تاريخ الاستلام 1/1/2023    تاريخ القبول 19/3/2023

حقوق الطباعة محفوظة لدى مجلة كلية القانون والعلوم السياسية في الجامعة العراقية

حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمؤلف

حقوق النشر محفوظة للناشر (كلية القانون والعلوم السياسية - الجامعة العراقية)

CC BY-NC-ND 4.0 DEED

Printing rights are reserved to the Journal of the College of Law and Political Science at Aliraqia University

Intellectual property rights are reserved to the author

Copyright reserved to the publisher (College of Law and Political Science - Aliraqia University)

Attribution – Non-Commercial – No Derives 4.0 International

For more information, please review the rights and license

DOI /10.61279/p8mc5391

التحديات الاستراتيجية

للأمن الوطني العراقي بعد 2023

Strategic challenges to Iraqi national security after 2023

م. د. يـوسف راضــي كاظــم كاطـع    

جامعة الامام الصادق (ع)

 you.alsari66@gmail.com 

م. م. عبـد الجبار كريـم عبدالامير طعمه

مستشارية الأمن الوطني

abd.jab334@gmail.com

المستخلص

إن دراسة الأمن كمحور رئيسي هو محاولة منا لوضع آليات للعمل وفق معايير تتناسب مع الواقع الأمني الذي يعيشه العراق وتتركز في المحافظة على الوجود الكياني، على الرغم من أن عملية استتباب الأمن هي عملية نسبية وليست مطلقة على اعتبار عدم وجود الأمن المطلق بكل جوانبه مهما بلغت الدولة من القوة والتفوق الصناعي والعسكري والاستقرار السياسي، حيث تبقى نقاط ضعف غير واضحة في جوانب معينة قد يغفل عنها من يحاول تطبيق الأمن ومهما كانت الاحترازات الأمنية للدولة في الداخل، أو قد تواجه الدولة تهديدات قد تكون غير تقليدية أو غير مرئية مثل قوى مجهولة أو إرهابية كما يواجه العراق اليوم جماعات إرهابية عابرة للحدود تتمتع بدعم دولي وإقليمي استطاعت ان تشكل تهديداً على مصالح الدولة وكيانها السياسي، وبالتالي فأن مثل هذه الأعمال وغيرها تجعل الأمن الوطني مكشوفاً ومعرضاً للخطر. ومنذ العام 2003 وذهنية صانع القرار في العراق تتجه الى محاولة صياغة البناء الاستراتيجي للأمن الوطني، وفي ذات الاطار فان ما يعزز الامن الوطني هو ان التوجه الوطني برمته يحاول إيجاد مقاربة امنية قادرة على ان تتعامل مع التحديات المختلفة الداخلية والخارجية التي تؤثر على الامن الوطني العراقي خصوصاً تلك التحديات التي يرتبط تأثيرها واستمرارها بمشاريع خارجية إقليمية ودولية.

Abstract

  The study of security as a main axis is an attempt by us to establish mechanisms to work according to standards commensurate with the security reality in which Iraq is living and centered on preserving the entitys presence, although the process of establishing security is a relative process and not absolute, given the absence of absolute security in all its aspects, no matter how far the state is. Of strength, industrial and military supremacy, and political stability, as weaknesses remain unclear in certain aspects that may be overlooked by those who try to implement security and whatever the security precautions of the state at home, or the state may face threats that may be unconventional or invisible such as unknown or terrorist forces as well. Today, Iraq faces transnational terrorist groups that enjoy international and regional support. They have been able to pose a threat to the interests of the state and its political entity. Therefore, such actions and others make national security exposed and endangered. Since 2003, the mindset of the decision-maker in Iraq tends to try to formulate the strategic construction of national security, and in the same context, what strengthens national security is that the entire national approach tries to find a security approach capable of dealing with the various internal and external challenges that affect Iraqi national security in particular. Those challenges whose impact and continuity are linked to external, regional and international projects.

المقدمـة

بعد عام 2003 عانى العراق من تجليات أحداث ما بعد هذا العام، ومن ضمن هذه الاحداث الإرهاب وتبعاته الذي شكل جملة من تحديات داخلية وخارجية ألقت بظلالها على واقعه السياسي، فنتجت معضلة أمنية حملت في طياتها مجموعة من الأزمات هددت الأمن الوطني العراقي في مناسبات كثيرة وهددت وحدة العراق أرضاً وشعبا، وهذا يعطي إشارات واضحة من أن الأمن الوطني العراقي لم يكن بعيداً عن أحداث أصابته بالصميم، والحديث عن الأمن الوطني يتطلب التعرف على أهم عناصر هذا الأمن ومرتكزاته، خصوصاً وفي أحيان كثيرة يعتبر المدخل النظري لمثل هذا الموضوع يثير النقاش ويتسم بالحساسية في الوقت ذاته، لاسيما وهو الشغل الشاغل للعديد من المهتمين سواء في مراكز البحوث أو المؤسسات الأكاديمية أو المؤسسات ذات الاهتمامات الاستراتيجية والامنية، وعلى أثر ذلك فإن مفهوم الأمن الوطني العراقي يتطلب تطبيق نظرية للأمن يتم الاستناد إليها للانطلاق إلى تحقيقه وفقاً للسياقات المنطقية الصحيحة، إن وجود أمن ترتسم على ملامحه الخطوط الواضحة المحددة للأولويات التي تعمل بشكل متوازن وعقلاني يأخذ بالاعتبار المصالح الوطنية الشاملة سواء في الداخل أو في الخارج وفق حسابات استراتيجية مدروسة تتجنب كل الانعكاسات السلبية في أي وقت مضى، وتأخذ أخطاء الماضي القريب على أنها دلائل واضحة على المراجعات الاستراتيجية المزمع القيام بها.

أهمــيـــة الــدراســة:

إن اية دراسة او بحث في السياق الاكاديمي لابد ان تبدأ بتحديد أهمية الموضوع التي تدعو الباحثين والدارسين وذوي الاختصاص للاهتمام والبحث والتقصي عن الحقائق وتكمن أهمية البحث الموسوم بـ « التحديـــات الاستراتيجية للأمـــن الوطنــي العراقـــي في عام 2023. « يشكل تحقيق الامن الوطني ضرورة مهمة لاستقرار العراق،نظراً لحجم التهديدات وخطورة ما يتعرض له من تحديات كبيره ومتعددة سواء من دول مجاورة وغير مجاورة، لذا فأهمية الدراسة تكمن في تحديد التحديات والتهديدات التي يتعرض لها العراق ومحاولة بناء صورة ذهنية وصياغة استراتيجية بناءه لمواجهة هذه التهديدات والتحديات والحد منها بغية قيام دولة قوية تسهم في تحقيق وتعزيز الأمن الوطني العراقي.

مشكلة الدراسة: 

في الحقيقة يمكن صياغة مشكلة البحث وفقاً للتحديات التي تواجه الامن الوطني العراقي، حيث تتمثل مشكلة البحث بمحدودية الاطر الخاصة باسترا تيجية الامن الوطني في العراق بعد  مقابل اعتماده على اهم مقوماته او مرتكزاته الناشئة من بيئته ، ومن هذا كله يمكن طرح مشكلة الدراسة على عدة تساؤلات ومن اهمها: ما هي مقومات الامن الوطني العراقي وابعاده ؟ وما دور ذلك في مواجهة اهم تحديات الامن الوطني العراقي؟ وتحقيق الاهداف المنشودة المرتبطة بالامن الوطني العراقي بعد 2023.

فـرضيـة الدراسة. 

تنطلق الدراسة من الفرضية الاساسية التي مفادها « ان العراق يمتلك حسب موقعه وموارده الطبيعية لاسيما النفطية منها استراتيجية امن وطني متكاملة ، الا ان للامن الوطني العراقي بعد 2023 لم تتحقق اهدافها السياسية وكذلك الاقتصادية خاصة ان هناك مجموعة من التحديات التي تحول دون ذلك   ، واهم تلك التحديات الوضع الأمني الناتج عن ظاهرة عدم الاستقرار السياسي  وعدم وجود رؤى واضحة متفق عليها من قبل الاحزاب الحاكمة ، ولا يوجد اتفاق شامل على برنامج امن وطني يخدم المصلحة العلييا للبلد..

منهجية الـــدراســة:

تم استخدام عدة مناهج في البحث ومنها: المنهج التاريخي، لما يتضمنه من متابعة للأحداث والوقائع، بما يسمح بإيجاد تصور معين لكل ما له صلة بالمتغيرات والاحداث التي تحكم اطار الظاهرة  السياسية والأمنية، كذلك فان فهم الماضي بأحداثه المختلفة، سوف يساعد على اجابة الكثير من الاستفهامات حول الامن الوطني العراقي وتحدياته ، و ان الحاجة الى التحليل تدعونا الى استخدام المنهج الوصفي (التحليلي) الذي لا يمكن الاستغناء عنهُ، الذي يقوم على أساس الارتباط والتكامل بين جملة من العوامل والمتغيرات المؤثرة في البيئة الداخلية والخارجية.

المبحث الأول

التأصيل النظري لمعنى ومفهـوم الأمـن والأمن الوطني 

يعد الأمن مطلب الحياة الأول للبشر على وجه الأرض منذ أن وجد عليها  النبي آدم (عليه السلام)، طالما ظل ساعياً للحصول على مأكل ومشرب ومكان يؤويه. وهو يدفع عنه من ينازعونه تلك الحاجات من أعداء سواء كانوا من الطبيعة أو من بني البشر. ومن يحصل على تلك الحاجات الأولية يحقق أولى درجات الأمن[1]. كما يعد الأمن الوطني ظاهرة متعددة الجوانب لا تقتصر على الجانب العسكري بل تتعداه إلى الجوانب الجغرافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والتي تتمثل بما تحتويه من مواقع للقوة ومصادر للضعف في الدولة وتعتبر جوانب حقيقية منها ثابتة وأخرى قابلة للتغيير. أذ يعتبر الأمن الوطني أولى أولويات النظام القائم في البلد فمن خلاله يستطيع أن يحقق الازدهار الاقتصادي والرفاه الاجتماعي والمنعة للدولة ومن افرازات منعتها الداخلية تستطيع أن ترسم سياستها الخارجية، وعلى الرغم من الانتشار الواسع لمفهوم الامن الوطني والابحاث والدراسات التي تعرضت له منذ ظهوره في ميدان العلوم الاجتماعية فأنه ما زال مفهوماً متشابكاً تتشعب منه المناهج وطرق التناول بالشكل الذي لم تحسمه الدراسات السياسية والاستراتيجية بعد ومما زاد تعقيده ثورة الاتصالات فأصبح مفهوماً مرتبطاً بالعلاقات الدولية وبالنظم السياسية بآن واحد.

المطلب الأول: مفهــــــوم ومعنى الأمــــن لغة واصطلاحا.

الأمن في اللغة هو نقيض الخوف. والفعل الثلاثي أمِن أي حقق الأمان. قال ابن منظور: “أمنت فأنا آمن، وأمنت غيري أي ضد أخفته، فالأمن ضد الخوف، والأمانة ضد الخيانة، والإيمان ضد الكفر، والإيمان بمعنى التصديق، وضده التكذيب، فيقال آمن به قوم وكذب به قوم”. وقد ورد المفهوم في القرآن الكريم بقوله تعالى: “فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف”. تتفق معظم الأدبيات التي قامت بتعريف مفهوم الأمن على أن المفهوم يشير عموماً إلى تحقيق حالة من انعدام الشعور بالخوف، وإحلال شعور الأمان ببعديه النفسي والجسدي محل الشعور بالخوف، والشعور بالأمان قيمة إنسانية كونية مرغوبة لا تقتصر على فئة اجتماعية معينة أو مرتبطة بمستوى الدخل، فالفقير مثل الغني يحتاج إلى الشعور بالأمان ويسعى إلى تحقيقه وإن اختلفت درجات المتمتع به، ونظراً لصعوبة تحقيق الأمان الكامل، فقد أصبح يُنظر للأمن على أنه مسألة نسبية مرهونة بالسعي لتعزيز أفضل الشروط لتوافره.

1- معنى وتعريــف الأمـــــــــــــن لغــــــــــــــة.

قبل الدخول في التعريفات اللغوية والاجرائية لمفهوم الأمن، يجب أن نعلم ان الامن هو أحد الحاجات الاساسية للإنسان والتي لا يستطيع العيش بدونها، فهي لا تقل أهمية عن الطعام والشراب بل قد تتفوق عليهما في كثير من الاحيان لان الانسان لا يهنئ بلقمه العيش دون أن تتوفر له أجواء الامان والطمأنينة لتناولها، وقد وجد الانسان نفسه منذ اليوم الاول لحياته بأنه بحاجه الى الامن والامان وذلك لان حياته كانت وما تزال حافلة بالتحديات المختلفة التي تهدد كيانه ووجوده.

والأمن في اللغة نقيض الخوف، فهو حالة يوجد بها الإنسان وقد استثار فيها دوافعه الغريزية للدفاع أو الهرب أو العدوان، وهذه الحالة كما توجد في الفرد فإنها توجد في الجماعة باعتبار أن هناك دوافع كثيرة تحرك حياة الإنسان وتوجه مسار سلوكه. وهي أما دوافع بيولوجية عضوية كالجوع والعطش والنوم والتنفس، أو دوافع نفسية لا نستطيع في كثير من الأحيان أن نبين لها سبباً عضوياً يفسرها[2].

أما في معاجم اللغة الانكليزية فكلمة الأمن (Security) تعني الأمان (Safety) عكس كلمة الخوف (Fear)[3].

وتشير بعض المصادر ومنها قاموس (Webester’s) إن الأمنً يعني ( التخلص من الخوف والقلق والعمل على توفير الطمأنينة والسلامً )[4]، أما قاموس (Champers) فيعرف الأمن على أنه « التحرر من الهم والقلق والتخلص من الخطر وتحقيق الثقة والطمأنينة وتوافر السلامة والاستقرار»[5]. أما قاموس (Oxford) فيعٌرف الأمن (على أنه النشاطات المشتركة لحماية البلد أو البنى التحتية أو الأشخاص ضد خطر الهجوم)([6]).

ومن خلال ما تقدَّم من كلام وأقوال أهل اللغة وأرباب البيان يتَّضِح أنَّ للأمن في لغة العرب إطلاقات عِدَّة، فهو يعني: «الطمأنينة وعدم الخوف، والثِّقة وعدم الخيانة».

2- معنى وتعريـف الأمــــــن اصطلاحـــــــــــاً:

يرى باري بوزان[7]* أن هذا المفهوم (الامن) يبقى عصيا على الصياغة الدقيقة على الرغم من دلالته البالغة حيث يوفر غياب الدقة هامشا واسعا للتفسير الاستراتيجي[8].

وهو ما يمكن لنا ان ندركه من خلال تعريف الموسوعة السياسية، فقد عرفت الأمن بأنه: ((تأمين سلامة الدولة ضد أخطار خارجية وداخلية قد تؤدي بها إلى الوقوع تحت سيطرة أجنبية نتيجة ضغوط خارجية أو انهيار داخلي))[9].

فعلى الرغم من أن جوهر الأمن هو الاستقرار والنظام، ومع الإقرار بأنهما متغيران يتوقفان على القوة العسكرية للدولة، إلا انهما في الوقت ذاته يعتمدان أيضا على قدراتها الاقتصادية، واستقرار نظاميها السياسي والاجتماعي، ومدى الدعم الذي يقدمه مواطنوها للسياسات والقرارات التي تتخذها الحكومة[10].

أما داريو باتيستيلا[11]* فيرى  أن:((للأمن بعدا موضوعيا وبعدا ذاتيا، وأن الأمن موضوعيا يرتبط بغياب التهديدات ضد القيم المركزية، وذاتيا الاطمئنان من أن تكون تلك القيم ليست محور هجوم))[12].

و يذكر د. عبد السلام بغدادي بعض المفاهيم التي تناولت الامن؛ يسوق توضيح الباحثين للقيم بأنها ((القيم الجوهرية المكتسبة من قبل، نتيجة الجهد الشخصي والجماعي...، وهي تتضمن أهدافا عريضة كالبقاء والوحدة الاقليمية والاستقلال السياسي والاقتصادي، وبالمثل أيضا، الاعتبارات الايديولجية والثقافية... ويرى ان التمييز بين القيم الاساسية والقيم الثانوية ليس أمرا حاسما))[13].

على الرغم من حداثة الدراسات في موضوع «الأمن» فإن مفاهيم «الأمن» قد أصبحت محددة وواضحة في فكر وعقل القيادات السياسية والفكرية في الكثير من الدول. وقد برزت كتابات متعددة في هذا المجال، وشاعت مفاهيم بعينها في إطاره لعل أبرزها «الأمن القومي الأمريكي» و»الأمن الأوروبي» و»الأمن الإسرائيلي» و»الأمن القومي السوفييتي» قبل تفككه. وفي مجال التوصل إلى مفهوم متفق عليه «للأمن»، فإنه يجدر بنا التعرف على ذلك المدلول في إطار المدارس الفكرية المعاصرة:

«فالأمن» من وجهة نظر دائرة المعارف البريطانية يعني «حماية الأمة من خطر القهر على يد قوة أجنبية»

ومن وجهة نظر هنري كسينجر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق يعني (أي تصرفات يسعى المجتمع عن طريقها إلى حفظ حقه في البقاء).

ولعل من أبرز ما كتب عن «الأمن» هو ما أوضحه «روبرت مكنمارا» وزير الدفاع الأمريكي الأسبق وأحد مفكري الاستراتيجية البارزين في كتابه «جوهر الأمن». حيث قال: «إن الأمن يعني التطور والتنمية، سواء منها الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية في ظل حماية مضمونة». واستطرد قائلاً: «إن الأمن الحقيقي للدولة ينبع من معرفتها العميقة للمصادر التي تهدد مختلف قدراتها ومواجهتها؛ لإعطاء الفرصة لتنمية تلك القدرات تنمية حقيقية في كافة المجالات سواء في الحاضر أو المستقبل» .

وقد عرَّفته موسوعة السياسة بأنَّه: «تأمين سلامة الدولة ضد أخطار خارجية وداخلية قد تؤدي بها إلى الوقوع تحت سيطرة أجنبيَّة نتيجة ضغوط خارجية أو انهيار داخلي».

وفي إطار هذه الحقيقة يكون المفهوم الشامل «للأمن» من وجهة نظرنا هو: «القدرة التي تتمكن بها الدولة من تأمين انطلاق مصادر قوتها الداخلية والخارجية، الاقتصادية والعسكرية، في شتى المجالات في مواجهة المصادر التي تهددها في الداخل والخارج، في السلم والحرب، مع استمرار الانطلاق المؤمَّن لتلك القوى في الحاضر والمستقبل تخطيطاً للأهداف المخططة». وعليه فأن أبرز تعريف للأمن في مفهوم الإسلام هو: السلامة الحِسيَّة والمعنوية، والطمأنينة الداخلية والخارجية، وكفالة الحياة السعيدة للفرد والمجتمع والدولة.

فهذا التعريف كما هو ملاحظ يركز على الفرد لأنَّه اللبنة الأساسية والخليَّة الأولى، والذي يتكون منه المجتمع ومن ثَمَّ الدولة بمفهومها الواسع.

المطلب الثاني: تعريـــــــــف الأمــــــــن الوطنــــي.

أن مصطلح الامن الوطني هو مصطلح سياسي حديث نسبياً حيث ظهر مع بداية ولادة الدولة القومية في أوربا أي بعد معاهدة (وستفاليا)1648، التي بموجبها تغير شكل النظام الدولي وبدأت حقبة جديدة من حياة العالم تمثلت بظهور فكر التنوير وبداية النهضة العلمية والصناعية في أوربا، ولعل الظروف السياسية والامنية التي عاشتها أوربا تفسر لنا سبب ظهور هذا المصطلح وكذلك فأن رغبة كل دولة في الحفاظ على جغرافيتها وسكانها ومقدراتها الوطنية وخوفها الكبير من جيرانها هو ما عزز مفهوم الامن الوطني وزادة تطوراً وانتعاشاً. إن أضخم مؤسسة أنتجتها البشرية على مستوى العالم في التاريخ قديماً وحديثاً، حملت مسمى الأمن هي مجلس الأمن عام 1946، لقد استشعر العالم أن ركيزة الأمن لا يمكن لها أن تسقط، فكان لابد من أن تكون هناك مؤسسة عالمية تسعى لإسناد تلكم الركيزة، وكانت أبرز أهدافها الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، لأن مقومات الحياة بأجمعها تأتي بعد استتباب الأمن[14]، وهو أمر يشير إلى أن هاجس استقرار الدول والشعوب الذي أهتز خلال الحرب العالمية الثانية (1939- 1945). لذا فالاستخدام الرسمي لمصطلح الامن الوطني كان في نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1947، عندما أنشأ الامريكيون هيئة رسمية سميت (مجلس الامن الوطني الامريكي)، والذي أسند له بحث كافة الأمور والاحداث التي تمس كيان الامة الامريكية، وتهدد أمنها.

تعددت وتنوعت التعريفات التي تناولت مفهوم الامن الوطني  وذلك نتيجة اختلاف الباحثين من حيث الثقافة والبيئة والزاوية التي نظر منها لهذا المفهوم، وكذلك من حيث الخلفية الاكاديمية والخبرة العملية، حيث نجد تعريف الاشخاص الذين عملوا ويعملوا في مجال الامن وما يتبعه من مرافق يختلف عن تعريف الباحث الاكاديمي الذي ليس له علاقة عملية بالأمن، ولكن يبدو أن القواسم المشتركة أيضاً تجمع الجميع وتجبرهم على الالتقاء عند نقطة واحدة في أفكارهم وتصوراتهم لتعريف الامن الوطني كمفهوم، ولا شك أن هذا دليل صحة وأثراء للفكر يؤدي بالقارئ الى عصف فكري وذهني ويثري معلوماته بكم كبير من الافكار المعرفية والتصورات الذهنية حول هذا الموضوع.

-يعرف الأمن الوطني بناءً على السياسة الدولية، فهو قدرة الدولة على رد أي عدوان، قد تتعرض لهُ من قبل دولة أخرى؛ سواءً باستخدام الدفاع العسكري، أو أي أسلوب يساهم في المحافظة على تطبيق الأمن الخارجي، والداخلي للدولة، دون وجود أية سيطرة، أو سلطة من دولة، أو جهة أخرى عليها.

ويعود الاستخدام المتواتر لمفهوم الأمن إلى نهاية الحرب العالمية الثانية، إذ ظهر تيار من الأدبيات يبحث في كيفية تحقيق الأمن وتلافي الحرب، ومنذ ذلك التاريخ انتشر استخدام مفهوم الأمن بمستوياته المختلفة طبقاً لطبيعة الظروف المحلية والإقليمية والدولية، وقد عرفت موسوعة العلوم الاجتماعية  الامن الوطني على إنه «قدرة الدولة على حماية قيمها الداخلية من التهديدات الخارجية». ومن أحدث تعريفات الأمن ما عرفه به (باري بوزان)» بأنه العمل على التحرر من التهديد». وكذلك (آرنولد ولفرز) عام 1952 عندما ذكر « بأن الأمن موضوعياً مرتبط بغياب التهديدات ضد القيم المركزية، وبمعنى ذاتي، غياب الخوف من أن تكون تلك القيم محل هجوم «، وكما يرى (كينث والتز) « بأن الأمن هو الغاية الأسمى في نظام فوضوي، إذ أنَّ الأمن هو قدرة الدولة على تأمين جميع مصادر قوتها لحماية مصالحها القومية وتطويرها». [15].

-وهناك من يعرف الأمن الوطني على أنه قدرة الدولة على البقاء والمحافظة على قيمها الأساسية مع استمرار النمو طبقا للأهداف والاستراتيجيات المحددة سلفا.

-كما أن الأمن الوطني هو تأمين الدولة من داخلها وحمايتها من التهديد الخارجي بما يكفل لشعبها حياة مستقرة توفر لها أسباب النهوض والنمو والتعبير عن هويتها بين الأمم وممارسة حريتها في استغلال طاقتها البشرية وثرواتها الطبيعية للوصول إلى تحقيق أهدافها في التقدم والازدهار والسلام.

-  الأمن الوطني من منظور الكاتب السياسي الأمريكي (والتر ليبمان) هو (شعور الامة بالأمان طالما لم تمس قيمها الأساسية أو تتعرض للخطر وتكون قادرة على مجابهة هذه التحديات وصيانة أمنها والانتصار في الحرب أي أنه يركز على القوة العسكرية، لضمان الأمن الوطني).

-في حين يرى بعض الباحثين أن الأمن الوطني قد يتحقق في الحالات التالية (غياب التهديد-امتلاك القوة الكفيلة لمواجهة التهديد-الابتعاد بالبلاد عن أثار الخطر حال وقوعه). 

وينظر إلى مفهوم الأمن الوطني  بشمولية أكبر على اعتباره يرتبط بقضايا التنمية والاستقرار السياسي، وان الدولة تستطيع تحقيق أمنها من خلال ما تملكه من إمكانات اقتصادية وسياسية وجغرافية وبشرية، ويمكن وصف الأمن بأنه حالة من الاستقرار وعدم الاضطراب والتوتر النفسي[16].

وعليه يمكن القول بأن لمفهوم الأمن الشامل جانبين الأول مادي يعبر عنه كمياً بمستوى الأجهزة الأمنية ذات العلاقة والقدرة الاقتصادية وعدد السكان ودرجة الاستقلال عن الخارج خصوصاً في مجال الغذاء والثاني معنوي يعبر عنه نوعياً بمستوى الروح المعنوية للسكان ومدى تماسكهم أو ارتباط المواطنين بنظامهم السياسي ومشاركتهم له في تحقيق الأهداف التي يسعى لها وايمانهم بها. وأن الفشل في تحقيق ذلك يؤدي إلى الاضطراب السياسي والاجتماعي ليشكل تهديداً مباشراً لأمن الدولة والمجتمع، كما ان التعدد في الولاءات الطائفية والحزبية والقومية يؤدي إلى توتر في العلاقات الاجتماعية وتضارب الأهداف والمصالح الوطنية التي من شأنها أن تشكل بمجملها تهديداً مباشراً للأمن الوطني الشامل.

المبحث الثاني

الامن الوطني العراقي : دراسة في المقومات والابعاد..

المطلب الأول:  مقومات الأمن الوطني.

يعتمد الأمن الوطني على مجموعة من المقومات، وتشكل هذه المقومات الركائز الاساسية في تحديد الرؤية التي ينطلق منها صانع القرار باتجاه البيئة الداخلية والخارجية.

وتعتمد هذه المقومات على عناصر القوة والقدرة وعلى توظيفها  بحيث تكون قادرة على تحقيق الأهداف والمتطلبات التي تنشدها، إذ ترتكز خيارات صانع القرار على مواجهة التحديات والتهديدات بالمقومات التي يمتلكها ويسعى من خلالها الى تامين عناصر المواجهة، وتتمثل تلك المقومات بالاقتصاد اولاً الذي يعد عماد قدرة الدولة على توفير احتياجات المجتمع سواء كانت المحلية أو الخارجية، ودعم القدرة العسكرية بما هو متوفر وبأيسر السبل، والقدرة على تجنب فرض القيود والتهديدات الخارجية فضلا ًعن ان هنالك مقومات سياسية واجتماعية وكذلك المقومات الامنية والعسكرية التي يمكن من خلالها تأمين عناصر المواجهة للتحديات والتهديدات، التي تعصف بالأمن الوطني وسوف نتناولها بالتفصيل  . [17] 

 1- المقـــــومات الـــــــــماديــــــــة.

تشمل مجموعة عوامل تشكل بوجودها دعائم  الامن الوطني وفعاليته وحدود اهتماماته:

- المقوم الجغــــــــــرافي:-ويشمل (حجم الرقعة الجغرافية ومساحتها- التضــــاريـــــس- ‌الموقــــع الجغـــرافــــي والحـــــــــدود).

- المقوم السكاني:- يرى (هولستي) أن حجم الدولة وتعدادها السكاني وكيفية توزيع مواردها الطبيعية ومناخها وطبيعة تضاريسها، كلها ذات تأثيرات مهمة على درجة تطورها الاقتصادي والاجتماعي، وفي تحديد متطلبات أمنها الوطني واحتياجاتها من الدول الأخرى، ومن ثم في صياغة نظرتها لمناطق العالم المختلفة، كما أن لهذه المتغيرات اتصال وثيق بسياساتها الدفاعية والعسكرية[18].

- المقـــوم الاقتصــــــــادي:- ويمثل المقوم الاقتصادي عنصراً مهما من عناصر قوة الدولة وأمنها الوطني، الذي لا يقل أهمية عن العامل العسكري. وكلاهما متلازمان فكل منهما يقوي ويعزز الآخر وهما بالتالي المصدر الأساس للقوة السياسية في الدولة، وعالم اليوم أصبح عالماً اقتصادياً بلا منازع فمن امتلك زمام الاقتصاد امتلك زمام القوة بكل معنى الكلمة. ومع ولادة النظام العالمي الجديد الذي كان أبرز معالمه تفكك الاتحاد السوفيتي وانتهاء النظام الاقتصادي كمنافس للرأسمالية العالمية، برزت أهمية الاقتصاد كعامل مهم من عوامل بقاء الدول واستمرارها، فتفكك الاتحاد السوفيتي كان سببه الاقتصاد بالدرجة الأساس[19].

- المقـــــوم العســــــكري: لا جدال في أن البعد العسكري هو أكثر مقومات الأمن الوطني فاعلية[20]. فالقوة العسكرية تعرف بأنها الأداة النهائية لحسم الصراع بين الدول في إطار قوتها الشاملة، وقد تعني (مجموعة الإمكانات والموارد العسكرية المادية والبشرية المتاحة للدولة في وقت ما، وكثيراً ما تظهر دلائل التعاون المتبادل بين الاقتصاد والتكنولوجيا من خلال ما تقدماه للقوة العسكرية)، لتعزيز الدور الوظيفي لتلك القوة يتم من خلال ما يأتي[21]:-

الدفاع عن إقليم الدولة ضد العدو الخارجي.

منع حدوث حرب شاملة (عن طريق قوة الردع) والعمل على كسب الحروب المحدودة.

الوفاء بالالتزامات الدولية والأخلاق الإقليمية والدولية.

تأمين حماية لمصادر القوة القومية.

دعم باقي عناصر القوة القومية وتأمين فاعليتها.

حماية الأمن الداخلي والخارجي للدولة، أي حماية الأمن الوطني وتعزيزه.

2- المقـــــومات المعنـــــوية:

تشكل المقومات المعنوية ركناً من أركان الأمن الأساسية، وكثيراً ما يعهد إليها من حقائق القياس لطبيعة الأمن ومساحة أدائه، كونها ذات اتصال مباشر بآليات الإفصاح عن ما يضمه الأمن كمعطى من رؤى واجتهادات ومقترحات اتصال مع من على الأرض ومع الشعب وقياداته، باعتبار الأول مصدراً لحقيقة الأمن، والثاني مصدراً للقيم التي تحدد التوجهات المؤطره والحاضنة له، وفيما يأتي أبرز هذه المقومات.

1-القـــــــــدرة السياسية:- وتتمثل في المصالح السياسية للدولة حيث السيادة الوطنية والحفاظ على النظام السياسي وكذلك بناء وتنظيم علاقات إقليمية ودولية متوازنة تنسجم مع القيم والأعراف الدولية[22].

2-نوعـــــــية القيــــــــــادة:- من متطلبات القيادة أن تدرك كل المتغيرات الدولية، فضلاً عن المتغيرات المحلية والإقليمية، مع الإدراك بعدم إمكانية القفز نحو العالمية بدون تحقيق عوامل النجاح محلياً[23].

3-امتـلاك رؤية استــراتيجـــية:- 

تمثل الرؤية الخطط المطلوب تحقيقها، والآمال العامة والعريضة التي يسعى الفرد أو الدولة إلى تحقيقها في الأجل الطويل. وتتسم الرؤية بمجموعة الصفات او السمات وهي كالآتي[24]-

- أن تتصف بالوضوح.

- أن تكون ذات معنى.

- أن تتطلع إلى المستقبل مع أخذ الماضي في الاعتبار.

- أن تتسم بالاستقرار النسبي.

- أن تتسم بمقاومة الظروف والتحديات والتعبير عن التفوق.

4-المقـــوم الاجتــماعي:-

إن أمن الدولة والمجتمع والممتلكات الخاصة لا يمكن أن يكون دون أمن اجتماعي واقتصادي يلبي الحاجات ويراعي الحقوق ويخفف من حدة الأسباب التي تنتج معضلات الأمن في أي مجتمع مثل الفقر والبطالة والتهميش[25].

5-المقــــــوم الثقـــــــافي:-

لا يخطأ من يظن، أنَّ الأمن الثقافي هو إحساس المجتمع بأن منظومته الفكرية ونظامه الأخلاقي الذي يرتب العلاقات بين أفراده ليس موضع تهديد من فكر متطرف[26]، ومن حيث أن الثقافة ليست وسيلة من الوسائل المعتادة فقط، بل أنها وسيلة للتغيير، إذ أنَّ المثقفين هم مهندسو الحالات البشرية[27]. ويبرز المتغير الثقافي جلياً من خلال تأثير الرأي العام، والنخب المؤثرة في عملية صنع القرار  وكذلك دور القيم الاجتماعية السائدة في عملية التنشئة السابقة لصناع القرار،  وكما يعتمد الاستقرار السياسي والانسجام الاجتماعي جزئياً على الثقافة السياسية.

6-العــــمق الــــــتاريخي:-

ويمثل العمق التاريخي مجموع التجارب التاريخية لأحد المجتمعات وما تتركه من تأثيرات نوعية في سلوك أعضائه وعلاقاتهم المتبادلة من ناحية، وكيفية تفسيرهم للماضي وتقويمهم للحاضر ونظرتهم للمستقبل، وهي مختلفة من أمة لأخرى، وللعمق تأثيرات واضحة على صانع القرار وبالنتيجة في السلوك السياسي. وتتجسد أهميته في مدى انعكاساته على كيفية إدراك صانع القرار لدلالات تجارب دولية، وأثر ذلك على حركته السياسة الخارجية حاضرا ومستقبلا، وكما يتلازم العمق التاريخي وتنشأ فاعليته من صفة التلازم التي يمتاز بها مع الثقافة المجتمعية، وكذلك من خلال تعزيز الروح الوطنية ورفد صانع القرار بعوامل قوة إضافية تساعده على تحقيق الأمن الوطني[28].

المطلب الثاني:  ابعاد  الأمــن الوطنـــي.

أوضحت تعريفات الأمن الوطني وجود أبعاد له، وهي مصدر قوته أو ضعفه، كما وضح كذلك تأثير تلك الأبعاد على بعضها، وأكدت تطبيقات الأمن الوطني  العراقي هذا المنظور، كما تفيد أيضا، إن هذه الأبعاد، إذا هددت كلها أو بعضها، يصبح الأمن الوطني كله مهددا وهذا ما رأيناه في العراق ، وان ضعفها يهيئ سبل اختراقه. ويتكون الأمن الوطني، على أي مستوى كان، من عدة أبعاد أساسية، تختلف قوة كل منها، باختلاف خصائص الدولة، كما تتميز دول بقوة بعد بعينه، عن غيرها من الدول، طبقا لمكونات البعد وتعدد نقاط القوة فيه، كما لا يشترط أن تكون نقطة القوة في بعد دولة، هي نقطة قوة نفسها لهذا البعد في دولة أخرى، ويترابط مكونات البعد، وتأثره بالأبعاد الأخرى، تكون قدرة الدولة وإمكانياتها وهذا ما سنراه في ظل الابعاد الخاصة بالامن الوطني العراقي، وكالتالي :

اولاً: البعـــد السياســـي.

يعتبر هذا البعد، من وجهة نظر الأمن الوطني، العنصر الأساسي، لا سيما في حالة العراق، و الذي يحدد كيفية تنظيم وإدارة قوى الدولة ومواردها، وهو ذو شقين، سياسة داخلية، لإدارة المجتمع والتغلب على مشاكله، وسياسة خارجية لإدارة مصادر القوة للدولة للتأثير على المجتمع الدولي، وسياسات الدول الأخرى، لتحقيق مصالح الدولة. ومطالب هذا البعد، بالنسبة للسياسة الداخلية العراقية، هي استقرارها في إطار الشرعية الدستورية، وتوجيه التنافس للقوى الداخلية والاتجاهات السياسية لصالح الأمة العراقية بكل مكوناتها ، إما مطالبه للسياسة الخارجية، فهي نجاحها في تأمين متطلبات السيادة الوطنية، واحتياجات الدولة، دون الخضوع لأي ضغوط خارجية. ومكونات هذا البعد، في إطار السياسة الداخلية، هي: التعرف على الاتجاهات والقيم والأفكار المسيطرة على الحياة السياسية في العراق، وتعدد الأحزاب (أو الجماعات) السياسية وقوتها وتنظيماتها، ومدى قوة جماعات المصالح أو مراكز القوى، وتأثيرها في الطوائف والنقابات والتنظيمات الشعبية المختلفة، والتعرف على الأهداف المعلنة، واستنتاج الأهداف غير المعلنة (من خلال تحليل السياسات السابقة والمتبعة، وأثرها على أسلوب صنع واتخاذ القرار)[29].

ثانياً: البعــد الاقتصـادي.

تعطي القوة الاقتصادية للدولة، ثقلا سياسيا على المستويين الإقليمي والعالمي. ويؤدي التكامل الاقتصادي مع دول أخرى، في إطار تنظيم إقليمي أو دولي، إلى عظم عائد هذه القوة، وهو ما يحقق في الوقت نفسه الأمن الجماعي لتلك المجموعة. ويمثل البعد الاقتصادي، القوي، ركيزة مهمة وحيوية للقوة العسكرية. وبتأمين الاكتفاء الذاتي من الاحتياجات، وتحويل الصناعات الحربية، لتأمين المعدات والأسلحة اللازمة للقوة العسكرية، وتدبير المال اللازم لشراء ما ينقص من السوق الخارجي، مما يقوي من تلك القوة، وتعود القوتان (الاقتصادية والعسكرية)، بالفائدة على القوة السياسية ايجابياً، وبذلك تتصاعد قدرة الدولة نتيجة مساندة كل قوة للأخرى، بالاستفادة من الإمكانات الكبيرة للقوة الاقتصادية والعكس صحيح. ويرتكز هذا البعد على العناصر الاقتصادية الرئيسية الخمس، (زراعة-صناعة-تجارة-رؤوس أموال (مؤسسات مالية ومصرفية))[30].

ثالثاً: البعـــد العسكــري.

وهو أكثر ابعاد الأمن الوطني فاعلية، كما أنه البعد الذي لا يسمح بضعفه أبداً، لأن ذلك الضعف يؤدي إلى انهيار امن الدولة الوطني، وتعرضها لأخطار وتهديدات عنيفة، قد تصل إلى حد وقوعها تحت الاحتلال الأجنبي أو الغائها تماماً وضمها لدولة أخرى (الدولة الغازية) وهذا ما حصل للعراق في ظل الاحتلال الامريكي، أو تقسيمها لدويلات أو اقتسامها مع اخرين. والبديل الباقي ليس أحسن حالاً، فقد تلجأ حكومة الدولة الضعيفة عسكرياً، إلى دولة إقليمية او عالمية كبرى لحمايتها، وهو ما يعني السماح لتلك الدولة الكبرى بانتهاك امنها الوطني في عدة ابعاد، مقابل أن تؤمنها من اخطار أخرى. ويفترض أن الدول لا تستخدم قوتها العسكرية، الا بعد ان تستنفذ القوى الأخرى وسائلها (السياسية والاقتصادية)، ووجود القوة المسلحة بالقدر المتفوق ، مع توافر إرادة استخدامها، توجد قدر مناسب من المصداقية، تردع الاخرين عن التعرض لمصالح الدولة، وبعض الدول تعتنق عقائد قتالية عدوانية، فهي لظروف ضعف بعض الابعاد الأمنية ( خاصة البعد الجيوبولتيكي، والبعد الاجتماعي)، أو اختلال بعض العناصر في الابعاد الأمنية مثل( ارتفاع الكثافة السكانية، مع ضعف الموارد الطبيعية)، لا تسمح بتهديد أمنها، فتبادر بالاعتداء على الاخرين، بحثاً عن احتياجاتها الضرورية الناقصة، التي باستكمالها يكتمل أمنها مثال ذلك (إسرائيل في الوقت الحاضر وألمانيا قبل الحرب العالمية الثانية).

رابعاً:  البعـد الاجتماعي:

الإنسان هو العامل المؤثر في الأمن الوطني، فهو القوة الفاعلة لأبعاده، وهو المعني بتحقيق أمنه، فردا كان أو جماعة أو مجتمعًا. ويعطي هذا المفهوم أهمية بالغة للبعد الاجتماعي للأمن الوطني العراقي بدوره ، حيث يكون المطلوب، حسن إعداد المواطن، ليؤمن ذاته وغيره.

ويتضمن إعداد المواطن في  المجتمع العراقي صحته وعقله (ثقافته) وأخلاقياته وتقاليده (تراثه). وحتى يمكن تحقيق مطالب هذا البعد، فمن الضروري بحث مقوماته، وتحليلها، ودراستها، والتخطيط لتنمية جوانب القوة فيها، وعلاج نقاط الضعف. وتدور دراسات هذا البعد حول الإنسان، في خصائصه العددية وخصائصه النوعية أما خصائصه العددية، فهي تبحث نسبة تعداد السكان إلى مساحة الارض ومناطق التركيز السكانية، ومعدلات النمو، والتركيب العمري، ودرجة التحضر، ونسبة واتجاهات الهجرة الداخلية من الريف إلى المدن، ونصيب الفرد من الدخل القومي، ودرجة التماسك الوطني ونسبة الطوائف الأخرى (عرقية أيديولوجية مهنية …)، والتركيبات المختلفة الأخرى المكونة للشعب.

خامساً: البعـــد الجيوبولوتيكــي.

يشكل هذا البعد مفهوم استغلال الحقائق الجغرافية، من منظور سياسي، مع مراعاة مصالح الآخرين المشاركين في الأهداف نفسها، والمتأثرين بالاستغلال السياسي للوضع الجغرافي، وتكمن أهمية هذا المفهوم في عنصرين وهو ما ينطبق على حالة العراق ، وكالتالي:

أ. ما توضحه الدراسات الجغرافية من حقائق للإقليم، تبرز المزايا والعيوب معاً، وهي بذلك تضع بدائل للقرار مبكراً.

ب. اكتشاف نقطة التصادم المحتملة مع الآخرين، مكانياً وزمنياً، بما يساعد على الإعداد لها مسبقاً، على ضوء ما وضح من مزايا وعيوب للحصول على أفضل النتائج، التي تحقق الأمن الوطني العراقي.

المطلب الثالث: المقومـــــات الأساسيــــة لدعــــم وتنميــــة الأمــــــن الوطنـــــي العراقي

1-العقيدة الدينية: باعتبار أن العقيدة تحث على فعل الخير ومحاربة الشر والإسلام دين عدالة وأمر بمعروف ونهي عن منكر وتآلف ومحبة بين أفراد المجتمع العراقي وأمن واستقرار البلد. 

2-الإحساس بالتماسك والتعاطف والانتماء بين أفراد المجتمع العراقي الواحد: من أولى شروط المجتمع السليم أن يتوافر بين أفراده قدر عال من التماسك، بحيث يشعر كل منهم بانتمائه إلى وطنه ومجتمعه انتماءً وثيقاً، بحيث يؤلف وحدة عضوية حية تتفاعل معه، فتحيا بحياته وتنمو بنموه وتتبلور مقوماته، فالانتماء للوطن ركن أساسي للحياة الاجتماعية في العراق، بحيث يشعر الفرد بأن الوطن له وأنه مسؤول عن سلامته، ومن يشعر بأن له دور يتوجب عليه القيام به للمحافظة على وطنه وأمته، وبالتعاطف والتماسك تتكون رابطة إنسانية قوية تشكل سداً منيعاً يحول دون إيذاء الأفراد لبعضهم البعض وهو مايوجب توفره في بلد مثل العراق. 

3-التوافق على مبادئ سلوكية وأخلاقية ودينية واحدة: باعتبار أن العقيدة تحث على القيام بفعل الخير والإسلام باعتباره  دين الدولة العراقية والذي يوجب ان يحقق عدالة وتآلف ومحبة بين أفراد المجتمع العراقي. فحين يتربى الإنسان تربية سليمة يستقى التقوى ومخافة الله وتنمو معه المسؤولية تجاه نفسه وتجاه غيره، ينشأ محباً للناس وللغير،. ومتى ما شب المجتمع على أساس سليم ومبادئ سامية، يتأقلم الإنسان معها وتترسخ لديه وتصبح التزاما أساسياً لا ينحرف عنه. ومن ثم فمتى وجدت هذه القواعد الأخلاقية والدينية والسلوكية في إطار المجتمع العراقي، تأمنت معه أحد المقومات الأساسية لتحقيق الأمن.

4-الاستقرار السياسي وتوافر الأجهزة المختصة القادرة على تحقيق الأمن والعدالة: من المقومات الأساسية أيضاً لتحقيق الأمن، توفر الاستقرار السياسي في المجتمع عن طريق الحقوق الدستورية الشرعية للفرد عبر حكم عادل رادع يراعي شؤون المواطنين ويعمل على توفير أسباب الطمأنينة. والاستقرار السياسي يتطلب دعائم أساسية تحقق الحقوق للمواطنين لممارسة حقوقهم السياسية، في ظل أنظمة ومؤسسات مختصة قادرة على تأمين المجتمع وتتمثل في:

– جهاز أمني قوي وفعال ومستعد للتدخل دوما لصيانة الأمن بوجه عام ولتأمين الوطن وحفظ كيانه وعلى وجه الخصوص حماية الأفراد من المجرمين والمنحرفين والإرهابيين.

– جهاز قضائي عادل وحاسم، يضمن حقوق الجميع ويفصل في الأحكام بسرعة وحسم لقطع المفاسد وردع المعتدين ولجم المخالفين حتى يكونوا عبرة لغيرهم.

– تخطيط متكامل وسياسة جنائية سليمة وتعاون وثيق بين كافة المؤسسات والجمعيات العدلية والتربوية والأخلاقية والأمنية لتوفير مقومات الأمن والأمان للفرد والجماعة.

5-توافر الأمن الاجتماعي والاقتصادي: لا يكفي أن يتوافر نوع من التماسك والتعاطف داخل المجتمع العراقي وأن يتواجد استقرار سياسي ومؤسسات لضمان توافر الأمن، بل لابد من توفر أمن اجتماعي واقتصادي، يضمن لكل فرد في المجتمع مستوى معيشي معين، يتحقق بتوافر فرص العمل والإنتاج وعائد مجزي، ليؤمن اقتناء حاجات الإنسان الضرورية من مأكل وملبس ومسكن مناسب[31]، يضاف إليها توافر خدمات تعليمية وصحية واجتماعية وإنسانية تجعله في مأمن من الفقر والجهل والمرض. 

6-ضمان سلامة الأرواح والأعراض والممتلكات من كل خطر: إن جوهر الأمن، هو التحرر من الخوف من أي خطر أو ضرر قد يلحق بالإنسان في نفسه أو عرضه أو ممتلكاته، ويكون في مقدوره التنقل بكل حرية داخل وطنه دون خوف، وأن يكون بإمكانه أن يفكر ويدلي برأيه دون تسلط أو إرهاب من قبل الآخرين.

المبحث الثالـث

التحديات التـي تواجه الأمـن الوطنـي العراقي

تشمل سياسة الأمن الوطني العراقي الإجراءات  كافة التي تراها الدولة كفيلة لحماية كيانها وتحقيق أمنها في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية، وفي العراق يواجه الأمن تحديات كبيرة، بل أن الهاجس الأمني يتقدم على ما عداه، وتستقطع الإجراءات الأمنية وبناء المؤسسات الأمنية جزءاً كبيراً من ميزانية العراق، مما يعيق تنفيذ الكثير من المشروعات الاستثمارية، وعمليات إعادة الاعمار والبناء. ويبدو أن الدور الأمني لم يعد يقصد به حماية الحدود أو المؤسسات الرسمية او الأمن الداخلي بحدوده المعروفة، بل تطور ليشمل ابعاداً اقتصادية واجتماعية وثقافية وغيرها، كذلك تطور الأمن ليكون مرتبطاً بقرارات الأمن الجماعي والمنظمات الدولية[32]

المطلب الأول: تحديـات ومهددات الامن الوطنــي بمفهومه الاستراتيجي.

أشرنا في معرض حديثنا إلى أن الأمن الوطني والاستراتيجية للعراق وجهان لعملة واحدة وذلك بسبب أن امتلاك القوة الاستراتيجية الشاملة يتم من خلال التخطيط الاستراتيجي، والعكس صحيح حيث أن ضعف أو عدم وجود تخطيط استراتيجي وضعف تنفيذ الاستراتيجية، هو أكبر مهدد للأمن الوطني العراقي. وعليه فأن أبرز تحديات ومهددات الأمن الوطني العراقي في هذا المجال هي:

ضعف التخطيط الاستراتيجي الاقتصادي وضعف تنفيذ الاستراتيجية الاقتصادية.

ضعف التخطيط الاستراتيجي السياسي وضعف تنفيذ الاستراتيجية السياسية.

ضعف التخطيط الاستراتيجي الاجتماعي وضعف تنفيذ الاستراتيجية الاجتماعية.

ضعف التخطيط الاستراتيجي الإعلامي وضعف تنفيذ الاستراتيجية الإعلامية.

ضعف التخطيط الاستراتيجي العسكري وضعف تنفيذ الاستراتيجية العسكرية.

ضعف التخطيط الاستراتيجي العلمي وضعف تنفيذ الاستراتيجية العلمية.

ضعف التخطيط الاستراتيجي التقني وضعف تنفيذ الاستراتيجية التقنية.

هذا يشير إلى الشراكة الوطنية في العراق و التي تضم السياسيين والاقتصاديين وخبراء الاجتماع والعلوم والتقنية والإعلام والجيش والشرطة والأمن، لتحقيق المصالح الاستراتيجية والأمن الوطني العراقي، وبالتالي فإن الفشل في تأسيس وإدارة هذه الشراكة يهدد الأمن الوطني العراقي بصورة مباشرة. كما يشير إلى أن تهديد الأمن الوطني العراقي لا يتم بالضرورة بقوة السلاح وإنما يمكن أن يتم عبر أحد العناصر السبعة للقوة الشاملة، فمن خلال النظر الى التجربة اليابانية  استطاعت أن تحقق أمنها ليس بقوة السلاح وإنما عبر القوة الاقتصادية والعلمية والتقنية وهكذا دولاً عديدة. إن ضعف التخطيط الاستراتيجي العراقي وضعف التنفيذ يعني عدم التمكن من حشد القوة الشاملة وبالتالي مواجهة التحديات الدولية في ظل أوضاع هشة تقود إلى تهديد الأمن الوطني العراقي.

المطلب الثاني: تحديـــــــات ومهـــددات الأمـــــن الوطنـــــي الخاصـــة.

1- التحديات الداخلية:

وتتمثل بالمشاكل الداخلية الأتية:

- الارهاب: في وقت سابق،  اصبح العراق ساحة للعمليات الارهابية والقتل والتدمير، التي تأرجح وصفها بين الارهاب والمقاومة والعدوان وكلاَ حسب معتقدة الذي يؤمن به، وقد ادى ذلك الى انهيار مؤسسات الدولة، واتباع أساليب واشكال دموية قاسية من قبل الجماعات الارهابية.[33]

- الوحدة الوطنية تعتبر من أهم التحديات كونها تهدد أساس بقاء العراق كدولة موحدة تكون مظاهرها واضحة.

- الصراع السياسي والخلافات بين الأحزاب واتخاذ هذه الخلافات ابعاداً طائفية أو عنصرية وضعف العلاقة بين الحكومة الاتحادية  وحكومة الاقليم وبقية المناطق أدى الى ضعف السلطة مما جعل الحكومات الي قامت بعد العام 2003 تعمل بأسلوب متعارض مع الطرف الاخر لتكون بذلك حكومة قائمة على التعطيل المتبادل [34].

2- التحديات الخارجية:

تقف الكثير من العوامل الخارجية عائقاً امام العراق وإمكانية تحقيقه للأمن والسيادة وفي مقدمة هذه التحديات[35]:

- وجود الشركات الأمنية الخاصة بديلاً عن قوات الاحتلال أو شكلاً أخر لها، وارتباطها بالسفارة الأمريكية الاكبر حجماً وعدداً من دول العالم، فضلاً عن تغلغل رجال المخابرات الأجنبية بصورة مختلفة من شتى دول الإقليم لزعزعة الأمن في العراق.

- تدخلات دول الجوار الجغرافي  للعراق، وهي كثيرة ومتنوعة، الا انها متفاوتة من دولة الى أخرى، لتحقيق مصالحها[36].

- جماعات الجريمة المنظمة التي استغلت انفتاح الحدود والفوضى الأمنية، فدخلت الى العراق مع مخطط واسع لنشر الجريمة وإدخال المخدرات، وعمليات الاتجار بالبشر والخطف والابتزاز والاغتيالات، وهذا يهدد الأمن الوطني العراقي[37].

3- التحديات الأمنية:

وتتمثل في ملفات عديدة منها:

- معالجة عدم الاستقرار الأمني في بعض المحافظات التي تشهد بين الحين والأخر تفجيرات واعمال إرهابية.

- أن التعامل مع التحدي الأمني يستدعي التعامل مع الارتباطات الخارجية من خلال عدم التعامل مع أي جهة الا بالتنسيق مع الحكومة.

- معالجة مشكلة الأطفال الذين ولدوا من أفراد عصابات داعش الإرهابية، فهؤلاء الأطفال يعدون مواطنين عراقيين وفق أحكام الدستور العراقي لعام 2005.

- ضرورة القضاء على الخلايا النائمة لما تشكله من خطورة على الاستقرار والأمن الوطني.

4- التحديات الاقتصادية:

وأهم ما تشمله هوَ:

عدم وجود رؤية وطنية حول المصالح الاقتصادية.

عدم الإجماع الوطني حول المصالح الاقتصادية الاستراتيجية.

امتلاك الموارد الطبيعية والمزايا الجغرافية في ظل عدم وجود الترتيبات الاستراتيجية اللازمة، يحولها إلى تحدي أمني، حيث إن معظم مناطق الصراع هي مناطق ثروات طبيعية يفتقر أهلها للترتيب الاستراتيجي اللازم.

عدم القدرة على الاستفادة من الموارد الطبيعية وتنميتها.

ضعف القدرات التنافسية العالمية وارتفاع تكلفة الانتاج.

عدم امتلاك الحصص الاستراتيجية في أسواق العالم.

عدم وجود فلسفة ضمن ترتيبات استراتيجية تحقق الاوضاع التي تتيح زيادة الدخل القومي مع العدالة في توزيعه.

5- التحديات الاجتماعية:

وأهمها:

- ضعف النسيج الاجتماعي، العصبية والقبلية، ضعف الانتماء الوطني. وفي هذا الصدد يمكن الإشارة إلى نماذج من الترتيبات المضادة، مثال لذلك خطة (برنارد لويس) المعروفة بخطة (قوس الازمة)[38]، فهي تقوم على إضعاف النسيج الاجتماعي بإحداث الفتنة في الدول المعينة باستخدام المدخل العرقي في حال أن سكان المنطقة يدينون بدين واحد، أو المدخل الديني في حال وجود أكثر من دين، وعدت الاعمال هذه مصدراً لتهديد الأمن الوطني العراقي[39]

- مشكلات اجتماعية مثل التهجير القسري في بعض المناطق، فقد بلغ عدد المهجرين والنازحين منذ العام 2003 ما يقارب سبعة ملايين نازح ومهجر، وظهور التغيير الديموغرافي، والتجاوز على القانون، وانتشار الجريمة المنظمة التي لا تقل خطرا على الامن الوطني من الإرهاب،  وهذا ما أشار له رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي (ان الجريمة المنظمة من عمليات خطف وسرقه وسطو مسلح لا تقل خطورة عن الارهاب، ويجب التعاون للقضاء عليها)[40]

- عدم وجود تعليم استراتيجي يمكن من تحقيق قدرات تنافسية من منظور عالمي للمؤسسات التعليمية الوطنية، يعني سيطرة المؤسسات الأجنبية على التعليم المباشر من خلال الجامعات الأجنبية الوافدة أو من خلال التعليم الإلكتروني الذي لا يعرف الحواجز الجغرافية، وهكذا تصبح السيطرة على الثقافة المحلية أمراً واقعاً.

-العولمة الثقافية والانفجار المعلوماتي وسيطرة القوى الكبرى على الإعلام العالمي.

- الغزو الفكري. 

6- التحديات الإعلامية:

ضعف السند الإعلامي الاستراتيجي يعني مواجهة الإعلام الاستراتيجي المضاد الذي يصنع المعلومة المناسبة لمخططاته وبالتالي تحول الإعلام الوطني إلى إعلام رد فعل وليس إعلام مبادرة، وهذا يعني إتاحة الفرصة للآخرين لتهديد الأمن الوطني وتحقيق المصالح المضادة، يعزز ذلك ما أشارت إليه العديد من الدراسات إلى أن المخطط الأمريكي لم يقدر له النجاح لولا السند الإعلامي الاستراتيجي الذي توفر له.

عدم القدرة على تشكيل الرأي العالمي المطلوب لتحقيق المصالح الوطنية.

المطلب الثالث: تحديات اخرى للأمـــــن الوطنـــــي العراقـــــي

1-قلة وجود القيادات الاستراتيجية، أي عدم وجود استراتيجية تعليمية تعمل لتوفير مناهج أو لتأسيس وحدات تعليمية توفر استراتيجيين وتنشر ثقافة الاستراتيجية وثقافة خطة الوطن التي لا يجوز الخروج عليها.

2-ضعف الإرادة الوطنية في تنفيذ الخطط الوطنية، يعتبر مهدداً للأمن الوطني، وفي هذا السياق لا بد من الإشارة إلى عدم وجود ثقافة الالتزام بالخطط الموضوعية في العديد من الدول النامية، ولازالت معظم تلك الدول تتعامل بشكل غير مناسب مع السلوك السياسي السلبي الذي يجعل المسؤول المعين يعطل النظام والمؤسسية والسياسات ويوقف العمل بالخطط الموضوعة ليعمل وفق هواه أو وفق ما يحقق مصالح حزبية ضيقة، إن النظرة الفاحصة لذلك السلوك تعني خروج الدولة عن مسارها الاستراتيجي، علماً بأن الالتزام بالمسار الاستراتيجي هوَ السبيل الوحيد لتحقيق المصالح الوطنية، وهكذا بموجب هذا المفهوم للأمن الوطني فإننا نستطيع أن نقول أن مثل هذا السلوك يعني تهديد الأمن الوطني. المطلوب اتباع وتعلم وإتقان سلوك إيجابي حتى نستطيع تحقيق مصالحنا الاستراتيجية.

3-عدم وجود آلية مناسبة للتخطيط الاستراتيجي يعني عدم القدرة على تنفيذ ومتابعة الخطط وبالتالي تهديد الأمن الوطني، وهذا يقود إلى أهمية الاهتمام بوضع جهاز التخطيط الاستراتيجي في مكانه المناسب بالجهاز الإداري للدولة بما يمكنه من الاضطلاع بمهامه الوطنية وعلى رأسها بلورة المسار الاستراتيجي للدولة والذي من خلاله تدير الدولة عمليات تحقيق مصالحها، فضلاً عن الاضطلاع بالتخطيط الاستراتيجي والمتابعة.

4-تحدي السياسة الخارجية: ما يخصُّ تحدي السياسة الخارجية فهذا يتمثل في قدرة الدولة على تحقيق أهدافها التي تعتمد على مقدار ما تمتلكه من القوة التي تستطيع بها مواجهة تحديات المحيط الداخلي والخارجي، والاستفادة من الفرص المتاحة التي يوفرها النظامان الإقليمي والدولي، واحتواء أو تحييد القيود التي تنتج عن التفاعلات الدولية والإقليمية، وبالنظر إلى البيئة الداخلية والخارجية التي تعمل في إطارها السياسة الخارجية العراقية والتي تواجه بمزيد من التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية...، التي تحد من فاعليتها وكفاءتها في تحقيق أهداف الدولة، فمن المعروف أن قدرة الحكومة على تنفيذ سياسة خارجية ناجحة تعتمد على قوة قاعدة التأييد السياسي التي تنطلق منها.

5-الجفاف والتصحر: التصحر وقلة الموارد المائية: تؤثر هذه الظاهرة على الامن الغذائي بشكل رئيسي فكلما انتشرت الكثبان الرملية وقلة المياه يؤدي ذلك الى تفشي امراض غريبة بين الثروة الحيوانية وتعرية التربة وانحسار الغطاء النباتي وزيادة العواصف الترابية، وبالتالي يصبح البلد مستورد غذائي لكافة المواد وهذا يؤدي الى استنزاف ميزانيته  ويؤثر على التنمية والاستقرار[41] 

- انتشار ظاهرة العمالة الاجنبية: تعد هذه الظاهرة من الظواهر التي لها اثار سلبية على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، فهي تأتي بثقافات وافكار لها تأثير على الجوانب الثقافية وتمس الهوية الوطنية، كذلك لها تأثير على اللغة نتيجة الاحتكاك مع لغات متعددة يتحدث بها الوافدون الاجانب، وكذلك تأثر على الطلب على العمالة العراقية  وهي اساساً تعاني من الركود الواضح، فضلاً عن اثارها الصحية فمعظم  الوافدين هم من جنوب شرق أسيا وهذه الدول انتشرت فيها في الآونة الأخيرة عدة امراض معدية منها فايروس الايبولى (EVD) والحمة النزفية (EHF)[42].

7-أزمة المياه: تعتبر مشكلة المياه من التحديات الاستراتيجية المهمة التي تهدد الأمن الوطني العراقي، خصوصاً إذا علمنا ان سد اليسو التركي سوف ينتهي العمل منه في عام 2018، مما ينذر بكارثة مائية تهدد الأمن الوطني.

8-الاحتباس الحراري: وهو ينجم عن تصرفات البشر والتلوث البيئي، وهذا ما دعا إلى أهمية الاهتمام بالبيئة في التخطيط الاستراتيجي، الشيء الذي جلب تحديات إضافية للمخطط الاستراتيجي على رأسـها تنمية الموارد الطبيعية والحفاظ على البيئة وهذا ما جعل من أمر إنتاج بدائل رخيصة من الطاقة وصديقة للبيئة بنوداً استراتيجية والعكس يهدد الأمن الاستراتيجي الوطني والقومي والعالمي.

انتشار المخدرات: خصوصا بين القاصرين ووجوده في المقاهي غير المرخصة، التي انتشرت بشكل واسع بعد العام 2003 بسب ضعف السلطة وانشار البطالة بين فئات الشباب جعلهم يرتادون هذه المقاهي ويتعاطون المخدرات للهروب من الواقع المتردي امنيا واقتصاديا، فضلا عن  ضعف السيطرة على الحدود، وفر الجو المناسب لتجار المخدرات للتحرك بحرية تامة،ان اختلال المنظومة القيمية والدينية للشباب العراقي بسب الصراعات الدينية والمذهبية وموجات الالحاد واللادينية خلط الاوراق واضعف الرقابة الاسرية، مما ادى الى انتشار هذه الظاهرة، كذلك رخص اسعار العقاقير المخدرة وكثرة بيعها في كل المحافظات ساعد على الادمان عليها ، خصوصا من قبل المراهقين ومما ساعد على استفحال هذه الظاهرة ان اغلب التجار هم من جهات حزبية متنفذة وشيوخ عشائر لهم علاقات مع بعض دول الجوار التي تأتي منها المخدرات[43] كذلك خطر النوادي وبيوت المساج ومعظم  العاملات فيها مصابات بمرض الأيدز، فضلاً عن  خطر المواقع الإباحية والمتاحة للجميع بدون اي سياسة حازمة وجادة للحد من ارتيادها[44]

8- تزايد حالات الانتحار والقتل: وهو بدواعي الشرف وغسل العار،فقد تزايد عدد النساء اللواتي يقمن بالانتحار، وهذا يشكل تهديد اخر للأمن الوطني العراقي[45]

9-مواجهة الاستراتيجيات الأجنبية بخطط تكتيكية أو قصيرة الأجل سرعان ما تتلاشى أهدافها دون أن تتكامل تجاه تحقيق أهداف استراتيجية تتناسب والاهداف الاستراتيجية المضادة، في الوقت الذي تتكامل فيه التكتيكات والاهداف قصيرة الأجل للمخططات الأجنبية تجاه تحقيق ما تريده في الدولة المعينة.

9-التحدي السيكولوجي يعد أحد أبرز التحديات التي تحمل تهديد كبير للأمن الوطني العراقي أذ يوظف الإرهاب لخلق بيئة دولية تتسم بالتهديد الدائم وانعدام الأمن لا سيما للجانب السيكولوجي في الإرهاب والذي يهدف إلى شل الحياة في مجمل نواحيها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ويجعل الدولة توجه طاقاتها نحو التهديد غير المرئي بدلاً من توجيه طاقاتها للتنمية والاعمار.

10-التحدي الأمني السيبراني: أذ أصبحت التهديدات السيبرانية إحدى التهديدات الرئيسية التي تواجه الأمن الوطني العراقي نتيجة الانفتاح الذي حصل بعد عام 2003، وتزايد الاعتماد على الانترنيت والأنظمة الحاسوبية[46]، لذا يتحتم على الدولة وضع خطط واستراتيجيات لمواجهة الهجمات السيبرانية والاختراق الالكتروني. 

11-أزمة النازحين: ففي تقرير نشرته المنظمة الدولية للهجرة يبلغ عدد النازحين مليونين ونصف، وهم لايزالون يواجهون صعوبة في العودة إلى منازلهم لافتقارهم إلى سندات الملكية لدورهم، ولكون مناطقهم غير آمنه بسبب لوجود البعض من الخلايا النائمة.

12-محاربة الفساد والمفسدين: الفساد المالي والاداري: تعد ظاهرة الفساد المالي والإداري التي استشرت في المجتمع العراقي من أخطر الظواهر التي  تطال الحياة لعموم أبناء الشعب، فتهدر الاموال والثروات والوقت والطاقات وتعرقل اداء المسؤوليات وانجاز الوظائف والخدمات[47]

13-ملف أعادة أعمار المناطق المحررة: يترتب على الحكومة العراقية وضع خطة عمل وميزانية خاصة لغرض أعادة أعمار المحافظات التي دمرتها العمليات العسكرية نتيجة الحرب ضد عصابات داعش الإرهابية.

14-ملف حصر السلاح بيد الدولة: انتشار السلاح خارج اطار الدولة فقد عمدت قوات الاحتلال اثناء دخولها في العام 2003 على فتح مخازن السلاح امام الجميع، فاصبح السلاح في متناول الجميع وحصلت العشائر على كميات كبيرة من الاسلحة حتى الثقيلة منها، والتي رفضت تسليمها فيما بعد واخذت تستخدمها في بعض النزاعات العشائرية،ويذكر الخبراء الامنيين ان السلاح اصبح في العراق ارخص من مواد البناء، وقد عجزت دائرة نزع السلاح المرتبطة بمكتب رئيس الوزراء بالحد من هذه الظاهرة،وقد شوهدت اسلحة بيد بعض الفصائل متطورة جداً ولاتعود الى حقبة النظام السابق،  مما يعني الى الأن استمرار تدفق الأسلحة الى العراق عبر الحدود[48].

15-الفساد الإداري والمالي داخل الأجهزة الأمنية: وهي معضلة أثرت بشكل واضح في أداء تشكيلات ودوائر المؤسسة العسكرية والأمنية العسكرية العراقية وكانت واحدة من أهم أسباب ما حصل في الموصل في حزيران 2014.

الخاتمة والاستنتاجات

يتضح مما تقدم  في التحديـــات الاستراتيجية للأمـــن الوطنــي العراقـــي في عام 2023، ان الأمن الوطني بصورة عامة وللعراق خاصة يوجب ان يعني القدرة في مواجهة تلك التحديات  الخاصة بالامن الوطني المتأتية من الخطط والاستراتيجيات الشاملة والتي تتمكن بها الدولة بتطبيق  قدراتها السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية على حفظ أمن المواطن والوطن والمصالح الوطنية في السلم والحرب،  فالأمن الوطني لا بد وان يرتكز على المواطن وليس على الدولة فحسب، اذ أن أمن الفرد يطابق أمن الدولة، كما ان المعنى الحقيقي للأمن الوطني الحديث يرتكز على التطور والتنمية في كافة الابعاد والحقول والتطبيقات في ظل حماية مدروسة ومضمونه تنبع من المعرفة العميقة بالإمكانات الذاتية وبمصادر التهديد القائمة والمتوقعة التي تحيط بالدولة العراقية.

وعليه فالأمن الوطني العراقي وفي ضوء المتغيرات السياسية والديمقراطية والتغير الديمغرافي السياسي لحالة الحكم وانتقاله من دولة ذات حكــم شمولي ديكتاتوري إلى نظــــام ديمقراطي تعددي ( دولة المؤسسات ) يتطلب منه العمل على توفير حمايـــــــــة الدولة وتأمين الجهاز الدفاعي والأمني لها وتقديم الدعم لها والعمل على توفيــر الخبرات الأمنية العسكرية والمدنية من ذوي الاختصاصات العلمية كافة واختيار العناصر الجيدة من الضباط والمراتب والمدنيين ذوي الخبــــــرات العلمية والمهارات الخاصة والعمل على تغليب مصلحة الوطن فــوق الميول والاتجاهات الحزبية والفئوية والاستفادة من الخبرات الإقليمية والدولية فـــــــي مكافحة الإرهاب والتصدي له والعمل على مبدأ الشك واليقين فـــــي مواجهة هذه التحديات الداخلية والخارجية والعمل الدؤوب من أجــل العراق ووحدته الوطنية، لذا ومن نافلة القول يمكن ان نستنتج من كل ما سبق:- 

1- انه ينبغي أن يُنظر لمفهوم الأمن بشمولية أكبر، على أعتبار أنه مفهوم مجتمعي يرتبط بقضايا التنمية والاستقرار السياسي، وإن الدولة تستطيع تحقيق أمنها من خلال ما تملكه من إمكانات اقتصادية وسياسية وجغرافية وبشرية، فيما تستهدف القوة حماية الأمن.

 2- يعني الأمن الوطني الاستقرار المجتمعي وتحقيق الرفاه من خلال التنمية الشاملة.

 3- إن أحد المقومات الاساسية لضمان وحماية الأمن الوطني العراقي،هو تعزيز دور القوات المسلحة عبر تعزيز البناء الاستراتيجي لهذه القوات، ورفع مستوى جاهزيتها وبما يمكنها من الدفاع عن أمن البلاد، وإن مهام القوات المسلحة تتحدد بمجموعة عناصر تشكل الاطار العام لدورها.

 4- يتميز الأمن الوطني العراقي بحساسية مفرطة كونه يتعرض إلى جملة من المتغيرات المتسارعة، إذ لا تدع مجالا لصناع القرار في السياسة العراقية والمعنيين بالشأن الأمني من الإحاطة بكل تلك المتغيرات والتعامل معها.

 5- إنَّ التحديات التي تواجه الامن الوطني العراقي في مرحلة ما بعد التغيير، لا تأتي من جانب واحد أو مردها إلى عامل معين, بقدر ما تتميز هذه التحديات بشموليتها, اقليمية ودولية علاوة على التحدي الأكبر المتمثل بالتحديات الداخلية، وعلى رأسها تحديات بناء الدولة العراقية الجديدة وهو تحدي يتسم بتعدد مصادره وأشكاله.


[1] أشرف علام، مشروع قناة البحرين والأمن العربي، ط1، (القاهرة :مجموعة النيل العربي، 2007) ص65.

[2] عمر أحمد قدوره، شكل الدولة وأثره في تنظيم مرفق الأمن، ط1، (القاهرة : مكتبة مدبولي، 1997)، ص 163.

[3] فراس عباس البياتي الأمن البشري بين الحقيقة والزيف، ط1،( عمان: دار غيدان للنشر والتوزيع، 2011)، ص24.

[4] New webesters Dictionary and the sowrce of English Lang، levicon publishing inc.1996. P. 903.

[5] Champers English DictionaryV. K. WFR champers LTD of cambride, Univ Press 1988P. 1331.

[6] Oxford Advanced Learners Dictionary (Ed), Oxford Univ Press, 2004, P. 1155.

[7] باري بوزان (1946ــ؟): استاذ العلاقات الدولية في مدرسة لندن للاقتصاد وهو مؤرخ امريكي ولد عام 1946 يعد من ابرز المؤرخين ومن اكثر المهتمين بالدراسات الامنية.

[8] نقلا عن د. منذر سليمان، نحوه اعادة صياغة مفهوم الامن القومي العربي ومرتكزاته، نشرة كنعان (فلسطين) السنة الثامنة، العدد  1544 ايار 2008. ص5.

[9] عبد الوهاب الكيالي واخرون، الموسوعة السياسية، ج1، (بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1983)، ص231.

[10] د. علي الدين هلال، د. نيفين مسعد، النظم السياسية العربية قضايا الاستمرار والتغيير، ط6 (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2012)، ص28.

[11] داريو باتيتسيلا: استاذ العلاقات الدولية في معهد الدراسات السياسية في بوردو.

[12] نقلا عن: بشير الوندي، الأمن المفقود دور الاستخبارات والتنمية في استتباب الأمن (بيروت: دار الصفار،2013)، ص28.

[13] د. عبد السلام ابراهيم بغدادي، مفهوم الكيان الصهيوني للأمن القومي، (بغداد: دار الشؤون الثقافية والنشر، 1985)، ص25.

[14] نقلا عن : خالد وليد محمود، آفاق الأمن الإسرائيلي، الواقع والمستقبل، ط1، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، بيروت، 2007، ص34-35- 36- 37.

[15] نقلا عن : خالد وليد محمود، آفاق الأمن الإسرائيلي، الواقع والمستقبل، ط1، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، بيروت، 2007، ص34-35- 36- 37.

[16] نواف قطيش، الأمن الوطني وإدارة الأزمات، ط1(عمان : دار الراية للنشر والتوزيع، 2011)، ص17.

[17] سهاد عبد الحسين عبد الامير، الوعي السياسي واثرة في الامن الوطني العراقي بعد العام 2003، رسالة ماجستير غير منشورة مقدمة الى معهد العلمين للدراسات العليا، النجف الاشرف، 2017، ص36.

[18] كاظم هاشم نعمة ،العلاقات الدولية،(مؤسسة دار الكتب، 1979)، ص150- 151.

[19] هايل عبد المولى طشطوش، الأمن الوطن وعناصر قوة الدولة في ظل النظام العالمي الجديد،ط1(عمان: دار الحامد للنشر والتوزيع، 2012)، ص94- 97.

[20] سعد حقي توفيق، مبادئ العلاقات الدولية،( عمان: دار الأوائل للطباعة والنشر، 2000)، ص64- 69.

[21] منصور الراوي، سكان الوطن العربي  دراسة تحليلية في المشكلات الديمغرافية، الجزء الأول،( بغداد: بيت الحكمة، 2002،) ص7- 10.

[22] مستشارية الأمن الوطني العراقي، استراتيجية الأمن القومي العراقي، وثيقة معدة 2007، بغداد، ص7.

[23] سمير صلاح الدين حمدي، القيادة الأحادية في بناء الدولة والمجتمع، ط1، (بيروت:  مكتبة زين الحقوقية والأدبية، 2013 )، ص213- 214.

[24] محمود الصيرفي، التخطيط الاستراتيجي، بلا طبعة،( الاسكندرية: مؤسسة حورس الدولية، 2009 )، ص103.

[25] عبد الإله بلقزيز، الأمن الاجتماعي والأمن الاقتصادي، قضايا ومناقشات، التجدد العربي صحيفة الكترونية عدد يوم الأحد 2/ 12/ 2007، ص2.

[26] عبد الله الطريف، الأمن الفكري، البعد الاستراتيجي للأمن الوطني، جريدة الشرق الأوسط، العدد 10532، 29 أيلول 2007، ص3.

[27] عامر حسن فياض، الأمن الثقافي، بلا طبعة، (بغداد: دار القادسية للطباعة، 1984)، ص13.

[28] ثامر كامل الخزرجي، العلاقات السياسية الدولية واستراتيجية إدارة الأزمات،(بغداد: دار المنهل للطباعة، 2004)،ص118.

[29] عبد الله بلقزيز، الأمن القومي العربي القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1989، ص63

[30] عبد المنعم المشاط، «الإطار النظري للأمن القومي العربي» في د. عبد المنعم المشاط (محرر)، الأمن القومي العربي: أبعاده ومتطلباته (القاهرة: معهد البحوث والدراسات العربية، 1993)، ص ص 14-17

[31] احمد فاضل جاسم، عدم الاستقرار المجتمعي في العراق ما بعد 2003 دراسة تحليلية في التحديات المجتمعية ... والآفاق المستقبلية، المجلة السياسية والدولية، كلية العلوم السياسية، الجامعة المستنصرية، بغداد، العدد25، 2014، ص187.

[32] كمال حماد، أزمتا العراق ودار فور من وجهة نظر القانون الدولي، مجلة شؤون الشرق الأوسط، العدد 129، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية،،2008 )، ص 97.

[33] جمهورية العراق، رئاسة الوزراء، جهاز مكافحة الارهاب، الاستراتيجية العراقية لمكافحة الارهاب: 2015-2020،ص10.

[34] علي عباس مراد، حول بعض مشكلات اعادة بناء الدولة في العراق،،مجلة حمورابي للدراسات الصادرة عن مركز حمورابي للدراسات الاستراتيجية، العدد4، بغداد،2012، ص207.

[35] سامي الخفاجي، الإحتلال الامريكي ومستقبل العراق، ط2، دار آمنة للنشر والتوزيع، عمان، 2012، ص 280.

[36] ابراهيم خليل العلاف وآخرون، مخاطر خطاب المكونات على العملية السياسية في العراق، التقرير الاستراتيجي 2011-2012، جامعة الموصل، مركز الدراسات الاقليمية، بلا طبعة، دار ابن الاثير للطباعة والنشر، جامعة الموصل، 2012، ص30.

[37] سامي الخفاجي، الإحتلال الامريكي ومستقبل العراق، ط2(عمان: دار أمنه للنشروالتوزيع، 2012)، ص 281.

[38] محمد جميل النسور& علا غازي عباسي، الاتجار بالبشر كجريمة منظمة عابرة للححدود الوطنية وسبل مكافحتها: دراسة تحليلية في ضوء التشريعات الوطنية والدولية، مجلة علوم الشريعة والقانون، جامعة البلقاء التطبيقية ، الاردن، المجلد= =41، 2014، ص1058.

[39] انطوني كوردسمان واماديفيس،العنف الطائفي والعرقي في العراق والتمرد المنبعث منه،  تطورات الاحداث خلال ربيع 2007، مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية،العراق،مركز الابحاث الاستراتيجية،2007، ص6.

[40]  رئاسة الوزراء،تصريح لرئيس مجلس الوزراء الدكتور حيدر العبادي: الجريمة المنظمة  لا تقل خطورة عن الارهاب، المكتب الاعلامي لرئيس الوزراء بغداد،2015،متاح على الرابط،www(alfallujah.tv، تاريخ المشاهدة22/9/2019.

[41] فيصل عبد الفتاح نافع، اثار شحة المياه في نهر الفرات على الانتاج الزراعي في العراق: محافظة الانبار انموذجاً، مجلة مركز المستنصرية للدراسات العربية والدولية، الجامعة المستنصرية، 2012 ،ص291.

[42] لبنى عبد الله القاضي، اثر العمالة الاجنبية في التغيير الاجتماعي في الدول العربية،  (الرياض: جامعة نايف، 2008) ص22.

[43] تأثير المخدرات على الامن الوطني العراقي،مجلة النهرين، العدد الثالث،مصدر سبق ذكره،ص 177 وما بعدها.

[44] نهلة التميمي، تأثير المخدرات على الامن الوطني العراقي، مجلة النهرين، مركز النهرين للدراسات الاستراتيجية،بغداد، العدد الثالث،اب 2017‘ص177.

[45] المصدر نفسة، ص462.

[46] مصطفى ابراهيم سلمان، الامن السيبراني وأثره في الأمن الوطني العراقي، مجلة العلوم القانونية والسياسية، كلية القانون والعلوم السياسية، جامعة ديالى، المجلد العاشر، العدد الأول، 2021، ص153.

[47] ياسر خالد بركات، الفساد الاداري: ومفهومة ومظاهره واسبابه، مجلة النبا، العدد80، 2006، بغداد، ص24

[48] المصدر نفسه، ص365.