تاريخ الاستلام 14/11/2023          تاريخ القبول 25/12/2023

تاريخ النشر 25/1/2024

حقوق الطباعة محفوظة لدى مجلة كلية القانون والعلوم السياسية في الجامعة العراقية

حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمؤلف

حقوق النشر محفوظة للناشر (كلية القانون والعلوم السياسية - الجامعة العراقية)

CC BY-NC-ND 4.0 DEED

Printing rights are reserved to the Journal of the College of Law and Political Science at Aliraqia University

Intellectual property rights are reserved to the author

Copyright reserved to the publisher (College of Law and Political Science - Aliraqia University)

Attribution – Non-Commercial – No Derives 4.0 International

For more information, please review the rights and license

DOI 10.61279/s5m35369

الزعامات السياسية

وأثرها في الديمقراطية التوافقية (ماليزيا أنموذجاً )

Political leadership and

its impact on consensual democracy

 (Malaysia as an example)

م.م عبدالكريم قيس عبدالكريم

الجامعة العراقية /كلية القانون والعلوم السياسية

Theacher AssestentABDUL KAREEM QAYS ABDUL KAREEM

Iraqi University / College of Law and Political Science

المستخلص

تعد الديمقراطية التوافقية واحدة من النماذج  لإدارة الدولة في المجتمعات المتعددة والمنقسمة وفي ضل تلك الالية التوافقية تلعب الزعامات السياسية دورا محوريا وفاعلا ، نتيجة الى مكانة تلك الزعامات أجتماعياً وسياسياً واقتصادياً ،فهي أما أن تكون عامل أثراء ونجاح الى التجربة التوافقية  وبذلك ينعكس على أداء وفاعلية النظام السياسي في حال توافرت الشروط التي تتلائم مع حجم ومكانة تلك الزعامات ،والعكس من ذلك تكون تلك الزعامات عامل يساهم في عدم الاستقرار والتقدم ويساهم في حدة التصعيد ، وتكمن أهميتها وفاعليتها من خلال المكانة وقوة التأثير في المجال الاجتماعي والسياسي . أذ أنها قادرة على تجاوز الازمات والاسراع في عملية التشريع وإصدار القرارات التي من شأنها تساهم في تقدم العملية التنموية وتحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي، بشريطة الاتفاق الملزم من قبل تلك الزعامات بالوثيقة الدستورية ،والمبادئ العامة ، والأيمان بالعمل السياسي المشترك المبني على أساس الحوار، والولاء المطلق الى الهوية الوطنية ، والسير على خطط ستراتيجية بعيدة المدى وعدم الأخلال بها. وهذا ما سارت عليه الزعامات السياسية في ماليزيا ، من خلال أتفاق الزعامات السياسية على ألغاء الصراع من أجل السلطة، مع الاخذ بسياسة الحياد الايجابي ،التي أعادت التوازن الاقتصادي بين المكونات مما ساهم ذلك في خلق مبدأ التعاون الحزبي، وبناء التحالفات الوطنية العابرة للولاءات الفرعية الفئوية ، كل ذلك ساهم في ترسيخ المصلحة الوطنية العليا وأنعكس ذلك بالأيجاب على تجربتها التوافقية وعلى المسارات التنموية .

الكلمات المفتاحية : (ديمقراطية ، توافقية ، زعامات ، سياسية ، ماليزيا)

Abstract

Consensual democracy is one of the models for state administration in multiple and divided societies, and within that consensual mechanism, the political leaders play a pivotal and effective role, as a result of the social, political, and economic status of those leaders. They are either a factor of enrichment and success for the consensual experience, and this is reflected in the performance and effectiveness of the political system in their countries. If conditions are available that are appropriate to the size and status of those leaders, and vice versa, these leaders are a factor that contributes to instability and progress and contributes to the intensity of escalation, and their importance and effectiveness lie through their status and strength of influence in the social and political field.

As it is capable of overcoming crises, accelerating the process of legislation and issuing decisions that would contribute to advancing the development process and the achievment of the political and social stability, provided that those leaders agree binding on the constitutional document, general principles, belief in joint political action built on the basis of dialogue, and absolute loyalty to National identity, and following long-term strategic plans without violating them.

This is what the political leaders in Malaysia adopted, through the agreement of the political leaders to abolish the struggle for power, while adopting a policy of positive neutrality, which restored the economic balance between the components, which contributed to creating the principle of party cooperation, and building national alliances that cross sub-factional loyalties, All of this contributed to consolidating the supreme national interest, and this reflected positively on its consensual experience and development paths .

Keywords: Democracy, compatibility, political, leaderships, Malaysia

المقدمــــة

يعد دور الزعامات السياسية في الانظمة التوافقية من أبرز الادوار والأكثر فاعلية لما تمتلك تلك الزعامات من المكانة والقوة السياسية التي تمكنها من التأثير والسيطرة على قرار الكتل النيابية المنتخبة إذ تعد المرجع الأول لتلك الكتل  ، و يمكن أن يتحقق الدور الأيجابي والفعال لتلك الزعامات  في الانظمة التوافقية من خلال التنظيم السياسي  وتكوين تحالفات سياسية تتميز بالتماسك والثبات ووحدة القرار ،يتحقق عن ذلك الاستقرار السياسي وتشكيل حكومة وطنية تتمتع بالقبول الواسع ،تتمتع بقدر كاف من الثقة والدعم الشعبي ، ويتم تحقيق ذلك الاستقرار عن طريق أنجاز إلوئام الداخلي وأنهاء حالة أزمة الثقة بين مختلف القوى السياسية والتواصل الجيد والمقبول مع مختلف مكونات الشعب . أما الدور السلبي الذي ممكن أن تؤديه تلك الزعامات فهواستغلال القوة والمكانة والثقة الممنوحة من قبل الافراد لمصالح الزعامات الشخصية ،وتغليب المصالح الشخصية على الثوابت والمبادئ العامة التي تتمثل بمصلحة الوطن والمواطن، وذلك ما بينه (أرنت ليبهارت ) منظر الديمقراطية التوافقية عند دراسة الحالة التوافقية في هولندا وتوصل الى أن الاستقرار السياسي الذي تحقق في الدول الاوربية التي أخذت بالتوافقية يرجع الى الدورالتوافقي التي تؤديه النخب السياسية للطوائف ، كونهم يدركون مخاطر الانقسام والتشرذم السياسي ،وذلك يجعلهم يميلون الى سلوك يهدف الى تجنب الانقسامات السياسية ونبذ الطائفية بكل أشكالها  .

أهمية البحث :

تكمن أهمية البحث من خلال تسليط الضوء على مفهوم التوافقية وما يميزها عن الديمقراطية التمثيلية ،كذلك التعريف بالزعامات السياسية وعناصر قوتها وتقسسيم أدوارها ،والبحث في الجانب السلبي والايجابي لتلك الزعامات ، فضلا عن الاستفادة من التجارب الناجحة في الديمقراطية التوافقية كالنظام الماليزي.

أشكالية البحث :

 تتمحور أشكالية الدراسة حول معرفة ماهو الدور الذي ممكن أن تلعبه الزعامات السياسية في النظام السياسي التوافقي .وعلى ضوء ذلك تطرح الاسئلة الأتية :

 ماهي الديمقراطية التوافقية ومايميزها عن الديمقراطية التمثيلية ،وماهي الزعامات السياسية ؟

وماهو دور تلك الزعامات السلبي والأيجابي في التجربة التوافقية ؟

وهل للزعامات السياسية أثر في تحقيق الأستقرار السياسي والأجتماعي والعكس من ذلك صحيح ؟

وكيف ساهمت الزعامة السياسية في النظام السياسي الماليزي من تحقيق الأستقرار الأجتماعي والسياسي والتنموي في ماليزيا؟

 فرضية البحث:

تتمثل فرضية البحث بالأتي: كلما كانت الزعامات تتمتع بالحكمة والرشد، كلما أدى الى نجاح  تجربة الديمقراطية التوافقية ، وكلما كانت تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة على حساب المصلحة الوطنية كلما أدى ذلك الى فشل الديمقراطية التوافقية .

منهجية البحث :

اعتمدت الدراسة في معالجتها لمحاور الموضوع وفق خطة البحث على المنهج التحليلي النظمي في دراسة النظم السياسية ،وكذلك تم الإعتماد على منهج القيادة في تفسير الزعامات السياسية ودورها واثرها في النظام السياسي .

هيكلية البحث :

الزعامات السياسية لها بالغ الاثر والأهمية  في حياة المجتمعات ، وكل مجتمع او كل امة في الوجود برزت من رحمها عدة نماذج من الزعامات ،وتلك الزعامات  كانت محورا تتتمركز حولها تلك المجتمعات بصراعاتها الداخلية والخارجية ، واصبح مصيرها ومستقبلها بتلك الزعامات .  ولذلك سوف يقسم هذا البحث  الى ثلاث مباحث  وكل مبحث يقسم الى مطلبين ، المبحث الاول سوف يكون أطار مفاهيمي حول  مفهوم الزعامات السياسية  ، والديمقراطية التوافقية ،أما المبحث الثاني سوف يتطرق الى الاثار الايجابية والسلبية للزعامات السياسية ،أما المبحث  الثالث سوف يتطرق الى دور الزعامات السياسية في النظم التوافقية مع بيان النموذج الايجابي الذي تمثل في النظام السياسي الماليزي ، فضلاًعن خاتمة البحث والإستنتاجات .

المبحث الاول

أطار مفاهيمي – نظري

يعد دور الزعامة  السياسية من المتغيرات الفاعلة والاساسية في النظام السياسي وذلك من خلال الادوار الفعالة والحيوية التي تناط بها على المستوى الداخلي والخارجي ،وذلك من خلال تأثيرها في  تنفيذ السياسات الداخلية والخارجية ، وتلك المكانة جعلت من دورها أن يؤثر في مسار العملية السياسية سواء في المؤسسات الرسمية التنفيذية والتشريعية وغيرها ، وكذلك المراقبة من خلال وقوفها في صف المعارضة و بذات الوقت المشاركة من باب الأستحقاق والتمثيل السياسي ،وهذا ماجعل أمال المجتمع تتعلق بها ،وعلى الرغم من الدراسات والبحوث التي قدمت حول الديمقراطية التوافقية، لكن نصيب الزعامات السياسية والقيادات ودورها وأثرها في التجربة التوافقية من تلك الدراسات كان نادرا.

من خلال هذا المبحث سوف نتطرق الى تعريف الزعامات السياسية وكذلك الديمقراطية التوافقية كأطار مفاهيمي.

المطلب الاول : مفهوم الزعامات السياسية

هنالك العديد من التعاريف التي وردت في تعريف الزعيم ومن تلك التعاريف ما ورد في كتاب الصحاح بأن المراد من الزعامة , هو السيادة  فزعيم القوم يعد سيدهم وراسهم الذي يتكلم عنهم[1] .

وكذلك عرفت الزعامة بأنها الشرف والرياسة على القوم ،والزعيم هو الذي تتكون فيه الصفات القيادية مع وجود الفكرة المؤمن بها والتي يسعها من أجل أثباتها وتحقيقها ويكون زعيم لها .[2]

وعرفت  جمعية المترجمين العرب الزعامة تشير الى الاشخاص الذين بيدهم السلطة وهذه السلطة قد تكون في حزب او حكومة او تشريع أوغير ذلك من تأثير ، وتلك القدرة التي تمتاز بها مكانة الزعامة لا تقتصر على تسيير شؤن الناس والمؤسسات بل تتمثل كذلك في أقناع الأخرين بالتسليم والطاعة الى شخص الزعيم وأتباعه[3] .

والزعيم يتمثل في سلطة تكون نابعة من شخص وعطاءاته وقد تكون تلك السلطة غير محدودة ، وكذلك تنتقل بالوراثة بالتفويض وصلة القرابة ، وحسب راي عالم الاجتماع الفرنسي (جاك بيرك) الزعيم هو الذي يلخص في شخصه ويعبر عنه في أفعاله الواقعية التي تكون أكثر وسطية ولكن الاكثر عمقا ، هي الواقعية الاجتماعية التي تحيط داخل حدود بلاده ، أما عالم الاجتماع الالماني ( ماكس فيبر ) قد ذهب الى ابعد من ذلك ، أذ منح طابع النعمة الالهية والموهبة للزعيم والتي أسماها ( السلطة الكاريزماتية ) التي تكون فيها جوانب روحية تتجاوز الطبيعة والعادة ، قادرة على أن تجذب الجماهير الواسعة أليها وترضى بسلتطها عليها[4]، وفي ذلك السياق تكون الزعامة  في الاساس سيادة ارادة شخص معين يكون له نفوذ واسع بين الناس وتلك السيادة التي قد تتحول الى سلطة تعتمد  بالاساس على قوة الشخصية ومفعولها في البيئة المحيطة[5]، ولذلك تمر الزعامة بدور النمو والاحتضان، وتحصيل ما يمنحها التأكيد الكامل من شرائح متنفذة في المجتمع، وبعدها، تمر بمرحلة اخرى، هي الانفصال عن تلك الشرائح ذات النفوذ التي أعطتها الشرعية، وغذتها بأسباب القوة والشرعية، وامتلاك القاعدة الجماهيرية والشعبية.[6]

مفهوم الزعامة كغيره من المفاهيم الاخرى التي شهدت تطور وفق مراحل تطور الحياة ، و وفق تباين ظروف وأوضاع المجتمعات والدول ،ولايقتصر وجود الزعامة السياسية في شكل نظام سياسي معين وأنما أخذ شكل وصور متعددة في مختلف الأنظمة السياسية ، أذ هنالك زعامة ديكتاتورية وزعامة ديمقراطية وزعامة كارزمية وكذلك زعامة أستبدادية ، وعلى ضوء ذلك أن مفهومها يشير الى أتجاهين ، الاول ، مادي ملموس يتمثل ، بأولائك الأشخاص الذين بيدهم السلطة سواء كانت تلك السلطة في حزب أو في حكومة أو تشريع ،أما الأتجاه الثاني المعنوي ، الذي يتمثل من خلال أبراز السبيل للأخرين وألهامهم بالرغبة في أتباعه .[7]

وذلك يدل على ان سلطة الزعيم وتأثيرها ليس بالظرورة ان تكون مقرونة بالعنف المجرد وتكون مقرونة بالقوة المادية الفعلية ، ولكن بقدر ما ِتستدعي رضا الجماعة وقبولها بتقديم فروض الطاعة والولاء على خلفية شعورهم بأنها من صنع اراداتهم وأنها تستمد مقومات وجودها من خلال تفويض اراداتهم ممن تثبت قدرته على النهوض بأعبائهم وتحمل مسؤولياتهم واظهار علائم نكران الذات والحرص على عدم التفريط بوحدة الجماعة والسعي لتحقيق  مصالحهم على ان يكون ذلك الزعيم احد اقرانهم ، ولكن ذلك لا يعني ان تأثيره مقتصرا على تلك الجماعة بذاتها ، وانما يكون المجتمع بكل عناصره ومكوناته ميدانا لنشاطه وحقل لفعالياته[8]، ولكن في حال استغل ذلك الزعيم تلك المكانة والقوة لمصالحه الذاتية الشخصية عندها تتحول نمط الزعامة من الديمقراطية الى الزعامة الديكتاتورية كما يصفها عالم الاجتماع (روبرت ميشيلز) في سياق وصفه وحديثه عن الزعامة في العصر الحاضر بقوله ( ان القائد او الزعيم الذي حصل على السلطة وتعود على ممارستها يجد بعد ذلك صعوبة في التنازل او التخلي عنها فضلا عن ان ممارسة القوة ذاتها تحدث تحولا سيكلوجيا في شخصية القائد فيزداد ايمانه بنفسه ويبالغ في عظمته ثم يلجئ  في النهاية الى نسب التنظيم له وربطه به )[9]، بصورة عامة ومن خلال ماتقدم هنالك أنطباع لدى الزعامات السياسية تتميز بها  وتكون لها الاثر داخل النظام السياسي ،وهي من خلال السيطرة على تحركات الجماهير ، إذ إن الجماهير تؤمن   بالصفات  التي يتصف بها زعيمها ، كما في المقابل أن الزعيم يؤثر في الاخرين ويكسب ولائهم عن طريق أدراكه للأنفعالات والعواطف الشخصية للجماهير ، أذ يضعها في المقام الاول ، وبذلك تكون الزعامة مبنية على علاقة توحد وأندماج بين الزعيم واتباعه  يحاول فيها الأفراد  ان ينصهروا في شخص الزعيم بصفاته المميزة وتلك الصفات تشكل معتقدة لديهم بأنه لا أحد يمتلكها غيره[10]

المطلب الثاني : مفهوم الديمقراطية التوافقية

تعد الديمقراطية التوافقية واحدة من النماذج السياسية التي أخذت حيزا واسعا في حقل السياسة  خصوصا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ،وذلك كونها طبقت في تلك البلدان التعددية بعد سقوط أنظمتها الشمولية ،ومما زاد من اهميتها هو زيادة حجم الصراع والتعقيد والاخفاق في أغلب البلدان التي أخذت في تلك التجربة ، لذلك البحث في ماهيتها وجزئياتها من أجل تبيان معالم وأماكن الأخفاق فيها ،وعلى ضوء ذلك سوف نبحث في هذا المبحث عن مفهوم التوافقية ونشأتها وخصائصها .

اختلف الباحثون في تحديد تعريف جامع للديمقراطية التوافقية، وكل باحث أخذ يعرفها من منظوره الفكري الخاص به، فتعددت التعاريف بشأنها، ومن اهم تلك التعاريف الذي قدمه (جيرالد لامبروغ ) إذ عرفها (هي الاستراتيجية في إدارة النزاعات من خلال التعاون والوفاق بين مختلف النخب بدلا من التنافس واتخاذ القرارات بالأكثرية)[11].

أما ارنت ليبهارت فذهب الى القول أنه يمكن تعريف الديمقراطية التوافقية بالاستناد إلى أربع خصائص أو عناصر التي تتمثل من خلال الحكم عن طريق الائتلاف الواسع الذي يتكون من الزعماء السياسيين من مختلف القطاعات المهمة والمكونة للمجتمع، وذلك الائتلاف قد يأخذ اشكالاً متعددة، منها ما يكون حكومة ائتلافية أو لجنة موسعة ذات وظائف استشارية أو ائتلاف واسع للرئيس وسواه من كبار أصحاب المناصب العليا في نظام رئاسي، أما العناصر الثلاثة الأخرى في الديمقراطية التوافقية (الفيتو المتبادل أو حكم الأغلبية المتراضية) فتستعمل كحماية إضافية للمصالح الحيوية للأقلية، والنسبية بوصفه معيارا أساسا للتمثيل السياسي، والتعيينات في مجالات الخدمة المدنية وتخصيص الأموال العامة ، وأخيرا درجة عالية من الاستقلال لكل قطاع في ادارة شؤونه الداخلية الخاصة[12].

وهناك من يرى أنَ النظرية التوافقية السياسية  (political consoinal theory)، قد تكونت من خلال تجارب سياسية دموية بين وحدات اجتماعية سياسية مختلفة فيما بينها حول الهوية والسلطة والثروة ووصلت الاطراف المعنية بالصراع إلى باب مسدود، لذلك بدأ البحث عن تسوية تلك الصراعات وتم الوصول إلى الأسس التوافقية التي اصبحت فيما بعد نظرية معتمدة .[13] وعلى ضوء ذلك التوافقية هي جزء من النظام الديمقراطي وتلك الالية في الحكم تفرضها الطبيعة التكوينية للمجتمع، إذ إنه يقوم على أساس مبدأ الاتفاق السياسي  بين الفرقاء السياسيين (ممثلي الأحزاب الفائزة في الانتخابات )، التي تتشارك في حكومة يطلق عليها بالحكومة التوافقية، في المجتمعات التي تعاني من مشكلات بسبب تركيبتها المتعددة الأثنية والعرقية أو في حالات خاصة تستدعيها ضرورات سياسية مرحلية كالأزمات والحروب يفرض على تلك المجتمعات تطبيق المبدأ التوافقي من أجل الخروج من تلك الازمات.[14]

حيث نشأت أولى مساعي بناء الديمقراطية التوافقية في بلدان أوربا الغربية منها (بلجيكا وهولندا وسويسرا والنمسا) وتلك المساعي لم تأت من فراغ ولم تقم على أسس نظرية، ولكن كانت وليدة حاجات عملية في مجتمعات منقسمة (غير متجانسة) من الناحية القومية[15].

ظهرت الديمقراطية التوافقية في بداية القرن العشرين كظاهرة سياسية لحل قضية السلطة بين الاطراف المتصارعة عليها، ولذلك لجأت تلك الفئات إلى تقسيم السلطة والثروة بعيدا عن الآليات المتبعة في الديمقراطية، أي ظهرت بعد وقوع أحداث داخلية بين الفئات التي تفتقر إلى التفاهم والتفكير المشترك حول القضايا العامة وإدارة البلاد[16]، ومثلت الديمقراطية التوافقية واحدة من النماذج السياسية التي اخذت حيزاً مهماً في التطبيق لمعالجة مسألة المشاركة السياسية في (المجتمعات التعددية)، أو المنقسمة، وتستند بذلك إلى بناء التحالفات الكبيرة التي تضمن للمكونات الاجتماعية الأساسية فرص التمثيل والمشاركة في صنع القرار، وبذلك يتجنب الخضوع لسلطة الأغلبية إذ تحتفظ الأقلية بحق النقض أو الاعتراض، مما يجعل قدرتها على مواجهة الأغلبية وتجنب هيمنتها متاحة وممكنه على صعيد الممارسة[17]، إذ اضحى التوافق بين الكيانات المتصارعة من المرتكزات الأساسية التي تستند عليها في إنهاء النزاعات وحل الخلافات عن طريق إشراك جميع مكونات المجتمع في تشكيل الحكومة، وبذلك يكون هناك ابتعاد عن المبدأ الأساسي للنظام الديمقراطي المتعلق بحق الاكثرية السياسية بتشكيل الحكومة، ولجوء الكيانات السياسية الأخرى إلى تشكيل صفوف المعارضة السياسية[18]

وفي سياق ذلك طرحت الديمقراطية التوافقية في أغلب  النظم السياسية كشكل من اشكال ممارسة السلطة في البلدان التي تتميز بالتعددية التي تتسم بالتنوع الاجتماعي وفي الوقت نفسه تعاني من الاصابة بالضعف في الوحدة الوطنية وما يرافقها من أزمات سياسية ناتجة عن الصراعات السياسية، وحسب مؤيديها أنها تعمل على إشراك جميع المكونات المجتمعية الأغلبية والاقلية في صنع القرار السياسي لضمان عدم الانزلاق في المواجهة والصراعات والحروب الإهلية[19].

وبالتوازي مع ذلك  تكون الديمقراطية التوافقية مرحلة انتقآلية أي تطبيقاً مرحلياً لإدارة الصراع المذهبي والاثني بين المكونات المجتمعية المتعددة لبلد ما لحين الوصول إلى ترسيخ القيم الديمقراطية من جهة، ومن جهة اخرى التوصل إلى اليات تعزز ثقافة المواطنة بين هذه المكونات الذي من خلالها يتم تجاوز الانتماءات الأثنية والمذهبية[20].

ولكن برز مفهومها بشكل واضح في عقد الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي عقب الحرب العالمية الثانية لتجيب على سؤال محوري: كيف نجعل النظام السياسي ديمقراطيا  ومستقرا ، خاصة في المجتمعات التي تعاني الصراعات العرقية والثقافية والدينية...الخ، وهي مفهوم جديد يطرح بديلا للديمقراطية التقليدية التنافسية التي راجت في الدول الغربية، حيث المجتمعات متجانسة سكانيا ومتطورة اقتصاديا وتتسم بطبقة جماهيرية تتمسك بالديمقراطية وتدافع عنها  وهذا لا يقتصر على المجتمعات التعددية بل كذلك الدول الغربية التي تحتكر فيها السلطة من قبل أحزاب معينه كبرى، كالمحافظين والعمال في بريطانيا ، وجمهوريين وديمقراطيين في أمريكا واشتراكيين ومحافظين في المانيا وفرنسا .[21]

من خلال ما تقدم من تعريف الزعامة السياسية ومفهوم التوافقية والضرورات التي أدت الى تكوينها ، يتضح الإختلاف بين التوافقية والديمقراطية التمثيلية وذلك من خلال آلية التعامل ، إذ إن الديمقراطية التمثيلية  تعتمد على الأغلبية السياسية الحاكمة  وفق نتائج الانتخابات،أما الاقلية التي شكلت على نفس المعيار فسوف تكون في الجانب الأخر وهو المعارضة السياسية التي تعد الركن الأساس في النظام الديمقراطي ، أما فلسفة التوافقية فهي قائمة على التعامل مع جماعات اجتماعية (إثنيات، أديان ،طوائف )لها ثبات نسبي في كونها أغلبيات أو أقليات على ضوء معيار عدد كل جماعة ، وتكون الزعامات السياسية الممثلة لتلك الجماعات  هي اللاعب الإساس والفاعل في تشكيل الحكومات ،ونتيجة لإهمية دورها وتأثيرها في النظام السياسي التوافقي سوف نبحث في دورها الإيجابي والسلبي في النظام السياسي

المبحث الثاني

أثر الزعامات السياسية في الديمقراطية التوافقية

العامل الثابت في التوافقية هو الأساس الديمقراطي ،أما العامل  المتغير والذي ينعكس على شكل النظام الديمقراطي هو الزعامات السياسية ، وإذا حصل تهميش للثقافة الديمقراطية من قبل تلك الزعامات السياسية في إطار إدارتها لشؤن الحكم في البلاد وإدارة التنوع ،يسمح ذلك بتقديم الولاءات الأولية التحتية لتلك الزعامات على الولاءات الفوقية الوطنية العليا وذلك يؤدي الى تحجر البنية النخبوية الحاكمة وهيمنتها وإستئثارها بالسلطة من خلال تعطيل الصيغة التوافقية على مستوى مؤسسات الحكم ،وبالنتيجة الأستحالة في الوصول الى ديمقراطية توافقية فاعلة .[22]

المطلب الاول: مكانة الزعامات السياسية في النظم التوافقية

جاءت المميزات المهمة التي وضعها المختصين والباحثين للديمقراطية التوافقية بعد التجارب التي طبقت وليس التنظير لما قبلها[23]، لذلك تكون تلك الميزة بأن تقسم السلطة من خلال إيجاد إئتلاف موسع للحكم يضم تلك الزعامات السياسية التي تنتمي الى القطاعات المهمة في المجتمع ، وهذا يدل بوضوح أن أدارة الدولة في المجتمعات التعددية لا يمكن أن تستمر وتشعر بالاستقرار ، الا من خلال تقاسم السلطة بين تلك الزعامات ويكون ذلك عبر التوافق على الية معينة لتقاسم المناصب في الدولة[24]،  لذلك يعد الائتلاف الواسع الحجر الاساس للديمقراطية التوافقية وبين ( ليبهارت ) المنظر للديمقراطية التوافقية ، في خصوص ذلك الائتلاف بأنه لابد أن يتشكل من الزعماء السياسيين من مختلف القطاعات التي لها الاهمية والاثر في الواقع الاجتماعي المتعدد من أجل ضمان درجة من الاستقرار السياسي وعدم الانزلاق نحو الصراعات الداخلية ، ومن أجل تحقيق الأستقرار ونجاح التجربة التوافقية هنالك خصائص يتوجب على الزعيم السياسي الأخذ بها  أبرزها :[25]

 اولا : عملية الاستيعاب للمطالب والمصالح لكل فئات المجتمع بصورة سريعة وسهلة دون تمييز فئة على أخرى .

ثانيا : توافق الزعامات السياسية يكون السبيل الامثل للحفاظ على النظام السياسي واستقراره .

ثالثا : الزعامات المكونة الى الائتلاف الكبير تكون مدركة لمخاطر التشضي السياسي والفشل في الوصول الى توافق أتجاه القضايا الوطنية .[26]

ومن خلال ذلك يمكن القول بأن بناء الدولة والارتقاء بالمجتمع لا يعتمد بالأساس على شكل النظام السياسي والحكومات المشكلة بقدر ما يعتمد على صانع القرار الذي يكون في هرم السلطة واتخاذ القرار ،وبقدر ما يعتمد على العمل الحقيقي والرؤية الهادفة بدل الشعارات المزيفة اتجاه ما يعانيه المجتمع من أزمات .

وبذلك السياق نستذكر مرحلة من مراحل النظام السياسي ل(جنوب افريقيا) والتي اعتمدت التوافقية كألية للحكم بعد عام 1991، نهاية حكم الفصل العنصري، أذ كان لزعيمها (نيلسون مانديلا)الدور البارز والمهم في وضع  اسس وركائز النظام الجديد ،أذ أن  اول حكومة في ذلك النظام  ، حقق ما كان يصعب تحقيقه خلال السنوات التي مضت وذلك من خلال البرنامج الحكومي الذي اعتمدته حكومته ( حكومة الوحدة الوطنية ) برنامج (التعمير – التنمية لمكافحة الاثار الاجتماعية والاقتصادية للفصل العنصري) وأستمر ذلك البرنامج من عام 1994- 2001 و أنتج ذلك :

بناء أكثر من مليون ومئة الف منزل بكلف منخفضة يمكن الحصول عليها بمساعدة حكومية لأسكان خمسة ملايين من أبناء جنوب افريقيا .

حصل حوالي خمسة ملايين شخص على مياه شرب مأمونة .

ارتفعت نسبة الاسر الريفية المزودة بالكهرباء من 12% الى 42%.

أستفادت ثلاثة وتسعون الف اسرة من برنامج الاصلاح الزراعي .

بين عام 1994- 1998وفرت فرص الحصول على الرعاية الصحية الى خمسة ملايين شخص .

وغيرها من الانجازات وعلى رأسها الاستقرار السياسي والانسجام المجتمعي التي حققت تقدم ملحوظ بوقت قياسي ، والاهم في ذلك تحقيق التعايش السلمي بعد أن كان المجتمع يعيش حالة صراع واضطهاد ، وهذه دلالة على العمل الحقيقي والاخلاص الوطني للزعيم الذي يجعل في نصب اعينه الوطن والمواطن متجردا من نزعاته الفردية.[27]

ولذلك الفكرة الجوهرية التي يستند عليها الدارسون للديمقراطية التوافقية تتمثل في الفكرة الاتية ( أن الميول الصراعية المتأصلة في بنية المجتمع التعددي تقابلها ميول تعاونية أو تصالحية على مستوى زعماء المجموعات المكونة له ويفترض ان من شأن السلوك التعاوني النخبوي كبح جماح العنف على الصعيد القاعدي ، ثم تحقيق الاستقرار السياسي .)[28]

لذلك الزعامات السياسية في ضل التوافقية تلعب دورا محوريا في مسار النظام السياسي وتختلف مصدر القوة لها حسب طبيعة وتوجهات المجتمع ، إذ في الدول الافريقية ومثيلتها التي طبقت التوافقية كألية للحكم شهدت سطوة للزعامات السياسية وذلك من خلال بروز عقيدة التوريث في المناصب والمكانة والنزعة الابوية في السلوك السياسي ، وذلك كون توزيع موارد الدولة يعتمد على العلاقات الشخصية للزعامات الحاكمة ،وليس على مبادئ الصالح العام أو المواطنة أو تكافؤ الفرص كما أخذت به وطبقته دولة ( ماليزيا ) ، أضافة الى ذلك هو ترسيخ الاشكالية التي تعاني منها التوافقية التي تتعلق بعلو الصلاحيات الشخصية للزعامات السياسية التي تفوق دور المؤسسات الرسمية وسيادة القانون .[29]

أما في الدول الاوربية وعلى سبيل المثال (بلجيكا ) فإن الزعامات السياسية تستمد قوتها وتاثيرها من طبيعة النظام الحزبي فيها ، إذ لم تعد الاحزاب الوطنية لها الوجود الفعال والاثر في الحياة السياسية ، وإنما الاحزاب (الفلمنكية ) و (الفرونكوفونية)  تقدم نفسها في الدوائر الخاصة بها ،وهذا ما جعل تصويت الناخبين يكون على اساس الانتماء اللغوي ،وهذا ناتج عن الواقع الاجتماعي القائم فالناطقين بالهولندية ينتخبون السياسيين الناطقين بالهولندية وكذلك هو الحال بالنسبة للناطقين بالفرنسية والالمانية ،وتلك الالية خلقت مشكلة على المستوى السياسي على الرغم من وجود اسس ثابتة فيما يتعلق بالتنمية وحقوق الافراد ،وتلك المشكلة تمثلت في صعوبة تشكيل الحكومات المتعاقبة ، وتلك الحالة مثلت مسألة نادرة في النظام السياسي هي وجود استقرار من الادنى اي استقرار مجتمعي مع عدم استقرار من الاعلى أي من جهة الجانب الحكومي ، وعلى سبيل المثال بعد نتائج انتخابات 2007 استغرق تشكيل الحكومة (194) يوم وفي عام (2010) استغرق (541)يوم .[30]

المطلب الثاني: الاثار السلبية للزعامات السياسية في الديمقراطية التوافقية

المجتمعات المتعددة اثنيا التي تشهد  تحولا ديمقراطيا في الغالب تتجه الى الاخذ بالنظام البرلماني المتعدد وتكون الالية (التوافقية ) هي الحاكمة ، ويكون في ضل ذلك النظام دورا محوريا وبارزا الى الزعامات السياسية ، إذ ترتكز العملية السياسية على تلك التيارات والرموز ، ويرجع ذلك الى كونها تركز في يدها  عدد من المهام والادوار ، وتستمد تلك القوة من الارتباط والعلاقة بينها وبين القاعدة الشعبية لها ،فهو يكون أداة للتغيير المجتمعي بالمعنى الواسع إذ يكون المحدد وفي ذات الوقت هو اداة لتسوية الخلافات بين مختلف القوى والجماعات في المجتمع ،وفي ضل  ذلك يذهب ( صاموئيل هنتغتون) إلى (أن الديمقراطية لن تكون الا بالقدر الذي يريده اولئك الذين بيدهم السلطة ).[31] لذلك هنالك مخاطر تؤدي الى الاقتراب من النظام الديكتاتوري من خلال ترسيخ السلطات التي تكون من نصيب الزعامات السياسية ، نتيجة الى التصور الذي يوصف بأن الزعيم ملهم، وفذ، وموهوب ، وهو بذلك معصوم عن الخطأ ولا يمكن محاسبته ولا مناقشته ولا حتى معارضته ،كونه يمثل أرادة الامة ، والسلطات  السياسية سواء كانت تشريعية متمثلة بأعضاء المجلس النيابي التابعين ، او في المناصب التنفيذية التي تكون مرتبطة أرتباط وثيق بذلك الزعيم[32]، وفي مثل تلك الحالات السبب يرجع الى عدم قيام الديمقراطية على اساس الاغلبية السياسية بل على الاغلبية المجتمعية ، وذلك يعني التقسيم وفق الانتماءات القومية والدينية والاثنية اي شكل (الاغلبية العمودية) ،ولذلك قسمت الاحزاب على ذلك الاساس الذي ساهم بشكل كبير الى بروز الزعامات السياسية ومنحها القوة والقدرة على التحكم بالوضع السياسي .[33]

وبما أن التوافقية اعتمدت على المحاصصة والمحسوبية في إدارة مؤسسات الدولة لذلك ترسخت مشكلة في تلك الادارة ،كون من يدير تلك المؤسسات من قبل الافراد الاكثر ولائا الى الزعيم الذي منحه ذلك المنصب ،وتكون تلك القيادات ليس بالمستوى الاداري المطلوب وعدم القدرة على القيادة الناجحة ،وذلك لعدم الاعتماد على الاسس الصحيحة في الترشيح[34]، وفي المقابل من ذلك يمكن معالجة تلك الاشكالية من خلال الجانب السياسي وذلك عن طريق  تشكيل ائتلاف عابر للانتماءات الفئوية ويستند على منهجية وأسس ثابتة وملزمة ، أما على المستوى الاداري ، بما أن التوافقية تعتمد على مبدأ التوازن داخل مؤسسات الدولة من خلال المكونات الاجتماعية وذلك الامر من المسلمات المعمول بها، لذلك يتطلب من الزعامات التي تمتلك القدرة والصلاحية في توظيف تلك الطاقات وفق مبدأ (الاستحقاق) ووفق ذلك المبدأ تكون قدرة الزعيم على التوظيف من الوزير وإنتهائاً الى أدنى درجة وظيفية، ومن خلال ذلك يمكن استثمار تلك الخاصية بالشكل الامثل من خلال دعم ووضع الاشخاص الاكثر أهلية واستحقاقا ، أما على المستوى التشريعي في ضل النظام التوافقي هنالك مبدأ مغاير ما مأخوذ به في النظام التمثيلي والذي يتعلق في التشريعات والمقترحات والتصويت والقرارات ، في النظام التمثيلي التي تأخذ وفق مبدأ أرادة الاغلبية ،أما في التوافقية فتكون تلك الاجراءات خاضعة الى التوافق في أتخاذها، أي مقيدة بموافقة الزعامات السياسية الممثلة عن المكونات ، ويكون النائب هنا أداة لتنفيذ توجهات الزعيم الذي ينتمي اليه ، وتلك المسالة استمدت قوتها من خلال التشريعات الدستورية ،أذ الزمت اغلب الدساتير التوافقية التصويت والموافقة على أغلب التشريعات  بتحقيق نصاب الثلثين ،ومن الطبيعي لا يمكن تحقيق ذلك الشرط الى بموافقة ورضا الزعامات السياسية .[35]

أما على المستوى الحزبي ،في الغالب تفقد الاحزاب السياسية في ضل التوافقية قيمتها الحقيقية نتيجة الى عدم تطبيقها قواعد العمل الحزبي الحقيقي وذلك راجع الى أن الحزب السياسي يختزل بشخص الزعيم الذي يقود ذلك الحزب وذلك الزعيم في الغالب هو لم يأتي من رحم ذلك التيار أو الحزب بالشكل التدريجي ،وبالنتيجة يكون ذلك عامل هدم الى العملية الديمقراطية بصورة عامة والحزبية بصورة خاصة ، كون الاحزاب السياسية تعد قوام النظام الديمقراطي من  خلال الاسس والقواعد الصحيحة والفاعلة ، ووفق تلك المعطيات لا يمكن لأي  شخص التصريح بما يعارض أفكار القيادة ،وأصل تلك القاعدة هو متولد من النظم الشمولية الديكتاتورية ، وما ينتج عن تلك القاعدة هو الإبتعاد عن الاسس الديمقراطية والقواعد القانونية والتقرب الى الاسس العاطفية والتي من شأنها تولد الصراعات والابتعاد عن المنجزات .[36] 

فضلا عن ما تم ذكره أن التوافقية تأتي في الغالب بعد سقوط الانظمة الشمولية  ذات النظام الحزبي الواحد ، وبعد ذلك الأنهيار يدخل نظام حزبي متعدد وذلك مما يجعل المواطنين في حالة فجائية أمام العديد من الاحزاب الجديدة التي تعبر عن الإنتمائات الفرعية وتستخدمها كمادة دعائية أساسية لها من أجل الحصول على تأييدهم وتلك الصورة للأحزاب المتعددة ودون أن يكون لها أعداد مسبق ويغيب عنها الهدف المشترك ، سوف تساهم بصعود الشخصيات المشهورة وتسليط الأضواء على تلك الشخصيات سوف يخلق منها زعامات سياسية تفقد الرؤية البعيدة إتجاه قضايا البلد المصيرية ولايمكن على ضؤها بناء أحزاب سياسية فعالة مستديمة تتعاون مع بعضها من أجل مصلحة البلد . ولذلك المشكلة في الانظمة التوافقية  هي ليست بتعدد الاحزاب بقدر غياب الرؤية والعمل المشترك والهدف الواحد بين تلك الاحزاب على المستوى العام ،وتحديد الأولويات وتكوين الحكومات الناجحة وإدارة الصراع بالشكل الأمثل واستبداله في الاستقرار من خلال تنظيم المنافسات الانتخابية وفق القواعد المشروعة البنائة ، وخلاف ذلك عندما تكون الأحزاب تتمحور حول شخص الزعيم تكون أحزاب مدمرة للنظام الديمقراطي ، وتجعل النظام السياسي يدور في فلك ديكتاتورية  داخلية متعددة مع صراع دائم ومستمر يعيش حالة استقرار لفترات محدودة تعتمد على رضا وقبول تلك الزعامات .[37]

أما على مستوى الهوية الوطنية ، واحدة من الاشكاليات التي ترافق التوافقية والتي يكون الزعيم هو الحد الفاصل بين نجاحها وتجاوزها  ،أو ترسيخها وتعميقها ، هي تكمن في أزدواجية الانتماء للفرد ،فالمجتمعات متعددة الأثنيات أو اللغات تعاني على الأغلب من الصعوبة في ترسيخ وحدتها الوطنية ،وفي الخصوص عندما تكون هنالك هواجس بين المكونات تجعلها متخوفا من أحتمال طمس هويتها من الجماعات الاخرى أو تذويبها من الأغلبية من تلك الجماعات ،أو الانتقاص من حقوقها سواء كانت خاصة أو عامة .[38]

ونتيجة لذلك يتماسك الافراد داخل كل جماعة مكونين بذلك قوة سياسية تتنافس مع غيرها ، ويكمن الخطر في ذلك عندما يتجاوز التنافس الدستوري المشروع الى حد التعصب لهويتها الخاصة بها ، عند ذلك يشعر المواطن له هويتين ، هوية نابعة من انتمائها لجماعته وأخرى نابعة من أنتمائه السياسي لوطنه الذي ينتمي اليه ، وعند تصارع العصبيات بين الجماعات تطغى الهوية الخاصة على الهوية الوطنية ، وأستنادا الى تلك المعطيات هنا تأخذ التوافقية  دور هام وبارز من خلال  زعامات تلك المكونات في  تحجيم تلك الحالات والحد منها وترسيخ الاستقرار السياسي والاجتماعي ، أما اذا كانت الزعامات التي تتزعم تلك المكونات لا تمتلك المؤهلات والبصيرة سوف تأسس وتساهم من حدة الصراع والأنقسام . ومن أجل اثبات الدور الإيجابي للزعامات السياسية الذي من خلاله يتحقق الاستقرار والإزدهار في التجربة التوافقية سوف نبحث في التجربة الماليزية الناجحة ونبين عوامل النجاح والتقدم

 

المبحث الثالث

الدور الإيجابي للزعامات السياسية في النظم التوافقية

تمارس الزعامات السياسية القوة والتاثير ، اما على شكل سلطة ،أي نتيجة لقبول مشروع ممنوح وهنا تكون السلطة مرتبطة بمنصب أو بمركز معين ،وهذا ما يوصف بالنص القانوني للسلطة وشرعيتها ومشروعيتها ، أو تكون سلطة تلك الزعامات مرتبطة بضمير وقيم الجماعة وتوقعاتها والى الراي العام ،وذلك مما يثير ايضا شرعية السلطة ، أو قد تستند مصدر قوتها على مقومات معينة من خلال أدوات الاكراه المادي أو المعنوي ، و قدرتها التنظيمية أو خصائصها السلوكية ، من خلال سيطرتها على الموارد الانتاجية الاستراتيجية في المجتمع .أوقد تكون الهيمنة ناتجة عن قيم دينية أو اجتماعية ترتبط بتقاليد  المجتمع .[39]

المطلب الاول : الزعامة السياسية الفاعلة

الزعامة السياسية الفاعلة تعني قدرة وفاعلية وبراعة الزعيم السياسي وبمعاونة النخبة السياسية في تحديد أهداف المجتمع السياسي وترتيبها تصاعديا حسب أولوياتها واختيار الوسائل الملائمة لتحقيق هذه الاهداف بما يتفق مع القدرات الحقيقية للمجتمع وتقدير ابعاد المواقف التي تواجه المجتمع واتخاذ القرارات اللازمة لمواجهة المشكلات والازمات التي تفرزها هذه المواقف ويتم ذلك كله في اطار تفاعل تحكمه القيم والمبادئ العليا للمجتمع[40]، لذلك فهي تعد القدرة والامكانية على معاملة الطبيعة البشرية أو على التاثير في السلوك البشري لتوجيه جماعة من الناس نحو هدف مشترك بطريقة تضمن بها طاعتهم وثقتهم واحترامهم وتعاونهم وذلك يعني لا يمكن لجماعة من تعيين اتجاه سلوكهم او جهودهم دون وجود زعيم عليها[41]، الزعامة الفاعلة هي التي تمتلك الرؤية الواضحة والتي تعطي مجال ومساحة الى الافراد في المشاركة السياسية ،والتي تنتج صنع قرار مشترك بين القائد وأفراد المجتمع ، فأن ذلك يؤدي الى أقامة ديمقراطية حقيقية وثابتة وعلى أسس فاعلة ، تلك الزعامة الناجحة استندت على (النظرية التفاعلية )للقيادة وتلك النظرية تنص على أن القيادة عملية تفاعل أجتماعي بين كل المتغيرات أو العوامل الرئيسية في القيادة، أي بين شخصيته ونشاطه في الجماعة ،ويقابل ذلك أتجاهات وحاجات ومشكلات أجتماعية ،ذلك التفاعل بين القائد والجماعة يحدد ويساهم في قدرة الجماعة على أدراك الشخص المناسب لقيادتهم فيلتفون حوله ويختارونه قائدا لهم.[42]

وتلك المكانة والاهمية لدور الزعيم تكون في موضعين اتجاه الامة خلال حدوث التغيرات او الازمات وحالة عدم الاستقرار والاضطراب:

الاول: قد تشهد الامة بزوغ نجم لامع من رحم تلك المعاناة يتمثل بزعيم قوي صادق في منهجه قادر على تجاوز تلك الازمات.

الثاني: قد تبتلى الامة بزعيم مستبد يحول حياة الامة جحيم من اجل ترسيخ وتثبيت مطامعه الخاصة.[43]

   لذلك تكون هنالك صفات معينة تجعل من القائد أن يكون زعيما وطنيا صالحا ومن ابرز تلك الصفات هي:[44]

يضع الخطط ويحدد السبل لتنفيذها .

ينظم مجهودات الاتباع ويعمل على استغلال مقدرتهم بالشكل الامثل.

اشعارهم بالمسؤولية .

اختيار الاعوان مع التاكيد من أخلاصهم وثقتهم .

الاعتماد على التجارب الخاصة والكفاية الممتازة والقدرة الكاملة .

 مثل ما تكون هنالك صفات لابد أن تكون هنالك خصائص تتمثل في الزعيم الصالح ومن ابرزها:[45]

الابتكار والتجديد والاختلاف عن الاوضاع القائمة.

تقوم العلاقة بينه وبين الجمهور على الحب والانجذاب يضعون الامل فيه ويعلقون الرجاء عليه .

يكون على قدر من اليقظة والحذر والدهاء .

يكون فرد من صميم المجتمع .

يخلو من الانتهازية وحب التصدر والنفع الذاتي وارضاء الجمهور والانسياق في اخطائهم الموروثة

قدرة القيادة على التطور.

القدرة على التضحية .

لا يعتمد الاسلوب الشعبوي من خلال  تهييج عواطف الجماهير  و الخطابة ،وأنما يعتمد على الصدق والعقل والاقناع .

ان يكون مثالا للشجاعة والاقدام والغيرة والهمة والنشاط وتحمل المشاق .

ان يمتاز بفهمة لطبائع الاشياء وقرائة ما وراء السطور والمظاهر ببصيرته النافذة بقوة الملاحظة .

الاعتدال والبعد عن الانخراط والتفريط وتقدير وجوه الامور طبيعيا وتقدير الفشل والنجاح وعدم المغالاة في تقدير النتائج.

تطلب الحركة الاصلاحية عدة متطلبات ذات بعد هادف وراسخ من ابرزها، تحشيد الاتباع واجتماعهم على اهداف اصلاحية او قريبة منها، ودور القادة في ضل تلك الحركة السعي الى اصلاح الاوضاع ووضعها في المسار الصحيح بعد أن شابها الانحراف، ولا يسعون الى التمرد أو الغاء القيم الموجودة، والاصلاح لا يكون بسيطا ويقتصر على تصحيح أعوجاج و أنما يكون أصلاحا كبير ومؤثر وتحويلي بصورة جذرية يساعد على تهيئة مرحلة جديدة في المجتمع.[46]   

المطلب الثاني: الدور الايجابي للزعامة السياسية في النظام السياسي (الماليزي)

يمكن أن يتحقق الدور الإيجابي والفعال في الانظمة التوافقية من خلال دور الزعامات في التنظيم السياسي وبناء تحالفات فعالة تحدد بموجبها خارطة طريق تتمتع بالقبول الواسع خلال فترة اللا استقرار، ومخرجات ذلك التحالف حكومة تتمتع بقدر كاف من الثقة والدعم الشعبي ، ويتم تحقيق ذلك الاستقرار عن طريق إنجاز الوئام الداخلي وإنهاء حالة أزمة الثقة بين مختلف القوى السياسية والتواصل الجيد والمقبول مع مختلف مكونات الشعب المتعدد[47]، إن الحالة الإيجابية والاستقرار الذي تحقق في النظام السياسي الماليزي يرجع الى الإدارة  الإيجابية من قبل الزعامات السياسية التي تتصدر المشهد والقدرة الكبيرة التي تميزوا بها على أحتواء المشكلات وتحويل التضاد والصراع ،الى حالة إغناء واثراء لكافة المكونات التي تحلت في نفس الوقت بالوعي والجنوح الى السلم وحب الوطن ، وذلك يرجع في الاصل الى طبيعة الخطاب النخبوي السائد في المجتمع ،أضافة الى ذلك أبعاد فلسفة العسكر والمؤسسة العسكرية عن التأثير في الحياة السياسية[48]، ومن جانب اخر ،منذ بدايات النهضة التنموية الماليزية أدرك صانع القرار مع الارادة السياسية الفعلية بأن بناء الفرد الماليزي ذاته هو الاساس والقاعدة التي تستند عليها العملية التنموية ، إذ بدأت من القضاء على النعرات العرقية الموجودة في ماليزيا وتعريف الفرد الماليزي بمقومات التعايش السلمي وترسيخ ذلك على امر الواقع ،وتستند تلك المبادئ على تحسين الواقع المعيشي من خلال تكثيف برامج الرعاية الاجتماعية بصورة متساوية سواء في الريف او المدينة ،ونتيجة الى ذلك حققت ماليزيا تقدم ملحوظ في الصناعة والتصدير ، مقابل ذلك صانع القرار الماليزي عمد على إتباع استراتيجية الحفاظ على ذلك النمو الاقتصادي الكلي للبلد مع خلق بيئة مناسبة للإستثمار والتركيز المستمر على المحافظة لدخل الفرد الماليزي .[49]

إن عملية الاصلاح والتقدم في ماليزيا كانت عبارة عن سلسلة متواصلة ومكملة من قبل زعاماتها السياسية، أذ بدأت من (تنكو عبدالرحمن) الذي لقب ب(ابو الاستقلال ) تثمينا لجهودة الكبيرة في تحقيق الاستقلال الكامل والتام لماليزيا في عام 1975م ونجح كذلك في بناء علاقات وثيقة وتفاهمات مع قيادات الصينيين والهنود نصت على الاعتراف بعدد من المزايا( للملايو ) مقابل اعتراف الملايو بحقوق المواطنة الكاملة للصينيين والهنود ، وعلى ضوء ذلك عمل على بناء تحالف من الاحزاب الكبرى وبذلك شكل أساس فكرة التوافق بين المكونات ونجح بذلك في تحقيق الوحدة الوطنية.[50]

ومن أجل الحفاظ على المنجزات وإستمرار عملية التقدم التنموية وترسيخ الاستقرار ،إعتمد زعماء ماليزيا منطق التشاور ورسخ ذلك في قواعد اصبحت تقاليد اتجاه القضايا والخلافات والسياسات التقدمية بين الاحزاب ، ويكون ذلك عن طريق إنشاء أئتلاف واسع يضم أكبر قدر من المكونات المختلفة وتأخذ الآراء والقرارات بين الزعامات وفق طريق التشاور والتوصل الى الصفقات السياسية وتوزيع الحصص والمكاسب لتفادي الاثارة والتوتر العرقي وقد نجحت هذه السياسة في تحقيق قدر كبير من الاستقرار السياسي والامني وتوفير بيئة ملائمة للتطور الاقتصادي.[51]

لذلك الزعامات السياسية الماليزية استطاعت على المستوى السياسي تحقيق إنجاز مهم وفعال إذ إنها على الرغم من إعتمادها على التوافقية ،إلا إنها أخذت بديمقراطية الأغلبية ضمن إطار التوافق والمتمثلة بوجود إئتلاف  حزبي تمثل (بالتحالف الوطني ) العابر للدين والقومية والممثل لتلك المكونات ،ومقابل ذلك معارضة سياسية كذلك عابرة للدين والقومية في إطارتوافقي ،ووجود وتفعيل دور المعارضة هو كفيل في فاعلية ونجاح التجربة التوافقية ،وذلك ما يجعل الديمقراطية فاعلة ومنتجة .[52] وأستطاعت من خلال حكمتها السياسية أدارة ذلك التنوع العرقي بالشكل الأمثل وتجنيب البلاد من الوقوع في الازمات والابقاء على التحالفات ،والحفاظ على وحدة تلك القيادات السياسية ومقابل ذلك أقتناع تلك القيادات بأن ضمان إستمرارية الاستقرار السياسي والسلم والامن يتطلب التركيز على ترسيخ قيم التسامح من جانب ومن جانب اخر تفعيل مبادئ الديمقراطية التوافقية في إدارة العملية السياسية .[53]

لذلك كان دور الزعامات السياسية بارزا في تحويل الازمات الى انطلاقات وإسهامات في مسار التنمية والاستقرار ،ونستدل بذلك من خلال الاضرابات الكبيرة التي حصلت عام 1969م والتي نتجت عن مقتل اكثر من (143) شخصا بين (الملاويين ) و(الصينيين ) والسبب في ذلك يرجع الى التفاوت بين السكان الاصليين وهم الاغلبية الملاويين والذين يشكلون أعلى نسبة من الفقر مقارنة مع المكونات الاخرى أما الصيينيين فأنهم سيطروا على الوضع الاقتصادي والسياسي في البلد ، مما دفع الزعامات السياسية الى أعادة تأسيس التشكيلة السياسية الماليزية من خلال توسعة التحالف الحاكم وتشكيل جبهة وطنية مثلت قاعدة رصينة ومستقرة للحكم تسعى الى تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي والتقدم الاقتصادي لكل مكونات المجتمع الماليزي والقضاء على نسب الفقر العالية ،فضلاً عن أن يكون ذلك التحالف صمام أمان يمنع تكرار حوادث عام 1969م.[54]

إذ كانت التوافقية قبل عام 1969 يشوبها الصراع ولكن سرعان ما أنتبهت الزعامات السياسية الى خطورة ذلك الصراع العرقي ، إذ عمدت على أحتواء ذلك الموقف من خلال:

تقديم طلب أستقالة حكومة (تنكو عبدالرحمن ) وتشكيل حكومة جديدة برئاسة (تون عبد الرزاق) .

تبني اصلاحات إقتصادية تهدف الى إعادة هيكلة المجتمع الماليزي عن طريق تحقيق التوازن بين العرقيات والاثنيات المكونة للمجتمع .

وضع رؤية أقتصادية أمدها عشرون عام  يتم من خلالها تحقيق تقدم اقتصادي للجميع مع مراعاة الاغلبية (الملاوية ) الفقيرة من خلال توظيف جزء من الثروات لرفع مستواهم الاقتصادي والتعليمي دون أن يؤثر ذلك على حقوق الأقليات الأخرى.

وضع آلية ملزمة للحكومات الأخرى المتعاقبة لتنفيذ تلك المبادئ بحرفية .[55]

كانت رؤية الزعامات السياسية في بداية النهضة الماليزية تركز على تحقيق المساواة والقضاء على الفقر والامية ، ومن السياسات الهامة التي أعتمدها (مهاتير محمد ) في إحتواء الصراع العرقي والغاء الفوارق الاقتصادية بين المكونات هي (سياسة الحياد الأيجابي) والقائمة على إعطاء حصص للمكون (الملايو) في التعليم والتجارة وملكية الارض ، وذلك بهدف تعديل مستواهم الاقتصادي وتحقيق التوازن الاقتصادي والتنمية العادلة المتوازنة ،وإعتمدت تلك السياسية على إعادة توزيع الثروة وإستغلال عوائد النمو الاقتصادي من خلال وضع سياسات عامة غير متطرفة ومثيرة للخلاف . ونتج عن تلك الاستراتيجية ، إنخفاض نسبة الفقر من 52% عام 1970 الى 1,7% عام 2013 ، فضلاً عن إن ذلك البناء الأقتصادي والمؤسساتي ساهم بشكل كبير على تشجيع التعاون بين النخب والزعامات الحاكمة الممثلة للمكونات .[56]

ومن أجل محاربة الفساد ومنع حدوثه تصرفت القيادة الماليزية بواقعية ورؤية بعيدة وواضحة ورأت أن مجرد إثراء الملاويين بالمال سوف يفسدهم نتيجة سوء الاستخدام للمال الناتج عن قلة الخبرة أو عدم الشعور بالمسؤولية ، لذلك عمدت على ربط تحسين أوضاع الملايو بخطط زمنية طويلة الامد ،وفي المقابل حرصت على الاستثمار في تعليمهم وتدريبهم وتطوير كفاءتهم وقدرتهم التنافسية، وتلك الاجراءات أنعكست على الواقع الاقتصادي الماليزي بالشكل الايجابي ، وعلى سبيل المثال ارتفع عدد الشركات في ماليزيا من 22شركة في عام1960 م الى 109 شركة في عام 1970م ثم 560 في عام 1980 الى أن وصل 1014شركة عام 1985م .[57]

ذلك التقدم في المسارالتنموي والاقتصادي كان أنعكاساً لرؤية سياسية فاعلة للزعامات السياسية التي شعرت بأنها بحاجة ماسة الى الاستقرار السياسي والامني والاجتماعي  من أجل توفير بيئة مناسبة تحقق من خلالها تلك الرؤى السياسية والتنموية ، لذلك رأى (التون عبدالرزاق ) عام 1970م أنه لابد من تخفيف درجة الاحتقان العرقي عن طريق العمل السياسي وذلك من خلال تخفيف حدة المنافسة السياسية مقابل توسيع التحالف الحاكم من اجل ضمان أغلبية الثلثين المريحة داخل البرلمان ، فضلاً عن تعزيز وتقوية صلاحيات السلطات المركزية ،وعندما جاء (مهاتير محمد ) أكمل تلك المنهجية.[58]

ويقابل تقوية الصلاحيات المركزية التأكيد على أهمية وفاعلية النظام الفيدرالي كصيغة اساسية لبناء الدولة من خلال وضع الخطط التنموية لكل ولاية وحسب الأولوية  من أجل وضع ماليزيا في مسار الدول المتقدمة ،من خلال التأكيد على المعرفة والتعليم لكل فرد ماليزي دون تمييز ووضع سياسات الخصخصة التي وضعها النظام السياسي من أجل تحفيز العملية التنموية .[59]

إن العامل المهم الذي ساهم في تعزيز ذلك المسار هو إلتزام الزعامات السياسية الماليزية بالإعتدال السياسي وأحترام مبدأ التداول السلمي للسلطة لذلك اصبح هنالك عامل مشترك بين تلك الزعامات هو الحفاظ على الاستقرار الداخلي[60]، فضلاً عن ذلك مع وجود المعارضة السياسية هنالك لجان وزارية خاصة بنزاهة الادارة الحكومية وتلك اللجنة مهتمة بالعمل على مراقبة أداء الحكومة وهذا يعني ان الحكومة أمام رقابتين تشريعية وتنفيذية ، تلك الافكار السياسية هي ليست شعارات بل تبناها (مهاتير محمد) ووضعها موضع التنفيذ .[61]

من خلال ذلك نجد أن الزعامات السياسية لا يقتصر دورها واثرها الايجابي فقط على المستوى السياسي بل تعدى ذلك لتكن رؤية شاملة ، من خلال التركيز والاهتمام في المجال التعليمي والاقتصادي وتجاوز الخلافات والانقسامات العرقية واستثمار التعددية بالشكل الامثل الايجابي ،لخلق روح الانسجام والاستقرار الاجتماعي والسياسي ،وانعكاسها على التقدم والازدهار .[62]

وتلك الرؤية للزعامات السياسية أتجاه  الواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي  ،لم تكن فقط قراءة واعية وسليمة ، وإنما أخذها في الاعتبار عند صنع القرارات السياسية العامة في مختلف الاصعدة وتنفيذها بواقعية من أجل تحقيق النجاح المنشود في مجالات الاصلاح والتنمية وتحقيق الاستقرار وأدارة التعددية العرقية بالشكل الامثل .[63]  

على الرغم من أن الاقتصاد الماليزي كان يمتاز بالبساطة الشديدة ، ويقابله نظام إجتماعي مقسم ومتفاوت  و أنعكس ذلك على الواقع السياسي في بداياته على نحو من الصراع وعدم الاستقرار ، لكن سرعان ما بدأت ماليزيا بالألتحاق مع ركب الدول الصناعية الاسيوية التي سميت (بالنمور الاسيوية) ،و ذلك الانتقال يرجع الى رؤية الزعامات السياسية التي تقلدت بحكومات وطنية مؤمنة بالتغيير وعلى رأسها ( مهاتيرمحمد) الذي قاد ماليزيا نحو التطور والاستقرار، وتلك التجربة الحضارية والتكنلوجية والاقتصادية ،هي نتيجة حتمية لجهود تلك الزعامات التي أستفادت من تجارب الاخرين في التنمية ، كالتجربة اليابانية ،مع التخطيط الدقيق والنظرة البعيدة[64] . فضلاً عن الموضوعية السياسية التي تمتع بها القادة والزعامات السياسية الماليزية من خلال البحث الدائم عن البدائل المناسبة من أجل تصحيح الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، وألابتعاد عن المكابرة السياسية وأسلوب التخوين، مقابل الاعتراف بالخطأ من دون النظر الى الأمور الاخرى والتناحر السياسي[65].

القيادة الرشيدة التي تمثلت في الزعامات السياسية الماليزية، إنعكس نجاح أدائها على مستوى الحكم  داخل مؤسسات الدولة المختلفة ،أذ أنتج (الحكم الرشيد ) الذي ساهم في نجاح التنمية الشاملة من خلال السياسات العامة الهادفة وفق فلسفة الحكم الرشيد  من أجل الوصول الى الاهداف العليا وتعد فترة (مهاتير محمد)   العلامة المهمة في التاريخ السياسي والاقتصادي لماليزيا ،وهو بمثابة( رائد النهضة الماليزية ) عما قام به من أنجازات وسياسات عامة[66]. يضاف الى ذلك استثمار عامل التنوع الديني والعرقي واللغوي بالشكل الامثل ،وعده عامل أثراء وتقدم لماليزيا ،وغير معوقا ،والاستفادة من الخصائص الايجابية والتركيز عليها لتلك التركيبة المتعددة ، وأنعكس ذلك على مسار النظام السياسي من خلال تحقيق :

أستقرار سياسي من خلال تنظيم الانتخابات الديمقراطية الحرة في مواعيدها والالتزام و الاحترام لذلك الموعد ولم تحصل هنالك صراعات وأنقلابات .[67]

تسيير العملية السياسية بشكل منتظم وديمقراطي راجع الى الحفاظ على عملية الانتقال السياسي ،دون أحداث تفكك وتخوين وصراع بين القيادات السياسية التي كانت تمثل زعامات المكونات ،وإنما كانت هنالك رؤية واحدة مشتركة مكملة ،وذلك أسس بناء تجربة سياسية تهيمن عليها نخبة سياسية منظمة ،إستطاعت تشكيل تحالفات رصينة وفعالة بين الاحزاب الفاعلة[68].

وجود حالة توافق حقيقي وتعايش عرقي وديني بين أبناء المجتمع المتنوع ، وذلك عن طريق أيجاد أجواء التسامح بين الاختلافات والتوجهات ،الدينية والعرقية والثقافية واللغوية ، ومشاركة المجتمع الفعلية في الثروة والسلطة[69]

خلق حالة توازن في التطور الاقتصادي بين المكونات ، أي انعكاس الفوائد الاقتصادية على مجمل شرائح المجتمع ، وبدوره ينعكس على الاستقرار الامني الداخلي ،وهذا ما عبر عنه (مهاتير محمد )  سياسة الحياد الايجابي من أجل أعادة التوازن الاقتصادي بين المكونات[70]. أضافة الى  استخدام الاستراتيجيات  بعيدة المدى من أجل النهوض بالواقع الماليزي ،والتي ساعدت على بناء الثقة وحسن الظن من الجميع ،ومن تلك الاستراتيجيات ما يسمى  بـا(ماليزيا الام ) من أجل القضاء على الفقر والبطالة في المجتمع الماليزي[71]

من المسائل المهمة التي ساعدت على سرعة النمو والانجاز لدى ماليزيا ، هي تلك الثقافة التي أنتهجها زعماء ماليزيا ، التي تؤكد على أهمية المستقبل لتحقيق أكبر قدر من النجاح ، وهذا لا يعني عدم الاكتراث أو التقليل من إنجازات الماضي ،وإنما عدم إنشغال تلك الزعامات بالخوض في أمجاد الماضي والتعويل عليه ،وأنما كان الاهتمام بالحاضر والمستقبل ، وهذا ما تجسد في رؤية (2020) التي من خلالها يتم تحديد ملامح المرحلة التنموية المستقبلية ،وتلك الرؤية قدمها (مهاتير محمد) في ورقة عمل بعنوان (إطلاق مجلس العمل الماليزي ) عام 1991م ،وأخذ العمل بها بشكل متزايد ومتواصل من أجل تحقيق الاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي ،والتضامن الاجتماعي[72]

الإجـــــــــــــــــــــــراءات

النتــــــــــــــــــــــــــــائج

أيجاد أطار عمل اداري وقانوني من أجل زيادة وفاعلية الجهات المكلفة بمكافحة الفساد والوقاية منه.

زيادة شرعية النظام السياسي وتقوية الهياكل المؤسساتية للدولة .

تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية وأشباع الحاجات الاساسية للموظفين في القطاع الخاص والعام.

تحقيق الرضا والقبول لدى المواطن الماليزي اتجاه النظام الحاكم ومؤسساته.

تحسين مستويات تقديم الخدمات الصحية ورفع مستوى التعليم والوعي الاجتماعي.

تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي والمحافظة على الوحدة الوطنية .

تفعيل دور مؤسسات المجتمع وجعلها أكثر مساهمة في الكشف عن مكامن الفساد.

زيادة درجة المشاركة السياسية للمواطنين في العملية السياسية كالانتخابات .

الجدول من أعداد الباحث استناداً الى المصدر: محمود جودت قبها ، ابراهيم حسن ابو جابر ، دور القيادة السياسية في التنمية بدولة ماليزيا مهاتير محمد أنموذجا ، مجلة العلوم الاقتصادية والادارية والقانونية ، فلسطين ، المجلد 6، العدد 15، 2022م ، ص37 وكذلك ينظر الى  عمر كعيبوش ،اسمهان رماش، مصدر سابق ص 77.

وعلى ضوء ذلك يعد النظام السياسي الماليزي أنموذجا ناجحا في تطبيق الديمقراطية التوافقية من خلال الية الاستيعاب للإختلافات الدينية والعرقية ،وكذلك التعامل بواقعية مع الاختلالات الاقتصادية والإجتماعية السائدة ،وذلك يرجع الى حسن وحنكة الإدارة من قبل الزعامات السياسية التي جعلت ماليزيا تقفز قفزات سريعة ومتلاحقة ، من أجل أن تتخطى كافة المشاكل العرقية وعلى كافة الأصعدة ،السياسية ، والاقتصادية ،والاجتماعية .

إن الإدارة الإيجابية للتجربة التوافقية في ماليزيا والتي ساهمت وساعدت على تحقيق الاستقرار الاجتماعي بين المكونات والسياسي وبين القوى السياسية الفاعلة ،يرجع ذلك الى قدرة الزعامات السياسية على تحديد الأهداف ورسم السياسات الموحدة وفق رؤية بعيدة الامد لبناء دولة ماليزيا وبناء الفرد الماليزي وإعداده بالشكل الإمثل ،وكذلك قدرة الزعامات السياسية على تحويل حالة التضاد والصراع الى حالة إغناء وإثراء والجنوح للسلم وتعزيز الهوية الوطنية ،وكذلك أتزان وحنكة خطاب الزعامات السياسية ،ومن خلال ذلك يمكن تعميم تلك التجربة والإستفادة منها في التجارب التوافقية التي لازالت تعاني من الازمات السياسية .

الخاتمــة

بعد أن ذاقت المجتمعات ويلات الاضطهاد والقمع من قبل السلطات الفردية ،أصبحت الديمقراطية الهدف الاساس لكل المجتمعات في تحقيق الحرية والعدالة والاستقرار وتداول السلطة السياسية بصورة سلمية ،دون أراقة الدماء وحدوث الحروب والخراب، وهذه الفكرة تجسدت بأهداف موحدة لدى المجتمعات التي نالت الديمقراطية وطبقتها ،لذلك حققت أستقرار نسبيا في مسارها السياسي ،ولكن في الديمقراطية التوافقية التي تولدت نتيجة الى حاجة الواقع الاجتماعي والسياسي لها في الانظمة الديمقراطية كان هنالك نوع من الصراع والاخفاق وعدم الاستقرار في بعض الدول التي طبقتها ،وفي المقابل هنالك دول نجحت في التجربة التوافقية ، ومن خلال ما تقدم في البحث اثبت الفرضية بأن العامل الاساس والفاعل في نجاح وتقدم الدول هو أعتمد بدرجة كبيرة على فاعلية الزعامات السياسية والعكس من ذلك  صحيح .

ومن جانب اخر بما أن الديمقراطية سبقت التوافقية ، وهذا يبين بأن الأنظمة السياسية مرت بمراحل كل منها له دور ، بين الشمولية والديمقراطية ،وظهور مفهوم الثورات السياسية مع نشوء الحس والوعي السياسي لدى المجتمعات ،ومع تلك الدوامة التي أسقطت ما تبقى من عروش الأنظمة الاستبدادية في المجتمعات المنقسمة والمتعددة التكوينات ،تولد هنالك خوف وعقدة من الماضي المأساوي الاستبدادي من تسلط وتفرد مجموعة بيدها مقاليد السلطة والحكم على الاخرى ،ورافق ذلك التحول حالة من الصراع ،وبتلك المعطيات وتلافيا للحروب الداخلية اتجه القرار الى التوافق السياسي ، واطراف ذلك الاتفاق هو بين زعامات تلك المكونات لما يمتلكونه من تأثير على أفراد المكون ،ونتيجة لتلك المكانة السياسية للزعامات ،تولد أتجاهين في النظم التوافقية :

الاول ؛ أما الذهاب الى الاستقرار السياسي والاجتماعي وتجاوز الازمات المتراكمة ،وتحقيق التنمية الشاملة ،و وصولا الى الديمقراطية التنافسية وتجذير أسسها ، وذلك يرجع الى طبيعة وسلوك وحنكة تلك الزعامات السياسية ، وذلك كما حصل في ماليزيا وغيرها من الانظمة التي حققت استقرارا سياسيا .

الثاني؛ اما الاتجاه الثاني أن تخضع تلك المجتمعات الى نوع جديد من الاستبداد والديكتاتورية بشكلها الديمقراطي ، من خلال استخدام الفيتو لتلك الزعامات بما يخدم المصالح الذاتية والفئوية والحزبية لتلك الزعامات السياسية على حساب أفرادها .

ومن خلال ذلك يمكن لنا القول ،بأن التوافقية لو توافرت بها الشروط والمضمون الحقيقي ومن ابرزها وجود زعامات سياسية على درجة من الوطنية والمسؤولية والكفاءة ، يتولد نظام سياسي يتميز بالمثالية وقادر على تجاوز الأزمات السياسية والاجتماعية  ، أما العكس من ذلك يتولد نظام يشوبه التعقيد والتضليل والصراع . 

الإستنتاجات :

من أجل أنجاح التجربة التوافقية إذ لابد من ترسيخ قيم الثقافة الوطنية في المجتمع وتعزيز دور المواطنة في بناء الدولة .

الإحترام والإلتزام بمبادئ الحوار والثقة المتبادلة والحرية والتسامح بين الإوساط الاجتماعية ونبذ لغة العنف والإقصاء بين فئات ومكونات المجتمع .

تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني بما يعزز ويدعم النظام الديمقراطي والإصلاح السياسي.

يجب إنهاء حالة الصراع والخلاف والتخوين وإستغلال الإموال التي تدعم تلك المشاريع ،وتسخيرها في بناء الدولة .

إن التعددية المتمثلة بالديمقراطية التوافقية هي ليست بخطر يهدد المجتمع ،وإنما يكمن الخطر في غياب الحوار والتخاطب من دون وجود العنف ونفي الاخر .

يجب الإحتكام الى الدستور من قبل الجميع والإحترام الفعلي والصادق الى الدستور ولا يعلو أحد عليه ، ويجب إن تكون هنالك مبادئ اساسية للنظام السياسي تلتزم بها كل القوى السياسية ،مهما كان حجم الإختلاف ،وإن لاتخضع تلك الأهداف الى المساومة .

يجب الإيمان بإن من يتصدى الى العمل السياسي معرض للنقد و الخطأ والصواب ، وإزالة القدسية عن الزعامات السياسية ،وعدم إستغلال تلك الزعامات مكانتها وأهميتها في دعم مشاريعها الخاصة .

يجب معرفة الزعيم السياسي أهميته وموقعه المؤثر في النظام السياسي والمجتمع ،وتسخيره بالشكل الأمثل  .

من خلال التجربة التوافقية في ماليزيا يمكن الاستفادة من نقل تلك التجربة الى الأنظمة التوافقية التي لازالت تعاني من الإزمات السياسية .إذ كان نجاح المشروع السياسي في ماليزيا مرتبط بتوفير الإرادة السياسية والدعم السياسي من كل الإطراف الحكومية وزعاماتها السياسية على أختلاف أنتماءاتهم من إجل ترسيخ مفهوم التضامن والوحدة الوطنية والتنمية الاقتصادية ،وإستناداً الى ضرورة الاهتمام بالفرد الماليزي .

 

[1] محمد حسين عبود ، الزعامة الدينية للسيد الخوئي اسبابها واثارها ، مجلة اهل البيت ع ،كربلاء -العراق ،عدد 19 ، ص156

[2] غوستاف لوبون، سيكولوجية الجماهير، ترجمة وتقديم، هاشم صالح، دار الساقي، ط2، 1997م، ص 127

[3] عبدالحليم حمود ، الكارزيما بحث في جاذبية القائد ، دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع ، بيروت ، ط1 ، 2009.

[4] مقال نشر على موقع المركز الثقافي للبحوث والتوثيق _ صيدا – لبنان ، مفهوم السلطة ومن يمثلها ، 28/4/ 2009

[5] مايكل هارت، الخالدون مائة أعظمهم محمد (صلى الله عليه وسلم)، ترجمة أنيس منصور، المكتب المصري الحديث، 1978، ص6

[6] المصدر نفسه ،ص7 .

[7] معجم المعاني على شبكة الانترنت ،الموقع ، almanny.com  تاريخ الدخول الى الموقع 29/11/ 2023

[8] ثامر عباس ،  تقديس الزعامة دراسة في ظاهرة الكاريزما السياسية ، دار مكتبة عدنان للطباعة والنشر والتوزيع ، بغداد

[9] العراق ، ط1، ، 2015 ص223وكذلك ص330 ، وكذلك ينظر الى قيس ياسين ، مقاربة اولية في سيكلوجيا  الزعامة ، صحيفة النبأ الاكترونية ، عدد 80 ، 2006، على الموقع https://annabaa.org/nbahome.

[10] محمد فتحي يونس، صناعة الديكتاتور دراسة في اساليب الدعاية للقادة السياسين، هلا للنشر والتوزيع، مصر، 2016،  ص15

[11] نقلا عن معتز اسماعيل خلف الصبيحاوي ،صنع القرار السياسي في الديمقراطيات التوافقيه (العراق انموذجا)،رساله                  ماجستير ،جامعه النهرين ،كليه العلوم السياسيه ،العراق ،2014،ص36

[12] ارنت ليبهارت ،الديمقراطية التوافقية في مجتمع متعدد معهد، ترجمة حسني زينه، الدراسات الاستراتيجية،الفرات للنشر والتوزيع ،ط1، بغداد ،2006،ص47 .

[13] د. لبابة الفضل عبد الحميد، مصدر سبق ذكره، ص3.

[14] د.امنه محمد علي،اشكاليه الديمقراطيةالتوافقية في العراق،مجله المستنصرية للدراسات العربيةوالدولية،العدد51،ص87.

[15] ارنت ليبهارت،مصدرسابق ،ص7

[16] سردار قادر محي الدين،الديمقراطية التوافقية في الدول النامية «دراسة تحليليه للحالة اللبنانية»، مركز كردستان للدراسات الاستراتيجية، العراق، 2009، ص101.

[17] ياسين سعد محمد البكري،اشكاليه الديمقراطيةالتوافقية وانعكاسها على التجربةالعراقية،مجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية،العدد،27 ، بغداد-العراق ، 2009، ص61.

[18] عبد الستار الكعبي،الديمقراطيةالتوافقية العراق نموذجا، دار السياب للطباعة والنشر والتوزيع، ط1، بغداد –العراق ،2011، ص22

[19] ارنت ليبهارت ،مصدر سابق  ،ص33.

[20] مجيد جعفر مجيد جاسم،التوافق السياسي وانعكاسه على النظام السياسي العراقي بعد 2003،رسالة ماجستير،جامعة بغداد،كلية العلوم السياسية،2013،ص16.

[21] الطيب زين العابدين ،الديمقراطيه التوافقيه الطريق للاستقرار السياسي ،معهد الدراسات الافريقيه والاسيويه –جامعه الخرطوم ،بحث قدم الى المؤتمر السنوي للدراسات العليا والبحث العلمي ،السودان –الخرطوم ،فبراير 2013،المجلد الاول ،ص8

[22] حيدر المولى، التضامن الوزاري والحكومات الائتلافية (دراسة مقارنة )، منشورات زين الحقوقية والأدبية ، ط1 ، 2011، ص33

[23] رشيد ساعد، الديمقراطية التوافقية في المجتمعات التعددية : دراسة مقارنة بين لبنان وماليزيا ، مجلة القانون والسياسة ، المجلد العاشر ، العدد 1، 2019، ص1732

[24] اسعد كاظم شبيب ، الديمقراطية التوافقية في تصور حزب الله اللبناني ، مجلة دراسات تأريخية ، جامعة البصرة ، عدد 20 ، 2016، ص 275.

[25] ارنت ليبهارت ، مصدر سابق ، ص48

[26] رشيد ساعد ، مصدر سابق، ص1734

[27] رياض عزيز هادي ، رجل الدولة ، المكتبة القانونية ، بغداد ، ط1 ، 2018، ص95

[28] أسامة عبد علي خلف ، مصدر سابق ، ص258

[29] كريمة مكاحلي ، عبدالحميدقرفي ، الديمقرطية التوافقية في افريقيا التحديات والافاق ، المجلة الجزائرية للدراسات السياسية  المجلد الثامن ، العدد 2 ، 2021، ص497.

[30] حيدر عبد جساس ، واقع الديمقراطية التوافقية في المملكة البلجيكية الدروس المستفادة ، مجلة حمورابي للدراسات ، العدد 40 2021. ص 265-267.

[31] سهام فوزي ، اتحول الديمقراطي في المجتمعات في المجتمعات الاثنية دراسة مقارنة العراق وجنوب افريقيا ، مركز دراسات الوحدة العربية – بيروت – لبنان – ط1، 2019، ص19.

[32] عصام الدبس ، النظم السياسية اسس التنظيم السياسي ، دار الثقافة للنشر والتوزيع ، عمان –الاردن ، ط1 ، 2010، ص158.

[33] سهام فوزي ، مصدر سابق ، ص20

[34] علي موحان حمزة القريشي، تجربة الديمقراطية في العراق دراسة تقويمية،دار الوضاح للنشر، عمان –الاردن، ط1، 2022، ص233

[35] علي عباس خلف ، الديمقراطية التوافقية دراسة دستورية في دستور جمهورية العراق لسنة 2005، مجلة كلية المأمون  -العراق، العدد 31 ، 2018، ص87.

[36] زيد حسن علي الكرطاني ، تأثير الخطاب السياسي على الامن الوطني العراقي ، مجلة قضايا سياسية ، عدد 66 ، ص128

[37] حيدر المولى ،مصدر سابق ، ص471، كذلك ينظر الى سهام فوزي مصدر سابق ص16.

[38] أسامة عبد علي خلف ، الديمقراطية التوافقية ودور النخب في مأسسة الانقسامات السياسية ، مجلة الاستاذ ، العدد 224، مجلد الثالث ، 2018، ص 275-276.

[39] اميرة مصطفى ، مفهوم وخصائص النخبة السياسية ، المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية الاقتصادية والسياسية ،10/7/2019م.

[40] جلال عبدالله معوض ، علاقة القيادة بالظاهرة الانمائية ، دراسة في المنطقة العربية ، اطروحة دكتوراه كلية العلوم السياسية والاقتصاد ، جامعة القاهرة ، 1985، ص9.

[41] أغراس سليم حياوي ، الزعامة السياسية ، مجلة الكلية الاسلامية الجامعة ، عدد 1، 2006 ، ص7197 

[42] صلاح السيد بيومبي ،علم الاجتماع السياسي ، الهيئة المصرية العامة  للكتاب ، القاهرة ، 2015م ، ص 133-134

[43] عبد الحليم حمود، مصدر سابق، ص 21

[44] قصي محبوبة ، مصدر سابق ، ص7.

[45] انور الجندي، الزعامة النبوية في تأريخ الرسول، مطبعة المتوكل، مصر، ص9-14

[46] قصي محبوبة، مصدر سابق، ص 73 .

[47] عائشة سالمي ، دور النخب السياسية في أدارة المرحلة النتقالية –دول مابعد الحراك العربي ، مجلة الاداب والعلوم الاجتماعية ، المجلد 18 ، العدد 1 ، 2021، ص197.

[48] بلقاسم مربعي ، اليات أدارة التعددية الاثنية ودورها في بناء الدولة (دراسة في النموذج الماليزي ) ، رسالة ماجستير منشورة ، كلية الحقوق والعلوم السياسية – جامعة محمدخيضر –بسكرة –الجزائر ، 2015، ص210

[49] عباس جابر عبدالله ، تقييم التنمية البشرية المستدامة في ماليزيا (قراءة في المؤشرات والمعوقات ) مجلة كلية التربية الاساسية للعلوم التربوية والانسانية ، العدد 47، 2020م، ص938

[50] محمود سمير ابو عره ، دور القيادة السياسية في تحقيق التنمية في ماليزيا (مهاتير محمد انموذجا) ، رسالة ماجستير منشورة – جامعة النجاح الوطنية –كلية الدراسات العليا – فلسطين ، 2021م ص 63

[51] بلقاسم مربعي ،مصدر سابق  ، ص 197

[52] عدي فالح حسن ، التجربة الديمقراطية في ماليزيا وامكانية الاستفادة  منها في العراق ،مجلة كلية الامام الكاظم ع للعلوم الاسلامية الجامعة ، المجلد الثالث ، العدد 3، 2019، ص 207

[53] عمر كعيبوش ،اسمهان رماش ، دور القيادة السياسية في عملية الاصلاح السياسي والاداري في ماليزيا ، مجلة السياسة العالمية ، عدد 1، جامعة ابن خلدون ، 2020 ، ص70

[54] نادية فاضل عباس فضلي ، تطور التجربة الفيدرالية في ماليزيا ، مجلة كلية القانون والعلوم السياسية – الجامعة العراقية ،العدد 15 ، 2022، ص347

[55] رشيد ساعد ، مصدر سابق ، ص 1740

[56] عدي فالح حسن ، مصدر سابق ، ص204-207

[57] عباس جابر عبدالله ، مصدر سابق ، ص940

[58] رقيه كريم جار الله ياسر ، أدارة الاختلاف والتعدد العرقي وتوجيهه لتحقيق الاستقرار السياسي في ماليزيا ، مجلة تكريت للعلوم السياسية ، العدد 17 ،30 /9/ 2019، ص292

[59] نادية فاضل عباس فضلي ، مصدر سابق ، ص 348 .

[60] رقية كريم جار الله ياسر ، مصدر سابق ، ص 387

[61] محمد منذر جلال، ماليزيا مابين مقومات النهوض ومتغيرات الحداثة، مجلة الجامعة العراقية العدد 3، المجلد 43 2019م، ص388.

[62]  محسن صالح ، النموذج  السياسي الماليزي وأدارة الاختلاف ، مركز الجزيرة للدراسات ، 21، 6، 2012.

[63] محمود صافي محمود ، تأثير رؤية القيادة السياسية على الاستقرار السياسي في ماليزيا خلال فترة من عام 1981-2018 ، مجلة الدراسات السياسية والاقتصادية ، العدد الاول 2021، ص119.

[64] علي أحمد درج ، التجربة التنموية الماليزية والدروس المستفادة منها عربيا ، مجلة جامعة بابل ،العدد 3، المجلد 23، 2015، ص 1364

[65] محمد منذر جلال، ماليزيا مابين مقومات النهوض ومتغيرات الحداثة، مجلة الجامعة العراقية، العدد3،المجلد43، 2019،  ص386

[66] داليا صبحي جاسم ، كاظم علي مهدي ، دور القيادة السياسية في تحقيق التنمية الناجحة (دراسة حالة . رواندا ،البرازيل ، سنغافورة ، ماليزيا) ، مجلة الدراسات المستدامة  ، المجلد الرابع ، العدد الرابع ، 2022، ص1416.

[67] نادية فاضل عباس فضلي ، التجربة التنموية في ماليزيا من عام 2000- 2010، مجلة دراسات دولية ، العدد 24، ص 167.

[68] عطا الله سليمان الحديثي ، أسراء كاظم الحسيني ، تعدد القوميات في ماليزيا ودورها في تطور نظامها السياسي وأستقراره ، مجلة كلية التربية – واسط ، العدد 13، 2013، ص255.

[69] رغد نصيف جاسم ، التعددية السياسية في اسيا(الهند ماليزيا أنموذجا) ، مجلة المستنصرية للدراسات العربية و الدولية ، العدد 44، 2013، ص91.

[70] عدي فالح حسين ، التجربة الديمقراطية في ماليزيا وأمكانية الاستفادة منها في العراق ، مجلة كلية الامام الكاظم ع للعلوم الاسلامية، المجلد الثالث ، العدد 3 ، 2019م ص 212.

[71] عباس جابر عبدالله ، مصدر سابق ، ص942.

[72] المصدر نفسه ص 173.