تاريخ الاستلام 1/2/2023 تاريخ القبول 11/4/2023
حقوق الطباعة محفوظة لدى مجلة كلية القانون والعلوم السياسية في الجامعة العراقية
حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمؤلف
حقوق النشر محفوظة للناشر (كلية القانون والعلوم السياسية - الجامعة العراقية)
CC BY-NC-ND 4.0 DEED
Printing rights are reserved to the Journal of the College of Law and Political Science at Aliraqia University
Intellectual property rights are reserved to the author
Copyright reserved to the publisher (College of Law and Political Science - Aliraqia University)
Attribution – Non-Commercial – No Derives 4.0 International
For more information, please review the rights and license
DOI 10.61279/je8wzp83
الرقابة البرلمانية
على مجلس الخدمة العامة الاتحادي
Parliamentary oversight
of the Federal Public Service Council
م.م. ولاء حسين خزار
جامعة ذي قار / كلية علوم الحاسوب والرياضيات
ا.م.د اياد داود كويز
الجامعة العراقية/ كلية القانون والعلوم السياسية
Asst.Lecturer. Walaa Hussein Khazzar
College of Computer Science and Mathematics/Dhi Qar university
Assistant Professor Dr. Iyad Dawood Kweez
College of Law and political science / Iraqi University
المستخلص
يعدُ مجلسُ الخدمةِ العامةِ الاتحادي من الهيأةِ التي انشأها دستوُر جمهوريةِ العراقِ النافذ من أجل القيامِ بتنظيم شؤون الوظيفةِ العامةِ في الدولةِ ، ونظراً لما يتمتعُ به هذا المجلسُ من سلطةٍ تقديريةٍ في مسائلِ التعيينِ واعادةٍ التعيين والترقية ، لذا كان لابد من اخضاع اعماله للرقابة السياسية المتمثلة بالرقابة البرلمانية ، كي يتحقق نوع من التوازن بين مقتضياتِ المصلحةِ العامةِ من جهة وحقوق الأفراد من جهة أخرى على اعتبار أن البرلمان هو المعبر عن أرادة الشعب ، لذا فهو يراقب اعمال السلطة التنفيذية بما فيها الهيئات المستقلة والتي منها مجلس الخدمة العامة الاتحادي .
وتتنوع وسائل الرقابة البرلمانية على مجلس الخدمة العامة الاتحادي بين وسائل اوردتْها النصوصُ الدستوريةُ وأخرى اوردتْها النصوصُ القانونيةُ متمثلاً بالسؤال والتحقيق فضلاً عن الاستجواب .
Abstract
The Federal Public Service Council is one of the bodies established by the constitution of the Republic of Iraq in force in order to organize the affairs of the public office in the state, and given the discretion that this council enjoys in matters of appointment, reappointment and promotion, so it was necessary to subject its work to political oversight represented by parliamentary oversight In order to achieve a kind of balance between the requirements of the public interest on the one hand, and the rights of individuals on the other hand, given that Parliament is the expression of the will of the people, so it monitors the work of the executive authority, including independent bodies, including the Federal Public Service Council.
The means of parliamentary oversight on the Federal Public Service Council vary between the means mentioned in the constitutional texts
And others mentioned in the legal texts represented by the question and the investigation as well as the interrogation.
المقدمة
إَنَ وجودَ جهازٍ تنظيمي واداري ينظُم العمل الاداري في الدولةِ، ويهدفُ الى تحقيقِ سيرِ المرافقِ العامةِ بانتظامِ واطرادِ من اجل حماية مبدأ المشروعية والمصلحةِ العامةِ متمثلاً بمجلس الخدمة العامة الاتحادي, ضروري لتطويرِ الجهاز الاداري في الدولةِ ، فضلاً عن تنظيمِ شؤونِ الوظيفةِ العامةِ.
اهميه البحث
تنبثقُ اهميةُ البحث من الدورِ الذي يضطلعُ به مجلسُ الخدمةِ العامةِ الاتحادي في مجالِ تنظيمِ شؤونِ الوظيفةِ العامةِ في الدولةِ وما يتمتعُ به هذا ألاخيرُ من سلطةٍ تقديريةٍ في مسألةِ التعيينِ واعادةِ التعيينِ والترقيةِ، اذ كان من الضروري توفيرُ ضماناتٍ اضافية للرقابة القضائية من أجل المحافظة على حقوق الأفراد من التعسفِ في استخدام هذه السلطة التي قد ينحرفُ فيها عن تحقيقِ المصلحةِ العامةِ متمثلةً بالرقابة البرلمانيةِ على مجلسِ الخدمةِ العامةِ الاتحادي.
اشكالية البحث
تتجلى اشكاليةُ البحث في أنهُ يحاولُ الإجابة عن جملةِ من التساؤلاتِ والتي تتلخصُ بالآتي:
ما مدى فاعلية الرقابة التي يمارسُها مجلسُ النوابِ على مجلسِ الخدمةِ العامةِ الاتحادي؟
ما هي اوجهُ هذا النوع من الرقابة؟
ما هو الاساسُ الدستوري والقانوني الذي تستندُ إليه الرقابةُ التي يقومُ بها مجلسُ النوابِ على رئيس واعضاء مجلس الخدمة العامة الاتحادي؟ وما هو الاثرُ المترتبُ عليها؟
منهجية البحث
يعتمد البحثُ على المنهجِ التحليلي الموضوعي الذي يرمي إلى تحليلِ النصوص الدستوريةِ والقانونيةِ التي صدرتْ بحقَ مجلسِ الخدمةِ العامةِ الاتحادي مدعوماً بقراراتٍ قضائيةٍ اينما وجدتْ استكمالا للفائدةِ.
خطة البحث
تبعاً لِما تقتضه طبيعةُ البحثِ ارتأينا تقسيمهُ إلى مبحثين ، نخصصُ المبحث الأولِ للتنظيم الدستوري والقانوني للرقابةِ البرلمانيةِ على مجلسِ الخدمةِ العامةِ الاتحادي ، والذي يتضمنُ معنى الرقابةِ البرلمانيةِ واساسها الدستوري والقانوني فضلاً عن بيان اركانها ، ثم نعمد إلى بيان معنى مجلس الخدمة العامة الاتحادي واختصاصاتهِ ، في حين سنتناولُ في المبحثِ الثاني التنظيمَ القانوني للرقابةِ الاداريةِ على مجلسِ الخدمةِ العامةِ الاتحادي والذي يتضمنُ الدور الرقابي لمجلس النوابِ على تعيينِ واعفاءِ رئيسِ واعضاء مجلس الخدمة العامة الاتحادي ، فضلاً عن الوسائل المباشرة وغير المباشرة للرقابة .
المطلب الأول
مفهوم الرقابة البرلمانية على مجلس الخدمة العامة الاتحادي
من أجلِ الوقوف على مفهوم الرقابة البرلمانية على مجلس الخدمة العامة الاتحادي سنحاولُ توضيحَ معنى هذا النوعِ من الرقابة بشيء من التفصيلِ ابتداءً، ثم نبين المقصود بمجلسِ الخدمةِ العامةِ الاتحادي من خلال الفرعين الآتيين..
الفرع الأول : معنى الرقابة البرلمانية
يمكن تعريف الرقابة البرلمانية بأنها : (تلك الرقابة التي تمارسُها المجالسُ النيابيةُ على اعمالِ السلطةِ التنفيذيةِ في ظل النظامِ البرلماني ) [1] كما أنها : تقصي الحقائقَ عن اعمالِ الحكومةِ ، للكشفِ عن عدمِ التنفيذِ السليمِ للقواعدِ العامةِ في الدولة ، وتحديد المقصرِ ومسائلته[2].
أو هي قيامُ المجالسِ النيابيةِ بمراجعةِ اعمال السلطة التنفيذية بغية الوقوف على مدى مطابقة تلك الاعمال لأحكام الدستور والكشف عن الاخطاء التي يعتري تنفيذها عبر وسيلة رقابيةٍ منظمةٍ ومحاسبة المقصرين فيها[3].
ولكن السؤال الذي يثار هنا هل أَنَ معنى السلطةِ التنفيذيةِ يشمل الهيئاتِ المستقلةِ أم لا ؟
لو نظْرنا الى دستورِ جمهوريةِ العراقِ لسنةِ 2005 لوجْدنا أَنَه اُورَدَ الهيئاتِ المستقلةِ في الفصلِ الرابع ضمن الباب الثالث الخاص بالسلطات الاتحادي ، ولكن ليس باعتبارها سلطة رابعة وذلك بدلالة نص المادة 47 من الدستور والتي حددتْ السلطاتِ الاتحاديةِ متمثلة بالسلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية دون ذكر الهيئات المستقلة حينَ نص على أن:( تتكونُ السلطاتُ الاتحاديةُ من السلطاتِ التشريعيةِ والتنفيذيةِ والقضائيةِ...) ، والمعروف أنه الهيئاتِ المستقلةِ هي جزء من أحدى السلطات في الدولة ومرجعتيها تلُزم أَنْ تُحدد طبيعةُ المهام التي تقومُ بها على وفقِ قانونها الذي يتولى تحديد تلك المهام ، ولذلك ينبغي أن تكون لها مرجعيهٌ ترتبطُ بها أو تشرفُ عليها ولا يمكنها أن تسيرَ اموُرها بعيداً عنها[4]، فالدستور نص على ارتباط كل منْ ديوان الرقابة المالية وهيئة الاعلام والاتصالات[5] والهيئة الوطنية العليا لاجتثاث البعث[6]بمجلس النواب وجعل هذا الاخير هو المرجعُ لها مع تمتعها بالاستقلال المالي والاداري ، كما نصَ صراحةً على ارتباط ديواني الاوقاف[7] ومؤسسة الشهداء بمجلس الوزراء[8] تتبنى هذه المرجعيةُ مهمة رسمِ السياسةِ العامةِ للهيئةِ دون ان يكون لها حق التدخل في قراراتها واجراءاتها وشؤونها المهنية.
وبالمقابل هنالك هيئات لم ينصْ الدستوُر على مرجعتيها والتي منها مجلسُ الخدمةِ العامةِ الاتحادي هل أن مرجعتيها تكون لمجلس النواب أم لمجلس الوزراء ؟
إِنَ المحكمةَ الاتحادية العليا العراقية كانتْ قد حسمتْ الجدلَ بشأنِ مرجعيةِ مجلسِ الخدمةِ العامةِ الاتحادي والهيئاتِ المستقلةِ الأخرى التي لم يحددْ الدستور مرجعتيها حين اشارتْ في أحدِ قراراتها[9] إلى أن مرجعيةُ هذه الهيئات تكون لمجلس الوزراء ويكون لمجلس النواب حق الرقابة على اعمالها ونشاطاتها وتكون هي مسؤولة امامه شأنها في ذلك شأن أيه وزارة أو جهة تنفيذية غير مرتبطة بوزارة، ولعلة توجه المحكمة الاتحادية العليا إلى ضرورةً ارتباط مجلس الخدمة العامة الاتحادي بمجلس الوزراء يمكن تبريره في أن وجود مرجعية للهياة المستقلة والتي منها مجلس الخدمة العامة الاتحادي هو ما يقتضيه حسن سير العمل فيها وتأمين الرقابة على ادائها ، الامر الذي يستلزم ضرورة أن تكون لها مرجعية ترتبط بها أو تشرف عليها ولا يمكن أن تسير بدونها هذا من جانب ، ومن جانب أخر فان قيام مجلس الخدمة العامة الاتحادي بأداء مهام يغلب عليها الطابع التنفيذي يحتم أن يرتبط هذا المجلس بمجلس الوزراء دون غيره ؛ نظراً لاشتراكهما في تنفيذ السياسة العامة للدولة طبقاً للنص المادة (80/ أولاً ) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 النافذ .
ولما تقدم يمكُننا أَن نستخلصَ أركانَ الرقابةِ البرلمانيةِ على مجلسِ الخدمةِ العامةِ الاتحادي والتي تتمثلُ بمجموعتين من الاركانِ اولُهما الاركانُ الشكليةُ وثانيهما الاركانُ الموضوعيةُ كما سنورده في التفصيلِ الآتي:
أولاً : الاركانُ الشكليةُ
من حيث جهة الرقابة: منح دستوُر جمهوريةِ العراقِ لسنةِ 2005 الرقابةَ البرلمانيةَ على الهيئاتِ المستقلةِ بيدِ مجلسِ النوابِ بموجبِ المادةِ (61 /ثامنا /ه ) والتي نصَتْ على (لمجلس النوابِ حق استجواب مسؤولي الهيئات المستقلة وفقاً للإجراءاتِ المتعلقةِ بالوزراءِ وله اعفائهم بالأغلبية المطلقة)
ثم عرج في المادة 107 منه الى بيان تكوين الهيئة اذ نص على أن: ( يؤسسُ مجلسٌ يسمى مجلسُ الخدمةِ العامةِ الاتحادي يتولى تنظيم شؤون الوظيفة العامة الاتحادية بما فيها التعيين والترقية وينظمُ تكوينه واختصاصاته بقانون ) ، وتحقيقاً لذلك شرع مجلسُ النوابِ قانونَ مجلسِ الخدمةِ العامةِ الاتحادي رقم 4 لسنة 2009 والذي اشار فيه الى ارتباط هذه الهيئة بمجلس النواب[10]
ومن خلال المعنى المتقدم يتضحُ لنا عدمُ امكانية تصور ممارسة الرقابة من قبل الجناح الثاني للسلطة التشريعية المتمثل بمجلس الاتحاد.
من حيث اجراءات الرقابة: اشترط دستور العراق النافذ أن تكون اجراءات هذه الرقابة هي ذات الاجراءات المتبعة في مسائلة الوزراء[11].
ويتكون مجلس الخدمة العامة الاتحادي من رئيس ونائب للرئيس وسبعة اعضاء متفرغين ممن يحمل شهادةً جامعيةً اوليةً على الاقل على أن يكون اثنان منهم من القانون واثنان منهم من الادارة والاقتصاد وواحد في كل من الطب والهندسةِ والزراعةِ[12] والذي يتولى مهمة تنظيمِ شؤونِ الوظيفةِ العامةِ الاتحاديةِ.
ثانياً: الاركان الموضوعية
التقدير: رخصة منحها الدستور للمجالس النيابية لكي تقوم بتوقيع العقاب على المخالفين لأحكام القانون من خلال ما تملكه من سلطة.
عنصر المطابقة: هي عملية التحقق من مدى مطابقة اعمال السلطة التنفيذية لأحكام القانون، ومن خلالها يقوم عضو مجلس النواب بالتحقق من مدى مطابقة اعمال السلطة التنفيذية بما في ذلك الهيئات المستقلة كمجلس الخدمة العامة لاتحادي لأحكام الدستور.
الجزاء: هو الاثرُ القانوني المترتبُ على المخالفِ لأحكامِ القانونِ والمتمثل بإعفاء رؤساء الهيئات المستقلة من مناصبهم وكما سنوضحهُ بشيء من التفصيل في موضعٍ قادمٍ من الدراسة .
الفرع الثاني : معنى مجلس الخدمة العامة الاتحادي واختصاصاته
من خلال الاستقراء قانونُ مجلسِ الخدمةِ العامةِ الاتحادي وقوانينُ الهيئات المستقلة في العراق ، بل حتى التشريعات المقارنة نجد أن القاعدة العامة تتمثل بغياب التعريف التشريعي للهيئات المستقلة والسبب في ذلك هو ان المشرع العادي غالبا ما يترك مهمة التعاريف إلى الفقه والقضاء ولكن لو نظرنا الى الدستور العراقي النافذ لوجْدنا أَنه اكتفى بأدراج وصف الهيئات المستقلة بموجب المادة (102) منه والتي نصت على أنها ( هيئات مستقلة تخضع لرقابة مجلس النواب وتنظمُ اعمالها بقانون ) ، كما ذكر بأنها (هيئاتٌ مستقلةٌ مالياً وادارياً ) واوكل إلى القانون مهمةُ تنظيم كل منهم، وبما اننا قد اوضحنا سابقاً أن مجلس الخدمة العامة الاتحادي هو أحد الهيئات المستقلة فعندئذ يكون كل ما اورده الدستور بشأنها منطبقاً بالضرورة على هذا المجلس وبالرجوع إلى قانون مجلس الخدمة العامة الاتحاد رقم 4 لسنه 2009 نجده يشير في المادة (2) منه إلى أن( يؤسسَ مجلسَ يسمى مجلسُ الخدمةِ العامةِ الاتحادي يرتبط بمجلس النواب ويتمتعُ بالشخصيةِ المعنوية والاستقلال المالي والاداري ويمثلُه رئيسُه أو مَنْ يخولهُ).
وبالعودة إلى بحثنا عن تعريف لمجلس الخدمة العامة الاتحادي نجد أن الفقه اختلف في تعريف الهيئات المستقلة بشكل عام، فمنهم من اعتمد في تعريفه على المعيار الشكلي ، ومنهم من عرفه على اساس المعيار الموضوعي ، اذ عرفت بأنها : هيئاتٌ يتم انشائها بقانون وتمنحُ الشخصية المعنوية والاستقلال الحقيقي في تصريف شؤونها المالية والإدارية ويحدد نظامها بحيث فلا تستطيع السلطة التنفيذية ان تعدل هذا النظام بإرادتها المنفردة[13]، وأيضاً هي : اجهزةٌ تخضعُ لتنظيمٍ معينٍ وتوجد ضمن مؤسسات الدولة تتمتع بمجموعةٍ من الصلاحياتِ والامتيازاتِ التي يتيحُ لها إتخاذَ القراراتِ وهذا ما جعل منها سلطاتٍ مستقلةٍ[14].
وازاء عدم شمولية هذه التعريفات وعدم دقتها يمكُننا تعريفِ مجلسِ الخدمةِ العامةِ الاتحادي وفقاً للمعيارينِ الشكلي والموضوعي بأنه: جهازٌ اداري مشكلٌ وفقاً للقانونِ يتمتعُ بالشخصيةِ المعنويةِ والاستقلالِ المالي والاداري يقومُ بمجموعةٍ من الأعمالِ والأنشطةِ من أجلِ تنظيمِ شؤونِ الوظيفةِ العامةِ في الدولة.
ومن خلال التعريف أعلاه يمكُننا أن نستخلصِ مجموعة خصائص لمجلس الخدمة العامة الاتحادي تتمثلُ بالآتي:
جهازٌ اداري مستقلٌ
يتمتعُ بالشخصيةِ المعنويةِ
يتمتعُ بالاستقلالِ المالي والاداري
يتولى مهمة تنظيم شؤونِ الوظيفةِ العامةِ في الدولةِ
جهازٌ يُشكلُ وفقاً للقانونِ
أما اختصاصات مجلس الخدمة العامة الاتحادي فقد اشار اليها قانون مجلس الخدمة العامة الاتحادي رقم 4 لسنة 2009 بموجب المادة (9) منه التي اشارَتْ إلى أَن المجلس يتولى مجموعة من المهامِ تتمثلُ بما يأتي:
يتولى تنفيذ قانون الخدمة العامة الاتحادية وكل القوانين المتعلقة بالوظيفة العامة .
التعينُ واعادةُ التعيينِ والترقيةُ في الوظيفةِ العامةِ وفقَ معاييرِ الكفاءةِ والمهنيةِ .
تخطيطُ ورسمُ سياساتِ الخدمةِ العامةِ وتحديد وسائل تنفيذها .
اقتراحُ مشروعاتِ القوانينِ والأنظمةِ المتعلقةِ بالوظيفةِ العامةِ وابداء الرأي فيها بالتنسيقِ مع وزارةِ الماليةِ.
اعدادُ الهيكلَ المتعلقَ بالوظيفةِ العامةِ لكل الوزاراتِ والجهاتِ غيرِ المرتبطةِ بوزارةِ والمؤسساتِ التي فيها وظيفةٍ عامةٍ .
اعطاء وصفاً للوظائفِ العامةِ وشروطَ اشغالها بالتنسيقِ مع الجهاتِ المختصةِ .
رسمُ سياسيةِ التدريبِ والتأهيلِ في معهدِ الوظيفةِ العامةِ اثناء الخدمة من خلال مدراس التطوير الوظيفي بالتعاون مع الجهات المختصة .
يتولى عملية وضع الضوابط الكفيلة لتحقيق التوازن بين عددِ الموظفينَ والخدماتِ المقدمةِ، فضلاً عن اجراءِ دراساتٍ لتطويرِ الوظيفةِ العامةِ[15].
المطلب الثاني
وسائل الرقابة البرلمانية على مجلس الخدمة العامة الاتحادي
تعدد وسائل الرقابة البرلمانية على مجلس الخدمة العامة الاتحادي بين وسائل اوردتْها النصوصُ الدستوريةُ وأخرى اوردتْها النصوصُ القانونيةُ، وعليه سوف نتناولُهما في فرعين مستقلين.
الفرع الأول : الوسائل الرقابية بموجب النصوص الدستورية
يقعُ على عاتقِ رئيسِ مجلسِ الخدمةِ العامةِ الاتحادي مسؤوليةً تتمثلُ بواجبِ تأديةِ السلطةِ التي اعطاها له القانونُ في ميدانِ عملهِ، اذ أن الاخلالِ بهذه المهمة سيعرضهُ للمسائلةِ القانونيةِ ، بمعنى آخر أن الدستور العراقي النافذ اشترط انْ يكونَ الاستجوابُ هو الطريق الوحيد لإعفاء رئيس مجلس الخدمة العامة الاتحادي وبالتالي لا يمكنُ تصور صدور اعفائه ما لم تتمْ اجراء عملية الاستجواب قبل ذلك، ويتم استجواب رئيس مجلس الخدمة العامة الاتحادي من خلال طلب يقدمه احد النواب وموافقة خمسةٌ وعشرين عضوا توجهُ فيه اسئلةً إلى رئيسِ مجلس الخدمة العامة لاتحادي تدخل ضمن اختصاصه وتكون الإجابة عليها شفاها أو كتابة والغرض من هذه المهمة الاستفهامُ عن امرٍ لا يعلمُهُ النائب أو التحقيق في حصول واقعةً ما وصل علمه اليها أو الوقوف على ما يعتري عمله في امرٍ من الامور وللسائل وحدهٍ حق التعقيب على اجابة رئيس مجلس الخدمة العامة الاتحادي[16].
والاستجوابُ هو اتهامُ ومحاسبةُ رئيسِ الهيئةِ نتيجةً لتجاوزهِ ومخالفتهٍ واحكامُ القانونِ والتي ادتْ في نهايةِ المطافِ إلى اعفائهِ من منصبهِ[17]
وفي حالةِ توافرُ الشروطِ اعلاه فأن عمليةَ الاستجوابِ لا تجري إلا بعدَ سبعةِ أيامٍ من تقديمِ طلبِ الاستجوابِ اذ يقومُ رئيسُ مجلسِ النوابِ بتبليغِ رئيسِ مجلسِ الخدمةِ العامةِ الاتحادي كتابةً وبعد أنْ يقومَ بعمليةِ تدقيقِ طلبِ الاستجوابِ لغرض التأكد من استيفائه الشروط الدستورية والقانونية التي اشرنا اليها في ثنايا البحث وفي الجلسة المحددة للاستجواب يمكنُ لجميع اعضاء مجلس النواب الاشتراك في المناقشة فاذا انتهتْ المناقشةُ باقتناعِ اعضاءِ المجلسِ بأجوبةٍ المستجوبِ تعدُ المسألةُ منتهيةٌ، وبخلافه يجوزُ لأعضاء المجلس اعفاء رئيسِ مجلسِ الخدمةِ العامةِ الاتحادي بالأغلبية المطلقة[18].
أما عن الاثر المترتب على عملية الاستجواب فهو يختلف تماماً عن اثر الاستجواب على الحكومة وذلك لأن الأول لا يؤدي الى سحبِ الثقةِ كما هو الحال في الاستجواب الثاني وأما يؤدي إلى الاعفاء وهذا ما اشارت اليه المحكمة الاتحادية العليا في احد قراراتها حيث اكدت على أن (تمنح الثقة من مجلس النواب للحكومة عن طريق منحها لكل وزير بصورة منفرده وللمنهاج الوزاري بالأغلبية المطلقة وبالتالي فان مجلس النواب يمتلكُ الصلاحية الدستورية لسحب تلك الثقة من الوزير ، أما رؤساءُ الهيئات المستقلة فانه على الرغم من أَن آلية استجوابهم تكونُ بذات الآليةِ التي يتم فيها استجواب الوزير إلا أن مجلس النواب يمتلكُ صلاحيةَ اعفاؤهم بالأغلبية المطلقة وفقاً لما جاء في نص المادة (61 /ثانيا /ه) والتي جاء في الشق الاخير فيها (وله اعفائهم بالأغلبية المطلقة) ولا يملكُ صلاحية سحب الثقة عنهم حيث أن سحبِ الثقةِ شيءٌ ومفهومُ الإعفاءِ شيءٌ آخرٌ... فأن تلك الصلاحية مصدرها الدستوري نص المادة المذكورة آنفاً وأن غيرهُ يجب أنْ لا يقاسَ عليهِ ، وأَن ذلك لا يسري بالنسبة للدرجاتِ الوظيفيةِ التي تحتاجُ إلى موافقةِ مجلسِ النواب للتعيين...)[19].
اذ يعرفُ بعضُ الفقه الاعفاء بأنهُ : انهاءُ تكليفِ شاغلي المناصبِ العليا من ممارسةِ المهامِ المناطِ بهم التي كانوا يشغلونها بأمرٍ صادرٍ من جهةٍ إداريةٍ وبناء على الشروط القانونية التي يتطلبُها القانونُ ، ولا يعني ذلك إنهاء خدمتهم في الوظيفة العامة[20].
أما اعضاء مجلس الخدمة العامة الاتحادي فلا يخضعون لعملية الاستجواب لان الاستجواب يقتصر على رؤساء الهيئات فقط وهذا ما اشار إليه الدستور العراقي النافذ[21].
ومن مصاديق هذا النوع من الرقابة قرار مجلس النواب بعدم القناعة بأجوبة رئيس هيئة الاعلام والاتصالات وعلى اثرها صوت المجلس بالإعفاء[22].
الفرع الثاني : الوسائل الرقابية بموجب النصوص القانونية
تضافُ إلى الوسيلةِ الدستوريةِ المتمثلةِ باستجوابِ رئيسِ مجلسِ الخدمةِ العامةِ الاتحادي وسيلتينِ تضمنَها قانونُ مجلسِ النواب وتشكيلاتهِ رقم 13 لسنه 2018 والتي تتمثلُ بالسؤالِ ، والتحقيق اضافةً إلى وسيلة الاستجواب التي اشْرنا اليها سابقاً، والسؤال يعد الوسيلة الأولى لمباشرة الوظيفة الرقابية على اعمال رئيس مجلس الخدمة العامة الاتحادي من قبل اعضاء مجلس النواب، وذلك لإمكان القيام به من قبل اي عضو من اعضاء مجلس النواب، إذ أن السؤال هو مجرد استفهام العضو عن امر لا يعلمُهُ أو وجودُ رغبةِ لديه في التأكد من حصول واقعةٍ ما علم بها ويعرف السؤال بأنه : حق مقرر لكل عضو من اعضاء مجلس النواب يستطيعُ ان يوجه الى رئيسِ مجلسِ الخدمةِ العامةِ الاتحادي في شأنٍ يدخلُ في اختصاصِ هذا الاخير، وذلك للاستفهام عن امرٍ لا يعلمُه العضو أو التحقق من حصول واقعة علم بها أو للوقوف على دفوع من وجه إليه السؤال في امرٍ من الأمور[23].
أما الوسيلةُ الرقابيةُ الأُخرى التي يمارسُها مجلسُ النوابُ العراقي على رئيسِ مجلسِ الخدمةِ العامةِ الاتحادي والتي تتمثلُ بالتحقيقِ وهي وسيلةٌ يتوصلُ بها البرلمان الى ما يريد معرفته من حقائقٍ نظرا لعدم قناعته في صحه ما قدمه رئيسُ الهيئة من معلوماتٍ وبياناتٍ اذ يلجأ البرلمانُ إلى اتخاذِ هذه الوسيلةُ لكي يقفَ على الحقيقةِ.
ولكن السؤال الذي يثارُ هنا هل أن اعضاءَ مجلسِ الخدمةِ العامةِ يُخضَعونَ لهذا النوعِ من الرقابةِ شأنُهم في ذلك شأنُ رئيسِ المجلسِ؟
إن هذا النوعَ من الرقابةِ فرضهُ الدستور العراقي النافذ على رئيس المجلس فقط دون أنْ يخضعَ اعضاء المجلس لهذا النوع من الرقابة.
المبحث الثاني
التنظيم القانوني للرقابة الإدارية على مجلس الخدمة العامة الاتحادي
من وسائلِ الرقابةِ التي يمارسُها مجلسُ النوابُ العراقي على مجلسِ الخدمةِ العامةِ الاتحادي هي مسألةِ تعيينِ رئيس المجلس ونائبه واعضائه واقالتهم من خلال توافر الشروط اللازمة التي يوليهم تلك المناصب فضلاً عن دوره في مراقبة انشطةِ وعملِ هذه الهيئةِ من خلال ما يرفعُ لها من تقاريرٍ تكشفُ لها مدى انجاز تلك الاعمال خلال المدة المحددة قانوناً.
المطلب الأول
الدور الرقابي لمجلس النواب
على تعيين واقالة رئيس واعضاء مجلس الخدمة العامة للاتحادي
لمجلس النواب العراقي دورٌ في تعيين رئيس واعضاء مجلس الخدمة العامة للاتحادي واعفائهم، والتي تعد من الوسائلِ الرقابيةِ الفاعلة له ؛ نظراً لما يترتبُ على ذلك من اثارٍ مهمةٍ ترتبط في بناءً هيكل الدولة .
الفرع الأول : دور مجلس النواب في تعيين رئيس واعضاء مجلس الخدمة العامة الاتحادي
إن تعيينَ رئيسِ واعضاءِ مجلسِ الخدمةِ العامةِ الاتحادي يتم بتوصيةٍ من مجلسِ الوزراءِ ومصادقةِ مجلسِ النوابِ العراقي وهذا ما نص عليه الدستور العراقي النافذ بموجب المادة( 80 /خامساً) منه والتي اشارت إلى أنه (يمارسُ مجلسُ الوزراء الصلاحيات التاليةِ: أولاً... خامساً: التوصيةُ إلى مجلسِ النوابِ بالموافقةِ على تعيينِ وكلاءِ الوزاراتِ والسفراءِ واصحابِ الدرجاتِ الخاصةِ...) ثم عرضهم على مجلس النواب للمصادقة عليهم إلا أن قانون مجلس الخدمة العامة الاتحادي رقم 4 لسنة 2009 اغفلَ الأغلبيةَ الموصوفةَ لتعيين رئيس المجلس واعضائهِ ، ولكن يمكُننا اعمالَ قاعدةٍ توازي الاشكالَ لمعالجةِ ذلك الاغفال فبما أَن اعفاءَهم يتمُ الاغلبيةَ المطلقةَ فمن باب اولى ان يكونَ تعينهم بالأغلبية المطلقة أيضاً.
ومن هنا يلاحظ أن الدور الرقابي الذي يلعبُهُ مجلسِ النواب العراقي في تعيين رئيس واعضاء مجلس الخدمة العامة الاتحادي يتجسد في مهمة اختيار من يشغل منصب رئيس المجلس واعفائه واستبعاد من يراه غير مؤهل لشغل هذه المناصب .
الفرع الثاني : دور مجلس النواب في اقالة رئيس واعضاء مجلس الخدمة العامة الاتحادي
تُعتبرُ هذه الطريقةُ هي الوسيلةُ الثانيةُ للرقابة على مجلس الخدمة العامة الاتحادي من قبل مجلس النواب بناءً على اقتراح من مجلس الوزراء متى ما توافرت الحالات التي تستوجب الاقالة والتي تتمثل بعد الكفاءة أو الاستقامةِ أو الإخلالِ الجسيم بواجباتِ الوظيفةِ وهذا ما اشارتْ إليه المادة (5/ثامناً) من قانون مجلس الخدمة العامة الاتحادي رقم 4 لسنة 2009 والتي نصت على أن (يعزل رئيس المجلس أو نائبه أو أي من اعضاء المجلس بناءً على اقتراحٍ من مجلس الوزراء ومصادقة مجلس النواب ) ، والملاحظ على هذا النص أَن الصياغة التي جاء بها المشرعُ العاديُ كانت غير دقيقةٍ لأن العزل شيءٌ والاقالةَ شيءٌ آخر ، اذ ان العزلَ يعد احدى العقوباتِ التي اشار إليها قانونُ انضباطِ موظفي الدولةِ والقطاع العام رقم 14 لسنة 1991 المعدل بموجب المادة (8/ثامناً) منه وبينت حالاتها والتي نصت على أن (يكون بتنحية الموظف عن الوظيفة نهائياً ولا تجوزُ إعادة توظيفه في دوائر الدولة والقطاع الاشتراكي، وذلك بقرار مسبب من الوزير في إحدى الحالات الآتية :
إذا ثبت ارتكابُه فعلاً خطيراً يجعلُ بقائه في خدمة الدولة مضراً بالمصلحةِ العامةِ .
إذا حكم عليه عن جنايةٍ ناشئةٍ عن وظيفتهِ أو ارتكبَها بصفتهِ الرسميةِ .
إذا عوقب بالفصل ثم أُعيد توظيفهُ فارتكبَ فعلاً يستوجب الفصل مرة أخرى).
المطلب الثاني
الرقابة على اعمال وانشطة مجلس الخدمة العامة الاتحادي
تختلفُ صورُ الرقابةِ على اعمالِ وانشطةِ مجلسِ الخدمةِ العامةِ الاتحادي فمنها ما تكونُ رقابةً مباشرةً كرقابةِ ديوانِ الرقابةِ الماليةِ ورقابةَ النزاهةِ ، فيما تتمثلُ صورُ الرقابةِ غيرِ المباشرةِ في وجوبِ ارسال تقارير لكل من مجلسِ النوابِ ومجلسِ الوزراءِ ، ولغرضِ الوقوفِ على وسائل هذا النوع من الرقابة بصورة تفصيليةٍ لذا سنتناولها في فرعين مستقلين .
الفرع الأول : الوسائل المباشرة للرقابة على أنشطة عمل مجلس الخدمة العامة الاتحادي
تتجسدُ صورةُ الرقابةِ المباشرةِ على انشطةِ عمل مجلسِ الخدمةِ العامةِ الاتحادي برقابة ديوان الرقابة المالية وهذا ما اشار إليه النظام الداخلي لمهام تشكيلات مجلس الخدمة العامة الاتحادي رقم 1 لسنة 2021 بموجب المادة (8/ أولاً/ د) اذا اشار هذا النظام إلى أَن مديرية التدقيق والرقابة الداخلية التي تُعد احدى تشكيلات المجلس تتولى مهمة الإجابة على تقارير ديوان الرقابة المالية بالتنسيق مع تشكيلات المجلس ، وكذلك رقابة هيئة النزاهة على مجلس الخدمة العامة الاتحادي التي اشارت اليها التي اشار اليها قانون النزاهة رقم 30 لسنه 2011 في مادته الخامسة عشر بفقرتها الأولى حيث الزم جميع دوائر ومؤسسات الدولة العامة بأنْ تزودَ الهيئةَ بما تطلبُهُ من الوثائقِ الاولياتِ والمعلوماتِ التي تتعلقُ بالقضية التي يُرادُ التحقيق فيها ، وأيضاً في السابعة عشر منه حيث نصتْ على (يكون لكل شخص يشغل احدى الوظائف أو المناصب التالية مكلفا بتقديم تقريرٍ للكشف عن الذمة المالية أولاً:... سابعا: رؤساء الهيئات المستقلة).
الفرع الثاني : الوسائل غير المباشرة للرقابة على أنشطة عمل مجلس الخدمة العامة الاتحادي
تعددتْ وسائلُ الرقابةِ الاداريةِ غيرِ المباشرةِ على انشطة مجلس الخدمة العامة الاتحادي عبر موازنتها اذ يصارُ إلى ادراج موازنة المجلس ضمن الموازنة العامة للدولة وهنا يظهرُ لنا نوعٌ من الرقابةِ غيرِ المباشرة،؛ وذلك عندما يتم التحكم بالمبالغ السنوية التي يتم رصدها للمجلس من الموازنة العامة للدولة، فضلاً عن قيام وزارة المالية بالتدقيق عليها أو عبر مجلس الوزراء بوصفه السلطة المختصة بتقديم مشروع الموازنة أو من خلالِ مجلسِ النوابِ باعتباره صاحب السلطة المختصة بإقرار مشروع الموازنة العامة للدولةٍ[24]، ولا يقتصر الأمر على ذلك بل تكمن الرقابة غير المباشرة على مجلس الخدمة العامة الاتحادي من خلال مراقبة الملاك الوظيفي للمجلس من قبل وزارة المالية اذ تختص هذه الأخيرة بالتصديق على الملاك الاداري ومراجعة حركة الملاك فيها، فضلاً عن اسهامهٍ الكبير في توفير أو تحديد عدد الدرجات الوظيفية التي تم تخصيصها لمجلس الخدمة العامة الاتحادي ضمن الموازنة العامة للدولة، كذلك تكمن الرقابة الادارية غير المباشرة على مجلس الخدمة العامة الاتحادي عبر تقديم تقارير تتضمنُ نتائج ومراجعه لعمليات التوظيف التي يقوم بها المجلس والتوصيات التي يراها ضروريةً لرفع مستوى الخدمة العامة يرفعها مجلس الخدمة العامة الاتحادي سنوياً الى مجلس النواب[25] وهذا ما اشارَتْ إليه المادة (9/حادي عشر) من قانون الخدمة العامة الاتحادي رقم 4 لسنة 2990 والتي نصَتْ على (اعداد تقرير سنوي عن اعمال المجلس يتضمن نتائج المراجعة لعميات التوظيف والتوصيات التي يراها ضرورية لرفع مستوى الخدمة العامة ورفعه إلى مجلس النواب ومجلس الرئاسة ومجلس الوزراء ) .
اذ ان الملاحظ على هذا النص أنهُ اغفلَ تحديدَ المدةِ التي يتم خلالها رفعَ هذا التقرير فضلاً عن اغفاله تحديدَ الجزاءِ في حالةِ عدم رفعه وعليه فان هذا النوع من الرقابةِ لا يكونُ منتجاً لتخلفه احدِ الاركان الموضوعيةِ لهذا النوعِ من الرقابةِ .
الخاتمة
وفي ختام بحثنا في موضوع الرقابة البرلمانية على مجلس الخدمة العامة الاتحادي توصلنا إلى مجموعة استنتاجات وتوصيات وعلى النحو الآتي :
أولاً : الاستنتاجات .
يعد مجلس الخدمة العامة الاتحادي جهاز اداري مشكل وفقاً للقانون يتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والاداري يقوم بمجموعة من الإعمال والأنشطة من اجل تنظيم شؤون الوظيفة العامة في الدولة.
تتعدد الوسائل الرقابة البرلمانية التي يمارسها الجناح الأول من السلطة التشريعية المتمثل بمجلس النواب على رئيس مجلس الخدمة العامة الاتحادي والتي تتمثل بالسؤال أو التحقيق أو الاستجواب .
ان اثر الرقابة البرلمانية على مجلس الخدمة العامة الاتحادي يختلف تماماً عن الاثر المترتب على الحكومة في كون الأول لا يؤدي إلى سحب الثقة كما هو الحال في الثاني .
عدم امكانية ممارسة هذا النوع من الرقابة على مجلس الخدمة الاتحادي من قبل مجلس الاتحاد .
ثانياً : التوصيات .
لم يكن المشرع العادي العراقي موفقاً عند استخدام مصطلح العزل لإقالة رئيس واعضاء مجلس الخدمة العامة الاتحادي ، فضلاً عن اغفاله الاغلبية الموصوفة للعزل ، وعليه نقتضي تعديل الفقرة ثامناً من المادة 5 من قانون مجلس الخدمة العامة الاتحادي وفق الصياغة الاتية ( لمجلس النواب اقالة رئيس المجلس أو نائبه أو أي عضوا من اعضاء المجلس بالأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس النواب ، بناءً على اقتراح من مجلس الوزراء استناداً إلى عدم الكفاءة أو الاستقامة أو الإخلال الجسيم بواجبات الوظيفة ).
اغفل المشرع العراقي في قانون مجلس الخدمة العامة الاتحادي رقم 4 لسنة 2009 الاغلبية الموصوفة لتعيين رئيس المجلس ونائبه وأعضاءه ونقترح ان تكون بالأغلبية المطلقة لعدد اعضاء مجلس النواب .
نوصي بضرورة تحديد مدة مناسبة يتم خلالها رفع المجلس تقريره السنوي الذي يتضمن نتائج المراجعة لعمليات التوظيف والتوصيات التي يراها المجلس ضرورية لرفع مستوى الوظيفة العامة ، ونقترح ان يكون مضمون النص على النحو الآتي : ( اعداد تقرير سنوي عن اعمال المجلس يتضمن نتائج المراجعة لعميات التوظيف والتوصيات التي يراها ضرورية لرفع مستوى الخدمة العامة ورفعه إلى مجلس النواب ومجلس الوزراء خلال 60 يوماً بعد انتهاء السنة المالية ، وبخلافه يتعرض المجلس للمسائلة القانونية ) .
[1] د. عبد الباسط علي جاسم ، محمد فؤاد طلب المختار ، الرقابة البرلمانية على تنفيذ الموازنة العامة للدولة في ظل الدستور العراقي لعام 2005 ، بحث منشور في مجلة كلية القانون والعلوم السياسية ، جامعة كركوك ، م 5،ع19 ، 2006، ص 439.
[2] زيد نضال شاكر العزب ، الاستجواب كأحد أدوات الرقابة البرلمانية في النظام الدستوري الاردني ، رسالة ماجستير ، كلية الحقوق ، جامعة الشرق الاوسط ، 2019 ، ص13.
[3] اسماعيل فاضل حلواص أدم الشمري ، الطبيعة القانونية لقرارات مجلس النواب العراقي ، رسالة ماجستير ، كلية الحقوق – جامعة النهرين ، 2015 ، ص135.
[4] للمزيد من التفصيل ينظر : د. حنان محمد القيسي ، مفهوم الاستقلال والهيئات المستقلة في دستور 2005 ، مجلة الحقوق، م5، ع 24، 2014 ، ص6.
[5] نظر نص المادة (103/ثانياً) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 النافذ .
[6] نظر نص المادة (135/أولاً) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 النافذ .
[7] ينظر نص المادة (103/ثالثاً) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 النافذ .
[8] ينظر نص المادة (104) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 النافذ .
[9] ينظر قرار المحكمة الاتحادية العليا رقم 88/اتحادية/2010 في 18/1/2011 المتاح على الموقع التالي :
تاريخ الزيارة 25/11/2022 .
[10] نصت المادة 2 من قانون مجلس الخدمة العامة الاتحادي رقم 4 لسنه 2009 النافذ على أن ( يؤسس مجلس يسمى مجلس الخدمة العامة الاتحادي يرتبط بمجلس النواب ويتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والاداري ويمثله رئيسه أو من يخوله).
[11] نصت المادة (61/ثامناً /ه ) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 النافذ على أن : ( لمجلس النواب حق استجواب مسؤولي الهيئات المستقلة وفقاً للإجراءات المتعلقة بالوزراء وله اعفائهم بالأغلبية المطلقة ).
[12] ينظر نص المادة (5/أولاً) من قانون مجلس الخدمة العامة الاتحادي رقم 4 لسنه 2009 النافذ .
[13] د. مصدق عادل طالب ، د. وفاء عبد الفتاح عواد النعيمي ، الرقابة على الهيئات المستقلة في التشريع العراقي ، مجلة العلوم القانونية والسياسية ، م7، ع 2، 2018 ، ص 156.
[14] جورج ڤوديل يبار دلڤولڤيه ، القانون الاداري ،ج2، ترجمه منصور القاضي ، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ، بيروت، 2008، ص 343 .
[15] نصت المادة 9 من قانون مجلس الخدمة العامة الاتحادي رقم 4 لسنة 2009 النافذ على أن ( يتولى المجلس المهام الآتية:
أولاً : تنفيذ قانون الخدمة العامة الاتحادية عند تشريعه وتنفيذ كل ما يتعلق بالوظيفة العامة الاتحادية في القوانين النافذة.
ثانياً : التعيين وإعادة التعيين والترقية في الخدمة العامة ويكون ذلك من اختصاص المجلس حصراً وعلى أساس معايير المهنية والكفاءة.
ثالثاً: تخطيط شؤون الوظيفة العامة والإشراف والرقابة عليها في دوائر الدولة ورسم سياسات الخدمة العامة وتحديد وسائل تنفيذها وتقييم مستوى الانجاز.
رابعاً : اقتراح مشروعات القوانين والأنظمة الخاصة بتنظيم وتطوير شؤون الوظيفة العامة أو إبداء الرأي فيها وبالتنسيق مع وزارة المالية.
خامساً : إعداد الهيكل الوظيفي للوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة وكل مؤسسة فيها وظيفة عامة بالتنسيق مع الجهات المعنية.
سادسا: وصف الوظائف العامة وشروط إشغالها بالتنسيق مع الأجهزة المختصة في وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي والجهات الأخرى ذوات العلاقة.
سابعاً: رسم سياسة التأهيل والتدريب في معهد الوظيفة العامة .
ثامنا: رسم سياسة التأهيل والتدريب أثناء الخدمة لموظفي الدولة من خلال مدارس التطوير الوظيفي في الوزارات وبالتنسيق مع الأجهزة المختصة في وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي والجهات الأخرى ذوات العلاقة.
تاسعاً: وضع السياسات والضوابط الكفيلة بتحقيق التوازن بين عدد الموظفين في دوائر الدولة المختلفة وبين الخدمة المؤداة.
عاشراً : إجراء الدراسات والبحوث المتعلقة بتطوير الوظيفة العامة وتقديم التوصيات في شأنها الى الجهات المعنية في الدولة
وبالتنسيق مع الأجهزة المختصة في الوزارات .
حادي عشر: إعداد تقرير سنوي عن أعمال المجلس يتضمن نتائج المراجعة لعمليات التوظيف والتوصيات التي يراها ضرورية لرفع مستوى الخدمة العامة ورفعه الى مجلس النواب ومجلس الرئاسة ومجلس الوزراء.
ثاني عشر :إعداد تقرير سنوي عن كل وزارة أو جهة غير مرتبطة بوزارة ورفعه الى مجلس النواب ومجلس الوزراء
يتضمن التوصيات والمقترحات اللازمة لضمان حسن اداء العمل.
ثالث عشر:
أ – إعداد مشروع الموازنة الخاصة للمجلس.
ب- دراسة مقترحات الوزارات حول مشروع قانون الموازنة الاتحادية فيما يتعلق بالاعتمادات المطلوبة للموظفين والنفقات
الإدارية والموافقة عليها وتقديمها الى مجلس الوزراء.
رابع عشر: إجراء المسوحات والدراسات والإحصاءات وتقديم المقترحات المتعلقة بتحقيق التوازن بين هيكل الرواتب وبين المستوى المعيشي العام في ضوء تكاليف المعيشة وأسعار السلع والخدمات والمعايير الاقتصادية وتحديد الحد الادنى لمعيشة الفرد في الوظيفة العامة بالتنسيق مع الجهات المختصة.
خامس عشر: للمجلس اختبار مؤهلات الاشخاص المراد تعيينهم أو أعادة تعيينهم بالمقابلة أو بالامتحان التحريري أو بهما معاً للوقوف على صفاتهم ولياقتهم ويستثنى من ذلك من له خدمة سابقة في وظيفة مثبت فيها أو يحمل شهادة عالية إلا= =إذا كان عدد المتقدمين للوظائف المطلوب اشغالها أكثر من عدد تلك الوظائف.
سادس عشر: يراعي المجلس في إداء عمله أحكام المادة (105) من الدستور على أن تنطبق على الجميع شروط وأوصاف الوظيفة.
[16] علي حسن عبد الامير العامري ، النظام القانوني للرقابة الادارية الخارجية ،اطروحة دكتوراه قدمت الى كلية القانون – جامعة بابل ، 2015 ، ص224.
[17] فيصل شنطاوي ، وسائل الرقابة البرلمانية على اعمال السلطة التنفيذية في النظام الدستوري الأردني ، مجلة جامعة النجاح للأبحاث ( العلوم الانسانية ) م25، ع9 ، 2011، ص 2357.
[18] ينظر المواد (56-61) من النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي رقم 1 لسنة 2022 النافذ .
[19] ينظر قرار المحكمة الاتحادية العليا رقم 122/اتحادية/2022 في 29/5/2022 المتاح على الموقع التالي :
تاريخ الزيارة 25/11/2022 .
[20] د. محمود عبد علي حميد الزبيدي ، التنظيم القانوني للتكليف بالمناصب الادارية والإعفاء منها ، مجلة كلية الاسراء الجامعة ، م1، ع1، 2019 ، ص20 .
[21] نصت المادة (61/ثامناً /ه ) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 على ان ( لمجلس النواب حق استجواب مسؤولي الهيئات المستقلة وفقاً للاجراءات المتعلقة بالوزراء وله اعفائهم بالأغلبية المطلقة ).
[22] ينظر الجلسة الخامسة والاربعون من الفصل التشريعي الأول /السنة التشريعية الثالثة /الدورة الانتخابية الرابعة المنعقدة بتاريخ 18/3/2021 المتاحة على الموقع التالي :
تاريخ الزيارة 20/11/2022 .
[23] د. عمر خوري ، القانون الدستوري ، منشورات الحلبي ، ط1، بيروت ، 2008، ص 50 . وفي الشأن ذاته ينظر : د.علا عبد المتعال ، حل البرلمان في النظم الدستورية المقارنة ، ط2، دار النهضة العربية ،القاهرة ، 2004 ، ص 275.
[24] للمزيد من التفصيل ينظر :د. احمد سليمان الصفار ، هيمن رسول مراد ، الرقابة البرلمانية على تنفيذ الموازنة العامة في اقليم كوردستان- العراق ، مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية ، م1، ع1، 2019، 498.
[25] ينظر المادة 9 من قانون الخدمة العامة الاتحادي رقم 4 لسنة 2009.