تاريخ الاستلام: 2 أيلول 2022 تاريخ القبول: 2 تشرين الثاني 2022
حقوق الطباعة محفوظة لدى مجلة كلية القانون والعلوم السياسية في الجامعة العراقية
حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمؤلف
حقوق النشر محفوظة للناشر (كلية القانون والعلوم السياسية - الجامعة العراقية)
CC BY-NC-ND 4.0 DEED
Printing rights are reserved to the Journal of the College of Law and Political Science at Aliraqia University
Intellectual property rights are reserved to the author
Copyright reserved to the publisher (College of Law and Political Science - Aliraqia University)
Attribution – Non-Commercial – No Derives 4.0 International
For more information, please review the rights and license
دور الارادة
في استبعاد القانون المختص
في اطار المنهج الاسنادي
The role of the will in excluding the relevant law within the framework of the attributive approach
م.د. رنا صادق شهاب الدليمي
الجامعة العراقية - كلية القانون والعلوم السياسية
the teacher Dr. Rana Sadiq Shehab Al Dulaimi
Iraqi University - College of Law and Political Science
المستخلص :
يهدف البحث الى بيان الدور الذي تمارسه الأرادة في استبعاد القانون المختص ووسيلتها في ذلك الحقوق القابلة للتصرف بأعتبارها وسيلة تقويمية ( خارجية) لقاعدة الاسناد ذات طبيعة استبعادية تستخدمها ارادة الاطراف بعد الاتفاق على تحديد القانون المختص , كما من جانب اخر يبرز تأثير الارادة على طبيعة قاعدة الاسناد ذاتها من خلال مدى اكتساب القانون الاجنبي الصفة الالزامية ام الصفة الاختيارية وهذا بلا شك يلقي بضلاله على مسألة امكانية استبعاد الارادة لألزامية قاعدة الاسناد .
Abstract
The research aims to explain the role played by the will in excluding the relevant law and its means in that disposable rights as a corrective (external) means of the base of attribution with an exclusionary nature used by the will of the parties after agreeing to define the relevant law, as on the other hand highlights the impact of the will on the nature of the base of attribution Itself through the extent to which foreign law acquires the compulsory or optional character, and this undoubtedly casts a mislead on the issue of the possibility of excluding the will of the obligatory base of attribution.
المقدمة:
في حال اذا ما عُرض على القاضي الوطني نزاع من النزاعات الخاصة الدولية فيكون امام مسارين / الاول , مسار التطبيق الممنهج والمباشر للقانون الوطني , والثاني مسار التطبيق الآلي لقاعدة الاسناد الموجودة في القانون الوطني والتي يمكن ان تفضي الى تطبيق القانون الوطني للمحكمة الناظرة بالنزاع او تطبيق القانون الاجنبي وذلك لما تتميز به قاعدة الاسناد الوطنية من طبيعة ثنائية , الا ان هذه الطبيعة يترتب عليها نتيجة مهمة جدا الا وهي المساواة من حيث مركز التطبيق بين القانونين , وعدم التفضيل لاحدهما على حساب القانون الاخر, كما إن تطبيق القاضي للقانون الأجنبي باعتباره المختص بحكم النزاع المطروح، يستوجب اولاً تحديد طبيعته القانونية والتي على أساسها يتمكن القاضي من تطبيق القانون الأجنبي المختص بحكم النزاع , وقد اثار هذا الموضوع اختلافات فقهية و تشريعية وقضائية حيث تعددت المحاولات الفقهية والقضائية و القانونية قديما و حديثا حول أساس تطبيق القاضي الوطني للقانون الأجنبي خاصة أن هذا القانون صادر عن سلطة لا تملك إصدار الأوامر للقاضي ذلك لأنه لا يتلقى الأوامر إلا من مشرع دولته, وقد افرزت هذه المحاولات الى استخدام فكرة الحقوق القابلة للتصرف كوسيلة للتأثير على القوة الملزمة لقاعدة الاسناد من جهة والإعلاء من قيمة وتقدير إرادة الأطراف بإطلاق الحرية للأطراف في تحديد القانون الواجب التطبيق من جهة اخرى.
اهمية البحث:
تنصرف اهمية البحث في هذا الموضوع من خلال تسليط الضوء على التوجه الفقهي والقضائي الذي ينادي بأعطاء مساحة اوسع لأرادة الاطراف في تحديد القانون الواجب التطبيق من خلال منحها مكنة الاستبعاد التي تتحقق بفكرة الحقوق القابلة للتصرف بأعتبارها وسيلة من وسائل تقوييم قاعدة الاسناد والتي تتميز بأنها وسيلة خارجية لا تتعلق بذاتية قاعدة الاسناد وانما يتم الاستعانة بها من قبل اطراف النزاع والتي يكون هدفها تلافي عيوب هذه القاعدة ولاسيما العيب الاساسي المصاحب لقاعدة التنازع الثنائية و المتعلق بعدم امكانية توقع الحلول , هذا من جانب ومن جانب اخر , تتمثل اهمية البحث في دور ارادة الاطراف في التأثير على مسألة القوة الملزمة لقاعدة الاسناد من خلال استخدام فكرة الحقوق القابلة للتصرف كمعيار للتمييز بين قواعد الاسناد الملزمة وغير الملزمة .
اشكالية البحث :
تنصرف اشكالية البحث في بيان امكانية ان تكون الارادة وسيلة تقويمية ناجحة للتغلب على عيوب قاعدة التنازع , فهل بأمكان اطراف النزاع استبعاد القانون المختص الغير ملائم مرتكزين في ذلك بركيزة الحقوق القابلة للتصرف وليس على اساس سلطان الارادة ؟ واذا ما تم الاعتماد على هذه الركيزة فما هي الية اختيار القانون المختار الجديد من قبل الاطراف , فهل يكون قانون المحكمة الناظرة بالنزاع ام قانوناً اجنبياً اخر . ومن جانب اخر تظهر اشكالية البحث في مدى صلاحية الارادة ان تكون معيارا لتحديد طبيعة قواعد الاسناد , فقاعدة الاسناد ستختلف بحسب الحقوق التي تنظمها , وهذا بلا شك يلقي بضلاله على مسألة امكانية استبعاد الزامية قاعدة الاسناد.
منهجية البحث:
تم الاعتماد على المنهجين التحليلي والمقارن من خلال استقراء للمعطيات الفقهية والقانونية والقضائية لاعمال دور الارادة في استبعاد القانون المختص في ميدان المنازعات الخاصة الدولية.
المبحث الاول
الوسيلة المعتمدة في استبعاد القانون المختص
تستند الارادة على فكرة الحقوق القابلة للتصرف في استبعاد القانون المختص والواقع انه لا يختلف مفهوم حرية التصرف في الحقوق الموجودة في القانون المدني عن المفهوم في نطاق العلاقات الخاصة الدولية فأساس الفكرة هو واحد بين القانونين , فالأساس هو انقسام العلاقات الخاصة في القانون الداخلي الى احوال شخصية واحوال عينية , وبالنتيجة اختلاف الاحكام الخاصة بكل صنف , حيث اسندت الاحوال الشخصية الى قواعد آمرة يتضمنها قانون الاحوال الشخصية , بينما اسندت الاحوال العينية الى قواعد مكملة لأرادة الافراد يتضمنها القانون المدني والقوانين الخاصة الاخرى[1] , الا انه في نطاق القانون الدولي الخاص يمكن ان يُستفاد من هذا التقسيم بين الحقوق في استبعاد القانون الواجب التطبيق تحقيقاً لأهداف معينة , وهذا ما سنوضحه من خلال بيان مقتضيات اللجوء الى فكرة حرية التصرف في الحقوق و الية تطبيق هذه الفكرة وذلك على النحو الآتي :
المطلب الاول: مقتضيات تطبيق فكرة الحقوق القابلة للتصرف
ظهرت بوادر تطبيق هذه الفكرة من خلال نص الفقرة الثالثة من المادة (12) من قانون الاجراءات المدنية الفرنسي والتي تقضي بأن للأطراف وبناءاً على اتفاق صريح في الحقوق التي لهم حق التصرف فيها , ان يقيدوا القاضي بالتكييفات والنقاط القانونية التي يتفقون على حصر الدعوى في اطارها , فمن شأن اعمال هذا النص في اطار تنازع القوانين ان يسمح للأطراف بالتنازل عن اعمال قاعدة الاسناد التي تتعلق بحقوق يجوز التصرف فيها بناءاً على اتفاق صريح[2], فأنطلقت محاولة فقهية فرنسية مدعومة بمباركة قضائية بالاستناد على هذا النص لتلافي العيوب التي تتسم بها قاعدة الاسناد الثنائية والتي اتسمت بخصيصة التجريد التي جعلت من آلية الاختيار ذات طبيعة ميكانيكية لم تحقق في الكثير من المنازعات العدالة الموضوعية المنشودة لأطرافها وإنما اقتصرت على تحقيق عدالة ظاهرية أو شكلية , ولاسيما عيب عدم توقع الحلول على اعتبار ان قاعدة الاسناد تتصف بأنها قاعدة ارشادية عمياء تحاول ارشاد القاضي المختص الى القانون الواجب التطبيق الامر الذي يؤدي الى ترتيب نتائج غير متوقعة لأطراف العلاقة القانونية[3], وهذا ما دفع رجال الفقه والقضاء إلى إضفاء التطور على هذه الآلية من خلال ايجاد وسائل تقويمية أكثر وضوحاً وتحرراً تتفق مع روح العدالة من خلال اخذ التشريع والمحكمة بنظر الاعتبار قيمةً معينةً او ظرفاً معيناً خلافاً للنتيجة التي توصلت إليها قاعدة الإسناد الحيادية المجردة , ومن ذلك ارادة الاطراف في اختيار القانون الواجب التطبيق وقواعد التنازع ذات الطبيعة المادية , ومبدأ الروابط الاكثر وثاقاً على ان هذه الوسائل تتسم بأنها وسائل تقويمية داخلية تنبعث من قاعدة الاسناد ذاتها , الا ان التوجه الفقهي الفرنسي ذهب الى امكانية مواجهة هذه العيوب بوسائل خارجية معتمدة في ذلك على ارادة اطراف النزاع ولكن ليس بالاستناد على مبدأ سلطان الارادة وانما على فكرة الحقوق القابلة للتصرف مستندين في ذلك على أنه طالما كان الأطراف يملكون حرية التصرف في الحقوق فأنهم بالقطع يملكون حرية التنازل عن تطبيق القانون المختص[4].
ولاشك ان الاستناد على هذه الفكرة من وجهة نظهرهم لها أهمية تتمثل في دعم مبدأ المساواة بين القانون الوطني والقانون الاجنبي ولاسيما في نطاق استخدام الدفع بالنظام العام, اذ ان الاخذ بهذه الفكرة من شأنها التقليص من حالات الدفع بالنظام العام لاستبعاد القوانين الأجنبية الواجبة التطبيق التي تشير إليها قواعد التنازع، حيث إنه إذا كان تطبيق القانون الذي أشارت إليه قاعدة التنازع يخالف النظام العام في دولة القاضي فإن القاضي بقوم باستبعاده وتطبيق قانون آخر وقع اتفاق الأطراف عليه والذي قد يكون قانوناً وطنياً او قانون اجنبي , في حين التمسك بالدفع بالنظام العام يؤدي الى تطبيق القانون الوطني « قانون القاضي» حتى وان لم يكن له صلة حقيقية بموضوع النزاع[5].
كما من جانب آخر هناك اسباب اخرى تبرر الاخذ بهذه الفكرة ولكن ليس من منظور المعالجة التقويمية وانما من منظور التيسيير على القاضي المختص الناظر بالنزاع في حال وجود عيوب تتعلق بذاتية القانون الاجنبي المشار اليه من قبل قواعد الاسناد كما في حالة صعوبة اثبات القانون الاجنبي فلا يحتاج القاضي الى الاستعلام عن القانون الاخير طالما لا يكون هناك الزام قانوني بتطبيقه وانما يلجأ الى التطبيق المباشر لقانونه , وأساس هذا التطبيق هو أنَّ قانون القاضي ليس قانوناً غريبًا عن المنازعة المطروحة فهو يتصل بها لأنَّ المشرع عندما يمنح الاختصاص القضائي الدولي لمحاكمه للفصل في المنازعة المشتملة على عنصر أجنبي فأنه ينطلق من ضرورة وجود صلة بين النزاع ومحكمته ويكون قانون المحكمة المختصة محققاً للغاية من قاعدة الإسناد في تطبيق أكثر القوانين أتصالاً بالعلاقة القانونية الخاصة الدولية بالإضافة إلى أنَّه لا يخل بتوقعات الاطراف ويجنبهم رفض دعواهم عند استحالة أثبات القانون الأجنبي لهذا يعتبر حلاً عادلاً [6], كما يظهر جانب التيسير من جهة اطراف النزاع , على اعتبار ان عدم الاعتراف بالتطبيق الالزامي لقاعدة الاسناد يتيح خلق قواعد تنازع اختيارية لصالح اطراف النزاع[7].
كما من جانب اخر , اعتنق الفقه والقضاء الفرنسي هذا التوجه محاولة منه للتخفيف من الانحياز نحو القانون الفرنسي الذي كان يرنو الى تطبيق القانون الفرنسي كلما سنح المجال بذلك ومن ذلك اعتبار قاعدة الاسناد التي تشير الى تطبيق القانون الفرنسي قاعدة من قواعد النظام العام ذات الصفة الامرة اما قاعدة الاسناد التي تشير الى تطبيق قانون اجنبي فهي تعتبر قاعدة مكملة لا تنشأ التزاماً نحو القاضي بتطبيقها , فكان التوجه يهدف الى رفض هذه الفكرة التي تهدف الى تعليق قاعدة الاسناد على النتيجة النهائية من ناحيتين , الاولى , بأعتبراها فكرة خارجة عن المألوف اما الثانية , فهي عدم جواز الخلط بين صفة الالزام والنظام العام لأن الامران مستقلان عن بعضهما فالقاعدة القانونية ملزمة ولو لم تتعلق بالنظام العام[8], وقد تهدف فكرة الحقوق القابلة للتصرف الى معالجة حالة رفض الاخذ بالاحالة والذي يتحدد في أنَّه إذا ما اشارت قاعدة الإسناد الوطنية إلى تطبيق قانون أجنبي فأنَّه يجب ابتداءً الذهاب إلى تطبيق القواعد الموضوعية في هذا القانون على اعتبار أنَّ الإسناد موضوعي وليس أجمالياً, واستندوا في ذلك الى ان هناك نتائج غير محمودة للرفض المطلق للأحالة والتي تتمثل بعدم تحقيق هدف قاعدة الإسناد وجوهرها وهو حماية التوقعات المشروعة لأطراف العلاقة القانونية وضمان التنسيق بين النظم القانونية المختلفة وتحقيق العدالة[9], ولهذا فمن وجهة نظر مناصري فكرة الحقوق القابلة للتصرف انه يمكن معالجة هذه الحالة حتى بدون اللجوء الى الاقرار او الاعتراف بفكرة الاحالة وذلك من خلال اعطاء دور للارادة في استبعاد تطبيق القانون المختص المحال اليه وتطبيق قانون اخر[10].
المطلب الثاني: آلية تطبيق فكرة الحقوق القابلة للتصرف
اذا كانت فكرة الحقوق القابلة للتصرف أداة تستخدمها الارادة في استبعاد القانون الذي اشارت اليه قاعدة التنازع ووسيلتها في ذلك قاعدة التنازع نفسها من خلال اضفاء طابع معين لمدى الالتزام بهذه القاعدة ونظرة خاصة حول الالتزام بتطبيق القانون الاجنبي , ولهذا ولغرض الوقوف حول آلية تطبيق فكرة الحقوق القابلة للتصرف لابد من التدليل على نوع الطابع المعتمد في تطبيق قاعدة التنازع ثم بيان القانون المعتمد الرجوع إليه لتحديد مدى قابلية الحقوق للتصرف فيها من عدمه, واستناداً الى ما تقدم سوف نقسم هذا المطلب على فرعين اثنين وذلك على النحو الآتي :
الفرع الاول: الطابع المعتمد في تطبيق قاعدة التنازع
تقترن فكرة الحقوق القابلة للتصرف بالطابع المزدوج في التطبيق الذي يجمع بين الطابع الملزم والطابع الاختياري , حيث يقضي بالتطبيق الملزم لقاعدة التنازع في حالات , بينما تكرس الاخرى صفتها الاختيارية في حالات اخرى , فبالنسبة للشق الاول من الطابع المعتمد الا وهو الطابع الملزم والذي يستند على أن الطبيعة الوطنية لقاعدة الإسناد هي التي تضفي صفة الإلزام على تطبيق القانون الأجنبي الذي تشير إليه , فعندما سن المشرع الوطني قواعد الإسناد إنما أراد أن يحل مشكلة تنازع القوانين في العلاقات الخاصة الدولية عن طريق هذه القواعد , وعليه يأتي عنصر الإلزام من صفتها الوطنية , مما يستتبع وجوب قيام القاضي بتطبيقها من تلقاء نفسه ودون حاجة لتمسك اطراف الدعوى بها[11]. ويترتب على الاعتراف بالقانون الأجنبي بصفته القانونية مع بقائه قانوناً أجنبياً في الوقت نفسه اختلاف في المعاملة الإجرائية التي يلقاها هذا القانون مقارنةً بالقانون الوطني ويفسر هذا الاختلاف بأن القانون الأجنبي ليس موجهاً في الأصل ليطبق من طرف القاضي الوطني أنه لا ينشر في دولته و لا يفترض علم القاضي به لأنه نشأ بعيداً عن الأجهزة التشريعية لدولة القاضي[12].
ويترتب على احتفاظ القانون الأجنبي بالصفة القانونية نتيجة مهمة تتمثل بالإعمال التلقائي لقاعدة الإسناد وهذا ما يؤدي بطبيعة الحال إلى إمكانية قيام القاضي بتطبيق قانونه الوطني أو تطبيق القانون الأجنبي حسب الأحوال وفي هذا الإعمال احترام لذاتية العلاقات الخاصة الدولية فالاخذ بعين الاعتبار للعنصر الأجنبي يؤدي الى استبعاد التطبيق الآلي للقانون الوطني للقاضي الذي ينتج من خلال حالة التعميم للقانون الأخير حتى في الحالات التي يرى المشرع الوطني نفسه أنَّ قانوناً أجنبياً قد يكون أكثر ملائمةً من قانون القاضي لحكمها وبهذه المثابة فأنَّ عدم إلزام القاضي بإعمال قاعدة الإسناد الوطنية من تلقاء نفسه يتضمن في أثنائه مساساً بذاتية العلاقة الخاصة الدولية , التي قد لا يصلح قانون القاضي لحكمها في الفروض التي تحدد قاعدة الإسناد الوطنية فيها قانوناً أجنبياً لحكمها, و لاشك أنَّ من شأن منح القانون الأجنبي الطبيعة الألزامية يفوت الفرصة على الخصوم الذين يرغبون في الهروب من إعمال قاعدة الإسناد عليهم لما في ذلك من تحقيق لمصالحهم وهو ما يشجع الخصوم على الغش نحو القانون , بل وتسوق الاختصاص برفع الدعوى أمام المحكمة التي يعلمون أنَّها لا تقوم بالتطبيق المباشر والإلزامي لقاعدة الإسناد .
وبهذه المثابة تبدو ضرورة تبني القاضي للتطبيق الإلزامي تفادياً للنتائج السلبية التي تظهر لو كان إعمال قاعدة التنازع مجرد رخصة ممنوحة للقاضي وليس التزاماً واقعاً عليه , كما وتترتب على التطبيق الإلزامي إمكانية وجود تعاون مشترك بين القاضي المختص والخصوم في أثبات القانون الأجنبي ولا مانع من الاستعانة بالخبراء أو الوسائل اللازمة الأخرى[13], إلاَّ أنَّ ذلك لا يعني أنَّ يتخلى القاضي عن النظر في الدعوى لمجرد أن َّالخصوم فشلوا في إثبات القانون الأجنبي الواجب التطبيق وفي حالة فشل القاضي على الرغم بذل الجهد في البحث والكشف عن مضمون القانون الأجنبي فإنه يحكم حينئذٍ وفقاً لما هو سائد في القانون الوطني.
اما الشق الثاني للطابع المعتمد في التطبيق فيتضمن التطبيق الاختياري لقاعدة التنازع , اذ اتجهت احكام القضاء الفرنسي بداية الى تبرير قاعدة عدم التزام القاضي بتطبيق قاعدة الاسناد استناداً الى الطابع الاختياري , والذي يستند على ان قواعد الإسناد الوطنية ليست من النظام العام عندما تقضي بتطبيق قانون أجنبي وأنَّ على الأطراف التمسك بتطبيقها ولا يلزم قاضي الموضوع بأثارتها من تلقاء نفسه إذ يجوز العمل بها دون أنَّ يكون مجبراً على ذلك , وهذا معناه أنَّ هذا الاتجاه ينكر الصفة القانونية للقانون الأجنبي وعدّه عنصراً من عناصر الواقع ونقطة البداية عند هذا الاتجاه هي أن كل قاعدة قانونية تتكون من عنصرين العنصر الفعلي ومعناه أن تكون القاعدة مجردة وعامة،, وعنصر الأمر أو الإلزام الصادر عن المشرع الذي تستمد منه القاعدة قوتها الملزمة وتظل القاعدة تتمتع بهذين العنصرين متى طبقت داخل الدولة التي سنتها ومتى طرحت هذه القاعدة أمام قاض آخر بوصفها قانوناً أجنبياً فإنها تفقد عنصر الإلزام وتطبق بوصفها واقعة ثبت وجودها أمام القاضي يتعين على الخصوم إثبات هذا القانون , ولهذا فإن عدم إثارة الخصم لتطبيق القانون الأجنبي يجعل القاضي يطبق قانونه الوطني وكل خطأ في تفسير هذا القانون الأجنبي لا يخضع لرقابة المحكمة العليا بعدّه مسألة واقع أي إنَّ الأطراف لا يمكنهم التذرع به لأول مرة أمام المحكمة العليا، لأنه يعدَّ من عناصر الواقع[14] وهذا يعني أنَّ تطبيق القانون الأجنبي يكون الغرض منه استنباط الحقوق الشخصية للخصوم بمعنى أن التطبيق يكون لغاية عملية[15]. وقد استفاد الفقه المناصر لفكرة الحقوق القابلة للتصرف من خلال الموقف المعاصر للقضاء الفرنسي الذي أقَّر بالصفة الإلزامية أو الاختيارية لقاعدة الاسناد الوطنية وفقاً لنوع حقوق الخصوم , فبناءً على هذا الاتجاه تتمتع قاعدة الإسناد الوطنية بالصفة الإلزامية إذا تعلقت الدعوى بحقوق لا يمكن للخصوم التصرف بها كما لو كانت القضية تتعلق بالنظام العام كالمسائل المتعلقة بالزواج والنفقة والتركات مثلاً وهذا ما قررته محكمة النقض الفرنسية في حكم لها صادر بتاريخ 4/12/1990 [16], وكذلك الأمر فيما يتعلق بقاعدة الإسناد ذات المنشأ التعاقدي كالمعاهدات و الاتفاقيات الدولية فهنا القاضي ملزم بتطبيقها إذا لم يتفق الأطراف على قانون الإرادة , أمَّا اذا كانت الحقوق مما يمتلك الافراد حرية التصرف فيها كالالتزامات التعاقدية فهنا القاضي له حرية الاختيار في تطبيقها[17], وقد كان لهذه الفكرة صدى محدود في التشريعات العربية , فقد تأثر القضاء اللبناني بهذه الفكرة , اذ اكدت محكمة التمييز اللبنانية في احد احكامها على مضمون هذه الفكرة اذ جاء فيه : « ... ان الدعوى الحالية ... تتعلق بحقوق يعود للأطراف التصرف بها , فكان على الشركة ان تدلي امام محكمة الاستئناف بالقانون الاجنبي الذي تدعي تطبيقه وان تثبت مضمونه ...»[18], وقد اخذ المشرع التونسي بالتمييز الذي جاء به القضاء الفرنسي ، إذ مَيَّزَ بين الحقوق التي لا يجوز للأطراف التصرف فيها و التي تعد من النظام العام وبشأنها تكون قواعد الإسناد ملزمةً والحقوق التي يجوز التصرف فيها لا تعد من النظام العام وفيها تكون قواعد الإسناد غير ملزمة, وألزم الخصم بإثبات القانون الأجنبي إذا تعلق الأمر بحقوق يجوز التصرف بها ، وهذا ما جاء به الفصل 70 من مجلة القانون الدولي الخاص بقوبها : « قاعدة التنازع من قواعد النظام العام إذا كان موضوعها صنفاً يتضمن حقوقاً ليست فيها للأطراف حريّة التصرف .وفي الحالات الأخرى تكون القاعدة ملزمة للقاضي إلا إذا عَبّرَ الأطراف بصورة جلية عن إرادتهم في عدم تطبيقها» , و نصت الفقرة الأولى والثانية من الفصل (32) من المجلة على أنَّه : « 1-يمكن للقاضي بصفة تلقائية إقامة الدليل على محتوى القانون الأجنبي المعيّن بقاعدة الإسناد في حدود إمكانيات علمه به ، وفي أجل معقول بمساعدة الأطراف عند الاقتضاء .2-وفي الحالات الأخرى فإن الطرف الذي تكون دعواه مستندة على القانون الأجنبي مطالب بإثبات محتواه»
ويستفاد من هذا النص أنَّ القانون الأجنبي يعد قانوناً سواء عينته قاعدة الإسناد أو تمسك به أحد الخصوم، مع إقامة تفرقة على مستوى عبء الإثبات فلقد استند الدور الرئيس في الإثبات للقاضي في الحالة الأولى وللخصوم في الحالة الثانية على انَّ يساعد الخصوم القاضي في إقامة الدليل على محتوى القانون الأجنبي و يمد القاضي يد المساعدة عند الاقتضاء لإثبات وجوده أو محتواه في حدود ما تخوله المبادئ العامة في قانون المرافعات التونسية[19].
ويتضح من هذا التوجه القضائي والتشريعي ان تحديد مدى التزام القاضي بقاعدة الاسناد لم يعد مرتبطاً بالتفرقة بين الطابع الوطني او الاجنبي للقانون الذي تشير اليه قاعدة الاسناد , وانما صار مرتبطاً بطبيعة المسألة التي تتعلق بها قاعدة الاسناد , وخلاصة القول أنَّ قاعدة الإسناد في هذا الأسلوب من التطبيق والتي تشير إلى تطبيق القانون الأجنبي تعدّ بالنسبة للقاضي الوطني قانوناً ملزماً يجب عليه تطبيقها من تلقاء نفسه وبخلافه فالأمر يستوجب الطعن أمام المحكمة العليا , أمَّا فيما عدا هذه الحالات فتكتسي قاعدة الإسناد بالطابع الاختياري وهذا ما يجعل القاضي غير ملزمٍ بتطبيقها إلاَّ إذا أتفق الطرفان على خلاف ذلك في هذه الحالة لا يجب إعمال قاعدة الإسناد , وان الوضع يقود الى ان هناك مجالاً يمكن فيه للأطراف استبعاد قاعدة التنازع والمتمثل بالحقوق القابلة للتصرف وبخلافه لا يمكنهم القيام بذلك .
الفرع الثاني: القانون الواجب التطبيق على الحقوق القابلة للتصرف
يتنازع حول مسألة القانون الواجب الرجوع إليه لتحديد مدى قابلية الحقوق للتصرف فيها من عدمه اتجاهان مستقلان في الفقه الفرنسي:
الاتجاه الاول : تطبيق قانون القاضي: ويرى أصحاب هذا الاتجاه أنه من المتعين تطبيق قانون القاضي لتحديد ما إذا كان الأطراف يملكون حق التصرف في الحقوق المتنازع عليها من عدمه ويستندون في ذلك على نظرة الاطراف للعلاقة القانونية محل النزاع على انها علاقة داخلية بحته وليس علاقة دولية , لأن في استبعادهم لهذه القاعدة هو استبعاد للقانون الاجنبي الذي اشارت اليه قاعدة التنازع واستندوا في ذلك على فكرة السهولة في التطبيق وسرعة الفصل في المسألة بالنسبة للقاضي لتدعيم رأيهم، ويعطونه أولوية التطبيق استنادا إلى أن مسألة قابلية الحقوق للتصرف هي مسألة إجرائية بدلیل النص عليها في قانون الإجراءات المدنية الفرنسي في الفقرة الثالثة من المادة 12 وبالتالي تطبق عليها قاعدة خضوع الإجراءات القانون القاضي المعروفة[20] في حين فسر فريق آخر من أنصار هذا الاتجاه إخضاعهم مسألة قابلية الحقوق للتصرف القانون القاضي على أنها مسألة تكييف سابقة على تحديد القانون الواجب التطبيق في مجال القانون الدولي الخاص ومسألة التكييف هنا لا تتعلق بتحديد طوائف الاسناد وانما يتعلق الامر بتحديد الطابع الامر او غير الامر لقواعد التنازع واذا ما كان للأطراف التصرف في الحقوق التي تتعلق بها قاعدة التنازع ام لا , ولا شك ان تحديد القوة الملزمة ينبغي ان يتم وفقاً للمعايير المتبعة في القانون الوطني ذاته[21].
الاتجاه الثاني : تطبيق قانون الموضوع : يرى أصحاب الاتجاه المقابل أنه من المتعين تطبيق قانون الموضوع لتحديد ما إذا كان الأطراف يملكون حق التصرف في الحقوق المتنازع عليها من عدمه ويستندون في ذلك ايضا الى مسألة القوة الملزمة لقاعدة الاسناد الا انهم يستدون في تبرير وجهة نظرهم الى ان مسألة التفريق بين الحقوق ماهي الا امر يتعلق بجوهر الحقوق وليس بتحديد الطائفة القانونية[22], في حين استند بعضهم الى فكرة المساواة بين القانون الوطني والقانون الاجنبي والتي تتمخض عن امكانية تطبيق القانون الاجنبي اذا ماكان القانون الواجب التطبيق هو القانون الوطني والذي بموجبه يتم تحديد الحقوق القابلة للتصرف والتي يترتب عليها امكانية التنازل عن القانون الوطني المحدد من قبل قاعدة التنازع والمطالبة بتطبيق قانون اجنبي او ان يكون قانون الموضوع هو بالاصل قانونا اجنبيا ويتم التنازل عنه والمطالبة بتطبيق قانون اخر سواء قانون القاضي ام قانون اجنبي[23].
وبعد عرض الاتجاهين يتضح لنا ان هناك صعوبات عملية سواء بالنسبة للقاضي او الاطراف في تطبيق قانون الموضوع كمعيار لتحديد الحقوق القابلة للتصرف من غيرها اذ يضطر القاضي الى استنطاق القانون الاجنبي لمعرفة قدرة الخصوم على اعفائه من تطبيقه والذي يستلزم منه اثبات محتوى القانون الاجنبي المختص بموجب قاعدة التنازع , حتى وان تم تكليف الخصوم بالاثبات فأن ذلك يعتبر امراً عسيرا بالنسبة لهم ايضا لان من الوارد ان يكون استبعاد الخصوم للقانون الاجنبي المختص هو نتيجة لمسألة الجهل باحكام القانون المختص وتعذر اثباته.
المبحث الثاني
مجال اعمال الدور الاستبعادي للأرادة
ان كان القانون الدولي الخاص قد افسح دوراً كبيراً للإرادة في رحابه بحرية اختيار القانون الواجب التطبيق على العقود الدولية , فهل يمكن استبعاد القانون الواجب التطبيق من قبل ارادة الاطراف المستند على التفرقة بين انواع الحقوق في كل المنازعات الخاصة الدولية ام انه يمكن قصر الاستبعاد على مجالات معينة , واذا كنا بصدد البحث عن معرفة مجال اعمال هذا الدور فلابد من معرفة اثر الاستبعاد في القانون المختار, وفي ختام ذلك لابد لنا من عرض هذه الفكرة وفق المنضور التقديري لبيان قيمة هذه الفكرة ومدى امكانية تطبيقها في قواعد التنازع العراقية واستناداً إلى ما تقدم سوف نقسم هذا المبحث على ثلاث مطالب وذلك على النحو الآتي :
المطلب الاول: حدود الدور الاستبعادي للأرادة
تنازع رأيان لتحديد مجال الدور الاستبعادي للأرادة , يقتصر الرأي الاول على ان الاستبعاد لا يرد في جميع المجالات بل انه يرد فقط في مجال المسؤولية التقصيرية واستندوا في ذلك الى المقارنة بين نص المادة 12 من القانون الفرنسي والمادة 133 من القانون السويسري والتي منحت للأطراف امكانية الاتفاق على تطبيق قانون القاضي في أي وقت بعد وقوع الضرر[24], في حين يرى الرأي الاخر الى عدم قصر تحديد المجال بالمسؤولية التقصيرية وانما يمكن ان يسري الدور الاستبعادي في كافة قواعد تنازع القوانين شريطة ان يتعلق الامر بحق من الحقوق التي يملك الاطراف التصرف فيها أي بالحالات التي يجوز فيها للأطراف الاتفاق على اختيار القانون الواجب التطبيق , ومن قبيل ذلك مسائل الاحوال الشخصية اذ يميل الفقه والقضاء الفرنسيين إلى القول بإمكانية إعمال الاستبعاد فيما يتعلق بالمسائل العائلية استنادا إلى أن القانون الواجب التطبيق في هذا المجال يختاره الزوجان مسبقا، وإذا غاب اختيار الزوجين افترض القاضي أن الإرادة الضمنية للزوجين قد ذهبت إلى تطبيق قانون الموطن الأول للزوجية، على أن يرد الاستبعاد على حق من الحقوق التي يملك الأطراف التصرف فيها[25]، وهذا الرأي على عكس ما ذهبت اليه محكمة النقض الفرنسية في اعتبار القواعد المتعلقة بالحقوق والواجبات الزوجية من القواعد ذات التطبيق الاقليمي أي كونها حقوق لا يمكن للأطراف التصرف بها ومن ثم لا يجوز لهم الاتفاق بشأنها على القانون الواجب التطبيق[26], ومن الجدير بالذكر ان موقف محكمة النقض هذا يستند الى ان مسألة استبعاد القانون في المسائل العائلية يرتكز على مبدأ سلطان الارادة وليس فكرة تقسيم الحقوق طالما ان هذا الاتفاق يتم قبل ابرام الزواج او اثناء الحياة الزوجية , وكذلك فيما يتعلق بمسائل الجنسية والاهلية ذهبت محكمة النقض الفرنسية الى اعتبارها من الحقوق الغير قابلة للتصرف حيث جاء في احد احكامها الحديثة نسبياً : « بالنظر إلى وسيلة الطعن الوحيدة وبالتطبيق للمادة 3 من التقنين المدني، وحيث أن قانون الجنسية هو القانون الواجب التطبيق على الأحوال الشخصية والأهلية وحيث أنه وبموجب حكم المحكمة الجزئية الصادر في 13 نوفمبر 2006، فقد قضي قاضي الوصاية بوضع السيد/...، تحت القوامة، المولود في تونس عام 1954، وحيث أن محكمة الابتدائية قد أيدت حكم المحكمة الجزئية، بينما لم تبحث محكمة ثان درجة فيما إذا كان الزوج يحمل الجنسية التونسية، ودون إعمال قاعدة التنازع بشان الحقوق غير القابلة للتصرف فيها وطبقت القانون الأجنبي بينما كان من الواجب عليها النظر في مضمونه فإنها تكون قد خالفت بذلك المادة 3 من القانون المدني ولهذه الأسباب قضت محكمة النقض ببطلان حكم محكمة ثان درجة الصادر في 3 يوليو 2007، وإحالة الدعوى أمام محكمة ابتدائية أخرى»[27].
وان هذا الاختلاف الفقهي لم يرد فقط بشأن قواعد التنازع الوطنية وانما شمل قواعد التنازع ذات المنشأ الاتفاقي , فكان التوجه السابق لمحكمة النقض الفرنسية تذهب الى الزامية التطبيق بالنسبة لقواعد التنازع ذات المنشأ الاتفاقي كما في قرارها في قضية « coveco et autre vesoul transports» والذي جاء فيه : « في المسائل التي لا تخضع لاتفاقية دولية او تلك التي يكون لهم حرية التصرف في حقوقهم , لا يعنى على قاضي الموضوع اذا لم يبحث تلقائياً عن القانون الواجب التطبيق في الموضوع»[28] , وقد جاء هذا القرار متأثراً بموقف الفقه المنادي بضرورة تمتع قواعد الاسناد الاتفاقية بطابع الالزام مستندين في ذلك ضرورة وفاء الدولة بالتزاماتها المنصوص عليها في المعاهدات الدولية[29].
الا ان محكمة النقض الفرنسية قد ذهبت في قرار اخر لها في قضية Mutuelles du Mans بتاريخ 26 مايو 1999 إلى التضييق من من نطاق هذه القاعدة و قصرت التطبيق الالزامي على الحقوق الغير متنازع عليها أمَّا فيما يخص قاعدة التنازع ذات المصدر الاتفاقي فإن القاضي يمكنه ألا يطبقها تلقائياً إذا لم يتمسك الخصوم بها[30] ، ويعضد هذا التوجه القضائي الاراء الفقهية التي تسعى الى الاعلاء من قيمة ارادة الاطراف في اختيار القانون , مستندين في ذلك على ان القواعد ذات المنشأ الاتفاقي تهدف الى تنظيم العلاقات الخاصة بالافراد اي الى اشباع وتحقيق ومنافع خاصة ومن ثم يمكن للأطراف الخروج عليها اذا ما قدروا على ان من مصلحتهم تطبيق قانون اخر غير القانون الذي تشير اليه قاعدة التنازع التعاهدية[31], ومنذ هذا الحكم مرت السوابق القضائية لمحكمة النقض الفرنسية بفترة من الاستقرار وأصبح هذا المعيار راسخاً , إلى أنَّ صدر حديثاً تطوراً جديداً بموقف محكمة النقض الفرنسية في حكمها الصادر في 26 /مايو/ 2021 والذي كان مداره نزاع بين شركتين فرنسية ومصرية إذ قضت محكمة استئناف باريس بالتعويض ضد الشركة الفرنسية بالتطبيق للقانون الفرنسي إذ استندت إلى أن هذه الشركات خلطت بين منتجات العلامة Mienta ومنتجات العلامة التجارية مولينيكس للانتفاع بذيوع صيت علامة مولينيكس في مصر, وقد انتقدت محكمة النقض الفرنسية تطبيق القانون الفرنسي لعدم قيام قضاة محكمة أستئناف باريس بالتحقق فيما إذا كان القانون المصري قابلاً للتطبيق أمَّ لا إذ بالنظر إلى المادة السادسة من لائحة مجلس أوربا رقم 864/2007 في 11 تموز 2007الخاصة بالقانون الواجب التطبيق على الالتزامات غير العقدية التي جاء فيها : « 1-إن القانون الواجب التطبيق على التزام غير عقدي ناتج عن تصرف كاشف عن منافسة غير مشروعة، هو قانون البلد الذي انعقدت فيه علاقات التنافس والمصالح الجماعية للمستهلكين 2- ومتى أثر التصرف الكاشف عن منافسة غير مشروعة على مصالح متنافس محدد، فإن المادة الرابعة هي الواجبة التطبيق», وأمَّا المادة الرابعة فتنص على أنَّه : « لا يجوز الانتقاص من القانون الواجب التطبيق بموجب هذه المادة باتفاق كما هو مذكور في المادة 14» .
وبناءً على النصوص السابقة قضت محكمة النقض الفرنسية انه إذا لم يكن هناك التزام على القاضي بتغيير الأساس القانوني لهذه الطلبات عندئذٍ تطبق قواعد القانون العام المنصوص عليها في قانون الاتحاد الأوربي على الرغم من عدم احتجاج الخصوم بهذه القاعدة[32], وتطبيقاً لهذا المبدأ ألغى هذا الحكم قرار محكمة باريس الذي طَبَّقَ القانون الفرنسي من دون التقيد التلقائي بنص المادة السادسة من اللائحة الاوربية وأرسى هذا الحكم مبدأ التطبيق المزدوج وذلك من خلال منح القاضي المختص مستوين للتطبيق , المستوى الأول يتعلق بقواعد تنازع القوانين المتعلقة بالنظام العام الناتجة عن قانون الاتحاد الأوربي, اذ يجب على القاضي أنَّ يطبقها بصورة ملزمة وتلقائية بغض النظر عن التمييز بين الحقوق القابلة للتصرف وغير القابلة للتصرف, وأمَّا المستوى الثاني فيتعلق بقواعد التنازع الأخرى أي تلك التي ليست من مصدر أوربي أو تلك التي لها هذا المصدر ولكنها ليست من النظام العام إذ يجب أنَّ يستمر تطبيق معيار توفر أو عدم توفر الحقوق المتنازع عليها.
المطلب الثاني: اثر الاستبعاد في القانون المختار
تقود فكرة استبعاد القانون المختص المرتكز بركيزة الحقوق القابلة للتصرف الى اعادة النظر في قاعدة التنازع التقليدية المصاحبة لسلبياتها المتعددة والمتضمنة التطبيق الالي المجرد دون الالتفات الى الحل الموضوعي للنزاع مما كان لهذه الفكرة دورا في عملية الاسناد , فقد ينتج عن هذا الاستبعاد اختيار قانونأ اخر عن القانون الذي اشارت اليه قاعدة الاسناد بغرض تحقيق هدف معين يتسم بالموضوعية يتفق وطبيعة العلاقات الخاصة الدولية , ولكن ما هو حدود اثر الاستبعاد في القانون المختار ؟ بمعنى ما هي سلطة الاطراف في هذا الشأن ؟ فهل يتحدد دور الاطراف في اختيار قانون معين ام تكون لهم الحرية الواسعة في ذلك ؟ وللاجابة عن هذا التساؤل ذهب أتجاهين فقهيين في ذلك , الاتجاه الاول يذهب الى تقييد ارادة الاطراف وقصر الاختيار على قانون القاضي دون القانون الاجنبي معتبرين في ذلك ان قانون القاضي له صفة الاسناد المساعد والذي يتم تفعيله في حال عدم تطبيق القانون الاجنبي , وقد استندوا في ذلك الى ان استبعاد ارادة الاطراف لقاعدة التنازع يمثل رغبتهم في تجريد الرابطة القانونية من الصفة الاجنبية ومعاملتها كرابطة داخلية[33], ولا شك ان في اعمال قانون القاضي يشكل توافقاً مع المنهج المعتمد في التطبيق لقاعدة التنازع السائد في فرنسا والمتمثل بالتطبيق الاختياري وكذلك يتوافق مع الرغبة في تخفيف العبْ على القاضي بعدم الزامه بتطبيق القانون الاجنبي , وتطبيقاً لذلك قضت محكمة النقض الفرنسية في حكمها الصادر في 11 مارس 2009 بأنه : « وحيث أن المادة 9 من الاتفاقية الفرانكو-مغربية لا تتعلق سوى بالآثار الشخصية للطلاق، وبالمقابل، وفيما يتعلق بالحقوق التي يمكن التصرف فيها، يجوز للزوجين الاتفاق بشأنها على تطبيق القانون الفرنسي.[34]”
في حين ذهب الاتجاه الاخر الى امكانية التطبيق للقانون الاجنبي لأن جوهر فكرة الحقوق القابلة للتصرف هو استبعاد القانون المحدد في قاعدة التنازع واحلال قانون اخر محله ولايجوز قصر التطبيق على قانون القاضي فحسب , وقد استند هذا الاتجاه في ذلك الى تفسير حكم محكمة النقض الفرنسية Mutuelles du Mans السالف الذكر والذي قضت فيه بأن من حق الاطراف في نطاق الحقوق القابلة للتصرف فيها الاتفاق على قانون اخر غير القانون المحدد بواسطة معاهدة دولية او شرط تعاقدي نص على تطبيق قانون معين وهذا معناه ان الحكم قد وضع قاعدة عامة مؤداها امكانية تطبيق قانون اخر غير القانون الاصلي المحدد من قبل قاعدة التنازع[35], كما استندوا في تبرير رأيهم الى ان قصر التطبيق على قانون القاضي من شأنه الاخلال بمبدأ المساواة بين قانون القاضي والقانون الاجنبي , ومن جهة اخرى ان اضفاء طابع الاسناد المساعد لقانون القاضي اسوة بدوره في مجال النظام العام ومشكلة مجهولية القانون الاجنبي هي تسوية غير صحيحة لان الاستبعاد في الحالتين الاخيرتين يكون في مرحلة تطبيق قاعدة التنازع اما في في الحالة مدار التسوية فتكون في مرحلة تطبيق القانون[36].
المطلب الثالث: تقدير الاتفاق الاستبعادي لقاعدة التنازع
على الرغم من المزايا التي ساقها الفقه المناصر لفكرة الحقوق القابلة للتصرف بعدها وسيلة تقويمية لقاعدة التنازع الوطنية تستخدمها الارادة واحدى وسائل تضييق الدفع بالنظام العام في العلاقات الخاصة الدولية واحدى الحلول المقترحة للتشريعات الرافضة للأخذ بالاحالة , الا انه مع ذلك ومن وجهة نظرنا المتواضعة أنًّ الأسلوب المعتمد في تطبيق هذه الفكرة والمتردد بين الإلزامية والاختيارية في التطبيق غير مقبول وذلك لعدم ملاءمة فرض القيود من قبل الأطراف على وظيفة القاضي المتعلقة بتطبيق قاعدة الإسناد ولهذا نتفق مع الرأي الذي ينادي بوجوب إلزام القاضي بلفت انتباه الخصوم إلى اختصاص القانون الأجنبي من دون ربط هذا الالتزام بالدعاوى الخاصة بحقوق لا يجوز لهم التصرف بها من عدمه[37] هذا من جانب , ومن جانب آخر فقد تواجه هذا الأسلوب مشكلة تتمثل بعدم معرفة أو تحديد القانون الذي سيقرر طبيعة الحقوق فيما إذا كان للخصوم الحق في التصرف بها أم لا , هل هو القانون الوطني ام القانون الأجنبي ؟
فإذا ما اعتمدنا الخيار الثاني فمعناه اللجوء إلى القانون الأجنبي لمعرفة إذا كان الخصوم يقررون إعفاء القاضي من التطبيق وهذا أمر غير مقبول , أمَّا إذا اعتمدنا الخيار الأول فهذا يعني العودة من جديد إلى قاعدة الإسناد الوطنية التي تقضي بتطبيق القانون الذي تشير إليه سواء أكان قانوناً وطنياً أم اجنبياً , واستنادا لما تقدم حتى تحتفظ الارادة بقيمتها الاستبعادية يجب ان يكون هناك التزام على عاتق القاضي بتطبيق قاعدة التنازع الوطنية لان استبعاد القانون الاجنبي المختص في اطار التطبيق الاختياري لقاعدة التنازع يمكن التوصل اليه بسهولة عن طريق مبدأ سلطان الارادة وليس عن طريق الاحتجاج بالحقوق القابلة للتصرف اذ يكفي للأطراف اتخاذ موقف سلبي بعدم التمسك بتطبيق القانون الاجنبي (بالنسبة للتشريعات التي تعتمد على الطابع الاختياري في تطبيق قاعدة التنازع) دون الحاجة الى الاحتجاج بالحقوق القابلة للتصرف او ابرام اتفاق صريح على استبعاد القانون المختص, وعليه لا يمكن إنكار الصفة الإلزامية لقاعدة التنازع طالما كان الهدف من وراء هذه القاعدة هو اختيار القانون الأنسب لحكم النزاع ويعد هذا الهدف بحد ذاته من قبيل النظام العام لأنه يحقق سياسة تشريعية معينة كما أنَّ القول بخلاف ذلك يؤدي إلى تعزيز مركز قانون القاضي في نطاق العلاقات الخاصة الدولية مما يمنحه فوقية في التطبيق, إذ يكفي أنَّ يمتنع الخصوم عن إثارة تطبيق القانون الأجنبي فيسارع القاضي إلى تطبيق قانونه الوطني لأن ذلك سيجعله في غنى عن البحث عن مضمون القانون الأجنبي وسيكون أكثر اطمئناناً للحل النهائي للنزاع وهذا من شأنه أن يجعل آلية الاختصاص التشريعي عديمة الجدوى وبالتالي عدم وجود تكريس حقيقي لمبدأ المساواة بين القانون الوطني والقانون الأجنبي , وما يدعم قولنا هو المواقف الدولية والتشريعية التي تقرر وجوب فرض الزام على القاضي بتطبيق قاعدة التنازع ومن ذلك موقف المجمع الدولي الذي اوصى الدول بألزام السلطات القضائية بتطبيق القانون الاجنبي الذي اشارت اليه قاعدة التنازع بصورة تلقائية , اذ اشار الى أن مبدأ المساواة في المعاملة بين قانون القاضي والقوانين الأخرى يعدُّ أحد المبادئ الأساسية للقانون الدولي الخاص اذ نص على انه : « لا يجوز إعطاء أسبقية لقانون القاضي على القانون الأجنبي، بما يتعارض والتنظيم المتوازن للعلاقات الدولية « ويوصي هذا القرار الدول بتجنب قواعد التنازع التي تمد من مجال تطبيق قانون القاضي على حساب القانون الأجنبي[38], وكذلك يمكن الاستعانة بالمواقف التشريعية المقارنة التي اعتمدت على التطبيق الالزامي لقاعدة التنازع الوطنية ومن ذلك موقف المشرع السويسري في الفقرة الأولى من المادة (16) من القانون الدولي الخاص السويسري حينما أعتمد على التطبيق الإلزامي وإمكانية وجود التعاون المشترك والذي يكون بين القاضي وأطراف النزاع فقد نصت الفقرة على أنَّه : «محتوى القانون الأجنبي لابد أنَّ يلتزم به المكلف بتطبيقه وقد يطلب المساعدة من قبل الأطراف في قضايا المعاملات المالية . ويجوز فرض عبء إثبات محتوى القانون الأجنبي على الأطراف», وهذا ما سار عليه أيضاً القانون المدني العراقي على الرغم من عدم النص الصريح على ذلك إلاَّ أنَّه يمكن التوصل إلى هذه النتيجة من خلال استقراء نص الفقرة الأولى من المادة (18) والفقرة الأولى من المادة (19) والمادة (30) من القانون المدني العراقي والتي ورد فيها عبارات ( تسري, يرجع , يتبع) وهي عبارات تقطع بأنَّ القانون الأجنبي واجب التطبيق مما يدل على أنَّه ليس من قبيل الواقع أو انَّ إثباته أو تطبيقه يتوقف على طلب الخصوم[39], و قضت محكمة التمييز العراقية في أحد أحكامها بأنه : « كان يلزم على المحكمة قبل إصدارها قرارها في القضية أنَّ تتحقق عن الحكم القانوني بموجب قانون الأحوال الشخصية الإيراني .... «[40], وهذا معناه بأنَّ المحكمة تنظر إلى القانون الأجنبي بوصفه قانوناً وليس مجرد وقائع وبالتالي فأنها تكون ملزمة بتطبيقه من تلقاء نفسها من دون حاجة إلى طلب من الخصوم, وبنفس الوقت يمكن للاطراف استبعاد القانون المختص الذي اشارت اليه قاعدة الاسناد والمطالبة بتطبيق قانون اخر مرتكزين في ذلك على مبدأ سلطان الارادة .
اما فيما يخص بضرورة اللجوء الى هذه الفكرة لأضفاء الطابع الاختياري لقاعدة التنازع والتي من خلالها يمكن منح جانب من التيسيير للقاضي المختص في حالة جهالة القانون الاجنبي فمن وجهة نظرنا ان النتيجة النهائية لاعمال هذه الفكرة والتي تتمثل بتطبيق قانون القاضي وعلى الرغم من ان هذا المبدأ هو المبدأ الغالب في الكثير من التشريعات[41] وكذلك بالنسبة للقانون المدني العراقي وان جاء خالياً من الأشارة إلى أعتماد أي حل من الحلول المقترحة في حال مواجهة القضاء العراقي حالة تعذر التعرف على مضمون القانون الأجنبي إلا أنَّه يمكن العمل بمضمون المادة (30) من نفس القانون على أعتبار أنَّ تطبيق قانون المحكمة المختصة أصبح من مبادئ القانون الدولي الخاص الأكثر شيوعاً في أغلب الدول, الا انه ومن وجهة نظرنا المتواضعة لا يمكن الركون دائماً وبصورة مباشرة إلى قانون القاضي, فقد لا تكون الصلة بین العلاقة وقانون القاضي من القوة التي تؤهل هذا القانون للأنطباق[42] أو قد لا یكون قانون القاضي ملائماً لحكم العلاقة , وانما يمكن ان تتحقق الصلة في القانون الذي تشير اليه ارادة الاطراف , ولغرض تحقيق الهدف من قاعدة الإسناد الوطنية فلا يجب تطبيق قانون القاضي مباشرةً وإنَّما یعتبر هذا حلاً بعد أستنفاذ الأتجاهات الآتية: أ_ تطبيق القانون الأقرب في أحكامه إلى القانون الذي تعذر الكشف عنه .ب_ البحث عن أكثر القوانین ارتباطاً بالمسألة بعد القانون الذي تعذر تطبيقه .ج_ البحث في القانون الذي یتعین تطبيقه بمقتضى قاعدة الإسناد الأحتياطية في قانون القاضي مثل تطبيق قانون الموطن أو قانون الجنسية .
وعليه نقترح على المشرع العراقي إفراد نص قانوني يعالج هذه المسألة على أنَّ تكون صياغة النص المقترح على النحو الآتي : « في جميع الحالات التي يتقرر فيها أن قانوناً أجنبياً هو الواجب التطبيق يطبق القانون الأكثر ارتباطاُ بالمسألة إذا كان وجود القانون الأجنبي أو مدلوله غير ممكن أثباته و إلا فيطبق القانون العراقي « .
اما فيما يخص بأمكانية اللجوؤ لهذه الفكرة لمعالجة حالة رفض الاخذ بالاحالة , فنرى متواضعين ان مسألة استبعاد الارادة للقانون المختص والمحال اليه بموجب قاعدة التنازع لا يحقق الهدف المرجو وهو حماية التوقعات المشروعة لأطراف العلاقة القانونية وضمان التنسيق بين النظم القانونية المختلفة وتحقيق العدالة طالما يتحدد الاثر المترتب على اعمال هذا الاستبعاد هو عقد الاختصاص لقانون القاضي بأعتباره التوجه الغالب لدى انصار هذه الفكرة . وانما يمكن ان يتحقق ذلك من خلال اعمال الاسناد الوظيفي للاحالة اذ يكون الهدف من الإحالة هو عقد الاختصاص للقانون الأكثر ملائمة للواقعة محل النزاع سواء أكان قانون المحكمة أو قانون دولة ثالثة[43], والذي يتحقق عندما يقبل القاضي الإحالة أو يرفضها في ضوء الغاية التي تسعى إليها قاعدة الإسناد بغض النظر عن الحالة المعروضة وحيث لا يصعب على المتعاملين في إطار هذه العلاقات إدراك تلك الغاية خاصة بعد أنَّ يكشف القضاء الوطني عن توجهاته في تفسير كل من قواعد التنازع التي تنتمي إلى قانونه تحت رقابة المحكمة العليا[44]
الخاتمة :
لكل عمل لابد من نتائج و مقترحات تبين اهم خلاصة الافكار الواردة في البحث العلمي، عليه سنبرز اهم النتائج و بعدها اهم التوصيات التي تم التوصل اليها و كما يأتي:
أولاً : النتائج:
تهدف فكرة الاستبعاد الى الأعلاء من قيمة ارادة الاطراف في تحديد القانون المختص تحقيقاً لاهداف معينة , اذ تقوم هذه الفكرة على استحداث وسيلة تقويمية خارجية نابعة من ارادة الاطراف لمعالجة عيوب قاعدة التنازع الوطنية , كما تحاول ان تكون احدى وسائل تضييق الدفع بالنظام العام في العلاقات الخاصة الدولية اذ تهدف الى استبعاد القانون الاجنبي بدون اللجوء الى تدخل القضاء وانما عن طريق تفعيل دور ارادة الاطراف في هذا الشأن, وتحاول ان تكون احدى الحلول المقترحة للتشريعات الرافضة للأخذ بالاحالة من خلال الاكتفاء بأرادة الاطراف بأستبعاد القانون الذي احالت اليه قاعدة التنازع الوطنية, بالاضافة الى ذلك , تقوم هذه الفكرة على مبررات تهدف الى التيسير سواء من جانب القاضي الناظر بالنزاع او من جانب اطراف النزاع انفسهم .
للوصول الى هذه الغايات تهدف الفكرة الى اعتماد الية التطبيق المزدوج لقاعدة التنازع الوطنية والتي يكون فيها جانب الزامي وجانب اختياري قائم على اساس التفرقة بين الحقوق القابلة للتصرف من غيرها.
اعطاء هذا الدور للأرادة لا يعني تعديل قاعدة التنازع وانما امكانية مخالفتها من قبل الاطراف او بالمعنى الأصح تعطيل العمل بها .
تعتبر هذه الفكرة وفقاً للفقه الفرنسي محاولة للتأكيد على فوقية قانون القاضي على القانون الاجنبي اذ تشكل اخلالاً لمبدأ المساواة بين القانون الاجنبي وقانون القاضي من خلال حتمية تطبيق قانون القاضي , الا انه من جانب اخر يمكن الوصول عن طريق اعمال الدور الوظيفي للاتفاق الاستبعادي الى امكانية مراعاة اعتبارات الملائمة التي تتحقق من خلال عقد الاختصاص لقانون الدولة التي يرتبط به المركز القانوني بروابط اكثر وثوقاً والذي يمكن ان يكون قانون القاضي او قانون اجنبي اخر, وبالتالي تحقيق نوع من التناسق والتعايش المشترك فيما بين الدول من خلال السماح للقاضي بتطبيق قانون اجنبي على قدم المساواة مع القانون الوطني.
ثانياً : التوصيات :
للأعلاء من قيمة الاستبعاد الارادي من قبل الاطراف للقانون المختص لابد من تركيزه على ركيزة سلطان الارادة و اعتماد منهجية التطبيق الالزامي لقاعدة التنازع وعليه ندعو المشرع العراقي الى اعتماد هذه المنهجية بصورة صريحة وعدم تبني التطبيق الاختياري لقاعدة التنازع وذلك لعدم ملائمة تصنيف قاعدة التنازع الوطنية على اساس الحقوق موضوع النزاع لان ذلك يؤدي بالنتيجة الى تطبيق قانون القاضي بصورة آلية بحجة عدم الزامية قاعدة التنازع وهذا بلا شك سيؤثر سلباً على العلاقات الخاصة الدولية وعلى التوجه العام نحو اجتذاب رؤوس الاموال والاستثمارات الى بلادها وسيؤدي الى رفض تنفيذ الاحكام القضائية العراقية في الخارج كونها استبعدت تطبيق القانون الاجنبي , كما لا يمكن اعتماد التطبيق المزدوج لقاعدة التنازع وذلك لعدم ملاءمة فرض القيود من قبل الأطراف على وظيفة القاضي العراقي المتعلقة بتطبيق قاعدة الإسناد والذي سيفتح الباب واسعاً للتحايل على القانون.
ضرورة افراد نص قانوني يوضح الزامية قاعدة التنازع بالنسبة للقاضي العراقي وعدم الاكتفاء بنص المادة (30) من القانون المدني العراقي واعطاء للاطراف مكنة الاستبعاد لقاعدة التنازع على ان يكون الاختيار بعد الاستبعاد هو القانون الملائم سواء اكان قانون القاضي ام قانوناً اجنبياً اخر , وعليه يمكن ان يكون النص المقترح كالأتي : « 1. في جميع الحالات التي يتقرر فيها أن قانوناً أجنبياً هو الواجب التطبيق يلتزم القاضي بتطبيقه ويجوز فرض عبء إثبات محتوى القانون الأجنبي على الأطراف. 2. يكون للاطراف وبناءاً على اتفاق صريح التنازل عن تطبيق القانون الاجنبي وتطبيق قانون معين «.
نقترح على المشرع العراقي معالجة مشكلة مجهولية القانون الاجنبي وذلك بإفراد نص قانوني يعالج هذه المسألة على أنَّ تكون صياغة النص المقترح على النحو الآتي : « في جميع الحالات التي يتقرر فيها أن قانوناً أجنبياً هو الواجب التطبيق يطبق القانون الأكثر ارتباطاُ بالمسألة إذا كان وجود القانون الأجنبي أو مدلوله غير ممكن أثباته و إلا فيطبق القانون العراقي «.
نوصي المشرع العراقي أن يتخلى عن موقفه الرافض من فكرة الاحالة وان يتبنى منهجاً أكثر مرونة ذا طابع هدفي يستند إلى الاخذ بالإحالة أو رفضها كلما بدا ذلك ملائماً ومتقيداً في ذلك بالمصالح الوطنية العراقية من جهة وبالمصالح الدولية للأفراد من جهة اخرى مع احترام الغايات التي تهدف إلى تحقيقها قاعدة التنازع العراقية , وعدم التطبيق الآلي لقانون القاضي لأنَّ الاعتماد على هذه الآلية يؤدي إلى التعارض مع وظيفة قواعد التنازع العراقية في نطاق التنسيق بينها وبين قواعد الإسناد الأجنبية وصولاً للتعايش بين النظم القانونية المختلفة , ويمكن الاستعانة بمكنة الاستبعاد من قبل الاطراف في حالة الرفض بالاخذ بالاحالة والتي تقود الى المطالبة بتطبيق قانون اخر غير القانون المحال اليه سواء ان يكون القانون المختار قانون القاضي ام قانون اجنبي ولهذا نقترح تعديل نص المادة (31) من القانون المدني على ان تكون الصياغة على النحو الاتي : « 1. لا تقبل الإحالة سواء ادى العمل بالقانون العراقي أو إلى العمل بقانون دولة آخرى إلاَّ إذا نص القانون على قبوله.2. في حال رفض العمل بالاحالة يمكن استبعاد القانون المحال اليه بواسطة اتفاق الاطراف «.
[1] يقصد بالقواعد الآمرة هي تلك القواعد واجبة الاحترام كونها تتمتع بخصائص القاعدة القانونية لا يجوز للأفراد الاتفاق على مخالفة حكمها , بحيث تنعدم حرية الافراد في استبعاد أو مخالفة حكمها, لانها تنظم موضوع أساسي من المواضيع التي يقوم عليها كيان الدولة والمجتمع , اما القواعد المكملة هي قواعد واجبة الاحترام كونها تتمتع بخصائص القاعدة القانونية تتضمن حكم معين, لكنها تُجيز وتسمح لألفراد الاتفاق على ما يخالف هذا الحكم.
[2]“ … Toutefois, il ne peut changer la dénomination ou le fondement juridique
lorsque les parties, en vertu d’un accord exprès et pour les droits dont elles ont
la libre disposition, l’ont lié par les qualifications et points de droit auxquels elles entendent limiter le débat…”.
[3] بلاش ليندة – قواعد الاسناد بين طابعها الالي وتحقيق الامن القانوني – بحث منشور في المجلة الاكاديمية للبحث القانوني – العدد 01- 2019 – ص128.
[4] dominique bureau, L’accord procédural à l’épreuve. Revue Critique de Droit International Privé, dalloze,1996,p617.
[5] احمد عبد الموجود محمد فرغلي- حق الطفل في الحضانة في القانون الدولي الخاص – بحث منشور في مجلة الدراسات القانونية – العدد السادس والاربعون – كلية الحقوق جامعة اسيوط- ديسمبر 2019- ص150.
[6] احمد عبد الكريم سلامة – علم قاعدة التنازع والاختيار بين الشارائع أصولاً ومنهجاً – مكتبة الجلاء الجديدة – المنصورة – 1996-ص509; مرتضى عبد الحسين جابر - تعذر اعمال قواعد الاسناد الوطنية –دراسة مقارنة - رسالة ماجستير/ مقدمة الى مجلس كلية الحقوق جامعة طنطا - قسم القانون الدولي الخاص - 2019- ص94.
[7] F. Melin, La connaissance de la loi étrangère par les juges du fond (Recherches sur l’infériorité procédurale de la loi étrangère dans le procès civil), Année 2003,p170.
[8] Henri Moutulsky ; l office du juge et la loi étrangère, melanges,jasques , dalloz,1960,p375.
[9] أحمد عبد الكريم سلامة- القانون الدولي الخاص الإماراتي- جامعة الامارات العربية المتحدة - العين - ط1- 2002- ص86.
[10] christoph bohmer : la pratique judiciaire en république fédérale d’Allemagne, Paris, 1988 ,p105.
[11] فؤاد رياض وسامية راشد - الوسيط في القانون الدولي الخاص- تنازع القوانين ج2 - تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي الدولي - دار النهضة العربية للنشر والتوزيع - القاهرة - 1998- ص53; ممدوح عبد الكريم – القانون الدولي الخاص والمقارن- الجزء الاول - دار الثقافة للنشر والتوزيع – عمان - ص 220; بيار ماير- فإنسان هوزيه- القانون الدولي الخاص - ترجمة د. علي محمود مقلد - ط1- مجد المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع – بيروت- 2011-ص116.
[12] بالرغم من التأكيد على الطبيعة القانونية للقانون الاجنبي الا ان الفقهاء لم يتفقوا حول أساس تطبيق هذا القانون حول هذه الاسس ينظر : عوض الله شيبة - الوجيز في القانون الدولي الخاص –دار النهضة العربية – القاهرة - 1997 - ص378;
M.-E. Buruianã. L’application de la loi étrangère en droit international privé, thèse de Bordeaux, 2016,p. 93.
علي علي سليمان - مذكرات في القانون الدولي الخاص- ديوان المطبوعات الجامعية- الجزائر- 2000- ص134.
[13] حفيظة السيد حداد - الموجز في القانون الدولي الخاص- الكتاب الاول في المبادئ العامة في تنازع القوانين – منشورات الحلبي الحقوقية – بيروت – 2013 - ص40 وما بعدها.
[14] H. BATIFFOL, Aspects philosophiques de droit international privé, 1956, p. 110 et s;.
احمد الفضلي - الموجز في القانون الدولي الخاص- تنازع القوانين - تنازع الاختصاص القضائي الدولي وتنفيذ الاحكام= =الاجنبية - ط1- دار قنديل للنشر و التوزيع - ص173;هشام علي صادق - دروس في تنازع القوانين - الكتاب الثاني - تنازع القوانين - دار المطبوعات الجامعية - الاسكندرية – 2004 ص141; ممدوح عبد الكريم حافظ- مصدر سابق - ص219; عكاشة محمد عبد العال - تنازع القوانين - منشورات الحلبي الحقوقية – 2007- ص368.
[15] P. MAYER, « Droit international privé et droit international public sous l’angle de la notion de compétence », Rev. crit. dr. internat. privé, 1979, p. 1, p. 349, p. 537, spéc. n° 18, p. 21.
[16] Cass. Civ. 1er , 4 décembre 1990, Caveco, cette Revue, 1991, 558, note M.-L. Niboyet-Hoegy, JDI 1991.371, note D. Bureau.
[17] DERRUPPÉ Jean ,Droit international privé (Mémentos Dalloz ; 2152) (French Edition) Hardcover – January 1, 1978, p.103; BATIFFOL Henri, LAGARDE Paul ,op cit, pp533,534.
[18] الحكم مشار اليه من قبل : حفيظة السيد حداد – المصدر السابق – ص60.
[19] مبروك بن موسي-شرح المجلة التونسية للقانون الدولي الخاص- المغاربية للطباعة والنشر والاشهار – تونس - 2003- ص 307 وما بعدها.
[20] Mayer (P) et Heuzé (V), Droit international privé, Delta, 8ème édition, 2005,p114.
[21] Bénédicte fauvarque-cosson:libre disponibilité des droits et conflits de lois, LGDJ, Paris,1996,p54.
[22] - Rainer Frank: Les problèmes actuels posés par l’application des lois étrangères en droit international privé allemand, in: (Les problèmes actuels posés par l’application des lois étrangères), Actes du colloque austro-franco-germanosuisse de droit international privé comparé des 22 et 23 mai 1986, Travaux de l’institut de droit comparé, LGDJ, Paris, 1988,p91.
[23]Alexis Mourre: Chronique de droit international privé appliqué aux affaires - 1999. 2000. Revue de droit des affaires internationales, n0 3,2000, p. 364 .
[24] تنص المادة 133 من القانون الدولي الخاص السويسري على انه : “ يجوز للطرفين أن يتفقا في أي وقت بعد وقوع الحادث الذي تسبب في ضرر على القانون الذي يكون قابلا للتطبيق” .
[25] فعلى سبيل المثال تعتبر الحضانة من الحقوق الغير قابلة للتصرف على اعتبار أن مسائل الحضانة من النظام العام التي لا يجوز الاتفاق على خلافها ولا يقبل التنازل عنها أو التعامل بها، ويترتب على ذلك أنه لا يجوز التصرف فيها وقد وضعت صونا لحق المحضون من التعرض للضياع والإهمال والأصل في أحكامها رعاية الأصلح للمحضون، وبالتالي لا يجوز استبعاد القانون الذي اشارت اليه قاعدة التنازع وهذا ما نصت المادة 388 مدني فرنسي على أنه : « لا يستطيع الزوجان أن يمتنعا عن القيام بأمور الحضانة ، وكذلك لا يجوز لهما الامتناع عن إدارة أمواله والقيمومة عليها ، حتى يمكن للأب أن يسترجع حقه في حضانة الطفل حتى ولو باشر حضانة الطفل شخص ثالث ، ولو توفي أحد الوالدين وحضانة الطفل كانت ضمن مسئوليته ، فالحضانة تنتقل إلى الآخر ولا تستطيع المحكمة أن تقوم بتعيين شخص ثالث لذلك مادام أحد الوالدين موجود على قيد الحياة «., وهذا موافقاً لموقف قانون الاحوال الشخصية العراقي الذي احتوت نصوصه بما يشعر بوجوب مراعاة مصلحة المحضون وتغليبها على حق كل من الأم والأب وذلك في الفقرات (1,4,6,7) من المادة (57) من= =القانون , في حين نلاحظ ان مجلة قانون الاحوال الشخصية التونسية اعتبرت الحضانة من الحقوق القابلة للتصرف وذلك بعدها حق للأم فإنه يترتب على ذلك أنها تملك الحرية في التمسك بحقها في الحضانة أو التنازل عنها وذلك في الفصل (55) منها وبالتالي يجوز استبعاد القانون الذي اشارت اليه قاعدة التنازع .
[26] V.Cass.20 octobre1987,Revue craétiqueDe droit international privé,1988,p.540.
[27] Cass. 1re Ch. Civ., 6 janv. 2010, Rev. crit. DIP, avr.-juin 2010, p. 357
[28] Voir, Cass.1er civ., 4 décembre 1990, Sté Coveco, Rev CRIT. DIP .1991.558,
note M-L. Niboyet-Hoegy .
[29] B. Ancel et Y. Lequette, Grands arrêts de la jurisprudence de droit international privé,paris,sirey ,1992, p.752.
[30] Cour de Cassation, Chambre civile 1, du 26 mai 1999, 96-16.361, Publié au bulletin ; https://www.legifrance.gouv.fr/juri/id/JURITEXT000007043649/
[31] B. Fauvarque-Cosson, Libre disponibilité des droits et conflits de lois,paris,1996,p.277.
[32] Cass. 1er civ., 26 mai 2021, n°19-15.102, consulté sur le site
[33] Jean – Marc Bischof: Rapport de synthèse sur le Colloque concernant ( les problèmes actuels posés par L’application des lois Etrangères Actes du colloque austro – franco – germano suisse de droit international privé comparé des 22 et 23 mais 1986. Travaux de l’institut de droit comparé, LGDJ , PARIS , 1988, 132.
[34] Cass. 1re Ch.civ., 11 mars 2009, Rev. crit. DIP, avr.-juin 2010, p.344.
[35] David Cyrille, La loi étrangère devant le juge du fond. / Préf. de Henri Batiffol Paris : Dalloz, 1965.p93.
[36] Alexis Mourre: Chronique de droit international privé appliqué aux affaires - 1999. 2000. Revue de droit des affaires.p364.
[37] بيير مايير - فإنسان هوزيه - مصدر سابق - ص103.
[38] AIDI 1990 (vol. 63-II), p. 332 s. La résolution peut être consultée sur le site internet de l’Institut de droit international : http://www.idi-iil.org/idiF/resolutionsF/1989_comp_02_fr.PDF.
[39] عبد الرسول عبد الرضا الاسدي - القانون الدولي الخاص - الجنسية – الموطن- مركز الاجانب- التنازع الدولي للقوانين - تنازع الاختصاص القضائي الدولي - مكتبة السنهوري – بغداد- 2013 - ص326.
[40] حكم محكمة تمييز العراق المرقم 25 شخصية 1962 بتاريخ 24/6/ 1962 نقلا عن ابراهيم المشاهدي- المختار من قضاء محكمة التمييز - قسم القانون المدني والقوانين الخاصة - الجزء التاسع - بدون مكان طبع – 2001- ص24.
[41] كما هو الحال في الفقرة الثانية من المادة (16) من القانون الدولي الخاص السويسري والتي نصت على أنَّه : « ينطبق القانون السويسري إذا تعذر إثبات مضمون القانون الأجنبي», وكذلك الفصل (32) من مجلة القانون الدولي الخاص التونسي والذي نص على انه : « وإنَّ تعذر أثبات محتوى القانون الأجنبي فأنه یقع العمل بالقانون التونسي “
[42] ومثال ذلك كأن یبرم عقد دولي بین ايطالي وسويسري ويتم تنفيذ هذا العقد في البلدين معا فقد بحدث ان يترافع الاطراف امام القضاء الفرنسي وتوصل هذا الأخير الى ان القانون السويسري هو المختص فلم یفلح الخصوم في اثبات مضمونه فتطبيق القانون الفرنسي هنا بما له من اختصاص احتياطي یفتقد الى سند یبرره فالعقد مرتبط ایضا بالقانون الايطالي , فالغابة من قاعدة الاسناد في العقود الدولية ترمي الى اعمال القانون الايطالي لا الفرنسي الذي لا بمكن تطبيقه الا بعد تعذر اثبات مضمون القانون الايطالي .
[43] هشام علي صادق - المطول في القانون الدولي الخاص - الجزء الاول تنازع القوانين - دار الفكر الجامعي - الاسكندرية - الطبعة الاولى –2014- ص319.
[44] حفيظة السيد حداد - نظرية الاحالة في القانون الدولي الخاص الالماني الجديد - دراسة تحليلية وانتقادية - الفتح للطباعة والنشر – 1989- ص 27 ; عكاشة محمد عبد العال- القانون الدولي الخاص في دولة الامارات العربية المتحدة - الجزء الاول في تنازع القوانين-كلية شرطة دبي – الامارات العربية المتحدة - 1997 - ص203.