تاريخ التقديم 10/6/2023 تاريخ القبول 10/9/2023
حقوق الطباعة محفوظة لدى مجلة كلية القانون والعلوم السياسية في الجامعة العراقية
حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمؤلف
حقوق النشر محفوظة للناشر (كلية القانون والعلوم السياسية - الجامعة العراقية)
CC BY-NC-ND 4.0 DEED
Printing rights are reserved to the Journal of the College of Law and Political Science at Aliraqia University
Intellectual property rights are reserved to the author
Copyright reserved to the publisher (College of Law and Political Science - Aliraqia University)
Attribution – Non-Commercial – No Derives 4.0 International
For more information, please review the rights and license
أساليب التحري الخاصة في جرائم الفساد
وحجية الدليل المستمد عنها
Special investigative methods and
the authenticity of evidence derived from them in corruption crimes
أ.م. د محمد حميد عبد
الباحثة: مائدة حسين مجيد
الجامعة العراقية - كلية القانون والعلوم السياسية
Dr. Mohammed Hameed Abed
Maeda Hussein Majeed
AL-Iraqia University - College of Law and Political Science
Mhm6133@gmail.com
Maedaaltamimi89@gmail.com
المستخلص
أمام انتشار جرائم الفساد وارتكابها بتعقيد وتنظيم، لم تعد اساليب التحري وجمع الادلة التقليدية كافية و فعالة لمواجهتها، مما استدعى الأمر ضرورة اعتماد اجراءات حديثة تتماشى و الطرق الاجرامية المتبعة فيها، وتبعاً لذلك تضمنت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد اللجوء استثناءً إلى استخدام أساليب التحري الخاصة للكشف عن جرائم الفساد نظرا لترجيح المصلحة العامة على المصلحة الشخصية، إلا أن التوسع في هذه الإجراءات قد يؤدي إلى المساس بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية. ولقبول الأدلة المستمدة من أساليب التحري الخاصة للإدانة في جرائم الفساد، يجب ان تستند الى تشريعات وطنية تحدد ضوابط اللجوء اليها وشروطه وتنظم آثارها وحالات بطلانها ومن ثم بطلان الإجراءات وإهدار الأدلة المستمدة.
كلمات مفتاحية: جرائم الفساد، أساليب التحري، الاجراءات الجزائية، التحقيق.
Abstract
In the face of the prevalence of corruption offences and their complexity and organization, the methods of investigation and collection of traditional evidence are no longer sufficient and effective to counter them. This necessitated the need to adopt modern procedures in line with their criminal methods. and, accordingly, the United Nations Convention against Corruption includes an exception to the use of special investigative techniques to detect corruption offences because the public interest is weighed against the personal interest, However, the expansion of these procedures may compromise human rights and fundamental freedoms. In order to accept evidence derived from special investigative techniques for convictions for corruption offences, it must be based on national legislation that establishes the controls and conditions of recourse and regulates their effects and nullity, thereby nullifying proceedings and wasting evidence.
Keywords: corruption crimes, investigative techniques, criminal proceedings, investigation.
المقدمة
يعتبر الفساد من أصعب الجرائم فيما يتعلق بالتحري وجمع المعلومات والتحقيق فيها، فغالباً لا يوجد مسرح للجريمة ولا بصمة ولا شاهد عيان للمتابعة. إنها بطبيعتها جريمة سرية للغاية ويمكن أن تشمل فقط طرفين، لذلك لا يوجد حافز لكشف الحقيقة. وحتى لو كان هناك شهود، فهم غالبًا ما يكونون هم أنفسهم أطرافا في الفساد، ومن ثم تشوبهم مصداقية مشكوك فيها كما يمكن للمجرمين أن يكونوا محترفين مثل المحققين ويعرفون كيفية تغطية مساراتهم. يمكن أن يكون الجناة أيضا ذوي سلطة ويؤثرون في الأشخاص ذوي الصلة من الشهود والمبلغين وغيرهم من خلال الترهيب والعنف. لذا هناك ضرورة للجوء لأساليب التحري الخاصة للكشف عن هذه الجرائم وجمع الأدلة فيها.
مشكلة البحث:
تبنت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد إمكان اللجوء الى اساليب التحري الخاصة للكشف عن جرائم الفساد وهذا يثير اشكالية مدى إمكان اللجوء لهذه الأساليب في التحري عن هذه الجرائم في الدول المنضمة لهذه الاتفاقية ومنها العراق سيما ظل سكوت قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم 23 لسنة 1973 من جهة وانتشار هذه الجرائم من جهة اخرى.
أهمية البحث:
تكمن اهمية البحث في التعرف على أساليب التحري الخاصة التي تضمنتها اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد، وبيان ما يثيره هذا الموضوع من خلاف في الفقه والقانون حول مشروعيتها وذلك ضمانا لحرمة الحياة الخاصة وامكان استخدام أساليب التحري في الإثبات الجنائي و لاسيما في الجرائم التي ترتكب بأساليب حديثة والتي تعجز الوسائل التقليدية عن إثباتها مثل جرائم الفساد. إذ ستركز الدراسة على مشروعية تلك الأساليب وحجيتها. وتبرز أهمية البحث, بعدم تناولها في القوانين الإجرائية بنصوص صريحة.
أهداف البحث:
يهدف البحث الى بيان إمكان اللجوء الى أساليب التحري الخاصة في الكشف عن الجرائم بصورة عامة وجرائم الفساد خاصة ومدى قبول الأدلة المستمدة منها في الاثبات. كما يهدف البحث لاستخلاص أهم الضوابط الواجبة لمشروعية الأساليب الخاصة في التحري والتي تؤدي الى قبول الدليل المستمد منها في الإثبات الجنائي
فرضية البحث:
يفترض البحث إن اللجوء الى أساليب التحري الخاصة للتحري وجمع الادلة في جرائم الفساد يعد مساس بالحياة الخاصة ومخالفة للدستور لذا لا بد من اتخاذها بناءً على القانون وبموجب قرار قضائي. إلا أن اللجوء لهذه الأسليب تعد من متطلبات اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد مما يعني ضرورة النص عليها لتنسجم القوانين الإجرائية مع هذه الاتفاقية.
منهجية البحث :
سنتبع في هذا البحث الأسلوب التحليلي المقارن للقوانين الجنائية، إلى جانب مواقف الفقه والقضاء للوصول الى تأصيل علمي لموضوع البحث والإجابة عن التساؤلات المطروحة في ثناياه.
خطة البحث:
بغية الإلمام بدور أساليب التحري الخاصة في الإجراءات الجزائية في جرائم الفساد، سنبين الأساليب التي وردت في الاتفاقية في المبحث الاول وفي المبحث الثاني سنبين حجية الدليل المستمد منها وموقف التشريعات منها.
المبحث الأول
أساليب التحري الخاصة الواردة
في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد
نصت الاتفاقيات الدولية على الأخذ بأساليب تحري خاصة تفرضها طبيعة بعض الجرائم العابرة للحدود منها جرائم الفساد[1]. إلا انها لم تضع تعريفاً محدداً لها رغم أهميتها، وكذا الحال في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد فلم تعرف هذه الأساليب عدا أسلوب التسليم المراقب فقد عرفته بالنظر لطابعه الدولي، اما بقية الأساليب فتركت تعريفها لتقدير كل دولة وفقا لنظامها الداخلي ومبادئها الأساسية.
وقد عرف الفقه أساليب التحري والتحقيق الخاصة بانها الأساليب التي تطبقها السلطات المعنية بالإجراءات الجزائية من اجل الكشف عن الجرائم والمشتبه بهم، وبهدف جمع المعلومات بطريقة لا تنبه الأشخاص المستهدفين (المشتبه بهم)، وبما أنها تعد من الاجراءات التي تمس حقوق المواطنين وحرياتهم فإنها يجب أن تطبق بشروط ومتطلبات صارمة[2]. وقد سميت بألاساليب الخاصة لأن استخدامها فيه مساس بالخصوصية، فيكون التحري غير مقصور على التنصت بالأذن والرؤية بالعين المجردة، فأمام قدرة الأجهزة الحديثة على التقاط ونقل ما يدور بين الناس عن بعد وبسهولة، أصبحت هذه الأساليب انتهاك للحرية الشخصية إذا ما أُجريت بدون ضوابط[3].
أشارت المادة (٥٠) من الاتفاقية الى اتخاذ الدول الأطراف التدابير التي تسمح باستخدام أساليب تحري خاصة مناسبة للكشف عن جرائم الفساد وقبول المحاكم للأدلة المتحصلة عن طريقها[4]. ويعد استخدام هذه الأساليب من المقتضيات الإلزامية التي وردت في الاتفاقية وذلك لتحقيق مكافحة فعالة لجرائم الفساد طالما كانت غير مخالفة للمبادئ الأساسية للنظام القانوني الداخلي للدولة، فإن الأخذ بهذه الأساليب مفيد للتعامل مع جماعات إجرامية منظمة محنكة بشكل خاص وذلك بسبب الأخطار والصعوبات التي تلازم كشف عملياتها والوصول لها، وجمع المعلومات والأدلة لاستخدمها في الملاحقة القضائية، ففي حالات كثيرة لا تجدي الإجراءات الجزائية التقليدية، أو لا يمكن تنفيذها دون تعريض القائمين بها لأخطار غير مقبولة[5].
وقد عالجت الاتفاقية هذه الأساليب ضمن الفصل الرابع والمتعلق بأحكام التعاون الدولي لمكافحة جرائم الفساد التي دعت خلاله الاتفاقية الدول الأطراف في أن تقدم المساعدة لبعضها البعض متى ما كان هذا مناسباً لنظامها القانوني الداخلي ، لذا فقد شجعت الاتفاقية الدول الأطراف على ابرام اتفاقيات ثنائية او متعددة مناسبة لاستخدام أساليب التحري الخاصة على مستوى التعاون الدولي، وفي حالة عدم ابرام مثل هذه الاتفاقيات فيتم اتخاذ القرارات المتعلقة باستخدام هذه الأساليب حسب الحالة وحسب الولاية القضائية للدول[6]. وجدير بالذكر أن الاتفاقية ذكرت أساليب التحري الخاصة[7]، على سبيل الحصر وذلك كونها قد نصت على صور محددة بقولها (إجراء تحريات تتعلق بالجرائم المشمولة بالاتفاقية)، وأن التعداد الوارد في الاتفاقية يبدو حصرياً، خلافا ما نصت عليه في مواد أخرى إذ حرصت فيها على استبعاد الطابع الحصري كقولها “مثل” أو “وعلى وجه الخصوص”[8]. وأن أساليب التحري الخاصة التي أوردتها الاتفاقية هي التسليم المراقب والترصد الالكتروني وغيره من أشكال الترصد، والعمليات السرية.
المطلب الأول: التسليم المراقب
يعد التسليم المراقب أهم أساليب التحري الخاصة التي استحدثت لمواجهة الجرائم المنظمة وقد ورد مصطلح التسليم المراقب لأول مرة في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الإتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية لعام 1988 [9].
أما اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد فقد نصت عليه وعرفته بأنه (السماح لشحنات غير مشروعة أو مشبوهة بالخروج من إقليم دولة أو أكثر أو المرور عبره أو دخوله بعلم من سلطاتها المعنية وتحت مراقبتها، بغية التحري عن جرم ما وكشف هوية الأشخاص الضالعين في ارتكابه)[10] وقد عُرف فقهيا بأنه (السماح لشحنة من المواد غير المشروعة بالدخول أو الخروج أو العبور لإقليم دولة أو أكثر، وبعلم السلطات المختصة في تلك الدول، وتحت الرقابة المستمرة للأجهزة المعنية بها بقصد التعرف على وجهتها النهائية، لضبط العناصر الرئيسية القائمة بهذا النشاط الاجرامي وضبط أكبر عدد من الجناة المتصلين بها)[11].
هذا ويمكن استخدام أسلوب التسليم داخل الدولة أو خارجها، فوفق التسليم المراقب الداخلي يتم اكتشاف وجود شحنة تحمل أموال غير مشروعة ويتم متابعتها عند نقلها من مكان إلى آخر داخل الدولة ويتم التعرف على المجرمين، أما التسليم المراقب الخارجي فيقع عندما تكون هناك شحنة غير مشروعة ستهرب من دولة إلى أخرى مباشرة أو عن طريق دولة ثالثة وكان يمكن ضبط الشحنة وناقليها في أية مرحلة من مراحل عملية التهريب عبر الدول الثلاث الأطراف، ولكن يجري الاتفاق بين السلطات المختصة في هذه الدول على أن يتم الضبط في الدولة التي تتوافر فيها عوامل السيطرة والأمن للشحنة وناقلها، ويمكن أن يضبط على إقليمها أكبر عدد ممكن من أعضاء شبكة التهريب القائمة بهذه العملية، لاسيما الرؤوس المدبرة أو الممولة أو أن يتم الضبط في الدولة التي يسهل فيها توافر الأدلة القانونية اللازمة لإدانتهم أمام القضاء، أو تكون تشريعاتها العقابية هي الأشد صرامة بين الدول الثلاث[12].
وتكمن أهمية استخدام أسلوب التسليم المراقب في قضايا غسل الأموال صالح للاستخدام في قضايا غسل الأموال التي تتضمن شحنات أو صفقات أموال يشتبه في كونها عائدات جريمة سواء على المستوى الوطني أو الدولي، ويعد وسيلة فعالة في الحالات التي تتطلب إجراء تحريات خاصة، وتساعد في الكشف عن أكبر عدد ممكن من الأشخاص المتورطين والتوصل بصفة خاصة إلى المستويات العليا من المجرمين والمستفيدين من الأموال وجمع الأدلة اللازمة لإدانتهم. ويساعد هذا الأسلوب على مكافحة أنشطة غسل الأموال على المستوى الدولي حيث يتيح هذا الأسلوب الحصول على المعلومات الخاصة بعقد الصفقات الدولية كما يتيح هذا الأسلوب توفير المعلومات اللازمة الخاصة بالاتجاهات الرئيسية للتدفقات الدولية للأموال غير المشروعة والتعرف على البلدان المستهدفة أو الأكثر تعرضاً لاختراق غاسلي الأموال لنظمها القانونية والمالية، ويتعين بذلك تشجيع استخدام هذا الاسلوب واتخاذ التدابير الملائمة لإزالة العقبات القائمة في النظم القانونية التي تحول دون استخدام هذا الأسلوب، والعمل على توفير المتطلبات القانونية الضرورية لإعماله بما في ذلك الإذن القضائي اللازم لتنظيم وإدارة هذه العمليات[13].
أما فيما يخص الطبيعة القانونية للتسليم المراقب فالعبرة تكون في المرحلة من الإجراءات التي يتخذ التسليم المراقب تنفيذاً لها، والجهة المنفذة له، فيكون اجراء من إجراءات التحري إذا كانت الجهة المنفذة هي أعضاء الضبط القضائي، ويعد من أعمال التحقيق إذا أتخذ من سلطة قضائية في مرحلة التحقيق، إلا أن أغلب التشريعات[14] التي نظمت التسليم المراقب تتطلب الحصول على إذن مسبق من القضاء مما يسبغ عليه الصفة القضائية[15].
المطلب الثاني: الترصد الإلكتروني وغيره من أشكال الترصد
من اكثر الطرق فاعلية في إثبات جريمة ما، هي كلمات الجاني نفسه وبذلك تولت جهات إنفاذ القانون في جميع أنحاء العالم سنوات عديدة في التطوير تقنيات اعتراض الاتصالات بين المجرمين واستخدمت النتائج كدليل لتجريمهم في الإجراءات الجنائية[16].
وعُرف الترصد الالكتروني بأنه استخدام اجهزة التنصت او اعتراض الاتصالات الهاتفية او تلك التي عن طريق الانترنيت او اجهزة اللاسلكي او البريد الالكتروني وغيرها لجمع المعلومات والادلة، ويلجأ الى هذه الاساليب عندما يتعذر اختراق المجرمين والمجاميع الاجرامية، او عندما يشكل التسلل او المراقبة الجسدية خطرا على التحريات او على القائمين بها، وعادة تكون المراقبة الالكترونية بحكم طبيعتها خاضعة لسيطرة قضائية صارمة ولضوابط قانونية عديدة لمنع اساءة استخدامها[17].
ان التطور السريع لتقنية الاتصالات شكل تهديداً لكشف جرائم الفساد إذ يمكن إجراء المفاوضات دون تواصل مباشر وشخصي وذلك عن طريق البريد الإلكتروني أو الهاتف وبدون ترك أثر، كما يمكن استخدام الخدمات المصرفية عن طريق تحويل الاموال الى حسابات خارجية بدون استخدام وثائق ورقية وذلك عن طريق سجلات الكترونية محمية بكلمات مرور قوية، بل وقد يتم توظيف متسللين محترفين لاقتحام الأجهزة التقنية لجهات مكافحة الفساد لمعرفة مدى تطور التحقيقات وتحييد جهود مكافحة الفساد، كل هذا يتطلب الافادة من الأساليب التقنية واستخدام الترصد الالكتروني وغيره لدعم اليات الكشف عن جرائم الفساد والتحقيق فيها فيتعين ان تتمكن جهات انفاذ القانون من اعتراض جميع انواع الاتصالات واستخدام تقنية تحديد صوت المتحدث وعمليات أنظمة الكمبيوتر لتحقق هذه التقنيات فرقاً كبيراً في التحقيق في جرائم الفساد[18].
وان أسلوب الترصد المشار إليه في الاتفاقية يتضمن الترصد الالكتروني الى جانب الترصد الشخصي، ويعد الترصد الإلكتروني أداة قوية في أيدي سلطات التحقيق إلا أنه قد يؤدي إلى التوسع في استخدام أجهزة التنصت واعتراض المكالمات الهاتفية أو رسائل البريد الإلكتروني واستخدام أجهزة التتبع كما قد يستخدم من قبل أشخاص لا علاقة لهم بسلطة التحقيق بذلك فهو يعد أسلوب اقتحامي. أما الترصد الشخصي والمراقبة فهو في الغالب أقل اقتحامية من الترصد الإلكتروني ويشمل وضع المشتبه فيه تحت المراقبة الشخصية أو تعقبه وتصويره فيدوياً، وقد يشمل أيضاً مراقبة حسابات مصرفية أو حتى مراقبة المعاملات[19].
أما ما يخص طبيعة الترصد المتمثل بالتنصت على المحادثات وتسجيلها فيرى أغلب الفقهاء[20] انها نوعاً من التفتيش إذ يتم وفقها ضبط بعض الأسرار من مستودعها، ومع تطور التكنلوجيا قد ميز جانب آخر من الفقه بين المحادثات الهاتفية والمحادثات الإلكترونية؛ فالتنصت على المحادثات الالكترونية وتسجيلها ممكن أن تحصل بتفتيش الكمبيوتر ذاته، فأصبحت التشريعات الحديثة تجيز تفتيش الأجهزة الالكترونية لضبط المعلومات المتواجدة فيها بما فيها تسجيلات المحادثات إلا أن الطبيعة المعنوية للمعلومات تفترض قواعد خاصة للتفتيش تتمشى مع تلك الطبيعة وتتميز بأن تكون أقل صرامة من تلك القواعد المٌعّدة للتنصت على المحادثات المباشرة والهاتفية وتسجيلها كون الأخيرة تحصل أثناء حدوث تلك المحادثات[21]. والى جانب هذا الرأي هناك من يرى أن التنصت على المحادثات الالكترونية لا يمكن عدَه نوعاً من التفتيش كونه يرد فقط على البيانات الالكترونية المتحركة التي تتجسد بالاتصالات الالكترونية حال إجرائها دون التي انتهت وخزنت في حين أن التفتيش يرد فقط على البيانات الالكترونية الساكنة أو المخزنة التي تتجسد هنا بالاتصالات الالكترونية التي تمت وخزنت[22].ويرى جانب من الفقه أن المحادثات الهاتفية تدخل ضمن نطاق المراسلات وما هي إلا رسائل شفوية وأن التنصت عليها هو نوع من الاطلاع على الرسائل[23]
من جانب آخر يرى آخرون بأن الترصد يعد وسيلة للبدء في اتخاذ سائر إجراءات جمع الاستدلالات والاستخبارات المؤدية للكشف عن الحدث الإجرامي لأنَّ الإجراءات الموصلة له غير محصورة في القانون[24] إلا أن الأصل أن القائمين بأعمال الاستدلال وجمع الأدلة لا يملكون ممارسة رقابة المحادثات لكونها من اجراءات التحقيق لا من اجراءات الاستدلال ويجب عليهم الرجوع الى الجهة صاحبة الولاية العامة في التحقيق الابتدائي، أما التسجيلات الصوتية للمحادثات فيجوز ضبطها والاطلاع عليها من قبل القائمين بأعمال التحري وجمع الأدلة[25].
ونرى ان اعمال الترصد الإلكتروني وغيرها تعد إجراءات جزائية من نوع خاص وذلك كونها تمس الحرية الشخصية والحياة الخاصة، وهذا يستلزم التدخل التشريعي لسن نصوص إجرائية تنظم اللجوء الى هذه الإجراءات مبينة ضوابطها.
المطلب الثالث: العمليات السرية
تعرف العمليات السرية[26] بـأنها تسلل موظف عامل في أحد اجهزة انفاذ القانون او شخص اخر الى داخل منظمة اجرامية من اجل جمع الأدلة وكشف جرائمها[27].
وقد عُرفت بأنها عبارة عن تحقيق يتضمن سلسلة من الأنشطة السرية ذات الصلة بواسطة موظف سري على مدار فترة زمنية، وعادة ما تكون هذه الفترة هي الإطار الزمني التي يستغرقها التحقيق[28]. كما تعرف بأنها أنشطة التحقيق التي تنطوي على استخدام اسم مفترض من قبل موظف متخفي خلال فترة قد تستغرق مدة قصيرة تستمر لبضع ساعات فقط وقد تكون طويلة جدا وتستمر لبضع سنوات. قد يكون موجهاً إلى حادثة جريمة واحدة فقط، أو مشروع إجرامي طويل الأمد من خلال هذه العمليات السرية. وبموجبها يستطيع أفراد إنفاذ القانون التسلل إلى أعلى مستويات جماعات الجريمة المنظمة من خلال التظاهر بأنهم من المجرمين عندما يناقش المجرمون الحقيقيون خططهم ويلتمسون المساعدة في ارتكاب الجرائم[29] .
وإن العمليات السرية تعد أسلوب قيم في الحالات التي يصعب فيها جداً التوصل إلى كشف أفعال الفساد بالوسائل التقليدية، سواء كانت تشمل عملية استدراجية أم لا. ويكون الهدف من هذه العمليات هو الاتصال مع الفاسدين حتى يستطيع العملاء السريون مشاهدة ممارسات الفساد وكشفها. وبالتالي تكوين شهادة يدلي بها العميل السري سواء كان شرطياً سرياً أو متآمر وتعد هذه الشهادة مرتكزاً حيوياً في إنجاح العملية. كما أن الادلة القاطعة التي تنتج عن هذه العمليات تؤدي في كثير من الأحيان الى ان يقدم المتهمين عروض بالتعاون والادلاء باعترافاتهم بارتكاب الجريمة مما يغني عمليات المقاضاة طويلة الأمد باهظة التكاليف[30].
ومن حيث الطبيعة القانونية للعمليات السرية فمن نتائج التجربة الأميركية له تعد أسلوب استقصائي من اجل الحصول على أدلة قابلة للملاحقة القضائية تحول دون الاعتماد على وقوع حدث إجرامي فعلاً والحصول على أدلة قابلة للملاحقة القضائية من خلال رد الفعل لهذا الحدث، وبذلك فهي أداة استباقية قوية للحصول على الأدلة المذكورة واختيار توقيت نشاط التحقيق، بل أن اللجوء للعمليات السرية يكون قبل أمر التنصت والمراقبة الإلكترونية الذي يكون بأمر المحكمة، اما العمليات السرية فتكون أكثر فاعلية يتم اللجوء اليها من قبل هيئات التحقيق قبل استنفاذ أساليب التنصت والمراقبة وهذا يعود الى منهجية وطبيعة كل أسلوب، فالمراقبة الإلكترونية هي (الانتظار والترقب) في حين أن العمليات السرية هي (انظر وافعل)[31].
إلا أنه وفق مفهوم الاتفاقية تتراوح العمليات السرية من الممارسات الروتينية، مثل عرض عميل سري رشوة على الموظف، إلى خطط أكثر تعقيداً وأطول مدة تتسم بالتطور في استخدام أساليب التحري الخاصة وتعتمد على أساليب ابتكارية (مثل خلق شركة استيراد أو تصدير). إلا أنه مع ذلك من المرجح أن تنشأ إشكاليات في بعض الدول الأطراف فيما يتعلق بمشروعية استخدام عملاء سريين وعمليات الاستدراج، مثل ارتكاب عناصر الشرطة لأعمال إجرامية (مثل عرض رشوة)[32].
المبحث الثاني
حجية الأدلة المستمدة
من أساليب التحري الخاصة وموقف التشريعات منها
لقد عانت البشرية (ولقرون عديدة) من استخدام التعذيب على أنه تقنية التحقيق لانتزاع اعترافات من المتهمين، أما في الوقت الحاضر تعد هذه الأساليب قاسية وتؤدي إلى نتائج غير عادلة وغير إنسانية، وبالتالي تم إقرار مبدأ افتراض البراءة للمتهمين لضمان محاكمة عادلة، اما الإدانة فتحتاج الى اثبات في الإجراءات الجنائية ، وهذا ما دعا جهات انفاذ القانون الى استخدام أساليب التحقيق التقليدية (البحث والمقابلات والمصادرة) إلا أن هذه الأساليب لم تعد فعالة لمواجهة الجرائم المعقدة، مثل الجريمة المنظمة وبضمنها جرائم الفساد، وقد كانت أساليب التحري الخاصة تستخدم بدون دعم قانوني لمواجهة هذه الجرائم وقد كانت تدابير فعالة، إلى أن جاءت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة التي اعترفت بهذه الأساليب ودعمت استخدامها، إلا أن استخدام هذه الأساليب على المستوى الداخلي للدول يتطلب تطوير الآليات القانونية الوطنية كونها أسليب تمس حقوق الأنسان وحريته[33].
المطلب الأول: حجية الأدلة المستمدة من أساليب التحري الخاصة
بعد أن أوردت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد أساليب التحري الخاصة، بينت انه من أجل تنفيذ هذا الحكم، يجب على الدول الأطراف أن تكفل قبول أدلة الإثبات التي جمعت بواسطة هذه الأساليب، وقد يحتاج ذلك إلى سن تشريعات[34].
لقبول الأدلة التي تستمد من إجراءات تحري أو تحقيق خاصة يجب أن تتقيد إجراءات التحري بحدود قانونية من الناحية الشكلية تنأى بها عن البطلان وهذه الحدود هي شرعية الوسيلة وشرعية الهدف أو الغاية من التحريات؛ وهذا ما يتطلبه مبدأ حرية الإثبات في المسائل الجنائية المكفول لكل أطراف الخصومة الجنائية، غير أن إعمال هذه الحرية لا يكون بدون ضوابط، وانما مقيد بضـرورة مطابقته للقانون، ففيما يخص شرعية وسيلة التحري فأمام عدم تحديد غالبية التشريعات لإجراءات التحري والاستدلال على وجه الحصر فإن أهم ما يجب أن تتقيد به هو عم اعتداءها على الحرية الشخصية وأن لا يتعارض مع المبادئ ذات الصلة بالإجراءات الجزائية، أما شرعية الهدف فتتطلب أن يكون الاجراء متناسباً مع درجة الخطورة التي تكشف عنها التحريات، وان تكون هناك فائدة عملية من اتخاذ ما وأن يتخذ بحسن نية لكشف الحقيقة[35]. وإن كانت سلطة المحقق في اختيار الإجراء الذي يرى ضرورة في اتخاذه للبحث عن الحقيقة مقيدة بمبدأ مشروعية الإجراء وبالتالي فإن كل إجراء محظور في القانون لا يجوز للمحقق مباشرته ولو كان مفيدا في كشف الحقيقة وإلا كان إجراؤه باطلا لعدم المشروعية[36].
وإن أساليب التحري الخاصة قد تتعارض مع كل من حق الخصوصية، والحق في محاكمة عادلة إذا اتبعت بدون ضوابط. إذ ترى المحكمة الأوروبية لحقوق الانسان أن المراقبة السرية والتنصت على الاتصالات ينتهك الحق في الخصوصية إذا لم تتوفر أسباب جدية تستند إلى اشتباه معقول في أن الشخص المراد مراقبته متورط في نشاط إجرامي خطير، ويجب أن يؤخذ كأساس للترخيص بهذا الإجراء على ان يستوفي شروط عامة تبرر منها يجب استيفاء الشروط العامة وهي تحديد القانون الجرائم التي يسمح التنصت في إجراءات مواجهتها، وبيان الأشخاص الذين سيخضعون لهذا الاجراء، وتحديد مدة التنصت والمراقبة، وبيان الإجراءات الواجب اتخاذها اثناء التنصت لتدقيق وتوصيل البيانات بالحفاظ على سريتها، وتحديد حالات محو البيانات والتسجيلات الناتجة من الإجراء، كما أن جهات انفاذ القانون تلجأ بشكل متزايد للعملاء السريين والمخبرين والعمليات السرية لأداء مهامها في مواجهة الجريمة المنظمة والفساد، على الرغم من أن أسليب التحري الخاصة لاسيما الاساليب السرية تنتهك الحق في محاكمة عادلة إذا لم يكن الاستخدام ضمن حدود واضحة[37].
كما أن أساليب التحري الخاصة سيما التسليم المراقب والعمليات السرية قد تنطوي على التحريض على ارتكاب الجريمة. فلا يحق تحريض الأفراد من قبل سلطات التحري على ارتكاب الجريمة أو تشجيعهم على ذلك من أجل الايقاع بهم وضبطهم متلبسين بها، ويعد غير مقبول بما يصمه بعدم المشروعية. إذ ليس من وظيفة سلطات انفاذ القانون أن تتدخل عن طريق شخص تابع لها لتدفع إلى الجريمة بينما هي مكلفة بأن تمنع من الجريمة والحد من خطرها، ولا يمكن تبرير هذا الاسلوب بأنه ناجح للكشف عن الجرائم التي ترتكب في الخفاء مما يصعب الكشف عنها باتباع أساليب البحث التقليدية، إذ أن كل الجرائم ترتكب في الخفاء وللمجني عليه وأي فرد أن يبلغ عن الجريمة بعد وقوعها وبعد ذلك تباشر إجراءات التحري، فمن المسلم به قانونا أن مهمة المختصين بأعمال التحري لا تبدأ إلا بعد وقوع الجريمة، أما أن التحريض على الجريمة إنما هو عمل فيه مساهمة في الجريمة ولا يعتبر مشروعا، ومن ثم لا يجوز الاستناد إلى ما يستمد عنه من أدلة، فالفرض هنا أن القائم بالعملية السرية هو الذي بث فكرة الجريمة في ذهن الجاني أي حرض على ارتكابها ولم يقتصر دوره على مجرد الكشف عنها أو حتى تشجيعه على ارتكاب الجريمة التي تدور في فكر الجاني، والرأي الغالب فقهاً أنه متى ما تم تحريض الجاني على ارتكاب جريمة فان من حرض مسئولا جنائياً بوصفة شريكاً، ولا يصلح عذراً ان يدعي بأنه حرض على الجريمة لباعث شريف وهو ضبط مرتكبيها لأنه لا دخل للباعث فـي وقوع الجريمة[38]. فلا ينبغي الخلط بين الاستعداد والقصد أو القصد الجنائي: قد يكون لدى الشخص النية المطلوبة لارتكاب الجريمة بعد الإيقاع به من قبل سلطات التحري ، وقد يكون الاستعداد موجودا حتى في حالة عدم وجود تورط إجرامي مسبق وفق ما يسمى (ارتكاب الفعل الإجرامي الجاهز) عندما يقبل المشتبه به عرض العميل السري على الفور وفي بعض القضايا في تجربة الولايات المتحدة الامريكية تنهض النظرية القائلة بأن « عملاء الحكومة قد ينتجون تصميما إجراميا، ويزرعون في ذهن شخص بريء التصرف لارتكاب عمل إجرامي، ثم يحرضون على ارتكاب الجريمة حتى تتمكن الحكومة من مقاضاته. وإذا ما تم رد هذا الادعاء من قبل المدعين العامين فسوف تتعزز الأدلة المستمدة من العمليات السرية وتزداد حالات اللجوء اليها في التحري والتحقيق، وان مكتب التحقيقات الفيدرالي عندما يلجا الى العمليات السرية سيلجأ الى التنسيق مع المدعين العامين لممارسة السلطة التقديرية فيما إذا كانت من مصلحة استحصال الأدلة من العمليات السرية[39].
لكل ما تقدم ولقبول الأدلة المستمدة من أساليب التحري الخاصة للإدانة في جرائم الفساد، يجب ان تستند الأساليب الى تشريعات وطنية تحدد ضوابط اللجوء اليها وشروطه وتنظم آثارها وحالات بطلانها ومن ثم بطلان الإجراءات وإهدار الأدلة المستمدة.
المطلب الثاني: موقف التشريعات من أساليب التحري الخاصة
لبيان مدى تطبيق الدول الأطراف لأحكام الاتفاقية المتعلقة بالأساليب الخاصة في التحري سنبين موقف الدول حسب ما تم بيانه عند استعراض تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
الفرع الأول: موقف تشريعات الدول الأنجلوأمريكية
في الولايات المتحدة الأمريكية غالبًا ما يتم استخدام مثل هذه الأساليب الخاصة من قبل جهات إنفاذ القانون في الولايات المتحدة في القضايا المحلية، وقد تم تضمين القواعد الفيدرالية للإجراءات الجنائية المراقبة الإلكترونية بما في ذلك اعتراض الاتصالات السلكية والإلكترونية والشفوية. ومن الثابت أيضاً أن عمليات التسليم المراقب بموجب التعديل الرابع لدستور الولايات المتحدة القواعد المذكورة[40] ويتم إجراؤها بشكل روتيني وقانوني من قبل سلطات إنفاذ القانون في الولايات المتحدة[41].
أما المملكة المتحدة فإن قانون تنظيم سلطات التحقيق لعام 2000 يعالج تدابير المراقبة السرية والعمليات السرية الاستخباراتية في جميع انحاء المملكة، ولا يوجد حظر على الأدلة التي يتم الحصول عليها من خلال استخدام هذه الأساليب إلا أنها تتطلب حماية اسرار الحياة الخاصة من الإفشاء وفقا لتقدير القاضي، مع مراعاة الضرورة والتناسب[42].
أما القانون السنغافوري فلا يفرض قيودا على ممارسة الوكالات المعنية بإنفاذ القانون لطائفة واسعة من أساليب التحري مثل التسليم المراقب، والمراقبة المستمرة، والعمليات السرية، وفقا لما يناسب ظروف كل حالة على حدة، ووفقا لإجراءاتها الداخلية ومبادئها التوجيهية[43].
الفرع الثاني: موقف تشريعات الدول ذات النظام اللاتيني
وفي فرنسا تم تشريع قانون رقم 204 لسنة 2004 الخاص بتكييف العدالة مع تطورات الجريمة وذلك لينسجم مع تطورات الجريمة والالتزامات الدولية لمواجهة هذه الجرائم[44]. فيجوز الاستعانة ببعض التقنيات الخاصة للتحقيق والملاحقة القضائية والمحاكمة على جرائم الفساد والمتاجرة بالنفوذ التي يرتكبها موظفون عموميون أو تُرتكب بواسطتهم. وتتضمّن هذه التقنيات المراقبة والتجسس واعتراض المراسلات بواسطة الاتصالات السلكية واللاسلكية واستعمال تكنولوجيا الكشف بالصوت والصورة المركبة في بعض الأماكن أو المركبات وينص القانون أيضاً على إمكانية الاستعانة بالمراقبة في جرائم غسل الأموال والإخفاء على يد مجموعات منظمة[45].
وفي مصر وفيما يتعلق بجرائم الفساد يمكن استخدام أسلوب التسليم المراقب والعمليات السرية، كما يمكن مراقبة الاتصالات وتسجيل الأحاديث، وذلك بعد الحصول على إذن بذلك من قاضي التحقيق[46] وذلك بناءً على قانون الإجراءات الجنائية[47]. ويجـوز لهيئة الرقابة الإدارية أن تجرى التحريات والمراقبة السرية بوسائلها الفنية المختلفة كلما رأت مقتضى لذلك[48].
أما في قطر فتطبق سلطات إنفاذ القانون أساليب التحري الخاصة، بما فيها المراقبة الإلكترونية وغيرها من أشكال المراقبة والعمليات السرية[49]. وقد نص قانون الإجراءات الجنائية القطري على التسليم المراقب للتعرف على وجهة الأشياء غير المشروعة او ضبط مرتكبي الجرائم المتحصلة منها[50].
الفرع الثالث: موقف التشريع العراقي من أساليب التحري الخاصة
لم ينص قانون الإجراءات الجنائية على أساليب التحري الخاصة بل لم يحدد القانون طرق التحري بصورة عامة وترك الأمر للقائمين بسلطات التحري وجمع الأدلة.
وفيما يخص التسجيلات الصوتية والترصد فأمام سكوت المشروع يبدو القانون العراقي رافضاً لمشروعية أشكال الترصد، اكثر من كونه يقبل به ضمنا، سيما اذا ما أشرنا الى أن المادة (۲۱۳/أ) من قانون اصول المحاكمات الجزائية عددت الادلة المشروعة في الاثبات الجنائي صراحة فضلا عن الادلة التي يقرها القانون بقولها (تحكم المحكمة في الدعوى بناءا على اقتناعها الذي تكون لديها من الادلة المقدمة في اي دور من ادوار التحقيق او المحاكمة وهي الاقرار وشهادة الشهود ومحاضر التحقيق والمحاضر والكشوف الرسمية الاخرى وتقارير الخبراء والفنيين والقرائن والادلة الاخرى المقررة قانوناً). فمن الطبيعي انه لا ينسجم مع هذا النص القول بان القانون العراقي قد اعتبر التسجيل الصوتي الهاتفي او مطلق التسجيل الصوتي من قبيل الادلة الاخرى المقررة قانوناً[51].
وكذا الحال فيما يخص قانون هيئة النزاهة والكسب غير المشروع إذ لم يتضمن بيان أساليب التحري التقليدية منها والخاصة، إلا أن المادة (12) منه كانت تشير الى أن (للهيئة استخدام وسائل التقدم العلمي وأجهزة وآلات التحري والتحقيق وجمع الأدلة وعلى رئيسها توفير المستلزمات ومتطلبات استخدامها في ميدان الكشف عن جرائم الفساد)، وهذا لا يعني ان هذا النص يعطي للهيئة سلطة قانونية للتنصت على المكالمات او اتخاذ أي إجراء يتطلب استخدام وسائل التقدم العلمي مثل تسجيل المحادثات والتصوير المرئي والتعقب والمراقبة عن بعد وغيرها، فالنص جاء مشيرا للوسائل الفنية وضرورة توفيرها دون أن يبين الإجراءات التي يمكن القيام بها للكشف عن جرائم الفساد سيما إذا ما لاحظنا المادة (40) من الدستور العراقي لسنة 2005 النافذ كفلت حرية الاتصالات والمراسلات بمختلف أشكالها ولا يجوز الكشف عنها إلا بقرار قضائي ولضرورة قانونية وأمنية[52]، وان من أهم استخدامات وسائل التقدم العلمي هو التنصت على الاتصالات او تسجيلها وكشفها، وإذا ما لاحظنا أن التحري وجمع الأدلة في جرائم الفساد اختصاص حصري لهيئة النزاهة لا يتم تحت اشراف قاضي التحقيق مثل التحقيق الابتدائي، وإذا ما لجأنا لقاضي التحقيق فقد انتقلت مرحلة التحري وجمع الأدلة الى دعوى جزائية في مرحلة التحقيق وعرض المعلومات أو الأدلة على قاضي التحقيق هو تحريك للدعوى الجزائية.
هذا فيما يخص الترصد الإلكتروني وغيره من أنواع الترصد، أما العمليات السرية فلم يشير اليها التشريع العراقي، ألا أنه من الناحية العملية تقوم جهات انفاذ القانون بجرائم الفساد بعمليات ضبط[53] يتم خلالها ضبط أشخاص أو مبرزات جرمية او وثائق ومستندات. وقد كانت تجري عمليات تحري خاصة يستخدم فيها وسائل التقدم العلمي وفق هذه الآلية أي بعد استحصال قرار من قاضي التحقيق، ومعززة بالصورة والصوت وباستخدام التقنيات الحديثة، ويتم إلقاء القبض على المتهمين فيها متلبسين بجريمة الرشوة وأن هذه العمليات تتطلب عادة إجراء عمليات مراقبة شخصية او تنصت على المحادثات الهاتفية وتسجيلها بعد استحصال قرار قضائي بضبط كل من وما له علاقة بالجريمة[54].
وبناءً على ذلك تم تعديل المادة المشار إليها آنفاً من قانون هيئة النزاهة والكسب غير المشروع المعدل لتشترط استحصال اذن سابق من القضاء لعملية استخدام وسائل التقدم العلمي لتنص على (للهيئة استخدام وسائل التقدم العلمي وأجهزة وآلات التحري والتحقيق وجمع الأدلة واستدعاء المعنيين للتحقيق معهم بشكل مباشر بعد صدور قرار من القاضي المختص، وعلى رئيسها توفير مستلزمات ومتطلبات استخدامها في ميدان الكشف عن جرائم الفساد أو منعها أو ملاحقة مرتكبيها)[55] وقد بلغ عمليات الضبط (953) عملية في عام 2022 تم خلالها القاء القبض على (575) متهم[56].
وترتيباً على ما سبق نرى ضرورة ان يتضمن قانون أصول المحاكمات الجزائية نص قانوني يسد النقص التشريعي فيه أمام تطور أساليب ارتكاب الجرائم، ليمنح سلطات انفاذ القانون في الجرائم الخطيرة امكانية التنصت على المحادثات وتسجيلها والتصوير المرئي وإجراء عمليات الضبط التي تتسم بالسرية متى ما كانت ضرورية لكشف الحقيقة على أن تكون وفق ضوابط تكفل الإفادة من هذه الإجراءات في الاثبات الجنائي تنأى بها عن البطلان وإهدار الأدلة المتحصلة منها سيما وأنها تتم في ظل ظروف تتسم بالخطورة، فضلاً عن حماية حق الخصوصية من التعسف في استخدام هذه الوسائل.
وكذا الحال فيما يخص أسلوب التسليم المراقب فلم ينص قانون أصول المحاكمات الجزائية ولا قانون هيئة النزاهة والكسب غير المشروع عليه كسابقاته من أساليب التحري الخاصة، إلا أن المشرع العراقي أخذ بهذا الأسلوب في قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية رقم (50) لسنة 2017 [57] وبهذا يكون قد قصر هذا الأسلوب على الجرائم المتعلقة بالمخدرات والمؤثرات العقلية دون غيرها من الجرائم المنظمة، وبالتالي لا يوجد أساس قانوني وطني لاستخدام هذا الأسلوب في الإجراءات الجزائية الخاصة بجرائم الفساد، ونرى ضرورة ان يتضمنها قانون أصول المحاكمات الجزائية ليشمل جميع الجرائم المنظمة.
الخاتمة:
بعد ان بحثنا في الأساليب الخاصة بالتحري في جرائم الفساد، توصلنا الى النتائج الآتية:
من أحكام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد هو اللجوء استثناءً إلى استخدام أساليب التحري الخاصة للكشف عن جرائم الفساد نظرا لترجيح المصلحة العامة على المصلحة الشخصية، إلا أن التوسع في هذه الإجراءات قد يؤدي إلى المساس بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية.
لقبول الأدلة المستمدة من أساليب التحري الخاصة للإدانة في جرائم الفساد، يجب ان تستند الى تشريعات وطنية تحدد ضوابط اللجوء اليها وشروطه وتنظم آثارها وحالات بطلانها ومن ثم بطلان الإجراءات وإهدار الأدلة المستمدة.
لم ينص قانون الإجراءات الجنائية على أساليب التحري الخاصة بل لم يحدد القانون طرق التحري بصورة عامة وترك الأمر للقائمين بسلطات التحري وجمع الأدلة.
لم يشير اليها التشريع العراقي، الى العمليات السرية ألا أنه من الناحية العملية تقوم جهات انفاذ القانون بجرائم الفساد بعمليات ضبط تقترب في مفهومها من العمليات السرية.
لم ينص قانون أصول المحاكمات الجزائية ولا قانون هيئة النزاهة والكسب غير المشروع على اسلوب التسليم المراقب كسابقاته من أساليب التحري الخاصة، إلا أن المشرع العراقي أخذ بهذا الأسلوب في قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية رقم (50) لسنة 2017 وبهذا يكون قد قصر هذا الأسلوب على الجرائم المتعلقة بالمخدرات والمؤثرات العقلية دون غيرها من الجرائم المنظمة، وبالتالي لا يوجد أساس قانوني وطني لاستخدام هذا الأسلوب في الإجراءات الجزائية الخاصة بجرائم الفساد.
وبذلك فإننا نقترح مايأتي:
نقترح تعديل قانون أصول المحاكمات الجزائية بتضمينه نص قانوني يسد النقص التشريعي فيه أمام تطور أساليب ارتكاب الجرائم، ليمنح سلطات انفاذ القانون في الجرائم الخطيرة امكانية التنصت على المحادثات وتسجيلها والتصوير المرئي وإجراء عمليات الضبط التي تتسم بالسرية متى ما كانت ضرورية لكشف الحقيقة على أن تكون وفق ضوابط تكفل الإفادة من هذه الإجراءات في الاثبات الجنائي تنأى بها عن البطلان وإهدار الأدلة المتحصلة منها سيما وأنها تتم في ظل ظروف تتسم بالخطورة، فضلاً عن حماية حق الخصوصية من التعسف في استخدام هذه الوسائل.
نقترح تضمين قانون أصول المحاكمات الجزائية نصاً يجيز اللجوء للتسليم المراقب ليشمل جميع الجرائم المنظمة بضمنها جرائم الفساد.
[1]من هذه الاتفاقيات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية إذ نظمت الأساليب المذكورة في المادة (20) منها والتي نصت على (أساليب التحري الخاصة 1- تقوم كل دولة طرف، ضمن حدود إمكانياتها ووفقا للشروط المنصوص عليها في قانونها الداخلي، إذا كانت المبادئ الأساسية لنظامها القانوني الداخلي تسمح بذلك، باتخاذ ما يلزم من تدابير لإتاحة الاستخدام المناسب لأسلوب التسليم المراقب، وكذلك ما تراه مناسبا من استخدام أساليب تحر خاصة أخرى، مثل المراقبة الإلكترونية أو غيرها من أشكال المراقبة، والعمليات المستترة، من جانب سلطاتها المختصة داخل إقليمها لغرض مكافحة الجريمة المنظمة مكافحة فعالة...).
[2] PhD Eliora Elezi, Special methods of investigation against organized crime, Academic Journal of Business, Administration, Law and Social Sciences IIPCCL Publishing, Graz-Austria, Vol. 3, No. 3, 2017, p79.
[3] د. محمد أمين الخرشة، مشروعية الصوت والصورة في الإثبات الجنائي، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 2011م، ص 42.
[4] تنص المادة (50/1) من الاتفاقية على (من أجل مكافحة الفساد مكافحة فعالة تقوم كل دولة طرف، بقدر ما تسمح به المبادئ الأساسية لنظامها القانوني الداخلي وضمن حدود إمكانياتها ووفقا للشروط المنصوص عليها في قانونها الداخلي، باتخاذ ما قد يلزم من تدابير لتمكين سلطاتها المختصة من استخدام أسلوب التسلم المراقب على النحو المناسب وكذلك، حيثما تراه مناسبا، اتباع أساليب تحر خاصة كالترصد الالكتروني وغيره من أشكال الترصد والعمليات السرية، استخداما مناسبا داخل إقليمها، وكذلك لقبول المحاكم ما يستمد من تلك الأساليب من أدلة).
[5] الدليل التشريعي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، مصدر سابق، ص 178 الى 182.
[6] ينظر الفقرتان (2،3) من المادة (50) من الاتفاقية.
[7] ولقد سميت في الاتفاقية بأساليب التحري الخاصة إلا أن يوجد اختلاف بتكييفها ضمن إجراءات التحقيق أو التحري سيما وانها إجراءات تتسم بالطبيعة القضائية في أغلب القوانين التي أخذت بها كونها تمس الحرية الشخصية وهذا ما سيتضح خلال البحث فيها.
[8] د. سليمان عبد المنعم، الجوانب الموضوعية والاجرائية في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، دار المطبوعات الجامعية، الاسكندرية، 2015، ص161، 162.
[9] إذ وضعت مبادئه الاتفاقية المذكورة بنصها (المادة ١١- التسليم المراقب 1-تتخذ الأطراف، إذا سمحت المبادئ الأساسية لنظمها القانونية الداخلية، ما يلزم من تدابير في حدود إمكانياتها، لإتاحة استخدام التسليم المراقب استخداماً مناسباً على الصعيد الدولي، استناداً إلى ما تتوصل إليه الأطراف من اتفاقات أو ترتيبات، بغية كشف هوية الأشخاص المتورطين في الجرائم المنصوص عليها في الفقرة ١ من المادة ٣ واتخاذ إجراء قانوني ضدهم. 2-تتخذ قرارات التسليم المراقب، في كل حالة على حدة، ويجوز أن يراعى فيها، عند الضرورة الاتفاق والتفاهم على الأمور المالية المتعلقة بممارسة الأطراف المعنية للاختصاص القضائي. 3-يجوز، بالاتفاق مع الأطراف المعنية، أن يعترض سبيل الشحنات غير المشروعة المتفق على إخضاعها للتسليم المراقب، ثمَّ يسمح لها بمواصلة السير دون المساس بما تحويه من المخدرات أو المؤثرات العقلية أو أن تزال أو تستبدل كليّاً أو جزئياً).
[10] المادة (50/2) من الاتفاقية.
[11] د. مصطفى طاهر، المواجهة التشريعية لظاهرة غسيل الأموال المتحصلة من جرائم المخدرات، مطابع الشرطة للطباعة والنشر، القاهرة، 2002 ، ص 221.
[12] أحمد بن عبد الرحمن عبد الله القضيب، التسليم المراقب ودوره في الكشف عن عصابات تهريب المخدرات، رسالة ماجستير، اكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، كلية الدراسات العليا، الرياض، 2002، ص101.
[13] المصدر نفسه، ص103-105.
[14] ومن هذه التشريعات قانون المخدرات والمؤثرات العقلية العراقي رقم (٥٠) لسنة ٢٠١٧ إذ نصت المادة (٤٥) منه على: (لوزير الداخلية بالتنسيق مع وزير الصحة ووزير المالية بناءً على إذن قاضي التحقيق استخدام أسلوب التسليم المراقب للمخدرات والمؤثرات العقلية والسلائف الكيميائية بغية كشف العصابات الإجرامية المتعاملة بتلك المواد)
[15] د. غسان رباح، الوجيز في قضايا المخدرات والمؤثرات العقلية، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، ۲۰۰۲، ص ١٩٥.
[16]Tanatthep Tianprasit, Promoting the use of the special investigative techniques of Article 20 of the UNTOC to combat organised crimes in Thailand, A thesis submitted to the School of Law, University of Aberdeen in fulfilment of the requirements for the degree of PhD in law, 2018, p87
[17] الدليل التشريعي لاتفاقية الأمم المتحدة، ط2، من منشورات الأمم المتحدة، نيويورك، 2012، ص212.
[18]Tony Kwok Man-wai, Op, Cit, p144.
[19] الدليل التقني لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، من منشورات الأمم المتحدة، نيويورك، 2013، ص 185
[20] د. احمد فتحي سرور، الوسيط في قانون الاجراءات الجنائية، دار النهضة العربية، القاهرة،1985 ، ص 147. ويُنظر د. حسن صادق المرصفاوي، المحقق الجنائي، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1999، ص 60. وينظر د. صالح عبد الزهرة الحسون، أحكام التفتيش وآثاره في القانون العراقي (دراسة مقارنة)، ط 1، طبع جامعة بغداد، 1979، ص 141.
[21] د. شيماء عبد الغني عطا الله، الحماية الجنائية للتعاملات الإلكترونية، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2007، ص 266.
[22] د. رزكار محمد قادر، رشاد خالد عمر، مراقبة الاتصالات الإلكترونية في إطار الإجراءات الجنائية – دراسة مقارنة،= =بحث منشور في مجلة القانون والسياسة، جامعة صلاح الدين، العدد 1، سنة 2012، ص 56.
[23] د. سليم إبراهيم حربة، عبد الأمير العكيلي، شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية، ج 1، المكتبة القانونية، بغداد، 2010، ص 135.
[24] د. قدري عبد الفتاح الشهاوى، شرعية التحريات والحدث الإجرامي القائم والخطر السباق الداهم، دار النهضة العربية، القاهرة، 2006، ص مصدر سابق ، ص 67 ، 68.
[25] د. رؤوف عبيد, مبادئ الإجراءات الجنائية في القانون المصري، ط16، دار الجيل للطباعة، جمهورية مصر العربية، 1985.
[26] وعرفت بمصطلح الاختراق في المادة (706-81) من قانون الإجراءات الجزائية الفرنسي التي تضمنت: يقصد بالتسرب بالنسبة لضابط أو عون شرطة قضائية مؤهل بوجه خاص ضمن الشروط المحددة بموجب مرسوم، ويعمل تحت مسؤولية ضابط شرطة قضائية مكلف بتنسيق العملية مراقبة أشخاص مشبه بهم في ارتكاب جناية أو جنحة عن طريق التظاهر لدى هؤلاء الأشخاص كفاعل معم، أو شريك لهم، أو خاف.
[27] الدليل التشريعي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، مصدر سابق، ص212.
[28] Tyne Truong, Undercover Operations in the U.S. to Counter Terrorism and National Security Threats, Interagency Journal Vol. 12, No. 1, 2022, p.14.
[29] Tanatthep Tianprasit, Op, Cit, P. 85.
[30] الدليل التقني لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، مصدر سابق، ص 185.
[31]Tyne Truong, Op, Cit, p15.
[32] الدليل التقني لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، مصدر سابق، ص 185.
[33]Tanatthep Tianprasit, Op, Cit, p89,90.
[34] الدليل التشريعي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، مصدر سابق، ص 183.
[35] د. جمال جرجس مجلع تاوضروس، الشرعية الدستورية لأعمال الضبطية القضائية، ط 1، دار النهضة العربية، القاهرة، 2006، ص 312-325.
[36] محمد زكي أبو عامر، الإجراءات الجنائية، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1994 ، ص 603.
[37] Toon Moonen, Special Investigation Techniques, Data Processing and Privacy Protection in the Jurisprudence of the European Court of Human Rights, Pace international law review online companion, Vol. 1, N. 9, April 2010, P. 130-133.
[38] د. جمال جرجس مجلع تاوضروس، مصدر سابق، ص 318 و 322.
[39]Tyne Truong, Op, Cit, p17.
[40] المادة (41) من القواعد الفيدرالية للإجراءات الجنائية الأمريكية لعام 1946 المعدل.
[41]Mechanism for the Review of Implementation of the United Nations Convention against Corruption, Response of the United States of America to the comprehensive self-assessment checklist, P. 276,277. Available on the link: https://www.unodc.org/unodc/en/corruption/country-profile/index.html.
[42]Country review report of the United Kingdom, United Nations Convention against Corruption for the review cycle 2011 – 2012, United Nations Office on Drugs and Crime . Available on the link https://www.unodc.org/unodc/en/corruption/country-profile/index.html , P. 303, 304.
[43] وثيقة الأمم المتحدة بالرقم CAC/COSP/IRG/I/4/1/Add.17 مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد الدورة السادسة سانت بطرسبرغ، استعراض تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد حالة سنغافورة، 2015، ص17.
[44]Journal official de la RÉPUBLlQUE FRANCAISE, 10 mars 2004.
[45] وثيقة الأمم المتحدة بالرقم CAC/COSP/IRG/I.1/1/Add.3 مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد الدورة الثالثة، فيينا، استعراض تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد حالة فرنسا، 2012، ص11.
[46] وثيقة الأمم المتحدة بالرقم CAC/COSP/IRG/I/4/1/Add.13 مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد الدورة السادسة، سانت بطرسبرغ، استعراض تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد حالة مصر، 2015، ص16.
[47] نصت المادة (95) من قانون الإجراءات الجنائية المصري رقم 150 لسنة 1950 المعدل (لقاضي التحقيق أن يأمر بضبط جميع الخطابات والرسائل والجرائد والمطبوعات والطرود لدى مكاتب البريد وجميع البرقيات لدى مكاتب البرق وأن يأمر بمراقبة المحادثات السلكية واللاسلكية أو إجراء تسجيلات لأحاديث جرت في مكان خاص متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة في جناية أو في جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر. وفي جميع الأحوال يجب أن يكون الضبط أو الاطلاع أو المراقبة أو التسجيل بناءً على أمر مسبب ولمدة لا تزيد على ثلاثين يوماً قابلة للتجديد لمدة أو مدد أخرى مماثلة).
[48] نصت المادة (8) من قانون هيئة الرقابة الإدارية رقم 45 لسنة 4695 على: (يجوز للرقابة الادارية أن تجرى التحريات و المراقبة السرية بوسائلها الفنية المختلفة كلما رأت مقتضى لذلك. وإذا أسفرت التحريات أو المراقبة عن أمور تستوجب التحقيق أحيلت الأوراق إلى النيابة الادارية أو النيابة العامة حسب الأحوال، بإذن من رئيس الرقابة الادارية أو من نائبه، وعلى النيابة الادارية أو النيابة العامة إفادة الرقابة الادارية بما انتهى إليه التحقيق ويتعين الحصول على موافقة رئيس المجلس التنفيذي بالنسبة الى العاملين الذين في درجة مدير عام فما فوقها أو العاملين الذين تجاوز مرتباتهم الأصلية 1500 جنيه سنويا عند احالتهم للتحقيق).
[49] وثيقة الأمم المتحدة بالرقم CAC/COSP/IRG/I/3/1/Add.24 مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد الدورة السادسة سانت بطرسبرغ، استعراض تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد حالة قطر، 2015، ص 15.
[50] المادة (425) من قانون الإجراءات الجنائية القطري رقم 23 لسنة 2004 التي نصت على (مع عدم الإخلال بقواعد الاختصاص المقررة في القانون القطري، يجوز للنائب العام الإذن بعبور أشياء تعد حيازتها جريمة، أو متحصلة من جريمة، أو كانت أداة في ارتكابها، طبقاً لأحكام القانون القطري، إلى داخل الدولة أو خارجها دون ضبطها أو استبدالها كلياً أو جزئياً تحت رقابة السلطات المختصة، وذلك بناء على طلب دولة أجنبية، متى كان من شأن ذلك التعرف على وجهتها أو ضبط مرتكبها).
[51] د. عمار عباس الحسيني، مدى مشروعية التسجيل الصوتي بالهواتف النقالة كدليل في الاثبات الجنائي، بحث منشور في مجلة أهل البيت عليهم السلام، العدد الثامن، 2009، ص183.
[52] والتي تنص على ان (حرية الاتصالات والمراسلات البريدية والبرقية والهاتفية والإلكترونية وغيرها مكفولة ولا يجوز مراقبتها أو التنصت عليها أو الكشف عنها إلا لضرورة قانونية وأمنية وبقرار قضائي).
[53] يعرف الضبط بأنه: (إجراء يهدف الى أن تضع العدالة يدها على الأدلة المادية التي تفيد في كشف الحقيقة). د. علي أحمد عبد الزعبي، حق الخصوصية في القانون الجنائي (دراسة مقارنة)، ط1، المؤسسة الحديثة للكتاب، طرابلس، لبنان، 2006، ص 548.
[54] إذ تنفيذ (٥) عمليات تحري خاصة في عام 2008 وفق التقرير السنوي التفصيلي لهيئة النزاهة لعام 2008, ص 48، كما قد تم إجراء سبع عمليات ضبط في عام 2009 كما ورد في التقرير السنوي لعام 2009، وضبط (237) متهم في (105) عملية ضبط في عام 2010 كما ورد في التقرير السنوي لعام 2010، ص 29. متاحة على الموقع الرسمي لهيئة النزاهة على الرابط
https://nazaha.iq/News_FA.asp?page_namper=p9&page=3
تاريخ الزيارة 25/4/2023.
[55] المادة (12) من قانون هيئة النزاهة والكسب غير المشروع المعدلة بموجب قانون تعديل قانون هيئة النزاهة رقم (30) لسنة 2019.
[56] ليس بالضرورة أن يتطابق عدد المتهمين المتلبسين مع عدد عمليات الضبط، حيث تشمل عمليات الضبط المتهمين مع المبرزات الجرمية أو المبرزات الجرمية فقط، مثل الوصولات أو تقريب الوقود أو عجلات دون الطراز (الموديل) أو الخردة (السكراب) أو سندات الملكية أو المواد الغذائية وغيرها. التقرير السنوي لهيئة النزاهة لعام 2022، ص 27.
[57] نصت المادة (1) من هذا القانون على: (يقصد بالتعابير والمصطلحات التالية لأغراض هذا القانون المعاني المبينة ازاؤها: ... خامس عشر: التسليم المراقب: السماح بمرور الشحنات غير المشروعة أو المشبوهة من المخدرات أو المؤثرات العقلية أو السلائف الكيميائية عبر أراضي الدولة إلى دولة أخرى بعلم سلطاتها المختصة وتحت مراقبتها بقصد التعرف على الوجهة النهائية لهذه الشحنة والتحري عن الجريمة والكشف عن هوية مرتكبها والأشخاص المتورطين فيها= =وإيقافهم). أما المادة (45) فقد نصت على (لوزير الداخلية بالتنسيق مع وزير الصحة ووزير المالية بناء على إذن قاضي التحقيق استخدام أسلوب التسليم المراقب للمخدرات والمؤثرات العقلية والسلائف الكيميائية بغية كشف العصابات الإجرامية المتعاملة بتلك المواد).