تاريخ الاستلام 11/10/2023        تاريخ القبول 14/12/2023

تاريخ النشر 25/1/2024

حقوق الطباعة محفوظة لدى مجلة كلية القانون والعلوم السياسية في الجامعة العراقية

حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمؤلف

حقوق النشر محفوظة للناشر (كلية القانون والعلوم السياسية - الجامعة العراقية)

CC BY-NC-ND 4.0 DEED

Printing rights are reserved to the Journal of the College of Law and Political Science at Aliraqia University

Intellectual property rights are reserved to the author

Copyright reserved to the publisher (College of Law and Political Science - Aliraqia University)

Attribution – Non-Commercial – No Derives 4.0 International

For more information, please review the rights and license

DOI 10.61279/31xxt484

المسؤولية الجزائية الناشئة

عن حرمان المرأة من الميراث

The Criminal Liability resulting

from depriving a Women of Inheritance

م.د.صابرين يوسف عبدالله الحياني

وزارة التعليم العالي والبحث العلمي - الدائرة القانونية

Dr. Sabreen Yousif Abdullah Al-Hayani

Ministry of Higher Education and Scientific Research/ Legal Directorate

sabreen.yousif.87@gmail.com

المستخلص:

يعد الميراث حق من الحقوق المالية للمرأة التي أقرتها الشريعة الإسلامية قبل القوانين الوضعية، وتتباين نسبة استحقاق المرأة للميراث بحسب قرابتها من المتوفى، سواء أكانت أما أو جدة أو زوجة أو بنتا أو من الأخوات أو العمات أو الخالات ..الخ، وهذا الحق يثبت لها بعد استيفاء الميراث لأركانه وشروطه وأسبابه، وأن مشكلة البحث تتمثل بعدم وجود حماية قانونية تكفل حق المرأة في الميراث وتضمن عدم حرمانها من قبل الورثة الآخرين، خاصة مع تزايد ظاهرة حرمان المرأة من الميراث في مختلف المجتمعات، ويهدف البحث إلى التعريف بما يشوب القانون المنظم لحق المرأة في الميراث من قصور، وذلك من أجل معالجته وجعله أداة فعالة في حماية ميراث المرأة مما يطاله من انتهاكات. 

الكلمات المفتاحية: ميراث، ورثة، حرمان من الميراث، حماية، مسؤولية،.

Abstract

Inheritance is one of the financial rights of women that was enacted by Islamic law before ordinary laws. The percentage of a womans entitlement to an inheritance was varies according to her relationship with the deceased. For example, she can be a mother, grandmother, wife, daughter, sisters, aunts, etc. in fact, this right is confirmed for her after the inheritance fulfills its elements, conditions and reasons. The problem of the research is the lack of legal protection that guarantees the womans right to inheritance and ensures that she is not deprived of it by the other inheritors. Especially with the increasing phenomenon of womens deprivation of inheritance in various societies. The research aims to identify the lack in the law regulating womens right to inheritance. In order to solve this issue and make it an effective law in protecting womens inheritance from the violations committed against it.

Keywords: inheritance, inheritors, deprivation of inheritance, protection, responsibility.

مقدمة:

يعدّ الميراث من الحقوق الأساسية التي أقرها الشرع والقانون لأفراد أسرة المتوفى وأقربائه، وقد تباينت التشريعات في تنظيم موضوع الميراث، فمنها من جعل التشريع الإلهي المصدر الأساس لتنظيم كل ما يتعلق به من مسائل، وسار على هذا الاتجاه الدول العربية والإسلامية، ومنهم من جعل التشريع الوضعي الأساس في تنظيمه، وسار على هذا الاتجاه الدول الغربية، لذا نجد أن أنظمة الميراث تتنوع في أحكامها تبعا للاتجاه الذي يتبناه المشرع الوضعي، ولا نجد هنالك تماثلا بينها على خلاف الوضع في الدول العربية والإسلامية التي تبنت نظاما موحدا لا يختلف باختلاف المكان ولا الزمان، ويصلح للتطبيق في كل الأحوال، إذ تضمن ذلك النظام وضع أنصبة ثابتة لجميع الأفراد وبحسب استحقاق كل منهم بين ورثة المتوفى، وفصل أحكامه بشكل لا يسمح بإثارة الخلاف حول تحديد نصيب كل منهم عند اقتسام الميراث، وعلى الرغم من تنظيم الشارع الحكيم لهذه المسائل الأرثية وتبنيها من قبل المشرع الوضعي في قوانينه (قوانين الأحوال الشخصية)، ألا أن الملاحظ أن الكثير من المجتمعات لا تلتزم بتلك الأحكام وتتبنى أعرافا وتقاليد لا تمت للشريعة الغراء بصلة، وتعمل على حرمان بعض الورثة من مستحقاتهم بحجج لا تستند إلى مبررات منطقية، وتقوم على هدر حقوق مقررة بالقوانين الوضعية دون أن يكون هنالك رادع يزجر الجناة، وذلك لأن التشريعات الوضعية تبنت أحكام تنظيم الميراث من الشريعة فقط دون أن تأخذ بالجزاء المترتب عليه، إذ على الرغم من أن الشريعة الإسلامية تحرم أكل أموال الغير ظلما وعدوانا ألا أن التشريعات الوضعية جاءت قاصرة عن تنظيم الجزاء الذي يكفل الحد من التطاول على أحكام الميراث وتمنع تجاوز كل مستحق على حقوق غيره من المستحقين، وهنا تكمن إشكالية البحث، إذ أنها تتعلق بمسألة القصور التشريعي في الحماية الجزائية التي من الواجب على المشرع كفالتها في قوانينه العامة (القانوني الجنائي) والخاصة (قانون الأحوال الشخصية) لحقوق المستحقين من الورثة في أموال المتوفى وبالتحديد المستحقات من النساء، وضمان حصولهم على ميراثهم وعدم التجاوز عليها بالحرمان أو الانتقاص.

أهمية البحث:

تتمثل بتسليط الضوء على حقوق الورثة من النساء وما يتعرض له هذا الحق من سلب في أغلب المجتمعات وعلى وجه الخصوص الريفية منها من قبل الورثة الآخرين، وذلك من أجل لفت أنظار المشرع للتدخل بالحماية الجزائية لهذا الحق ووضع حدود تمنع بقية الورثة من سلبه سواء أكان ذلك بسن قوانين جديدة لحمايته أو بتعديل القوانين النافذة وإضافة نصوص عقابية تحقق الحماية له.

منهجية البحث:

سنتبع في معالجة هذا الموضوع المنهجين العلميين الاستقرائي والمقارن للوقوف على الكيفية التي عالجت بها التشريعات المقارنة التحديات التي تطال حقوق المرأة في الميراث، وسنتخذ من القانونين الليبي والمصري أساسا للمقارنة لمعرفة الحلول التي اتخذتها ضد منتهكي الحقوق الأرثية للمرأة من أجل الاستفادة منها في وضع تشريع عقابي يحقق حماية شاملة لحقوق المرأة في الميراث، خاصة وأن المشرع الليبي يعد من أقدم التشريعات التي سعت إلى تجريم الاعتداءات التي تطال ميراث المرأة.

المبحث الأول

التعريف بمحل الجريمة والحكمة من التجريم وأسبابها

سنتطرق في هذا المبحث إلى بيان المحل الذي تنصب عليه جريمة حرمان المرأة من الميراث، وللوقوف على مفهوم هذا المحل سنبين تعريفه وأحكامه من حيث الأركان والشروط والأسباب، ثم نتعرض بعد ذلك للحكمة المتوخاة من وراء تجريم المشرع الجزائي للاعتداءات التي تنال منه لمعرفة المصلحة التي يسعى إلى تحقيقها والمضرة التي يرمي إلى تلافيها، كما سنبين الأسباب التي تكمن وراء نشوء هذه الظاهرة الإجرامية، وذلك على ضوء التقسيم الآتي:

المطلب الأول: التعريف بمحل الجريمة

نصت بعض التشريعات على تجريم التعدي على حق المرأة في الميراث، وجعلت منه جريمة عمدية يعاقب مرتكبها وفقا للقانون -وهو ما سنبينه بالتفصيل لاحقا- وهذه الجريمة تنصب على الميراث، فالأخير يعد المحل الذي يقع عليه الاعتداء، والسؤال الذي يمكن أن يثار هنا هو متى يصبح ميراث المرأة محلا للجريمة، وللوقوف على إجابة هذا التساؤل سنبين مفهوم الميراث وأحكامه لمعرفة الحالة التي يصبح فيها الميراث حقا للمرأة ويصح عندها أن يكون موضوعا للجريمة، وذلك على النحو الآتي:

يعرف الميراث بأنه «الخلافة عن المتوفي في ماله بسبب من الأسباب الموجبة له»[1]، وهو كل ما يستحقه الوارث بأحد أسباب الإرث بعد وفاة المورث أو هو انتقال المال على سبيل الخلافة من شخص لآخر،[2] كما يعرف بأنه انتقال ملكية المتروك من الأموال أو العقارات أو الحقوق الشرعية الأخرى من الميت إلى الورثة الأحياء وغيرها من التعريفات الكثيرة، وعلى العموم فإن مصطلح الميراث لا يمكن أن يتحقق ولا يكون محلا للجريمة إلا إذا اجتمعت فيه أركانه وشروطه وتحققت أسبابه[3]، ويراد بالركن كل ما يتوقف عليه وجود الشيء بحيث يكون داخلا في تكوينه وجزء من ماهيته،[4] وللميراث ثلاثة أركان هي: وجود الوارث وهو الإنسان الحي الذي سينتقل إليه المال (وهو هنا المرأة) ويرتبط بالمورث بأحد أسباب الميراث، والمورث وهو من يتوفى حقيقة أو حكما، والموروث وهو ما يُترك من الأموال أو الحقوق،[5] أما بالنسبة للشروط فيقصد بها كل ما ترتب على انتفائها العدم ولا يترتب على وجودها الوجود أو العدم لذاتها،[6] وتتمثل بتحقق وفاة المورث سواء بالبينة أو المشاهدة أو السماع أو بحكم القاضي كما في المفقود أو تقديرا كوفاة الجنين الذي ينفصل عن الأم نتيجة اعتداء، وثبوت حياة الوارث بعد وفاة المورث، وعدم وجود موانع تحول دون الإرث كالقتل والردة والرق.[7]

ويعرف المانع من الميراث بأنه ما ترتب على وجوده انتفاء الحكم كما لو تحقق في الوارث وصفا يترتب عليه حرمانه من الميراث على الرغم من تحقق سببه،[8] ويعد القتل أشهر موانع الميراث مقارنة بغيره، ويذهب رأي إلى القول أن هنالك خمسة أنواع من القتل تمنع من الميراث وهي: القتل العمد، القتل شبه العمد، القتل الخطأ، وما جرى مجراه، والقتل بالتسبب، لأن الأول بقتله لمورثه يكون ارتكب أفظع جرم، وهو بهذا الجرم الخطير لا يستحق الحياة فيكون الأولى أن لا يستحق مال مورثه، وكذلك شبه العمد لأن الجاني وأن لم يقصد إزهاق الروح وانصرفت نيته إلى الضرب فقط ألا أنه ارتكب فعلا محظورا فيتحمل عواقب أفعاله ويحرم من الميراث، والقتل الخطأ وما جرى مجراه (كمن يحفر في مكان لغرض الصيد فيسقط مورثه ويتوفى، أو ينقلب عليه أثناء نومه فيقتل[9]) فإن علة حرمانه هو التقصير الذي صدر منه وتسبب في مقتل المورث، وأيضا لتجنب الحالات التي يدعي فيها الجاني أن القتل كان خطأ ليخفي جريمته العمدية طمعا في مال المورث، أما القتل بالتسبب فإن صاحبه لا يرث مطلقا لكونه أما أن يدخل ضمن القتل العمد أو الخطأ ويأخذ حكمهما،[10]وهناك من يرى أن القتل بكل صوره مانع من الميراث بينما يرى آخر أن القتل الذي يمنع من الميراث هو ما كان موجبا للقصاص أو الكفارة وهو يشمل الصور الأربع الأولى، ويستثنى من هذه القاعدة حالة الأب الذي يقتل ولده متعمدا فإنه لا يرث المقتول على الرغم من عدم وجو قصاص ولا دية، أما القتل بالتسبب حسب وجهة نظرهم فإنه لا يمنع من الميراث على خلاف ما ذهب إليه الرأي السابق.[11]

وأخيرا يرى رأي أن هناك ثلاثة أنواع من القتل لا يترتب عليها الحرمان من الميراث، وهي: القتل بحق، القتل بعذر، القتل المرتكب من غير المكلف؛ لأن القاتل فيها لا يقصد الحصول على الإرث مقابل إزهاق روح المورث كما في الصور السابقة.[12]

وهناك من يضيف شرطا آخر إلى ما سبق ذكره من شروط وهو العلم بجهة الإرث أي لابد للقاضي من العلم بجهة الإرث وسببه ودرجة القربى ومراتبها، لأن أحكام الميراث تختلف بحسب جهاته وتفاوت درجات القربى فيه، وأن كان البعض الآخر لا يعده من شروط الميراث وإنما شرطا للقضاء باستحقاق الميراث.[13]

أما أسباب الميراث فيراد بها كل ما يترتب على عدمها العدم لذاته وعلى وجودها الوجود لذاته، وتقوم على أساس القرابة والنكاح الصحيح وكان هناك سببا آخر مطبقا فيما مضى يسمى بالولاء،[14] ويراد بالقرابة الصحيحة صلة النسب التي تربط بين المتوفى وأصوله وفروعه والأقرباء وذوي الأرحام ومن يقر له بالنسب وتتباين حصصهم في الميراث بحسب درجة القرابة، أما النكاح الصحيح فيقصد به العقد الصحيح الذي يتم وفقا للأصول القانونية والشرعية وبموجبه بكون كل من الزوجين وريثا للآخر عند الوفاة.[15] 

وعليه فإذا ما تحققت في الميراث أركانه واستوفى شروطه وقامت أسبابه، فإنه يصلح عندها أن يكون محلا لجريمة حرمان المرأة من الميراث، فإسباغ وصف التجريم على الاعتداء الذي ينال من ميراث المرأة يتوقف على استيفاء ذلك الميراث جميع أحكامه وثبوته على نحو قاطع كحق للمرأة في ميراث المتوفى، وبالتالي فإن تخلفت أركانه أو شروطه أو أنتفت أسبابه فعندها لا يشكل الفعل عدوانا لعدم ثبوت الحق للمرأة ابتداءً، فعلى سبيل المثال أذا ثبت أن المرأة كانت قاتلة للمتوفى فإنها لا تستحق شيئا من الإرث وأن حجبها من قبل بقية الورثة وعدم منحها نصيبها لا يعد جريمة يعاقب عليها، وذلك لتخلف المحل وتخلف أركان الجريمة تبعا له، فلا نكون أمام جريمة ولا مسؤولية، وعليه فإن قيام التجريم يقتضي التثبت من استحقاق المرأة بالفعل للميراث قبل مؤاخذة بقية الورثة، وقبل أن نختم حديثا في هذا الموضوع نود الإشارة إلى التعريف الذي وضعه رأي في الفقه لهذه الجريمة، إذ عرفها بأنها:  

«منع حصول المرأة أيا ما كانت (بنتا-أختا-أما-زوجة-بنت ابن-جدة) من حقها الذي حدده الشرع في علم الفرائض والمواريث سواء كان ذلك المنع والحرمان جزئيا أم كليا».[16]

المطلب الثاني: الحكمة من التجريم

أن البحث في الحكمة من تجريم الحرمان من الميراث يقتضي منّا الوقوف أولا على الحكمة من توريث المرأة؛ وذلك ليتسنى لنا معرفة المصلحة التي يسعى الشرع والقانون إلى حمايتها من وراء هذا التجريم.

ويشير البعض إلى أن الحكمة من توريث المرأة تكمن في المساواة بين الذكور والإناث، فكلاهما خٌلقا من نفس واحدة وإنهما متساويان في الكرامة الإنسانية وليس هناك ما يسمح بتفضيل الذكر على الأنثى بمنحه الميراث وحرمانها منه، فضلا عن أن الميراث يعد نظاما فطريا وكل إنسان مجبول على حب أولاده وحريص على أن يترك لهم ما يعينهم في احتياجاتهم ويغنيهم عن الغير وأن هذه الحكمة متحققة في الإناث أكثر من الذكور بحكم ضعفها وعدم قدرتها على كسب رزقها كما هو حال الذكور، فضلا عن أن نظام الميراث يحمل معنى الود والرفق بين الأقرباء وهو أحد الأسس التي يقوم عليها الميراث في الشريعة الإسلامية (التي استمدت منها القوانين الوضعية أحكام الميراث)، فتوريث الأم والبنت والأخت لا يقوم على أساس الحماية والنصرة وإنما على أساس الود والرفق بهنّ، ويشير البعض إلى أن توريثهن فيه أنصاف للضعفاء وتلبية للاحتياجات وهو أيضا من الأسس القائم عليها الميراث في الشريعة الإسلامية، إذ كانت المرأة في السابق عبارة عن متاع يخضع للإرث ولا تورث شيئا من أموال المتوفى حتى جاءت الشريعة، وقضت على هذه العادات ومنحتها حقها في ميراث الأب أو الزوج أو الأقارب، كما أن الحكمة من التوريث هي توزيع الأموال بين الناس وعدم حكرها على فئة منهم، وتوريث المرأة يساعد على تحقيق ذلك، إذ غالبا ما ترتبط المرأة بشخص أجنبي عن أسرتها، وهذا يؤدي إلى تجزئة الثروات الكبيرة وتحويلها إلى ملكيات متجزئة صغيرة تنقل إلى فئات أخرى من الناس ولا تتكدس بيد قلة منهم، وبذلك يتحقق الهدف المنشود.[17]

ويظهر مما ذكر في أعلاه، أن الشرع والقانون بتقريرهما الحق للمرأة في الميراث إنما يسعيان إلى تحقيق الحياة الكريمة لها وإبعاد الضرر عنها خاصة وإنها مخلوق ضعيف لا تقوى على كسب رزقها بسهولة، وأن حرمانها من الميراث يترتب عليها أضرار كبيرة مادية ومعنوية، وتظهر الأضرار المادية بحرمانها من العقارات والمنقولات التي تركها لها المورث، وهو ما يعد إفقارا لذمتها المالية دون وجه حق، كما يظهر الضرر المعنوي فيما يسببه حرمانها من الميراث من أذى نفسي ينشأ عن الإحساس بالتهميش من قبل بقية أفراد الأسرة والتقليل من قيمتها ومعاملتها وكأنها غريبة عن بقية أفراد الأسرة بحجج واهية لا تستند إلا على الطمع والجشع الذي لحق بنفوس الورثة، وتلافيا لهذا الضرر تدخل المشرع في بعض الدول وقرر تجريم كل اعتداء يترتب عليه حرمان المرأة من حقها في الميراث، فالضرر أساس التجريم، والمعلوم أن المشرع في كل الدول لا يتدخل ويجرم عملا أو امتناعا إلا إذا كان يشكل هدرا لمصلحة تستحق الحماية وتستوجب التدخل فعلا بالتجريم، وبما أن حرمان المرأة من الميراث في العراق ظاهرة موجودة وخاصة في بعض المناطق الريفية، فإن الأمر يقتضي من المشرع العراقي أن يتدخل بالتجريم لكل ما يطال حقوق المرأة في الميراث من اعتداءات وأن يدفع عنها الضرر أسوة ببقية التشريعات.

المطلب الثالث: أسباب حرمان المرأة من الميراث

أن حرمان المرأة من الميراث يرجع إلى أسباب متعددة بعضها يتعلق بالمرأة نفسها، وبعضها يتعلق بالأسرة، والآخر يتعلق بالمجتمع، وفي إحدى الدراسات التي أجريت على عينة من النساء في المجتمع الفلسطيني حول تحديد أسباب الحرمان من الميراث تبين أن المرأة في الغالب الأعم كانت عاملا أساسيا في حرمانها من الميراث، وذلك نتيجة لعدم مطالبتها بحقها خجلا وحياء من أسرتها، وقد بلغت نسبة هذا العامل بحسب إحصائيات هذه الدراسة (17.3%)، والسبب الآخر هو قلة الميراث -كما لو كان الشقة التي تسكن فيها العائلة أو عقارا لا يقبل التقسيم- فعندها تضطر المرأة إلى التنازل عن حقها لأخوتها طواعية مفضلتهم على نفسها- وبلغت نسبة هذا العامل (16.3%)، وكذلك الجهل بأحكام الشرع وبنسبة (12.5%)، إذ أن العادات السائدة لديهم هو حرمان المرأة من الميراث ونتيجة لهذا الاعتقاد كانت المرأة تتنازل عن نصيبها ولا تتجرأ على المطالبة به دون أن يكون لديها علم بأن تلك العادات تتناقض مع الشرع، فضلا عن العادات الاجتماعية الراسخة لدى العائلة وما تنطويه من تفضيل للذكور على الإناث وبلغت نسبته (8.3%)، وأسباب أخرى منها أن الأنثى ضعيفة ولا يأخذ برأيها بنسبة (11%) أو أن المطالبة بالميراث عيب (7.7%)، والنظرة السلبية للمرأة التي تطالب بالميراث (5.4%).[18]وكل هذه العوامل تساهم في عدم مطالبة المرأة بحقها ومن ثم التسبب في حرمانها من نصيبها.  

ولا يتوقف حرمان المرأة من الميراث على ما ذكر من أسباب وإنما يمتد إلى: الضغوطات النفسية والخوف من المطالبة بحقها، تفضيل المرأة البقاء في حماية أسرتها على المطالبة بالميراث، تجنب وقوع جرائم كالقتل أن طالبت بحقها، الاحتفاظ بالميراث لدى أخوتها ضمانا لمستقبلها أن وقع الطلاق، عدم قدرتها على دفع تكاليف المطالبة القضائية ... وغيرها، أما عن أهم الأسباب المتعلقة بعائلتها فإنها تتمثل بالطمع لدى الأخوة في حصة أخواتهم من الميراث، مقاطعة العائلة للمرأة أن لجأت للمحاكم، الاعتقاد الخاطئ بأن تعليم المرأة وتجهيزها للزواج يسقط حقها في الميراث، تحريض زوجات الأخوة على حرمان الأخوات من الميراث، بيع التركة صوريا لأحد الأشخاص أو سرقة بصمات الأب وهو على فراش الموت أو معاقبتهن على عقوقهن للأهل وعدم زيارتهم[19]، تحجج الذكور بأنهم من ساهموا في تكوين الثروة وخاصة بالنسبة للعقارات التي ينحصر الحق فيها بحسب العادات والتقاليد لهم دون الإناث، الحفاظ على أملاك العائلة وعدم انتقالها لعائلة ثانية، فضلا عن الحاجة المادية للأسرة والحفاظ على تلاحمها.[20]

ومن الأسباب المتعلقة بالمجتمع تغليب العرف القبلي على الشريعة الإسلامية والقوانين فيما يتعلق بميراث المرأة، نظرة المجتمع للمرأة المطالبة بحقها بأنها متجاوزة لحدود التربية، ضعف الوسائل الإعلامية في التوعية بحق المرأة في الميراث، عدم وجود جهة مختصة بمتابعة حصول المرأة على حقها وضمان إيصاله إليها،[21] فضلا عن المعوقات القانونية المتعلقة بطول إجراءات التقاضي، وعدم وجود أو ضعف فاعلية النصوص التجريمية التي تعاقب أفعال الاحتيال والإكراه الذي يرتكب ضد المرأة من أجل حرمانها من الميراث، بعد المحاكم عن المناطق الريفية مما يحول دون أمكانية متابعة المرأة لقضايا الميراث بنفسها، عدم الثقة بجدية تنفيذ أحكام القضاء، انعدام المعرفة الثقافية والقانونية والمدنية لغالبية النساء وخاصة في معاملات التخارج، والرهبة من التوجه إلى المحاكم والقوانين.[22]

وفي إحدى الدراسات التي تم استطلاع الرأي فيها عن أسباب حرمان المرأة من الميراث، أشارت إحدى النساء في الأردن إلى أن أخوتها منعوها من الميراث تحت تأثير التهديد بالإيذاء لها ولأولادها في حال عدم التنازل، ورغم حاجتها للمال واستمرارها بالمطالبة لخمس أعوام اضطرت في النهاية إلى التنازل مقابل مبلغ بسيط من المال، وفي واقعة مماثلة أخرى ذكرت أم لثمانية عيال أنها اضطرت للتنازل عن حصتها إلى أخوتها بعد تنازل شقيقاتها، وبينت أن هذا التنازل كان نتيجة الإكراه المعنوي الذي تعرضت له إذا لم يكن لها خيار آخر، ونتيجة للظروف المادية الصعبة التي كانت تعانيها فقد منحها أخوتها 3000 دينار كبدل عن التنازل وهو مبلغ لا يساوي ما تستحقه من ميراث أبيها الذي يفوق ذلك بمبلغ كبير بسبب ما كان يملكه من العقارات والمحال التجارية، وفي واقعة أخرى في فلسطين أشارت الوريثة إلى أنها حرمت من الميراث نتيجة التوقيع على ورقة أدعى أفراد أسرتها أنها لأجل ضمان حقها في الميراث، وبعد التوقيع تبين لاحقا أنها كانت تمثل تنازلا عن حقها في الميراث للأخوة الذكور، وفي مصر بينت إحدى الوريثات أن والدها توفي ولديه خمس بنات غيرها وأنه كان يملك ارض زراعية تقدر ب(10) أفدنة مجاورة لأراضي أعمامها، وعند البدء بإجراءات توزيع التركة تفاجأت بطلب الأعمام منها التنازل عن الأرض بحجة أن أخوتها صغار وأنهم سيقومون برعاية الأرض، وأنها اضطرت إلى التنازل نتيجة الضغوطات ولم تحصل من ميراث أبيها على غير الثلاثين ألف جنيه فقط وما عداه أصبح للأعمام.[23]

وهذه كانت مجرد أمثلة على حالات حرمان المرأة من الميراث، ويوجد غيرها الكثير من الوقائع التي تحرم المرأة من حقها في الإرث لأسباب لا تستند إلى شرع ولا قانون، وتمثل تعديا صارخا على حقوق المرأة الأرثية، ولا يكاد يخلو منها أي مجتمع عربي وخاصة في الأرياف.

المبحث الثاني

 تجريم حرمان المرأة من الميراث في القوانين المقارنة

بداية لابد من الإشارة إلى أن المرأة لم يكن لها ميراث قبل ظهور الشريعة الإسلامية، ذلك أن الأعراف السائدة في الجاهلية كانت تمنع المرأة من أن ترث من أقربائها المتوفين مهما كانت درجة قرابتها منهم، كما لا ترث من زوجها المتوفي، وكانت تعامل على أنها أحد الممتلكات التي تدخل ضمن التركة، وإذا توفى عنها زوجها وليس لها ولد توّرث إلى الابن البكر للمتوفى، ومن حقه الزواج بها،[24] وكان الميراث عند العرب قديما حقا لمن يستطيع حمل السلاح والقتال من الذكور دون غيرهم من النساء والأطفال ومن في حكمهم، واستمر الوضع هكذا إلى أن جاء الإسلام وأبطل هذه الجاهلية، وقرر لكل من الذكور والإناث نصيبهم في الميراث، ومن أحكام الشريعة الإسلامية استمدت البلاد العربية والإسلامية (بما فيها العراق) أحكام قوانينها كقوانين الأسرة والأحوال الشخصية وغيرها من القوانين المنظمة لموضوع الميراث[25]، وبعد نزول آيات الميراث أصبح للمرأة ذمة مالية مستقلة أسوة بالرجال، فأصبح لها أن ترث وتورث وتتملك وتهب وتجري المعاملات المالية كافة، مع الإشارة إلى أن الشرع الحكيم جعل للمرأة نصيبا أقل مما للرجل، مراعاةً منه لما يترتب على الرجل من التزامات مالية كثيرة لا تكلف بها المرأة مثل المهر والسكن والإنفاق على زوجته وأولاده، فأموالها تزيد وأموال الرجل تنقص بالنفقة على عياله، لذلك سعى الشرع الحكيم إلى تحقيق العدل والإنصاف بين كلا الجنسين بتقرير نصيبها بنصف ما للرجل من نصيب.[26] وسنتطرق في هذا المبحث إلى معالجة التشريعات الوضعية لموضوع حرمان المرأة من الميراث من الناحية الجزائية، وسنبين أولا القانون المصري ثم الليبي وبعدها العراقي، وذلك على النحو الآتي: 

المطلب الأول: تجريم حرمان المرأة من الميراث في القانون المصري        

أستمد المشرع المصري أحكام الميراث من الشريعة الإسلامية، ونظم أحكامه في قانون مستقل تضمن (48) مادة موزعة على ثمانية أبواب، وعلى الرغم من الأحكام الكثيرة التي وضعت للميراث ألا أنها لم تكرس نصوصا عقابية زاجرة تردع من يتحايل على أحكامه،[27]وأستمر هذا الوضع دون معالجة على الرغم مما أثارته قضايا الميراث من مشكلات كثيرة في المجتمع المصري، إذ بلغت أعداد قضايا الخلاف حول الميراث ما يقارب (244) ألف قضية سنويا أمام القضاء، وقضايا الحجر على الوالدين أو أحدهما بحجة عدم أهليتهم للتصرف بالممتلكات ما يقارب (4750) قضية، ولم تتوقف المشكلة على القضايا المقامة من الأبناء على الآباء وإنما امتدت لتشمل القضايا المقامة من الأشقاء ضد بعضهم البعض، وترجع غالبية الخلافات حول الميراث إلى الطمع في مستحقات الآخرين من الورثة، والناتج في الغالب عن ارتفاع الأسعار والبطالة، كما أن بعض هذه الخلافات وصلت إلى حد ارتكاب أخطر الجرائم بين أفراد الأسرة الواحدة وبالتحديد جرائم القتل، إذ بلغت عدد الجرائم المرتكبة منها بسبب الميراث سنويا (9600) ألف جريمة، ولأجل المحافظة على كيان الأسرة من جهة وحقوق المرأة من جهة أخرى وخاصة في المناطق الريفية والصحراوية تم التوصل إلى تقديم مقترح بإضافة نص عقابي إلى القانون آنفا،[28]وتمت الموافقة على هذا المقترح في (30 ديسمبر2017) بإضافة الباب التاسع المعنون بـ(العقوبات) إلى القانون، وأحتوى هذا الباب على مادة جديدة ذات الرقم (49) تضمنت معالجة تشريعية لما كان يعتور القانون من عيوب في موضوع الجزاءات العقابية.[29]

وأشارت المادة المذكورة آنفا إلى تجريم بعض السلوكيات التي كان يمارسها بعض الورثة ضد الآخرين، ومن هذه السلوكيات الامتناع العمدي عن تسليم أحد الورثة نصيبه في الميراث، أو الحجب للسند الذي يثبت حق الوارث، أو الامتناع عن تسليم السند عند طلبه من أحد الوارثين، وحدد عقوبة من يأتي بأي من هذه السلوكيات بالحبس الذي لا يقل عن (6) أشهر والغرامة التي تتراوح بين (1000-100000) جنيه، أو إحداهما، وفي حال عدم الزجر، وتكرار الجاني للفعل مرة ثانية فإن العقوبة تشدد إلى الحبس الذي لا يقل عن سنة واحدة.[30]

ومن الخصوصيات التي نص عليها المشرع للدعاوى الجزائية المتعلقة بالميراث أنه أجاز الصلح في أي حال تكون عليها الدعوى وأن كان الحكم الصادر فيها باتا، كما أجاز لجميع الأطراف وهم المجنى عليه وورثته أو وكيلهم الخاص وللمتهم والمحكوم عليه أو لوكيلهم الخاص أن يثبتوا وقوع الصلح سواء أمام النيابة أو المحكمة حسب كل حالة، ورتب على قبول الصلح عدة آثار منها انقضاء الدعوى الجزائية حتى وأن كانت مرفوعة عن طريق الادعاء المباشر، ووقف تنفيذ العقوبة بأمر من النيابة أن كان الصلح قد تم أثناء تنفيذها، مع كفالة حق المتضرر في التعويض وعدم المساس به عند الصلح.[31]

  ومن التطبيقات القضائية على جريمة حرمان المرأة من الميراث ما قضت به محكمة جنح (أبو المطامير) في محافظة البحيرة على المدان الذي أمتنع عن تسليم شقيقته نصيبها في ميراث والدتهما، إذ تتلخص وقائع القضية في قيام أحد الأشقاء بحرمان شقيقته من حصتها في ميراث والدتها، والمتمثل بفدانين من أرض زراعية، وقد طالبته وديا بحقها مرات عديدة دون استجابة، ونتيجة لامتناعه قامت بتحريك الدعوى الجزائية وصدرت بحقه عقوبة الحبس لمدة سنة واحدة، كما طالبت بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بها نتيجة الامتناع المتعمد عن تسليمها حقها في الميراث.[32]

المطلب الثاني: تجريم حرمان المرأة من الميراث في القانون الليبي

يعد التشريع الليبي من أولى التشريعات التي كفلت حماية جزائية لحق المرأة في الميراث، وذلك في قانون حماية حق النساء في الإرث رقم (6) لسنة (1959)، إذ نص هذا القانون على الحالات التي تشكل تعديا على حق المرأة في الميراث والكيفية التي تصدى فيها المشرع لها في المواد (1-5).

ومن صور التجريم التي نص عليها هذا القانون الامتناع عن تسليم المرأة نصيبها المستحق لها في الميراث، وعرفت المادة (2) منه هذا الاعتداء السلبي على حق المرأة بأنه :»عدم تسليم المرأة نصيبها في الميراث أو الحيلولة دون انتفاعها به أو تصرفها فيه أو حبس غلته عنها أو عدم تمكينها من مباشرة ما للمالك من حقوق أخرى على ملكه»، وهذا النص قيد تحقق الاعتداء بأن يكون منصبا على حق ثابت استحقاقه للمرأة أيا كانت وسيلة ثبوته، سواء أكان ثابتا بالإقرار أو بالحكم النهائي الصادر من الجهات ذات الاختصاص.[33]

ويظهر من النص أعلاه أن التعدي الذي ينال من حق المرأة في الميراث يتمثل بالامتناع عن أداء نصيبها المستحق لها في التركة، وللوقوف على ماهية هذا الاعتداء وأحكامه سنبحث في الأركان المكونة له على النحو الآتي:

الركن المادي يقوم هذا الركن على ثلاثة عناصر هي: السلوك الإجرامي والنتيجة الإجرامية والعلاقة السببية بينهما.

 والسلوك هنا يتمثل بالامتناع وهو يظهر على وجهين: امتناع بصورة سلبية وامتناع بصورة ايجابية، ويتحقق الأول بمجرد امتناع واضع اليد على التركة عن تسليم المرأة لحقها عند المطالبة به دون أن يصحب ذلك أي موقف، وهذا الإفصاح عن الامتناع قد يكون صريحا أو ضمنيا بالتهرب من توزيع الميراث على مستحقيه دون مسوغ، وهذه الصورة نظمتها الفقرة الأولى من المادة (2) من القانون أعلاه، أما الثاني فلا يتحقق بعدم التسليم وحسب وإنما يتجاوزه إلى مواقف أخرى تعزز الموقف السلبي للجاني كمنع المرأة من الانتفاع بحقها أو التصرف فيه أو تمكينها من الظهور بمظهر المالك على نصيبها المستحق وما يتبعه من حقوق أخرى يمارسها المالك على ملكه، وهو ما أشارت إليه الفقرة الثانية من المادة (2) من القانون نفسه، مع الإشارة إلى أن ما تم ذكره من صور وردت على سبيل المثال وليس الحصر، وبالتالي فإن أي وسيلة تستعمل لغرض منع المرأة من حقها تدخل ضمن النص أعلاه وأن كانت غير منصوص عليها فيه، كما أن ما ذكر ينطبق على الأفعال التي تمارس من واضع اليد على التركة (الجاني) ضد الإناث دون أن يمتد ليشمل الأفعال المرتكبة ضد الذكور الآخرين من الورثة، كون النص أعلاه مقررة لغرض حماية حق الإناث في الميراث وليس الذكور.[34]

الركن المعنوي: يقوم الركن المعنوي على الإرادة الآثمة، وهي تتطلب وجود رابطة نفسية تربط بين الفاعل والجريمة وتكون أساسا للمسؤولية الجزائية، وهذه الجريمة تتطلب وجود قصدا جنائيا عاما وخاصا، والقصد العام يقوم على العلم والإرادة، ويراد بالأول العلم بالعناصر المكونة للركن المادي للجريمة أي العلم بالسلوك المتمثل بالامتناع عن تسليم الوريثة نصيبها في الميراث واتجاه إرادته إلى تحقيق النتيجة الإجرامية، وهي الامتناع عن التسليم أو القيام بأعمال تحول دون الحصول على الميراث، فقيام القصد العام يتطلب الإدراك أو الفهم لما يقوم به الجاني والحرية لما يقدم عليه من تصرف، فإن انتفى أي منهما انتفى القصد العام تبعا لهما، أما القصد الخاص فإنه يتمثل بالنية الإجرامية التي تتمثل بحرمان المرأة من الميراث وحلول الجاني محلها في التصرف بنصيبها أي حرمانها من الظهور على المال بمظهر المالك ومباشرة الحقوق التي يقررها القانون للمالك الشرعي واستئثار الجاني بما لها من حق على المال، فينتفع به وحده ويستعمله ويتصرف به دون موافقتها، وعليه فإن هذه الجريمة العمدية لا يمكن أن تقوم على القصد العام فقط وإنما تتطلب أن يجتمع معه القصد الخاص، فإن تخلف يتخلف معه الركن المعنوي ولا يكون الفعل جريمة.[35]

ومن الجدير بالذكر أن المشرع الليبي لم يكتف بصورة التجريم أعلاه وحسب وإنما عالج موضوع ميراث المرأة المتنازع فيه أيضا، فإذا كان حق المرأة في الميراث محل نزاع، فعلى واضع اليد على التركة الحضور إلى المحكمة في مدة ثلاثة أشهر من تاريخ مطالبة المرأة بحقها في الميراث على يد محضر، والحضور هنا وجوبي وليس جوازي لأجل الفصل في النزاع، فإذا لم يحضر، عدّ ذلك إقرارا منه باستحقاق المرأة للميراث وأن لها نصيبا فيه،[36] كما تضمن هذا القانون معالجة لحق المرأة في الميراث في الفترة السابقة على نفاذه، إذ جعل لنفاذه أثرا رجعيا بالنسبة للمستحق للمرأة من الميراث من تاريخ (25/ ديسمبر/1951) ولغاية نفاذ هذا القانون، وأوجب أداء هذا المستحق للمرأة ضمن مدة ثلاثة أشهر من تاريخ العمل بالقانون أن لم يكن محل نزاع، أما أن كان الميراث محلا للنزاع فتطبق أحكام المادة الثالثة منه.[37]

أما عن التصدي التشريعي لهذه الانتهاكات التي ترتكب ضد حقوق المرأة في الميراث، فقد ورد النص عليها في المادة (5) من القانون آنفا، إذ قرر المشرع فيها عقوبة الحبس لكل من يخالف أحكام المواد السابقة، فضلا عن إلزام مرتكب الانتهاكات بأداء كل ما مستحق للمرأة من الميراث،[38]وتعرف عقوبة الحبس حسب ما ورد في قانون العقوبات بأنها وضع المحكوم عليه في أحد السجون المركزية أو المحلية مدة لا تقل عن (24) ساعة ولا تتعدى (3) سنوات إلا في الحالات التي ينص عليها القانون بغير ذلك، والحبس في القانون الليبي أما أن يكون بسيطا أو مع الشغل، والحبس مع الشغل يحكم به القاضي كلما كانت العقوبة سنة فأكثر وكذلك في الأحوال المحددة قانونا، بينما الحبس البسيط يحكم به في المخالفات، وما عدا ذلك فإن للقاضي سلطة تقديرية في الحكم بالحبس مع الشغل أو بدونه.[39]

وفي الجريمة أعلا نجد أن المشرع حددها بالحبس فقط دون أن يذكر المدة المقرر لها مما يعني أن القاضي هو من يتولى تحديدها ضمن الحدين المذكورين آنفا مع مراعاة الحكم بالشغل أو بدونه بحسب تقديره لمدة العقوبة، وبذلك كفل المشرع إلى حد ما حماية جزائية تضمن حصول المرأة على نصيبها، وتضمن عدم تعدي الورثة على بعضهم البعض مما يحافظ على العلاقات الاجتماعية بين أفراد الأسرة الواحدة ويبقيها مستمرة وخالية من المشاكل.  

يظهر لنا مما ذكر في أعلاه، أن كلا القانونين المصري والليبي يتشابها من حيث التنوع في تحديد الأفعال المجرمة، وفي تقريرهما عقوبة الحبس دون السجن، ويتباينان في أمور عدة منها أن القانون المصري جعل عقوبة الحبس مقيدة بحد أدنى مع الغرامة المحددة بقيدين، أو إحدى هاتين العقوبتين، واشترط لتطبيقها عدم وجود نص آخر في أي قانون يقضي بعقوبة أشد منها كما بينّا آنفا، في حين أن المشرع الليبي حصرها بالحبس المطلق دون قيد أو إضافة لعقوبة أخرى، فضلا عن أن المشرع المصري تفرد عن الليبي بتقريره لظروف مشددة ونظام الصلح، وأجاز قبول الصلح ولو بعد اكتساب الحكم الدرجة النهائية كما أسلفنّا، بينما تفرد المشرع الليبي بتقريره أداء الميراث للمرأة ضمن الحكم، إذ أوجب على القاضي أن يحكم بإلزام الجاني بأداء حق المرأة في الميراث وعدم الاكتفاء بفرض العقوبة وحسب، ومما جاء به المشرع الليبي أيضا أنه جعل القانون يمتد بنطاقه على الماضي وعالج بعض الحالات التي لم تحسم بخلاف المشرع المصري، وأخيرا نود القول أن موقف كلا القانونين لا يخلوا من النواقص والثغرات ولاسيما في بساطة العقوبة وعدم صرامتها ألا أنهما كانا محاولة إيجابية في سبيل توفير حماية جزائية تكفل ولو بصورة جزئية حماية لحق المرأة في الميراث، وسنتطرق في المطلب التالي لموقف المشرع العراقي لنتعرف فيما إذا كان قد حذا حذوهما في حماية ميراث المرأة أم لا.

المطلب الثالث: موقف القانون العراقي من حرمان المرأة من الميراث

وبشأن موقف المشرع العراقي،[40] فنود الإشارة إلى أنه جعل من الشريعة الإسلامية مصدرا من مصادر القانون عامة،[41]ومصدرا أساسيا لقضايا الميراث خاصة، إذ تبنى قانون الأحوال الشخصية رقم (188) لسنة (1959) المعدل أحكام الميراث منها، وذلك بموجب التعديل الأول للقانون عام (1963)، وتبعا لهذا التعديل أضيف الباب التاسع المسمى «في أحكام الميراث» إلى القانون أعلاه، وتضمنت المواد (86-91) كل ما يتعلق بالميراث من حيث أركانه وأسبابه وشروطه والحقوق الخاصة بالتركة والورثة المستحقون وغيرها من الأحكام،[42]وأكدت المواد آنفا على حق المرأة في الميراث، وأنها ترث من المتوفى أما بالقرابة كالأم والبنت والجدة والأخت وبنات الأخ أو الأخت والعمة والخالة،[43]ويجري توزيع استحقاقهن وأنصبتهن وفقا لأحكام هذا القانون والأحكام الشرعية التي كانت مطبقه قبل تشريعه،[44] أو بالنكاح الصحيح، وتستحق في حال وجود الولد الثمن، وفي حال عدم جوده الربع.[45]   

وعلى الرغم من أن قانون الأحوال الشخصية أقر بحق المرأة في الميراث، وحدد نصيبها واستحقاقها بالقرابة والنكاح، وفصّل الأحكام المتعلقة بهما ألا أنه جاء قاصرا في تنظيم الحماية القانونية لحقوق الورثة عامة والمرأة خاصة، إذ لم يتضمن تدابير فعالة تحول دون تعدي الورثة على ميراث المرأة أو الورثة الآخرين، ولم يفرض عقوبات جزائية على حالات الحرمان أو الحجب لنصيبهم فيه، وهو في ذلك أختلف مع الشريعة الإسلامية التي تبنى منها أحكامه، إذ نصت صراحة على تحريم كل تعدٍّ على حقوق الغير بما فيها حقوق النساء في الميراث، وعدّت أخذه بغير حق ظلما وعدوانا، وهذا القصور ينبغي على المشرع أن يتلافاه سواء في قانون الأحوال أم في القوانين العقابية خاصة مع تزايد حالات التعدي على حقوق الورثة. 

ويشهد الواقع العملي وجود حالات تعدي كثيرة على حقوق المرأة في الميراث، إذ أن الأعراف العشائرية التي تقوم على حرمان المرأة من الميراث سائدة في أغلب المناطق وخاصة الريفية منها، وأن هذه الظاهرة تنامت بسبب عدم مطالبة المرأة بحقوقها الإرثية عن طريق القانون، وغالبا ما يلجأ الذكور إلى التحايل على الشرع والقانون لحرمان المرأة من ميراثها، وذلك من خلال الضغط عليها للتنازل عن حقها في صورة هبة أو بيع أو تخارج عن نصيبها في مقابل صوري، لتصبح التركة للذكور فقط، وذلك بحجة المحافظة على أموال مورثهم من الانتقال إلى أسر غريبة عنهم، ويلاحظ أن أحد الأحكام القضائية أكد هذا التنازل في معاملات التخارج التي يتم إنجازها في المحاكم، إذ في أغلب المعاملات يكون المتخارج من الإناث الوارثات والمتخارج له من الذكور وببدل صوري، ومع ذلك لا يملك القضاء إلا إتمام التخارج بعد سؤال المتخارجة أن كانت تخارجت بإرادتها وأنها قبضت الثمن أم لا، والأمر نفسه عند الإقرار بالبيع لدى الجهات الرسمية، كما قد يلجأ بعض الورثة إلى حرمان المرأة من حقها بصورة مباشرة؛ وذلك باستخراج القسام الشرعي دون أن يذكر فيه اسم الوريثة، وقيامهم نتيجة هذا الحجب بالتصرف بنصيبها وبيعه، وتوجد عدة دعاوى رفعت أمام محاكم البداءة من قبل الوارثات للمطالبة بتصحيح القسام،[46] فضلا عن عدد من الدعاوى المرفوعة أمام محكمة الأحوال الشخصية بهذا الشأن، وغالبا ما يتم التنازل عن الدعاوى نتيجة إجراء الصلح خارج المحكمة بعد استيفاؤها العوض من بقية الورثة، وفي حال عدم التنازل فإن سياق العمل يجري على إشعار محاكم التحقيق لتتخذ الإجراءات القانونية بحق طالب القسام الشرعي وفقا للمادة (248)[47]من قانون العقوبات لعدم تقديم معلومات صحيحة للقضاء بشأن الورثة أولا، ولما يترتب على ذلك من تضليل للقضاء ثانياً.[48]

وفقا لما تقدم، يتضح لنا القصور التشريعي في حماية حق المرأة في الميراث، إذ على الرغم من الانتهاكات الكثيرة لحقوق المرأة ألا أن المشرع لم يضع نصا جزائيا واحدا يكفل الحماية لها ولحقوقها الإرثية، وهو ما دفع الذكور من أفراد الأسرة إلى التمادي في التعدي على حقوقها سواء ببدل صوري أو بدونه، وغالبا ما تكون المرأة في ظروف مالية سيئة ومع ذلك تخضع للواقع أما كرها تحت تأثير التهديد أو الخوف من المشاكل، وإما حياءً من أخوتها، وأقتصر دور المشرع العراقي على حماية غير مباشرة بموجب المادة أعلاه، وهي حماية ضعيفة وغير فعالة لكونها انطوت على عقوبة الحبس والغرامة أو إحداهما، وهي لا تفرض على من يسلب المرأة حقها مباشرة وإنما على من يظلل القضاء بمعلومات غير صحيحة، وبالتالي يمكن للذكور أن يتلافوا هذه العقوبة من خلال اللجوء إلى وسائل الضغط والإكراه لإرغام المرأة على التنازل وهو ما أثبته الواقع العملي، وتبعا لذلك فأن حماية حقوق المرأة في الميراث يحتاج إلى تدخل تشريعي مباشر ليضع حد لكل ما ينالها من انتهاكات من قبل بقية أفراد الأسرة.

الخاتمة

بعد أن أنهينا البحث في موضوع (المسؤولية الجزائية الناشئة عن حرمان المرأة من الميراث) توصلنا إلى بعض الاستنتاجات والتوصيات ندرجها على التوالي: 

أولا –الاستنتاجات:-

أن حرمان المرأة من الميراث لا يعد جريمة في القانون العراقي لعدم وجود نصوص عقابية تجرم حالات الاعتداء على حقوقها في ميراث المتوفى لا في قانون العقوبات ولا القوانين الخاصة، على الرغم من أن هذه الظاهرة لها وجود في بعض المجتمعات العراقية.

أن ميراث المرأة لا يصلح أن يكون محلا للحماية الجزائية إلا إذ كان حقا ثابتا لها، وهذا الحق يثبت للمرأة باستيفاء الميراث لأركانه وشروطه وأسبابه وبانتفاء موانعه التي نص عليها القانون، ومن ثم فإن حرمانها من الميراث لا يرتب المسؤولية الجزائية بصورة دائمة، وإنما فقط في الحالات التي ينصب فيها على حقها الثابت لها، وهذا يعني أن على الجهات المختصة البحث أولا في مدى توافر محل الجريمة من عدمه قبل اتخاذ الإجراءات القانونية بحق بقية الورثة، وذلك لاحتمال وجود مانع يحول دون استحقاق المرأة للميراث كما في القتل، ومن ثم لا يكون حرمانها جريمة معاقب عليها.

أن المشرع الجزائي لا يقدم على تجريم فعل أو امتناع إلا إذ كان يشكل خطر على حق يحميه القانون، ويكون أولى بالحماية الجزائية من غيره، وتدخل المشرع الجزائي (في التشريعات المقارنة) بتجريم تلك الاعتداءات كان بسبب ما تمثله من خطر على حق المرأة في الميراث، وما يترتب على هذا الخطر من أضرار مادية ومعنوية لا حصر لها، فكانت صيانة حقها في الميراث أولى لدى المشرع من هدره، بالنظر لما يترتب على حمايته هذه من جلب منفعة ودرء مفسدة عنها.

أن دوافع ارتكاب هذه الجريمة متعددة ولا حصر لها، فبعضها تتعلق بالمرأة ذاتها بسبب عدم مطالبتها بحقها أو الخوف من المطالبة، وبعضها تتعلق بالأسرة التي غالبا ما يكون لها الدور الأساس في حرمان الإناث وتوريث الذكور فقط، وقد تتعلق بالمجتمع الذي تعيش فيه المرأة وما يسوده من عادات وتقاليد قبلية تقوم على توريث الذكور دون الإناث.

أن هذه الظاهر المنتشرة في بعض المجتمعات وخاصة الأجزاء الريفية منها، لم تعالج إلا من قبل بعض التشريعات فقط، ويعد القانون الليبي من أوائل تلك القوانين التي تصدت لحالات حرمان المرأة من الميراث، وعدّتها من جرائم الجنح وعاقبت عليها بالحبس، وتماثل معه في ذلك القانون المصري الذي عدّها أيضا من جرائم الجنح وعاقب عليها بالحبس المقيد والغرامة المقيدة أو إحداهما.  

يتميز السلوك الإجرامي المكون للجريمة (في التشريعات التي عالجتها) بكونه نشاطا سلبيا يتمثل بالامتناع، وهذا السلوك له صورتين: أحدهما النشاط السلبي البحت وهو يتحقق بمجرد الامتناع عن تسليم المرأة لحقها في الميراث، والثاني النشاط السلبي المقترن بنشاط إيجابي ويتحقق بممارسة أنشطة تعزز امتناع الجاني عن منح المرأة حقها في الميراث، كما لو رفض تسليمها ميراثها وقام بمنعها من الانتفاع بمالها أو التصرف فيه أو الظهور على مالها بمظهر المالك.

تعد جريمة حرمان المرأة من الميراث من الجرائم ذات القصد الخاص، إذ إنها لا تتحقق بتوافر القصد الجرمي العام (العلم والإرادة) وحسب، وإنما ينبغي أن يتوافر إلى جانبه القصد الخاص القائم على نية تملك، أي نية تملك نصيب المرأة من الميراث والتصرف فيه تصرف المالك، وبدون هذه النية لا يمكن قيام الجريمة.

ثانيا-المقترحات:-

ضرورة التدخل التشريعي من قبل مشرعنا العراقي وسنّ قانون يعاقب على كل اعتداء يترتب عليه حرمان المرأة من الميراث، وذلك بإضافة نص إلى قانون الأحوال الشخصية يتضمن عقوبات جزائية رادعة لكل من يخالف أحكام الميراث المحددة فيه وينشأ عنها أضرار للورثة عامة وللنساء خاصة، ونقترح أن يكون النص على النحو الآتي: «1-يعاقب بالحبس والغرامة كل من يحرم أو يتسبب في حرمان المرأة من استحقاقها في ميراث المتوفى، مع إلزامه بأداء ما مستحق للوريثة من حقوق في التركة. 2- تكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن سبع سنين في حال العود. 3- يعاقب بالحبس والغرامة كل من يقوم باستخراج القسام الشرعي ويستبعد منه إحدى الوريثات متعمدا قاصدا حرمانها من حقها».

العمل على إقامة برامج توعوية وتثقيفية حول حقوق المرأة عامة وحقوقها في الميراث خاصة، وبالتحديد في المناطق الريفية التي يغلب عليها التمسك بالعادات القبلية التي ترفض عدّ المرأة من مستحقي الميراث، وذلك بهدف توعيتها وتشجيعها على المطالبة بمستحقاتها من الميراث، وبيان السبل الممكنة التي ينبغي عليها سلوكها عند امتناع بقية الورثة عن تسليم نصيبها من الميراث، وعدم التنازل عنه حتى وأن كان بمقابل مادي.

تبسيط إجراءات التقاضي الجزائي من أجل تسهيل لجوء الضحايا إلى القضاء والتصدي للاعتداءات التي تنال من مستحقاتهم المالية في التركة، ذلك أن أحد الأسباب التي كانت تحول بين المرأة وبين مطالبتها بميراثها هو صعوبة إجراءات التقاضي من حيث طول إجراءاتها وتعذر دفع تكاليف المطالبة القضائية، فضلا عن أقرار نظام الصلح كوسيلة لحل النزاع وديا بين الضحية والجاني، وقبوله في أي حالة كانت عليها الدعوى.


[1] سعيدة دالع، ذهبية أبو موسى، حرمان المرأة من الميراث بين الهيمنة الذكورية والتنشئة الاجتماعية، مجلة الباحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد (11)، العدد (2)، 2019، ص14.

[2] د.قيس عبدالوهاب الحيالي، ميراث المرأة في الشريعة الإسلامية والقوانين المقارنة، ط1، دار الحامد، عمان، 2007، ص41.

[3] نص المشرع العراقي على أركان الميراث وشروطه وأسبابه في المادة (86) من قانون الأحوال الشخصية رقم (188) لسنة (1959) المعدل، وحدد الأركان بالفقرة الأولى بـ(المورث والوارث والميراث)، والأسباب في الفقرة الثانية بـ(القرابة والنكاح الصحيح)، والشروط بالفقرة الثالثة بـ(موت المورث، وحياة الوارث بعد موت مورثه، والعلم بجهة الإرث).

[4] د.مصطفى إبراهيم الزلمي، أحكام الميراث والوصية وحق الانتقال في الفقه الإسلامي المقارن والقانون، ط1، إحسان للنشر والتوزيع، كردستان-العراق، 2014، ص 23.

[5] أ.محمد رمضان، دليل عمل العاملين بمكتب شكاوى المرأة، الكتاب الثامن، التركات والمواريث في ضوء القانون رقم (77) لسنة (1943) بإصدار قانون المواريث وفقا لآخر تعديلاته، الإصدار الأول، طبعة يونيو، 2021، القاهرة، ص16.

[6] د.محمد زكريا محمود صاري، الوجيز في علم المواريث، ط1، مكتبة الإمام الذهبي للنشر والتوزيع، 2017، الكويت، ص21.

[7] نجلاء سعد كريم، حرمان المرأة من الميراث في العرف الليبي من المنظور القبلي والفقه المالكي، رسالة ماجستير، كلية الدراسات العليا، جامعة مولانا مالك إبراهيم الإسلامية الحكومية، 2017، ص28 -32.

[8] د.مصطفى إبراهيم الزلمي، مرجع سابق، ص29.

[9] د.عبد الغفار إبراهيم صالح، أحكام المواريث والوصية والوقف في الشريعة الإسلامية والقانون، بدون دار نشر، مصر، 2020، ص58.

[10] د.محمد سعيد منصور، القتل المانع من الميراث على مذاهب الأئمة الأربعة، المؤتمر العلمي الدولي السنوي الخامس لكلية الشريعة الموسوم «حالات القتل في المجتمع الأسباب والعلاج من منظور إسلامي اجتماعي قانوني» المنعقد في جامعة النجاح الوطنية، فلسطين، 2015، ص308-309.

[11] حمزة أبو فارس، د.حمزة أبو فارس، المواريث والوصايا في الشريعة الإسلامية، الطبعة الثالثة، منشورات دار إلغا للطباعة

[12] د.محمد سعيد منصور، المرجع السابق، ص 308-309.، ود.عبدالغفار إبراهيم صالح، مرجع سابق، ص53-54.

[13] د.عبدالغفار إبراهيم صالح، مرجع سابق، ص53-54.

[14] د.حمزة أبو فارس، مرجع سابق، ص42، و د.محمد زكريا محمود صاري، مرجع سابق، ص22.

[15] سالم روضان الموسوي، حق ميراث المرأة في قانون الأحوال الشخصية النافذ وتطبيقات القضاء العراقي، مقال منشور في الحوار المتمدن، العدد (2923)، 20/2/2010، بدون صفحة.

[16] أ.د.إبراهيم عبد الرافع السمدوني، د.منال رجب عبدالله عبد الجليل، أسباب حرمان المرأة من ميراثها من وجهة نظر أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة بجامعة الأزهر ودور المؤسسات التربوية في التغلب عليها، مجلة التربية، جامعة الأزهر-كلية التربية بالقاهرة، العدد (192)، الجزء (4)، أكتوبر 2021، ص26.

[17] د.قيس عبدالوهاب الحيالي، مرجع سابق، ص50-52.

[18] أ.بسام محمد عبدالعزيز أبو عليان، حرمان المرأة في المجتمع الفلسطيني من الميراث وعلاقته ببعض المتغيرات الاجتماعية، دراسة ميدانية على عينة من المحرومات من ميراث الأب في خان يونس، مجلة جامعة الأقصى للعلوم الإنسانية، المجلد (24)،  العدد (1)، يناير 2020، ص100.

[19] أ.د.إبراهيم عبد الرافع السمدوني، د.منال رجب عبدالله عبد الجليل، مرجع سابق، ص50-52.

[20] منال الجعبة، أشرف أبو حية، هنادي حميدات، المرأة الفلسطينية والميراث، مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي، 2014، ص61.

[21] أ.د.إبراهيم عبد الرافع السمدوني، د.منال رجب عبدالله عبد الجليل، مرجع سابق، ص52-54.

[22] عبادة باسم رداد، التدابير الشرعية والقانونية للحد من ظاهرة حرمان المرأة من الميراث، رسالة ماجستير، كلية الدراسات العليا، جامعة النجاح الوطنية، 2017، ص63-66.

[23] سلمان بن شباب بن مسعود الزهراني، حرمان الأنثى من الميراث جاهلية تحتاج إلى اجتثاث، ط1، مكتبة الملك فهد الوطنية، الرياض، 2013، ص 106، 165-167.

[24] نمر محمد الخليل النمر، إنصاف المرأة في أحكام الميراث في الشريعة الإسلامية، مجلة المنارة للبحوث والدراسات، جامعة آل البيت، الأردن، المجلد (15)، العدد (2)، 2009، ص14-15.

[25] ناريمان فضيل النمري، الآليات الدولية والشرعية الخاصة بحماية حقوق المرأة في ظل العولمة، رسالة ماجستير، كلية الحقوق، جامعة الشرق الأوسط، 2014، ص78-79.

[26] د.غادة محمد حسانين محمد، من صور تكريم الإسلام للمرأة –دراسة موضوعية، مجلة كلية الدراسات الإسلامية بنين بأسوان، العدد (4)، 2021، ص1294-1295.

[27] نشر قانون المواريث المصري رقم (177) لسنة (1943) في الوقائع المصرية بالعدد (92) في (12/ أغسطس/1943).  

[28] د.عادل عامر، موقف القانون من حرمان المرأة من الميراث، مقال منشور على الموقع:

 https://www.mohamah.net/law//

[29] نشر قانون تعديل قانون المواريث المصري رقم (219) لسنة (2017) في الجريدة الرسمية بالعدد (52) مكرر (أ) في (30/12/2017).

[30] المادة (49) من قانون تعديل قانون المواريث المصري رقم (219) لسنة (2017).

[31] المادة (49) من قانون تعديل قانون المواريث المصري رقم (219) لسنة (2017).

[32] فتوح الشاذلي، في أول تطبيق لتجريم حرمان المرأة من الميراث:محكمة مصرية تقضي بحبس شخص حرم شقيقته من ميراثها، مقال منشور بتاريخ (1-3-2019) على الموقع:

 https://legal-agenda.com/

[33] المادة (2) من قانون حماية حق النساء في الإرث الليبي رقم (6) لسنة (1959).

[34] د.مسعود محمد خليفة شلندي، الحماية الجنائية لحق النساء في الإرث في التشريع الليبي، مجلة العلوم القانونية والشرعية، العدد (16)، يونيه 2020، ص83-85

[35] د.مسعود محمد خليفة شلندي، مرجع سابق، ص88-94.

[36] المادة (3) من قانون حماية حق النساء في الإرث الليبي رقم (6) لسنة (1959).

[37] المادة (4) من قانون حماية حق النساء في الإرث الليبي رقم (6) لسنة (1959).

[38] المادة (5) من قانون حماية حق النساء في الإرث الليبي رقم (6) لسنة (1959) .

[39] المواد (22-24) من قانون العقوبات الليبي رقم (97659) لسنة (1955).

[40] يلاحظ أنه في القوانين العراقية القديمة ومنها قانون حمورابي لم يرد ما يشير إلى أن المرأة كانت ترث من أموال المتوفى، وانقسم الفقه بشأن ميراثها إلى عدة آراء: الأول يرى أن المرأة لم تكن ترث بتاتا من أرث المتوفى في تلك القوانين، بدليل أن التركة كانت تنتقل إلى إخوته عند عدم وجود الورثة الذكور، ويذهب الرأي الثاني إلى أنها ترث، وأرثها مشروط بعدم وجود أولاد ذكور للمتوفى، وفي هذه الحالة يكون للمرأة الانتفاع بالإرث طوال حياتها على أن ترد تلك الأموال للأسرة بعد وفاتها ولا يمكن أن تنتقل لأولادها، ويذهب الرأي الثالث إلى أنها ترث إذا كانت تنتمي إلى فئة معينة من الراهبات أي أن تكون كاهنة للإله مزدك، وهناك من يشير إلى أن المرأة لم تكن ترث وإنما كانت تحصل على ما يسمى بـ»الدوطة»، وهي مبلغ من المال تحصل عليه من مال أبيها عند زواجها إن كان حيا، أو بتصرف مضافا إلى ما بعد الموت إن كان متوفيا، أما الزوجة فكانت تحصل على ما يسمى بـ»المتعة» الذي يخصص إليها من قبل الزوج ولم يكن لها إرثا، وعند عدم تخصيصه، فإنها تحصل من الإرث ما يعادل نصيب أحد الأولاد لغرض الانتفاع به فقط، إضافة إلى انتفاعها في مال الدوطة الخاص بها طوال مدة حياتها وانتقالها إلى أولادها بعد وفاتها. ينظر: د.الهادي السعيد عرفه، ميراث المرأة في ميزان الشرع الإسلامي، مجلة البحوث القانونية والاقتصادية، كلية الحقوق، جامعة المنصورة، العدد (54)، أكتوبر، 2013، ص8-9. 

[41] ينظر المادة (2/أولا) من الدستور العراقي النافذ لسنة (2005)، والمادة (1/2) من القانون المدني العراقي رقم (40) لسنة (1951) المعدل.

[42] نشر القانون رقم (11) لسنة (1963) قانون التعديل الأول لقانون الأحوال الشخصية رقم (188) لسنة (1959) في الوقائع العراقية بالعدد (785) في (21/3/1963).

[43] المادة (89) من قانون الأحوال الشخصية العراقي رقم (188) لسنة (1959) المعدل.

[44] المادة (90) من قانون الأحوال الشخصية العراقي رقم (188) لسنة (1959) المعدل.

[45] المادة (91) من قانون الأحوال الشخصية العراقي رقم (188) لسنة (1959) المعدل.

[46] قضت محكمة الأحوال الشخصية/ حي الشعب في (6/9/2009) في الدعوى التي تقدمت بها المدعية (س.م.ع) بشأن القسام= =الشرعي الذي أصدرته هذه المحكمة بالعدد (439) بتاريخ (20/4/2009) بناء على طلب المدعي عليه الأول (ر.ع. م) دون أن يذكر اسمها مع الورثة الآخرين وهم أولاد عم المتوفاة الذكور البالغين (ر.ع.م) و(خ.م أولاد خ، م) وطالبت بتصحيح القسام وإضافتها مع الورثة، ونتيجة المرافقة قررت المحكمة تصحيحه وجعل الإرث منحصرا بالمدعية (س.م.ع) عمتها لأبيها، وأبناء عمها من الذكور البالغين وهم (خ.خ.م) و(ر.م أولاد ع.م) فقط ويكون أولاد العم للمتوفاة (المدعى عليهم) محجوبون بالعمة لأب ولا شيء لهم من الميراث ويؤشر ذلك في سجل القسامات بعد أن يكتسب القرار الصادر الدرجة القطعية.سالم روضان الموسوي، مرجع سابق.

[47] نصت المادة (248) من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 المعدل على :»يعاقب بالحبس والغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من غير بقصد تضليل القضاء حالة الأشخاص، أو الأماكن أو الأشياء أو أخفى أدلة الجريمة أو قدم معلومات كاذبة تتعلق بها وهو يعلم عدم صحتها».

[48] إيناس جبار، عادات قبلية تحرم المرأة من الميراث بحجة: المال يذهب لزوجها!، 27/10/ 2022، مقال منشور على الموقع:

https://www.sjc.iq/view.70219/