تاريخ الاستلام5/11/2022 تاريخ القبول 10/1/2023
حقوق الطباعة محفوظة لدى مجلة كلية القانون والعلوم السياسية في الجامعة العراقية
حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمؤلف
حقوق النشر محفوظة للناشر (كلية القانون والعلوم السياسية - الجامعة العراقية)
CC BY-NC-ND 4.0 DEED
Printing rights are reserved to the Journal of the College of Law and Political Science at Aliraqia University
Intellectual property rights are reserved to the author
Copyright reserved to the publisher (College of Law and Political Science - Aliraqia University)
Attribution – Non-Commercial – No Derives 4.0 International
For more information, please review the rights and license
العلاقة بين جريمة الخطأ
وجريمتي الخطر والضرر
The relationship between the crime of wrongdoing
and the crimes of danger and harm
م . د. سامي مدب محمد العبيدي
كلية الهادي الجامعة / قسم القانون
M . Dr. Sami Meddeb Mohammed Al-Obaidi
Al-Hadi University College/ the law department
المستخلص
بالعرض لصلة جريمة الخطأ بجريمتي الضرر والخطر قسم الفقه الخطأ الى نوعين من الخطأ المجرّم : (خطأ واع )الذي تبين أن هذا الخطأ الواعي يبنى على االتوقع بوجهه الايجابي الذي يُعد عنصرا في قيام الخطأ الواعي والذي يتوافر إما : بإدراك الفاعل وتوقعه أن فعله يمكن أن يترتب عليه نتيجة ضارة يعاقب عليها القانون ويعتقد أن بإمكانه تجنب وقوعها فيرتكب سلوكه ويتحقق الضرر الذي توقعه .
وإما : بذات الوعي والتوقع الخاص بالحالة السابقة , ولكن في هذا النوع من الخطأ يعتمد الفاعل على المجازفة متمنيا عدم حدوث النتيجة الضارة المخالفة للقانون التي توقع إمكان تولدها عن فعله , فيرتكب سلوكه ويتحقق الضرر الذي توقعه ليوفر في حقه المسؤلية غير العمدية . اما النوع الثاني هو (خطأ غير واع ) والذي تبين أن هذا النوع من الخطأ يبنى على التوقع السلبي والذي يُعد عنصرا في قيام الخطأ غير الواعي والذي يتوافر بإرادة السلوك الذي يتولد عنه نتيجة غير مشروعة تتمثل في ضرر محقق لم يتوقعه الفاعل وكان بإمكانه ان يتوقعه ويتجنبه , مما يعني أن هذا النوع من الخطأيتكون من عنصرين :
الاول : يتمثل في إمكان توقع الضرر والثاني : يتمثل في إمكان توقع الضرر الذي تحقق , بمعنى في القدرة على توقع الجاني للنتيجة الضارة التي تحققت كأثر لسلوكه الذي إختاره وإرتكبه بإرادته . وجدير بالذكر أن جانبا من الفقه يرى أن توقع الضرر كعنصر في الخطأ الواعي لايمكن تصوره الا بالإهمال , حيث أنه من غير المتصور توافق الاهمال مع التوقع , إلا أنه بعد لعرض لماهية الصور المختلفة للخطأ الجنائي المنصوص عليها في التشريع العراقي والتي تتمثل في « الاهمال والرعونة وعدم الاحتراز وعدم مراعاة القوانين واللوائح « .
ويختلف الفقه في تحديده لضابط توقع الضرر , ويتبلور هذا الخلاف في تأييد البعض للنظرية الشخصية التي توجب توقع الجاني شخصيا للضرر حتى يتوافر الخطأ غير العمدي في حقه , بينما يأخذ البعض بمفاهيم النظرية الموضوعية وتستند في تحديدها لتوقع الضرر الموفر للخطأ غير العمدي على عناصر موضوعية ضابطها قدرة الشخص عادي الانتباه متوسط الذكاء , بينما يؤيد آخرون النظرية المختلطة التي حاولت التنسيق بين النظريتين الشخصية والموضوعية .
وبتقدير هذه النظريات تبين أن مفاهيم النظرية الموضوعية تُفضل عن غيرها في معالجتها لهذا الموضوع , وهي التي تبرز طبيعة العلاقة بين جريمة الخطأ وعلاقتها بجريمة الضرر والخطر .
Abstract
Wen researching the issue of the relationship of the crime of error with the crimes of harm and danger , we see that jurisprudence dvided the error into tow types : conscious error and unconscious error .
Its occurrence,he commits his behavior and achives the damge he expected .
As for the second type (unconscious error ),this type of error is based on negative expectation ,which is availebl by the will of the behavior that results in an unlawful results ,represented by a cerain harm that the perpetrator did notexpect and could have anticpated and avoided.
There are two theories that have crystallized the specific criterion for anticipating harm , namly the personal theory and the objective theory , and jurisprudence hasseen that the objective theory is preferable to others in dealing with this issue.
المقدمة
إن قانون العقوبات يهتم ببيان القواعد الموضوعية للقانون الجنائي فهو يحدد الافعال التي يعتبرها المشرع جرائم عمدية او جرائم غير عمدية (جرائم خطأ ) ويحدد لها العقوبات التي تتناسب مع كل فعل جرمي يرتكبه الفاعل ,فجرائم الخطأ تلعب دورا هاما في بنيان الركن المعنوي للجرائم غير العمدية التي قسمها الفقه من خلال هذا الركن الى نوعين من الجرائم , جرائم خطأ واع تتوافر بتوقع النتيجة الجرمية , وجرائم خطأ غير واع وهي الاخرى تتوافر بعدم توقع النتيجة الجرمية .
وتاسيسا على ذلك فأن فكرة النتيجة الجرمية لها دور لم يغفله المشرع الجنائي في توافر المسؤولية الجنائية , حتى في تخفيفها او تجسيمها , وتختلف درجة الحماية الجنائية التي يضفيها المشرع على المصالح .
فتارة يقتصر التجريم على الافعال التي تلحق الضرر بها , وتارة اخرى تمتد حمايته إلى حد تجريم كل فعل يعرضها مجرد للخطر , كما انه يعاقب بالاساس على الافعال العمدية , بمعنى التي يتوافر فيها القصد الجنائي , إلا انه قد يبلغ تقدير المشرع لأهمية بعض المصالح قدرا يجعله يلجأ الى تجريم الافعال التي تعتدي عليها دون ان يعلق الامر على توافر ذلك القصد وجريمة الخطأ ليست وليدة العصر الحديث بل هي موجودة منذ القدم, وإن كانت قد نالت إهتماما خاصا في المجتمع الحديث بسبب تطور الحياة فيه , كما عرفت التشريعات الجنائية جريمة الخطأ ومنها التشريع العراقي فقد عرف قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 في المادة (35) جريمة الخطأ بقوله (تكون الجريمة غير عمدية إذا وقعت النتيجة الاجرامية بسبب خطأ الفاعل سواء كان هذا الخطأ إهمالا أو رعونة او عدم انتباه او عدم احتياط او عدم مراعاة القوانين والانظمة والاوامر ).
فجريمة الخطأ التي نحن بصدد دراستها هي جريمة غير عمدية كثيرة الحدوث في حياتنا العامة والتي تقع بسبب خطأ يرتكبه الفاعل سواء كان الخطأ واعي ام كان غير واعي , وقد حاولنا دراسة المركز القانوني لهذه الجريمة حينما ترتبط في جرائم أخرى كجريمة الضرر وجريمة الخطر .
كما تناولنا صور الخطأ في التشريعات القديمة والحديثة بغية الاستفادة من المعالجة القانونية في التشريعات القديمة لجريمة الخطأ ,كما ستتطرق الدراسة الى تعريف الخطأ الواعي والخطأ غير الواعي في الفقه والاطلاع على درجات الخطأ الواعي وغير الواعي والذي سيبدو ذلك جليا من خلال معرفة العلاقة بين الخطأ الواعي والخطأ غير الواعي .
كما ستتناول الدراسة أهمية إرتباط جريمة الخطأ بجريمتي الضرر والخطر وستتناول الدراسة الاراء الفقهية التي قيلت بذلك متبنين الرأي الراجح منها .
1- اهداف البحث :
أ- بيان صلة توافرالضرر بتوافرالخطأ الواعي وغير الواعي .
ب- بيان الوجه الايجابي لتوقع الضرر الذي يعد عنصرا في قيام الخطأ الواعي .
ج - بيان الوجه السلبي لتوقع الضررالذي يعد عنصرا في قيام التوقع في الخطأ غير الواعي .
2- مشكلة البحث
كل ماتقدم ماهو الاتوضيح للرؤى والاجابة على اشكالية محورية هي معرفة مدى ارتباط جريمة الخطأ بجريمتي الضرر والخطر من خلال ( التشريعات الحديثة التي لم تنتهج نهجاً واحداً او حتى متقاربا في مواجهتها للخطأ ) , وللاجابة على هذه الاشكالية لابد من طرح التساؤلات التالية :
أ - لوحظ أن بعض التشريعات إشترطت لقيام الخطأغير الواعي أن يتوافر عدم توقع النتيجة الضارة بينما كان من الواجب وفي الإمكان تجنبها وهي بذلك تشترط الإمكان والوجوب معا ؟ ب - هل أن كلا الخطئين يشترك في قدر واحد أو يكاد, من عدم التوقع فالجاني في الخطأ غير الواعي لايتوقع على الاطلاق تحقق الضرر بينما يتوقع تحقق هذا الضرر في الخطأ الواعي ,ثم يتوقع بعد ذلك في لحظة لاحقة أنه لن يتحقق( بفضل إحتياطه وحذره أو بفضل ما يأمله من حسن سير الأحداث )؟ .
ج - شبه بعض الفقه عدم توقع الضرر في الخطأ غير الواعي» بالجهل « , ويشبه ثقة الجاني في عدم وقوع الضرر بعد أن توقعه عند إرتكابه للسلوك في الخطأ الواعي « بالغلط «مامدى دقة ذلك التشبيه ؟
د - مامدى إعتبار الضرر المتوقع في جريمة الخطأعنصرا مكونا لجرائم الخطر ؟
3- منهجية البحث :
اعتمدنا في بحثنا هذا المنهج التحليلي التأصيلي لبيان المركز القانوني لجريمة الخطأ وارتباطها بجريمتي الضرر والخطر , لان غاية البحث الوصول الى مفاهيم قانونية سليمة تحدد العلاقة بين تلك الجرائم .
المبحث الاول
مفهوم الخطأ
من اجل الوصول الى العلاقة التي تربط جريمة الخطأ بجريمتي الضرر والخطر لابد لنا ان نميز بين نوعين من الخطأ , هما الخطأ الواعي و الخطأ غير الواعي واللذان ينتجان جريمة تسمى بالجريمة غير المرادة[1],ولابد ايضا ان نرى المركز القانوني لجريمة الخطأ في التشريعات القديمة والحديثة وكل ذلك سنقوم بتفصيله في مطلبين.
المطلب الاول: صورة الخطأ في التشريعات
لم تقتصر معرفة الخطأ على التشريعات الحديثة , انما عرفته ايضا التشريعات القديمة , ويبدو ان بداية معرفته «بدأت بفلسفة ارسطو التي بينهافي مؤلفه الاخلاق»[2], حيث اوضح قدرة العقل البشري على التمييز بين الخير والشر , ودور الارادة في تحريك وتوجيه السلوك .
الفرع الأول: صورة الخطأ في التشريعات القديمة
ومن خلال ذلك قام هذا الفيلسوف بتعريف الخطأ مبينا انه ينتج إما عن عدم الاحتراز او عن عدم الادراك[3], تاثر القانون الروماني بعد ذلك بفلسفة ارسطو , فعرفت مجموعة الشرائع الرومانية التي صدرت في عهد الامبراطورية (الخطأ ) بأنه عبارة عن عدم توقع ما كان يجب ان يتوقعه الانسان اليقظ , طبقت المحاكم الجنائية الرومانية آنذاك هذا المعنى, فقضت بأن « سكان مدينة اثينا لم يرتكبو جريمة عمدية نحو سكان مدينة بيوتي , بل ارتكبو ظلما بخطأ « كما قضت بأن المدعو دراكونتيسا من مدينة سبارتا قتل بدون ارادة زميلا له بضربة عصا «[4].
انتقلت فكرة الخطأ غير العمدي الى الى القانون الفرنسي القديم , بعد ذلك احتل الخطأ غير العمدي مكانا في كافة التشريعات القديمة حيث بدأ بحيز ضئيل فنجد على سبيل المثال: عدم معاقبة الخطأ غير العمدي في القانون الروماني إلا في واقعتي القتل والحريق[5].
ويبدو ان عدم التوسع هذا جاء نتيجة أن فرصة القيام بأنشطة خطرة قديما كانت نادرة واحتمالات حدوث الضرر من هذه الانشطة كانت محدودة.
الفرع الثاني: صورة الخطأ في التشريعات الحديثة
وبمرور الوقت زاد التقدم العلمي والتكنلوجي وتضاعف التقدم والمدنية وكثرة الاجهزة العلمية المتقدمة التي وضعها العلم تحت تصرف الانسان , وهذا ادى الى خلق احتمالات جديد للاضرار بالمصالح الاجتماعية.
كما ان استعمال هذه الاجهزة اعطى لمستعمليها شعورا زائدا بالرغبة في المخاطرة والمغامرة , مما ادى ذلك الى تكثيف احتمالات وقوع هذه الاضرار ولا ادل على ذلك مماتنطق به الاحصائيات الجنائية في السنوات الاخيرة والتي تبين تضاعف اعداد الوفيات والمصابين من الجرائم غير العمدية عنه في الجرائم العمدية [6].
أدى هذا كله الى التوسع في تجريم التشريعات الحديثة للخطأ غير العمدي وبهذا الاتجاه ذهبت التشريعات الحديثة واكتفت بتحديد صوره ومن الامثلة على ذلك قانون العقوبات النرويجي المعدل والالماني لسنة 1870 والتركي لسنة 1962, كما ان قانون العقوبات الفرنسي الجديد الصادر 1992 والمعدل سنة 2000, اكتفى بتحديد صوره في المادة (121-3 )وهذا ماتناولته المادة (35) من قانون العقوبات العراقي والتي نصت على « كون الجريمة غير عمدية إذا وقعت النتيجة الإجرامية بسبب خطأ الفاعل سواء كان هذا الخطأ إهمالاً او رعونة او عدم انتباه او عدم احتياط او عدم مراعاة القوانين والأنظمة والاوامر» وادى ايضا الى بحث هذه المسألة في العديد من المؤتمرات العلمية وبشكل خاص في مؤتمر الوقاية والدفاع الاجتماعي .
الذي انعقد في ميلانو عام 1956 وفي بروكسل عام 1958 , وقداستهدفت هذه المؤتمرات تحديد طرق العمل التي يجب ان يتسلح بها المجتمع لمكافحة هذا الشكل من الاجرام .
رغم ذلك ظل تجريم الخطأ غير العمدي لايحتل إلا مكانا ثانويا في التشريعات الجنائية , على عكس العمد الذي يظهر بصورة جلية وواضحة وأساسية في كافة التشريعات ويعد من ابرز المظاهر على ذلك مايلي:
1- إستئثار العمد بالجنايات والشروع , في حين لايُعاقَب على الجرائم غير العمدية الا كجنحة كما هو الحال في الاعتداء على حق الحياة جريمة القتل الخطأ المادة (411) من قانون العقوبات العراقي, كما ان هذه الجرائم لاتكون محلا لتجريم الشروع [7].
2- الجرائم غير العمدية هي كما اعتبرها الفقه جرائم ضرر لا جرائم خطر , بينما الجرائم العمدية قد تكون جرائم ضرر أو جرائم خطر وسوف نتناول الموضوع بشيئ من التفصيل عند عرضنا علاقة جرائم الخطأ بجرائم الضرر وجرائم الخطر , ورغم اتفاق كافة المؤتمرات العلمية التي بحثت في الجرائم غير العمدية على أن الوصول الى نتائج طيبة في شأن مكافحة الإجرام المؤسس على الخطأ غير المقصود يستلزم التعرف على فكرة هذا الخطأ وتحليل عناصره والتوصل الى صوره بدقة[8], الا أن التشريعات الحديثة لم تنتهج نهجاً واحداً او حتى متقاربا في مواجهتها لهذا الخطأ ومن ابرز مظاهر ذلك هو ما يلي :
1- عدم الاتفاق على مركز جرائم الخطأ في التشريع الجنائي :
فهناك العديد من التشريعات عرفت الخطأ في القسم العام ومنها البولوني والسويسري واليوغسلافي وغيرها[9], وبعضها عرف الخطأ في اماكن متفرقة من القسم الخاص ومن امثلتها التشريع العراقي والمصري واليوغسلافي الا انها لم تعطي تعريفا عاما للخطأ وذلك في كثير من المواطن حيث كانت هذه التشريعات تشير الى التسبب في هروب مقبوض عليه او التسبب في السرقة حيث يشير الى مركز الخطأ بالإهمال[10].
2- عدم الاتفاق على تحديد صور للخطأ :
إختلفت ايضا التشريعات في تحديدها لصور الخطأ بشكل ملحوظ فعلى سبيل المثال هنالك بعض التشريعات اشارت أن الإهمال يحوي كافة افتراضات الخطأ[11], بينما وجدت تشريعات أخرى أن عدم الاحتراز هو الذي يصلح لاحتواء كافة افتراضات الخطأ وهناك من التشريعات ما تنص على أن الخطأ يتوافر بالإهمال أو بعدم الاحتراز[12].
المطلب الثاني: مفهوم الخطأ الواعي وغير الواعي
نتناول في هذا الموضع تعريف الخطأ « الواعي « والذي هو الخطأ مع توقع الضرر, اما الخطأغير «الواعي « هو الخطأ مع عدم توقع الضرر , ومن اجل تسليط الضوء على الخطأ لابد من تناول تعريفه في الفقه ومن ثم نتناول مفهومه في التشريعات ونعرض لذلك العلاقة بين الخطأ الواعي والخطأ غير الواعي وهذا ما سنتناوله على الوجه الآتي:
الفرع الاول: تعريف الخطأ الواعي والخطأ غيرالواعي في الفقه
سنتناول في بحثنا هذا اهم التعريفات الفقهية التي وردت بخصوص الخطأ غير الواعي وذلك على الوجه الآتي :
اولا : مفهوم الخطأ الواعي في الفقه
في الواقع يتوافر هذا النوع من الخطأ في عدة صور نعرض لها فيما يلي:
الصورة الأولى : الخطأ مع التوقع
وتتوافر هذه الصورة عندما يدرك الفاعل ويعي أن فعله يمكن أن يترتب عليه نتيجة ضارة يعاقب عليها القانون , ويعتقد أن بإمكانه تجنب وقوعها , وغالبا ما ينشأ هذا النوع من الخطأ بسبب زيادة في التقدير الجاني لإمكانياته وقدراته الحقيقية , كما لو قاد شخص سيارته بسرعة جنونية في طريق مزدحم بالمارة , ورغم توقعه أن سلوكه هذا يمكن ان يتولد عنه قتل او اصابة احد المارة إلا أنه يستمر في سرعته إعتمادا على كفائته في القيادة , إعتقادا منه أن هذه الكفاءة ستجنبه وقوع الضرر الذي توقعه فيتحقق هذا الضرر في حقه المسئولية الجنائية إما عن قتل أو إصابة خطأ[13].
الصورة الثانية : الخطأ المتوقع
وتتوافر هذه الصورة بذات الوعي والتوقع الخاص بالصورة الأولى ,ولكن الفاعل في هذا النوع من الخطأ يعتمد على المجازفة متمنيا عدم حدوث النتيجة الضارة المخالفة للقانون التي توقع إمكان تولدها عن فعله , كمن يقود سيارة بسرعة فائقة مجتازا تجمعا سكانيا , ويعلم أنه على مقربة من تقاطع قد تخرج منه فجأة سيارة أخرى وأن عليه أن يترك لها أولوية المرور, ويعلم أيضا بأنه بهذه السرعة لن يتمكن من التوقف ليتجنب الضررالذي توقع حدوثه كنتيجة ممكنة لسلوكه, ومع ذلك يستمر في طريقه بنفس السرعة فيقع الضررالذي توقعه ولم يكن يريده أو يقبله بل تمنى عدم وقوعه[14].
ورغم أن صورتي الخطأ الواعي السالف الإشارة إليهما مؤسسان على التوقع الملموس لخطر الفعل الذي لايستند على حساب تجريدي للإحتمال إنما يستند ويرتبط بالحالة الواقعية المطروحة , إلا أن الخطأ الواعي في صورته الثانية يعد الأخطر لظهور الصفة الملموسة لتوقع الضرر فيه بصورة أوضح[15].
ويرى معظم الفقه[16], كذلك أن الخطأ الواعي (الخطأ مع توقع الضرر ), يتوافر في كافة صور الخطأ ونضرب لذلك الأمثلة الآتية:
1- الرعونة : هي عدم الدراية والحذق في الشؤون الفنية والمهنية ,كما لوقام شخص بقيادة سيارة وهو غير ملم بالقيادة .
2-عدم الإحتياط : كما لو توافر العلم لدى طبيب أن إمكانياته الفنية لاتؤهله أن يقوم بإجراء عملية جراحية دقيقة , ويتوقع الإضرار بالمريض لو قام بإجرائها ومع ذلك يقدم على إجرائها إعتمادا على أنه أجرى في الماضي جراحة مماثلة دون تعقيدات ,إعتقاداً منه أنه سينجح في إجراء هذه العملية مرة أخرى إذا توافرت ظروف حسنة مرة أخرى كالتي صادفها في الماضي فتتعقد الأمور أثناء إجرائه لهذه العملية ويموت المريض.
3- تجاهل اللوائح والانظمة : كمن يطلق عيار ناري في الهواء إبتهاجا بحفل عرس متجاهلا بذلك القانون في المادة (495) من قانون العقوبات العراقي المرقم 111 لسنة 1996[17], ويتوقع أن يتولد عن ذلك ضرر بالغيرفيصيب المقذوف شخصا كان يقف بشرفة مسكنه .
إلا أن جانبا من الفقه يرى أن توقع الضرر كعنصر في الخطأ الواعي لايمكن تصورتوافره بالإهمال , حيث لايمكن أن يتوافق الإهمال مع التوقع , فمن يتوقع الضرر من سلوكه ويقدم رغم ذلك على هذا السلوك يعد غير محترز وليس مهملا .
ثانيا : تعريف الخطأ غير الواعي في الفقه
تعددت تعريفات الفقه للخطأ غير الواعي وذلك وفقا لإختلافه في تحديده لصور الخطأ فهناك من رأى ان صورته واحدة وتتمثل في ( عدم الانتباه ) فعرفه « بأنه تقصير في واجب الانتباه عندما كان يمكن توقع النتائج الضارة لفعله «[18].
ومنهم من رأى انه يتوافر في (بعدم الاحتياط ) فعبر عنه بقوله « إن لم يتوقع غير المحترز النتيجة الضارة المتوقعة فإنه يكون مخطئأً لانه لم يفعل ذلك «[19].
وهناك من حدد صورته في (الاهمال) فعرفه « بأنه إهمال يترتب عليه نتيجة غير مشروعة لم يتوقعها الفاعل وبالتالي لم يتجنبها «[20].
ورغم تعدد التعريفات فإنها تتفق جميعا على أن الخطأ غير الواعي يتوافر بإرادة السلوك الذي يتولد عنه نتيجة غير مشروعة تتمثل في ضرر محقق لم يتوقعه الفاعل وكان بإمكانه ان يتوقعه ويتجنبه , يوضح هذا المفهوم الصورة المعتادة للجرائم غير العمدية , ويبين عناصرها ومكوناتها سواء في شقها المادي الذي يتكون من سلوك ونتيجة وعلاقة سببية مادية بينها, اوفي شقها المعنوي وجوهره إرادة السلوك مع العلم بعناصره وطبيعته الخطرة دون إرادة أو توقع حدوث الضرر الذي تحقق , وكذلك يوضح هذا المفهوم دور توقع الضرر بوجهه السلبي في قيام الخطأ غير الواعي والذي يتمثل في عدم توقع النتيجة الذي كان في الامكان توقعها.
كما اهتم بعض الفقه في تعريفه للخطأ غير الواعي بإبراز عنصره الخاص بإمكانية توقع النتيجة ونجد بعض الفقه عرفه بأنه « هو الإمتناع العمدي عن الاهتمام بحساب النتائج الضارة الممكنة والمتوقعة من الفعل المرتكب «[21], لأن الذي يسبب الضرر للغير يتوافر في حقه الخطأ غير العمدي إذا لم يكن قد توقع هذه النتيجة ليمتنع عن فعلها بشرط ان يكون هذا التوقع ممكنناً[22].
وواضح من خلال هذين المفهومين أن خاصية هذه الصورة من الخطأ تكمن في عدم توقع الجاني للنتيجة التي وقعت في الوقت الذي كان بالإمكان ان يتوقعها ويتجنبها, ويفضل جانب من الفقه تسمية الخطأ غير الواعي بالخطأ غير المصحوب بتوقع النتيجة[23], ومن ناحية اخرى معظم انصار نظرية العلم في القصد قصروا قيام الخطأ كركن معنوي في الجرائم غير العمدية على الخطأ غيرالواعي , وأيا كان الأمر فالصحيح أن الخطأ غير الواعي هو الخطأ مع عدم توقع النتيجة مع إمكان ذلك , فهو يمكن ان يتوافر في كافة صور الخطأ وامثلتنا على ذلك :
1- الاهمال : كما لو ترك عامل السكة الحديد المسؤول عن إغلاق ابواب القطار سهواًأحد الأبواب مفتوحا ,فسقط منه طفل اثناء سير القطار , او ان يعتقد شخص أن بندقيته فارغة فيضغط على زنادها في مواجهة شخص آخر فيصيبه فيقتله .
2- عدم الاحتياط : كما لو اطلق شخص عيارا نارياً على شيئ متحرك معتقدا انه حيوان , وإتضح أنه إنسان ويصاب بالمقذوف الناري , او يقوم قائد سيارة عن عدم الإنتباه بالإصطدام بشخص يسير في الطريق فيقتله او يصيبه
الفرع الثاني: درجات الخطأ الواعي والخطأ غير الواعي في التشريعات
عرفت التشريعات القديمة صلة توقع النتيجة بتوافر الخطأ إلا أنها لم تنص على ذلك بصورة صريحة .
فعلى سبيل المثال نجد القانون الروماني يقسم الخطأ الى ثلاث درجات هي :
1- الخطأ الجسيم .
2- الخطأ اليسير
3- الخطأ اليسير جداً
ويهتم بعد ذلك الفقه والقانون الكنسي بالبحث والتأصيل في نظرية الخطأ فيعطى الخطأ الجسيم معنى مؤداه أنه يتوافر « بعدم فهم مافهمه الجميع « ويؤكد على أن المسؤلية الجنائية أيا ماكانت صورتها لاتقوم إلا بالخطأ الأخلاقي الذي لا يتوافر إلا برابطة تربط بين اتجاهات وتوقعات الإرادة وبين النتيجة الضارة في صورته المتحققة[24], وكل ما تقدم ذكره كان فيما يخص التشريعات القديمة.
بعد ذلك عرفت التشريعات الحديثة الخطأالواعي والخطأغير الواعي ونصت عليه بإسلوبين مختلفين :
الأول :ضمني : من بين هذه التشريعات التشريع الإيطالي وينص في المادة (43/2 ) عقوبات على أن «الجرائم غير العمدية تتوافر عندما لايريد الفاعل النتيجة ولو كانت غير متوقعة « , والتشريع الليبي ينص في المادة (63) منه عقوبات على أن «الجريمة تعد مرتكبة بخطأ عندما لايكون الحادث مقصود ولو كان الفاعل يتوقعه ,إذا وقع عن إهمال أو طيش , او عدم دراية أو عدم مراعاة القوانين او اللوائح أو الأومر أو الأنظمة « .
الثاني : صريح : ومن بين هذه التشريعات التشريع السوفيتي الصادر عام 1960 في المادة التاسعة منه على أن « الجريمة تعتبر غير عمدية إذا كان الفاعل قد توقع إمكان حدوث الضرر عن فعله أو إمتناعه ولكنه قدر بخفة أنها لن تحدث أو لم يتوقع أن هذه الجريمة يمكن أن يتولد عنها هذا الضرر, بينماكان يجب عليه أو كان في إستطاعته توقعه».
كذلك مشروع قانون العقوبات الموحد الذي أُعد عام 1960 وينص في المادة 50 /2 على أن «الخطأ يعتبر متوافرا سواء توقع الفاعل نتيجة فعله أو إمتناعه وحسب أن في الإمكان إجتنابها أو لم يتوقعها وكان ذلك في إستطاعته أو من واجبه .
ومن ناحية أخرى لوحظ أن بعض التشريعات اشترطت لقيام الخطأ غير الواعي أن يتوافر عدم توقع النتيجة الضارة بينما كان من الواجب وفي الإمكان تجنبها وهي بذلك تشترط الإمكان والوجوب معا[25].
بينما تكتفي تشريعات أخرى بأحد الشرطين فتنص على عدم توقع الضرر بينما كان ذلك واجبا على الجاني أو في استطاعته وإمكانه تجنبه , ومن امثلة هذه التشريعات التشريع اللبناني الصادر عام 1949 في المادة (19) منه .
وبعد كل ماسلف قوله هناك بعض الفقه يفضل تعريف الخطأ غير العمدي المنصوص عليه في المادة (19) من قانون العقوبات الروماني الصادر عام 1968 , وتنص هذه المادة على أن « الفعل يعتبر مرتكبا بخطأ الجاني إذا كان قد توقع نتيجة فعله دون أن يقبلها معتقدا دون أي مبرر أنها لن تحدث , أو إذا لم يتوقع نتيجة فعله بينما كان يجب عليه وكان في إستطاعته توقعها « وهنا يجب التفريق بين القصد الاحتمالي والخطأ الشعوري[26].
كما اشار هذا التعريف بالنص اعلاه بأنه يمتاز عن غيره لتحديده الدقيق الواضح لكيفية توافر الخطأ بصورتيه غير الواعي والواعي , كما انه يبين الحد الفاصل بين الخطأ الواعي والقصد الإحتمالي بإستخدام عبارة « دون أن يقبلها «[27]
المبحث الثاني
صلة جرائم الخطأ بجرائم الضرر وجرائم الخطر
ان إشتراك الخطأ بين غير الواعي والواعي في العناصرربما يتخذ ذريعة للقول بأنهما متشابهان , وهذا ما يدعوننا للقول بدراسة الاراء الفقهية التي قيلت بذلك وكل ذلك سنتناوله في المطلب الأول وعلى الوجه الآتي:
المطلب الأول: العلاقة بين الخطأ الواعي والخطأ غير الواعي
من خلال التعرف على ماهية كل من الخطأ الواعي والخطأ غير الواعي في الفقه والتشريعات ومن الواضح ان هناك عناصر مشتركة بين كل منهما[28], سنبينها في الفرع الأول كما سنعرض للآراء الفقهية وتحليلاتها التي اشارت للعناصر المشتركة بين جرائم الخطأ وجرائم الضرر في الفرع الثاني وعلى الوجه الآتي :
الفرع الآول: العناصر المشتركة
لغرض الوصول الى هذه العناصر المشتركة بين كل من الخطأ غير الواعي والخطأ الواعي لابد لنا من تحليل الآراء الفقهية التي وردت بهذا الشأن وسنوجز العناصر المشتركة ليتم بعدها التحليل وهذه العناصر هي :
1- عدم إتجاه الإرادة في كل منهما إلى إحداث الضرر المحقق الذي تولد عن السلوك المرتكب من الفاعل .
2- عدم قبول الفاعل للنتيجة الضارة المخالفة للقانون التي تحققت من سلوكه سواء كان قد توقعها أو لم يكن توقعها .
وعلى ذلك يرى البعض أن كلا الخطئين يشترك في قدر واحد أو يكاد من عدم التوقع فالجاني في الخطأ غير الواعي لايتوقع على الاطلاق تحقق الضرر بينما يتوقع تحقق هذا الضرر في الخطأ الواعي ,ثم يتوقع بعد ذلك في لحظة لاحقة أنه لن يتحقق بفضل إحتياطه وحذره أو بفضل ما يأمله من حسن سير الأحداث[29].
ورأي آخر جاء به[30] إنه لا يوجد فرق كبير بين شكلي الخطأ غير الواعي والواعي ,ففي الأول لا يتصور الفاعل نهائيا إمكانية حدوث الضرر وبالتالي فهو يكون في حالة جهل .
وفي الثاني يتصور الفاعل إمكانية حدوث الضرر, ولكنه واثقاً من أنه بفضل حذره أو حسن حظه فإن هذا الضرر لن يقع , أي أنه يتوقع الضرر ثم يعتقد على سبيل الغلط أنه لن يقع .
وهذا يعني أن الخطأين غير الواعي والواعي لا فارق بينهما , حيث أنه من المعروف أن الجهل والغلط يتعادلان في أثرهما القانوني , لان كلاً منهما يعني التصور الخاطئ للحقيقة الموضوعية[31].
الفرع الثاني: الآراء الفقهية وتحليلها
وبعد ان أدلى الفقه برأيه فيما يخص العناصر المشتركة نرى أن بعض العناصرلايجب أن يُتخذ كذريعة للتسليم بأنهما متشابهان, ومن اجل ذلك لابد القول بأن الرأيين السابقين في حاجة للمراجعة والتامل .وذلك يعود للاسباب التالية :
الرأي الأول :
أن مؤدى هذا الرأي أن الخطأين الواعي وغير الواعي يشتركان في قدر واحد أو يكاد من عدم التوقع أمر لايتفق مع ماهية كل منهما .
فالخطأ غير الواعي يتوافر بعدم توقع الفاعل للضرر عند إرتكابه لسلوكه رغم أن هذا التوقع كان في الإمكان , وبالتالي كان واجبا على الفاعل أن يتوقعه .
أما الخطأ الواعي فيتوافر إما بتوقع الفاعل للضرر ثم يتوقع عدم حدوثه بفضل مهارته, وإما بتوقع الفاعل للضرر ورغم ذلك يجازف ويستمر في إرتكاب الفعل متمنياً عدم حدوث الضرر الذي توقعه .
يتضح مماتقدم أن عدم توقع الضرر في الخطأ غير الواعي يكون مطلقاً ويبدأ مع بداية إرتكاب الفعل وينتهي بوقوع الضرر .
أما عدم توقع الضرر في الخطأ الواعي فيكون جزئيا ويبدأ بعد إرتكاب الفعل ويتولد إما عن تقدير غير صحيح من الجاني لقدراته وإما عن ثقة زائدة صادرة عن الجاني في حسن حظه .
الرأي الثاني :
فهذا الرأي يشبه عدم توقع الضرر في الخطأ غير الواعي» بالجهل « , ويشبه ثقة الجاني في عدم وقوع الضرر بعد أن توقعه عند إرتكابه للسلوك في الخطأ الواعي « بالغلط « , فهو تحليل في غير موضعه .
فالجهل : يتصف بالسلبية ومؤداه نقصان في العلم أو المعرفة بموضوع معين , أما الغلط فهو يتصف بالايجابية وهو عبارة عن حالة عقلية يدرك الشخص بمقتضاها موضوعا معينا على خلاف حقيقته التي يظهر عليها في العالم الخارجي[32].
وإذا كان الغلط ينطوي في جوهره على جهل جزئي , فالجهل قد يتحقق بدون غلط وذلك في حالة ما إذا كان هذا الجهل غير مصحوب بأي إفتراض من قبل الشخص حيال الموضوع[33], وهذا النوع من الجهل هو الذي يمثل العنصر الخاص بعدم توقع الضرر من مرتكب الخطأ اللاواعي الذي يصاحب عدم توقعه المطلق بتحقق الضرر أي افتراض من جانبه بوقوعه[34].
من ناحية أخرى فتشبيه الخطأ الواعي بالغلط أمر فيه خلط بين الغلط والشك . فالشك يعبر عن الصراع بين تقديرات متعارضة أو مختلفة تؤثر على تكوين الاقتناع بشيء معين[35].
وهذا ما يتوافر لدى مرتكب الخطأ الواعي الذي يتوقعالضرر ثم يتوقع بعد ذلك عدم حدوثه , فيستمر في سلوكه متمنيا عدم وقوع ماتوقعه من ضرر إعتماداً إما على مهارته وكفاءته وإما على حسن حظه .
رغم علمه بأن سلوكه ينطوي على مجازفة, وتأسيسا على ماسلف من القول نرى أن تشبيه الخطأ الواعي» بالشك « يكون أقرب من تشبيهه « بالغلط «.
المطلب الثاني: إرتباط جريمة الخطأ بجرائم الضرر وجرائم الخطر
يرى معظم الفقه أن جرائم الخطأ تنتمي إلى جرائم الضرر , إلا أن اتجاها آخر من الفقه يرى أنها تنتمي إلى جرائم الخطر , وقد أوجب البعض ضرورة معاقبة الخطر في الجرائم غير العمدية , وأن هذا يمكن تحقيقه بتجريم الشروع والإشتراك في هذه الجرائم .
ونعرض في هذا المقام لهذه الاراء الفقهية وتقديرها , الرأي السائد في إعتبار جرائم الخطأ جرائم ضرر وهذا ما سنتناوله في الفرع الأول ومن ثم سنتناول الرأي السائد في إعتبار جرائم الخطأ جرائم خطر , وعلى الوجه الآتي :
الفرع الأول: جرائم الخطأ جرائم ضرر
إستقر معظم الفقه على أن الجرائم غير العمدية من جرائم الضرر , وقد عبر الفقه عن هذا المعنى بأساليب مختلفة , فهناك من عبر عن ذلك بقوله : من المبادئ المستقرة جيدا في مادة الجريمة غير المقصودة أنها لا تتوافر طالما لم سيبب الخطأ ضررا .
حيث أنه لإمكان التحدث عن المسؤولية في الإهمال يجب حدوث نتيجة تتمثل في إصابة مصلحة قانونية بضرر فعلي , لأن اكتشاف الخطأ قد يكون شبه مستحيلاً حال غياب هذه النتيجة التي تعد العنصر الفعال الموضح لإتمام هذا النوع من الجرائم[36].
كما أوضح الفقه ايضا , قد يتصور البعض وجود وحدة بين جرائم الخطأ وجرائم الضرر إستناداً إلى أن الفعل الممثل للخطأ غيرالواعي له غالبا ملامح مشتركة مع الفعل الخطر لإحتوائهما على تمثيل الخطر والحقيقة أن كلاً منهما يفترق عن الآخر.
فجرائم الخطأ هي جرائم ضرر وبالتالي فلا مجال للمزج بينهما وبين جرائم الخطأ, إلا لو إعتبرنا أن تحقق الضرر في جرائم الخطأ ماهو إلا مجرد شرط من الشروط الموضوعية للعقاب.
وهذا ما يخالف الراجح في الفقه ومؤداه أن تحقق الضرر يُعد عنصراً تكوينياً في جرائم الخطأ غير العمدي[37], وبعد كل ما تقدم من العرض لابد لنا ان نضع تقديرا لهذا الرأي من الفقه :
تقدير الاتجاه القائل: بإعتبار جرائم الخطأ جرائم ضرر
تطلبت كافة التشريعات بأن تتمثل نتيجة معظم الجرائم غير العمدية في ضرر محقق[38], ويبدو أن معظم الفقه المؤيد لاعتبار جرائم الخطأ جرائم ضرر قد أسس رأيه على ذلك.
فعلى سبيل المثال يعلق جانب من الفقه على المادة (289) ,عقوبات سوري والتي تنص على أنه « يوجد خطأ إذا كان الفعل الضار نتج عن إهمال أو عدم إحتراز أو عدم مراعاة القوانين واللوائح «.
وعند النظر الى هذا النص بعد إستعماله مصطلح « فعل ضار « نرى أنه يبرز العنصر التكويني في الجرائم غير العمدية والذي يتمثل بالأثر الضار للفعل[39].
ونرى أن إنتماء جرائم الخطأ إلى طائفة جرائم الضرر يُعد من المعايير التي تميز هذه الجرائم العمدية التي ينتمي بعضها الى جرائم الضرر وبعضها إلى جرائم الخطر .
الفرع الثاني: جرائم الخطأ جرائم خطر
يرى إتجاه آخر في الفقه عكس ماهو مستقر عليه لدى معظمه ومؤداه أن أهمية وقوع ضرر محقق في الجرائم غير العمدية أدى الى القول بأنه يُعد عنصرا مكوناً في هذه الجرائم وهذا غير صحيح , إذ أنه طالما أن العقوبة في هذا النوع من الجرائم لايمكن تبريرها إلا بوجود فعل نفسي مرتبط بها , فهذا يعني أنه بسبب هذا الفعل النفسي تقوم هذه الجرائم وتتوافر عقوبتها.
مما يدعوا للقول وفقا للمنطق القانوني بأن الجريمة توجد بغض النظر عن تحقق النتيجة[40], وعلى ذلك فجوهر الركن المادي , الخاص بالجرائم غير العمدية الذي يبرر العقوبة يتمثل في المخاطرة وليس في الضرر المحقق .
فهذه الجرائم تقوم متى توافرت الافعال الموضوعية والشخصية عن مخاطرة وبإرادة حرة , فمرتكب هذه النوعية من الجرائم لايستحق العقاب إلا لأنه وضع نفسه في مخاطرة أدركها قبل الإقدام عليها .
وهذا ما يدعو للقول بأن هذه الجرائم هي جرائم خطر وليست جرائم ضرر[41], وأضاف اصحاب هذا الاتجاه أن هذا ليس معناه أن يكون الشروع معاقباً عليه في الجرائم غير العمدية , الشروع لا يُعد متصورا إلا بإرادة تحقيق النتيجة الجنائية ولا يتوافر ذلك إلا في الجرائم العمدية كما يرى جانب من الفقه[42],أنه من غير المقبول أن يضل تحقيق الضرر الممثل للنتيجة في الجرائم غير العمدية هو الضابط المحدد لقيام المسؤولية الجنائية , في هذا النوع من الجرائم طالما ظهر الطابع الشخصي للفاعل المحتوي على عدم تبصر أو إهمال أو عدم خبرة وفي تأييد بعض الفقه[43].
لذلك يرى أنه لابد من تجريم الأفعال المنطوية على عدم إكتراث واستهتار بحقوق الغير خاصة تجاه السلامة البدنية حتى ولو لم تؤدِ الى ضرر, مع وجوب تحديد هذه الافعال بدقة , كما أن السبيل الى ذلك يكون بتجريم الخطر الذي تتعرض له المصالح الاجتماعية الهامة بجرائم الخطأ .
وبعد أن استخلصنا ماجاء به الفقه بإعتبار جريمة الخطأ جريمة خطر لابد لنا من تقدير هذا الاتجاه ووضع تقدير لهذا الرأي من الفقه وعلى الوجه الآتي :
تقدير الاتجاه القائل : إعتبار جريمة الخطأ جريمة خطر
حيث نرى أن القول بإنتماء جرائم الخطأ لجرائم الخطر قد خلط بين العناصر اللازم توافرها لقيام جرائم الخطأ وبين الأساس القانوني لتجريمها , فالواضح لدينا أن اصحاب هذا الاتجاه وجدو في السلوك الخطر الأساس القانوني لتجريم جرائم الخطأوعقاب مرتكبيها, وهذا لايتفق مع الحقيقة القانونية , كما انهم إعتبرو السلوك الخطر هو العنصر الجوهري في قيام هذه الجرائم وهذا ايضاً غير صحيح .
فوقوع الضرر المحقق يُعد هو العنصر الجوهري في قيام الركن المادي الخاص بهذه الجرائم والدليل على ذلك أن من يتجاوز السرعة المحددة في لائحة المرور لا يدان بجريمة قتل أو إصابة خطأ طالما أن السلوك الخطر الذي ارتكبه لم يتولد عنه الضرر المحقق الذي يتمثل في القتل أو الاصابة[44].
فالسلوك الخطر المنطوي على المخاطرة إذا لم يسبب ضرراًفعلياً يعاقب غالباً عن مخالفة , إلا إذا نص القانون على إعتبار السلوك الخطر جنحة غير عمدية[45] ومن الجدير بالذكر أن بعض التشريعات قد إعتدت بالسلوك الخطر كجنحة غير عمدية لحماية بعض المصالح الحيوية من خطر إصابتها بالضرر .
فعلى سبيل المثال ينص القانون العراقي بالمادة ( 341)[46]*على الخطأ ولكن اشترط ان يكون هذا الخطأ جسيم ليتسنى له وضع العقاب المناسب لما تسبب به هذا الخطأ من ضرر في الاموال والمصالح , لاسيما ان الجريمة سواء كانت جريمة خطأ او عمد وسواء كانت جريمة خطر او جريمة ضرر لابد من تسليط الضوء على صورها ودراسة العلاقة التي تربط هذه الجريمة بجريمة الخطر والضرر .
الخاتمة
ان الجدل الفقهي الذي ثار حول هذا الموضوع إن دل على شيئ إنما يدل على خطورة واهمية ارتباط جرائم الخطأ بكل من جريمتي الخطر والضرر , حيث أن جرائم الضرر هي التي تتطلب نتيجة , اما جرائم الخطر لاتتطلب نتيجة ولاعلاقة سببية , اماجرائم الخطأ غير العمدي فهي بقسميها تعني الاخلال بواجب الحيطة والحذر التي يفرضها القانون من قبل الجاني بمعنى هي صورة الخطأ غير الواعي التي لايتوقع الجاني فيها حدوث االنتيجة مع انها متوقعة في ذاتها , وهي ايضا صورة الخطأ الواعي الذي يتوقع الجاني فيها حدوث النتيجة وكان بوسعه ان يتجنبهاومن خلال هذه العلاقة بين هذه الجرائم تم التوصل الى اهم الاستنتاجات وعلى الوجه الآتي :
1- تبين صواب مايراه معظم الفقه ومؤداه أن الخطأ الواعي وغير الواعي يمكن ان يتوفر بكافة صور الخطأ .
2- يختلف الفقه في تحديده لظابط توقع الضرر فمنهم من يؤيد النظرية الشخصية التي توجب توقع الجاني شخصيا للضرر,حتى يتوافر الخطأ غير العمدي بحقه. بينما أخذ البعض بمفاهيم النظرية الموضوعية وتستند في تحديدها لتوقع الضرر الموفر للخطأ غير العمدي على عناصر موضوعية ضابطها قدرة الشخص عادي الانتباه متوسط الذكاء.
3- لم تتوحد كلمة الفقه في اختيار الظرف المشدد الذي يجب ان يؤسس عليه تشديد العقوبة في الجرائم غير العمدية , فهناك من يرى الاعتداد بجسامة الضرر كظرف مشدد , وهناك من يوجب الاعتداد بجسامة الخطأ كظرف مشدد دون الالتفات لجسامة الضرر .
4- من خلال البحث تبين ان الجريمة المحتملة تسند للخطأ الكامن في ارادة الواقعة الجرمية التي تتضمن احتمال حدوثها والذي يرجع الى عدم قيام الجاني بواجب التحرز الممكن والكافي لتجنب حدوثها .
المقترحات :
1- من الاهمية بمكان لابد من التمييز في العقوبة بين الخطأ الواعي «توقع الضرر وعدم قبوله « ,والخطأ غير الواعي « عدم توقع الضرر مع إمكان ذلك «.
2- نقترح بعدم اهمال جسامة الضرر الناجم عن الخطأ عند تقدير العقوبة .
3- لابد من الأخذ بنظر الاعتبار عند توقيع العقوبة على الخطأ غير الواعي ان يماثل الحد الأقصى لعقوبة هذا الخطأ الحد الادنى لعقوبة الخطأ الواعي .
4- الحرص على بيان المسؤولية الجزائية التي تنجم عن جريمة الخطأ وكل مامن شأنه التقليل من فرص ارتكاب الجريمة والمحافظة على النسيج الاجتماعي .
[1] احمد فتحي سرور ,الوسيط في شرح قانون العقوبات القسم العام , دار النهضة العربية القاهرة 2001 ,ص493.
[2] عادل يوسف شكري .المسؤولية الناجمة عن الاهمال , دراسة تحليلية مقارنة ,كلية القانون والعلوم السياسية ,جامعة الكوفة دار الكتب القانونية ,ودار شتات للنشر والبرمجيات , العراق ,2009 , ص22
[3] مازن مصباح , يحيى صباح ,نايل محمد, المسؤولية الجنائية عن خطأ الطبيب ,دراسة فقهية مقارنة , مجلة الجامعة الاسلامية , المجلد العشرون العدد الثاني ,2012 , ص99-102 .
[4]CONSTANTARAS Christos : op . cit.No.p.484, Les problem’s pose’s dans Ledroit pe’nal, modern par Le development des infractions non intentionneL Le’s,R.I.D.D.P, 32 annee , 3 e’me et 4 e’metrimestres 1967, Nos 3 et 4
[5] نبيل مدحت سالم ,الخطأ غير العمدي ,ط2 , دار النهضة العربية , القاهرة , 1987,ص155
[6] فوزية عبد الستار , النظرية العامة للخطأ غير العمدي , دار النهضة العربية , القاهرة . 1977 ,ص176 .
[7] نص المادة (411) جاء فيها « من قتل شخصا خطأ او تسبب في قتله من غير عمد بأن كان ذلك ناشئا عن اهمال او رعونة او عدم انتباه او عدم احتياط او عدم مراتعاة القوانين والانظمة والاوامر ....»من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 .
[8] جلال ثروت , نظرية الجريمة المتعدية القصد, دار المعارف الاسكندرية , 1994 ,ص 206 .
[9] عبد المنعم محمد ابراهيم رضوان , موضع الضرر في البنيان القانوني للجريمة , اطروحة دكتوراه ,كلية الحقوق جامعة القاهرة , 1994 ,ص428
[10] وداد عبد الرحمن القيسي ,جريمة الاهمال , دراسة مقارنة ,مكتبة القانون المقارن , ط1, 2005 , ص93 .
[11] علي عبد القادر وفتوح الشاذلي ,شرح قانون العقوبات , القسم الخاص ,الاسكندرية , 2003 ,ص286 ,.
[12] انظر مجموعة احكام القضاء المصري المتعلقة بجريمتي القتل والاصابة الخطأ , مجلة القضاء , العدد الثاني , السنة السادسة والعشرون ,1996 ,ص34 .
[13] احسان محمد الحسن ,علم الاجرام , مطبعة المعارف , بغداد ,2001 ,ص264 .
[14] علي محمد جعفر ,فلسفة العقاب والتصدي للجريمة ,المؤسسة العربية للدراسات بيروت ,2006 , ص122- 124
[15] مأمون سلامة ,قانون العقوبات ,القسم العام , 1990 دار النهضة العربية للنشر , ص344 . .
[16] عبد المهيمن بكر , القصد الجنائي في القانون المصري والمقارن ,الدار الجامعية القاهرة ,2002 , ص570.
[17] نصت المادة (495) من قانون العقوبات العراقي في فقرتها ثانيا على « يعاقب بالحبس مدة لاتزيد على شهر او بغرامة لا تزيد على عشرين دينار: ثانيا : من اطلق داخل المدن او القرى او القصبات سلاحا ناريا او الهب موادا مفرقعة اخرى « .
[18] AL TAVILLA Enrico: Les proble’mes pose’s dans le droit p’enal modernae par le de’veloppment des infractions non intentionnelles, R. I. D.D.P, 32 anne’e ,3e’me et 4 e’me trimestres p.766, 1967 3 et 40 .
[19] حسن محمد ربيع ,المبادئ العامة للجريمة , دار النهضة العربية القاهرة,1996 , ص241. .
[20] محمد , قانون العقوبات القسم العام , مؤسسة الثقافة الجامعية , الاسكندرية ,مصر 2007 , 422 . .
[21] محمود نجيب حسني ,الخطأ غير العمدي في قانون العقوبات , مجلة المحاماة العددان ,السادس والسابع, السنة الرابعة والاربعين ,فبراير ومارس ,1994 , ص503 .. .
[22] م فوزية عبد الستار ,النظرية العامة للخطأ غير العمدي ,مرجع سابق . 1977ص457 .
[23] حسن محمد ربيع, المبادئ العامة للجريمة ,دار النهضة العربية , القاهرة , 1996, ص241.
[24] فوزية عبد الستار, النظرية العامة للخطأ غير العمدي , مصدر سابق , ص7 .
[25] فوزية عبد الستار, النظرية العامة للخطأ غير العمدي , مصدر سابق , ص48 .
[26] حومد عبد الوهاب , مبادئ علم الاجرام والعقاب ,المكتبة الجامعية, ليبيا ,1998 ,ص216 ..
[27] هاني البيطار , تقريره بالفرنسية , ص838 والذي يشير على سبيل المثال للمادة 190 عقوبات سوري وتنص على أن « الجريمة تكون غير مقصودة سواء لم يتوقع الفاعل نتيجة فعله المخطئين , بينما كان يمكنه او كان يجب عليه توقعها , أو كان توقع هذه النتيجة لكنه أفترض أنه في إمكانه تجنبها « .
[28] محمد محيي الدين عوض ,القانون الجنائي , دار النهضة العربية , القاهرة , 1981 ,ص376 .
[29] نبيل مدحت سالم ,الخطأ غير العمدي ,مرجع سابق ,ص82 ..
[30] عبد المنعم فرج الصده , مبادئ القانون ,دار النهضة العربية, بيروت, 2002 , ص401 .
[31] مأمون سلامة , قانون العقوبات القسم العام , مصدر سابق0 , 372 .
[32] ضاري خليل محمود ,المقدمات الفلسفية للمسؤولية الجنائية ,مجلة دراسات قانونية , الجامعة المستنصرية , بغداد ,العدد 2 , 2001 ,ص4 . .
[33] محمد صبحي نجم ,قانون العقوبات القسم العام ,النظرية العامة للجريمة ,مكتبة دار الثقافة للنشر , عمان ,2010 , ص319 ....
[34] رمسيس بهنام ,النظرية العامة للقانون الجنائي , منشأة المعارف الاسكندرية , 2001 , ص824...
[35] احمد فتحي سرور , الوسيط في قانون العقوبات ,دار النهضة العربية, بيروت, 1991, ص650
[36] معوض عبد التواب , القانون الجنائي ومبادؤه الاساسية , الدار الجامعية القاهرة ,2003 ,ص170.
[37] السيد علي شتا , علم النفس الجنائي , مؤسسة شباب الجامعة ,الاسكندرية , مصر ,2003 , ص42
[38] قانون العقوبات السوري رقم 148لسنة 1949 .
[39] فوزية عبد الستار , الخطأ غير العمدي , مصدر سابق 10- 12 .
[40] هاني بيطار تقريره بالفرنسية , السالف الإشارة اليه ,فقرة 8 ,ص830.
[41] مجدي عبد الكريم المكي , جرائم الاحداث وطرق معالجتها ,دار الجامعة الجديدة , مصر ,القاهرة ,2009 ,ص22
[42] السعيد كامل السعيد ,شرح قانون العقوبات ,الجرائم المضرة بالمصلحة العامة ,دراسة تحليلية مقارنة ,دار الثقافة للنشر والتوزيع ,ط1 ,2008 , ص84 ..
[43] محمود زكي شمس ,الموسوعة العربية للاجتهادات القضائية الجزائية , منشورات الحلبي الحقوقية ,بيروت لبنان, 2000 ,ص 11- 14
[44] نظام توفيق المجالي ,شرح قانون العقوبات , القسم العام , دار الثقافة للنشر والتوزيع , ط1 ,الاصدار الثاني ,2009 , ص45 ,
[45] مصطفى العوجي ,القانون الجنائي ,ج2 , المسؤولية الجنائية ,منشورات الحلبي الحقوقية ,بيروت لبنان,2016 ,ص17
[46]* نص المادة (341) من قانون العقوبات العراقي على "يعاقب بالحبس كل موظف او مكلف بخدمة عامة تسبب بخطئه الجسيم في الحاق ضرر جسيم باموال أومصالح الجهة التي يعمل فيها ..."