التعويض ان يكون نقديا وهو النوع الأكثر شيوعا من أنواع التعويض وهو ثابت في القواعد العامة في القانون المدني العراقي او قوانين الدول العربية ويشمل التعويض الكامل عن الضرر المباشر والمتحقق الذي يلحق المضرور فيما لحقه من خسارة وما فاته من كسب، وهما عنصرين يستند اليهما القاضي في اطلاق حكمه، وعلى القاضي ان يأخذ بنظر الاعتبار عندما يقدر قيمة الضرر البيئي خصوصيته وطبيعته واهمية المجال البيئي الذي تعرض للضرر، وان له مساس بحياة الفرد وان هذا الضرر سوف يولد اثارا اجتماعية واقتصادية كما لو كان الوسط البيئي محل انتفاع مشترك [38].

لابد من الإشارة الى ان تقدير قيمة التعويض عن الضرر البيئي الناتج عن التلوث الضوئي تشوبها الكثير من الصعوبات لخصوصية هذا النوع من الضرر، وللخبرة الدور الكبير في تحديد قيمة التعويض المناسب عن ضرر التلوث الضوئي، بالإضافة الى صعوبة تحديد وقت وقوعه والضرر الناتج عنه لكونه قد يزول بمرور الوقت.

ثانيا: الجزاءات الجزائية                        

ان مفهوم الجزاء الجنائي يشير الى كل شخص ارتكب فعلا يجرمه القانون وهذا ما تضمنه قانون حماية وتحسين البيئة العراقي وسائر التشريعات البيئية الأخرى، فعلى الرغم من كون هذه التشريعات تنص على الحماية الإدارية من خلال منح السلطات الإدارية وسائل ضبط، الا انها تنص على فرض عقوبات جزائية على مرتكب فعل الضرر البيئي، وهذه العقوبات قد تكون سالبة للحرية او الغرامة حسب ماورد في التشريعات البيئية.

ان العقوبات السالبة للحرية هي التي يفقد فيها المحكوم حريته الشخصية بعد ايداعه في احدى المؤسسات الإصلاحية حيث يخضع لبرنامج إصلاحي يومي، وتعد العقوبات السالبة للحرية من اهم العقوبات كونها تحقق الردع العام والخاص وردع المحكوم عليه كونها تقيد حريته، وهي تتدرج من السجن المؤبد الى السجن المؤقت والحبس البسيط والحبس الشديد، حيث عمدت التشريعات البيئية الى توظيفها في قوانين حماية البيئة لردع مرتكبي جرائم التلوث البيئي[39]، ويلاحظ ان المشرع العراقي نص على عقوبة الحبس مدة لاتقل عن ثلاثة اشهر على كل من ارتكب فعلا يخالف احكام قانون حماية وتحسين البيئة العراقي[40].

والى جانب العقوبات السالبة للحرية وان كانت هي الطابع الغالب في مجال حماية البيئة يمكن القول ان العقوبات المالية تعد من ابرز أنواع العقوبات المطبقة في مجال حماية البيئة، والتي يراد منها المساس بالذمة المالية للمحكوم عليه بالانقاص دون ان ترد على جسده او حريته الشخصية، وهي عقوبات متنوعة فقد تكون غرامة مالية او تأتي على شكل مصادرة، والغرامة المالية التي تفرض على المحكوم بها بأن يدفع مبلغ من المال الى خزينة الدولة بموجب قرار قضائي يصدر بهذا الخصوص، حيث نص قانون العقوبات العراقي على»الزام المحكوم عليه بأن يدفع الى الخزينة العامة المبلغ المعين في الحكم» [41]، ومن خلال مراجعة قانون حماية البيئة العراقي يلاحظ ان المشرع منح الوزير المختص صلاحية تحديد قيمة الغرامة وذلك من خلال تحديد الحد الأعلى و الأدنى من مبلغ الغرامة بالنص «بالحبس لمدة لا تقل عن (3) ثلاثة أشهر أو بغرامة لا تقل عن مليون دينار ولا تزيد على عشرين مليون دينار أو بكلتا العقوبتين».

الخاتمة

بعد الانتهاء من البحث لعل من المفيد ان نركز في هذه الخاتمة على اهم النتائج والتوصيات التي توصلنا اليها مستندين في ذلك الى موقف المشرع وبعض الآراء الفقهية من اجل إعطاء بعض الحلول الأساسية لملء الفراغ التشريعي الذي ينظم التلوث الضوئي.

أولا: النتائج

توصلنا الى تعريف للتلوث الضوئي على انه ضوء غير محدد الهدف ناتج عن مصدر مصطنع يحدث تغييرات على الوضع الطبيعي البيئي للإنارة.

عدم استعمال المشرع العراقي مصطلح الخطأ في نصوص المواد المتعلقة بالمسؤولية ناتج عن تأثره بالفقه الإسلامي الذي فتح المجال لإستيعاب كافة أشكال الأفعال المسببة للضرر.

توصلنا الى ان الأساس القانوني للمسؤولية المدنية عن التلوث الضوئي تقوم على أساس فكرة الخطأ المفترض.

ثانيا: التوصيات

نوصي المشرع العراقي بتعديل احكام المسؤولية المدنية لرفع التناقض في المواد(186و 191) من القانون المدني العراقي بشأن مسؤولية غير المميز.

نوصي المشرع العراقي بتعديل قانون حماية وتحسين البيئة النافذ من خلال التشدد في فرض العقوبات كنص المادة(33) منه.

تنظيم التلوث الضوئي تشريعيا وتوعية المجتمع بخطورته من خلال تنمية ثقافة المحافظة على البيئة.


[1]خالد مصطفى فهمي، الجوانب القانونية لحماية البيئة من التلوث، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية, 2011، ص19، محمد منير حجاب، التلوث وحماية البيئة، دار الفجر للنشر والتوزيع، القاهرة, 2002، ص262، ره نج رسول حمد، المسؤولية المدنية عن تلوث البيئة، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية, 2016، ص29.

[2] نجم الدين عزاوي، عبد الله حكمت نقار، إدارة البيئة، دار المسيرة، عمان, 2007، ص102.

[3] م/2/ف7/ف8 من قانون حماية وتحسين البيئة العراقي رقم 29 لسنة 2009، تقابله المادة/1/ف/7 من قانون حماية البيئة المصري رقم 4 لسنة 1994.

[4] ورد هذا التعريف في تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة عام 1965، مشار اليه لدى احمد محمود سعد، استقراء لقواعد المسؤولية المدنية في منازعات التلوث البيئي، دار النهضة، القاهرة,1994، ص56.

[5] سيد عبد النبي محمد، التلوث البيئي وباء عصر العولمة، وكالة الصحافة العربية، القاهرة، 2019، ص20.

[6] عبير يحيى احمد، تطبيقات الجيوماتكس في رصد التلوث الضوئي، مجلة كلية التربية،جامعة واسط، ج1، العدد42، شباط،2021، ص196.

[7]Kohel Narisada,Duco Schreuder, Light Pollution hand book.volume1,springer,2004, p12.

[8] انظر الموقع الالكتروني

 https://www.treehugger.com/types-light-pollution-and-their-impact-4857940

، تاريخ الزيارة 26/8/2022، وقت الزيارة 5:40 ب.ظ.

[9] شكري إبراهيم الحسن، زينب عبد الرزاق التغلبي، اقتراح معيار لتحديد التأثير الصحي للتلوث الضوئي، مجلة مداد الآداب، العدد الخاص بالمؤتمرات، الجامعة العراقية،2019-2020، ص40

[10] سجى محمد عباس، التلوث السمعي، المركز العربي للدراسات والبحوث العلمية، القاهرة, 2007، ص51.

[11] احمد محمود سعد، مرجع سابق، ص141.

[12] عبد المجيد الحكيم، عبدالباقي البكري، محمد طه البشير، الوجيز في نظرية الالتزام في القانون المدني، ج1، المكتبة القانونية، بغداد، 2013، ص212.

[13] عيسى مصطفى حمادين، المسؤولية المدنية التقصيرية عن الاضرار البيئية، ط1، مؤسسة حمادة للدراسات والنشر والتوزيع دار اليازوري، عمان، 2011، ص86.

[14] م/(163) من القانون المدني المصري

[15] عصمت عبد المجيد بكر، مصادر الالتزام في القانون المدني العراقي، ط1، المكتبة القانونية، بغداد، 2007، ص262.

[16] م/228/ف1 من القانون المدني العراقي.

[17] عيسى مصطفى حمادين، مرجع سابق، ص87.

[18] عباس علي محمد الحسيني، المسؤولية المدنية البيئية في ضوء النصوص المدنية والتشريعات البيئية، مجلة رسالة الحقوق، السنة الثانية، العدد3، جامعة كربلاء، 2010، ص20.

[19] المواد(2/ثالثا، 3، 4، 5، 6) من قانون حماية وتحسين البيئة العراقي.

[20] زينب كريم الداودي، دور الضبط الإداري في حماية البيئة، مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية، جامعة كركوك، المجلد2، الإصدار 4، 2013، ص367

[21] م/7/أولا من قانون حماية وتحسين البيئة العراقي.

[22] م/أولا/ من تعليمات وزارة البيئة رقم(1) لسنة 2012 منشور في جريدة الوقائع بالعدد (4232) بتاريخ 12/3/2012.

[23] محمود رجب فتح الله، اليات الحماية القانونية للبيئة، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2019، ص162.

[24] م/8 من قانون حماية وتحسين البيئة العراقي النافذ.

[25] تنص م/9 من قانون حماية و تحسين البيئة العراقي على «تلتزم الجهات التي ينتج عن نشاطها تلوث بيئي بما يأتي: اولا : توفير وسائل ومنظومات معالجة التلوث باستخدام التقنيات الأنظف بيئيا وتشغيلها ً أولا والتأكد من كفاءتها ومعالجة الخلل حال حدوثه وإعلام الوزارة بذلك . ثانيا : توفير أجهزة قياس ومراقبة الملوثات وحسب طبيعتها وتدوين نتائج القياسات في ً سجل لهذا الغرض ليتسنى للوزارة الحصول عليها وفي حالة عدم توفر تلك الأجهزة تقوم الوزارة بأجراء القياسات بأجهزتها الخاصة لدى المكاتب والجهات الاستشارية والمختبرات التي تعتمدها ويخضع ذلك إلى الرقابة وتدقيق الوزارة . ثالثا : بناء قاعدة معلومات خاصة بحماية البيئة وإدامتها تتضمن تراكيز ومستويات ً الملوثات الناتجة عن الجهة وحسب طبيعتها . رابعا : العمل على استخدام تقنيات الطاقة المتجددة للتقليل من التلوث».

[26] م/10 من قانون حماية وتحسين البيئة العراقي النافذ.

[27] محمود رجب فتح الله، مصدر سابق، ص181

[28] م/31 من قانون حماية وتحسين البيئة العراقي النافذ

[29] محمود رجب فتح الله، مصدر سابق، ص209

[30] عطا سعد محمد حواس، دفع المسؤولية عن اضرار التلوث، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2012، ص154.

[31] م/33 من قانون حماية وتحسين البيئة تنص على « ثانيا : مع مراعاة الأحكام المنصوص عليها في البند (أولا) من هذه المادة للوزير أو من ً يخوله ممن لا تقل وظيفته عن مدير عام فرض غرامة لا تقل عن (1000000 ) مليون دينار حتى إزالة المخالفة ولا تزيد على (10000000) عشرة مليون دينار تكرر شهريا على كل من خالف أحكام هذا القانون والأنظمة والتعليمات والبيانات الصادرة بموجبه «.

[32] م/33/أولا من قانون حماية وتحسين البيئة العراقي

[33] م/33/ثانيا من قانون حماية وتحسين البيئة العراقي.

[34] ره نج رسول حمد، مصدر سابق، ص164.

[35] عبدالعزيز اللصاصمة، المسؤولية المدنية التقصيرية الفعل الضار،الطبعة الأولى، الدار العلمية الدولية ودار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2002، ص192.

[36] م/32/أولا/ثانيا/ثالثا من قانون حماية وتحسين البيئة العراقي.

[37] عبدالله تركي عيال، الضرر البيئي وتعويضه في المسؤولية المدنية، الطبعة الأولى، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2013، ص133.

[38] عيسى مصطفى حمادين، مصدر سابق، ص218.

[39]  م/34/أولا من قانون حماية وتحسين البيئة العراقي.

[40]  م/34/أولا من قانون حماية وتحسين البيئة العراقي.

[41]  م/91 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل