تاريخ الاستلام 2022/10/1    تاريخ القبول: 2022/11/11

حقوق الطباعة محفوظة لدى مجلة كلية القانون والعلوم السياسية في الجامعة العراقية

حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمؤلف

حقوق النشر محفوظة للناشر (كلية القانون والعلوم السياسية - الجامعة العراقية)

CC BY-NC-ND 4.0 DEED

Printing rights are reserved to the Journal of the College of Law and Political Science at Aliraqia University

Intellectual property rights are reserved to the author

Copyright reserved to the publisher (College of Law and Political Science - Aliraqia University)

Attribution – Non-Commercial – No Derives 4.0 International

For more information, please review the rights and license

DOI 10.61279/nbc05c61

صلاحيات امر الضبط

وموقفه من نظامي الجمع والفصل بين السلطات

في قانون اصول المحاكمات الجزائية

لقوى الامن الداخلي رقم 17 لسنة 2008

The powers of the Control Commander and its position on the

two systems of combining and separating powers in the Code of

Criminal Procedure for the Internal Security Forces No. 17 of 2008 

أ . د  هدى هاتف مظهر

الباحث ايمن سعدي حميد

جامعة النهرين - كلية الحقوق

Prof.Hoda Hatif Mazhar

Research Ayman Saadi Hamid

AL-Nahren  University-  College of Law      

المستخلص

اغلب التشريعات القضائية العسكرية تميل إلى تقريب الأحكام الخاصة بالقضاء العسكري مع الأحكام الواردة في التشريعات العامة في الدولة وبخاصة القضاء العادي، وذلك لتحقيق التناسق الكامل بين التشريعات العقابية والجزائية للدولة كونها تشريعات متكاملة تعتنق مبادئ واحدة نظرا لفائدتها التي تعود على القضاء العسكري باتحاده مع المبادئ العامة للتشريعات العامة مستفيدا من الأحكام والمبادئ القانونية المستقرة وفي ظل تعدد القوانين الإجرائية وما استقرت عليه من ضوابط وقواعد شكليه تتفق من حيث الأثر الاجرائي المتمثل في تفعيل القانون الموضوعي وضبط مسارات الدعوى الجزائية في مراحلها المتعددة للوصول الى الحكم البات فيها واستقرار المراكز القانونية لأطرافها, نجد ان (قانون أصول المحاكمات الجزائية لقوى الامن الداخلي رقم 17 لسنة 2008) انفرد بضوابط وقواعد وتشكيلات اجرائية تتناسب مع اهدافه وطبيعة الجرائم التي يعالجها والصفة الشخصية لمرتكبيها او المتهمين بها ومنها تشكيل (آمر الضبط) (اي رئيس الدائرة او المؤسسة الامنية) وقد منحت هذه الجهة عدة صلاحيات ادارية وجزائية في ذات الوقت كما جمعت بين عدة سلطات اجرائية استثناءا من القاعدة العامة لذا تناولنا هذه الجهة  بالتحليل والتأصيل واستقراء مفردات النصوص التي تناولتها لتشخيص الاخطاء التنظيمية والتشريعية التي اعترتها بغية معالجتها وايجاد الحلول التشريعية المناسبة لها.

Abstract

In light of the multiplicity of procedural laws and the formal controls and rules that have settled on them, they are consistent in terms of the procedural effect represented in activating the substantive law and controlling the paths of the criminal case in its various stages in order to reach the final judgment in it and the stability of the legal positions of its parties, we find that (Criminal Procedure Code of the Internal Security Forces No. 17 of 2008) is unique to controls, rules, and procedural formations commensurate with its objectives, the nature of the crimes it deals with, and the personal characteristics of its perpetrators or suspects, including the formation of the (seizure order) (i.e. the head of the security department or institution). This authority has been granted several administrative and penal powers at the same time. Several procedural authorities are an exception to the general rule, so we dealt with this authority by analyzing, rooting, and extrapolating the vocabulary of its texts in order to diagnose the organizational and legislative errors that it encountered in order to address them and find appropriate legislative solutions for them.

المقدمة

يقصد بالسلطة او الصلاحية القوة او الحق في التصرف واتخاذ القرارات واصدار الاوامر سواء تعلقت بالقيام بعمل او الامتناع عنه والزام الاخرين على الالتزام بهذه الاوامر وتعرف باللغة الإنجليزية بمصطلح (Authority)، وهي التأثير باستخدام القوة على مجموعة من الأفراد، أو الجهات من خلال التحكم بإصدار القرارات النهائية وفق مجموعة من القواعد القانونية وتوجيه السلوك لمجموعة من الأشخاص، من خلال التأثير عليهم وفقاً لتطبيقات وأحكام تشريعيّة تحصل عليها السلطة بناءً على موقعها في قمة الهرم الإداري , ويمثل امر الضبط رأس الهرم في قوى الامن الداخلي , لذا كانت المهمة الاساسية لهذا البحث تتضمن دراسة الضوابط الاجرائية الجزائية المتعلقة بآمر الضبط وصلاحياته وموقفه من نظامي الجمع والفصل بين السلطات في قانون اصول المحاكمات الجزائية لقوى الامن الداخلي رقم 17 لسنة 2008 من خلال تحديد الخصائص التي تعتري تلك النصوص والتي تم ادراجها ضمن مفردات ومواضيع مشروع قانون الاصول الجزائية لقوى الامن الداخلي , ودراسة مدى انسجامها ومواءمتها مع الجهات الاجرائية في قانون الاصول الجزائي العام رقم 23 لسنة 1971 من حيث تحقيق فكرة الامن القانوني شكلا وموضوعا والحد من ظواهر التضخم او الاختصار في النصوص والتشكيلات الاجرائية والتداخل بين النظامين الجنائي والانضباطي مع مراعاة خصوصية صفة الفئة التي يسري عليها والمتمثلة بالصفة العسكرية لعناصر قوى الامن الداخلي .

اهمية البحث

تكمن اهمية هذا البحث في تسليط الضوء على الضوابط  والقواعد الاجرائية العامة التي اعتمدها المشرع في تنظيم عل امر الضبط الاجرائي والاداري في قانون اصول المحاكمات الجزائية لقوى الامن الداخلي وبيان مدى مواءمتها وتوافقها مع المبادئ العامة في التشريعات الاجرائية الجزائية. وما مدى نجاح المشرع في الوصول الى تحقيق العدالة الجنائية و التوازن في التقاضي بين المصلحة العامة للمؤسسة الامنية المتمثلة بتامين الضبط العسكري و سيرها بانضباط عال والاقتصاص من المخالفين وبين المصلحة الخاصة للمتهم المتمثلة بضماناته وحريته وحقوقه في التقاضي للدفاع عن نفسه.

اشكالية البحث

تتلخص اشكالية في مجموعة من الاسئلة  الاتية : ما النواقص التشريعية والاخطاء التنظيمية التي اعترت النصوص المتعلقة بالعمل الاجرائي لآمر الضبط في قانون الاصول الجزائية لقوى الامن الداخلي والتي اغفلها المشرع ؟ وما الدور الاجرائي لآمر الضبط وما هي الجدوى من ابتكار هذا التشكيل الإجرائي من حيث الاليات التي يسير عليها او النتائج التي يحققها, وما مدى قدرته على إدارة الدعوى وهل تتوافر فيه المؤهلات العلمية والعملية المطلوبة والتي تمكنه من ممارسة ذلك؟ وهل اعتمد نظام الجمع او الفصل بين سلطات الاتهام والتحقيق والاحالة ؟ وهل ان امر الضبط هو صاحب  الاختصاص الاصيل ام هناك ازدواجية في عمله؟

منهج البحث

اعتمد الباحث في هذا البحث على عدة مناهج علمية تمثلت بالمنهج التحليلي والمنهج الوصفي الاستقرائي بدراسة تحليلية وذلك من خلال استقراء وتحليل جزئيات مواد قانون اصول المحاكمات الجزائية لقوى الامن الداخلي رقم 17 لسنة 2008 الخاصة بمرحلة التحقيق الابتدائي بدقة وتعمق فضلا عن تحديد وجمع المبادئ والقواعد العامة التي تحكمه بصورة موضوعية ومقارنتها بذات المبادئ والاجراءات في قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 لاستظهار مواطن الاخطاء والنواقص التشريعية ومعالجتها.

خطة البحث

وجدنا ان الاحاطة بموضوع الضوابط  والمبادئ والقواعد الاجرائية المتعلقة بالصلاحيات الممنوحة لآمر الضبط وموقفه من نظامي الجمع والفصل بين السلطات في قانون اصول المحاكمات الجزائية لقوى الامن الداخلي رقم 17 لسنة 2008 تقتضي منا بحثه في مبحثين وتقسيم كل مبحث الى ثلاثة مطالب حيث يتضمن المبحث الاول بيان صلاحياته الادارية والجزائية وطرق فرض العقوبة الانضباطية وفي المبحث الثاني سنتطرق بالشرح والتأصيل  الى انظمة الجمع او الفصل بين السلطات الاجرائية والموقف الذي تبناه المشرع فيما يخص امر الضبط حول تبني هذه الانظمة .

المبحث الاول

الصلاحيات الانضباطية (التأديبية) والصلاحيات الاجرائية الجزائية

المطلب الاول: الصلاحيات الانضباطية

يتمتع امر الضبط في القوانين الجزائية (الموضوعية والشكلية) لقوى الامن الداخلي بصلاحيات ادارية انضباطية بصفته رئيس دائرة تنفيذية ويشغل وظيفة عامة في الدولة  تتطلب تنظيم اعمال الادارة لها بما يضمن حسن سير المرفق العام بانتظام واطراد باعتباره سلطة ادارية رئاسية تمارس الرقابة الداخلية او الذاتية على مرؤوسيها[1]، وقد نص على تلك الصلاحيات الادارية في القوانين الجزائية لقوى الامن الداخلي على سبيل الاستثناء وذلك لعدم خضوع افراد قوى الامن الداخلي لقانون انضباط موظفي الدولة فيما يتعلق بالتنظيم الاداري والجرائم والجزاءات الادارية وذلك لضمان سرعة الاجراءات واختصارها وتامين الضبط العسكري والانتظام العالي داخل المؤسسة الامنية وتوقيع الجزاء بالمخالف للأنظمة والتعليمات التي تصدر من المرجع الاعلى فيها.

حيث لا يخضع رجل الشرطة لإحكام قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم 14 لسنة 1991 بموجب البند ثاني من المادة 4 منه التي نصت على انه (لا يخضع لإحكام هذا القانون منتسبو القوات المسلحة وقوى الأمن الداخلي وجهاز المخابرات الوطني والقضاة واعضاء الادعاء العام الا اذا وجد في قوانينهم نص يقضي بتطبيق احكامه) وحيث لم يتضمن نص في قوانين قوى الامن الداخلي يقضي بتطبيق احكامه فلا يصح فرض اي جزاء[2] او اجراء اداري منصوص عليه في قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام على افراد قوى الامن الداخلي لذلك فان افراد قوى الامن الداخلي يخضعون لنظام انضباطي خاص تناوله المشرّع في القوانين الجزائية لقوى الامن الداخلي على سبيل الاستثناء نظرا لطبيعة وظائف قوى الامن الداخلي مما يتطلب وجود احكام خاصة في تقرير مسألتهم الانضباطية بشيء من الخصوصية في الاحكام القانونية ويعد مسلكا محمودا فهو امر مستقر في اغلب النظم القانونية المقارنة[3] وقد اقرت صلاحيات امر الضبط في الجزاءات الادارية في المادة 3/اولا/ب الخاصة بتعريف امر الضبط حيث تضمنت عبارة (... والمخول قانونا صلاحية فرض العقاب على من هو تحت امرته ضمن سلطته في جرائم الضبط. ..) ونص على تلك العقوبات الانضباطية في قانون عقوبات قوى الامن الداخلي على سبيل الاستثناء ايضا في المواد 43 و44 منه ولكن اشترط المشرّع لممارسة امر الضبط صلاحياته الادارية بفرض الجزاءات الادارية ان تكون ضمن محاكمة موجزة تجري امامه يحاكم فيها رجل الشرطة عن المخالفات الانضباطية والتأديبية التي تصدر منه وقد تناولت المادة 18 تلك الصلاحيات الخاصة بمحكمة امر الضبط بالنظر في المخالفات والعقوبات الانضباطية بقولها (تختص محكمة آمر الضبط بالنظر في المخالفات و العقوبات الانضباطية المنصوص عليها في المادتين (43) و (44) من قانون عقوبات قوى الامن الداخلي رقم 14 لسنة 2008, والمحاكمة الموجزة اشبه ما تكون باللجنة التحقيقية المشكلة في قانون انضباط موظفي الدولة من حيث الية التشكيل والاجراءات المتخذة ونوع المخالفة المنظورة والعقوبة المفروضة من قبلها واللتان تتصفان بالصفة الانضباطية الا ان المشرّع اسبغ عليها الصفة الجزائية من خلال اطلاق مصطلح المحكمة عليها و النص على اجراءاتها ضمن قانون جنائي. كما نص على الصلاحيات الادارية في المادة 10 /اولا وثانيا وثالثا ورابعا وخامسا[4] المتعلقة بصلاحيته بالتصرف بالتحقيق في حالة كون الجريمة انضباطية وفرض العقوبات الانضباطية المخول بفرضها.

وقد ورد مصطلح السلطة الجزائية لإمر الضبط في المادة  20 / ثانيا بقولها (لا يجوز فرض عقوبة على من هو برتبة عميد أو عقيد ألا ممن هو برتبة لواء أو ممن خول السلطة الجزائية لهذه الرتبة) كما ورد في المادة 21 بقولها (للوزير أن يخول أيا ًمن آمري الضبط سلطة جزائية لاستعمالها لمعاقبة من كان تحت إمرته) وفي المادة 23/ثانيا بقولها (.. اذا ظهر ان الفعل المسند الى المتهم يعد جريمة من جرائم الضبط فله ان يفرض العقوبة المناسبة ضمن نطاق صلاحياته الجزائية. ..) والمادة 23/رابعا بقولها (لآمر الضبط الأعلى درجة بعد تدقيق القضية المعروضة عليه فرض العقوبة المناسبة وفقاً لصلاحيته الجزائية أو إحالة القضية على المحكمة المختصة ) وبالاطلاع على متن المادة 23/ثانيا يتضح لنا ان المقصود بصلاحية امر الضبط الجزائية هنا هي صلاحياته بفرض العقوبة الانضباطية على المتهم بارتكاب جرائم ضبط وهي بذلك صلاحية إدارية تأديبية بفرض جزاءات ادارية وليست صلاحية جزائية جنائية[5] على الرغم من الطبيعة الجنائية البحته التي تتسم بها بعض تلك الجزاءات كاعتقال الدائرة او اعتقال الغرفة المنصوص عليها في المادة 43 و 44 من قانون عقوبات قوى الامن او الحبس المنصوص عليه في الملحق الخاص بالمادة 20/ اولا  فهي عقوبات مقيدة وسالبة للحرية ولا يمكن وصفها بعقوبات ادارية.

كما وردت الصلاحيات الادارية لآمر الضبط عند ممارسته سلطة التحقيق بنفسه مع المتهم بنص المادة 15/ثانيا والمتعلقة بسحب يد رجل الشرطة الموقوف طيلة مدة توقيفه وهو بذلك يمارس دور رئيس الدائرة التنفيذية المنصوص عليها في المادة 17 من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام النافذ.

ويبدو ان قصد المشرّع الخاص بإيراده مصطلح الصلاحيات الجزائية لآمر الضبط دون تحديد طبيعتها القانونية من حيث كونها صلاحيات ادارية انضباطية ام صلاحيات جنائية ومحاولة الابتعاد عن تحديد تسميتها بدقة هو التوفيق بين الطبيعة المزدوجة للعقوبات الانضباطية المخول بفرضها امر الضبط من حيث كون البعض منها ذو طابع اداري والبعض الاخر ذو طابع جنائي وكان الاجدر بالمشرّع الخاص تسمية الصلاحيات بمسمياتها ودلالتها القانونية ورفع مصطلح (الجزائية) كونه يوحي بان امر الضبط هو جهة قضائية مستقلة تتمتع بالصلاحيات الجزائية الخاصة بالسلطة القضائية علما بان مركزه واختصاصه القانوني في فرض العقوبة الانضباطية هو اداري وليس جزائي فضلا عن ان  في ذلك تعارض بالمعنى وتضارب بين مفردات المادة التي وضعت المعاقبة على جرائم الضبط ضمن الصلاحيات الجزائية[6] لآمر الضبط.

المطلب الثاني: الصلاحيات الاجرائية الجنائية

وردت الصلاحيات الجنائية لأمر الضبط في المادة (4) الخاصة بتلقي الاخبار او الشكوى والمادة 5 و6 من قانون اصول المحاكمات الجزائية لقوى الامن الداخلي والخاصة بتحريك الدعوى الجزائية ومباشرتها من خلال التحقيق بنفسه او تكليف ضابط او تشكيل مجلس تحقيقي لمباشرة التحقيق الابتدائي باعتباره سلطة اتهام اصالة وسلطة تحقيق استثناءً حيث يمارس التحقيق الابتدائي بموجب الفقرة اولا من المادة (5) ويقابله في ذلك قاضي التحقيق في قانون اصول المحاكمات الجزائية العام، فيعد الاتهام والتحقيق الابتدائي مع رجل الشرطة فروعا من السلطة الجنائية لآمر الضبط[7]، وتجدر الاشارة الى ان المادة 5/اولا منحت امر الضبط سلطة الاتهام (تحريك الدعوى الجزائية ومباشرتها) وسلطة التحقيق عند اجراء التحقيق بنفسه مع المتهم  وسلطة الحكم عند فرض العقوبات ضمن سلطته القانونية اذا تبين بان الجريمة من جرائم الضبط  وذلك بموجب المادة (10) من ذات القانون, وفي ذلك تعارض مع المبدأ القانوني العام في الفصل بين سلطة الاتهام والتحقيق والحكم الذي اعتمده المشرّع العراقي في قانون اصول المحاكمات الجزائية العام فضلا لما يمثله ذلك من مساس بالضمانات الاساسية للمتهم من افراد قوى الامن وحقوقه وحريته في حالة التقاضي.

وكذلك وردت تلك الصلاحيات في المادة 20 /اولا في الجدول الملحق بها والمتضمنة صلاحية امر الضبط بفرض عقوبة الحبس التي قد تصل الى 30 يوم  علما بان هذه العقوبة لم تدرج ضمن العقوبات الانضباطية المنصوص عليها في قانون عقوبات قوى الامن الداخلي وانما ادرجت في المادة 2/اولا منه تحت عنوان العقوبات الاصلية فضلا عن صلاحيته بفرض عقوبات اعتقال الدائرة او اعتقال الغرفة المنصوص عليها في المادة 43 و 44 من قانون العقوبات الخاص المدرجة تحت عنوان العقوبات الانضباطية والتي تنطوي على مفهوم تقييد حرية الشخص واحتجازه  لذا فهي عقوبات جنائية مقيدة وسالبة للحرية فتكتسب بذلك الصبغة الجنائية.

ويبدو ان المشرّع الخاص استند في تقرير تلك الصلاحيات الجنائية الى المادة 99 من الدستور التي نصت على انه (ينظم بقانون القضاء العسكري ويحدد اختصاص المحاكم العسكرية التي تقتصر على الجرائم ذات الطابع العسكري التي تقع من افراد القوات المسلحة، وقوات الامن وفي الحدود التي يقررها القانون) حيث وصف الدستور التشكيل المكلف بمحاكمة و معقابة افراد قوى الامن الداخلي وافراد القوات المسلحة (بالقضاء العسكري) واشارة المادة 2 من قانون اصول المحاكمات الجزائية لقوى الامن الداخلي بان محكمة امر الضبط من ضمن محاكم قوى الامن الداخلي[8] لذا  فان صلاحيات امر الضبط  ضمن محكمة امر الضبط وفقا لما ورد اعلاه تمثلت بصلاحيات جنائية باعتباره قاضي ضمن محكمة تابعة للقضاء العسكري ويمارس سلطته كقاضي استنادا لنص دستوري واضح وصريح، وفي ذلك دلالة على استكانة المشرّع الى مبدأ الدمج بين النظام التأديبي والنظام الجنائي بصورة ضمنية ضمن قانون اصول قوى الامن الداخلي[9].

كما نصت المادة 137/ب من قانون اصول المحاكمات الجزائية العام على انه (يجوز منح الموظفين المدنيين من غير القضاة سلطة قاضي جنح بقرار من رئيس مجلس القضاء الاعلى بناء على اقتراح من الوزير المختص لممارسة السلطات الجزائية المنصوص عليها في القوانين الخاصة التي تخول منحهم ذلك.) فمحكمة امر الضبط وفقا لهذا المفهوم هي محكمة جنح وصلاحياته هي صلاحيات جنائية الا ان المادة 19/ثانيا من الدستور العراقي نصت على انه (لا جريمة ولا عقوبة الا بنص) ولم يتم النص على الجريمة التي يعاقب عليها بعقوبة الحبس كون الجرائم التي تدخل ضمن صلاحيات امر الضبط هي جرائم ضبط وهي جرائم غير محددة بنص كما ورد في المادة 18 من قانون اصول المحاكمات الجزائية لقوى الامن الداخلي التي نصت على اختصاص محكمة امر الضبط بالنظر في المخالفات والعقوبات الانضباطية فقط دون الجرائم الجنائية، فضلا على ان امر الضبط تم منحه بموجب المادة 14 سلطة فرض اي من العقوبات المنصوص عليها في الجدول المرفق بالمادة (20/اولا) مباشرة بما فيها عقوبة الحبس دون تشكيل محكمة امر الضبط حيث وردت تلك المادة في الفصل الخاص بمرحلة الاخبار والتحقيق الابتدائي وتحديدا الفرع الرابع المتعلق بتوقيف رجل الشرطة قبل التطرق الى محكمة امر الضبط واختصاصاتها وتشكيلها واجراءاتها الواردة في المادة 18 من ذات القانون مما يفهم بانها تخويل بقوة القانون لآمر الضبط بفرض تلك العقوبات ذات الطبيعة الجنائية والانضباطية المزدوجة بصورة مطلقة دون قيد او شرط وفي ذلك اخلال بضمانات التقاضي ومساس بحقوق افراد قوى الامن وحريتهم وتعسفا في استخدام الصلاحيات القانونية المنوطة بآمر الضبط.

ويتضح لما ورد اعلاه ان محكمة امر الضبط هي محكمة تأديبية وليست محكمة جنائية وفقا لما ورد اعلاه فضلا عن عدم وجود احد عنصري القضاء وهو الادعاء العام[10] مما يستدعي ازالة ورفع التناقض والتضارب بين نصوص القانون والتعارض مع المبادئ الدستورية والنصوص والمبادئ الواردة في القوانين الجنائية فامر الضبط لا يتعدى مركزه القانوني من ان يكون سلطة ادارية رئاسية تابعة للسلطة التنفيذية لا ترقى الى سلطة قاضي ضمن محكمة جنائية حتى وان منح سلطات جزائية. 

ويرى الباحث بضرورة تعديل نص المادة (2) من قانون اصول المحاكمات الجزائية لقوى الامن الداخلي  ورفع  محكمة امر الضبط من ضمن محاكم قوى الامن الداخلي باعتبارها محكمة تأديبية ورفع الصلاحية المنوطة بآمر الضبط في فرض عقوبة الحبس او الاعتقال كونها عقوبات جنائية لا تدخل ضمن اختصاصه الانضباطي والاكتفاء بمنحه السلطة التأديبية في تحديد جرائم الضبط وفرض الجزاءات الانضباطية.

كما وردت تلك الصلاحيات الجنائية في المادة (10 / سادسا) بخصوص احالة الاوراق التحقيقية الى محكمة قوى الامن الداخلي باعتباره جهة احالة للدعوى الجزائية الخاصة فيمارس هنا صلاحيات تتماثل مع صلاحيات قاضي التحقيق في قانون اصول المحاكمات الجزائية العام العراقي و صلاحيات النيابة العامة في قانون الاجراءات المصري.

وقد وردت صلاحيات امر الضبط الجنائية في المواد 42 و 56 المتعلقة بتحريك الدعوى الجزائية ومباشرتها بقرار صادر من المحاكم باعتباره سلطة تحقيق في الدعوى الجزائية الخاصة و جهة احالة لها  ضد المخالف بكلام او تصرف يمس هيبة محكمة قوى الامن الداخلي او ضد متهم جديد او واقعة جديدة يظهرون اثناء المحاكمة ولم يتطرق التحقيق الابتدائي لهم وذلك بناءً على قرار قضائي صادر من المحاكم وهو ما يعرف في الفقه المصري بحالة التصدي للمتهمين الجدد او الوقائع الجديدة التي اغفلتها جهة التحقيق. 

كما وردت تلك الصلاحيات في المادة 17/ثانيا والمتعلقة بصلاحية امر الضبط  بتمديد مدة توقيف رجل الشرطة المتهم لمدة لا تزيد على 90  يوما (3 اشهر)  وهو بذلك يمارس صلاحيات مماثلة لصلاحيات  قاضي التحقيق المنصوص عليها في المواد 109 من قانون اصول المحاكمات الجزائية العام مع وجود اختلاف من حيث المدة المحددة وكيفية حسابها.

ويتضح لنا ان المشرّع الجزائي الخاص قد منح امر الضبط صلاحيات ادارية و جزائية دون ان يضع حدا فاصلا يميز بينهما فمن حيث نوع العقوبة التي تدخل ضمن صلاحياته نجد بعض العقوبات وهي التوبيخ السري والعلني والتضمين وقطع الراتب تخضع لمبدأ (لا عقوبة الا بنص) وهو مبدأ خاص بالقانون الاداري وطبيعتها تتمثل بعقوبات انضباطية تأديبية اما العقوبات الاخرى وهي الحبس واعتقال الدائرة او الغرفة  فهي تخضع لمبدأ (لا جريمة ولا عقوبة الا بنص) وتمتاز بالطبيعة الجنائية  حيث منح امر الضبط صلاحية فرض عقوبة الحبس دون النص على الجريمة وفي ذلك خطأ تشريعي ينبغي تداركه من قبل المشرّع، اما من حيث التشكيل والاجراءات  فان محكمة امر الضبط  تتشابه مع اجراءات محكمة الجنح عند المحاكمة بدعوى موجزة والتي تتسم بإجراءات مختصرة وموجزة في جرائم الجنح البسيطة والمخالفات[11]  وتتشابه ايضا من حيث  نوع العقوبة ومدة الطعن في قرارها مع الامر الجزائي الصادر من قاضي التحقيق او محكمة الجنح في قانون اصول المحاكمات الجزائية العام  كما انها في ذات الوقت تتقارب في صلاحياتها من صلاحيات اللجنة التحقيقية في قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام من حيث اختصاصها بنظر جرائم المخالفات الصادرة من الموظفين وفرض العقوبات التأديبية والانضباطية  مما يوحي بان القانون الجزائي العقابي والاجرائي لقوى الامن الداخلي هو قانون مزدوج  جمع بين الجنبة الجزائية والادارية في ذات الوقت.

ويرى الباحث بضرورة فصل الصلاحيات الجنائية والجزائية الممنوحة لآمر الضبط ضمن نصوص ومفردات واضحة وعدم الخلط بين الثوابت القانونية والمبادئ العامة التي تنظم القوانين وتحدد اختصاصاتها واقسامها بما ينسجم مع المنطق القانوني من حيث الاختصاص الجزائي[12] الاختصاص التأديبي.

المطلب الثالث: طرق فرض العقوبة الانضباطية وعيوبها في قانون اصول المحاكمات الجزائية لقوى الامن الداخلي

نتناول في هذا الفرع الاليات المعتمدة في قانون اصول المحاكمات الجزائية لقوى الامن الداخلي لفرض العقوبات والجزاءات الانضباطية تمهيدا لبيان وتوضيح العيوب الاخطاء التي اعترت تنفيذها.

اولا:  الطريق الاول:  يتمثل بأجراء التحقيق من قبل احدى جهات التحقيق الثلاث المنصوص عليها في المادة 5 حيث نص المشرّع على اجراءه  ومباشرته وفق المادة (5) وتمارس تلك الجهات التحقيق الابتدائي الجنائي في اجراءاتها ومن ثم تعرض قرارها على امر الضبط ليتصرف بالتحقيق حسب قناعته وصلاحياته ومن تلك الصلاحيات صلاحية تقرير العقوبة الانضباطية حتى وان اختلف قراره مع قرار جهة التحقيق,   وعيوب هذه الالية تتلخص بالاتي:

امكانية مباشرة امر الضبط التحقيق بنفسه وفق الفقرة أ من المادة (5) فيمارس بذلك سلطة اتهام بتحريك الدعوى الجزائية ومباشرتها وسلطة تحقيق وسلطة حكم عند فرض العقوبة الانضباطية بعد انتهاء التحقيق.

يخضع المتهم من عناصر قوى الامن الداخلي  وفق هذا النظام الى اجراءات التحقيق الابتدائي الجنائي دون تحديد سواء كان مرتكبا لجريمة ضبط او جريمة جنائية وقد ينتهي ذلك التحقيق بفرض عقوبة انضباطية مما يعرض مرتكب الجريمة الانضباطية عرضة للتعسف في التحقيق بإجراءات جنائية لا تتناسب مع طبيعة الجريمة التي ارتكبها ولا تدخل ضمن اختصاص سلطة التحقيق التي تمارسها.

 قرار جهات التحقيق والاجراءات المتخذة من قبلها تفقد قيمتها القانونية وتصبح بمثابة اجراءات شكلية عند الانتهاء من التحقيق وذلك بموجب المادة (10) التي خولت امر الضبط بعد اطلاعه على الاوراق التحقيقية المرفوعة له اصدار ما يشاء من قرارات ضمن صلاحيته دون الاعتداد بقرار جهة التحقيق وان كان قراره مخالفا لقرار جهة التحقيق.

ثانيا: الطريق الثاني: و يتمثل بأجراء التحقيق عن طريق محكمة امر الضبط ضمن محاكمة موجزة تتمثل اجراءتها باستجواب المتهم واستدعاء اطراف الدعوى والاستماع الى شهاداتهم او اي شهادة اخرى ومناقشة المتهم للشهود[13] ومن ثم له صلاحية اصدار عدة قرارات من بينها فرض العقوبة الانضباطية مما يوحي بان محكمة امر الضبط محكمة ذات طبيعة تأديبية والتحقيق الذي تجريه هو تحقيق اداري ومن المؤشرات التي تؤخذ على هذا النظام هي:

وصف محكمة امر الضبط بانها محكمة جزائية ضمن محاكم قوى الامن الداخلي وفق المادة (2) في حين انها محكمة مختصة بنظر المخالفات والعقوبات الانضباطية وفق المادة 18.

 نصت على مصطلح المحاكمة الموجزة[14] وهو مصطلح غريب عن النظام الاجرائي الجزائي لم يسبق استعماله سواء في القانون الجنائي العراقي او القوانين الجنائية المقارنة ويبدو ان المشرّع قصد منها المحاكمة بدعوى موجزة التي تجريها محكمة الجنح في جرائم المخالفات والجنح البسيطة وفق شروط خاصة، حيث لم يفلح المشرّع في وضع هذه التسمية لاختلاف المحكمتين من حيث نوع الجرائم التي تنظرها والعقوبات التي تفرضها.

 فضلا على ان امر الضبط منح ذات الاجراءات والصلاحيات ضمن المادة (5/أ) من النظام الاول عند اجراء التحقيق بنفسه وبصورة اكثر تنظيما فبات تشكيل هذه المحكمة وإجراءاتها استزادة فضفاضة و تكرار غير مبرر لها فضلا عن اثارة نوع من التداخل في الاجراءات المتخذة حيث تضع امر الضبط في حومة التناقض والالتباس في اتخاذ الاجراء المناسب.

ولما ورد اعلاه وجب على المشرّع  رفع احد النظامين ليستقيم الاجراء ويحقق الغاية الاجرائية التي يستهدفها فأما يعتمد النظام الاول بأجراء التحقيق من قبل امر الضبط  مرورا بالتحقيق الابتدائي  ومن ثم فرض العقوبة الانضباطية وفقا للمادة (5/أ) او يتخذ النظام الثاني بأجراء التحقيق عن طريق محكمة امر الضبط  وفرض العقوبة الانضباطية وفقا للمادة 18 وما بعدها.

وفي كلتا الحالتين لم يوفق المشرّع في رسم الطريق الاجرائي الصحيح لمحاسبة رجل الشرطة المخالف (مرتكب جرائم الضبط) كون النظام الاول انطوى على تحقيق ابتدائي جنائي لا يتناسب مع طبيعة وجسامة المخالفة الانضباطية  والنظام الثاني انطوى على خضوع المخالف الى محكمة عدها القانون من ضمن المحاكم الجنائية لقوى الامن الداخلي واضفى عليها اجراءات شبيهة بإجراءات محكمة الجنح عند اجراء المحاكمة بدعوى موجزة  في حين وظيفتها لا تتعدى كونها محكمة تأديبية تختص بجرائم الضبط وعقوباتها.

ولو فرضنا جدلا ان المشرّع قصد من تشكيلها انها محكمة ذات طبيعة تأديبية واسبغ عليها المشرّع صفة المحكمة الجنائية ففي ذلك تناقض وازدواجية لا تتفق والمنطق القانوني الذي يقضي بتسمية الامور بمسمياتها كلا حسب الطبيعة القانونية والمهام والوظائف والصلاحيات المنوطة بها كما ان النظام التأديبي في العراق المنصوص عليه في قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام  لم ينص على تشكيل المحاكم التأديبية لفرض العقوبة التأديبية وانما عمل بنظام اللجنة التحقيقية كجهة شبه قضائية تتولى مهمة التحقيق وفرض العقوبة التأديبية.

ثالثا: الطريق الثالث: ويتمثل بفرض العقوبة الانضباطية مباشرة من قبل امر الضبط وفق المادة 14 الذي يمثل انتهاك صارخ لجميع ضمانات التقاضي المنصوص عليها في القوانين الجنائية  وهو ما سنتناوله بالشرح والتفصيل لاحقا. 

فعدم وجود نص يقيد امر الضبط بالفصل بين الجريمة الانضباطية والجريمة الجنائية[15] ابتداءً ليتمكن من رسم وسلوك الطريق الواجب اتخاذه بناءً على طبيعة الجريمة المرتكبة والاجراء الذي تستحقه

الا ان المشرّع حسم موقفه في هذا الجانب من خلال النص على مصطلح القضاء العسكري في الدستور وفق المادة 99 والنص على تسمية القوانين التي تحكم افراد قوى الامن الداخلي بقانون عقوبات قوى الامن الداخلي وقانون اصول المحاكمات الجزائية لقوى الامن الداخلي الداخلي مما يدل على صبغتها الجنائية كما نص على ان القضاء الخاص بقوى الامن الداخلي يتكون من ثلاث محاكم هي محكمة امر الضبط ومحكمة قوى الامن الداخلي ومحكمة تمييز قوى الامن الداخلي مما يستوجب عليه الخوض في غمار الجانب الجزائي عند وضعه النصوص والاجراءات في قوانين قوى الامن الداخلي وتطبيقها وتفسيرها بعيدا عن القوانين الادارية.   

ويرى الباحث بعد استعراض التحليل اعلاه بان الاجراءات المتخذة من لحظة تحريك اجراءات التحقيق ومباشرتها لحين صدور الحكم البات هي اجراءات تنطوي تحت مسمى الدعوى الجزائية الامر الذي يستوجب فصل التحقيق الجنائي في الجرائم الجنائية عن التحقيق الاداري في الجرائم الانضباطية وذلك بإلغاء محكمة امر الضبط واعتماد نظام اللجان التحقيقية ابتداءً والمعتمد في قانون انضباط موظفي الدولة من خلال تشكيل لجنة تحقيقية من ثلاثة ضباط تتولى النظر في المخالفات والعقوبات الانضباطية فاذا تبين لها بان الجريمة التي يجري التحقيق فيها جريمة جنائية فلها ان تطلب من امر الضبط  الايصاء بأجراء التحقيق فيها اسوة بوسيلة تحريك الدعوة الجزائية بطلب من جهات الادارة المعتمد في قانون اصول المحاكمات الجزائية العام بغية توفير الضمانات الاساسية من حيث درجات التقاضي للمتهم وتحقيق مبدأ التدرج بالعقوبة.

ويرى الباحث كذلك بضرورة الغاء التعدد في جهات التحقيق المنصوص عليه في المادة 5 بإلغاء تحقيق امر الضبط والغاء نظام المجلس التحقيقي واعتماد نظام محاكم التحقيق اسوة بقانون اصول المحاكمات الجزائية العام على ان يكون القائم بالتحقيق من ذوي الخبرة وحاملا لرتبة متقدمة من رتب القادة وليس الاعوان وحاصلا على شهادة جامعية اولية في القانون والنص على قيام جهاز الادعاء العام بمراقبة مشروعية الاجراءات وانتظام حسن سير العدالة في مرحلة ما قبل المحاكمة مع احتفاظ امر الضبط بسلطة مباشرة الدعوى الجزائية بالإيعاز الى القائم بالتحقيق لإجراء التحقيق دون استعمالها مراعاة لحالة الضبط والانتظام داخل النظام العسكري وتحقيق المركزية وفرض الاحترام والطاعة لآمر الضبط ضمن الحدود المشروعة.

المبحث الثاني

نظامي الجمع و الفصل بين سلطات الاتهام والتحقيق

في جميع التشريعات الاجرائية تتم اناطة وظيفة الاتهام والتحقيق بجهات معينة الا ان تلكم التشريعات تختلف من حيث تحديد تلك الجهات فقد تختصرها بجهة واحدة وقد توزعها على جهتين وبمعنى اخر فان هناك نظامين اسست عليهما هذه التشريعات عملها الاجرائي الاول تضمن الجمع بين سلطتي الاتهام والتحقيق والثاني تعمد الفصل بينهما ولكل نظام مبرراته وحججه, وسنتناول في هذا المطلب التعرض الى طبيعة وخصائص كلا النظامين بغية تحديد النظام الذي اعتمده قانون اصول المحاكمات الجزائية لقوى الامن الداخلي  في اعماله الاجرائية وتشخيص مبرراته وحججه والعيوب التي اعترت المنحى الذي اتجه اليه من حيث اعتماده احد المبدأين.

المطلب الاول: نظام الفصل بين سلطتي الاتهام والتحقيق

نتناول في هذا الفرع شرح نظام الفصل بين سلطتي الاتهام والتحقيق من خلال بيان مفهومه وخصائصه وعيوبه ومبررات الاخذ به من قبل بعض التشريعات الجنائية الاجرائية وكالاتي:

اولا: مفهوم النظام

يعني الفصل بين وظيفتي الاتهام والتحقيق هو ان تمارس كل وظيفة من قبل جهة مستقلة كاختصاص يعتمد على حسن تقديرها بما يحقق ضمانات التقاضي لأطراف الدعوى وان تمنح كل جهة سلطة مستقلة لكل وظيفة من هذه الوظائف بمعزل عن الاخرى تطبيقا لمبدأ الفصل بين وظائف القضاء الجنائي[16].

ومسألة الفصل تعبر عن التزام كل جهة بوظيفتها ولا يجوز لها التجاوز على وظيفة جهة اخرى. فاذا كانت وظيفة الاتهام هو تحريك الدعوى من قبل سلطة النيابة العامة او الادعاء العام، فان سلطة التحقيق يتولاها عموما قاضي تحقيق مهمته جمع الادلة وتقدير مدى كفايتها للإحالة الى محكمة الموضوع فلا يجوز له ممارسة وظيفة الاتهام وكذلك لا يجوز للادعاء العام الاشتراك في تحديد مصير الدعوى الجزائية، وعلى جهتي الاتهام والتحقيق التقيد بسلطاتها في الدعوى الجزائية على الرغم من وجود نوع من العلاقة الوثيقة بينهما والتي تفرضها إجراءات سير الدعوى[17] فضلا عن التعارض بين الوظيفتين من حيث الطبيعة والمضمون والهدف فسلطة الاتهام تقف موقف الخصومة بينما سلطة التحقيق لا تقف بهذا الموقف لأنها تسعى الى اكتشاف الحقيقة سواء بإدانة المتهم او تبرئته كونها حكما محايدا بين الاتهام والمتهم[18].

واساس هذا النظام هي القاعدة التي وضعها الفقيه الفرنسي مونتسيكيو للفصل بين سلطات الدولة الثلاث وهي السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية والذي اعتبرها الفقه الفرنسي الاساس الذي اعتمده لبلورة مبدأ الفصل بين وظائف القضاء الجنائي وسلطاته[19].

والقواعد التي تحكم هذا المبدأ تتمثل في ثلاث قواعد اولها هي قاعدة التشكيل ومعناها عدم جواز مباشرة اكثر من وظيفة من وظائف الدعوى الجزائية من ذات السلطة او الجهة او الفرد وفي ذات الدعوى وبالتتابع ضمن النظام الاجرائي في القضاء الجنائي فلا يجوز لعضو الادعاء العام عند تمثيله سلطة الاتهام ان يكون هو قاضي التحقيق والعكس صحيح من حيث عدم امكانية قاضي التحقيق ممارسة وظيفتي الاتهام والتحقيق بصورة متتابعة في نفس الدعوى[20] اما القاعدة الثانية فتتمثل بقاعدة التخصص ومقتضاها عدم جواز ممارسة اكثر من اختصاص في وقت واحد استنادا لمبدأ ملائمة الاتهام المتضمن اختصاص الادعاء العام كسلطة اتهام بتلقي الاخبارات والشكاوي وحفظ حيادية القاضي من امتلاكه النزعة الاتهامية  وممارسة سلطة اتهام وبالتالي خروجه عن الحياد في وظيفته الاساسية وهي التحقيق ولا يجيز الفقه الخروج عن قاعدة التخصص الا في حالة الجريمة المشهودة تطبيقا لمبدأ الضرورة والاستعجال[21] اما القاعدة الثالثة فهي قاعدة الاستقلال وتتضمن مباشرة كل سلطة وظيفتها باستقلال تام كقاعدة عامة وان وردت بعض الاستثناءات على هذه القاعدة[22] .

ثانيا: مبرراته

ان الفصل بين وظيفتي الاتهام والتحقيق هو امر لازم بطبيعته لاختلاف مفهوم وطبيعة الاتهام عن التحقيق فضمانات الحرية الفردية والعدالة الجنائية المنشودة في الدعوى الجزائية تأبى ان يكون المحقق هو من يباشر الاتهام فيها[23] والقيام بوظيفة التحقيق تتطلب توافر صفات خاصة بمن يمارسها منها الالمام الواسع من الناحية الثقافية بالعلوم القانونية والاجتماعية وهي مالا تتوفر في من يتولى الاتهام عادة بقدر توفرها لدى القضاة[24] وتطبيق هذا النظام يضمن تجنب حالة وقوع خطأ اثناء التحقيق يصعب تداركه لعدم اعتراف الجهة الجامعة بين الاتهام والتحقيق بخطائها احيانا[25] فالجمع بين الوظيفتين يجعل الجهة التي تمارسه خصما ومحققا في ذات الوقت والخصم لا يمكن ان يكون عادلا[26] كما ان خبرة قضاة التحقيق اكثر من رجال الادعاء العام بالنظر الى كيفية منحهم هذه الصفة واجتيازهم اختبارات عالية التركيز في العلوم القانونية حيث ان ظاهرة اصرار بعض رجال الادعاء العام على تأييد الاتهام الخاطئ ضد المتهم امر ملحوظ[27] لذا فالفصل بين تلك الوظائف يضمن الحياد والنزاهة وضمان الحقوق والحريات الفردية وتجسيدا لمبدأ الشرعية الاجرائية على نحو يضمن احترام الحرية الشخصية، ويحسن ادارة القضاء عن طريق الرقابة والمتابعة المتبادلة بين سلطة الاتهام و سلطة التحقيق وقد اخذ بهذا النظام قانون اصول المحاكمات الجزائية العام في المادة (1) منه التي نصت على سلطات الاتهام المتمثلة بالمتضرر من الجريمة او من يقوم مقامه قانونا او المخبر او الادعاء العام  والمادة 51 منه  التي نصت على السلطات المختصة بوظيفة التحقيق الابتدائي وهي السلطات الاصلية المتمثلة بقاضي التحقيق او المحقق والسلطات الاحتياطية (الاستثنائية) المتمثلة بالادعاء العام[28] واعضاء الضبط القضائي في الجريمة المشهودة وفي الانابة[29] والمسؤول في مركز الشرطة في الحالات السابقة وحالة الضرورة[30]  كما اخذت بهذا النظام العديد من التشريعات المقارنة[31].

المطلب الثاني: نظام الجمع بين سلطتي الاتهام والتحقيق

نتناول في هذا الفرع شرح نظام الجمع بين سلطتي الاتهام والتحقيق من خلال بيان مفهومه وخصائصه وعيوبه ومبررات الاخذ به من قبل بعض التشريعات الجنائية الاجرائية وكالاتي:

اولا: مفهوم النظام

يقصد بالجمع بين وظيفتي الاتهام والتحقيق هو اجتماع سلطتي الاتهام والتحقيق بيد جهة واحدة تقوم بوظيفة توجيه الاتهام الى المتهم ووظيفة مباشرة التحقيق معه في ذات الدعوى[32] .

واساس هذا النظام من الناحية الفلسفية يتمثل في الاتجاه القائل بعدم امكانية الفصل بين وظيفتي الاتهام والتحقيق من الناحيتين القانونية والعملية مما يتطلب اسنادهما الى جهة واحدة وتعليله لذلك يكمن في عناصر تعريف التحقيق الابتدائي المتمثلة  في (التحري وجمع المعلومات عن الفعل الجرمي، واسناده الى شخص معين او الاشتباه به على الاقل، واتهامه بارتكابه، ومن ثم اثبات مسؤوليته عنه)[33] حيث يترتب على ذلك ان اعمال التحقيق الابتدائي تتضمن ايضا نوع من اعمال الاتهام ضمن سير الدعوى الجزائية  فتندمج مرحلتي الاتهام والتحقيق في مرحلة واحدة يكاد الفصل بينهما يكون معدوما كما نادى اتجاه في تعليله لهذا المسلك ان قاضي التحقيق يمارس مهمتان ضمن سير الدعوى الجزائية تتمثل الاولى بمهمته كقاضي وتبعيتها للسلطة القضائية بالفصل في نزاع معين بإصداره قرارات فاصلة في الدعوى منها غلق التحقيق او الاحالة الى المحاكم وهذه المهمة تنبع من ضميره القضائي، اما الثانية فتتمثل بكونه عضو ضبط قضائي وتبعية المهمة  للسلطة التنفيذية من حيث أجراء التفتيش والاستجواب والاستدلال واصدار امر القبض والاستقدام وهذه المهمة تنبع من المحافظة على النظام العام من حيث سلامة الاجراءات وصحتها. والغرض الاساسي من هذا النظام هو تبسيط اجراءات سير الدعوى الجزائية وسرعتها مع ضمان الحقوق والحريات الفردية وقد اخذت بذلك النظام العديد من التشريعات المقارنة[34].

ثانيا: مبرراته

لهذا النظام عدت مميزات اجمع عليها مؤيديه ومنها تحقيقه لحالة تبسيط الاجراءات والاسراع في تحقيقها وفاعليتها[35] واتفاقه مع حاجات العمل من الناحية العملية والتطبيقية ولا يرى اصحاب هذا النظام بانه يعصف بالحياد والاستقلال في التقاضي لأن الجهة التي تجمع بين الوظيفتين تراعي بشكل دقيق الفصل بين وظيفتها كسلطة اتهام ووظيفتها كسلطة تحقيق ولا تتأثر بإحداهما على حساب الاخرى, كما انها لا تخل بالضمانات في الدفاع والحرية الشخصية للفرد كون جهة الاتهام والتحقيق ذاتها تخضع للأشراف القضائي من قبل السلطة القضائية مع جواز الطعن بالإجراءات والقرارات المتخذة من قبل تلك الجهة عند مخالفتها الشرعية الاجرائية[36] وبذلك فان هذا النظام لا يخل بالشرعية الاجرائية  ويؤدي الى حسن سير الادارة في المسائل الجزائية وعدم بطأ الاجراءات وتعثر التحقيق[37] كما ان الجهة المختصة بالاتهام والتحقيق (النيابة العامة او الادعاء العام) هي خصم نظري ويمتاز بالعدالة[38] والجمع بين الوظيفتين له فائدة تعود لمصلحة المتهم من خلال الاسراع بحسم القضايا[39] وهذا النظام لا يمس استقلال القائم بالتحقيق وحياده لان واجب الادعاء العام الاساس هو تطبيق القانون وتحقيق العدالة من خلال الوصول الى الحقيقة كما ان هدفه ادانة المجرم وتبرئة البريء فهو بذلك خصم عادل فلا يحكمه سوى ضميره[40] كما ان القول بان عضو النيابة العامة يخضع للسلطة التنفيذية اداريا فيكون التحقيق خاضعا للاتجاهات السياسية,  قولا مردودا من قبل مناصري هذا الاتجاه متحججين بان الضمير هو المرجع للجهة التي تجمع الوظيفتين سواء كان الادعاء العام او قاضي التحقيق[41] كما ان اعضاء الادعاء العام او النيابة العامة لا يخضعون للسلطة التنفيذية في اعمالهم التحقيقية ولا سلطان عليهم الا ضمائرهم والقانون[42].

ثالثا: عيوبه

ان الجمع بين السلطتين في سبيل تبسيط الاجراءات وسرعة حسم التحقيقات والقضايا هو امر محفوف بالمخاطر لان الادعاء العام قد يكون ذي مصلحة في اثبات الاتهام الذي سبق واسنده الى المتهم باعتباره خصما في الدعوى وان كان خصما شكليا اي ان الظن بتأثر الادعاء العام قائم حتى وان لم يتحقق هذا التأثر[43]، مما يخل بمبدأ حياد سلطة التحقيق ونزاهتها ويترتب على ذلك المساس بالحريات الفردية من خلال اطالة مدد توقيف المتهمين نتيجة لتعقد الاجراءات وتعدد الاختصاصات وتداخلها وتشابكها[44] كما ان الجمع بين السلطتين قد يفتح بابا من الطغيان والتعسف والتسلط للجهة الجامعة بين السلطتين و يهدد الحقوق والحريات الاساسية للأفراد.

فضلا عن اختلاف طبيعة الاتهام عن طبيعة التحقيق مما يتطلب ممارستهما من جهات مستقلة[45] كما ان النيابة العامة لا تتمتع بالاستقلالية التامة من الناحية الادارية كونها تخضع للأشراف الاداري لوزير العدل[46] خلافا لقاضي التحقيق الذي يتمتع بالاستقلالية التامة عن اي سلطة تنفيذية. وممارسة الوظيفتين من قبل جهة واحدة يؤدي انعدم التخصص وتشتيت الاختصاص وانتقاص من ضمانات الدفاع للمتهم[47].

المطلب الثالث: موقف قانون اصول المحاكمات الجزائية لقوى الامن الداخلي من نظامي الجمع و الفصل بين سلطتي الاتهام والتحقيق

انحاز المشرّع في قانون اصول المحاكمات الجزائية لقوى الامن الداخلي الى نظام الجمع بين سلطتي الاتهام والتحقيق بصورة متدرجة وليست تامة فجعل وظيفة الاتهام وتحريك الدعوى الجزائية مناطة بآمر الضبط وذلك في المادة (4 و5) من قانون اصول المحاكمات الجزائية لقوى الامن الداخلي عند قيامه بتلقي الاخبارات والشكاوى من رجل الشرطة ومباشرة التحقيق باتخاذه قرار اجراء التحقيق بنفسه او بتشكيل مجلس تحقيقي او تكليف ضابط  وجعل وظيفة التحقيق الابتدائي مناطة بآمر الضبط كذلك عند قيامه بالتحقيق بنفسه بموجب المادة (5/ اولا) من ذات القانون وهو بذلك اقترب من وظيفة النيابة العامة في التشريع الجنائي التي تمارس وظيفتي الاتهام والتحقيق كقاعدة عامة.

الا انه فصل بين وظيفة الاتهام والتحقيق عند اناطة التحقيق الى جهات اخرى تمثلت بالمجلس التحقيقي او القائم بالتحقيق وفق المادة (5/ثانيا وثالثا) وذهب بذلك الى ما ذهب اليه قانون اصول المحاكمات الجزائية العام الذي فصل بين وظيفتي الاتهام والتحقيق كقاعدة عامة, ويبدو ان المشرّع الجزائي حاول التوفيق بين نظام الجمع اصالة ونظام الفصل استثناءً وهو بذلك اختط لنفسه نظاما خاصا اتصف بالازدواجية خلط فيه بين النظامين محاولا معالجة العيوب التي تعتري النظامين السابقين الا ان النظام المختلط[48] يمتاز بعدم استقراره او رسم صورة ثابته له تحدها معالم محددة  فضلا عن صعوبة وعدم امكانية التوفيق بين الخصائص المختلفة لكلا النظامين وفق معيار واحد او نمط واحد حيث جعل من مسألة اعتماد نظام الجمع او الفصل مسألة اختيارية تخضع لسلطة امر الضبط التقديرية عند مباشرته الدعوى الجزائية وفق المادة (5) ولم يحدد معايير ثابته او اسباب موجبة يعتمدها كأساس في اختيار احد النظامين حيث ترك الباب مفتوحا امام امر الضبط  مما يركز العيوب المثبتة بحق النظامين ويزيد منها.

حيث ان الجمع بين الوظيفتين في الحالة الاولى ضمن النظام العسكري الذي يحكم المؤسسة الامنية والذي يعتمد على الطاعة المطلقة من قبل المرؤوسين لرؤسائهم تامينا للضبط و الربط العسكري والتنفيذ السريع والمباشر للأوامر والتعليمات الصادرة من المرجع  يضعف من ضمانات التقاضي والدفاع للمتهم من افراد قوى الامن الداخلي ويجعله عرضة للتسلط والتعسف من قبل امر الضبط من حيث مساسه المباشر بالحريات الشخصية له وتقييدها ويجعل مهمة امر الضبط بعيدة عن النزاهة والحياد كون الجهة المختصة بتحريك الدعوى الجزائية ومباشرة التحقيق تابعة لذات الجهة التي ينتسب اليها المتهم باعتبار ان القانون الجزائي لقوى الامن الداخلي يحكم فئة محددة تابعة الى السلطة التنفيذية تجمع بينهم رابطة وظيفية مما يزيد من حالة الشك بنزاهة وحياد التحقيق الذي تمارسه سلطة الاتهام لاحتمالية وجود مواقف واثار سلبية ناتجة عن العمل الوظيفي بين رئيس الدائرة متمثلا بأمر الضبط ومرؤوسه متمثلا بعنصر قوى الامن الداخلي من الضباط والمنتسبين مما يجعل امر الضبط خصما ومحققا في ذات الوقت

ويرى الباحث بضرورة معالجة القصور التشريعي[49] وتعديل النص الخاص بأجراء التحقيق من قبل امر الضبط بنفسه مع المتهم واقتصاره على جهة اخرى لضمان الحياد والنزاهة وعدم المساس بالحريات والحقوق الفردية للمتهم واعتماد نظام الفصل بين وظيفة الاتهام ووظيفة التحقيق من خلال رفع الفقرة اولا من المادة 5 من قانون اصول المحاكمات الجزائية لقوى الامن الداخلي لتصبح كالاتي:

(أذا أخُبر أو علم آمر الضبط بوقوع جريمة أو وجد أن هناك أموراً تستدعي أجراء التحقيق فعليه القيام بأحد الإجراءات الآتية ؛ اولا: أن يكلف ضابطاً للقيام بالتحقيق.  ثانيا: أن يشكل مجلساً تحقيقياً).

الخاتمة

اصل في نهاية الرسالة برعاية من الله وحفظه, لأجد نفسي ملزما بتدوين وتثبيت كل ما توصلت اليه من استنتاجات ومقترحات توزعت بين ثنايا الرسالة كالاتي:

اولا : الاستنتاجات

القضاء العسكري المنظم ضمن قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم 17 لسنة 2008 والذي يحكم افراد قوى الامن الداخلي هو قضاء جزائي خاص وليس استثنائي نص على تشكيله صراحة في الدستور العراقي لسنة 2005 النافذ وفقا للمادة (99) منه , و يختص بنظر الجرائم الجنائية والمخالفات الانضباطية ذات الطابع العسكري التي تقع من افراد قوات الامن وذلك ضمن حدود معينة يقررها القانون لذا فان وضعه القانوني بات مستقرا ويعالج اوضاع قانونية وقضائية تنسجم مع اوضاع المؤسسة الامنية لقوى الامن الداخلي وما يرتكبه عناصرها من سلوك يؤدي الى وقائع تمثل انحراف عن القيم والمعايير الجمعية للمجتمع والضوابط المهنية للمؤسسة الامنية , فتتم المحاكمات الجزائية امامه اسوة بالأوضاع المرسومة ضمن القضاء العام, مما يستوجب ان تراعى في اجراءاته وضماناته ذات الاجراءات والضمانات المرعية في القضاء العام والمنصبة ضمن قانون اصول المحاكمات الجزائية العام رقم 23 لسنة 1971 من حيث الضوابط والقواعد والاحكام الاجرائية العامة.2. ان التحقيق الذي تباناه المشرّع امتاز بالطبيعة المزدوجة التي جمعت بين مبادئ التحقيق الجنائي ومبادئ التحقيق الاداري ضمن الدعوى المقامة وفقا لأحكامه.

منح قانون اصول المحاكمات الجزائية لقوى الأمن الداخلي امر الضبط سلطة تقديرية في تحريك الدعوى الجزائية وممارسة سلطة الاتهام وحده كقاعدة عامة متخذا من نظام الاتهام الرسمي منهجا له يمارس من خلاله دور المدعي بالحق العام , مستبعدا بذلك نظام الاتهام الشعبي المتبع في قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971والذي خول عدة جهات الحق بتحريكها وقيد من دور الادعاء العام في ذلك.).

امر الضبط هو الجهة المختصة بتلقي الشكاوى الاخبارات من عناصر قوى الامن الداخلي تمهيدا لتمحيصها وتحريك الدعوى الجزائية بحقها فهو الجهة المختصة بتحريك الدعوى الجزائية عن طريق اصدار قرار اجراء التحقيق واجاز له القانونان يتولى مباشرتها عند التحقيق بنفسه.

يعرف امر الضبط في قانون اصول المحاكمات الجزائية لقوى الأمن الداخلي بانه (هو الأقدم رتبة أو الأعلى منصباً و المخول قانونا صلاحية فرض العقاب على من هو تحت أمرته ضمن سلطته في جرائم الضبط و يعد المكلف بمهمة التفتيش في قوى الأمن الداخلي آمر ضبط لجميع أجهزة قوى الأمن الداخلي عند قيامه بتفتيشها كلاً ضمن اختصاصه) ويعرف في قانون عقوبات قوى الامن الداخلي بانه (بانه وزير الداخلية او من يخوله). ويتميز بذاتية تميزه عما يشتبه به في ذات القانون كآمر الاحالة وفي القوانين الاجرائية الاخرى كقاضي التحقيق في قانون الاصول العام ورئيس الدائرة التنفيذية في قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم 14 لسنة 1994.6. 

انحاز المشرّع الجزائي في قانون الاصول الجزائية لقوى الامن الداخلي الى منح امر الضبط الازدواجية في اعتماد نظامي الجمع والفصل بين سلطتي الاتهام والتحقيق وبصورة عشوائية مضطربة , خاصة عند منح امر الضبط في هفوة قانونية امكانية الجمع بين كل هذه السلطات اضافة الى سلطة الحكم احيانا.

ان المشرّع  قد خلط بين الجهة التي تخول امر الضبط (السلطة الجزائية) بفرض العقوبات الانضباطية فتارة منحه ذلك التخويل بموجب القانون اصالة وفق المادة (3/اولا/ب) من قانون اصول المحاكمات الجزائية لقوى الامن الداخلي النافذ وتارة اخرى منحه تلك السلطة بموجب تخويل رسمي من الوزير وفق المادة 21 من ذات القانون

ثانيا : المقترحات

نقترح على المشرّع الغاء نظام التحقيق عن طريق امر الضبط بسبب ممارسته لجميع السلطات الاجرائية وهي (الاتهام والتحقيق والاحالة والحكم) ومن ثم المصادقة على قراراته في ذات الوقت دون رقيب خلافا لمبدأ الفصل بين السلطات وتوزيع الاختصاصات وما يمثله  ذلك من انتهاك ومساس بضمانات المتهم في التقاضي

نقترح على المشرع تعديل (البند ب من الفقرة اولا) من المادة(3) والخاصة بتعريف امر الضبط  بصورة ادق واكثر تفصيلا بتقديم الاعلى منصبا على الاقدم رتبة , فوفقا لمتطلبات العمل الميداني فان المناصب  تمنح على الكفاءة اما القدم فيمنح وفقا لسنوات الخدمة الوظيفية , والكفاءة اجدر من الخدمة في منح المناصب القيادية كامري الضبط.2.  نقترح على المشرع النص على مواد تتضمن واجبات الضبطية القضائية والادارية والاشخاص القائمين على اعمال الضبط القضائي والاداري

الغاء نص المادة 21 من القانون كونها وردت تأكيدا وتكرارا غير مبرر لتخويل السلطة الجزائية  من قبل امر الضبط الاعلى لبقية امري الضبط بفرض العقوبة الانضباطية والتي منحت لآمر الضبط في المادة (3/اولا/ب) اصالة بغية إزالة التعارض والتناقض بين النصوص

معالجة حالة التضارب بين القدم العسكري والدرجات الوظيفية بعدم منح صلاحية امر الضبط في التشكيل الواحد لمن هم اقل رتبة او درجة وظيفية.

نقترح إلغاء المادة 10 المتضمنة عرض نتائج الحقيق على امر الضبط  لما في ذلك من فقدان لقيمة التحقيق القانونية وخضوع قراراته للتصرف فيها من قبل امر الضبط حسب قناعته وسلطته التقديرية وفقا للمادة (10) من القانون مما يجعل قرارتها لا تعدو ان تكون مجرد  توصية غير ملزمة لآمر الضبط والذي يتمتع بسلطة تقديرية مطلقة للتصرف بالتحقيق حتى وان خالف قرارات جهات التحقيق.

نقترح على المشرّع تعديل نص المادة (5) بإيراد مادة تتضمن منح امر الضبط صلاحيات موحدة في اتخاذ طائفة من الاجراءات الجزائية والادارية عند ورود اخبار عن مخالفة او جريمة  او شكوى او اي امر يستدعي اجراء التحقيق  وفقا للاتي: (أ. اتخاذ قرار بالإحالة الى محكمة تحقيق قوى الامن الداخلي لتحريك الدعوى الجزائية في حالة الجرائم الجنائية ب. اتخاذ قرار بالإحالة الى التحقيق الاداري وتحريك دعوى تأديبية في حالة المخالفات الانضباطية والادارية  ت . اتخاذ قرار بفرض العقوبات الانضباطية اليسيرة بصورة مباشرة دون توصية من لجنة تحقيقية وفقا لنظام التأديب الرئاسي).

 

[1]  د. عثمان سلمان غيلان - شرح قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام – مكتبة القانون والقضاء – بغداد – ط2 – 2012– ص338

[2] المادة 8 من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام العقوبات التي يجوز فرضها على الموظف هي: ­

اولا: لفت النظر: ويكون بأشعار الموظف تحريريا بالمخالفة التي ارتكبها وتوجيهه لتحسين سلوكه الوظيفي ويترتب على هذه العقوبة تأخير الترفيع او الزيادة مدة ثلاثة اشهر.  ثانيا: الانذار: ويكون بأشعار الموظف تحريريا بالمخالفة التي ارتكبها وتحذيره من الاخلال بواجبات وظيفته مستقبلا ويترتب على هذه العقوبة تأخير الترفيع او الزيادة مدة ستة اشهر.  ثالثا: قطع الراتب: ويكون بحسم القسط اليومي من راتب الموظف لمدة لا تتجاوز عشرة ايام بأمر تحريري تذكر فيه المخالفة التي ارتكبها الموظف واستوجبت فرض العقوبة، ويترتب عليها تأخير الترفيع او الزيادة وفقا لما يأتي: ­ ا ­ خمسة اشهر في حالة قطع الراتب لمدة لا تتجاوز خمسة ايام.  ب ­ شهر واحد عن كل يوم من ايام قطع الراتب في حالة تجاوز مدة العقوبة خمسة ايام.  رابعا: التوبيخ: ويكون بأشعار الموظف تحريريا بالمخالفة التي ارتكبها والاسباب التي جعلت سلوكه غير مرض ويطلب اليه وجوب اجتناب المخالفة وتحسين سلوكه الوظيفي ويترتب على هذه العقوبة تأخير الترفيع او الزيادة مدة سنة واحدة.

خامسا: انقاص الراتب: ويكون بقطع مبلغ من راتب الموظف بنسبة لا تتجاوز (10 %) من راتبه الشهري لمدة لا تقل عن ستة اشهر ولا تزيد على سنتين ويتم ذلك بأمر تحريري يشعر الموظف بالفعل الذي ارتكبه ويترتب على هذه العقوبة تأخير الترفيع او الزيادة مدة سنتين.  سادسا: تنزيل الدرجة: ويكون بأمر تحريري يشعر فيه الموظف بالفعل الذي ارتكبه ويترتب على هذه العقوبة.

[3] د. عثمان سلمان غيلان – مرجع سابق - ص 41

[4] ونص المادة 10 (لآمر الضبط الأعلى بعد اطلاعه على الأوراق التحقيقية اتخاذ أحدى الإجراءات الآتية:

أولاً- المصادقة على قرار المجلس التحقيقي أو القائم بالتحقيق.

ثانياً- إعادتها إلى المجلس التحقيقي أو القائم بالتحقيق إذا وجد فيها نقص لأجل استكمالها.

ثالثاً – إحالة الأوراق إلى مجلس تحقيقي أو لقائم بالتحقيق آخر لإجراء التحقيق مجدداً أذا دعت مقتضيات أو سلامة التحقيق ذلك.

رابعاً – فرض العقوبة المقررة وفقاً لصلاحيته القانونية.

خامساً- رفع الأوراق التحقيقية إلى آمر ضبط أعلى منه أذا كانت العقوبة التي يستوجب فرضها خارج صلاحيته القانونية

سادساً – إحالة الأوراق التحقيقية على محكمة قوى الأمن الداخلي المختصة للنظر فيها.

[5] كلمة الجزاء كلمة مرنة بحيث تتسع لكافة الجزاءات في فروع القانون مثل الجزاءات المدنية والجزاءات الادارية والجزاءات الجنائية  ينظر أحمد شوقي أبو خطوة -  شرح الاحكام العامة لقانون العقوبات - ج1، النظرية العامة للجريمة - دار النهضة العربية – القاهرة - 1999، ص 3. 

[6] يعتبر القانون العراقي من القوانين التي استخدمت مصطلح القانون الجزائي على القانون الموضوعي الخاص  بتحديد الجرائم والعقوبات والقانون الشكلي الخاص بتحديد الاجراءات المتبعة في تطبيق القانون العقابي حيث ان كلمة الجزاء  هي كلمة مرنة وتتسع لكافة الجزاءات الادارية والمدنية والجنائية  وتوحي بان التسمية مستمدة من الاثر المترتب على الجريمة وهو الجزاء في حين يفضل اتفاقا نسبة الامور الى الاصل وليس الى الاثر  كما ان المعنى اللغوي للجزاء يتمثل في العقاب والثواب، فالأصل هو الجريمة،  والجناية هي مصدر كلمة جنى اي اذنب والذنب  هو الجريمة يشمل كافة الجرائم من مخالفات وجنح وجنايات ولا يقتصر على الجناية  وحدها لذا فالتسمية الاصح هي القانون الجنائي وليس الجزائي ينظر أحمد شوقي أبو خطوة - شرح الاحكام العامة لقانون العقوبات - ج1 -  النظرية العامة للجريمة - دار النهضة العربية – القاهرة – 1999.- ص 4 و 5.

[7] فراس الوحاح – اختصاصات امر الضبط الاعلى في قوى الامن الداخلي – مكتبة السنهوري –  بيروت – 2017– ص 79.

[8] ينظر المادة 2 تتكون محاكم قوى الأمن الداخلي من: أولاً – محكمة آمر الضبط.  ثانياً – محكمة قوى الأمن الداخلي.  ثالثا ً– محكمة تمييز قوى الأمن الداخلي.

[9] يلاحظ الهامش رقم 1 ص 14 من الفصل الثاني من رسالتنا (الضوابط الاجرائية لمرحلة ما قبل المحاكمة , دراسة في= =قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم 17 لسنة 2008).

[10] غسان عبد الرضا صباح – التنظيم القانوني لحق التقاضي في قوانين قوى الامن الداخلي (دراسة مقارنة ) – رسالة ماجستير مقدمة الى مجلس معهد العلمين للدراسات العليا – 2020 – ص 80

[11] د. فخري عبد الرزاق الحديثي – شرح قانون اصول المحاكمات الجزائية – المكتبة القانونية – بغداد – 2019– ص382

[12] الاختصاص الجزائي: هو السلطة التي يخولها القانون الى محكمة من المحاكم للفصل في قضايا معينة، او هو مباشرة ولاية القضاء في نظر الدعاوى في الحدود التي رسمها القانون او هو اهلية المحكمة لرؤية الدعوى.  ينظر المرجع اعلاه – ص 293.

[13] ينظر نص المادة 23 (اولا وثانيا وثالثا) من قانون اصول المحاكمات الجزائية لقوى الامن الداخلي النافذ.

[14] ينظر نص البند أ من الفقرة اولا م المادة 3 من ذات القانون.

[15] وقد تبنى نظام الفصل بين الخطأ الانضباطي والجريمة العسكرية عند الفصل فيهما من قبل القائد العسكري وامر الضبط في القضاء العسكري الامريكي وفق المادة 13 منه بينما خول القائد الضابط في التشريع الانكليزي حق توقيع الجزاء على المرؤوسين تحت امرته فتكون الدعوى مختلطة انضباطية وجنائية، ينظر في ذلك عمر علي نجم – دستورية القضاء العسكري بين الاطلاق والتقييد – دار النهضة العربية – ط 1 -  2006 -   ص 136 و 137.

[16] د. مأمون محمد سلامة – الاجراءات الجنائية في التشريع المصري – دار الغريب للطباعة – القاهرة – 2005 – ص 618.  و د احمد فتحي سرور – الوسيط في قانون الاجراءات الجنائية – الكتاب الاول -  دار النهضة العربية – القاهرة – ط 10 – 2016- ص 595.

[17] د. محمد عيد الغريب – المركز القانوني للنيابة العامة دراسة مقارنة -  دار الفكر العربي – القاهرة – 2001 – ص448.

[18] د. اشرف رمضان عبد الحميد – مبدأ الفصل بين سلطتي الاتهام والتحقيق – دراسة مقارنة – دار النهضة العربية – الاسكندرية - 2002 – ص 249.

[19] نجيبة زكي – الاتهام والتحقيق بين نظامي الجمع وفك الارتباط في القانون الليبي والتونسي – دار الكتب القانوني – دار شتات للنشر و البرمجيات – مصر – 2010 – ص23

[20] د. اشرف رمضان عبد الحميد – مرجع سابق - ص 246.     

[21] د. حسن يوسف مصطفى – دور الادعاء العام في تحقيق الشرعية الاجرائية دراسة مقارنة – دار الثقافة للطباعة – عمان – 2014 – ص 351.

[22] منها ممارسة الادعاء العام اعمال وصلاحية قاضي التحقيق عند عدم تواجد او غياب الاخير انظر سعيد حسب الله – مرجع سابق – ص 121

[23] د. اشرف رمضان عبد الحميد – مبدأ الفصل بين سلطتي الاتهام والتحقيق – دراسة مقارنة – دار النهضة العربية – الاسكندرية - 2002  – ص 250.

[24] رياض شمس رزق الله – الحرية الشخصية في التشريع المصري – مطبعة دار الكتب المصرية – القاهرة –1934 – ص17.

[25] زينب محمود حسين – نظم العلاقة بين سلطتي الاتهام والتحقيق – دراسة مقارنة – المركز العربي للنشر والتوزيع – ط 1 – 2017 – ص 105.

[26] محمود محمود مصطفى - الجرائم العسكرية في القانون المقارن -  دار النهضة العربية – القاهرة - ج ۲ – 1971– ص 256.

[27] د. سليم حربة و الاستاذ عبد الامير العكيلي – شرح قانون اصول المحاكمات الجزائية – مكتبة السنهوري – بغداد – ج1 – 2015– ص 282.

[28] بموجب المادة 3 من قانون الادعاء العام التي سمحت لعضو الادعاء العام بممارسة التحقيق الابتدائي عند غياب قاضي التحقيق.

[29] بموجب المادة 43  و المادة 52 من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي النافذ التي تضمنت واجبات اعضاء الضبط القضائي الاستثنائية باتخاذ بعض اجراءات التحقيق الابتدائي في حالة الجريمة المشهودة والتي تنتهي بحضور قاضي التحقيق او المحقق او عضو الادعاء العام وفي حالة انابة القاضي او المحقق لهم

[30] بموجب المادة 50 التي منحت المسؤول في مركز الشرطة سلطة محقق لاعتبارات خاصة في حالة الضرورة ( وهي الخشية من تأخر الاجراءات مما يؤدي الى ضياع معالم الجريمة او الاضرار بسير التحقيق او هروب المتهم )وكذلك في حالة الانابة بموجب المادة 52/أ وفي حالة الجريمة المشهودة بموجب المادة 43

[31] كما في التشريع الفرنسي في المواد (31-49-80) من قانون الاجراءات الجنائية الفرنسي النافذ, ينظر د. يوسف عبد المنعم – قانون الاجراءات الجنائية الفرنسي –دار النهضة العربية – 2016 – ص 8 و14 و 32  وكذلك التشريع الجزائري في المواد (29-38) من قانون الاجراءات الجزائية الجزائري النافذ.

[32] زينب محمود حسين – نظم العلاقة بين سلطتي الاتهام والتحقيق – دراسة مقارنة – المركز العربي للنشر والتوزيع – ط 1 – 2017– ص 49.

[33] د. اشرف رمضان عبد الحميد حسن – مرجع سابق – ص 286.

[34] منها التشريع المصري في المواد (64 - 65 – 199 ) من قانون الاجراءات الجنائية المصري. وكذلك التشريع الكويتي في المادة 9 من قانون الاجراءات الجنائية الكويتي،

[35] د. اشرف رمضان عبد الحميد – مرجع سابق – ص 287.

[36] محمد عبد خليف الجعرات – مبدأ الفصل بين سلطتي الاتهام والتحقيق في التشريع الاردني – دراسة مقارنة – رسالة ماجستير – جامعة مؤته – 2011 – ص 89.

[37] د. حسن صادق المرصفاوي –  المرصفاوي في اصول الاجراءات الجنائية – منشأة المعارف – مصر – الاسكندرية – 1982– ص343.

[38] د. فائزة يونس الباشا – شرح قانون الاجراءات الجنائية الليبي – ج1 – دار النهضة العربية – القاهرة – 2003 – ص347.

[39] د. احمد فتحي سرور – الوجيز في قانون الاجراءات الجنائية – مطبعة جامعة القاهرة – دار النهضة العربية – مصر – القاهرة – ص 595.

[40] د. محمد عيد الغريب –  قانون الاجراءات الجنائية – ج1 – ط2 – النشر الذهبي للطباعة  - مصر – 1997محمد عيد الغريب – مصدر سابق – ص 494.

[41] عماد احمد هاشم – ضمانات المتهم في اثناء الاستجواب -  رسالة ماجستير مقدمة الى كلية الحقوق جامعة العالم الامريكية – 2006 – ص 139 نقلا عن زينب محمود حسين – مصدر سابق – ص 61.

[42] د. فاروق الكيلاني – محاضرات في قانون اصول المحاكمات الجزائية الاردني – ط3 – دار المروج – بيروت – 1995 – ص 117.

[43] د. عبد الفتاح مصطفى الصيفي – تأصيل الاجراءات الجنائية – دار الهدى للمطبوعات – الاسكندرية – 2004 –ص325.

[44] د. فاروق الكيلاني - استقلال القضاء -  دار النهضة العربية - مصر – ط 1 – 1977.– ص130.

[45] د. عبد العظيم مرسي الوزير – الإجراءات الجنائية في النظم القانونية العربية – ط1 – دار العلم للملايين – بيروت – 1991- ص 61.

[46] وفي العراق تمتع الادعاء العام باستقلاليته التامة باعتباره جهة قضائية تابعة للسلطة القضائية بعد صدور قانون الادعاء العام رقم 49 لسنة 2017.

[47] د. سامي النصراوي – دراسة في اصول المحاكمات الجزائية –ج1 – ط2 – مطبعة دار السلام – بغداد – 1974.– ص 386

[48] ظهر نظام جديد من نظم الاتهام والتحقيق وهو أحدثها منشئاً حيث برز هذا النظام وانتهج منهجاً وسطاً فيه بين النظام الاتهامي لحقوق الأفراد مدعين أم متهمين، وبين النظام التنقيبي الذي أخذ منه حمايته للمجتمع وإعطائه الدور الإيجابي للقاضي مع عدم الالتزام بتقييم محدد سلفاً لما يعرض عليه بل إعطائه حيز القناعة الذاتية أو مبدأ الإقناع الذاتي في تقدير كل من الأدلة والعقوبة المقررة عليها أما الكيفية التي وصف بها هذا النظام بالمختلط فهي لانه  قسم الإجراءات الجنائية إلى مرحلتين هما: المرحلة الاولى مرحلة التحقيق: بالمعنى الواسع بما تحتويه من إجراءات التحريات والتحقيقات الابتدائية، والتي يغلب عليها طابع النظام التنقيبي فبالنسبة للاتهام أصبح للادعاء العام الحق في إقامة الشكوى حصراً مع إعطاء= =الفرد حق إقامة الشكوى في بعض الجرائم دون الأخرى نص المادة (1) من قانون اصول المحاكمات الجزائية. وهذا ما يميز هذا النظام عن نظام السابقين سلطتي الاتهام والتحقيق. المرحلة الثانية: مرحلة المحاكمة التي يغلب عليها طابع النظام الاتهامي بما يحتويه من عناصر، مع إعطاء القاضي دوره الكامل في البحث عن الحقيقة، وتكوين قناعاته الذاتية دون تقييد سابق بأدلة معينة.  ينظر في ذلك  د. محمد سعيد نمور - أصول الإجراءات الجزائية شرح لقانون أصول المحاكمات الجزائية - ط1 - دار الثقافة للنشر والتوزيع – عمان – 2005 - ص24.

[49] يقصد بالقصور التشريعي : ( عدم ملائمة النص القانوني لمقتضيات الحياة الاجتماعية والسياسية السائدة في المجتمع وقت تطبيقه ) بمعنى عدم تضمن النص القانوني لما تقتضيه الحاجة من أحكام وعدم قدرة النصوص القانونية التي وضعت في زمن سابق على مواكبة تطور المجتمع ، ويتحقق القصور التشريعي في حالتين : الحالة الأولى : متى كانت القاعدة التي تعالج المسالة المطروحة على القاضي موجودة ولكنها غير عادلة او غير منسجمة مع الظروف الاجتماعية والسياسية. السائدة وتسمى بالقصور الايديولوجي ويسمى ايضا بالقصور الانتقادي لان القاضي ينتقد القانون القائم كونه غير ملائم ويسمى أيضاً بقصور الغاية لان للقانون غاية معينة لا تنسجم القاعدة الموجودة معها ولذلك يستحسن ايجاد قاعدة جديدة تحل محلها ، وتتحقق هذه الصورة من القصور اذا تبنى الدستور مبادئ وقيم جديدة الا أن القوانين القائمة قبله بقيت على حالها دون أن يمسها التعديل أو الالغاء وبذلك يصبح الدستور الجديد غير ذا قيمة قانونية او اجتماعية او سياسية مالم تترجم النصوص والمبادئ التي جاء بها الى قوانين والمثال الابرز على ذلك دستور جمهورية العراق الذي تضمن في ثناياه قواعد اجرائية جزائية تكفل حماية حقوق وحريات الافراد المتهمين بقضايا جزائية وتكفل لهم المساواة في الاجراءات وضمان تطبيق القواعد الاجرائية بصورة صحيحة ولكنها لم تجد صداها في القوانين الجزائية السابقة والحالة الثانية : متى خلا التشريع من القاعدة القانونية التي تعالج المسالة المطروحة على القاضي وتسمى بـ : القصور الحقيقي ومثالها خلو قانون أصول المحاكمات الجزائية من العديد من القواعد الاجرائية التي تضمن للدولة اقتضاء حقها في العقاب من دون الاخلال بحقوق الأفراد وحرياتهم وخاصة فيما يتعلق برد الاعتبار والتعويض عن أضرار التوقيف (الحبس الاحتياطي) اذا ما تجاوز المدد المحددة قانونا أو لم يتم مراعاة القواعد الاجرائية عند اصداره من قبل القائم بالتحقيق او المحكمة . ينظر : د. صلاح الدين فوزي المحيط في النظم السياسية والقانون الدستوري - دار النهضة العربية - القاهرة - ١٩٩٥ - ص ۱۱۳ وكذلك فارس حامد الكريم ، القصور التشريعي بحث في فلسفة القانون الوضعي – 2005- ص ۷.