تاريخ التقديم 10/3/2023 تاريخ القبول 31/5/2023
حقوق الطباعة محفوظة لدى مجلة كلية القانون والعلوم السياسية في الجامعة العراقية
حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمؤلف
حقوق النشر محفوظة للناشر (كلية القانون والعلوم السياسية - الجامعة العراقية)
CC BY-NC-ND 4.0 DEED
Printing rights are reserved to the Journal of the College of Law and Political Science at Aliraqia University
Intellectual property rights are reserved to the author
Copyright reserved to the publisher (College of Law and Political Science - Aliraqia University)
Attribution – Non-Commercial – No Derives 4.0 International
For more information, please review the rights and license
مبدأ التناسب في ضوء قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 50 لسنة 2017
The principle of proportionality within scope the Law the Narcotics and Psychotropic Substances No. 50 for 2017
أ.م.د.محمد عزت فاضل
جامعة الموصل-كلية الحقوق
أ.م.د.حامد جاسم حمادي
الجامعة العراقية - كلية القانون والعلوم السياسية
Mohammed Ezzat Fadhil
Mosul of University - College of Rights
Hamid jasim humadi
Iraqi University - College of Law and Political Science
maher2007_55@uomosul.edu.iq
dr.hamid1965@gmail.com
المستخلص
يتطلب مبدأ التناسب اسس واضحة تعتمد على وجود مصلحة مقبولة, ومتلائمة مع كل من السبب والمحل من دون تعسف ولا سيما في مجال تجريم الافعال. وهناك تشديد او تخفيف بدون مبرر في العقاب ضمن قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 50 لسنة 2017. والذي تبنى الخطر العام في معالجة الجرائم, إذ تدخل المشرع على مجرد وجود خطر يمس المصلحة العامة من دون وقوع الضرر الفعلي. وتحمل قواعد التجريم في القانون المذكور عدم التناسب بسبب عدم مراعاتها كمية المادة الجرمية, وعدم التمييز بين بعض الافعال على الرغم من تفاوت جسامتها.
الكلمات المفتاحية: المخدرات، تناسب ، ضرورة، مصلحة، جريمة
Abstract
The principle of proportionality requires clear foundations based on the existence of an acceptable interest, compatible with both the cause and the place in the law, without tyranny in criminalizing acts. There is an unjustified tightening or reduction in punishment within law of Drugs and Psychotropic Substances No. 50 of 2017. Which adopts the general risk in treating crimes. The legislator interferes with a risk affecting the public interest and There is no need for actual damage.
The subject of these crimes in the law is subject to change by the executive authority, which may expand responsibility. There is a lack of proportionality in criminal policy due to lack of attention to the amount of narcotic and not to distinguish between some actions in punish Although it differs in importance
Keywords: drugs, proportionality, necessity, interest, crime
المقدمة
التعريف بموضوع البحث
لا تعني سلطة المجلس التشريعـي في سنّ القانون امتلاكه لسلطة تقديرية مطلقة, بل يجب ان يصار لغرض التشريع الى اعتماد أسس واضحة قائمة على مصلحة اجتماعية مقبولة ومتلائمة مع كل من السبب والمحل. ولعل القاعدة الجنائية بحكم اتصالها بحياة الافراد وحياتهم تحتاج الى سياسة تتبع التناسب في مجال التجريم والعقاب من دون مغالاة في افتراض الافعال الآثمة, او تشدد او تخفيف بدون مبرر في العقاب. وحيث ان جرائم المخدرات تعد من حيث المبدأ ذي خطر عام يمس حقاً اساسياً من حقوق الانسان يتمثل بحياته وسلامة جسده -فضلاً عن اضرارها بالاقتصاد القومي- فذلك يفرض التعامل معها بدرجة كافية من التناسب.
هدف البحث
تهدف دراسة الموضوع الى تحليل مظاهر التوفيق بين المصالح في القواعد الجنائية المشرعة لمواجهة جرائم المخدرات والمؤثرات العقلية على ضوء متطلبات التناسب الجنائي, ومن ثم حماية المصلحة العامة التي يفرضها الدستور انطلاقاً من مشكلة تنوع مظاهر السلوك في ارتكاب تلك الجرائم, والتي تفرض تنوع التقدير الجنائي تبعاً لذلك.
اشكالية البحث
هناك عدد من التساؤلات التي يثيرها موضوع البحث اهمها ما علاقة التناسب الجنائي بالتناسب الدستوري؟ وما الاساس القانوني له؟ وهل وفى القانون بأفعال شق التجريم؟ ومدى ملائمة العقاب لها؟
فرضية البحث
تنطلق الفرضية العــــلميــة من وجود علاقـة تــكاملية بيـــن مبدأ التناسب وفاعلية القانون الجنائي في تحقيق اهدافه العامة, فلو ضعف القانون في تحقيق متطلبات ذلك المبدأ, فانه سيكون اما عاجزاً عن احتواء مشكلات المخدرات او المبالغة فيها, وبكلتا الحالتين سيكون هناك اخلال بمبدأ الدستورية.
منهجية البحث
اتبع لأجل البحث منهجاً تحليلياً قائماً على دراسة روئ الفقه حول كفاية القانون في تحقيق التناسب, وتقديم الرأي عند اللزوم. وقد جمعت بيانات الدراسة باتباع اسلوب الملاحظة العلمية للكتب والدراسات التي عالجت العينة البحثية المتمثلة في قانون المخدرات والمؤثرات العقلية العراقي رقم 50 لسنة 2017.
هيكلية البحث
قسمت الهيكلية العلمية للبحث الى مباحث ثلاث: درس المبحث الاول مفهوم مبدأ التناسب, في حين عالج المبحث الثاني طبيعة التناسب في مجال تجريم المخدرات والمؤثرات العقلية. بينما درس المبحث الثالث عدم التناسب بين شقي التكليف والعقاب في مواجهة المخدرات والمؤثرات العقلية, ثم نكشف استنتاجات البحث ومقترحاته في الخاتمة.
المبحث الاول
مفهوم مبدأ التناسب
من نافلة القول يعد القانون الجنائي سلاحاً ذو حدين, فهو يحمي الحقوق من جهة, ويقيدها حينما يحصل تعسف في سياسة التجريم او العقاب او كلاهما من جهة اخرى, ويقتضي لمنع ذلك البحث عن ضابط لرسم الملائمة بين القواعد الجنائية من خلال دراسة مفهوم مبدأ التناسب من حيث معناه وأساسه القانوني وكما في المطلبين الآتيين:
المطلب الاول: مدلول مبدأ التناسب
يعني التناسب لغةً من يتناسب تناسباً, فيقال متناسب بين شيئين اي تماثلا وتوافقا, ويأتي بمعنى مراعاة النظير, فيقال ان يجمع في الكلام بين امر وما يناسبه[1].
اما اصطلاحاً فقد عرف الفقه التناسب في القانون الجنائي بتعريفات متعددة فذهب البعض الى انه «أن يكون العقاب متلائماً مع الظروف الشخصية للجاني والظروف الموضوعية للجريمة لكي تأتي العقوبة ثمارها وتحقق وظائفها»[2]. وعرفه ايضاً بانه «مبدأ ينبع عن افكار الوسطية والمعقولية والاعتدال ليفرض على المشرع الجزائي مراعاة فكرة المعقولية عند استخدام سلطته في التجريم والعقاب بهدف التوفيق بين حماية المصلحة العامة وحقوق وحريات الافراد التي يحميها الدستور»[3].
ويلاحظ على التعريف الاول انه يركز على شق العقاب في التناسب ضمن جريمة ما, ويتجاهل بقية احكام القانون الجنائي, بخلاف التعريف الثاني الذي يركز على رسم القاعدة الجنائية بصفة عامة, مما يؤيده الباحث فلا يمكن ان يكون تقدير العقاب جزافي من قبل المشرع والا تحول الى انحراف تشريعي, ولا يمكن ان يجرم فعل ان لم تكون هناك ضرورة لتجريمه, ويفرض على المشرع واجب التقدير المنطقي في رسم السياسة الجزائية.
ولا يشكل التناسب في القانون الجنائي مبدأ مستقلاً, بل هو امتداد للمبدأ العام في القانون الدستوري, الذي يفرض التوازن في رسم المصالح القانونية وترجيح افضل الخيارات التي لا تقيد كثيراً من الحريات العامة . وقد اتجه الفقه الدستوري الى بيان معناه بمفاهيم متعددة منها أنه «تحليلي الإطار الذي تستخدمه المحاكم في العديد من البلدان في تحديد ما إذا كان القيود على ممارسة الحقوق مبررة، وبالتالي دستورية”, كما عرف بانه “مجموعة الاختبارات الهيكلية والمترابطة تحليلياً التي تفرض على الحكومة تقديم الأسباب والمبررات لجميع أفعالها»[4].
كما عرف بانه «العلاقة بين الوسائل التي يختارها المشرع والغايات التي يتوخاها من وراء تدخله», وذهب رأي الى ان التناسب هو «العلاقة العادلة بين الوسائل المقيدة للحقوق والغرض المشروع». أي علاقة بين المحل والغرض وليس بين المحل و السبب[5].
وهناك من يعرفه بانه «تعبير عن حالة توافقية بين حالة معينة وأخرى مناظرة لها نتيجة توازن مقبول بينهما, فالتناسب يقوم اساساً على وجود علاقة منطقية بين شيئين يعبر عنها بالتماثل او التكافؤ وهو لن يكون الا نسبياً حينما يتعلق الامر بإقامة علاقة مقارنة بين قيم مختلفة»[6].
ويجد الباحث ان التعريف الاخير هو أدق مما سبقه من التعاريف؛ لكونه يحدد التناسب بالنسبية التي تسمح بمراجعة القانون بصفة متغيرة على وفق المصالح التي يؤمن بها المجتمع.
وعلى هذا الاساس لا يقابل التناسب بمعنى اتفاق القانون مع الدستور فكرة التناسب في مجال التشريع الواحد, فالأخيرة تنحصر بين محل القانون وسببه, بينما الاول يحتم على واضعي التشريع إيجاد الموازنة بين المصلحة العامة وحقوق الأفراد او بين مستويات المصلحة العامة نفسها او بين المبادئ الدستورية وحقوق الأفراد, او بين حق او حرية فردية وحق او حرية أخرى او بين ضمانة واخرى, وعلى المختص ان يقيم التناسب بين الأشياء المتنازعة من دون نصرة طرف على الآخر إلا بقدر قربه من مفهوم التناسب وصون المبادئ الأساسية[7]. ويهدف التناسب الى النظر في عدة بدائل لتحقيق الغرض المنشود من خلال إدارة النزاعات التي قد تتصور بين اثنين من الحقوق، أو بين الحقوق والسلطة[8].
هذا ويعد التناسب مبدأ ذا قيمة دستورية وان لم يرد نص صريح به لكونه من متطلبات تطبيق الدستور إذ يتسم بالواقعية, والعقلانية[9].
ويخلط بعض الفقه كالأستاذ دي لوبادير André de Laubadère بين الملاءمة والتناسب معبراً كلاهما يفرضان الانسجام بين الإجراء المتخذ وسببه[10]. بينما قد وسعت المحكمة الدستورية الاتحادية الألمانية التناسب بمدلول واسع يشمل :شرعية الاداة، الملاءمة والهدف والضرورة, وفي بعض اتجاهاتها تعاملت مع التناسب كمبدأ مستقل, ومن ثم يتحقق الغرض المنشود اذا ما كان العمل القانوني شرعي وملائم وضروري ومناسب بالمعنى الضيق[11].
بينما ذهب رأي الى ان التناسب هو ذي مدلول اضيق من الملائمة كونه ينحصر في بحث العلاقة بين العمل القانوني والمبادئ التي تحكمه, اما الملائمة فهي اوسع لكونها تفترض وجود صلة بين العمل وظروف اصداره من الناحية الزمانية والمكانية وما يتعلق به[12]. مما يؤيده الباحث حيث تتناول الملائمة بحث تفاصيل العمل المتخذ, بينما التناسب محله موازنة بين قيم عليا وقيم متغيرة .
ونرى ان التناسب في اطار القانون الجنائي يعني (التوفيق بين المصالح في رسم القاعدة الجنائية بشقيها التجريمي والعقابي على اساس الضرورة السائدة وبما يحقق النفع العام).
المطلب الثاني: الاساس الفلسفي لمبدأ التناسب الجنائي
ناقش الفقه مدى اعمال التناسب في النظام القانوني ومرتبته ولا سيما حينما لا يوجد نص صريح خاص به.
فذهب الفيلسوف الايطالي بيكاريا Beccaria مؤسس المدرسة التقليدية في اواخر القرن الثامن عشر الى عدّ مبدأ سيادة القانون والعقد الاجتماعي اساساً للربط بين الواقع والقاعدة الجنائية عند تقدير التناسب[13]. ويرى ايضاً لا يجوز للسلطة العامة أن تسرف في العقاب, ولا أن تستعمله إلا بالقدر الذي يحقق المنفعة العامة المتمثلة في منع الجاني من تكرار جرمه في المستقبل ومنع أقرانه من تقليده, إذ دعا بيكاريا الى إلغاء كل ما يعد غير ضروري في المنظومة العقابية والذي يتخذ شكل القسوة والتعذيب في العقاب وان منع الجريمة لا يكون بشدة الاخير, وانما بالعقاب اليقيني والنافع, ولا يكون كذلك إلا اذا تناسب مع الضرر العام في التكيف ولا عبرة بقصد الفاعل[14].
بينما لم تتعامل المدرسة الوضعية مع مبدأ التناسب بأهمية بالنظر الى تغليبها المصلحة العامة[15]. ومما ساعد على انتشارها ظهور بعض الدراسات على يد الاستاذ الايطالي إليرو Ellero الذي أكد بإستحالة العدالة المطلقة في رسم التناسب بين الجريمة والعقوبة، ومن الممكن ان تكون عدالة نسبية أو اتفاقية، كما اكد الفقيه الإيطالي جيوفاني بوفيو Bóvio Giovanni بأن الجريمة تنشأ نتيجة اجتماع عوامل طبيعية واجتماعية إلى جانب الإرادة الآثمة للفاعل[16]. كما كان لحركة التنوير في القرن الثامن عشر الاثر في ابراز التناسب بان يكون مآل العقد هو تحقيق الصالح العام وليس مصلحة خاصة[17].
وقد انتقد فكر تلك المدرسة؛ لكون الاسس الشخصية هي اساس التجريم, وان الاسراف في تلك المصلحة ينتهك حقوق الافراد[18].
وذهب الاتجاه الراجح الى عدّ التناسب من المبادئ غير المكتوبة التي تضمن تحقيق العدالة, ويجد اساسه في مبدأي سيادة القانون والعدالة من جهة, وطبيعة الحقوق الأساسية من جهة اخرى, إذ ربط جانب من الفقه الألماني التناسب بالتزام السلطة في مراعاة كرامة الفرد وجوهر حرياته[19]. اي حينما يكون التناسب قائم على توافر الضرورة في التجريم فانه يتمتع بذات المرتبة الدستورية لسائر الحقوق الاخرى, فهو ضروري لاحترام سائر القيم الدستورية بطريقة متوازية منطقية[20]. فالتناسب يضع شروطاً لتقييد الحقوق المحمية دستورياً, ويمثل الدعامة الأساسية لحماية الإنسان في العديد من الديمقراطيات الغربية وفي جميع أنحاء العالم, ويميل الاستاذ اهارون باراك الى رفض الانتقادات الموجه ضد رقابة التناسب معتبراً اياه أفضل خيار متاح من بين جميع الخيارات لضمان حقوق الإنسان في مجتمع ديمقراطي تعددي[21].
ويكمن اساس التناسب ايضاً في حماية توقعات الافراد وأمنهم القانوني من تجريم افعال تتنافى مع قيم اساسية متفق على انها حق, وان الاسراف في التجريم يعود الى عدم اقتناع المخاطبين بالنص وبالتالي فوات الغاية منه وهي الردع العام[22]. كما ينطلق التناسب من مجموعة مبادئ أولها التحسين المتعلق بالإمكانيات الواقعية والقانونية من خلال «الملاءمة والضرورة « والتي تخص الجانب الواقعي, بينما التناسب بالمعنى الضيق (أي التوازن في المنافع والاضرار يعزز الإمكانيات القانونية, ففي قرار للمحكمة الدستورية الفيدرالية الألمانية بشأن دستورية القانون الذي يتطلب من الأشخاص الذين يتقدمون بطلب للحصول على رخصة صيد عامة اجتياز امتحان الرماية (Entscheidungen des Bundesverfassungsgerichts; hereater: BVerfGE ) قضت المحكمة ان الفحص غير مناسب لتعزيز الممارسة السليمة لهذه الأنشطة على النحو المنشود لذلك لغياب سبب واضح جوهري[23].
والسؤال الوارد لدينا هو ما موقف دستور جمهورية العراق لسنة 2005 من مبدأ التناسب؟
تناول الدستور العراقي المبدأ بشكل ضمني إذ نص على أنه» لا يكون تقييد ممارسة أي من الحقوق والحريات الواردة في هذا الدستور أو تحديدها الا بقانون أو بناء عليه, على ان لا يمس ذلك التحديد والتقييد جوهر الحق أو الحرية»[24]. بينما تناول المشرع في قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل التناسب ضمن الدفاع الشرعي كسبب من اسباب الاباحة وحالة الضرورة كمانع من موانع المسؤولية, بيد ان مراعاته في وضع القواعد الجنائية المختلفة يبقى امراً لازماً؛ لكونه من المبادئ الدستورية سواء ورد فيه نص او لم يرد[25]. وفي قرار للمحكمة الاتحادية العليا حول دستورية العقوبة المقررة في البند (5/ج) من المادة (10) من قانون جوازات السفر رقم 32 لسنة 1999 اشارت المحكمة بان اسس التجريم تقتضي ان يكون بإمكان المخاطبين به الامتثال به[26].
مما تقدم يقتضي التناسب الجنائي التوفيق بين المصالح في رسم القاعدة بشقيها التجريمي والعقابي على اساس الضرورة السائدة وبما يحقق النفع العام. والذي يشكل امتداد لمبدأ التناسب في القانون الدستوري الذي يجد اساسه في مبدأي سيادة القانون والعدالة, واحترام طبيعة الحقوق الأساسية, كما انه يرتبط بشكل وثيق بمبدأ الشرعية الجزائية, وأمن الافراد القانوني, وان المادة (46) من دستور العراق لسنة 2005 اساساً لازماً لمراعاة التناسب.
المبحث الثاني
طبيعة التناسب في مجال تجريم المخدرات والمؤثرات العقلية
من نافلة القول تتحدد السياسة الجنائية في شقها الموضوعي بالنصوص التي تقرر التجريم والعقاب على اساس فلسفة الحكم العامة ومراعاة مصالح الافراد باعتبار تلك السياسة كما يقول الفقيه الألماني فوبرباخ Feuerbach تمثل وسائل يمكن اتخاذها في وقت ما من أجل مكافحة الاجرام في بلد ما[27].
ولما كان مبدأ التناسب يعد ضابطاً موضوعياً للسياسة الجنائية, فذلك يدفع الى بحث شق التجريم على وفق هذا المبدأ, ومن ثم دراسة مظاهر عدم التناسب في شق التجريم في مواجهة المخدرات والمؤثرات العقلية, مما سندرسه في المطلبين الآتيين:
المطلب الاول: رسم شق التجريم على وفق مبدأ التناسب
تفرض سياسة التجريم مراعاة الحقائق الكونية والواقعية في وضع الاحكام الجزائية من منطق العقلانية من دون اسراف في الافتراضات؛ كي لا تتحقق المغالاة في التجريم وتقييد الحريات, مما ايدته حركة الدفاع الاجتماعي التي تزعمها الفقيه الفرنسي مارك انسل mark ancell التي تجد ان الواقع كثيرا ما لا يتطابق مع افتراضات المشرع الجزائي بشكل يشكل عبء على عاتق الافراد[28].
ويجد الفيلسوف بيكاريا Beccaria مؤسس المدرسة التقليدية “ان الرقي بالشعب وسيلة الحرية المقرونة بالتوعية والتعبير لا العبودية التي تتخذ من سيف العقاب اداة لها وتهدد باستخدامه في كل صغيرة و كبيرة”, كما وجد العالم هانز ولزل Hans Walzel ان التجريم يكون غير حكيم اذا ما توسع القانون في التجريم لبلوغ غايات سياسية او تنظيمية أو اقتصادية, فيتحول القانون الجنائي بذلك الى اداة رعب, مما أكد عليه مؤتمر الامم المتحدة الرابع لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين المنعقد في كيوتو عام 1970 الذي ذهب الى ان الدول لا يجوز لها ان تتوسع في تجريم افعالاً مستحدثة، وعليها ايضاً واجب مراجعتها للجرائم التي تُشكل خطورة على المصالح المرجوة, كما أكد المؤتمر العربي السابع للدفاع الاجتماعي المنعقد بالقاهرة عام 1974 على توخي الدقة والحذر في رسم السياسة الجزائية من أجل منع التضخم في التجريم الذي ليس له مبرر تقتضيه الضرورة الاجتماعية[29].
استقر الفقه من حيث المبدأ على عدم امكان فرض التجريم بطريقة جزافية من دون مراعاة الخطر, لكنه اختلف في تقدير معيار التناسب الجنائي الى ثلاث اتجاهات هي:
الاول : ويميل الى لزوم بحث الانسجام بين جسامة كل من السلوك والعقاب ويدعى بـ(المعيار الموضوعي), والذي نادت به المدرسة التقليدية في القرن التاسع عشر والذي نادى به عدة فلاسفة كالفيلسوف كانت Immanuel Kant وهيغل Hegel.
الثاني: ويميل الى التركيز على الخطورة الاحترافية للجاني بالقياس مع السلوك المادي ويسمى بـ(المعيار الشخصي), وقد ارتبط بالمدرسة التقليدية في القرن الثامن عشر التي نادى بها كل من بيكاريا Beccaria وفيورباخ Feuerbach وبنتهام Benthamوالتي اسست العقاب استناداً على وفق خطورة الجاني طالما كان فرداً بالغاً باعتباره يمارس الحرية المطلقة, وبعد ظهور المدرسة الوضعية والتي تزعمها كل من جارو فارو Jarrow Farrow ولامبروزو Lamproso وانريكو فيري Enrico Ferre اضحت المناداة بالعقاب مؤسسة على ظروف المجرمين ووسطهم الاجتماعي, حيث تؤثر تلك الظروف على حريات الاخرين شدةً وضيقاً[30].
الثالث : ويجد ضرورة التوفيق بين المعيارين السابقين ويدعى بـ(المعيار المختلط), ويعطى سلطة تقديرية للقاضي على وفق الواقعة المعروضة, الأمر الذي يحقق الملائمة في العقاب في ظل ظروف الجريمة وخطورة الجاني الاجرامية[31]. واتصل هذا المعيار بالمدرسة التقليدية الحديثة والتي تبناها الفقيه سالي Saleilles بكتابه (تفريد العقوبة) عام 1898 ووجدت من الضروري معاقبة الجاني استناداً الى خطورة فعله وشخصيته معاً, مما يفترض توسيع سلطة القاضي التقديرية في فرض العقوبة, واشترطت مدرسة الدفاع الاجتماعي التي نادى بها الفقيه مارك انسل mark ancell لزوم التناسب بين خطورة الجاني بما تحمله ظروف اجتماعية ونفسية (من دون الاقتصار على القانون), وبين الفعل انطلاقاً من الحرية التي يملكها كل فرد باعتبارها اساس المسؤولية[32].
ويميل الرأي الراجح الى انه يشترط لقيام التناسب الجنائي تحقق ما يأتي:
وجود سلوك مادي –فلا يعتد بالنوايا والاعمال التحضيرية في قيام الجريمة.
شخصية المسؤولية الجنائية, فلا يجوز اقامتها عن فعل الغير, وان كان بعض الفقه يجيزها في حالات ضيقة كما لو كان هناك علاقة اشراف وتوجيه بين الفاعل والغير, بينما اهمل الاخير في متابعته عمداً او اهمالا.
عدم المبالغة في التجريم على اساس افتراضات تتنافى مع الحقائق الواقعية اللازمة للتدخل.
احترام الحقوق والحريات العامة من حيث عدم جواز التعسف في التجريم بشكل يضيق من حقوق الافراد او يجعلها شاقة دون مبرر([33]).
وتتخذ حماية التناسب في السياسة الجنائية ثلاث طرق, الاولى: تجريم الأفعال والعقاب عليها لحماية ليس الحقوق والحريات فحسب, بل النظام العام ايضاً الذي يتضرر من المساس بها, والثانية: التوازن بين الحقوق والحريات والمصلحة العامة(الضرورة الاجتماعية) التي تتمثل بالنظام العام, فلا يجوز حماية الاخيرة على حساب الحقوق الانسانية, فلا يجوز تجريم الافعال المساس بحق الاعتبار عندما يكون جزء من حرية التعبير, ولا تجريم المساس بسلامة الجسد عندما يكون الفعل يمثل جزء من العلاج, وكذلك التوازن بين العقاب وجسامة الفعل, والثالثة وتكون من خلال تيسير التمتع ببعض الحقوق كقيد على الإجراءات الجنائية التي تتخذ لاقتضاء حق العقاب كحق عام يفرضه الصالح العام, فلا يجوز لغرض محاكمة المتهم حرمانه من حقوق الدفاع[34].
يقف الى جانب ذلك ضرورة توافر الضوابط العامة للتناسب في النص والذي يشمل ان يكون التقييد الحق مسموحاً به من اجل تحقيق غرض مناسب, وان تكون التدابير المُتخذة منطقية ومرتبطة لتحقيق ذلك الغرض, والا توجد تدابير بديلة يمكن أن تحقق نفس الغرض بالمثل مع درجة أقل من التقييد, وان تكون هناك علاقة مناسبة (مما يدعى بالموازنة او التناسب بالمعنى الدقيق ) بين أهمية تحقيق الغرض والأهمية الاجتماعية[35].
المطلب الثاني: مظاهر عدم التناسب في شق التجريم في مواجهة المخدرات والمؤثرات العقلية
ابتداءً عرف قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 50 لسنة 2017 المواد المخدرة بانها «كل مادة طبيعية أو تركيبية من المواد المدرجة في الجداول (الأول (و ) الثاني (و ) الثالث (و ) الرابع) الملحقة في هذا القانون (وهي قوائم المواد المخدرة التي اعتمدتها الاتفاقية الوحيدة للمخدرات لسنة ١٩٦١ وتعديلاتها»[36]. كما تناول بالتجريم المؤثرات العقلية فعرفها بانها “كل مادة طبيعية أو تركيبية من المواد المدرجة في الجداول (الخامس) (و السادس) (و السابع) (و الثامن) الملحقة في هذا القانون (وهي قوائم المؤثرات العقلية التي اعتمدتها اتفاقية الأمم المتحدة للمؤثرات العقلية لسنة ١٩٧١ وتعديلاتها)”[37]. أي تبنى المشرع نظام الجداول في تعيين المواد محل الجرائم.
هناك عديد من الافعال التي جرمها القانون ضمن شق التكليف, ولكنها لا تتناسب مع درجة الخطر شدة او تخفيفاً ويمكن بيانه على النحو الآتي.
إذ لم يميز المشرع في التجريم بين انواع المواد المخدرة من حيث شدة تأثيرها على سلامة الجسد . فنبات القات اقل اثراً وابطأ في التخدير منه من الافيون والكوكا[38]. وهناك نباتات طبيعية, او نصف تخليقية ( التركيبية) يجري تحضيرها بتفاعل كيميائي بسيط مع نباتات المخدرة كالهيرويين والمورفين والهيروين[39], وهناك مخدرات تخليقية تنتج من تفاعلات كيميائية معقدة تجري بمعامل الادوية او مراكز البحوث وليست من اصل نباتي كالامفيتامينات والباربيتورات وعقاقير الهلوسة[40].
لم يأخذ القانون بعين الاعتبار كمية المادة محل الجريمة التي تستوجب التجريم والعقاب, والتي يتم ضبطها, إذ تقع ولو كانت ضئيلة جدا ولا سيما عند تجاوز المرخص لهم بالتعامل بها[41]. أي يكفي لقيام الجريمة تحقق حيازة لكيان مادي ملموس من نوع مخدر[42]. ومن ثم لم يراعِ القانون الاوزان في قيام الجرائم المنصوص عليها في المواد (27-32) من هذا القانون, واكتفى بمراعاتها بمن يحوزها او يحرزها.
ولم يميز القانون ايضاً في المادة (27) بين انواع المواد المخدرة والمؤثرات العقلية على حسب الجداول المرفقة بالقانون على غرار ما فعل في المادة (28/اولاً, ثالثاً, سادساً) سواء بالتجريم او العقاب. مما يخل بقاعدة اليقين كأساس لتحقيق التناسب وتعني عدم جواز التعامل الكيفي مع الامر, بل يجب التعامل مع كل حالة على حدة استنادا الى قرائن قانونية قاطعة وليس شخصية[43].
كما انه من غير المعقول تجريم سلوك الضحايا ممن هم يحتاجون الى رعايتهم واعادتهم الى الحياة الطبيعية. إذ جرم القانون كل من استورد أو أنتج أو صنع أو حاز أو أحرز أو اشترى مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية أو سلائف كيميائية أو زرع نباتا من النباتات التي ينتج عنها مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية أو اشتراها بقصد التعاطي والاستعمال الشخصي, وجعلت عقوبتهم الحبس مدة لا تقل عن سنة واحدة ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسة ملايين دينار ولا تزيد على عشرة ملايين دينار[44]. وهكذا تجريم لا يراد منه معاقبة المتعاطي فحسب, بل مساءلة من يرتكب أفعال تساعد المتعاطي كنشاط تبعي يجعله مسؤولاً جزائياً[45]. ويختلف ذلك عن الاتجار بالمواد والذي يعد واقعة مادية ينفرد قاضي الموضوع بتقدير تحققها واستخلاصها من افادات الشهود وسائر عناصر الدعوى[46]. ولأجل ذلك اشترطت بعض التشريعات للتعاطي الشخصي ان تكون الكمية ضئيلة بحيث تكون مخصصة للاستهلاك الذاتي[47]. وان مساءلة المتعاطي يجب ان يحكمها ضوابط عديدة أهمها الحد من الضرر، وتعزيز سلامة المجتمع، وإدماج متعاطي المخدرات الذين يعانون من مشاكل في الحياة وتوفير البنية التحتية لمعالجتهم[48].
وقد انتقد القانون العراقي؛ لكونه لم يتعامل مع الضحية على انه مريض نفسي كما في النظم المقارنة, ويجب ان يخضع لمصحات نفسية تؤهله لذلك بدلاً من العقاب الجنائي[49].
ويُناقش فعل تعاطي المخدرات من زاوية العدالة الجنائية من افتراضين ؛ الاول يميل الى منع معاقبة المتعاطي بعقوبة مقيدة للحرية من اجل تسهيل الاندماج الاجتماعي ، والثاني يميل الى معاقبته حينما يقترن التعاطي بجرائم خطيرة بما يكفي لتبرير الحبس لحماية الجمهور[50].
مما تقدم ان العلاقة بين مبدأ التناسب وشق التجريم انما تفرض مراعاة ذاتية الواقعة وابعادها من منطق العقلانية بدون اي اسراف بالاعتماد على معيار مختلط يوازن خطورة الفعل وظروف الجريمة. وعلى الرغم من اهمية المبدأ الا ان المشرع العراقي لم يميز في التجريم بين بين العديد من الافعال, فضلاً بين المواد محل الجرائم الناشئة عن المخدرات والمؤثرات العقلية, فضلاً عن اتجاهه الى تجريم سلوك الضحايا.
المبحث الثالث
عدم التناسب بين شقي التكليف والعقاب
في مواجهة المخدرات والمؤثرات العقلية
لا يمكن الاقتصار في بحث التناسب على شق التجريم, بل من الضروري تسليط الضوء على مظاهر عدم التناسب بين شقي التجريم والعقاب لما له من اهمية في معرفة درجة التوازن في القاعدة الجنائية.
وبالرجوع الى قانون رقم 50 لسنة 2017 الخاص بمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية نجد هناك مظاهر عديدة لعدم التوازن بين الفعل الآثم والعقاب.
المطلب الاول: عدم التناسب لصالح التشديد
اخل القانون المذكور بمبدأ التناسب بين التجريم والعقاب في العديد من المظاهر من دون تمييز على اساس الخطر او الضرر المتولد من الفعل, بشكل يعد تشديداً في المسؤولية.
إذ لم يميز المشرع في العقاب بين صور الحيازة للمواد المخدرة او المؤثرة على العقل, اذا تقع الجريمة سواء حيازة عارضة او ناقصة او مؤقتة[51]. وكان من الافضل تخفيفها على من يحوزها بشكل عارض بقصد الاطلاع او المشاهدة حيث يعد فعله اخف من الحائز لها حيازة كاملة بقصد التملك او حيازة ناقصة بقصد الامانة. إذ بين القانون معنى الحيازة بـ” وضع اليد على المواد المخدرة والمؤثرات العقلية والسلائف الكيميائية بأي صفة كانت ولأي غرض[52].
كما من غير المنطقي ان تتساوى المسؤولية بين من يحوز كميات كبيرة وكميات قليلة او يحرزها او يعلم بها, ولا سيما ان الزارع او الصانع لها يمارس افعالاً عديدة كي يصل الى غرضه, مما يدل على امعانه في الجريمة, وكان من الافضل التمييز في العقاب سواء في افراد نصوص مستقلة او ظروف تمايز في العقاب.
ومن غير المعقول مساواة من يحرز او يحوز مواد مخدرة او مؤثرة في العقاب بمن يعلم بوجود النباتات المخدرة المنصوص عليها في هذا القانون مزروعة في مكان ما لأغراض غير مشروعة ولم يبادر إلى الأخبار عنها[53].
ومن غير المناسب ايضاً المساواة بالمادة (27) من القانون بين من يستورد أو يجلب أو يصدر او ينتج او يصنع مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية أو سلائف كيميائية بقصد المتاجرة بها -في غير الأحوال التي أجازها القانون, وبين من يزرع ايا كانت مرحلة نمو نباتات تلك المواد والمتاجرة ببذورها, مع ان الاخير يعد عملاً تحضيرياً, وفي حال فرض العقاب عليه فيجب ان يكون بدرجة اخف من الاعدام او السجن المؤبد.
إذ يفترض التناسب الملائمة بين شق التجريم وشق العقاب في النص الخاص بشكل يكون فيه الاخير معبراً عن الضرورة الاجتماعية التي اوجبت تشريعه[54].
ويذهب رأي الى ان روح القانون تفترض لحظر زراعة تلك النباتات من أجل الاتجار بها قيام الجاني بزراعة كمية معينة على أرض مخصصة للزراعة، ومن غير الممكن قيام الجريمة على من غرس بضعة نباتات لاستعماله الشخصي، لان ذلك لا يشكل زراعة بالمعنى الحقيقي وان تكاليف تصنيعها سيفوق الربح المراد الحصول عليه من وراء عملية الاتجار[55]. ويجد الباحث ان عدم تعيين كمية المزروعات من قبل المشرع سيفضي الى سلطة تقدير واسعة للقائمين على تطبيق القانون, مما يتعارض مع اليقين اللازم لإجراء التناسب.
كما لم يميز القانون في التجريم والعقاب بين صور الاعتداء على الموظف او المكلف بخدمة عامة من القائمين على تنفيذ القانون على حسب المصلحة المعتبرة . بل ساوى بينها إذ عاقبت بالسجن المؤقت من اعتدى على موظف أو مكلف بخدمة عامة أو قاومهم بالقوة أو العنف أو السلاح أثناء تأدية وظيفته أو بسببها[56]. أي من يقوم بأفعال السب او القذف او التهديد يتساوى فعله مع من يمارس الايذاء الشديد او البسيط.
هذا ومن غير المناسب المساواة في العقاب بين من يرتكب جريمة تامة, وبين الشروع فيها والذي يمثل جريمة ناقصة إذ نص القانون على انه يعاقب على الشروع بارتكاب اي من الجرائم المعاقب عليها في هذا القانون بعقوبة الجريمة التامة[57]. إذ لا بد من التمييز في العقاب بين الشروع والجريمة التامة لاختلاف درجة جسامة الاعتداء[58]. ولعل ذلك يتعارض مع مبدأ التناسب الذي من مظاهره اعمال الضرورة انما يفترض مسبقاً اختيار الوسائل الأقل اثراً في تقييد الحرية[59].
ولعل بالحسبان ان القانون تعامل مع جرائم المخدرات والمؤثرات العقلية على انها جرائم شكلية, فارتكاب السلوك يكفي لقيامها[60]. لكن ذلك لا يعد سبب حتمي لعدم تصور الشروع فيها. فالفقه اختلف حول ذلك الى ثلاث اتجاهات : يميل الأول يميل الى إنكار تصور الشروع في جرائم الخطر بوجه عام لتخلف النتيجة الضارة التي يفترض انها من العناصر المكونة للشروع, بينما اتجه الثاني الى التمييز بين جرائم الخطر المجرد وفيه لا يتصور الشروع لأنه بمجرد ارتكاب السلوك تتعرض المصلحة للخطر, في حين يتصور الشروع جرائم الخطر الواقعي او الملموس الذي يلزم إثبات تعرض المصلحة للخطر كأثر لارتكاب السلوك. اما الاتجاه الثالث فيرى اذا كان الخطر يمثل بداية النتيجة الجرمية, فانه يتصور فيها الشروع؛ لان النتيجة كما تتحقق في صورة الإضرار الفعلي بالمصلحة فإنها تقف ايضاً عند حد تعريض هذه المصلحة للخطر[61]. مما يؤيده الباحث فمن يتسلم ايصال مالي من البائع قبل مرحلة الاستيراد يعد شروعاً للجريمة على الرغم من كون المواد لم تدخل الى العراق.
عاقب المشرع على الاشتراك في الجريمة سواء بالتحريض او الاتفاق او المساعدة او اية صورة اخرى للاشتراك بعقوبة الفاعل للجريمة[62]. ويجد الباحث انه من غير الممكن ادراج هكذا نص في قانون خاص, وكان من الافضل بالاكتفاء بأحكام قانون العقوبات العام رقم 111 لسنة 1969 المعدل الذي ساوى في العقاب من حيث المبدأ, ولكت ترك للقاضي سلطة التفريد العقابي على وفق الظروف الشخصية للجريمة.
حيث ان وسيلة التدخل, لكي تتصف بالقانونية, فانه يلزم ان تكون قادرة على تحقيق الغاية المتوخاة, وإلا فهي غير ملائمة, وفي حالة تعدد الوسائل فإن التناسب يتطلب اتباع الوسيلة الأقل تأثيراً في تقييد الحرية[63].
المطلب الثاني: عدم التناسب لصالح التخفيف
هناك مجموعة من الافعال التي عالجها المشرع الجنائي في القانون المذكور بشكل غير متناسب على سبيل التهاون في اثارة المسؤولية الجنائية قياساً بأفعال اخرى شدد فيها الاخيرة على الرغم من اهمية المصلحة.
إذ جعل المشرع العقاب اخف لمن يحوز او يحرز او يشتري او يبيع او يتملك نباتا مخدراً او مؤثرة على العقل (أي بهيئته الكاملة) او يسلمه او ينقله او يتسلمه بقصد الاتجار به ممن يزرع نباتات تلك المواد ايا كانت مرحلة نموها, إذ جعل عقوبته في المادة (27) السجن المؤبد او المؤقت والغرامة التي لا تقل عن عشرة ملايين دينار ولا تزيد على ثلاثين مليون دينار اذا ما كان النوع يندرج ضمن جدول رقم ( ١ ) من هذا القانون, وتكون العقوبة اخف اذا كان النوع ضمن الجداول الاخرى لتصل الى الحبس الشديد وبغرامة لا تقل عن خمسة ملايين دينار ولا تزيد عن عشرة ملايين دينار. بينما من يزرع نباتات تلك المواد ايا كانت مرحلة نموها بقصد الاتجار او يتاجر بالبذور تكون عقوبته الاعدام او السجن المؤبد استناداً الى المادة (28) من القانون. اذ تقع الجريمة بنثر البذور او تقليم الاشجار او استئصال النباتات الطفيلية التي تعيق الزراعة وسقيها, كما انها تقع حتى لو جفت الشجرة[64]. فلا يجوز من منطق التناسب فرض عقوبات تعسفية او غير متناسبة مع الفعل او الامتناع الآثم[65]. مع ان مراحل الزراعة تمثل اعمالاً تحضيرية .
كما تهاون القانون العراقي مع فئة الاطباء الذي عاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر, أو بغرامة لا تقل عن ثلاثة ملايين دينار ولا تزيد على خمسة ملايين دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين عند اقدام الطبيب على اعطاء وصفة لصرف مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية لغير أغراض العلاج الطبي مع علمه بذلك[66]. بينما عاقب الغير ممن يقدم للتعاطي مواد مخدرة او مؤثرة عقليا أو أسهم أو شجع على التعاطي بعقوبة السجن المؤبد او المؤقت[67]. على الرغم من كون الطبيب شخص مختص استغل وظيفته في اتمام الجريمة.
إذ ان الحديث عن التناسب يفرض توخي الدقة في إعمال مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، بالا تتضمن القاعدة الجرمية سوى العقوبات اللازمة، أي تلك المتناسبة مع خطورة الفعل، والمصلحة محل الحماية بقدر ما أصابها من اعتداء[68].
وانتقدت المادة (28/6) من القانون ايضاً؛ لكون عقوبتها غير متناسبة –التي تكون الحبس الشديد والغرامة التي لا تقل عن خمسة ملايين دينار ولا تتجاوز عشرة ملايين دينار- لمن يحوز أو يحرز أو يشتري أو يبيع أو يتملك موادا مخدرة أو مؤثرات عقلية أو سلائف كيميائية مدرجة ضمن الجدول الاخرى (فيما عدا رقم -1-) او يسلمها او ينقلها او يتنازل عنها او يصرفها او يتوسط في شيء من ذلك على الرغم من توفر القصد الخاص وهو المتاجرة[69].
مما تقدم يغلب على القانون محل البحث التشدد في التجريم من دون مراعاة اكمال طبيعة الجريمة ونوع الحيازة وكمية المادة محل الجريمة والتمييز بين بعض الافعال بحكم خطورتها بينما يتهاون مع افعال اخرى من دون مبرر . مما يتعارض مع مبدأ التناسب واتجاهات القضاء المستقرة حول ذلك. إذ سبق ان اكدت محكمة التمييز العراقية في قرار لها بانه «لا ينبغي ان تكون العقوبة هينة بحيث لا يؤبه بها، ولا تكن قاسية بغير مبرر ، اذ لا فائدة من عقوبة غير رادعة»[70].
مع العلم ان ولاية القضاء في النظام الديمقراطي كانت تتجه في بادئ الامر الى ممارسة رقابة المشروعية من خلال اثبات أن حقاً دستورياً قد انتهكه التشريع, لكن اضحت في الوقت الحاضر تتولى إثبات سعى القانون وراء تحقيق غرض مناسب وملائمة الوسائل المختارة مع الغرض والموازنة بين الفوائد والتكاليف مما يدعى بـ»التناسب بالمعنى الدقيق»[71].
الخاتمة
بعد اكمال دراسة موضوع(مبدأ التناسب في ضوء قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 50 لسنة 2017) تم الكشف عن نتائج ومقترحات عديدة يمكن بيانها على وفق ما يأتي:
اولاً: النتائج:
يعني التناسب في اطار القانون الجنائي « التوفيق بين المصالح في رسم القاعدة الجنائية بشقيها التجريمي والعقابي على اساس الضرورة السائدة وبما يحقق النفع العام».
يشكل التناسب الجنائي امتداد لمبدأ التناسب في القانون الدستوري الذي يفرض وجود علاقة منطقية بين شيئين على اساس التوازن النسبي بين قيم مختلفة ذي طابع متغير.
يميل الاتجاه المعاصر الى عدّ التناسب من المبادئ الدستورية الذي يجد اساسه في مبدأي سيادة القانون والعدالة, واحترام طبيعة الحقوق الأساسية, ويرتبط بشكل وثيق بمبدأ الشرعية الجزائية, وأمن الافراد القانوني.
تعد المادة (46) من دستور العراق لسنة 2005 اساساً لازماً لمراعاة التناسب من خلال عدم التعرض جوهر الحريات والحقوق العامة.
هناك عديد من الافعال التي جرمها قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 50 لسنة 2017 ضمن شق التكليف, ولكنها لا تتناسب مع درجة الخطر. إذ لم يميز بين انواع المواد المخدرة من حيث شدة تأثيرها على سلامة الجسد. كما لم يميز القانون في المادة (27) بين انواع المواد المخدرة والمؤثرات العقلية على حسب الجداول المرفقة بالقانون على غرار ما فعل في المادة (28/اولاً, ثالثاً, سادساً) سواء بالتجريم او العقاب.
لم يوازن القانون بين الفعل الاثم والعقاب مثال ذلك عدم التفريق بين صور الحيازة, وبين من يحوز كميات كبيرة وقليلة او يحرزها او يعلم بها, وكذلك بين الحائز والمحرز, وبين الزارع او الصانع على الرغم من امعان الاخير في الجريمة.
ساوى القانون في العقاب ايضاً بين من يستورد أو يجلب أو يصدر او ينتج او يصنع مواد مخدرة .. بقصد المتاجرة بها, وبين من يزرع ايا كانت مرحلة نمو نباتات تلك المواد والمتاجرة ببذورها, مع ان الاخير يعد عملاً تحضيرياً .
تهاون القانون في العقاب مع فئة الاطباء عند اقدامهم على اعطاء وصفة لصرف مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية لغير أغراض العلاج الطبي مع علمه بذلك
ساوى القانون في العقاب بين من يرتكب جريمة تامة, وبين الشروع في ارتكاب جرائم المخدرات والمؤثرات العقلية.
ثانياً: المقترحات:
من الضروري تفريد المسؤولية على وفق نوع المادة المخدرة وشدتها في الضرر الشخصي ولا سيما في مجال إعمال المادة (27) من القانون.
من الافضل الاخذ بعين الاعتبار كمية المادة محل الجريمة وتشديدها اذا ما تجاوزت اوزان معينة.
نقترح رسم العقاب على وفق صور الحيازة لتلك المواد وتدريجها بحسب ما اذا كانت عارضة او ناقصة او مؤقتة.
من المستحسن تشديد مسؤولية الزارع او الصانع للمواد لإمعانه في الجريمة قياساً بمسؤولية من يحوز كمية قليلة او يحرزها.
من الافضل التمييز في العقاب بين من يستورد أو يجلب أو يصدر او ينتج او يصنع تلك المواد بقصد المتاجرة بها, وبين من يسعى الى زراعتها وهو في مرحلة حيازة البذور او كانت بمرحلة النمو ولا سيما في مجال إعمال المادتين (27-28) من القانون.
ندعو الى تمييز المسؤولية الجنائية لمن يعتدي على موظف او مكلف بخدمة عامة بحسب صور الاعتداء فمن يقوم بأفعال السب او القذف لا يمكن ان يتساوى فعله مع من يمارس الايذاء الشديد او البسيط او التهديد
من الضروري تشديد مسؤولية الاطباء في المادة (31) من القانون الذين يقدمون على اعطاء وصفة لصرف مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية لغير أغراض العلاج الطبي مع علمهم بذلك.
نوصي بتخفيف العقاب على من يرتكب جريمة في مرحلة الشروع بالمقارنة مع من يرتكب جريمة تامة لاختلاف درجة جسامة الاعتداء.
[1] أ.د.احمد مختار عمر, معجم اللغة العربية المعاصر, م1, ط1, دار عالم الكتب, القاهرة, 2008, ص 2199.
[2]د.عماد فاضل ركاب, وزينب عبد الكاظم حسن, التناسب التشريعي بين التجريم والعقاب في قانون ضريبة الدخل العراقي , مجلة كلية الحقوق, جامعة النهرين, م 19, ع 1b, 2017, ص 184.
[3] عباس عبد الرزاق السعيدي, ضوابط استحداث النص الجزائي الخاص دراسة تحليلية مقارنة, المركز العربي للنشر والتوزيع, بيروت, 2018, ص 182-183.
[4] Ahmed Oudah Al-Dulaimi, From Negative to Positive Legislator? Response to Unconstitutional= =Legislative Omission As a Case Study in the Changing Roles of Constitutional Courts ,PhD Doctorate, School of Govt & Int Relations, Griffith Business School, Griffith University, Australia ,August 2018, p.42.
[5] د.عصام سعيد العبيدي, مبدأ التناسب كضابط لعملية تقييد الحقوق الدستورية, مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية , جامعة كركوك, م 8, ع 29, 2019, ص 243.
[6] د.عمار تركي عطية, ومحمد عبد الحسين شنان, الطبيعة المتغيرة للضرورة والتناسب في سياسة التجريم (دراسة مقارنة) , مجلة القانون للدراسات والبحوث القانونية, جامعة ذي قار, ع 16, 2018, ص 6.
[7] حسين جبر حسين الشويلي, الرقابة الدستورية على مبدأ التناسب , دراسة مقارنة , رسالة ماجستير, كلية القانون – الجامعة المستنصرية, بغداد 2008, ص32, 39.
[8] Ahmed Al-Dulaimi, op.cit, p.42.
[9] د.محمد زلايجي, مبدأ التناسب في سياسة التجريم, المجلة الالكترونية للأبحاث القانونية, ع 2, المغرب, 2018, ص 98. تاريخ الزيارة 6/11/2020, منشوره على الموقع الاتي:
https://drive.google.com/file/d/1qPRaGTxoWEstiILPipw5Ie2GPJjGjJI6/view?fbclid=IwAR2jynzTc0kO44BqZTuclgANJh5jRGqHly_TgutiGP5SqiEzD6HuRVmCZpo
[10] حسين جبر حسين الشويلي, المرجع السابق, ص 16.
[11] د. خليل عماد , إشكالية الحد من قوة إخلال الدولة بالحقوق الأساسية للأفراد مبدأ التناسب الألماني, المركز الديمقراطي العربي, 9 مايو 2020, بحث منشور على الموقع الاتي:
https://democraticac.de/?p=66234
[12] د.محمد زلايجي, المرجع السابق, ص 90.
[13] المرجع نفسه, ص 83.
[14] ابرار محمد حسين زينل, الموازنة بين المصلحة الخاصة والعامة في ضوء القانون الجنائي والدستوري , رسالة ماجستير , كلية القانون –جامعة البصرة, 2014, ص122, 123.
[15] د.محمد زلايجي, المرجع السابق, ص 83.
[16] ابرار محمد زينل, المرجع السابق, ص 125.
[17] د.عصام سعيد العبيدي, المرجع السابق, ص 243.
[18]د.محمد زلايجي, المرجع السابق, ص 83.
[19]د. خليل عماد , المرجع السابق(الانترنيت). جدير بالذكر ربط الفقه في العصر القديم فكرة القانون بتساوي الاعباء إذ نادى الفيلسوف ارسطو بالعدالة التوزيعية التي تقول بان ان يكون مقابل الاعباء العامة وجود عدالة في توزيع المزايا على الافراد بشكل متساوي نسبي, وفي العصر الوسيط اكد القديس توما الاكيوني على الدفاع الذاتي ومفادها بان يكون استعمال القوة مقدر بقدر الضرورة ومتناسب مع درجة الخطر . ينظر: د.عصام سعيد العبيدي, المرجع السابق, ص241- 242.
[20] عباس عبد الرزاق السعيدي, المرجع السابق, ص 184-185.
[21] Ariel L. Bendor and Tal Sela, How proportional is proportionality? International Journal of Constitutional Law , Oxford University Press and New York University School of Law,, Vol. 13 No. 2, 2015, pp.530, 532.
[22]عباس عبد الرزاق السعيدي, المرجع السابق, ص 184-185.
[23] Robert Alexy,Constitutional Rights and Proportionality, Revus Journal for Constitutional Theory and Philosophy of Law / Revija za ustavno teorijo in filozofijo prava, Ustavne pravice in sorazmernost, Klub Revus, 20 June 2014, p. 53.
[24] المادة (46) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005.
[25] عباس عبد الرزاق السعيدي, المرجع السابق, ص 178.
[26] قرار المحكمة الاتحادية العليا ذي العدد 65 في 22/6/2014. منشور على الموقع الرسمي للمحكمة:
https://www.iraqfsc.iq
[27] ابرار محمد حسين زينل, المرجع السابق, ص 43-44. وعرفت السياسة الجنائية بتعاريف متعددة منها أنها «اتجاه المشرع قبل النصوص القانونية والحاكم قبل قراراته والدولة قبل مبادراتها الاجتماعية اتجاهات مشتركة من حيث الهدف وهو إزالة ظاهرة الجريمة. وعرفها اخرون بأنها «نسق المعايير والتدابير التي يجابه بها مجتمع ما في مرحلة تاريخية معينة الظاهرة الإجرامية بحسبانها تجريداً قانونياً من ناحية, وحقيقة إنسانية من ناحية أخرى بغرض الوقاية منها ومكافحتها وعلاجها». ينظر : المرجع نفسه, الصفحة نفسها.
[28] د.دلشاد عبد الرحمن البريفكاني, مبدأ التناسب في القانون الجنائي دراسة مقارنة, دار الكتب القانونية, مصر, 2016, ص 268-269.
[29] د.محمد علي عبد الرضا عفلوك , الاساس القانوني للعقوبات الادارية, مجلة رسالة الحقوق, كليــة القانون – جامعــة= =كربــلاء, ع 3, 2015, تاريخ الزيارة 5/11/2020:
[30] سالم صابر, تأثير المسؤولية الجزائية على تقدير العقوبة, رسالة ماجستير, كلية الحقوق والعلوم السياسية, جامعة الحاج لخضر-باتنة, الجزائر, 2014, ص60, 63.
[31] د.محمد علي عبد الرضا عفلوك , المرجع السابق (الانترنيت).
[32] سالم صابر, المرجع السابق, ص68, 69, 71.
[33] د.محمد زلايجي, المرجع السابق, ص 92-95.
[34] سالم صابر, المرجع السابق, ص 56-57.
[35] Ariel L. Bendor and Tal Sela, op.cit, p.531.
[36] المادة (1/1) من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم (50) لسنة 2017.
[37] المادة (1/2) من القانون نفسه.
[38] محمد مرعي صعب ، جرائم المخدرات، مطبعة منشورات زين الحقوقية ، بيروت، لبنان، 2007، ص 49 – 50 ؛ د.موفق حماد عبد ، جرائم المخدرات دراسة فقهية قضائية مقارنة ، مطبعة مكتبة السنهوري ، بغداد ، 2013، ص18-23
[39] د. سمير عبد الغني ، مبادئ مكافحة المخدرات - الادمان والمكافحة، ط1، دار الكتب القانونية، مصر ،2009، ص 55- 56 .
[40] محمد مرعي صعب ، المرجع السابق، ص51 .
[41] د.وسام محمد خليفة ود.عمار رجب معيشر, السياسة الجنائية للمشرع العراقي لمواجهة جرائم المخدرات والمؤثرات العقلية في ضوء القانون رقم 50 لسنة 2017, مجلة العلوم القانونية والسياسية, كلية القانون والسياسة, جامعة ديالى, م 8, ع 2, 2019, ص 338.
[42] قادر احمد عبد الحسيني, مشكلة المخدرات وطرق معالجتها في القانون الجنائي الدولي دراسة مقارنة طبقاً للتشريع العراقي وتشريعات دول اخرى , مجلة كلية المأمون الجامعة, ع 16, بغداد 2010, ص 166.
[43] د. بالجيلالي خالد , ومبدأ الوسائل القانونية السليمة في القضاء الدستوري المقارن, مجلة البحوث في الحقوق والعلوم السياسية, جامعة ابن خلدون-تيارات, م 3, ع 06, الجزائر, 2017, ص 175.
[44] المادة (32) من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية العراقي.
[45] د. حاتم محمد صالح, الاطار القانوني لجريمة تعاطي المخدرات, مجلة المنصور, كلية المنصور الجامعة, ع 20(خاص), 2013, ص 74.
[46] عبد الحميد المنشاوي ومصطفى المنشاوي، جرائم المخدرات بين الشريعة والقانون ،ط3، مطبعة دار الجامعة ، مصر، 2009، ص 159 .
[47] محمد مرعي صعب ، المرجع السابق، ص 276 .
[48] The Scottish Consortium on Crime, making sens of drugs and crime drugs, Crime and Penal Policy, A Report of the Scottish Consortium on Crime & Criminal Justice, The Howard League for Penal Reform, Scotland, No posting date, p.12.
[49]د.محمد سليمان محمود , ود.اميل جبار محمود, دور التشريعات الوطنية والدولية لمكافحة المخدرات, مجلة الكوفة, مجلة الكوفة للعلوم القانونية والسياسية,ج1, ع 36, 2018, ص 76؛ د. موفق حماد عبد ، مرجع سابق ، ص199-200 .
[50] The Scottish Consortium on Crime, op.cit , p.11.
[51] رامي احمد كاظم الغالبي, المسؤولية الجنائية الناشئة عن التعامل بالمخدرات والمؤثرات العقلية , مجلة المفتش العام, وزارة الداخلية, م 1, 21, 2017 ص 99.
[52] المادة (1/7) من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية النافذ رقم 55 لسنة 2017.
[53] المادة (33/ثالثاً) من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية النافذ.
[54] عباس عبد الرزاق السعيدي, المرجع السابق, ص 199.
[55] نزيه نعيم شلال ، دعاوى المخدرات- دراسة مقارنة من خلال الفقه والاجتهاد ،ط1 ، مطبعة منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان ، 2004م ، ص40 .
[56]المادة (30/أولاً) من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية النافذ.
[57] المادة (35) من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية.
[58] د.دلشاد عبد الرحمن البريفكاني, المرجع السابق, ص 342.
[59] Robert Alexy, op.cit, p. 53.
[60]نور جودة جعيب فرهود, ونافع تكليف مجيد, جريمة استيراد وتصدير المخدرات والمؤثرات العقلية والسلائف الكيمائية بقصد المتاجرة دراسة مقارنة, مجلة كلية التربية الاساسية للعلوم التربوية والانسانية, جامعة بابل, ع47, 2020, ص 1304.
[61] د. عبد الباسط محمد سيف الحكيمي, النظرية العامة للجرائم ذات الخطر العام, ط1, الدار العلمية الدولية للنشر والتوزيع- دار الثقافة للنشر والتوزيع , الأردن, 2002, ص107-109.
[62] المادة (35) من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية الحالي.
[63] د. خليل عماد , المرجع السابق(الانترنيت).
[64]رامي احمد كاظم الغالبي, المرجع السابق , ص 98.
[65]د.دلشاد عبد الرحمن البريفكاني , المرجع السابق, ص 282.
[66] المادة (31) من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية النافذ.
[67] المادة (28/ثانياً) من القانون نفسه.
[68](د.عماد فاضل ركاب وآخرون, المرجع السابق, ص 184 هامش 7.
[69] د.محمد سليمان محمود وآخرون, المرجع السابق, ص 76.
[70] قرار محكمة التمييز ذي العدد (1636) في 28 /7/ 1971. مشار اليه في : د. فخري الحديثي, شرح قانون العقوبات القسم العام، مطبعة الزمان، بغداد1996، ص 373. مما نلحظه في القضاء المقارن كما في مصر اذ اكدت المحكمة الدستورية العليا في قرار لها بان «لا يجوز ان يكون الجزاء الجنائي بغيضاً او عاتياً وهو يكون كذلك اذا كان بربرياً او تعذيبياً او قمعياً او متصلاً لا يجوز تجريمها وكذلك اذا كان مجافياً بصورة ظاهرة للحدود التي يكون معها متناسباً مع الافعال= =التي اثمها المشرع بما يصادم الوعي او التقدير الخلقي لاوساط الناس في شأن ما ينبغي ان يكون حقاً وعدلاً على ضوء مختلف الظروف ليتمحض الجزاء عندئذ عن اهدار للمعايير التي التزمتها الامم المتحضرة في معاملتها للانسان..». ينظر: قرار المحكمة الدستورية العليا بالدعوى رقم 49 لسنة 17 قضائية «دستورية». مشار اليه في: د. عمار تركي عطية وآخرون, المرجع السابق, ص 6.
[71] Ahmed Oudah Al-Dulaimi, op.cit, p.43.