تاريخ الاستلام 14/8/2023 تاريخ القبول 30/9/2023
حقوق الطباعة محفوظة لدى مجلة كلية القانون والعلوم السياسية في الجامعة العراقية
حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمؤلف
حقوق النشر محفوظة للناشر (كلية القانون والعلوم السياسية - الجامعة العراقية)
CC BY-NC-ND 4.0 DEED
Printing rights are reserved to the Journal of the College of Law and Political Science at Aliraqia University
Intellectual property rights are reserved to the author
Copyright reserved to the publisher (College of Law and Political Science - Aliraqia University)
Attribution – Non-Commercial – No Derives 4.0 International
For more information, please review the rights and license
أثر الوجود الفعلي للشركة التجارية
The impact of the actual existence of the commercial company on partners and others
الباحث: محمد حمد عبدالله السرحان
جامعة آل البيت / المملكة الأردنية الهاشمية
Researcher. Mohammed Abdullah Al-Sarhan
Al al-Bayt University / The Hashemite Kingdom of Jordan
hopelawyer2030@gmail.com
المستخلص
تهدف هذه الدراسة الى بيان الاثار المترتبة على الاعتراف بنظرية الشركة الفعلية، وما يترتب على الاعتراف بها من اثار تطال الغير والشركاء، وحماية هذا الغير الذي تعامل مع الشركة ولا يعلم بمدى وجود هذا الشركة بشكل قانوني.
حيث تثور الاشكالية التالية ما مدى اعتراف المشرع الاردني بالمراكز القانونية الظاهرة المترتبة على الشركة التجارية في حال اختل ركن من اركان انشائها، ومدى اعترافه بالأثار القانونية المترتبة على البطلان فيما يتعلق بالشركة الفعلية، ومدى اعترافه بالأثر الرجعي للشركة الفعلية وما ترتبه من اثار قانونية للغير والشركاء.
وتوصلت الدراسة الى ان الشركة الفعلية شركة موجودة وتمارس نشاطها فعليا على ارض الواقع ولكن تعرضت لخلل في احد اركانها العامة الموضوعية او الخاصة او احد الاركان الشكلية، كما توصلت الى ان نظرية الشركة الفعلية وجدت اساس لحماية الغير حسن النية الذي لا يعلم الا بالوضع الظاهر للشركة وكذلك الشركاء.
وتوصي الدراسة بان يتم الاعتراف وبشكل صريح من قبل المشرع الاردني بالشركة الفعلية في جميع انواع الشركات بما يسهل عمل القضاء ودون الدخول في تأويلات او اجتهادات مختلفة، ودون التخوف من البطلان او أي تأخير يسبب ضرر لأي طرف في الشركة او الغير
الكلمات المفتاحية: الشركة التجارية، الشركة الفعلية، القانون التجاري، البطلان النسبي، البطلان المطلق.
Abstract
This study aims to demonstrate the effects of recognizing the theory of the actual company, and the consequences of recognizing it in terms of effects on third parties and partners, and protecting this third party who has dealt with the company and is not aware of the legal existence of this company.
Where the following problem arises: the extent to which the Jordanian legislator recognizes the apparent legal positions resulting from the commercial company in the event that one of the pillars of its establishment is disturbed, and the extent to which it recognizes the legal effects of the invalidity in relation to the actual company, and the extent to which it recognizes the retroactive effect of the actual company and its legal effects for third parties and partners.
The study concluded that the actual company is an existing company and actually exercises its activity on the ground, but it was exposed to a defect in one of its substantive or private general pillars or one of the formal pillars. Partners.
The study recommends that recognition be made explicitly by the Jordanian legislator of the actual company in all types of companies in a way that facilitates the work of the judiciary and without entering into different interpretations or jurisprudence, and without fear of invalidity or any delay that causes harm to any party in the company or others.
key words: Commercial Company, Actual Company, Commercial Law, Relative Invalidity, Absolute Invalidity
المقدمة
وجدت نظرية الشركة الفعلية للحفاظ على حقوق الغير حسن النية وكذلك الشركاء، كما أن الاعتراف بالشركة الفعلية يحافظ على المراكز القانونية التي تنشأ بين الأفراد نتيجة للتعاملات التجارية المختلفة. وهناك تعاملات تجارية تتم بين الافراد والشركات ولا يثار بخصوصها اي مشكلة، ولكن في التعاملات التجارية بين الأفراد والشركات قد تثار بعض الإشكاليات القانونية بسبب نقص أو خلل في أركان عقد الشركة.
وعليه نكون هنا أمام نظرية الشركة الفعلية ويقصد بها تلك الشركة التي لم تستكمل الاجراءات القانونية لكنها وحماية لحقوق من تعامل مع الشركة تعتبر تعاملاتها صحيحة.
أهم سبب هو حماية الوضع الظاهر للشركة اي حماية الغير، الذي لا يعلم اصلا بقانونية هذا الشيء من عدمه. فما يهمه هو فقط هو ما يترتب من آثار لمصلحة هذ الغير أو من تعامل مع الشركة وكذلك الشركاء داخل الشركة. وحتى الشركة نفسها تبقى محتفظة بشخصيتها المعنوية لغايات التصفية مثلا.
وعدم الاعتراف بالشركة الفعلية يعني تأكيد البطلان، اي إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل تكوين الشركة، وإعادة الأطراف جميعاً إلى حالة ما قبل التعاقد، وهذا قد يضر بالشركاء والغير المتعاملين مع الشركة، ومن اجل ذلك وحفاظا وحماية لحقوق الغير تم الاعتراف بالشركة الفعلية التي تمنع الأثر الرجعي، حيث تمنح الغير كامل حقوقه وكذلك الشركاء، ويصبح البطلان للمستقبل فقط في حال عدم تصحيح وضع الشركة.
وأريد أن أثير نقطة هنا وهي علم الغير أن هذا الشيء غير قانوني سواء بالصدفة او وصل لعمله بأي طريقة كانت ومع ذلك استمريت في الاجراءات والتعامل مع هذه الشركة. يجب مناقشة حسن النية وعدم حسن النية
فيجب ان لا يستفيد حقيقة سيء النية من الوجود الفعلي للشركة التجارية.
لذلك سيقوم الباحث ان شاء الله قدر الإمكان ببيان كل مل يتعلق بالوجود الفعلي والقانوني للشركة التجارية وفق قانون الشركات الأردني والقانون المدني الاردني من حيث ماهية الوجود الفعلي والقانوني للشركة التجارية واركانها وشروطها والاثار القانونية المترتبة للغير وللشركاء، إذا فالشركة القانونية هي الشركة التي استوفت جميع الاركان المطلوبة في عقد تأسيس الشركة، اما الشركة الفعلية هي التي يكون بها خلل في الاركان او الشروط.
إشكالية الدراسة:
ما مدى اعتراف المشرع الأردني بالمراكز القانونية الظاهرة المترتبة على الشركة التجارية في حال اختل ركن من اركان انشاء الشركة التجارية، ومدى اعترافه بالآثار المترتبة على البطلان فيما يتعلق بالشركة الفعلية. ومدى اعترافه بالأثر الرجعي للشركة الفعلية وما ترتبه من آثار قانونية للغير والشركاء.
أي ما هي الضمانات القانونية التي اعترف بها المشرع الاردني فيما يتعلق بالشركة الفعلية.
تساؤلات الدراسة:
ما المقصود بالشركة عموما والشركة الفعلية بشكل خاص؟
ما هي الاثار القانونية المترتبة للشركاء والغير عند الاعتراف بالشركة الفعلية؟
ما هي الشروط الموضوعية والشكلية للشركة الفعلية للشركة الفعلية؟
ماذا يترتب على فقدان أحد اركان الشركة التجارية سواء الأركان الموضوعية العامة والخاصة او الشكلية؟
ما المقصود بالبطلان المطلق والبطلان النسبي؟
فرضية الدراسة:
يرتب القانون آثارا للغير والشركاء على الرغم من نقص في اجراءات تسجيل الشركة التجارية.
هل اعترف القانون الاردني بالوجود القانوني للشركة الفعلية.
ما هي شروط البطلان المطلق والبطلان النسبي.
ماذا يترتب على البطلان بشكل عام.
هل وضع المشرع الاردني ضمانات قانونية للشركة الفعلية.
أهمية الدراسة:
تسليط الضوء على نظرية الشركة الفعلية والآثار المترتبة عليها سواء للشركة أو الشركة أو الغير.
أهداف الدراسة:
بيان اثار الشركة الفعلية على الشركة والشركاء والغير وفق القانون الاردني.
بيان اثار الشركة الفعلية على الغير وفق القانون الاردني.
معرفة المقصود بالعقد عموما وعقد الشركة بشكل خاص. وبيان شروط الشركة الفعلية.
معرفة المقصود بالشركة الفعلية. وبيان اركان الشركة الفعلية.
بيان الشخصية المعنوية للشركة وما يترتب عليها.
بيان المقصود بالبطلان المطلق والبطلان النسبي.
منهج الدراسة:
المنهج الوصفي، حيث يصف الباحث ويعرف ماهية واهمية الشركة الفعلية، وشروطها واركانها والنتائج والاثار القانونية المترتبة عليها سواء للغير او الشركاء او الشركة نفسها، والا سلوب التحليلي من خلال تحليل نصوص قانون الشركات والقانون المدني والمواد التي اعترفت بالشركة الفعلية.
حدود الدراسة:
مكانياً: في دراستنا للشركة الفعلية فان هذه الدراسة تشمل المملكة الاردنية الهاشمية والقوانين التي اعترفت بالوجود الواقعي والفعلي للشركة.
زمانيا: تغطي هذه الدراسة زمانيا قانون الشركات لعام 1997 وتعديلاته لحد الان، والقانون المدني الاردني 1976م لحد الان.
موضوعياً: تناولت الدراسة أثر الوجود الفعلي للشركة على الغير والشركاء. من حيث تعريف الشركة الفعلية واركانها واثارها على الغير والشركاء.
الدراسات السابقة:
الوجود الواقعي والوجود القانوني للشركة الفعلية في القانون المقارن، الدكتور مفلح القضاة، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان-الأردن
حيث تناول الكتاب نشأة النظرية الفعلية في القانون المقارن، وكذلك تناول الشركة الفعلية في القانون الاردني من حيث المقصود بها ومجال تطبيقها وشروطها واركانها والاثار القانونية المترتبة على الاعتراف بنظرية الشركة الفعلية سواء للشركة او الغير او الشركاء
الشركة الفعلية، دراسة منشورة في مجلة الجزائرية للعلوم القانونية والاقتصادية والسياسية، الدكتور حلو عبد الرحمن ابو حلو، والدكتور محمد حسين بشايره، عدد 3، 2007
حيث تناولت الدراسة مفهوم الشركة الفعلية ونطاق تطبيقها في القانون الفرنسي والانجليزي والقانون الاردني وتناولت مبررات الشركة الفعلية وشروطها واركانها واحكامها، كما تناول اسباب البطلان التي تترتب على تخلف أحد اركان الشركة الفعلية
المبحث الأول
الشركة الفعلية الماهية والأهمية
ينبغي توضيح مفهوم الشركة الفعلية لذلك يجب علينا اولا بيان المقصود بالشركة التجارية بشكل عام، وبعد ذلك توضيح بعض المفاهيم المتعلقة بموضوع الشركات حتى نصل في النهاية الى معرفة المقصود بالشركة الفعلية، فماهية الشركة الفعلية لا يعني فقط تعريفها، انما بالإضافة الى التعريف يجب توضيح اركان الشركة الفعلية ثم شروط وجود الشركات بشكل عام والشركة الفعلية بشكل خاص، وبذلك يسهل علينا معرفة وجود الشركة الفعلية وإثباتها دون تعقيد، وذلك بربط التعريف مع الاركان والشروط.
وعليه فإنني سأتناول في هذا المبحث الشركة الفعلية الماهية والاهمية في مطلبين:
المطلب الأول: تعريف عقد الشركة التجارية بشكل عام
الحقيقة وفي تأسيسنا للحديث عن الشركة الفعلية وما يترتب عليها من اثار لجميع الاطراف افترض ان من يقرأ هذه الدراسة قد لا يكون ملما بالقانون بشكل عام او معنى الشركة الفعلية بشكل خاص، وعليه أصبح لزاما تناول موضوع الشركة الفعلية بشكل متسلسل لكل مهتم بهذا الموضوع، حيث يقوم الباحث ببيان معنى عقد الشركة بشكل عام ثم عقد الشركة بشكل خاص، ثم يبين الباحث انواع الشركات سواء حسب القانون المدني الاردني، او قانون الشركات الاردني، ثم بعد ذلك نصل ان شاء الله وبشكل متسلسل لغاية هذا البحث تعريف الشركة الفعلية واثار الشركة الفعلية على الشركاء وعلى الغير.
الفرع الأول: تعريف عقد الشركة التجارية
هنا يريد الباحث أن يبين تعريف العقد بشكل عام، ثم بعد ذلك يقوم بتعرف عقد الشركة، وبذلك نستطيع ان نميز ما بين العقد بشكل عام، وما بين عقد الشركة التجارية كنوع من العقود الخاصة له شروط اضافية غير الشروط المعروفة في العقد بشكل عام.
وعليه إذا استطعنا ان نميز ما بين كلا العقدين، هنا تبدأ مرحلة جديدة من بحثنا وهو عقد الشركة التجارية واركانها، حيث ان أي خلل يترتب في اركان او شروط عقد الشركة التجارية هنا ندخل في موضوع الشركة الفعلية. وعليه نرى ان القانون المدني الاردني قد عرف العقد حيث قرر الاتي
العقد هو ارتباط الإيجاب الصادر من أحد المتعاقدين بقبول الآخر وتوافقهما على وجه يثبت اثره في المعقود عليه[1] وهنا يتضح لنا من التعريف انه يتوجب وجود شروط معينة لانعقاد العقد وهذه الشروط نبينها لاحقا بالتفصيل ونذكرها الان وهي الرضا والاهلية والسبب والمحل.
وعليه يمكن تعريف عقد الشركة: حيث عرف القانون المدني الاردني عقد الشركة المادة 582 -الشركة عقد يلتزم بمقتضاه شخصان أو أكثر بأن يساهم كل منهم في مشروع مالي بتقديم حصته من مال او من عمل لاستثمار ذلك المشروع واقتسام ما قد ينشأ عنه من ربح او خسارة
الشركة هي «عقد متبادل بمقتضاه يشترك شخصان أو عدة أشخاص في شيء بقصد أن يقتسموا ما ينتج عنه من الربح[2] فالشركة عقد وهذا العقد ينتج عنه شخصية معنوية والشخص المعنوي هو الشركاء ومجموع الاموال المقدمة من الشركاء وهذه الاموال هي الذمة المالية للشركة المخصص للاستغلال المتفق عليه من قبل الشركاء المكونين لها[3].
ومن الجدير بالذكر ان القانون التجاري وفي صدد حديثنا عن الشركات التجارية قد بين من يكتسب الصفة التجارية، حيث قال يكتسب الصفة التجارية كلا من[4]- الاشخاص الذين يقومون بعمل تجاري والشركات التي يكون موضوعها تجاريا.
الفرع الثاني: تعريف الشركة الفعلية
إن القضاء الفرنسي هو الذي أوجد نظرية الشركة الفعلية وذلك حماية للغير، وحتى نعرف المقصود بالشركة الفعلية ما علينا الا ان نعرف الشركة القانونية، فالشركة القانونية تم إنشاؤها بشكل قانوني وفق أركان موضوعية عامة واركان موضوعية خاصة واركان شكلية، اما الشركة الفعلية فهي الشركة التي تخلف أحد هذه الاركان او أكثر عند انشائها ومع ذلك تبقى تصرفاتها قانونية وصحيحة. ولا يعتد بالبطلان إلا في حالات مخالفة النظام العام أو إذا محلها غير مشروع والغرض الذي أنشئت من أجله غير مشروع كالاحتيال مثلا. حيث تعتبر تعاملاتها صحيحة ولا يسري البطلان بأثر رجعي أي لا يسري للماضي فقط للمستقبل وذلك في حالة حكم بالبطلان ولم يتمكن الاطراف من تصحيح مسار الشركة. لذلك اعتبرت نظرية الشركة الفعلية كل شركة تجارية تقرر بطلانها لعيب في نشأتها او إجراءات إشهارها بالنسبة للماضي ولها كيانها ووجودها الفعلي وان بطلانها لا يكون الا بالنسبة للمستقبل احتراما للغير الذي تعامل على اساس وجودها القانوني الذي ظهر له من اجل الحفاظ على الثقة بين المتعاملين وضمانا لاستقرار المراكز القانونية وحماية للغير الذي يظهر له شكل الشركة قانوني ومنتظم[5]، لذلك استند القضاء على فكرة حماية الأوضاع الظاهرة لاستقرار المراكز القانونية لان ذلك الغير تعامل مع الشركة قبل الحكم ببطلانها على أساس أنها شركة صحيحة[6]
المطلب الثاني: موقف المشرع الأردني من نظرية الشركة الفعلية ونطاق تطبيقها
الفرع الأول: موقف المشرع الأردني من نظرية الشركة الفعلية
نجد أن المشرع الأردني في قانون الشركات قد نص صراحة على الاعتراف بنظرية الشركة الفعلية في مادتين هما المادة (15) وكذلك المادة(51) تحديدا شركة المحاصة، المادة 15 من قانون الشركات اعتراف صريح بالوجود الفعلي والقانوني للشركة. والمادة 51 تحدثت عن شركة المحاصة وهو في حال ظهور أي تصرف يدل على الشركة التجارية تنقلب الشركة من شركة محاصة الى شركة فعلية. والحقيقة ان المادة (15) كانت الاوضح فيما يتعلق بالشركة الفعلية: حيث قررت الاتي: (التخلف عن اجراءات التسجيل):
إن التخلف عن التقيد بإجراءات التسجيل المنصوص عليها في المواد (11-13-14) من هذا القانون لا يمنع من تقرير وجود الشركة فعلا او تقرير التغيير الطارئ عليها لمصلحة الغير او من تقرير بطلان الشركة او التغيير لمصلحة الغير ولا يستفيد من ذلك التخلف اي من الشركاء، ويعتبر كل شريك متضامنا مع الشركة وباقي الشركاء تجاه الغير في تحمل اي ضرر ينتج عن ذلك[7]، وهذا ما سنبينه ان شاء الله في المبحث الثاني اما المادة 51 فقد نصت الآتي(ليس للغير الرجوع إلا على الشريك الذي تعامل معه في شركة المحاصة، فإذا أقر أحد الشركاء بوجود الشركة أو صدر عنه ما يدل للغير على وجودها بين الشركاء جاز اعتبارها شركة قائمة فعلا، واصبح الشركاء فيها مسؤولين اتجاه ذلك بالتضامن). وأريد ان أبين هنا الفرق بين شركة المحاصة والشركة الفعلية ومتى تتحول شركة المحاصة الى شركة فعلية، إن شركة المحاصة هي شركة صحيحة لها وجود قانوني ولكن فقط بين الشركاء لوجود خاصية الاستتار والخفاء، كما أن شركة المحاصة معفاة من الأحكام الشكلية (الكتابة والقيد والنشر) ولذلك فهي لا تتمتع بالشخصية المعنوية وليست لها ذمة مالية مستقلة عن ذمم الشركاء ولا تخضع لإجراءات التصفية. تجدر الإشارة إليه أنه قد تتحول شركة محاصة إلى شركة واقع إذا ظهرت إلى العيان وفي هذه الحالة تطبق عليهـا[8]
أما الشركة الفعلية كما نعرف هي شركة اتجهت ارادة الشركاء الى تكوينها لكن يوجد في اجراءات التسجيل او خلل في ركن من اركانها، وكذلك اعترف القانون المدني الأردني بنظرية الشركة الفعلية في المادة (583) حيث قرر الاتي:
تعتبر الشركة شخصا حكميا بمجرد تكوينها
ولا يحتج بهذه الشخصية على الغير الا بعد استيفاء اجراءات التسجيل والنشر التي يقررها القانون
ولكن للغير ان يتمسك بهذه الشخصية رغم عدم استيفاء الاجراءات المشار اليها. وهذا نص واضح يكرس الاعتراف بنظرية الشركة الفعلية.
الفرع الثاني: شروط ومبررات نظرية الشركة الفعلية
تقضي القاعدة العامة في بطلان العقود باعتبار العقد باطلا كان لم يكن، أي يسري بأثر رجعي. إلا ان تطبيق هذه القاعدة على عقد الشركة يثير مشاكل بين الشركاء، وبينهم وبين الغير[9]، وقد استقر القضاء والاجتهاد على الحكم ببطلان الشركة وجب أن تتعطل جميع آثارها بالنسبة للمستقبل فقط...أي ان القضاء يرى ان هناك شركة فعلية كانت قائمة فعلا لا قانونا ما بين الانعقاد والحكم بالبطلان[10]، اما شروط الشركة الفعلية وهي تختلف عن أركان الشركة الفعلية فهي:
يجب ان يكون البطلان نسبي اي ليس بطلان مطلق، ويكون يوجد امكانية لتصحيح الخلل الحاصل في اركان عقد تأسيس الشركة.
إن تكون الشركة قد مارست بشكل فعلي نشاطها التجاري، فلا يمكن الاعتراف بنظرية الشركة الفعلية في حال كان البطلان قبل ان تمارس الشركة أية اعمال تجارية
أن تكون الشركة قد تعاملت مع الغير حسب نص المادة 15 من قانون الشركات الأردني
وتؤدي فكرة الشركة الفعلية الى حماية حقوق الغير الذي تعامل مع الشركة دون ان يعلم بأسباب بطلانها كما تتماشى مع الواقع حيث لا يمكن تجاهل الشخص المعنوي الذي كان موجودا اصلا
المبحث الثاني
الآثار المترتبة على الاعتراف
بنظرية الشركة الفعلية على الشركاء وعلى الغير
بعد ان تعرفنا على تعريف الشركة بشكل عام والشركة الفعلية بشكل خاص حيث تناولنا التعريف والشروط وكيفية التعرف عليها واثباتها، أصبح لزاما علينا الان بيان آثارها وما يترتب على وجودها الفعلي وجود قانوني يرتب حقوقا والتزامات متبادلة لكل المتعاملين مع هذه الشركة (الشركة الفعلية). وبيان اركانها وما يترتب من جزاء في تخلف أحد هذه الاركان.
وعليه فقد تناولت هذا المبحث في مطلبين:
المطلب الأول: الاركان الموضوعية والشكلية لتكوين الشركة
الفرع الأول: الاركان الموضوعية العامة والخاصة لتكوين وانشاء الشركة
أولا: الأركان الموضوعية العامة والبطلان الذي يترتب على تخلف أياً منها
الرضا: وهو التعبير عن ارادة المتعاقدين بالإيجاب والقبول، وعدم وجود الرضا يترتب عليه عدم قيام عقد الشركة.
الأهلية: اي يجب ان يكون الشريك في الشركة التجارية ذا اهلية معتبرة وفق القانون، واهلية الشريك تختلف عن اهلية الشركة، وهنا البطلان قد يكون نسبي ويمكن هنا تفعيل نظرية الشركة الفعلية فيحق لناقص الاهلية او من يمثله قانونا ان يطلبه دون الشركاء الاخرين ويجوز لمن تقرر البطلان لمصلحته ان يجيز العقد [11].
المحل: حيث يجب ان يكون المحل مشروعا والا أصبح عقد الشركة باطلا، ولا مجال هنا للأخذ بنظرية الشركة الفعلية. وذلك لمخالفة العقد للنظام العام. فلو كان المحل غير مشروع يترتب البطلان ولا مجال لتطبيق نظرية الشركة الفعلية.
السبب: وهو الباعث على التعاقد، وهو رغبة كل شريك بالمساهمة مع الشركاء الاخرين في تحقيق الغرض الذي انشات من اجله الشركة وهو تحقيق الربح. إذا يعتبر العقد باطلا نسبيا اذا كان الشريك المتعاقد ناقص الاهلية او اذا شاب الشريك عيب من عيوب الرضا كغلط او إكراه أو تدليس عند تكوين الشركة ويعتبر بطلانا نسبيا لأنه لا يؤثر الا على التزام الشريك ناقص الأهلية[12]
ثانياً: الأركان الموضوعية الخاصة والجزاء المترتب على تخلف أياً منها.
كما ذكرنا لا يكفي لإبرام عقد الشركة فقط الاركان الموضوعية العامة انما يجب توافر اركان موضوعية خاصة وهذا ما يميز عقد الشركة عن بقية العقود وهذه الاركان هي
أولاً: تعدد الشركاء: حيث يجب ان لا يقل عدد الشركاء عن شريكين او أكثر، مع انه يوجد استثناء على تكوين شركة ذات مساهمة محدودة من شخص واحد. حيث يترتب البطلان على ركن تخلف او انهيار تعدد الشركاء.
ثانيا: نية المشاركة: وهي تعني اتفاق الشركاء وانعقاد ارادتهم من اجل هدف واحد وهو ازدهار الشركة وتحقيق الارباح. وهذا ما يميز هذه النية عن القرض مثلا.
ثالثا: تقديم الحصص: حيث يجب على كل شريك ان يقدم حصة مالية تمثل مساهمته في الشركة، هذا ولا يشترط ان تكون الحصص متساوية لكن يجب ان تقدر بالنقود. ويترتب البطلان في حال تخلف هذا الركن
والحصص انواع: أولاً الحصة النقدية: وهي مبلغ من النقود يلتزم الشريك بتقديمه، ثانياً الحصة العينية: قد تكون ارض او منقول مثلا وتحسب من راس مال الشركة بعد تقييمها، والثالثة الحصة بالعمل: وهي ان يقوم الشريك بتقديم عمل مهم للشركة ويحتسب له حصة من راس مال الشركة ويجب ان يكون العمل جديا.
رابعا: اقتسام الارباح والخسائر: يجب ان يقدم كل شريك حصة في راس مال الشركة ويكون ذلك مكتوبا في عقد تأسيس الشركة، ولكن في بعض الاحيان قد يفرض (شرط الاسد) هنا يكون عقد الشركة باطلا،
الفرع الثاني: الأركان الشكلية لتكوين الشركة والجزاء المترتب على تخلف أياً منها
أولاً: الكتابة: ان عقد الشركة يعتبر من العقود الشكلية، وعليه فيجب ان يكون عقد اي شركة مكتوبا باستثناء شركة المحاصة لأنها شركة مستترة اصلا ولا تظهر في الواقع، واهمية الكتابة تظهر في كثير من الامور لعل اهمها هي الشخصية المعنوية او الاعتبارية للشركة وما ينتج عنها من اثار قانونية مهمة لجميع الاطراف سواء للشركة او الشركاء او للغير. ويمكن اثبات الشركة الفعلية هنا بكل طرق الاثبات على الرغم من اشتراط القانون الكتابة.
ثانياُ: التسجيل والاشهار: يجب حسب القانون الاردني تسجيل عقد الشركة التأسيسي في السجل التجاري لدى مراقب الشركات وفق اجراءات قانونية معينة، لذلك يجب ان يكون العقد مكتوبا، يتبعه بعد ذلك اشهار الشركة في الجريدة الرسمية. وأيضا يمكن الاعتراف بالشركة الفعلية على الرغم من تخلف هذا الركن يترتب على وجوده آثار قانونية [13].
المطلب الثاني: الآثار القانونية المترتبة على الوجود الفعلي للشركة
وجد القانون للحفاظ على حقوق الافراد بشكل عام، وعليه فقد يكون بعض هؤلاء الافراد لا علم لهم بإجراءات تسجيل شركة معينة، ولا علم لهم اصلا بأبجديات تسجيل الشركات بشكل عام، فهل يعذر هذا الشخص او هؤلاء الاشخاص بعدم علمهم ان الشركة التجارية التي يتعاملون بها قد خالفت القانون ولو بشكل شكلي او كان ينقصها أحد اركان او شروط وجود الشركة الفعلية؟ بالطبع لا.
الفرع الأول: آثار وجود الشركة الفعلية بالنسبة للغير
يجب ان نبين ما المقصود بالغير، فالغير هنا يقصد به كل شخص غير مذكور في عقد الشركة، اي ليس من أطراف عقد الشركة، اي ليس له من يمثله في العقد وليس من الورثة اي ليس من الخلف العام او الخلف الخاص.
من بين أهم الأسس القانونية التي تقوم عليها فكرة حماية الغير «مبدأ حسن النية»، فاعتبر المشرع في الكثير من الحالات شرطا أساسيا لكي يتمتع الغير بالحماية المقررة له قانونا، فأصبح مبدأ حسن النية مطلبا مهما من أجل حصول الغير على حكم قضائي لصالحه، والذي يتحدد وجوده وقت التعاقد[14]، إذا كما ذكرنا تم الاعتراف بوجود الشركة الفعلية اي وجود شخصية معنوية للشركة وذمة مالية ايضا، وعليه يمكن للغير ان يطالب الشركة بكافة حقوقه اعتمادا على مبدأ حسن النية. إذا حتى ولو حكم ببطلانها فهذا الحكم لا يسري بأثر رجعي مطلقا، انما من وقت الحكم ومستقبلا فقط، وفي حكم لمحكمة التمييز الأردنية قضت بقولها « أن التخلف عن التقيد بإجراءات التسجيل المنصوص عليها في المواد 11 و 13 و 14 من قانون الشركات لا يمنع من تقرير وجود الشركة فعلاً أو تقرير التغيير الطارئ عليها لمصلحة الغير ولا يستفيد من ذلك التخلف أي من الشركاء ويعتبر كل شريك متضامناً مع الشركة وباقي الشركاء تجاه الغير في تحمل أي ضرر ينتج عن ذلك وأن الاتفاق بين الشركاء يعتبر شركة فعلية ويعتبر العقد صحيحاً ومنتجاً لآثاره وحيث أن الشركة هي شركة تضامن مسجلة تحت رقم 15420 وأن الإقرار الموقع من الشريكين لإدخال المدعي شريكا في الشركة وهو أساس مطالبة المدعي يعتبر تعديلاً لعقد تأسيس الشركة على الرغم من عدم اتباع الإجراءات الشكلية الواردة في قانون الشركات وبذلك تكون محكمة الاستئناف بالزام المدعى عليها بتعديل عقد الشركة قد نهضت بما طلبته منها محكمة التمييز على هدي ما جاء بقرار النقض السابق”[15]، وفي حكم آخر قضت بقولها فيما يتعلق بحقوق الغير “1-إذا جرى عقد البيع والتعهد بالبيع على شقة سكنية في أرض تمت عليها أعمال التسوية وأن ذلك التصرف لم يجرِ توثيقه لدى دائرة التسجيل المختصة فيكون مثل هذا العقد باطلاً ولا يترتب عليه أي أثر ويتعين إعادة المتعاقدين إلى الحال التي كانا عليها قبل التعاقد عملاً بالمواد (105 و 168 و 1149) من القانون المدني والمادة (16) من قانون التسوية رقم (40) لسنة (1952) لأن التوثيق لدى الدائرة المختصة هو ركن في العقد وتخلفه يؤدي إلى بطلانه الأمر الذي بني عليه أن المدعي عليهما باعتبارهما الشريكين في الشركة الفعلية التي جرت بينهما وبين شركة إبراهيم عرابي ملزمين بالتكافل والتضامن بإعادة المبلغ الذي تم دفعه لهذه الشركة ثمناً للشقة التي اشتراها المدعي منها ولم يجرِ توثيقها لدى دائرة التسجيل ولا يرد القول بأن عقد بيع الشقة غير ملزم للطاعن لعدم توقيع العقد منهما لأن توقيع العقد من قبل شركة إبراهيم عرابي يعتبر ملزماً لبقية الشركاء في الشركة الفعلية تجاه الغير حسن النية عملاً بالمادتين (15) و (17) من قانون الشركات .2-.لمحكمة الموضوع بموجب المادة (4) من قانون البينات السماح بتقديم البينة إذا كانت متعلقة بالدعوى ومنتجة في الإثبات وجائز قبولها وإن عدم سماح محكمة الموضوع للمميزين بتقديم البينة الشخصية وإجراء الخبرة لغاية واقعة إثبات أن قيمة الشقة موضوع الدعوى عند إبرام البيع أقل من قيمة الثمن الذي بيعت فيه للمميز ضده وصولاً لإثبات صورية البيع يتفق وأحكام القانون لأن مثل هذه البينة غير جائزة للغاية المطلوبة. ومن جهة أخرى فإن البينة المقدمة في الدعوى التي أشار إليها الطاعنان في هذه الأسباب لا تؤدي إلى ثبوت صورية عقد البيع”[16].
ويحق لدائني الشركة التمسك ببقائها وذلك حتى لا يشاركهم الدائنين الشخصيين للشركاء ويكون لهم حق التنفيذ على أموال وممتلكات الشركة، كما لهم حق شهر إفلاسها وتقسيم أموالها لاستيفاء ديونهم حسب قواعد الإفلاس وحسب مقتضى القانون. إذا يتمتع الغير بالنسبة للشركة الفعلية بمركز مماثل للمركز الذي يتمتع به الغير كما لو كانت الشركة صحيحة[17]، ويترتب على اعتبار الشركة الباطلة موجودة خلال المدة من تكوينها الى الحكم ببطلانها اعتبار تعهداتها مع الغير قائمة وصحيحة وترتب كل اثارها القانونية
الفرع الثاني: الآثار القانونية المترتبة على وجود الشركة الفعلية بالنسبة للشركاء
طبقاً لأحكام قانون الشركات فان كل شريك مسؤول حسب نوع الشركة، فلكل شركة نظام مختلف، فشركة التضامن المسؤولية تشمل حصة الشريك وايضا امواله الخاصة، لذلك إذا حكم بالبطلان يمكن للشركاء تصفية الشركاء والسير بكل الاجراءات القانونية كالتصفية وتوزيع الارباح وما يترتب من خسائر كما ذكرنا سلفا حسب نظام الشركة تضامن او مسؤولية محدودة. وفي قرار لمحكمة التمييز قضت بقولها «إذا لم يجر تسجيل الشركة لدى مراقب الشركات واستمر المدعى عليه بإدارتها لذا تكون الشركة والحالـة هـذه هي عبارة عن شركة ( فعلية ) حسب أحكام المادة ( 15 ) من قانون الشركات رقم ( 1 ) لسنة 89 الذي كان معمولاً به عند إنشاء هذه الشركة والمادة ( 15 ) من قانون الشركات رقم ( 22 ) لسنة 1997 الذي كان معمولاً به عند إقامة هذه الدعوى وحيث أن التخلف عن التقيد بإجراءات تسجيل الشركة لدى مراقب الشركات لا يؤثر على الوجود الفعلي للشركة إذ تعتبر هذه الشركة قائمة كشركة فعلية وحيث أن عقد تأسيس الشركة الفعلية التي أسسها الطرفان في هذه الدعوى وما ورد بالملحق قد تضمن حقوق والتزامات الطرفين فان ما ينبني على ذلك انه لا يحق للمدعي أن يطالب المدعى عليه باسترداد المبلغ المدعى به الذي كان قد دفعه كرأسمال للشركة وانما له الحق في أن يطلب فسخ الشركة وتصفيتها لتجديد حقوق والتزامات الطرفين[18]
ولو أردنا التعليق على هذا القرار فهو دليل واضح على الاعتراف بالشركة الفعلية فيما بين الشركاء ولا يمكن للطرف الثاني من ابطالها، حيث تعتبر جميع تعاملات الشركاء مع بعضهم البعض صحيحة ويتم توزيع الارباح والخسائر فيما بينهم وفقا لعقد الشركة كما لو كانت الشركة صحيحة ومنتجة لكل اثارها خلال هذه الفترة، فالشريك المتضامن يسال عن الديون في كامل امواله ومتضامنا مع الشركة، على عكس الشريك غير المتضامن، وفي الشركة الفعلية يبقى عقد الشركة صحيحا فيما بين الشركاء وتبقى الشركة متمتعة بالشخصية المعنوية كما لو كانت الشركة قانونية وعلى ذلك تكون تصفية الشركة وتقسيم الارباح والخسائر فيما بينهم على ضوء ما تضمنه عقد الشركة[19]
ويأخذ القانون الاردني بمبدأ تقرير الشخصية المعنوية في شركات الاشخاص بمجرد انعقاد العقد اي بمجرد تكون الشركة ويجوز للغير التمسك بهذه الشخصية للشركة ولو لم تتم اجراءات الاشهار التي نص عليها القانون وتطبيقا لذلك يمكن طلب شهر افلاس الشركة الفعلية بوصفها بشخصية معنوية مستقلة، ويمتد الإفلاس إلى أعضاء الشركة وتطبق عليها في حالة التصفية نفس احكام الشركة الفعلية[20]، وفي حكم لمحكمة التمييز الأردنية قضت ب»2-تعتبر الشركة الفعلية لها الشخصية الحكمية بمقتضى المادة ( 50 ) من القانون المدني وحيث أن المميز والمميز ضده هما الشريكان في الشركة الفعلية المشار إليها وحيث أن المميز ضده أقام الدعوى ضد المميز شريكه في الشركة المذكورة بصفته الشخصية لمطالبته بالمبلغ المقبوض والعطل والضرر قبل أن يطلب فسخ الشركة وتصفيتها مع انه كان عليه أن يخاصم الشركة لتسوية حقوقه لذا تكون دعواه مقامة على غير خصم حقيقي”[21]، كما قضت في حكم آخر بقولها “1-يستفاد من المواد (11و13و14و15) من قانون الشركات رقم 22 لسنة 1997 أن عدم تسجيل عقد الشراكة لا يمنع من تقرير وجود الشراكة فعلياً وأن الاتفاق بينهما يعتبر شركة فعلية لعدم تسجيلها ويعتبر العقد صحيح ومنتجاً لأثاره إلى أن يتم فتحه بموجب دعوى”[22]، وفي حكم آخر قضت “2-اذا قامت شراكة بالمناصفة فيما بين المدعي والمدعى عليه في قطعتي الأرض والمقام على أحدهما شقق فندقية بقصد استثمارها شركة بينهما ومناصفة. فإن هذا الاتفاق فيما بين المدعي والمدعى عليه يعتبر شركة فعلية لعدم تسجيلها وفق أحكام المادة (15) من قانون الشركات ويعتبر هذا الاتفاق فيما بين المدعي والمدعى عليه عقداً صحيحاً ومنتجاً لأثاره فيما بينهما إلى أن يتم قسمه وفق أحكام المادة (584) مدني”[23]، وفي حكم آخر ذكرت المحكمة قولها “اذا قام المدعى عليه بسحب المبلغ المدعى به من الحساب المشترك أي من أموال الشركة الفعلية بين المدعي والمدعى عليه والتي لها ذمة مستقلة عن ذمة الشركاء فيها وأن ما يقدمه أي شريك من مبالغ في حساب الشركة يخرج من ملكه الخاص ويصبح ملكاً للشركة. الأمر الذي ينبني عليه أنه لا يحق للمدعي بصفته شريك في الشركة الفعلية المطالبة بأي مبلغ أدخل في حساب الشركة كون لم يعد ديناً خاصاً وأن حق المدعي يقتصر على المطالبة بنسبة حصته من أرباح الشركة وموجوداتها بعد حلها وتصفيتها وقسمة أموالها أما رضائياً أو قضائياً وفق أحكام المادة (606) من القانون المدني[24]
الفرع الثالث: الآثار القانونية المترتبة على وجود الشركة الفعلية بالنسبة للشركة نفسها.
حتى وان حكم بالبطلان يتم الاعتراف بالوجود القانوني والفعلي للشركة، في حالة عدم تصحيح مسار الشركة. اي تبقى محتفظة بالشخصية المعنوية، وإذا دخلت الشركة في مرحلة التصفية كان لها شخصيتها المعنوية بالقدر اللازم لأعمال التصفية رغم الحكم ببطلانها وذلك حتى تتمكن من تأدية كل ما يلزم من تصرفات خلال فترة التصفية وبناء على ذلك يجوز اشهار افلاس هذه الشركة اذا ما توقفت عن دفع ديونها التجارية سواء كان هذا التوقف عن الدفع سابقا او لاحقا لحكم البطلان[25]، وتأسيسا على ما سبق تكون للشركة الفعلية شخصية معنوية وذمة مالية وتسال عن جميع التزاماتها للغير والشركاء، كما يمكنها المطالبة بكافة حقوقها لدى الغير او الشركاء فمثلا لو لم يلتزم احد الشركاء بتقديم حصته المتفق عليها سابق وفق العقد التأسيسي للشركة تستطيع الشركة مطالبته بدفع ما يترتب عليه وفق قواعد التنفيذ الجبري. بقي فقط فيما يتعلف بالشركة عند صدور حكم البطلان اما ان تصحح او يحكم بالبطلان، نفترض انه لم تصحح هنا تبقى محتفظة بشخصيتها المعنوية وتبدأ عملية تصفية الشركة وسداد ديونها واعلان افلاسها إذا تطلب الامر وكله وفق القانون. أيضا بالنسبة لدائني الشركة الشخصيين: يحق لدائني الشركة الشخصيين التمسك بالبطلان إذا كان لهم مصلحة في ذلك وتتمثل هذه المصلحة في التنفيذ على حصة الشريك المدين بعد التصفية[26]
الخاتمة
حاولت في هذا البحث بجهد وحسب المتاح لي من كتب ومراجع ورسائل جامعية ومقالات ان أتحدث عن الشركة الفعلية ومدى الاعتراف بها قانونيا وما يترتب على ذلك من اثار قانونية ومن تعديل مراكز قانونية سواء للشركة نفسها او الشركاء او الغير حسن النية. وذلك من خلال بحث موضوع الشركة الفعلية وتطبيقاتها في القانون الاردني خصوصا القانون المدني وقانون الشركات الاردني، حيث تناولت موضوع الشركة الفعلية بشكل متسلسل حتى يتسنى للقارئ فهم الموضوع والوصول لنتائج منطقية بشكل سهل ومفهوم. لذلك تناولت بداية تعريف العقد بشكل عام، ثم تعريف عقد الشركة كنوع خاص من العقود، ثم ماهية الشركة الفعلية من حيث تعريفها واركانها وشروطها، والجزاء المترتب على تخلف احد اركانها او شروطها، وكذلك الاعتراف بشخصيتها المعنوية، ومدى امكانية تصحيح مسار الشركة الفعلية قانونيا، او الاعتراف باثر رجعي بالشركة الفعلية، وطبعا ذلك يعتمد على وجود بطلان او عدم وجود بطلان، حيث هناك بطلان نسبي يعتد به للشركة الفعلية، وهناك بطلان مطلق ينسف موضوع الشركة الفعلية من الاساس كالمشروعية فعلا، فلا يمكن الاعتراف بالشركة الفعلية في حال كان وجودها لسبب غير مشروع. وتناولت الآثار المترتبة على نظرية الشركة الفعلية بالنسبة للشركة وللغير وللشركاء، وقد توصلت إلى النتائج والتوصيات التالية:
نتائج الدراسة
أولا: الشركة الفعلية هي شركة موجودة وتمارس نشاطها على ارض الواقع، ولكن تعرضت لخلل في أحد اركانها الموضوعية العامة او الموضوعية الخاصة او أحد الاركان الشكلية.
ثانياً: ينتج عن عقد الشركة إذا التزمت بالأركان والشروط الشخصية المعنوية او الاعتبارية وذمة مالية مستقلة عن الشريك.
ثالثا: تبقى الشركة الفعلية تمارس نشاطها الا حين اكتشاف الهلل في الاركان.
رابعا: يمكن تصحيح مسار الشركة الفعلية إذا كان ذلك متاحا ولا يؤثر على المراكز القانونية الناشئة للمتعاملين معها سواء للشركاء او الغير حسن النية
خامسا: البطلان نوعان بطلان مطلق وبطلان نسبي، البطلان المطلق اعادة الحال الى ما كانت عليه، والنسبي تصحيح الشروط ان أمكن أي شروط الشركة الفعلية واعتبار كل تعاملاتها صحيحة.
سادسا: وجدت الشركة الفعلية اساسا لحماية الغير حسن النية الذي لا يعلم الا بالوضع الظاهر للشركة، ولا علم له بالأركان الموضوعية او الشكلية او الشخصية المعنوية الناشئة للشركة الفعلية.
سابعا: قد يترتب البطلان المطلق للشركة الفعلية في حال عدم مشروعية المحل والغرض الذي أنشئت من اجله الشركة او مخالفة النظام العام.
ثامنا: يترتب حقوق واثار قانونية للغير حسن النية المتعامل مع الشركة وكأنها قائمة فعليا للماضي فقط في حال عدم تصحيها.
تاسعا: يترتب حقوق للشركاء فيما بينهم في حال الاعتراف بالشركة الفعلية، فلو تأخر أحدهم عن سداد حصته في راس المال تطبق عليه احكام التنفيذ الجبري
عاشرا: ايضا تبقى الشركة قائما لغايات التصفية وانهاء الشركة بالحد اللازم لتصفيتها وتوزيع الارباح والخسائر ودفع الديون. اي تبقى محتفظة بشخصيتها المعنوية حسب الحاجة لذلك.
التوصيات:
المشرع الاردني تناول موضوع الشركة الفعلية في القانون المدني وقانون الشركات الاردني في مواد محددة وحبذا لو توسع قانون الشركات في الاعتراف بالوجود الفعلي للشركة على جميع انواع الشركات، حيث ان قانون الشركات ذكر في المادة 15 وكذلك المادة 51 موضوع الشركة الفعلية، اكيد هناك سلطة تقديرية للقضاء في هذا الموضوع، ولكن اعتراف القانون او المشرع في مواد تتعلق بمختلف انواع الشركات يكون له دور كبير في الاعتراف السريع بالوجود القانوني والفعلي للشركات بشكل عام وعدم انتظار وقت طويل للإثبات، مما يسهم في خلق جو اقتصادي مميز دون التخوف من البطلان او اي تأخير قد يسبب ضرر لكل الاطراف في الشركة او للغير.
الغير حسن النية والغير غير حسن النية اتمنى من المشرع معالجة الموضوع بشكل واضح، فيجب ان لا نسمح لشخص له علم مسبق بالخلل ان يستفيد من المزايا المترتبة على الاعتراف بالشركة الفعلية، ويرى الباحث ان تكون الشركة باطلة لعلمه المسبق بالخلل الحاصل ومع ذلك استمراراه في التعامل مع الشركة او تعمله من الاساس.
[1] نصت المادة 87 من القانون المدني الأردني على (العقد هو ارتباط الايجاب الصادر من احد المتعاقدين بقبول الاخر وتوفقهما على وجه يثبت اثره في المعقود عليه ويترتب عليه التزام كل منهما بما وجب عليه للآخر)
[2] الشريدي، مساعد بن حمد بن عبدالله، الشركة الفعلية، دراسة مقارنة، أطروحة دكتوراه، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، المملكة العربية السعودية، 1432 هجري، ص 36.
[3] نصر الله، مرتضى ناصر، الشركة التجارية، مطبعة الارشاد، بغداد، 1969م، ص 8
[4] نصت المادة 9 من قانون التجارة الاردني (1. التجار هم: أ. الاشخاص الذين تكون مهنتهم القيام باعمال تجارية. ب. الشركات التي يكون موضوعها تجاريا)
[5] إيمان، زكري، حماية الغير المتعاملين مع الشركات التجارية، أطروحة دكتوراه، جامعة أبي بكر بلقايد، تلمسان، الجزائر، 2016
[6] بو معزة، نسيمة النظام القانوني للشركة الفعلية(شركة المحاصة)، رسالة ماجستير، جامعة العربي بن مهيدي، ام البواقي، الجزائر، 2014
[7] المادة (15) من قانون الشركات الاردني لسنة 1997 (ان التخلف عن التقيد........).
[8] فتاحي، محمد، الشركة التجارية الفعلية في التشريع الجزائري، دراسة قانونية، مجلة العلوم القانونية والسياسية، عدد 13، 2016
[9] ابو حلو، حلو عبدالرحمن و بشايرة، محمد حسين، مفهوم الشركة الفعلية ونطاق تطبيقها: دراسة مقارنة، المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والاقتصادية والسياسية ، العدد 03/ 2007 ،الجزائر، ص 69
[10] ابو حلو، حلو عبدالرحمن و بشايرة، محمد حسين، مرجع سابق، ص70
[11] العكيلي، عزيز، شرح القانون التجاري ( الجزء الرابع) في الشركات التجارية، الناشر الدار العلمية الدولية ودار الثقافة للنشر والتوزيع، الطبعة الاولى، الاصدار الثاني، 2002، ص 48
[12] القليوبي، سميحة، الشركات التجارية، دار النهضة العربية، الطبعة الثانية، 1988، القاهرة، ص 58
[13] القليوبي، سميحة، الشركات التجارية، مرجع سابق، ص 68.
[14] زكري، ايمان، حماية الغير المتعاملين مع الشركات التجارية، رسالة دكتوراه، جامعة لب بكر بلقايد، تلمسان، الجزائر، 2016، ص 6.
[15] احكام تمييز حقوق، ، انظر الموقع الالكتروني
[16] احكام تمييز حقوق، موقع قرارك، انظر الموقع الالكتروني
[17] القضاة ، مفلح عواد، الوجود الواقعي والوجود القانوني للشركة الفعلية في القانون المقارن، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان-الاردن، ص 413
[18] احكام تمييز حقوق ، انظر الموقع الالكتروني
[19] القضاة ، مفلح عواد، الوجود الواقعي والوجود القانوني للشركة الفعلية في القانون المقارن، مرجع سابق ص 426
[20] القضاة ، مفلح عواد، الوجود الواقعي والوجود القانوني للشركة الفعلية في القانون المقارن ،مرجع سابق، ص 489
[21] احكام تمييز حقوق، موقع قرارك، انظر الموقع الالكتروني
[22] احكام تمييز حقوق، موقع قرارك،
[23] احكام تمييز حقوق، موقع قرارك،
[24] احكام تمييز حقوق، ، موقع قرارك،
[25] القليوبي، سميحة، الشركات التجارية، مرجع سابق، ص 71.
[26] عيد، خالد عب القادر، الشركة الفعلية، دراسة قانونية، جامعة الطائف، 1438 هجري، ص 11