تاريخ الاستلام  1/10/2023          تاريخ القبول 20/12/2023

 تاريخ النشر 25/1/2024

حقوق الطباعة محفوظة لدى مجلة كلية القانون والعلوم السياسية في الجامعة العراقية

حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمؤلف

حقوق النشر محفوظة للناشر (كلية القانون والعلوم السياسية - الجامعة العراقية)

CC BY-NC-ND 4.0 DEED

Printing rights are reserved to the Journal of the College of Law and Political Science at Aliraqia University

Intellectual property rights are reserved to the author

Copyright reserved to the publisher (College of Law and Political Science - Aliraqia University)

Attribution – Non-Commercial – No Derives 4.0 International

For more information, please review the rights and license

DOI 10.61279/z7q1gp24

احكام البيوع الفقهية في «الجامع لأحكام القرآن»

للإمام القرطبي

Rulings on jurisprudential sales inAl-JamiLi Ahkam Al-Quran

By Imam Al-Qurtubi

أ.م.د.حسن محمد سميان

الجامعة العراقية - كلية القانون والعلوم السياسية 

Assistant Professor Dr

Hassan Muhammad Simyan

Iraqi university - college of law and political science   

المستخلص

اعتنى الامام القرطبي بشكل بارز بالأحكام الفقهية المستنبطة من الآيات، ومستعيناً بالأحاديث، ومفصلاً في كثير من المسائل أقوال العلماء، مرجحاً ما يراه صواباً من هذه الأقوال. ولم يخل تفسير القرطبي من الكلام في مسائل العقيدة، والرد على الفرق الضالة ، والمفاهيم المغلوطة. بالإضافة إلى قواعد في أصول الفقه، وعلم الحديث، والناسخ والمنسوخ. فأحببت أن أجمع بعضاً من الأحكام الفقهية في باب المعاملات والتي تخص احكام البيوع موضوعاً لبحثي هذا، والذي اسميته: ( احكام البيوع الفقهية في «الجامع لأحكام القرآن» للإمام القرطبي )

الكلمات المفتاحية: الاحكام الفقهية، احكام البيوع، احكام القرآن، فقه البيوع، فقه آيات الاحكام.

abstract

Imam Al-Qurtubi paid prominent attention to the jurisprudential rulings deduced from the verses, using hadiths, and detailing the sayings of scholars on many issues, giving preference to what he considered correct from these sayings. Al-Qurtubis interpretation was not devoid of discussion of matters of faith, refuting misguided sects, and misconceptions. In addition to rules on the principles of jurisprudence, hadith science, abrogation and abrogation.

So I wanted to collect some of the jurisprudential rulings in the chapter on transactions that relate to the rulings on sales as the subject of this research of mine, which I called: (The rulings on jurisprudential sales inAl-Jami` li Ahkam al-Quran.”By Imam Al-Qurtubi)

key words: Jurisprudential rulings, rulings on sales, rulings of the Quran, jurisprudence of sales, jurisprudence of the verses of rulings.

المقدمـــــة

 الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى، وبعد:

فقد كرَّس العلماء أوقاتهم، وأفنوا أعمارهم في استخلاص كنوز القرآن الكريم، وإيضاح مكنونه وجمع درره، واقتناص جواهره. فما فتأوا ينهلون من كنوزه التي لا تنفد، ومعينه الذي لا ينضب. وممن سار في دربهم، وانتظم في ركابهم إمام جليل، وعالم نحرير؛ ذلكم هو أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي في تفسيره الجامع لأحكام القرآن، فسلك فيه مسلكا عجيباً، ورتبه ترتيباً بديعاً، مهتماً بآيات الأحكام، مستنبطاً منها الفوائد والقواعد الدالة على الأحكام،

وقد نال تفسير القرطبي إعجاب جميع العلماء إذ أن كتابه الجامع من أعظم كتب التفسير أهمية. وقد تهيأت للقرطبي ظروف جعلته يصل إلى هذه الدرجة فقد تتلمذ على شيوخ قرطبة، واستفاد من منهج أهل الأندلس، كتفسير ابن عطية وأبي حيان، وكذلك تفاسير أهل المشرق وعلى رأسهم الطبري، وزاد عليهم وتجنب ما وقعوا فيه من الهنات.

وسلك مسلكا جمع فيه ما بين التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي، كما جمع الأقوال وخرجها ووجهها وانتقى منها ما رآه الأقرب للصواب، مستعيناً بالقراءات المتواترة والشاذة، وباللغة، معانيها واشتقاقاتها، مستشهداً بالأشعار.

كما اعتنى الامام القرطبي بشكل بارز بالأحكام الفقهية المستنبطة من الآيات، ومستعيناً بالأحاديث، ومفصلاً في كثير من المسائل أقوال العلماء، مرجحاً ما يراه صواباً من هذه الأقوال. ولم يخل تفسير القرطبي من الكلام في مسائل العقيدة، والرد على الفرق الضالة ، والمفاهيم المغلوطة. بالإضافة إلى قواعد في أصول الفقه، وعلم الحديث، والناسخ والمنسوخ. 

فأحببت أن أجمع بعضاً من الأحكام الفقهية في باب المعاملات والتي تخص احكام البيوع موضوعاً لبحثي هذا، والذي اسميته: ( احكام البيوع الفقهية في «الجامع لأحكام القرآن» للإمام القرطبي ) وقد بذلت الوسع والجهد في معالجة مسائل هذا البحث، محاولاً في ذلك الوصول إلى الصواب ما استطعت إليه سبيلاً.

أهمية الموضوع :

 تكمن أهمية الموضوع في الآتي؛

أن فيه إبرازاً لشخصية القرطبي رحمه الله وجهوده ومكانته وخصوصاً أنه اشتهر بالتحقيق والدراسة في المسائل الفقهية إلى جانب كونه أحد أئمة التفسير .

أن فيه اخراجا للآراء والاجتهادات التي انتصر لها الإمام القرطبي رحمه الله.

أن فيه تحقيقاً للمنهج العلمي الرصين الذي سلكه الإمام القرطبي رحمه الله في دراسة المسائل الفقهية .

أن فيه جمعاً لمعالم فقه الإمام القرطبي .

أن هذا الموضوع يعتمد على القراءة والبحث والجمع وبالتالي يحصل للباحث من المسائل الفقهية والدقائق اللغوية والفوائد البديعة المتنوعة الشيء الكثير لاسيما وأن الجامع لأحكام القرآن قد جمع علوماً متنوعة .

أهمها وهو أن هذا الاستقراء والتتبع مستنبط من المصدر الأول للشريعة وهو القرآن الكريم.

وفي النهاية جمع وحصر وترتيب الاحكام الفقهية في البيوع والتي تناثرت في هذا السفر العظيم، مع بيان رأي الامام القرطبي في المسألة ومناقشتها.

المبحث الأول

التعريف بعنوان البحث ومنهجية الامام القرطبي

المطلب الأول: تعريف البيع في اللغة والاصطلاح

البيع لغة : ضد الشراء، ويستعمل كل واحد منهما في موضع الآخر[1]، فهو من الأضداد في كلام العرب، والمراد به البيع عند أكثرهم، وأصله من الباع، وهو قدر مد اليدين وما بينهما من البدن[2].
البيع اصطلاحا : مبادلة مال ولو في الذمة أو منفعة مباحة بمثل أحدهما على التأبيد، غير ربا وقرض[3]. وقيل: هو معاوضة المال بالمال على وجه مخصوص[4].

المطلب الثاني: التعريف بالإمام القرطبي ومنزلته العلمية

اسمه ونشأته: هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فَرْح الأنصاري القرطبي، ولم تذكر كتب التاريخ سنة ولادته؛ لكنه من أهل قرطبة، وقد رجّح الدكتور مفتاح السنوسي أن ولادة القرطبي في أواخر القرن السادس، أو مستهل القرن السابع،[5] ثم رحل إلى صعيد مصر واستقرّ بمنية أبي خُصَيب[6] واستقرّ فيها إلى أن توفي في شوال سنة 671 هـ .

مكانته العلميّة: كان – رحمه الله – من العلماء العارفين الورعين الزاهدين في الدنيا، أوقاته معمورة ما بين عبادةٍ وتصنيف، وله تصانيف تدل على إمامته وكثرة اطلاعه وفضله، فمن تصانيفه كتابه ( الجامع لأحكام القرآن ) وهو من أجلّ التفاسير وأعظمها نفعاً، وكتابـه ( الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى )، وكتابه ( التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة)، وكتابه ( قمع الحرص بالزهد والقناعة ) وغير ذلك من الكتب، وله أرجوزة جمع فيها أسماء النبيصلى الله عليه وسلم، وكان طارح التكلّف، يمشي بثوب واحد وعلى رأسه طاقيّة، وقد سمع من الشيخ أبي العباس أحمد بن عمر القرطبي صاحب ( المُفهِم في شرح مسلم ) بعض هذا الشرح، وحدّث عن أبي الحسن علي بن محمد بن علي اليحصبي، وعن الحافظ أبي علي الحسن بن محمد البكري وغيرهما[7].

المطلب الثالث: التعريف بكتاب الجامع لأحكام القرآن

يُعتبر تفسير القرطبي ( الجامع لأحكام القرآن ) أشهر كتبه وأعظمها نفعاً كما تقدّم، وقد أوضح القرطبي سبب تأليفه بقوله: [ فلما كان كتاب الله هو الكفيل بجميع علوم الشرع الذي استقل بالسنة والفرض، ونزل به أمين السماء إلى أمين الأرض رأيت أن أشتغل به مدى عمري، وأستفرغ فيه مُنّتي[8]][9]

كما بيّن طريقة تأليفه بقوله: [..بأن أكتب تعليقاً وجيزاً، يتضمن نكتاً من التفسير واللغات، والإعراب والقراءات، والرد على أهل الزيغ والضلالات، وأحاديث كثيرة شاهدة لما نذكره من الأحكام ونزول الآيات، جامعاً بين معانيهما، ومبيناً ما أشكل منهما، بأقاويل السلف، ومن تبعهم من الخلف ][10]، وبهذا يتبيّن أن تفسير القرطبي يعتبر من التفسير بالمأثور الذي يفسر القرآن بالقرآن أو بالآثار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن السلف رحمهم الله.[11]

وقد بيّن رحمه الله شرطه ومنهجه في تفسيره أوضح بيان، ولعلّي أُجمله في النقاط التالية:[12]

إضافة الأقوال إلى قائليها والأحاديث إلى مصنفيها، فإنه يقال: من بركة العلم أن يضاف القول إلى قائله.

الإضراب عن كثير من قصص المفسرين وأخبار المؤرخين إلا ما لا بد منه، وما لا غنى عنه للتبيين.

تبيين آيات الأحكام، بمسائل تُسفر عن معناها، وترشد الطالب إلى مقتضاها.

إن لم تتضمن الآية حكماً ذكر ما فيها من التفسير والتأويل.

ذكر أسباب النزول، والقراءات، والإعراب، والغريب من الألفاظ، مع الاستشهاد بأشعار العرب.

والذي يقرأ تفسير القرطبي يجد أنه قد التزم بما شرطه، وخطه من منهج في الغالب، فهو يعرِض لأسباب النزول، والغريب من الألفاظ، ويحتكم إلى اللغة كثيراً، ويرد على الفِرق كالمعتزلة، والقدريّة، والفلاسفة، كما كان ينقل عن كثير ممن تقدمه في التفسير، خصوصاً من ألّف منهم في كتب الأحكام كابن جرير الطبري، وابن عطية، وابن العربي، وأبو بكر الجصاص.[13]

المطلب الرابع: منهج القرطبي في كتابه وفي دراسته لمسائل البيوع

بين القرطبي في مقدمة كتابه منهجه فقال: « فلما كان كتاب الله هو الكفيل بجميع علوم الشرع، الذي استقل بالسنة والفرض ونزل به أمين السماء إلى أمين الأرض رأيت أن اشتغل به مدى عمري، واستفرغ فيه منيتي، بأن أكتب فيه تعليقاً وجيزاً يتضمن من التفسير واللغات والإعراب والقراءات، والرد على أهل الزيغ والضلالات وأحاديث كثيرة شاهدة لما نذكره من الأحكام ونزول الآيات جامعاً بين معانيها، ومبينا ما أشل منهما بأقاويل السلف، ومن تبعهم من الخلف.

وشرطي في هذا الكتاب إضافة الأقوال إلى قائليها، والأحاديث إلى مصنفيها، فإنه يقال: من بركة العلم أن يضاف القول إلى قائله.

وأضرب عن كثير من قصص المفسرين وأخبار المؤرخين إلا ما لا بد منه ولا غنى عنه للتبيين، واعضت من ذلك تبيين آي الأحكام بمسائل تسفر عن معناها، وترشد الطالب إلى مقتضاها، فضَّمنت كل آية تتضمن حكماً أو حكمين فما زاد، مسائل تبين فيها ما تحتوي عليه من أسباب النزول والتفسير والغريب والحكم؛ فإن لم تتضمن حكماً ذكرت ما فيها من التفسير والتأويل هكذا  إلى آخر الكتاب وسميته «بالجامع لأحكام القرآن والمبين لما تضمنه من السنة وآي الفرقان»[14].

يتلخص مما سبق أن القرطبي ـ رحمه الله ـ بنى منهجه على النقاط التالية:

أنه يقصد بتفسيره بيان التعبير القرآني وأسراره ومنزلته من الكلام العربي ومن هنا فإنه يعتني باللغة والإعراب والقراءات .

أنه في تفسيره هذا يعتمد كثيراً على الأحاديث النبوية والأقوال المأثورة عن الصحابة والتابعين وأقوال العلماء بعدهم .

أنه يرد على أهل الأهواء والانحرافات والضلالات أثناء تفسيره للآيات المتعلقة بأصول الدين.

أنه يركز اهتمامه في التفسير على الأحكام المستنبطة من القراءات دون الانشغال بالقصص والأخبار والتواريخ التي يشتغل بها كثيراً من المفسرين .

ولم يكن منهجه في مسائل المعاملات وخاصة البيوع بعيداً عن منهجه الذي سار عليه في كتابه.

فكان بعد ذكر الآيات يذكر المسائل المستنبطة منها ثم يبين ما قاله الفقهاء فيها مع ذكر أدلتهم أحياناً ثم يرجح ويختار أحد القولين تارة ويذكر الخلاف دون ترجيح تارة أخرى، إلا أن القرطبي ـ رحمه الله ـ مع أنه مالكي المذهب، وكثيراً ما يفهم الآية من خلال أصول مذهبه فإنه لا يضيق ذرعاً بأدلة الآخرين ولا يقف موقف المتعصب للمالكية، بل يرجح ما يراه صواباً بالدليل.

المبحث الثاني

مسائل البيوع في الجامع لأحكام القرآن

المطلب الأول: الشهادة في البيع

ذهب الإمام القرطبي ـ رحمه الله تعالى ـ إلى أن الشهادة في البيع مندوب إليها حيث ذكر بعد أن ساق أدلة القائلين بأن الشهادة إنما شرعت للطمأنينة والندب. «وهذا كله استدلال حسن وأحسن منه ما جاء في صريح السنة من ترك الشهادة».

أما المسألة: فقد اختلف فيها الفقهاء على قولين:

القول الأول:

أن الإشهاد على البيع واجب وتزعم هذا القول ابن جرير الطبري[15]، وابن حزم الظاهري[16]،  وهو رأي ابن عمر، وأبي موسى الأشعري، وابن سيرين، وعطاء، وروي ذلك عن ابن عباس.

القول الثاني:

ذهب الحسن البصري والحكم وعبدالرحمن بن زيد إلى أن الآية منسوخة بقوله تعالى:} فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ }[17]. وأن الإشهاد على البيع مندوب. وهو مذهب الجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة[18].

الأدلة: أدلة أصحاب القول الأول :

استدل القائلون بالوجوب بظاهر الأمر في قوله تعالى: }وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ}[19].

قالوا: إن الأمر واجب ويفيد الوجوب ولا يحمل على الندب والإرشاد إلا بدليل ولا يوجد دليل يدل على ذلك. وهذه الآية هي عمدة القائلين بأن الأمر بالإشهاد على البيع محمول على الوجوب.

وقد نقل الطبري[20] رحمه الله تعالى عدة نقول عن الصحابة والتابعين تؤيد ما ذهب إليه من وجوب الإشهاد على البيع.

فقد نقل بسنده قال: حدثني المني قال: ثنا إسحاق، قال: حدثنا أبو زهير عن جويبر عن الضحاك في قوله تعالى:}إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها}[21]. قال: ولكن اشهدوا عليها إذا تبايعتم أمر الله ما كان يداً بيد أن تشهدوا عليه صغيراً كان أو كبيراً[22].

قال الطبري: بعد أن ساق مجموعة من الآثار التي تفيد الوجوب وأدلة القائلين بالندب: «وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن الإشهاد على كل مبيع ومشري حق واجب وفرض لازم لما قد بينا أن كل أمر لله ففرض إلا ما قامت حجته من الوجه الذي يجب التسليم له بأنه ندب وإرشاد[23].

قال ابن حزم ـ رحمه الله ـ بعد أن ساق آية المداينة: «فهذه أوامر مغلظة مؤكدة لا تحتمل تأويلاً أمرا بالكتاب في المداينة إلى أجل مسمى وبالإشهاد في ذلك في التجارة المداراة…»[24].

أدلة أصحاب القول الثاني:

استدل القائلون بأن الإشهاد على البيع محمول على الندب بما يلي:

1 – أن النبي ﷺ ابتاع فرساً من أعرابي ثم استتبعه ليدفع إليه ثمنه فأسرع النبي ﷺ المشي فساوم قوم الأعرابي بالفرس ولم يعلموا فصاح الأعرابي بالنبي ﷺ: أتبتاعه مني أم أبيعه؟ فقال ﷺ: أليس قد ابتعته منك؟ قال: لا والله ما ابتعته مني، فأقبل الناس يقولون له: ويحك إنه رسول الله ﷺ ولا يقول إلا حقّاً فقال: هل من شاهد؟ فقال خزيمة: أنا أشهد، فقال النبي ﷺ: بم تشهد؟ فقال: أشهد بتصديقك، فجعل النبي ﷺ شهادة خزيمة بشهادة رجلين[25].

2 – استدلوا أيضاً بأن النبي ﷺ اشترى من يهودي طعاماً ورهنه درعه[26]. واشترى من رجل سراويل[27] ولم ينقل أنه أشهد في شيء من ذلك.

3 – أن النبي ﷺ أمر عروة بن الجعد[28] أن يشتري له أضحية ولم يأمره بالإشهاد وأخبره عروه أنه اشترى له شاتين فباع إحداهما ولم ينكر عليه ترك الإشهاد.

المناقشة والترجيح:

أجاب أصحاب القول الثاني عن أدلة أصحاب القول الأول بأن الأمر في الآية محمول على الندب بدليل قوله تعالى:}فإن أمن بعضكم بعضاً فليؤدي الذي اؤتمن أمانته}[29].

قال أبو سعيد الخدري: «صار الأمر إلى الأمانة وتلا هذه الآية[30].

وقالوا أيضاً: إن الآية وردت للإرشاد والتنبيه إلى حفظ الأموال والتعليم كما أمر بالرهن والكاتب وليس بواجب[31].

مناقشة أصحاب القول الأول:

أولاً: أن دعوى النسخ جملة لا يجوز إلا ببرهان متيقن؛ لأن كلام الله تعالى إنما ورد ليؤتمر به ويُعمل به والنسخ يوجب الترك[32].

ثانياً: أن الحكمين مختلفين فإن هذا حكم غير الأول وإنما هذا حكم من لم يجد كاتباً، قال عز وجل: }وإن كنتم مرضى أو على سفر ولم تجدوا كاتباً فرهان مقبوضة فإن أمن بعضكم بعضاً} أي فلم يطالبه برهن }فليؤدي الذي اؤتمن أمانته[33].

ثالثاً: أن قوله تعالى: }فإن أمن بعضكم بعضاً} لم يتبين تأخر نزولها عن صدر الآية المشتملة على الأمر بالإشهاد، بل وردا معاً ولا يجوز أن يرد الناسخ والمنسوخ معاً جميعاً في حالة واحدة[34].

الراجح:

من خلال مناقشة الأقوال والأدلة يترجح في نظري والعلم عند الله صحة قول القائلين  بأن الإشهاد على البيع مندوب إليه وذلك لما يأتي:

1 – قوة أدلة القائلين بالندب.

2 – أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتبايعون في عصره ﷺ في الأسواق فلم يأمرهم بالإشهاد 

ولا نقل عنهم فعله ولم ينكر عليهم النبي ﷺ ولو كانوا يشهدون في كل بياعاتهم لما أخل بنقله.

3- أن المبايعة تكثر بين الناس في أسواقهم وغيرها ولو وجب الإشهاد في كل ما يتبايعونه أفضى إلى الحرج المحطوط عنا بقوله تعالى: {وما جعل عليكم في الدين من حرج}[35].

4 – أن الله سبحانه وتعالى قال:{فإن أمن بعضكم بعضاً} ومعلوم أن الأمن لا يقع إلا بحسب الظن والتوهم لا على وجه الحقيقة، وذلك يدل على أن الشهادة إنما أمر بها لطمأنينة قلبه لا لحق الشرع فإنه لو كانت لحق الشرع ما قال{فإن أمن بعضكم بعضاً} إذ لا ثقة بأمن العباد وإنما الاعتماد على ما يراه الشرع مصلحة[36].

المطلب الثاني: خيار المجلس

الخيار في اللغة: من الاختيار وهو: اسم من قولهم تخيرت الشيء وخيرت الرجل بين  الشيئين إذا فوضت إليه الخيار ومنه يقال خيار الرؤية[37].

والمجلس في اللغة: موضع الجلوس وقد يطلق على أهله من باب تسمية الحال باسم المحل وهو مجاز[38].

ذهب الإمام القرطبي ـ رحمه الله ـ إلى ثبوت خيار المجلس مخالفاً بذلك المالكية ـ رحمهم الله ـ حيث قال: « فقالت طائفة تمامه بافتراق الأبدان بعد عقد البيع أو بقوله لصاحبه اختر، وذلك بعد العقد أيضاً وهو الصحيح في هذا الباب».[39]

وتحرير محل النزاع في مسألة خيار المجلس.

فقد اتفقوا أولا: على أن البيع لازم بتفرق المتبايعين بأبدانهما وهذا محل إجماع.

قال الموفق ابن قدامة: « ولا خلاف في لزومه بعد التفرق «[40].

واختلفوا ثانيا في ثبوت الخيار لكل من المتبايعين قبل التفرق بالأبدان على قولين:

القول الأول:

أن الخيار يثبت لكل من البائع والمشتري حتى يفترقا بأبدانهما، وهذا قول جمهور العلماء من السلف والخلف وسائر المحدثين[41]، وهو مذهب الشافعي[42] وأحمد[43] وعبد الملك بن حبيب من المالكية[44].

القول الثاني:

أن البيع يقع لازما إذا حصل الإيجاب والقبول ولو قبل التفرق بالأبدان .  وبه قال أبو حنيفة[45] والإمام مالك[46] .

سبب اختلافهم:

هو اختلافهم في فهم الحديث وتفسيره ،وذلك بعد اتفاقهم على ثبوته وصحته:[47]

والحديث هو قوله صلى الله عليه وسلم: (( البيعان بالخيار ما لم يتفرقا ))[48].

وقد ذكر ابن عبد البر:» أن العلماء من أهل الفقه بالحديث أجمعوا على صحة

هذا الحديث وأنه من أثبت ما يروى عن النبي ﷺ من أخبار العدول» .

ثم قال: « وإنما اختلفوا في القول به وادعاء النسخ فيه وتخريج معانيه « [49].

الأدلة: أدلة الجمهور على ثبوت خيار المجلس .

1- حديث ابن عمر أن النبي ﷺ قال: } المتبايعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه ما لم يتفرقا إلا بيع الخيار}. رواه مالك[50] والبخاري[51] ومسلم[52].

2- عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله ﷺ: {إذا تبايع المتبايعان فكل واحد

 منهما بالخيار من بيعه ما لم يتفرقا إلا أن يكون بيعهما عن خيار}[53].

3- وقال نافع: «وكان ابن عمر إذا تبايع البيع وأراد أن يجب له مشى قليلا ثم رجع»[54].

4- عن أبي الوضيء قال:(غزونا غزوة لنا فنـزلنا منزلا فباع صاحب لنا فرساً بغلام، ثم أقاما بقية يومهما وليلتهما فلما أصبحنا من الغد وحضر الرحيل مال إلى فرسه يسرجه فأتى الرجل وأخذه بالبيع فأبى الرجل أن يدعه إليه فقال بيني وبينك أبو برزة صاحب رسول الله ﷺ فأتيا أبا برزة في ناحية العسكر فقالا له هذه القصة فقال: أترضيان أن أقضي بينكما بقضاء رسول الله ﷺ، قال رسول الله ﷺ:(البيعان بالخيار ما لم يتفرقا) (ما أراكما افترقتما)[55] قالوا: وهذا صريح في ثبوت خيار المجلس وأن المراد بالتفرق هو التفرق بالأبدان[56]. وفي الأصول: أن الراوي للحديث يكون أعلم بتأويله وتفسيره إذا كان من الصحابة[57].

وقد اعترض الحنفية على استدلال الجمهور بما يأتي:

ليس في الحديث ما يدل على ثبوت خيار المجلس الذي هو محل النزاع، لأن المعنى في الحديث أن المتابعين بالخيار ما لم يتفرقا بالكلام عن العقد وكانا مجتمعين عليه ومنشغلين به[58].

الجواب: أن هذا المعنى لا يحتمله لفظ التفرق في الحديث فإن المتابعين لم يتفرقا بقول ولا غيره، ولكنهما اتفقا في العقد على الثمن والمبيع بعد أن وقع الاختلاف بينهما في ذلك.[59] أما فعل ابن عمر فإنما فعل ذلك ليقيم الحجة عليه على أكمل وجه بحيث لا يمكن له بعد أن يعتذر بأن معنى التفرق هو التفرق بالأبدان لا بالأقوال[60].

أما قصة أبي برزة مع المتابعين فلا حجة فيها لكم إذ غاية ما فيها أن أبا برزة فهم من الحديث معنى التفرق بالأبدان[61].

وقد تقرر في الأصول أن تأويل الصحابي لما يحتمل التأويل واختياره لأحد المعنيين ليس حجة ملزمة على غيره ولا يمنع غيره من اختيار تأويل آخر يغايره[62].

الجواب: أن تأويل الصحابي أقوى وأولى بالقبول من تأويل غيره وهذا باتفاق[63].

أدلة الحنفية والمالكية على ثبوت خيار المجلس .

قوله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود}[64].

قالوا: المتبايعان قد تعاقدا فثبوت خيار المجلس يؤدي إلى إبطال الوفاء بالعقود.

قوله تعالى:{لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم}[65].

قالوا: إذا حصل الإيجاب والقبول في البيع فإنه يصدق عليه أنه تجارة عن تراض منهما[66].

واعترض الجمهور على هذه النصوص بأنها عامة مخصوصة بحديث ثبوت خيار المجلس[67].

3- حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده:(ولا يحل لأحدهما أن يفارق صاحبه مخافة أن يقيله)[68]. قالوا: فهذا يدل على أن البيع تم بينهما قبل الافتراق، لأن الإقالة لا تصح إلا فيما تمّ من البيوع، وهذا يدل على أن قوله: (( المتبايعان )) معناه المتساومان فهما بالخيار قبل الإيجاب والقبول ، وهو العقد فإذا عقد بطل الخيار فيه[69].

واعترض الجمهور من وجهين:

أ ـ أنه أثبت لكل واحد منهما الخيار ما لم يتفرقا ومن له الخيار لا يحتاج إلى الإقالة.

ب ـ أنه لو كان المراد حقيقة الإقالة لم يكن ذلك يختص بمجلس العقد ولم يكن للمفارقة أثر فدل ذلك على أن معنى الحديث مخافة أن يختار الفسخ عبر عنه بالإقالة[70].

أجاب الحنفية عن الاعتراض من وجهين:

أ ـ أن الجمهور لا يقولون بمقتضاه فإنهم يجوزون المفارقة لإنفاذ البيع وليس عليه أن يقيله إلا إذا شاء فإذا ساغ لهم التأويل في قوله : (( ولا يحل )) في الحديث فكيف لا يسوغ لغيرهم التأويل في قوله : (( يقيله ))  أو (( يستقيله )) من الحديث[71]

ب ـ وإذا ساغ لنا التأويل فإن معنى الحديث : أنه لا يليق بأحدهما أن يجتنب عن ملاقاة صاحبه خشية الإقالة ، لأن قوله: }ولا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله} نرى أنها جملة مستأنفة لا علاقة لها بقوله: }البيعان بالخيار ما لم يتفرقا} وإذا كان معنى الخيار هنا هو الغيبوبة عنه مطلقاً فهي أعم من أن يختص بمجلس العقد أو بغيره[72].

4- قوله عليه الصلاة والسلام: {إذا اختلف البيعان فالقول قول البائع}[73].

وفي لفظ من حديث ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ : {إذا اختلف البيعان وليس بينهما بينة فهو ما يقول رب السلعة أو يتتاركان}[74] .

قالوا: ولم يفصل بين ما قبل التفرق وبعده[75].

قال أبو عمر بن عبد البر: « حديث ابن مسعود منقطع لا يكاد يتصل وإن كان الفقهاء قد عملوا به كل على مذهبه الذي تأوله فيه «[76].

5- أنه مخالف لإجماع أهل المدينة [77].

واعترض عليهم الجمهور بما يأتي:

أن الاحتجاج بإجماع أهل المدينة اصطلاح خاص بالإمام مالك ـ رحمه الله تعالى ـ  وقد انفرد به عن العلماء فلا يقبل في رد ما ثبت من السنن[78].

أن الدليل العاصم للأمة من الخطأ لا يتناول بعضهم ولا مستند للعصمة سواه [79].

قال أبو عمر: « لا يصح دعوى إجماع أهل المدينة في هذه المسألة، لأن الاختلاف فيها بالمدينة معلوم، وقد خالفهم ابن عمر وابن المسيب وابن شهاب وغيرهم[80].

6- القياس على النكاح والخلع والعتق على مال والكتابة فكلها عقود معاوضة تلزم بمجرد العقد إذا وجد اللفظ الدال على الرضا وليس فيها خيار المجلس[81].

واعترض عليهم الجمهور من وجهين:

أ ـ أن المقصود من البيع هو المال بخلاف النكاح والخلع فلا يقصد منهما المال ولذا فإنهما لا يفسدان بفساد العوض[82]، وهذا قياس مع الفارق .

ب ـ أن البيع ينفرد في بعض الأحكام عن نظائره كخيار الشرط وخيار العيب[83].

الترجيح:

بعد استعراض الأدلة لكلا الفريقين ومناقشة كل منها أجد أن قول الحنفية والمالكية أرجح وأقوى من جهة القياس لكونه موافقا لقياس الأصول ولما فيه من أعمال الأدلة العامة والقواعد الثابتة.

وأجد أن قول الجمهور أقوى من جهة الأثر لما فيه من التمسك بظاهر الحديث ولا يجوز العدول عن الظاهر إلا بدليل صريح يجب المصير إليه وهو غير موجود .

قال ابن عبد البر عن أدلة الحنفية المالكية : «واحتجاجهم بمذهبهم في رفع ظاهر الحديث طويل وأكثره تشعيب لا معنى له ، لأن الأصول لا يرد بعضها ببعض « [84].

وقد زعم التهانوي أن حديث خيار المجلس يوافق مذهب الحنفية وذلك إما بحمل التفرق على تفرق الأقوال وإما بجعل الحكم على الاستحباب أي تفرق الأبدان. «ثم قال: والثاني أوجه وأقرب كما لا يخفى»[85]، وهذه موافقة للجمهور . ولعل تمسك الجمهور بالأثر أقوى وأولى والله تعالى أعلم.

المطلب الثالث: بيع الفضولي

البيع لغة: مصدر باع الشيء يبيعه بيعاً ومبيعاً فهو بائع وبيِّع ، والبيع من الأضداد مثل الشراء يقال باع يبيع بمعنى ملك وبمعنى اشترى[86] .

البيع اصطلاحاً: مبادلة عين مالية أو منفعة مباحة مطلقاً – بإحداهما أو بمال في الذمة للملك على التأبيد غير رباً وقرض[87].

الفضولي لغة: من الفضل ضد النقص والتفضل التطول على غيرك والفضولي بالضم المشتغل بما لا يعنيه[88].

وقد عرفه الفقهاء ـ رحمهم الله تعالى ـ بتعريفات متقاربة مفادها « أنه من يتصرف في حق غيره بغير إذن شرعي «[89].

وقد ذهب الإمام القرطبي ـ رحمه الله ـ إلى أن بيع الفضولي ينعقد موقوفاً على إجازة المالك.

فقد قال رحمه الله تعالى: « وبيع الفضولي عندنا موقوف على إجازة المالك فإن أجازه جاز لحديث عروة البارقي»[90].

وهو بذلك يوافق ما ذهب إليه الحنفية[91] والمالكية[92] والشافعي[93] في القديم ورواية عن أحمد[94] حيث ذهبوا إلى أنه ينعقد ويكون موقوفاً على إجازة المالك ، وقد قال به من الصحابة علي وابن عباس وابن مسعود وأبو هريرة[95].

الأدلة:

استدل أصحاب هذا القول بما يأتي :.

قول تعالى :{وأحل الله البيع}[96].

قوله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم}[97].

قوله تعالى:{فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله}.[98]

وجه الاستشهاد: قال الكاساني: « شرع الله سبحانه وتعالى البيع والشراء والتجارة وابتغاء الفضل من غير فصل بين ما إذا وجد المالك بطريق الأصالة وبين ما إذا وجد من الوكيل في الابتداء أوبين ما إذا وجدت الإجازة من المالك في الانتهاء وبين وجود والرضا في التجارة عند العقد أو بعده فيجب العمل بإطلاقها إلا ما خص بدليل «[99].

واستدلوا بقوله تعالى:{وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان}[100]

وجه الاستدلال: أن في البيع عن الغير تعاون على البر والتقوى ما دام أن الأمر النهائي فيه لصالح المالك[101].

نوقش:

بأن هذا ليس من باب التعاون على البر والتقوى، بل من باب التعاون على الإثم والعدوان[102].

أجيب: بعدم التسليم بأن بيع الفضولي تعاون على الإثم والعدوان ويشهد لذلك أن صاحب السلعة المبيعة مثلا غير متضرر بتصرف الفضولي، لأن الأمر بيده فإذا لم يرد البيع لم يجزه وإن أراده فقد حصل على بيع سلعته بدون عناء وبحث عمن يشتريها .

واحتجوا من السنة بما يلي:

ـ الحديث الذي رواه أبو داود والترمذي ولفظه:(أخبرنا سفيان قال حدثني أبا حصين عن شيخ من أهل المدينة عن حيكم بن حزام أن رسول الله ﷺ: بعث معه بدينار يشتري له أضحية فاشتراها بدينار وباعها بدينارين فرجع فاشترى له أضحية بدينار وجاء بدينار إلى النبي ﷺ فتصدق به النبي ﷺ ودعا له أن يبارك له في تجارته)[103].

نوقش: بأن هذه الرواية ضعيفة فيها راو مجهول في قوله عن شيخ من أهل المدينة .

قال ابن حزم: أما حديث حكيم فعن رجل لم يسم ولا يدرى من هو من الناس والحجة في دين الله لا تقوم بمثل هذا[104].

ولفظ رواية الترمذي قال: حدثنا أبو كريب حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي حصين عن حبيب بن أبي ثابت عن حكيم بن حزام: أن رسول الله ﷺ بعثه يشتري له أضحية بدينار وذكر الحديث[105]. ثم قال الترمذي حديث حكيم بن حزام لا نعرفه إلا من هذا الوجه وحبيب ابن أبي ثابت لم يسمع عندي من حكيم بن حزام .

أجيب عن هذا: بأنه إذا ثبت أن حبيبا لم يسمع من حكيم بن حزام فإن الحديث يكون مرسلا والمرسل حجة عند الإمامين أبي حنيفة ومالك ورواية عن أحمد إذ أن الظاهر من العدل الثقة أنه لا يستجيز أن يخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم بقول ويجزم به إلا بعد أن يعلم ثقة ناقله وعدالته[106]. ونوقش الحديث بأن حكيم كان وكيلا مطلقا [107].

وأجيب: بأن هذا لا يصح إذ لو كان كذلك لنقل على سبيل المدح فالمنقول أنه أمره ليشتري له أضحية وبهذا لا يصير وكيلا بمطلق التصرف[108].

ـ واستدلوا من القياس :

قالوا: يقاس تصرف الفضولي على البيع بشرط الخيار للبائع والمشتري[109].

نوقش القياس بأنه: قياس مع الفارق أيضاً: فإن البيع المشروط فيه الخيار مجزوم به منعقد في الحال، وإنما المنتظر فسخه ولهذا إذا مضت المدة ولم يفسخ لزم البيع[110].

القول الثاني في بيع الفضولي:

يذهب أصحاب هذا القول إلى أن العقد يقع باطلا وهو قول الشافعي في الجديد[111] ورواية عن أحمد هي المذهب[112] وبه قال الإمام ابن حزم[113].

أدلتهم :

استدلوا بحديث حكيم بن حزام قال:(سألت رسول الله ﷺ فقلت: يأتيني الرجل فيسألني من البيع ما ليس عندي أأبتاع له من السوق ثم أبيعه قال: لا تبع ما ليس عندك)[114].

ووجه الاستدلال: أن بيع ملك الغير هو بيع ما ليس عند الإنسان فيدخل في النهي .

نوقش: تأول الحنفية النهي الوارد في الحديث بأن المراد به ما إذا باعه ثم اشتراه وأراد تسليمه بحكم ذلك العقد[115].

وقيل فيه: « أن المراد من قوله :(لا تبع ما ليس عندك) نهي عن البيع المطلق، والمطلق ينصرف إلى الكامل والكامل هو البيع البات فلا اتصال له بموضوع النـزاع [116].

استدلوا بما روي أن النبي ﷺ ( أرسل عتاب بن أسيد إلى أهل مكة أن أبلغهم عني أربع خصال أنه لا يصلح شرطان في بيع ولا بيع وسلف ولا تبع ما لا تملك ولا تبع ما لا تضمن)[117].

وجه الاستدلال: أن قوله ﷺ:(لا تبع ما لا تملك) نهي صريح أن يبيع الإنسان ما لا يملكه ومن باع ملك غيره فقد باع ما لا يملك فيدخل في النهي ، والنهي يقتضي الفساد .

ونوقش بما نوقش به الدليل السابق .

دليلهم من القياس:

قالوا: لأنه تمليك ما لا يملك وبيع ما لا يقدر على تسليمه فأشبه بيع الطير في الهواء[118].

نوقش: بالفرق فبيع الفضولي موجود المحل ، وهو المال المتقوم .أما بيع الطير في الهواء فإن المحل معدوم فيكون العقد لاغيا[119] .

جاء في فتح القدير: «إن عدم جواز بيع الطير في الهواء والسمك في الماء في هاتين الحالتين سببه انعدام المحل فالطير والسمك ليسا مملوكين شرعا قبله وما ليس بمملوك لأحد لا يكون محلاً للبيع»[120] .

الترجيح

يترجح في نظري والعلم عند الله صحة ما ذهب إليه أصحاب القول الأول وهو أن بيع الفضولي ينعقد موقوفاً على إجازة المالك وذلك لأن بالأخذ في هذا القول صيانة لكلام العقلاء عن اللغو وعدم الاعتبار ، ومن ثم لا يلحق المالك أي ضرر من هذا البيع لأن الأمر يعود إليه فإن أجازه جاز وإلا فله إبطال تصرف الفضولي.

المطلب الرابع: البيع والشراء في المسجد

ذهب الإمام القرطبي ـ رحمه الله تعالى ـ إلى كراهية البيع والشراء في المسجد حيث قال: «وتصان المساجد عن البيع والشراء وجميع الأشغال».[121]

وقد اختلف العلماء ـ رحمهم الله تعالى ـ في هذه المسألة على أقوال ثلاثة:

القول الأول:

يكره البيع والشراء في المسجد ويصح إن وقع فيه وهذا قول الجمهور[122] ورواية عن الحنابلة[123].

القول الثاني:

ذهب الحنابلة إلى حرمة البيع في المسجد وإن وقع لم يصح[124].

القول الثالث:

أن المسجد يجوز فيه البيع ، كما يجوز في غيره بلا كراهة ، وبه قال ابن حزم[125]، وهو مذهب الأحناف[126]إذا لم يحضر السلعة إلى المسجد فإن أحضرها كره البيع لشغل البقعة المتحررة عن حقوق العباد بالبضاعة، وهو مذهب الشافعية[127]في البيع القليل وما لابد منه.

الأدلة: استدل الجمهور بما يلي:

ما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال:(نهى رسول الله ﷺ عن الشراء والبيع في المسجد وأن تنشد فيه الأشعار)[128]. فالنهي في الأصل يقتضي البطلان وحمل هنا على الكراهة التـنـزيهية .

عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ﷺ:(إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا لا أربح الله تجارتك)[129] رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب والعمل على هذا عند أهل العلم الذين كرهوا البيع والشراء في المسجد .

ووجه الدلالة: أن هذا الدعاء عليه يدل على كراهية البيع وكونه مكروها لا يقتضي بطلانه كالغش والتدليس والتصرية[130].

ما روي عن النبي ﷺ أنه قال:(جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وبيعكم وشراءكم ورفع أصواتكم وسل سيوفكم)[131] .

استدل الحنابلة القائلون بالتحريم بما يلي: بحديث أبي هريرة السابق .

 الشاهد منه: قوله صلى الله عليه وسلم:(لا أربح الله تجارتك).

حيث دعا النبي ﷺ على البائع والمشتري في المسجد بألا تربح تجارته وهذه عقوبة لهم ، لأنهم فعلوا أمراً محرماً في الشريعة .

أجيب عنه:

بأنه ليس في الحديث ما يدل على التحريم ، بل فيه إشارة إلى خلاف ذلك فقوله ﷺ قولوا:(لا أربح الله تجارتك) من غير إخبار لفساد البيع دليل على صحته والله أعلم [132].

استدل القائلون بجواز البيع في المسجد:

بعمومات البيع والشراء من الكتاب والسنة من غير فصل بين المسجد وغيره ومنها قوله تعالى:{ وأحل الله البيع وحرم الربا }[133]. فالأصل أن البيع حلال في كل مكان ومنها المساجد حتى يثبت تحريمه .

الترجيح:

الراجح: من خلال استعراض الأدلة أرى أن القائلين بالتحريم أسعد بالدليل وأقرب إلى النص فالمساجد بنيت للآخرة والأسواق بنيت للدنيا، قال العراقي «وقد أجمع العلماء على أن ما عقد من البيع في المسجد لا يجوز نقضه»

وقد تعقب الشوكاني هذا القول قائلاً : «وحمل النهي إلى الكراهة يحتاج إلى قرنية صارفة عن المعنى الحقيقي الذي هو التحريم عند القائلين بأن النهي حقيقة في التحريم ، ثم إن إجماعهم على صحة العقد لا منافاة بينه وبين التحريم»[134].       

المطلب الخامس: البيع الفاسد

الفساد ضد الصلاح: قال ابن فارس: الصاد واللام والحاء أصل واحد يدل على خلاف الفساد[135]، ذهب الإمام القرطبي ـ رحمه الله تعالى ـ إلى أن البيع الفاسد يفسخ ، حيث قال: «وقيل: أن البيع الفاسد يفسخ، وقيل: لا يفسخ والقول الأول أصح»[136].

يقسم الجمهور ـ رحمهم الله تعالى ـ البيع إلى صحيح وباطل بينما يرى الأحناف أن العقد  ينقسم إلى صحيح وباطل وفاسد فالفاسد والباطل عند الجمهور بمعنى واحد فكما أن الباطل لا يفيد الحكم فكذلك الفاسد لا أثر له عندهم في الجملة[137].

أما الحنفية: فالبيع الفاسد عندهم مرتبة بين الصحيح والباطل قالوا: فالبيع الفاسد ما يكون مشروعاً بأصله دون وصفه، ويقصدون بالأصل العاقدان والصيغة والمعقود عليه وبالوصف ما عدا ذلك[138].

ويرجع سبب الخلاف في هذه المسألة إلى مسألة أصولية كبرى وهي هل النهي يقتضي فساد المنهي عنه أي عدم الاعتبار والوقوع في الإثم معاً أو أنه يدل على إيجاب الإثم وحده مع اعتباره أحياناً، ثم هل يستوي النهي عن ركن من أركان العقد مع النهي عن وصف عارض للعقد لازم له أو غير لازم[139].

ويترتب على العقد الفاسد استحقاق الفسخ ، لأن العقد الفاسد محرم تلازمه الحرمة ولا تفارقه إلا بإزالة سبب الفساد إذا أمكن وإلا لزم الفسخ عند الجميع[140].

قال الكاساني: «أما بيان أن الثابت بهذا البيع الفاسد واجب الفسخ، فهو أن البيع، وإن كان مشروعا في ذاته فالفساد مقترن به ودفع الفساد واجب ولا يمكن إلا بفسخ العقد فيستحق فسخه»[141]، وإن اختلف مصطلح الفساد بين كل من الجمهور والأحناف فقد اتفق الجميع على أن هذا العقد مستحق للفسخ. ويفصل الأحناف في الفساد قوة وضعفاً [142]. بل إذا قررنا أن الفاسد بمعنى الباطل فلا يحتاج إلى فسخ ، لأنه غير منعقد أصلاً[143].

قال الأسنوي: والبطلان والفساد عندنا مترادفان فتقول مثلا بطلت الصلاة وفسدت.

وقال أبو حنيفة إنها متباينان. فالباطل عنده ما لم يشرع بالكلية كبيع ما في بطون الأمهات، والفاسد ما شرع أصله ولن امتنع لاشتماله على وصف كالربا، فإنه مشروع من حيث إنه بيع، وممنوع من حيث إنه يشمل على الزيادة بحيث لو تركت الزيادة صح البيع[144].

وقال الفتوحي: والبطلان والفساد مترادفان يقابلان الصحة سواء كان ذلك في العبادات أو في المعاملات[145]. وقد حكى الإمام القرطبي[146] ـ رحمه الله تعالى ـ قولاً بعدم فسخ البيع الفاسد واستدل لهم بأن البيع إذا فسخ ورد بعد الفوت يكون فيه ضرر وغبن على البائع فتكون السلعة تساوي مائه وترد عليه وهو تساوي عشرين ولا عقوبة في الأموال. ولم أجد فيما اطلعت من كتب المالكية أو الجمهور من قال بهذا القول . ويشترط الجميع للفسخ شروطاً ثلاثة وهي:

أولا: أن يكون بعلم المتعاقد الآخر ولا يشترط رضاه .

ثانيا: أن يكون المبيع قائماً في يد أحدهما .

ثالثاً: ألا يعرض له ما يتعذر به الرد [147].

المطلب السادس: بيع العربون

العربون: بضم العين المهملة وإسكان الراء ثم موحدة مخففة ويقال فيه عربون بضم العين والباء ويقال بالهمز مكان العين. يقال: أعرب في كذا وعرَّب وعربن وهو عُربان وعُرْبوُن وعرَبَون قيل: سمي بذلك، لأن فيه إعرابا لعقد البيع أي إصلاحاً وإزالة فساد لئلا يملكه غيره باشترائه[148]. وهو بالضم كحلزون وقربان ما عقد به البيع وعربنه أعطاه ذلك[149].

أما اصطلاحا: فلها تعريفات متقاربة يجمعها أنه «أن يشتري السلعة ويدفع إلى صاحبه شيئا على أنه إن أمضى البيع حسب من الثمن وإن لم يمض البيع كان لصاحب السلعة ولم يرتجعه المشتري»[150].

ذهب الإمام القرطبي ـ رحمه الله تعالى ـ إلى أن بيع العربون باطل حيث قال ـ رحمه الله تعالى ـ : « ومن أكل أموال الناس بالباطل بيع العربون « .[151]

وقد اختلف الفقهاء رحمه الله تعالى في بيع العربون على قولين:

القول الأول:

ذهب الجماهير من العلماء على عدم صحة بيع العربون، وهو مذهب الحنفية والمالكية والشافعية[152]، ويروى ذلك عن ابن عباس[153] والحسن[154] وهو اختيار أبو الخطاب من الحنابلة[155]. بل حكى ابن رشد أن جمهور علماء الأمصار على أنه غير جائز[156].

القول الثاني:

ذهب الحنابلة رحمهم الله تعالى إلى صحة بيع العربون[157].

الأدلة:

أدلة أصحاب القول الأول: استدلوا بأن النبي ﷺ:(نهى عن بيع العربون)[158] .

 قالوا: ولأن فيه شرطين فاسدين . شرط الهبة . وشرط الرد على تقدير إلا يرضا[159].

ولأنه بمنزلة الخيار المجهول فإنه اشترط أن له رد المبيع من غير ذكر مده فلم يصح كما لو قال: ولي الخيار متى شئت رددت السلعة[160].

أدلة أصحاب القول الثاني:

استدل الحنابلة بما روي عن نافع بن عبد الحارث أنه اشترى لعمر دار السجن من صفوان بن أمية فإن رضي عمر وإلا فله كذا وكذا[161].

قال الأثرم: قلت: لأحمد تذهب إليه قال: أي شيء أقول هذا عمر رضي الله عنه .

ـ واستدلوا كذلك بما أخرجه عبد الرزاق في مصنفه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن العربان فأحله[162]. وقد ضعف الإمام أحمد الحديث المروي في النهي عن بيع العربان على أن ابن قدامة ـ رحمه الله ـ قد حاول الجمع بين القولين فقال ـ رحمه الله ـ فأما إن دفع إليه قبل البيع درهماً وقال: لا تبع هذه السلعة لغيري، وإن لم اشترها منك فهذا الدرهم لك، ثم اشتراها منه بعد ذلك بعقد مبتدئ وحسب الدرهم من الثمن صح، لأن البيع خلا عن الشرط المفسد، ويحتمل أن الشراء الذي اشترى لعمر كان على هذا الوجه فيحمل عليه جمعا بين فعله وبين الخبر موافقة القياس والأئمة القائلين بفساد العربون .

وإن لم يشتر السلعة في هذه الصورة لم يستحق البائع الدرهم لأنه يأخذه بغير عوض ولصاحبه الرجوع فيه ولا يصح جعله عوضاً عن انتظاره وتأخير بيعه من أجله، لأنه لو كان عوضاً عن ذلك لما جاز جعله من الثمن في حال الشراء ، ولأن الانتظار بالبيع لا تجوز المعاوضة عنه ولو جازت لوجب أن يكون معلوم المقدار كما في الإجارة[163].

قال ابن عبد البر: «ويحتمل أن يكون بيع العربان الذي أجازه رسول الله ﷺ لو صح عنه أن يجعل العربان عن البائع من ثمن سلعته إن تم البيع وإلا رده وهذا وجه يصح عند الجميع».([164])

الخاتمة

بعد هذه الرحلة الممتعة التي عشتها مع هذا البحث ألقى عصا الترحال ممتناً لله عز وجل بإتمامه هذا العمل وتيسيره إياه ويا لها من أوقات جميلة ولحظات ثمينة عشتها مع هذا الإمام في هذا التفسير البديع.

ولقد خلصت من هذا البحث بنتائج أوجزها فيما يلي:

أولا: النتائج العامة .

عظمة كتاب الله سبحانه وتعالى وإعجازه وسعة معانيه وبلاغة ألفاظه .

سمو هذه الشريعة وصلاحيتها لكل زمان ومكان .

أن الاعتماد على الدليل هو الطريق القويم لدراسة مسائل الفقه .

التجرد للحق وترك التعصب والاعتماد على الأثر أين كان وكيف كان وممن كان .

ثانيا: النتائج الخاصة

أهمية البيوع لملازمتها لحال البشرية .

أن البيع هو عقد يحتوي على عوض من الجانبين .

أن الأصل في المعاملات الحل والإباحة .

أن البيوع المنهي عنها إنما نهي عنها للغرر أو الربا أو لحق الشرع .

أن الإشهاد على البيع مندوب إليه .

أن بيع الفضولي ينعقد موقوف على إجازة المالك .

حرمة البيع والشراء في المسجد .

 

[1] تاج العروس للزبيدي (38/363). وينظر: التوقيف على مهمات التعريف للمناوي ص: 202.

[2] تهذيب اللغة للأزهري (3/150، 151)، المطلع على ألفاظ المقنع للبعلي ص 270، لسان العرب لابن منظور (8/21، 23)، وينظر: المغني لابن قدامة (3/480).

[3] ينظر: زاد المستقنع للحجاوي ص: 100، كشاف القناع للبهوتي (3/146)، الإنصاف للمرداوي (4/188).

[4] ويخرج بذلك الربا والقرض. ينظر: عمدة الفقه لابن قدامة ص53، البحر الرائق لابن نجيم (5/ 277)، حاشية البجيرمي على الخطيب (3/ 4).

[5] انظر: كتاب القرطبي حياته وآثاره العلمية ومنهجه في التفسير ص 86.

[6] مدينة كبيرة على شاطئ النيل في شمال أسيوط في مصر. (انظر: معجم البلدان لياقوت الحموي 5/218).

[7] انظر ترجمته في: الديباج المذهب لابن فرحون (2/308)، الوافي بالوفيات للصفدي (2/12). 

[8] المُنّـة بالضم القوة ، ( انظر: القاموس المحيط ص 1235 ). 

[9] الجامع لأحكام القرآن 1/6.

[10] المصدر السابق.

[11] انظر: القرطبي حياته وآثاره العلمية ومنهجه في التفسير د. مفتاح السنوسي ص 227.

[12] انظر: الجامع لأحكام القرآن 1/6-7.

[13] انظر: التفسير والمفسرون د. محمد الذهبي 2/337-338.

[14] انظر: تفسير القرطبي (1/3).

[15] انظر: تفسير الطبري (3/134).

[16] انظر: المحلى لابن حزم (7/225).

[17] سورة البقرة، آية (283) .

[18] انظر: أحكام القرآن الكريم للجصاص (1/521 – 522)، أحكام القرآن الكريم لابن العربي (1/259)، أحكام القرآن الكريم الكيا الهراسي (1/237 – 238)، المغني لابن قدامة (6/282)، الناسخ والمنسوخ في كتاب الله عز وجل للنحاس (2/113 – 114)، الأم للشافعي (3/106)، المجموع شرح المهذب (9/180)

[19] سورة البقرة، آية (282)

[20] انظر: تفسير الطبري (3/134).

[21] انظر: سورة البقرة آية (282) .

[22] انظر: تفسير الطبري (3/135).

[23] انظر: المصدر السابق (3/134).

[24] انظر: المحلى لابن حزم (7/227)،

[25] أخرجه أبو داود في الأقضية باب إذا علم الحاكم صدق الشاهد الواحد (4/31) حديث رقم 3607، والنسائي في البيوع باب التسهيل في ترك الإشهاد على البيع (7/301)، وأحمد (5/215 – 216). والحاكم في البيوع (2/17 – 18)، وقال: صحيح الإسناد ورجاله باتفاق الشيخين ثقات ولم يخرجاه.

[26] البخاري باب شراء النبي ﷺ بالنية، وباب شراء الإمام الحوائج لنفسه من كتاب البيوع (3/73 – 74 –101 ومسلم في الرهن وجوازه في الحضر والسفر من كتاب المساقاة. انظر: شرح النووي (6/33) حديث رقم 603.

[27] أخرجه أبو داود، باب الرجحان في الوزن من كتاب البيوع (2/220)، وأخرجه الإمام أحمد في المسند (4/352).واخرجه الترمذي(3/598) وقال: حديث حسن صحيح.

[28] أخرجه البخاري في كتاب المناقب (4/252)، وأبو داود في باب المضارب يخالف من كتاب البيوع، (2/229)، والترمذي في باب حدثنا أبو كريب من أبواب البيوع سنن أبي داود، عارضة الأحوذي (5/263).

[29] انظر: تفسير الطبري (3/120).

[30] انظر: المغني (6/382).

[31] انظر: المغني لابن قدامة (6/383).

[32] انظر: المحلى لابن حزم (7/227)، تفسير الطبري (3/120).

[33] انظر: تفسير الطبري (3/120)، الناسخ والمنسوخ (2/113).

[34] انظر: أحكام القرآن الكريم الكيا الهراس (1/238).

[35] انظر: المغني (6/282، 283).

[36] انظر: المغني، المرجع السابق، أحكام القرآن للكيا الهراس (1/238).

[37] انظر: المصباح المنير للفيومي (1/185) .

[38] انظر: المصباح المنير للفيومي (1/105) .

[39] جامع الأحكام للقرطبي (5/101 ) .

[40] انظر: المغني لابن قدامة (6/12) .

[41] انظر: طرح التثريب في شرح التقريب للحافظ زين الدين العراقي (6/149) .

[42] انظر: المجموع شرح المهذب (9/184)، الحاوي الكبير للماوردي (5/20 ، 30) .

[43] انظر: المغني (6/10)، كشاف القناع (4/1429) .

[44] انظر: طرح التثريب في شرح التقريب للحافظ زين الدين العراقي (6/149) .

[45] انظر: فتح القدير لابن الهمام (6/257)، بدائع الصنائع (5/228)، مختصر اختلاف العلماء للطحاوي اختصار أبي بكر الجصاص (3/46) .

[46] انظر: الاستذكار لابن عبد البر (20/226)، المنتقى شرح الموطأ للباجي (5/55) ، مواهب الجليل من أدلة الخليل (3/291) .

[47] انظر: الاستذكار (20/224) .

[48] أخرجه البخاري في عدة مواضع من صحيحه انظر: صحيح البخاري (3/76 ، 77) .

[49] انظر: الاستذكار (20/224) .

[50] انظر: الموطأ حديث رقم (671 ) (2/671) .

[51] انظر: البخاري حديث رقم (2111) مع فتح الباري لابن حجر العسقلاني (4/328) .

[52] انظر: صحيح مسلم (3/1213) حديث رقم (43) .

[53] انظر: البخاري (3/84) ، ومسلم (3/1163) .

[54] انظر: المصدر السابق .

[55] رواه أبو داود (2/245)، كتاب البيوع، باب خيار المتبايعين. وصححه ابن الجارود 1/157، رقم 619 .

[56] انظر: المغني لابن قدامة (6/11) .

[57] انظر: نهاية الوصول في دراية الأصول لصفي الدين الهندي (7/2959،2960) .

[58] انظر: إعلاء السنن (14/9،12) .

[59] انظر: المغني (6/11) .

[60] انظر: إعلاء السنن (14/9،12) .

[61] انظر المصدر السابق .

[62] انظر: نهاية الوصول في دراية علم الأصول لصفي الدين الهندي (7/2959،2960) .

[63] انظر: المصدر السابق .

[64] المائدة آية (1) .

[65] سورة النساء الآية (29) .

[66] انظر: فتح القدير لابن الهمام (6/258) .

[67] انظر: المجموع (9/187) .

[68] انظر: النسائي (2/214)، والترمذي (1/236)، البيهقي (5/271)، وقد حسنه الترمذي.

[69] انظر: الجامع لأحكام القرآن (5/102) .

[70] انظر: المجموع في شرح المهذب (9/188) .

[71] انظر: إعلاء السنن (14/7) .

[72] انظر: إعلاء السنن (14/11) .

[73] انظر: أبو داود (3/285) ، حديث رقم (3511) ، النسائي (7/302)، البيهقي (5/332) والحديث صححه الألباني انظر السلسلة الصحيحة (2/433 ) حديث رقم 798 .

[74] أخرجه: أبو داود (3/285)، حديث رقم (3511) ، النسائي (7/302)، البيهقي (5/332). وصححه الحاكم في مستدركه وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه انظر المستدرك (3/ 52).

[75] انظر: سبل السلام (3/261) .

[76] انظر: الاستذكار (20/333) .

[77] انظر: المرجع السابق (20/333) .

[78] انظر: المجموع (9/186) .

[79] انظر: طرح التثريب (6/150) .

[80] انظر: الاستذكار (20/333) .

[81] انظر: إعلاء السنن (14/12)، وفتح القدير (6/259) .

[82] انظر: المجموع (9/188) .

[83] انظر: إعلاء السنن (14/7) .

[84] انظر: الاستذكار (20/229) .

[85] انظر: إعلاء السنن (4/7) .

[86] انظر: المصباح المنير ، مختار الصحاح مادة «ب ي ع».

[87] انظر: مطالب أولي النهى (1/ 385).

[88] انظر: لسان العرب (11/25) ، وانظر: ترتيب القاموس على طريقة المصباح (3/501) .

[89] انظر: رد المختار (5/135)، المبسوط (13/153)، حاشية الدسوقي مع الشرح الكبير (3/1)، البهجة شرح التحفة (2/123)، المجموع (9/258) كشاف القناع (3/157)، المحرر في الفقه (1/320) .

[90] انظر: الجامع لأحكام القرآن (7/101) .

[91] انظر: البدائع (5/118) فتح القدير (5/309)، البحر الرائق (6/160) .

[92] حاشية الخرشي على سيدي خليل (5/18)، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (3/11،1)، البهجة شرح التحفة (2/113) .

[93] انظر: روضة الطالبين للنووي (3/355)، التهذيب في فقه الإمام الشافعي (3/527) .

[94] انظر: الإنصاف للمرداوي (3/283) .

[95] انظر: البحر الزَّخار الجامع لعلماء الأمصار (4/305) .

[96] البقرة آية (275)

[97] النساء (29).

[98] الجمعة (10).

[99] انظر: البدائع (5/118)

[100] المائدة آية (2)

[101] انظر: مواهب الجليل للحطاب (4/270)، بدائع الصنائع للكاساني (5/149) .

[102] انظر: المجموع (9/263) .

[103] انظر: سنن أبي داود (3/679)، رقم الحديث (3386)، رواه الترمذي في سننه (4/256)، حديث رقم (1257). وقال الترمذي : « حديث حكيم لا نعرفه إلا من هذا الوجه وحبيب ابن أبي ثابت لم يسمع عن حكيم بن حزام « قال عنه البيهقي أنه ضعيف من أجل هذا الشيخ. انظر: السنن الكبرى (6/113) .

[104] المحلى (8/437).

[105] سنن الترمذي حديث رقم : (1275) (4/256) .

[106] انظر: روضة الناظر مع شرحها نزهة الخاطر (1/324 ،326) .

[107] انظر: المجموع (9/263) .

[108] انظر: المبسوط للسرخسي (13/154) .

[109] انظر: المبسوط للسرخسي (13/154) ، البدائع (5/149، 150) .

[110] انظر: المجموع (9/263) .

[111] انظر: المجموع (9/261) ، روضة الطالبين (3/355)، التهذيب في فقه الإمام الشافعي (3/527) .

[112] كشاف القناع (4/1388)، الشرط الرابع ، غاية المنتهى (2/8)، الإنصاف (4/283).

[113] المحلى (8/434) .

[114] رواه أبو داود في سننه كتاب البيوع والإجارات باب الرجل يبيع ما ليس عنده رقم (3503) (3/768) والترمذي ، باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك رقم (1250) (2/350) والنسائي في البيوع ، باب بيع ما ليس عند البائع (4/289) ورواه الإمام أحمد في المسند (3/402).والحديث قال عنه الترمذي: حديث حسن. انظر: الترمذي (3/525)، وقال النووي : حديث صحيح .انظر: المجموع (9/251).

[115] المبسوط (13/155) ، البناية شرح الهداية (7/402، 403)، تبيين الحقائق (4/102) .

[116] انظر: العناية للبابرتي بهامش شرح فتح القدير (7/54).

[117] الحديث رواه أبو داود في كتاب الطلاق ، باب في الطلاق قبل النكاح حديث رقم (2190) ورواه الترمذي في أبواب الطلاق واللعان باب ما جاء في الخلاق قبل النكاح حديث رقم (1292) ورواه أحمد في المسند (2/207)، وقال الترمذي حديث حسن صحيح.

[118] انظر: المجموع (9/262)، روضة الطالبين للنووي (3/355) ، التهذيب في فقه الإمام الشافعي (3/527) فتح القدير (5/310).

[119] انظر: المبسوط للسرخسي (13/155)

[120] انظر: فتح القدير لابن الهمام (5/310) .

[121] انظر: الجامع لأحكام القرآن (10/178) .

[122] انظر: التاج والإكليل (7/620) ، المجموع للنووي (6/458،462)، المغني (6/ 383).

[123] انظر: الإنصاف (3/385) .

[124] انظر: الفروع لابن مفلح (4/633)، الروض المربع مع حاشية ابن قاسم (3/497) ، كشاف القناع (2/366).

[125] انظر: المحلى (4/249) .

[126] انظر: المبسوط للسرخسي (3/121) .

[127] انظر: المجموع للنووي (6/460،462) .

[128] رواه أحمد (2/178)، وأبو داود (1/651) حديث رقم (1079)، والترمذي (2/39)، حديث رقم (322). قال الحافظ وإسناده صحيح إلى عمرو بن شعيب فمن يصحح نسخته يصححه. انظر: نيل الأوطار (1/704) .

[129] الترمذي باب النهي عن البيع في المسجد مع عارضة الأحوذي(6/619)، ورواه الدارمي في باب النهي عن إنشاد الضالة في المسجد من كتاب الصلاة سنن الدارمي (1/326). وصححه الألباني .انظر: الإرواء (5/134) .

[130] المغني لابن قدامة (6/383) .

[131] أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (5/392) .

[132] انظر: المغني (6/383) .

[133] انظر: سورة البقرة آية ( 275  )

[134] انظر: نيل الأوطار (1/705) .

[135] انظر: مقاييس اللغة (3/303) ، مادة «صلح» .

[136] انظر: الجامع لأحكام القرآن (6/212) .

[137] انظر: المنثور في القواعد للزركشي (3/7)، الأشباه والنظائر للسيوطي (312)، روضة الطالبين (3/410)، القواعد والفوائد الأصولية (3/110) ، المدونة الكبرى لسحنون ومعها مقدمات ابن رشد (3/206،209)جواهر الإكليل (2/28،29) 

[138] انظر: بدائع الصنائع (5/299)، تبيين الحقائق (4/44) .

[139] لمزيد من التفاصيل في هذه المسألة انظر: الأحكام في أصول الأحكام للآمدي (2/275)، القواعد والفوائد الأصولية (152)،أصول البزدوي (50) رد المختار على الدر المختار (7/233،234) .

[140] انظر: بدائع الصنائع (5/178)، الفتاوى الهندية (3/133)، انظر: المدونة (3/206،209، الشرح الكبير (3/54)،جواهر الإكليل (2/21)، القوانين الفقهية (172)، الكافي (2/724)، مغني المحتاج (4/532)، نهاية المحتاج (8/421،422)، القواعد والفوائد الأصولية (110)، المغني (6/315) .

[141] انظر: بدائع الصنائع (5/187) .

[142] انظر: البدائع (5/178)، الفتاوى الهندية (3/133) .

[143] انظر: المدخل الفقهي العام (2/867) .

[144] انظر: التمهيد في تخريج الفروع على الأصول جمال الدين عبد الرحيم الأسنوي المتوفى سنة (772هـ) بتحقيق حسن هيتو طبعة مؤسسة الرسالة بيروت .

[145] انظر: شرح الكوكب المنير (1/473) .

[146] انظر: الجامع لأحكام القرآن (6/212) .

[147] انظر: البدائع (5/300)، حاشية ابن عابدين (4/152)، حاشية الجمل على شرح المنهج (3/84)، كشاف القناع (3/198) .

[148] انظر: ترتيب القاموس المحيط على طريقة المصباح ، الطاهر أحمد الراوي (3/183) .

[149] انظر: لسان العرب (9/117 ـ 118) .

[150] للنظر في التعريفات انظر: الاستذكار لابن عبد البر (19/7) ، أوجز المسالك إلى موطأ مالك للكاندهلوي (11/44) ، المغني لابن قدامة (6/331) ، غاية المنتهى (2/26) .

[151] انظر: الجامع لأحكام القرآن (5/99) .

[152] انظر: المجموع شرح المهذب (9/408) مغني المحتاج (2/53) المنتقى للباجي (4/157)، مواهب الجليل من أدلة خليل (3/272)، حاشية الخرشي على مختصر سيدي خليل (5/396)، الاستذكار لابن عبد البر (19/10 ـ 11)، المحلى لابن حزم (8/373)، أوجز مسالك إلى موطأ مالك للكاندهلوي (11/44).

[153] انظر: المغني لابن قدامة (6/331) .

[154] المصدر السابق .

[155] انظر : المصدر السابق .

[156] انظر: بداية المجتهد لابن رشد (3/313).

[157] انظر: المغني لابن قدامة (6/331، 332) غاية المنتهى في الجمع بين الإقناع والمنتهى (2/26) .

[158] الحديث أخرجه أبو داود في باب بيع العربان من كتاب البيوع (2/253) ، وأخرجه ابن ماجه باب ما جاء في بيع العربان كتاب التجارات (2/738 ، 739) ، وأخرجه الإمام مالك في الموطأ كتاب البيوع باب ما جاء في العربان (2/609)، والحديث منقطع ، لأنه من رواية مالك أنه بلغه عن عمرو بن شعيب ولم يدركه فبينهما راو لم يسم، وقد سماه ابن ماجه فقال عن مالك عن عبد الله بن عامر الأسلمي وعبد الله لا يحتج به (انظر: نيل الأوطار للشوكاني 3/533) وقيل: إن الراوي الذي لم يسمى هو ابن لهيعة وهو أيضا ضعيف . انظر: الاستذكار لابن عبد البر (19/9ـ10) .

[159] انظر: مغني المحتاج (2/53) ، المجموع شرح المهذب (9/408) ، بداية المجتهد (3/313) .

[160] انظر: المغني لابن قدامة (6/330) .

[161] أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (6/34) .أثر صفوان بن أمية أخرجه البيهقي في سنن الكبرى كتاب البيوع باب ما جاء في بيع دور مكة (6/4) .وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه باب في العربان في البيع (7/306) .وعلقه البخاري ـ رحمه الله ـ انظر: صحيح البخاري كتاب الخصومات باب الربط والحبس في الحرم (3/91).

[162] أخرجه ابن أبي شيبة في كتاب البيوع والأقضية باب في العربان في البيع (7/304). قال الحافظ: «أخرجه عبد الرزاق ولم أقف عليه في مصنفه المطبوع ونوقش: بأنه ضعيف مع إرساله انظر: تلخيص الحبير (3/17).

[163] انظر: المغني لابن قدامة (6/331،332)

[164] انظر: الاستذكار لابن عبد البر (19/10 ،11) .