تاريخ الاستلام 1/9/2023           تاريخ القبول 1/12/2023

تاريخ النشر 25/1/2024

حقوق الطباعة محفوظة لدى مجلة كلية القانون والعلوم السياسية في الجامعة العراقية

حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمؤلف

حقوق النشر محفوظة للناشر (كلية القانون والعلوم السياسية - الجامعة العراقية)

CC BY-NC-ND 4.0 DEED

Printing rights are reserved to the Journal of the College of Law and Political Science at Aliraqia University

Intellectual property rights are reserved to the author

Copyright reserved to the publisher (College of Law and Political Science - Aliraqia University)

Attribution – Non-Commercial – No Derives 4.0 International

For more information, please review the rights and license

DOI 10.61279/a2xpjw95

الأساس القانوني لسبل الانتصاف غير المادية

عن الانتهاكات ضد المدنيين في القانون الدولي العام

The Legal Basis for Non-Monetary Remedies

for Violations against Civilians in the International Law

أ.م.د. أسامة يوسف نجم

الباحثة: مريم فرحان درويش

الجامعة العراقية - كلية القانون والعلوم السياسية / قسم القانون

Dr-Osama Yousif  Najim

Researcher : Maryam Farhan Darweesh

AL-Iraqiya University – College of Law and Political Science

ScienceOsama.alladhami@aliraqia.edu.iq

Mofadrmo2004@gmail.com

المستخلص

مِنَ المُسَّلم بهِ عمُوماً إنَّ حِماية حقوق الإنسان هَدَف أساسي مِنْ أهداف القانون الدَّولي الحديث، وفي العقود الأخيرة اعتَمَدتْ مَعظَم المُنظمات الدَّولية الإقليمية والعالمية مَعايير لِحقُوق الإنسان واستَجابت لإنتهاكات حقوق الإنسان مِنْ خِلال مَنْح سُبُلْ انتصاف للأفراد الذين اُنْتُهِكَتْ حقوقهُم دون إنصاف في القانون المحلي، وهناك أشكال عديدة لسبل الانتصاف غير المادية وردت في العديد من صكوك الأمم المتحدة المتعلقة بحقوق الانسان ومنها، الحقّ في معرفة الحقّيقة، الذي يمكن تعريفه ، بأنّه حقّ لِضحايا الانتهاكات الجسيمة لِحقوق الإنسان وعوائلهم والمجتمع بصورة عامّة في معرفة حقيقة ما حَصَلَ وتحديد المسؤولين عنها وتوثيق الظروف والأسباب التي أدّتْ إلى ذلكَ، والشكل الثاني هو الرد، الذي يمكن تعريفه، بأنّه إعادة الأشياء التي كانَتْ موجودة قَبْلُ وقوع الانتهاكات إلى حالتها الأولى أمّا بوقفِ الانتهاك أو إعادة الأوضاع إلى ما كانَتْ عليه قَبْلَ وقوع الفعل غير المشروع دوليّاً، والشكل الثالث هو الترضية، التي يمكن تعريفه، بأنها وسيلة انتصاف مقبولة في حالات جبر الأضرار المعنويّة  وتكون بعدّة صور منها على سبيل المثال، ضمانات عدم تكرار الفعل والاعتذار، والشكل الرابع إعادة التأهيل، وهو التدابير التي ترمي إلى التخفيف من الضرر البدنيّ أو النفسيّ أو الاجتماعيّ الذي يعانيه الضحايا .

وقد أكدَّت الجمعية العامة للأمَم المُتّحِدة في أكثر مِنْ مُناسَبة على أهمّية مُعالَجَة سُبُلْ الانتصاف لِضحايا إنتهاكات القانون الدولي على نَحوٍ مُنَظّم وبِطَريقةٍ شامِلة على الصّعيدينِ الوطنيّ والدوليّ، ولذلك صدرت العديد من الصكوك الدولية التي نصت على هذه السبل سواء على صعيد القانون الدولي الإنساني أو على صعيد القانون الدولي لحقوق الإنسان، فضلاً عن التشريعات على المستوى الوطني.

الكلمات المفتاحية: إتفاقيّات دولية ، الحق في معرفة الحقية، الرد، الترضية ، اعادة التأهيل

Abstract

It is generally accepted that the protection of Human Rights is a fundamental goal of the modern international law. In recent decades, most regional and international organizations have adopted Human Rights standards and responded to human rights violations by granting remedies to the individuals whose rights have been violated in there domestic law, There are many forms of non-monetary remedies mentioned in many United Nations instruments related to human rights, For example the Right to the truth, which can be defined as the right for victims of the gross human rights violations, their families, and the society, to know the truth about what happened to identify those responsible for these violations, Finally to document the circumstances and reasons that led to it. The second form is restitution, which can be defined as restoring the circumstances that existed prior to the violations either by ending the violation or restoring conditions to what they were before the internationally wrongful act occurred. The third form is satisfaction, which can be defined as an acceptable means of redress in cases of reparation for moral damages, For example, guarantees of non-repetition as well as an apology, The fourth form is rehabilitation, which is measures aimed at alleviating the physical, psychological, and the social harm suffered by the victims.

In sum, the United Nations General Assembly has confirmed on more than one event, the importance of addressing remedies for victims of violations of the international law in an organized and comprehensive manner at the national and international levels has been emphasized, Therefore many international instruments have been issued that stipulate these remedies, whether at the level of international humanitarian law or at the level of international human rights law, as well as the legislations  at the national level.

 Keywords: International Conventions, The right to the truth, Restitution, Satisfaction, Rehabilitation

المقدمة

أولاً- موضوع البحث

بَعدَ انتهاء الحرب العالمية الثانية ، عُقِدَت الكَثير مِنَ المُعاهَداتِ الدوليّة والإقلِيمية وَصَدَرت العَديدُ مِنَ القَراراتِ مِنَ الجَمعيّةِ العَامّةِ للأُمم المتحدة وَمِنَ الهَيئاتِ التابِعَةِ لَها التي تَهدِفُ إلى مُعالَجةِ وَوَضِع أُطُر قانونية على الدُولِ الأطراف الإلتزامِ بِها عِنْدَ تَعرّض الأفراد إلى الإنتهاكات مِنَ الحُكوماتِ أو مِنْ أشخاصٍ يَعْمَلونَ لِمَصلَحتِها أو أثناء النِزاعاتِ المُسلّحة، وَحَدّدت هذهِ المَواثيق العَديدَ مِنْ سُبُل الانتصاف التي يَجب أنْ تُمْنَح للفرد عِندَ إنتهاك حُقوقَهُ المَضمونَة بِموجِب هذهِ المَواثيق، وأكّدَتْ على سُبُل الانتصاف غَير الماديّة (الحقّ في معرفة الحقّيقة، الرد، الترضية، ضمانات عدم تكرار الفعل، وإعادة التأهيل ) التي يَجب أنْ يَحصَل عليها الضحايا مِمّن انتِهكَتْ حُقوقَهم لِغَرَض تَحقيق العَدالَة ومُحاسَبة الجُناة واستعادة كَرامَة الضحايا وإعادة تأهيلَهم.

ثانياً- أهمية البحث

  تكمن أهمية البحث في ضرورة معرفة الأطر القانونية الدولية التي نظمت سبل الانتصاف غير المادية سواء على مستوى القانون الدولي الإنساني أو على مستوى القانون الدولي لحقوق الإنسان.

ثالثاً- إشكالية البحث

تتمثل إشكالية البحث في عدم وجود أساس قانوني موحد لسبل الانتصاف غير المادية عن الانتهاكات ضد المدنيين فهي موزعة على العديد من الصكوك الدولية، بالإضافة إلى أن سبل الانتصاف غير المادية عن انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان أكثر وضوحاً من ناحية التدوين من تلك المتعلقة بالقانون الدولي الإنساني.

رابعاً منهجية البحث

سيتم إتباع المنهج الوصفي التحليلي لنصوص الصكوك الدولية التي تناولت سبل الانتصاف غير المادية.

المطلب الأول

الأساس القانونيّ لِسُبل الانتصاف غير الماديّة

في القانون الدوليّ لِحقوق الإنسان

في الفترَةِ التي أعْقَبَت إنتهاء الحَرب العالميّة الثانية وَتأسيس الأمم المُتّحِدة عُقِدَت العَديد مِنَ المَواثيقِ الدوليّة التي تُعالِج قضايا حُقوق الإنسان سَواء كَانَت مُعاهَدات دَوليّة أو إقليميّة أو قَرارات وَمبادِئ صادِرَة مِنَ الجَمعيّةِ العَامةِ للأُمُم المُتّحِدة أو أحد هَيئاتها المُختصة، وَقد وَرَدَ في بَعضِ هذهِ المواثيق نُصوصٌ تُعالِج سُبُل الانتصاف غير الماديّة التي يَجْبْ أنْ تُمنَح لِضَحايا انتِهاكات القانون الدوليّ لِحقوق الإنسان، وَذلِكَ لِوَضِع إطار قانونيّ لِهذهِ السُبل وإلزام الدّول بِتطبيقها والعمل بها، وسيتم تقسيم هذا المَطلب إلى ثلاثةِ فروع، يتضمن الفرع الأول الأساس القانونيّ لِسُبل الانتصاف غيرِ الماديّة في الاتفاقيّاتِ الدوليّة ، فِيما يَتناوَل الفرع الثاني الأساس القانونيّ لها في الاتفاقيّات الإقليميّة، وَيَتضمّن الفرع الثالث أساسها القانوني في صُكوكِ الأمَم المُتّحدة الأخرى.

الفرع الأول: الأساس القانونيّ لِسُبل الانتصاف غير الماديّة في الاتفاقيّات الدوليّة

أقرَّتْ المُعاهدات الدوليّة المُتَعلِّقة بِحقوقِ الإنسان بِحَقِّ ضَحايا انتهاكات الحقوق المدوَّنَةِ فيها أو التي يَمْنَحَها إياهُم الدستور أو القانون في سُبُل إنتصاف فعّالة، وَحَصَلَ هذا الأمر لأوّلِ مرّةٍ على الصَعيدِ الدوليّ مِنْ خِلالِ الإعلان العالمي لحقوق الانسان لعام 1948 (UDHR) في المادة (8) مِنهُ[1]، وَبِنَفْسَ المَعنى نَصَّ العَهد الدوليّ للحقوق المدنيّة والسياسية لعام 1966 (ICCPR) على هذا الحَقّ وَلكن بِتَفصيلٍ أدَقّ وذلك مِنْ خِلال الفَقَرة (3) مِنَ المادة (2) مِنهُ، التي ضَمَنَتْ سُبُل إنتصاف فعّالة لِلتظلّم لأي شَخص اُنِتهكَتْ حُقوقهُ وحُرياتهُ المَنصوص عليها فيهِ[2].

وَقَد فُهِمَ هذا الإلتزام مِنْ جَانِبِ الدول الأطراف بأنّهُ أكثر مِنْ مُجرَّد عَمل إجرائي ويُتَرجَم إلى ضَمانِ التَمتُّع بالحقوق المُعتَرف بها بِموجِب العَهد الدوليّ (ICCPR)  مِنْ قِبَلِ سِلطة قضائيّة مستقلة وبِطُرق مُختلفة بما في ذلك التَطبيق المُباشر للعهد الدوليّ أو تَضمين دَساتير الدول الأطراف وَقوانينَها أحكاماً مماثلة، كَما يَضمُن العهد الدوليّ أيضاً حقاً واجبَ النّفاذ في التَعويضِ لِضحايا الاعتقالِ أو الاحتِجازِ غيرِ القانونيين[3].

وَيُلاحظ إنَّ النَص الوارِد في المادةِ (8) مِنَ الإعلانِ العَالميّ (UDHR) كَفَلَ حَقَّ اللّجوء إلى القَضاء لِكُلِّ مَنْ يَقع ضحيّة اعتداء على حقوقهِ المَضْمونةِ بِموجِبِ الإعلان أو الدستور والقانون، وعلى الرّغم مِنْ عَدَم وجود قوّة قانونيّة مُلزِمة للإعلان العالميّ (UDHR) إلا أنّ الحقوق المَنصُوص عليها فيهِ أصْبَحتْ جُزءاً مِنَ القانون الدوليّ العُرفيّ، وَقَدْ إلتزَمَتْ بهِ مَعظم دُول العالم وَذلِكَ مِنْ خِلالِ تَضمين دَساتيرَها أحكاماً تَتعَلّق بالحقوقِ مُشابِهةً لِما وَرَدَ في الإعلانِ بالإضافةِ إلى مُراعاةِ أحكامَهُ على المُستوى الدوليّ[4].

أمّا النَصّ الوارِد في الفَقَرةِ (3) مِنَ المادة (2) مِنَ العَهدِ الدوليّ ((ICCPR فَقَدْ جاءَ أكثرَ وضُوحاً وتَفصيلاً وذلَكَ مِنْ خلال المُصطلحات الواضِحة فيهِ، حَيْثُ أوجَبَ أنْ تكون سُبُل الانتصاف مَكفولة مِنْ جانِبِ الدّول الأطراف وأنْ تكون فعّالة، ويُمكن أنْ تَكون هذهِ السُبل قَضائيّة أو إداريّة أو تشريعيّة، وإنّ أيّ قِراءة للفقرة (3) من المادة (2) مِنَ العَهد يُمكن الاستنتاج إلى تَفضيلِ سُبُل الانتصاف القضائيّة على السُبُل الأُخرى الواردة في المادةِ المذكورة، من خلال تأكيد النص على الدول الأطراف بأن تنمّي إمكانيات التظلّم القضائي.        

وفي عام 1984 اعتمدت إتفاقيّة مُناهضة التَعذيب وَغيرهِ مِنْ ضُروبِ المُعامَلةِ أو العُقوبَةِ القاسيةِ أو اللاإنسانيّةِ أو الحاطّةِ لِلكرامة (CAT)، وَقَدْ استَندَت هذهِ الاتفاقيّة  إلى الرّغبَةِ الصريحةِ مِنْ جانِبِ واضعيها في زِيادةِ فعّاليّةِ النّضالِ ضدّ التَعذيبِ وغَيرهِ مِنْ ضُروبِ المُعامَلةِ أو العقوبَةِ القاسيةِ أو اللاإنسانيّة أو المهينة لَيسَتْ فقط من خِلال الحِقّ في رَفعِ الشَكْوى وِفقاً للآليّة المَنصوصِ عليها في  المادة (13) منها[5]، وإنّما الاعتِراف بِحقّ ضَحايا التَعذيب في الإنصافِ والتَعويضِ المُناسِب عَنِ الضَررِ الذي لَحِقَ بِهم بموجب نص الفقرة (1) من المادة (14) مِنها[6].

وَتَهدِف الفقرة (1) مِنَ المادة (14) مِن اتفاقيّة مناهضة التعذيب(CAT)  إلى استعادة كَرامَةِ الضَحايا وَمَنعِ تِكرار أفعّال تَتَنافى مع نُصوصِ الاتفاقيّة في المُستقبل مِنْ خلِالِ تَوفير الإنصافِ الكامِل، ويَرتَبِط نَصّ المادة (14) مِنَ الاتفاقيّة إرتباطاً وَثيقاً بِنصوصِ الاتفاقيّةِ الأُخرى المُتَعلّقة بِتَقديمِ الجُناةِ إلى العدالةِ، حَيْثُ إنّها توفر لِلضَحايا شُعوراً بالرِضا والعَدالة وتُسهِم في حِمايةِ حَقّهم في مَعرفةِ الحقيقة، وَبالمِثل فانَّ إجراء تَحقيقات فَوريّة ومُحَدّدة وَنَزَيهة في إدّعاءاتِ التعذيب على النَحوِ المُحَدّد في المادة (12) من الاتفاقيّة[7] ، يشكّل سَبيلاً أساسيّاً للإنتصاف، فَضلاً عَنِ الآليّات النّزيهَةِ والفعّالةِ لِتَقديم الشَّكاوى التي تَقتَضيها المادة (13) مِنَ الاتفاقيّة، ولا يُمْكِن الحصول على الجَبرِ الكامِلِ إلّا إذا تَمَّ الوَفاء بِالالتزاماتِ المَنصوصِ عليها في المادتين (12) و (13) مِنَ الاتفاقيّة، وَبِالتالي فَإنَّ عَدم قِيام الدول الأطراف بإجراءِ تَحقيقاتٍ فَوريّة وَنَزيهة كُلّما تَوفّرَت أسبابٍ مَعقولةٍ تُشيرُ إلى ارتكابِ عَمَلٍ مِنْ أعمالِ التَعذيبِ أو غَيرَه ُمِنْ أشكالِ سُوءِ المُعامَلِةِ يشكّل أيضاً إنتِهاكاً للمادة (14) من الاتفاقية[8].

وَتذهَبُ الاتفاقيةِ الدوليّة للقَضاءِ على التَمييزِ العُنصريّ لِعام 1965  (ICERD)إلى ابعدِ مِنْ ذلك حَيْثُ أعطَت الحَقّ لِضَحايا التَمييز العُنصريّ في إلتماسِ تَعويض مناسب أو ترضية مناسبة لأي ضَرر لَحِقَ بالضحيّة نتيجةً لِهذا التِمييز وذلِكِ مِنْ خِلالِ نَصّ المادة (6) منها[9].

وَتُعتَبر هذهِ الاتفاقيّة مِنْ أوّل صُكوك حقوق الإنسان التي أشارَتْ صَراحةً إلى أشكال سُبُل الانتصاف قَبْلَ أنْ يَتِم تَعريف أيّ مِنْ هذهِ السُبل في وَثائِق القانون الدوليّ، حَيْثُ حَدّدت هذهِ الاتفاقيّة سُبُل الانتصاف المُتاحَةِ بِموجبِ المادة (6) منها وَهيَ التّعويض العَادِل المُناسِب والترضية العَادِلة المُناسِبة، وَبِموجِب الاتفاقيّة (ICERD) تَتَعَهّد الدّول الأطراف بِتقديم تَقارير إلى لِجنةِ القَضاء على التَميّيز العنصريّ المُشكلة بموجب المادة (8) منها بِشأن التَدابير التشريعيّة أو القضائيّة أو الإداريّة أو غَيرها مِنَ التدابير التي اعتَمدتها الدّول الأطراف في تَنفيذَ هذهِ الاتفاقية[10] .

أمّا اتفاقيّة حقوق الطفل لعام 1989 (CRC)فَلمْ تَتَناول جَميع سُبُل الانتصاف غيرِ الماديّة وإنّما تَطَرَّقَت إلى سَبيلٍ واحدٍ مِنها وَهُوَ إعَادة التأهيل البَدنيّ والنَفسيّ للأطفال ضَحايا انتهاكات حقوق الإنسان أو النِزاعاتِ المسلحة وَذَلِكَ مِن ْخِلال نصّ المادة (39) منها[11].

وَقَد سَارَ على نَفسِ المِنوال البروتوكول الاختياريّ المُتَعلّق بِبيعِ الأطفال وَبِغاء الأطفال لعام 2000 (OPSC) ، وذلك بالإشارةِ إلى سَبيلٍ واحدٍ مِنْ سُبُل الانتصاف غيرِ الماديّة وَهوَ (إعادة التأهيل)، وَذلك مِنْ خلالِ الفقرة (3) من المادة (9) مِنْهُ وألزَمَ الدّول الأطراف بِاتّخاذِ جَميع التَدابير المُمْكِنَة لهذا الغرض[12].

أمّا الاتفاقيّة الدوليّة لِحمايةِ جَميعِ العُمّالِ المُهاجرين وأفرادِ أسرَهُم لِعام 1990 (CMW)، فَقَدْ أعْطَت الاتفاقيّة الحَقّ لِلعامِلِ في رَفعِ قَضيَّتهِ لِلسلطاتِ المُختصّةِ في دَولةِ العَمل عِنْدَ انتهاك شُروطِ عَقدِ عَمَلِهِ، وعَالَجَتْ مَسائِل التَعويض عِنْدَ وَفَاةِ العامِلِ أو أحدِ أفرادِ أسرَتِهِ، وأعْطَتْ الاتفاقيّة الحَقَّ لأيّ دَولة طَرَف أنْ تُراقِب وَفاء الدّول الأطراف بالتزاماتها بِموجب الاتفاقيّة بِأنْ تَلفِتَ نَظَر الدّولة ِالمعنية بِرسالةٍ مَكتوبة، وعلى الدّولةِ التي تَتَلقّى الرسالة أنْ تُقدِّم تَوضيحاً خِلال ثَلاثةَ أشهُر مِنْ تاريخ استلامِ الرسالة، على أنْ يَتَضمّن التوضيح سُبُل الانتصاف المحليّة التي قَدّمَتها الدولة المَعنيّة أو يُنْتَظَر مِنها تقديمها[13]، أمّا النّصّ الأكثر وضُوحاً لسُبُل الإنصاف غير الماديّة في الاتفاقيّة ( CMW ) هو ما ورد في المادة (83)  بِفقراتها الثلاث والتي ألزمَت الدول الأطراف بِتأمينِ وسائل الانتصاف لأيّ أشخاص تُنْتَهَك حقوقَهُم المُعتَرف بها بِموجبِ الاتفاقيّة[14].

وهُناكَ صُكوك دَوليّة لَمْ تُحَدِّد أشكال سُبُل الانتصاف الواجبِ تَوفيرها لِضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، بَلْ طَلَبَت مِنَ الدّول الأطراف تَقديم تَفسيرات أو بيانات تُوضّح فيها سُبُل الانتصاف التي رُبّما تكون الدّولة الطرف قَدْ وَفّرتها للضحيّة، وَمِنْ هذهِ الصُكوك ما جاءَ في المادة (6/2) مِنَ البروتوكول الاختياريّ للقَضاء على جَميعِ أشكالِ التمييز ضدّ المرأة لعام 1999  ( CEDAW )[15].

الفرع الثاني: الأساس القانونيّ لِسُبل الانتصاف غير الماديّة في الاتفاقيّات الإقليميّة

تُعْتَبر الاتفاقيّة الأوربيّة لحماية حقوق الانسان والحريات الأساسيّة لعام 1950(ECHR)  أوّل مُعاهدة إقليميّة لحِماية حُقوق الإنسان، وهيَ فَريدة مِنْ نوعها في توفير أكثر الإجراءات القضائيّة العابِرة للحُدود فعاليّة للشكاوى التي يُقدّمها الأفراد الذين تُنْتَهَك حُقوقَهم ضدّ حكوماتهم[16]، وَلَمْ تَكُن شاملة لِكافةِ الحُقوق فَقد اتّخَذَ واضِعوها قَراراً مَدروساً للغاية لاستبعاد ما يُسمّى بالحقوقِ الاقتصاديّة والاجتماعيّة والتّركيز على الحُقوق المَدنيّة للأفراد، وَقَدْ تَمَّ مُعالَجة الحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة فيما بَعد بِموجب البروتوكول الأول لاتفاقيّة حِماية حُقوق الإنسان والحريات الأساسية  الصادر في باريس عام 1952 والنافذ عام 1954[17].

وَقَدْ تَناولت الاتفاقيّة الأوربيّة(ECHR)  سُبُل الانتصاف في المادة (13) منها[18]، وتُكرّس هذهِ المادة الحَقّ في إنفاذ مَضمون الحقوق والحريات المنصوص عليها في الاتفاقيّة على المُستوى الوطنيّ بِغضّ النَظر عن الشّكل الذي يُمكِن بهِ ضَمان هذهِ الحقوق في النظام القانونيّ المَحليّ، وَتَقتضي مِنَ السلطاتِ الوطنيّة ضَمان وجود سَبيل إنتصاف مَحليّ يَسمح للسلطة الوطنيّة المُختصة بِمُعالَجة جوهر الشّكوى بِموجبِ الاتفاقيّة وَتوفير الانتصاف المُناسب، وَعليهِ فإنَّ المادة (13) مِنَ الاتفاقيّة تُعَبِّر تَعبيراً مُباشراً عَنْ التزام الدّول بِحماية حُقوق الإنسان أولاً وَقبلَ كُلّ شيء في إطار نِظامها القانونيّ، وتُنشئ ضَماناً إضافياً للفرد لِضَمانِ تَمتّعهُ الفعليّ بتلك الحقوق، وَمَعَ ذلكَ فانّ المادة (13) لا تضمن سَبيل انتصاف يَسمح بالطّعنِ في التَشريعِ الوطنيّ أمام سلطة وطنيّة على أساس إنّهُ يَتعارض مَعَ الاتفاقيّة، غير إنّ مَضمون الحقوق والحريات المنصوصِ عليها في الاتفاقيّةِ يَجْب تأمينهُ في إطارِ النّظام القانونيّ المَحليّ بِشكلٍ أو بآخر بِما في ذلكَ الحقّ في الحصولِ على إنتصافٍ فعّال أمام سلطة وطنيّة[19].

كَما استخدمتِ الاتفاقيّة الأوربيّة (ECHR) مُصطلح الترضية العادلة عِندِ تناولها مسألة الجبر أو التعويض في المادة (41) منها[20]. وإستناداً لهذهِ المادة مِنَ الاتفاقيّة فانّه إذا لَمْ تَكُنْ هُناكَ تَسويّة وِديّة وَوَجدت المَحكمة الأوربيّة (ECtHR) بَعْدَ ذلكَ إنَّ هُناك إنتهاكاً لأيّ مِنَ الحقوق المَنصوص عليها في الاتفاقيّة فَيجوز للمحكمة أن تَمنَح مُقدّم الطَلب (ترضية عادلة) إذا كانَ القانون الداخلي للطرَف الساميّ المُتعاقِد يَسمح فقط بِمنح تعويض جزئي وهذا الإجراء مُماثل بِطبيعتهِ لِتلك التي تقوم بها المحاكم المدنيّة عِندما تِحكُم بتعويضات للمدعي[21].

وفي الأمريكيّتين تَمّ اعتماد الاتفاقيّة الأمريكيّة لحقوق الانسان (ACHR) عام 1969 ، حيث تناولت الفقرة (1) مِنَ المادة (25) مِنَها الحَقّ في الحمايةِ القضائيّة[22]، وَهيَ وسيلة قضائيّة سريعة وفعّالة الغَرض مِنها حِماية الحُقوق الأساسيّة المُعترفِ بها في أيّ مِنْ قوانين الدّول الأطراف أو المنصوص عليها في الاتفاقيّة، وتشمِل الحِماية أمر الإحضار أمام المحاكم والذي يُمكن مِنْ خلاله لِشخص ما التبليغ عن حجز تَعسّفي لِشخصٍ آخر، وأن يَطلُب مِنَ المحكمةِ أن تَأمُر المسؤول عَن السجن بِجَلِب المَحجوز إلى المحكمة لاتخاذ  قَرار فيما إذا كَانَ حَجْزَهُ قانونياً مِنْ عَدَمِهِ[23].

وَعلى الرّغم مِنْ إنّ عُنوان المادة (الحقّ في الحماية القضائيّة) والّذي يُفْهَمْ مِنهُ بأنّ المادة (25) مِنَ الاتفاقيّة(ACHR)  مَنَحَتْ الحقّ في الحمايةِ القضائيّة، إلا ان هُناكَ بعض الغُموض في هذهِ المادة يتعلّق فيما إذا كانت الحماية القضائيّة مَطلوبة بالفعل في جميعِ الحالات أو إنّ الحماية عَنْ طريق الإجراءات الإداريّة كافية، وَقَدْ تَبَدّدَ هذا الغُموض في حُكُم مُلْزِم أصدرتهُ المحكمة الأمريكيّة (ACtHR) مُعْتَبِرة إن المادة (25) مِنَ الاتفاقيّة تُلزِم الدول الأطراف بِتوفير سُبُل انتصاف قضائيّة فعّالة لِضحايا إنتهاكات حُقوق الإنسان[24].

وفيما يتعلّق بِسُبل الانتصاف غير الماديّة، فَقَدْ خَوّلت الاتفاقيّة (ACHR)، المحكمة (ACtHR) وَمِنْ خِلال المادة (63) منها أنْ تضمن للضحيّة التَمَتُّع بِحقوقهِ المُنتهكة وإصلاح الوضع الّذي يشكّل انتهاكاً وأنْ تَحكُم بِتعويضٍ عادلٍ للضحيّة، وفي الحالات الخَطِرة والمُلحّة أعطَت الاتفاقيّة (ACHR) الصلاحية للمَحكمة (ACtHR) بأن تتّخذ التدابير المؤقتّة المُلائمة في القَضايا التي لم يَصدُر قرار بشأنها من المحكمة ولازالت قيدَ النظر[25].

واستناداً لنصّ المادة (63) مِنَ الاتفاقيّة  (ACHR)فإنّ للمَحكمة الأمريكية لحقوق الانسان (ACtHR) سلطة تحديد العَواقِب القانونيّة الناشِئة عَنْ عَدَم الالتزام بِبنودِ الاتفاقيّة، وَمَعَ ذلكَ لا تُحدّد المادة (63) ولا أيّ مادة أُخرى مِنْ مواد الاتفاقيّة جَوهر تِلكَ النتائج وبالتالي فإنّ الأمر مَتروك للمَحكمة لِتحديد مُحتوى هذهِ التدابير استناداً لِما يُقدّم لها مِنْ طلبات، وَمِنْ ناحيةِ التَطبيق العمليّ لِسُبُل الانتصاف فإنّ المحَكمة (ACtHR) تأمر باتخاذ مَجموعة مُتنوعة مِنَ التدابير مُتكوّنة مِنْ ست أشكال وهي رد الحقوق، إعادة التأهيل، الترضية، ضمانات عدم التكرار، التحقيق، والتعويض[26].

وفي قارة أفريقيا تَمّ اعتماد الميثاق الأفريقيّ لِحقوق الإنسان والشعوب (ACHPR) عام 1981 الذي شكّلَ بِداية لِنهجٍ جَديد في مجال حُقوق الإنسان في قارة أفريقيا، وَعلى الرّغمِ مِنْ إنّ الميثاق الأفريقيّ (ACHPR) لا يحتوي على مادة مُحدّدة بشأن التزام الدّول بِتوفيرِ سُبُل انتصاف في حالِ إنتهاك الحقوق المَنصوص عليها فيه، إلا إنّ ذلكَ لا يعني إنّ حَقّ الانتصاف غير مُعترف بهِ في الميثاق وهذا ما وَرَدَ في المادة (7/1/أ) مِنَ الميثاق[27]، التي أعطت الحَقّ لِكُلِّ فردٍ تُنْتَهَك حُقوقَهُ اللجوء إلى المحاكم الوطنيّة لِلنظرِ في قَضيّتِه، وَفَسّرت الّلجنة الأفريقيّة لِحقوقِ الإنسان المادة (7/1/أ) بأنّها تَشمِل حقّ الضحايا في الانتصاف مُشيرَةً إلى أنّها تَشمِل حُقوق كُلِّ فَردٍ في الوصولِ إلى الهيئات القضائيّة المُختصة للنظر في قضاياهُم والحصولِ على تعويضٍ مُناسبٍ، وبِناءً على ذلكَ حتّى في حالةِ عَدَم وجود مادة في الميثاق تَنُصُّ على وَجهِ التَحديد على حَقّ الضحايا في الإنصاف، فإنّ هذا الحَقّ ضَمَنَتّهُ اللجنة الإفريقيّة لِحقوقِ الإنسان في تفسيرها للميثاق، كما وَرَدَ حَقّ الانتصاف بِصورة أكثر وضُوحاً في بروتوكول الميثاق الأفريقيّ لِحقوقِ الإنسان والشعوب بِشأن حُقوقِ المرأة في أفريقيا لعام (2003) في المادة (4) منه[28]، الّتي ألزمَت الدّول الأطراف بإنشاء آليّات وخَدمات يَسهل الوصول إليها مِنْ اجل المعلومات الفعّالة وإعادة التأهيل والتعويض لِضحايا العُنْف ضدّ المرأة[29].

أمّا في قارة آسيا فهناك وثيقتان أساسيتان تتعلقان بحماية حقوق الإنسان، الأولى هي الإعلان الآسيويّ لحقوق الإنسان لعام 1998 والثانية إعلان رابطة أمم جنوب شرق آسيا لحقوق الإنسان لعام 2012 (إعلان آسيان)، وفيما يتعلّق بالإعلان الآسيويّ لحقوق الإنسان، لم يتضمن نصاً صريحاً يعالج سبل الانتصاف غير الماديّة عن الانتهاكات ضدّ المدنيين عدا ما ورد في الفقرة (15/3/ج) منه والتي أوكلت مهمة تلقي الشكاوى المتعلّقة بانتهاكات حقوق الإنسان إلى القضاء المحليّ لمعاقبة الجناة وتقديم التعويضات للضحايا[30]، أما إعلان آسيان لعام 2012 فقد كان أكثر وضوحاً فيما يتعلّق بسبل الانتصاف، حَيْثُ نصّ في الفقرة (5) منه على حقّ كل شخص تنتهك حقوقه بموجب الدستور أو القانون في سبيل انتصاف فعّال وفوري وقابل للتنفيذ[31].

وفي الوطن العربيّ اعتمد الميثاق العربيّ لحقوق الإنسان أثناء مؤتمر القمّة العربيّة السادس عشر في جمهورية تونس عام 2004 ودخل حيز التنفيذ عام 2008، وقد أكد الميثاق العربيّ على شموليّة حقوق الإنسان وعدم قابليتها للتجزئة، ويعترف الميثاق العربيّ من جانب بالعديد من الحقوق المهمة التي نص عليها القانون الدوليّ لحقوق الإنسان وكما وردت في المعاهدات الدوليّة ذات الصلة، ومن جانب آخر تعرّض الميثاق العربيّ إلى انتقادات كثيرة كونه لا يحظر العقوبات القاسية أو غير الإنسانيّة (عقوبة الإعدام) وهو أيضاً يسمح بفرض قيود على حرية المعتقد والدين تتجاوز ما هو مسموح به في القانون الدوليّ لحقوق الإنسان، ويجيز فرض عقوبة الإعدام على من هم دون الثامنة عشر عاماً  في حال كانت القوانين الوطنيّة النافذة وقت ارتكاب الجريمة تسمح بذلك[32].

وقد تضمّنت المادة (8) من الميثاق العربي حقّ ضحايا التعذيب في الانتصاف ورد الاعتبار[33]، وكذلك كَفلَ الميثاق العربيّ لحقوق الإنسان توفير سبل انتصاف فعّالة لأي شخص تنتهك حقوقه المنصوص عليها في الميثاق حتى لو كان الانتهاك مُرتَكَباً من أشخاص يعملون بصفتهم الرسميّة، وهذا ما نَصّتْ عليه المادة (23) من الميثاق[34].

الفرع الثالث: الأساس القانوني لِسُبل الانتصاف غير الماديّة في صكوك الأمم المتحدة الأخرى

صَدَرَتْ عَنِ الأمُم المُتّحدة العَديد مِنَ القرارات والتقارير والإعلانات والمبادئ التي نَصّتْ على حقّ الانتصاف لِضحايا انتهاكات حقوق الإنسان وعلى سُبُل الانتصاف غيرِ الماديّة .

ويُشَكّل إعلان المبادئ الأساسيّة لِتوفير العدالة لِضحايا الجريمة وإساءة استعمال السلطة لعام 1985 خُطوة جَديدة نَحوَ الاعتراف الدوليّ بِحقوق الضحايا ويعطي هذا الإعلان لَمحة عامّة عن حُقوق الضحايا ومنها على سبيلِ المِثال حَقّ تقديم الشّكاوى، حَقّ التمتّع بالكرامة، حَقّ استرداد الأموال، رَدّ الاعتبار، التعويضات، الحصول على المساعدةِ الطبيّة، وإعادة التأهيل الطبّيّ والنفسيّ والاجتماعيّ[35]. وقَد شدّدَ المبدأ (4) مِنْ هذهِ المبادئ على مُعاملة الضَحايا باحترام ورأفة وحقّهم بالوصول إلى آليّات العَدالة والحصول على انتصاف[36]، وأكّدَ المبدأ (8) على أن يَدفع المُجرمون تعويضاً عادلاً لِلضحايا ولأسرهم ولِمُعاليهِم[37]، و نصّ المبدأ (14) على إعادة التأهيل لِلضحايا وتقديم المُساعدة الماديّة والطبيّة لَهُم[38]، وَكَذلِكَ نَصّتْ مَجموعة المبادئ المُتعلّقة بِحمايةِ جَميع الأشخاص الّذين يَتعرّضون لأيّ شكلٍ مِنْ أشكالِ الاحتجاز أو السجن التي اعتمدتها الجمعيّة العامة للأمُم المُتحدة في دَورِتها الثالثة والأربعون بموجب القرار رقم (43/173) في 9 كانون الثاني 1988 على حَقّ الأشخاص المُحتجزين أو المَسجونين أو وكلائهُم بتقديم شَكوى بِشأن مُعامَلتهم في حالِ تعرّضهم للتعذيب[39].

وفي عام 2001 اعتمدت الجَمعية العامّة للأمَم المُتحدة مشاريع المواد المُتعلقة بمسؤولية الدول عَنْ الأفعّال غيرِ المشروعة دَوليّاً بموجب قرارها 56/83 في 12 كانون الأول 2001، حَيْثُ تَناولت المادة (30) مِنها[40]، مَسألتينِ مُنفصلتينِ لكنّهُما مُترابطتين ارتباطاً وَثيقاً تنشئان عَنْ خَرِق التزام دَوليّ، وَهُما الكَفّ عَنِ الفعل غيرِ المَشروعِ دَوليّاً، وأن تُقَدِّم الدولة المَسؤولة ضَمانات بِعدَم تِكرار الفِعل، وكُلاهُما يَهدِفان إلى إعادة إصلاح العِلاقة القانونيّة التي تأثّرت بالخرق، ويُعتبر وقف الفِعل الذي يشكّل خَرقاً لالتزام دَوليّ الشَرط الأساسيّ لإِزالةِ عواقب الفِعل غيرِ المَشروع[41]، كَما تَناولت الفقرة (ب) مِنَ المادة نفسها، التزام الدولة المسؤولة بِتقديم ضَمانات مُناسِبة بِعَدمِ تِكرارِ الفِعل إذا اقْتَضت الظروف ذلك َوتتّصل هذهِ الضمانات باستعادة الثقة في علاقة مستمرة، وعلى الرغم من إنّها تنطوي على قدر من المرونة أكبر بِكثير مُقارنةً بوقف الفعل إلّا أنّها لا تكون مطلوبة في جميع الحالات[42].

وَيشكّل جبر الضرر الإلتزام العام الثاني الواقع على الدولةِ المسؤولة عَن ارتكاب فِعل غير مشروع دَوليّاً، وهذا ما نَصّتْ عليهِ المادة (31) من مَشاريعِ المَواد نَفسها[43]، والإلتزام الّذي تَتَضَمَّنهُ هذه المادة على الدولة المسؤولة هوَ الجبر الكامل، أي يَنبغي على الدولةِ المسؤولة السَّعي إلى مَحو كُلّ آثار الفِعل غيرِ المشروع دَولّياً وَذلِكَ مِنْ خِلالِ شِكلٍ واحدٍ أو أكثر مِنْ سُبُل الإنتصاف[44].

كَما حَدّدت المادة (34) مِنْ مَشاريع المواد، أشكال الانتصاف التي يُمْكِن أنْ تَكون مُنفَرِدَة أو مُجْتَمِعَة لِجبرِ كاملِ الخِسارَةِ النّاجِمَةِ عَنْ الفِعلِ غيرِ المَشروعِ دَوليّاً[45]، واستناداً إلى المادة (34) مِن مَشاريع المواد، يُعَدّ الرّد أول أشكال الانتصاف المُتاحة للدولة المُتضرّرة مِنَ الفِعلِ غيرِ المَشروعِ دَوليّاً وَيشمِل الرّد في أبسط ِ أشكاله، إجراءات مثل إطلاق سَراح أشخاص اُعتقلِوا بِصورةٍ غيرِ قانونيّة أو إعادة مُمتلكات اسْتُوليَ عليها بصورة غير مشروعة، وفَسّرت المادة (35) مِنْ مَشاريع المواد الرّد بأنّهُ إعادة الحالة إلى مَا كانت عَليه قبل ارتكابِ الفِعل غيرِ المَشروعِ دَوليّاً[46].

أمّا المادة (37) مِنْ مَشاريع المَواد فَقَدْ تَناولت الترضية كَشكلٍ مِنْ أشكالِ سُبُل الانتصاف غيرِ الماديّة في القانون الدوليّ[47]، وتُشير المادة المَذكورة إلى أشكالٍ عَديدة للترضية مِنها الإقرار بالخَرق أو الإعتذار الرّسمي أو التَعبيرِ عَنِ الأسف أو أيّ شِكلٍ آخر، بِشرط عَدَم القُبول بأيّ حالٍ مِنَ الأحوالِ أن تَكون الترضية عَامِلاً لإذلال أو افتقار الدولة المسؤولة عَنِ الخرق.

كَما استَعرَضَتْ مَجموعة مِنَ القراراتِ والتقارير الصادرة عَنِ الجَمعيّة العَامّة للأمَم المُتّحِدَة والمَجلِس الاقتصادي والاجتماعي دراسات عَن الحَقّ في مَعرفةِ الحقيقة والتي تَتَضمّن أفضل المُمارَسات الكفيلة بإعمال الحقّ في مَعرفةِ الحقيقة إعمالاً فعّالاً، وكَذلكَ تَعزيز حُقوق الإنسان وَحِمايتِها مِنْ خِلالِ إتّخاذ إجراءات لِمُكافَحة الإفلاتِ مِنَ العِقاب، وأيضاً كَيفيّة تَعزيز العَدالة والجبر وَضَمانات عَدمِ تِكرار الفِعل والحصول على سُبُل إنتصاف فعّالة[48].

وأكدّت الجَمعية العامّة للأمُم المُتحدة في على ضرورة دراسة عِلاقات التَرابط القائمة بَين الحقّ في مَعرفةِ الحقيقة والحقّ في الوصولِ إلى العَدالة، والحقّ في الحصولِ على انتصافٍ فعّال، وَغيرِ ذلكَ مِنْ حقوق الإنسان ذاتَ الصِلة في حالاتِ الانتهاكات الجَسيمة لِحقوقِ الإنسان والقانون الدوليّ الإنسانيّ، وَتَعْتِرف الجمعية العامّة للأمُم المُتحدة بأهميّة احترام وَضَمان الحقّ في معرفةِ الحقيقة مِنْ أجل المُساهَمة في وضع حَدٍّ للإفلاتِ مِنَ العقابِ وتعزيز حُقوق الإنسان وَحِمايتها[49].

وفي تقريرٍ صادرٍ عَنِ المَجلس الاقتصاديّ والاجتماعيّ أكدّت لِجنة حقوق الإنسان على حَقّ الضحايا وأسرهم في مَعرفة الحقيقة وهو حَقّ غيرِ قابلٍ للتقادُم، ونَصّ التقرير أيضاً على ضَمانات عَدَمِ تِكرارِ الفِعل كَشكلٍ مِنْ أشكالِ سُبُل الانتصاف غيرِ الماديّة، حَيْثُ يَنبغي على الدولِ أنْ تَكفل للضَحايا عَدم تعرّضهم مَرّةً أخرى للانتهاك، ولِهذا الغرض ينبغي على الدول إجراء إصلاحات مؤسسية تَهدف إلى مَنعِ تكرار الانتهاكات[50].

كما أكّد قرار آخر صادر عَنِ الجَمعيةِ العامّة للأمم المتحدة، مجلس حقوق الإنسان، على أهميّة اتّباع الدول لِمنهجٍ شاملٍ يَحتوي على مَجموعةٍ كاملةٍ مِنَ التدابير القضائيّة وغيرِ القضائيّة بما في ذلك إجراءات الجبر والسعيّ إلى مَعرفة الحقيقة والإصلاح المؤسسيّ وتوفير سُبُل إنتصاف فعّالة للضحايا[51].

المطلب الثاني

الأساس القانونيّ لسبل الانتصاف غير الماديّة

عن الانتهاكات ضدّ المدنيين في القانون الدوليّ الإنسانيّ

عند الحديث عن القانون الدوليّ الإنسانيّ، فهذا يعني القواعد التي تحكم النزاعات المسلحة الدوليّة وغير الدوليّة، ولطالما كان القانون الدوليّ الإنسانيّ ومنذ أكثر من قرن من الزمان أكثر فروع القانون الدوليّ من حَيْثُ التدوين، بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من القواعد العرفية، ويَفرِض القانون الدوليّ الإنسانيّ في الوقت الراهن قيوداً كثيرة على أساليب ووسائل القتال، ويقدم أنظمة تفصيليّة لحماية المدنيين والمتضررين من النزاع، ويؤكد القانون الدوليّ الإنسانيّ بصورة دائمة على أن الصراعات المسلّحة وكافة أطرافها لا يعفون من سيادة القانون، إلا إن التجربة والممارسة العمليّة تُبيّن إن تدوين قواعد القانون الدوليّ الإنسانيّ لا تمنع المعاناة الجسيمة التي تسببها الصراعات المسلّحة ولا يضمن انتهاج الأطراف المتحاربة سلوكاً مقبولاً، كما أن سبل الانتصاف غير الماديّة عن الانتهاكات ضدّ المدنيين وردت بشكل أكثر وضوحاً وتفصيلاً في القانون الدوليّ لحقوق الإنسان مقارنةً بما ورد في القانون الدوليّ الإنسانيّ.

كما إنّ المبدأ العام الذي ينظم قواعد القانون الدوليّ الإنسانيّ من ناحية التنفيذ هو إن كلّ دولة عليها واجب الإلتزام بقواعده، وبموجبه يتعيّن على الدول الأطراف تنفيذ التزاماتها الناشئة عن كل معاهدة هي أحد أطرافها، ومن سمات القانون الدوليّ الإنسانيّ عدم العمل بمبدأ (المعاملة بالمثل) بمعنى إن عدم احترام إحدى الدول لإلتزاماتها التعاهديّة لا يعطي مبرراً للطرف الآخر في تعليق أو إنهاء المعاهدة من جانبه.

وسيتم تقسيم هذا المطلب إلى ثلاث فروع، يتضمن الفرع الأول الأساس القانوني لسبل الانتصاف غير الماديّة عن الانتهاكات ضدّ المدنيين في الاتفاقيات الدوليّة، فيما يتناول الفرع الثاني أساسها القانوني في المبادئ الأساسية والمبادئ التوجيهية للأمم المتحدة، أما الفرع الثالث ونظراً للارتباط الوثيق بين القانون الدوليّ لحقوق الإنسان والقانون الدوليّ الإنسانيّ  فسوف أتناول سبل الانتصاف غير الماديّة المحليّة في كلا القانونين مع التركيز على حالة العراق.

الفرع الأول: الأساس القانوني لسبل الانتصاف غير الماديّة في الاتفاقيّات الدوليّة

هنـاك العديد من المعاهدات التـي تلزم في موادها الدول الأطراف بجبر أضرار الانتهاكات التي تكون هي أو أحد عملائها سبباً فيها، وكثيراً ما يشار إلى هذه المواد علـى أنهـا القانون الخاص بالتعويض،  ومن هذه المعاهدات اتفاقيّة لاهاي الخاصة باحترام قوانين الحرب البريّة لعام 1907، حَيْثُ نَصّتْ المادة (3) منها على الطرف المتحارب الذي ينتهك الأحكام واللوائح المذكورة (الملحقة بالاتفاقية) أذا اقتضـت الحالة يكون مسؤولاً عن دفع تعويض بالإضافة إلى مسؤوليته عن جميع الأفعّال التي يرتكبها أشخاص يشكّلون جزءاً من قواته المسلّحة[52]، وعلى نفس المضمون أكّد البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف الأربع لعام 1977 بموجب المادة (91) منه التي أكّدت على ضرورة دفع التعويضات عند انتهاك الإلتزامات الواردة فيهما[53].

وخَضَعَ كِلا النصّين لكثير من الجدل حول المعنى المقصود لهما، ما إذا كانا بالفعل يعترفان بحق الفرد في التعويض أو حق الدولة فقط في المطالبة بالتعويض، وتم تفسير النصين تقليدياً على إنّهما يشيران إلى العلاقات بين الدول، لذلك لَنْ تَكون التعويضات مُتاحة إلّا بين الدولِ الأطراف وليسَ للضحيّة حقّ في ذلك، ومع ذلك فإن الأعمال التحضيريّة للاتفاقيّة أظهرتْ أنّ  المادة (3) مِنْ اتفاقيّة لاهاي لعام 1907 كان القصد منها في الواقع حقّ الفرد في التعويض، ولا يشير مُصطلح التعويض فقط إلى نيّة التَمتّع بالحقوق الفرديّة فحسبْ، ولكن نظراً للعلاقة الوثيقة بين القانون الدوليّ الإنسانيّ والقانون الدوليّ لحقوق الإنسان، فقد قِيلَ أنّ مِنَ المنطقي تفسيرهُما على أنهما يَمنحان الفرد المُتضرر حقّ التعويض، وعلى الرغم من الاعتراف بأن كُلاً من المادة (3) من اتفاقية لاهاي والمادة (91) من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949، موجّهان للأفراد إلا إنّه لَمْ تؤكّد أي مِنَ المادتين ما إذا كان الفرد قادراً بالفعل على المطالبة بِحقّه مباشرةً من مُرتكب الانتهاك[54].

وفي السبعينيات من القرن العشرين شهدت معظم أنحاء العالم انتشاراً واسعاً لحالات الاختفاء القسريّ، وبشكل خاص أثناء النزاعات المسلّحة غير الدوليّة، تحت مبررات عديدة منها فرض الأمن والمحافظة عليه والسكينة العامة ومكافحة الجرائم وحالات الطوارئ، كل هذه الذرائع والمُسمّيات أدّت إلى انتشار حملات اعتقال تعسفيّة واسعة النطاق وزُجّ آلاف الأشخاص في السجون وإخفاء مصيرهم وعدم الإفصاح عن أماكن تواجدهم أو الإدلاء بأي معلومات عنهم وهو ما ألحق الضرر والأذى الجسيمين لِهؤلاء الأشخاص ولذويهم وللمجتمع ككل، تلك الانتهاكات الخطيرة والجسيمة لحقوق الإنسان دفعت المجتمع الدوليّ في إطار منظمة الأمم المتحدة إلى التحرّك من أجل الحدّ من هذه الانتهاكات فأصدرت الجمعية العامة قرارها المرقم (47/133) عام 1992 إعلان بشأن حماية الأشخاص من الاختفاء القسريّ وقد تضمّن الإعلان (21) مادة[55].

 وأكّدَ الإعلان في المادة (9/1) منه على الحقّ في الانتصاف القضائيّ السريع والفعّال[56]، وكذلك على ضرورة تعويض ضحايا الاختفاء القسريّ وإعادة تأهيلهم على أكمل وجه مُمكن[57].

وفي عام 2006 اُعتمدت الاتفاقيّة الدوليّة لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسريّ (ICPPED)،  التي عالجتْ سبل الانتصاف غير الماديّة في المادة (24) منها، التي نَصّتْ على حق الضحايا في معرفة الحقيقة في فقرتها الثانية[58]، ونَصّتْ الفقرة الرابعة مِنْ نفس المادة على حقّ الضحايا في جبر الضرر والحصول على تعويض منصف وسريع[59]، كما حدّدت أشكال الانتصاف والجبر في فقرتها الخامسة[60].

ونظراً لأهميّة إعادة التأهيل كشكلٍ من أشكال سبل الانتصاف غير الماديّة بالنسبة للضحايا، فقد نَصّتْ عليهِ العديد من الاتفاقيّات الدوليّة، ومنها اتفاقيّة حظر استعمال وتخزين وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد وتدمير تلك الألغام (اتفاقية اتاوا) لعام 1997 في المادة (6/3) منها[61]، وكذلك نَصّتْ اتفاقيّة عام (2008) بشأن الذخائر العنقوديّة (CCM) على إعادة التأهيل في المادة (5/1) منها[62]، و نصّ البروتوكول الإضافيّ الخامس لاتفاقية حظر وتقييد استعمال أسلحة تقليدية معيّنة يمكن اعتبارها مُفرطة الضرر أو عشوائيّة الأثر لعام 2003 على إعادة التأهيل في المادة (8/2) منه[63]، وأكّد البروتوكول الاختياري لاتفاقيّة حقوق الطفل بشأن اشتراك الأطفال في النزاعات المسلّحة لعام 2000 على إعادة التأهيل في المادة (7/1) منه[64].

ولقد كانت التعويضات غائبة بشكل ملحوظ في القانون الدوليّ الإنسانيّ، ولكن مع إدخال أحكام التعويض في نظام روما الأساسيّ للمحكمة الجنائيّة الدوليّة الذي اعتمد عام 1998 في روما، تمت معالجة هذا القصور، على الرغم انه لا يزال يتعيّن معرفة ما إذا كان سيكون وسيلة انتصاف فعّاله للضحايا في الممارسة العمليّة[65].

وقد شكّل نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائيّة الدوليّة لعام 1998، تقدماً مهماً في مسار تعزيز المركز القانونيّ للضحايا، فبعد تأسيس المحكمة الجنائيّة الدوليّة (ICC) حصل الضحايا على مركز قانونيّ مستقل على المستوى الدوليّ ولم يبقوا تحت وصاية الدولة كما كان في العقود القديمة[66].

ففي بداية مؤتمر روما كانت التعويضات غير مقيّدة وتضمنّت عدداً من المقترحات التي نَصّتْ على مسؤوليّة الدولة، وسَعَتْ بعض الدول إلى تجنّب إصدار أوامر جبر الضرر ضدّهم، ورأى البعض الآخر إنّ التعويضات سَتنقُص من هدف المحكمة (ICC) لِمعاقبة الجناة، بينما أرادَ آخرون ضمان تعويضات فعّالة للضحايا من خلال أوامر تصدر من المحكمة (ICC) موجهة للدولة المعنيّة، وبضغط من المنظمات غير الحكوميّة قامت الوفود بتعديل اقتراح مُشترك قدّمتهُ فرنسا وبريطانيا خلال المرحلة التحضيريّة للجنة للوصول إلى المسودة النهائيّة للمادة (75)[67]، حَيْثُ أدرك المندوبون إن العدالة الجنائيّة من خلال معاقبة المتهم فقط غير كافية لإنصاف الضحايا، لذلك فإن إدراج التعويض بموجب المادة (75) كانت محاولة من قبل واضعيّ الصياغة لتحقيق العدالة للضحايا، ويتألف نظام التعويضات بموجب نظام روما الأساسي من التعويضات التي تأمر بها المحكمة (ICC) بموجب المادة( 75) من النظام والصندوق الاستئماني للضحايا بموجب المادة (79) منه[68].

الفرع الثاني: المبادئ الأساسيّة والمبادئ التوجيهيّة للأمم المتحدة

لقد واجهت هيئات حقوق الإنسان المنشأة بموجب ميثاق الأمم المتّحدة لسنواتٍ عديدة قضايا قانونيّة معقّدة ناشئة عن المطالبة بتحقيق العدالة لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان بشكلٍ عام، وحصلت مناقشات عديدة حول سبل الانتصاف في سياق الدراسات المتعلّقة بالإفلات من العقاب وحالات الاختفاء القسريّ والمظالم التاريخيّة، مما أدى إلى إصدار العديد من الإعلانات والمبادئ التوجيهيّة ذات الصلة، ومن أهم هذه المبادئ هي المبادئ الأساسيّة والمبادئ التوجيهيّة بشان الحق في الانتصاف والجبر لضحايا الانتهاكات الجسيمة للقانون الدوليّ لحقوق الإنسان والانتهاكات الخطيرة للقانون الدوليّ الإنسانيّ لعام 2005[69].

حَيْثُ أنّهُ في عام 1989 قَرّرت اللجنة الفرعيّة لمنع التمييز وحماية الأقليّات أنْ تَعْهَد إلى المقرر الخاص  (فان بوفن  Theo Van Boven)[70]، بإعداد دراسة حول الحقّ في الاسترداد والتعويض وردّ الاعتبار لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وقد انتهى المقرر الخاص من الدراسة في عام 1993 التي تضمّنتْ المبادئ الأساسية والمبادئ التوجيهية بشان الحقّ في الانتصاف والجبر لضحايا الانتهاكات الجسيمة للقانون الدوليّ لحقوق الإنسان والانتهاكات الخطيرة للقانون الدوليّ الإنسانيّ،  وفي عام 1998 قرّرت لجنة حقوق الإنسان تنقيح الدراسة، ومن ثم عَيّنت خبيراً مستقلاً (شريف بسيوني)[71]، لإعداد نص منقّح لمشروع المبادئ الأساسيّة والمبادئ التوجيهيّة وذلك من اجل اعتماده من قبل الجمعية العامة وقد قدّم الخبير (بسيوني) تقريره الختامي إلى لجنة حقوق الإنسان الذي تضمّن نصاً منقحاً للمبادئ الأساسية[72].

وقد اُعتمدت المبادئ الأساسيّة والمبادئ التوجيهيّة في 16 ديسمبر 2005 من قبل الجمعيّة العامّة للأمم المتحدة، حَيْثُ تضمّنت ثلاثة عشر مبدءاً أساسياً، ابتداءً بالمبدأ الأول الذي يتناول إلتزاماً أساسياً باحترام وضمان احترام وتطبيق القانون الدوليّ لحقوق الإنسان والقانون الدوليّ الإنسانيّ، وانتهاءً بالمبدأ الثالث عشر الذي ينصّ على الحقوق الممنوحة للآخرين على الصعيدين الدوليّ أو الوطنيّ ولاسيما حق المتهم من الاستفادة من ضمانات الإجراءات القانونيّة، وكذلك أكدّت الجمعية العامة في هذه المبادئ على أهميّة الحقّ في الانتصاف والجبر لضحايا الانتهاكات الجسمية لحقوق الإنسان والانتهاكات الخطيرة للقانون الدوليّ الإنسانيّ وأوصت الجمعيّة العامّة الدول بأخذها بالاعتبار وتعزيز احترامها وطلبت من الأمين العام بنشرها على أوسع نطاق ممكن[73].

وعلى الرغم من إن هنالك العديد من الاتفاقيّات الدوليّة والإقليميّة التي نَصّتْ على حقّ الضحايا في الانتصاف، إلا إنّ هذه المبادئ تعتبر الوثيقة الأولى التي نَصّتْ على أشكال الانتصاف غير الماديّة استناداً إلى الفقرات (19-23) منها[74].

وتجدر الإشارة إلى إن مشروع المبادئ الأساسيّة والمبادئ التوجيهيّة كما ظهرت على مرّ السنين كان لها بالفعل تأثير واضح على القانون الوطنيّ والممارسة الفعليّة وعلى الفقه القانونيّ والدوليّ وعلى أنشطة وضع المعايير الأخرى، وعندما اعتمدت الجمعيّة العامّة الأمم المتحدة المبادئ الأساسيّة والمبادئ التوجيهيّة أشار عدد من المتحدثين إلى إن الوثيقة ليست ملزمة قانوناً، حَيْثُ تم الإشارة إلى هذا السياق في الفقرة السابعة من الديباجة التي تفيد بان المبادئ الأساسيّة لا ترتّب إلتزامات قانونيّة دوليّة أو محليّة، ولكنّها تحدد الآليّات والإجراءات لتنفيذ الالتزامات القانونيّة القائمة بموجب القانون الدوليّ لحقوق الإنسان والقانون الدوليّ الإنسانيّ، أي إن المبادئ الأساسيّة والتوجيهيّة لا تهدف إلى إنشاء التزامات جديدة أو إضافيّة، إنمّا تهدف أن تكون بمثابة أداة إرشاديّة للدول في وضع وتنفيذ السياسات والبرامج الموجهة نحو الضحايا، كما إنها بمثابة إرشادات للضحايا أنفسهم بشكل جماعي أو فردي لدعم مطالبات الانتصاف والتعويض كما يمكن استخدامها والاحتجاج بها من قبل قضاة محليين أو دوليين عند مواجهة قضايا تتعلق بحقوق الضحايا والتعويضات[75].

وقد نصّ المبدأ (سابعاً) من هذه المبادئ على حق الضحيّة في سبل الانتصاف، بضمنها الحق في الوصول للعدالة وجبر الضرر بشكل مناسب وفوري وفعّال، بالإضافة إلى حق الضحيّة في الوصول للمعلومات ذات الصلة بالانتهاكات، وأكد المبدأ التاسع منها على جبر الأضرار التي تلحق بالضحيّة نتيجة للانتهاكات من خلال سبل الانتصاف غير الماديّة التي حددها هذا المبدأ  بالرد وأشكاله وإعادة التأهيل الطبي والنفسي والاجتماعي للضحايا والترضية وأشكالها وضمانات عدم تكرار والتدابير والإجراءات للحماية والوقاية من تكرار الانتهاكات[76].

ويُمكن منح أحد أشكال الانتصاف هذه للضحايا أو الجمع بينهما، أي منح أكثر من شكل واحد في نفس الوقت، وهنا تدعو الحاجة إلى إبداء بعض الملاحظات المطلوبة عند منح أشكال مختلفة في الانتصاف[77].

أولاً- هذه الأشكال ليست متعارضة في بعض الحالات فيما يتعلّق ببعض أنواع الانتهاكات، حَيْثُ يكون من الأفضل منح أكثر من شكل واحد من أشكال الانتصاف للضحايا من اجل تحقيق العدالة، وقد تم تصميم المبادئ الأساسيّة والمبادئ التوجيهيّة بدرجة معقولة من المرونة في هذا الصدد .

ثانياً- إن الخطط والبرامج غير القضائيّة التي تُقدّم للإنصاف والتعويض تساهم أيضاً في العدالة التعويضيّة في صالح عدد كبير من الضحايا ويجب أن تعمل هذه الخطط والبرامج بالتنسيق مع تدابير العدالة الأخرى، أي يجب أن يترابط النهج القضائيّ والغير قضائيّ ويتفاعل بطريقة متكاملة.

ثالثاً- على الرغم من فهم أشكال الانتصاف من ناحية ماديّة في الغالب، إلا إنّه يجب عدم إهمال أهميّة أشكال الانتصاف غير الماديّة والرمزيّة بهدف إرضاء الضحايا .

رابعاً- في حالات الانتهاكات الجسمية لحقوق الإنسان والقانون الدوليّ الإنسانيّ تميل أعداد الضحايا من المدنيين إلى الوصول إلى نسب مروعة ولهذا السبب  فان السياسات التعويضيّة معقدة للغاية من حَيْثُ المستفيدين واستحقاقاتهم وطرائق جبر الضرر، ومع ذلك في هذه الظروف أيضاً، ومن أجل تلبية متطلبات العدالة يجب أن تهدف سياسات وبرامج الإنصاف إلى أن تكون شاملة في توفير المنافع الماديّة وغير الماديّة لجميع الذين عانوا من الانتهاكات.

الفرع الثالث: الأساس القانونيّ لسبل الانتصاف غير الماديّة في التشريعات الوطنيّة

سبل الانتصاف المحليّة هي الإجراءات والتدابير التشريعيّة والقضائيّة والإداريّة التي تتخذها الدول على المستوى الوطنيّ لجبر ضرر الضحايا المدنيين عن انتهاكات حقوقهم المضمونة بموجب القوانين الدوليّة والوطنيّة، ولها الأولويّة على سبل الانتصاف الدوليّة وهذا ما أكدته كل من الاتفاقيّة الأوربيّة (ECHR)   والاتفاقيّة الأمريكيّة (ACHR) والميثاق الإفريقيّ (ACHPR).

وعادة ما يكون استنفاد سبل الانتصاف المحليّة الخطوة الأولى في التماس الانتصاف عن انتهاكات حقوق الإنسان على المستوى الدوليّ، وتتطلب هذه الخطوة أن يحاول الشخص استخدام الحماية القانونيّة الوطنيّة المتاحة لطلب المسائلة أو التعويض عن الانتهاك، فإذا لَمْ يحصل على تعويض مناسب من هيئة وطنيّة يجوز له في هذه الحالة تقديم شكوى للنظر فيها من قبل محكمة أو آليّة دوليّة لحقوق الإنسان، ويستند شرط استنفاد سبل الانتصاف المحليّة إلى مبدأ إن الهيئات الدوليّة ينبغي أن تُكمِّل المؤسسات الوطنيّة وألّا تتدخّل إلا إذا تعذّر حل الموضوع على المستوى الوطنيّ، وبالتالي قبل تقديم شكوى أمام هيئة دوليّة أو إقليميّة مختصة يجب على الأفراد أو المنظمات محاولة تصحيح الوضع باستخدام الإجراءات الوطنيّة أولاً، ولا يشترط استنفاد جميع سبل الانتصاف المحليّة، بل يكفي استنفاد أحد سبل الانتصاف المناسبة لمعالجة الانتهاك[78].

وتتجلى سبل الانتصاف المحليّة بصورة أكبر في مجال القانون الدوليّ لحقوق الإنسان عما هي عليه في القانون الدوليّ الإنسانيّ، وخاصة البلدان التي يحصل فيها تحول من أنظمة دكتاتوريّة شموليّة إلى أنظمة ديمقراطيّة وهو ما يسمى بالعدالة انتقالية.

وتُعَدْ العدالة الانتقالية أحد طرق العلاج للتعامل مع مسؤوليّ الأنظمة السابقة أثناء التحول الديمقراطيّ الحاصل في عدد من دول العالم، وهي أحد طرق بناء حقوق الإنسان في تلك الدول، حَيْثُ لا يوجد سلام بدون تحقيق العدالة، ولذلك فهي حاجة أساسيّة ومهمّة في المجتمعات التي يحصل فيها التحول، حَيْثُ لا يمكن أن ينعم المواطن بالأمن والاستقرار بدون أن يأخذ مكانه في كافة مجالات العهد الجديد[79].

ومَنْ أهم تجارب التحول الديمقراطيّ التي حصلت في تسعينيّات القرن الماضي هي تجربة دولة جنوب إفريقيا عندما تحوّلت من نظام عنصريّ إلى نظام ديمقراطيّ، وحصل هذا التحول بصورةٍ سلميّة عن طريق الانتخابات عام 1994 وتأسيس حكومة انتقاليّة بزعامة (نيلسون مانديلا)[80]، والتجربة الثانية حصلت في العراق عام 2003 ولكن ليست بصورة سلمية بَلْ نتيجةً لتدخل خارجي.

ففي جمهوريّة جنوب إفريقيا بعد تنصيب (نيلسون مانديلا) رئيساً للوزراء عام 1994 أمر بإنشاء هيئة للحقيقة والمصالحة، وكان الغرض منها إنشاء سجل مفصّل عن أسباب انتهاكات حقوق الإنسان خلال فترة الحكم العنصريّ وتحديد المسؤولين عن هذه الانتهاكات سواء كانوا أشخاص أو مؤسسات أو أطراف سياسيّة، إضافة إلى توفير منصات علنيّة يقوم فيها ضحايا الانتهاكات للتعبير عن أنفسهم وتقديم المقترحات للحكومة حول الإجراءات المناسبة لتأهيل الضحايا، وضمان عدم تكرار الانتهاكات في المستقبل وبناء المجتمع وتعزيز الوحدة الوطنيّة وكشف حقيقة الانتهاكات وتشريع قانون للعفو، ويمكن القول بان هيئة الحقيقة والمصالحة في جنوب إفريقيا حققت نوع من التوازن في عملها بين معرفة الحقيقة وتحقيق العدالة والمصالحة ونجحت في الجمع بين منح العفو لمرتكبيّ انتهاكات حقوق الإنسان وتحديد انتهاكات حقوق الإنسان في الحقبة الماضية وتقديم الجبر للضحايا[81].

أمّا في العراق، وقبل التطرّق للأساس القانوني لسبل الانتصاف غير الماديّة، لابد من معرفة الأساس الدستوري لهذه السبل، فعندما شُرّع الدستور العراقي النافذ عام 2005، كان حرص المشرع واضحاً على إعطاء أهميّة قصوى لحماية حقوق الإنسان ابتداءً من ديباجة الدستور التي استذكرت معاناة العراقيين بكافة أطيافهم وقومياتهم خلال النظام السابق، ومن ثم خصّص المشرّع الدستوري العراقيّ باباً كاملاً للحقوق والحريات (الباب الثاني)، والذي تمّ اقتباس كافة حقوق الإنسان الواردة في المواثيق الدوليّة وبشكل خاص الإعلان العالميّ (UDHR) وإدراجها فيه، ولكن في نفس الوقت لم يتطرق الدستور العراقيّ النافذ إلى حقوق ضحايا انتهاكات هذه الحقوق عدا ما ورد في المادة (37/ج) منه التي نَصّتْ على «يحرّم جميع أنواع التعذيب النفسيّ والجسديّ والمعاملة غير الإنسانيّة ولا عبرة بأيّ اعتراف انتزع بالإكراه أو التهديد أو التعذيب، وللمتضرر المطالبة بالتعويض عن الضرر الماديّ والمعنويّ الذي أصابه وفق القانون»، وهذه المادة أعطت الحق لضحايا التعذيب فقط المطالبة بالتعويض دون ضحايا انتهاكات الحقوق الأخرى، التي يبدو أن المشرع الدستوريّ العراقيّ قد ترك هذا الأمر إلى القوانين المحليّة التي صدرت لاحقاً، مع ملاحظة أن المشرع العراقي لم يصدر لحد الآن قانون يجرم التعذيب ويمنح سبل انتصاف لضحاياه.

وبعد التحول الديمقراطيّ الذي حصل في العراق بعد عام 2003 شُرّعَتْ العـديـد من القوانين التي تهدف لإنصاف ضحايـا حقوق الإنسان وتعويضهم مادياً ومعنوياً عن ما تعرضوا له من انتهاكات لحقوقهم في الحقبة الماضية، وأوّل القوانين التي صدرت بعد عام 2003 لإنصاف ضحايـا انتهاكات حقـوق الإنسان خلال فتـرة النظام السابق هـو قانـون مؤسسة الشهـداء رقـم (3) لسنـة 2006 المنشـور فـي الجريـدة الرسميّة (الوقائع العراقية) بالعدد 4018 في 6/3/2006، ويهدف هذا القانون إلى تقديم الرعاية والدعم لذوي الشهداء وتعويضهم ماديّاً ومعنويّاً[82].

وصدرَ لاحقاً قانون مؤسسة السجناء السياسيين رقم (4) لسنة 2006 المعدّل بالقانون رقم (35) لسنة 2013 الّذي أنشأ مؤسسة عامة باسم مؤسسة السجناء والمعتقلين السياسيين تهدف إلى تقديم الرعاية إلى السجناء والمعتقلين السياسيين[83]، ومن سبل الانتصاف غير الماديّة التي وفّرها هذا القانون للمشمولين بأحكامه توفير فرص العمل والدراسة وتقديم التسهيلات والمساعدات التي تمكنهم من تحقيق لرفاه الاقتصادي والاجتماعي لهم ولعوائلهم[84].

كما صدر قانون آخر هو قانون تعويض المتضررين الذين فقدوا جزء من أجسامهم جراء ممارسات النظام البائد رقم (5) لسنة 2009 المنشور في الوقائع العراقيّة بالعدد 4116 في 4/6/2009، وقد منح هذا القانون المشمولين بأحكامه ما يمكن تسميتها سبل انتصاف غير ماديّة بالإضافة إلى التعويض النقدي في المادة (3) منه[85].

وفي مجال القانون الدوليّ الإنسانيّ، فقد تعرض العراق ومنذ عام 2003 إلى هجمات عنيفة من تنظيم القاعدة الإرهابي، وبعد عام 2014 من عصابات داعش الإرهابية، حَيْثُ قامت هذه التنظيمات الإرهابيّة بمجموعة واسعة من الانتهاكات ارتكبتها ضدّ جميع أبناء الشعب العراقي، وبشكل خاص ضدّ مجموعات قوميّة ودينيّة محددة، إذ مارست هذه المجاميع الإجراميّة أعمال الاختطاف والقتل والتعذيب وتجنيد الأطفال والاغتصاب، وجميع هذه الانتهاكات ترقى إلى مستوى انتهاكات القانون الدوليّ الإنسانيّ والقانون الدوليّ لحقوق الإنسان وبعضها يشكّل جرائم ضدّ الإنسانيّة[86].

وقد خلّفت هذه الانتهاكات آلاف الضحايا كان على السلطات العراقية العمل على جبر ضررهم، لذلك سَعَتْ الحكومة العراقية إلى تشريع قوانين لإنصاف الضحايا، ومن بين هذه القوانين قانون تعويض المتضررين جراء العمليات الحربية والأخطاء العسكرية والعمليات الإرهابية رقم (20) لسنة 2009 المنشور في جريدة الوقائع العراقية بالعدد 4140 في 28/12/2009، ويهدف هذا القانون إلى تعويض كل شخص عراقي طبيعي أو معنوي أصابه ضرر جراء العمليات الإرهابيّة وتقديم الرعاية والمساعدة إلى المشمولين بأحكامه في المجالات القانونيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والماليّة والصحية وغيرها[87].

ومن أبرز القوانين التي منحت سبل انتصاف غير مادية بشكل واضح هو قانون تخليد ضحايا شهداء الحرب ضدّ عصابات داعش الإرهابية وتسريع انجاز معاملاتهم والعناية الفائقة بالجرحى رقم (81) لسنة 2017 المنشور في جريدة الوقائع العراقيّة بالعدد 4472 في 14/12/2017 حَيْثُ تضمنت نصوص هذا القانون أحد أهم سبل الإنتصاف غير الماديّة وهو (الترضية)، ووردت الترضية بعدة صور في هذا القانون ومن أهم صور الترضية ما جاء بالمادة (7) من هذا القانون التي نَصّتْ على إقامة النصب التذكارية المناسبة للشهداء وتخصيص جناح في المتحف الوطني لعرض نماذج من آثار الشهداء[88].

والقانون الآخر الذي تضمّن سبل انتصاف غير مادية هو قانون حقوق شهداء جريمة قاعدة الشهيد الطيار ماجد التميمي الجويّة رقم (12) لسنة 2019 المنشور في جريدة الوقائع العراقية بالعدد 4552 في 26/8/2019، الذي أعطى اهتماماً خاصاً (للترضية) كأحد أشكال سبل الانتصاف غير الماديّة والتي وردت بعدة صور في مواد هذا القانون، وأهمها ما نَصّتْ علية المادة (6) منه، التي تضمّنت وجوب اتخاذ الإجراءات اللازمة لتخليد ضحايا هذه الجريمة البشعة من خلال إقامة النصب التذكارية وغيرها من أشكال الترضية التي وردت في المادة آنفة الذكر، وقد منع القانون المذكور في المادة (5) منه شمول مرتكبيّ هذه الجريمة من أي عفو عام أو خاص وعدم سقوط هذه الجريمة بالتقادم بالنسبة للأحداث وذلك لضمان عدم إفلات الجناة من العقاب، واعتبر هذا القانون في المادة (7/أولاً) هذه الجريمة من جرائم الإبادة الجماعيّة[89].

أمّا القانون الأحدث الذي صدر في العراق ويتضمن سبل نتصاف غير مادية لضحايا انتهاكات القانون الدوليّ الإنسانيّ هو قانون الناجيات الأيزيديات رقم (8) لسنة 2021 ، وشمل هذا القانون بأحكامه بالإضافة إلى الناجيات الايزيديات، النساء والفتيات من المكوّن التركماني والمسيحي والشبكي، وكذلك الأطفال الايزيديين دون سن (18) سنة، وقد عرّف هذا القانون الناجية بناء على الجرائم التي تعرضت لها[90]، ويهدف القانون إلى تعويض المشمولين بأحكامه مادياً ومعنوياً وتأهيلهم ورعايتهم وإعداد الوسائل لدمجهم في المجتمع ومنع تكرار ما حصل من انتهاكات[91].

ومن خلال قراءة القوانين التي أصدرتها السلطات العراقية لجبر أضرار المشمولين بأحكامها سواء على مستوى القانون الدوليّ لحقوق الإنسان أو القانون الدوليّ الإنسانيّ، نرى إنّ هذه القوانين رتّبت للضحايا بالإضافة إلى التعويض النقديّ، امتيازات يمكن درجها تحت أشكال سبل الانتصاف غير الماديّة وهي الترضية وإعادة التأهيل وضمانات عدم التكرار بالرغم من إن بعض هذه القوانين لم تنصّ عليها صراحةً، فمثلا إضافة (5) سنوات إلى السن المحدد للتقاعد بموجب قانون التقاعد الموحد رقم (9) لسنة 2014 المعدّل بالقانون رقم (26) لسنة 2019 للمشمولين بأحكام هذه القوانين يمكن اعتباره نوعاً من أنواع  الترضية، وكذا الحال بإعطائهم الأولوية في التوظيف وإكمال دراستهم العليا ومنح القروض وغيرها.

الخاتمة

بعد الانتهاء من موضوع بحثنا الموسوم (الأساس القانوني لسبل الانتصاف غير المادية عن الانتهاكات ضدّ المدنيين في القانون الدولي العام)، تم التوصل إلى بعض الاستنتاجات والمقترحات وكما يلي:

اولاً- الاستنتاجات

من الأهداف المهمة التي يسعى القانون الدولي لتحقيقها هو حماية المدنيين من أي انتهاك لحقوقهم المضمونة بموجبه ومحاسبة الجناة وتعويض الضحايا عن طريق التعويض المادي (النقدي) أو غير المادي (غير النقدي) من خلال سبل الانتصاف غير المادية التي حددتها الصكوك الدولية ذات الصلة والتي تشمل (الحقّ في معرفة الحقّيقة، الرد، الترضية، ضمانات عدم تكرار الفعل، وإعادة التأهيل ).

 ان الصكوك الدولية المتعلقة بالقانون الدولي لحقوق الإنسان عندما عالجت موضوع سبل الانتصاف غير المادية عن الانتهاكات ضد المدنيين كانت أكثر وضوحاً وتفصيلاً من الصكوك الدولية المتعلق بالقانون الدولي الإنساني، ولهذا السبب فان فرصة وصول ضحايا انتهاكات القانون الدولي  الى سبل الانتصاف المناسبة قليلة مقارنة بضحايا انتهاكات القانون الدولي لحقوق الانسان.

ثانياً- المقترحات

1- العمل على انشاء قواعد قانونية دولية لمعالجة سبل الانتصاف غير المادية عن انتهاكات القانون الدولي الإنساني تماثل أو توازي تلك الموجودة في القانون الدولي لحقوق الانسان من خلال اعتماد بروتوكول ثالث لاتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 يختص بقضية التعويضات عن انتهاكات القانون الدولي الانساني سواء كانت مادية (نقدية) او غير مادية (غير نقدية).

أن تتولى الجهات الدولية وأي جهة أخرى مهتمة باحترام مبادئ حقوق الإنسان، على حث كافة الدول على اتخاذ إجراءات وقائية لمنع انتهاكات حقوق الإنسان بشكل عام، من خلال فهم وتطبيق قواعد القانون الدولي ذات الصلة سواء خلال النزاعات المسلحة أو وقت السلم، وتعريف كافة المعنيين سواء كانوا عسكريين أو شرطة أو مدنيين بخطورة الجرائم المرتكبة ضد المدنيين والعقوبات المترتبة عليها، وترسيخ ثقافة احترام حقوق الإنسان لديهم.

 

[1] الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان لعام 1948 نَصّتْ المادة (8) منه على «لكل شخص حقّ اللجوء إلى المحاكم الوطنيّة المختصة لإنصافه الفعلي من أيّة أعمال تنتهك الحقوق التي يمنحها له القانون والدستور».

[2] العهد الدوليّ الخاص بالحقوق المدنيّة والسياسيّة لعام 1966 نَصّتْ المادة (2/3) منه على «تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد: أ- بأن تكفل توفير سبيل فعّال للتظلّم لأي شخص انتهكت حقوقه أو حرياته المعترف بها في هذا العهد، حتى لو صدر الانتهاك عن أشخاص يتصرفون بصفتهم الرسميّة. ب- بأن تكفل لكل متهم متظلّم على هذا النحو أن تبتّ في الحقوق التي يدعي انتهاكها سلطة قضائيّة أو إداريّة أو تشريعيّة مختصة، أو أية سلطة مختصّة أخرى ينصّ عليها نظام الدولة القانونيّ، وبان تنمّي إمكانيّات التظلّم القضائيّ. جـ- بان تكفل قيام السلطات المختصّة بإنفاذ الأحكام الصادرة لمصالح المتظلّمين.

[3] Cristian Correa, Shuichi Furuya,  and Clara Sandoval, Reparation for Victims of Armed Conflict, First Published, Cambridge University Press , 2021, P 95.

[4] نصر الدين بو سماحة، حقوق ضحايا الجرائم الدولية على ضوء أحكام القانون الدولي، ط1، دار الفكر الجامعي، مصر، 2007 ، ص24.

[5] اتفاقيّة مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانيّة أو الحاطّة للكرامة لعام 1984، نَصّتْ المادة (13) منها على «تضمن كل دولة طرف لأي فرد يدّعي بأنه قد تعرّض للتعذيب في أي إقليم يخضع لولايتها الحقّ في أن يرفع شكوى إلى سلطاتها المختصّة وفي أن تنظر هذه السلطات في حالته على وجه السرعة والنزاهة وينبغي اتخاذ الخطوات اللازمة لضمان حماية مقدّم الشكوى والشهود من كافة أنواع المعاملة السيئة أو التخويف نتيجة لشكواه أو لأي أدلة تقدم» .

[6] الاتفاقية نفسها، نَصّتْ المادة (14/1) منها على «تضمن كل دولة طرف، في نظامها القانونيّ، إنصاف من يتعرّض لعمل من أعمال التعذيب وتُمَتّعَهُ بحق قابل للتنفيذ في تعويض عادل ومناسب بما في ذلك وسائل إعادة تأهيله على أكمل وجه ممكن، وفي حالة وفاة المُعتدى عليه نتيجة لعمل من أعمال التعذيب ، يكون للأشخاص الذي يَعولَهم الحقّ في التعويض».

[7] الاتفاقيّة نفسها، نَصّتْ المادة (12) منها على «تضمن كل دولة طرف قيام سلطاتها المختصّة بإجراء تحقيق سريع ونزيه كلما وجدت أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد بان عملاً من أعمال التعذيب قد اُرتكب في أي من الأقاليم الخاضعة لولايتها القضائيّة».

[8] Manfred Nowak, Moritz Birk, and Giuliana  Monina, The United Nations Convention Against Torture and its Optional Protocol, Oxford University Press, Second Edition, 2019, p371.

[9] الاتفاقيّة الدوليّة للقضاء على التمييز العنصريّ لعام 1965، نَصّتْ المادة (6) منها على «تكفل الدول الأطراف لكل إنسان داخل في ولايتها حق الرجوع إلى المحاكم الوطنيّة وغيرها من مؤسسات الدولة المختصة لحمايته ورفع الحيف عنه على نحو فعّال بصدد أي عمل من أعمال التمييز العنصريّ يكوّن انتهاكاً لما له من حقوق الإنسان والحريات الأساسيّة ويتنافى مع هذه الاتفاقيّة، وكذلك حقّ الرجوع إلى المحاكم المذكورة التماساً لتعويض عادل مناسب أو ترضية عادلة مناسبة عن أي ضرر لحقه كنتيجة لهذا التمييز».

[10]  Anna  Nilsson, The Right to the Compensation for Victims of Racial Discrimination, Master Thesis, University of Lund, Faculty of Law, USA, 2002, P P 17-18.

[11] اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، نَصّتْ المادة (39) منها على «تتخذ الدول الأطراف كل التدابير المناسبة لتشجيع التأهيل البدنيّ والنفسيّ وإعادة الاندماج الاجتماعيّ للطفل الذي يقع ضحيّة أي شكل من أشكال الإهمال أو الاستغلال أو الإساءة أو التعذيب أو أي شكل آخر من أشكال المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانيّة أو المهينة أو النزاعات المسلّحة ويجري هذا التأهيل وإعادة الاندماج في بيئة تعزّز صحة الطفل وهذا من اجل احترامه لذاته وكرامته».

[12] البروتوكول الاختياري المتعلّق ببيع الأطفال وبغاء الأطفال لعام (2000)، نَصّتْ المادة (9/3) منه على «تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير الممكنة التي تهدف إلى تأمين تقديم كل المساعدات المناسبة إلى ضحايا هذه الجرائم، بما في ذلك إعادة إدماجهم الكامل في المجتمع وتحقيق شفائهم الكامل بدنياً  ونفسياً.»

[13] ينظر بهذا الصدد المواد (16/9)، (54/2)، (61/2)، (71/2)، (76/أ) و (77/3/ب) من الاتفاقية الدوليّة لحماية جَميعِ العُمّالِ المُهاجرين وأفرادِ أسرَهُم لعام 1990.

[14] الاتفاقيّة الدوليّة لحماية جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم لعام 1990، نَصّتْ المادة (83) منها على «تتعهد كل دولة من الدول الأطراف في هذه الاتفاقيّة بالقيام بما يلي :أ- تـأمين وسـائل الانتصاف الفعّال لأي أشخاص تُنتهك حقوقهم أو حـرياتهم المعـترف بها في هذه الاتفاقيّة، حتى لو ارتكب الانتهاك أشخاص يتصرفون بصفتهم الرسميّة. ب - تأمين قيام السلطات القضائيّة أو الإداريّة أو التشريعيّة المختصة، أو أية سلطة مختصـة أخرى يقررها نظام الدولة القانونيّ، بإعادة النظر في دعاوى أي أشخاص يلتمسون وسيلة للانتصاف والبت فيها ، وإيجاد إمكانيات للانتصاف عن طريق القضاء. جـ- ضمان قيام السلطات المختصة بإعمال سبل الانتصاف متى منحت «.

[15] البروتوكول الاختياري للقضاء على جميع أشكال التمييز ضدّ المرأة لعام 1999، نَصّتْ المادة (6/2) منه على « تقـدّم الدولة الطرف المتلقيّة إلى اللجنة، في غضون ستة أشهر، تفسيرات أو بيانات مكتوبة توضح فيها المسألة وتوضح سبل الانتصاف التي ربما تكون الدولة الطرف قد وفرّتها، إن وجدت مثل تلك السبل».

[16]Steven Greer, The European Convention on Human Right, Achievement, Problems and Prospects, Cambridge University Press, 2006, P 1.

[17] William A Schabas Oc Mria, The European Convention on Human Right, Oxford University Press, 1st  Published. 2015, P1.

[18] الاتفاقيّة الأوربيّة لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسيّة لعام 1950، نَصّتْ المادة (13) منها على « لكل شخص اُنتهكت حقوقه وحرياته المعترف بها في هذه الاتفاقيّة الحقّ في الحصول على انتصاف فعّال أمام سلطة وطنيّة، حتى وفي حال ارتكاب الانتهاك من أشخاص عاملين في إطار ممارسة وظائفهم الرسميّة».

[19] William A Schabas oc Mria, Op-cit , PP 550-551.

[20] الاتفاقيّة الأوربيّة لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسيّة لعام 1950، نَصّتْ المادة (41) منها على « إذا تبين المحكمة أن قراراً أو تدبيراً اتخذ من جانب سلطة قانونيّة أو أي سلطة أخرى لأحد الأطراف السامية المتعاقدة بالمخالفة للالتزامات الناشئة عن هذه المعاهدة، وكان القانون الداخليّ للطرف المذكور يسمح فقط بتعويض جزئي عن الآثار الضارة لهذا القرار أو التدبير، فللمحكمة حسبما تراه ضروريا، أن تقضي بترضية عادلة للطرف المضرور».

[21] William A Schabas oc Mria, Op-cit ,P833.

[22] الاتفاقيّة الأمريكيّة لحقوق الإنسان لعام 1969، نَصّتْ المادة (25/1) منها على « لكل إنسان الحق في لجوء بسيط وسريع – أو أي لجوء فعّال آخر – إلى محكمة مختصّة لحماية نفسه من الأعمال التي تنتهك حقوقه الأساسيّة المعترف بها في دستور دولته أو قوانينها أو في هذه الاتفاقيّة حتى لو ارتكب ذلك الانتهاك أشخاص يعملون أثناء تأديتهم واجباتهم الرسمية».

[23] Thomas M Antkowiak , Alejandra Gonza, The American Convention on Human Rights-Essential Rights-, Oxford University Press, 2017, P25.

[24] Ibid,  P217.

[25] لاتفاقيّة الأمريكيّة لحقوق الإنسان لعام 1969، نَصّتْ المادة (63) منها على « -1 إذا وجدت المحكمة أن ثمة انتهاكاً لحقّ أو حرية تصونها هذه الاتفاقيّة، تحكم المحكمة أنه يجب أن تضمن للفريق المتضرر التمتّع بحقّه أو حريته المنتهكة. وتحكم أيضاً، إذا كان ذلك مناسباً، أنه يجب إصلاح الإجراء أو الوضع الذي شكل انتهاكاً لذلك الحقّ أو تلك الحريّة وأن تعويضاً عادلاً يجب أن يدفع للفريق المتضرر. -2 في الحالات ذات الخطورة والإلحاح الشديدين، وحين يكون ضرورياً تجنب إصابة الأشخاص بضرر لا يمكن إصلاحه، تتخذ المحكمة التدابير المؤقتّة التي تراها ملائمة في القضايا التي هي قيد النظر، أما فيما يخص القضايا التي لم ترفع إلى المحكمة بعد، فيمكن للمحكمة أن تعمل بناء على طلب اللجنة».

[26] Ludovic Hennebel . Helene Tigroudja, The American Convention on Human Rights, Oxford University Press, 2022, P1409.

[27] الميثاق الأفريقيّ لحقوق الإنسان والشعوب، نَصّتْ المادة (7/1/أ) منه على «الحقّ في اللجوء الى المحاكم الوطنيّة المختصة بالنظر في عمل يشكّل خرقاً للحقوق الأساسيّة المعترف له بها والتي تضمنها الاتفاقيّات والقوانين واللوائح والعرف السائد».

[28] بروتوكول الميثاق الأفريقيّ لحقوق الإنسان والشعوب بشأن حقوق المرأة في أفريقيا لعام 2003، نَصّتْ المادة (4/2/هـ ، و) منه على»هـ- معاقبة مقترفي العنف ضدّ المرأة، وتنفيذ برامج إعادة تأهيل ضحايا العنف من النساء. و- إنشاء آليّات وخدمات تكون في المتناول لكفالة وجود إعلام فعّال وإعادة تأهيل ضحايا العنف ضدّ المرأة وتعويضهم»

[29] REDRESS, Reaching for justice (The right to reparation in the African human right system, October 2013, https://www.refworld.org.   تاريخ الاطلاع 2 / 3 / 2023

[30] الميثاق الآسيويّ لحقوق الإنسان لعام 1998، نَصّتْ الفقرة (15/3/ج) منه على « القضاء وسيلة رئيسية لحماية الحقوق وله  سلطة تلقي الشكاوى المتعلّقة بانتهاكات حقوق الإنسان للاستماع إلى الأدلّة وتقديم التعويض عن الانتهاكات ومعاقبة الجناة...»

[31] إعلان رابطة أمم جنوب شرق آسيا لحقوق الإنسان لعام 2012، نَصّتْ الفقرة (5) منه على «لكلّ شخص الحقّ في سبيل انتصاف فعّال وقابل للتنفيذ تحدّده محكمة أو سلطة مختصّة أخرى عن انتهاكات الحقوق الممنوحة لذلك الشخص بموجب الدستور أو القانون».

[32] الميثاق العربيّ لحقوق الإنسان، مقال بدون اسم ناشر

  https://carnegieendowment.org

تاريخ الاطلاع  14/ 3/ 2023.

[33] الميثاق العربيّ لحقوق الإنسان لعام 2004، نَصّتْ المادة (8/2) منه على «...كما تضمن كل دولة طرف في نظامها القانونيّ إنصاف  من يتعرض للتعذيب وتمتعه بحق ردّ الاعتبار والتعويض».

[34] الميثاق نفسه، نَصّتْ المادة (23) منه على «تتعهد كل دولة طرف في هذا الميثاق بأن تكفل توفير سبيل فعّال للتظلم لأيّ شخص انتهكت حقوقه أو حرياته المنصوص عليها في هذا الميثاق حتى لو صدر هذا الانتهاك من أشخاص يتصرفون بصفتهم الرسميّة».

[35] لوك والين، ضحايا وشهود الجرائم الدوليّة، من حقّ الحماية إلى حقّ التعبير، مختارات من مجلة الصليب الأحمر، العدد 854، 2002، ص57.

[36] إعلان المبادئ الأساسيّة لتوفير العدالة لضحايا الجريمة وإساءة استعمال السلطة لعام 1985، نصّ المبدأ (4) منه على «ينبغي معاملة الضحايا برأفة واحترام لكرامتهم ويحقّ لهم الوصول إلى آليّات العدالة والحصول على الإنصاف الفوري وفقاً لما تنصّ عليه التشريعات الوطنيّة فيما يتعلّق بالضرر الذي أصابهم».

[37] المصدر نفسه، نصّ المبدأ (8) منه على «ينبغي أن يدفع المجرمون أو الغير المسؤولون عن تصرفاتهم، حَيْثُما كان ذلك مناسباً، تعويضاً عادلاً للضحايا أو لأسرهم أو لِمُعاليهِم، وينبغي أن يشمل هذا التعويض إعادة الممتلكات ومبلغاً لجبر ما وقع من ضرر أو خسارة، ودفع النفقات المتكبّدة نتيجةً للإيذاء، وتقديم الخدمات ورد الحقوق».

[38] المصدر نفسه، نصّ المبدأ (14) منه على « ينبغي أن يتلقى الضحايا ما يلزم من مساعدة ماديّة وطبيّة ونفسيّة واجتماعيّة من خلال الوسائل الحكوميّة والطوعيّة والمجتمعيّة والمحليّة».

[39] مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن لعام 1988، نص المبدأ (33/1) منها على « يحقّ للشخص المحتجز أو المسجون أو لمحاميه تقديم طلب أو شكوى بشأن معاملته ولاسيما في حالة التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانيّة أو المهينة إلى السلطات المسؤولة عن إدارة مكان الاحتجاز وإلى السلطات الأعلى، وعند الاقتضاء إلى السلطات المناسبة المنوط بها صلاحيات المراجعة أو الإنصاف».

[40] مشاريع المواد المتعلقة بمسؤولية الدول عن الأفعّال غير المشروعة دولياً لعام 2001، نَصّتْ المادة (30) منها على «على الدولة المسؤولة عن الفعل غير المشروع دولياً التزام بأن: أ- تكف عن الفعل إذا كان مستمر. ب- تقديم التأكيدات والضمانات الملائمة بعدم التكرار، إذا اقتضت الظروف ذلك».

[41] حولية لجنة القانون الدوليّ لعام 2001، المجلد الثاني، الجزء الثاني، ص114.

[42] المصدر نفسه، ص 115.

[43] مشاريع المواد المتعلّقة بمسؤولية الدول عن الأفعّال غير المشروعة دولياً لعام 2001، نَصّتْ المادة (31) منها على «على الدولة المسؤولة الالتزام بجبر كامل الخسارة الناجمة عن الفعل غير المشروع دولياً، وتشمل الخسارة أي ضرر سواء كان مادياً أو معنوياً ينجم عن الفعل غير المشروع دولياً الذي ترتكبه الدولة».

[44] حولية لجنة القانون الدوليّ لعام 2001، مصدر سابق ، ص 117-118.

[45] مشاريع المواد المتعلقة بمسؤوليّة الدول عن الأفعّال غير المشروعة دولياً لعام 2001، نَصّتْ المادة (34) منها على «يكون الجبر الكامل للخسارة الناجمة عن الفعل غير المشروع دولياً عن طريق الرد، التعويض، الترضية بأحدهما أو بالجمع بينهما».

[46] المصدر نفسه،  نَصّتْ المادة (35) منه على «على الدولة المسؤولة عن فعل غير مشروع دولياً التزام بالرد أي إعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل ارتكاب الفعل غير المشروع دولياً بشرط إن يكون هذا الرد وبقدر ما يكون : أ- غير مستحيل ماديا . ب- غير مستتبع لعبء لا يتناسب إطلاقا مع المنفعة المتأتية من الرد بدلا من التعويض».

[47] المصدر نفسه، نَصّتْ المادة (37) منه على « 1- على الدولة المسؤولة عن فعل غير مشروع دوليّاً التزام بتقديم ترضية عن الخسارة التي ترتبت على هذا الفعل إذا كان يتعذر إصلاح هذه الخسارة عن طريق الرد أو التعويض. 2- قد تتخذ الترضية شكل إقرار الخرق، أو التعبير عن الأسف، أو اعتذار رسمي أو أي شكل آخر مناسب. 3- ينبغي ألا تكون الترضية غير متناسبة مع الخسارة ولا يجوز أن تتخذ شكلاً مُذلاً للدولة المسؤولة».

[48] قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، مجلس حقوق الإنسان، A/HRC/5/5, 7 June 2007.

[49] قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة ، A/RES/68/165, 21 January 2014.

[50] تقرير لِجنة حقوق الإنسان، المجلس الاقتصاديّ والاجتماعيّ، 8/2/2005E/CN.4/2005/102/Add.1

[51] قرار الجمعية العامة للأمَم المُتحدة، مجلس حقوق الإنسان، 13/11/2011 A/HRC/RES/18/7,.

[52] اتفاقية لاهاي الخاصة باحترام قوانين الحرب البرية لعام 1907، نَصّتْ المادة (3) منها على «يكون الطرف المتحارب الذي يخل بأحكام اللائحة المذكورة، ملزماً بالتعويض إذا دعت الحاجة، كما يكون مسؤولاً عن جميع الأعمال التي يرتكبها أشخاص ينتمون إلى قواته المسلّحة».

[53] البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1977، نَصّتْ المادة (91) منه على «يُسأل طرف النزاع الذي ينتهك أحكام الاتفاقيات وهذا الملحق (البروتوكول) عن دفع تعويض إذا اقتضت الحال ذلك، ويكون مسؤولاً عن كافة الأعمال التي يقترفها الأشخاص الّذين يشكّلون جزءً من قواتهِ المُسلّحة».

[54] Shavana musa, victim Reparation under the Ius Post Bellum, Cambridge University Press,1st Published, 2019, P 206.

[55] حميد محمد علي اللهبي، الاختفاء القسري(جريمة الدولة)، طبعة خاصة، دار الكتب اليمنية، صنعاء، 2020ص117 و119.

[56] إعلان حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسريّ عام 1992، نَصّتْ المادة (9/1) منه على « يعتبر الحقّ في الانتصاف القضائيّ السريع والفعّال بوصفه وسيلة لتحديد مكان وجود الأشخاص المحرومين من حريتهم أو للوقوف على حالتهم الصحيّة أو تحديد السلطة التي أصدرت الأمر بحرمانهم من الحريّة أو نفذّته ضرورياً لمنع وقوع حالات الاختفاء القسريّ في جميع الظروف».

[57] الإعلان نفسه، نَصّتْ المادة (19) منه على «يجب تعويض الأشخاص الذين وقعوا ضحيّة اختفاء قسريّ  أو أسرهم ويكون لهم الحقّ في الحصول على تعويض مناسب بما في ذلك الوسائل الكفيلة بإعادة تأهيلهم على أكمل وجه ممكن وفي حالة وفاة شخص نتيجة الاختفاء القسريّ يحقّ لأسرته الحصول على التعويض أيضاً».

[58] الاتفاقيّة الدوليّة لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسريّ لعام 2006، نَصّتْ المادة (24/2) منها على» كلّ ضحيّة الحقّ في معرفة الحقيقة عن ظروف الاختفاء القسريّ، وسير التحقيق ونتائجه ومصير الشخص المختفي، وتتخذ كل دولة طرف التدابير الملائمة في هذا الصدد «.

[59] الاتفاقيّة نفسها، نَصّتْ المادة (24/4) منها على « تضمن كل دولة طرف في نظامها القانوني لضحيّة الاختفاء القسريّ الحقّ في جبر الضرر والحصول على تعويض بشكل سريع ومنصف وملائم».

[60] الاتفاقيّة نفسها، نَصّتْ المادة (24/5) منها على «يشمل الحقّ في الجبر المشار إليه في الفقرة (4) من هذه المادة الأضرار الماديّة والمعنويّة، وعند الاقتضاء، طرائق أخرى للجبر من قبيل، أ- الردّ ، ب- إعادة التأهيل، ج- الترضية بما في ذلك ردّ الاعتبار لكرامة الشخص وسمعته، د- ضمانات بعدم التكرار».

[61] اتفاقيّة حظر استعمال وتخزين وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد وتدمير تلك الألغام (اتفاقية اتاوا) لعام 1997، نَصّتْ المادة (6/3) منها على «تقوم كل دولة طرف تكون في وضع يتيح لها تقديم المساعدة بتوفيرها من أجل رعاية تأهيل ضحايا الألغام وإعادة إدماجهم الاجتماعيّ والاقتصاديّ ومن أجل برامج للتوعية بمخاطر الألغام، ويجوز تقديم هذه المساعدة من خلال جهات شتّى منها منظمة الأمم المتحدّة، والمنظمات أو المؤسسات الدوليّة أو الإقليميّة أو الوطنيّة، ولجنة الصليب الأحمر الدوليّة، وجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر الوطنيّة واتحادها الدوليّ، والمنظمات غير الحكوميّة، أو على أساس ثنائي.»

[62] اتفاقيّة عام (2008) بشأن الذخائر العنقوديّة، نَصّتْ المادة (5/1) منها «توفّر كل دولة طرف لضحايا الذخائر العنقوديّة في المناطق المشمولة بولايتها أو الخاضعة لسيطرﺗﻬا، وفقاً للقانون الدوليّ الإنسانيّ والقانون الدوليّ لحقوق الإنسان الواجب التطبيق، ما يكفي من المساعدة المراعية للسن والجنس، بما فيها الرعاية الطبيّة والتأهيل والدعم النفساني، وتكفل كذلك إدماجهم الاجتماعيّ والاقتصاديّ........ «.

[63] البروتوكول الإضافي الخامس لاتفاقية حظر وتقييد استعمال أسلحة تقليديّة معينّة يمكن اعتبارها مُفرطة الضرر أو عشوائيّة الأثر لعام 2003، نَصّتْ المادة (7/1) منه على «يقدم كل طرف من الأطراف السامية المتعاقدة القادرة على ذلك، المساعدة من اجل رعاية ضحايا المتفجرات من مخلّفات الحرب وإعادة تأهيلهم وإعادة إدماجهم اجتماعياً واقتصادياً.... «.

[64] البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن اشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة لعام 2000، نَصّتْ المادة (7/1) منه على»تتعاون الدول الأطراف في تنفيذ هذا البروتوكول، بما في ذلك التعاون في منع أيّ نشاط يناقض البروتوكول وفي إعادة التأهيل وإعادة الإدماج الاجتماعيّ للأشخاص الذين يقعون ضحايا أفعّال تناقض هذا البروتوكول، بما في ذلك من خلال التعاون التقنيّ والمساعدة الماليّة، ويتم الاضطلاع بهذه المساعدة وبهذا التعاون بالتشاور مع الدول الأطراف المعنيّة والمنظمات الدوليّة ذات الصلة

[65] Luke moffett, Justice for Victims before the International Criminal court, Routledge, 1st Published, 2014, P.151

[66] نصر الدين أبو سماحة مصدر سابق، ص 99.

[67] نظام روما الأساسيّ للمحكمة الجنائية الدوليّة لعام 1998، نَصّتْ المادة (75/1) منه على «تضع المحكمة مبادئ فيما يتعلّق بجبر الأضرار التي تُلحق بالمجني عليهم أو فيما يخصهم، بما في ذلك رد الحقوق والتعويض ورد الاعتبار.........». 

[68] Luke Moffett, Op-cit, P152.

[69] Dinah Shelton, Remedies in international human rights law, Third edition,  Oxford University Press, 2015, P73.

[70] ثيودور كورنيلس فان بوفن Theo van Boven (، رجل قانون هولندي وأستاذ في القانون الدوليّ، من مواليد 1934، وهو احد خبراء الأمم المتحدة في حقوق الإنسان، https://ar.wikipedia.org/ تاريخ الاطلاع  14/3/2023.

[71] البروفيسور محمود شريف بسيوني،(1937 – 2017)، مصري الجنسية، أحد أبرز فُقهاء القانون الجنائي الدوليّ وقانون حقوق الإنسان الدوليّ والقانون الإنساني الدوليّ https://ar.wikipedia.org/ تاريخ الاطلاع 14/3/2023.

[72] ثائر خالد عبد الله، حقوق الضحايا في ضوء القانون الدوليّ الجنائيّ، ط1، مركز الدراسات العربيّة، القاهرة - مصر، 2017، ص156.

[73] Pierre Dargent ,Le Droit De La Responsabilité  Internationale Complété, Annuaire Français De Droit International,CRANS  éditions, Paris,2005,P P 33-35.

[74] قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، A/RES/60/ 147 في 12 آذار 2006، الفقرات (19 ـ 23).

[75] Theo Van Boven, Victims Right to Remedy and Repartition : The New United Nations Principles and Guide lines, Reparations for Victims of Genocide War Crimes and Crimes Against Humanity, eds  carl A Ferstman etal, p.p 31-32.

[76] ينظر إلى المبادئ الأساسيّة والمبادئ التوجيهيّة بشان الحقّ في الانتصاف والجبر لضحايا الانتهاكات الجسمية للقانون الدوليّ لحقوق الإنسان والانتهاكات الخطيرة للقانون الدوليّ الإنسانيّ لعام 2005، المبدأ (سابعاً وتاسعاً).

[77] Theo Van Boven, Op-cit, PP 39-40.

[78] Exhaustion of Domestic Remedies in the United Nations System, International Justice Resource Center, 2017, P1.متوفر على الموقع الكتروني

https://ijrcenter.org/wp-content/uploads/2018/04/8.-Exhaustion-of-Domestic-Remedies-UN-Treaty-Bodies.pdfتاريخ الاطلاع 115/3/2023

[79] د. خميس إدهام حميد، د. آمنة داخل مسلم، العدالة الانتقاليّة  (دراسة مقارنة بين دولة جنوب إفريقيا والعراق)، ط1، دار الجنان للنشر والتوزيع ، عمّان - الأردن، 2017، ص12.

[80] نيلسون مانديلا (1918-2013)، سياسي مناهض لنظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، وكان أول رئيس لجنوب إفريقيا من ذوي البشرة السمراء، تولّى الحكم فيها من عام 1994 إلى عام 1999، مكث في السجن 27 عاما وأطلق سرحه عام 1990 https://ar.wikipedia.org/ تاريخ الاطلاع 17/3/2023.

[81] د. خميس إدهام حميد، د. آمنة داخل مسلم ، مصدر سابق، ص 116-117.

[82] قانون مؤسسة الشهداء رقم (3) لسنة 2006، نَصّتْ الماد(3) منه على «تهدف المؤسسة إلى تقديم الرعاية إلى ذوي الشهداء إضافة إلى الامتيازات المنصوص عليها في هذا القانون وفق الأسس الآتية: أولا- تسمية الشهداء وفق أحكام هذا القانون.ثانيا- توفير العديد من الامتيازات للفئات المشمولة بإحكام هذا القانون من خلال التنسيق مع مؤسسات الدولة المختلفة الرسميّة والمؤسسات غير الرسميّة في مختلف مجالات الحياة.ثالثا- توفير فرص العمل والدراسة الملائمة لهم وبما يتناسب وكفاءاتهم منحهم الأولوية في ذلك.رابعا- تقديم التسهيلات والمساعدات التي تمكنهم من تحقيق الرفاه الاقتصاديّ والاجتماعيّ لهم ولعوائلهم في المجالات الاقتصاديّة والقانونيّة والرعايّة الصحيّة والكفالة الاجتماعيّة وجميع المجالات الأخرى.خامسا- تمجيد الشهادة والتضحيّة والفداء وقيمها في المجتمع وتخليدها من خلال فعّآليّات سياسيّة واجتماعيّة في مجالات الثقافة والفنون ووسائل الإعلام المختلفة.سادسا- العمل النوعي للمؤسسة بما يؤمن استقطاب وتحفيز الجهات المحليّة والإقليميّة والدوليّة لتقديم الدعم الماديّ والمعنويّ لها».

[83] قانون مؤسسة السجناء السياسيين رقم (4) لسنة 2006، نَصّتْ المادة (2) منه على «يهدف قانون مؤسسة السجناء السياسيين إلى معالجة الوضع العام للسجناء والمعتقلين السياسيين وتعويضهم مادياً ومعنوياً بما يتناسب مع حجم التضحيات التي قدّموها والمعاناة التي لاقوها جراء سجنهم واعتقالهم».

[84] القانون نفسه، نَصّتْ المادة (3) منه على»رابعاً- توفير فرص العمل والدراسة لهم وبما يتناسب وكفاءتهم ومنحهم الأولويّة في ذلك. خامساً- تقديم التسهيلات والمساعدات التي تمكنهم من تحقيق الرفاه الاقتصاديّ والاجتماعيّ لهم و لِعوائلهم في المجالات الاقتصاديّة والقانونيّة والرعاية الصحيّة والكفالة الاجتماعيّة وجميع المجالات الأخرى. سادساً- تمجيد التضحيّة والفداء وقيمها في المجتمع وتخليدها من خلال فعّآليّات سياسية واجتماعية في مجالات الفنون ووسائل الإعلام المختلفة. سابعاً- العمل النوعيّ للمؤسسة بما يؤمن استقطاب وتحفيز الجهات المحليّة والدوليّة لتقديم الدعم المادي والمعنوي لها».

[85] قانون تعويض المتضررين الذين فقدوا جزء من أجسامهم جراء ممارسات النظام البائد رقم (5) لسنة 2009، نَصّتْ المادة (3) منه على «يمنح المشمولون بأحكام هذا القانون الامتيازات الآتية فضلا عن مبلغ التعويض المنصوص عليه في المادة (2) من هذا القانون.أولا- أفضلية في التعيين في دوائر الدولة والقطاع العام وعودة الراغبين منهم إلى الوظيفة ممن تتوافر فيهم شروط التعيين.ثانياً- شمولهم بالرعاية الصحيّة داخل العراق وخارجه .ثالثاً- أفضلية في القبول في الدراسات الأوليّة والعليا للراغبين منهم في أكمال دراستهم مع مراعاة توافر شروط القبول عدا ما يتعلّق بشرط العمر.رابعاً- أفضلية الحصول على قرض الزواج لغير المتزوجين .خامساً- صرف هوية خاصة لهم لغرض تكريمهم معنوياً وتسهيل مراجعاتهم لدوائر الدولة يصدرها المحافظ المختص» .

[86] جهود الحكومة العراقية في مجال حقوق الإنسان بعد عام 2003، منشورات وزارة العدل العراقية، بدون سنة طبع، ص29.

[87] قانون تعويض المتضررين جراء العمليات الحربيّة والأخطاء العسكريّة والعمليات الإرهابيّة رقم (20) لسنة 2009، نَصّتْ المادة (1) منه على «أولاً- يهدف هذا القانون إلى تعويض كل شخص عراقي طبيعي أو معنوي أصابه ضرر جراء العمليات الحربيّة والأخطاء العسكريّة والعمليات الإرهابيّة وجرحى الحشد الشعبي والبيشمركة وتحديد جسامة الضرر وأسس التعويض عنه وكيفية المطالبة به. ثانياً- تقديم الرعاية والبرامج والتسهيلات والمساعدات للمشمولين بأحكام هذا القانون في المجالات القانونيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والماليّة والصحيّة وغيرها».

[88] قانون تخليد ضحايا شهداء الحرب ضدّ عصابات داعش الإرهابيّة وتسريع انجاز معاملاتهم والعناية الفائقة بالجرحى رقم (81) لسنة 2017، نَصّتْ المادة (7) منه على»أولاً- تتولى المحافظات المتضررة من دنس عصابات داعش الإرهابية بالتنسيق والتعاون مع وزارتي الثقافة والسياحة والآثار والأعمار والإسكان والبلديات العامة الاتحاديتين، إقامة النصب التذكاريّة المناسبة للشهداء الذين استشهدوا في أرضها، تتضمن تسجيل أسماؤهم وتاريخ تولدهم وأصنافهم ومحافظاتهم. ثانياً- تتولى وزارة الثقافة والسياحة والآثار الاتحاديّة تخصيص جناح في المتحف الوطنيّ لعرض نماذج من آثار الشهداء، واللوحات التي تجسّد الملاحم البطولية التي سطرها أولئك الأبطال في تحرير تراب الوطن».

[89] قانون حقوق شهداء جريمة قاعدة الشهيد الطيار ماجد التميمي الجوية رقم (12) لسنة 2019، نَصّتْ المادة (6) منه على»أولاً- على وزارة الثقافة وأمانة بغداد والمحافظات كافة والجهات المعنيّة الأخرى اتخاذ الإجراءات اللازمة لتخليد شهداء القاعدة الجوية معنوياً، وإدانة الجريمة من خلال إقامة النصب التذكارية وتسمية المدارس والشوارع بأسمائهم وغيرها من الأعمال التي تخلد الواقعة. ثانياً- على محافظة صلاح الدين بالتنسيق مع وزارة الثقافة والجهات المعنية إقامة نصب تذكاري مناسب للشهداء الذين استشهدوا في جريمة القاعدة الجوية يتضمن أسماءهم وتاريخ تولدهم ومحافظاتهم وكذلك إحياء الذكرى سنوياً بالفعّآليّات كافة التي تظهر بشاعة الجريمة» وينظر أيضا إلى المواد (5 و 7/اولاً) من هذا القانون.

[90] قانون الناجيات الأيزيديات رقم (8) لسنة 2021، نَصّتْ المادة (1) منه على»اولاً- الناجية كل امرأة أو فتاة تعرّضت إلى جرائم العنف الجنسي من اختطافها، استعبادها جنسياً، بيعها في أسواق النخاسة، فصلها عن ذويها، إجبارها على تغيير ديانتها، الزواج القسري، الحمل والإجهاض القسري أو إلحاق الأذى بها جسديا ونفسيا من قبل تنظيم داعش من تاريخ 3/8/2014 وتحرّرنَ بعد ذلك».

[91] القانون نفسه، نَصّتْ المادة (4) منه على»يهدف هذا القانون إلى- اولاً- تعويض الناجيات والمشمولين بأحكام هذا القانون مادياً ومعنوياً وتامين حياة كريمة لهم، ثانياً- تأهيل ورعاية الناجيات والمشمولين بأحكام هذا القانون وإعداد الوسائل الكفيلة لدمجهم في المجتمع ومنع تكرار ما حصل من انتهاكات بحقهم».