تاريخ الاستلام: 12 أب 2022 تاريخ القبول: 13 كانون الأول 2022
حقوق الطباعة محفوظة لدى مجلة كلية القانون والعلوم السياسية في الجامعة العراقية
حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمؤلف
حقوق النشر محفوظة للناشر (كلية القانون والعلوم السياسية - الجامعة العراقية)
CC BY-NC-ND 4.0 DEED
Printing rights are reserved to the Journal of the College of Law and Political Science at Aliraqia University
Intellectual property rights are reserved to the author
Copyright reserved to the publisher (College of Law and Political Science - Aliraqia University)
Attribution – Non-Commercial – No Derives 4.0 International
For more information, please review the rights and license
واقع ومستقبل الدولة الأفغانية
بعد الإنسحاب الأمريكي عام 2021
( دراسة مقارنة)
The reality and future of the Afghan state
after the US withdrawal in 2021
(a comparatives study)
أ.م.د. زياد يوسف حمد
الباحثة: فاتن حاتم كريم
الجامعة العراقية - كلية القانون والعلوم السياسية
Dr.Zeyad yousif hamad
Fatin hatem kareem
Iraqi University, College of Law and Political Sciences
المستخلص
كان للأنسحاب الأمريكي من أفغانستان عام 2021 صدى واسع وكبير ، وكانت وله تأثيرات جانبية كثيرة إنعكست على الواقع الأفغاني الذي ظل يعاني ولغاية الوقت الحاضر من عدم إستقرارا البلاد وعدم وجود رؤية وإستراتيجية واضحة لحركة طالبان في إدارة الدولة ، لذلك كان هناك فرق واضح في وضع الدولة مابين مدة حكم طالبان الحالية وماقبل ذلك ، وهذا الذي يقونا الى رؤية مستقبلية للدولة ينم رسم ملامحها بخط غامض ومستقبل مجهول .
Abstract
The American withdrawal from Afghanistan in 2021 had a wide and great resonance, and it had many side effects that were reflected in the Afghan reality, which has been suffering until the present time from the instability of the country and the lack of a clear vision and strategy for the Taliban movement in managing the state, so there was a clear difference in the status of the state between The current period of Taliban rule and before that, and this is what leads us to a future vision for the state whose features are drawn with a vague line and an unknown future.
المقدمة
أعلنت حركة طالبـان يـوم 15 آب 2021 سيطرتها سريعاً، عـلى أفغانستان وعودتهـا مـرة أخـرى إلى حكـم البـلاد بـعـد نحو 20 عاماً، اذ كان سقوط العاصمة الافغانية كابـول في أيـدي مقاتلي طالبـان بعـد انهيار القـوات المسلحة الأفغانية ، مستغلين في ذلك الانسحاب الأمريكي مـن البلد ، من خلال ذلك، يمكـن التنبؤ- مبدئيـا بـأن الـخـروج الأمريكـي مـن أفغانستان سيعيد تشكيل محـور جيوسياسـي فـي أقـالـيـم شـرق وجنـوب آسيا، بالنظـر إلى الأهمية الجيوستراتيجية للموقع الأفغـانـي بـيـن قـوى مجاورة مـثـل الصيـن وإيران وأخـرى إقليمية على غرار روسيا وباكستان والهند ، والتي تمثل أقاليم الجـوار المباشـر لأفغانستان.
أهمية البحث :ــ
تكمن أهمية البحث في وضع تصور عن واقع الدولة الأفغانية في الوقت الحالي وما سيؤول اليه الوضع مستقبلا في ظل حكم طالبان للبلاد.
إشكالية البحث :ــ
ان إشكالية البحث تكمن في تساؤل رئيسي مفاده ، إن حكم طالبان للبلاد غير من وضع الدولة ومن طريقة تعاملها مع المجتمع الداخلي والخارجي , ومذا التساؤل يقودنا الى مجموعة من الأسئلة الفرعية والتي سيتم الاجابة عليها من خلال البحث ، وهي :ــ كيف تم الانسحاب الامريكي من إفغانستان وماهي اتفاقية الدوحة ؟ وماهو الوضع في أفغانستان وتحديدا بعد عودة طالبان للحكم ، ماهو مستقبل الدولة الأفغانية في ظل طالبان
فرضية البحث :ــ
ينطلق البحث من فرضية مفادها ، ان عودة حركة طالبان للحكم وتسلمها للقيادة داخل البلاد جعلت من المجتمع الدولي في حالة ترقب للوضع الجديد في البلاد مع ضبابية المشهد المستقبلي لها .
المبحث الاول
الانسحاب الامريكي التام من افغانستان ( اتفاقية الدوحة)
دخلت الولايات المتحدة عام 2019 بقيادة ترامب في حوار مباشر مع حركة طالبان؛ بهدف الوصول إلى (اتفاق سلام) معها, وجزءٌ من هذا التحول يعود إلى التكاليف البشرية والمادية التي تكبَّدها الطرفان منذ عام 2001 , دون قدرة أي منهما على حسم الصراع عسكرياً, كما لم ينجح النموذج السياسي الذي بٌني في أفغانستان لتحقيق الديمقراطية، فقد تصاعدت الأمور سوءً عقب إزاحة نظام طالبان, ولم يستطع النموذج الجديد إثبات فعاليته سياسياً أو اقتصادياً أو أمنياً، الأمر الذي أدى إلى تنامي شعبية طالبان داخلياً, ولم تستطع الولايات المتحدة الأمريكية القضاء على تصاعد قوتها, من هنا جاء اتفاق الدوحة لينهي أطول الحروب الامريكية, بالرغم من احتمالية تراجع الإدارة الامريكية الجديدة عن هذه الاتفاقية نتيجة المتغيرات الإقليمية الجديدة. وسيتم تفصيل هذا المبحث من خلال المطالب الآتية:-
المطلب الأول: الترتيبات التي سبقت الاتفاقية (أسباب الانسحاب):-
من أجل حلحلة الازمة الممتدة من عام 2001 ، شرعت الولايات المتحدة للتفاوض مع حركة طالبان من جهة والحكومة الافغانية من جهة اخرى، إذ دخلت إدارة الرئيس الامريكي «دونالد ترامب» في مفاوضات مباشرة مع حركة طالبان، والذي كان يرتبط بالأهداف التي سعت الإدارة لتحقيقها، وهي تشمل على الآتي:
1- الانسحاب العسكري: تحقيق الانسحاب وخفض القوات الأمريكية الموجودة في الأراضي الأفغانية، مثّل الهدف الرئيسي للمفاوضات، لاسيما مع الوضع في الاعتبار التكلفة العسكرية والمالية للتواجد الأمريكي في أفغانستان, يُضاف إلى ذلك أن الانسحاب هو جزء من توجه أكبر لإدارة الرئيس «دونالد ترامب» لإعادة انتشار القوات الأمريكية، ونقل الجانب الأكبر منها المتواجد في أوروبا والشرق الأوسط نحو آسيا للتفرغ لمواجهة الصين[1].
2- تغيير الاستراتيجية: حاولت الإدارة الأمريكية على مدار الأعوام التسعة عشر الماضية، بداية من 2001 وحتى 2020، أن تثبّت من دعائم الحكومة والدولة الأفغانية، وأن تدفع طَرَفَيِ العملية السياسية في الداخل (حركة طالبان، والحكومة الأفغانية) للوصول إلى اتفاق سلام داخلي تمّ العمل عليه في جولات الحوار الأفغاني التي عُقدت في السابق، لكن لم تصل إلى تحقيق نتيجة. ومع فشل هذه الاستراتيجية، وحالة شبه الانهيار التي تُعاني منها الدولة في أفغانستان، وعدم تحقيق السلام الداخلي؛ غيرت إدارة ترامب من استراتيجيتها، وبدأت التوجه نحو المفاوضات المباشرة من أجل الانسحاب، وإعادة العمل على دعم الدولة الأفغانية من الخارج، مع التركيز على ضرورة إنجاح مفاوضات سلام أفغانية داخلية كجزء من اتفاق السلام[2].
قبل الشروع في المفاوضات بين حركة طالبان كان هناك العديد من المؤشرات التي مثلت حجر الأساس في الإعلان عن تلك الخطوة من جانب العديد من الدول الإقليمية والدولية، على سبيل المثال: جهود المبعوث الأمريكي الخاص (زلماي خليل زاد) خلال الفترة الأخيرة والمتعلقة بالتحضير المسبق لإجراء المفاوضات، والتي ساهمت في نجاح الانتخابات البرلمانية التي أقيمت في 20 تشرين الاول ۲۰۱۸، كما قام (زاد) بزيارة العديد من الدول الإقليمية مثل باكستان والإمارات وقطر والسعودية ، والقيام بدور الوساطة لدفع عمليات التسوية للأزمة الأفغانية[3].
وفي نفس الاتجاه، تم وقف إطلاق النار بين الحركة والحكومة في اجازة عيد الفطر في حزيران ٢٠١٨، كما تم عقد لقاء هو الثاني من نوعه بين وفد طالبان في مقره السياسي في الدوحة، مع المبعوث الأمريكي الخاص، للخروج بتوصيات حول مستقبل المفاوضات، بالإضافة لذلك الدعوة التي أعلنها زعيم حركة طالبان في آب ۲۰۱۸، عن قبوله التفاوض مع الولايات المتحدة، وصرح الرئيس الأفغاني (أشرف غني) في مؤتمر جنيف بأن الحكومة مستعدة للتفاوض دون شروط مسبقة مع حركة طالبان، كما أعلن إمكانية الاعتراف بها كمنظمة سياسية شريطة التخلي عن العمل المسلح[4].
المطلب الثاني: اتفاقية الدوحة 29/2/2020
بدأت المحادثات المباشرة بين الولايات المتحدة الامريكية من جهة وحركة طالبان من جهة اخرى في يوليو 2018، عندما التقى مسؤولون أمريكيون سراً بأعضاء من طالبان في المكتب السياسي للحركة في الدوحة من أجل عقد يضمن انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية، لذلك قامت إدارة الرئيس الامريكي «دونالد ترامب» متمثلة في وزارة الخارجية الأمريكية في 5 أيلول من العام نفسه بتعيين (زلماي خليل زاد) الأمريكي من أصل أفغاني مبعوثاً خاصاً لعملية السلام، ليتولى إدارة الحوار المباشر مع الحركة[5], وبعد عشر جولات من التفاوض المباشر، نجح الطرفين في الوصول إلى توافقات محددة, أسفرت عن مسودة اتفاق في أيلول 2019، وعن بدء مشاركة الحكومة الأفغانية في المفاوضات، ثم توقفت المفاوضات بعد ايام؛ بسبب هجمات أودت بجنود أمريكيين في أفغانستان، ثم استؤنفت مرة أخرى في نفس الشهر، وصولًا إلى توقيع الاتفاق يوم 29 شباط 2020[6].
وَقعت الاطراف (اتفاقية الدوحة) تحت عنوان (اتفاقية إحلال السلام في أفغانستان بين إمارة أفغانستان الإسلامية غير المعترف بها من قبل الولايات المتحدة كدولة وتعرف باسم طالبان والولايات المتحدة الأمريكية)، في 29 شباط 2020 العاصمة القطرية الدوحة، وقد وقع من جانب الولايات المتحدة المبعوث الأمريكي إلى أفغانستان السفير(زلماي خليل زاده)، فيما وقعها من جانب حركة طالبان عضو مكتبها السياسي لشؤون السياسة ( الملا عبد الغني بارادار) ودعا زعيم حركة طالبان (هبة الله أخونزاده) جميع مقاتلي الحركة إلى الالتزام بالاتفاق مع واشنطن, مع ملاحظة إقصاء الحكومة الأفغانية من هذه المفاوضات بين طالبان والولايات المتحدة[7]، ويمكن القول هنا ان أبرز ما نصّ عليه الاتفاق كان يتمحور حول النقاط الآتية:
1- منع تهديد الأمن الأمريكي: العمل على وجود ضمانة وآلية تطبيق لمنع استخدام الأراضي الأفغانية من قبل أي جماعات أو أفراد لتهديد الأمن الأمريكي، وحلفاء الولايات المتحدة الأمريكية؛ لمنع حركة طالبان من التعاون مع تنظيم القاعدة، وحرمان التنظيم من أي دعم تقدمه الحركة له، أو التعاون بين حركة طالبان وتنظيمات إرهابية أفغانية أخرى مثل (حركة حقاني)[8].
2- الانسحاب العسكري: عن طريق وجود ضمانة وآلية تطبيق، وإعلان جدول زمني لانسحاب كافة القوات الأجنبية من أفغانستان، ووفقًا لذلك فإن الولايات المتحدة، وحلفاءها من دول التحالف، ستتخذ عددًا من الإجراءات خلال اياماً محددة، لتخفيض عدد القوات الأمريكية، والعمل على تخفيض وجود قوات التحالف، وسحب كافة القوات الأمريكية وقوات التحالف من القواعد العسكرية الخمس الموجودة في الأراضي الأفغانية، وكذلك سحبها من المنطقة خلال تسعة أشهر ونصف بعد المرحلة الأولى من سحب القوات، كما أن الجدول الزمني لسحب القوات وإبقاء بعضها ارتبط بالرؤية الاستراتيجية الأمريكية، بأن الانسحاب السريع وعدم وجود قوات أمريكية هناك يُمكن أن يُساهم في زيادة عدم الاستقرار والانهيار السريع على الأرض[9].
3- السلام الأفغاني- الأفغاني: تبدأ حركة طالبان مفاوضات للسلام الأفغاني الداخلي مع الحكومة الأفغانية، بعد بدء الانسحاب التدريجي للقوات الأمريكية، وبعد حدوث إطلاق للسجناء المحتجزين من قبل الطرفين (حركة طالبان والحكومة الأفغانية)، إذ تم الاتفاق على أن تقوم الحركة بالإفراج عن 1000 سجين من السجناء المرتبطين بالحكومة الذين تحتجزهم، وأن تقوم الحكومة في المقابل بالإفراج عن 5000 سجين من الأفراد المنتمين للحركة[10].
4- مراجعة العقوبات الأمريكية والدولية: تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بمراجعة العقوبات المفروضة على أعضاء حركة طالبان، وذلك حتى 27 آب 2020، كما يتم العمل على مراجعة العقوبات الدولية التي فرضها مجلس الأمن على أعضاء الحركة، وذلك حتى 29 ايار2020[11].
5- العلاقات الطبيعية في مرحلة ما بعد الاتفاق: إذ تسعى الولايات المتحدة وحركة طالبان، إلى إقامة علاقات إيجابية بينهما، وذلك بعد اتفاق التسوية وما يُسفر عنه الحوار الأفغاني الافغاني، وأن تسعى الولايات المتحدة إلى التعاون الاقتصادي وإعادة إعمار أفغانستان، وألا تتدخل في الشؤون الداخلية لأفغانستان[12].
يتكون اتفاق السلام الشامل من ديباجة وثلاث أجزاء رئيسية, والتي تحدد التزامات كل من الولايات المتحدة الامريكية وحركة طالبان, إذ احتوت الديباجة على التعريف بالاتفاقية, وشمل الجزء الأول الالتزامات التي تتعهد بها الولايات المتحدة للانسحاب من أفغانستان, في حين تضمن الجزء الثاني التزامات حركة طالبان, بينما الجزء الثالث نص على عدم تدخل الولايات المتحدة في الشؤون الداخلية لأفغانستان مع التأكيد على التزام طالبان ببنود الاتفاقية[13],
المبحث الثاني
واقع افغانستان بعد عودة طالبان للحكم عام 2021
دخل مقاتلوا حركة طالبان العاصمة الأفغانية كابول، في 15 آب 2021، إذ تمكنت الحركة من إعادة السيطرة على كل مدن وأقاليم البلاد ,وإنتزاعها من أيدي قوات حكومة الرئيس «أشرف غني “الذي فر إلى الخارج، ومنذ توقيع اتفاق الدوحة بين الولايات المتحدة وحركة طالبان بدأ الرئيس الأمريكي السابق(دونالد ترامب) سحب قوات بلاده من أفغانستان بحلول ايار 2021،, شهدت البلاد تقدماً ميدانياً لمقاتلي طالبان، مستغلين إنسحاب القوات الأجنبية، ولم يتغير الأمر كثراً بعد إعلان الرئيس جو بايدن، في اذار2021، تأخر اتمام الانسحاب الأمريكي إلى ما قبل 11 أيلول، لكن تقدم طالبان الذي كان يحدث تدريجياً، تسارع بشكل غير متوقع، وصولاً إلى سيطرتها على كامل البلاد، مع استسلام قوات الحكومة الأفغانية بسهولة وإلقائهم سلاحهم الذي بات بحوزة الحركة، وهو ما يزيد من التهديدات التي تفرضها طالبان.
المطلب الأول: الواقع السياسي والامني
اولاً:- الواقع السياسي
بدأت طالبان بالسيطرة على أكثر من (20 ولاية) أفغانية البالغ عددها حوالي (34 ولاية) في تسعة أيام، وباتت تبتعد عن كابول بحوالي (50 كم2)[14]، في الوقت الذي أعلنت فيه وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية أن تقديراتها لسيطرة طالبان على كابول قد تتم خلال (30 يوماً) فقط بعد أن كانت تقديراتها السابقة تشير إلى (6 أشهر) ، كما أرسلت واشنطن حوالي ثلاثة آلاف جندي إضافيين في 13 آب في مهمة مؤقتة لأفغانستان للمساهمة في تأمين سحب أعضاء البعثة الدبلوماسية الأمريكية من السفارة الأمريكية في كابول، في مؤشر على حجم الانهيار في صفوف القوات الحكومية، وكذلك الميليشيات التابعة لأمراء الحرب[15].
اتجهت حركة طالبان لتكثيف هجماتها في أفغانستان، منذ أن أعلنت واشنطن في نيسان عزمها سحب جميع قواتها من البلاد بحلول 11 أيلول 2021، وإستندت استراتيجية طالبان للسيطرة على كامل الأراضي الأفغانية على العناصر التالية:
1- السيطرة على شمال أفغانستان: إذ قامت بشن هجوم على شمال أفغانستان، المعقل التاريخي لأمراء الحرب المناهضين لطالبان، وتمكنت في 5 ايار 2021 من السيطرة على إقليم بغلان، ثم مدينة قندوز في شمال أفغانستان في 8 آب([16])، كما أنها فرضت حصاراً على مدينة مزار شريف، وتجدر الإشارة إلى أن طالبان لم تنجح في السيطرة عليها عندما كانت تحكم أفغانستان خلال المدة من عام 1996، وحتى عام 2001، ويعكس اتجاه طالبان للسيطرة عليها، بعيداً عن معاقلها في جنوب شرق البلاد حرص الحركة على عدم تكرار سيناريو (التحالف الشمالي)، والذي كان عبارة عن جبهة عسكرية مناهضة لطالبان تشكلت عام 1996، بقيادة (أحمد شاه مسعود)، وحكمت شمال أفغانستان بصورة منفصلة عن كابول[17].
2- السيطرة على الحدود الأفغانية: حرصت الحركة في المرحلة التالية على الاستيلاء على المعابر الحدودية لتحقيق الأهداف التالية:
أ- تقليص إيرادات الحكومة: تمكنت الحركة في هذه المرحلة من السيطرة على المعابر الحدودية وحصولها على العائدات الجمركية، التي كانت الحكومة الأفغانية تحصلها، إذ تُمثل هذه العوائد نحو نصف إجمالي الإيرادات المحلية لأفغانستان، والتي قدرت بنحو ( 216,5 مليار أفغاني) في عام 2021، واستطاعت الحكومة الأفغانية جمع حوالي( 4,6 مليار أفغاني) فقط، أي ما يوازي ( 58 مليون دولار)، من الرسوم خلال تموز مقارنة ب(7,3 مليار أفغاني) في حزيران من نفس العام من جميع المراكز الجمركية الثلاثين الواقعة على الحدود والمدن والمطارات، وهو ما يعني تمكن الحركة من الحصول على أكثر من( 2,7 مليار أفغاني)[18].
ب- منع السلع الاستراتيجية: تمكنت طالبان من السيطرة على معبرين من أصل ثلاثة معابر حدودية بين أفغانستان وإيران، وهما: (إسلام قلعة، وأبو نصر فراهي)، وكانت الحكومة الأفغانية تستورد عبرها وارداتها من السلع، لاسيما النفط من إيران[19].
ج- الحصول على الدعم العابر للحدود: تمكنت طالبان من السيطرة على معبر (سبين بولداك) الحدودي مع باكستان، في 14 تموز 2021، وهو يعد من المعابر الرئيسية، إذ تؤهل السيطرة على هذا المعبر طالبان للحصول على دعم من الجماعات الباكستانية المتعاطفة مع الحركة، لاسيما مع امتداد اثنية البشتون، التي ينتمي إليها أغلب عناصر طالبان، بين أفغانستان وباكستان[20].
3- الاستيلاء على عواصم المدن: انتقلت طالبان من مرحلة السيطرة على المجتمعات الريفية إلى هجوم شامل على المدن الرئيسية، بما في ذلك: (قندهار وهرات ولاشكر جاه)، ومن الملاحظ أن الحركة أظهرت قدرة على شن هجمات على عدة جبهات بصورة متزامنة، وهو ما وضح في نجاحها في السيطرة على نصف ولايات أفغانستان في ثمانية أيام، ونجحت طالبان في السيطرة على قندهار وهرات، ثاني وثالث أكبر مدن أفغانستان على التوالي، كما استطاعت السيطرة على (20 ولاية أفغانية) من أصل (34 ولاية)، وفي هذا السياق، أفادت بعض المعلومات الاستخباراتية الأمريكية بأن العاصمة الأفغانية كابول قد تسقط في يد حركة طالبان خلال ( 30 يوماً)[21].
4- عزل العاصمة الأفغانية: عملت طالبان على عزل العاصمة كابول، وذلك من خلال تطويقها من مختلف الجهات، وقد قامت حركة طالبان بالاستيلاء على مدينة (غزنة) الاستراتيجية، التي تقع جنوب كابول وتبعد عنها بحوالي 150 كيلومتراً، كما أنها تمكنت من السيطرة على مدينة (بل خمري) والتي تقع على بعد 225 كيلومتراً شمال العاصمة كابول، وهو ما مكن الحركة من عزلها عن شمال وغرب البلاد، وبالمثل، تمكنت من السيطرة في 13 آب على مدينة (بولي علم) عاصمة ولاية لوغار، والتي تقع على بعد 50 كلم شرق كابول[22].
ومن جهة أخرى، أحكمت طالبان سيطرتها على (مزار شريف) عاصمة ولاية بلخ، في 14 آب، وتعد مزار شريف الرئة الاقتصادية للبلاد، وتعني السيطرة عليها فرض حصار كامل على العاصمة كابول من الجهات كافة، وتشير تقديرات أمريكية إلى أن سيطرة طالبان على ولاية بلخ يجعل كابول تسقط في حدود ( 72 ساعة فقط)، ويبدو أن طالبان تحاشت السيطرة على كابول اول الامر، حتى تتمكن الولايات المتحدة وحلف الناتو من إجلاء الدبلوماسيين ورعاياهما خارج أفغانستان، ولذلك اتجهت الحركة لإكمال سيطرتها على مزيد من الولايات الأخرى، ثم شرع بعد ذلك في السيطرة على العاصمة[23].
5- مهاجمة المطارات والقواعد: استهدفت الحركة المطارات بصورة منهجية، وذلك بهدف إعاقة قدرة الحكومة على نشر القوات، فضلاً عن عزل أفغانستان عن العالم الخارجي، ومن جهة ثانية، سيطرت طالبان على عدد من القواعد العسكرية التابعة للجيش الأفغاني، واستولت على ما بها من أسلحة دون أي قتال يذكر[24].
ثانياً:- الواقع الامني
ثمة تداعيات متوقعة، وفي مجملها سلبية، في ظل سيطرة حركة طالبان على أفغانستان، ويتمثل أبرزها في عودة أفغانستان ملاذاً للتنظيمات الإرهابية، وتصاعد أنشطة التنظيمات الإرهابية، مثل: ( داعش، ولاية خرسان، والقاعدة) في أفغانستان بعد سيطرة حركة طالبان على البلاد، وعلى الرغم من أن تنظيم) داعش (في أفغانستان قد تكون من عناصر انشقت عن طالبان، وخاض هؤلاء مواجهات ضد الحركة، فإن التنظيم أعلن لاحقاً دعمه طالبان كونهما يستهدفان (نصرة الإسلام والجهاد ضد الغزاة ) على حد وصفها[25]، وبالرغم من أن هناك عدداً من المؤشرات على وجود علاقات عدائية بين الجانبين، وهو ما يمكن توضيحه في التالي:
1- الاختلاف المذهبي: ينتمي تنظيم (داعش خرسان) إلى المذهب السلفي المتشدد، في حين تنتمي طالبان إلى المذهب الحنفي. ولطالما اتهم (داعش) الحركة بالضلال والانحراف عن النقاء الديني، لاسيما بعد وفاة (الملا عمر) في عام 2013، متهمة إياها بإهمال تطبيق الشريعة الإسلامية، بالإضافة إلى رفض التنظيم تسامح طالبان مع الأقليات الاخرى[26].
2- تباين الاستراتيجيات: يتبنى تنظيم (داعش خراسان) أجندة عالمية من خلال شن الهجمات المختلفة ضد المصالح الغربية من دون التقيد بأفغانستان، وذلك على عكس حركة طالبان، والتي يقتصر نشاطها على الأراضي الأفغانية[27].
3- رفض اتفاق الانسحاب: اتهم (داعش خرسان) طالبان بأنهم عملاء للولايات المتحدة، وذلك عقب توقيع اتفاق انسحاب القوات الأمريكية عام 2020، إذ اعتبر التنظيم طالبان تراجعت عن مناصرة القضية الجهادية، بل ونظرت إلى الاتفاق كونه انتقال سلمي للسلطة من حاكم إلى آخر[28].
4- استهداف متبادل: نفذ (داعش خرسان) منذ كانون الثاني 2020، حوالي 13 اعتداءً أو اشتباكاً عنيفاً ضد قوات طالبان، كما أعدمت طالبان بعض قيادات تنظيم (داعش خراسان) المسجونين في سجن كابول عقب سيطرتها على العاصمة الأفغانية كابول، بمن فيهم زعيمها السابق (أسلم فاروقي)، المعروف أيضاً بالاسم الحركي (أبو عمر خراساني)[29].
وبالرغم مما سبق، الا ان الاتهامات كانت توجه بوجود علاقات قوية بين (شبكة حقاني)، المتحالفة مع حركة طالبان، والتي تتولى الآن وزارة الداخلية، و(داعش خرسان)، وهو ما يمكن توضيح هذه العلاقة في التالي:
1- اتهام الحكومة الأفغانية السابقة: اتهم المسؤولون الأفغان خلال عامي 2019 و2020 هذه الشبكة بتسهيل تنفيذ هجمات ضد المدنيين عبر إمداد (داعش) بالدعم التقني، والقدرة على الوصول إلى خاشبكات الجريمة المنظمة في كابول، وهي التقارير التي أكدتها الأمم المتحدة، كما أعلنت وزارة الدفاع الأفغانية أن هجوماً واحداً على الأقل في عام 2018 أعلن التنظيم مسؤوليته عنه نُفذ في الواقع من قبل مقاتلي شبكة (حقاني)[30].
2- إطلاق عناصر داعش من السجون الأفغانية: قامت حركة طالبان عقب سيطرتها على السجون الأفغانية بإطلاق سراحهم من السجون، ليس فقط عناصرها أو أولئك المرتبطون بالقاعدة، ولكن كذلك عناصر داعش، ففي حين قامت طالبان بتصفية قائد التنظيم المعتقل في سجن (بولي شاركي) في العاصمة كابول، وثمانية من أتباعه، فإنها أطلقت باقي عناصر التنظيم المعتقلين، ووفقاً لتقدير المتحدث باسم البنتاجون، جون كيري، في أواخر أغسطس 2021، فإن إجمالي من أفرجت عنهم طالبان من عناصر داعش من السجون الأفغانية يقدر بالآلاف، ويعني ذلك، أن الجماعة التي كان حجمها يقدر بحوالي ألفي عنصر، قبل الإفراج عن عناصرها من السجون، قد استعادت قوة بشرية تؤهلها لتوسيع نشاطها الإرهابي[31].
3- ادعاء طالبان استهدافها من (داعش): أكدت طالبان أن التفجيرات الإرهابية التي نفذها تنظيم داعش في كابول في 19 ايلول طالت قافلة عسكرية تابعة لها كانت تنفذ أعمال مراقبة تقليدية، لكن الحقيقة أن تفجير كابول إنما استهدف حياً سكنياً يعرف باسم (داشت بارشي) بواسطة سيارة مفخخة، وأن معظم الضحايا كانوا من الأطفال والنساء، وهو ما يثير التساؤل حول أسباب زعم الحركة بتعرضها للاستهداف من التنظيم[32].
أما تنظيم القاعدة، فقد أعلن زعيمه( أيمن الظواهري)، مبايعته في عام 2017(الملا هبة الله أخوند زاده) زعيماً لطالبان وهكذا تتمثل أبرز المخاوف من عودة حركة طالبان للحكم في أفغانستان، في قوة الدفع التي ستعطيها هذه الخطوة لتنظيمات إرهابية في مناطق أخرى، على نحو يجعلها تحتذي بالحركة التي أصبحت ملهمة لها بعد أن تمكنت من الانتصار بعد نحو 20عاماً من القتال، وبالتالي ربما تصبح أفغانستان بعد عودة طالبان، نقطة جذب لكثر من الشباب المتطرف من دول أخرى، ومنها الشرق الأوسط[33]، لكن السؤال الرئيس الذي يُطرح حالياً بعد عودة حركة طالبان لحكم أفغانستان هو علاقتها بحليفها تنظيم القاعدة منذ أمد بعيد، وللاجابة على هذا السؤال لابد من توضيح نقطة مهمة، ان القاعدة ملزمة بالولاء لطالبان بعد أن بايعتها، وهي البيعة التي قدمها زعيم القاعدة الراحل (أسامة بن لادن) لزعيم طالبان الراحل (الملا عمر) في التسعينيات من القرن الماضي، وتم تجديد البيعة عدة مرات منذ ذلك الحين، على الرغم من أنه لم يتم الإقرار بذلك من قبل طالبان علناً، بعد وفاة بن لادن في عام 2011، بايع (أيمن الظواهري) خليفته (الملا عمر) بالنيابة عن تنظيم القاعدة وفروعها الإقليمية، وقد تم تجديد البيعة في عام 2014 بعد الإعلان عن إقامة «الخلافة» في العراق وسوريا[34].
اعلنت طالبان في تموز 2015 أن (الملا عمر) قد مات قبل عامين وكان عرض الظواهري بيعة (الملا عمر) بعد موته مصدر إحراج للقاعدة، كما جدد الظواهري بيعته للزعيم الجديد لطالبان (الملا أختر محمد منصور) في 13 آب 2015، متعهداً بـ «الجهاد لتحرير كل شبر من الأراضي الإسلامية المحتلة، إذ اعترف منصور بسرعة بتلقيه بيعة زعيم المنظمة الجهادية الدولية» وهو بمثابة إقرار واضح بأهداف العمل الجهادي العالمي لتنظيم القاعدة، عندما تولى الزعيم الحالي (هبة الله أخوند زاده) قيادة الجماعة بعد وفاة منصور في غارة جوية أمريكية في أيار 2016 لم تعترف طالبان علناً ببيعة الظواهري للحركة كما لم تنكرها، وهذا الغموض الذي يلف الوضع الحالي للبيعة يقع في صلب الجدل وعدم اليقين المستمر حول العلاقة بين المجموعتين[35].
ولكن بموجب اتفاق السلام عام 2020 مع الولايات المتحدة، وافقت طالبان على عدم السماح للقاعدة أو أي جماعة متطرفة أخرى بالعمل في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وكررت مجددا هذا مؤخراً بعد الاستيلاء على كابل في 15 أب الماضي، لكن الحركة لم تتبرأ من القاعدة علناً أيضاً والقاعدة لم تخفف من حدة مناهضتها للولايات المتحدة[36].
هذا يعني ان العلاقة التي تربط طالبان بالقاعدة، تمنح طالبان المصداقية والمكانة في الدوائر الجهادية، كما أن ولاء الحركة التاريخي للقاعدة قد يجعلها غير حريصة على التخلي عن حليفها بعد أن وصلت إلى سدة الحكم، لكن الحركة ملزمة بالتعهدات التي قطعتها على نفسها بموجب اتفاق السلام مع الولايات المتحدة والنهج البراغماتي الذي تتبعه الحركة لحكم أفغانستان[37]، وقد انهالت رسائل التهنئة على الحركة من القاعدة ومن الجماعات التي تدور في فلكها على النصر الذي حققته، وأكدت على مكانة زعيم الجماعة (هبة الله أخوند زاده) كونه «أمير المؤمنين»، لم تتطرق طالبان علناً لهذه الرسائل رغم أنها أشارت إلى الرسائل التي تلقتها من جماعات إسلامية أخرى مثل حركة (حماس الفلسطينية)، لكن خبر وصول (أمين الحق) المقرب من بن لادن إلى أفغانستان يوحي بأن الحركة ليست بصدد التنكر لصلاتها بالقاعدة أو النأي بنفسها عنها([38]).
توضح هذه المسألة المعضلة التي تواجه الحركة حالياً، فهي من جهة تعمل كل من بوسعها لنيل الاعتراف الدولي بحكمها لأفغانستان وما ينتج عن ذلك من مكاسب، لكن هذا يتوقف إلى حد بعيد على نبذها للتطرف، ومن ناحية أخرى، لا يمكنها التنكر بسهولة لتحالفها لأكثر من 20 عاماُ مع القاعدة[39].
المطلب الثاني: الواقع الاقتصادي والاجتماعي والانساني
أولاً: الواقع الاقتصادي
هناك صعوبة في الحصول على بيانات دقيقة بشأن الموارد المالية لحركة طالبان في أفغانستان سنوياً، إذ تتفاوت تقديراتها من مؤسسة لأخرى تبعاً لتباين حسابات مصادر التمويل المختلفة، ومدى رصدها على مدار السنة، كما أنها بطبيعة الحال تتفاوت من عام إلى آخر، ويُقدر مجلس الأمن الدولي، في تقرير صادر عنه في مايو2020 ، أن أدنى مستوى لإيرادات طالبان وصل إلى نحو (300مليون دولار)، فيما أعلى مستوى لها كان (1.5مليار دولار)[40].
وفي اذار من العام 2020 ، حققت حركة طالبان، وفق بعض التقديرات، عائدات مالية تُقدر بنحو(1,6 مليار دولار)، أي ما يمثل حوالي خُمس الإيرادات الحكومية البالغة نحو (5,5مليار دولار) خلال نفس العام، وعلى نحو يعكس النفوذ الاقتصادي الواسع للحركة داخل أفغانستان، إذ تأتي التدفقات المالية الكبيرة لطالبان بفضل تنوع مصادر التمويل، والتي تعتمد على استغلال ما توفره الأراضي الأفغانية من موارد طبيعية مثل المعادن، بالإضافة إلى التجارة بالمخدرات، وكذلك التبرعات الخارجية، وتقوم الحركة بتوظيف هذه العوائد في تعزيز الترسانة العسكرية، من خلال شراء السلاح والذخيرة، وكذلك دفع رواتب مقاتليها، والتي تشير التقديرات إلى أن عددهم يراوح بين (60 و65 الف) مقاتل، وبراتب شهري يبلغ أدناه (150دولار)[41].
سيطرت حركة طالبان على المصادر الاقتصادية الاتية: من بينها استغلال موارد المعادن، وتجارة المخدرات، والتبرعات وغيرها، والتي يمكن عرضها على النحو التالي:
1ــ عائدات التعدين، يمثل نشاط التعدين أحد مصادر التمويل الرئيسية لطالبان، وتجني الحركة عائدات منه بطريقتين: الأولى، من خلال القيام بعمليات استخراج المعادن بنفسها في المناطق الخاضعة لسيطرتها، ويتم ذلك في العادة على نطاق محدود؛ نظراً لنقص الخبرات الفنية لدى الحركة، والطريقة الثانية، عبر فرض رسوم وإتاوات على الشركات العاملة في مجال تعدين خام الحديد والنحاس والذهب وغيرها من المعادن في أنحاء أفغانستان، ووفقاً لمجلس الأمن الدولي، فرضت طالبان، على سبيل المثال، رسوماً على شركات تعدين الذهب في مقاطعة( راغستان) فقط بنحو (200 الف دولار) شهرياً، أي تحصل على عائدات منها بنحو(2.4مليون دولار) سنوياً.[42]
2ــ تجارة المخدرات، تمثل هذه التجارة أهم مصادر تمويل طالبان، إذ إنها توفر ما يصل إلى ربع الإيرادات المالية للحركة، وتصل في بعض السنوات الأخرى إلى ما يتعدى نصف الإيرادات مع تراجع المصادر الأخرى، وتسيطر طالبان على سلسلة توريد مخدر (الأفيون) للعالم، والتي تبدأ بزراعة الخشخاش ثم تصنيعه وتهريبه إلى الأسواق الدولية عن طريق وسطاء آخرين[43], وقُدرت المساحة المزروعة بخشخاش الأفيون في أفغانستان بحوالي(224ألف) هكتار عام2020 ، وبزيادة قدرها(37%) أو (61ألف )هكتار مقارنة بعام 2019 ، وذلك وفقاً لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، كما تشارك طالبان أيضاً في إنتاج وتصنيع مخدر (الميثامفيتامين) والذي يُعد أكر ربحية من الأفيون؛ لانخفاض تكلفة إنتاجه.[44]
3ـــ فرض الضرائب والإتاوات، عملت الحركة على توسيع تدفقات الإيرادات من خلال فرض الضرائب والرسوم على الطرق والمرافق والبنية التحتية في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، كما فرضت الحركة زكاة على الزروع والثمار، والتي تبلغ(10%) من قيمة المحصول، وفي السنوات الأخيرة، قادت طالبان حملات ابتزاز ضد شركات خدمات الهاتف المحمول والكهرباء للحصول على الأموال، نظير عدم إلحاق الضرر بمواقعهم وموظفيهم.[45]
4ــ مصادر أخرى، هناك مصادر تمويل أخرى لحركة طالبان، تشمل المساهمات المالية من بعض الجهات والأشخاص المؤيدين لها في الخارج، بالإضافة إلى تجارة بعض السلع الاستهلاكية على طول الحدود مع الدول المجاورة، وكذلك العائدات المالية من العقارات التي تمتلكها الحركة في أفغانستان وباكستان وبعض الدول الأخرى، وعلى نحو يدر عليها تدفقات مالية شهرية[46].
ثانياً:- الواقع الاجتماعي والانساني :ــ
1-( تراجع حقوق المراءة)، على الرغم من محاولة حركة طالبان طمأنة الشعب الأفغاني بعد سيطرتها على الحكم، وتعهدها باحترام حقوق المرأة والأقليات وحرية التعبير في ضوء الشريعة، فإن تجربة الحركة السابقة في حكمها الاول للبلاد لا تزال تنعكس على صورتها السلبية لدى غالبية قطاعات المجتمع الأفغاني، لاسيما النساء اللاتي يخشين خسارة المكاسب العديدة التي حققنها وضياع الحريات التي حصلن عليها خلال 20عاماً مضت[47].
وفرضت طالبان عند توليها السلطة(1996- 2001) نظاماً متشدداً، ومنعت خلال هذه الفترة النساء من التعلم والعمل، إجمالاً، يمكن القول إن أفغانستان دخلت مرحلة جديدة من تاريخها المضطرب، بعد أن سيطرت حركة طالبان على البلاد، وهروب الرئيس” أشرف غني “إلى الخارج، وهي التطورات التي أثارت مخاوف العالم، لاسيما الدول التي قد تطالها تبعات عودة طالبان للحكم مرة أخرى[48].
2-تفجر أزمة اللاجئين الجديدة، يواجه العالم الآن أزمة لاجئين جديدة قادمة من أفغانستان، تعيد إلى الذاكرة ما حدث في سوريا خلال السنوات الماضية، لاسيما مع التوقعات بفرار ملايين الأفغان من ديارهم بسبب مخاوفهم من فرض طالبان حكومة قمعية، وطيلة المدة الماضية، خرجت العديد من التحذيرات الدولية بشأن اندلاع أزمة إنسانية في أفغانستان، وارتفاع عدد النازحين واللاجئين المدنيين؛ نتيجة الاوضاع في هذا البلد، إذ حثت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يوم 13أغسطس 2021، المجتمع الدولي على تكثيف استجابته لأزمة النزوح واللجوء في أفغانستان، وناشدت البلدان المجاورة (إبقاء حدودها مفتوحة )[49].
المبحث الثالث
رؤية مستقبلية للوضع في افغانستان بعد تسلم طالبان الحكم
تتضح الملامح الاولية لحكومة طالبان الجديدة، في تأسيس (إمارة إسلامية)، في ظل إصرار الحركة في مفاوضاتها في قطر، مع الحكومة الأفغانية السابقة، إذ تسعى طالبان للتأكيد على أنها تختلف عن طالبان التي تأسست قبل عقدين من الزمان، كما تتجه لتأسيس مجلس مكون من 12 شخصاً لإدارة أمور أفغانستان، بعد انهيار الحكومة السابقة، ويضم هذا المجلس بعض قيادات طالبان إلى جانب المسؤولين السابقين في الحكومة الأفغانية، الأكثر انفتاحاً على التعاون مع طالبان، وتتمثل أبرز القيادات من طالبان، التي ستنضم إلى هذا المجلس: بـ (عبدالغني برادار) القائد العسكري في حركة طالبان، والرجل الثاني في الحركة بعد صهره (الملا محمد عمر)، و(الملا محمد يعقوب) ابن الملا محمد عمر، مؤسس الحركة، و(خليل حقاني) القيادي في شبكة حقاني المتحالفة مع طالبان، وستلعب هذه الملامح دور اساسي في رسم الرؤية المستقبلية للازمة الافغانستانية بعد سيطرة طالبان، لذلك سينقسم هذا المبحث لرسم رؤية واضحة للمستقبل في أفغانستان بعد عودة طالبان إلى ثلاثة سيناريوهات:
المطلب الأول:- سيناريو استمرار الازمة الحالية.
أولاً:- افتراضات السيناريو
يفترض هذا السيناريو استمرار الازمة الافغانية في ظل سيطرة طالبان على الحكم، إذ ان عودة طالبان للتأثير في مجريات الأمور وبــسط نفوذها على مناطق واسعة من أفغانستان يكذب الدعاية التي روجت لها الولايات المتحدة من أن الحركة ليس لديها ما يكفي من الإمكانات للاستمرار، أو أنها مجرد صنيعة لأيادي خارجية اعتمدت عليها في الوصول للسلطة[50]، كما أن صعودها القوي وسط تحديات منوعة يثبت أنها تمتلك من مقومات التأثير وعوامل القوة ما يمكن معه التنبؤ في حال تفعيله باستمرار طالبان، وردها على المزاعم التي كانت تروج لهـا الولايات المتحدة مـن حينلآخر بشـأن محادثات تجري بين طالبان والناتو من أجل انضمام الحركة لتوجهات المصالحة التي ترغب بهـا كابول، تمهيدا لإلقاء سلاحها جنوب البلاد، مؤكدة على أن هذه التقارير ليـست سـوى دعاية تطلقها القوات الأجنبية بأفغانستان[51].
ثانياً:- عوامل نجاح السيناريو
تكمن مواطن قوة طالبان بثلاث مراحل أساسية مرت بها خلال مسار نشأتها وتطورها: (حرب أهلية - الوصول للسلطة - مقاومة الاحتلال)؛ ولكل مرحلة طبيعتها الخاصة ، وإشكالاتها المختلفة، وعلى مدار سنوات السابقة تنوعت أدوار طالبان، واختلفت صور التحديات التي واجهتها، إلا أن ثبات طالبان ونجاحهـا في استيعاب تلك التحديات، ومواجهتها مع ما يستلزمه ذلك من مرونة تنظيمية أثبت أنها قادرة على التكيف مع المتغيرات، وعلى تعظيم مكاسبها[52]، وتقوي العديد من العوامل استمرارها، وترتبط تلك العوامل في بنية الحركة وتكوينها الداخلي، وتدعمهما العديد من العوامل الخارجية، ويشار فيما يلي إلى أهم تلك العوامل:
عوامل قوة ذاتية، وهي تشمل على:-
أ-تماسك داخلي، مثل الرباط العقيـدي القوي الذي يجمع عناصر طالبان إضافة للخلفية الفكرية الموحدة، إذ تلقى الكثير منهم التعليم الديني في المدارس الدينية بباكستان - صمام أمان لوحدة الصف الطالباني، فضلاً عن إخلاصهم الشديد لأهدافهم إضافة للسيطرة الكبيرة للملا عمر على عناصر الحركة وولائهم الشديد له، وهيبة الحركة في قلوب الأفراد، اضافة للترابط العرقي القوي، إذ يجمعهم العرق يجمعهم (العرق البشتوني) الذي يشكل غالبية الأفغان[53].
ب- ديناميكية مرنة، استطاعت الحركة الثبات في المقاومة وامتصاص الضربات العنيفة التي تلقتها على مدار الغزو الامريكي لأفغانستان، وفشلت في تمزيق أوصالها وتمكنت وسط أجـواء بالغة الصعوبة من تطوير قدراتها وتوسيع دائرة نفوذها خارج الحدود الجنوبية للدرجة التي باتت تشكل بها خطورة حقيقية على قوات الاحتلال، ما يؤكد قدرتها على تطوير حركتها وآليات عملها، الأمر الذي قد يرجع في أحد جوانبه لطبيعة نشأتها وسط ظروف بيئية متوترة: ( تعدد ولاءات تدخل خارجي - فصائل متناحرة - تدهور وضع أمني ) ، ورغم ذلك تمكنت من الوصول للسلطة والحفاظ عليها، واعترف وزير الدفاع البريطاني (ديس براون) بأن المقاومة التي تبديها عناصر حركة طالبان في جنوب أفغانستان كانت أقوى من المتوقع، وإن قدرة عناصر طالبان على الصمود أمام الخــســائر الفادحة التي تكبدوها كانت مفاجأة حقيقية، مما يستدعي بذل جهود إضافية أكثر من المتوقع[54].
عوامل قوة من خارج الحركة، ويمكن تقسيمها إلى:-
1ــ الدعم القبلي، ينتمي غالبية عناصر طالبان لقبائل البشتون ذات الأغلبية والنفوذ القوي في أفغانستان، كما أن هذه القبائل ذات خبرة جيدة وأكتسبتها من مدة الجهاد الأفغاني ضد الاحتلال السوفيتي سابقاً، و أن هذه القبائل معروفة بالشراسة في القتال، وساعدت هذه القبائل التي يسكن الكثير منها على الحدود مع باكستان في إشعال الجبهة الحدودية، ومنع إرساء القواعد الأمريكية بقرب الحدود الأفغانية داخل باكستان، وتمكنت طالبان من الاستفادة من النظام القبلي الذي يسود أفغانستان، وعملت على تقوية علاقاتها العشائرية مع القبائل الأفغانية مستغلة خطأ الاحتلال في تجاوز الأعراف القبلية - مما أتاح لها الحصول على المؤن والإمدادات[55].
2ــ دعم بعض الفصائـل لـطالبان، مثال ذلك ما أعلنه زعيم الحزب الإسلامي (قلب الدين حكمتيار) من دعم وإشادة بطالبان وقادتها، إذ يعد حكمتيار أحد أقوى وأهـم الزعماء الأفغان، وتأتي أهمية دعمه لطالبان في ضوء القدرات المالية، والتسلح القوي والخبرة التي تتمتع بها قواته، والتي تكونت خلال مدة الجهاد الأفغاني ضد السوفييت، فضلاً عن الدعم المتاح لحركة طالبان من الجماعات الإسلامية الباكستانية، المتعاطفة معها، لاسيما: حـزب الجماعة الإسلامية، وجمعية علماء الإسلام[56].
3ــ البيئة الدولية، ان اشتعال الموقف في اوكرانيا سيكون محور الاهتمام الأمريكي للمرحلة القادمة، إذ سحبت أحداث الحرب في اوكرانيا الاهتمام الأمريكي بعيداً عن أفغانستان، الأمر الذي يمثل فرصة لطالبان لتوسيع نفوذها، وتثبيت صعودها، يضاف إلى ذلك ما قد يترتب على تدهور العلاقات الإيرانية- الأمريكية من تأثيرات سلبية على الاستقرار الإقليمي، وفتح جبهة مواجهة جديدة تضعف من الموقف الأمريكي في أفغانــســـتان، وتوفر بيئة ملائمة لتصعد طالبان من عملياتها[57]، كما أن إقدام أمريكا على مهاجمة إيران- إن حدث- قد يمثل فرصة لربط جبهات المواجهة العسكرية ضد الولايات المتحدة الأمريكية، ومن جانب باكستان فإن اهتمامها بدأ يتجه مجدداً لطالبان التي وفرت حين وصولها للحكم نوعاً من الاستقرار بين البلدين، ووفرت لها بعداً أمنيا هاماً، ثم أصبح ما يحدث في أفغانستان من عدم استقرار مؤثراً على استقرارها لاسيما التوترات القبلية على الحدود بين البلدين، وهي منطقة ترتفع بها الاحتمالات لاندلاع ثورة ضد باكستان[58].
المطلب الثاني:- سيناريو تدهور الاوضاع للاسوء.
أولاً:- افتراضات السيناريو
يفترض هذا السيناريو تصاعد حدة الازمة الافغانية؛ بسبب الصعود العسكري القوي لطالبان وتحول وضعها من مجرد مجموعات مسلحة مُلاحَقة من قبل الاحتلال يسهل القضاء عليها إلى العنصر الأساسي للمقاومة، والذي تمكن من بسط نفوذه على مساحات كبيرة من البلاد، واقامة (إمارة إسلامية متطرفة)، والذي من خلاله تتبنى الحركة مرة أخرى نهجها المتشدد، كما كانت في عام 1996، وتقصي الأطراف الأخرى كافة، وتتفرد بحكم أفغانستان، بالإضافة إلى تحول الدولة لتكون ملاذاً آمناً للجماعات الإرهابية، مثل (القاعدة وداعش)، وهو ما سيفرض العزلة الدولية على الدولة الأفغانية[59]
ويبرز هذا السيناريو في ظل ورود مزاعم بشأن اتباع حركة طالبان نهجها المتشدد مع المرأة في بعض المناطق التي تسيطر عليها بالفعل على الرغم من تصريحاتها المؤيدة لحقوقها، علاوة على تصفيتها بعض العناصر المناوئة لها، على الرغم من إعلانها العفو العام، وعلى الرغم من أن هذا السيناريو، سيحرم طالبان من الاعتراف الدولي والحصول على التمويل، فإنها، في النهاية، لديها مصادر التمويل الخاص بها ( التي تم ذكرها في المبحث الثاني)، ومن جهة أخرى، فإنه فيما إذا أقدمت الولايات المتحدة والدول الغربية على قطع المساعدات المالية عن البلاد، فإن طالبان ستكون أمامها خيارات أخرى، أبرزها الحصول على دعم مادي من دول أخرى، على غرار الصين وروسيا، لاسيما أن للصين مصالح اقتصادية واسعة في أفغانستان[60].
ثانياً:- عوامل نجاح هذا السيناريو
أن وصول هذه الحركة إلى الدرجة التي نجحت معها في إجبار الولايات المتحدة على الانسحاب، تواجهه إشكاليات عدة تساعد في تعقيد الازمة الافغانية، ويأتي على رأس تلك الإشكاليات:-
1ــ النزاعات بين فصائل المقاومة الافغانية، رغم مســاحة الاختلاف الكبيرة التي ميزت معالم خمس مراحل رئيسية مرت بها أفغانستان في العقود الثلاثة الأخيرة: (الغزو السوفييتي- الحكم الشيوعي- الحرب الأهلية- حكم طالبان- الاحتلال وما بعد طالبان)، إلا أن السمة الأغلب في تلك المراحل جميعها هي التشرذم، والنزاعات الدموية بين الفصائل على الساحة الأفغانية، سواء أكانت جهادية أم شيوعية، أم عصابات مسلحة، وما يعنينا هنا هو التشرذم داخل الصف المقاوم، الذي لم يتوقف على مدار عقود[61].
2ــ انقسام حركة طالبان: تتكون طالبان من جماعات مختلفة، فإلى جانب تحالفها مع (شبكة حقاني)، والتي تهيمن عسكرياً على العاصمة كابول، فإن الحركة نفسها، قد توسعت في السنوات الأخيرة، لتضم قيادات ممثلة للأثنيات الاخرى منها الطاجيك والأوزبك، لذا يكون لزاماً على طالبان، إرضاء مختلف الفصائل المنضوية تحتها بالمناصب، وذلك لتجنب حدوث صراع داخلي بين مكوناتها الرئيسية، وفي حالة إخفاقها في القيام بذلك، فإن فرص تحقق هذا السيناريو تزداد، كما يلاحظ أن هناك أجنحة معتدلة وأخرى متطرفة داخل طالبان، وذلك الانقسام قد يكون مصدراً إضافياً للتوتر. وتعد فرص حدوث هذا السيناريو بصفة عامة ضعيفة[62].
3ــ إخفاق حركة طالبان في السيطرة على كامل الأراضي الأفغانية، وبروز حركة تمرد مناوئة لحكمها وتعجز طالبان عن قمعها، وتتوسع تدريجياً، وتجد دعماً من إحدى الدول الأجنبية، ولعل أحد المؤشرات على إمكانية حدوث مثل هذا السيناريو، تمكن القائد العسكري(أحمد مسعود) ونائب الرئيس الأفغاني السابق (أمر الله صالح)، من تعبئة بعض مقاتلي الجيش الأفغاني السابق، وبعض العناصر المناوئة لطالبان في منطقة وادي بنجشير الجبلية، وذلك تمهيداً لإعادة تشكيل التحالف الشمالي ضد طالبان[63]، والجدير بالذكر، أن القائم بأعمال وزير الدفاع في الحكومة المنهارة (بسم الله خان محمدي) قد أعلن أن (قوات المقاومة الشعبية) انتزعت السيطرة على ثلاث مناطق في ولاية بغلان شمال البلاد من حركة «طالبان. ووفقاً لهذا السيناريو، يتوقع أن تفشل طالبان في التوصل معهم لتسوية مقبولة، أو إخضاعهم عسكرياً، وهو أمر محتمل بالنظر إلى أن الاتحاد السوفييتي، وكذلك طالبان خلال المدة من 1996، وحتى 2001، عجزا عن السيطرة على وادي بنجشير، الذي يقطنه أثنية الطاجيك، نظراً لوقوعه في سلسلة جبال هندوكوش الوعرة[64]، ولكن على الجانب الآخر، يقع وادي بنجشير في وسط أفغانستان، ومن دون تمكن القوات المناوئة لطالبان من توسيع سيطرتها شمالاً باتجاه الحدود الدولية، وحصولها على دعم خارجي، فإن الحركة لن تصمد كثيراً، لاسيما أن طالبان قد أرسلت عناصرها لمحاصرة الإقليم[65].
المطلب الثالث:- سيناريو الاستقرار في افغانستان.
أولا:- افتراضات السيناريو
يرسم هذا السيناريو تهدئة الاوضاع في افغانستان بعد تسلم طالبان السيطرة على الحكم، في ظل تقدم الحركة على تبني حكومة ذات تمثيل واسع، أي أن تتجه إلى التفاوض مع مجلس التنسيق، والاستجابة لبعض طلباته، ومحاولة تأسيس مجلس لإدارة البلاد يضم مكونات مختلفة، بما في ذلك أعضاء من الحكومة السابقة[66]، لان الحركة تسعى من خلال ذلك إلى نيل الاعتراف الدولي، وهو ما يتضح في تطمينها هواجس القوى الكبرى، مثل تأكيدها للصين وروسيا، عدم تحويل أفغانستان إلى بؤرة للجماعات الإرهابية، وتعهدها للدول الغربية بالحفاظ على حقوق المرأة، والإعلان عن العفو الشامل عن موظفي الحكومة السابقة والمتعاونين مع القوات الأمريكية، وإعلانها عن تشكيل لجنة جديدة معنية بـ(طمأنة وسائل الإعلام وحل مشاكلها)، وهذه جميعها مؤشرات تكشف عن رغبة الجماعة في نيل الاعتراف من المجتمع الدولي[67].
ويحقق هذا السيناريو عدداً من الفوائد لحركة طالبان، منها الحصول على التمويل الدولي، إذ إن ثلثي إيرادات الحكومة الأفغانية تعتمد على المنح والمساعدات الدولية، وكان من المقرر أن تتسلم أفغانستان حوالي (440) مليون دولار من حقوق السحب الخاص من صندوق النقد الدولي في 23 آب 2021، وهو ما لم تحصل عليه الحركة، بسبب عدم حصولها على اعتراف دولي بعد، كما أن الاحتياطي النقدي للبلاد، والبالغ حوالي (9) مليارات دولار، موجود خارجها في بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، وتم تجميده من قبل الولايات المتحدة. وبالتالي، فإن التوصل لتسوية سياسية، وتشكيل حكومة ذات تمثيل واسع سيكون ضرورياً لإنقاذ الاقتصاد الأفغاني المنهار، وتأمين الحصول على الموارد المالية سابقة الذكر[68].
ثانياً:- عوامل نجاح هذا السيناريو
وفقا لمعطيات الوضع في أفغانستان فإن الحاجة تشتد لدى طالبان لوضع استراتيجية واضحة المعالم وتهيئة الوضع لعودة ممكنة للحركة إلى السلطة مرة أخرى، وتبرز أهم معالم تلك الاستراتيجية وفقا لمعطيات الواقع فيما يلي : -
1ــ الجانب العقائدي لحركة طالبان، يصعب على مجموعات مقاومة عسكرية مسلحة تسليحاً بدائياً في مجمله كطالبان أن تهزم الطرف المعتدي، في حال كون هذا الطرف يملك أضخم ترسانة عسكرية كتلك التي تملكها الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي فالحركة توظف الجانب العقائدي لمواجهة الاحتلال وتتمسك بهذا الجانب وتقوم برفع الروح القتالية لأعضائها من خلاله[69]، وهي تستخدم استراتيجية الاستنزاف المتعددة التي تقوم على إطالة أمد الحرب مع زيادة تكاليف البقاء، إلى الدرجة التي تصبح فيهما تكلفة البقاء أكبر من مصلحة البقاء، فاستخدام أسلوب حرب العصابات والكر والفر يحدث عملية الاستنزاف للآلة العسكرية للمحتل، لتمكن من تجاوز عقبة التفاوت في القدرة العسكرية، وتحول محور الحرب من حرب يعتمد النصر فيها على الأقوى عسكرياً وتقنيًا إلى حرب إرادات؛ يعتمد النصر فيها على الصمود وإقناع الطرف الأخر بحتمية الهزيمة، ودفعه للاستسلام، فيما يمكن تسميته بعمليات لي الذراع لكسر إرادة الخصم[70].
2ــ تنويع محاور المواجهة، لا يمكن التصـدي للمشروع الأمريكي المتعدد الأهداف في أفغانستان بمجرد المقاومة العسكرية وحدها، بل لا بد من التحرك على محاور مواجهة متعددة ، لتستثمر نتائج الفعـل العسكري على المستوى السياسي والاجتماعي والإعلامي، حتى تتضافر الجهود والذي يتحرك أيضا على عدة محاور عسكرية وسياسية وإعلامية، والتحرك الواعي الذي يتجاوز بشمولية مجرد الفعل العسكري ويتحقق عن طريق تشكيل هيئات وطنية في المناطق التي تقع تحت سيطرة طالبان وتشرف عليها كوادر من الحركة، وتضم عناصر ورموز من تيارات شتى تحظى بوجاهة قبلية أو جهادية يجمعها رفض الاحتلال، وتتولى إدارة شؤون تلك المناطق التي تقع تحت سيطرتها أمنياً واجتماعياً وتعليمياً، وتمثل غطاءً شعبياً مؤيداً لطالبان من جهة، وضماناً لاستقرار الأوضاع في الأراضي التي تسيطر عليها الحركة، كما أن تلك التجربة عند نجاحها قد تمثل نموذجاً يغري بقية المناطق بقبول سيطرة- طالبان، أو التعاون معها لتجاوز مرحلة عدم الاستقرار الذي تعاني منه[71].
3ــ توحيد الصف وحصر دائرة الصراع، تحتاج المرحلة المقبلة للمواجهة جاهزية فصائل المقاومة لتكون على مستوى عال من الواقعية والعملية؛ إذ من الصعوبة قيام فصيل واحد بمفرده بمواجهـة كامل التحديات التي أفرزها واقع الاحتلال لضخامتها، مما يستدعي من طالبان العمل على استخدام تكتيكات منوعة مع الفصائل الأفغانية، تتراوح بين التحالف والحياد والردع وغيرها للوصول إلى تحييد بعض الأعداء، وحصر دائرة الصراع الأساسية مع الولايات المتحدة[72].
4ــ تنشيط الجانب الإعلامي، بعد 20 عاماً من الإطاحة بحكم طالبان في أفغانستان، عادت الحركة إلى السيطرة على البلاد، لكنها تحاول تقديم نفسها هذه المرة في صورة مغايرة عن سابقتها في تسعينيات القرن الماضي؛ وذلك أملاً في الحصول على الشرعية والاعتراف الدولي بالحركة في حكم أفغانستان، والتعاون معها في إعادة إعمار البلاد، فقد استبدلت طالبان مواقع التصوير في الجبال باستديو على قناة فضائية أمام صحفية أجنبية، مع التأكيد في خطابها الإعلامي على حقوق النساء والأقليات، ونرى مقاطع مصورة لمقاتليها على شبكات التواصل الاجتماعي وهم يمارسون نمط حياة مختلفاً عما اعتادوا عليه أو الذي ترسخ لدى الآخر عن الحركة[73].
يُقدم الخطاب الإعلامي لطالبان في ثلاث ثنائيات للمواجهة، تمنح كل منها الحركة صورة مميزة كونها خادمة الشعب، ومقاتلة المحتل, الراغبة في التعايش دون تفريط في مبادئ الإسلام، كالتالي:
1ــ طالبان في مواجهة قوى الداخل الأفغاني، تصور الحركة نفسها كونها الطرف الأقوى الذي فرض سيطرته على كل أنحاء أفغانستان بالرغم من وجود مقاطعات مناوئة، وهي تتعامل بقوة مع المناهضين لها وتعفو من دون انتقام عن الجميع لصالح أفغانستان، كما تصور طالبان نفسها على أنها تقدم يد العون وتوفر الأمن والأمان للشعب الأفغاني، الذي لا يعنيها سوى مصالحه وتحقيق رغباته والحفاظ على تماسكه واستقلاله، تحت قيادتها بالتأكيد[74].
2ــ طالبان المنتصرة في مواجهة الغرب وتحديداً الولايات المتحدة، يتم تصوير طالبان على أنها حركة المقاومة التي أجبرت الولايات المتحدة على الانسحاب من أفغانستان، وسط تحذيرات من أن بقاء أي قوات أجنبية في البلاد بعد الموعد المحدد سيجعلها معرضة للخطر بصفتها محتلة[75]
3ــ طالبان والعالم، تبدو الحركة راغبة في التعايش السلمي والتعاون مع دول الجوار التي تربطها بمعظمها علاقات ليست مقلقة، وبالرغم من تصريح القيادي في طالبان(سهيل شاهين) بأنه :ليس لدينا حلفاء بكامل معنى الكلمة، أي لسنا أعضاء في أي حلف أو أي كتلة عسكرية ، فإنه وصف الصين بالشريك الرئيسي إلى جانب تركيا، وقال عن الأخيرة: إن إمارة أفغانستان الإسلامية تحتاج إلى الصداقة والدعم والتعاون معها أكثر من أي دولة أخرى، الأمر الذي ينبئ عن وجود اقتصادي مستقبلي لتركيا والصين، ويبدو أنه سيكون في توسع[76].
يرجح الباحثان سيناريو (تدهور الأوضاع للأسوء)، فالمعطيات الأولية تشير الى امكانية تحققه، اذ تدهورت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في أفغانستان إضافة إلى الانقسامات المجتمعية وكذلك الانقسام داخل الحركة نفسها بين اعضائها المتشددين في التعامل مع المجتمع وبين اعضائها الأكثر مرونة والحركة بدائية في آليات حكمها ولغاية الآن لم تضع برنامج واضح لحكمها، وتشتد الازمة الأفغانية مع محاولة أطراف اخرى توظيف الازمة لتحقيق مصالحها، ولربما تحدث حرب أهلية تشترك فيها الاطراف المتصارعة داخل أفغانستان مثل (داعش خرسان) و (جبهة المقاومة الوطنية) برئاسة (احمد مسعود) وهي مناوئة لحكم طالبان وتتصادم معها لغاية الآن، ولا يمكن اغفال إحتمالية حدوث إحتجاجات شعبية رافضة لقيود طالبان لاسيما على النساء.
الخاتمة
أن طالبان تحاول بعث رسائل لطمئنة المجتمع, وتأكد ذلك في خطاب يقدم مفهوماً للحكم الإسلامي الذي تنوي الحركة تطبيقه، وهو ما يعد حلاً مؤقتاً لتجنب النزاعات مع أطراف داخلية أو فتح جبهات خارجية قبل أن تستتب الأمور لطالبان، مع طمأنة المجتمع الدولي لزيادة فرص الحركة في الاعتراف الدولي بها وتجنب عزلة خارجية كانت السبب في سقوط طالبان في التسعينيات من القرن الماضي، ويبدو أن الحركة تقدم نسخة أقل تشدداً في إطار ما سماه سهيل شاهين( الخبرة والنضج والبصيرة وليس العقيدة)، كما ان المجتمع الدولي يترقب الخطوات المستقبلية لحركة طالبان، وكيفية إدارتها للدولة الأفغانية, وعلى الرغم من أن حركة طالبان تسعى لتقديم وجه معتدل، داخلياً وخارجياً، فإن الممارسة العملية لحركة طالبان هي الفيصل الأساسي في تحديد ما إذا كانت شهدت تغييرات جوهرية في فكرها وأسلوب حركتها، أم أنها مجرد تغييرات شكلية موجهة لنيل اعتراف المجتمع الدولي وتعزيز سيطرتها على أفغانستان، بما يمكنها، في مرحلة تالية، من فرض نمط الحكم الذي تفضله، بغض النظر عن توجهات المجتمع الدولي.
[1] حسام ابراهيم، حدود الفاعلية: تحديات ما بعد اتفاق السلام بين الحكومة الأمريكية وطالبان، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، الامارات,2020، ص 4.
[2] هل يؤثر الانسحاب الامريكي من افغانستان على شعبية الديمقراطيين؟، ملفات المستقبل، مركز المستقبل للابحاث والدراسات المتقدمة، الامارات, العدد 2، سبتمبر 2021، ابو ظبي، ص51.
[3] صلاح مصطفى ، مصدر سبق ذكره ، ص18.
[4] عبد القيوم مهند، مفاوضات ام جلسات محظور، من كتاب معضلة افغانستان-طالبان والولايات المتحدة الامريكية، تحرير: عبد العزيز الحيص، منتدى العلاقات العربية والدولية، قطر، ط1، 2014، ص29.
[5] معتز سلامة، مصدر سبق ذكره.
[6] عبد القيوم مهند، مصدر سبق ذكره، ص30- 31.
[7] جون فيفر، السياسة الامريكية تجاه طالبان بعد انتخابات عام 2012، من كتاب معضلة افغانستان-طالبان والولايات المتحدة الامريكية، تحرير: عبد العزيز الحيص، منتدى العلاقات العربية والدولية، قطر، ط1، 2014، ص62.
[8] تداعيات انسحاب واشنطن من افغانستان على نفوذها الدولي، ملفات المستقبل، مركز المستقبل للابحاث والدراسات المتقدمة، العدد 2، سبتمبر 2021، ابو ظبي، ص57.
[9] حسام ابراهيم، مصدر سبق ذكره ، ص4.
[10] آليكس ستريك فان لينتشوتن، المحادثات الافغانية- الافغانية: القطيعة المفقودة في الاحجية، من كتاب معضلة= =افغانستان-طالبان والولايات المتحدة الامريكية، تحرير: عبد العزيز الحيص، منتدى العلاقات العربية والدولية، قطر، ط1، 2014، ص74.
[11] جون فيفر، مصدر سبق ذكره، ص68-69.
[12] حسام ابراهيم، مصدر سبق ذكره ، ص4.
[13] للمزيد عن الاتفاقية ينظر : شيماء فاروق سلامة، اتفاقية الدوحة بين الولايات المتحدة وحركة طالبان: الواقع والمأمول، المركز الديمقراطي العربي، برلين، 30 مارس 2021، متاح على الرابط التالي:
[14] حمد جاسم محمد، الانسحاب الامريكي من افغانستان وعودة طالبان...قراءة في الاسباب والنتائج، مركز الدراسات الاستراتيجية، جامعة كربلاء، 7 ايلول 2021، متاح على الرابط التالي:
[15] مطيع الله تائب، مصدر سبق ذكره، ص56-57.
[16] رانيا مكرم، مفاوضات ممتدة: تحديات عملية السلام في افغانستان، مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، القاهرة، 21 يناير 2021، متاح على الرابط التالي:
[17]() المشهد الافغاني بعد سيطرة طالبان، تقدير موقف، مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات، تركيا، 19-8-2021، ص 4.
[18] فون افرز، لقد فقدنا جميعاً افغانستان، من ملف اهم ما جاء في مراكز التفكير العالمية حول افغانستان، ترجمة مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجية، بغداد، 2021، ص3.
[19] المشهد الافغاني بعد سيطرة طالبان، مصدر سبق ذكره، ص 4.
[20] مطيع الله تائب، مصدر سبق ذكره، ص40.
[21] فون افرز، مصدر سبق ذكره، ص4.
[22] شيماء فاروق سلامة، مصدر سبق ذكره.
[23] تشاتهام هاوس، يجب ان تتحول حركة طالبان من التمرد الى الحكم، من ملف اهم ماجاء في مراكز التفكير العالمية حول افغانستان، ترجمة مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجية، بغداد، 2021، ص14.
[24] المشهد الافغاني بعد سيطرة طالبان، مصدر سبق ذكره، ص5.
[25] نقلاً عن: المشهد الافغاني بعد سيطرة طالبان، مصدر سبق ذكره، ص7.
[26] نقلاً عن: علي نجاة، سيناريوهات ولاية خرسان ومستقبل تنظيم داعش، مركز البيان للدراسات والتخطيط، بغداد، 2014، ص5.
[27] نقلاً عن: محمد جمعة، مصدر سبق ذكره.
[28] نقلاً عن: احمد كامل البحيري، مغزى التوقيت: لماذا ركز داعش على استهداف مطار كابول؟، مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، القاهرة، 26 اغسطس 2021، متاح على الرابط التالي:
[29] نقلاً عن: علي نجاة، مصدر سبق ذكره، ص6.
[30] احمد كامل البحيري، مصدر سبق ذكره.
[31] المصدر نفسه
[32] علي نجاة، مصدر سبق ذكره، ص7.
[33] سيد اسماعيل يوسفي، مصدر سبق ذكره، ص35.
[34] نقلاً عن: محمد سرافراز، مصدر سبق ذكره، ص 250.
[35] نقلاً عن: منى سليمان، ابعاد وتداعيات سيطرة حركة طالبان الخاطفة على افغانستان، مجلة السياسية الدولية، القاهرة، 16اب 2021، متاح على الرابط التالي:
[36] احمد موفق زيدان، مصدر سبق ذكره، ص5.
[37] شيماء فاروق سلامة، مصدر سبق ذكره.
[38] عمار علي حسن، كيف يمكن فهم خطاب طالبان وممارسات حركة طالبان؟، ملفات المستقبل، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، الامارات, العدد 2، 2021، ص21.
[39] منى سليمان، مصدر سبق ذكره.
[40] دهقاني ايوب، تأثير المتغيرات الاقليمية والدولية على عملية بناء الدولة في افغانستان، مجلة المفكر للدراسات القانونية والسياسية، جامعة الجيلاني بونعامة خميس مليانة، الجزائر، العدد 5، مارس 2019، ص168.
[41] هدير خالد، مصدر سبق ذكره، 30-31.
[42] دهقاني ايوب، مصدر سبق ذكره، ص 171-172.
[43] Key socio-economic indicators in Afghanistan and in Kabul city, Country of Origin Information Report, European Union Asylum Agency,Luxembourg, August 2022, P.19.
[44] رانيا مكرم، معضلة العودة، افغانستان تحت الحكم الثاني لطالبان، كراسات استراتيجية، مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، القاهرة, العدد332 ، 30 يناير 2022، ص2.
[45] احمد يوسف احمد، عودة طالبان للحكم في افغانستان: محاولة للتفسير ورؤية للتداعيات، مجلة اراء الخليج، العدد 166، مركز الخليج للابحاث، 28 ايلول 2021، متاح على الرابط التالي:
[46] انهيار الحكومة الافغانية امام طالبان بعد الانسحاب الامريكي، مركز المستقبل للابحاث والدراسات المتقدمة، الامارات, 15 اب 2021، متاح على الرابط التالي:
[47] Afghanistan in rights s’Women over-take Taliban the after year one, UN Women 15August 2022 ,P.85.
[48] مصطفى ربيع، مصدر سبق ذكره، ص 4.
[49] احمد دياب، تبعات عودة طالبان بين خطر الارهاب وتدفق اللاجئين؟، ملفات المستقبل، مركز المستقبل للابحاث والدراسات المتقدمة، الامارات, العدد 2، سبتمبر 2021، ص10.
[50] فاطمة الزهراء عبد الفتاح، صورة طالبان الجديدة.. خطاب للتغيير ام المناورة؟، ملفات المستقبل، مركز المستقبل للابحاث والدراسات المتقدمة، الامارات, العدد 2، سبتمبر 2021 ، ص24.
[51] مطيع الله تائب، مصدر سبق ذكره، ص89.
[52] محمد سرافراز، مصدر سبق ذكره، ص 310.
[53] فاطمة الزهراء عبد الفتاح، مصدر سبق ذكره، ص25.
[54] المشهد الافغاني بعد سيطرة طالبان، مصدر سبق ذكره، ص10.
[55] مولوي حفيظ الله حقاني، طالبان من حلم الملا الى امارة المؤمنين، معهد الدراسات السياسية، اسلام آباد، ط1، 1997، ص78.
[56] محمد سرافراز، مصدر سبق ذكره، ص 315.
[57] جيل دورولسور، استراتيجة طالبان الرابحة، مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، ترجمة: مركز الخطابي للدراسات ، سوريا، 2020، ص 29.
[58] سيناريوهات الحكومة الافغانية الجديدة في ظل حكم طالبان، ملفات المستقبل، مركز المستقبل للابحاث والدراسات المتقدمة، الامارات, العدد 2، 2021، ص32.
[59] مطيع الله تائب، مصدر سبق ذكره، ص92.
[60] مولوي حفيظ الله حقاني، مصدر سبق ذكره، ص82-83.
[61] محمد سرافراز، مصدر سبق ذكره، ص 328- 329.
[62] محمد سرافراز، مصدر سبق ذكره، ص 316-317.
[63] سيناريوهات الحكومة الافغانية الجديدة في ظل حكم طالبان، مصدر سبق ذكره، ص 33.
[64] كريم الحفيان، مصدر سبق ذكره، ص 11.
[65] فاطمة الزهراء عبد الفتاح، مصدر سبق ذكره، ص25.
[66] رانيا مكرم، هل ينجح المجتمع الدولي في اعادة تأهيل طالبان؟، مركز المستقبل للابحاث والدراسات المتقدمة، الامارات العدد 2، 2021، ص36.
[67] مطيع الله تائب، مصدر سبق ذكره، ص91.
[68] فاطمة الزهراء عبد الفتاح، مصدر سبق ذكره، ص26.
[69] عرفان يار، كيف تدير طالبان تكتيكات التفاوض والحرب؟، ملفات المستقبل، مركز المستقبل للابحاث والدراسات المتقدمة، الامارات ,العدد 2، 2021، ص27.
[70] محمد سرافراز، مصدر سبق ذكره، ص 351
[71] وليم داريمبل، المثلث الدامي افغانستان وباكستان والهند، سلسلة دراسات عالمية، تحرير: امل عبد الله الهداني، العدد 138، مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، ابو ظبي، ط1، 2014 ص 27.
[72] جيل دورولسور، مصدر سبق ذكره، ص33-34.
[73] فاطمة الزهراء عبد الفتاح، صورة طالبان الجديدة.. خطاب للتغيير ام المناورة؟،مصدر سبق ذكره، ص24.
[74]Jill Doronsoro, The Taliban’s winning strategy in Afghanistan, Carnegie Endowment for International Peace, USA, 2022, P. 29.
[75] رانيا مكرم، هل ينجح المجتمع الدولي في اعادة تأهيل طالبان؟، مصدر سبق ذكره، ص37.
[76] نصر الدين عارف، مصدر سبق ذكره، ص30.