تاريخ التقديم 13/6/2023       تاريخ القبول 20/8/2023           تاريخ النشر 25/10/2023

حقوق الطباعة محفوظة لدى مجلة كلية القانون والعلوم السياسية في الجامعة العراقية

حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمؤلف

حقوق النشر محفوظة للناشر (كلية القانون والعلوم السياسية - الجامعة العراقية)

CC BY-NC-ND 4.0 DEED

Printing rights are reserved to the Journal of the College of Law and Political Science at Aliraqia University

Intellectual property rights are reserved to the author

Copyright reserved to the publisher (College of Law and Political Science - Aliraqia University)

Attribution – Non-Commercial – No Derives 4.0 International

For more information, please review the rights and license

DOI /10.61279/a6nxhs17

السياسة الوقائية ودورها في مواجهة جائحة كورونا (covid19(

Preventive policy and its role in facing the Corona pandemic (Covid 19)

 

 

م. رسل فيصل دلول

الجامعة العراقية / كلية القانون والعلوم السياسية

Instr. Russell Faisal Dalloul

Al-Iraqia University / College of Law and Political Science

rasoalfaecal@gmail.com

المستخلص

 في ظل الظرف الصحي والاقتصادي الذي عاشته كل دول العالم ومن ضمنها العراق والذي تمثل بانتشار جائحة كورونا( covid 19 ) والذي شكل نوعًـا مـن عـدم الاسـتقرار والإرباك ؛ وإنَ هذا بدا لنا واضحًا وبشكل جلي في جميع نواحي الحياة المختلفـة، وبالأخص الجانب التشــريعي ؛ وقد تم اتخاذ مجموعة من الإجراءات العاجلة لمواجهة تبعات هذه الجائحة , وكان برفقة هذه الإجراءات العاجلة , إجراءات أخرى وقائية واحترازية من فيروس كورونا (covid 19), وكان هذا بناءً على قواعد الإعلان المنظم للصحة العامة لسنة 2005, وبهذا فإنَ جائحة كورونا نجدها قد أثرت  بالسياسة الجزائية من خلال التعليمات والقرارات التي اتخذتها الحكومة من أجل إقرار التدابير اللازمة ووضع السياسات للوقاية من هذه الجائحة .

 

الكلمات المفتاحية : السياسة الوقائية , الحجر الصحي ، كوفید 19 ، حالة الطوارئ , نقل العدوى ، التعریض للخطر .

 

Abstract                 

In light of the health and economic situation experienced by all countries of the world, including Iraq, which is represented by the spread of the Corona pandemic (Covid 19), which is characterized by instability and confusion. Let us know it clearly in all the different areas of life, especially the legislative aspect. Urgent measures were taken by my group to confront the repercussions of this epidemic, and in addition to these urgent measures, other preventive and precautionary measures against the Corona virus (Covid 19), and this was based on the rules of periodic announcement to the public. Health for the year 2005, and therefore the Corona epidemic affected many people, and I write about the concerns of the general penal policy related to criminalization and punishment in order to establish the necessary procedures and develop policies to prevent this epidemic.

 

Keywords: preventive policy, quarantine, Covid-19, state of emergency, infection transmission, exposure to danger.

مقدمة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين بدأت جائحة كورونا عندما أقرت منظمة الصحة العالمية في نهاية عام 2019 عدداً من الإجراءات الوقائية والتدابير الاحترازية وذلك بسبب تفشي فيروس كورونا والذي أصبح بعد ذلك جائحة ؛ وهي جائحة كورونا (كوفيد-19) ومدى التأثير الذي خلفته هذه الجائحة في مختلف مجالات الحياة  وبالأخص على الجانب التشريعي والسياسة التي اتبعتها الدولة لمواجهة هذا الخطر والتي ما زالت آثارها وتداعياتها مستمرة إلى وقتنا الحاضر , ولما كان الهدف والغاية من القانون هو تنظيم وتقويم سلوك الأفراد في المجتمع في إي زمان ومكان ومع أي ظروف تحيط بهم ؛ فقد ارتأينا في موضوع بحثنا هذا أن نناقش تأثيرات هذه الجائحة في المنظومة القانونية معتمدين في ذلك أسلوب المنهج الوصفي الذي يقوم على أساس دراسة المشكلة أو الظاهرة محل البحث بطريقة علمية أو فنية للوصول إلى التفسيرات المنطقية لها , و قد كانت قلة المؤلفات و الدراسات بخصوص هذا الموضوع لحداثته واستمرار آثاره من أهم الأسباب التي دفعتنا لتناوله في بحثنا في محاولةٍ منا للتعريف بالواقع القانوني الذي يعيشه العالم في ظل تفشي هذا الوباء و الجهد الذي يبذله رجال الفقه الجنائي والقضاء في تفسير الظروف الاستثنائية وحالة الطوارئ التي يمر بها العالم و تكييف هذه الظروف وفق نظريات قانونية مناسبة تتماشى والوضع الذي تعيشه أغلب دول العالم في ظل تفشي (كوفيد-19) , متبعين في ذلك خطة علمية تقوم على أساس التعريف بالسياسة الوقائية أولاً , وما المقصود بها من ثم استعراض علمي مبسط للتعريف بهذه الجائحة للإحاطة بأهم جوانبها و تأثيراتها.

أهمية البحث :-

إنَ أهمية  البحث هو التعرف على السياسة والتدابير التي تم اتخاذها لمواجهة هذه الجائحة  في ردع بعض الأفراد الذين يتصفون بالإهمال وعدم المبالاة وكذلك توفير حماية فاعلة لحياة ألأفراد وسلامتهم الجسدية قبل أن يتحقق أي ضرر وسيُشكّل تجديدًا تشريعيًا وحقيقيًا في إرساء سياسة جنائية وقائية تقوم على تجريم السلوك الخطر ذاته ومعاقبة الإفراد الذين يرتكبونه قبل حدوث أي ضرر ملموس يمسّ حق الأفراد في الحياة أو في السلامة الجسدية , اي تجريم السلوك الضار, فضلًا عن ذلك قلة الكتابات والدراسات السابقة بخصوص هذا الموضوع قد أعطت للموضوع أهمية أخرى , فضلًا عن أنً الصعوبات الكثيرة  التي قد تواجه الباحثة للكتابة في هذا الموضوع لأسباب تعلقت بطبيعته الفلسفية ولقلة مصادره الفقهية وارتباط البحث بالجوانب النفسية إلًا إنًنا آثرنا على الكتابة .

 

مشكلة البحث :-

إنَ البحث يسهم في معالجة مشاكل عديدة وأساسية والتي منها عدم تجريم السلوكيات غير العمدية الخطرة ولا معاقبة الأشخاص الذين يرتكبوها  إلّا بعد تحقق النتيجة فيها ؛ لأنَ المشرّع الجزائي يعلّق التجريم والعقاب في الجرائم غير العمدية على تحقق النتيجة الضارة ، فالفاعل يُعاقب حينما تحدث النتيجة ، ولكنه لا يُعاقب فيما إذا لم تحدث أية نتيجة مادية ملموسة ، حتى وإن عرّض الفاعل بسلوكه حياة الناس الأبرياء وسلامتهم الجسدية للخطر ، أيَ إنَ المُشَرع يهتم في تجريم هذه السلوكيات والعقاب عليها بالنتيجة دون السلوك وإن كان خطِراً ، فهو لا يُجرّم السلوك الخطِر في كل الحالات وإنَما ينتظر حدوث الضرر ، وفي ذلك تعريض المصلحة المحمية للخطر ، كما أنَ عدم التناسب بين تجريم بعض السلوكيات الخطرة وبين العقاب المقرر عليها كما في جرائم المرور ؛ لأنَ العقوبة في أغلب هذه الحالات تكون بغرامة قليلة وغير رادعة الأمر الذي يستوجب تحقيق هذا التناسب من خلال تطبيق نص التجريم الوقائي عليها من خلال تشديد العقوبة وعدم اقتصارها على الغرامة وذلك بالنص على عقوبات سالبة للحرية فضلًا عن رفع مبلغ العقوبات المالية .

 

نطاق البحث :-

يتحدد نطاق البحث في دراسة نصوص التجريم الوقائي الواردة ضمن التشريع الجزائي العراقي وتحديداً قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المُعدّل ، فضلًا عن بعض القوانين العقابية الأخرى ، ولذلك سوف يتحدد نطاق البحث في نصوص هذه القوانين في جانبها الموضوعي ؛ ولمّا كان المُشَرّع الفرنسي قد نص على هذا النوع من التجريم في قانون العقوبات الفرنسي الجديد والمعمول به منذ الأول من مارس سنة 1994 ؛ لذلك سنُشير إليه في بعض الحالات التي تستدعي ذلك.

 

منهجية البحث :.

المنهجية الأكثر انسجاماً مع طبيعة الموضوع وحداثته ودقته العلمية والفلسفية تقوم على الاستعانة بالمنهج النقدي والمنهج الوصفي في القانون الجزائي ، على وفق دراسة تستهدف منع الجريمة قبل ارتكابها ووقاية الأفراد منها من خلال إرساء سياسة جنائية وقائية ناجحة لمكافحة ظاهرة الإجرام في المجتمع .

 

خطة البحث :

سنقسم هذا البحث على مبحثين , إلمبحث الأول سيكون بعنوان ماهية السياسة الوقائية لجائحة كورونا وسيقسم على مطلبين : الأول سنبين فيه التعريف بالسياسة الوقائية لجائحة كورونا , وفيما يخص المطلب الثاني فسيكون عنوانه الطبيعة القانونية لجائحة كورونا , أمَا المبحث الثاني سنناقش أهم الإجراءات المتخذة للحد من انتشار هذه الجائحة في مطلب والمطلب الأخير خصصناه لتبيان الجرائم التي من الممكن أن تحدث بسبب مخالفة التعليمات والإجراءات المتخذة للحد من تفشي هذه الجائحة.

المبحث الأول

ماهية السياسة الوقائية لجائحة كورونا

في البداية سنقسم هذا المبحث على مطلبين الأول سنبين فيه التعريف بالسياسة الوقائية لجائحة كورونا , والذي بدوره سينقسم على فرعين الفرع الأول تعريف السياسة الوقائية, إما الثاني فسنبحث فيه تعريف جائحة كورونا, وفيما يخص المطلب الثاني فسيكون عنوانه الطبيعة القانونية لجائحة كورونا , والذي سيتضمن في فرعه الأول الأساس القانوني للجائحة والثاني سنتطرق فيه إلى طرق انتقال وأثار الجائحة .

المطلب الأول: تعريف السياسة الوقائية لجائحة كورونا

في بداية المطلب سنقسمه على فرعين , الاول تعريف السياسة الوقائية , أمَا الثاني فسنبحث فيه تعريف جائحة كورونا.

الفرع الأول: تعريف السياسة الوقائية

سنبين معنى السياسة الوقائية لغة واصطلاحًا في هذا الفرع وكالآتي :  

أولًا: السياسة الوقائية لغة :

تعني السياسة الجنائية هي المصالح الواجب حمايتها من قبل الدولة وبذلك يرتبط تحديد هذه المصالح بالنظام العام للدولة ؛ فهو الذي يبين الحاجات الواجب إشباعها سواء إكانت اجتماعية أو فردية ؛ ومن أهم هذه المصالح التي يتحتم على الدول حمايتها هو الوقاية من الجريمة وتقديم أفضل الوسائل لحماية المجتمع من مظاهر الجريمة , وأيضا تهدف سياسة الوقاية من الجريمة حماية الحقوق الأساسية لأفراد المجتمع وذلك في سبيل وضع توجه نحو القضاء على مظاهر الحرمان الاجتماعي[1], وتعني ايضًا الوسائل والتدابير التي يمكن للدولة لن تحدثها في فترة زمنية معينة من اجل مكافحة الجريمة وحفظ الامن والاستقرار[2].

أما الوقائية فتعني من الناحية اللغوية من(و ق ى) أي يتقي وتقى , وإنَ كلمة يتقي كقضى يقضي ، ووقاه الله وقاية بالكسر حفظه , أو هي ما يوقى به الشيء , أو الحماية والصيانة من الأذى الضرر، ووقاية اسم مصدر من وقى، والوقاية كذلك ما يتوقى به الشيء[3].

أمَا في الطب فتعني جميع الوسائل التي تتخذ لاتقاء أمر معين مثل ألتطهير أو ألتلقيح أو العزل ومثال على ذلك القول لأبن سينا(الوقاية خير من العلاج )[4]، والوقاية هي مصدر لكلمة قولهم (وقي يقي) , وقد أخذت من مادة ( و ق ى ) وهي التي تدل على دفع الشيء عن شيء بغيره ، وإلى ذلك نشير لقولهم (اتق الله) : أي توقه , اجعل بينك وبينه حدًا أو فاصلًا كالوقاية وقيل وقاه الله وقاية بالكسر أي حفظه[5] , وتم ذكر الوقاية والإشارة إليها في القران الكريم مثل قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا ۚ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ)[6], وأيضا الوقاية( و ق ي) : وقاه الله السوء ، أي يحميه ويقيه , وقاية بالكسرو الوقاء مثل كتاب كل ما وقیت به شیئًا , والوقاية ( وقيا ووقاية ) أي من الصيانة والحفظ فمثال صانه وستره عن الاذى وحماه وحفظه[7]، فهو واق،ومن قوله تعالى( مالهم من الله من واق)[8].

 

ثانيًا : السياسة الوقائية اصطلاحًا  :   

تعني الوقاية من الجرائم أي منع حدوث الجريمة , أي قبل ان تقع ويكون ذلك بالتصدي للأسباب الاساسية والجوهرية التي تكون مسؤولة عن تكوين السلوك إلاجرامي أو العمل ألجرمي وإنً الوقاية من الجريمة مبنية أساسًا على استئصال و مكافحة العوامل المؤدية إلى السلوك الاجرامي فالجريمة حقيقة ملموسة في واقع المجتمع وهي تستند إلى حقائق قائمة فيه وإلى أفكار الناس وعقائدهم وإنَ الجريمة تتمثل بشكل عام في حالة عدم الانسجام مع اتجاهات المجتمع ويجب الوقاية منها عن طريق عدد من الإجراءات المناسبة التي من شأنها إن تخلق التآلف الاجتماعي بين الفرد والمجتمع ، ويترتب على ذلك ان أي شيء يؤدي إلى تقوية عملية التآلف الاجتماعي يدخل في مجال السياسة الوقائية من الجريمة[9], والسياسة الوقائية تعد من المفاهيم الحديثة في العلوم الاجتماعية التي يشوبها سوء الفهم ؛ ولهذا السبب نلاحظ ان هناك عدم اتفاق من قبل الفقهاء والباحثين على بيان تعريف موحد لمفهوم السياسة الوقائية ، وتعني منع قيام العمل الجرمي كخطوة أولى لمنع قيام ألاسباب والعوامل التي تؤدي بالشخص إلى ارتكاب الجريمة[10], وهي القيام بإجراءات عدة معتمدين على أسلوب التخطيط العلمي من أجل مواجهة مشكلة يتوقع حدوثها أو مواجهة مضاعفات مشكلة وقعت فعلًا أو كلا المعنيين ، أو يقصد بها منع وقوع حدث غير مرغوب فيه أو منع حدوثه[11], ويمكن بيان معناها بأنَها مجموعة الإجراءات الاحترازية للحيلولة دون وقوع الجريمة ؛ وذلك من خلال التوجيه التربوي للأشخاص ومن ثم التأثير في الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية عبر السياسة الإنمائية التي تعطي للفرد حياة كريمة[12], ومنهم من عرفها هي أي فعل مخطط نقوم به قبل ظهور مشكلة معينة أو مضاعفات لمشكلة هي كانت قائمة ، وذلك بغرض الإعاقة الجزئية أو الكاملة للمشكلة أو لمضاعفاتها[13], ويمكننا تعريف السياسة الوقائية بأنًها التدابير التي تتخذ لمنع ارتكاب جريمة ما وبالأخص لدى الإفراد الذين يكون لديهم ميل إجرامي أو حسب ما تدل حالتهم الاجتماعية التي تنذر بارتكابهم للجريمة في وقت قريب .

وبعد بيان معنى الوقاية من الجريمة فإنَ هذا يقودنا إلى التفريق بين مصطلحي الوقاية والتقويم ، فان معنى التقويم هو أن يتم تفادي ارتكاب المجرم للجريمة مرة أخرى , أمَا الوقاية تعني أن يمنع من وقوع الجريمة أصلًا , أمَا مصطلح الإصلاح فيطلق على الجهود التي تبذل في سبيل منع العود لارتكاب الجرائم ، والوقاية تطلق على الجهود التي تبذل لمنع ارتكاب الجريمة لأول مرة[14], والأولى أن لا يتم انتظار وقوع جريمة بل يجب أن يكون هناك تدخل قبل وقوعها  واتخاذ مجموعة من التدابير التي يكون هدفها منع وقوع الجريمة[15].

وإنَ أجهزة الدولة والإفراد عمومًا تقع عليهم مسؤولية وضع خطة جامعة لتوفير الرعاية المتكاملة للإفراد من أجل تأمين الضبط الاجتماعي وهنا يكون دور السياسة الوقائية من الإجرام فتشمل جميع نواحي الحياة وتقع مسؤولية تنفيذها على كل المجتمع[16].

 

الفرع الثاني: تعريف جائحة كورونا ( covid 19)

في هذا الفرع سنوضح معنى جائحة كورونا أو جائحة كوفيد 19 لغة وفقهًا واصطلاحًا .

أولًا : التعريف لغة :

   الجائحة وهي كلمة مأخوذة  من الجوح ؛ والذي يقصد به الهلاك والاستئصال , ويقال جاح الله ماله أو أهله أي أهلك بالجائحة وتعد من إحدى المصائب التي يمر بها الرجل[17], وإنَ جمع الجائحة هي جوائح وتعني هذه الكلمة بجميع معانيها الانتشار غير المسيطر عليه[18], وإنَ هناك صلة  بين الآفة أو العاهة وتشبه الجائحة التي تكون عبارة عن علة مؤقتة أو مستديمة تصيب الإنسان وتجعله غير قادر على العمل[19].

 

ثانيًا :التعريف فقهًا :

إنَ مصطلح الجائحة يعني أنَ كل ما يصيب الثمر بأيَ وجه أو صورة فهو يعد جائحة سواء أكان سارقا أم غير ذلك[20], وهناك رأي آخر يقول إنَها ما يتم إتلافه من معجوز عن دفعه عادة قدرا من ثمر او نبات بعد بيعه[21].

 

ثالثًا : التعريف اصطلاحًا

يقصد بالجائحة هي وباء ينتشر بسرعة ويبدأ باجتياح دولا عديدة ولذلك يسمى بالجائحة وكأنَه يزحف ويصيب عددًا كبيرًا من الأفراد[22], وهو الدرجات العليا في الخطورة من حيث انتشار فيروس كورونا في جميع بقاع العالم ولم توقفه أي حدود ولم يحدد بإقليم معين وقد اصاب المرض عددًا كبيرًا من الأفراد عبر دول العالم[23].

 وقد تفشى المرض في المرة الأولى في الصين بمدينه ووهان في أوائل شهر ديسمبر من عام 2019 , وبعدها أعلنت منظمة الصحة العالمية في 30 يناير تفشي الفيروس حيث بدأ يشكل حالة طوارئ عامَه تبعث على القلق الدولي , ومن المعروف أنَ مصطلح الجائحة تبنته منظمة الصحة العالمية وذكرت بأنَه فيروسات كورونا فصيلة واسعة الانتشار معروفة بأنَها تسبب أمراضاً تتراوح من نزلات البرد الشائعة إلى الاعتلالات الأشد وطأة مثل متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS) ومتلازمة الالتهاب الرئوي الحاد الوخيم (السارس) , وسمته بأنَه فيروس كورونا (كوفيد 19)[24] , وفي 24/2/2020 أعلنت الحكومة العراقية عن تسجيل أول إصابة مؤكدة بالفايروس في محافظة النجف الأشرف و بعد أيام قليلة تم تسجيل إصابات أخرى في محافظات عراقية عدة ؛ ولموجهة هذا الانتشار أعلنت السلطات العراقية عن جملة إجراءات للحد من انتشار المرض مثل فرض ارتداء الكمامة و منع التجمعات و التباعد الاجتماعي و تقليص ساعات الدوام و تخصيص مراكز علاجية للمصابين و عزل الحالات مشكوك بإصابتها , لكن كل هذه الإجراءات لم تحد من انتشار الوباء مما دفع الحكومة العراقية لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة وأكثر تقييدًا لحريات الأفراد وتمثلت هذه الإجراءات بتعطيل الدوام و إغلاق المطاعم و المقاهي و منع كل أشكال التجمعات في أيَ مكان و فرض حظر للتجوال في ساعات المساء , لتقوم أخيرًا بالإغلاق الكامل للبلاد.., واعترفت الصحة العالمية بتحول فاشية كوفيد 19 إلى جائحة في 11 مارس عام 2020 , إذ صرحت أنه يمكن السيطرة على الوباء لكنها المدة والذروة النهائية للجائحة غير مؤكدة وقد تختلف باختلاف المواقع[25], وإنَ مصطلح الجائحة قد يعني مثلًا جائحة المال او جائحة النفس ، وسميت بالجائحة ؛ لأنها عُدت خطرًا كبيرًا على حياة المواطنين وصحتهم[26], أمَا منظمة الصحة العالمية فقد قامت بتعريف وباء فيروس كورونا :( بأنَه سلالة واسعة من الفيروسات والتي تسبب المرض للإنسان والحيوان , وان فيروس كورونا يسبب للبشر أمراضًا عديدة ومنها أخطرها الأمراض التنفسية والتي تكون اشد من الأنفلونزا أو ما يسمى نزلات البرد[27], وبهذا يمكن أن نعرف جائحة كورونا هي تفشي الوباء بشكل واسع وكبير بحيث اجتاح أغلب دول العالم  وأدَى إصابة المواطنين بهذا الوباء إلى موت عدد كبير منهم ليس فقط في دولة معينة أو قارة وإنما اجتاح الفيروس جميع قارات العالم , وبعد أن بينا المقصود من جائحة كورونا نبحث في المطلب الآخر ماالطبيعة القانونية لجائحة كورونا.

 

المطلب الثاني: الطبيعة القانونية لجائحة كورونا

سيتضمن هذا المطلب فرعين، الأول التكييف القانوني للجائحة , أمَا الفرع الثاني سنتطرق فيه إلى طرق انتقال وآثار جائحة كورونا .

الفرع الأول: التكييف القانوني جائحة كورونا

لكل موضوع ما أساس قانوني يحكمه , وقد سعى كل  من الفقه والقضاء و منذ الفترة الأولى لتفشي هذا الفيروس لتحليل هذه الجائحة تحليلا قانونيا وإنزال الوصف القانوني المناسب لها[28], ووفق النظريات المعروفة في الفقه القانوني التي يمكن تطبيقها في مثل هكذا ظروف استثنائية تؤثر في تطبيق القوانين النافذة و تمس حقوق الإفراد والتي يكون لها تأثير كبير في مراكز المتعاقدين مع الدولة, إلاَ أنَ عملية تكييف واقعة ذات تأثر عام على الدولة بل على العالم بأسره ليس بالعمل السهل اليسير إنَما هو عمل فني دقيق يتطلب دراسة الظروف دراسة تفصيلية معمقة , وقد انقسم الفقه القانوني في تكييف هذه الواقعة على فريقين لكل منهم حججه و أسبابه ,  لذا فإنَنا سنبحث في هذا الفرع بيان كون جائحة كورونا هل هي قوة قاهرة أم ظرف طارئ .

اولًا : جائحة كورونا هي قوة قاهرة 

في البداية نبحث معنى القوة القاهرة وهل تم تعريفها من قبل القانون , وما شروطها؟

ماهية القوة القاهرة : قانون العقوبات لم يورد بين مواده القانونية معنى القوة القاهرة وإنَما تم ذكرها وبيان شروطها في القانون المدني وقبل بيان معناها في القانون المدني نورد آراء بعض الفقهاء وذكروا بأنَ القوة القاهرة هي حدث خارجي غير متوقع، ولا يستطيع أحد مقاومته، ويكون له استقلالية عن إرادة الإطراف المتعاقدة ؛ وبذلك يحول دون تنفيذ الالتزامات العقدية بين الطرفين المتعاقد والإدارة[29], وإنَ نظرية القوة القاهرة ترجع تطبيقاتها إلى المنتصف من القرن التاسع عشر، ونبين ( إذا ما صادف المتعاقد في تنفيذ التزاماته صعوبات ذات طبيعة استثنائية خالصة ولا يمكن توقعها بأي حال من الأحوال عند إبرام العقد، وتؤدي إلى جعل تنفيذ العقد مستحيلا، فإنَ من حقه أن يطالب بتعويض كامل عما تسببه هذه الصعوبات من إضرار)[30], وبالنسبة للفقه الفرنسي فعرف القوة القاهرة بأنها الحادث الذي يخرج عن إرادة الاطراف المتعاقدة، والذي يكون غير متوقع وغير مرتقب ويستحيل دفعه، وبالتالي يؤدي إلى استحالة تنفيذ الالتزامات الأخرى ؛ ويمكن تعريفه بأنَها واقعة معينة نشأت بشكل مستقل عن إرادة الطرفين ولم يتوقع حدوثها وبالتالي يستحيل تنفيذ الالتزام بين الطرفين ويصبح الالتزام مستحيلًا, رأي الفريق الثاني: أصحاب هذا الرأي كانوا يرون ان فترة جائحة كورونا هي قوة قاهرة و ليست مجرد ظرف طارئ, بسبب أنَ الفترة التي مَر بها العراق أثناء تفشي هذه الجائحة جعلت تنفيذ الالتزامات مستحيلًا و ليس مرهقًا بسبب الإجراءات الصارمة التي فرضتها السلطات العراقية للحد من تفشي الجائحة ؛ وقد عرف فقهاء القانون في مصر القوة القاهرة. بأنَها الحادث غير المتوقع الذي لا يمكن دفعه و الذي يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلاً, و عرفها اخرون بأنَها حادث مستقل عن إرادة الأطراف المتعاقدة و غير ممكن توقعه و هو يحول بصورة مطلقة دون تنفيذ مجموعة الالتزامات العقدية او احد هذه الالتزامات[31]

وقد عرَف الفقه العراقي بأَنها  الأمر الأجنبي عن المدين و الدائن و الغير كالحرب بما ينجم عنها من احداث مادية و أزمات اقتصادية او صدور تشريع أو أمر أجنبي واجب التنفيذ أو وقوع زلزال او حريق أو فيضانات أو هبوب عاصفة أو انتشار وباء[32], ونبين شروط تحقق نظرية القوة القاهرة[33]:

عدم إمكانية التوقع أو حدث غير مرتقب

أن يكون الحادث خارجًا عن  إرادة المتعاقدين

استحالة الدفع (عدم إمكانية تلافي الحدث)

إما موقف القضاء العراقي: كان موقف القضاء العراقي حاسمًا في ما يتعلق بتكييف جائحة كورونا إذ عدت محكمة التمييز الاتحادية جائحة كورونا قوة قاهرة[34](...ومن مصاديق القوة القاهرة انتشار وتفشي وباء فايروس كورونا في جميع العالم ومنها العراق وقد اقترن ذلك بعدم وجود لقاح او دواء مخصص له مما أحدث حالة من الرعب والخوف والهلع وقد حتم ذلك على دول العالم ومنها العراق اتخاذ مجموعة من التدابير الوقائية للحد من انتشاره وواحدة من هذه التدابير فرض الحظر الشامل إذ يعدَُ فرض الحظر الشامل وما نتج عنه من إيقاف الدوام الرسمي في العالم نتيجة انتشار فايروس كورونا قوة قاهرة ومن الآثار التي ترتبت عليها وقف المدد القانونية ومنها مدة الطعن في الاحكام والقرارات ومنها الطعن التمييزي( , وقد جاء قرار محكمة التمييز الاتحادية هذا لينهي الجدل حول تكييف جائحة كورونا. و يحقق الاستقرار في المعاملات و بين افراد المجتمع. إذ يعد تحقيق الاستقرار في المجتمع و المحافظة على النظام العام و عدم الاخلال به اهم اهداف النظام القانوني[35]

كما و قد ترتب على قرار محكمة التمييز الاتحادية, إيقاف جميع مدد الطعن في الاحكام في الدعاوى المدنية و الجزائية, إذ يعد هذه المدد بمواعيد معينة لا يمكن تجاوزها و يترتب على انتهائها سقوط الحق في الطعن في القرارات القضائية حيث تصبح باتة لا يمكن الطعن بها بعد انقضاء هذه المدة المعينة في القانون[36]. والغاية من تحديد مدد الطعن بمواعيد زمنية محددة هي تحقيق هدفين أساسيين هما: اولاً حسن سير القضاء واستقرار الاحكام الصادرة منه , وثانيًا حماية حقوق الخصوم (الحق المكتسب)[37]

وجدير بالإشارة ان المشرع العراقي لم ينص على مصطلح القوة القاهرة في قانون المرافعات بل استخدم مصطلح» انقطاع السير في الدعوى» إذ نصت المادة 84 من قانون المرافعات المدنية ( ينقطع السير في الدعوى بحكم القانون بوفاة احد الخصوم او بفقده أهلية الخصومة او زوال صفة من كان يباشر الخصومة نيابة عنه الا اذا كانت الدعوى قد تهيأت للحكم في موضوعها), ويلاحظ ان الحالات التي ذكرها المشرع و التي يترتب عليها وقف سير الدعوى ما هي الا تطبيقات للقوة القاهرة[38]. و هذا ما أيدته محكمة التمييز الاتحادية في قرارها رقم 14/الهيئة العامة/2020 (.....حيث يعتبر فرض الحظر الشامل وما نتج عنه من ايقاف الدوام الرسمي في العالم نتيجة انتشار فيروس كورونا قوة قاهرة ومن الآثار التي ترتبت عليها وقف المدد القانونية ومنها مدة الطعن في الاحكام والقرارات ومنها الطعن التمييزي) , إلَا أنَ المشرع في القانون المدني العراقي بين معناها : إذا أثبت الشخص أن الضرر قد نشأ عن سبب أجنبي لا يدّ له فيه، كحادث مفاجئ أو قوة قاهرة أو خطأ من المضرور أو خطأ من الغير، كان غير ملزم بتعويض هذا الضرر، ما لم يوجد نص أو اتفاق على غير ذلك)[39], كما نجد أن المشرع المدني العراقي استعمل مصطلح السبب الأجنبي والقوة القاهرة إحدى صوره[40], والى ذلك تمت الإشارة بعدد من المواد في القانون المدني الفرنسي بعدم مسؤولية المدين في حال القوة القاهرة[41], وبذلك فإن القوة القاهرة هي الحادث الذي لم يكن متوقعا ولا يكون هناك يد للشخــــص فيـــه إذ لا يستطيع درءه، ويجعل من تنفيذ الالتزام يصبح مستحيلًا.

في ظل الوضع الذي عاشه العالم بسبب أزمة (جائحة كورونا) فأن مجلس القضاء الأعلى اتخذ عددًا من الإجراءات الاستثنائية التي يجب اتخاذها للتقليل من مخاطر فيروس كورونا وقد عمم بتاريخ 8/ 3 /2020 على المحاكم كافة باتخاذ الإجراءات القانونية بحق كل من يخالف (توصيات لجنة خلية الأزمة) بخصوص الإجراءات التي تم اتخاذها للحد من انتشار فيروس كورونا, كما شدد على اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين لحظر التجوال, وبالإجراءات التي تم اتخاذها فأنه عد جائحة كورونا قوة القاهرة[42], وعليه تعد القوة القاهرة احد أسبابها انتشار وباء ونشير بذلك إلى إن هناك البعض من الفقهاء من عرفها بالأمر الأجنبي ومثال على ذلك الحرب وما تنتج عنها من أزمات أو إحداث أو وقوع زلزال أو فيضان أو انتشار وباء[43].

وهناك أسباب عدة تتوفر في الفعل فيعد قوة قاهرة ويمكن عد فيروس كورونا منها وهي إلا يكون للإفراد دخل في انتشاره اي يكون السبب خارجياً[44], وكذلك من غير الممكن توقعه او منع انتشاره وأخيراً استحالة دفع الضرر الذي يرتبه[45].

 

ثانياً : جائحة كورونا هي ظرف طارىء

الظرف الطارئ يُقصد به هو ما يلحق التصرف بعد وجوده من ظروف مادية بشرط أنَ تكون مغايرة لتلك الظروف وقت النشوء، وغالباً ماتحدث في العقود الزمنية أوعقود المدة، فيتراخى تنفيذ الالتزامات في هذه العقود لفترات زمنية، ويكون من المحتمل أن تحدث مجموعة من الأحداث التي لم تكن من المتوقع حدوثها ، مما يجعل تنفيذ الالتزام الناشئ عنها مرهقاً للمدين ؛ ولهذا أجاز المشرع للقاضي مراعاة لهذه الظروف، أنَ يتم ايراد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول، ويكون ذلك بإعادة المتعاقدين إلى الحالة المتوازنة التي كانوا عليها عند انعقاد العقد , وبخلاف ذلك لا يجوز التمسك بنظرية الظروف الطارئة[46], إما الفقه فأشار إلى الأخذ بهذه النظرية واطلق عليها اسم (نظرية العذر) , وأشار إلى مواد عديدة في الالتزام. بدلالة النصوص الآتية في القانون المدني [47], ان أصحاب هذا الرأي يرون ان نظرية الظروف الطارئة هي الوصف المناسب لتكييف جائحة كورونا و الوضع القانوني الذي يمكن ان تتبعه الدولة في التعامل مع الافراد في اثناء تفشي جائحة كورونا.

 قد عرف القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 نظرية الظروف الطارئة  وبين شروطها في المادة 146/2 (على انه اذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها و ترتب على حدوثها ان تنفيذ الالتزام التعاقدي, وان لم يصبح مستحيلاً, صار مرهقاً للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة جاز للمحكمة بعد الموازنة بين مصلحة الطرفين ان تنقص الالتزام المرهق الى الحد المعقول ان اقتضت العدالة ذلك, ويقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك) , إما شروط تحقق نظرية الظروف الطارئة[48]:

أن يكون العقد من العقود المستمرة التنفيذ او العقود الفورية التنفيذ وكان تنفيذه مؤجلًا

أن تجد في اثناء تنفيذ العقد ظروف او حوادث استثنائية عامة .

أن لا يكون في الوسع توقع هذه الظروف و الحوادث الاستثنائية عند ابرام العقد

أن تجعل هذه الظروف و الحوادث تنفيذ الالتزام مرهقا للمدين لا مستحيلًا .

اما المشرع العراقي فنراه ذهب الى عد العقد يكون صحيحا لازما بمعنى ليس لاي من اطرافه ان يستغل بفسخه او تعديله والرجوع عنه بارادته المنفردة مالم يكن هناك اتفاق او نص يقضي بغير ذلك , اما اذا طراء اثناء تنفيذ الالتزام حادث استثنائي عام لم يكن في الوسع توقعه وترتب عليه جعل الالتزام مرهقا للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة جاز للقاضي بعد الموازنة بين مصلحة الطرفين ان ينقص الالتزام المرهق الى الحد المعقول متى اقتضت العدالة ذلك[49], وهناك عدة أوجه للاختلاف بين تطبيق نظرية الظروف الطارئة ونظرية القوة القاهرة , حيث اشترطت لتطبيق نظرية القوة القاهرة أن يكون تنفيذ الالتزام أصبح مستحيلا استحالة مطلقة، اما نظرية الظروف الطارئة فيكفي لتطبيقها أن يكون تنفيذ الالتزام أصبح مرهقاً ويمكن تنفيذه ولكن مع حدوث شيء من الضرر ويصعب الوصول إلى حد الاستحالة النسبية دون الوصول إلى حد الاستحالة المطلقة, كما تم ملاحظة إن تطبيق نظرية الظروف الطارئة هو وقتي وانتقالي، فلا يكون أثره دائمًا بل قد ينتهي بتعديل العقد أو تأجيله للحد الذي ينتفي معه الضرر اللاحق بأحد الإطراف أو بكل ألإطراف بصفه مؤقتة ومعلقة بزوال السبب، بينما نظرية القوة القاهرة تتصف عادةً بالديمومة وباستحالة التنفيذ , وقد ميز مشروع التجارة بين القوة القاهرة التي هي حوادث خارجية تجعل تنفيذ الالتزام مستحيلًا ولا يمكن توقعها ولا يمكن دفعها أو تجنبها وبين الحوادث الجبرية التي هي حوادث داخلية خاصة بالمدين»[50].

عليه، فأن القوة القاهرة يجب أن تكون حدثًا خارجيًا، وإلا فلا يعتد بها , فالقوة القاهرة حادث لا يكمن توقعه ولا يستطاع دفعه، الأمر الذي يدفع الى التساؤل هل جائحة كورونا (كوفيد – 19)، تُعتبر «قوة قاهرة» في القانون والقضاء؟

 من هنا ومع بيان المقصود من كل من القوة القاهرة او الظرف الطارئ فنحن هنا إمام أشكال قانوني حول عد جائحة كورونا  19 covedظرفاً طارئاً أم قوة قاهرة , ففي العراق هناك أكثر من رأي ومنها خلية الأزمة عدت الوضع الحالي الذي عشناه في 2020 قوة قاهرة , كما انَ مجلس القضاء الأعلى كان قد عمم بتاريخ 8/ 3 /2020 على كافة المحاكم باتخاذ الإجراءات القانونية بحق من يخالف (توصيات لجنة خلية الأزمة) بخصوص الإجراءات المتخذة للحد من انتشار فيروس كورونا, كما ان القضاء شدد على اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين لحظر التجوال , وهذه الإجراءات توحي بما لا يقبل الشك بأن القضاء الأعلى العراقي يعد جائحة كورونا (كوفيد– 19)، «قوة قاهرة»[51] ؛ بينما ذهب رأي آخر[52], إلى اعتباره ظرفاً طارئاً[53], وتم تأجيل دعاوي المحاكم الإدارية , أمًا مجلس القضاء الأعلى فقد عالج النقص بأن قام بإصدار بيان تشريعي في قانون المرافعات العراقي المرقم 41 /ق/ أ في 6/4/2020 وقرر فيه إيقاف سريان المدد القانونية للطعون في الإحكام طيلة فترة تعطيل الدوام الرسمي واعتبارا من تاريخ18 /3 /2020على أن يتم استئناف السريان في بدء الدوام الرسمي بعد ان يتم زوال الحظر , وقد عدَ فترة تعطيل الدوام الرسمي فترة انقطاع للمرافعة لكافة الدعاوي لحين زوال السبب, ومن هنا وجدت الباحثة بأنه لا يوجد معيار دقيق يمكن اعتماده على اعتبار الوضع الحالي قوة قاهرة أم ظرف طارئ وبالأخص أنهما يلتقيان في شرطين وهما استحالة التوقع وعدم إمكانية الدفع وكونهما سببا يختلفان في أن القوة القاهرة تجعل التنفيذ ً خارجياً لا علاقة لأراده الإطراف فيهما وتجعل الالتزام مستحيل , بينما تجعله الظروف الطارئة مرهقاً لأحد الإطراف أو لكليهما وعلى القاضي ان ينظر لكل حالة على وجه مستقل , إما ماسنتناوله في الفرع الثاني هو ألأسباب وطرق انتشارها وإعراضها فيروس كورونا

 

الفرع الثاني: طرق انتقال وأثار جائحة كورونا

اولاً : طرق انتقال فيروس كورونا 

يمكن إن نوجز الطرق التي أدَت إلى الانتشار وأهمها

إن الفيروس المسبب لمرض كوفيد 19 ينتشر بسهولة بين الأفراد فقد أظهرت الدراسات بانتقاله  بشكل رئيس من شخص لآخر وخصوصًا الذين يتعاملون عن قرب أي (ضمن مسافة 6 إقدام أو مترين) وينتشر كذلك عن طريق الرذاذ التنفسي الذي يخرج من الشخص المصاب حين يسعل أو يعطس , ويمكن للفيروس الانتشار عند لمس سطح يغطيه الفيروس ثم لمست فمك أو انفك أو عينك , ولكن هذا الخطر يكون منخفضاً ويمكن للفيروس ان ينتشر من شخص مصاب لم تظهر عليه إعراض المرض ويمكن إن ينتقل من شخص مصاب لكن لم تظهر عليه آثار المرض بعد كما انه من الممكن ان تصاب بالفيروس مرتين أو أكثر[54], ويمكن أن ينتقل من إلام المصابة إلى الجنين الذي تكون حامل فيه ويكون الانتقال من خلال طريق المشيمة او إثناء الولادة أو الإرضاع[55].

 

ثانيًا : آثار جائحة كورونا

   إنَ جائحة كورونا شكلت مشكلة عالمية أدت الى توقف حركة الأموال والإعمال بجميع انحاء العالم وبذلك انعكست آثارها على الالتزامات التعاقدية فأمًا أن أدت إلى فسخها أو تأجيلها أو تعديل التزاماتها وكان العذر هو وجود قوه قاهره أو ظرف طارئ هذا إذا كان العقد قد اجري قبل الجائحة لكن أصبح تنفيذه مرهقاً لعدم توقع السبب .

كما هو معروف إن للإنسان  حقوقًا عديدة ومنها حقه في الحياة وفي الحرية وفي العيش وفي الأمن وفي الصحة وغيرها من الحقوق ...  فلا يجوز المساس بهذه الحقوق أو الاعتداء عليها من قبل أي طرف , ولكن مع إعلان وزارة الصحة لحاله الطوارئ فحصل قيد على الحقوق والحريات التي تحميها الدساتير الوطنية والمواثيق الدولية بسبب الأخطار المحيطة والتي منها فيروس كورونا التي قد تهدد حياه البشر وعندما ظهرت جائحة كورونا أدت لاتخاذ تدابير وإجراءات وقائية واحترازية للحد من العدوى وأصدرت أغلب الحكومات إجراءات وعقوبات قانونيه ليتم التأكد من احترامها[56].

 

المبحث الثاني

سياسة دول العالم في مواجهة جائحة كورونا

اتبعت الدول والعديد من المظلمات سياسة معينة حول مواجهة هذه الجائحة سواء من خلال التصدي والمعالجة , وبشكل عام فإنَ مؤشرات المرض تظهر بعد يومين من الإصابة إلى 14 يومًا, وتسمى هذه الفترة بالحضانة , هذا من جانب ومن جانب آخر يمكنك نشر عدوى فيروس كوفيد 19 قبل أن تظهر عليك الأعراض. أمَا ما تشتمل مؤشرات المرض والأعراض الشائعة: الحُمَّى, السعال, الشعور بالتعب, قد تتضمن الأعراض المبكرة لفيروس كوفيد-19فقدان حاسة التذوق أو الشم, وإنَ هذه الأشياء أصبحت بديهية لأنَ جميع إفراد العالم ومن ضمنها العراق عاش المرض والأعراض .

ومن الممكن أن تتراوح حدة أعراض كوفيد 19 بين خفيفة جدًّا إلى حادة. فبعض الأشخاص لا يُصابون سوى بأعراض قليلة , وقد لا يُصاب آخرون بأي أعراض على الإطلاق، ومع هذا فيمكنهم نشر المرض(نقل المرض دون ظهور الأعراض عليهم) وقد تتفاقم الأعراض، مثل ضيق النفس والتهاب الرئة لدى بعض الأشخاص بعد بداية ظهور الأعراض بأسبوع تقريبًا , لهذا سنقسم هذا المبحث على مطلبين الأول نبحث فيه الإجراءات المتخذة للحد من انتشار الجائحة , والمطلب الثاني سيكون الجرائم الناتجة عن مخالفة هذه الإجراءات.

المطلب الأول: الإجراءات المتخذة للحد من انتشار الجائحة

سنبين في هذا المطلب بيان موقف المنظمة العالمية للصحة من الوباء المنتشر والثاني سيكون ضعف القطاع الصحي.

الفرع الأول: موقف المنظمة العالمية للصحة من الوباء المنتشر

  إنَ القانون قد كفل حقوق الإنسان وجعل لكل فرد الحق في الصحة ، والتعليم والحياة ... والزم الدول باتخاذ تدابير لمنع تهديد الصحة العامة، وتقديم الرعاية الطبية لمن يحتاجها , وفي الوقت ذاته اقر القانون القيود التي تُفرَض على بعض من هذه الحقوق؛ ولكن تكون في سياق التهديدات الخطيرة للصحة العامة وحالات الطوارئ العامة التي تهدّد حياة الأمة، بحيث يكون بالإمكان تبريرها عندما يكون لها أساس قانوني، وتكون ضرورية للغاية ، ولا يكون تطبيقها تعسفيا ولا تمييزيا، ولفترة زمنية محددة، مع وجوب احترام كرامة الإنسان , ومن هذا المنطلق نجد أنّ فيروس كورونا اتضح بمدى اتساعه وخطورته، ويرقى إلى مستوى تهديد للصحة العامة وبالإمكان تبرير فرض قيود على بعض الحقوق، مثل تلك التي نجمت عن فرض الحجر الصحي أو العزل الذي حد من حرية التنقل.

تعد المنظمة العالمية للصحة السلطة التوجيهية والتنسيقية ضمن منظومة الأمم المتحدة فيما له علاقة بالمجال الصحي، وبالأخص بعد إعلان وجود فيروس كورونا والذي تأثرت به جميع دول العالم وقد قامت المنظمة بإعلان حالة الطوارئ وأشارت بوقتها إلى وجود لقاحات عدة[57].

فالسؤال الذي يطرح اليوم فضلًا عن ما عشناه من أزمة صحية واقتصادية , وأزمات أخرى.. لمن تم إنتاج الدواء اليوم؟

فالرعاية الصحية هي مبدئيا من أهم مهام الدول والحكومات بمستشفياتها لكن نلاحظ أن هناك منافسًا لها لتقديم أفضل الخدمات الصحية ؛ لما يملكه من أجهزة طبية متطورة فضلًا عن غلاء هذه الأخيرة هذا الأمر غير النمط الاستهلاكي للخدمات الصحية ، فضلًا عن العامل النفسي للمواطنين المرضى , وذلك من خلال زيادة الثقة بفاعلية هذه الخدمات الصحية المتطورة ودورها في تحسين الصحة العامة, ولهذا نجد إن للتخطيط الصحي لأهمية قصوى لمجابهة الوباء ، هذا ما يساعد في إدارة المخاطر وتحسين جودة العلاج والرقابة الصحية، ان مرتكزات التخطيط الصحي نذكر أهمها :

جمع البيانات على أساسا النمو الديموغرافي لعملية المسح وتشكيل عينات

يجب أن تكون المعلومات وبائية كنسبة الوفيات وسرعة انتشار العدوى لإجراء الدراسات.

معرفة وحصر الموارد الصحية لمعرفة مستوى خط الدفاع.

 

الفرع الثاني: ضعف القطاع الصحي

أنَ التجربة الصينية أثبتت نجاعتها ونجاحها وكان هذا بفضل دور الوساطة وتضامن المجتمع في مجال التوعية التي أشارت إلى التفاعل الإيجابي من أجل تجاوز الظروف الطارئة ، إذ تم تزويد ألأفراد بتطبيقات إلكترونية ساعدتهم على التنقل بوقت قياسي واستعجال طلباتهم اليومية بطريقة سهلة وبسيطة لم تستدعِ خروجهم من المنازل ، وكذلك ساعدت هذه التطبيقات على معرفة الأشخاص المصابين والابتعاد عنهم بمسافة معينة لتجنب العدوى ؛ بينما أكدت السلطات الصينية أن من أكثر الطرق فعالية لوقف الفيروس هي «الحجر الصحي»، إلا أن الجائحة بدأت بالتسرب لباقي دول العالم ، وأعلنت المنظمة العالمية للصحة ان نسبة الإصابات بدأت بالتزايد وكالاتي: -

إسبانيا 65173 مصابا .,  فرنسا 22770 مصابا , إيطاليا 909561 مصابا , بلجيكا 99611 مصابا , ألمانيا 33667 مصابا , الولايات المتحدة الأمريكية 9399325 أما عن حصيلة الوفيات فقد تجاوزت 66000 حالة عالميا وقد تصدرت إيطاليا عدد الإصابات وعدت الأكثر تضررا حيث أحصت 99000 من الوفيات في وقت وجيز , إما في فرنسا لصد الموجة الثانية، تم إطلاق برنامج التحاليل عن طريق المسالك للصرف الصحي لمعرفة نسبة العدوى و محاصرة المناطق الموبوءة صحياً[58], أمَا بقية الدول فقد اتخذت عدة إجراءات وقائية إلاَ أنَ لم تجدِ نفعاً ، وأضحى الفيروس يخيم على شوارع المدن ، وتم إغلاق المصانع وتعطلت المطارات والسفن، إذ شلت حركة النقل بنسبة 90 %ما عدا الإعانات، حتى العالقين في دول أجنبية استعصت دولهم باتخاذ إجراءات فردية ما دام الفيروس منتشر فضلًا عن هذه الظروف الصعبة التي عاشها العالم، إلا أنه هناك أخلاقيات العمل بالمهن والخدمات الصحية رغم امتلاء المستشفيات ودعمها بملحقات مجهزة لتلقى المرضى، فإن المستشفيات مسؤولة عن أي أضرار أو إيذاء للأشخاص ماعدا منتهكي لوائح القوانين والأنظمة المعمول بها[59], اما الإجراءات الوقائية والصحية التي طبقت في ظل جائحة كورونا فقد كان هدفها إعداد البرامج الوقائية العلاجية لتطوير الصحة العامة وتقوية المناعة وللوقاية من الأمراض والإعاقات لجميع أفراد المجتمع دون أي تمييز ، فتم ذلك عن طريق تقديم برامج الرعاية الصحية والذي انقسم بدوره ينقسم على نوعين من البرامج : البرامج العامة والخاصة[60], اما الإجراءات الوقائية فقد كانت لها صفة غير ثابتة ومنتظمة لأنها ذات طبيعة اتصالية مع الحالات المرضية المستجدة لكوفيد19 والمشاكل التي صاحبت انتشار الجائحة , وفي العراق فقد عانى شأنه شأن باقي دول العالم ولأكثر من سنة ما بين الحجر الصحي التام والجزئي الى ان أصبح الخطر كبيرا على المجتمع بمشاكل أخرى ومن نوع آخر ومن أهمها مثلاً ارتفاع مستوى الفق , وكذلك الجريمة كالسرقة والسطو على المحلات التجارية  .

خصوصًا ما شهدته الولايات الأمريكية المتحدة من دمار لواجهات المحلات ؛ بسبب ارتفاع نسبة البطالة والجوع الذي دفعهم الناس إلى اقتحام معظم المتاجر وخلق الفوضى, ويضاف لها زيادة في حالات الطلاق , الانتحار وبالأخص في جل المجتمعات الغربية ؛ لضعف الوازع الديني بالإضافة إلى تدهور الحالة الصحية بالنسبة للمصابين , ويضاف لها التعب والإرهاق للكوادر الطبية،وأطلق عليهم اسم (الجيش الأبيض) إذ لن ينسى أي احد التضحية والجهد من أجل إنقاذ المصابين، إلا إن فقد الكثير من الكوادر الطبية من عناصره ؛ جراء ازدياد حالات العدوى و الإصابة ، فقد سجلت فرنسا أول وفاة لأطبائها هذا الأمر دعاها إلى طلب المساعدة من المتقاعدين وذوي الخبرة, فضلًا عن التزامها بتعويض ضحايا الأخطاء الناجمة عن نشاط جميع المرافق العامة الطبية[61].

المطلب الثاني: الجرائم الناتجة عن مخالفة هذه الإجراءات

عند تجريم السلوك الضار من قبل المشرع ، يتطلّب تجريم السلوك حتى وان لم يصل بعد إلى مرحلة الإضرار الفعلي بالمصلحة المحمية ، إنما فقد بتعرضه للخطر ؛ وذلك لتلافي ما يُحتمل وقوعه من نتائج مستقبلية ضارة[62], ونجد هذا واضحا في نصوص قانون العقوبات[63].

يلاحظ أن المشرّع كان غايته والهدف الذي يسعى لتحقيقه هو حماية حياة الناس وسلامتهم من التعرّض للخطر الذي قد يصيبهم ومن النتائج التي تترتب عليه ، وخير دليل على ذلك قيامه بتشديد العقوبة فيما إذا أدى هذا الاعتداء إلى حدوث نتيجة ضارة تمثّلت بموت إنسان لتكون العقوبة الإعدام ، بينما تكون العقوبة اخف في غير هذه الحالة كالسجن المؤبد أو المؤقت[64]، إن هذا النص يتم تطبيقه بمجرّد التعريض للخطر وقبل حدوث أي ضرر ، أما في حالة حدوث الضرر فإن ذلك يؤدي إلى تشديد العقوبة المقررة كما ذكرنا انفاً ، ولذلك عاقب المشرّع بالسجن المؤبد أو المؤقت عندما يتم التعريض العمدي للخطر الذي يهدد حياة الناس وسلامتهم ولو لم يحدث الضرر، ولكنه قد شدد العقوبة لتكون الإعدام عندما ينتج ضرر عن فعل التعريض للخطر يتمثّل بموت إنسان[65].

وعند الرجوع للقصد الاحتمالي فقد اختلف فقهاء القانون الجنائي فيما يتعلق بتحديد نطاق القصد الاحتمالي ومدى النتائج التي يلقى عبؤها على الجاني[66], إما مايخص التعريف في قانوني العقوبات الفرنسي ، فقد اتجه الفقه الفرنسي إلى القول بانه لتوافر القصد الاحتمالي ،لابد أن يكون لدى الجاني قصدا مباشرا إلى إحداث نتيجة معينة يعاقب عليها القانون ، فتحدث بذلك نتيجة أخرى متوقعة تتجاوز ما أراده ، فإذا لم يكن لدى الجاني قصد مباشر، فلا يتم مسألته إلا عن جريمة غير عمدية ، وأصحاب هذا الرأي هم الذين لا يقرون بوجود القصد الاحتمالي ، لأن ما وصفوا به القصد الاحتمالي هو في الواقع القصد المتعدي[67].

من هنا يتضح لنا الخطأ الذي قامت عليه فكرة القصد الاحتمالي في فرنسا ، فهي تتجاهل طبيعة هذا القصد ولا تعترف بقيمته القانونية وبكونه مساوياً للقصد المباشر من حيث المسؤولية العمدية ، وتحدده على نحو تبتعد فيه عن طبيعته ونطاقه الذي يميزه عن باقي أنواع القصد الجنائي[68].

 اما المشرع العراقي فنجده سلك سبيلاً مختلفاً حيال القصد الاحتمالي إذ نص عليه وبصورة صريحة فـي الفقرة ب مـن المادة 34 قانون عقوباته  بقوله ( تعـد الجريمة عمدية إذا توقع الفاعل نتائج إجرامية لفعله فأقدم عليه قابلاً المخاطرة بحدوثها )[69]، وبهذا نجده قد قطع الطريق على كل اجتهاد أو تأويل في هذا الموضوع[70], يتضح لنا من قراءة النص السابق أن المشرع العراقي قد تبنى فكرة القصد الاحتمالي وجعله مساوياً  للقصد المباشر من حيث المسؤولية الجنائية ، بشرط أن يكون الفاعل قد توقع نتائج إجرامية لفعله فأقدم عليه قابلاً المخاطرة بحدوثها ، أي أن للقصد الاحتمالي عنصرين هما توقع النتيجة الجرمية ، وقبول المخاطرة بحدوثها , وهنـاك من أضاف عنصراً ثالثاً هو إرادة الفعل الذي قـام به الجاني[71], أما عن موقف محكمة التمييز في العراق من القصد الاحتمالي فتبين من خلال بعض القرارات أنها نهجت نهجاً قضائياً مستقراً بتطبيق أحكام القصد الاحتمالي أينما توافرت عناصره، فقضت تطبيقاً لذلك في قرار لها( يسأل المتهم عن إصابة شخص آخر غير المجني عليه ولو لم يقصدها إبتداءً مأخوذاً بقصده الاحتمالي)، وقضت كذلك ( إذا أتفق المتهم مع جناة آخرين على ضرب المجني عليه على رأسه بالآلات راضه وجارحة وأدى فعلهم إلى تهشيم جمجمته وقتله وعوقب بعضهم بعقوبة القتل العمد مع سبق الإصرار فيعاقب المتهم بالعقوبة ذاتها ولو أقتصر دوره على المراقبة عند التنفيذ لكونه قد توقع النتيجة التي حصلت وقبل بها)[72]

وعليه فأن من يقوم بشكل عمدي إي بقصد بوضع أية مواد أو جراثيم أو أي شي آخر ضار بالصحة البشرية في بئر أو خزان للمياه أو أي شيء آخر معد لاستعمال الناس ، فإنه يخضع لنص التجريم ويتم عاقبه بالعقوبة المقررة الا وهي السجن المؤبد أو المؤقت ، ولو لم تحدث أية نتيجة ضارة تترتب على فعل الوضع للمواد ، لأن ارتكاب الفعل يكفي لتجريم فاعله ، لان سلوكه يحمل من الخطورة التي تهدد حياة الناس وسلامتهم الصحية مما يبرر تجريمه ، وبصرف النظر عمّا يترتب عليه من نتائج ضارة بالمصالح المحمية .

ومن الجدير بالملاحظة ان المشرع حسناً فعل عندما لم يحدد لنا المواد الضارة ولا المكان الذي يتم وضعها فيه وتم ذكرها على سبيل المثال[73].

ومن الجدير بالملاحظة أيضا إن المشرّع العراقي عمل على تجريم حالات التعرض للخطر أي بسبب من خطأ الجاني نتيجة الإهمال ، فالجاني يعاقب على سلوكه الخطِر ولو لم تحدث النتيجة الضارة ؛ لأنه قد تسبب بخطئه في تعريض حياة الناس وسلامتهم للخطر مثل ارتكاب أي فعل من شأنه نشر مرض خطير مضر بحياة الأفراد في المجتمع ، ولو لم يؤدِ الفعل إلى إصابة أي فرد من الأفراد بالمرض بسبب من نشره ، وبغض النظر عن تحقق النتيجة الضارة المتمثّلة بالإصابة بهذا المرض ، فالتجريم الوقائي من المرض يُطبّق على حالة التعرض للخطر وان لم يحدث الضرر[74], ومن هذا النص يتضح لنا أن المشرّع قد جرّم حالة التعرض لعمدي وغير العمدي للخطر وذلك بارتكاب إي فعل من شأنه نشر مرض خطير مضر بحياة الأفراد ، وهناك شروط عديدة يجب توافرها من أجل معاقبة الجاني ، ويمكن إجمالها أن يقوم هذا الشخص متعمداً بارتكاب فعل ، ويجب أن يكون من شأن هذا الفعل نشر مرض ، إن يكون المرض خطيراً ومضراً بحياة الأفراد ، فإذا توافرت هذه الشروط يتم معاقبة الجاني بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات , ونتفق مع هذا الرأي الذي يقول عند ارتكاب الجاني للفعل الذي من شأنه نشر مرض يكفي لتطبيق نص التجريم ولو لم ينتشر هذا المرض ؛ لأنَ سلوكه يعد سلوكاً مجرماً وخطيراً وذلك بصرف النظر عمّا إذا انتشر المرض أو لم ينتشر ، طالما فعله المتعمّد قد عرض حياة الناس وصحتهم للخطر, وهذا ماعشناه في ظل جائحة كورونا كوفيد 19 حيث حل هذا الوباء في كل منطقة من دول العالم واستعصى أمره بمرور الوقت في إيجاد لقاح فعال ما عدا المضادات الحيوية التي تم إنتاجها وتطويرها في المختبرات الطبية , ولبس الكمامة . 

 

الخاتمة

النتائج

طبيعة هذه الفيروس و قدرته على التحور و طرق و سرعة انتشاره و العدوى منه. بينت صعوبة السيطرة عليه  ومنع تفشيه حتى مع اقسى طرق الوقاية التي تمثلت بالإغلاق العام في اغلب دول العالم.

المشاكل و التأثيرات التي خلفها فيروس كورونا على مختلف مجالات الحياة الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية فلم تقتصر إضراره على الجانب الصحي فقط بل امتدت لتشمل جميع مفاصل الحياة الاجتماعية

تأثر المنظومة القانونية بفيروس كورونا في جميع دول العالم بصورة شملت اغلب فروع القانون (المدني- الجنائي-الإداري... الخ ).

أثار موضوع تكييف جائحة كورونا جدالًا و خلافًا بين رجال الفقه والقانون بخصوص الوصف الملائم وفق نظريات القانون الخاصة بالظروف الاستثنائية الأامر الذي أدى إلى اختلاف الوصف القانوني لجائحة كورونا من دولة الى أخرى , ألا انَ موقف المشرع العراقي جاء حاسما في وصف هذه الجائحة وصفا قانونيًا دقيقًا و تكييفها وفق أكثر النظريات القانونية انسجاما لهذه الظروف, إذ يحسب للمشرع العراقي ولمحكمة التمييز الاتحادية السرعة و الدقة في تكييف فترة جائحة كورونا.

 

التوصيات:

ضرورة رسم السياسات الصحية وبالأخص في حالات الضرورة وترشيد الاستهلاك الصحي وعدم التشبث بالإدارة المركزية في اتخاذ القرارات من اجل تحقيق العدالة الاجتماعية.

ينبغي أن تكون جميع المعلومات المتعلقة بفيروس كورونا والتي يتم نشرها متاحة وبلغات عديدة، بما في ذلك للأشخاص لا يجيدون، القراءة والكتابة, فتكون على شكل محاضرات توعوية تثقيفية مثل الإعلانات التلفزيونية بلغة الإشارة عبر مترجمين مؤهلين؛ وإتاحة الخدمات عبر الهاتف التي تشمل إمكانية التواصل النصيّ  للأشخاص الصمّ أو الذين لديهم صعوبة في السمع, استخدام عمليات التواصل بلغة بسيطة لتحقيق أفضل فهم ممكن خصوصاً للأطفال تكون أعمارهم صغيرة  لمساعدتهم على اتخاذ خطوات لحماية أنفسهم.

نقترح على المشرع العراقي إضافة نص التجريم الوقائي العام إلى نصوص قانون العقوبات أسوة بالمشرّع الفرنسي ، ويكون النص كالتالي : ( كل من عرّض الناس لخطر حال بالموت أو الجروح التي قد تؤدي إلى قطع عضو أو عاهة مستديمة يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تزيد على مليون دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين ).

عدم نشر المعلومات الخاصة بالإصابات على الانترنت ؛ وذلك لحساسية هذا الموضوع ولأنه يشكل خطرا على الأشخاص المصابين، لا سيما من هم في مواضع ضعف وتهميش في المجتمع , والتأكيد على أن يكون الاستخدام المناسب للبيانات الصحية الشخصية محكوما بضمانات قانونية قائمة على الحقوق والحريات  .

إتباع المعايير الحقوقية الخاصة بالحجر الصحي، والإغلاق الجزئي والتام.

تجهيز البنى التحتية الصحية لمواجهة مثل هذه الأزمات مستقبلا و تجنب المراكز المؤقتة التي يتم تجهيزها إثناء الأزمات لتفادي تكرار ما حصل خلال فترة تفشي جائحة كورونا.

وضع الخطط الخاصة بالأحوال الاجتماعية للمواطنين في مثل هذه الظروف حيث شاهدنا الإضرار الاجتماعية التي خلفتها جائحة كورونا على الحياة الاجتماعية للمواطنين على المستوى المعيشي.

اتخاذ الإجراءات القانونية وفق أحكام المادة (368) من قانون العقوبات[75].

اتخاذ عدد من الإجراءات القانونية بحق المصابين بالفيروس والممتنعين عن تقديم المعلومات إلى الجهات الطبية المختصة لمعالجتهم والقيام بالإجراءات اللازمة للحجر الصحي.

التأكيد على الجهات الأمنية المختصة على تنفيذ حظر التجوال بشكل كامل وإلقاء القبض على كل من يخالف ذلك بالتعاون مع المحاكم الخافرة التي سوف تتابع تنفيذ حظر التجوال.

 


[1] د. احمد فتحي سرور , أصول السياسة الجنائية , ط1, دار بيروت العربية , 1972 , ص11.

[2] محمد مدني بوساق , اتجاهات السياسة الجنائية المعاصرة والشريعة الاسلامية , ط1, مركز الدراسات والبحوث , الرياض ,2004, ص16.

[3] الامام محمد بن ابي بكر الرازي , مختار الصحاح ، دار الرضوان ، حلب ، ٢٠٠٦ ، ص 491 .

[4] أبو عَلْي الحُسَيْنَ بن عَبد الله بن الحسَنَ بن عَلْي بن سِينَا , ويعد ابن سينا من أول من كتب عن الطبّ في العالم وأشهر أعماله كتاب القانون في الطب .

[5] الازهري ابو منصور محمد بن احمد الازهري الهروي ، تهذيب اللغة , ( ۳۷۰ هـ ) ، تحقيق محمد عوض مرعب ، ط۱ , نشر دار احياء التراث العربي – بيروت ، ۲۰۰۱ م ، ص۲۷۸ .

[6] سورة لقمان الاية 33.

[7] ابو العباس احمد بن محمد بن علي الفيومي ، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير ، (ت ۷۷۰ هـ ) ، ط2 , نشر المكتبة العلمية ، بيروت ، د ت ، ص 669 .

[8] سورة الرعد الاية 34.

[9] د . مصطفى يوسف , المخدرات والمجتمع – نظرة تكاملية - عالم المعرفة ، سلسلة عالم المعرفة ، رقم ٢٠٥ ، المجلس الوطني للثقافة والفنون ، الكويت ، 1996 ، ص١٥٥.

[10] د. عدنان الدوري , علم العقاب والمذنبين , ط 1, منشورات ذات السلاسل,1989 , ص438.

[11] د.عبد اللطيف رشاد احمد, الآثار الاجتماعية لتعاطي المخدرات،(تقدير المشكلة وسبل العلاج)، ۱۹۹۹، ص۸ .

[12] د. رمضان السيد الألفي , نظرية الخطورة الإجرامية ( دراسة مقارنة ) أطروحة دكتوراه في علوم الشرطة ، كلية الدراسات العليا , أكاديمية الشرطة ، القاهرة ، ١٩٩٤ ، ص ۲۰ .

[13] د. عمر فخري عبد الرزاق ألحديثي , الوقاية من الجريمة الانتخابية ، بحث منشور في جامعة الانبار للعلوم القانونية والسياسية ، العدد الثالث ، ص 103-104 .

[14] المصدر نفسه ، ص 105

[15] د. احمد فتحي سرور , أصول السياسة الجنائية , دار النهضة العربية , 1972، ص ۲۱

[16] د. اکرم نشأت إبراهيم , السياسة الجنائية ( دراسة مقارنة )، ط1، دار الثقافة للنشر والتوزيع ، ۲۰۰۸، ص۱۷.

[17] جمال الدين ابن منظور , لسان العرب , ط1, دار الكتب العلمية ,  بيروت , 2003, ص505.

[18] عبد الحفيظ بقة , إشكاليات الحفاظ على استقرار العلاقات في مواجهة جائحة كوفيد 19 بين التزامات صاحب العمل ومسؤولية الدولة , حوليات جامعة الجزائر , مج34, 2020, ص551.

[19] افة : كُلُّ ما يصيب شيئًا فيفسده من مرض أو عيبٍ أو ما شابه ذلك «آفة العلم النسيان , العاهة : فساد أو مرض يقع في الزرع أو الماشية أو أحد أعضاء الإنسان , أصحاب العاهات، أو أهلها المصابون بها , للمزيد ينظر د. احمد فتح الله معجم ألفاظ الفقه الجعفري , ط1, مطبعة المدوخل , الدمام , 1995, ص135.

[20] جهاد سالم جريد الشرفات , ضوابط جوائح الزروع والثمار المبيعة في الفقه الاسلامي , المجلة الأرضية للدراسات الإسلامية ,مج9, العدد3, 2013, ص240.

[21] المصدر السابق نفسه , ص 240 .

[22] حيدر عباس جيجان , التكييف القانوني لجائحة كورونا دراسة مقارنة في نطاق الالتزامات العقدية , جامعة بغداد , كلية القانون , رسالة ماجستير , 2022, ص 12.

[23] منصر نصر الدين , التصدي للوباء العالمي كورونا (كوفيد 19) من خلال وسائل الضبط الإداري العام في الجزائر , , حوليات جامعة الجزائر , مج34, 2020, ص36.

[24] موقع منظمة الصحة العالمية باللغة العربية , سؤال وجواب عن مرض فيروس كورونا , والذي نشر على الرابط

 https://www.who.int/ar/emergencies/diseases/novel-coronavirus-2019/question-and-answers-hub/q-a-detail/coronavirus-disease-covid-19 , تاريخ الدخول يوم 27/10/2022, الساعة 12 ظهرا .

[25] موقع منظمة الصحة العالمية باللغة العربية , سؤال وجواب عن مرض فيروس كورونا , مصدر سابق , تاريخ الدخول يوم 27/10/2022, الساعة 12 ظهرا .

[26] سفيان سوالم , التأمين ضد خطر جائحة فيروس كورونا (كوفيد 19) , حوليات جامعة الجزائر , مج34, القانون وجائحة كوفيد19  ,202, ص606.

[27] موقع منظمة الصحة العالمية باللغة العربية , سؤال وجواب عن مرض فيروس كورونا , على الرابط

 https://www.who.int/ar/emergencies/diseases/novel-coronavirus-2019

, تاريخ الدخول الساعة السادسة عصرا يوم 3/11/2022.

[28] بوزيدة عادل / بلغيث رؤى, اثار جائحة كورونا في توجيه السياسة الجزائية في التشريع الجزائري ,  كلیة الحقوق والعلوم السیاسیة، مخبر القانون المقارن والدراسات الاجتماعیة والاستشرافیة، جامعة تبسة , الجزائر , 2020 , ص6, منشور على الموقع الالكتروني:

 https://www.asjp.cerist.dz/en/downArticle/18/34/3/121574

اخر وقت للدخول الساعة 9 ليلا 23/2/2023.

[29] الان بينابنت، ترجمة منصور القاضي، القانون المدني الموجبات والالتزامات , ط1 ، مجد المؤسسة الجامعية لدراسات والنشر والتوزيع، 2004 ، ص2٥1.

[30] د. سليمان محمد الطماوي، الاسس العامة للعقود الادارية، دراسة مقارنة،  ط٥ ، دار الفكر العربي، 1991 ، ص714 .

[31] د. سعد الشرقاوي, العقود الإدارية, دار النهضة العربية, القاهرة مصر, 1998-1999, ص410.

[32] د. عبد المجيد الحكيم, الموجز في شرح القانون المدني, جـ1, مصادر الالتزام, طـ5, مطبعة نديم, بغداد, 1977, ص538؛  د. محمد كمال عبد العزيز, التقنين المدني في ضوء القضاء و الفقه, جـ1, طـ1, القاهرة, 1980, ص784؛  د. محمود جمال الدين زكي , عقد العمل الفردي في القانون المدني المصري, ط3, دار النهضة العربية, القاهرة,1982, ص263

[33] د. اميرة جعفر شريف- جامعة سوران / د. كاوه ياسين سليم- جامعة الربيل التقنية, نظريتي القوة القاهرة و الظروف الطارئة في القانون العراقي و الشريعة الإسلامية,doi:10.23918/ilic2019.62

[34] محكمة التمييز الاتحادية قرارها المرقم 14/الهيئة العامة / 2020

[35] د.  نجيب خلف الجبوري,  القانون الإداري. ص 140 .

[36] م.م. اسراء خضير مظلوم / م. علي صباح خضير/ م. حسين عبيد شعواط. اثار جائحة كورونا على مدد الطعن بالأحكام القضائية

  DOI: https://doi.org/10.33193/JALHSS.57.2020.201

اخر دخول 1/12/2022 .

[37] د. علي حسين خلف, ا. سلطان عبد القادر الشاوي. المبادئ العامة في قانون العقوبات. صـ82-83

[38] القاضي كاظم عبد جاسم الزيدي , الاثار القانونية لاعتبار جائحة كورونا قوة قاهرة. منشور على الموقع الالكتروني

 DOI: https://www.hjc.iq/view.67830 ,

 أخر دخول 1/12/2022.

[39] المادة 165 من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 .

[40] إذ نصت المادة 168 ( إذا ا ستحال على الملتزم بالعقد أن ينفذ الالتزام عينا حكم عليه بالتعويض لعدم الوفاء بالتزامه ما لم يثبت إن استحالة التنفيذ قد نشأت عن سبب أجنبي لا يد له فيه ) , كذلك المادة 221 التي بينت وقد تم ذكرها انفاً.

[41] نصت المادة 1147 من القانون المدني الفرنسي على إن المدين لا يكون مسئولا، الا إذا كان عدم تنفيذه لالتزامه راجعا له, ونصت المادة 114٨ على إن المدين لا يكون مسئولا عن التعويض إذا لم يقم بتنفيذ التزامه بسبب خارجي ليس منسوبا لقوة قاهرة.

[42] مقالة منشورة على الموقع الالكتروني الدكتور فتحي علي فتحي, كورونا بين الظروف الطارئة والقوة الراهنة

 , https://www.uomosul.edu.iq/news/ar/rights/55724 ,

جامعة الموصل , كلية الحقوق , 2020 , تاريخ الدخول الساعة 9 مساءا .

[43] رشا نعيم حافظ , تأثير جائحة كورونا على عقد الاشغال العامة (دراسة مقارنة ) , رسالة ماجستير , كلية القانون والعلوم السياسية , الجامعة العراقية , 2022, ص19.

[44] اشارت الى ذلك المادة 211 من القانون المدني العراقي (اذا اثبت الشخص ان الضرر قد نشأ عن سبب اجنبي لا يد له فیه كآفة سماوية او حادث فجائي او قوة قاھرة او فعل الغیر او خطأ المتضرر كان غیر ملزم بالضمان ما لم يوجد نص او اتفاق على غیر ذلك( ؛ ونفس المادة في القانون المدني الفرنسي والتي تحمل الرقم 1148 مدني فرنسي .

[45]Benoit francis-paul le droit admimi strarive francis ,paris ,196 ,p617

[46] د. فاضل شاكر التميمي , نظرية الظروف الطارئة بين الشريعة والقانون , رسالة ماجستير , بغداد , 1969, ص50.

[47] مادة (168( : اذا استحال على الملتزم بالعقد ان ينفذ الالتزام عينا حكم عليه بالتعويض لعدم الوفاء بالتزامه ما لم يثبت استحالة التنفيذ قد نشأت عن سبب أجنبي لا يد له فيه، وكذلك يكون الحكم إذا تأخر الملتزم في تنفيذ التزامه=

[48] د. عبد المجيد الحكيم , الأستاذ عبد الباقي البكري , الأستاذ المساعد محمد طه البشير, الوجيز في نظرية الالتزام في القانون المدني العراقي. الجزء الأول.

[49] صت المادة (146) الى أن:

1- اذا نفذ العقد كان لازما ولا يجوز لأحد العاقدين الرجوع عنه ولا تعديله الا بمقتضى نص في القانون او بالتراضي, 2 - على انه إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها ان تنفيذ الالتزام التعاقدي، وان لم يصبح مستحيلًا، صار مرهقا للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة جاز للمحكمة بعد الموازنة بين مصلحة الطرفين ان تنقص الالتزام المرهق الى الحد المعقول ان اقتضت العدالة ذلك، ويقع باطلا كل اتفاق على خلاف ذلك.

36- حيث جاء في البدائع ((فَالْإِجَارَةُ تَنْفَسِخُ بنفسه (( بنفسها ) أو تَحْتَاجُ إلَى الْفَسْخِ قال بَعْضُ مَشَايِخِنَا  تنْفَسِخُ بِنَفْسِهَا وقال بَعْضُهُمْ لَا تَنْفَسِخُ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يُنْظَرُ إلَى الْعُذْرِ إنْ كان يُوجِبُ الْعَجْزَ عن الْمُضِيِّ في مُوجَبِ الْعَقْدِ شَرْعًا بِأَنْ كان الْمُضِيُّ فيه حَرَامًا فَالْإِجَارَةُ تُنْتَقَضُ بِنَفْسِهَا كما في الْإِجَارَةِ على قَلْعِ الضِّرْسِ إذَا اشْتَكَتْ ثُمَّ سَكَنَتْ وَعَلَى قَطْعِ الْيَدِ المتآكلة إذَا برأت ( برئت ) وَنَحْوِ ذلك وَإِنْ كان الْعُذْرُ بِحَيْثُ لَا يُوجِبُ الْعَجْزذلك لَكِنَّهُ يَتَضَمَّنُ نَوْعَ ضَرَرٍ لم يُوجِبْهُ الْعَقْدُ لَا يَنْفَسِخُ إلَّا بِالْفَسْخِ وَهَلْ يُحْتَاجُ فيه إلَى فَسْخِ الْقَاضِي(( , للمزيد يراجع علاء الدين، أبو بكر بن مسعود الكاساني الحنفي الملقب بـ «بملك العلماء» , كتاب بدائع الصنائع ترتيب الشرائع , ط1, 1327ه, مطبعة الجمالي , مصر , دار الكتب العلمية .

[50] المذكرات الإيضاحية لمشروع التجارة، ص209

[51] د فتحي علي فتحي, مدرس القانون المدني , كلية الحقوق , الموصل , مقال منشور على الرابط الالكتروني,

 https://www.uomosul.edu.iq/news/ar/rights/55724 ,

 علما إن تاريخ الدخول 23/2/2023 الساعة4عصرا . .

[52] د. مريم محمد أمحمد و د. عامر عاشور عبد الله , القرار الاداري بفرض حظر التجوال وأثره على عقد الإيجار ( وباء كورونا أنموذجا ) بحث منشور في مجلة كلية القلم الجامعية ، المجلد 9 ، العدد 5 ,   2021

[53] تم الإشارة الى ذلك في الأمر الوزاري ( كما فعل مجلس الدولة العراق بالعدد 751 في 5/3/2020 والذي تضمن في مقدمته )....بالنظر للظروف الطارئة .... الى الخ

[54] د. فرح عبد اللطيف عطية , المسؤولية الجنائية الناشئة عن نقل فيروس الايدز (دراسة مقارنة ) كلية الحقوق , جامعة الإسكندرية , 2011, ص47 .

[55] د. محمد جبريل إبراهيم , الحماية الجنائية للوقاية من الأوبئة , نائب رئيس هيئة قضايا الدولة بالأقصر عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصاء والتشريع عضو الجمعية المصرية للقانون الجنائي , القاهرة  العدد الرابع: جمادي الأول 1443هـ / 2021م , ص5.

[56] المجلة الدولية للبحوث القانونية والسياسية – الإجراءات القانونية والاحترازية لمواجهة جائحة كوفيد 19, منظمه الصحة العالمية , 2017 و صفحه 19 .

[57] مهند أحمد حلوش وعبد الرؤوف الوابدة ، «اقتصاديات الصحة»، ط1، المكتبة الوطنية، عمان، 4002 ، ص63.

[58] وكان هذا حسب تقرير المنظمة العالمية للصحة حول تطور تفشي و باء كورونا كوفيد 19 في بلد الصين بتاريخ  2020 , للمزيد راجع الموقع الالكتروني للمنظمة

 https://www.who.int/ar/health-topics/coronavirus#tab=tab_1

تاريخ الدخول  25/2/2023 .

[59] د.خيرة عبد الصدوق , جامعة ابن خلدون , مجلة متون , جامعة سعيدة , د. مولاي الطاهر , كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية , الإجراءات الوقائية والصحية في ظل جائحة كورونا كوفيـــد 19, ص 27-28.

[60] بسام عبد الرحمن المشاقبة , الإعلام الصحي ، دار أسامة للنشر والتوزيع ، عمان ، الأردن ، 2011 , ص44,

[61] وليد مروة المخروصي، «التزامات الدولة عن الخطأ الطبي»، مجلة كلية القانون والعلوم السياسية , جامعة الانبار= =ص446 نص برنامج الأمم المتحدة المشترك المتعلق بفيروس نقص المناعة البشرية «الإيدز» بجنيف بتاريخ 40 مارس 2020 , والبلدان إلى اعتماد نهج قائم على حقوق الإنسان لمعالجة وباء  19 Covid العالمي وذلك بوضع استراتيجيات على المجتمعات لاحترام حقوق وكرامة الجميع، تهدف هذه الوثيقة إلى مساعدة الحكومة والمجتمعات والجهات الفعالة على وضع تدابير لاحتواء الوباء.

[62] د. عبد الستار يونس الحمدوني ، الحماية الجنائية للبيئة , دراسة مقارنة في الأحكام الموضوعية ، دار الكتب القانونية ، مصر ، 2013 ، ص 109 – 110 .

[63] نصت المادة 351 من قانون العقوبات ( يعاقب بالسجن المؤبد أو المؤقت من عرّض عمداً حياة الناس أو سلامتهم للخطر بوضعه مواد أو جراثيم أو أي شيء آخر من شأنها أن يتسبب عنها الموت أو ضرر جسيم بالصحة العامة في بئر أو خزان مياه أو مستودع عام أو أي شيء آخر معد لاستعمال الجمهور ، وتكون العقوبة الإعدام إذا نشأ عن ذلك موت إنسان) .

[64] نصت المادة 405 من قانون العقوبات العراقي على أن من قتل نفساً عمداً يعاقب بالسجن المؤبد أو المؤقت.

[65] هذا ما نصت عليه الفقرة 1 من المادة 351 من قانون العقوبات العراقي أنفة الذكر .

[66] د. فراس عبد المنعم عبد الله  , د. ألاء ناصر حسين ، القصد في الجريمة الإرهابية , بحث منشور في مجلة العلوم القانونية ,مج29,جامعة بغداد , كلية القانون , 2014، ص58

[67] د. أكرم نشأت إبراهيم، القواعد العامة في قانون العقوبات المقارن، المرجع السابق، ص281 ؛ د. علي محمد جعفر، قانون العقوبات الخاص، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ، ط1 ، 1987، ص88 . 

[68] د. محمد سامي النبراوي ، المصدر السابق ، ص188؛ قرار محكمة التمييز المرقم 1041/جنايات/1975 في 20/4/1976 منشور في مجموعة فؤاد زكي عبد الكريم ، المصدر السابق، ص42

[69] وضمن هذا الاتجاه المشرع الأردني في المادة 64 واللبناني في المادة 89 والسوري في المادة 188 والمشرع اليمني في المادة 9 من قانون العقوبات اليمني . 

[70] وهناك من يرى خلاف ذلك ويطالب المشرع العراقي بالاستغناء عن تعريف القصد الاحتمالي وترك أمره للفقه والقضاء والمبادئ العامة أسوة بمذهب المشرع المصري / فراس عبد المنعم عبد الله ، المرجع السابق ، ص59 .

[71] في تفصيلات ذلك أنظر : د. واثبة السعدي ، المرجع السابق ، ص111/ د. حميد السعدي، شرح قانون العقوبات الجديد، النظرية العامة، المرجع السابق، ص248 / د. علي حسين الخلف ود. سلطان عبد القادر الشاوي، المرجع السابق، ص347 

[72] للمزيد ينظر , د. ضاري خليل محمود، الوجيز في شرح قانون العقوبات-القسم العام، دار القادسية للطباعة- بغداد ،1982، ص77 ؛ أما موقف الشريعة الإسلامية الغراء من القصد الاحتمالي :أختلف الفقهاء المسلمون حول القصد الاحتمالي، فالشيعة الإمامية لا يسلمون بالقصد الاحتمالي في جريمة القتل العمد ويصرون على وجوب توجه نية الجاني للقتل ، وقد سار معهم في هذا الاتجاه أبو حنيفة والشافعي ، أما الإمام أحمد فقد سلم بالقصد الاحتمالي في جريمة القتل العمد في موضعين فقط : الأول إذا أخطأ الجاني في الفعل ، كما لو أراد أن يقتل زيداً فلما رماه أخطئه وأصاب عمراً بشرط أن يكون زيد معصوم الدم (وهو ما يقابل في القانون الوضعي الخطأ في توجيه الفعل ) ، والثاني : إذا كان الخطأ في ظن الفاعل ، كأن يقصد قتل زيد فيقتل عمر على إنه زيد ، بشرط أن يكون زيد معصوم الدم (وهو ما يقابل في القانون الوضعي الخطأ في الشخص ) ، أما مذهب الأمام مالك فيتسع للقصد الاحتمالي في جريمة القتل العمد ، لأن القتل لديه عمد وخطأ=  =ولا يعرف القتل شبه العمد , قرار محكمة الجنايات المرقم 856/جنايات/1974 في 26/5/1974 منشور في مجموعة فؤاد زكي عبد الكريم لأهم المبادئ والقرارات لمحكمة التمييز في العراق ، دار القادسية للطباعة-بغداد ، 1982، ص26 . 

[73] من شأنها أن يتسبب عنها الموت أو ضرر جسيم بالصحة العامة ) ( أو أي شيء آخر معد لاستعمال الجمهور ) , م 351 من قانون العقوبات العراقي النافد .

[74] للمزيد يراجع نص المادتين 368 و369 من قانون العقوبات العراقي .

[75] بحق لكل من يتسبب بنشر هذا الفيروس من خلال قيامه ببث الشائعات الكاذبة حول الإصابات بالمرض أو الاستهزاء بخطورته أو تشجيع الافراد على التجمعات بأي شكل من الأشكال , والتي منعتها لجنة الأمر الديواني بالرقم (55) لسنة2020.