تاريخ التقديم 1/7/2023               تاريخ القبول 15/9/2023         تاريخ النشر 25/10/2023

حقوق الطباعة محفوظة لدى مجلة كلية القانون والعلوم السياسية في الجامعة العراقية

حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمؤلف

حقوق النشر محفوظة للناشر (كلية القانون والعلوم السياسية - الجامعة العراقية)

CC BY-NC-ND 4.0 DEED

Printing rights are reserved to the Journal of the College of Law and Political Science at Aliraqia University

Intellectual property rights are reserved to the author

Copyright reserved to the publisher (College of Law and Political Science - Aliraqia University)

Attribution – Non-Commercial – No Derives 4.0 International

For more information, please review the rights and license

DOI /10.61279/dc9yvn12

تأثير وباء كورونا (كوفيد-19) على تطبيق القانون الدولي

The impact of the Corona epidemic (Covid-19) on the application of international law

 

 

م. منعم ثاير فارس

كلية الامام الكاظم (ع) للعلوم الاسلامية

Lecturer :  Muneam Thayir Faris

Al-Imam Al-Kadhim  College of Islamic Sciences

monamth314@gmail.com

المستخلص

كانت و ما زالت حقوق الانسان هي الاكثر تأثرا في اوقات الحروب و النزاعات و الكوارث الطبيعية و مختلف الحالات الطارئة على مر التاريخ ، و كان لظهور فايروس كورونا المستجد ( كوفيد -19 ) ظهرت الحاجة السريعة لمواجهة هذا الفايروس بشكل فعال لإنقاذ حياة الناس و كذلك حماية حقوقهم  ، و مع ظهور هذا الوباء اخذت منظمة الصحة العالمية و معظم الدول قرارات و اجراءات بهدف مواجهه هذا الوباء و كان من اهم الاجراءات هو التباعد الاجتماعي للوقاية من الفايروس و هذا التباعد يتم من خلال الحجر الصحي الذي فرضته معظم الدول و الذي انعكس سلبا على الجوانب الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية في اغلب دول العالم .و ان القانون الدولي و كل الاتفاقيات الدولية و الاعلانات و المواثيق الدولية بما فيها الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر عن الامم المتحدة عام 1948 تنص و تؤكد  على حماية حقوق الانسان في الظروف الطبيعية و الغير طبيعية و منها الامراض و الاوبئة العالمية و اخرها و باء كورونا 19، و ان القانون الدولي  يؤكد  على ان كافة الاجراءات  المتخذة  في مواجهه هذا الوباء يجب ان لا تنتهك  أي حق من حقوق الانسان المصانة دوليا .فقد اعتبر ظهور فيروس كورونا من الظواهر التي  تستدعي التحليل والدراسة  من اجل فهم تداعياتها السياسية و القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية والأمنية. و في بحثنا  هذا سنركز على البعد السياسي و القانوني لكافة الاجراءات  التي اتخذتها الدول في ظل وباء كورونا و منها اجراءات الحجر الصحي  و ما رافق هذه الاجراءات   من انتهاكات لحقوق الانسان ، و ذلك ضمن واجبات الدولة في حماية الصحة العالمية و خصوصا ان الكثير من الدول قد شهدت ارتفاع كبير في عدد الاصابات و خصوصا مع استمرار الوباء و كذلك ظهور موجات جديدة للوباء بين الحين و الاخر مما يزيد من مخاوف الاستمرار بإجراءات الغلق و الحجر الصحي من اجل السيطرة على السلالات الجديدة للفايروس ،و لكن كما هو معروف فان حقوق الانسان قد تعرضت للانتهاكات متعددة الاشكال خلال اجراءات الحجر الصحي وبما ان القانون الدولي يلزم الدول و حكوماتها بحماية كافة حقوق الانسان و في كل الظروف لان  حقوق الانسان مصانة مهما كانت الظروف ، فحقوق التعليم و التعبير و الحرية و الاعلام و الصحافة و كافة الحقوق الاخرى هي بالحقيقة حقوق يجب ان لا تتعرض للخطر او الانتهاك مهما كانت الظروف ، ولكن نرى في الواقع ان اغلب هذه الحقوق قد تعرضت للانتهاك خلال اجراءات الحجر الصحي في ظل وباء كورونا.

و عليه  نحاول ان نبين مدى شرعية كافة الاجراءات التي اتخذتها الدول خلال هذه الفترة و كذلك معرفة حجم الانتهاكات التي تعرضت لها حقوق الانسان خلال فترة الوباء بهدف الوصول الى خلق حالة من التوازن بين حق الانسان في الصحة و حقوقه الاخرى و التي كفلها القانون الدولي .

 

الكلمات المفتاحية :الجائحة ، حقوق الانسان ، الحجر الصحي ، القانون الدولي ، منظمة الصحة العالمية ، التشريعات الداخلية

 

Abstrac

Human rights were and still are the most affected in times of wars, conflicts, natural disasters and various emergencies throughout history, and due to the emergence of the new Corona virus (Covid-19) there was a rapid need to confront this virus effectively to save peoples lives as well as protect Their rights, and with the emergence of this epidemic, the World Health Organization and most countries took decisions and measures with the aim of confronting this epidemic. Economic, political and social in most countries of the world. International law and all international agreements, declarations and international charters, including the Universal Declaration of Human Rights issued by the United Nations in 1948 stipulate and emphasize the protection of human rights in natural and abnormal conditions, including Global diseases and epidemics, the latest of which is the Corona 19 epidemic, and that international law confirms that all measures taken in the face of this epidemic must not violate any of the internationally protected human rights.

The emergence of the Corona virus was considered one of the phenomena that require analysis and study in order to understand its political, legal, economic, social and security repercussions. In our research, we will focus on the political and legal dimension of all the measures taken by countries in light of the Corona epidemic, including quarantine measures and the violations of human rights that accompanied these measures, as part of the states duties to protect global health, especially since many countries have It witnessed a significant increase in the number of infections, especially with the continuation of the epidemic, as well as the emergence of new waves of the epidemic from time to time, which increases the fears of continuing the closure and quarantine procedures in order to control the new strains of the virus, but as it is known that human rights have been subjected to violations Multiple forms during quarantine procedures, and since international law obliges states and their governments to protect all human rights and in all circumstances, because human rights are protected, whatever the

circumstances. They are at risk or violated, whatever the circumstances, but in fact we see that most of these rights have been violated during quarantine procedures in light of the Corona epidemic. And accordingly, we try to show the extent of the legitimacy of all the measures taken These countries during this period, as well as knowing the extent of violations of human rights during the epidemic period, with the aim of creating a state of balance between the human right to health and other rights guaranteed by international law.

 

Keywords: pandemic, human rights, quarantine, international law, World Health Organization, internal legislation

المقدمة

اعلنت منظمة الصحة العالمية ان وباء كورونا اصبح متفشيا في العديد من دول العالم و ان هذا الوباء قد وصلت الى درجة الجائحة عالميا بتاريخ 11 /اذار/ 2020. بعد ان ظهر هذا الوباء في مدينة ووهان في الصين في اواخر عام 2019. و ان انتقال هذا الفايروس لدرجة الجائحة دفع بمنظمة الصحة العالمية الى اتخاذ خطوات سريعة و بالتعاون مع الدول في العالم من اجل السيطرة على انتشار هذا الوباء و تقليل الاصابات و الوفيات نتيجة لهذا الوباء . و بالتأكيد فان حقوق الانسان قد تأثرت نتيجة انتشار هذا الوباء و انعكست الاجراءات الصحية التي اتخذتها منظمة الصحة العالمية و حكومات الدول بشكل سلبي على بعض حقوق الانسان سواء في الدول الديموقراطية او الغير ديموقراطية .و نتيجة لذلك فان حقوق الانسان تعرضت للتقويض و الانتهاك  خلال فترة جائحة كورونا نتيجة لتطبيق الاجراءات الصحية التي فرضت خلال تلك الفترة مما سبب انتهاك لحقوق حرية التعبير و كذلك حرية السفر و العمل و حقوق اخرى مقابل تطبيق حق الانسان في الصحة العامة ، ولكن بصورة عامة فان القانون الدولي العام يكفل حقوق الانسان و من ضمنها حق الصحة العامة وكذلك خلق توازن بين حقوق الانسان الاخرى و بين الحق في الصحة العامة المتمثلة بتقديم الرعاية الصحية و الطبية للمواطنين في الاوقات الطبيعية و كذلك خلال فترة الجائحة و ان القواعد الدولية لحقوق الانسان والتي تنص على ان أي من القيود التي تفرض على بعض من حقوق الانسان خلال فترة الكوارث او حالات الطوارئ و الجائحات و التي تشكل تهديد خطير على حياة الانسان يمكن تبربر تلك القيود ولكن بشرط ان يكون لها اساس قانوني واضح ، و كذلك يجب ان تكون تلك القيود ضرورية للغاية لانقاد البشر بحيث انه يمكن اعتبار حياة البشر مهددة بشكل خطير في حال عدم تنفيذ او اتخاذ تلك القيود المفروضة على بعض حقوق الانسان . و لكن في نفس الوقت فان مدى تطبيق هذه القيود المفروضة على حقوق الانسان خلال فترة الكوارث و الجائحات يجب ان يكون محدد  بفترة زمنية وليس على سبيل الدوام و ايضا وبعد الانتهاء من حالة الجائحة او حالات الطوارئ فان هذه القيود التي فرضت على حقوق الانسان خلال تلك الفترة سوف تكون قيد المراجعة لمعرفة مدى ضروريات فرضها من عدمه و السبب في ذلك  منع استغلال السلطات الحاكمة لمثل ظروف لغرض فرض تلك القيود .و ان القانون الدولي قد تناول في الكثير من الاعلانات العالمية من اجل حماية حقوق الانسان خلال فترة حالات الطوارئ وغيرها ، و من هذه الاعلانات هو العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية و كذلك العهد الدولي للحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و جميعها نصت على ان القيود التي تفرض على حقوق الانسان خلال فترة الطوارئ او الجائحات يجب ان تتوافق مع القانون الدولي و يجب ان تكون هذه القيود مشروعة خلال الظروف الاستثنائية و محددة بمدة زمنية و ليست تعسفية او انتقائية و يجب ان تخضع تلك القيود للمراجعة حين زوال تلك الظروف الاستثنائية .

وعليه فان قرارات تتعلق بالحجر الصحي و تقييد حرية التعبير و الحركة و السفر دائما لا تتطابق مع هكذا معايير خلال الظروف الاستثنائية و لأسباب كثيرة منها تعلق بصعوبة فرضها على الجميع  بشكل موحد دون أي استثناء . .لذلك من المهم دراسة و مراجعة هكذا اجراءات  في الظروف الطارئة كما حصل في ظل وباء كورونا .لذا سنعمد على تقسيم هذا البحث الى ثلاث مباحث  ، يتضمن المبحث الاول مفهوم الاوبئة و تاريخ ظهورها عالميا  و المبحث الثاني دور القانون الدولي في حماية حقوق الانسان في ظل الاوبئة و المبحث الثالث مدى تأثير وباء  كورونا على حقوق الانسان  في العراق.

المبحث الاول

مفهوم الاوبئة و تاريخ ظهورها عالميا 

ظهرت الاوبئة و الامراض بشكل واسع  على مستوى العالم و بشكل متعاقب  خلال فترات طويلة من الزمن و تسبب هذه  الاوبئة الكثير من الخسائر البشرية و المادية و تسببت بوفاة الملايين من البشر بحيث ادت الى احداث تغيرات ديموغرافية  و سياسية و اقتصادية كبيرة .و ان عالمنا تعرض الى الكثير من الويلات و الكوارث الطبيعية و الغير طبيعية و ان هذه الكوارث و الامراض قد  تسببت بوفاة الكثير من البشر  اضافة الى انها كانت السبب الرئيسي لتعرض الانسان الى الانتهاكات المستمرة في حقوقه  في ظل الاوبئة العالمية و غيرها .

و كان هذا المبحث على مطلبين الاول حول مفهوم  الاوبئة و المطلب الثاني حول تاريخ  ظهور  الأوبئة عالميا

المطلب الاول: مفهوم  الاوبئة

ومن اجل ان نسلط الضوء بشكل علمي و دقيق على مدى انتهاك حقوق الانسان في تفشي وباء كورونا ، كان لابد  ان نعرف ما هو مفهوم الوباء علميا . و قد ظهرت تعريفات عديدة لمفهوم الوباء و منها عرفت الوباء بأنه ( حالة انتشار واسع  لمرض معين، بحيث يكون عدد حالات الإصابة بالوباء أكبر مما هو متوقع في مجتمع معين أو مساحة جغرافية محددة أو موسم أو خلال زمنية)[1] . هذا وقد يحصل الوباء في منطقة جغرافية محددة  أو يمتد الى الكثير من دول، و ايضا قد يستمر لعدة أيام أو أسابيع، او قد  يستمر لسنوات.

ان عبارة علم الأوبئة epidemiology  هي في الحقيقة مأخوذة  من كلمة( epidemic) والتي تعني وباء ، والتي هي ايضا مشتقة بدورها من المقطعين باللغة اليونانية  epi )  والتي تعني بين  وكلمة demos ) والتي تعني  الناس. إن جميع  الاوبئةً مثل سارس و كورونا  و غيرها والتي تهاجم  المناطق  السكانية ذات الكثافة العالية  في وضع غير طبيعي  لمراض معين فأنها  تتطلب دراسات فورية و عاجلة ، ولكن الأسلوب الذي يتم اتباعه في البحث العلمي في هذه الحالة هو في الحقيقة  نفس الاسلوب الذي يتم تطبيقه على جميع الأمراض بصورة عامة، سواء كانت هذه الامراض  غير معتادة في طبيعتها أو في معدل تكرار الإصابة بها او  التي تتواجد  بشكل دائم في مجتمع سكاني معين . و يتم استخدام  الوسائل نفسها في دراسة الأحداث ذات الطبيعة  الفسيولوجية الطبيعية مثل الإنجاب والحمل و غيرها  وايضا النمو الجسماني والعقلي داخل تلك المجتمعات السكانية نفسها . و عليه  باختصار يمكن  إن نقول بأن (علم الأوبئة هو  في الحقيقة علم يدرس الصحة والمرض داخل المجتمعات السكانية.)لذلك يعتبر الجانب السكاني  الصفة التي يتميز بها  علم الأوبئة، و لكن في جانب اخر يمكن  أن نعتبر الصحة والمرض يتم بحثهما على مستويات أخرى ايضا . و في الحقيقة أنه عندما يتم  الاشارة إلى مفردة  (الطب)، دونم ان تحديدها بشكل عملي صحيح ، فإن أول ما يتبادر إلى الاذهان هو ان المقصود  الطب الإكلينيكي و الذي يتعامل مع الصحة والمرض لدى الاشخاص . و يهتم  علم الاوبئة بالأساس بدراسة الحالات الجماعية للعدوى أي بالعدوى الجماعية و ليس الفردية  للمرض فالأمراض الوبائية هي امراض معدية تصيب اعداد كبيرة من البشر[2] . وقد بينت منظمة الصحة العالمية ان  الاوبئة العالمية  يمكن ان تمر في  مراحل متعددة قد تستمر الى اسابيع او  اشهر بل حتى سنوات، وهذه المراحل هي ستة تبدأ  بالمرحلة الأولى: ان في  هذه المرحلة نشهد  انتشار الفيروسات داخل أجسام الحيوانات دون  تتعدى او تحصل فيها عدوى الى البشر. اما  المرحلة الثانية من الفايروس : هي المرحلة التي ينتقل فيها الفيروس  إلى الإنسان و خلال هذه المرحلة يكون البشر أكثر عرضة للإصابة بهذا الفيروس .اما  المرحلة الثالثة من الفايروس: هي المرحلة التي يستمر فيها  الفيروس بالانتشار وهنا يحصل انتقال العدوى من إنسان إلى انسان آخر في نفس المجتمع. اما  المرحلة الرابعة من الفايروس : هي المرحلة التي ينتشر فيها  الفيروس على نطاق واسع جدا ؛ و نلاحظ في  هذه المرحلة  انتقال الفيروس بين الأفراد انفسهم في المناطق  السكانية، و هذا  يؤدي إلى زيادة عدد المصابين بالفايروس ،اما  المرحلة الخامسة من الفايروس : هي المرحلة التي يبدا فيها الفايروس  بالانتقال بين الأفراد في بلدين على الأقل في منطقة واحدة  معينة . اما  المرحلة السادسة من الفايروس : في هذه المرحلة يجب ان  تتدخل الحكومة و كذلك ايضا منظمة الصحة العالمية  من أجل اتّخاذ التّدابير اللّازمة للحد من انتشار الوباء  بشكل واسع  والمساهمة في تقليل الاصابة به و كذلك القضاء عليه .

المطلب الثاني: تاريخ  ظهور  الأوبئة عالميا

 و يمكن ان نعتبر وباء الطاعون الاسود من أشهر هذه الأوبئة في العصور القديمة  وايضا وباء طاعون جستنيان وطاعون عمواس و الذي انتشر في منطقة الشام. اما  في العصر الحديث يمكن ان نعتبر وباء الكوليرا والجدري والإنفلونزا الإسبانية و إنفلونزا الخنازير و  فيروس إيبولا  و فيروس سارس وغيرها من الأوبئة و اخرها فيروس كورونا  2019 [3] .

ان وباء الموت الأسود  تسبب في وفاة ( 200 ) مليون شخص  في العالم  و الذي انتشر  في القرن الرابع عشر وتحديدا بين عامي( 1347 و1351)، والاعتقاد السائد هو ان هذا الوباء  نشأ في الصين ، و بعدها  انتقل إلى إيطاليا وبعد ذلك إلى باقي دول أوروبا، و بعدها  إلى مختلف دول العالم.أما وباء الجدري  و الذي ظهر عام ( 1520 )  فقد تسبب بوفاة ( 56 ) مليون شخص في العالم ، اما بالنسبة الى  الإنفلونزا الإسبانية فقد تسبب بوفاة ما يقارب 40 الى 50 مليون انسان في العالم و التي ظهرت بعد الحرب العالمية الأولى (1918-1919) [4]. اما وباء  طاعون جوستنيان فقد ادى الى وفاة 30 الى 50 مليون شخص و الذي ظهر بين عامي (541 و542 ).

أما بالنسبة الى مرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز)، الذي  تسبب بحياة ما بين  (25 و35 ) مليون شخص و الذي ظهر عام 1981 ومازال  مستمر  بالانتشار الى وقتنا الحالي،.

اما في عام 1855، ظهر مرة اخرى نوع آخر من الطاعون و المعروف باسم (الطاعون الثالث)، وايضا يعتقد أنه قد  ظهر في مقاطعة يونان بالصين ، و قبل أن ينتشر الى أنحاء العالم، و الذي ادى الى  بوفاة  ( 12 ) مليون نسمة تقريبا .أما بالنسبة الى فيروس كورونا المستجد  الذي ظهر أول مرة  في مدينة  ووهان  في الصين  ، فقد أصاب حتى الآن أكثر من (590) مليون إنسان و الاصابات و الوفيات ما زالت مستمرة ، الذي تسبب بوفاة ما يقارب  ستة مليون  شخص في جميع أنحاء العالم. هذا و قد اختلفت طرق الناس في التعامل مع تلك الأوبئة  و مواجهتها باختلاف الوسائل و الحقب الزمنية والإمكانيات المتاحة. كما تباينت الآثار التي خلفتها هذه الأوبئة على المجتمعات التي اجتاحتها بكل مفاجئ .

هذا و تلعب التجمعات العرقية و الاثنية دور كبير  في توزيع خارطة الامراض المعدية .حيث نلاحظ مثلا مرض  (الخلايا المنجلية ) ينتشر عادة  بين الشعوب الافريقية[5].والسبب في ذلك لان الجماعات الاثنية او العرقية دائما ما تجمعها طقوس  و عادات معينة او تقاليد  مثل الزواج فيما بين افراد الاثنية او التجمع من اجل أداء  مراسيم معينة ، و كل هذا بالتأكيد يساهم بانتشار العدوى للأوبئة بين تلك الجماعات.

المبحث الثاني

دور القانون الدولي في حماية حقوق الانسان في ظل الاوبئة

مع ظهور مصطلح القانون الدولي  لأول  مرة على يد الفيلسوف الانكليزي بنتام  و الذي استعمله لأول مرة في كتابه الذي ظهر عام 1789 [6]. و بموجب القانون الدولي  و الذي محور اهتمامه هو حماية حقوق الانسان بشكل عام  و يزداد هذا الدور خلال فترة الحروب و الكوارث و الاوبئة . و السبب في ازدياد دور القانون الدولي في حماية حقوق الانسان خلال الظروف الغير طبيعية انها تصبح عرضة للانتهاك تحت غطاء اجراءات مكافحة الفايروس و غيرها و التعسف في استخدام القيود الصحية لغرض تحقيق اغراض سياسية  تحت ذريعة الاجراءات الصحية الوقائية . و عليه فأن دور القانون الدولي يزداد اهمية في مثل هذه الظروف من اجل حماية حقوق الانسان التي كفلها القانون الدولي  في كل الظروف الطبيعية او الغير طبيعية.و كان هذا المبحث على مطلبين الاول حول تأثير الاوبئة على حقوق الانسان في  العالم و المطلب الثاني حول دور منظمة الصحة العالمية و القانون الدولي في حماية حقوق الانسان في ظل وباء كورونا

المطلب الاول:  تأثير الاوبئة على حقوق الانسان في  العالم

ان الاعلان العالمي لحقوق الانسان و الصدار عن منظمة الامم المتحدة عام 1948 قد نص في المادة /3 منه على (لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه)[7] . و بالتالي فان الحق في الحياة و الحق في الحرية هما من الحقوق الملازمة لكل انسان . وله الحق بممارستهما و في كل الاوقات و الظروف لانهما من الحقوق المصانة دوليا .

و في نفس الوقت  فقد اشارت المادة /2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية على ان كافة الحقوق المدنية و السياسية هي حق لجميع البشر دون اي تمييز بين شخص و شخص اخر او جنس او عرق و في جميع  الظروف و ان على جميع الدول ان تقوم بوضع تشريعاتها الداخلية بما ينسجم مع بنود هذا العهد و كل ما يتعلق بحقوق الانسان[8] .

وان في ظل الوضع الطبيعي يمكن ان نلاحظ تطبيق سلس لجميع حقوق الانسان على مستوى العالم و خصوصا العالم الديموقراطي و لكن نرى ان حقوق الانسان تتعرض الى التضيق و الانتهاك  خلال الظروف الغير طبيعية . و ان من الحقوق التي تتعرض الى الانتهاك  في الظروف الغير طبيعية هي الحق بممارسة العمل و كافة الحقوق الاقتصادية الاخرى و التي اكد على ضمانتها العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية[9].

و ليس فقط  حق العمل بل كافة الحقوق الاخرى من تعليم  و صحافة و اعلام و السفر و النقل و الضمان الصحي  و غيرها .                       

ان الكم الهائل لكل الاعلانات العالمية و المواثيق و العهود و الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الانسان قد  اكدت و بشكل صارم  على حماية و تطبيق حقوق الانسان و في جميع دول العالم دون اي تمييز . و لكن في نفس الوقت نلاحظ ان حقوق الانسان تتعرض دائما للانتهاك سواء في الظروف الطبيعية او الظروف الغير طبيعية ( الاستثنائية ) مثل الكوارث و الاوبئة و الحروب و غيرها . وسواء كان نظام الدولة نظام ديموقراطي يحترم حقوق الانسان او نظام دكتاتوري لا يحترم حقوق الانسان .

حيث كانت الحروب هي اكثر الظروف الغير طبيعية التي تؤثر و تنتهك حقوق الانسان بل ان الحروب هي اكثر من يفتك بالبشر و يخلف الضحايا من البشر و خصوصا بين المدنيين و اخرها ما حصل في الحرب العالمية الثانية التي تجاوز عدد القتلى من المدنيين 40 مليون او اكثر[10] .هذا اضافة الى  الخسائر المادية و الاقتصادية .

حيث ان القانون الدولي العام في بدايته ظهوره كان يسمى بقانون السلم و الحرب  ثم تطور الى ان اصبح يسمى بالقانون الدولي العام و استقرت التسمية عليه . لذلك  ينظم العلاقة بين الدول في اوقات الحرب و السلم[11]. و لكن ظهرت اضافة الى الحروب الاوبئة و التي هي لا تقل فتكا بالبشر عن الحروب .

و ان الاوبئة هي احدى الظروف الغير طبيعية الاستثنائية التي دائما يشهدها العالم بشكل عام او مجموعة اقليمية . و ان انتشار هذه الاوبئة يسبب الكثير من الضحايا البشرية و كذلك الكثير من الاضرار الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية و غيرها . و بالتالي فان تأثير الاوبئة على  حقوق الانسان هو تأثير كبير .

و بما ان من اهداف  القانون الدولي هي حماية حقوق الانسان و تحت اي ظرف من الظروف و ان الهدف الاساس  للقانون الدولي العام منذ بدايته هو المحافظة على مفهوم الإنسانية  وإحاطتها بالأُطُر القانونية الواضحة والشَّفَّافة، والَّتي تهدف إلى حماية  الحقوق والحريات  لكافة شعوب في  العالم[12].

وان اخر الاوبئة  هو وباء كورونا 19 الذي ضربه اغلب  دول العالم والذي في بدايته لم يكن العالم مدرك مدى خطورة هذا الوباء و بمرور الوقت انتشر هذا الوباء بشكل متزايد في اغلب دول العالم مما دفع حكومات الدول اتخاذ اجراءات عديده هدفها  السيطرة على هذا الوباء  وفرضت هذه الدول العديد من الاجراءات تضمنت اغلاق الحدود و المطارات وايقاف حركه النقل  داخل الدولة وخارجها وكذلك تطبيق اجراءات الحجر الصحي و منع  الخروج من المنزل وكذلك ايقاف كل مستويات التعليم من خلال غلق الروضات والمدارس والجامعات والانتقال للتعليم عن بعد( التعليم الالكتروني) و تقيد الاتصالات واضافه الى العديد من الاجراءات التي قيدت حقوق الانسان. و لكن في الحقيقة ان هذه الاجراءات التي اتخذتها الدول فيها تقيد وانتهاك لحقوق الانسان وان بعض حكومات الدول قد طبقت هذه الاجراءات والقيود في زمن وباء  كورونا كان الهدف منها السيطرة على هذا الوباء ولكن يجب ان يكون تطبيق هذه الاجراءات مقترن بشروط وذلك لضمان عدم استخدامها لغرض انتهاك الانسان ولكن من جهة اخرى نرى ان بعض حكومات الدول قد استغلت فتره وباء كورونا وقامت بفرض العديد من الاجراءات بحجه السيطرة الوباء ولكن كان الهدف منها هو تقييد حقوق الانسان .

حيث قامت بعض الحكومات بالاعتداء واعتقال المواطنين تحت ذريعة انتهاك قواعد الحجر الصحي وايضا قامت بمنع حق التظاهر و الاعتصام او اي مظهر من مظاهر الاحتجاج  ضد سياسه تلك الحكومات ونفذت العديد من حملات الاعتقالات ودهم والقبض على المواطنين من باب تعسف في  استعمال السلطة في ظل اجراءات وباء كورونا مما يعد انتهاكا  لحقوق الانسان ، حيث من المفروض تطبيق مفهوم الاعتقال الغرض منه هو عدم تمكن المتهم من الهرب و ليس قصد  اخر سواء كان في فترة وباء كورونا او  بدونه[13].و من حقوق الانسان التي تعرضت للانتهاك خلال فتره وباء كورونا هي الحقوق الاقتصادية كانت من نتائج اجراءات الحجر الصحي هو الجلوس في المنزل وعدم الخروج وبسب هذا الاجراء فقد الكثير من المواطنين عملهم او الحق في العمل وبالتالي انعكس سلبا على المستوى المعيشي للمواطن ، ان الحقوق الاقتصادية  للإنسان والتي كفلها القانون الدولي وجب على الدولة ان تقوم بتعويض المواطنين ماديا ليتمكن المواطن الاستمرار بالعيش بشكل لائق و ذلك بعد فقدانه للعمل بسبب اجراءات الحجر الصحي .وايضا من حقوق الانسان التي تأثرت في ظل وباء كورونا هي حريه الصحافة والاعلام حيث فرضت العديد من  حكومات الدول قيود على حريه الصحافة و حريه التعبير مما تسبب بغلق العديد من القنوات والصحف والغاء العديد من المهرجانات والحفلات و التجمعات والملتقيات الثقافية والورش والندوات. و هذه الاجراءات ادت بالنتيجة  إلى انتهاك حقوق الانسان من حيث والتعبير .وايضا انعكس ذلك من حيث تشريع القوانين او اصدار تعليمات او دعم السلطة الحاكمة من خلال منع التظاهرات او اجراء الاستفتاءات او اي تجمعات سياسيه او اي نوع من الاحتجاجات ضد السلطة من خلال تشريع القوانين والتعليمات التي تمنع كل هذه المظاهر السلمية ، مستغله الاجراءات الوقائية المتخذة في ظل وباء لما يعد انتهاكا صارخا لحقوق الانسان في  الظروف الغير طبيعية .و اصدر المفوضية السامية لحقوق الانسان مبادئ توجيهية خاصة بكورونا 19 . حيث اعتبر المفوضية ان وباء كورونا  يعتبر اصعب  اختبار للمجتمعات والدول والأفراد خلال العصر الحديث . و يجب على الجميع  ( حكومات و افراد ) التعاون و التضامن لمواجهه هذا الفايروس ، من اجل التخفيف من اثاره الاجتماعية و الاقتصادية و كذلك اثاره السلبية التي لحقت بحقوق الانسان نتيجة اجراءات الحجر الصحي التي اتخذتها الدول لمواجهه الفايروس المستجد[14] .

 

المطلب الثاني: دور منظمة الصحة العالمية و القانون الدولي في حماية حقوق الانسان في ظل وباء كورونا

تعتبر منظمة الصحة العالمية من  وكالات الأمم المتحدة المختصة بالصحة، تأسست عام 1946وحاليا تضم 194 دولة عضوًا و مقرها الرئيسي في جنيف . وتعمل و بجهود استثنائية المنظمة في جميع دول العالم لغرض لتعزيز  أعلى مستوى من الصحة بحيث يمكن ان يصل لجميع الناس دون اي تمييز بين العرق أو الدين أوبين  نوع الجنس أو الاتجاه السياسي أو الجانب الاقتصادي أو الاجتماعي. ان هدف رسالة منظمة  الصحة العالمية هو تعزيز الصحة والحفاظ على سلامة العالم  اجمع وخدمة الناس الضعفاء. من اجل الحصول على رعاية صحية ملائمة وغير مكلفة باعتبارها  حق من حقوق الإنسان و التي كفلها القانون الدولي ، والرعاية الصحية الشاملة هي مبدأ أساسي يسترشد به عمل المنظمة[15] . و تعتبر جمعية الصحة العالمية بانها الجهاز المركزي و الرئاسي لمنظمة الصحة العالمية ، وتتكون من الدول الأعضاء الـ194 في المنظمة .ان اول المشاكل التي واجهت منظمة الصحة العالمية هي مصدر وباء كورونا و المسبب له حيث ما زال السبب الرئيسي للوباء مختلف عليه حيث ان البعض يعتبر انه تم نقله الى الصين من خلال تقنية  النانو او المعروف باسم الطب النانوي[16] . و البعض يعزا السبب لانتقاله من الخفافيش او تسرب  من المختبرات البيولوجية  و الاحتمالات كثيرة في هذا الصدد  و لحد الان لم يحسم السبب الحقيقي لظهور وباء كورونا من قبل منظمة الصحة العالمية انما فقط ترجيحات محتملة .و عكفت منظمة الصحة العالمية و منذ اكتشاف وباء كورونا في مدينة ووهان في الصين و من ثم انتشاره الى اغلب دول العالم على قيامها بحملة واسعة على مستوى العالم و استنفرت كل كوادرها و الاخصائيين من اجل الحد من انتشار هذا الوباء و من ثم القضاء عليه . حيث قامت منظمة الصحة العالمية بنشر كافة اجراءات الوقاية من الفايروس و كذلك  توفير كافة العلاجات المطلوبة للمصابين و من ثم بدأت و بالتعاون مع كبرى شركات الادوية من اجل التوصل الى اكتشاف لقاح امن و فعال ضد فايروس كورونا .

وان عمل المنظمة في مواجهة وباء كورونا لم يكن سهلا فقد  واجهت الكثير من الصعاب و المشاكل و خصوصا هناك بعض الحكومات تعارض الاجراءات التي فرضتها منظمة الصحة العالمية .ان الصحة العامة  تتطلب تعاون العديد من  الأشخاص القانونيين الدوليين وذلك  لأنها تدخل في صميم السيادة التي تتمتع بها الدول المستقلة، ومن اجل نجاح السياسة الدولية للصحة العامة  فان ذلك يتطلب  التعاون بين الدول نفسها و بين منظمة الصحة العالمية وايضا التعاون بينها و بين  المنظمات الدولية الاخرى  و منها المنظمات الدولية غير الحكومية والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر  والهلال الأحمر وأطباء بلا حدود  والبنك الدولي ومنظمة التجارة الدولية ومنظمة الأمم المتحدة نفسها. لذلك دأبت منظمة الصحة العالمية على  فتح باب التعاون مع مختلف المنظمات  و العلماء و في  مختلف الاختصاصات بهدف ايجاد  الطرق المناسبة للسيطرة على هذا الوباء .بحث يمكن للديموقراطية العالمية ان تتجاوز حدود الجغرافية للدول من اجل المساهمة في القضاء على هذا الوباء[17].ان من واجب  الدول الأعضاء في المنظمة الدولية ان تقوم بتقديم تقارير و بشكل سنوي لمنظمة الصحة العالمية تتعلق بكافة الاجراءات والتدابير الجديدة التي تم  اعتمادها من قبل المنظمة نفسها  و كذلك مدى التقدم الذي  تحقق  من اجل رفع و تحسين صحة مواطنيها و الخدمات الصحية المقدمة لهم . و من حيث الجانب العملي تعمل الأمانة والمكاتب مباشرة مع الوزارات ذات الصلة في الدول الأعضاءء , .ويحق للمنظمة الدولية تشكيل و انشاء علاقات رسمية مع المنظمات غير الحكومية الاخرى مبنية على أساس منحها وضع استشاري . و ان أي اتصال مع منظمة من المنظمات الوطنية غير الحكومية فأنه  يخضع لموافقة الدولة العضو التي تتواجد فيها تلك المنظمات الاخرى و ايضا من جهه اخرى تستطيع  الجمعية ان تقوم بتطوير وعقد المعاهدات الدولية و التي تكون لاحقا مفتوحة من اجل ان يتم المصادقة عليها من قبل الدول الأعضاء في المنظمة الدولية ، بحيث تلتزم كل دولة من الدول الاعضاء بإعلان خلال ستة اشهر  عن رغبتها في المصادقة على المعاهدة الجديدة او لا. وإذا رفضت أي دولة من الدول الاعضاء العمل بذلك فيجب على الدولة الرافضة تقديم و بيان اسباب الرفض . و لا يقتصر دور منظمة الصحة العالمية  على  إعداد التشريعات الخاصة بالصحية الدولية فقط ، بل يمكن للمنظمة ان تقوم بتنفيذ انشطة عديدة بهدف تطوير الظروف الصحية لدولة معينة ، من خلال تمويل هذه الانشطة من مساهمات  و تبرعات خاصة خارج  بنود الميزانية. وفي حالات الكوارث و الطوارئ، تقوم منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع المنظمات الاخرى ذات الصلة في منظمة الأمم المتحدة، وتشارك في اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات.ادت اجراءات منظمة الصحة العالمية من اعلان حالة الطوارئ الصحية بسبب وباء كورونا الى احداث مهمة و فرض قيود ومنها قيود على التعليم من خلال منصات الكترونية للتعليم الالكتروني[18] .والصحة و حقوق الانسان و الحريات . و هذه القيود  قد رافقتها  بعض الانتهاكات من بعض الدول التي استغلت قيام منظمة الصحة العالمية بفرض قواعد الاغلاق و الحجر الصحي تزامنا مع انتشار وباء كورونا على مستوى العالم . حيث ان بعض الدول ذهبت بإصدار بعض التشريعات و التعليمات التي تقيد  او تنتهك بعض حقوق الانسان . لذلك سارعت منظمة الصحة العالمية على التأكيد على عدم انتهاك أي حق من حقوق الانسان . و ان جميع حقوق الانسان هي مصانة و مكفولة دوليا بموجب القانون الدولي و الاعلانات  و المواثيق الدولية و التي تعتبر منظمة الصحة العالمية هي جزء من هذا النظام الدولي[19].و لكن في نفس الوقت هناك العديد من الانتقادات التي وجهت لمنظمة الصحة العالمية في تعالمها مع وباء كورونا و حماية حقوق الانسان في ضل اجراءات الوقائية التي فرضتها المنظمة . فالبعض اتهم المنظمة بعدم تعاملها بشكل جدي و سريع مع الوباء مما سبب انتشار الوباء لأغلب دول العالم . و البعض الاخر انتقد المنظمة الدولية بالازدواجية بالتعامل مع الدول بخصوص الوباء و الاجراءات الوقائية التي طبقتها او التي فرضتها المنظمة عالميا . و البعض الاخر اتهم المنظمة بالانحياز لبعض الدول دون غيرى من حيث توزيع  العلاجات و كذلك اللقاحات الخاصة بالفيروس حيث شاهدنا خارطة توزيع  اللقاحات على مستوى العالم هناك تباين في عملية توزيع  اللقاحات على مستوى العالم لصالح دول معينية دون دول اخرى  بشكل غير عادل .و ايضا وجهت بعض الانتقادات لمنظمة الصحة العالمية بخصوص الاجراءات التي اتخذتها بحق بعض الدول التي انتهكت حقوق الانسان تحت ذريعة القيود التي فرضتها المنظمة للحد من انتشار الوباء . حيث استغلت هذه الدول اجراءات القيود مثل الحجر الصحي و غيرها لارتكاب انتهاكات لحقوق الانسان ولكن بالمقابل لم نرى رد  قعل قوية من قبل منظمة الصحة العالمية لحماية حقوق الانسان من الانتهاك و وضع حد الى هذه التصرفات من بعض الدول في ضل انتشارات الاوبئة عالميا . و الخوف من تكرار هكذا انتهاكات لحقوق الانسان في حال تعرض البشرية لموجات جديدة من الاوبئة على مستوى العالم .

 

المبحث الثالث

مدى تأثير وباء كورونا على حقوق الانسان  في العراق

ان اعتبار العراق عضوا  في منظمة الامم المتحدة و ان العراق قد صادق على اغلب المواثيق و الاتفاقيات و الاعلانات الدولية المتعلقة بحقوق الانسان و تعهد بالتعامل وفق ما نصت عليه  هذه القوانين الدولية فيما يتعلق بحقوق الانسان . و كذلك ان عضوية العراق في المنظمات و الوكالات المتفرعة من منظمة الامم المتحدة لنفس الغرض ايضا رتبت على العراق الالتزام بكل المعايير الدولية عند تشريع القوانين الداخلية المتعلقة بحقوق الانسان. بما فيها حق التعليم و التعبير و الصحة و حق المساواة بين الافراد في كل المجالات[20].و قد تأثر العراق كبقية دول العالم بوباء كورونا و بشكل كبير . و على اثر انتشار وباء كورونا فقد اتخذت الحكومة العراقية العديد من الاجراءات الوقائية ضد وباء كورونا تطبيقا لما اقرته منظمة الصحة العالمية . و بالتأكيد  فان حقوق الانسان في العراق قد تأثرت نتيجة تلك الاجراءات الصحية الوقائية التي اتخذتها الحكومة العراقية خلال فترة انتشار وباء كورونا 19 .و كان هذا المبحث على مطلبين الاول حول تأثير وباء كورونا على حقوق الانسان  في العراق و المطلب الثاني حول دور التشريعات العراقية في حماية حقوق الانسان في ظل وباء كورونا .

المطلب الاول: تأثير وباء كورونا على حقوق الانسان  في العراق

 منذ قيام الدولة العراقية  الحديثة عام 1921  لم يشهد العراق مؤسسة او سلطة رقابية قضائية حقيقة تمارس الرقابة الدستورية على حماية حقوق الانسان و منع انتهاكها عندما صدر القانون الأساسي(وهو اول دستور للدولة العراقية الحديثة) عام 1925 [21] .انما حصل العكس فقد شهد العراق اوقات مظلمة بخصوص انتهاك حقوق الانسان و اخطرها  كان خلال فترة النظام السابق حيث  كانت الحقوق والحريات يتم انتهاكها تحت  ذريعة المادة (42) من الدستور المؤقت[22].

و كان مجلس قيادة الثورة المنحل يتولى اصدار القوانين والقرارات التي تسمح بانتهاك  حقوق الانسان . و الجميع قد شاهد و سمع  بقرارات قطع اليدين والاذن وجدع الأنف ووشم الجبهة و غير  ذلك من قوانين التي تنتهك الحقوق والحريات . و بعد عام 2003 و التغير الذي حصل في العراق وتبني النظام الجديد الديمقراطي  من خلال قيام الشعب العراقي بالتصويت على  دستور 2005 ، و هذا الدستور كان ضامن و كفيل لكافة حقوق الانسان .

تناول  الدستور العراقي الجديد 2005 اهمية الحقوق و الحريات جميعها  للمواطنين بالتساوي  و نظرا لأهمية حقوق الانسان فأن الدستور العراقي قد خصص الباب الثاني كله  لحقوق الانسان و الحريات العامة  من المادة ( 14 ) الى نهاية المادة ( 46 )[23] .و بذلك  فأن المشرع العراقي قد  خصص ( 33 ) مادة في الدستور العراقي تنظم احكام حقوق الانسان و الحريات . و يرجع  السبب لاهتمام المشرع  العراقي بحقوق الانسان بهذا الشكل الكبير . هو بسبب ما  كان العراق يعانيه من ظلم  و تقييد لحقوق الانسان و الحريات في زمن الانظمة السابقة  قبل 2003.

وعليه نلاحظ ان الدستور ان كان ينظم العلاقة بين سلطات الدولة انه في نفس الوقت يعتبر  الدستور اداة فعالة لحماية حقوق الانسان و الحريات في مواجهه الجميع و في جميع الاحوال[24].

ومع اعلان منظمة الصحة العالمية  وباء كورونا وباء عالمي . اتخذت اغلب الدول اجراءات وقائية و اعلت حالت الطوارئ الصحية و العراق لا يختلف عن بقية دول العالم في هذا المجال . فتم اعلان الحظر التام و من ثم اعلان حظر التجوال الصحي الجزئي و تم اغلاق المدارس و الجامعات و الانتقال بشكل كامل الى نظام التعليم عن بعد ( التعليم الالكتروني ) و غلق المطاعم و المقاهي و مراكز التجمع و اصاب الحياة  شلل شبه تام مما تعطلت مرافق الحياة الضرورية للمواطنين .و هذا بالتأكيد  قد اثر بشكل كبير على حقوق الانسان في العراق . و تعرضت للتضيق و في بعض الاحيان للانتهاك من قبل السلطة من خلال اجراءات الحجر الصحي و كافة الاجراءات الاخرى التي اتخذتها الحكومة مع انتشار وباء كورونا .

 

المطلب الثاني: دور التشريعات العراقية في حماية حقوق الانسان في ظل وباء كورونا

ان الحق في الحياة هو من اهم حقوق الانسان التي يجب حمايتها من أي تهديد و ان من اهم واجبات أي حكومة في أي دولة هي ان تقوم الحكومات بحماية المواطنين من  هذه التهديدات التي تمس صحة و سلامة المواطنين . و اذا اردنا تقييم اداء او عمل أي حكومة معينة فان اهم معايير نجاح تلك الحكومات هي مدى اهتمامها بحقوق الانسان لمواطنيها ، اما اذا فشلت تلك الحكومات في حماية حقوق الانسان لمواطنيها فهاذا دليل على فشل تلك الحكومات ، لذلك يجب على تلك الحكومات ان ترتقي دائما من المستوى الداخلي الوطني الى المستوى الدولي و هذا لا يتم الا اذا كانت التشريعات الداخلية لتلك الحكومات متوافقة مع قواعد القانون الدولية من حيث معايير حقوق الاسان المتعددة و التي يجب ان تضمين تلك المعايير في الوسائل القانونية التي تتخذها الدول لحماية حقوق الانسان سواء كانت تلك الوسائل دستورية  او  تشريع عادي او وسائل ذات طبيعة قضائية او سياسية[25].

و لضمان التطبيق الفعلي لحقوق الانسان في الدولة كان لابد  ان يتم تأسيس جهة مختصة  تتولى مهمة ممارسة الرقابة على اعمال السلطة التنفيذية و السلطة التشريعية عند تنفيذها للقوانين و عدم تجاوزها او انتهاكها لحقوق الانسان اثناء قيام تلك السلطات بواجبتها او التعسف في استغلال السلطات الممنوحة لها بموجب الدستور و نتيجة لهذا التعسف قد يؤدي الى انتهاك لحقوق الانسان ، و عليه  فقد  تأسست المحكمة الاتحادية العليا بموجب الامر (30) لسنة 2005 و المعدل بموجب قانون التعديل الاول رقم ( 25) لسنة 2021 ، لتقوم هذه المحكمة بممارسة اعمل الرقابة الفعلية على دستورية القوانين اضافة الى اختصاصات اخرى[26] . ومن ان تم تشكيل المحكمة الاتحادية العليا عام 2005 فان هذه المحكمة قد لعبت دور فعال و حقيقي في حماية حقوق الانسان من الانتهاكات و التجاوزات من قبل السلطة التشريعية او السلطة التنفيذية و ذلك لان حماية حقوق الانسان يعتبر الهدف الاهم للرقابة الدستورية .

ذهبت الحكومة العراقية الى اتخاذ (حالة طوارئ صحية) تسمح لها بإصدار قرارات واجراءات تعتبر استثنائية و صارمة للحد من انتشار فايروس( كورونا المستجد)، مع اتخاذ بعض التدابير التي تعتبر ضرورية لحماية حقوق الإنسان ومن ضمنها الحق في الحياة والصحة.هذا و اصدر الحكومة العراقية  الأمر الديواني المرقم  (55) لسنة 2020 [27]. وبموجب هذا الامر فقد  تشكلت اللجنة العليا للصحة والسلامة الوطنية برئاسة السيد رئيس الوزراء هدفها القيام  بتعزيز الاجراءات التي تتخذها الحكومة في مجالات الوقاية الصحية والسيطرة الصحية واجراءات التوعية من وباء كورونا  ، بهدف  الحفاظ على سلامة وصحة المواطنين ،وقد اتخذت الحكومة العراقية قرارات عديدة بهذا الصدد  من خلال اللجنة العليا للصحة والسلامة الوطنية، للوقاية من انتشار فيروس كورونا ، منها قرارات تتعلق بالخدمات المجانية مثل الاتصالات في و الانترنيت او اقات الامتحانات و التنقل و غيرها . و تم فرض حظر التجوال الجزئي  مع بعض الاستثناءات و متابعة اسعار المواد الغذائية و غيرها من المواد الضرورية و تعطيل الدوام  الرسمي في اغلب المؤسسات الرسمية  و كذلك وضع الية وقائية لعودة العراقيين من الخارج و تهيئة مراكز فحص و ايواء لهم .

و تأجيل استيفاء الروسم و الايجارات و تسديد الاقساط مما يساهم في التخفيف عن كاهل المواطن العراقي . اضافة الى تخصيص منحة طوارئ لمن لا يملك  أي راتب لمساعدة العوائل الفقيرة خلال فترة كورونا . و ايقاف الدوام في المدارس و الجامعات و الانتقال للتعليم عن بعد ( التعليم الالكتروني )[28].و هنا واجهه التعليم مشاكل كبيرة حول مهارات التعليم عن البعد  و طريقة استخدام منصات التعليم  الالكتروني و تنمية مهارات استخدامها [29].مع توفير البيئة المناسبة له .

اضافة الى تتكيف الحملات الدعائية و الاعلامية لكافة اجراءات الوقاية من الفيروس و كذلك توفير اماكن للعزل و الحجر الصحي و توفير كافة العلاجات و من ثم توفير اللقاحات عندما تم اقرارها من قبل  منظمة الصحة العالمية ،و ايضا قامت  بتوفير كل البيئة الصحية الامنة في كافة السجون العراقية للنزلاء لحمايتهم و وقايتهم من فايروس كورونا ،  و الكثير من الاجراءات و التعليمات التي اصدرتها السلطة التشريعية و التنفيذية في سبيل السيطرة على  انتشار وباء كورونا بشكل واسع .

ولكن رغم كل هذه الاجراءات التي اتخذتها الحكومة العراقية و حرصها على عدم المساس بحقوق الانسان خلال هذه الفترة و في ضل هذه الاجراءات المقيدة ، فأنه حصلت العديد من الانتهاكات لحقوق الانسان في العراق و منها منع حق التظاهر لأكثر من مرة بداعي منع التجوال او الاجراءات الوقائية و كذلك تعرضت حقوق الانسان المتعلقة بحرية التعبير الى انتهاكات متكررة من قبل الحكومة خلال هذه الفترة . و ايضا تعرضت حقوق الانسان الصحية و الخدمية الى انتهاكات متكررة في ضل عجز الحكومة عن توفير الخدمات للمواطنين خلال فترة الحجر الصحي . وقد وثق تقرير العالمي لحقوق الانسان لسنة 2021 [30]. تراجع حقوق الانسان خلال فترة وباء كورونا .

 

الخاتمة:

ان انتشار وباء كورونا في اغلب بلدان العالم قد سبب الارباك و الاحراج في نفس الوقت لمعظم دول العالم . حيث ان اغلب الدول لم تكن مستعدة الى مثل هذا  الوباء لذلك سارعت لأتخاد كافة الاجراءات و بشكل عاجل مما سبب انتهاك لحقوق الانسان خلال فترة الاجراءات الوقائية و عليه  توصل الباحث الى العديد من النتائج  و التوصيات و كالاتي :

أوَّلًا: النَّتائج

ان المواثيق الدولية  قد نصت على حماية حقوق الانسان و في جميع الظروف الطبيعية و الغير طبيعية مع بعض الاستثناءات خلال التدابير الوقائية بشرط  عدم المساس بحقوق الانسان.

ان حقوق الإنسان قد نص عليها القانون الدولي و جميع المواثيق الدولية و يجب الحفاظ عليها .

ان وباء  كورونا فرض بعض القيود المتعلقة ببعض حقوق الانسان وذلك من اجل استمرار حق الحياة .

عدم التمييز بين أي من العرق و الدين و القومية او المناطق . لان حقوق الانسان هي لجميع البشر دون أي تمييز بينهم .

ان اصدار الحكومات لأي قيود على حقوق الانسان يجب ان تكون استثنائية و محددة بفترة الوباء و تزول هذه القيود عند انتهاء الوباء .

كل المواثيق الدولية قد اعتبرت القيود الاستثنائية على حقوق الانسان بانها تهدد حياة الانسان و تعرضه للخطر .

 

ثانيًا: التَّوصيات  

ان وباء كورونا قد اثبت للجميع  ان العالم مرتبط مع بعضه و ان مصير البعض هو من مصير الكل و العكس ايضا .  

افهام المجتمعات بكل ما يتعلق بإجراءات التقيد و منها حالات الطوارئ  و معرفة ما له و ما عليه خلال هذه الفترة .

وضع شروط واضحة لإعلان حالات الطوارئ  و تقنينها بشكل واضح ومحدد الصلاحيات و المدة .

الاتفاق على اعداد وثيقة دولية جديدة ملزمة للجميع  تنظم فيها كل ما هو مستجد  ما بعد كورونا و ذلك لتلافي الانتهاكات التي حصلت لحقوق الانسان خلال فترة وباء كورونا  .

من المفروض توجيه و اجبار حكومات الدول على تحديد مفهوم القاء القبض و الاعتقال و تحديد ذلك ضمن نصوص قانونية صريحة.

 


[1] منظمة الصحة العالمية ، موقع منظمة الصحة العالمية ، تاريخ الزيارة 6/8/2022 الساعة 23:16 p:m

[2] شلدون واتس ، المرض و القوة و الامبريالية ، المركز القومي للترجمة ، ترجمة احمد محمود عبد الجواد، الطبعة الاولى ، القاهرة،2010 ، ص8.

[3] منظمة الصحة العالمية ، مصدر سابق  ،تاريخ الزيارة 6/8/2022 الساعة 23:36 p:m

[4] منظمة الصحة العالمية ، مصدر سابق ،تاريخ الزيارة 7/8/2022 الساعة 19:58 p:m

[5] شلدون واتس ، المرض و القوة و الامبريالية ، مصدر سابق، ص 12.

[6] د.عصام العطية ، القانون الدولي العام ، مكتبة السنهوري ،ط/2005ص23.

[7] الاعلان العالمي لحقوق الانسان ،منظمة الامم المتحدة ،1948،المادة/3.

[8] العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية ،منظمة الامم المتحدة ،1966،المادة /2.

[9] العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية  ،منظمة الامم المتحدة ،1966،المادة /11.

[10] د. اسماعيل عبد الرحمن ،القانون الدولي الانساني ،دار المستقبل العربي ،طبعة القاهرة ،2003،ص15.

[11] د. منير محمود الوتري، القانون ، مطبعة جامعة بغداد ،ط/1974 ، ص55.

[12] حيدر أدهم عبد الحي، دراسات في قانون حقوق الانسان، دار الحامد للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، ٢٠٠٩، ص ٩.

[13] خيري أحمد الكباش، الحماية الجنائية لحقوق الانسان، منشأة المعارف، الإسكندرية، ٢٠٠٨م، ص ٧٦.

[14] المفوضية السامية لحقوق الانسان ، مبادئ توجيهية خاصة بكوفيد 19 ، موقع المفوضية السامية لحقوق الانسان ،2020

[15] منظمة الصحة العالمية ، موقع منظمة الصحة العالمية  ، وقت و تاريخ الزيارة 12:39 AM  في 15/8/2022 ،مصدر سابق

[16] د. ناصر محي الدين ملوحي  ، الطب النانوي-طب تقنية النانو ، دار الغسق للنشر ، سوريا ، 2019 ،ص160 .

[17] دانييل انيراريتي ،جائحة الديموقراطية ،فلسفة في ازمة فيروس كورونا ،نشرة غلاكسي  غوتنبروغ ، اسبانيا ، 2020، ص11.

[18] فاطمة احمد الخزاعلة ،الاتصال و تكنولوجيا التعليم ،دار امجد للنشر و التوزيع ،عمان ،2005،ص40

[19] منظمة الصحة العالمية ، مصدر سابق ، حالة الطوارئ كوفيد19.تاريح  الزيارة 16/8/2022 الساعة 13:46.

[20] د . محمد كامل ليلة ، النظم السياسية ، دار الفكر العربي ، القاهرة ، 1961، ص892.

[21] دستور 1925 ، القانون الاساسي.

[22] الدستور الموقت  ،1970/ المادة 42.

[23] دستور جمهورية العراق ، دستور 2005، المواد (14-46).

[24]( د. احمد فتحي سرور ،الحماية الدستورية للحقوق و الحريات .دار الشروق ، القاهرة ، 2000،ص22.

[25] د. حميد حنون خالد ، حقوق الانسان ،مكتبة السنهوري ،ط1 ،بغداد ،2015 ، ص 237.

[26] دستور جمهورية العراق ،  دستور 2005 ، المادة / 93.

[27] الامانة العامة لمجلس الوزراء ، الامر الديواني رقم (55) لسنة  2020 ، موقع الامانة العامة لمجلس الوزراء ، تاريخ الزيارة 16/8/2022 الساعة 19:44.

 http://cabinet.iq/

[28] حيدر طالب ميدي الاحمر ،التعليم  الالكتروني و امكانية تطبيقه في العراق ، مجلة كلية التربية الاساسية ، جامعة بابل، العدد2 ، العراق  ، 2010.

[29]() OECD (2018), The Future of Education and Skills: Education 2030, OECD Publishing, Paris, http://www.oecd.org/education/2030/E2030%20Position%20Paper%20(05.04.2018).pdf.

[30] التقرير العالمي لحقوق الانسان لسنة 2021 ، منظمة حقوق الانسان .