تاريخ الاستلام    12/3/2023       تاريخ القبول 30/3/2023

حقوق الطباعة محفوظة لدى مجلة كلية القانون والعلوم السياسية في الجامعة العراقية

حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمؤلف

حقوق النشر محفوظة للناشر (كلية القانون والعلوم السياسية - الجامعة العراقية)

CC BY-NC-ND 4.0 DEED

Printing rights are reserved to the Journal of the College of Law and Political Science at Aliraqia University

Intellectual property rights are reserved to the author

Copyright reserved to the publisher (College of Law and Political Science - Aliraqia University)

Attribution – Non-Commercial – No Derives 4.0 International

For more information, please review the rights and license

DOI /10.61279/28xxrf14

احكام حوالة الدين في القانون المدني العراقي

The provisions of the transfer of debt in the Iraqi civil law

أ.م.د.علي ضياء عباس

الجامعة العراقية / كلية القانون والعلوم السياسية

Dr. Ali Deaa Abbas

Iraqia University / College of Law and Political Science

المستخلص...

قد ينتقل الدين والمطالبة به من ذمة المدين الى ذمة شخص اخر يحل محل المدين في الوفاء بمواجهة الدائن عن طريق حوالة الدين. وينتقل الالتزام بوساطة حوالة الدين بين المدين الاصلي والمدين الجديد بعد موافقة الدائن على تلك الحوالة ، و اقرارها. فيواجه الدائن المدين الجديد في الحصول على الدين عند حلول اجل الوفاء به. فحوالة الدين عقد ما بين المحيل والمحال عليه الذي انتقل اليه الالتزام بموجبه ينتقل الدين والمطالبة به من ذمة المدين الاول الى ذمة المدين الثاني بعد موافقة الدائن. فإذا احال المدين الاصلي دين غريمه الدائن الى المدين الجديد بحوالة غير مقيدة للوفاء بالدين الذي بذمة المحيل (المدين الاصلي) لينتقل الى ذمة المحال عليه (المدين الجديد) كانت الحوالة مطلقة. اما اذا انتقل فيها الدين من ذمة المحيل الى المحال عليه مقيدا بالأداء من الدين الذي للمحيل لدى المحال عليه ، أو من العين التي له عنده فالحوالة مقيدة. و اذا رفض الدائن الحوالة ما بين المتعاقدين (المحيل والمحال عليه) ، فلا تنفذ في حق الدائن وإن بقيت نافذة ما بين المتعاقدين. ومن ثم تبقى ذمة المدين الاصلي مثقلة بالدين تجاه الدائن ، وعليه الوفاء بالدين. لذلك فإن الاتفاق ما بين المحيل والمحال عليه على حوالة الدين يعد من قبيل العقد الموقوف على موافقة المحال له. فإذا وافق الدائن تحول الدين من ذمة المدين الاصلي الى ذمة المحال عليه بصفته ، وضماناته ، ودفوعه. ويكون للمحال له عندئذ حق الرجوع على المحال عليه للمطالبة بالدين عند حلول اجل الوفاء به ، و يؤدي ذلك الى براءة ذمة المحيل من الدين ، والمطالبة سوية.

 

         ABSTRACT

 

The debt and the claim may be transferred from the debtor to another person who takes the place of the debtor in fulfilling the debt against the creditor through the transfer of the debt. The obligation is transferred by means of a debt assignment between the original debtor and the new debtor after the creditors approval and approval of that assignment. The creditor faces the new debtor in obtaining the debt when the deadline for its fulfillment comes. Assignment of debt is a contract between the assignor and the assignee to whom the obligation is transferred, according to which the debt and the claim for it are transferred from the responsibility of the first debtor to the responsibility of the second debtor after the approval of the creditor. If the original debtor transfers the debt of the creditors opponent to the new debtor by an unrestricted transfer to fulfill the debt owed by the transferor (the original debtor) to transfer to the transferee (the new debtor), the transfer is absolute. But if the debt is transferred from the debtor of the transferor to the transferee subject to payment from the debt of the transferor with the transferee, or from the property that he has with himthen the transfer is restricted. And if the creditor rejects the transfer between the two contracting parties (the transferor and the transferee), it is not enforceable against the creditor, even if it remains valid between the contracting parties. Hence, the obligation of the original debtor remains burdened with the debt towards the creditor, and he must pay the debt. Thereforethe agreement between the assignor and the assignee on the transfer of the debt is considered as a contract that is dependent on the approval of the assignee. If the creditor agrees, the debt is transferred from the original debtor to the transferee in his capacity, guarantees, and defenses. The assignee then has the right to return to the assignee to claim the debt when the deadline for its fulfillment comes, and this leads to the assignors discharge from the debt, and the claim together.

مقدمة...

تنشأ من رابطة الالتزام علاقة مديونية ما بين طرفيها الدائن والمدين. اذ يلتزم المدين بالوفاء بالدين الى دائنه عند حلول اجل الوفاء به. ولكن قد يلجأ المدين لسبب وآخر الى نقل الدين والمطالبة به من ذمته الى ذمة شخص اخر يحل محله في الوفاء بمواجهة الدائن. فينتقل الالتزام الى المدين الجديد عبر ما يسمى بحوالة الدين. فهي عقد ما بين المدين الاصلي (المحيل) والمدين الجديد (المحال عليه) الذي انتقل اليه الالتزام. ولا تنعقد تلك الحوالة إلا بموافقة الدائن (المحال له) عليها ، واقرارها. مما يتعين عليه مواجهة المدين الجديد (المحال عليه) في الحصول على الدين اذا ما حل اجل الوفاء به.

وتتجلى أهمية الموضوع مدار البحث في ان حوالة الدين تعمل على تسهيل حركة التداول ، وتيسير التعامل بين المتعاقدين خصوصا عند التعامل بالبيع بالتقسيط في المعاملات المالية. فلو اشترى شخص سيارة بالتقسيط ، ثم تصرف بها بالبيع الى شخص اخر قبل سداد اقساطها المتبقية ، انتقل الالتزام بالوفاء الى المشتري الجديد ، فيواجه البائع الاصلي بالتزامات المشتري الاول نفسها عن طريق حوالة الدين ؛ شرط موافقة البائع الاصلي عليها.

وتدور مشكلة البحث حول مدى امكانية المدين من نقل التزامه تجاه الدائن الى مدين اخر يسدد للدائن بدلا عنه. فهل يستطيع الدائن مطالبة مدينه الاصلي بالدين ؟ أم ان له حق مطالبة غير مدينه الاصلي به ؟ فبالرغم من الاشارة للموضوع حول تلك الاسئلة إلا ان الاحكام المفصلة التي وردت في القانون المدني العراقي بشأنها هي محط النظر ، والهدف الذي نروم الوصول اليه للإجابة عنها. فمشرعنا العراقي كان موفقا اكثر من غيره في الاحاطة بموضوع حوالة الدين من كل جوانبها ؛ متأثرا في الاحكام التي عرضها الفقهاء المسلمين في كثير من مسائلها.

وسنبحث حوالة الدين من حيث تعريفها ، وأنواعها ، وما اذا كانت حوالة مطلقة أو مقيدة ، وذلك في المبحث الاول. ولما كانت حوالة الدين عقدا بين المدين الاصلي (المحيل) والمدين الجديد (المحال عليه) ، وأن هذا العقد لا يدخل في حيز النفاذ ما لم يوافق عليه الدائن (المحال له) ، فإنه يتعين علينا تحديد كيفية انعقادها بين طرفيها ، وكيفية الاتفاق بين المحال له (الدائن) والمحال عليه (المدين الجديد) فيها ، وذلك في المبحث الثاني. مبتعدين عن الخوض في الاركان الخاصة للعقد من رضا ، ومحل ، وسبب تجنبا للإطالة ؛ فنفترض وجودها مسبقا. وحيث ان العلاقة ما بين اطراف تلك الحوالة لها احكامها الخاصة ، سواء أكانت العلاقة بين المحال له والمحال عليه ، أم بين المحال له والمحيل ، أم بين المحيل والمحال عليه ، فإنه ينبغي التعرض للآثار المترتبة على حوالة الدين ، وذلك في المبحث الثالث. وثم نختتم البحث بخاتمة تضم النتائج ، والتوصيات.             

المبحث الاول

التعريف بحوالة الدين وأنواعها

من المعلوم ان طرفي الالتزام هما الدائن والمدين. واذا كان الدائن يمثل الطرف الموجب في الالتزام فإن المدين هو الطرف السالب فيه. وفي حوالة الدين قد ينتقل الالتزام من ذمة المدين ، الى ذمة مدين اخر. فيحل الاخير محل الاول في الالتزام نفسه. مما يؤدي الى انتقال الدين اليه بكل تأميناته ، وصفته ، ودفوعه اذا كانت الحوالة مطلقة[1]. وقد يكون المحال عليه مقيدا بالأداء من الدين الذي للمحيل لدى المحال عليه ، أو من العين التي له عنده وذلك في الحوالة المقيدة. ولبيان ذلك سنتناول الموضوع في مطلبين ، الاول سنحدد فيه مفهوم حوالة الدين ، والثاني سنبين فيه انواعها.

المطلب الاول: مفهوم حوالة الدين

عرف المشرع العراقي حوالة الدين بأنها ((... نقل الدين والمطالبة من ذمة المحيل الى ذمة المحال عليه))[2]. وبذلك فإن حوالة الدين اتفاق على نقل الدين من المدين الاول الى مدين اخر من دون تغيير محل الالتزام[3]. وبمعنى ادق ان حوالة الدين تعني استبدال مدين بمدين في التزام قائم يبقى الدائن فيه من دون تغيير. ويسمى المدين الاول بالمحيل ، والمدين الاخر بالمحال عليه. اما الدائن فيسمى بالمحال له في حوالة الدين.

ويبدو ان المشرع العراقي في القانون المدني تأثر بالفقهين الاسلامي والغربي في تعريف حوالة الدين. وحاول التوفيق بينهما بالرغم من اختلاف بعض احكامها ، وشروطها في الفقه الاسلامي عما ورد في القانون الوضعي. فقد اقتبس المشرع العراقي تعريف حوالة الدين من الفقه الاسلامي نظرا لحاجة الناس اليها في معاملاتهم. واستند فقهاء المسلمين في ذلك الى حديث سيدنا النبي محمد عليه الصلاة والسلام (مطل الغني ظلم ، فإذا اتبع احدكم على ملء فليتبع)[4].

ولو انعمنا النظر في تعريف حوالة الدين في القانون العراقي نجد ان العبرة بجوهر الالتزام لا بأطرافه. اذ بإمكان المدين ان يحيل دين دائنه مع المطالبة به الى مدين اخر بموافقة الدائن. ويكون ذلك بموجب عقد بين المحيل والمحال عليه يستطيع بموجبه المحال له مطالبة الاخير بالدين بصفته المدين الجديد له ما دام انه وافق على نقل الالتزام اليه. وبذلك فإن حوالة الدين تعد عقدا لازما لا يمكن فسخه ، أو ابطاله من جانب واحد ما لم يشترط الدائن فيها لنفسه خيار الرجوع على المحيل[5].

المطلب الثاني: انواع حوالة الدين

هناك نوعان لحوالة الدين في القانون المدني العراقي ، وكذلك في الفقه الاسلامي هما: حوالة الدين المطلقة ، وحوالة الدين المقيدة. وسنخصص لكل نوع منهما فرعا مستقلا.

الفرع الاول: حوالة الدين المطلقة

ذكرنا ان حوالة الدين بمفهومها العام هي نقل الدين ، والمطالبة من ذمة المحيل الى ذمة المحال عليه بموافقة المحال له. ووفقا لهذا التصوير تكون الحوالة مطلقة متى ما احال المدين دين غريمه الدائن الى المحال عليه (المدين الجديد) بحوالة غير مقيدة للوفاء بالدين الذي بذمة المحيل (المدين الاصلي) لينتقل الى ذمة المحال عليه. وقد أكد المشرع العراقي ذلك بالنص على أن ((وتكون مطلقة اذا أحال المدين بدينه غريمه على المحال عليه حوالة غير مقيدة بأدائه من الدين الذي للمحيل في ذمة المحال عليه ، أو من العين التي عنده وديعة أو مغصوبة ، أو أحال على شخص ليس له شيء عليه أو عنده))[6]. اي ان الوفاء بالدين يرتبط بذمة المدين الجديد من دون تجديد ، فتكون ذمته ضامنة للوفاء بالدين وإن لم يكن للمحيل دين في ذمة المدين الجديد. فإذا كان للمحيل اكثر من دين في ذمة المدين الجديد وأحال الاول (المحيل) دائنه (المحال له) على الاخير (المحال عليه) للوفاء بدين محدد ؛ جاز عندئذ للمدين الجديد الوفاء بالدين بأي مال من الاموال. ومن ثم لا يجوز للمحيل ان يلزم المحال عليه بالوفاء للدائن من الدين نفسه الذي بذمته ، أو العين التي تحت يده[7].

ونشير الى ان الحوالة المطلقة ينتقل الدين (المحال به) فيها الى المحال عليه بصفته التي اتصف بها وقت ما كان بذمة المحيل ، وبضماناته المثقل بها قبل الانتقال ما عدا الكفالة ، وبدفوعه التي كان للمحيل التمسك بها في مواجهة الدائن قبل الانتقال[8]. وسنبين تلك الاحكام في المبحث الثالث بحسب محلها. 

الفرع الثاني: حوالة الدين المقيدة

تكون حوالة الدين مقيدة اذا انتقل فيها الدين من ذمة المحيل الى المحال عليه مقيدا بالأداء من الدين الذي للمحيل لدى المحال عليه ، أو من العين التي له عنده. وقد أكد المشرع العراقي ذلك بالنص على ان ((وتكون مقيدة اذا احال المدين بدينه غريمه على المحال عليه حوالة مقيدة بأدائه من الدين الذي للمحيل في ذمة المحال عليه ، أو من العين التي له عنده امانة ، أو مغصوبة))[9].

ومن ثم فإن الدين (المحال به) في الحوالة المقيدة لا يتعلق بكل ذمة المدين الجديد (المحال عليه) ، وانما يتعلق بالدين (المال) ، أو العين التي للمحيل لدى المحال عليه خلافا لما عليه الحال في الحوالة المطلقة. فيقع على عاتق المحال عليه الوفاء للمحال له من الدين المحدد من المحيل من دون ان يتعدى ذلك امواله الاخرى[10] ؛ كما لو احال البائع دائنه الى المشتري ليستوفي دينه من ثمن المبيع الذي لم يسدده المشتري. ولا يملك المحيل عندئذ مطالبة المحال عليه بالدين ، أو العين التي قيدت بها الحوالة لتعلق حق الدائن بها في استيفاء دينه. كما لا يملك المحال عليه ان يدفع الدين ، أو يرد العين في الحوالة المقيدة الى المحيل وإلا يكون قد استهلك مما تعلق بها حق الدائن. ومن ثم لا يطالب المحال عليه إلا بدين واحد هو دين الحوالة. فإذا كانت الحوالة المدنية مقيدة بالأداء من الدين الذي للمحيل في ذمة المحال عليه ؛ فللمحال له استيفاء حقه من هذا الدين حصرا. فإذا سقط الدين عن المدين بأمر سابق على الحوالة بطلت الحوالة لعدم مديونية المحال عليه للمحيل ، وبذلك يرجع الدين على المحيل. اما اذا سقط الدين عن المدين بأمر عارض بعدها فلا تبطل حوالة الدين ، ويبقى المحال عليه ملزما بالأداء ، وله الرجوع على المحيل بما أدى بموجب دعوى الكسب دون سبب ، أو بدعوى الاستحقاق بحسب اختلاف سبب سقوط الدين[11]. وأما اذا كانت الحوالة مقيدة بالأداء من ثمن المبيع المستحق للغير ، ودفع المشتري الدين فيكون الاخير مخيرا بين الرجوع على المحال له بدعوى الكسب دون سبب ، أو الرجوع على المحيل بدعوى ضمان الاستحقاق[12].

اما اذا كانت الحوالة المدنية مقيدة بالأداء من العين التي للمحيل لدى المحال عليه ؛ وكانت العين مودعة عند الاخير ، وأن الوفاء بالدين مرهون ببيعها برضاه ؛ فلا يجبر المحال عليه (الوديع) على الوفاء بالدين قبل البيع ، ولكنه يجبر على بيع العين المودعة والوفاء من ثمنها[13]. فإذا استحقت الحوالة للغير ، أو هلكت الوديعة بعد الحوالة وقبل الوفاء بالدين بطلت الحوالة اذا كان الهلاك لسبب اجنبي ، ويعود الدين الى المحيل عندئذ. اما اذا كان هلاكها بخطأ المحال عليه (الوديع) فتبقى الحوالة صحيحة ، ويستوفي المحال له دينه من التعويض الذي يدفعه المحال عليه ، لكون ان يده على العين المودعة لديه يد أمانة[14]. اما اذا كانت العين المقيدة مغصوبة لدى المحال عليه فيجبر الاخير (الغاصب) على بيعها ، والوفاء من ثمنها. ولا يؤثر الهلاك في صحة الحوالة مهما كان سببه ، لكون ان الغاصب ضامن لها ؛ فيتحمل تبعة هلاكها وإن هلكت بسبب اجنبي. ومن ثم يستوفي المحال له دينه من ثمنها.

اما اذا كانت العين المغصوبة مستحقة للغير فتبطل الحوالة ، ويعود الدين الى المحيل عندئذ[15]

المبحث الثاني

انعقاد حوالة الدين

ينتقل الدين والمطالبة به بموجب حوالة الدين من ذمة المحيل الى ذمة المحال عليه بموافقة المحال له. ولا يكون ذلك إلا بمقتضى عقد ما بين تلك الاطراف ؛ بموجبه يكون للمحال له حق مطالبة المحال عليه بالدين وقت حلول اجل الوفاء به. وينعقد عقد حوالة الدين كبقية العقود الاخرى بتوفر اركانه من رضا ، ومحل ، وسبب. وسنفترض في بحثنا هذا توفر تلك الاركان في ذلك العقد من دون الخوض بتفصيلاتها العامة تجنبا للإطالة. ويفرز عقد حوالة الدين صورتين اساسيتين للاتفاق ؛ الاولى الاتفاق ما بين المحيل والمحال عليه ، والثانية الاتفاق ما بين المحال له والمحال عليه. ومن اجل بيان كيفية ابرام تلك الاتفاقات بين اطراف الحوالة ، وشروطها فلا بد من بيان الاتفاق بين المحيل والمحال عليه في المطلب الاول ، والاتفاق بين المحال له والمحال عليه في المطلب الثاني.

المطلب الاول: الاتفاق بين المحيل والمحال عليه

قد تنعقد حوالة الدين بين المدين الاصلي (المحيل) ، والمدين الجديد (المحال عليه) بالاتفاق بينهما على نقل الدين والمطالبة به من الاول (المحيل) الى الثاني (المحال عليه). ولا تصح الحوالة بين الطرفين ما لم يكن المحيل مدينا فعلا للدائن بدين معلوم[16]. وتنعقد الحوالة في هذه الصورة ، مطلقة كانت أم مقيدة ، موقوفة على موافقة الدائن ، وإقراره بها صراحة ، أو ضمنا[17]. وقرر المشرع العراقي الحكم المذكور بالنص على ان ((الحوالة التي تمت بين المحيل والمحال عليه تنعقد موقوفة على قبول المحال له))[18].

ولعل المسوغ من توقف نفاذ حوالة الدين على قبول الدائن يعود الى خطورة عملية تغيير شخص المدين في هذه الحوالة. فمن العسير القيام بتغيير شخص المدين الاصلي قبل وفاء الدين ؛ لكون ان شخصيته في الالتزام محل اعتبار. وان قيمة الدين الذي التزم المدين الاصلي بوفائه للدائن يتوقف على مدى امتلاء ذمة المدين ، وحرصه على تنفيذ ما التزم به[19].

وينتج من تدخل الدائن في حوالة الدين ، وموافقته على انعقادها من عدمها اثر يترتب على العلاقة ما بين المحيل والمحال عليه بالاضافة الى اثرها بالنسبة اليه. اذ يصح اتفاقهما عند قبول الدائن الحوالة ، ويبطل الاتفاق عند عدم قبوله لها بطبيعة الحال[20]. فإذا اقرها الدائن فيسري اقراره بأثر رجعي الى وقت انعقادها[21]. فتبرأ ذمة المحيل من تأريخ نشوء الحوالة لا من تأريخ اقرار الدائن بها. الامر الذي يؤدي بدوره الى عدم جواز تمسك الدائن بالمقاصة اذا ما اصبح مدينا لمدينه الاصلي بعد انعقاد عقد الحوالة ، وتأريخ اقرارها ، لأن الدين الذي قد ينشأ في ذمته خلال تلك الفترة يكون بعد براءة ذمة المحيل من الدين ، فلا يتقابل الدينان وقتئذ ؛ ومن ثم لا تقع المقاصة بينهما.

ونشير الى ان موافقة الدائن على عقد الحوالة قد يعلنها صراحة باستعمال اي لفظ ، أو كتابة تفيد اقراره بها. وقد تكون الموافقة ضمنية يستدل عليها من تصرفاته. كمطالبته المدين الجديد (المحال عليه) بأداء الدين ، أو تقديم التأمينات له لضمان الوفاء بالدين. فيستدل من تلك المطالبة على اقراره للحوالة وإن لم يعلنه صراحة.   

اما اذا رفض الدائن الحوالة ما بين المتعاقدين (المحيل والمحال عليه) ، فلا تنفذ في حق الدائن وإن بقيت نافذة ما بين المتعاقدين. ومن ثم تبقى ذمة المدين الاصلي مثقلة بالدين تجاه الدائن ، وعليه الوفاء بالدين[22]. اما اذا حدد احد المتعاقدين للدائن اجلا معقولا لقبول الحوالة ، وسكت الدائن خلاله فيعد السكوت عندئذ رفضا للحوالة[23].

نستشف من كل ما تقدم ان المشرع العراقي قد جعل الاتفاق ما بين المحيل والمحال عليه على حوالة الدين من قبيل العقد الموقوف ؛ متأثرا في ذلك بالفقه الاسلامي الذي جعلها تنعقد موقوفة على قبول المحال له ايضا[24]

ونشير الى ان المشرع العراقي اجاز حوالة الدين في مستحقات الوقف اذا كانت غلته بيد المتولي بنصه على انه ((تصح احالة المستحق في الوقف غريمه وكالة مقيدة باستحقاقه على متولي الوقف اذا كانت غلة الوقف متحصلة في يده وقبل الحوالة. ولا تصح الحوالة بالاستحقاق اذا لم تكن الغلة متصلة في يد المتولي))[25].                       

المطلب الثاني: الاتفاق بين الدائن والمحال عليه

قد تنعقد حوالة الدين باتفاق بين الدائن (المحال له) ، والمدين الجديد (المحال عليه) بعيدا عن المدين الاصلي. فيتولى الدائن تلك العملية بنفسه مع المدين الجديد ، ذلك لأن الوفاء يجوز من غير المدين الاصلي ولو بغير علمه ، أو معارضته[26]. الامر الذي يؤدي الى تحول الدين من ذمة المدين الاصلي الى ذمة المحال عليه. والى ذلك اشار المشرع العراقي فنص على ان ((يصح عقد الحوالة بين الدائن والمحال عليه. ويلزم المحال عليه بالأداء ولكن ليس له الرجوع على المدين الاصلي إلا اذا اقر المدين الحوالة))[27].

ولما كانت الحوالة المقيدة يقوم المدين الاصلي في انعقادها فإن الحوالة التي تنعقد ما بين الدائن والمحال عليه تكون حوالة مطلقة دائما ، لعدم اشتراك المدين الاصلي فيها[28]. وبذلك تصبح ذمة المحال عليه مثقلة بالدين وإن كان عليه دين ، أو عنده عين للمدين.

ان الاتفاق ما بين الدائن والمحال عليه قد يكون صريحا ، وقد يكون ضمنيا. ويشترط الوضوح في انصراف ارادة الطرفين الى تحويل الدين لذمة المحال عليه من دون ان يقصدا تجديد الدين. لأن التجديد من طرق انقضاء الالتزام ، في حين ان الحوالة من وسائل انتقاله. كما ان الاتفاق بين الدائن والمحال عليه لا يكون بحاجة الى موافقة المدين الاصلي كما ذكرنا. ولذلك لا يشترط ان يكون المحال عليه مدينا للدائن ، فقد يكون متبرعا بالوفاء عن المدين الاصلي ؛ فإذا رفض الاخير هذا الاتفاق فلا يستطيع المحال عليه الرجوع على المدين الاصلي بالدين كونه متبرعا ما لم يقر المدين الاصلي هذه الحوالة. فإذا اقرها جاز للمحال عليه الرجوع بالدين عليه ، وبذلك قضت محكمة التمييز الاتحادية[29]. فإذا امتنع عن الوفاء فيرجع عليه بدعوى الاثراء بلا سبب متى ما تبين من الظروف ان للمدين الجديد مصلحة في الوفاء ، أو اثبت انه لم يقصد التبرع عند الوفاء[30]. كما لا يضمن المدين الاصلي يسار المحال عليه ، أو اعساره للمحال له ما دامت الحوالة قد انعقدت بعيدا عنه. فيتحمل المحال له عندئذ مغبة اعسار المحال عليه ، ومن ثم تبرأ ذمة المدين الاصلي من الدين[31].

 

المبحث الثالث

الاثار المترتبة على حوالة الدين

تتضح احكام حوالة الدين عند التعرض لآثارها. وتكمن آثار حوالة الدين في العلاقة ما بين اطرافها التي تنشأ من انعقاد عقد الحوالة المدنية. وبات من المعلوم ان اطراف حوالة الدين هم المحيل ، والمحال عليه ، والمحال له. وسنبحث في العلاقة التي تربط كل طرف من هذه الاطراف مع بعضها البعض وفقا لأحكام القانون المدني العراقي وذلك في ثلاثة مطالب ، الاول سنحدد فيه العلاقة ما بين المحال له والمحال عليه ، والثاني سنحدد فيه العلاقة ما بين المحال له والمحيل ، والثالث سنحدد فيه العلاقة ما بين المحيل والمحال عليه.

المطلب الاول: العلاقة بين المحال له والمحال عليه

تنشأ العلاقة ما بين المحال له (الدائن)  والمحال عليه (المدين الجديد) بانعقاد حوالة الدين انعقادا صحيحا بين المحيل (المدين الاصلي) والمحال عليه (المدين الجديد) بإقرار الدائن. فينتقل الدين عندئذ من ذمة المحيل الى ذمة المحال عليه. ويكون للمحال له حق الرجوع على الاخير للمطالبة بالدين عند حلول اجل الوفاء به. الامر الذي يؤدي بدوره الى براءة ذمة المحيل من الدين والمطالبة معا. وقد اشار الى هذا الحكم مشرعنا العراقي ، فنص على انه ((اذا قبل المحال له الحوالة ، ورضى المحال عليه بها ؛ برئ المحيل من الدين ومن المطالبة معا. وثبت للمحال له حق مطالبة المحال عليه))[32]. فإذا كانت الحوالة مطلقة ينتقل الدين من ذمة المحيل الى ذمة المحال عليه بصفته ، وضماناته ، ودفوعه كما ذكرنا من قبل. وانتقال الدين بصفته الى ذمة المحال عليه يكون بحسب الحالة التي كان عليها الدين في ذمة المحيل. فإذا كان مؤجلا فينتقل الى ذمة المحال عليه بهذه الصفة ، وإذا كان حالا ، أو منتجا لفوائد ، أو كان معلقا على شرط فينتقل الى ذمة المحال عليه بتلك الصفات ايضا ابتداء من تأريخ انعقاد الحوالة. والى ذلك اشار المشرع العراقي ، فنص على انه ((يتحول الدين على المحال عليه بصفته التي على المحيل ، فإن كان حالا تكون الحوالة به حالة ، وإن كان مؤجلا تكون مؤجلة))[33].

كما تبقى للدين المحال به الى ذمة المحال عليه ضماناته التي كان مثقلا بها وقت ما كان في ذمة المحيل. فإذا كان مضمونا برهن تأميني ، أو برهن حيازي فينتقل الرهن مع الدين الى ذمة المحال عليه ضمانا لحق المحال له. وإذا كان مكفولا بكفالة شخصية ، أو بكفالة عينية فينتقل الدين مكفولا الى ذمة المحال عليه شرط موافقة الكفيل. والى تلك الاحكام اشار المشرع العراقي ، فنص على انه ((1ـ تبقى للدين المحال به ضماناته بالرغم من تغير شخص المدين. فإذا احال الراهن المرتهن بالدين على اخر ، أو احال المشتري البائع بالثمن على اخر فلا يسقط حق المرتهن في الرهن ، ولا حق البائع في حبس المبيع. اما اذا احال المرتهن غريما له على الراهن فإن حقه في الرهن يسقط ولا يكون رهنا للمحال له ، وكذا اذا احال البائع غريما له على المشتري بالثمن يسقط حقه في حبس العين المبيعة.  2ـ على ان من كفل الدين المحال به كفالة شخصية او عينية لا يكفل المحال عليه إلا اذا رضي الكفيل بالحوالة))[34].

ويؤخذ على النص المذكور ان المشرع العراقي خلط في شق منه ، في فقرته الاولى ، ما بين حوالة الحق وحوالة الدين ؛ وذلك عندما قرر سقوط حق الدائن المرتهن في الرهن اذا احال الاخير دائنه بالدين على المدين الراهن. وسقوط حق البائع في حبس العين المبيعة اذا احال البائع دائنه بالثمن على المشتري. فتلك الاحكام تتعلق بحوالة الحق لا بحوالة الدين ، لكون ان الدائن المرتهن ، والبائع يحيلان دائنيهما بالدين أو الثمن على المدين الراهن ، أو المشتري. مما يعني ان الذي تغير هو الدائن لا المدين ، وتلك فكرة حوالة الحق بعينها. كما ان الحوالة في هذه الصورة انعقدت بين الدائن والمحال له (دائن اصلي ودائن جديد) وليس بين المحال له والمحال عليه ، مما يعني انها حوالة حق وليست حوالة دين[35].

هذا وينتقل الدين الى المحال عليه بدفوعه التي كان للمحيل التمسك بها تجاه الدائن. عندئذ يكون للمحال عليه حق التمسك بتلك الدفوع في مواجهة المحال له ، وبالدفوع الخاصة به ، وتلك الخاصة بعقد الحوالة. كالدفع بنقص الاهلية ، أو عيوب الارادة ، أو التمسك بالتقادم. إلا انه لا يستطيع التمسك بالدفوع الخاصة بشخص المحيل ، كالدفع باتحاد الذمة. وقد اشار المشرع العراقي الى تلك الاحكام ، فنص على انه ((للمحال عليه ان يتمسك قبل المحال له بما كان للمحيل من دفوع متعلقة بذات الدين ، وليس له ان يتمسك بما كان من الدفوع خاصا بشخص المحيل وانما يجوز له ان يتمسك بما كان خاصا بشخصه هو))[36].

وهكذا نجد ان الدين ينتقل بتلك الصفات الى المحال عليه ليكون في مواجهة المحال له. وتبرأ ذمته من الدين بوفائه الى الدائن ، أو بتحويله الى شخص اخر ، أو بالابراء ، أو الهبة ، أو باتحاد الذمة ، أو اي سبب اخر يؤدي الى انقضاء الالتزام[37]. ولكن ماذا لو لم يحصل المحال له على الدين كله من المحال عليه نتيجة وفاة الاخير؟ فقد اجاب المشرع العراقي على ذلك بالنص على ان ((اذا مات المحال عليه مدينا يقسم ماله بين الغرماء وبين المحال له بالحصص وما بقي للمحال له بعد القسمة يرجع به على المحيل اذا كان له حق الرجوع))[38]. مما يعني ان الحوالة اذا كانت مطلقة غير مقيدة فيجوز للدائن الرجوع بالباقي من الدين على المحيل اذا كان له حق الرجوع عليه متساويا في ذلك مع بقية الدائنين.

المطلب الثاني: العلاقة بين المحال له والمحيل

اذا انعقدت حوالة الدين بشكل صحيح فإن علاقة المديونية التي كانت ما بين الدائن والمدين الاصلي تنتقل الى المدين الجديد (المحال عليه). وبذلك تبرأ ذمة المحيل من الدين والمطالبة تجاه المحال له. ويتعذر على الاخير الرجوع على المحيل بالدين ولو اعسر المحال عليه بعد ذلك ، أو تعذر استيفاء الدين منه ، ما لم يوجد اتفاق يقضي بغير ذلك. ومن ثم اذا احتفظ المحال له بحقه في الرجوع على المحيل وقت انعقاد الحوالة ، أو بطلت الحوالة المقيدة نتيجة سقوط الدين ، أو هلاك العين فيجوز للمحال له عندئذ الرجوع على المحيل بالدين[39].ولكن ما الحكم اذا مات المحيل قبل استيفاء المحال له دين الحوالة المقيدة ؟

والحقيقة ان المشرع العراقي لم يأت بحكم خاص لهذه الحالة. ولكن بالامكان مقاربتها مع حالة اعسار المحيل قبل اداء المحال عليه الدين للمحال له. اذ قرر المشرع العراقي بعدم مزاحمة الغرماء للمحال له[40]. ومن ثم يختص المحال له بالمال الذي بذمة المحال عليه من دون مزاحمة دائني المحيل المتوفى للمحال له. وندعو مشرعنا العراقي الى معالجة ذلك الافتراض في القانون المدني جنبا الى جنب حالة المحيل المعسر. 

وقد اشار المشرع العراقي الى حالة اشتراط المحال له عدم براءة ذمة المحيل من الدين فيكون الاتفاق عبارة عن حوالة مقترنة بكفالة عارية عن حق التجريد ؛ فيكون فيها المحيل كفيلا للمحال عليه في مواجهة الدائن. ويستطيع الدائن مطالبة المحيل ، أو المحال عليه بالدين. ولا يستطيع المحيل (الكفيل) عند المطالبة ان يدفع بحق التجريد الذي يملكه الكفيل العادي ؛ بأن يطلب منه تجريد المحال عليه من امواله لكي يتمكن من الرجوع عليه ، لكون ان كفالته يمتنع فيها الدفع بالتجريد[41].

 المطلب الثالث: العلاقة بين المحيل والمحال عليه

تنشأ العلاقة ما بين المحيل والمحال عليه عند تحويل الدين والمطالبة من الاول الى الاخير ليحل محله في الوفاء للمحال له بعد موافقته. وتتحدد اثار الحوالة بينهما بحسب ما اذا كانت الحوالة مطلقة أو مقيدة. وبمعنى ادق أن وجود دين أو عين للمحيل في ذمة المحال عليه من عدمه هو ما يحدد العلاقة بينهما قبل الحوالة. فقد يكون قصد المحال عليه من التحمل بالدين التبرع به للمدين الاصلي ، أو الوفاء له بدين سابق عليه[42].

وبذلك يكون المحال عليه قد التزم تجاه الدائن بالوفاء لمصلحة المدين الاصلي بمقدار قيمة الدين. فإذا كانت الحوالة مطلقة بأن كان للمحيل في ذمة المحال عليه دين ، أو عين مودعة ، أو مغصوبة ولم يقيده بالأداء من ذلك الدين ، أو العين التي بحوزته ؛ فللمحيل عندئذ مطالبة المحال عليه بالدين الذي عليه ، أو بالعين المودعة ، أو المغصوبة. ويكون للمحيل بعد الحوالة مطالبة المحال عليه لحين وفاء الاخير بالدين للمحال له. وبذلك يسقط الدين منه بمقدار ما أداه على اساس المقاصة[43]. فمثلا لو كان المحال عليه مدينا للمحيل بمبلغ مائة ألف دينارا ، وكان دين الحوالة بمقدار سبعين ألف دينارا أداها المحال عليه لدائن المحيل ، فلا تبقى بذمة المحال عليه سوى ثلاثون ألف دينارا للمحيل.

اما اذا كانت الحوالة مطلقة ولم يكن للمحيل دين ، أو عين مودعة ، أو مغصوبة في ذمة المحال عليه ؛ جاز قانونا للمحال عليه الرجوع على المحيل بالمحال به لا بما أداه وذلك بعد الاداء للدائن[44]. فمثلا لو كان المحال به نقدا ، وأدى المحال عليه للدائن عينا ، كالسيارة مثلا ، فإنه يرجع على المحيل بالمبلغ المحال به لا بقيمة العين.

وأما اذا كانت الحوالة مقيدة الاداء من الدين الذي للمحيل في ذمة المحال عليه ، أو العين التي لديه مودعة ، أو مغصوبة فلا يملك المحيل بعد انعقاد الحوالة مطالبة المحال عليه بالدين المترتب في ذمته ، أو برد العين. وذلك خلاف للحوالة المطلقة التي لا تمنع المحيل من مطالبة المحال عليه ما لم يقم الاخير بالوفاء للدائن. كما ان للمحال عليه في الحوالة المقيدة الامتناع عن وفاء الدين ، أو رد العين للمحيل وبخلافه يضمن ذلك للمحال له ، وله الرجوع على المحيل بما أداه[45]. ويأتي ذلك تطبيق لقاعدة (من التزم بالضمان امتنع عليه التعرض) وقاعدة (من سعى الى نقض ما تم من جهته فسعيه مردود عليه) المعروفتان في الفقه الاسلامي.

كما عالج القانون العراقي حالة اعسار المحيل قبل اداء الدين من المحال عليه. فقرر عدم مزاحمة بقية الغرماء ان وجدوا للمحال له([46])وحسنا فعل المشرع العراقي في ذلك ، وذلك لتعلق حق المحال له بالدين ، أو العين بمجرد انعقاد الحوالة. وبذلك يكون الدور الذي  تؤديه حوالة الدين المقيدة في هذا الجانب اشبه بالدور الذي يؤديه الرهن في ضمان حق الدائن المرتهن([47]).

وفي هذا الصدد تنبغي الاشارة الى ان المادة (351) من القانون المدني العراقي ساوت بين المحال له (الدائن) وبقية دائني المحال عليه اذا ما توفي الاخير قبل الوفاء بالدين. اذ قررت انه ((اذا مات المحال عليه مدينا يقسم ماله بين الغرماء وبين المحال له بالحصص وما بقي للمحال له بعد القسمة يرجع به على المحيل اذا كان له حق الرجوع)). في حين ان المادة (361/2) من القانون نفسه قررت للمحال له (الدائن) حق امتياز على بقية الدائنين اذا ما أعسر المحيل قبل اداء الدين من المحال عليه. فنصت على ان (( ولو اعسر المحيل قبل اداء المحال عليه الدين فليس لسائر الغرماء ان يشاركوا المحال له)). فيكون للدائن حق التقدم على بقية الغرماء ، إن وجدوا ، في استيفاء الدين.

فما المانع من اعطاء المحال له في كلتا الحالتين (وفاة المحال عليه قبل الوفاء ، وإعسار المحيل قبل وفاء المحال عليه) حق التقدم على بقية الدائنين في استيفاء الدين من دون مزاحمتهم له ؟ لذلك ندعو المشرع العراقي الى تعديل نص المادة (351) من القانون المدني بما ينسجم مع حكم المادة (361/2) منه المقتبسة من الفقه الاسلامي.

خاتمة

وهكذا تكون دراستنا لأحكام حوالة الدين في القانون العراقي قد انتهت ، ولم يتبق منها سوى النتائج ، والمقترحات ندرجها بالاتي:

أولاـ النتائج:

  توصلنا من خلال البحث في الموضوع الى النتائج الاتية:

ان المشرع العراقي في القانون المدني تأثر بالفقهين الاسلامي ، والغربي في تنظيم حوالة الدين. ولكنه كان أقرب الى الفقه الاسلامي في معالجة الكثير من مسائل الحوالة التي تعد وسيلة من وسائل انتقال الالتزام من مدين الى اخر.

يجوز للمحال عليه الوفاء بالدين للمحال له بأي مال من الاموال من دون ان يلزمه المحيل بالوفاء من الدين نفسه الذي بذمته ، أو العين نفسها التي تحت يده اذا كانت الحوالة مطلقة. وينتقل الدين فيها من المدين الاصلي الى المدين الجديد بصفته ، وضماناته ، ودفوعه. ولا يجوز للمحال عليه ذلك في الحوالة المقيدة. فإذا تعلق الدين بالمال ، أو العين التي للمحيل في ذمة المحال عليه فيلزم الاخير بالوفاء للمحال له من الدين المحدد من المحيل ، أو العين نفسها من دون ان يتعدى ذلك امواله الاخرى.

ان حوالة الدين لا تنفذ بحق الدائن اذا انعقدت بين المدين الاصلي والمحال عليه ما لم يقرها صراحة أو ضمنا. اي انها تنعقد موقوفة على موافقة الدائن.

لا يستطيع المحال عليه الرجوع على المدين الاصلي اذا ما تبرع الاول بوفاء الدين الى المحال له عند عدم موافقة المدين الاصلي على الحوالة. فإذا اقرها ولم يسدد ما بذمته الى المحال عليه فيجوز للأخير الرجوع عليه بدعوى الاثراء بلا سبب,

اذا توفي المحال عليه قبل وفاء الدين فيتساوى المحال له مع بقية دائني المحال عليه المتوفى من دون ان يتقدم عليهم في استيفاء الدين. أما اذا اعسر المحيل قبل الوفاء فللدائن حق التقدم على بقية الغرماء في استيفاء الدين.

ثانياـ المقترحات:

من خلال دراستنا للموضوع نقترح ما يأتي:

يفضل ان ينص المشرع العراقي في القانون المدني على حكم حوالة الدين عند وفاة المحيل قبل اداء الدين الى الدائن لأهميته في الواقع العملي. خصوصا ان المشرع قد عالج موضوع حوالة الدين من جميع جوانبها.

ندعو المشرع العراقي في القانون المدني الى تعديل نص المادة (351) منه بإعطاء الدائن حق التقدم على بقية الدائنين في استيفاء دينه اذا ما توفي المحال عليه قبل اداء الدين ، وذلك انسجام مع نص المادة (361/2) من القانون المدني التي جعلت للدائن حق التقدم على جميع الدائنين في استيفاء الدين اذا ما أعسر المحيل قبل اداء الدين للدائن.


[1] يميز القانون المدني العراقي بين نوعين للحوالة المدنية. فهنالك حوالة الحق التي ينتقل الحق فيها من الطرف الموجب ، أي من الدائن الاول الى دائن اخر يحل محله ، مع بقاء طبيعة الالتزام ، ونطاقه ، وصفاته ، وتأميناته كما هي. ينظر في احكام حوالة الحق المواد (362ـ 374) من القانون المدني العراقي رقم (40) لسنة 1951 النافذ. وهنالك حوالة الدين ، مدار موضوع بحثنا ، التي ينتقل الالتزام فيها من الطرف السالب ، أي من المدين الاول الى مدين اخر يحل محله ، مع بقاء محل الالتزام نفسه . ينظر في احكام حوالة الدين المواد (339ـ 361) من القانون المدني العراقي. 

[2] المادة (339/1) من القانون المدني العراقي.

[3]ينظر : د. حسن علي الذنون و د. محمد سعيد الرحو ، الوجيز في النظرية العامة للالتزام (احكام الالتزام) ، ط1، دار وائل للنشر ، 2004، ج2 ، ص253. 

[4] ينظر : د. درع حماد ، النظرية العامة للالتزامات (احكام الالتزام) ، دار السنهوري ، بيروت ، 2016 ، ج2، ص199.

[5] نصت المادة (357/1) من القانون المدني العراقي على انه ((لا يرجع المحال له بدينه على المحيل إلا اذا اشترط في الحوالة خيار الرجوع)).     

[6] المادة (339/2) من القانون المدني العراقي. وقد تأثر المشرع العراقي في القانون المدني في تقريره للنص بالفقه الاسلامي. ينظر تفاصيل ذلك : د. محمد زكي عبد البر ، الحوالة في الفقه الاسلامي ، بيروت ، 1985 ، ص508.

[7] د. حسن علي الذنون و د. محمد سعيد الرحو ، المرجع السابق ، ص255.

[8] د. درع حماد ، المرجع السابق ، ص206 ، 207.

[9] المادة (339/3) من القانون المدني العراقي.

[10] د. حسن علي الذنون و د. محمد سعيد الرحو ، المرجع السابق ، ص255.

[11] وقد اشار المشرع العراقي الى تلك الاحكام ، فنص في المادة (353) من القانون المدني على ان ((1ـ اذا سقط الدين الذي قيدت به الحوالة بأمر عارض بعدها فلا تبطل الحوالة. فلو احال البائع غريمه على المشتري بثمن البيع فهلك المبيع عند البائع قبل تسليمه للمشتري وسقط الثمن عنه ، أو رد المبيع بخيار عيب أو غيره فلا تبطل الحوالة ويكون للمحال عليه بعد الاداء الرجوع بما أداه. 2ـ اما اذا سقط الدين الذي قيدت به الحوالة بأمر سابق عليها وتبينت براءة المحال عليه منه فإن الحوالة تبطل. فلو احال البائع غريمه على المشتري بثمن المبيع ثم استحق المبيع للغير بطلت الحوالة وعاد الدين على المحيل)).

[12] واشارت الى ذلك المادة (354) من القانون المدني بالنص على انه ((في كل موضع ورد فيه استحقاق المبيع الذي احيل بثمنه اذا ادى المحال عليه الثمن كان له الخيار في الرجوع إن شاء رجع على المحال له القابض ، وإن شاء رجع على المحيل)). 

[13] فقد نصت المادة (352) من القانون المدني العراقي على ان ((اذا اشترط المحيل في الحوالة ان يبيع المحال عليه عينا مملوكة للمحيل ويؤدي الدين المحال به من ثمنها وقبل المحال عليه الحوالة بهذا الشرط صحت الحوالة ولا يجبر المحال= =عليه على الدفع قبل البيع ، ويجبر على البيع وتأدية الدين من الثمن)).

[14] والى ذلك اشارت المادة (355) من القانون المدني فنصت على انه ((1ـ اذا احال المدين غريمه على الوديع حوالة مقيدة بالعين المودعة عنده فهلكت الوديعة قبل ادائها للمحال له بلا تعد من الوديع بطلت الحوالة وعاد الدين على المحيل. واستحقاق الوديعة للغير مبطل للحوالة كهلاكها. 2ـ فإن كان هلاك الوديعة بتقصير الوديع أو تعديه فلا تبطل الحوالة)). وقد تأثر المشرع العراقي في تقرير تلك الاحكام بالفقه الاسلامي. ينظر تفاصيل ذلك : فتح القدير ، لإبن همام (861هـ ) ، ط1 ، المطبعة الاميرية ، 1316هـ ، ص450.   

[15] والى ذلك اشارت المادة (356) من القانون المدني فنصت على انه ((1ـ اذا احال المدين غريمه على الغاصب حوالة مقيدة بالعين المغصوبة فهلكت العين في يد الغاصب قبل ادائها للمحال له فلا تبطل الحوالة. 2ـ فإن استحقت العين المغصوبة للغير بطلت الحوالة وعاد المحال له بحقه على المحيل)). ينظر : د. درع حماد ، المرجع السابق ، ص208. وفي الفقه الاسلامي ينظر : فتح القدير ، لإبن همام (المرجع السابق) ، ص450.

[16] فقد نصت المادة (342) من القانون المدني العراقي على ان ((يشترط لصحة الحوالة ان يكون المحيل مدينا للمحال له وإلا فهي وكالة)). ونصت المادة (343) منه على ان ((كل دين تصح الكفالة به ، تصح به الحوالة ، بشرط ان يكون معلوما)).

[17] د. درع حماد ، المرجع السابق ، ص200.

[18] المادة (340/1) من القانون المدني.

[19] ينظر : د. عبد المجيد الحكيم و د. عبد الباقي البكري و د. محمد طه البشير ، القانون المدني وأحكام الالتزام ، ط4 ، العاتك لصناعة الكتاب ، القاهرة ، 2010 ، ج2 ، ص225.

[20] وقد اجازت المادة (345) من القانون المدني العراقي للأب أو الوصي قبول الحوالة على الغير اذا كانت تصب في مصلحة الصغير ، فنصت على ان ((قبول الأب أو الوصي الحوالة على الغير جائز إن كان فيه خير للصغير بأن يكون المحال عليه أملأ من المحيل ، وغير جائز إن كان مقاربا أو مساويا له في اليسار)).  

[21] ينظر في ذلك : د. عبد الرزاق السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني (نظرية الالتزام بوجه عام) ، منشأة المعارف ، الاسكندرية ، 2004 ، ج3 ، ص435. وكذلك : د. توفيق حسن فرج و د. مصطفى الجمال ، مصادر وأحكام الالتزام ، منشورات الحلبي الحقوقية ، بيروت ، 2009 ، ص268. وقد قضت محكمة التمييز الاتحادية بذلك بالقرار (714/ 96 في 27/ 5/ 1997). اشار له د. حسن علي الذنون و د. محمد سعيد الرحو ، المرجع السابق ، هامش ص256.

[22] ينظر في ذلك : د. مصطفى احمد ابو عمرو ، موجز احكام الالتزام ، ط1 ، منشورات الحلبي الحقوقية ، 2010، ص193. وكذلك د. حسن علي الذنون و د. محمد سعيد الرحو ، المرجع السابق ، ص256.  

[23] واشارت الى هذا الحكم المادة (240/2) من القانون المدني العراقي ، فنصت على ان ((اذا قام المحيل او المحال عليه بإبلاغ الحوالة للمحال له وحدد له اجلا معقولا لقبول الحوالة ثم انقضى الاجل دون ان يصدر القبول اعتبر سكوت المحال له رفضا للحوالة)). وتجدر الاشارة الى ان المشرع المصري في المادة (322) من القانون المدني رقم (131) لسنة 1948 جعل السكوت اقرارا للحوالة استثناء من الاصل ، وذلك في حالة بيع العقار المرهون رهنا رسميا ، فلا يستتبع انتقال الدين المضمون بالرهن الى ذمة المشتري ما لم يكن هناك اتفاق يقضي بذلك. فإذا اتفق البائع والمشتري على حوالة الدين ، وتم تسجيل عقد البيع بينهما ؛ وجب على الدائن اقرار الحوالة ، أو رفضها متى ما اعلن عنها رسميا خلال مدة لا تتجاوز الستة اشهر. فإذا انقضى الميعاد وسكت الدائن خلاله فسكوته يعد اقرارا للحوالة.  

[24] نصت المادة (683) من مجلة الاحكام العدلية الصادرة سنة 1869 على ان ((الحوالة التي اجريت بين المحيل والمحال عليه تنعقد موقوفة على قبول المحال له)). ويتشابه مع منطوق هذا الحكم ما ورد في المادة (340/1) من القانون المدني العراقي. وللمزيد من التفصيل ينظر : د. محمد زكي عبد البر ، المرجع السابق ، ص474. في حين ان المشرع المصري في المادة (317/1) من القانون المدني لم يجعل انعقاد الحوالة بين المحيل والمحال عليه موقوفا على اجازة الدائن. وجعل اثرها ينتج بين المتعاقدين من دون التوقف على قبول الدائن لها ، ما لم يوجد اتفاق يقضي بغير ذلك. ولا تأثير لقبوله من عدمه سوى نفاذها تجاه الغير من عدمه.   

[25] المادة (344) من القانون المدني.

[26] د. توفيق حسن فرج و د. مصطفى الجمال ، المرجع السابق ، ص565.

[27] المادة (341) من القانون المدني.

[28] د. درع حماد ، المرجع السابق ، ص203. 

[29] قضت محكمة التمييز الاتحادية في قرار لها رقم (964ص ـ 1956) في 22/5/1956 بأحقية رجوع المحال عليه بمبلغ الحوالة على المحيل اذا ما ادى الاول الدين للمحال له. ينظر : عبد الرحمن العلام ، المباديء القضائية ، مطبعة العاني ، بغداد ، 1957 ، ص178. 

[30] ينظر : د. مصطفى الجمال و د. رمضان محمد ابو السعود و د. نبيل ابراهيم سعد ، مصادر وأحكام الالتزام ، ط1 ، منشورات الحلبي الحقوقية ، 2006 ، ص523. وقد اشارت المادة (239) من القانون المدني الى انه ((اذا قضى احد دين= =غيره بلا امره سقط الدين عن المدين سواء قبل أو لم يقبل. ويعتبر الدافع متبرعا لا رجوع له على المدين بشيء مما دفعه بلا امره إلا اذا تبين من الظروف ان للدافع مصلحة في دفع الدين او انه لم يكن عنده نية التبرع)).

[31] د. درع حماد ، المرجع السابق ، ص204.

[32] المادة (346) من القانون المدني. وفي قرار لمحكمة التمييز الاتحادية ورد فيه انه (... اذا قبل المحال له بحوالة الدين ورضي المحال عليه بها برأ المحيل من الدين والمطالبة معا ، وثبت للمحال له حق مطالبة المحال عليه استنادا الى نص المادة (346) من القانون المدني...). القرار رقم 54/ الهيأة المدنية منقول / 2012 بتأريخ 17/1/2012 

[33] المادة (347) من القانون المدني. 

[34] المادة (348) من القانون المدني.

[35] نصت المادة (362) من القانون المدني العراقي على انه ((يجوز للدائن ان يحول الى غيره ما له من حق على مدينه ... وتتم الحوالة دون حاجة الى رضاء المحال عليه)).

[36] المادة (349) من القانون المدني.

[37] المادة (350) من القانون المدني العراقي.

[38] المادة (351) من القانون المدني. 

[39] فقد نصت المادة (357) من القانون المدني العراقي على ان ((1ـ لا يرجع المحال له بدينه على المحيل إلا اذا اشترط في الحوالة خيار الرجوع أو بطلت الحوالة المقيدة بسقوط الدين أو هلاك العين واستحقاقها وفقا للأحكام السابقة.  2ـ اما مجرد تعذر استيفاء الدين من المحال عليه وتفليسه ولو بأمر المحكمة فلا يوجبان بطلان الحوالة و عود الدين على المحيل)). ويبدو ان المشرع العراقي في هذا النص قد تأثر بالفقه الاسلامي عند الجعفرية ، والمالكية. وعند الحنفية يكون للمحال له حق الرجوع على المحيل اذا توى (هلك) الدين لأي سبب كان. اشار الى ذلك : د. حسن علي الذنون و د. محمد سعيد الرحو ، المرجع السابق ، هامش ص268. وكذلك :   د. عبد المجيد الحكيم وآخرون ، المرجع السابق ، ص232. 

[40] نصت المادة (361/2) من القانون المدني على ان ((ولو اعسر المحيل قبل اداء المحال عليه الدين فليس لسائر الغرماء ان يشاركوا المحال له)).

[41] وقد اشارت الى ذلك المادة (358) من القانون المدني العراقي. فنصت على ان ((الحوالة بشرط عدم براءة المحيل كفالة عارية عن حق التجريد. وللمحال له في هذه الحالة ان يطالب أيا شاء من المحيل والمحال عليه)). ونشير الى ان حق التجريد يقصد به حق الكفيل في طلب وقف اجراءات التنفيذ على امواله حتى يتم التنفيذ على اموال المدين ، واتضاح عدم كفايتها بالوفاء بالدين.

[42] د. عبد المجيد الحكيم وآخرون ، المرجع السابق ، ص233.  

[43] وقد اشار المشرع العراقي في القانون المدني الى ذلك الحكم في المادة (360) فنص على ان ((في الحوالة المطلقة اذا كان للمحيل عند المحال عليه دين أو عين مودعة أو مغصوبة فله ان يطالب المحال عليه بعد الحوالة الى ان يؤدي المحال عليه الدين للمحال له. فإن أداه سقط ما عليه قصاصا بقدر ما أدى)). 

[44] وقد اشار المشرع العراقي في القانون المدني الى ذلك الحكم في المادة (359) فنص على ان ((اذا احال المحيل حوالة مطلقة فإن لم يكن عند المحال عليه دين أو عين مودعة أو مغصوبة يرجع المحال عليه على المحيل بعد الاداء لا قبله ويرجع بالمحال به لا بما ادى)). وللمزيد من التفصيل ينظر : د. عبد القادر الفار ، أحكام الالتزام ، ط1 ، دار الثقافة ، عمان ، 2008 ، ص220. 

[45] صت على ذلك الحكم المادة (361/1) من القانون المدني العراقي ، اذ قررت انه (( اذا كانت الحوالة مقيدة بدين للمحيل على المحال عليه أو عين مودعة أو مغصوبة فلا يملك المحيل بعد الحوالة مطالبة المحال عليه ولا المحال عليه= =الدفع للمحيل. فلو دفع له ضمن المحال له ويكون له الرجوع على المحيل)).

[46] المادة (361/2) من القانون المدني العراقي. 

[47] وهذا رأي الحنفية في الفقه الاسلامي. راجع : د. عبد المجيد الحكيم وآخرون ، المرجع السابق ، ص234. وكذلك : د. درع حماد ، المرجع السابق ، ص212.