تاريخ الاستلام 1/3/2023 تاريخ القبول 10/4/2023
حقوق الطباعة محفوظة لدى مجلة كلية القانون والعلوم السياسية في الجامعة العراقية
حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمؤلف
حقوق النشر محفوظة للناشر (كلية القانون والعلوم السياسية - الجامعة العراقية)
CC BY-NC-ND 4.0 DEED
Printing rights are reserved to the Journal of the College of Law and Political Science at Aliraqia University
Intellectual property rights are reserved to the author
Copyright reserved to the publisher (College of Law and Political Science - Aliraqia University)
Attribution – Non-Commercial – No Derives 4.0 International
For more information, please review the rights and license
التغير المناخي وحقوق الانسان
(مع إشارة الى مناطق جنوب العراق)
Climate change and human rights
With reference to the regions of southern Iraq
أ.د.كريم سيد كنبار
كلية الهادي الجامعة - قسم القانون ـ بغداد 10011 العراق
Prof.Dr.Kareem Saied Kenbar
Al-Hadi University College - Department of Law -Baghdad 10011 Iraq
drkarim@huc.edu.iq
المستخلص:
تحظى دراسة العلاقة بين التغير المناخي وما ينجم عنه من مشاكل وكوارث بيئية مختلفة وبين حقوق الانسان الأساسية وفي المقدمة منها حقه في العيش في بيئة امنة نظيفة بأهمية كبيرة من قبل الهيئات والمؤسسات المعنية بحقوق الانسان ومن قبل العديد من الباحثين في الاختصاصات الإنسانية والعلمية ايضا.
ذلك ان التغيرات الحاصلة في البيئة الطبيعية للانسان وخاصة ما يتعلق منها بالاحتباس الحراري وتصاعد نسب التلوث وشحة المياه وتقلص المساحات الخضراء وانتشار الجفاف واتساع التصحر وشيوع الأوبئة تمس ، سواء بشكل مباشر او غير مباشر، حقوق الانسان في حياته وأمنه واستقراره ومعيشته وصحته وهو مسوغ كافي لدراسة هذا الموضوع الذي اصبح في واقع الحال مشكلة انسانية لاتقتصر على مجتمع معين دون سواه بل شملت كل المجتمعات الإنسانية تقريبا كما انها تنذر بنشوب الخلافات و النزاعات والداخلية و البينية التي بدأت ملامحها بالظهور في أكثر من رقعة جغرافية.
من هنا فان الهدف الاساسي لهذا البحث هو دراسة التغير المناخي وانعكاسه على حقوق الانسان وخاصة حقه في العيش في بيئة امنة نظيفة طبقا للوائح التي اقرتها المواثيق الدولية.وللتحقق من ذلك اعتمد البحث على طروحات المنهج الوصفي التحليلي في تناول الظاهرة موضوع البحث
Abstract:
The study of the relationship between climate change and the resulting various environmental problems and disasters and between basic human rights, foremost of which is the right to live in a safe and clean environment, is of great importance by human rights bodies and institutions and by many researchers in humanitarian and scientific disciplines as well.
This is because the changes taking place in the natural environment of man, especially those related to global warming, the escalation of pollution rates, water scarcity, the shrinking of green spaces, the spread of drought, the expansion of desertification and the spread of epidemics, affect, either directly or indirectly, human rights in his life, security, stability, livelihood and health, and it is a sufficient justification to study this The issue, which has become, in fact, a humanitarian problem that is not limited to a particular society, but rather includes almost all human societies, as it warns of the outbreak of internal and internal disputes and conflicts, whose features have begun to appear in more than one geographical area.
Hence, the main objective of this research is to study climate change and its impact on human rights, especially the right to live in a safe and clean environment in accordance with the regulations approved by international conventions.
To achieve this, the research relied on the propositions of the analytical descriptive approach in dealing with the phenomenon, the subject of the research,
المقدمة
يوما بعد اخر يزداد الاهتمام الدولي بالتغير المناخي وما ينجم عنه من مشاكل وازمات بيئية عديدة تؤثر سلبا على نمط الحياة الطبيعية للإنسان سواء من قبل الهيئات والمنظمات الدولية المعنية بمتابعة هذه التغيرات اوتلك التي تعنى بالحقوق الإنسانية وكذلك من قبل الباحثين بمختلف اختصاصاتهم العلمية والإنسانية ناهيك عن الادراك المتنامي لدى الحكومات والمجتمع الدولي باسره بخطورة هذه التغيرات وعواقبها التي تهدد اغلبية الدول والمجتمعات في استقرارها وتطورها وانماط الحياة فيها وفي الحقوق الأساسية لمواطنيها.
ومما يساهم في تفاقم واستفحال هذه المخاطر هو الطابع المترابط للمشاكل البيئية وعدم قدرة الدول على مواجهتها بصورة فردية الامر الذي يؤكد الحاجة على تكثيف الجهود الجماعية الدولية وإبراز قدر اكبر من التضامن بين الدول لمواجهتها وإيجاد حلول تكفل المعالجة الكلية او الجزيئية لاثارها او على الأقل التخفيف من وقعها خاصة في البلدان التي تعاني اكثر من غيرها من هذه الاثار وفي المقدمة منها العراق.
أهداف الدراسة:
تسعى هذه الدراسة الى تحقيق الأهداف التالية:
أولا : دراسة طبيعة التغير المناخي ومارافقه من تغيرات بيئية.
ثانيا: بيان مفهوم حقوق الانسان وخاصة تلك التي ترتبط ببيئته المادية.
ثالثا: تناول الاثار المترتبة عن التغير المناخي على حقوق الانسان الأساسية وخاصة حقه في الحياة والاستقرار والعيش والأمان وحق الوصول الى الخدمات والموارد.
رابعا: دراسة اثر التغير المناخي الحاصل في جنوب العراق واثره على حقوق السكان المحليين.
إشكالية الدراسة:
تتمحور إشكالية الدراسة حول معرفة اثر التغير المناخي على حقوق الانسان وتتمثل هذه المشكلة في محاولة الإجابة عن الأسئلة التالية:
ما المقصود بتغير المناخ وماهي مظاهره؟
ما المقصود بحقوق الانسان؟
ما هي اثار التغير المناخي على حقوق الانسان؟
كيف انعكس التغير المناخي على حقوق الانسان في مناطق جنوب العراق؟
منهج الدراسة:
قتضى موضوع الدراسة التعويل على أدوات المنهج الوصفي التحليلي لدراسة ظاهرة التغير المناخي وتأثيره على حقوق الانسان ووصفها بشكل موضوعي وتحليل ابعادها المختلفة وفقا للبيانات المتاحة وبما يؤدي الى تحقيق أهداف الدراسة.
المبحث الأول
مفهوم وظواهر التغير المناخي
تستلزم دراسة التغير المناخي واثره على حقوق الانسان بيان المقصود بمفهوم التغير المناخي ودراسة الظواهر المرتبطة به وهو ما يتم تناوله على النحو الاتي:
المطلب الاول: مفهوم التغير المناخي:
يشير مفهوم تغير المناخ التي التغيرات التي تطرأ على مكونات البيئة الطبيعية للإنسان بما تتضمنه من هواء وتربة ومياه وهذه التغيرات قد تحدث بفعل عوامل طبيعية تتعلق بمكونات البيئة الطبيعية ذاتها او بفعل النشاط البشري الذي افسد بعض عناصر هذه المكونات بدأ من مرحلة الثورة الصناعية ولحد الان وهو ما يؤثر سلبا على مختلف الكائنات الحية وخاصة على الانسان الذي يتطلب لحياته واستقراره وتطوره مقومات بيئية طبيعية.
وطبقا الى ماتقدم يعرف التغير المناخي بانه « أي تغير مؤثر وطويل المدى في معدل حالة الطقس يحدث لمنطقة معينة يمكن ان يشمل معدل درجات الحرارة ومعدل التساقط وحالة الرياح والتي تحدث بفعل العمليات الديناميكية للأرض مثل البراكين او بفعل قوى خارجية مثل التغير في شدة الاشعة الشمسية او بسبب نشاطات الانسان»[1].
والى هذا التعريف تذهب ادبيات الأمم المتحدة التي ترى ان تغير المناخ هو التحولات طويلة الاجل في درجات الحرارة وانماط الطقس والتي تحدث طبيعيا من خلال التغيرات في الدورة الشمسية او بسبب الأنشطة البشرية المتمثلة بحرق الوقود الاحفوري (النفط والغاز الطبيعي والفحم) والذي ينجم عنه انبعاث الغازات مما يؤدي الى حبس حرارة الشمس ورفع درجات الحرارة[2].
وبدورها عرفت الهيئة الدولية الحكومية التي تعنى بتغير المناخ (IPCC) التغير المناخي بأنه « يشير الى أي تغير في المناخ على مر الزمن سواء كان ذلك نتيجة للتغيرات الطبيعية او الناجمة عن النشاط البشري[3].
وفي ضوء هذه التعاريف يتضح ان التغير المناخي هو حصيلة تراكمية للعديد من التغيرات التي طرأت على العناصر الطبيعية للغلاف الجوي والتي سببت تغيرات مماثلة في البيئتين البحرية والبرية الامر الذي نجم عنه جملة من الاثار السلبية على الحياة الإنسانية بجوانبها الاقتصادية والاجتماعية والأمنية.
المطلب الثاني: ظواهر التغير الاجتماعي:
تتسم ظواهر التغير المناخي بتنوعها وتفاعلها في نفس الوقت ذلك ان أي تغير يحدث في عناصر المناخ ينجم عنه تغير في النظم الطبيعية الاخرى سواء التغير في الغلاف الغازي او التغير في المسطحات المائية اوالتغير في خصائص التربة كما ينجم عن هذه التغيرات تغيرات فرعية تلحق بالخصائص الطبيعية لمكوناتها.وعموما يمكن تشخيص مظاهر التغير المناخي بما يلي:
ا- ارتفاع درجات الحرارة:
في مقدمة الظواهر الناجمة عن التغير المناخي ظاهرة ارتفاع درجة الأرض والمحيطات والغلاف الجوي على المستوى العالمي وهي ظاهرة تجد تفسيرها في تركز ما يعرف بالغازات الدفيئة (غاز ثاني أوكسيد الكاربون، غاز الميثان، غاز أكسيد النيتروس، سداسي فلوريد الكبريت) في الغلاف الجوي والتي تتميز بقدراتها على امتصاص الاشعة تحت الحمراء وإعادة اطلاقها مما يؤدي الى ارتفاع درجة حرارة الهواء وبذلك تقلل من ضياع الحرارة من الأرض الى الفضاء مما يجعلها تساهم في تسخين جو الأرض والتسبب في ظاهرة الاحتباس الحراري[4].
وفي ظل استمرار ازدياد تركز هذه الغازات في الغلاف الجوي بسبب استمرار النشاط البشري الصناعي وتجريف الأراضي الزراعية تتوقع الهيئات المتخصصة بقضايا البيئة الى ان درجة حرارة الأرض سترتفع بمقدار درجتين مئويتين بحلول العام 2036[5].
وعلى الرغم من ان الكرة الأرضية شهدت على مر الحقب الزمنية الماضية موجات من الحرارة المرتفعة الا ان الارتفاع الحالي في درجات الحرارة هو الأكثر خطورة البشرية حيث سينعكس سلبا على مجمل جوانب الحضارة الإنسانية بما في ذلك الغذاء والماء والهواء الطاقة والامن و التنمية والازدهار الاقتصادي[6].
2- ظاهرة التصحر:
تعد اتساع الأراضي الصحراوية مظهر اخر من مظاهر التدهور البيئي الناجم عن التغيرات الحاصلة في المناخ حبث تقدر الأراضي المهددة بامتداد الصحر اليها ب 40% من مساحة الأرض وهي مساحة شاسعة يقطنها اكثر من مليار انسان وموزعة على العديد من البلدان النامية في اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية[7].
ويقصد بظاهرة التصحر هو تعرض الأرض للتدهور في المناطق القاحلة وشبه القاحلة والجافة شبه الرطبة، مما يؤدي إلى فقدان الحياة النباتية والتنوع الحيوي فيها[8].
وفضلا عن ذلك يؤدي التصحر الى ارتفاع سخونة الأرض وتراكم الاملاح في التربة واثارة الرياح والاتربة وزحف الكثبان الرملية وارتفاع منسوب المياه الجوفية وتضاؤل فرص الحياة في بيئة قاحلة وهي كلها من العوامل التي تسهم في زيادة المعاناة الإنسانية سواء على مستوى الحياة الاقتصادية او الاجتماعية او على صعيد الحالة الصحية لسكان المناطق المهددة بالتصحر.
وتتفاقم مشكلة التصحر مع استمرار النشاط البشري المدمر للبيئة من خلال تجريف الأراضي الزراعية وإزالة الغابات وامتداد التحضر والزراعة المفرطة التي تنهك الأراضي الزراعية والاكثار من استخدام الأسمدة وهو الامر الذي ترافق مع تواضع الجهود الدولية الرامية الى الحد من هذه الممارسات وتبني استراتيجات مشتركة لمواجهة المخار الناجمة عن التصحر[9].
3 ـ ارتفاع منسوب مياه البحار والمحيطات:
يعود الارتفاع العالمي في مناسيب مياه البحار والمحيطات الى عاملين اساسين الأول هو التمدد الحراري الناجم عن تسخين مياة البحر بسبب ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية بما تتضمنه من بحار ومحيطات والثاني هو ذوبان الجليد الناجم عن هذالارتفاع[10].
وتشير الدراسات الى ان سطح البحر ارتفع في السنوات المحصورة من (1900ـ 2016) بمقدار من (16 -21) سم في حين تؤكد قياسات الأقمار الصناعية الى ان هذا الارتفاع بلغ خلال الفترة (1993ـ 2017) 7.5سم أي مايعادل (30) سم في كل قرن[11].
وبالتأكيد فان مثل هذا الارتفاع اذا ما استمر على هذا النحو سيشكل تحديا جديا للمجتمعات الساحلية والبنية التحتية والنظم البيئية بسبب الفيضانات المتكررة والمدمرة وتآكل التضاريس الساحلية وتسرب المياه المالحة الى مسار الأنهار الساحلية ومكامن المياه الجوفية وما تفرزه هذه التحديات من تهديدات مباشرة وغير مباشرة للنباتات والحيوانات.
وفي ضوء هذه المخاطر يحذر العديد من الباحثين من احتمال تعرض المدن الساحلية حيث يعيش ما يقرب ( 630) مليون شخص في مناطق أقل من مستوى الفيضانات السنوية المتوقعة الى الغرق والزوال في عام 2100 ومن هذه البلدان بنغلادش وفيتنام وجزر المالديف وبعض مدن الصين والهند وجاكارتا عاصمة اندونوسيا ولاغوس عاصمة نيجيريا وكذلك الولايات الامريكية الساحلية وخاصة فلوريدا[12].
4 ـ تغير معدلات سقوط الامطار وازدياد الامطار الحامضية:
من الظواهر المرتبطة بتغير المناخ أيضا التباين في معدلات سقوط الامطار على المستوى العالمي فبينما ارتفع معدل هطول الامطار في مناطق شرق الامريكتين وشمال اوربا وشمال ووسط اسيا انخفض في حوض البحر الأبيض المتوسط وجنوب افريقيا ومناطق في جنوب اسيا[13].
وبينما يتسبب الارتفاع الكبير في معدلات سقوط الامطار في زيادة مخاطر الفيضانات والسيول وما ينجم عن ذلك من كوارث وازمات متعددة فان انخفاض هذه المعدلات الى درجات الجفاف يؤثر في الامن المائي لكثير من البلدان ويسبب انتكاسة كبيرة لاستقراها الاقتصادي والاجتماعي[14].
ولايقتصر الامر هنا على التباين المكاني في معدلات واتجاهات الامطار بل يمتد ليشمل نوعية الامطار أيضا اذ ترافقت مع التغيرات المناخية وتصاعد نسب الغازات الحمضية في الجو مثل ثاني أوكسيد الكبريت وكبريتيد الهايدروجين واكاسيد النتروجين بسبب استمرار احتراق الوقود الاحفوري وحرق النفايات الصلبة انتشار مايعرف بالامطار الحمضية التي تتكون من خلال اتحاد هذه الغازات مع اوكسجين الهواء ومن ثم الاتحاد مع بخار الماء لتنزل فيما بعد على شكل مطر حمضي عندما تكون الظروف ملائمة لنزول المطر او على شكل ضباب دخاني عندما يكون الجوباردا او تختلط مع بلورات الجليد المتساقط وتكسو سطح الأرض قي حالة البرودة الشديدة[15].
وعلى الرغم من ان البلدان الصناعية هي المصدر الرئيسي لهذه الامطار والاكثر تعرضا لمخاطرها لاسيما الاضرار التي تلحق بالبيئة البحرية وبالمزروعات والصحة العامة الا ان هذه الاضرار لا تقتصر على هذه البلدان فقط بل تمتد لتشمل بقية الدول أيضا فقد اشتكت الدول الاسكندنافية من تكاثر سقوط الامطار الحمضية القادمة اليها من المراكز الصناعية الاوربية في حين اتهمت كندا الولايات المتحدة الامريكية بانها مصدر الامطار الحمضية التي تتساقط عليها كل عام والتي تقدر ب12 مليون طن سنويا [16] كما تعاني الدول الاسيوية وخاصة الهند والصين وتايلاند من تساقط الامطار الحمضية حيث تستهلك تلك البلدان كمية هائلة من الفحم كوقود للإنتاج الصناعي[17].
5 ـ العواصف والاعاصير:
تمثل العواصف احد مظاهر التغير المناخي التي تنجم بفعل ارتفاع درجة الحرارة وندرة الامطار وامتداد الاراضي الصحراوية والتعرية المستمرة للتربة وانتشار الكثبان الرملية حيث تنقل الرياح الشديدة بنقل أطنان من تلك الرمال من سطح التربة الصحراوية الى المناطق المجاورة كالمدن والمزارع مسببة اضرار جسيمة سواء على المستوى الصحي للإنسان او على الصعيد الاقتصادي[18].
واذا كانت العواصف الترابية مرتبطة بالمناطق الجافة وشبه الجافة وخاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا الا انها اليوم وبفعل الأسباب أعلاه امتدت لتشمل العديد من البلدان التي تنتمي الى أقاليم مناخية مختلفة حيث وصلت هذه الرياح وبسبب شدتها الى الساحل الجنوبي لاوربا[19].
والى جانب العواصف تبرز الأعاصير كواحدة من اهم المظاهر التي تمخضت عن التغير المناخي التي تلحق خسائرة هائلة في المناطق المنكوبة اذ تشير العديد من الدراسات الى أن التغير المناخي والارتفاع المستمر في درجة حرارة الكون ساهم في زيادة كثافة الأعاصير المدارية وخاصة في المناطق ذات الضغط الجوي المنخفض كما هو الحال في سواحل أمريكا الشمالية والجنوبية وأستراليا واليابان وجزر المحيطين الهادي والهندي[20].
وغالبا ماتكون تلك الأعاصير مصحوبة بموجات من الفيضانات والامطار والسيول التي تجرف المناطق الساحلية وتسبب الكثير من المخاطر الصحية على السكان نتيجة لتلوث مياه الفيضان وانتشار الأوبئة والفايروسات التي أصبحت مصدر تهديد جدي لمختلف المجتمعات الانسانية[21].
المبحث الثاني
حقوق الانسان والتغير المناخي
يعد موضوع حقوق الانسان وارتباطه بالتغير المناخي من المواضيع الحديثة التي برزت بعد اتضاح المخاطر العديدة التي تنجم عن التغير الاجتماعي وتنعكس،سلبا، على حقوق الانسان أينما وجد وهو ما استدعى من المجتمع الدولي الاستجابة لهذه المخاطر بقصد احتوائها او التأقلم معها.
المطلب الأول: مفهوم حقوق الانسان
على الرغم من تباين المواقف الدولية حول تحديد مفهوم حقوق الانسان وبيان مضمونها طبقا لاختلاف التوجهات الفكرية والسياسية لهذا الطرف او ذاك الا ان هناك العديد من المساهمات الفكرية الرامية الى دراسة هذا المفهوم وبيان ابعاده الفكرية.
وفي هذا يرى «كارل فاساك» ان المقصود بحقوق الانسان هي» الحقوق التي ينبغي الاعتراف بها للإنسان لمجرد كونه انسانا، وتختلف عن الحقوق الوضعية في كون المطالبة بها تتوقف على شرط الحماية القانونية لها» بمعنى انها أقرب الى الحقوق الطبيعية، كما عرفها «جون ريفيرو» بأنها «حقوق ملازمة أو لصيقة بشخص الإنسان، وإنكارها لا يمنع وجودها لأنها تدور وجودا وعدما مع الكائن الإنساني»وجاء تعريف حقوق الإنسان في قاموس الفكر السياسي بأنها «الحقوق التي يملكها الكائن البشري لمجرد انه كائن بشري، فحقوق الإنسان تعرف وفقا لذلك ضمن حالة الطبيعـة وهـي حالة الحرية والمساواة التي يكون عليها الناس قبل أن تقوم فيهم سلطة تحد من حقهم في ممارستها». ومن الناحية القانونية تعرف حقوق الإنسان على أنها «حصيلة مكتسبة من خلال كفاح إنساني طويل عبر التاريخ، ويكون خطها البياني صاعدا مـــع تطور الأوضاء السياسية و الاجتماعية للإنسان»[22].
ومع ان الفكر الإنساني انشغل في مختلف مراحل تطوره بالحقوق الإنسانية وحاول إيجاد اليات تمكن الانسان من التمتع بها، الا ان التطور الأهم الذي شهدته مسيرة الاهتمام في هذا المجال تمثل باصدار الإعلان العالمي لحقوق الانسان لعام 1948 من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة متضمنا ثلاثين مادة قانونية مثلت اطارا عاما لمختلف الحقوق المدنية والاجتماعية والاقتصادية.
ومنذ ذلك الحين اصدر المجتمع الدولي العديد من اللوائح والقوانين التي تهدف الى صيانة هذه الحقوق وضمان مباشرة الانسان لها حيث تم اعتماد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 1966 والعهد الدولي الخاص بالحقوق الثقافية والاقتصادية والاجتماعية 1976 اللذان صدرا عن الجمعية العامة للأمم المتحدة.
اما التطورالاكثر أهمية في مجال تقنين حقوق الانسان وتوسيع قاعدتها العملية فتتمثل بسعي المجتمع الدولي الى ربط هذه الحقوق بالبيئة من خلال عقد سلسلة من المؤتمرات الدولية التي اختصت بمناقشة القضايا البيئية او إقرار عدد من الاتفاقيات الدولية التي سعت الى تنسيق الجهود الدولية الهادفة الى حماية البيئة وهو ما ساهم في تطوير القواعد القانونية لكل من القانون الدولي للبيئة والقانون الدولي الإنساني حيث رتب كل منهما التزامات على جميع الأطراف بضرورة تجنب أي سلوك قد يفضي الى الاضرار بالبيئة التي تعد شرطا مسبقا للتمتع بحقوق الانسان[23]. وندرج ادناه اهم الحقوق الإنسانية التي كفلتها القوانين والاتفاقيات الدولية:
أولا:الحق في الحياة
يعود حق الانسان في الحياة الى القانون الطبيعي الذي كفل حق الانسان في الحياة واشباع حاجاته الأساسية التي تضمن له القدرة على على البقاء والنمو وتطوير قدراته العقلية والجسدية.
وبالنظر لاهميته تصدر هذا الحق مجمل الإعلانات والمواثيق المتعلقة بالحقوق الإنسانية وفي المقدمة منها الإعلان العالمي لحقوق الانسان الذي نص في المادة الثالثة منه على ان «لكل فرد الحق في الحياة والحرية وفي الأمان على شخصه»[24]، كما ورد هذا الحق في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي خصص القسم الثالث لاقراره وعدم اخضاع أحد للتعذيب او انتهاك حقوقه[25]وكذلك ذكر في الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي نصت في المادة السادسة – الفقرة 1 على اعتراف الدول الأطراف بان للطفل حقا اصيلا في الحياة في حين نصت الفقرة 2 منها على ان تكفل الدول الأطراف الى اقصى حد ممكن بقاء الطفل ونموه[26]..
وفي اطار القانون الدولي الإنساني تم التوصل الى العديد من الاتفاقيات واللوائح التي تهدف الى ضمان حق الحياة وكفالة التمتع بهذا الحق لجميع الفئات الاجتماعية وخاصة ما يتعلق منها بدرء الاخطار عن السكان المدنيين اثناء النزاعات المسلحة واضفاء الحماية العامة لهم[27](3).
ويبدو ان تقديم هذا الحق على بقية الحقوق مؤداه انه يشكل فاتحة للتمتع بالحقوق الأخرى فلا يمكن الحديث عن اية حقوق أخرى دون ضمان حق الانسان في الحياة والزام الدول جميعا بان تتخذ التدابير اللازمة التي تكفل ضمان احترام هذا الحق والتصدي لاية تهديدات متوقعة يمكن ان تسلب هذا الحق.
ثانيا:الحقوق المدنية والسياسية:
تسعى هذه المنظومة من الحقوق الى ضمان حق الانسان في القضايا المدنية وضمان حق التمتع بالحقوق السياسية بما في ذك حق الفرد بالاعتراف به كشخص امام القانون وحقه في الحصول على محكمة عادلة والمساواة امام المحاكم وحظر العقوبة الجنائية بأثر رجعي وحظر التمييز بين الافراد لاي سبب كان وضمان الحق في تكوين اسرة.
اما الحقوق السياسية فانها تنص على حرية المعتقد والدين والفكر وحرية التعبير وابداء الرأي وحق المشاركة في العمل السياسي والانضمام الى الجمعيات وحق الاشتراك في إدارة الشؤون العامة وفي تقلد الوظائف العامة[28].
ثالثا: الحقوق الاقتصادية والاجتماعية
جاء التأكيد على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في الإعلان العالمي لحقوق الانسان لعام 1948 وجرى الاسهاب في بيان مضمنها واشكالها في العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الذي دخ حيز النفاذفي عام 1976.
ولضمان التقيد التام بضمان هذه الحقوق من قبل جميع الدول صدر في عام 2013 البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية حيث يمنح هذا البروتوكول للجنة مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الانسان صلاحية تلقي البلاغات حول انتهاك أي من الحقوق الواردة في العد الدولي والتحقيق فيها[29].
وعلى العموم فأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي وردت في وثائق الأمم المتحدة السابقة تمثلت بالحق في الغذاء الكافي والسكن الائق والتعليم والصحة والضمان الاجتماعي والمياه والصرف الصحي والعمل[30].
المطلب الثاني: أثر التغير المناخي على حقوق الانسان
للتغير المناخي اثار مباشرة او غير مباشرة على حقوق الانسان الأساسية خاصة تلك التي تتعلق بامنه واستقراره ومعيشته وصحته وتطوره المادي والثقافي وهو الامر الذي سيتم تناوله على النحو التالي:
أولا: أثر التغير المناخي على الحق في الحياة والامن:
يشير مفهوم الامن الى «شعورالانسان بالأمان وغياب التهديد والخوف وضمان الحق في البقاء من خلال التحرر من المخاطر التي تهدد وجوده»[31].وخلال التاريخ الإنساني تنوعت وسائل التهديد الأمني لحياة الانسان بدءاً من الحيوانات المفترسة وصولا لتهديات الأسلحة الفتاكة.
وفي الوقت الراهن أضيفت تهديدات اخرى لاتقل خطورة عن التهديدات السابقة ان لم تكن تتفوق عليها الا وهي التهديدات الناجمة عن ظواهر المناخ المتطرفة التي أصبحت تواجه الدول قاطبة دون استثناء وان كانت بدرجات مختلفة، ومما يفاقم من هذه التهديدات هو ان البلدان الأكثر تعرضا لها هي البلدان النامية التي ليس لها القدرة على التكيف مع هذه التغيرات فضلا عن عدم امتلاكها المقومات التي تعينها على تبني سياسات ناجعة للتصدي لها أو معالجة أثارها.
وتشكل بعض التغيرات المناخية المتطرفة كما هو الحال مع الفيضانات والسيول والاعاصير تهديد كبير للسكان المحليين خاصة في المناطق الساحلية التي تتكبد خسائر بشرية ومادية هائلة، وحسب تقرير المنظمة العالمية للارصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة الصادر في عام 2021 فان الخسائر البشرية الناجمة عن الكوارث الطبيعية خلال العقود الخمسة الأخيرة على المستوى العالمي بلغت (2.06) مليون وفاة 91% منها حدثت في الدول النامية[32] (جدول رقم 1).
وتفاقم مشاكل الجفاف و التصحر وشحة المياه وما تسببه من نزوح داخلي واحتكاك بين القبائل النزاعات القبلية حيث يلاحظ ان هناك علاقة طردية بين ازدياد النزاعات القبلية والتغير المناخي[33].
وإقليميا تغذي التغيرات المناخية النزاعات بين الدول المتجاورة سواء بسبب الصراع على الموارد او نتيجة لموجات الهجرة البشرية العابرة للحدود التي أضحت مصدر تهديد جدي للكثير من الدول ولاسيما الدول الاوربية[34].
جدول رقم (1)
التوزيع العالمي لعدد الكوارث وعدد الوفيات التي تعزى الى الأعاصير المدارية للفترة 1970- 2021
المصدر: اطلس المنظمة العالمية للارصاد الجوية بشأن الوفيات والخسائر الاقتصادية الناجمة عن ظواهر الطقس والمناخ والماء المتطرفة(1970 – 2019)،ص 64.
ثانيا: اثر التغير المناخي عل الحق في التنمية:
يعد «الحق في التنمية حقا من حقوق الانسان غير القابلة للتصرف وبموجبه يحق لكل انسان ولكل الشعوب المشاركة والاسهام في تحقيق تنمية افتصادية واجتماعية وثفافية وسياسية والتمتع بهذه التنمية»[35].
ومع استفحال التدهور البيئي الناجم عن التغيرات المناخية تتكبد الدولة خسائر باهضة وتتقوض قدرتها على الإيفاء بمتطلبات التنمية بجوانبها المختلفة وخاصة في الجانب الاقتصادي (جدول رقم2). ذلك ان هذا التدهور أدى الى تآكل الموارد المتاحة وزيادة الضغط عليها لاسيما وان اغلب هذه البلدان تشهد زيادة سكانية كبيرة الامر الذي يجعل اغلب الدول عاجزة عن اشباع احتياجات مواطنيها او تحقيق برامج تنموية طموحة حيث بلغت الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الكوارث البيئية للفترة من 1970-2021 (3.6) تريليون دولار على المستوى العالمي[36].
المصدر: اطلس المنظمة العالمية للارصاد الجوية بشأن الوفيات والخسائر الاقتصادية الناجمة عن ظواهر الطقس والمناخ والماء المتطرفة(1970 – 2019)(بتصرف)،ص 64.
ويلاحظ ان التغير المناخي يؤثر على مختلف القطاعات التنموية وعلى مجمل النشاط الإنساني سواء كانت زراعية او صناعية او خدمية نتيجة للترابط بين الأنشطة الاقتصادية ناهيك عن تأثيره على المناطق والمراكز التراثية العالمية حيث تعد تلك المراكز ضمن النطاق المشترك للإنسانية مثل الاثار والاهوار والمتاحف والمناطق الطبيعية النادرة[37].
ثالثا: أثر التغير المناخي على الحق في الصحة
ترتبط الصحة بالبيئة بشكل وثيق اذ لايمكن التمتع بصحة سليمة الا في ظل بيئة نظيفة، لهذا طور المجتمع الدولي القانون الدولي للبيئة الذي يؤكد على حق الانسان في العيش في بيئة نظيفة خالية من التلوث كما حدد المسؤوليات التي تترتب على الدول والمؤسسات التي ينجم عن سلوكها الاضرار بالبيئة كونه ينتهك حق الافراد في الصحة[38].
ومع أهمية هذه الجهود الا ان استمرار التدهور البيئي الناجم عن أسباب بشرية في الغالب يلقي بكوارث على صحة الانسان والمجتمعات، حيث يسبب الارتفاع الحاصل في درجات الحرارة والتلوث البيئي وتكرار حدوث الأعاصير والفيضانات والسيول وما يرافقها من نزوح وتشرد بانتشار العديد من الامراض والاوبئة التي تفتك بالإنسان كما هو الحال في انتشار الامراض القلبية والتنفسية والملاريا والامراض الناجمة عن انشار الفايروسات والفطريات[39].
ورغم ان كل الفئات معرضة للإصابة بهذه الامراض الا ان الفئات الهشة وخاصة كبار السن والأطفال وذوي الامراض المزمنة هم اكثر عرضة اليها الامر الذي يحتم على جميع الدول الاهتمام بالبيئة للوصول الى صحة سليمة لمواطنيها[40]، والشكل التالي يوضح العواقب الصحية اللتغير المناخي في المحيط الهادي (النينيو) على الصحة.
شكل رقم (1)
يوضح العواقب الصحية لظاهرة التغير الاجتماعي في المحيط الهادي(النينيو)[41](*)
المصدر: اطلس المنظمة العالمية للارصاد الجوية بشأن الوفيات والخسائر الاقتصادية الناجمة عن ظواهر الطقس والمناخ المتطرفة(1970 – 2019)،ص 71.
رابعا: أثر التغير المناخي على الحق في الغذاء
تشير العديد من الدلائل الى ان التغير المناخي له عواقب سلبية على القطاع الزراعي من خلال ارتفاع درجة الحرارة وتلوث الهواء والمياه وحالات الجفاف والتعرية وموجات الفيضانات والاعاصير وغيرها من الظواهر التي نجمت عن التغير المناخي.[42].
ومن ابرز تلك العواقب هو التدني الحاصل في الإنتاج الزراعي وتهديد الامن الغذائي للعديد من الدول وخاصة الدول ذات الدخل المنخفض كما هو الحال في دول الشرق الأوسط وافريقيا وبعض الدول الاسيوية ودول أمريكا اللاتينية الامر الذي يسهم في زيادة انتشار الفقر والمجاعة على المستوى العالمي[43]لاسيما وان القطاع الزراعي يشكل مصدر معيشة لنسبة كبيرة من سكان هذه الدول.
ويبدو تأثير التغير المناخي على الامن الغذائي من خلال تأثيره على مدى توافر الامدادات الغذائية وعدم استقرار هذه الامدادات على المستوى العالمي حيث يتوقع حدوث انخفاض كبير في الإنتاج الزراعي في البلدان التي تعاني أصلا من انعدام الامن الغذائي يتراوح من (9-21%) من انتاجها الزراعي الكلي[44]. مما يؤدي الى ارتفاع أسعار السلع الزراعية و تفاقم أزمات الدول الفقيرة .وينعكس تغير المناخ سلبا على سلامة الأغذية نتيجة لزيادة نشاط الكائنات الحاملة للامراض وزيادة الامراض التي تنقلها المياه و الغذاء والتسبب في زيادة حالات الإصابة بالتسمم والامراض المعوية الاخرى[45]
المبحث الثالث:
التغير المناخي في مناطق جنوب العراق
واثره على حقوق السكان المحليين
مع ان الدستور العراقي ضمن حق الانسان في بيئة نظيفة ( المادة 33 /اولا) وشرع لهذا الغرض العديد من القوانين التي تكفل للمواطن التمتع بهذا الحق[46](*)، الا ان العراق يعد من بين أكثر الدول تأثرا بالتغير المناخي، ورغم ان هذا القول ينطبق على كل مناطق العراق الجغرافية الا أن مناطقه الجنوبية هي الأكثر تأثرا بهذا التغير:
المطلب الأول: التعريف بمناطق جنوب العراق
يقع العراق في الجزء الجنوبي الغربي لقارة اسيا في منطقة تحيط بالسهل الرسوبي لبلاد مابين النهرين وهي المنطقة التي استوطن فيها الانسان منذ القدم وبنى على مر التاريخ العديد من الممالك والحضارات القديمة.
وسمي العراق ولاسيما مناطقه الجنوبية مسميات دالة على مستوى التقدم والرخاء الذي تنعم به سكانه منذ القدم ومن ذلك بلد السواد، بلاد الرافدين، الهلال الخصيب، جنة عدن وعده الباحث صموئيل نوح كريمر بانه اول عصر ذهبي للإنسان فهو اول بلد عرف الكتابة واقام المدن واخترع الالة وفيه عرف القانون والصناعة والزراعة والتجارة وابدع في النتاجات الفكرية والأدبية والفنية[47].
وفي هذه المنطقة يقع السهل الرسوبي وبالتحديد في محافظة ذي قار والبصرة وميسان الذي يضم منطقة الاهوار وهي منخفضات من الأرض تتجمع فيها مياه الأنهار القادمة من نهري دجلة والفرات مكونة بحيرات واسعة تمتد على مساحة تقدر من 9 الاف كم2 الى 20 ألف كم2 [48] توزعت على ثلاثة اهوار رئيسية هي هور الحويزة وهور الجبايش وهور الحمار.
وتشكل الاهوار نظام اجتماعي واقتصادي وثقافي متميز مرتبط بطبيعة بيئتها الجغرافية التي عكست اثارها على سكان المنطقة اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا وهو مادفع منظمة التربية والثقافة والعلوم ( اليونسكو) الى أصدار قرار بضم الاهوار الى قائمة التراث العالمي باعتبارها واحدة من أكبر المسطحات المائية الداخلية في العالم في بيئة جافة وشديدة الحرارة إضافة لكونها ملاذا بيلوجيا متنوعا ومركزا اثاريا لحضارة وادي الرافدين[49].
واجتماعيا ينتمي سكان الاهوار الى قبائل عراقية متنوعة غير ان النسبة الغالبة منهم هم من المعدان وهم مجموعة سكانية عراقية اختلف الباحثون في اصولهم فالبعض ارجعهم الى أصول هندية وفارسية والبعض اعتقد ان اصولهم تعود الى الاراميين او السومريين وهم سكان العراق القديم في حين يرى عباس العزاوي صاحب كتاب عشائر العراق انهم جزء من عرب العراق الذين استوطنوا هذه المنطقة منذ القدم[50].
وتتميز مناطق الاهوار بالتنوع البيئي والاحيائي حيث تعتبر من أهم البيئات لتكاثر الطيور وسكنها وهجرتها من مناطق العالم المختلفة وخاصة المناطق الباردة مثل سيبيريا وشمال اوربا ويتكاثر في مياهها أنواع مختلفة من الأسماك والاحياء البحرية وتنمو فيها العديد من النباتات وفي المقدمة منها القصب والبردي اللذان يستخدمان لبناء منازل السكان المحليين (الاكواخ والصرائف) ولصناعة قواربهم (المشحوف ) الذي هو وسيلة التنقل الأساسية في هذه المناطق ويستخدمان أيضا علف لحيواناتهم كما تنمو أنواع أخرى من النبانات الطافية والغاطسة والبرمائية[51](جدول رقم 3).
وتعد الاهوار مرتعا طبيعيا لحيوان الجاموس التي يعد المصدر الرئيسي لمعيشة سكان الاهوار الذين اعتادوا على تربيته منذ القدم و الافادة من لحومه و منتجاته في صناعة الالبان المتنوعة ومن فضلاته التي تستخدم كوقود كما يربي سكان الاهوار الابقار والاغنام والدواجن والقليل من الماعز[52].
ويتوزع سكان الاهوار على اربع مراكز استيطانية وهي مستقرات حافات الاهوار وتسمى السلف اوالقرية حيث التجمع الرئيسي لابناء القبيلة الواحدة ومستقرات الجزر الطبيعية التي غالبا ما تظهر في موسم الصيهود(انحسار الياه) ومستقرات الجزر الاصطناعية الثابتة(الجبايش) التي صنعا انسان الهور واتخذها بديلا عن نقص اليابسة وهناك أيضا مستقرات الجزر الاصطناعية المتحركة (الدبن) التي اوجدها رعاة الجاموس لغرض السكن المؤقت[53].
ومع ان سكان الاهوار هم جزء أصيل من شعب العراق الا انهم يشكلون نظاما ثقافيا متميزا سواء في نمط معيشهم المرتبط ببيئهم الجغرافية التي فرضت عليهم نوع محدد من العلاقات الاجتماعية والثقافية بما في ذلك الروابط الاسرية والقيم السائدة والحرف الشائعة والطعام المتناول والكلمات المتداولة في اللهجة المحلية الامر الذي جعل منهم مجتمع محلي متجانس يمتلك العديد من المقومات التي يمكن ان تحوله الى مركز جذب ثقافي وسياحي متميز[54].
جدول (3)
التنوع الاحيائي لمنطقة الاهوار
ت |
الكائنات الحية |
عدد الأنواع |
1 |
الفطريات |
90 |
2 |
الهائمات النباتية والفطرية والطحالب |
260 |
3 |
النباتات المائية |
51 |
4 |
الهائمات الحيوانية |
89 |
5 |
اللافقريات الكبيرة |
92 |
6 |
الأسماك النهرية والبحرية المهاجرة |
41 |
7 |
الطيور المائية المقيمة والمهاجرة |
159 |
8 |
اللبائن المقيمة والمترددة عليها |
18 |
المصدر: عبدعلي االخفاف وحسين عليوي الزيادي وخالد كاطع المكصوصي، أهوار العراق: ثلاث دراسات في البيئة والحيوان والسياحة، مركز الرافدين للحوار، بيروت،2019.
مع ذلك فان منطقة الاهوار تواجة تحديات مناخية جمة أثرت على جميع أوجه النشاط الإنساني فيها.
المطلب الثاني: مظاهر التغير المناخي في جنوب العراق واثرها على حقوق السكان المحليين
تشهد منطقة جنوب العراق وبالتحديد مناطق الاهوار فيه تغيرات مناخية غير مسبوقة أثرت بشكل كلي على الخصائص البيئية لهذه المنطقة وهو الامر الذي يتضح من خلال دراسة مظاهر هذا التغير:
أولا: الجفاف واثره على حقوق الانسان:
تعود ظاهرة الجفاف في العراق عموما وفي مناطق الاهوار على وجه التحديد الى ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض منسوب مياه نهري دجلة والفرات نتيجة لانخفاض المياه المتدفقة اليهما من دول الجوار وخاصة تركيا وايران وتراجع كمية الامطار الساقطة سنويا بالإضافة الى تآكل البنية التحتية وتقادم أساليب الري المستخدمة.
ويشكل الجفاف تهديدا خطيرا للاهوار ولسكانها وحقوقهم الأساسية في الاستقرار والعمل والحفاظ على نظامهم الاجتماعي والاقتصادي من خلال حرمانهم من مصدر معيشتهم الأساسي المتمثل بتربية الجاموس وصيد الأسماك وزراعية الحبوب وخاصة الرز(الشلب) الذي تتميز بانتاجه منطقة الاهوار وتراجع مساحات القصب والبردي اللذان يشكلان عماد الحرف والصناعات اليدوية للكثير من الاسرالامرالذي يؤدي الى انعدام أمنها المعيشي.
ومع ان هذا القول ينطبق على جميع السكان الا ان المعاناة التي تواجهها المرأة التي تمارس الحرف التقليدية والمسؤولة عن اعالة اسرتها ستكون مضاعفة بسبب عدم قدرتها على التغلب على هذه المصاعب على عكس الرجل الذي يمكن ان يبحث عن عمل اخر في المراكز الحضرية المجاورة.
ويهدد الجفاف الاهوار باعتبارها محمية طبيعية ملائمة لمعيشة وتكاثر الكثير من الاحياء الحيوانية والنباتية فضلا عن كونها ملاذا للطيور المهاجرة و يبرز تأثيره أيضا على الثروة السمكية والاحياء البحرية التي تحتضنها مياه الاهوار حيث تشير الكثير من البيانات الى تقلص اعداد الكائنات الحية نتيجة لتقلص المياه وتلوثها وازدياد نسبة الملوحة فيها[55].
ثانيا: الهجرة القسرية والنزوح الداخلي:
ترتبط ظاهرة الهجرة والنزوح الداخلي لسكان الاهوار بالتغيرات المناخية وما ينجم عنها من أزمات ومشاكل اقتصادية ناجمة عن اضمحلال سبل العيش وازدياد حالات الفقر وتضاؤل فرص العمل وانهيار مقومات البقاء.
ولهذه الأسباب تستفحل في مناطق الاهوار ظاهرة الهجرة والنزوح الى المدن والمراكز الحضرية المجاورة التي تعاني أصلا من اكتظاظ سكاني وتزاحم على فرص العمل وندرة في المياه العذبة وضغط متزايد على الخدمات والبنية التحتية التي تتسم في الغالب بتهالكها[56].
وتشير بعض المعلومات الى ىتسجيل اكثر من (3000) الاف اسرة نازحة في المحافظات الجنوبية نتيجة الجفاف والتدهور البيئي في محافظات وسط وجنوب العراق في رصدت تقارير منظمة الهجرة الدولية نزوح (12348) شخصا في عام 2021[57]، وطبقا الى بعض الدراسات الميدانية فان أكثر من ثلاثة ارباع أسر النازحين والعائدين اكدوا بانهم غير قادرين على تلبية الاحتياجات الإنسانية بما في ذلك الحاجة الى المأوى وتوفير متطلبات المعيشة والوصول الى الخدمات الصحية والتعليمية في حين أفاد 53% من الاسر النازحة في محافظة البصرة انهم غير قادرين للوصول الى شبكة الأمان المالي وان أماكن ايوائهم معرضة للاخلاء ويعملون في مهن منخفضة الاجر[58].
وتكمن مخاطر الهجرة أيضا في حرمان أبناء الاسر النازحة من التعليم بسبب الحاجة الى اعالة اسرهم ،ومن تبعاتها أيضا اضمحلال ثقافة وأسلوب حياة سكان الاهوار[59]بسبب الاختلاط بمجتمع المدينة وبالتالي خسارة العراق لاحدى اهم الثقافات الفرعية في جنوبه..
ثالثا: الحق في الامن:
تنعكس التغيرات المناخية سلبا على كل مستويات الامن سواء كان الامن الشخصي او المجتمعي او الإقليمي ذلك ان ندرة المياه والغذاء وتضاؤل فرص العمل والنزوح الى أماكن هشة كلها عوامل تؤدي الى افقاد الفرد والاسرة لامنهم المعيشي وتهديد قدرتهم على البقاء كما انها تسبب المزيد من المشاكل الأمنية والاجتماعية خاصة وان أوضاع العوز والحرمان قد تدفع البعض الى التجاوز على الموارد المتاحة الامرالذي قد يخلق احتكاك مع السلطات المختصة او الانخراط في أعمال غير مشروعة ، او الاحتكاك بين القبائل وارباك الامن المجتمعي[60].
وتكمن خطورة بعض مظاهر التغير المناخي وخاصة نقص المياه وغياب الاتفاق الإقليمي على التوزيع العادل للمياه خاصة بين العراق وتركيا والعراق وايران في انها قد تدفع الى ارباك الاستقرار الإقليمي و تفاقم النزاعات بين دول الإقليم وصولا الى اندلاع الحرب فيما بينها[61].
رابعا:الحق في الصحة
ساهم التغير المناخي والأنشطة البشرية الضارة بالبيئة في تدهور الوضع الصحي في مناطق جنوب العراق. ذلك ان التغيرات المناخية والارتفاع في درجات الحرارة في مناطق جنوب العراق تؤدي الى زيادة الإصابة بالامراض المرتبطة بالتغير المناخي ومن ذلك الإصابة بحالات الاجهاد الحراري كما تؤدي الإصابة بشكل غير مباشر بالسكتات الدماغية وامراض القلب ومن شأن تلوث المياه ان يؤدي الى انتشار الامراض المعوية في حين يسبب التراجع في الإنتاج الزراعي وارتفاع أسعار المواد الغذائية الى الإصابة بسوء التغذية والعديد من الامراض الأخرى[62].
ومن ناحية اخرة سبب الاضرار البشري بالبيئة العديد من المشاكل الصحية في جنوب العراق فقد شهدت استخدام مختلف الأسلحة فيها التي كانت سببا مباشرا في ارتفاع نسبة التلوث وخاصة في مدينة البصرة.
وبعد اقل من ثلاث سنوات اندلعت حرب الخليج الثانية التي سببت دمارا كبيرا بالبيئة خاصة بعد ان لجأ النظام السابق الى تجفيف الاهوار وتجريف الأراضي الزراعية التي مازالت اثارها باقية لحد اليوم.
والى جانب الحروب المتتالية ساهم النشاط النفطي في جنوب العراق واستخدام الأسمدة ورواسب مياه الصرف الصحي في احداث مزيد من التلوث البيئي حيث أصيب مالايقل عن (118000) شخص في محافظة البصرة بالامراض ودخولهم المستشفيات في عام2018 [63] في حين اشارت تقارير عديدة الى ارتفاع الإصابة بالسرطان في مناطق جنوب العراق بسبب ارتفاع نسبة التلوث فيها[64].
الخاتمة والاستنتاجات
لقد سعى هذ البحث الى دراسة اثر التغير المناخي على حقوق الانسان مع إشارة الى مناطق جنوب العراق ومن خلاله يمكن استنتاج مايلي:
اولا: ان التغيرات المناخية المتمثلة بارتفاع درجة الحرارة وظاهرة الجفاف والتصحر و ارتفاع منسوب مياه البحاروالمحيطات وتغير كمية ونوعية الامطار الساقطة وتكرارالفيضانات والاعاصير تشكل واحدة من اخطر التحديات التي تواجة المجتمع الدولي وهي لاتقل خطورة عن التهديدات الأمنية الناجمة عن النزاعات والحروب ان لم تكن تتفوق عليها.
ثانيا: ان مظاهر التغير المناخي لها تأثير مباشر او غير مباشر على مجمل الحقوق الإنسانية خاصة الحق في الحياة والحق في الامن و الحق في التنمية والحق في الصحة والحق في بيئة نظيفة وغيرها من الحقوق التي انتظمت في القوانين الدولية.
ثالثا: ان التهديدات المتعلقة بالمناخ تطال كل الدول بلا اسثناء الا ان وقعها على الدول النامية كان أكثر ايلاما خاصا مع ضعف الامكانيات وتخلف الوسائل وشيوع ثقافة الهدر والتبذير والسلوكيات الضارة بالبيئة وغياب الخطط الكفيلة باحتواء هذه التغيرات او التكيف معها، وبسبب من ذلك تعرضت حقوق الانسان في هذه البلدان الى الانتهاكات المتكررة لاسيما حقوقه في الحياة والامن والتنمية والصحة وغيرها من الحقوق الإنسانية.
رابعا: ان النظر الى التغيرات المناخية من خلال انتهاكها لحقوق الانسان يلقي على جميع الدول التزام أخلاقي وقانوني بالعمل على الحد من هذه التغيرات وإيجاد سبل للمعالجة عبر تبني اليات تقنية وقانونية سواء على المستوى الوطني او الإقليمي او الدولي.
خامسا : يعد العراق واحد من أكثر الدول التي تأثرت بالتغيرات المناخية بسبب موقعه في الأقاليم المناخية الجافة وتطرف درجات الحرارة وشدة الجفاف وتصحر الأراضي وتلوث الهواء ونقص المياه الامر الذي انعكس سلبا على أوضاع السكان وخاصة في المناطق الجنوبية وبالتحديد في منطقة الاهوار التي تعد احدى المناطق الفريدة في العالم حسب تقييم اليونسكو.
سادسا: ان التغيرات المناخية المتسارعة في جنوب العراق والتي تعود في احد جوانبها الى عوامل طبيعية الا ان جزء كبير منها يعود للعامل البشري الذي يتمثل بالنشاطات الضارة بالبيئة وخاصة ما يتعلق منها بالصناعات الاستخراجية الملوثة للبيئة واستخدام الوقود الاحفوري وتجريف المساحات الخضراء وهدر الموارد المتاحة وغياب السياسات الهادفة الى الحد من هذه الاضرار او التكيف مع التغيرات المناخية والاخفاق في اقرار اتفاقيات توافقية مع دول الجوار لتقاسم المياه بشكل عادل.
من هنا فان الضرورة تقتضي تبني برامج رشيدة تكفل تحجيم الاضرار البيئية والتكيف مع التغيرات الحاصلة وإشاعة سلوك وثقافة المحافظة على البيئة والتحول الى الطاقة النظيفة والتوصل الى اتفاقيات تقاسم مياه الأنهار العابرة للحدود وتفعيل القواعد الدستورية والقانونية التي ضمن حق المواطن العراقي في العيش في بيئة نظيفة وانزال العقاب بمرتكبي الجرائم البيئية.
[1]تغير المناخ،22/12/2022 ، متاح على الموقع: https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D (تاريخ الزيارة 28/12/2022)
[2] ما هو تغير المناخ، متاح على الموقع الالكتروني:
https://www.un.org/ar/climatechange/what-is-climate-change (تاريخ الزيارة 20/11/2022)
[3]() Singapore And International Efforts(14/12/2022), , availabe at: https://www.nccs.gov.sg/singapores-climate-action/singapore-and-international-efforts (Date of visit21/12/2022
[4]غازات دفيئة ، (25/11/2022)، متاح على الموقع الالكتروني:
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%BA
تاريخ الزيارة 28/11/2022
[5]Mann, Michael E, Earth Will Cross the Climate Danger Threshold by 2036,( April 1, 2014) avilible at:https://www.scientificamerican.com/article/earth-will-cross-the-climate-danger-threshold-by-2036/ (Date of visit 23/11/2022).
[6] تشير تقديرات الأمم المتحدة الى ان الهند ودول جنوب شرق اسيا ستفقد من 9 الى 13% من الناتج القومي سنويا بسبب التغير المناخي أنظر:
Puneet Pathak,Climate Change and Human Rights,(April 2014), avilible at:
https://www.researchgate.net/search.Search.html?query=Climate+change+and+human+rights&type=publication (Date of visit 23/11/2022).
[7] بعزيز سعاد و حداق سامية، التغير المناخي وتأثيره على حقوق الانسان، رسالة ماجستير، جامعة مولود معمري، كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2016، ص8.
[8] التصحر(26/11/2022)،متاح على:
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D8%B5%D8%AD%D8%
(تاريخ الزيارة 23/11/2022)
[9] الأمم المتحدة، اتفاقية مكافحة التصحر 2017، متاح على الموقع:
https://www.unccd.int/sites/default/files/sessions/documents/2017-07/ICCD_COP%2813%29_3-1710493A.pdf
(تاريخ الزيارة 23/11/2022)
[10] توقعات ارتفاع مستوى سطح البحرمتاح على الموقع:
https://reefresilience.org/ar/stressors/climate-and-ocean-change/sea-level-rise/
تاريخ الزيارة 24/11/2022
[11]Chapter 12: Sea Level Rise, availabe at: https://web.archive.org/web/20221104082629/https://science2017.globalchange.gov/chapter/12/ (Date of visit 24/11/2022).
[12]Kulp, S.A., Strauss, B.H. New elevation data triple estimates of global vulnerability to sea-level rise and coastal flooding. Nat Commun 10, 4844 (2019). https://doi.org/10.1038/s41467-019-12808-z Date of visit 24/11/2022.
[13] سامح الشريف، اثر التغيرات المناخية على الامن الإنساني في القارة الاسيوية، مجلة أفاق اسيوية، القاهرة، المجلد(6)، العدد(10)، اكتوبر2022،ص45.
[14]Praharsh M. Pate, Adeel Khan, Changing Rainfall Patterns in an Era of Climate Change: A Multiparameter Spatiotemporal Analysis of Trends & Impacts for India,(October 2020), avilible at: https://www.researchgate.net/publication/347315886_Changing_Rainfall_Patterns_in_an_Era_of_Climate_Change_A_Multiparameter_Spatiotemporal_Analysis_of_Trends_Impacts_for_India (Date of visit 24/11/2022).
[15]احمد مدحت اسلام، التلوث مشكلة العصر،سلسلة عالم المعرفة(152)، الكويت، المجلس الوطني للثقافة، 1990،ص ص 69- 75.
[16] احمد مدحت اسلام،مصدر سبق ذكره، ص 77.
[17]Zeeshan M.Butt, Acid rain and its affects, avilible at: https://www.academia.edu/6878743/Acid_rain_and_its_affects (Date of visit 30/11/2022).
[18] What Is a Dust Storm? avilible at: https://scijinks.gov/dust-storm/ (Date of visit 24/11/2022).
[19] أحمد مدحت اسلام ،مصدر سابق ،ص 87.
[20] هل يمكن لتغير المناخ ان يولد درجة جديدة من الأعاصير(7/1/2018)،متاح على:
https://nasainarabic.net/main/articles/view/could-climate-change-breed-whole-new-category-hurricane
(تاريخ الزيارة 30/11/2022).
[21]Shawn R, ,(5/9/2019), Why Hurricanes Can Still Be Dangerous Even After the Storm Passes, avilible at: https://www.healthline.com/health-news/the-hurricane-hazards-that-appear-after-the-storm (Date of visit 24/11/2022).
[22] حول هذه التعريفات انظر: سحر حافظ، الحماية الدولية وحقوق الانسان البيئية، دراسات في حقوق الانسان،القاهرة، العدد الثامن، سبتمر2022،ص ص65- 66..
[23] يوسف بو القمح، الحق في البيئة كحق من حقوق الانسان، مجلة الحقوق والعلوم الإنسانية، متاح على:
https://www.asjp.cerist.dz/en/downArticle/315/10/1/18280
(تاريخ الزيارة1/12/2022).
[24] الإعلان العالمي لحقوق الانسان،متاح على:
https://www.un.org/ar/universal-declaration-human-rights/
(تاريخ الزيارة 1/12/2022).
[25] العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، متاح على:
(تاريخ الزيارة 1/12/2022).
[26] اتفاقية حقوق الطفل، متاح على:
https://www.ohchr.org/ar/instruments-mechanisms/instruments/convention-rights-child
(تاريخ الزيارة 1/12/2022).
[27] حماية المدنيين في النزاعات المسلحة ، متاح على:
https://www.un.org/securitycouncil/sites/www.un.org.securitycouncil/files/08 09_poc.pdf
(تاريخ الزيارة2/12/2022).
[28] حقوق الانسان:الحقوق المدنية والسياسية، متاح على:
https://www.ohchr.org/sites/default/files/Documents/Publications/FactSheet15rev.1ar.pdf
(تاريخ الزيارة 2/12/2022).
[29] خلفية العهد الدولي لحقوق الانسان، متاح على:
https://www.ohchr.org/ar/treaty-bodies/cescr/background-covenant
(تاريخ الزيارة 5/12/2022).
[30] العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، متاح على :
(تاريخ الزيارة 5/12/2022).
[31] فايز محمد دويري، الامن الوطني، دار وائل للنشر،عمان،2013،ص 63.
[32] اطلس المنظمة العالمية للارصاد الجوية بشأن الوفيات والخسائر الاقتصادية الناجمة عن ظواهر الطقس والمناخ والماء المتطرفة(1970 – 2019)، متاح على:
https://library.wmo.int/doc_num.php?explnum_id=11022
(تاريخ الزيارة 5/12/2022).
[33] سامح الشريف، مصدر سبق ذكره، ص 56.
[34] محمد مطاوع، الاتحاد الأوربي وقضايا الهجرة، متاح على:
https://academia-arabia.com/ar/reader/2/77891
(تاريخ الزيارة 5/12/2022).
[35] اعلان الحق في التنمية، متاح على:
https://www.ohchr.org/sites/default/files/DeclarationRightDevelopment_ar.pdf
(تاريخ الزيارة 5/12/2022).
[36] اطلس المنظمة العالمية للارصاد الجوية بشأن الوفيات والخسائر الاقتصادية الناجمة عن ظواهر الطقس والمناخ والماء المتطرفة(1970 – 2019)، متاح على:
https://library.wmo.int/doc_num.php?explnum_id=11022
(تاريخ الزيارة 5/12/2022).
[37] قبوب لخضر سليم، أثر االتلوث البيئي على الممتلكات الاثرية ودور الاليات التشريعية في حفظ التراث الثقافي المادي، مجلة التراث، الجزائر، المجلد(1)،العدد 31،2019،ص ص 2-14.
وكذلك:منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة(اليونسكو)، تقرير دراسات حالات عن تغير المناخ والتراث العالمي، 2013،ص ص 10-76.
[38] القانون الدولي للبيئة، متاح على:
https://colaw.uobaghdad.edu.iq/wp-content/uploads/sites/18/2019/01/%D8
(تاريخ الزيارة 6/12/2022).
[39]Timo Koivurova & others,Climate Change and Human Rights. (18 Feb 2014),Available at: https://papers.ssrn.com/sol3/papers.cfm?abstract_id=2336876 (Date of visit 6/12/2022).
[40] Timo Koivurova & others,Climate Change and Human Rights,Available at: https://papers.ssrn.com/sol3/papers.cfm?abstract_id=2336876 (Date of visit 6/12/2022).
[41] (*)يقصد بظاهرة النينيو ارتفاع درجة حرارة سطح المحيط الهادئ الاستوائي الذي تصاحبه اضطرابات مناخية انظر:
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A5%D9%84_%D9%86%D9%8A%D9%86%D9%8A%D9
[42] منتدى الخبراء الرفيع المستوى، تقرير اطعام العالم 2050: التحديات التي يمثلها تغير المناخ والطاقة الحيوية بالنسبة للأغذية والزراعة، روما، تشرين الأول 2009، ص 1.
[43]Siddhant Gupta, Impact of Climate Change on Agriculture and Weather Forecasting,in: Abhinav Kumar & others (ed): Advanced Farming, Aman, Learning Media Publication,2021,pp 201- 208.
[44] منتدى الخبراء الرفيع المستوى، تقرير اطعام العالم 2050، مصدر سابق، ص1.
[45] المصدر السابق، 4.
[46] (*) من ذلك قانون حماية وتحسين البيئة رقم (27) لعام 2009.
[47] جوشوا ج. مارك، عشر حقائق مهمة عن العراق القديم.(10/9/2020) ، ترجمة الحسين الطاهر، متاح على :
https://www.worldhistory.org/trans/ar/2-1600
(تاريخ الزيارة 11/12/2022).
[48] ايمن عبد اللطيف كويس الربيعي، دراسة بيئية ومورفلوجية لاهوار جنوب العراق، مجلة وادي الرافدين لعلوم البحار، المجلد (23)، العدد(2)،2008،ص 438.
[49]() The Ahwar of Southern Iraq: Refuge of Biodiversity and the Relict Landscape of the Mesopotamian Cities.(2016), Available at: https://whc.unesco.org/en/list/1481/ (Date of visit 17/12/2022).
[50] عرب الاهوار، متاح على:
https://ar.irakipedia.org/wiki/2695/%D8%B9%D8%B1%D8%A8-%D8%
(تاريخ الزيارة 17/12/2022).
[51] عبدعلي االخفاف وحسين عليوي الزيادي وخالد كاطع المكصوصي، أهوار العراق: ثلاث دراسات في البيئة والحيوان والسياحة، مركز الرافدين للحوار، بيروت،2019.ص ص94-95.
[52] المصدر نفسة،ص ص100-101.
[53] المصدر نفسه،ص112.
[54] المصدر السابق،ص127.
[55] تقرير مركز التجارة الدولية لعام2021، مخاطر وفرص التغير المناخي في سلاسل قيمة الأغذية الزراعية العراقية متاح على:
https://iraq.un.org/sites/default/files/2021-10/SAAVI%20CCA%20report%20Arabic.pdf
(تاريخ الزيارة20/12/2022).
[56] بيان الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الجفاف والتصحر.(20/6/2022)، متاح على :
https://www.ncciraq.org/ar/ngos-ar/ngo-activities/item/27408
(تاريخ الزيارة 22/12/2022).
[57] محمد باقر ناصر،أخطار الجفاف واضمحلال ثقافة سكان الاهوار..حلول وتنبؤات، بغداد مركز البيان للدراسات والتخطيط،2022، ص 7.
[58] منظمة الهجرة الدولية، الحقائق الناجمة عن الهجرة بسبب تغير المناخ في مدن جنوب العراق، متاح على:
(تاريخ الزيارة 23/12/2022).
[59] محمد باقر ناصر، مصدر سابق، ص 9.
[60]Iraq Climate-related security risk assessment, Report from the Expert Working Group on Climate-related security risks August 2018, , Available at: https://ar.iraqicivilsociety.org/wp-content/uploads/2018/09/iraq-climate-related-security-risk-assessment.pdf (Date of visit 24/12/20).
[61] جون بولوك وعادل درويش، حروب المياه في الشرق الأوسط، ترجمة عبد الحافظ عبد الحميد،2009.
[62] البنك الدولي للانشاء والتعمير، تقرير التكيف مع مناخ متغير في البلدان العربية .(2012)،متاح على:
(تاريخ الزيارة24/12/2022).
[63] حارث حسن، محرومون من جنة عدن: التدهور البيئي والأنشطة غير الشرعية وغياب الاستقرار عند الحدود الجنوبية في العراق، مركز مالكوم كير كارنيغي للشرق الأوسط،، متاح على:
https://carnegie-mec.org/2022/06/09/ar-pub-87216
(تاريخ الزيارة 24/12/2022).
[64] موقع BBC بالعربي.(17/10/2022)،متاح على:
https://www.bbc.com/arabic/science-and-tech-63287735
(تاريخ الزيارة25/12/2022).