تاريخ التقديم 1/6/2023 تاريخ القبول 21/9/2023
حقوق الطباعة محفوظة لدى مجلة كلية القانون والعلوم السياسية في الجامعة العراقية
حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمؤلف
حقوق النشر محفوظة للناشر (كلية القانون والعلوم السياسية - الجامعة العراقية)
CC BY-NC-ND 4.0 DEED
Printing rights are reserved to the Journal of the College of Law and Political Science at Aliraqia University
Intellectual property rights are reserved to the author
Copyright reserved to the publisher (College of Law and Political Science - Aliraqia University)
Attribution – Non-Commercial – No Derives 4.0 International
For more information, please review the rights and license
تأثير الادارة المشتركة للموارد المائية
لحوضي دجلة والفرات في امن واستقرار العراق
The impact of joint management of water resources
of the Tigris and Euphrates basins
on the security and stability of Iraq
أ.م.د نهرين جواد شرقي
كلية العلوم السياسية – جامعة بغداد
Assist. prof. Dr. NAHRAIN JAWAD SHARQI
University of Baghdad/college of political science
nahreen.col@copolicy.uobaghdad.edu.iq
المستخلص
المصدران الرئيسان للمياه العراقية، هما نهرا: دجلة والفرات، اللذان يمدان (98٪) من المياه السطحية للبلاد. ينبع كلا النهرين من تركيا، ويتدفق نهر الفرات عبر سوريا، وبعض الروافد الأخرى تتدفق عبر إيران. كان العراق حتى السبعينيات يعدّ دولة غنية بالمياه، ولكن منذ أن بدأت تركيا في بناء السدود على النهرين، قللت بشكل كبير من موارد العراق المائية. إذ بدأت الحكومة التركية مشروع جنوب شرق الأناضول، ببناء (22) سداً و (19) محطة طاقة هيدروليكية للمقاطعات النامية في الجنوب الشرقي، وكانت مترددة في التفاوض بشأن صفقة مياه مع العراق وسوريا. تركيا لديها القدرة على قطع تدفق المياه في اتجاه مجرى النهر على المدى القصير، مع تقليل إمدادات المياه الإجمالية في العراق. على سبيل المثال، في التسعينيات، رفعت تركيا مستوى المياه في سد أتاتورك دون علم سوريا والعراق. كما أدت سياسات قطاع المياه في إيران إلى تقليص إمدادات المياه في العراق. إذ إنَّ الروافد التي تنبع من إيران توفر (40٪) من مياه شط العرب (نهر الوند) في العراق، وكان لبناء السد تأثير مدمر في تدفق المياه إلى المحافظات الشرقية من العراق. ومع بناء (600) سد في إيران والمزيد من التخطيط، تم تحويل مياه الأنهار مثل كارون والكرخة للبقاء في إيران، ولم تعد تتدفق إلى العراق. هذه الانحرافات في المسار لم تقلل من تدفق المياه إلى العراق فحسب، بل أدت أيضًا إلى زيادة ملوحة المياه. ففي محافظة البصرة وحدها، تم إدخال (118) ألف شخص إلى المستشفى في صيف 2018، بسبب مشكلات صحية تتعلق بجودة المياه. بالنظر إلى المستقبل، من المتوقع أن يجف نهرا: دجلة والفرات داخل العراق بحلول عام 2040 بسبب سياسات المياه لجيرانه، ويبدو أنَّه ليس ثمة حلول امام العراق سوى اللجوء الى المفاوضات مع دول المنبع والاتفاق على ادارة متكاملة لمياه الحوضين (دجلة والفرات) من اجل ديمومة المياه، والمحافظة على امن واستقرار البلاد.
الكلمات المفتاحية: حوضي دجلة والفرات، تركيا وايران، ادارة مشتركة، الموارد المائية، امن واستقرار العراق.
Abstract
The two main sources of Iraqi water are the Tigris and Euphrates rivers, which supply (98%) of the country›s surface water. Both rivers originate in Turkey, the Euphrates flows through Syria, and some other tributaries flow through Iran. Until the 1970s, Iraq was considered a country rich in water, but since Turkey began building dams on the two rivers, it has greatly reduced Iraq›s water resources. The Turkish government initiated the Southeast Anatolia Project, building 22 dams and 19 hydropower stations for the developing provinces in the southeast, and was reluctant to negotiate a water deal with Iraq and Syria. Turkey has the potential to cut off the downstream water flow in the short term, while reducing Iraq›s overall water supply. For example, in the 1990s, Turkey raised the water level of the Ataturk Dam without the knowledge of Syria and Iraq. Iran›s water sector policies have also reduced Iraq›s water supply. As the tributaries that originate from Iran provide (40%) of the water of the Shatt al-Arab (Al-Wand River) in Iraq, and the construction of the dam had a devastating effect on the flow of water to the eastern governorates of Iraq. With the construction of 600 dams in Iran and more planning, the waters of rivers such as Karun and Karkheh were diverted to stay in Iran and no longer flow into Iraq. These deviations in the path not only reduced the flow of water into Iraq, but also increased the salinity of the water. In Basra Governorate alone, 118 thousand people were hospitalized in the summer of 2018, due to health problems related to water quality. Looking to the future, the Tigris and Euphrates rivers inside Iraq are expected to dry up by 2040 due to the water policies of its neighbors, and it seems that there is no solution for Iraq other than resorting to negotiations with upstream countries and agreeing on an integrated management of the waters of the two basins (Tigris and Euphrates) for the sake of water sustainability. and maintaining the security and stability of the country.
Key words: Tigris and Euphrates basins, Turkey and Iran, joint management, water resources, security and stability in Iraq.
المقدمة
ان تزايـد الطلـب علــى الميـاه فـي ظــل مـوارد محــدودة واحيانـا غيـر متجــددة وظهـور انمــاط حياتيـة وصـناعية جديـدة ادى الـى تصـاعد كبيـر فـي الاسـتهلاك ويـزداد الامـر تعقيـدا حينمـا يتعلـق بالبلـدان التـي تقتسـم نفـس المـورد المـائي او نفـس المجـرى المـائي كمـا اصـبح التنـافس كبيـرا وعلـى اشده على المياه بين قطاع الري والشرب وبـين الباديـة والمدينـة وبـين المرافـق الصـناعية والحاجيـات السياحية ويضاف الى هذا التزايد على الطلب الناتج عن الكثافة السكانية المتصاعدة وتنامي حركة التمـدن والتصـنيع فـي الوقـت الـذي يبـدأ التصـحر وتلـوث البيئـة وتـاثير التقلبـات المناخيـة مـن جفـاف وفيضان يغـزوا اجـزاء كبيـرة مـن الـدول العربيـة ونتيجـة لهـذه العوامـل فقـد طـرأت علـى المـوارد المائيـة تغيرات كمية ونوعية اثرت على مجاري المياه وتخزينها في السـدود والبحيـرات وعلـى احـواض الميـاه الجوفية انعكست سلبا على تامين الامداد بالمياه .
تبرز أهمية الأمن المائي بوصفه من الموضوعات الاستراتيجية ذات العلاقة بالأمن الوطني والأمـن القـومي بشكل عام . فمنذ زمن غـير بعيـد راح الفكـر الاسـتراتيجي الـدولي يعطـي مفهـوم الأمـن المـائي اهتمامـه الخـاص ، للسـيادة الوطنيـة وللأمـن القـومي الشـامل . ولـيس ثمـة شـك مـن وجـود علاقـة مكونـا واصـبح هـذا الأمـن عـاملا وطيدة بين الأمـن المـائي وبـين الاسـتقلال الاقتصـادي والسياسـي ، وان تحقيـق الأول يقـود الى تحقيـق الثـاني، كمـا ان فقدان الأول ينتهي الى فقدان الثاني
يشـكل الأمـن المـائي العراقـي جزء لايتجـزأ مـن الأمـن المـائي لبلـدان المشـرق العـربي، وهـو اكثـر التصـاقا يشـكل الأمـن المـائي العراقـي جـزءا لاشـتراك البلـدين في أهـم حوضـين مـائيين في المشـرق العـربي وهمـا حـوض نهر الفـرات بـالأمن المـائي السـوري نظـراً للأمـن الغـذائي ، اذ ان الأمـن الغـذائي اسـتراتيجيا وبشـكل اقـل حـوض ـر دجلـة . ويشـكل الأمـن المـائي رديفـا لايمكـن ان يتحقـق دون تـوفير المـوارد المائيـة ، وهـذا يتطلـب بـدوره تنميـة هـذه المـوارد لتلـبي الاحتياجـات الحاليـة والمستقبلية للسكان من المياه من خلال العمل على تنفيذ متطلبات الأمن المائي .
ويتعرض الأمن المائي في حوضي دجلة والفرات حاليا الى التحديات التي تمثل واحـدة مـن ابـرز القضـايا لــتي ســوف تجابــه العــراق وســوريا في المســتقبل القريــب، ولاســيما ان مقــدماتهما أصـبحت واضـحة منـذ وقـت لـيس بالقصـير وذلـك بسـبب سياسـات تركيـا المائيـة المتمثلـة في اقامـة مشـروعات الـري والسـدود، وهـدفها مـن ذلـك ورقـة ضـغط سياسـيا خفض تدفق منسوب مياه ري دجلة والفـرات الى العـراق وسـوريا واسـتعمال الميـاه سـلاحا عليهما وضدهما للوصول الى هدفها في مقايضـة الميـاه بـالنفط العـربي واهـداف اخـرى مهمـة. وبجانـب ذلـك فقـد شـكلت الأطمـاع الصـهيونية في الميــاه العربيــة ومشــاريع اســتغلال ري دجلــة والفــرات مؤشــراً خطــيراً علــى تهديـد الأمن المائي في حوضي النهرين، من خلال أنابيب مياه السلام .
المحور الاول
مفهوم الادارة المتكاملة للموارد المائية
اولاً: مفهوم الادارة المتكاملة للموارد المائية
لقد تم تحديد الإدارة المتكاملة للموارد المائية من قبل الشراكة العالمية للمياه بوصفها «عملية تشجع على التنسيق والإدارة للمياه والأراضي والموارد ذات الصلة، بغية تحقيق أقصى قدر ممكن من الرفاه الاقتصادي والاجتماعي الناجم على نحو عادل دون المساس باستدامة النظم الإيكولوجية الحيوية». وقد أوصي بصفة خاصة بتطوير الإدارة المتكاملة للموارد المائية في البيان الختامي لوزراء المؤتمر الدولي المعني بالمياه والبيئة في عام 1992 (ما يسمى بمبادئ دبلن). ويهدف هذا المفهوم إلى تشجيع التغييرات في الممارسات التي تعتبر أساسية لتحسين إدارة الموارد المائية. وفي التعريف الحالي، تستند الإدارة المتكاملة للموارد المائية إلى ثلاثة مبادئ تعمل معا كإطار عام:[1]
المساواة الاجتماعية: ضمان المساواة في الوصول لجميع المستخدمين (ولا سيما الفئات المهمشة والفقيرة من المستخدمين) إلى كمية كافية من المياه ونوعيتها اللازمة للحفاظ على رفاه الإنسان.
الكفاءة الاقتصادية: تحقيق أكبر قدر من الفائدة لأكبر عدد ممكن من المستخدمين مع الموارد المالية والمائية المتاحة.
الاستدامة الإيكولوجية: تتطلب أن يتم الاعتراف بالنظم الإيكولوجية المائية كمستخدمين وأن يتم تخصيص ما يكفي للحفاظ على أدائها الطبيعي.
ثانياً: مبادئ الإدارة المتكاملة للموارد المائية
ترتكز الإدارة المتكاملة للموارد المائية على عدة مبادئ تحرص اي دولة على أخذها في الاعتبار بما يتناسب مع الجوانب الدينية والثقافية والاجتماعية والبيئية وهذه المبادئ هي([2]):
أن المياه العذبة مورد محدود قابل للنفاذ وهى أساسية للمحافظة على الحياة والتنمية والبيئة ويجب التعامل معها بطريقة متكاملة تأخذ في الاعتبار الكم والنوع للمياه السطحية والجوفية معاً.
التأكيد على مبدأ المشاركة بين جميع المستخدمين والمخططين وواضعي السياسات ومتخذي القرار على جميع المستويات فئ إدارة الموارد المائية.
مبدأ حق الانتفاع بالموارد المائية بدون ملكية وتحت إشراف الدولة.
المياه لها قيمة اقتصادية في جميع الاستخدامات .
أهمية دور المرأة في إدارة المياه.
مبدأ تجنب الضرر للحفاظ على نوعية المياه.
تهدف هذه المبادئ العامة إلى تنشيط التغيرات في المفاهيم والتطبيقات التي تعتبر أساسية لتطوير إدارة المياه. إن هذه المبادئ يجب أن تنظر على أنها غير ساكنة فهي متحركة وهناك ضرورة واضحة لتحديثها في ضوء الخبرات الناتجة من التطبيق العملي والتداول.
إن إستراتيجية إدارة الموارد المائية، ستشكل بمكوناتها التقنية والبيئية والتنظيمية، أداة توجيهية تسهل عملية اتخاذ القرار السياسي، بهدف إدارة مستدامة للموارد المائية في دول العالم العربي. هذا وترمى إدارة الطلب على المياه إلى اعتماد سلوكيات تهدف إلى ما يلي([3]):
الرفع من مستوى اقتصاد الماء، مع ضمان استعماله بأقصى فعالية ممكنة .
حماية جودة الماء، وتحسين جودة الماء الموزع من أجل الاستجابة للطلب.
الرفع من احتياطي الماء بأعتماد مصادر غير تقليدية.
برمجة تزويد متنوعة للمياه، عبر مراعاة القطاعات المستفيدة منة وحسب درجات جودته المختلفة.
فتفعيل إدارة الطلب يتم عبر تدابير مختلفة قد تكون تقنية، أو عن طريق حملات التوعية، أو الحوافز المالية، أو توافر المعلومات والبيانات الخاصة بالمياه، كما أن المنظمات المعنية بالمياه أظهرت إدراكا وفهماً أحسن لقضايا إدارة الطلب على الماء. وبهذا الشكل أصبحت المعلومات في متناول أصحاب القرار والمنظمات، وصارت تساهم في تبادل المعلومات.
ثالثاً: أساليب الإدارة المتكاملة للموارد المائية
انطلاقا من مبادئ مؤتمر دبلن عام 1992 فقد وضعت عدداً من الأساليب والمناهج العامة نحو الإدارة المتكاملة للمياه وهي:
المنهج الشمولي
يستدعى هذا التوجه إلى الأخذ بالاعتبار كل خصائص المياه ابتداء من الدورة الهيدرولوجية الطبيعية للمياه والعوامل المؤثرة عليها، ومن هذا المدخل الأساسي للمياه يمكن التحكم في كثير من جوانب أدائها، كما يشمل النظر في تدخلات المياه مع الموارد الطبيعية الأخرى والنظم البيئية المرتبطة، هذا بالإضافة إلى تعدد استخدامات المياه والتحديات التي تواجه هذا المورد . لهذا فإن التوجه المطلوب هو إدارة المياه على مستوى الأحواض المائية، لهذا يعتبر التوجه الشمولي هو التنسيق بين كل مصادر العرض وكل أوجه الطلب من أجل الاستخدام الرشيد لما هو متاح من مياه[4].
المنهج التشاركي
تحتاج المشاركة الفعلية إلى أن يكون لكل المساهمين في كل المستويات وكل القطاعات وكل الهياكل المؤسسية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية أثر على القرارات في كافة مستويات إدارة المياه كما يجب أن يكون هناك اعتراف بأن استدامة المورد هي مسؤولية مشتركة بين جميع الجهات ذات الصلة بإدارة المياه[5].
المنهج الاقتصادي
يستوجب هذا المنهج تغيير المفاهيم السائدة حول قيمة المياه والاعتراف بأن لها قيمة اقتصادية والاعتراف بتكلفة الفرص الممكنة، ولكن يجب أن تكون القيمة الاجتماعية للمياه حاضرة لأهمية توفير مياه الشرب على رأس أولويات استخدام هذا المورد النادر، وبالتالي يجب استخدام المبادئ الاقتصادية لحل المشكلات المائية كونها تسهم بشكل فعال في رفع كفاءة استخدامات المياه وتقليل الهدر[6].
رابعاً: وسائل الإدارة المتكاملة للموارد المائية
من الأهمية بمكان التزام الإدارة المتكاملة للموارد المائية بالمبادئ التي ترسمها الدولة. ولتحقيق هذه السياسة لابد من تخطيط سليم وإدارة تحقق التكامل وأنظمة معلومات توفر المعطيات اللازمة للتخطيط والإدارة بحيث تستطيع معها الإدارة حل المشكلات المائية الرئيسية والمتمثلة بتخفيف الآثار السلبية لاستثمار الموارد المائية وإيجاد الحلول المناسبة لموضوع النزاعات على استخدامات المياه. وفي كثير من دول العالم اليوم يطبق المنهج التكاملي الذي يتم على المستويات التالية[7]:
الإدارة المتكاملة للموارد السطحية الدائمة والموسمية الجريان.
الإدارة المتكاملة للمياه الجوفية المتجددة وغير المتجددة .
الإدارة المتكاملة للمياه السطحية والجوفية.
الإدارة المتكاملة للمياه التقليدية وغير التقليدية.
الإدارة المتكاملة لإمدادات المياه والطلب على الماء.
ويرى المختصون انه من الضروري تعميم هذا المنهج التكاملي على مستوى الوطن العربي وربطة بعنصر الأرض كون معظم مناطق هذا الوطن جافة وشبة جافة وتزداد فيه ندرة المياه. ويقترح الدكتور (جان خوري) - مدير ادارات الدراسات المائية في المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والاراضي القاحلة / اكساد - في هذا المجال الوسائل التقنية ويعني بها النماذج الرياضية والأدوات العلمية المستخدمة في مراحل التخطيط والتنفيذ المائية، وكذا الوسائل الاقتصادية حيث تلعب الضوابط الاقتصادية وبخاصة السياسات السعرية المائية دوراً فاعلاً في مجالات ترشيد استخدامات المياه وأيضا الوسائل المؤسسية، والوسائل التشريعية لما لها من أهمية في حماية الموارد المائية السطحية والجوفية من التلوث[8].
خامساً: اهم الاتفاقيات المنظمة للادارة المشتركة لمياه حوضي دجلة والفرات
تستند وجهة النظر العراقية إلى مبادئ القانون الدولي بشأن تنظيم استغلال المياه. فنهرا دجلة والفرات دوليان طبقا لتعريف الأمم المتحدة الذي يقول إن النهر الدولي هو «المجرى المائي الذي تقع أجزاء منه في دول مختلفة».ويرى العراق أن حوضي نهري دجلة والفرات مستقلان عن بعضهما، فلكل منهما حوضه ومساره ومنطقته. ويشدد أيضا على ضرورة التوصل إلى اتفاق ثلاثي، بين تركيا وسوريا وإيران، لتحديد الحصص المائية لكل دولة على أسس عادلة، وبالاعتماد على القانون والعرف الدوليين.وتدعو بغداد إلى اقتسام مياه نهري دجلة والفرات بين الدول الثلاثة وفقا لمعادلة رياضية، تقوم فيها كل دولة بالإبلاغ عن حاجتها من المياه اللازمة لمشاريعها، وتشرف على العملية لجنة فنية مشتركة. تستند وجهة النظر العراقية إلى مبادئ القانون الدولي. فنهرا دجلة والفرات دوليان طبقا لتعريف الأمم المتحدة.[9]
لذلك عقدت البلدان المتشاركة في مياه نهري دجلة والفرات، العراق وتركيا وسوريا، العديد من الاتفاقيات والمعاهدات الجزئية طيلة السنين الماضية. كانت أولى هذه الاتفاقيات بين كل من تركيا من جهة، وبين فرنسا وبريطانيا الدولتين المنتدبتين على العراق وسوريا حينها من الجهة الأخرى. ونصت معاهدة لوزان في تموز 1923، في المادة 109 منها، على «المصالح والحقوق المكتسبة» التي يجب الحفاظ عليها من خلال اتفاق يعقد بين الدول المعنية، كما أشارت إلى أنه «في حال تعذر الاتفاق بين الدول المعنية بشأن هذا الموضوع فإنه يحال إلى التحكيم».وفي آذار 1946 عقد العراق مع تركيا معاهدة صداقة وحسن جوار ألحقت بها ست بروتوكولات، تضمن الأول منها أحكاما تتعلق بتنظيم الانتفاع بمياه نهري دجلة والفرات وروافدهما. تضمن البروتوكول أربع قواعد رئيسية، هي: المحافظة على مياه نهري دجلة والفرات وروافدهما بصفة منتظمة، وتفادي حصول أضرار بسبب الفيضان في أوقات ارتفاع مستوى المياه، وأن للخبراء العراقيين الحق في زيارة المواقع التي تقوم عليها أعمال المحافظة على المياه، وأيضا إقامة أي مشاريع تثبت ضرورة إقامتها، وأن على تركيا تزويد العراق بالخرائط والمعلومات الخاصة بالمشاريع والأعمال التي تنوي تركيا أن تقيمها في المستقبل على نهري دجلة والفرات.[10]
وفي عام 1972، وقع العراق مع تركيا بروتوكولا للتعاون الاقتصادي والفني، تعهدت فيه تركيا بإطلاع الجانب العراقي على برنامج ملء خزان سد كيبان، من أجل تأمين احتياجات العراق من المياه، وأن يباشر الطرفان في أسرع وقت ممكن مباحثات حول المياه المشتركة ابتداء بنهر الفرات وبمشاركة جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك سوريا.وتم توقيع بروتوكول آخر للتعاون الاقتصادي والفني بين العراق وتركيا في عام 1980، قضى بتشكيل لجنة فنية لتحديد الكمية المناسبة والمعقولة من المياه التي يحتاجها كلا البلدين، وعلى اللجنة أن تقدم تقريرها خلال مدة سنتين.[11]
كما قدم العراق عام 1997 مقترحا عن طريق وزارة الخارجية، طالب فيه بتقسيم مياه النهرين إلى ثلاث حصص بنسبة الثلث لكل بلد، مستندا إلى القواعد الدولية التي تقر بحق كل دولة متشاطئة على نهر دولي في الحصول على حصة عادلة ومعقولة من مياه ذلك النهر.وطوال العقود الماضية، وجه العراق نداءات مستمرة إلى تركيا للوصول إلى اتفاقية تتعلق بحصته من المياه، وضرورة مشاورته عند قرار إنشاء أي سد على النهرين، لكن دون جدوى. ولم تهتم تركيا أيضا باقتراح تقسيم مياه نهر الفرات من قبل البنك الدولي بأن تكون حصة تركيا حوالي 11 مليار م3، وحصة سوريا 16 مليار م3، وحصة العراق 12 مليار م3.وتحتج تركيا، في رفضها الوصول إلى أي اتفاقية مع العراق حول المياه، بأن العراق لم يقدم أي دليل يثبت قدرته على إدارة موارده المائية، وتطوير طرق الري، معتبرة أنه لا فائدة من إطلاق مياه ستنتهي بالمحصلة في الخليج دون الاستفادة منها.[12]
ومنذ ذلك التاريخ، عقدت اللجنة 16 اجتماعا، إلا أنها لم تسفر عن توقيع اتفاق ثلاثي بين العراق وسوريا وتركيا، ولم تحدد الحصة النهائية لكل دولة. ولم تتمكن أيضا من وضع خطة لعملها بسبب اختلاف وجهات النظر بين الأطراف.واستمرت المفاوضات تراوح مكانها بين البلدين، حتى أعلنت وزارة الموارد المائية العراقية عن توقيع بروتوكول لتوزيع مياه دجلة في 16 أكتوبر 2021، اعتبرته الوزارة حينها الأول من نوعه. مع ذلك، وبعد نحو ثمانية أشهر من هذا الإعلان، ظهر حاكم الزاملي نائب رئيس البرلمان العراقي مهددا تركيا وإيران بإصدار قانون تجريم التعامل التجاري مع الدولتين بسبب تراجع الحصص المائية للعراق. لاحقا قدم الزاملي استقالته لأسباب سياسية من البرلمان، وبقي ملف المياه حبيس التصريحات.»العراق محتج، ومتحفظ بشدة على بناء هذا السد»، يقول حسين موضحا أنه «سيحرم العراق من موارد مائية مهمة»، إلا أن الجانب التركي «لم يُجب عن تساؤلات العراق حول هذا السد».[13]
أما إعلان الوزارة في سبتمبر 2021 وصولها إلى تفاهمات مهمة حول ملف المياه، فكان «عقب مصادقة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على مذكرة تفاهم أعدت عام 2009، وتم تحديثها عام 2014، ثم وقعتها الحكومة التركية في آذار 2021»، يضيف حاتم حميد حسين.وتحتوي هذه المذكرة على «أطر عامة لتفاهمات في إدارة المياه بين البلدين، وشراكة تنفيذ مشاريع استثمارية داخل العراق، بما يحفظ حقوق العراق المائية».واستنادا إلى هذه المذكرة، كما يقول حسين، فإن وزارة الموارد أعدت بروتوكولا خاصا بتشغيل نهر دجلة «يتضمن التصاريف الشهرية لتلبية الاحتياجات المائية»، أرسل إلى الجانب التركي «لكن لحد الآن، لم تصل الملاحظات التركية».ويتمنى مدير عام المركز الوطني لإدارة الموارد المائية «أن يكون هناك تجاوب إيجابي من الجانب التركي»، رافضا الإفصاح عن الحصة المائية التي طالب بها العراق في البروتوكول كونها «خاضعة للتفاوض، لكن تم وضع أرقام تضمن حصصا عادلة»[14].
المحور الثاني
تحديات الامن المائي العراقي
تسببت السدود التي أقامتها دول المنبع، خاصة تركيا وإيران، في نقص واضح في تخصيصات المياه السطحية، مما أدى إلى تدهور البيئة في المنطقة الشمالية. يهدف مشروع المياه الأستوائية (TWP) في إيران إلى تطوير قطاعها الزراعي من خلال بناء المزيد من البنى التحتية للمياه على روافد نهري سيروان - ديالى والزاب الصغير دون التشاور مع العراق كدولة مصب. سدا بسعة إجمالية تبلغ ٩.١ مليار متر مكعب، ًّ العراق. سيقوم (TWP) بشق (١٥٠) كيلومترا من الأنفاق التي تحول أكثر من مليار متر مكعب من المياه. وبالتأكيد سيقلل هذا المشروع من الطاقة الأستيعابية لسد دربنديخان بنسبة تصل إلى ٧٧٪ ، وهذا الأنخفاض الكبير في حصة المياه من شأنه أن يضر بشدة بالبيئة بشكل عام في العراق وخاصة إقليم كوردستان. وعلى سبيل المثال، في عام ٢٠١٩ انخفض تدفق نهر الزاب الأسفل بنسبة ٥٠%، الحال نفسه بالنسبة لنهر الزاب الصغير وسد دوكان، حيث تم بناء مجموعة من السدود وعمل نفق تحويلي من كاني سيو لما يقارب ٢١ م3/ ثانية لتغذية وإنعاش بحيرة أورمية الأيرانية. هذا التحدي سيورث لباقي أنحاء العراق. أما البعد المالي فهو أحد التحديات الحاسمة؛ فالمنطقة الشمالية تعاني، لاسيما حكومة إقليم كوردستان، من نقص في التمويل واستيعاب الميزانية لحل التحديات البيئية المتعلقة بالمياه، بحيث تم تعليق أو تأجيل معظم المشاريع، علما بأن ملف المياه هو ملف سيادي. كما لا يزال سد الموصل سدا غير مستقر، وما زالت عمليات الحشو غير مستدامة[15].
وبالامكان تلخيص اهم التحديات للامن المائي العراقي بالاتي:
اولا : التحديات الاقتصادية
ترتبط المياه ارتباطاً وثيقا بالعوامل الأقتصادية المختلفة. اذ تتأثر بشكل كبير بالري الزراعي وتوليد الطاقة الكهرومائية واستخدام المياه في المنازل والصناعة والأغراض البيئية وإنتاج النفط المستدام. اذ يركز هذا القطاع على المياه كسلعة اساسية تؤثر بشكل مباشر في الاقتصاد المحلي. أمثلة: ٧٠ ٪ من الموارد المائية المستخدمة في قطاع الزراعة تؤثر بشكل مباشر على الأمن الغذائي. كما تشكل صناعة إنتاج النفط أكثر من ٩٠٪ من الأيرادات الوطنية العراقية، حيث يحتاج كل برميل نفط إلى ٣-٥ براميل ماء[16].
ثانيا: التحديات الانسانية والبيئية
تغير المناخ هو تحد عالمي مشترك، ويصنف العراق من بين البلدان الخمسة الأكثر تأثرا به. يؤدي الأفتقار إلى التخطيط لندرة المياه في هذا السياق إلى إلحاق ضرر مادي ببيئة العراق ونظامه البيئي. وستكون الأراضي الرطبة، مثل الأهوار والبحيرات الطبيعية، في خطر النضوب. إن الأنشطة البشرية، كإنتاج النفط والتعدين والمخلفات الصناعية، وقلة السياسات التي يتم تنفيذها، أمور تتسبب بتلوث المسطحات المائية ونظام المياه الجوفية. هذا سيؤدي إلى احتياج موارد كبيرة لأعادة التأهيل في المستقبل. وسيسلط هذا القطاع الضوء على كشف التحديات والفرص الأساسية من حيث السياق المحلي[17].
لقد كان تأثير تغير المناخ في السنوات الماضية على المياه واضحا على مستويات مختلفة من حيث كمية ونوعية الموارد المائية. وقد انعكس ذلك بشدة على المياه والأمن، بحيث أثرت موجة التصحر والنزوح على تدهور النظام البيئي. ان تغير المناخ يؤثر بشكل واضح في شمال العراق خاصة في إقليم كوردستان، حيث يحل المناخ الجاف محل مناخ المنطقة الشمالية الذي يتميز أصلاً بكونه شبه جاف. وينطبق ذلك أيضا على المناطق الرطبة التي تحولت إلى إقليم كوردستان العراق[18].
المحور الثالث
دوافع الصراع على المياه في حوضي دجلة والفرات
يمكن إيجاز أهم النقاط التي قد تؤدي إلى الصراع بما يلي[19]:-
لـم تـتمكن دول الحـوض فــي التوصـل إلـى صـيغة كاملــة شـاملة لتقسـيم الميـاه وضــبطها وتوزيعهـا ومـن ثـم إلــى زيادة الإيرادات في إطار جماعي ملزم وعلـى قاعـدة القـانون الـدولي ومصـالح كـل الأطـراف، وقـد كانـت هنـاك اتفاقيــات عــدة بــين البلـــدان الــثلاث الا ان تركيـــا لــم تلتــزم ببنـــود هــذه الاتفاقيــات، فقـــد تجســدت مواقــف تركيـــا ولاسـيما فـي قضــية نهـر الفـرات فــي عـدم الاعتـراف بالصــفة الدوليـة للنهـر اذ تعــده نهـرا عـابرا للحــدود، كمـا تعــد مياه النهر ثروة قومية خاضعة لسيادة الدولـة التركيـة وحـدها ويؤكـد الأتـراك بأنـه لـيس هنـاك قـوانين دوليـة تفـرق، علـى اعتبــار ان ميـاه نهــري دجلـة والفــرات هـي ميــاه بـين مجــاري (الميـاه الدوليــة) التـي تمــر عبـر الحــدود، وطنيـة عـابرة للحــدود وليسـت مياهــا دوليـة مشـتركة وهــي بالتـالي لا تخضــع للقسـمة، كـذلك تعــد تركيـا ان لــديها حق السيادة المطلقة على مياه النهرين التي تجري على أراضيها كونها مصدرا وطنيا مثل النفط.
اسـتمرار تركيـا بإنشـاء مشـاريعها علـى نهـري دجلـة والفـرات مـن دون مراعـاة حقـوق العـراق وسـورية وحصصـهما في كميات المياه الواردة إليهما وخصوصا مشروع الكاب ومشروع سد اليسو على نهر دجلة.
اسـتمرار التعــاون التركــي (الإســرائيلي) والــذي بــدت بــواده فـي عــام ١٩٨٦ عنــدما طرحــت تركيــا مشــروع أنابيــب السلام فضلاً عن مشـاريع أخـرى لنقـل الميـاه إلـى (إسـرائيل) منهـا مشـروع الأكيـاس العائمـة، وهنـاك مشـروع آخـر يتم التفكير فيه لنقل المياه إلى (إسرائيل) عبر أنبوب طويل يسير في البحر المتوسط لشواطئ (إسرائيل).
النظــر إلــى الميـــاه كأحــد عناصـــر الأمــن القـــومي، إذ تتجــه دول المنطقــة، فـــي ســياق تغييـــر العلاقــات الدوليـــة ومناخ الاستثمار الدولي إلى الزراعة وتحديـدا المحاصـيل الغذائيـة ولـيس أمامهـا سـوى الـري الـدائم فـي ظـروف الجفاف السائد.
وجــود حـــزب العمـــال الكردســتاني فـــي أراضـــي ســـورية والعــراق واســـتخدام الميـــاه كورقــة ضـــغط علـــى البلـــدين لإخراج هذا الحزب من الأراضي السورية والعراقية وبــدوره يتطلــب اســتخدامها نموا اقتصــاديا سريعا.
رغبـة تركيــا فــي الانضـمام إلــى الاتحــاد الأوربــي وهـذا يتطلــب استثمار المياه لحدها الاقصى مــن اجـل الحصــول علــى تنميـة زراعيــة متقدمــة، كـذلك تظهــر تركيــا نفسـها كقــوة إقليميــة بــارزة فـي المسـتقبل علـى الصـعيد المـائي بحيــث إنهـا سـوف تمـارس المزيـد مــن الضـغوط علـى جيرانهـا لأجـل إحكــام السيطرة التي تملكها الآن على هذا المورد.
على الجانب الاخر، فأن الموقف العراقي من تقاسم المياه المشتركة الدولية مع تركيا لنهري دجلة والفرات يتلخص بالاتي[20]:-
ان دجلة والفرات نهران دوليان وفق العديد من القواعد والمبادئ الدولية المستقرة، لذا فأن السيادة عليهما مشتركة .
نهري دجلة والفرات نهرين منفصلين مع عدم امكان نقل مياه حوض نهر دجلة الى حوض نهر الفرات بسبب ملوحة مياه منخفض الثرثار، علما بان المخفض هو مشروع لدرء الفيضانات عن بغداد .
ان مفهوم الاستخدام الأمثل للمياه يتضمن التنمية الشاملة للموارد المائية بهدف استثمارها على افضل وجهة واعتماد اساليب الري الحديثة وتقليل الفواقد وزيادة كفاءة الري وهذا لا يتم الا من خلال تحديد حصة عادلة ومعقولة من المياه ومن ثم تتم عملية وضع السياسات والخطط لتحقيق الاستخدام الأمثل للمياه .
التمسك بالحقوق المكتسبة لكل بلد , اذ يركز العراق على احتياجات المشاريع القائمة، اي يوزع الفائض من المياه على المشاريع قيد التنفيذ ثم المشاريع المخطط لها ، علما بان تركيا سبق وان اقرت بالحقوق المكتسبة في مجال المياه حين وقعت اتفاقية لوزان مع الحلفاء عام 1923 وفق المادة ( 109 ) من الاتفاقية المذكورة .
على تركيا ان تلتزم بمبدأ عدم الأضرار بالغير عند تنفيذ مشاريعها الأروائية على مجرى النهرين، لأن ذلك المبدأ يلزم دول المجرى الأخرى والتقيد بعدم الأضرار بمصالحها .
ان تحديد الحصص المائية يجب ان يأخذ بعين الاعتبار الحقوق المكتسبة والحاجات الاجتماعية والاقتصادية لدى الدول المتشاطئة .
ضرورة التوصل الى اتفاق ثلاثي لتحديد الحصة المائية لكل من العراق وسوريا وتركيا على اسس منصفة وعادلة تقوم غلى قواعد القانون الدولي، وما جرى عليه التعامل بين الدول في مجال استغلال الأنهر الدولية .
ان قضية المياه قد يـنجم عنهـا تعـاون تركي - عراقي – سوري لا سـيما بشـان الحاجـة الملحـة إلـى طلبـات السـكان المتزايـدة فـي البلدان المعنية علـى إن هـذا السـيناريو لـم يحـدث حتـى الآن، علـى الـرغم مـن وجـود أسـباب عديـدة تؤكـد علـى مبـدأ التعـاون ومنها[21].
المحور الرابع
انعكاسات الادارة المشتركة لمياه الحوضين
على امن واستقرار العراق
أن الماء هو مصدر للحياة فهو كذلك سبب للنزاعات في العالم، وتسبب إدارته في إحداث كثير من النزاعات، لا سيما في المناطق التي تقل فيها الموارد المائية ويتزايد الطلب عليه نظرا لتزايد الاحتياجات الزراعية والصناعية كما هو الحال في الشرق الأوسط. وقد سبق أن أوضحنا أن هناك مجموعة من الأبعاد تفسر إشكالية المياه نظرا لارتباط هذه الأخيرة وتأثيرها في العديد من المجالات باعتبارها متغيرا هاما، فالشأن المائي العراقي تتداخل فيه العوامل الاقتصادية والسياسية والإقليمية والدولية لذلك فإن انعكاسات الصراع على المياه ستتداخل فيها هذه العوامل كذلك. ولما أصبحت المياه عاملا مهما يشغل المنتديات العالمية، خاصة في ظل تناقص هذا المورد الحيوي، أصبح من الضروري التطرق إلى المجالات الأخرى التي يؤثر عليها هذا التناقص وكذلك الوضع الذي يفرزه الوضع الصراعي بين دول المنبع والمصب لحوضي دجلة والفرات:-
التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية:
إن الحديث عن المياه في ظل المتغيرات الحالية يتركنا أمام إثارة مفهوم الأمن المائي حيث أصبح هذا الأخير نظرية تعمل العديد من الدول على تطبيقها نظرا لارتباط المياه بالاستراتيجيات الأمنية للدول فمن المستحيل الحديث عن أمن في ظل غياب المياه بحيث أصبح ضمان استمرار تدفق المياه أحد الأهداف القومية الأساسية لأية دولة.
التأثيرات الجيوسياسية:
اذ أن علاقة المياه بالغذاء هي علاقة تأثيرية، فنقص الموارد المائية يؤدي حتما إلى نقص الغذاء وهو ما يتوقف عليه وجود العالم العربي ذاته، والغذاء أصبح اليوم من أخطر الأسلحة التي تستخدمها الدول في علاقتها الخارجية وبالتحديد الدول المستوردة له، ويأتي على رأسها غالبية أقطار العالم العربي إن لم تكن كلها، ولا شك في أنّه من خلال هذه العلاقة تتحكم الدول المصدرة في الدول المستوردة، وفي سياستها الخارجية والداخلية في كثير من الأحيان. المعروف أن الدول العربية توجه 70% من مواردها المائية لقطاع الزراعة. إلاّ أنّه وفعليا تواجه الأقطار العربية فجوة غذائية واسعة بين المنتج الفعلي وحجم الطلب[22]. وتتركز الفجوة أساسا في عدة مجموعات هي: القمح، السكر اللحوم، الألبان، البذور الزيتية والزيوت النباتية ولكي تتمكن المنطقة العربية من الوصول إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من هذه السلع الرئيسية لا بد من انجاز معدلات نمو سنوية مرتفعة، تتطلب إمكانات مالية مرتفعة. مع العلم أن أغلب دول العالم العربي ومن بينها العراق تعاني من عدم كفاية الموارد المائية للوفاء بالاحتياجات في الوقت الحالي، وهو موقف أخذ بعدا خطيراً تبعا للزيادة السكانية. وتجد هذه الفكرة سندا لها مع نظرية مالتوس التي ترتكز على أن قدرة السكان أكبر بصورة لا نهائية من قدرة الأرض على توفير العيش للإنسان[23]، بحيث يزداد إنتاج الغذاء تبعا لمتوالية حسابية بينما يزداد السكان تبعا لمتوالية هندسية، بينما تتناقص كمية الغذاء بالنسبة للفرد أمام تزايد الطلب الفردي على كثير من المنتجات، لذلك استحوذت قضية الغذاء والتنمية الزراعية على اهتمام كبير على مستوى تركيا والعراق وسوريا[24]. ورغم إدراكنا بأهمية أزمة الغذاء في العراق إلاّ أنّه وفي هذا المقام نعتبرها كنتيجة لظاهرة أخرى أخطر منها هي ظاهرة إشكالية المياه في المنطقة العربية، باعتبار أن الموارد فيها تتصف بالندرة سواء بصورة مطلقة من حيث تدني متوسط نصيب وحدة المساحة، أو نصيب الفرد من المياه، ففي حين تعادل مساحة الوطن العربي (8.10%) من مساحة اليابسة، ويعادل عدد سكانه (5%) من إجمالي سكان العالم، ويحتوي على (7.0%) فقط من إجمالي أمطار اليابسة، وهذا ما أدى إلى نقص الموارد المائية في الاستهلاك الزراعي مما يؤدي إلى خلق أزمة غذائية تظهر ملامحها من خلال المؤشرات التالية:-
انخفاض ما يخص الفرد من نوعية وكمية الغذاء في معظم البلدان العربية، دون المستوى العالمي، مع تفاوت ذلك الانخفاض من دولة لآخر.
اتساع الهوة بين واردات وصادرات الدول العربية من السلع والمنتجات الغذائية، وتزايد اعتمادها على الاستيراد لتأمين الاحتياجات الغذائية.
تدني نسبة الاكتفاء الذاتي ومستوياته، نتيجة لتزايد الواردات الغذائية من خارج العالم العربي مع اختلاف نسبة الاكتفاء الذاتي من دولة لأخرى.
كما تأثرت اقتصاديات الدول العربية جراء احتكار المياه السطحية الآتية من الخارج كما حدث في عقد التسعينات من القرن الماضي عندما قطعت تركيا المياه على سوريا والعراق لمدة شهر، وكما سبق الذكر فقد تأثرت الزراعة في كلا البلدين مما أدى إلى إتلاف المحاصيل الزراعية، لما كان للمشروع التركي انعكاسات على الدول العربية المشاطئة لحوضي الدجلة والفرات. وبالتالي لا بد للدول العربية من ضمان أمنها المائي في إطار تعاون إقليمي ودولي بشأن المياه وإيجاد استراتيجيات كفيلة بمواجهة الضغوطات المائية التي تعاني منها المنطقة خاصة مع السياسة المائية الإسرائيلية التي تتجه أكثر فأكثر إلى استغلال المياه الإسلامية، والتي تسيطر على مياه نهر الأردن واليرموك، وسعيها الحثيث للسيطرة على مياه دجلة والفرات والنيل.[25]
التأثيرات السياسية:
إن مشكلة المياه في الشرق الأوسط متعددة ومتعقدة ومتشابكة التأثيرات، لما لها من انعكاسات على الأمن القومي للدول المنطقة بمفهومه الشامل وأبعاده المتعددة. لذلك أصبح الحديث عن الأمن المائي يدخل صميم الأمن القومي وذلك لارتباطه بالأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية والتي ينتج عنها تحقيق الاستقلال الاقتصادي والتحرر من التبعية للغير. كما تعد الانعكاسات السياسية ونوعية العلاقات بين الدول المطلة على النهر الدولي الواحد أحد الانعكاسات المهمة التي يمكن أن تأثر في تصعيد أو تخفيف حدة الخلاف حول كيفية استغلال مياه النهر، فأصل المشكلة ليس فقط في ندرة المياه أو سوء استغلالها، بل وقبل كل ذلك سوء العلاقات بين الدول المشتركة في مصدر مياه واحد. كما أن المشاكل المثارة بشأن كيفية استغلال المياه سببا في تدهور العلاقات السياسية بين الدول الواقعة على نهر واحد، ومن هنا تتضح جدلية العلاقة بين المشاكل المثارة بشأن المياه وطرق استغلالها من جهة وطبيعة العلاقات السياسية بين تلك الدول من جهة أخرى. ونجد أن مناخ العداء الذي سيطر على العلاقات بين الدول العربية و(إسرائيل) طوال الأربعة عقود الماضية كان هو السبب الرئيسي في شروع (إسرائيل) لسرقة المياه العربية لتأمين احتياجاتها. كما أن طبيعة الأنهار الدولية تخلق حالة خاصة في العلاقات بين الدول التي تمر بها تلك الأنهار وقد يؤدي إلى حدوث نزاع مسلح كما حدث في حرب 1967 التي كانت بسبب المياه ويتجلى الانعكاس السياسي لأزمة المياه في الشرق الأوسط، جليا في العلاقة بين دول المنبع ودول المجرى أو المصب التي تتنازع الدول المعنية للسيطرة عليها أو توظيفها. وهكذا يصبح لهذه الدول غير العربية دورا كبيرا ومؤثرا في تحديد الإرادة السياسية للدول العربية، والتحكم في سياستها داخليا وخارجيا مما سيتفق وأهداف هذه الدول التي تفرض سيطرتها الفعلية على الموارد المائية للشرق الأوسط ، وهكذا لن يكون القرار السياسي للدول الشرق الأوسط نابعا من إرادتها السياسية الحرة المستقلة، بقدر ما هو إرضاء لهذه الأطراف غير العربية.[26]
التأثيرات الاجتماعية:
إن أكبر تخوف يواجهه الأمن المائي العراقي هو التزايد المضاعف في عدد السكان، وباعتبار أن المياه تواجه تحديات بيئية من تغيرات مناخية والتلوث والذي يؤثر على كمية ونوعية المياه الذي يؤدي إلى نقص المياه الصالحة. وإنّه لمن البديهي إذا ازداد نقص المياه العذبة زاد التوتر، وتصاعد النزاع بين دول المنطقة على مصادر النّزاع، وبخاصة أن هناك غياب لاتفاقيات بشأن توزيع حصص المياه بين تلك الدول. كذلك فأن زيادة عدد السكان سيزيد بكل تأكيد في استهلاك المياه العذبة.
كما أن زيادة عدد السكان تؤثر على زيادة المساحات المزروعة بسبب الزحف العمراني وما يترتب عليها زيادة في الطلب. كما أنه ومن المؤكد بأن مصادر مياه جديدة، لم تعد موجودة، والمياه الفائضة عن الحاجة غير موجودة، والمياه الجوفية والسطحية المتوافرة يقل منسوبها لعوامل مختلفة. وفي ظل اعتماد العراق على المصادر المائية المحدودة والمهددة لديه فإن ذلك يؤثر كل المجالات أمام حاجة المواطنين إلى المياه. وأمام تناقص المياه وتلوثها وازدياد ملوحتها فإن هذا يؤدي إلى تهديد صحة الإنسان في هذا البلد. كما أن الصراع يفرز حالة من العنف الاجتماعي، يهدد بإحداث مزيد من الخلل في تماسك المجتمع وزعزعة استقراره. فكلما كان هناك شح متزايد في المياه يزداد التنافس على الموارد المائية وغالبا ما يكون بالعنف المسلح والذي يعود إلى السيطرة الإقليمية على تدفق المياه السطحية للمستهلكين عند المصب. وقد يتسبب هذا الوضع في حدوث النزاع بين الدولة والمواطنين مرتبطاً بفشل الدولة بتقديم الخدمات المتعلّقة بتقديم الخدمات باعتبارها المسؤولة على إدارة المسألة[27].
التأثيرات القانونية:
هذا البعد يعدالترجمة الحقيقية والانعكاس المباشر للبعد السياسي ذلك أن العلاقات السياسية بين الدول من شأنه أن يؤدي إلى عقد اتفاقيات من أجل تقاسم المياه وتقنين استغلالها، وفق للاحتياجات وكذلك وفقا لما يرضي كل الأطراف استنادا إلى قواعد القانون الدولي العام وكذلك الاتفاقيات الدولية في إطار الأمم المتحدة. ورغم اهتمام القانون الدولي بقضية المياه إلاّ أنّه لا توجد اتفاقيات ملزمة بين دول الشرق الأوسط. هذا الفراغ الذي يعرفه القانون الدولي في معالجة وضبط مسألة تقاسم الموارد المائية أدى بالعديد من الأطراف إلى توظيفه حسب المصالح، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، التي يبدو فيها اختراق واضح لقواعد القانون الدولي كتحويل المجرى الطبيعي للأنهار مثلما فعلت (إسرائيل) في تحويل مجرى نهر الأردن، وعدم وجود قواعد قانونية تحرم الممارسات هذه كما هو الحال مع تركيا والعراق. كما أن غياب قواعد قانونية توضح طبيعة الأنهار في منطقة الشرق الأوسط، التي تعد أن نهري دجلة والفرات هما نهران وطنيان عابران للحدود، وتعتبرهما في نفس الوقت حوضا واحدا، وهذا ما أدى إلى توظيف هذا الفراغ القانوني لاستغلال المياه بطريقة غير عادلة تضر بحصة دول المصب. وبالتالي فإن هذا الفراغ القانوني يتم توظيفه من بعض الدول وبالخصوص من دول المنبع حسب منطق مصلحتها الذاتية، وهذه الممارسة تؤدي بالأطراف الأخرى إلى التحرك اتجاه هذه التهديدات التي تمس أمنها المائي والقومي مما يؤدي إلى تفعيل واتساع دائرة الصراع على هذا المورد الحيوي.[28]
الخاتمــــة
ان النزاعــات فـــي حوضــي دجلـــة والفـــرات حــول الحقـــوق المائيـــة للــدول الـــثلاث تبـــرهن علــى إن هنـــاك حاجـــة للتعــاون والتنميــة، اذ ان النــزاع فـــي المنطقــة مبنــي علـــى أســاس عــدم التوافـــق بــين العــرض والطلـــب، لـذلك مـن الضـروري وجـود تعـاون بـين الطـرفين العراق وسوريا مـن جهـة والأتـراك مـن جهـة أخـرى لـيس فقـط لتجنـب الصــراعات، ولكـن لحمايــة الـنظم الطبيعيــة التـي تشــكل جـزءا أساســيا فـي الاقتصــاديات الإقليميـة، وقــد أصـبح الأمــر الآن أكثـر خطــورة بــدخول العــالم فــي لعبــة تمثــل فيهــا حصــول اي طــرف علــى كــم أكثــر مــن الميــاه يعنــي حرمــان الطــرف الآخـر مـن جـزء مـن حصـته، كمـا إن السـماح باشـتعال المنافسـة سـواء فـي عـالم الأسـواق او فـي عـالم السياسـة الدوليـة لفــرز الــرابحين والخاســرين لا يعـــد قضــية رابحــة للجميـــع لان أي إفســاد للنجــاح والانتصـــار فــي عــالم اليـــوم ســوف يقابلــه تكـــاليف باهظة نتيجة لعدم الاستقرار الإقليمي والتدهور البيئي.
وتوصلت الدراسة لعدة استنتاجات، منها:-
تعد مسألة المياه تحدياً أساسياً متعدد الأبعاد (السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية، والأمنية)، ومنه فإن العلاقات الدولية لم تعد ترتكز على التطور التاريخي أو الجوار الجغرافي أو التشابه الديني، بل أصبحت المصالح المتبادلة والقضايا المشتركة والتعاون الإقليمي من القواعد الأساسية التي تتحكم في مسار العلاقات والسياسات بين الدول، لذلك فإن العلاقات المائية أخذت حيزا في النّقاشات العالمية، باعتبار أن موضوع المياه ضرورة لا يمكن تجاهلها في تنمية العلاقات بين الدول.
المسألة المائية تقع ضمن جدلية الصراع والتعاون، الذي يمكن استنتاجه من خلال الصراع بين مختلف المقاربات التي تتمثل في الصراع بين دعاة السيادة المطلقة على الموارد الطبيعية( عقيدة هارمون)، وثانيا مناصري السيادة المقيدة، وأنصار المصالح الجماعية.
إن ندرة المياه بدأت تتفاقم يوما بعد يوم، نظرا لطبيعة المخاطر والتهديدات البيئية التي تؤثر على الموارد المائية، وما يزيد من حدة الأمر التوجه في غالب الأحيان إلى اعتبار هذا المورد كورقة سياسية واقتصادية للحصول على الامتيازات، برغم تعدد مقاربات الفقه القانوني الدولي، الذي يهتم بالتعاون المائي أو الصراع على الموارد المائية التي تتعرض لمزيد من التحدياّت في الكمية والنوعية، والجهود القضائية في فض النزاعات المائية بالطرق السلمية ووضع مقاربة وقائية للحيلولة دون مثل هذه النّزاعات التي قد تؤدي إلى مزيد من التعقيدات في العلاقات الدولية، إلاّ أن فكرة الحروب على المياه أصبحت تخاض بشكل واسع في الساحة العالمية خاصة في الدول العربية .
بسبب محدودية وتناقص الموارد المائية في العراق والتأثيرات المناخية، لابد من اعادة هيكلة وادارة الموارد ليتناسب مع ماهو منتظر من زيادة الضغط على تلك الموارد بفعل التأثير المباشر لتغير المناخ، حيث يجب تفعيل مبدأ الإدارة المتكاملة لكافة الموارد المائية وصولا الى خفض الفواقد المائية وتعظيم العائد من وحدة مياه الري كمفهوم اقتصادي وامن قومي مدللا على ذلك بتسخير العلاقات السياسية لخدمة هذا الغرض .
كون العراق اكثر البلدان تعرضا للتغير المناخي لذا نقترح تشكيل “مركز وطني لبحوث التغيرات المناخية” يعمل بالتنسيق مع وزارات البيئة والموارد المائية وباقي الجهات ذات العلاقة .
[1]Mahmud Ali Aykan, Turkish perspective on Turkish U S relations concerning Persian Gulf security in the post –cold war ,1989,1995, the middle East journal volume 50,N3. 19
[2] Hossam Shehadeh, The Place of Water in the Arab-Israeli Conflict: From a Future Perspective, 1st edition, Al Jazeera Center for Studies, Doha, 2009, p. 101.
[3]Adnan Belloni, Arab Water Security, Ishtar Magazine, Issue 6/2006, p. 10.
[4]Scott Peterson, what could float-or sink-peacemaking, Christian Science Monitor, july14, 1999. P.10: Mohamed Aly Ayuh et Uerich Kulfer; “water management in the Maghreb finance et development”, June 1994, p.p28- 29
[5] Falkenmark, M. and Lindh G. ‘ Water and economic development, ‘ in Gleick p. (Ed.) Water in Crisis, OUP, Oxford, 1993, p109.
[6] Sahib Al-Rubaie, “Integrated Water Resources Management”, Damascus, 2003, p. 124.
[7] Waheed Ali Mujahid and others, A Study to Evaluate the Impact of Economic Reform Policies on the Use of Irrigation Water in the Arab World, League of Arab States, Arab Organization for Agricultural Development, Khartoum, 1998, p. 36
[8] Sahib Al-Rubaie, Op.cit. p.41
[9] Muhammad Awad Al-Hazaima, International Issues, The Legacy of a Century That Past and the Load of a Century that Came, 1st edition, Amman, 2005, p. 93.
[10] Dalia Ismail Muhammad, Water and International Relations: A Study of the Impact of the Water Crisis on the Nature and Pattern of Arab-Turkish Relations, 1st edition, Arab Printing and Publishing, Cairo, 2006, p. 23.
[11] Peter Rogers and Peter Lydon, Water in the World: Prospects and Possibilities for the Future, translated by Shawqi Jalal: 1st edition, UAE, Center for Strategic Studies and Research 21, 1997, pp. 421-42.
[12] Scott Peterson, what could float-or Sink-Peacemaking, Christian Science Monitor, july14, 1999. P.10: Mohamed Aly Ayuh et Uerich Kulfer; “water management in the Maghreb finance et development”, June 1994, pp28, 29
[13] Arab Organization for Agricultural Development, Arab Food Security Conditions, 2011, p. 10, available at the electronic link: http://www.aoad.org/Arab_food_security_report_%202011.pdf
[14] Peter Rogers and Peter Lydon, Water in the World: Prospects and Possibilities for the Future, translated by Shawqi Jalal: 1st edition, UAE, 1997, pp. 421-42.
[15] Allan, J. A. (ed), Water, peace, and the Middle East: Negotiating Resources in the Jordan Basin, library of modern Middle East studies9, London Tauris Academic studies, 1996, p.p6-9
[16] Dalia Ismail Muhammad, Op.cit. p.23
[17] Ibid. p.25
[18] Arab-Turkish relations, a future dialogue, research and discussions of the intellectual symposium organized by the Center for Arab Unity Studies, 1st edition, Beirut, 1995, p. 157.
[19] Sahib Al-Rubaie, Op.cit. p. 33
[20] Kanaan Abdul-Jabbar Abu Kalal, The scarcity of water resources in Iraq - causes and solutions, Iraqi Forum for Elites and Competencies. Available at the following electronic link:
https://iraqi-forum2014.com/
[21] Ahmed Muhammad Al-Samarrai, The Euphrates River between Turkish Occupation and Zionist Ambitions, House of Cultural Affairs, first edition, Baghdad, 2001, p. 77.
[22] Refaat Sayed Ahmed, The Water Conflict: The Full Dimensions of the Conflict over Water between Arabs and Israel, Reality and Future, 1st edition, Al-Ahram Publishing and Distribution Foundation, Cairo, 1993, p. 15.
[23] Hanan Badawi and Hanan Al-Samni, The Dangers of the Renaissance Dam at the Discussion Table of the Egyptian Forum for Sustainable Development, Arab Network for Environment and Development, July 2013. Available at the following electronic link: www.readnet work.org
[24] Allan, J. A. (ed), Op.cit. pp6-9
[25] Mohamed Aly Ayuh et Uerich Kulfer, “water management in the Maghreb finance et development”, June 1994, p.p28-29
[26] Scott Peterson, Op.cit.
[27] Biswas.ed, international waters of the Middle East: from Euphrates. Tigris to Nile, p.p2-4
[28] Collins Robert. D, the water of the Nile- Hydropolitics and the jonglei canal 1900-1991, clarendo press .Oxford, 1990. P.23