تاريخ الاستلام 1/2/2023 تاريخ النشر 10/4/2023
حقوق الطباعة محفوظة لدى مجلة كلية القانون والعلوم السياسية في الجامعة العراقية
حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمؤلف
حقوق النشر محفوظة للناشر (كلية القانون والعلوم السياسية - الجامعة العراقية)
CC BY-NC-ND 4.0 DEED
Printing rights are reserved to the Journal of the College of Law and Political Science at Aliraqia University
Intellectual property rights are reserved to the author
Copyright reserved to the publisher (College of Law and Political Science - Aliraqia University)
Attribution – Non-Commercial – No Derives 4.0 International
For more information, please review the rights and license
DOI 10.61279/kh3tye15
المياه الإقليمية والقواعد المنظمة لها
Territorial waters and the rules governing them
م. م. عادل ابراهيم طه المحمدي
ديوان الوقف السني
م. د. يوسف مظهر أحمد العيساوي
جامعة سامراء – كلية التربية
M.M. Adel Ibrahim Taha AL- Mohammadi
The Sunni Endowment Office
Adlabrahym175@ gmail.com
Dr. Yousif Mudhar Ahmed
Samarra University/College of Education
المستخلص
أن العلاقات التي تربط الدول ببعضها، وفيما يتعلق في حدودها البحرية مع جيرانها، ومع الدول التي تستخدم البحر لمختلف الأغراض والغايات مع الدول المحاذية لها، ومن المعلوم أن أوجه استخدام البحر تنوعت في العصر الحاضر، ونشأت بسببه أنواع من العلاقات، وحدثت من أجله بعض المشكلات، ولذا فقد استدعت الحاجة تنظيم أمور الحدود البرية والبحرية، وأوجه استخدامه، والاستفادة من موارده على جميع الأصعدة.
ومن تلك الأنظمة المتعلقة بمياه البحر قانون البحار؛ الذي ينظم سبل الاستفادة منها خارج الحدود البحرية الإقليمية للدول، وهذا القانون الذي حدد عن طريقة التفاوض بين مندوبي مختلف الدول، وأصبح من الوثائق الدولية التي تهم جميع الدول على المستوى الإقليمي والدولي، وغيرها بلا استثناء، ومن أجل ذلك كتب الباحثين بهذا الموضوع المهم للتعرف على مفهوم المياه الإقليمية والقوانين المنظمة وفق القانون الدولي والاتفاقيات الدولية والإقليمية.
Abstract
The relations that bind countries to each other, and with regard to their maritime borders with their neighbors, and with countries that use the sea for various purposes and purposes with neighboring countries, and it is known that the ways of using the sea have diversified in the present era, and types of relations have arisen because of it, and some problems have occurred for it. Therefore, the need necessitated the organization of land and sea borders, aspects of its use, and utilization of its resources at all levels.
Among those regulations relating to sea waters is the Law of the Sea; Which regulates ways to benefit from it outside the regional maritime borders of countries, and this law, which determined the method of negotiation between delegates of different countries, and became one of the international documents that concern all countries at the regional and international levels, and others without exception, and for that reason the researchers wrote on this important topic to get to know The concept of territorial waters and the laws regulating in accordance with international law and international and regional agreements.
المقدمة
أنواع العلاقات التي تربط الدول ببعضها، علاقاتها في حدودها البحرية مع جيرانها، ومع الدول التي تستخدم البحر لمختلف الأغراض والغايات، ومن المعلوم أن أوجه استخدام البحر تنوعت في العصر الحاضر، ونشأت بسببه أنواع من العلاقات، وحدثت من أجله بعض المشكلات، ولذا فقد استدعت الحاجة تنظيم أمور الحدود البرية والبحرية، وأوجه استخدامه، والاستفادة من موارده.
ومن تلك الأنظمة المتعلقة بمياه البحر قانون البحار؛ الذي ينظم سبل الاستفادة منها خارج الحدود البحرية الإقليمية للدول، وهذا القانون الذي حدد بعد التفاوض بين مندوبي مختلف الدول، أصبح من الوثائق الدولية التي تهم جميع الدول على المستوى الإقليمي والدولي، وغيرها بلا استثناء، ولذا رأيت أن أكتب بحثي في جانب من جوانب هذا الموضوع المهم للتعرف على مفهوم المياه الإقليمية والقوانين المنظمة وفق القانون الدولي والاتفاقيات الدولية والإقليمية.
وسوف يقوم الباحثين بتناول مشكلة البحث، وأهميته وأهدافه أولاً ومن ثم حدود البحث ومنهجه ومصطلحات البحث، وبعد ذلك الدخول في المبحث الأول الذي يتناول الباحثين فيه مفهوم المياه الإقليمية، وبعد ذلك المبحث الثاني الذي يتناول فيه أسس استغلال ثروات المياه الإقليمية والدولية.
مشكلة البحث:
المياه الإقليمية في القانون الدولي تقسم إلى مياه إقليمية تكون تابعة للدولة، ومياه دولية لا تدخل في ملكها، بالإضافة للحدود البرية، ولكل ذلك قواعد تنظمها مما يساعد كثيراً في حل النزاعات بين الدول المتجاورة حول حدودها البرية واستغلال ثرواتها المائية، واستخدامها، والاستفادة منها في شتّى المجالات، ويتم الرجوع في ذلك كله إلى الأنظمة الدولية والقوانين والمعاهدات التي عقدت في هذا الشأن.
أهمية البحث:
تأتي أهمية البحث أنه يقوم بدراسة مستفيضة عن:
دراسة مفهوم المياه الإقليمية، لما فيه من أهمية إستراتيجية؛ لأنها مرتبطة بسيادة الدولة وأمنها القومي وامتداد لسيطرتها الإدارية والسياسية والاقتصادية والسكانية.
دراسة مفهوم المياه الإقليمية والقواعد القانونية التي تنظم علاقات الدول الساحلية في وقت السلم والحرب على السواء، وفقاً للقوانين الدولية والمعاهدات الإقليمية وغيرها.
من الناحية العلمية؛ فإن هذا البحث يقدم نتائج عملية سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية القانونية.
أهداف البحث:
الوقوف على مفهوم المياه الإقليمية والقواعد المنظمة لها.
معرفة القواعد القانونية المتعلقة بالمياه الإقليمية والدولية المعمول بها.
التوصل إلى أحكام قانونية بشأن العلاقات بين الدول فيما يخص المياه الإقليمية والدولية، وطرق استغلالها، والقيود المفروضة عليها.
حدود البحث:
يتناول البحث مفهوم المياه الإقليمية والقواعد المنظمة لها، ومدى تأثير كل ذلك على العلاقات بين الدول في حالتي السلم والحرب، بالإضافة إلى القواعد المنظمة لاستغلال المياه الإقليمية اقتصادياً وسياسياً وفقاً للأعراف والقوانين الدولية، وسوف تنحصر الدراسة في الموضوعات المذكورة فقط.
منهج البحث:
اتبع الباحثين في هذا البحث المنهج الوصفي والتحليلي القائم على دراسة مشكلة البحث وأهمية من خلال الوقوف على النصوص القانونية، وتطبيقها على موضوع البحث.
مصطلحات البحث:
المياه الإقليمية: هي جزء من البحر الذي يلاصق شواطئ الدولة ويمتد نحو أعالي البحار ويخضع لسيادة هذه الدول شأنها في ذلك شأن إقليمها الأرضي[1].
البحر: هو الماء الكثير؛ مالحاً كان أو عذباً، وهو خلاف البر، وإنما سمي البحر بحراً؛ لسعته، وانبساطه، وقد غلب استعماله في الماء المالح[2].
المياه الدولية: تطلق على كل أجزاء البحر التي لا تخضع للولاية الإقليمية لأية دولة[3].
المبحث الأول
مفهوم المياه الإقليمية
سوف يقوم الباحث في هذا المبحث بتناول المياه الإقليمية من حيث تحديد البحر الإقليمي في المطلب الأول، ومن ثم يتناول مفهوم أعالي البحار في المطلب الثاني، وبعد ذلك التطرق على بحث القيود على السفن المتواجدة في المطلب الثالث وهو كما يلي:
المطلب الأول: تحديد البحر الإقليمي
يشير تجمع علامات النحل حول زهرة ليمون البحر الإقليمي إلى أن سيادة الدولة تمتد خارج إقليمها البري ومياهها الداخلية إلى منطقة من البحر متاخمة لشواطئها تعرف باسم البحر الإقليمي وهذه وصفة تعود ملكية براءة اختراعها إلى اتفاقية جنيف للبحر الإقليمي والمنطقة المتاخمة، كما أفرزت اتفاقية قانون البحار لعام 1982م العصارات الأكاديمية الهاضمة على هذا الموضوع[4].
تنفرد الدول في أغلب الأحيان بتحديد مياهها الإقليمية، وإذا لم تكن حدود البحر الإقليمي معروفة للدول الأخرى؛ فإنها لا تفرض عليهم إلا إذا كانت متفقة مع القانون الدولي العام، ويجب ألا تحدد حدود البحر الإقليمي تعسفياً بل ينبغي أن يكون تحديدها بقدر الإمكان، بحيث يستطيع الملاح دائماً أن يعرف بوضوح ما إذا كان في البحر الإقليمي أم خارجه، وتوجد في الواقع ثلاث طرق لتحديد الحدود الخارجية للبحر الإقليمي:
الأولى: تتمثل في رسم خط مواز (Line Parallel) الشاطئ وهي الطريقة الأكثر بساطة، ولكنها ليست مقصورة عملياً إلا حيث لا يكون الشاطئ شديد التعاريج.
والثانية: تتمثل في رسم خطوط مستقيمة متوازية مع خطوط قاعدة تربط ما بين الرؤوس البارزة الشاطئ، وتلك طريقة مبسطة ولكن يخشى من التصرف فيها عندما توصل الخطوط بين رؤوس شديدة البروز، الأمر الذي يترتب عليه إخراج مساحة كبيرة من البحر ممتدة نحو البحر العام. وفي هذه الطريقة يجب على الدولة الساحلية أن تنبه في خرائطها الرسمية إلى امتداد البحر الإقليمي وخطوط القاعدة التي يبدأ منها.
والثالثة: هناك عدد من الحالات التي لا يمكن فيها تطبيق طريقة خط الأساس العادي، أو طريقة خطوط الأساس المستقيمة وإنما لابد من اعتماد طريقة تتلاءم مع كل حالة من تلك الحالات، وهذه الحالات هي الجزر، المرتفعات التي تنحسر عنها المياه وقت الجزر، الخلجان التاريخية مصبات الأنهار، الموانئ ونود الإشارة إلى أن هذه النظريات تلامس سواحل الجغرافيا أكثر من ملامستها للقانون الدولي والإلمام بهذه النظريات والإحاطة بها يحتاج إلى عالم جغرافيا قوي يملئ هندومة[5].
المطلب الثاني: مفهوم أعالي البحار
يشير كف المصادفات وتقلبات الإحداث إلى أن البحر العام حتى وقت قريب كان يعرف بأنه ذلك الجزء الذي يمتد بعد البحر الإقليمي[6]، أما اليوم وبفعل التطورات الزلزالية لقانون البحار والتي تؤدي إلى انفجار شرايين كومبيوتر وزارة الخارجية ألأمريكية، فان البحر العام يشمل المسطحات البحرية التي لا تندرج في المنطقة الاقتصادية الخالصة أو البحر إلاقليمي أو المياه الداخلية لدولة ما، أو المياه الأرخبيلية لدولة إرخبيلية ويشير استنطاق الصوامت من النصوص الدولية أن البحر العام هو مجال بحري مفتوح لكل دول العالم قاطبة ولا يخضع لسيادة دولة من الدول ولكن هذا لا يشي بأنه لا يخضع إلى القانون الدولي وقد وردت هذه الفكرة في اتفاقية جنيف للبحر العام واتفاقية قانون البحار لعام 1982م[7]، وهو أيضا مجموعة المساحات البحرية الممتدة خارج نطاق المياه الداخلية والبحر الإقليمي للدولة المختلفة، هناك تنازع في القانون الدولي منذ القدم بين اتجاهين:
أولاً: اتجاه ينادي بوجوب تحرير البحار من أي ادعاء بالسيادة عليها.
ثانياً: اتجاه يرى فكرة إخضاع البحار للسيادة الوطنية للدولة الشاطئية.
مر الجدل لفترة طويلة وباتفاقيات عديدة منذ القرن السابع عشر مروراً باتفاقية جنيف 1958م انتهاءً باتفاقية قانون البحار لعام 1982م بعدها أصبحت مبدأ حرية أعالي البحار مبدأ مسلماً به حيث يحكم النظام القانوني لهذه المياه الدولية[8]، ومن خلال حرية أعالي البحار الواردة في نص المادة (89) من اتفاقية جامايكا؛ فإنه يجوز لأي دولة أن تدعي إخضاع أي جزء من أعالي البحار العالي لسيادتها الإقليمية ويترتب على ذلك أن الدول المختلفة الساحلية منها وغير الساحلية تتمتع بالحريات الآتية:
حرية الملاحة: وهي حرية مكفولة لكل الدول، وبالنسبة للدول غير الساحلية فينبغي أن تقوم بإبرام اتفاقيات مع الدول الشاطئية لغرض الحصول على حقها في حرية الملاحة في أعالي البحار.
حق المرور في إقليمها على أساس تبادلي: وللدول الشاطئية أن تمنح غيرها المعاملة المقررة لسفنها ولسفن الدول الأخرى بشأن استخدام موانيها.
حرية الصيد: هي حرية أخرى تتمتع بها كل الدول الساحلية منها وغير الساحلية.
حرية إرساء الكابلات: مثل الكابلات التلفونية والأنابيب حيث يتم تنظيم ذلك بمقتضى اتفاقيات دولية.
حرية الطيران فوق أعالي البحار: وذلك من منطلق الطبيعة القانونية للغلاف الجوي المتفق عليه والتي تمتد السيادة الإقليمية إلى المدى المقرر دولياً، وما وراء ذلك أي أعالي البحار أو البحر العالي؛ فإنه لا يخضع لسيادة أي دولة وبالتالي يعد مجالاً أمام جميع الدول وفقاً لذلك، وأوردت اتفاقية شيكاغو لعام 1944م ضمن إطار التنظيم الدولي للغلاف الجوي ما يعرف بالحريات الخمسة للطيران وهي:
الطيران عبر إقليم دولة أجنبية دون الهبوط.
الهبوط لأغراض غير تجارية كالتزود بالوقود وللإصلاح.
حمل وإنزال الركاب وتفريغ البضائع من الدول التي تتبعها الطائرة إلى إقليم دولة أجنبية.
حمل وأخذ الركاب وشحن البضائع من إقليم دولة أجنبية إلى الدولة التي تخضع لها الطائرة.
أخذ ونقل البضائع بين دولتين أجنبيتين([9]).
حرية إقامة الجزر: وغيرها من المنشآت المسموح بها بموجب القانون الدولي العام، جاءت هذه الحرية وفقاً لاتفاقية الأمم المتحدة للبحار عام 1982م في المادة (63) وتكون حقوق الولاية للبحار الدولية فيما يتصل بإقامة واستعمال الجزر والمنشآت والتركيبات على النحو التالي:
في المنطقة الاقتصادية الخالصة يكون للدولة الساحلية الحق دون غيرها في أن تقيم وفي أن تجيز إقامة وتشغيل واستخدام الجزر الاصطناعية.
المنشآت والتركيبات المستخدمة: في الأغراض المنصوص عليها في المادة (56) وفي غير ذلك من الأغراض الاقتصادية.
تكون للدولة الساحلية الولاية الخالصة على هذه الجزر والمنشآت والتركيبات، بما في ذلك الولاية المتعلقة بالقوانين الجمركية والصحية وأنظمة السلامة والهجرة.
حرية البحث العلمي: وهي الدراسة العلمية والأعمال التجريبية المتصلة بها والهادفة إلى زيادة معرفة الإنسان بالبيئة البحرية مع وجود تعارض لتحديد الاختصاص بسعي الدولة الساحلية على فرض اختصاصها عليه سفن دول أخرى إلى اعتبار البحار الدولية خارج إطار الاختصاص المحلي للدولة الساحلية خاصة فيما يختص البحوث العلمية[10].
جاء نص اتفاقية الأمم المتحدة للبحار بحل وسط في هذا الشأن حيث نصت على إعطاء الدولة الساحلية حقوق الولاية بالنسبة لإجراء البحث العلمي في المنطقة الاقتصادية الخالصة على أن تقوم بوضع ضوابط وإصدار التراخيص لإجراء البحوث العلمية البحرية[11].
رغم هذه الحريات التي منحت للدول حتى لا تتم إساءة استعمال هذه الحريات؛ فإن هنالك قيود وضعت للاستفادة من تلك الحريات حتى لا تتم إساءة استعمال هذه الحريات لما يعود بالضرر على الدول خاصة الساحلية منها، كما قد تؤدي تضارب المصالح إلى الخلافات السياسية بين مختلف الدول على المستوى الإقليمي والدولي، كما نجد نموذج الصراع بين كل من (إيران والبحرين على جزر أبو موسى، واليمن واريتريا على جزر حنيش والذي تم حله عبر محكمة العدل الدولية).
المطلب الثالث: أهم القيود المتعلقة بالسفن المتواجدة في المنطقة
السفينة: هي كل فلك يستطيع الملاحة في البحر بقوته الذاتية الدافعة بقصد أداء الغرض المطلوب من الملاحة، ولابدّ من أن تتمتع كل سفينة بجنسية دولة معينة، وهي تلك التي ترفع علمها ويتم التحقق من ذلك عبر الأوراق والمستندات الموجودة عليها ويشترط وجود رابطة حقيقية بين السفينة والدولة التي ترفع علمها[12].
القيود العامة من أهمها:
مقاومة الاتجار بالرقيق: وهو حق يتم منحه لمختلف الدول حيث يتم مباشرته في أعالي البحار ويتضمن هذا القيد إجراء التفتيش والحجر. أما بالنسبة للاختصاص القضائي أقرت الاتفاقيات على انه ينعقد للدولة التي ترفع السفينة عند تفتيش علمها.
مقاومة أعمال القرصنة: هو حق تبادلي يتم إقراره لأجهزة الزمن وقضاء الدول من أجل مواجهة أعمال اللصوصية البحرية، وهي تلك الأعمال التي تنطوي على ممارسة أفعال عنف لتحقيق أغراض شخصية؛ لذا فإن أعمال العنف التي ترتكب لتحقيق أهداف سياسية لا تندرج ضمن نطاق أعمال القرصنة[13].
كما نصت اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار على أن أي عمل من الأعمال التالية يشكل قرصنة بحرية:
أي عمل غير قانوني من أعمال العنف أو الاحتجاز أو أي عمل سلب يرتكب لأغراض خاصة من قبل طاقم أو ركاب سفينة أو طائرة خاصة ويكون موجهاً.
في أعالي البحار ضد السفينة أو طائرة أخرى أو ضد أشخاص أو ممتلكات في مكان يقع خارج ولاية أي دولة.
ضد أي سفينة أو طائرة أو أشخاص أو ممتلكات على ظهر تلك السفينة أو على متن تلك الطائرة.
أي عمل من أعمال الاشتراك الطوعي في تشغيل سفينة أو طائرة مع العلم بوقائع تضفي على تلك السفينة أو الطائرة صنعة القرصنة.
أي عمل يحرض على ارتكاب تلك الأعمال الموصوفة في إحدى الفقرتين (أ) أو (ب) أو تسهيل ارتكابها عمداً.
وتأخذ السفينة الحربية أو السفينة الحكومية أو الطائرة التي يتمرد طاقمها ويستولي على زمام السفينة أو الطائرة حكم الأعمال التي تركبها سفينة او طائرة، ويجوز لكل دولة في أعالي البحار أو في أي مكان آخر خارج الولاية لأي دولة ضبط الممتلكات الموجودة بداخلها وتكون محاكم الدولة التي ألقت القبض هي المحاكم المختصة بتقرير التعرف في أدوات الجريمة مع مراعاة حقوق الغير وحسن النية.
نجد أن خطورة القرصنة بأشكالها المختلفة في أنها لا تلتزم بقواعد القانون الدولي او الإقليمي مما يؤدي إلى ممارستها في كل الحدود البحرية دون تمييز بما في ذلك من آثار أمنية واقتصادية لمختلف الدول دون استثناء، وما يحدث الآن بالسواحل الصومالية خير دليل على ذلك، ويمكننا حصر ذلك في الآتي:
وأظهرت حصيلة أخيرة للمكتب البحري الدولي أنه منذ مطلع عام 2008 هوجمت 92 سفينة في خليج عدن والمحيط الهندي من قبل قراصنة صوماليين بينها 11 في الفترة الممتدة بين 11 و 16 تشرين الثاني/ نوفمبر وحدها.
ويحتجز القراصنة الصوماليين حاليا وبين وقت وأخر سفن وعلى متنها عناصر من أفراد طواقمها.
الفديات التي حصل عليها قراصنة الصومال خلال الأعوام الماضية بلغت حوالي 30 مليون دولار حتى الآن.
الاتجار غير المشروع في المخدرات من الجرائم الدولية: نظراً للآثار السالبة التي تسببها، لذا لأي دولة الحق في القبض على مرتكبها ومحاكمته وتوقيع العقوبة عليه، لذلك تنص اتفاقية الأمم المتحدة على أن:
تتعاون جميع الدول في قمع الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمواد التي تؤثر في العقل بواسطة السفن في أعالي البحار لأنه يخالف الاتفاقيات الدولية.
لأي دولة تمتلك أسباباً معقولة للاعتقاد بأن سفينة ترفع علمها وتقوم بالاتجار غير المشروع في المخدرات أو المواد التي تؤثر في العقل أن تطلب تعاون الدول الأخرى هذا الاتجار[14].
البث الإذاعي غير المصرح به: حرمت الاتفاقيات لقانون البحار البث الإذاعي غير المصرح به وذلك للأضرار التي تؤدي بها بأمن النظام الدولي واستقراره القائم على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام سيادة الدول([15]).
حق الزيارة: وذلك يتم بمنح السفن العسكرية زيارة أعالي البحار للتأكد من جنسية السفن التجارية، سوى ذلك لا يجوز التدخل لإعاقة الملاحة الدولية إلا بموجب اتفاقية دولية.
وليس لأي سفينة حربية تصادف في أعالي البحار أيوى سفينة أجنبية غير السفن التي تكون لها حصانة تامة ما يبرر تفقد هذه السفينة ما لم تتوفر الأسباب المعقولة للاشتباه في:
أن السفينة تعمل على القرصنة.
أن السفينة تعمل في تجارة الرقيق.
أن السفينة تعمل في البث الإذاعي غير المصرح به على أن تكون لدولة علم السفينة ولاية عليها.
أن السفينة على الرغم من رفعها علم دولة أجنبي أو رفضها علمها هي في الواقع سفينة من جنسية السفينة نفسها.
على أن يتم التعامل مع السفينة في هذا وفقاً لأحكام المادة (111) من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار التي جوزت للسفينة الحربية أن تشرع في التحقق من حق السفينة في رفع علمها، ولهذا الغرض يجوز لها أن ترسل زورقاً تحت قيادة أحد الضباط إلى السفينة المشتبه فيها إذا تواصلت الشبهات بعد تدقيق الوثائق جاز لها أن تشرع في المزيد من الفحص على ظهر السفينة وينبغي أن يتم ذلك بكل ما يمكن مع مراعاة الجانب الأخلاقي[16].
حق المطاردة: تتم مطاردة السفن في أعالي البحار عندما ترتكب السفينة الخاصة مخالفة لأنظمة الدول الساحلية داخل بحرها الإقليمي أو مياهها الداخلية أو منطقتها المتاخمة سواء فيما يتعلق بالشؤون الجمركية أو الصحية أو الصيد أو أي نظام آخر ثم تحاول السفينة الهروب من هذه المناطق تجنباً لخضوعها لاختصاص الدولة الساحلية[17].
المبحث الثاني
أسس استغلال ثروات المياه الإقليمية والدولية
نجد أن الأساس في كل ما نقوم به في شأن استغلال الموارد المائية مستوحاة من الذِكر الحكيم كما في قوله تعالى: (ﵟوَمَا يَسۡتَوِي ٱلۡبَحۡرَانِ هَٰذَا عَذۡبٞ فُرَاتٞ سَآئِغٞ شَرَابُهُۥ وَهَٰذَا مِلۡحٌ أُجَاجٞۖ وَمِن كُلّٖ تَأۡكُلُونَ لَحۡمٗا طَرِيّٗا وَتَسۡتَخۡرِجُونَ حِلۡيَةٗ تَلۡبَسُونَهَاۖ وَتَرَى ٱلۡفُلۡكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِهِۦ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ ١٢ﵞ ﵝفَاطِر -ﵒﵑﵜ ) .
قال ابن كثير: (وما يستوي البحران هذا عذب فرات) شديد العذوبة (سائغ شرابه) شربه (وهذا ملح أجاج) شديد الملوحة (ومن كل) منهما (تأكلون لحما طريا) هو السمك (وتستخرجون) من الملح وقيل منهما (حلية تلبسونها) هي اللؤلؤ والمرجان (وترى) تبصر (الفلك) السفن (فيه) في كل منهما (مواخر) تمخر الماء أي تشقه بجريها مقبلة ومدبرة بريح واحدة (لتبتغوا) تطلبوا (من فضله) تعالى بالتجارة (ولعلكم تشكرون) الله على ذلك[18].
من خلال الاختصاص الإقليمي وسيادة الدولة على إقليمها البري والبحري وولايتها على الأشخاص والأموال وفق القواعد القانونية التي تنظم علاقات الدولة الساحلية؛ فإن على تلك الدول ممارسة حقها على مياهها الإقليمية فيما يتعلق باستغلال الثروات من صيد للأسماك والثروات تحت قاع البحر الإقليمي أو داخل باطن الأرض بقاع البحر.
مع مراعاة حرية الاتفاقيات الدولية الخاصة بحق الدول الأخرى في المياه الإقليمية للدولة الساحلية وفقاً لأسس قواعد متفق عليها.
يقوم استقلال الدول لثروات مياهها الإقليمية والدولية أساساً على مبدأ الاختصاصات والالتزامات القائمة على مبدأ السيادة الإقليمية والتي تعني اختصاص الدولة والسلطات القانونية بممارسة حقها القانوني المستمد من القانون الدولي، والتي يكون للدولة بمقتضاه حق مباشرة نشاط قانوني وفقاً لأحكام ذلك القانون وتخضع الدول في ممارستها لحق السيادة لرقابة الدول الأخرى والمنظمات الدولية.
يقوم القانون الدولي في هذا على أساس تقسيم العالم إلى دول يستقل كل منها بممارسة السيادة على إقليم معين، ومن الأمور المقررة في القانون الدولي أن للدول أن تمتلك في داخل إقليمها اختصاصاً عاماً، ومعنى ذلك أنها تقوم بتنظيم كافة مظاهر الحياة الإنسانية في داخل إقليمها بقصد تحقيق الأمن والعدالة ولسعادة شعبها.
من هذه الاختصاصات سيادة الدول على مواردها الاقتصادية وتنظيم الاقتصاد القومي بما في ذلك استقلال الثروات بمياهها الإقليمية، على أن يكون التصرف في هذه المورد المائية بحرية لمصلحة الإنماء الاقتصادي والاجتماعي والثقافي باعتبارها قاعدة من قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان.
من ضمن القواعد والأسس لاستعمال الثروات المائية ما جاء في المصايد، فإن القاعدة العامة هي حرية الصيد في البحر العام، ولا تخضع السفن في هذه الحالة إلا لولاية الدولة التي تحمل علمها، وحفاظاً على سلامة البيئة البحرية من الآثار الخطيرة على أنواع من الثروة السمكية في بعض المناطق، جاءت الاتفاقية الدولية الخاصة بحماية ثروات البحر وذلك عن طريق تنظيم الصيد في البحر العام بدون استبعاد أحد، بعد ذلك جاءت مجموعة من الاتفاقيات تنظيم الصيد في تلك البحار دون إعطاء حق التحقيق والعقاب على مخالفة هذه القواعد المشتركة من جانب سفن لا تحمل علمها[19].
كان الصيد، منذ قديم الزمان مصدراً رئيسياً لغذاء البشر، وحرفة توفر فرص العمل والمنافع الاقتصادية لأولئك الذين يعملون في هذا النشاط. غير أنه تبين مع زيادة المعارف والتطور الديناميكي للمصايد، أن موارد الأحياء المائية، وإن كانت لا تتجدد، إلا أنها ليست بلا نهاية وأنها في حاجة إلى أن تدار بصورة سليمة حتى يمكن تحقيق استدامة مساهمتها في زيادة المستويات التغذوية والاقتصادية والاجتماعية لسكان العالم المتزايدين.
وقررت الموافقة في عام 1982 على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار إطاراً جيداً للنهوض بإدارة الموارد البحرية، فقد أعطى النظام القانوني الجديد للبحار الدول الساحلية حقوقاً ومسؤوليات بشأن إدارة الموارد السمكية واستخدامها داخل مناطقها الاقتصادية الخالصة التي تضم نحو 90% من المصايد البحرية في العالم[20].
أصبحت المصايد العالمية في السنوات الأخيرة قطاعاً للصناعات الغذائية ينمو نمواً دينامياً، وسعت الدول الساحلية إلى الاستفادة من الفرص الجديدة التي لاحت لها بالاستثمار في أساطيل الصيد الحديثة ومصانع التجهيز استجابة لتزايد الطلب الدولي على الأسماك والمنتجات السمكية، غير أنه أصبح من الواضح أن الكثير من الموارد السمكية لم يعد يستطيع أن يتحمل زيادة الاستغلال بطريقة غير محكومة في كثير من الأحيان.
وتعرضت الاستدامة طويلة الأجل لمصايد الأسماك، ومساهمة الثروة السمكية في الإمدادات الغذائية للتهديد نتيجة للإشارات الواضحة على الإفراط في استغلال المحزونات السمكية الهامة، والتعديلات التي أحدثت في النظم الايكولوجية، والخسائر الاقتصادية الفادحة والنزاعات الدولية بشأن إدارة المصايد وتجارة الأسماك، ولذا أوصت لجنة مصايد الأسماك في منظمة الأغذية والزراعة خلال دورتها التاسعة عشرة التي عقدت في مارس/ آذار 1991 بالبحث على نحو عاجل عن مناهج جديدة لإدارة مصايد الأسماك تشمل الصيانة والاعتبارات البيئية والاجتماعية والاقتصادية، وطلب من المنظمة وضع مفهوم للصيد الرشيد وبلورة مدونة سلوك للإشراف على تطبيقها.
وبعد ذلك نظمت حكومة المكسيك بالتعاون مع المنظمة مؤتمراً دولياً بشأن الصيد الرشيد عقد في كانكون في مايو / أيار 1992، وعرض إعلان كانكون الذي ووفق عليه خلال ذلك المؤتمر على مؤتمر قمة الأمم المتحدة للبيئة والتنمية الذي عقد في ريو دي جانيرو في البرازيل في يونيو / حزيران 1992، الذي أيد بدوره إعداد مدونة سلوك بشأن الصيد الرشيد.
كما أوصت المشاورة الفنية التي عقدتها المنظمة بشأن الصيد في أعالي البحار في سبتمبر / أيلول 1992 بوضع مدونة لمعالجة القضايا ذات الصلة بمصايد أعالي البحار، وناقش مجلس المنظمة في دورته الثانية بعد المائة التي عقدت في نوفمبر / تشرين الثاني 1992 عملية إعداد المدونة وأوصى بإسناد الأولوية لقضايا أعالي البحار، وطلب تقديم مقترحات المدونة لدورة مصايد الأسماك عام 1992، وتدارست الدورة العشرون للجنة مصايد الأسماك التي عقدت في مارس / آذار 1993 بصورة عامة الإطار المقترح لهذه المدونة ومحتواها بما في ذلك وضع خطوط توجيهية، ووافقت على إطار زمني للانتهاء من إعداد هذه المدونة، كما طلبت من المنظمة أن تعد على «أساس الإجراء السريع» وكجزء من المدونة مقترحات لحظر إعادة رفع أعلام أخرى على سفن الصيد وهي العملية التي تؤثر في تدابير الصيانة والإدارة في أعالي البحار، وأدى ذلك إلى موافقة مؤتمر المنظمة، خلال دورته السابعة والعشرين في نوفمبر / تشرين الثاني 1993 على اتفاق لتعزيز امتثال سفن الصيد لتدابير الصيانة والإدارة الدولية في أعالي البحار، الذي يشكل وفقاً للقرار 15/93 الصادر عن مؤتمر المنظمة جزءاً أساسياً من المدونة، وقد صيغت المدونة بصورة تسمح بتفسيرها وتطبيقها بما يتسق والقواعد ذات الصلة في القانون الدولي على النحو الوارد في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار عام 1982 فضلاً عن الاتفاق الخاص بتنفيذ أحكام اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار الصادر في 10 ديسمبر/ كانون الأول 1982 المتعلق بصيانة الأرصدة السمكية متداخلة المناطق، والأرصدة السمكية كثيرة الترحال وإدارتها لعام 1995، وفي ضوء عدة عوامل من بينها إعلان كانكون لعام 1992، وإعلان ريو لعام 1992 بشأن البيئة والتنمية خاصة الفصل 17 من جدول أعمال القرن 21.
وقد اضطلعت المنظمة بعملية وضع المدونة بالتشاور والتعاون مع وكالات الأمم المتحدة ذات الصلة والمنظمات الدولية الأخرى بما في ذلك المنظمات غير الحكومية.
وتتألف مدونة السلوك من خمس مواد افتتاحية: الطابع والنطاق، والأهداف، والعلاقات مع الصكوك الدولية الأخرى، والتنفيذ، والرصد والتحديث، والاحتياجات الخاصة للبلدان النامية. وأعقب هذه المواد الافتتاحية مادة عن المبادئ العامة تسبق المواد المواضيع الست عن: إدارة مصايد الأسماك، وعمليات الصيد، وتنمية تربية الأحياء المائية، وإدراج مصايد الأسماك في إدارة المناطق الساحلية، وأساليب ما بعد المصايد والتجارة، والبحوث السمكية. وكما أشير سلفا، يشكل اتفاق تعزيز امتثال سفن الصيد لتدابير الصيانة والإدارة الدولية في أعالي البحار جزءا أساسيا من المدونة، والمدونة طوعية، غير أن بعض أجزائها يستند إلى القواعد ذات الصلة في القانون الدولي على النحو الوارد في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار الصادرة في 10 ديسمبر/كانون الأول 1982، وكما تتضمن المدونة أحكاما ربما أصبح لها تأثيرات ملزمة بفضل صكوك قانونية أخرى موقعة بين الأطراف مثل اتفاق تعزيز امتثال سفن الصيد لتدابير الصيانة والإدارة الدولية في أعالي البحار لعام 1993.
وقد وافق مؤتمر المنظمة في دورته الثامنة والعشرين بمقتضى قراره 4/95 على مدونة السلوك الخاصة بالصيد الرشيد في 31/10/1995. وطلب نفس القرار من المنظمة بين أمور أخرى وضع خطوط توجيهية، حسب مقتضى الحال، لدعم تنفيذ المدونة بالتعاون مع الدول الأعضاء والمنظمات المعنية ذات الصلة[21]، وبعد هذه المقدمة عن أسس استغلال الثروات للمياه الإقليمية سوف أتناول هذا المبحث في ثلاث مطالب أتناول في المطلب الأول المنطقة الاقتصادية الخالصة ونظامها القانوني وفي المطلب الثاني الأجراف القارية وحقوق الدولة الساحلية وفي المطلب الثالث حقوق الدول الثوالث في الأجراف القارية ولكن بشي من الاختصار وهو كالتالي.
المطلب الأول: المنطقة الاقتصادية الخالصة
حين نقوم بتمرين ذهني للاستدلال على هذه المناطق، تعرف بأنها المناطق الممتدة لمسافة 200 ميل بحري وتقاس هذه المسافة انطلاقاً من خطوط الأساس التي تستخدم لتحديد طول البحر الإقليمي وبما أن طول البحر الإقليمي 12 ميلاً بحرياً يصبح طول المنطقة الاقتصادية الخالصة 188 ميلاً بحرياً[22]، ولقي مفهوم المنطقة الاقتصادية الخالصة التأييد نفسه الذي حظي به مفهوم الجرف القاري وذلك بتأييد أكثر الدول لمفهوم المنطقة الاقتصادية الخالصة في المؤتمر الثالث لقانون البحار في دورة كاراكاس الذي عقد عام 1947م، مع اختلاف هذه الدول فيما بينها لتفاصيل القواعد المتعلقة بتحديد النظام القانوني للمنطقة، وترجع الأسباب الكامنة وراء تزايد الإسراع في تأييد فكرة المنطقة الاقتصادية إلى حقيقة أن معظم الدول الساحلية دول نامية وفقيرة، مما يعني أن قرار الفكرة في نطاق أحكام القانون الدولي للبحار من شأنه أن يوفر لهذه الدول مصدراً أساسياً للدخل، يمكنها من مواجهة الأعباء المالية الضخمة التي تتطلبها عملية التنمية الوطنية إلى جانب ما يترتب على ذلك من توفير مصدر للغذاء الأساسي لشعوب تلك الدول بالنظر إلى إمكانية استغلال الثروة السمكية في هذه المنطقة.
هذا إلى جانب الدور الذي تلعبه السيطرة على هذه المنطقة للدول الساحلية من حماية تلك الثروة السمكية من الاستنزاف نتيجة الاستغلال غير المرشد لها من قبل سفن الصيد التابعة للدول الأخرى التي تجوب البحار تطبيقاً لمبدأ حرية أعالي البحار.
ومراعاة لقلق الدول الكبرى من أن يتحول ادعاء الدول الساحلية بشأن المنطقة الاقتصادية الخالصة لحقيقة تسفر عن تحويلها إلى مياه إقليمية فقد أكدت الدول الساحلية احترامها للحقوق الأخرى المعترف بها للدول الأخرى داخل تلك المنطقة والتي تشمل حرية الملاحة البحرية والجوية، وحرية مد الكابلات والأنابيب البحرية للأبحاث العلمية وغيرها من الحقوق المكتسبة للدول الأخرى.
تجدر الإشارة إلى أنه في المؤتمر الثالث لقانون البحار بجنيف عام 1975م أبدت الدول الحبيسة والمتضررة جغرافياً معارضتها لفكرة المنطقة الاقتصادية الخالصة وبالذات في حالة عدم قبول الدول الساحلية مشاركة تلك الدول على قدم المساواة في استغلال الثروات الكائنة في هذه المنطقة، وإزاء هذا التعارض في الآراء والموقف شكل رئيس المؤتمر لجنة من خبراء قانونيين لإيجاد صيغة موحدة حول المنطقة الاقتصادية الخالصة، وقد استطاعت اللجنة بالفعل التوصل إلى صيغة عادلة انعكست بوضوح على أحكام النصوص المختلفة للاتفاقيات التي سايرت الاتجاه الغالب في المقترحات والمشروعات في هذا الشأن، من حيث الأخذ بتعبير حقوق سيادية في صدد بيان الدول الساحلية في مناطقها الاقتصادية الخالصة[23]، وإذا ما جاء في شأن المنطقة الاقتصادية الخالصة من اتفاقيات تعتبر أساساً قانونياً وسياسياً في تنظيم استغلال الموارد والثروات الطبيعية المختلفة في المياه الدولية والإقليمية مع ضرورة التزام جميع الأطراف بالمواثيق والاتفاقيات الخاصة بالمحافظة على سلامة البيئة البحرية من جميع الأعمال التي تضر بمصلحة الحياة البحرية والمحافظة على القيمة الاقتصادية الاجتماعية والصحية والثقافية للبيئة البحرية، كما جاء في اتفاقية برشلونة لحماية البحر المتوسط من التلوث لعام 1976م، وبهذا تستطيع كل الأطراف من استغلال الثروات والمواد البحرية بالصورة المثلى دون أن يؤدي ذلك إلى آثار سلبية.
المطلب الثاني: الأجـــراف القــــــاريـــة
تظهر الدراسات الأنيقة والمتألقة أنه في أغلب الأحيان تمتد أراضي الدول البحرية تحت البحر بهضبة ذات انحدار ضعيف وتنقطع هذه الهضبة بمنحدر قوي يؤدي إلى أعماق كبيرة ويجب إن نفتح هلالين للقول بأن اتساع الجرف القاري مختلف ويتراوح من صفر إلى 1500 كيلو متر، ولو اتخذنا الإيجاز عقالا والاختصار مجالاً، لوجدنا أن اتفاقية قانون البحار في موادها (77-82 ) والمادة (85) تكلمت عن حقوق الدول الساحلية أولا وحقوق الدول الأخرى في الجرف القاري، وبما إن المبحث يتكلم عن استغلال الثروات في المياه الإقليمية، وسوف نذكر أيضا حقوق الدول الثوالث في الجرف القاري.
أولا: حقوق الدولة الساحلية في الجرف القاري:
يستطيع أسد الذاكرة القانونية الذي يلتزم منهج الوسط دون الشطط أن يشير إلى أن هذه الحقوق تتجلى بحقوق الدولة الساحلية السيادية لأغراض استكشاف واستغلال الموارد الطبيعية الموجودة في الجرف القاري (أ) ومن أجل تمكين الدولة الساحلية من ممارسة حقوقها السيادية على الموارد الطبيعية الموجودة في جرفها القاري قلدها القانون الدولي حقوقا أخرى هي: بناء الجزر الاصطناعية(ب) وحقها في حماية البيئة البحرية(ج) وحق البحث العلمي (د) وحق حماية الآثار البحرية (ه).
(أ) الحقوق السيادية للدولة الساحلية على أجرافها القارية: ويلاحظ الحفار الاركيولوجي أنه بموجب اتفاقية جنيف حول الجرف القاري[24]، واتفاقية قانون البحار لعام 1982 [25]، تتمتع الدولة الساحلية بحقوق سيادية لأغراض استكشاف واستغلال الموارد الطبيعية الموجودة في الجرف القاري، وعرفت اتفاقية قانون البحار، الموارد الطبيعية في الأجراف القارية: بأنها الموارد المعدنية والموارد الأخرى غير الحية لقاع البحار وباطنها والكائنات الحية التي يمكن اصطيادها وهي ثابتة في قاع البحار، أو الكائنات الحية التي لاتستطيع التنقل ألا وهي ملتصقة بقاع البحار[26].
ويمكن ملاحظة مجموعة من الملاحظات حول الحقوق السيادية للدولة الساحلية على أجرافها القارية:
الحقوق السيادية للدولة الساحلية حقوق لصيقة بها ولا داع لممارسة هذا الحق لإجراء قانوني معين أو القيام بتصرفات محددة ويعود الفضل لاتفاقية الجرف القاري، ثم نهلت اتفاقية قانون البحار من أباريق هذه الفكرة ويمكن الاستشهاد بحكم محكمة العدل الدولية في قضية الجرف القاري لبحر الشمال[27].
تظهر علامة أخرى مائزة لهذه الحقوق السيادية للدولة على جرفها القاري عبر الوشاح القانوني، وتتجلى هذه الحقوق بأنها مطلقة ويمكن استهجان نظريات مثل حصول الدول الثوالث على جزء من الفائض في الموارد المعدنية، كما هو معمول به في المنطقة الاقتصادية الخالصة بشان الأسماك[28]، أو معاملة مميزة تمنح الدول المحرومة من سواحل أو المتضررة جغرافيا في الجرف القاري، على غرار المعاملة المميزة الممنوحة لهذه الدول في المنطقة الاقتصادية الخالصة[29].
بالرغم من أن الحقوق الممنوحة للدولة الساحلية واسعة إلا أنها وظيفية وتقتصر على استكشاف الجرف القاري واستغلال موارده الطبيعية ويمكن تبتيل هذه الفكرة باتفاقية جنيف للجرف القاري[30]، واتفاقية قانون البحار[31].
ويستخرج أصحاب الهامات الطويلة في القانون الدولي العام أن الدولة الساحلية تملك ترسانة من الحقوق السيادية على مواردها الطبيعية، لا يماري في وجاهتها أحد، ولكن هذه الحقوق السيادية تنكمش وتتضاءل في حالة واحدة وهي انتشار خامات معدنية عبر أجراف قارية لدول متعددة ويحل محل الحقوق السيادية نظام للاستغلال المشترك بين عدة دول ويمكن إشعال فتيل الاهتمام بالسوابق التالية:
- يمكن الاستشهاد بالمادة(2) من معاهدة تحديد الأجراف القارية بين ايطاليا ويوغسلافيا والتي أبرمت في 8 كانون الثاني 1968م والتي نصت على أنه في حالة وجود خامات معدنية متشابكة في الجرفين القاريين للدولتين، وبشكل يسمح لأحد الإطراف باستغلال الموارد المعدنية للطرف الأخر، ستقرر الدولتان، عبر معاهدة دولية، الطريقة التي يمكن بها استغلال هذه المصادر.
- أبرمت معاهدة في 10 أيار عام 1976م بين بريطانيا والنرويج لاستغلال الغاز الطبيعي بعد اكتشافه بين جرفيهما القاريين وتضمنت المعاهدة، التي دخلت حيز التنفيذ في 22 تموز 1977م، نظاما مشتركاً لاستغلال خامات الغاز بين جرفيهما القاريين في بحر الشمال.
وفيما يتعلق بالاستغلال المشترك للأجراف القارية هناك ثلاث طرق هي كالتالي:
النموذج الأول: وهو الأبسط وتقوم فيه دولة باستخراج الموارد المعدنية الموجودة في منطقة مختلفة عليها في الأجراف القارية باسم الدولتين وتشارك الدولة الثانية الأولى في الإرباح ويمكن الدلالة على هذا النموذج الأول الاتفاقية المبرمة عام 1969م بين أبو ظبي وقطر حول حقل البندق حيث قامت شركة أبو ظبي للمناطق البحرية باستغلاله وتم اقتسام عائدات النفط بالتساوي بين الدولتين.
النموذج الثاني: يتجلى باتفاقية تبرم بين الدول وتؤسس هذه الاتفاقية نظاما للشراكة بين الدول وشركات تحمل جنسيتها، والمثال الاتفاق الذي ابرم بين ماليزيا وفيتنام ووافق الطرفان على قيام شركاتهم الوطنية المخولة باكتشاف واستخراج البترول في المناطق المتنازع عليها في الأجراف القارية.
تبرم عدة دول اتفاقية لإنشاء سلطة دولية مشتركة وتتجلى هذه السلطة بصلاحيات واسعة لإدارة المناطق المتنازع عليها نيابة عن الدول والمثال الاتفاقية التي أبرمت عام 1993م بين السنغال وغينا بيساو[32].
(ب) حق الدولة الساحلية في بناء جزر صناعية في جرفها القاري: حين نطلق الفكر حراً على سجيته، نلاحظ أن القانون الدولي العام قلد الدولة الساحلية حق بناء الجزر الصناعية لتمكينها من ممارسة حقوقها السياسية على الموارد الطبيعية الموجودة في جرفها القاري وقد ورد هذا الحق، بصراحة اللونين الأبيض والأسود، في اتفاقية جنيف للجرف القاري[33]، كما قامت اتفاقية قانون البحار بمعالجة النظام القانوني للجزر في الأجراف القارية[34]، وعن طريق الإحالة إلى نظام الجزر في المنطقة الاقتصادية الخالصة[35].
وتثير الجزر الصناعية مسألتين تحتلان مركز العصب والصدارة: المناطق الأمنية التي تنشأ حولها والتخلص من المنشات والجزر الصناعية التي أصبحت ودموية بلغة المحدثين، وهذه الفقرتين يتم معالجتها من خلال اتفاقية جنيف للجرف القاري والتي تنص، على إزالة المنشات المهجورة والتي أصبحت خارج سكة الخدمة يجب أن تستأصل كلياً من أماكن تواجدها[36].
وإما اتفاقية قانون البحار أطلقت تياراً ساخناً من الأفكار قوامة أن الدولة الساحلية يجب أن تزيل المنشآت والجزر البحرية في جرفها القاري من أجل تأمين سلامة الملاحة البحرية، مع الأخذ بعين الاعتبار للضوابط والقواعد الدولية المعترف بها والموضوعة من قبل المنظمة الدولية المختصة. وستقوم الدولة الساحلية بإزالة هذه المنشات، مع الأخذ بعين الاعتبار، للصيد، لحماية الوسط البحري وحقوق وواجبات الدول الأخرى[37].
(ج) حق الدولة الساحلية في حماية البيئة البحرية في جرفها القاري: وتوجد نخبة متموسقة متفاوتة من القواعد لحماية البيئة البحرية في الأجراف القارية للدول ويستطيع المفكر المسلح بقلم لم يقاومه الورق أن يشير إلى النصوص العامة والى النصوص الخاصة، وفيما يتعلق بالنصوص العامة لمقاومة التلويث البحري وهذا يكون إما جماعياً أو بشكل فردي، كل الإجراءات المتطابقة مع اتفاقية قانون البحار للحد من التلويث البحري، تخفيفه والسيطرة عليه، مهما كان مصدره[38].
أما النصوص الخاصة بمقاومة التلويث البحري في الجرف القاري فيمكن إخراجها من خفي إلى جلي والتوقف عند نصين: النص الأول يشير إلى إن الدولة الساحلية يجب إن تتخذ كل الإجراءات الهادفة إلى الحد من التلويث القادم من منشات واليات مستخدمة لاكتشاف واستغلال الموارد الطبيعية في أرضية أعماق البحار[39].
أما النص الثاني من اتفاقية قانون البحار فهو الذي يعطي الدولة الساحلية الحق في تبني التشريعات والمراسيم للوقاية من تلويث البيئة البحرية وتخفيضه بالسيطرة عليه والناتج حول مايدخل في ولايتها من جزر صناعية ومنشات[40].
(د) اختصاص الدولة الساحلية على البحث العلمي في جرفها القاري: ورد حق الدولة الساحلية في إجراء الأبحاث العلمية على أجرافها القارية في المادة 246 من اتفاقية قانون البحار وضعت هذه المادة نظاما موحداً للأبحاث العلمية في المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري، ويظهر التأتي للأشياء إن مسالة الأبحاث العلمية على الجرف القاري لبحر إيجة كانت سبباً من أسباب الخلاف بين تركيا واليونان في بحر ايجة[41].
(ه) اختصاص الدولة الساحلية على الآثار التاريخية الموجودة في جرفها القاري: ومن خلال إعداد اتفاقية قانون البحار،تقدمت مجموعة من الدول المتوسطية باقتراح، وهو سيادة الدولة الساحلية على التحف التاريخية في جرفها القاري وقد سحب هذا الاقتراح في الشق الأول من الجلسة التاسعة لموتمر قانون البحار الثالث ولم ترغب الدول صاحبة المشروع في إن تناقش طويلاً، ولهذا قبلت الدول المعنية القاعدة الواردة في الفقرة 2 مكن المادة 303 من اتفاقية قانون البحار والتي تعطي الدولة صاحبة المنطقة الملامسة وليس الجرف القاري، سيادة على الآثار التاريخية، ولكن صدرت مؤشرات في الفترة الحديثة تروم تسمين وتوسيع اختصاص الدولة الساحلية ليشمل الآثار التاريخية الموجودة في جرفها القاري واستطاع الرادار الأكاديمي، الذي يلتقط الخلجات الإقليمية والعالمية، أن يفرش غلال السوابق التالية:
خلال إعداد معاهدة مجلس أوربا في حزيران عام 1984م لحماية الآثار التاريخية البحرية نشب جدل عميق بين خبراء مكلفين بوضع المعاهدة، وطالب عدد من الأعضاء إدخال الآثار التاريخية الموجودة في الأجراف القارية ضمن سيادة هذه الدول.
أوضحت جمهورية الرأس الأخضر حين التصديق في 10 أب 1987م على اتفاقية قانون البحار لايمكن لأي كان إن يقوم بإزالة الآثار التاريخية الموجودة في جرفها القاري دون الحصول على موافقة السلطة المختصة.
بموجب اتفاقية حماية التراث الثقافي البحري والتي فتحت للتوقيع في 2001م، وتستطيع دولة ساحلية عضو في الاتفاقية المذكورة، إن تمنع أي تدخل على الآثار التاريخية الموجودة في جرفها القاري، وذلك لمنع أي اعتداء على حقوقها السيادية أو ولايتها المعترف لها بموجب القانون الدولي المعترف[42]، ويلاحظ إن اتفاقية قانون البحار لعام 1982م كانت خالية من الإشارة على هذا الاختصاص خلو الصخرة الملساء من الماء[43].
المطلب الثالث: حقوق الدول الثوالث في الجرف القاري
يحلو لأهل المعلومات والمناطقة أن يلاحقوا هذه الحقوق حتى أخر برغي ويظهر العصف الفكري المستخدم لإنطاق صوامت النصوص أن الدول الثوالث تتمتع في الجرف القاري لدولة مابحق الملاحة(أ) وبحق زرع الكابلات البحرية(ب) ومن المشكوك فيه أن تستطيع الدول الثوالث بناء منشآت عسكرية في الأجراف القارية للدولة الساحلية(ج).
(أ) حق الملاحة: نصت اتفاقية جنيف للجرف القاري على أن حقوق الدولة الساحلية لا تلحق الضرر بنظام المياه الطافية فوق جرفها القاري ولا على المجال الممتد فوق المياه الطافية[44]، كما نصت اتفاقية جنيف أن اكتشاف الجرف القاري واستغلال مواردها المعدنية يجب أن لا يضيق، وبشكل غير مبرر، الملاحة والصيد والمحافظة على الثروة السمكية[45]، والتفسير المنطقي للقاعدة الأخيرة يشي ويشير إلى أن الدولة الساحلية تستطيع تحديد حرية الملاحة بشكل واسع، شريطة أن تكون مبررة بغايات اكتشاف واستغلال الجرف القاري، ويلاحظ إن اتفاقية قانون البحار حول هذه النقطة امتصت من الرحيق المعرفي لاتفاقية جنيف للجرف القاري[46]، ولكن السياق أصبح في عام 1982م مختلفاً.
(ب) حرية زرع الكابلات البحرية: لا تسمح اتفاقية جنيف للجرف القاري للدولة الساحلية بتوسيع الشقوق وتضييق الانفراجات لتعطيل زرع الكابلات والأنابيب البحرية في جرفها القاري من قبل الدول الأخرى[47]، وأباحت اتفاقية جنيف مع ذلك للدولة الساحلية صلاحية اتخاذ الإجراءات المنطقية من أجل المحافظة على حقها في اكتشاف واستغلال جرفها القاري، وقد حافظت اتفاقية 1982م على حرية زرع الكوابل البحرية من قبل الدول الثوالث[48]، إلا أنها وسعت من القيود المفروضة على عاتق الدول الثوالث:
- يمكن للدولة الساحلية أن تتخذ الإجراءات المنطقية، ليس من أجل اكتشاف واستغلال جرفها القاري فقط وإنما أيضا من اجل مقاومة وتخفيض، السيطرة على التلويث[49].
- يجب أن يحصل مسار الكابلات والأنابيب على موافقة الدولة الساحلية صاحبة الجرف القاري[50].
(ج) الشكوك حول حق الدول الثوالث في بناء المنشات العسكرية على الأجراف القارية للدولة الساحلية: قامت المكسيك، وبتأييد 36 دولة، خلال مؤتمر قانون البحار الثالث، بتقديم اقتراح يمسك عصا الإشكالية من الوسط ويطالب أية دولة ترغب ببناء منشآت عسكرية في الجرف القاري لدولة ما إن تحصل على موافقة الدولة الساحلية وقد تفسخ هذا الاقتراح كجثة ضبع عقور[51]، ولكن هذا لا يعني إن الدول تملك صلاحية مطلقة في بناء منشات عسكرية في الأجراف القارية للدول الأخرى، وفي اعتقادنا تملك الدولة الساحلية مجموعة من الوسائل القانونية تفقأ الحصرم في عيون الدول التي ترغب ببناء منشات عسكرية على أجرافها القارية:
تستطيع الدولة الساحلية إن تعتمد على الفقرة (4) من المادة 79 من اتفاقية قانون البحار لعام 1982م التي تشترط موافقة الدولة الساحلية على كل مشروع لبناء قاعدة، أو زرع كابل، يوثران على حقوقها.
يمكن للدولة الساحلية إن تمنع بناء المنشات على جرفها القاري إذا كانت مخصصة للبحث العلمي، كما يمكن لها أن تمنع إعمال التنقيب والأبحاث العلمية التي تودي إلى تفجيرات[52]، كما يمكنها رفض أي مشروع للبحث العلمي يعتمد على معلومات مزيفة[53].
الخاتمة
أولاً: النتائج:
ومن خلال ما تم عرضه في بحث المياه الإقليمية والقواعد المنظمة لها توص الباحث الى أهم النتائج وهي كالآتي.
تحديد المياه الإقليمية والدولية يساعد في تنشيط التعاون بين مختلف الدول لمكافحة الجريمة المنظمة والقرصنة البحرية والجوية، بالإضافة إلى الاتجار غير المشروع في المخدرات وغيرها من الجرائم المتفق على تحريمها دولياً.
عدم تفعيل الاتفاقيات الدولية بين مختلف الدول على الصعيد الإقليمي والدولي خاصة في مجال التعاون الأمني ساعد على انتشار الجريمة الدولية كالمخدرات والقرصنة البحرية بتردد الأطراف المختلفة مكافحتها.
هنالك تأثير مباشر للنزاعات الإقليمية والمحلية على استقرار الحدود الدولية والمياه الإقليمية والدولية.
تخوف بعض الدول الإقليمية من استغلال الدول العظمى جرائم القرصنة البحرية لتنفيذ مخططاتها الإستراتيجية ضد الدول الأخرى مما يؤدي إلى عدم التعاون بين الدول ومن ثم انتشار الظاهرة.
ثانياً: التوصيات:
العمل على تفعيل الاتفاقيات الإقليمية والدولية الخاصة بالمياه الإقليمية منعاً للنزاع.
تعاون الدول في تنفيذ الاتفاقيات الخاصة بمكافحة الجرائم الدولية؛ خاصة المخدرات والقرصنة البحرية، وتكثيف الجهود الدولية بعيداً عن التكتلات الإقليمية.
وضع أطر محدودة لتحديد المياه الإقليمية، وفق القانون الدولي والاتفاقيات الخاصة بها.
العمل على وضع رؤية جديدة لمسار العلاقات الدولية بزوال الحدود اقتصادياً بموجب الاتفاقيات مع مراعاة التعاون بين الدول في المجالات السياسية والأمنية والاجتماعية وفق القواعد والقوانين الدولية.
تفعيل الاتفاقيات الخاصة بمراعاة حقوق الإنسان بين طرفي الحدود الدولية بين مختلف الدول، بمراعاة جوانب القانون الدولي الخاص المرتبط بالحقوق المدنية للقوميات التي تعيش بين جانبي الحدود.
مساعدة الدول الإقليمية المضطربة على حل نزاعاتها الداخلية لتتمكن من فرض سيادتها على حدودها البرية والجوية ومياهها الإقليمية.
تكثيف الجهود الوطنية والتعاون الثنائي والإقليمي والدولي، حسبما يقتضيه الأمر من أجل تحسين مراقبة الحدود والضوابط الجمركية بغية منع وكشف الاتجار غير المشروع.
[1] علوي أمجد علي، الوجيز في القانون الدولي العام، أكاديمية شرطة دبي، السنة 2002م، ص :252.
[2] لسان العرب، مادة: (بحر)، 1 / 390، والموسوعة الكويتية، 8 / 14.
[3] د. محمد المجذوب، القانون الدولي العام، ص :359.
[4] د. غسان هشام أحمد صدقي الجندي، الشهب اللامعة في قانون البحار، مطبعة الشرق ومكتبتها، الطبعة الأولى، عمان، السنة 2014 م، ص:58.
[5] د. غسان هشام أحمد صدقي الجندي، المرجع السابق، ص:59.
[6] راجع المادة(1) من اتفاقية جنيف للبحر العام.
[7] د. غسان هشام أحمد صدقي الجندي، الشهب اللامعة في قانون البحار، المرجع السابق، ص:166.
[8] محمد سعيد الدقاق، القانون الدولي العام، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، ص: 337.
[9] راجع اتفاقية شيكاغو لسنة 1944م.
[10] مأمون مصطفى، القانون الدولي العام، روائع المجدلاوي، الأردن، السنة 2002م.
[11] راجع احكم المادة (99) من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار 1982م.
[12] محمد سعيد الدقاق، القانون الدولي العام، المرجع السابق، ص :338 .
[13] محمد سعيد الدقاق، القانون الدولي العام، المرجع السابق، ص :34 .
[14] راجع المادة (108) من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
[15] اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، المادة (109).
[16] راجع المادة (111) من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
[17] مأمون مصطفى، القانون الدولي العام، المرجع السابق، ص126.
[18] تفسير ابن كثير، المجلد الثالث، ص664.
[19] محمد البشير الشافعي، القانون الدولي العام، السلم والحرب، دار المعارف، الإسكندرية، 1971م، ص:300.
[20] راجع اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، لعام 1982م.
[21]www.fao.org/docrep/004/x3307a/x3307a.htm
[22] د. غسان هشام أحمد صدقي الجندي، الشهب اللامعة في قانون البحار، المرجع السابق، ص:81.
[23] مأمون مصطفى، القانون الدولي العام، المرجع السابق، ص107.
[24] المادة (2) من اتفاقية جنيف حول الجرف القاري.
[25] الفقرة (1) من المادة 77 من اتفاقية 1982م.
[26] الفقرة(4) من المادة 77 من اتفاقية 1982م.
[27] د. غسان هشام الجندي، الشهب اللامعة في قانون البحار، المرجع السابق، ص: 120.
[28] المادة (62) من الاتفاقية المذكورة.
[29] المادة (69 و70) من الاتفاقية المذكورة.
[30] الفقرة(1) المادة (2) من اتفاقية 1958م.
[31] الفقرة(1) من المادة( 77) من اتفاقية قانون البحار 1982م.
[32] د. غسان هشام الجندي، الشهب اللامعة في قانون البحار، المرجع السابق، ص: 123.
[33] الفقرات (2-6) من المادة (5) من اتفاقية عام 1958م.
[34] المادة (80) من اتفاقية 1982م.
[35] المادة(60) من الاتفاقية المذكورة.
[36] الفقرة (2) من المادة(5) من اتفاقية جنيف للجرف القاري.
[37] الفقرة (3) من المادة (60) من اتفاقية قانون البحار.
[38] الفقرة (1) من المادة(194) من الاتفاقية المذكورة.
[39] الفقرة (3) من المادة(194) من الاتفاقية المذكورة.
[40] المادة (208) من اتفاقية قانون البحار.
[41] د. غسان هشام الجندي، الشهب اللامعة في قانون البحار، المرجع السابق، ص:126.
[42] الفقرة (2) من المادة (10) من الاتفاقية المذكورة.
[43] د. غسان هشام الجندي، الشهب اللامعة في قانون البحار، المرجع السابق، ص:127-128.
[44] المادة (3) من الاتفاقية.
[45] الفقرة (2) من المادة(5) من الاتفاقية.
[46] الفقرة (2) من المادة(87) من اتفاقية 1982م.
[47] المادة (4) من الاتفاقية.
[48] الفقرة (1) من المادة 79 من اتفاقية 1982م.
[49] الفقرة (21) من المادة 79 من الاتفاقية.
[50] الفقرة (3) من المادة 79 من الاتفاقية.
[51]ALconf62/C.2/L42Rev 1du13aout1974.