تاريخ الاستلام: 13 أيار 2022                 تاريخ القبول: 14 حزيران 2022

حقوق الطباعة محفوظة لدى مجلة كلية القانون والعلوم السياسية في الجامعة العراقية

حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمؤلف

حقوق النشر محفوظة للناشر (كلية القانون والعلوم السياسية - الجامعة العراقية)

CC BY-NC-ND 4.0 DEED

Printing rights are reserved to the Journal of the College of Law and Political Science at Aliraqia University

Intellectual property rights are reserved to the author

Copyright reserved to the publisher (College of Law and Political Science - Aliraqia University)

Attribution – Non-Commercial – No Derives 4.0 International

For more information, please review the rights and license

Doi 10.61279/7a788h66

أثر المبادئ الدستورية

في تحقيق الأمن القانون الجنائي

The Effect of Constitutional Principles

in achieving security Criminal law

م. عمار علي محمد

رئاسة الجامعة التقنية الشمالية

teacher. Ammar Ali Mohammed

Presidency of the Northern Technical University

المستخلص

تُعدُ عملية الموازنة بين الحقوق والحريات وبين المصلحة العامة من أهم المسائل التي يهتم  بها المشرع الدستوري, وذلك لما ينشأ عن الاخلال بهذا التوازن من مساس بحقوق وحريات الافراد وخاصة فيما يتعلق بالجانب الخاص بالقانون الجنائي, ذلك لان هذا القانون له علاقة ماسة ومباشرة بسلامة وحريات الافراد وأموالهم, وما يترتب عن الاخلال بهذه المسائل من اضرار تصيب حياتهم واموالهم, وان يحيطهم المشرع  بضمانات كافية تمنع تسلط أو تعسف وتجاوز السلطة التشريعية أو التنفيذية اثناء تطبيق القوانين وخاصة في مجال بحثنا المتعلق بالقانون الجنائي بشقيه الموضوعي والاجرائي , ولذا فقد تم ذكر هذه القواعد في الدستور لتكون مبادئ دستورية تتمتع بما للدستور من علوية وسمو, مما يؤدي بالنتيجة كأثر لهذه المبادئ الدستورية تحقيق الامن القانوني الجنائي .

Abstract

 The process of balancing rights and freedoms and the public interest is one of the most important issues that the constitutional legislator is concerned with, because of the violation of this balance resulting in prejudice to the rights and freedoms of individuals, especially with regard to the aspect of criminal law, because this law has an urgent and direct relationship with the safety and freedoms of individuals and their money. And the damages resulting from breaching these issues to their lives and money

And that the legislator surround them with sufficient guarantees that prevent domination or abuse and abuse of the legislative or executive authority during the application of laws, especially in the field of our research related to criminal law, both substantive and procedural. As an effect of these constitutional principles, the achievement of criminal legal security.

المُقَدِمَة

لم يعد قواعد القانون الجنائي بشقيه الموضوعي المتضمن قانون العقوبات والاجرائي المتعلق بقانون اصول المحاكمات الجزائية محصورة باطار تنظيمه من قبل السلطة التشريعية المختصة بإصدار القوانين , بل تزايد الأهتمام بهما بصورة واضحة ليتم ادراج قواعدهما الاساسية المتعلقة بالشرعية الموضوعية والاجرائية كمبادئ دستورية تتمتع بما للدستور من علوية وضمانة , وذلك بما يحقق متطلبات الدولة القانونية والنظام الديمقراطي المتضمن الحماية الخاصة  للحقوق والحريات الفردية والحماية للمصالح العامة   .

 أهميَّة البحث

يَتجلى أَهمِّيةُ هذا البحث فِي تَسليطِ الضّوءِ عَلى احد المواضيع المُهِمَّةِ , الا وَهوَ أثر المبادئ الدستورية في تحقيق الأمن القانوني الجنائي  من اجل التخلص  من الانتهاكات التي يتعرض لها الافراد  سواء من قبل السلطة التشريعية بإصدار قوانين تمس حقوقه وحرياته الدستورية , او باتخاذ اجراءات تتنافى مع حقوقه الدستورية والقانونية من قبل السلطات التنفيذية او القضائية ، كما تأتي الاهمية من تَسلِيطِ الضَّوءِ عَلَى المبادئ الدستورية الموضوعية والاجرائية وضمان تحقيقها بالعلوية والرقابة الدستورية .

اشكالية البَحث

تكمن مشكلة هذا البحث في الاسئلة الاتية:

كيف تتم معالجة الاِنتِهَاكَاتِ الّتي تتَعرضُ لها الحقوق والحريات في اطار تطبيق القانون الجنائي.

كيف تتم معالجة الانتهاكات في حالة عدم وجود نصوص تضمن الحماية , او عدم تفعيل النصوص او الاليات التي تعالج هذه المسالة بصورة نشطة في حالة وجودها

ماهي الاجراءات التي تتخذ عند اصدار قوانين تنتهك هذه الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور , او اتخاذ اجراءات متعارضة معها من قبل الجهات الرسمية في الدولة متنافية مع الدستور والقانون .

نِطَاقُ البَحث

يقتصر نِطَاقُ هذا البَحثِ فِي تَسليطِ الضَّوءِ على المبادئ الدستورية المتعلّقة بالقانون الجنائي بشقيه الموضوعي والاجرائي فِي اِطَار القانونِ الدّستوري والجنائي , وبالأخص المبادئ الدستورية  المتعلقة بمحل البحث دون ان تتناول بقية المبادئ الاخرى المتعلقة بغير القانون الجنائي .

هدفُ البَحث

يَهدِفُ هذا البَحثُ اِلى معرفة اثر المبادئ الدستورية المتعلقة بالقانون الجنائي في تحقيق الامن القانوني الجنائي باعتبار الدستور القانون الاعلى والاسمى في الدولة, وبيان هذه المبادئ الدستورية الجنائية الموضوعية والاجرائية ومعرفة مفهومها واساسها الدستوري , وكيفية تفعيلها وضمانة حمايتها وتحقيقها من خلال علوية الدستور والرقابة الدستورية , من اجل ضمان تحقيق الاهداف المنشودة من بناء الدولة القانونية وتحقيق الأمن القانوني الجنائي .

مناهج البَحث

بغيةَ الإلمام والإحَاطةِ بمفردات هذا البحث , ولإعطاء  صورة  وافية قدر الإمكان عن مفرداتها, سنتبع منهج الاسلوب الاستقرائي من خلال تتبع المبادئ الدستورية التي وضعت والمتعلقة بالقانون الجنائي بشقيه الموضوعي والاجرائي  في اِطارِ التَّعاون الشرعية الدستورية والقانونية التي يتحقق معها الامن القانوني الجنائي , بالإضافة للمنهج التحليلي في تحليل النصوص المتعلقة بالموضوع .

هيكليَّة البَحث

من أَجلِ الاحَاطَةِ بِموضُوع البَحثِ بصورة وافية , وبطريقة متناسقة ومتوازنة قدر الامكان , تكفل تغطية كافة جوانب البحث , فقد تَطَلب تَقسيمُ هَذا البَحثِ الى ثلاثة مباحث نَتَنَاولُ فِي الأَوَّلِ المبادئ الدستورية في الشرعية الموضوعية مُتضَمِّنة اربعة مَطَالب نُبَيِّنُ في المَطَلبِ الاوَّل مَبدأ لا جريمة ولا عقوبة الا بنص وفِي المَطلَبِ الثَّاني نَتَنَاول مبدأ شخصية العقوبة امَّا المَطلبُ الثَّالثُ نَتَطَرقُ فِيهِ اِلى مبدأ عدم جواز معاقبة الشخص عن فعل مرتين , والمطلب الرابع لمبدأ عدم رجعية قانون العقوبات الا في حالة كونه اصلح للمتهم  , اما المَبحثُ الثَّاني فَنخصِّصه لبيان المبادئ الدستورية في الشرعية الاجرائية  متضمنة اربعة مطالب نوضح فِي المَطلَبِ الاوَّل مبدأ الاصل في الانسان البراءة  وفِي المَطلب الثَاني نُبَينُ مبدأ حق المتهم في الدفاع عن نفسه  بينما نتطرق في المطلب الثالث لمبدأ السرعة في التحقيق والمحاكمة والمطلب الرابع نخصصه لمبدأ العلانية في جلسات المحاكمة ونتناول في المبحث الثالث الضمانات الدستورية لتحقيق الامن القانوني الجنائي متضمنة مطلبين اولهما لمبدأ علو الدستور كضمانة لتحقيق الامن القانوني الجنائي والمطلب الثاني الرقابة الدستورية كضمانة لتحقيق الامن القانوني الجنائي ثُم خاتمة مُتضَمنة النَتائجَ والتوصياتِ .

المبحث الاول

المبادئ الدستورية في الشرعية الموضوعية

المطلب الاول: مبدأ لا جريمة ولا عقوبة الا بنص

الفرع الاول: تعريف المبدأ

يستند مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات على مرتكزين اساسين وان كان ظاهرهما التعارض فأن باطنهما يدل على انهما يصبان في مجرى واحد ألا وهو عدم قبول تحديد الجرائم وفرض عقوباتها إلا من خلال التشريع وحده دون غيره ألا وهما (الحماية للحرية الشخصية وتحقيق الصالح العام)[1]، فهو يهدف لحماية وضمان الحرية الشخصية من خلال وضعه الحدود الواضحة للناس فيما يعد مباحاً لهم وما يعد محظوراً عليهم وأثر ارتكاب ذلك المحظور ، مما دفع ذلك بالفقيه (بيكاريا) إلى التأكيد على ان القوانين وحدها القادرة على تحديد الجرائم والعقوبات ولا يمكن ان يتولى هذه السلطة إلا المشرع الشرعي للمجتمع بأكمله, بمقتضى بنود العقد الاجتماع , وهو يضع المصلحة العامة نصب عينيه من خلال حمايته للقيم والمصالح المهمة التي يحميها قانون العقوبات والتي من المفروض ألا يحددها إلا ممثلي الشعب[2], بواسطة القوانين التي سنتها الهيئات التشريعية المختلفة باختلاف الدول , هذا ومن الجدير بالذكر ان شريعتنا الاسلامية كان لها السبق في إقرار هذا المبدأ على القوانين والاعلانات والدساتير في هذا المجال وبمئات السنين[3] ، قال تعالى:( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً)[4].

الفرع الثاني: الأساس الدستوري للمبدأ في العراق

عند البحث في نصوص مواد دستور جمهورية العراق لسنة 2005 النافذ عن الاساس الدستوري لمبدأ الشرعية)قانونية الجرائم والعقوبات نجد النص الآتي:(لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص......)[5]، وهذا يدل على أن المشرع الدستوري يضع خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه في مجال تحديد الجرائم وفرض العقوبات عليها وهو أن هذا الأمر موكول تحديده إلى المشرع من خلال النصوص القانونية التي يضعها، وأن كنا نأخذ على المشرع الدستوري عبارة (إلا بنص) فعند ذلك تثار مسألة طبيعة هذا النص وهل هو تشريع عادي أم فرعي أم نصوص أخرى ، وكان الأحرى استخدام كلمة( إلا بقانون) حتى يسد باب الاجتهاد والنقد في هذا المقام وزيادة في تأكيد الاساس الدستوري للمبدأ أورد الدستور في تكملة النص السابق إنه (....ولا عقوبة إلا بنص على الفعل الذي يعده القانون وقت اقترافه جريمة....  )، وهذا أمر مهم ويزيد من ضمانات أفراد المجتمع بان لا يحاسبوا عن الأفعال المباحة وقت نفاذ القانون عند ارتكاب الجريمة ، أما إذا تغير الأمر وجعل القانون الفعل المباح مجرما فأنهم لا يحاسبوا إلا على ما هو محظور قانوناً وقت ارتكابهم الأفعال أو الجرائم المختلفة ، ثم إن المشرع الدستوري أنهى النص السابق بضمانة دستورية أخرى للمبدأ الذي يمثل المصلحة العامة ومصلحة المجتمع مفادها أنه(...ولا يجوز تطبيق عقوبة أشد من العقوبة النافذة وقت ارتكاب الجريمة)[6]، فلو أن فرداً ارتكب فعلاً مجرماً  يعاقب عليه بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات ثم صدر قانون جديد بعد ذلك يجعل الفعل المجرم معاقبا” عليه بالحبس مدة لا تزيد على سبع سنوات فأنه لا يطبق عليه لأنه لم يكن نافذا” وقت ارتكابه للفعل، والا عد هذا الفعل مخالفاً لقانون العقوبات وقبل ذلك فأنه يتصف  بعدم الدستورية وعند ذلك لا مناص من إماطة لثام عدم الدستورية والمتمثل بدور المحكمة الاتحادية العليا في هذا المجال[7].

المطلب الثاني: مبدأ شخصية العقوبة

الفرع الأول: تعريف المبدأ

يقصد بهذا المبدأ إنه لا يجوز أن يسأل الشخص جنائياً إلا عن فعله المعاقب عليه قانوناً ، وذلك بأن يساهم الشخص بفعله الشخصي في الجريمة وأن تقوم رابطة السببية بين فعله والنتيجة الجرمية المعتد بها من قبل المشرع في التجريم والعقاب , فالأصل في الجريمة بأن يتحمل عقوبتها من يرتكبها ، فالشخص لايسئل عن عمل غيره بل عن عمله فقط ، وأن الجريمة لا يؤخذ بجريرتها سوى مرتكبها ولا يستحق عقابها إلا من قام بها ، وكل ما سبق يفترض شخصية المسؤولية الجنائية ، فهما متلازمان لا يسأل عن الجريمة ولا يعاقب عنها إلا إذا عد فاعلاً لها أو شريكاً فيها [8].

الفرع الثاني: الأساس الدستوري للمبدأ في العراق

نص الدستور العراقي  لسنة  2005 النافذ صراحة على مبدأ شخصية العقوبة ، فقد قرر في إحدى مواده بأن( العقوبة شخصية )[9], ومن مقتضى هذا النص الدستوري فأن العقوبة شخصية يجب ألا تمتد آثارها إلى غير المتهم ، فلا يجوز أن تفرض العقوبة إلى من سواه من أهله وأقاربه وأصدقائه ومن غيرهم ، وهذا ما يتفق مع المنطق القانوني السليم ومقتضيات العدالة ، ولأن العقوبة عندها ستفقد الغاية من فرضها، ولعل أكثر السلطات الثلاث في الدولة خطاباً  بهذا النص هي السلطة التنفيذية لأنها على تماس دائم بالمواطن وبحقوقه وحرياته ، فإذا ما أطلقت العنان لنفسها وحاولت المساس بمبدأ الشخصية للعقوبة , عندها لابد من الوقوف بوجهها ومخاصمتها أمام القضاء الدستوري.المختص بمراقبة المشروعية .

المطلب الثالث: مبدأ عدم جواز معاقبة الشخص عن فعل مرتين

الفرع الأول: مفهوم المبدأ

مضمون هذا المبدأ هو عدم جواز معاقبة الشخص عن فعله الواحد مرتين ، ولعل هذا يعد من النتائج المترتبة على حجية الحكم الجنائي أمام القضاء الجنائي ذاته ، فما دام صدر بحقه عقوبة جنائية عن فعله الذي ارتكبه فلا يجوز فرض عقوبة ثانية عن الفعل ذاته ، احتراماً للحكم الذي فرض العقوبة الأولى أولاً ولأن الهدف من العقوبة وهو الردع والإصلاح قد تحقق بفرض تلك العقوبة , وإن هذا المبدأ أصبح من المبادئ المسلم بها على الصعيد الداخلي في قوانين العقوبات المختلفة وكذا على الصعيد الدولي في الاتفاقيات والمواثيق الدولية ، فقد أوضح العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 بأنه لا تجوز محاكمة أحد أو معاقبته مرة ثانية عن جريمة سبق أن صدر بشأنها حكم نهائي أو أفرج عنه فيها وفقاً للقانون[10], جدير بالإشارة أنه في حالة التعدد المعنوي (إذا كون الفعل جرائم متعددة) وفي حالة التعدد المادي( حالة وقوع عدة جرائم لغرض واحد وارتبطت ببعضها ولا تقبل التجزئة) ، فأن المشرع لا يخرج عن قاعدة عدم التعدد بل يحترمها ويأخذ بمبدأ التناسب فيها بأن يفرض أشد العقوبات من بينها ويترك الأخرى إحتراماً لهذا المبدأ ولمبدأ التناسب ايضا[11].

الفرع الثاني: الأساس الدستوري للمبدأ في العراق

إذا ما بحثنا في دستور 2005 النافذ عن أساس لهذا المبدأ ، يطالعنا النص الآتي(... ولا يحاكم المتهم عن التهمة ذاتها مرة أخرى بعد الإفراج عنه إلا إذا ظهرت أدلة جديدة )[12] وهذا يعني أن الدستور العراقي  يمنع محاكمة المتهم مرتين عن الفعل ذاته بعد أن صدر بحقه حكماً بالإفراج إلا في حالة ظهور أدلة جديدة. أن المشرع الدستوري العرقي هنا يؤخذ المبدأ في مجال المحاكمة ولا ينص عليه في مجال العقوبة وان كانت العقوبة هي نتيجة للمحاكمة التي تتم مع المتهم ، كما يلاحظ على المشرع الدستوري أنه ترك الباب مفتوحا لمسألة ظهور(الأدلة الجديدة) وهل يبقى الشخص رهنا لتهديدها مدى الحياة[13] .

المطلب الرابع: مبدأ عدم رجعية قانون العقوبات الا في كونه اصلح للمتهم

الفرع الأول: مفهوم المبدأ

يعتبر هذا المبدأ من المبادئ المهمة في الدولة القانونية ، ومعناه أنه لا يجوز للمشرع أن يقرر سريان عقوبة ما بأثر رجعي على أفعال لم تكن حين ارتكابها تشكل ذنباً يحاسب عليه القانون ، وكل ذلك يعد تطبيقاً وتجسيداً لمبدأ شرعية الجريمة والعقوبة من جهة وصيانةً للحقوق والحريات الشخصية من أي اعتداء عليها من جهة اخرى , وحفاظاً على تلك الحقوق والحريات أيضاً وتحقيقاً للمصلحة العامة والخاصة على حد سواء فقد أجاز المشرع سريان قانون العقوبات بأثر رجعي إذا كان أصلح وأنفع للمتهم من القانون القديم بأن يخفض عقوبة ما أو يقرر أعذاراً  لم  تكن موجودة ،وهكذا فأن ضابط الرجعية وعدمها هنا هو مصلحة المتهم بما يحفظ ويصون الحقوق والحريات الشخصية[14].

الفرع الثاني: الأساس الدستوري للمبدأ في العراق

أورد المشرع الدستوري العراقي نصا مفاده (ليس للقوانين أثر رجعي ما لم ينص على خلاف ذلك)[15], ثم أردف هذا النص بنص آخر مفاده بأنه( لا يسري القانون الجزائي بأثر رجعي إلا إذا كان أصلح للمتهم), يتضح لنا من هذا النص أن الدستور العراقي أورد أولاً القاعدة العامة في القوانين (عدا قوانين الضرائب والرسوم ), وهي قاعدة عدم رجعيتها على الماضي. ثم قام بعد ذلك بإضفاء الخصوصية على القانون الجنائي (ومن أهم فروعه قانون العقوبات) بأن سجل القاعدة العامة أولاً (عدم سريانه بأثر رجعي)  وايراده للاستثناء بعد ذلك ألا وهو(رجعية القانون الأصلح للمتهم) وجعله هذا المبدأ مبدأً دستورياً يعد ضمانة مهمة وأكيدة لحقوق وحريات الأفراد من جهة وتحقيقاً للمصلحة العامة من جهة أخرى ، وكل ذلك يحسب للمشرع الدستوري العراقي لا عليه.

المبحث الثاني

المبادئ الدستورية في الشرعية الإجرائية

إن قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم 23 لسنة 1971 المعدل يعد من أبرز القوانين التي تمثل القانون الجنائي  بشقه الإجرائي من خلال اهتمامه بمحاور متعددة من محاور القانون الجنائي لعل أبرزها ( التحقيق-المحاكمة) إذ يعدان اهم مراحل الدعوى الجزائية وأخطرها كونهما الأكثر تماساً مع الحقوق والحريات وكرامة الناس وحرمة مساكنهم ، لذا فقد أهتم المشرع الدستوري العراقي في دستور جمهورية العراق لسنة 2005 بذلك أيّما أهتمام وذلك من خلال ايراده  لنصوص متعددة ترتبط بمرتكزات القانون الجنائي في جانبه الشكلي ومن خلال هذا المبحث سنقوم بمناقشة هذا الموضوع من خلال تناول أهم موضوعات القانون الجنائي الشكلي وذلك في المطالب الأربعة الآتية :

المطلب الأول: مبدأ الأصل في الأنسان البراءة

الفرع الأول: تعريف المبدأ

ويعني هذا المبدأ ان كل شخص متهم بجريمة مهما كانت جسامتها وخطورتها وأياً كان وزن الادلة ضده يجب ان يعامل بجميع مراحل الدعوى بوصفه بريئاً حتى يثبت ادانته بحكم قضائي بات , أي كل شخص يقام ضده الدعوى الجزائية بصفته فاعلاً او شريكا يعتبر بريئاً حتى تثبت ادانته بحكم قضائي بات ، لذا يعد هذا المبدأ أصلاً من أصول النظام الديمقراطي والدولة القانونية ، كيف لا وهو يعتبر البداية للمراحل الأخرى في التحقيق والمحاكمات الجزائية ، لذا نلاحظ أن كثير من دساتير العالم نصت عليه مثل الدستور الفرنسي والمصري والسوري[16].

لا يفوتنا ختاماً التذكير بأن هذا المبدأ قد وجد تأكيدا”عليه في أصول الشريعة الإسلامية الغراء وفقا للقاعدة التي تعود للحديث الشريف( أدرءوا الحدود عن المسلمين ما أستطعتم) وهذا ما يؤكد لنا سبق الشريعة الإسلامية الغراء في هذا المجال وتفوقها في ذلك على الدساتير والقوانين الوضعية [17].

الفرع الثاني: الأساس الدستوري للمبدأ في العراق

لقد نص المشرع الدستوري العراقي صراحة على هذا المبدأ المهم بنصه على أن(المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة)، فالمشرع في دستور جمهورية العراق لسنة 2005 النافذ ثبت أساسا دستورياً لهذا المبدأ الحيوي المرتبط بحرية وكرامة الناس، وبعد أن ثبت هذا المبدأ ذكر الاستثناء عليه والذي يعد في الوقت نفسه تعزيزاً وضمانا لهذا المبدأ ألا وهو (أستمرارية البراءة) لحين إثبات عكسها ألا وهي (الإدانة) على أن يكون ذلك بموجب محاكمة   قانونية عادلة وهذا مسلك محمود من جانب المشرع الدستوري في العراق[18].

المطلب الثاني: مبدأ حق المتهم في الدفاع عن نفسه (حق الدفاع)

الفرع الأول: تعريف المبدأ

إن حق الدفاع ( حق المتهم في الدفاع عن نفسه) يعد الاساس المتين لوصف المحكمة بـ( المنصفة ) كونه وثيق الصلة بأكثر من حق من الحقوق الدستورية كالبراءة وحق التقاضي والمساواة بين الاتهام والدفاع ، لا بل إنه يلزم لتحقيق التوازن المنشود بين الحقوق والحريات من جهة والمصلحة العامة من جهة أخرى ، فلا تقوم للعدالة قيامة إذا ما أنتهك حق الدفاع، لذا قيل بأن ضمانات الدفاع عن المتهم-حقيقة-تمثل الحد الأدنى من حقوق الانسان في المحاكمة العادلة[19]، إن هذا الحق المقدس كما يسميه الدستور ونظراً  لضرورة توفيره للمتهم ينص عليه في القانون ، حتى أن عدم قيام  المحكمة بذلك يؤدي إلى أن تكون إجراءاتها والحكم الصادر منها مشوبين بالبطلان , وهذا الحق يستلزم توفير عدد من الضمانات التي تؤكد عليه وتصونه من المساس وتمكن من أدائه على أفضل صورة ومن هذه الضمانات (حق المتهم في الإحاطة بالتهمة الموجهة إليه ، حق المتهم في إبداء أقواله بحرية ، حق المتهم في الاستعانة بمدافع عنه هو المحامي ، حق المتهم بتنبيهه من المحكمة في حالة تعديل التهمة الموجهة إليه، والمساواة بين الدفاع والاتهام وحقه في طلب استجوابه وحقه في ان يكون آخر من يتكلم وحقه في السكوت والامتناع عن أداء أي إفادة وحقه حتى في الكذب لدفع التهمة عنه)[20]،علما إن أغلب قوانين أصول المحاكمات لم تكتف بالنص على المبدأ بل سجلت أغلب- إن لم نقل كل-هذه الضمانات في ثناياها لا بل أن الأمر قد أنجر على كثير من الدساتير، مما يعد دلالة واضحة على أهمية وضرورة هذا الحق وتلك الضمانات اللصيقة به[21]

الفرع الثاني: الأساس الدستوري للمبدأ في العراق

حرص الدستور العراقي لسنة 2005 النافذ إلى أبعد حد على احترام  حق الدفاع  (اي حق المتهم في الدفاع عن نفسه) وضمانات هذا الحق ، ويستدل على ذلك الحرص بأن يطلق عليه تسمية (حق الدفاع مقدس ومكفول في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة) فهذا النص الدستوري كفل هذا الحق لمن يوضع موضع الاتهام في أهم مرحلتين من مراحل الدعوى الجزائية وهما مرحلتي (التحقيق والمحاكمة )[22].

ثم أتبع المشرع الدستوري العراقي هذا الحق  ضمانة مهمة ملاصقة لهذا الحق ألا وهو (الحق في المعاملة العادلة في الاجراءات القضائية والادارية), أمام الاجراءات سواءً كانت صادرة عن القضاء أم عن جهة الإدارة  وقد تنبه المشرع الدستوري العراقي إلى فرضية عجز المتهم في الدفاع عن نفسه أما لسبب خوفه من عقوبة الجريمة المحكوم بها أو ضعف إمكانيته في الدفاع عن نفسه وهيبة الجهة الواقف أمامها وقد يكون أنسانا بسيطاً وعادياً ، لذا وحتى يتمكن المتهم في هذه الحالة من ممارسة حقه في الدفاع عن نفسه ضد التهمة الموجهة له، فقد قرر الدستور وبالمجان أي على نفقة الدولة  انتداب محامي للمتهم بجناية أو جنحة إذا كان ليس له محامي وذلك لكي يتولى الدفاع عنه وبهذا فقد أسس المشرع الدستوري الع ا رقي اساسا دستوريا رصينا لحق الدفاع أي حق المتهم في الدفاع عن نفسه واحترام هذا الحق وتعزيزه بالضمانات الكفيلة له[23].

المطلب الثالث: مبدأ السرعة في التحقيق والمحاكمة

الفرع الأول: مفهوم المبدأ

إن الدعوى الجزائية بمراحلها المختلفة تتخذ فيها الكثير من الاجراءات القانونية والتي قد يمس بعضها -إن لم نقل أغلبها-حقوق الناس وحرياتهم وحرمة مساكنهم ، ولعل أهم مرحلتين يمكن أن ينطبق عليهما ما سبق أكثر من غيرهما هما مرحلتي التحقيق والمحاكمة, لذا كان من الضروري إقرار مبدأ السرعة تحديداً في مرحلتي التحقيق والمحاكمة[24]، من خلال سرعة عرض اوراق الدعوى على القاضي في مرحلة التحقيق للفصل فيها حتى لا يبقى مصير الشخص مجهولاً ، وكذلك الحال في مرحلة المحاكمة فحتى لا يبقى المتهم تحت طائلة القانون لفترة طويلة وبمصير مجهول ومركز قانوني غير مستقر[25], فتتحقق مصلحة المجتمع بتقديم الجناة للعدالة والاستفادة من الادلة قبل ضياعها, وتحقيق اغراض العقوبة بالردع العام ومصلحة المتهم باستقرار مركزه القانوني بالإدانة او البراءة , لذلك تقرر مبدأ السرعة في التحقيق في الحالة الأولى ومبدأ السرعة في المحاكمة في الحالة الثانية ، مع ضرورة التنبيه على عدم انتهاك ضمانات المتهم المختلفة ومنحه فرصة الدفاع عن نفسه ، أي إن السرعة يجب ألا تكون على حساب تلك الضمانات[26].

الفرع الثاني: الاساس الدستوري للمبدأ في العراق

اشار المشرع الدستوري العراقي إلى سرعة التحقيق لكنه لم يتناول سرعة المحاكمة  حيث بين الدستور بضرورة ألا يبقى المتهم على ذمة التحقيق لفترة طويلة، وأن تعرض أوراقه على قاضي التحقيق المختص خلال مدة أقصاها  أربعاً وعشرين ساعة من تاريخ القبض على ذلك المتهم ، وهذا يدل على حرص المشرع الدستوري العراقي على ضرورة الاسراع في التحقيق مع المتهم وحسم مصيره في التهمة المنسوبة إليه[27]

ولم يتوقف المشرع الدستوري العراقي عند  هذا المبدأ الدستوري ، بل إنه أضاف ضمانة مهمة اخرى عندما بين بأنه لا يجوز تمديد هذه المدة (24 ساعة) الاّ مرة واحدة وللمدة ذاتها إيضاً , مما يؤكد إلتزام الدستور العراقي بمبدأ السرعة في التحقيق مع المتهم وعدم إبقاء سيف الإتهام مشهوراً بوجهه لمدة طويلة أو حتى غير محددة وان كان الدستور لم يذكر مبدأ ( السرعة في المحاكمة) فهذا لا يعني عدم  اهتمامه به ، لان السرعة في التحقيق تقتضي حتماً السرعة في المحاكمة لأن كلاهما مكمل للآخر، وان كان النص عليه أفضل من عدم النص .

المطلب الرابع: مبدأ العلانية في جلسات المحاكمة

يعد مبدأ العلانية من أبرز المبادئ المقررة على صعيد القانون الجنائي في شقه الشكلي (الإجرائي)، ومن مقتضيات هذا المبدأ أن تكون جلسات جميع المحاكمات ومهما أختلف نوع المحكمة التي تتم المحاكمة امامها علنية وليست سرية ، أي أن اجراءات المحاكمة كلها تكون علنية ويقصد بذلك أن تكون علنية ومعلومة وممكن حضورها بالنسبة للجمهور أي عامة الناس ، ولعل أهمية هذا المبدأ يتردد صداها وتتجلى في مقولة أحد الفقهاء الانكليز( القضاة الانكليز كانوا أفضل قضاة العالم لأنهم كانوا أفضل الخاضعين للعلانية) [28]، ثم إن إتسام الإجراءات القضائية بالعلانية يعد وسيلة للتحقق من توافر شروط مباشرة القضاء من خلال الاطلاع على مجريات المحاكمة وكذلك قيل بأن العلنية تعد أكبر ضمان لعدم الشك في حيدة القضاة بواسطة الجمهور , فما دامت الغاية من المحاكمة إقرار الحق لمستحقيه واعادة الأمور إلى نصابها وكل ما يصب في الصالح العام فليس هناك عند ذلك من مقتضى لأن تكون إجراءات المحاكمة أمام المحاكم سرية وليست علنية بالنسبة لجمهور الناس أو عامتهم ,غير أن المصلحة العامة اقتضت أيضاً أن يكون هذا المبدأ ليس مطلقاً بل ترد عليها استثناءات ترك أمر تقديرها للمحكمة ذاتها التي تنظر الدعوى ، لكنها لا تخرج عن مسائل الأمن  والنظام العام والآداب العامة التي تقتضي وبقرار من المحكمة جعل اجراءات المحاكمة سرية وليست علنية خلافاً للأصل أو المبدأ العام .

الفرع الثاني: الاساس الدستوري للمبدأ في العراق

أشار المشرع الدستوري العراقي لمبدأ (علانية جلسات المحاكمة ) صراحة في سياق  تناوله لكثير من المبادئ الجنائية المهمة , ولم يخرج في ذلك عما هو مقرر في أغلب دساتير العالم بهذا الصدد ، حيث نصت بان ( جلسات المحاكم علنية إلا إذا قررت المحكمة جعلها سرية)[29]، فالدستور العراقي سجل هذا المبدأ وكذلك الاستثناء عليه ، لكنه لم ينص على الحالات التي يجوز للمحكمة أن تجعل المحاكمة فيها سرية ، مما يعطي للمحكمة الضوء الأخضر لأن تتجاوز هذا المبدأ (العلانية) وتجعل المحاكمة (سرية) بذرائع مختلفة، صحيح إن القوانين العادية (المرافعات والمحاكمات) قد حددت هذه الحالات، لكن النص عليها في الدستور لو تم لأضفى عليها طابع الهيبة والأحترام ويوفر ذلك سلاحاً مهماً للرقابة الدستورية على صحة وشفافية وقانونية وعدالة اجراءات المحاكمة امام المحاكم المختلفة .

المبحث الثالث

الضمانات الدستورية لتحقيق الأمن القانوني الجنائي

المطلب الاول: مبدأ علو الدستور كضمانة لتحقيق الامن القانوني الجنائي

يقصد بمبدأ علو الدستور علو القواعد الدستورية على غيرها من القواعد القانونية في الدولة ، وهذا يعني ان أية قاعدة قانونية تصدرها السلطات العامة يجب الا تكون مخالفة للدستور، فهذا المبدأ يعد نتيجة لكون الدستور يمثل الاحكام الاساسية في الدولة فهو مبدأ من المبادئ الاساسية المسلم بها في الفقه الدستوري , حتى لو اغفلت الدساتير النص عليه صراحة اذ انه يعد احد الخصائص الرئيسية لدولة القانون الديمقراطية بحيث لا ينبغي لأية سلطة عامة ان تتجاهله او تنتهكه سواء كانت هذه السلطة تشريعية ام تنفيذية ام قضائية[30].

ومع ذلك فقد اتجهت بعض الدساتير الى النص صراحة على هذه العلوية لتأكيدها وابراز أهميتها ومن ضمنها نص المادة الاولى من دستور جمهورية اتحاد جنوب افريقيا لعام 1996 التي تنص على ان (جمهورية جنوب افريقيا هي جمهورية ديمقراطية ذات سيادة أقيمت على القيم الآتية : … علوية الدستور وحكم القانون …) واكدت على ذلك أيضا المادة الثانية من الدستور ذاته بنصها على ان (الدستور هو القانون الأعلى في الجمهورية …) كما ان دستور جمهورية العراق لعام 2005 اشار صراحة الى ذلك المبدأ اذ نصت المادة 13 من الباب الاول (المبادئ الاساسية) على ان (أولا : يعد هذا الدستور القانون الاسمى والاعلى في العراق ويكون ملزماً في انحائه كافة وبدون استثناء …) .

ومما يؤكد ذلك اتجاه جانب من الفقه الدستوري بان مبدأ سمو الدستور يتضمن التسليم بمبدأ آخر هو مبدأ علو أو سيطرة احكام القانون او مبدأ المشروعية  أي خضوع الحكام والمحكومين للقانون[31].

وهذا العلو الدستوري له مظهران المظهر الاول يتعلق بالعلو الموضوعي والمظهر الثاني يتعلق بالعلو الشكلي وهذا ما سوف نتناوله في الفرعين الآتيين .

الفرع الأول: العلو الموضوعي

يتحقق العلو الموضوعي من حيث وجوده مع انواع الدساتير كافة أي سواء كانت مكتوبة ام عرفية ، مرنة ام جامدة ، اذ ان هذا العلو يظهر في موضوع القاعدة الدستورية ومضمونها الذي يؤسس الاتجاهات والاهداف السياسية والاجتماعية والاقتصادية والقانونية للدولة وكذلك يؤسس الهيئات الحاكمة في الدولة ويحدد اختصاصات كل منها ، وتأسيساً على ذلك تعد القاعدة الدستورية الضابط لأي نشاط قانوني والمصدر الاساسي لمشروعية اعمال السلطات العامة في الدولة[32].

فمضمون القواعد الدستورية له الصدارة والسمو على ما عداه من القواعد الدنيا التي تسنها السلطات العامة ومن ضمنها السلطة التشريعية اذ ان القواعد الدستورية بمضمونها ترسم المنظومة القانونية العليا للدولة التي هي مفروضة على هذه السلطات التي تستمد وجودها منها بحيث لا ينبغي إلا ان تعمل في اطارها وتتقيد بها وتخضع لأحكامها وإلا فقدت السلطات العامة صفتها القانونية ، فالدستور يستند عليه النظام القانوني بأكمله القائم في الدولة لذا وجب ان يكون اعلى من جميع مظاهر ذلك النشاط القانوني ما دامت تستمد صحتها من الدستور لذا لا تستطيع هذه السلطات ان تعمل ضد احكام الدستور التي تستمد منها سندها القانوني[33].

ومما تجدر ملاحظته ان السمو الموضوعي في ظل الدساتير المرنة لا يمكن ان تكون له اية قيمة قانونية ملزمة ومقيدة للسلطات العامة ما دامت نصوص الدستور المرن يمكن تعديلها بنفس اجراءات تعديل القوانين العادية مما قد يعرض الحقوق والحريات الدستورية للانتهاك ، ومع ذلك فان لهذا السمو قيمة سياسية بحيث يكون وديعة لدى الشعب او الرأي العام ووسائل التعبير عنه او ممثلي الشعب وكل ذلك يعتمد على تقدم الوعي السياسي الذي يختلف من دولة الى اخرى ، وهكذا فان السمو الموضوعي لا يتعزز من الناحية القانونية إلا بارتباطه بالسمو الشكلي الامر الذي لا يمكن تصوره إلا في ظل الدساتير الجامدة[34].

ويترتب على السمو الموضوعي نتيجتان بارزتان[35]:

أولا : توسيع نطاق مبدأ المشروعية 

ان مبدأ المشروعية بمعناه الواسع يقتضي ان تخضع السلطات العامة للقانون بحيث تخضع السلطة التشريعية للدستور وتخضع السلطة التنفيذية للقانون ومن باب أولى أن تخضع للدستور باعتباره القانون الاعلى في الدولة .

ثانيا : تحريم التفويض في الاختصاصات

ان الدستور يحدد السلطات بشكل مطلق بمعنى ان القاعدة الدستورية تعد مصدر السلطات العامة كافة ، وهذه السلطات سواء كانت تشريعية ام تنفيذية لا تمارس حقاً شخصياً تتصرف به كما تشاء بل تمارس وظيفة تحددها النصوص الدستورية وتبين شروطها ومداها وينتج عن ذلك بان هذه السلطات لا تستطيع تفويض غيرها في ممارسة اختصاصاتها الا في حالة تصريح الدستور بذلك عملاً بالمبدأ القائل الاختصاصات المفوضة لا تقبل التفويض .

الفرع الثاني: العلو الشكلي

يتحقق العلو الشكلي مع الدساتير الجامدة اذ تضع السلطة المؤسِّسة (أي السلطة التأسيسية الاصلية) شروطاً واجراءات خاصة وشديدة لتعديل النص الدستوري تختلف عن تلك التي تتبع في وضع وتعديل التشريعات العادية ، وهذا العلو يسري على جميع القواعد التي يحتويها الدستور بصرف النظر عن موضوع هذه القواعد ومضمونها وبذلك يتمتع الدستور بالقيمة القانونية الملزمة فضلا عن القيمة السياسية[36] وهذه القيمة القانونية تظهر بوضوح من خلال التمييز بين القوانين الدستورية والقوانين العادية وذلك ببيان اوجه التمييز بينهما وما يترتب على ذلك من نتائج وكالآتي :

اولا : اوجه التمييز بين القوانين الدستورية والقوانين العادية

ان النتيجة الرئيسية للسمو الشكلي تظهر من طبيعة الاختلاف بين القاعدة الدستورية والقاعدة القانونية العادية سواء من حيث الموضوع او الشكل وكالآتي :

أ. الاختلاف من حيث الموضوع

ان الدستور يتضمن قواعد ومبادئ عامة ترسم او تحدد الاطار العام لنظام الحكم في الدولة من حيث تحديد اختصاصات السلطة العامة وكيفية ممارستها وعلاقة السلطات بعضها ببعض كما انه يحدد العلاقة بين السلطة والشعب وكذلك ما يتمتع به الافراد من حقوق اساسية[37])وغاية القول ان الدستور يخطط بشكل عام القواعد والقيم الاساسية في الدولة ثم تأتي السلطة التشريعية لتترجم هذه القواعد والقيم بتشريعات عادية فهذا يعد من حقها بل من واجبها بتطبيق القواعد الدستورية بشرط الا تتضمن هذه التشريعات ما يخالف الاطار العام الذي رسمه الدستور .

ب. الاختلاف من حيث الشكل

يتحقق السمو الشكلي للدستور الجامد اما نتيجة اختلاف الجهة المختصة بتعديله عن تلك المختصة بسن وتعديل القوانين العادية او باختلاف الاجراءات الواجب اتباعها لتعديل الدستور بحيث تكون اشد من تلك الاجراءات الخاصة بتعديل القوانين العادية او بهما معاً[38]. ومع ذلك فاننا نرى بان الجمود الحقيقي يكون في حالة اختلاف كل من الجهة التي تعدل الدستور وكذلك الاجراءات المعقدة التي تتبعها في هذا التعديل عن الجهة التي تسن وتعدل القوانين باجراءات عادية ، وبعبارة اخرى ينبغي ان تختلف السلطة المؤسِّسة جوهرياً عن السلطة المؤسسَّة فمن غير المرغوب فيه مثلا ان تكون السلطة التشريعية بمفردها هي صاحبة الحق في تعديل الدستور حتى وان اختلفت الاجراءات التي تتبعها في تعديل الدستور بأن تكون اشد من الاجراءات التي تتبعها في تعديل القوانين العادية (كما بينا ذلك سابقاً في ظل الجمهوريتين الثالثة والرابعة في فرنسا) ، فاذا ما جمع البرلمان بين كفتيه السلطة المؤسِّسة (سلطة تعديل الدستور) والسلطة المؤسسَّة
(أي السلطة التشريعية) مع الاختلاف في الاجراءات فان ذلك سيكون بلا شك سمواً أو جموداً شكلياً وصورياً ما دامت الارادة نفسها هي التي تتحكم في كلا القانونين الدستوري والعادي بحيث تكون وسيلة فاعلة في احباط او اضعاف رقابة الدستورية وذلك في الدول التي تسير على هذا النمط من الجمود الدستوري الصوري في تعديل الدستور.

وهكذا فان القواعد الدستورية الجامدة هي القواعد التي تُعدل باتباع اجراءات خاصة وشديدة سواء من قبل السلطة التأسيسية الاصلية وذلك طبقا لقاعدة توازي الاشكال أي في الحالة التي لا ينص فيها الدستور على اجراءات خاصة لتعديله فانه يعدل بنفس طريقة واجراءات وضعه وذلك عندما تكون فقط هذه الاجراءات اشد من اجراءات تعديل القوانين العادية ، فضلا عن ذلك ان الدستور الجامد يعدل في الحالة الغالبة في دساتير الدول من قبل السلطة التأسيسية المشتقة أي السلطة المكلفة بموجب نصوص الدستور بتعديل الدستور وفقاً للإجراءات الخاصة والشديدة المنصوص
عليها فيه ، اما القوانين العادية فأنها تسن وتعدل من جانب السلطة التشريعية وهي سلطة مؤسَّسة  وذلك وفقاً لإجراءات عادية محددة مسبقاً من قبل السلطة التأسيسية[39].

ثانيا : النتائج التي تترتب على تمييز القوانين الدستورية من القوانين العادية

أ. ثبات القاعدة الدستورية 

صحيح ان الجمود الدستوري امر لا بد منه لكفالة الثبات والاحترام للدساتير الا انه ينبغي ان يكون هذا الجمود بطريقة تجعل من تعديل الدساتير أمراً صعباً ولكن ليس بمستحيل، فالثبات ليس مطلقاً بشكل كلي دائم بل هو نسبي (مع احتمال وجود قيود معينة على سلطة التعديل تتمثل بحظر تعديل الدستور زمنياً او موضوعياً) فالتسليم بالجمود المطلق الكلي الدائم او بالجمود المقارب او المشابه له سيجعل من الدستور وثيقة مجافية لسنة التطور التي تفرضها طبيعة الاشياء والامور كما انه سيضع امام الدستور عقبة في مواجهة جميع التطورات التي تختلف باختلاف ظروف كل مجتمع لذلك لا بد ان يكون الدستور باعتباره القانون الاعلى في البلاد ، قابلاً للتعديل وذا طبيعة متجددة في جميع احكامه حتى يساير ظروف البيئة التي يصورها والا تعرض للتعديل الكلي عن طريق الثورة الشعبية او الانقلاب لتدارك هذا التطور فضلا عن ذلك ان التعديل الرسمي للدستور ينبغي ان يكون بيد الشعب فحرمان الشعب من حق التعديل امر ينافي مبدأ سيادة الشعب ومن ثم يعد حرماناً له من هذه السيادة مما يؤدي الى نتائج سلبية في الواقع العملي[40]. ويفهم من كل ذلك بان وضع الدستور للوهلة الاولى يفهم منه بانه دستور البداية وليس دستور النهاية مادام الدستور ينبغي ان يكون بمثابة الكائن الحي أي قابلاً للتعديل والتجدد بما ينسجم مع تطور ظروف المجتمع حتى يكون وسيلة حقيقية للتعبير عن ارادة الشعب التي ينبغي ان تعلو على اية ارادة اخرى .

ب. عدم جواز الغاء أو تعديل القوانين الدستورية إلا بقوانين دستورية مماثلة

القاعدة الدستورية لا يمكن ان تمس الغاءً أو تعديلاً الا بوساطة السلطة التأسيسية او من تفوضه ذلك بموجب النص الدستوري ونتيجة لذلك لا يمكن للمشرع العادي ان يمس القاعدة الدستورية بالتعديل او الالغاء بوساطة التشريع العادي وإلا عدّ منتهكاً للدستور فالقاعدة هي ان القانون الادنى لا يعدل قانوناً اعلى منه وعلى الرغم من ذلك فانه في احوال وظروف غير عادية قد يلغى الدستور فعليا عن طريق ثورة او انقلاب[41].

ج. مبدأ دستورية القوانين 

أي وجوب خضوع القواعد القانونية سواء أكانت اصلية ام فرعية للقواعد الدستورية اذ يجب على كل سلطة عامة النزول عند قواعد الدستور ومبادئه والتزام حدوده وقيوده فان خالفتها او تجاوزتها شاب عملها عيب مخالفة الدستور ، فهذا المبدأ ضمان لحقوق الافراد وحائل دون خروج السلطات العامة ومن ضمنها السلطة التشريعية المؤسَّسة عن الدائرة التي رسمتها لها السلطة المؤسِّسة[42]. ولتحقيق هذا الخضوع والتقييد ينبغي وجود سلطة محايدة ومستقلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية (وهذا ما يتوافر في القضاء الدستوري) للحكم على القواعد القانونية بمطابقتها او مخالفتها للقواعد والمبادئ الدستورية حتى يتم بذلك حسن انتظام سير الدستور باعتباره القانون الاعلى المقيد لسلطة القواعد القانونية الادنى منه في الدولة[43].

المطلب الثاني: الرقابة الدستورية كضمانة لتحقيق الامن القانوني الجنائي

ان الدستور يعمل على كفالة وتحقيق التوازن بين كفتي الميزان المتجسدة بين السلطة من جهة وبين الحقوق والحريات من جهة اخرى وألية ضمان تحقيق الموازنة هي الرقابة الدستورية من اجل تحقيق الغايات المنشودة وبناء دولة القانون , فكما اشرنا سابقا من ان الدستور هو القانون الاسمى والاساسي في الدولة بما يتضمنه من مبادئ ينبغي على القوانين التي تصدر عن السلطة التشريعية ان تراعي الدستور ولا تخالفها او ان تصدر ما ينافيها وفي حالة خروج القانون عن الدستور فان الدول القانونية في الوقت المعاصر تكفل الرقابة عللا التشريع صونا لأحكام الدستور وضمانة لمبدأ الشرعية وسيادة الدستور لتحقيق الامن القانوني الجنائي .

والرقابة على الدستورية (( وسيلة يكفل بها المؤسسات الدستورية لضمان ان تكون القوانين الصادرة من السلطة التشريعية مطابقة للدستور ))[44].

وتهدف الرقابة على ضمان الدستورية والامن القانوني الجنائي وصون الحقوق والحريات الاساسية للإنسان وفيما يتعلق بالرقابة على شرعية النصوص الجنائية فالمادة (19)من الدستور العراقي النافذ اشارت الى الشرعية الجزائية .

وفي هذا الاطار قررت المحكمة الاتحادية في قرارها المرقم (4/اتحادية /1016) عدم دستورية نص المادة (10) من قانون حماية الحيوانات البرية رقم (17 لسنة 2010) المتضمن منح القائممقام سلطة قاضي الجنح بفرض عقوبات وسببت المحكمة قرارها استناداً لنص المادة (87) من الدستور التي تنص ان السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف انواعها ودرجاتها وتصدر احكامها وفقا للقانون .

كما نصت في قرار اخر (62 / اتحادية /2018) بعدم دستورية الفقرة الخامسة من المادة (17) من قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2018 المتضمن فرض غرامة بنسبة مئتين بالمائة على المشروبات الكحولية من قيمة البضاعة وذلك لمخالفتها الفقرة الثانية من المادة التاسعة عشر من الدستور حيث تم فرض عقوبة من دون تجريم الفعل بنص , كما نصت المحكمة الدستورية في مصر بعدم دستورية الفقرة الخامسة من المادة الخامسة من قانون حماية الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعي رقم (33 لسنة 1978) وبررت ذلك بان حظر الانتماء الى الاحزاب السياسية قد فرضت العقوبة على فعل سابق لنفاذ القانون .  

الخَاتِمَـــة

بعد أن إنتهينا من هذا البحث المتواضع  فقد توصلنا الى جملة من الإستنتاجات والتوصيات وكما ياتي :

اولاً : الاستنتاجات

اصبحت الدول تسجل المبادئ الجنائية الخاصة بالشرعية الموضوعية والاجرائية توردها في دساتيرها لتكون مبادئ دستورية تتمتع بضمانات دستورية تكفل وسيلة الرقابة الدستورية مراقبتها بما يحقق الغاية المنشودة منها ويحقق الامن القانون الجنائي .

تعتبر الموازنة بين الحقوق والحريات وبين المصلحة العامة من اهم المسائل التي تنظمها الدستور وخاصة فيما يتعلق باطار القانون الجنائي بما يحقق العدالة وحقوق المتهم من جهة وحقوق الدولة وبها يتحقق الامن القانون الجنائي . 

تعمل المبادئ الجنائية الدستورية على انهاء الانتهاكات التي يمكن ان يتعرض لها  الافراد سواء من قبل السلطة التشريعية بإصدار قانون يمس حقوقه وحرياته او بإجراء يتنافى مع هذه الحقوق والحريات من قبل السلطة التنفيذية .

ثانياً : التوصيات 

ندعو المشرع الدستوري لإعادة صياغة نص المادة (19) من الدستور التي تضمنت ثلاثة عشر فقرة وكان الاجدر ان يتم تقسيمها لعدة مواد حسب مراحل الدعوى ليكون اكثر تنظيما من الناحية الخاصة بالصياغة .

ندعو جميع المختصين والباحثين في اطار القانون الدستوري والجنائي بإجراء المزيد الابحاث والدراسات المتعلقة باحترام الحقوق والحريات بما يجعل المشرع يتلافى منها معالجة الخروقات بصورة صحيحة . 

ندعو المشرع الى الاهتمام بالضمانات الدستورية للحقوق والحريات بما يتحقق معها التوازن بين حقوق المتهم والمجتمع وفق المعايير الدستورية .

ندعو المشرع الى بيان الحالات التي يتقرر بها للمحكمة سرية الجلسات كحالة الاخلال بالأمن او الآداب او الاخلاق وعدم تركها بدون قيد حتى لا تتوسع المحكمة بهذا الاستثناء .

ضرورة النص على سرعة المحاكمة وليس التسرع بما لا يخل بضماناتها كما نص على سرعة عرض اوراق التحقيق حيث ان المحاكمة الطويلة نوع من انواع الظلم .

تعديل نص المادة (19/ثانيا) ليكون كالآتي (لا جريمة ولا عقوبة الا بقانون) حتلا لا يتم تفسير كلمة نص على انه نص تنفيذي صادر عن السلطة التنفيذية .


[1] ماهر عبد شويش , الاحكام العامة في قانون العقوبات , دار الحكمة للطباعة والنشر , الموصل , 1990 , ص66.

[2] سامي النصراوي , المبادئ العامة في قانون العقوبات , مطبعة السلام , بغداد , 1977 , ص17.

[3] مصطفى ابراهيم الزّلمي ,ضمانات المتهم في الشريعة الاسلامية ,ط2 اربيل , 2012 ,ص4.

[4] سورة الإسراء , الآية  (15) .

[5] ينظر  المادة : (19/ثانياً) من دستور العراق النافذ  2005 ؛ المادة (1) من قانون العقوبات العراقي النافذ رقم (111لسنة 1969).

[6] ينظر المادة ذاتها من دستور العراق النافذ 2005 .

[7] احمد فتحي سرور , القانون الجنائي الدستوري ,ط2 , در الشروق , القاهرة , 2012 , ص33.

[8] محمود نجيبي حسني , شرح قانون العقوبات – القسم العام , دار النهضة العربية , القاهرة , 1967 , ص 35  .

[9] ينظر المادة : (19/ثامناً) من دستور العراق لسنة 2005 .

[10] ينظر المادة : (19/خامساً) من دستور العراق لسنة 2005 ؛ المادة (14/7) العهد الدولي من الحقوق المدنية والسياسية  لعام 1966 .

[11] عبد الامير العكيلي , اصول الاجراءات الجنائية في قانون اصول المحاكمات الجزائية , ج2 , مطبعة جامعة بغداد , بغداد , 1977 , 239 .

[12] ينظر المادة (19/ خامسا) من دستور العراق سنة 2005 .

[13] رجب علي حسن , مبدا عد جواز محاكمة الشخص عن ذات الفعل مرتين في القانون الوطني والدولي الجنائي , مجلة جامعة تكريت للعلوم القانونية , مجلد 8 س2000 , ص108 .

[14] ماهر عبد شويش , مصدر سابق , ص94.

[15] ينظر المادة : (19/ تاسعا-عاشرا) من دستور العراق 2005 النافذ؛ المادة (34) من الدستور المصري 1971 ؛ المادة (2) من قانون العقوبات العراقي رقم (111 لسنة 1969 المعدل)  .

[16] حسن يوسف مصطفى , الشرعية في الاجراءات الجزائية , رسالة ماجستير , كلية الحقوق , جامعة عمان , 2003 , ص66 .

[17] احمد فتحي سرور , مصدر سابق , ص284 ؛ د. سعيد حسب الله عبدالله , شرح قانون اصول المحاكمات الجزائية ,دار ابن الاثير للطباعة والنشر , الموصل , 2005 ,ص287-288  .

[18] ينظر المادة(19/خامسا) من الدستور العراقي لسنة 2005 ؛ المادة (20) من دستور البحرين 1972 ؛ كذلك المادة(42) من دستور الجزائر لسنة 1989؛ المادة (9) من اعلان حقوق الانسان والمواطن الفرنسي لسنة 1789 ؛ المادة (11)من الاعلان العالمي لحقوق الانسان 1948.

[19] احمد فتحي سرور , مصدر سابق , ص315 .

[20] حسن يوسف مصطفى , مصدر سابق , ص68 .

[21] جلال ثروت ، أصول المحاكمات الجزائية، ج 1 ، الدار الجامعية، بيروت ، 1983, ص 68 .

[22] ينظر المادة : (19/ رابعا)من الدستور المشار اليه اعلاه .

[23] احمد عوض بلال , النظرية العامة للجزاء الجنائي , ط2 , دار النهضة العربية , القاهرة , 1996, ص106 .

[24] جلال ثروت, مصدر سابق, ص69.

[25] محمد سعيد نمور, اصول المحاكمات الجزائية, شرح قانون اصول المحاكمات الجزائية, دار الثقافة, عمان,2005,ص339.

[26] سعيد حسب الله عبدالله , مصدر سابق , ص315.

[27] ينظر المادة : (19/ ثالث عشر) من الدستور العراقي 2005 ؛ المادة(203) من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم (23لسنة 1971) والمادة (155) من قانون الاجراءات الجنائية المصري رقم (150 لسنة 1950) .

[28] سعيد حسب الله عبدالله , مصدر سابق , ص293-294 .

[29] ينظر المادة (19/ سابعا) من الدستور العراقي النافذ لسنة 2005؛ كذلك المادة (15/1) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 .

[30] عبد الغني بسيوني عبد الله ، النظم السياسية والقانون الدستوري ،  منشأة المعارف ، الاسكندرية ، 1997 ، ص 403 ؛ د. احسان حميد المفرجي و د. كطران زغير نعمة و د. رعد الجدة ، النظرية العامة في القانون الدستوري والنظام الدستوري في العراق ، مطبعة دار الحكمة ، بغداد ، 1990، ص 164 .

[31] عبد الحميد متولي ، الوسيط في القانون الدستوري ،  الوسيط في القانون الدستوري ، ط1 ، مطبعة اتحاد الجامعات ، دار الطالب لنشر الثقافة الجامعية ، الاسكندرية ، 1956  ، ص 269  .

[32] ثروت بدوي ، موجز القانون الدستوري ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1973، ص63-64 .

[33] عبد الحميد متولي، مصدر سابق ، ص 301-302 .

[34] شمس مرغني علي ، مصدر سابق ، ص 159-160 .

[35] ثروت بدوي ، المصدر السابق ، ص 64-65 – د. حميد الساعدي , مبادئ القانون الدستوري وتطور النظام السياسي في العراق ، دار الحكمة للطباعة والنشر ، الموصل ، 1990 ، ص 122 .

[36] انظر: عبد الحميد متولي ، مصدر سابق ، ص302-303  .

[37] محمود محمد حافظ، الوجيز في القانون الدستوري ، ط3 ، دار النهضة العربية، القاهرة ، 1999 ، ص 60 .

[38] سامي جمال الدين ، مصدر سابق ، ص 129-130 .

[39] محمود محمد حافظ ،  مصدر  سابق ، ص 61  .

[40] محمد كامل الليلة ، القانون الدستوري ، دار الفكر العربي ، القاهرة ، 1971 ، ص 116 .

[41] ابراهيم عبد العزيز شيحا ، المصدر السابق ،  ص 184-185.

[42] محمود محمد حافظ ، مصدر سابق، ص 64 .

[43] السيد صبري ، مصدر سابق ، ص 146-147 .

[44] ابراهيم محمد صالح , رقابة المحكمة الدستورية على السلطة التقديرية للمشرع ,ط1 ,منشورات الحلبي الحقوقية , 2016 , ص55 ؛ سيروان عثمان فرج , الامن القانوني الجنائي , رسالة ماجستير , كلية القانون ,جامعة السليمانية , 2019 . ص138 .