تاريخ التقديم 17/2    تاريخ القبول 22/2     تاريخ النشر 25/4

حقوق الطباعة محفوظة لدى مجلة كلية القانون والعلوم السياسية في الجامعة العراقية

حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمؤلف

حقوق النشر محفوظة للناشر (كلية القانون والعلوم السياسية - الجامعة العراقية)

CC BY-NC-ND 4.0 DEED

Printing rights are reserved to the Journal of the College of Law and Political Science at Aliraqia University

Intellectual property rights are reserved to the author

Copyright reserved to the publisher (College of Law and Political Science - Aliraqia University)

Attribution – Non-Commercial – No Derives 4.0 International

For more information, please review the rights and license

DOI: 10.61279/gqfp7z44

آفاق الاتفاق النووي الإيراني وأثره على دورها الاقليمي المستقبلي

Prospects of the Iranian nuclear agreement and its impact on its future regional role

م. د زينة عبد الامير عبد الحسن إبراهيم

الجامعة العراقية - كلية القانون والعلوم السياسية

Phd Teacher. Zinah Abdul Ameer Abdul Hassan

Al-Iraqia University / College of Law and Political Science

zinahabdulameerabdulhassan@aliraqia.edu.iq

المستخلص

يعد البرنامج النووي الإيراني أحد عناصر القوة الايرانية، التي سعت جاهدة الى الاستمرار فيه وتطويره بشتى الطرق والوسائل، وسخرت من أجله جانب كبير من مواردها وإمكاناتها، بغية ان يصل هذا البرنامج الى مراحل متقدمة. اذ تدرك إيران انه في ظل وجودها ضمن وسط اقليمي فيه عدد كبير من الدول الرافض لها ولسياستها فيبقى البرنامج النووي عامل ردع مهم في وجه السياسات الاقليمية والدولية التي تسعى تلك الدول  لفرضها على إيران للحد من دورها وتأثيرها اقليمياً ودولياً. ومع مرور عقود من فرض العقوبات الاقتصادية والسياسية على إيران بسبب استمرارها بتطوير برنامجها النووي (رغم المساعي الدولية  والاقليمية الحثيثة لإيقافها) فقد تعرض الاقتصاد الإيراني لكثير من لضرر الذي نتج عنه انخفاض بمستوى المعيشية ودخل الفرد الإيراني، والذي يخشى الى وصوله الى مستويات لا يمكن السيطرة عليها وزيادة الاحتجاجات على سوء وتردي الاوضاع الاقتصادية والسياسية في إيران، لذا فقد سعت الاخيرة الى الوصول الى اتفاق نووي فعال يقلل من حدة العقوبات الدولية المفروضة عليها خاصة مع مجيئ ادارة امريكية جديدة بقيادة (جو بايدن) تسعى في ذات النهج للوصول لحل لبرنامج إيران النووي، وهو ما وجدت فيه إيران فرصة جيدة لتحسين الداخل والاقتصاد الإيراني ورفع عدد من العقوبات التي اثقلت الكاهل الإيراني وهو ما يسمح لها بممارسة دور اكثر فاعلية وتأثير على المستوى الاقليمي والدولي.

الكلمات المفتاحية: إيران، التفاعلات الدولية، البرنامج النووي، الدور الاقليمي، العقوبات. 

Abstract

The Iranian nuclear program is one of the elements of the Iranian power, which has striven to continue developing it in various ways and means and harnessing a large part of its resources and capabilities.

This program reaches advanced stages. Where Iran realizes that in light of its presence in the middle of a regional field in which many countries reject it and its policy, the nuclear program remains an important deterrent factor in directing the regional and international policies that these countries seek to impose on Iran to limit its role and influence regionally and internationally.

With decades of imposing economic and political sanctions on Iran because of the continued development of its nuclear program despite the relentless international and regional efforts to stop it.

The Iranian economy suffered a lot of damage to its, standard of living, and the Iranian per capita income, and it is afraid to reach uncontrollable levels and increase protests against the economic and political conditions in Iran are deteriorating, so the latter has sought to reach an agreement an effective nuclear weapon that reduces the severity of the international sanctions imposed on it, especially with the advent of a new US administration (led by Joe Biden which It seeks from the same approach to reach a solution to Iran’s nuclear program, that what it found Iran is a good opportunity to improve the Iranian interior and economy and to lift a number of sanctions that have burdened it Iran, which allows it to exercise a more effective role and influence at the regional and international levels.

Keywords: (Iran, international interactions, nuclear program, regional role, sanctions).

المقدمة

تُعد إيران دولة اقليمية فاعلة ومؤثرة سياسياً، اقتصادياً وعسكرياً، بالاضافة قوتها الناعمة، اذ ان إيران ومنذ قيام ثورتها في العام 1979، تسعى لان يكون لها الدور الاقليمي الفاعل والمؤثر على اعتبار انها احق دولة بلعب مثل هكذا دور والمتأتي من الارث التاريخي للدولة الايرانية، وقد عملت إيران على توظيف مواردها وإمكاناتها كافه من اجل ممارسة دور اقليمي ودولي فاعل ومؤثر في ذات الوقت، وقد استخدمت إيران برنامجها النووي كإحدى هذه الادوات لزيادة رقعه نفوذها وتأثيرها على المستوى الاقليمي والدولي، على اعتبار انها  دولة صاحبة مشروع نووي وهي دولة ذات ثقل سياسي واستراتيجي، لا يمكن تخطيها في اي معادلة اقليمية او تفاهمات سياسية ممكن ان تحدث في المنطقة، كما انها ورقة ضغط اساسية لتمرير الارادة الايرانية في اي موقف سياسي او عسكري. اذ يعد البرنامج النووي الايراني احد النقاط المهمة التي ترسم طبيعة علاقات وتفاعلات ايران داخلياً وخارجياً ، وعملت ايران خلال عقود على التمسك بهذا البرنامج والاستمرار به كحق مكتسب على الرغم من الضغوط الدولية والاقليمية عليها باعتباره احد اهم عناصر قوتها وتاثيرها، كذلك من شعورها بانها دولة في مصافي الدول ذات المشاريع الاستراتيجية المهمة والتي تمتلك التقنية النووية الحديثة، لذا فقد عملت إيران على امتلاك وتطوير برنامج نووي تكون قادرة من خلاله على تحقيق ميزة التفرد الاقليمي، على اعتبار ان اغلب دول المنطقة لا تمتلك التقنية النووية باستثناء (اسرائيل) وكذلك استخدامه كورقة تفاوض وضغط في اغلب القضايا الاقليمية والدولية المهمة.                     

اهمية البحث:

تنبع اهمية البحث من الدور الفاعل والمؤثر لإيران إقليمياً وتستند إيران فيه على ما تمتلكه من امكانات تؤهلها للعب مثل هكذا دور وتأتي في مقدمتها البرنامج النووي الإيراني الذي مكن إيران من ان تتفاوض مع كبار الدول ومن ان تمرر مطالبها وارادتها في كثير من القضايا الاقليمية والدولية، لذلك فان دراسة اهمية البرنامج النووي الإيراني وتأثيره على  قدرة إيران في  ممارسة دورها الاقليمي الذي تصبو اليه، يعد من الجوانب المهمة والحيوية في الشأن الإيراني.

اشكالية البحث:

تكمن اشكالية البحث في ان إيران تواجه عدد من الضغوطات الاقليمية والدولية وكذلك العقوبات التي تفرض عليها بين الحين والاخر لإيقاف مشروعها النووي وكذلك لتحجيم دورها الاقليمي والدولي المتزايد خاصة وإنها تتهم بالعمل على زعزعة الامن والاستقرار الاقليمي وبالتالي فان هناك توجه من قبل عدد كبير من دول المنطقة لإيقاف التطور النووي الإيراني وتحجيم دورها الاقليمي والدولي وهو توجه تقوده قوى دولية عظمى كالحالة مع الولايات المتحدة الامريكية.

ولحل هذه الاشكالية انصرف البحث للإجابة عن التساؤلات الآتية:

اولاً: ما هي مقومات الدور الإيراني؟

ثانياً: ما هو أثر الاتفاق النووي على الدور الإيراني؟

ثالثاً: ما هي المشاهد المتوقعه للدور الايراني بعد التوصل الى اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني؟

فرضية البحث:

تتضح فرضية البحث من خلال ان إيران لن تتخلى عن برنامجها النووي وطموحاتها فيه، مع زيادة الضغوطات والعقوبات الدولية، ولا ان تتخلى عن ممارسة دورها الاقليمي المؤثر في المنطقة سواء كان ذلك بصورة مباشرة او غير مباشرة، وان الاتفاق النووي الإيراني الذي تم التوصل اليه ما هو إلا مرحلة مؤقته تسعى من خلالها إيران الى تعزيز وضعها السياسي والاقتصادي لتعود بقوة لمواصلة برنامجها النووي الإيراني وزيادة التأثير الاقليمي والدولي الإيراني.

هيكلية البحث:

تضمن البحث ثلاث مباحث، سلط الاول منها الضوء على اهم مقومات الدور الايراني وما تضفيه من قوة وتأثير على الدولة الايرانية،اما المبحث الثاني فقد انصرف في مضمون الاتفاق النووي الايراني الذي تم التوصل اليه في العام 2015، وتضمن المبحث الثالث تأثير الوصول الى اتفاق النووي على الدور الإيراني من ناحية الانحسار او الاستمرار والتطور وكذلك مستقبل الدور الايراني  في ظل الاتفاق النووي ، بالإضافة الى الخاتمة والاستنتاجات.

مناهج البحث:

اعتمد البحث على عدد من المناهج لمعالجة مشكلة البحث والوصول الى النتائج المرجوة منه،اذ تم استخدام المنهج التاريخي للوقوف على اهم المحطات التاريخي في الدور الإيراني والرجوع الى الماضي لفهم الحاضر والتنبؤ بالمستقبل وكذلك المنهج الوصفي لوصف الدور الإيراني الحالي والمستقبلي واخيراً المنهج التحليلي الذي يقوم على تحليل اهم المعطيات للدور الإيراني الاقليمي وما هي أبرز المعوقات التي يمكن ان تواجهه ودور البرنامج النووي الإيراني في ذلك.      

المبحث الاول

مقومات الدور الإيراني الاقليمي

تتمتع إيران بعدد من المقومات على المستوى الداخلي، تؤهلها للعب دور اقليمي متميز، اذ ان قدرة دولة ما على احداث التأثير المطلوب يتوقف على جملة من المقومات الاساسية التي تمكنها من اداء دور فاعل ومؤثر على المستوى الداخلي والخارجي، ومن نافلة القول فان لإيران عدد من تلك المقومات التي مكنتها من أن تؤدي دور اقليمي بارز ومهم في عدد كبير من القضايا الاقليمية، ويمكننا تسليط الضوء على اهم تلك          المقومات:                                                                

أولاً: المقوم الاقتصادي

إن للمقوم الاقتصادي اهمية فريدة ضمن مقومات قدرة الدولة، خاصة وان الدول اصبحت اليوم تعتمد في جزء كبير من قوتها على الجانب الاقتصادي، فبناء قوتها العسكرية والسياسية وتوفير متطلبات واحتياجات السكان بشكل كبير يعتمد على قوتها الاقتصادية، فمع تراجع امكانية استخدام الاله العسكرية اصبحت قوة الدولة تنعكس في جزء واسع في قدرتها الاقتصادية التي تستطيع من خلالها التأثير على المستوى الداخلي او الخارجي. وكالحالة مع إيران فان للأخيرة قدرة اقتصادية كبيرة ومتميزة يمكننا اجمالها بالآتي:                                                                          

النفط

تمتلك إيران اهم مورد اقتصادي على صعيد الدول وهو النفط الذي يعد الشريان الحيوي لاقتصاد اي دولة، وهو عامل مركب الاهمية فهو مهم لانعاش الطاقة على المستوى الداخلي وكذلك مصدر اساسي لجلب العملة الاجنبية، بالإضافة الى كونه مصدر جيوبولتيكي مهم، ويعّد النفط عامل الارتباط الخارجي الاهم لإيران، خاصة للغرب والورقة الاقوى التي تستطيع من خلالها  فرض تأثيرها خارجياً، فتحتوي إيران على ما يقارب 10% من احتياطي النفط العالمي وعلى ما يقرب 15% من احتياطات الغاز الطبيعي في العالم، اما بالنسبة لعدد الحقول النفط التي تمتلكها فهي تتصدر دول الخليج بامتلاك اكبر عدد منها، اذ تمتلك 17 حقلاً، ثم السعودية 12 حقلاً والكويت 8 حقول وكذلك المرتبة الثالثة من بين الآبار تتقدمها السعودية بـ 655 بئراً ثم الكويت بـ 692 بئراً.[1]

وإيران احدى أكبر الدول بمخزون الطاقة كالنفط والغاز الطبيعي. اذ يقدر مخزون النفط الخام المؤكد لدى إيران بحوالي (157.8) مليار برميل، وهو ما يجعلها عالمياً بالمرتبة الرابعة بعد كلاً من فنزويلا، المملكة العربية السعودية وكندا، اذ تحتوي ما يقارب 9,5% من احتياطات النفط العالمية،[2] ويشكل الانتاج الإيراني للنفط حوالي 5% من الانتاج العالمي، وهي نسبة يصعب على الاقتصاد العالمي الاستغناء عنها، لاسيما وان اغلب النفط الإيراني يذهب للتصدير بما يشكل 5% من صادرات النفط العالمية. وهذا ما جعل إيران تلعب دوراً مهماً في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك).[3]

ومما يزيد من اهمية وتأثير إيران في هذا الجانب هو حجم انتاجها من النفط وحجم الصادرات خاصة في حال التحقيق من ثروات إيران في بحر قزوين وهو ما يشكل اهمية اضافية تحسب لإيران في هذا المجال خاصة إذا ما اختبرت إيران كأفضل دولة لمد خط أنابيب نقل النفط من القوقاز وهي بذلك لم تعد دولة نفطية اعتيادية بل دولة مصدرة لنفط بحر قزوين. هذا بالإضافة الى ان إيران هي ثالث دولة منتجه للنفط بعد كل من المملكة العربية السعودية وروسيا. اذ يمثل الانتاج النفطي الإيراني 5% من مجمل الانتاج العالمي للنفط وهي في واقع الحال نسبة لا يمكن الاستغناء عنها بالنسبة للاقتصاد العالمي والدول المستوردة للنفط الإيراني وهي الميزة التي وظفت وبشكل جيد من قبل الادارات الايرانية كعامل قوة وضغط في اي اتفاق او تفاوض تقوم به إيران مع غيرها من الدول.[4]

 الغاز

يعد الغاز الطبيعي ثان مورداً طبيعي مهم لإيران بعد النفط، اذ تأتي إيران في المرتبة الثانية بعد روسيا في انتاج الغاز الطبيعي، اذ يتم انتاج 11 مليون متر مكعب من الغاز الإيراني يومياً ويتم استخراج الغاز الطبيعي بالقرب من بوشهر على الخليج العربي وكذلك من منطقة سراخس وايضاً من حقل تانبك وجزيرة لامانج وبارس. وتشير التقديرات الى إن احتياطات إيران من الغاز الطبيعي هي الثانية عالمياً بعد روسيا بما يعادل 610 مليار متر مربع، واضافة الى هذا المخزون الهائل من احتياط الغاز الطبيعي، فان لإيران احتياطات اخرى في بحر قزوين والتي تقدر 11 مليار قدم مكعب والتي تضيف لإيران اهمية إستراتيجية كبيرة في مدرك القوى الكبرى.[5]

كذلك امتلاك إيران للمصدر الطاقي الثاني والاهم في العالم وهو الغاز الطبيعي، اذ بلغ الاحتياطي المؤكد من الغاز الطبيعي 32,1 ترليون متر مكعب وهو ما يجعلها في المرتبة الثانية بعد روسيا.[6]

ويعد حقل الغاز الطبيعي في بارس الخليج، أحد اهم حقول الغاز الطبيعي الإيراني المخصص لإنتاج الطاقة الايرانية، والذي يعد امتداداً لحقل الشمال القطري، والذي ينتج ما يقارب 500 تريليون متر مكعب والذي تعمل إيران على زيادة طاقته الانتاجية اذ تعول إيران عليه بشكل كبير لزيادة طاقتها الانتاجية ، اذ اعلنت عن نية إيران لجعل منطقة بارس الخاصة بالاقتصاد والطاقة، التي تم انشاؤها في العام 1998، “أحد اهم مراكز صناعة الطاقة في الشرق الاوسط». وتزداد اهمية مصادر الطاقة في إيران من حيث سهولة استخراجها وامكانية نقلها الى الاسواق المستهلكة سواء كانت المحلية منها او العالمية، وقطعت إيران في هذا المضمار اشواطاً كبيرة، وتعد الامارات العربية المتحدة، من ابرز الدول التي تتصدر قائمة الدول المستوردة للطاقة الايرانية، كالحالة مع امارة دبي التي ابدت عن حاجة ملحة لاستيراد الغاز الإيراني، بالإضافة الى امارة ابو ظبي، وكذلك عُمان والبحرين، وقد عقدت إيران جملة من الاتفاقات لتزويد دول شرق اوسطية بالغاز ففي العام 2003، وقع وزير الخارجية الكويتي (الشيخ الاحمد) مذكرة تفاهم في طهران لاستيراد ما يقار من 300 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي الإيراني عبر خط أنابيب نقل الغاز تحت الماء يمتد حوالي 200 كيلو متر مربع وفي العام 2005 وقع وزير النفط الإيراني (زنكنه) ووزير النفط العماني (محمد الرمحي) اتفاقية تهدف الى تزويد الاخيرة 350 مليار متر مكعب من الغاز الإيراني سنوياً وهذه الكمية قابلة للزيادة حسب الاحتياج العماني. وليست إيران هي المصدر الوحيد لتزويد هذه الدول بإمدادات الطاقة وخاصة الغاز الطبيعي فقطر تعد منافساً قوياً لإيران في هذا المجال الا ان ميزة إيران فيه هو موقعها الاستراتيجي الذي يعتبر أفضل بكثير من موقع قطر لخدمة الاسواق الاجنبية كالحالة مع تركيا ودول الاتحاد السوفيتي السابق، والتي تستطيع خطوط النقل الإيراني نقل الغاز والنفط الإيراني الى اماكن واسعة في اوروبا واسيا.[7]

 الصناعة

يُعد قطاع الصناعة أحد المجالات الاساسية التي يمكن من خلال تحديد الوضع الاقتصادي للبلاد فمتى ما كان مجال الصناعة لدى الدولة متطور وعلى مستوى عالٍ من القدرة على تقديم المنتجات المحلية وتصديرها كلمة نعكس ذلك على اقتصادها وكان مؤشراً على تقدمها ونموها. وكالحالة مع إيران فقد سعت الاخيرة لتطوير قطاع الصناعة وبشكل كبير منذ ستينيات القرن العشرين،[8] بحيث ان لا تكون إيران حبيسة تصدير المنتجات النفطية فقط، بل ان توسع صناعتها بشكل يكون للاقتصاد الإيراني أكثر من رافد وتكون للصناعة دوراً في دعم القوة والتأثير الإيراني. فقد بدأت إيران في هذا المجال بالتركيز على الصناعات الخفيفة والمتوسطة وذلك من اجل تنويع مصادر الدخل القومي والتقليل على اعتماد البترول فقط[9]. وخلال العقد السابع من القرن العشرين عملت إيران على تطوير التصنيع من اجل التصدير بدلاً من الاعتماد على تصدير المواد الخام فقط من اجل الحصول على أكبر قيمة مضافة، وفي التسعينات من القرن نفسه عملت إيران على إدخال تعديلات مهمة في سياستها الصناعية تمثلت في التحريك الجزئي لتجارتها الخارجية واعتماد نظام التصريف المرن لعملتها المحلية والتي سمحت بصورة جزئية لدخول الاستثمار الاجنبي، وقد نتج عن هذه السياسة نمو الانتاج الصناعية بشكل كبير وصل الى 3,7 للأعوام من 1990-1999. وقد عملت إيران ومنذ مطلع الالفية الثالثة على انتهاج سياسة صناعية أكثر انفتاحاً على الاستثمارات الاجنبية لما له من دور كبير في دعم هذا القطاع وتطويره. ففي إيران تسيطر الصناعات الاستخراجية على مجمل القطاع خاصة استخراج النفط، وهو ما جعل منها رهينة لتقلبات اسعار النفط بالإضافة الى العقوبات الدولية المفروضة عليها على خلفية البرنامج النووي والتي تزداد شدتها من فترة واخرى. ففي السنوات التي تزداد فيها اسعار النفط الذي يمثل اساس الصناعة الاستخراجية، تشهد زيادة واردات تلك الصناعة مقارنه بالصناعة التحويلية، وعندما تتراجع اسعار النفط يتراجع عائدات الصناعة الاستخراجية لصالح الصناعة التحويلية ولكن بصورة عامة تهمين الصناعة الاستخراجية خاصة بالنسبة لمصادر الطاقة كالنفط والغاز على غالبية قطاع الصناعة في إيران. ومن الصناعات الاخرى الموجود في إيران هي صناعة البتروكيمياويات والتي تشتمل على صناعة الاسمدة والميثانول والبوليستر والتي بمجملها انشات لسد الاحتياجات المحلية وتوسيع نطاق التصدير غير النفطي، بالإضافة الى صناعة السيارات والجرارات والمكائن الانتاجية والزراعية وصناعة العدد والادوات المعدنية، وتحتل إيران مكانة متقدمة بين دول العالم في صناعة وتصدير السيارات، اذ تحتل إيران المرتبة السادسة عشر عالمياً في صناعة السيارات في العالم، اذ تبلغ واردات إيران من تصدير السيارات أكثر من 80 مليون دولار سنوياً. وعملت إيران على وضع قيود مشددة على استيراد السيارات من الخارج وذلك لتشجيع الصناعة المحلية في هذا القطاع ومن الصناعات المحلية الاخرى هي صناعة السجاد الإيراني الذي يمثل أحد الصناعات التقليدية المهمة والتي توفر ايرادات جيدة للدولة كسلعة غير نفطية اذ تبلغ صادراتها من هذه السلعة أكثر من خمسة ملايين دولار سنوياً.[10]

ثانياً: المقوم السياسي

تمتلك إيران نظاماً سياسياً فريداً من نوعه بين انظمة الحكم، والذي جاء عقب ثورة سياسية وشعبية على نظام الشاه وسياسته الموالية للغرب، وقد نتج عن تلك الثورة نظام سياسي استطاعت من خلاله ادارة البلاد بشكل جيد، أتت الثورة الايرانية بقيادة موحدة متمثلة (بالولي الفقيه) وتوجهاته للامة الايرانية المسلمة المستمدة من المنهج والشريعة الاسلامية،[11] وبالتالي فقد استطاع من كسب تأييد طبقات واسعة من الشعب الإيراني، بعد عقود من الفساد الاداري والمالي الذي مارسته السلطات الملكية المندمجة مع الغرب وظهور طبقة حاكمة مستبدة، وبالتالي فقد كان هناك رفض شعبي لسياسة تلك الطبقة الحاكمة وشعور بان ثروات الشعب تنهب وتعطى للغرب على حساب الشعب الإيراني.[12] وتمثل هذا النظام من خلال وجود عدد من المؤسسات الدستورية المنتخبة وغير المنتخبة التي اوجدت من خلال التعيين ويبقى هرم السلطة في النظام السياسي الايراني. اذ يجمع النظام السياسي الإيراني بين الدولة الدينية الثيوقراطية والتي يتراسها المرشد الاعلى للجمهورية الايرانية وهو يمثل أعلى سلطة في البلاد وفقاً للدستور الإيراني وكذلك يحمل جزءاً من مزايا النظام السياسي الديمقراطي من خلال انتخاب رئيس الدولة والبرلمان الإيراني عن طريق الاقتراع السري المباشر، ومن خلال وجود عدد من المؤسسات المنتخبة وغير المنتخبة يعمل النظام السياسي الى تقوية نفوذه داخل المجتمع والقضاء على اي من حركات المعارضة القومية او السياسية التي قد تعمل على زعزعت استقراره او التأثير في طبيعة بنيته.[13]

وتنقسم السلطات ضمن النظام السياسي الإيراني الى شكلها التقليدية وهي السلطة التنفيذية، التشريعية والقضائية والتي جميعها تمارس صلاحيتها تحت اشراف (الولي الفقيه) الذي يسيطر على اغلب السياسات والقرارات الايرانية. فقد شكلت بنية النظام السياسي الايرانية ليكون ضمن نطاق النظرية المطلقة للولي الفقيه وتنقسم هذه السلطة الى مؤسسات وهيئات متعددة اهمها مؤسسة الولي الفقيه والسلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية وكذلك مجموعة من الهيئات والمؤسسات الامنية والقضائية التي تعمل تحت اشراف الولي الفقيه من حيث الاعمال والواجب التي تناط بها وكذلك من خلال المشاركة في اختيار وتعين الاشخاص الذي يعملون في اطارها، وقد شكل النظام السياسي في إيران ميزة مهمة و احدى عوامل قوته اذ انه يعتمد على هيكلية سياسية تخضع في مجملها (للولي الفقيه) الذي حاز منذ توليه الاول في عام 1979 على تأييد شعبي واسع.[14]

ثالثاً: المقوم العسكري

تُعد القوة العسكرية لأية دولة عنصراً مهماً واساسياً في تكوينها وديمومتها وتحديد مستوى تأثيرها ونفوذها اقليمياً ودولياً، فعلى الرغم من التراجع الكبير في استخدام القوة العسكرية في الوقت الحاضر، الا انها تبقى الاساس الذي تعتمد عليه الدول لحماية امنها وسلامتها، فقد تحول تأثير القوة العسكرية من الاستخدام الفعلي لها الى خلق حال من الردع والتأكيد على جاهزية واستعداد الدول للدخول في مواجهة عسكرية في اي حال من الاحوال. الامر الذي جعل الدول لا تفتأ من تطوير وتحديث قواتها العسكرية على مر السنين.[15]

وعلى الرغم من مساعي إيران الحثيثة لتطوير مختلف جوانب قوتها السياسية والاقتصادية الا ان الجانب العسكري يأخذ الكثير من الجهد الإيراني لتطوير منظومة القوة العسكرية التي تمتلكها، وربما يعود السبب في ذلك الى وجود إيران في منطقة اقليمية فيها عدد كبير من القوى المناهضة لها والمعادية لسياستها تدعمها بذلك قوى عظمى وعلى راسها الولايات المتحدة الامريكية والتي تفرض عليها حصاراً اقليميا ودولياً [16] في سبيل ابقاء إيران ضمن حيز معين لا يسمح لها ان تكون متفردة او متفوقة على غيرها من الدول خاصة ضمن مجال التقنيات العسكرية والنووية. ويمكننا اجمال القوات العسكرية الايرانية بالتالي: [17]

القوات البرية التي تضم 345 ألف فرد موزعين على أربع قيادات جيوش تشمل أربع فرق مدرعة و7 فرق مشاة وايضاً تضم لواء محمول جواً وفرقتين من القوات الخاصة و5 مجموعات مدفعية ذات تسليم يضم 1440 دبابة قتال رئيسية و1995 قطعة مدفعية مجرورة و664 قطع مدفعية صاروخية مجرورة و3500 مدفع هاون و80 منصة صاروخية بالستية متنوعة.

القوات البحرية وتضم 18 ألف شخص منهم 2000 للقوات الجوية والبحرية ومشاة الاسطول و6 قاعد بحرية في بندر عباس، خرج، بوشهر، بندري انذلى، خوميني، شاه بحر ويضم القوة العسكرية الجوية الايرانية عدد من الاسلحة الروسية كغواصات طراز اس اس و20 زورق صواريخ و7 كاسحات الغام و8 قطع برمائية و20 طائرة هليكوبتر و9 طائرات نقل ولوائين مشاة اسطول.

القوات الجوية تضم 30 ألف فرداً منهم 12 ألف فرداً تابعين لقوات الدفاع الجوي وتضم 295 طائرة مقاتلة قاذفة منها 60 طائرة من نوع اف -14 و60 طائرة اف-7 و60 طائرة نقل بالإضافة الى 100 طائرة للتدريب و10 طائرات للتزويد بالوقود في الجو لزيادة فاعلية الطائرات المقاتلة.

تمتلك إيران مجموعة من القوات المسلحة التي شكلت بهدف حماية مكتسبات الثورة الايرانية ومنها قوات الحرس الثوري الإيراني والقوات الشعبية الباسيج. ويُعد الحرس الثوري الايرانية الجهة العسكرية المهمة لإيران خاصة فيما يتعلق بتنفيذ العمليات العسكرية خارج اراضيها. اذ انه يعد مؤسسة عسكرية نوعية عقائدية وظفت من قبل قيادات الثورة منذ توليهم الحكم في إيران في العام 1979 من اجل حماية مكتسبات الثورة. [18]

وتنص المادة 150 من الدستور الإيراني على مهمة الحرس الثوري الإيراني في انه اوجد لأجل حماية الثورة ومكتسباتها “يبقى حرس الثورة الايرانية الذي أسس في الايام الاولى لانتصار الثورة، يحافظ على منجزات ودور الثورة وفي نطاق واجبات هذه الهيئة، ومجالات مسؤوليتها يوازي الواجبات التي تقع على القوات المسلحة الاخرى التي يحددها القانون، مع التركيز على التعاون الاخوي والانسجام فيما بينهما».[19]

وتكمن اهمية وفاعلية الحرس الثوري الايرانية في انه تنظيم عسكري عقائدي تم انشائه في اوج عظمة الثورة الايرانية من الشباب الإيراني المتحمس للثورة ولإنجازاتها ومستعد لتقديم التضحيات كافة من اجل حمايتها. فهو تنظيم ايديولوجي يؤمن (بولاية الفقيه) وتصدير الثورة لبلدان اخرى، بحسب توجيها (الخميني). وقد استطاع النظام احكام قبضته على هذا الجهاز العسكري المهم من خلال غرس القيم العقائدية بين صفوفه. ويقوم المرشد الاعلى للدولة الايرانية باختيار قيادته وعناصره الشابة والتي تسعى لحماية الثورة الايرانية ومبادئها من جهة والى زيادة تأثير الدولة الايرانية من جهة اخرى من خلال ضخ عناصر في عمليات عسكرية خارج الحدود الايرانية او من اجل نشر مبادئ الثورة الايرانية واكتساب دعماً اقليمياً وجذب العناصر الشابة لتأييد الدولة من خلال نشر مبادئها واهدافها. اذ تعد إيران الحرس الثوري من اهم اوراق الضغط الاقليمية والدولية التي تمتلكها في معالج اي من القضايا العالقة مع غيرها من الدول. وتم تحويل الاخير الى جيش له قواته البرية والبحرية والجوية فضلاً عن وحدات الصواريخ والتصنيع العسكري. ويقدر عدد قوات الحرس الثوري الإيراني حوالي 350 ألف عنصر ينفذ مهامهم في اسلحة البر والبحر والجو ومدربين على اداء مهامهم القتالية من الاحتدام الى حرب المدن وحرب العصابات اضافة الى امتلاكهم الاسلحة النوعية والحديثة.[20]

المبحث الثاني

فحوى الاتفاق النووي الايراني عام 2015

مثل البرنامج النووي الايراني ، احد المحطات الاساسية الذي رسم سياسات ايران وعلاقاتها على المستوى الداخلي والخارجي لعقود طويلة ، وكانت السبب وراء دخول ايران في سلسلة من العقوبات الدولية والتي اثرت عليها وبشكلاً كبير داخلياً وخارجياً ، وقد كان الاتفاق النووي الايراني في العام 2015 ، محاولة جديدة ومهمة استطاع الاطراف المشاركة فيه من خلالها الوصول الى اتفاق فيمايتعلق بازمة البرنامج النووي الايراني الذي اصبح فيصلاً اساسياً في علاقات ايران خاصة مع الدول الكبرى.

اولاً : الاتفاق النووي الايراني 2015( خطة العمل الشاملة المشتركة )

هو اتفاق شامل لمنع انتشار الاسلحة النووي عقد بين مجموعة الدول الاوربية (5+1 ) والولايات المتحدة الامريكية ، وايران من جهة اخرى، عملت الاتفاقية على وقف البرنامج النووي الايراني ، وكان هذا مقابل رفع وتقليل العقوبات الاقتصادية المفروضة على ايران من قبل الامم المتحدة والولايات المتحدة الامريكية في مجالات معينة،[21] وقد استمرت مجموعة من العقوبات الثانوية التي فرضتها الولايات المتحدة الامريكية، فيما يتعلق بالتعاملات من قبل اشخاص غير امريكيين مع المؤسسات والاشخاص الايرانيين  وفق القوائم الامريكية. وعمل الاتفاق على السماح لايران باستيراد وتصدير الاسلحة مقابل منعها من تصدير او تطوير اسلحة نووية او صواريخ بالستيه، مقابل سماح ايران بزيارة وتفتيش مواقعها النووية. وقد صرحت المفوضة العليا للسياسة الخارجية الاوربية ( فيديريكا موغريني) ان الدول المتفاوضة استطاعت ان تصل الى اتفاق فيما يخص البرنامج النووي الايراني خلال الاجتماع الذي تم عقده في العاصمة النمساوية فينا في 14 تموز في العام 2015، وان هذا الاتفاق وملاحقة سوف يتم عرضة على مجلس الامن للمصادقة عليه، مؤكدة ان هذا الاتفاق وبكل تفاصيلة سوف ينفذ بالتعاون والتنسيق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وقد تضمن هذا الاتفاق الافراج عن جزء من الارصدة الايرانية المجمدة في الخارج مقابل التزام ايران الكامل ببنود الاتفاق،في مقابل ذلك ضمن الاتفاق بقاء المنشأت النووية الايرانية وانها سوف تستمر في العمل ( وفقاً لضوابط معينة حددها الاتفاق)، فلن يتم التخلص او تعطيل اي منها، وستعمل ايران على تخصيب اليورانيوم خلال فترة الاتفاق النووي وفقاً للنسب المتفق عليها،وسوف تستمر في ابحاث وتطوير اجهزة الطرد المركزي لمدة عشر سنوات لاجهزة من نوع  IR-4 IR-5 IR-6ve IR ، وبما يتفق مع خطتها لأنشطة البحث والتطوير الخاصة بالتخصيب. وفي يخص نقاط الاتفاق المهمة التي تم الاتفاق بشانها كان فيما يخص قدرة ايران على شراء وتصدير الاسلحة على اساس تقدر كل حالة بقدرها.كذلك قدرة ايران على تصدير مواد نووية كتصدير اليورانيوم المخصب الى دول اخرى ، اما بالنسبة لحظر الاسلحة الاممي فيسيتمر على ايران لمدة خمسة سنوات، حظر مبيعات الصواريخ لمدة ثمان سنوات، كم يحق بدخول المفتشيين الدوليين الى اي من المفاعلات النووية الايرانية أو المواقع المشبوهه بها بما في ذلك المواقع العسكرية، ولايران حق التظلم او الاعتراض امام لجنه دولية،  وقد تضمن الاتفاق رفع العقويات الاقتصادية والمالية الاوربية والامريكية على ايران وفي حالة عدم التزام لاخيرة ،فيحق للدول الاطراف في الاتفاق اعادة فرض العقوبات من جديد خلال مدة 56 يوم،[22] وقد وصفت ادارة اوباما الاتفاق النووي الايراني بان خطوة مهمة واساسية لن تقلل من خطورة البرنامج النووي الايراني فقط، بل سيسهم في حث الدولة على تبني سلوك اكثر اعتدالاًفي الشرق الاوسط وماحوله،[23]وقد مثل هذا الاتفاق نقطة مهمة في مسار علاقات ايران والدول الغربية ، خاصة وان قضية الملف النووي الايراني شكل التحدي الابرز في هذه العلاقات ومثل تهديداً تسعى تلك الدول الى مواجهة والسيطرة عليه، وفي ذات الوقت استطاعت العقوبات الدولية المفروضة على ايران لعقود طوال ان تضعف الداخل الايراني من خلال تاثيرها المباشر على الجانب الاقتصادي والمعاشي للفرد الايراني وقد دفع خوف الحكومة الايرانية من استغلال هذا الجانب لاحداث الاضطرابات الداخلي  كاحد اهم الاسباب في سعيها للوصول الى اتفاق .[24]

ثانياً : بنود الاتفاق النووي الايراني 2015

تضمن الاتفاق النووي الايراني جملة من البنود التي مثلت اساس الاتفاق بين الطرفين، وهي بمثابة خارطة الطريق التي تعهدت الاطراف الداخلة في الاتفاق على الالتزام بها وعدم الاخلال باي بند من بنودها، للخروج من ازمة البرنامج النووي الايراني ، الى حلول ترضي جميع الاطراف وتحقق قدر اعلى من الامن والسلم الدوليين، وتمثل اهم بنود الاتفاق ما يأتي :[25]

تخصيب اليورانيوم، وشمل هذا البند عدداً من الاجراءات المهمة التي تعهد ايران للقيام بها وهي :

تعهد ايران بتخصيب اليورانيوم بنسبة اقل من 3.67% ،في فترة 15 عاماً، بحيث لا توجد اي فرصة لانتاج سلاح نووي في تلك الفترة، كذلك تضمن هذا الجانب خفض وحصر انشطة تخصيب اليورانيوم في منشأة نتانز على ان يكون باجهزة غير متطورة ، وتقليص مخزون ايران من اليورانيوم المخصب من 10,000 كيلوكرام الى 3000 كيلوكرام على ان يتم تصدير الفائض الى دول اخرى.

عدم اجراء اي ابحاث او اعمال تطوير مرتبطة بتخصيب اليورانيوم في منشأة فوردو لمدة 15 عاماً.

اجهزة الطرد المركزي، والتي تتضمن :[26]

تخفيض عدد اجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم الجاهزة للتشغيل بأكثر من الثلثين، بحيث يصبح عددها من 19 الفاً الى 6104 فقط، ويتم تشغل 5060 جهازاً لمدة عشرة سنوات، وسيتم استخدام اجهزة الطرد المركزي من النوع الاول فقط .

ازالة اجهزة الطرد المركزي من الجيل الثاني الموجودة في منشاة نتانز وعددها 1000 جهاز ، ويتم وضعها في التخزين تحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولمدة عشر سنوات، ولا يتم استخدامها الا في حالات استثنائية مثل تبديل المعدات المسموح بتشغليها .

المنشأت النووية الايرانية وتضمنت :

لا يسمح لايران ببناء اي منشأة لغرض تخصيب اليورانيوم، ويستمر العمل بهذا الشرط لمدة 15 عاماً، بالاضافة الى تعهد طهران بعدم استخدام محطة فوردو لمدة 15 عاماً وسيتم تحويل المنشأة للاغراض السلمية وسوف يتم التخلص من اي مواد انشطارية كانت تحتوي عليها المنشأة .

اعادة بناء مفاعل اراك الذي يعمل بالماء الثقيل ، بالطريقة التي لا يستطيع معه انتاج البلوتونيوم، الذي يتم استخدامه في صناعة الاسلحة النووية ، ويقضي هذا البند بتعهد ايران بتدمير قلب المفاعل الذي يعمل بالماء الثقيل أو نقله الى خارج ايران، ويعاد بناء المفاعل ليقتصر على الابحاث وانتاج النظائر المشعة  للاغراض الطبية دون انتاج البلوتونيوم، كذلك تضمن الاتفاق بعدم بناء ايران لاي مفاعل يعمل بالماء الثقيل خلال فترة 15 عاماً.

الرقابة الدولية ، والتي شملت :[27]

يكون للوكالة الدولية للطاقة الذرية القدرة على مراقبة المواقع النووية الايرانية كافه، كما يمكن لمفتشي الوكالة الوصول الى سلسلة امدادات البرنامج النووي الايراني خاصة مادة اليورانيوم.

تعمل الامم المتحدة على الاستمرار بفرض الحظر على نقل التكنولوجيا الحساسة والتي يمكن ان تسهم في صناعة او تطوير اسلحة الدمار الشامل او الصواريخ النووية.

يمكن لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية دخول مناجم اليورانيوم والاماكن التي تنتج الكعكة الصفراء ( وهو نوع مركز من اليورانيوم) لمدة 25 عاماً.

شحن كافة الوقود المستنفذ من مفاعل اراك الى خارج ايران،مع الترام ايران بعدم اجراء اي ابحاث او عمليات على الوقود النووي المستنفذ .

موافقت ايران على البروتوكول الاضافي للوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن التفتيش التطفلي ،والسماح لمفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالوصول الى اي موقع يشتبه به او تصفة بانه منشأة سرية .[28]

العقوبات الدولية، وقد تضمنت :

ان جميع العقوبات المفروضة على ايران ستبقى سارية المفعول حتى التطبيق الفعلي لبنود الاتفاق النووي الايراني .

شمل الاتفاق تخفيف تدريجي للعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوربي، اذا ما التزمت ايران تنفيذ بنود الاتفاق النووي وحسب جدول الاعمال المحدد، اما في حالة عدم التزام الاخيرة فسيعاد فرض العقوبات الدولية على ايران من جديد.[29]

رفع العقوبات الدولية المفروضة على 800 مؤسسة وشخصية ايرانية بما فيها البنك المركزي الايراني الوطنية للنفط الايرانية وشركة السفن والملاحة البحرية .

رفع تدريجي لبعض العقوبات الدولية التي تم فرضها بواسطه مجلس الامن الدولي على ايران ، في الوقت ذاته ستبقى بعض العقوبات سارية المفعول، خاصة تلك المتعلقة بانتشار اسلحة الدمار الشامل .

رفع عدد كبير من القيود والعقوبات الامريكية والاوربية المفروضة بمجرد تاكيد الوكالة الدولية للطاقة الذرية التزام ايران بتعهداتها التي جاءت ضمن الاتفاق النووي، وفي حال اخلال الاخيرة بها وعدم احترامها بنود الاتفاق سوف يتم اعادة فرض العقوبات على ايران خلال فترة لا تتجاوز 56 يوماً. وقد اعلنت ايران ان الدول السته الموقعه على الاتفاق النووي الايراني قد وافقت على رفع العقوبات المفروضة عليها في في 26 نيسان 2015، ووافق مجلس الامن بالاجماع على الاتفاق  بالقرار رقم 2231 في 20 تموز 2015، الذي يدعو الى رفع العقوبات الاقتصادية وغيرها من العقوبات المفروضة عليها من قبل مجلس الامن، والاعتراف بسلمية البرنامج النووي الايراني، ورفع العقوبات الاقتصادية وبشكلاً تدريجي .[30]

المبحث الثالث

أثر البرنامج النووي في الدور الإيراني بعد الاتفاق النووي

يمثل البرنامج النووي الإيراني نقطة مهمة في طبيعية العلاقات الايرانية مع عدد من دول الاقليم والمنطقة، خاصة مع وجود عدد كبير من تلك الدول التي تعارض استمرار إيران بتطوير ذلك البرنامج وتعده مهدداً للأمن والسلم الاقليمي والدولي، لذا فان توصل إيران الى اتفاق نووي يرضي الاطراف المتعارضة من عدمه يشكل نقطة اساسية في تحديد مستقبل التفاعلات والعلاقات الايرانية ودورها على المستوى الاقليمي والدولي.

اولاً: زيادة الدور الإيراني الاقليمي 

يرى الرئيس الإيراني (حسن روحاني) الدبلوماسية بانها “فن فهم منطقة معينة ومعرفة قوتها ومكانتها، وايجاد الفرص لاستغلال الاوقات الحرجة فيها من اجل تحقيق مصالحها واهدافها”. وقد عملت إيران ومنذ مجيء الرئيس (حسن روحاني) الى الحكم 2013، الى تبني سياسة خارجية تسعى من خلالها الى حل الخلافات الدولية مع إيران حول برنامجها النووي وقد كان توجهه روحاني حيال البرنامج النووي الإيراني، وسعيه الى اتفاق اقتصادي شامل مع الاتحاد الاوروبي وتغيير الجو الامني تدريجياً وصولاً الى اجواء اقتصادية وسياسية أكثر استقراراً. اذ يؤكد في هذا المجال «كم من الوقت لدينا ليدفع اقتصادنا ثمن توتر علاقاتنا السياسية والامنية مع الغرب ... الم يحن الوقت لتغيير الاجواء في البلاد وعدم دفع الثمن الباهظ الذي يرتبه علينا الجو الامني المشحون».[31]

فوفقاً لإيران، فمن حقها التخصيب حسب اتفاقية حظر الانتشار النووي 1968، فقد أكد وزير الخارجية الإيراني (جواد ظريف) في محافل عديدة وضمن النهج البراغماتي الذي اتبعه (حسن روحاني) ان هدفنا الاساسي هو حل الازمة النووي مع المجتمع الدولي التي ما كانت من المفترض ان تقوم، اذ ان لإيران حق كاي دولة ان تمتلك التقنية النووية لأغراض سلمية ولإنتاج الطاقة الكهربائية واكد ان أياً من الدول لا يمكن ان تتخلى عن حقوقها وان الحق النووي هو قسم من حقوق جميع الشعوب وان الحكومات لا يمكن ان تقف امامها.[32]

اذ ان إيران تؤكد دائماً انها تمارس حقها الطبيعي كاي دولة في امتلاك التقنية النووية للأغراض السلمية كالحالة مع اجراء الابحاث الطبية وانتاج الطاقة الكهربائية، الا انها ليس لديها النية لامتلاك برنامج للأسلحة النووية، وفي تقرير استخباراتي صدر في العام 2007 من وكالة (ان أي أي) الامريكية يبين وجهات نظر وكالات الاستخبارات الامريكية وقد جاء فيه انه ليس لدى إيران اسلحة نووية منذ سنة 2003، وهذه النتيجة تم تأكيدها في تقرير لـ (ان أي أي) في العام 2011.[33]

وقد وضح (روحاني) سياسة إيران الخارجية في مؤتمر دافوس، اذ قال “إيران لن ترغب يوماً في قنبلة ذرية ولن ترغب في ذلك في المستقبل ايضاً” واضاف “لقد قبلنا جميعاً دون استثناء القوانين الدولية في مجال التقنية النووية ونقبل بها وننفذها، وعندما نخضع لإشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية وفي إطار القواعد والاعراف، فان إيران سيكون حالها كحال سائر الدول التي تمتلك الدول التقنية النووية السلمية، واليوم تمتلك أكثر من 40 دولة هذه التقنية وتمارس تخصيب اليورانيوم».[34]

إن تشديد العقوبات على إيران وزيادة حد الخلاف بين البلدين لم يعد خياراً عملياً وارداً بشكل كبير خاصة بعد ما اثبتت التجارب السابقة ان اي من تلك العقوبات لم تثني إيران عن متابعة برنامجها النووي او انها اسهمت في انهيارها اقتصادياً مع قدرة إيران دائماً على ايجاد البدائل من شركاء اقتصادين قادرين على كسر الاحتكار الامريكي.[35]

فلإيران اهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية، فهي من اكبر دول المنطقة سكاناً، بالإضافة الى امتلاكها مخزوناً كبيراً من الطاقة باعتبارها دولة نفطية كبيرة، فهي تمتلك ثاني أكبر احتياط من الغاز الطبيعي في العالم، وتتزايد هذه الاهمية بالنسبة لأهمية بحر قزوين ومصادر الطاقة ومخزونها الكبير فيه، والتي تزيد من اهمية إيران الاستراتيجية بالنسبة للقوى الدولية وعلى راسها الولايات المتحدة الامريكية التي تزداد حاجاتها بصورة مستمرة لمصادر الطاقة هذه بالإضافة الى ان خطوط نقل النفط من بحر قزوين التي تمر بإيران الى الخارج هي الاقل تكلفة اقتصادياً وهذا ما اعطى لإيران ميزة اقتصادية وإستراتيجية مهمة.[36]

وقد عملت إيران على الاستفادة القصوى من اخطاء الرئيس الامريكي (جورج  بوش الابن) في كلاً من العراق وافغانستان وحربه العسكرية عليهما، فعملت في البدء على تقديم التسهيلات العسكرية، ثم تغلغلت ميليشياتها في قلب العمل العسكري والسياسي، مما جعلها عنصراً اقليمياً يصعب تجاوزه في اي معادلة اقليمية وهو امر تدركه القوى الاقليمية والدولية بما في ذلك الولايات المتحدة الامريكية، وفي ذات الوقت تدرك إيران ان الولايات المتحدة التي انفقت ملايين الدولارات في كلا الاقليمين، وهي اليد الاولى فيهما، لا يمكن ان تتنازل عنهما او ان تسمح لإيران بتمرير اجندتها فيهما وبما يتعارض مع مصالح الولايات المتحدة وحلفائها وهي بالتالي لا ترغب بوجود قوة اقليمية متوفقة خاصة وان كانت تلك القوة غير منسجمة مع التطلعات والاهداف الامريكية.[37]

ومن جهة اخرى تدرك إيران بان الولايات المتحدة الامريكية هي القوى العظمى في المنطقة، فموقع إيران الاقليمي والدولي سيواجه قطيعة كبرى في حال تأزم العلاقات الايرانية – الامريكية وعودتها الى المربع الاول (حالة الاحتدام الشديد وقطع العلاقات)، فإيران تدرك ان الولايات المتحدة الامريكية هي معبر الزامي في الطريق الى مجلس الامن وصندوق النقد الدولي وصولاً الى مرور أنابيب نقل الطاقة وهي ايضاً (الولايات المتحدة الامريكية) تتحكم بممرات مهمة لنقل التكنولوجيا المتطورة والمطلوبة لمشاريع التنمية وخطط التسلح الوطنية. ومن جهة اخرى فقد بدى جلياً للإدارات الايرانية المتعاقبة ومنذ قيام الثورة الايرانية ان جهودها التي اعقبت قيام الثورة في سعيها لإرضاء عقيدتها التاريخية التي وظفت من اجل مد النفوذ تارة تحت شعار تصدير الثورة او نصرة المستضعفين في العالم  ودول الجوار لم تأتي بمنافع كبيرة لإيران بل زادت من حدة التوتر والصراع و العداء بينها وبين عدد كبير من الدول وزادت من حدة الرفض الدولي لإيران على اعتبار ان سياساتها هذه هي مزعزع للأمن والاستقرار الاقليمي والدولي وهو ما ادى الى قطيعة وحصار دولي و اقليمي لإيران كلفها الكثير وبدا لها انه لابد من انتهاج سياسية براغماتية تأخذ بنظر الاعتبار المصلحة الايرانية بالإضافة الى المصالح الحيوية للغرب والولايات المتحدة الامريكية ودورهما في المنطقة.[38]

وهذا ما يعني ان تقارباً إيرانياً – امريكياً سيفتح آفاقاً جديدة امام إيران سواء من حيث إنعاش اقتصادها (الذي مر بحالات ركود شديدة نتيجة العقوبات الدولية المفروضة عليه) من خلال توفير الاستثمارات اللازمة لتدوير عجلة الاقتصاد وكذلك من خلال تأمين ممرات نقل الطاقة من إيران الى باقي الدول والحفاظ على سعر عادل للنفط،[39] وفك الحصار الاقتصادي والسياسي الذي تفرضه الولايات المتحدة على إيران منذ عقود كورقة ضغط للوصول الى اتفاق حول البرنامج النووي الإيراني.[40]

فقد أكد المفاوض النووي الامريكي (وندي شيرمن) «ان العقوبات لم توقف يوماً برنامج إيران النووي، ففي كل عام كان لديهم المزيد من اجهزة الطرد المركزي والمزيد من الطاقة والامكانية». وحتى على النطاق الاقتصادي فقد استطاعت إيران لسنوات عديد من فك الحصار والتقليل من آثاره (نسيباً) الذي فرضته عليها الولايات المتحدة وحلفائها. فقد انشأت إيران ما يعرف باقتصاد المقاومة اذ تم استبدال بعض الموارد المستوردة بإنتاج محلي وركز الايرانيون على الاستهلاك المحلي لتقليل الطلب من الخارج وإنعاش الاقتصاد الإيراني، فيما قامت الشركات والمؤسسات بتحويل الاموال من خلال دول ثالثة. بالإضافة الى استمرار العديد من الدول بالتعاون مع إيران متجاهلة العقوبات الامريكية الاحادية عليها كالحالة مع روسيا والصين واستمرتا بتجارة البضائع غير المحضورة من قبل الامم المتحدة[41].[42] بالإضافة الى وجود خيارات واسعه لإنشاء تحالفاً إستراتيجياً بين دول الخليج العربي – الفارسي وبحر قزوين يمكن ان تحقق من خلاله مصالح إستراتيجية وحيوية كبير لكل الاطراف، في مجال عالم الطاقة والاقتصاد.[43]

وقد اعلن (الخامنئي) منذ سنوات، بان التسلح النووي يتعارض مع المبادئ الاسلامية، فقد أكد «ان السعي للحصول على برنامج تسلح نووي يتعارض مع مبادئنا الاسلامية، و كذلك يتعارض مع العقل والحكمة، لان الاسلحة النووية لم تجعل اي دولة قوية بحق، ولكننا نسعى الى الطاقة النووية لأهداف سلمية، وسنواصل هذا الطريق رغماً عن أعدائنا وسنحقق هذا الهدف» وقد اضاف في هذا المجال «ان الشعب الإيراني ومسؤولي البلاد أعلنوا مراراً وتكراراً بأن السلاح النووي لا مكان له في استراتيجيتنا العسكرية، وحتى اعلنا حرمة الاستفادة من السلاح النووي، ولكن الغرب ولا سيما أمريكا يقول واعلامه المضلل ان إيران تسعى الى امتلاك السلاح النووي، ومثل هذا التعاطي ظلم واضح».[44] اذ ان امتلاك إيران للأسلحة النووية هو امر غير ممكن في المرحلة الحالية مع تشديد العقوبات عليها وزيادة الحصار المفروض عليها، وان هذا الامر هو ما تدركه إيران فعلاً وان المصلحة الايرانية تفرض عليها عدم التصعيد في مجال التقانة النووية بما يثير حفيظة المجتمع الدولي وبما يمكنها من تحسن الاوضاع في الداخل الإيراني على المستوى الاقتصادي والسياسي، وانطلاقاً من ادارك القوى العالمية ومن ضمنها الولايات المتحدة لأهمية إيران السياسية والاقتصادية والجيوبوليتيكية فان التوصل الى اتفاق نووي يستمر على المدى الطويل وبوجود تحالفاً إستراتيجياً بين إيران وعدد من القوى الاقليمية والدولية هو الخيار الارجح.

ثانياً: تشديد العقوبات وتحييد الدور الإيراني

يمثل خيار تشديد العقوبات على إيران احد السيناريوهات المحتملة الحدوث بشكل كبير، اذ ان فرض العقوبات الدولية على إيران هو الامر الاكثر حدوثاً منذ قيام الثورة الايرانية في العام 1979، اذ ان اي تلكئ في مسار المفاوضات، او نقض لاحد الاطراف بالالتزامات المترتبة عليها خاصة من قبل إيران سيجلب معه الكثير من العقوبات الدولية عليها، خاصة وان الكثير من الاتفاقات فيما يخص البرنامج النووي الإيراني انتهت بالفشل وزيادة في العقوبات السياسية والاقتصادية على إيران، اذ أكد النائب الإيراني المحافظ (روح الله حسنيان) “أن كافة الاتفاقات فيما يخص البرنامج النووي الإيراني كان الغرض منها التجسس على القواعد العسكرية الايرانية تحت حجة التفتيش وأن أياً من هذه الاتفاقات لا يمكن الوثوق بها وبما تحمله من جوانب ايجابية لإيران، فالتاريخ يخبرنا بان الولايات المتحدة الامريكية دائمة النكوث بوعودها”.[45]

وقد مثلت الاعمال القمعية التي تقوم بها إيران ضد شعبها نقطة ضعف ممكن ان توظف لإحداث تغييرات في النظام السياسي (وتلاقي هذه الفكرة دعماً من قبل قوى اقليمية ودولية عديدة) الذي يمارس القمع المستمر لاي احتجاجات حول الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية في البلاد،[46] بالإضافة الى سعي قيادتها لتوسيع النفوذ الاقليمي من اجل تطبيق اجندتها الخاصة كالحالة مع تدريب وتسليح المليشيات في العراق ولبنان وسوريا، بالإضافة الى سعيها المستمر لتطوير ترسانة اسلحتها التقليدية بما فيها الصواريخ البالستية قصيرة المدى والطائرات دون طيار بالإضافة الى امتلاكها نظاماً سيبرانياً متطوراً وهو ما جعل من إيران دولة تمثل تهديداً للأمن والسلم الدولي بصورة عامة خاصة اذا ما استمرت إيران بتطوير برنامج نووي يمكن ان يؤدي مستقبلاً لامتلاك إيران القنبلة النووية.[47]

وقد وصف الرئيس الامريكي السابق (دونالد ترامب) الاتفاق النووي مع إيران لعام 2015 بانه اسوء اتفاق اجرته الولايات المتحدة في تاريخها وأكد بانه كان كارثياً لأمريكا وإسرائيل وكل الشرق الاوسط، فقد أكد الجمهوريون ان إيران سوف تستمر بأعمالها غير القانونية وان إيران لا تستحق ان تدخل ضمن هذا الاتفاق الدولي وهو توجه عام لديهم. فقد بعث اربعة اعضاء من مجلس الشيوخ برسالة الى (دونالد ترامب) طلبوه بإنهاء الاتفاقية مؤكدين فيها “إيران تواصل اعتداءاتها الخارجية، وترعى الارهاب الدولي، وتطور تكنولوجيا الصواريخ البالستية، وتقمع الشعب الإيراني، ان استمرار السياسة الراهنة سيكون مساوياً لمكافأة إيران على حروبها». وقد اكد عدد من السياسيين في داخل الولايات المتحدة الامريكية، ان الاخيرة لابد ان تعمل على تغيير النظام السياسي في إيران، هذه المرة ليس من خلال الحروب العسكرية التي دفعت الولايات المتحدة ثمناً باهضاً من اجلها، وفي مجملها لم تكن تجارب ناجحة، كالحالة مع العراق وافغانستان وانما من خلال تحريك الشارع للمطالبة بحقوقه او من خلال الاقليات الاثنية للثورة على الحكومة المركزية، فقد اعرب السيناتور الجمهوري عن ولاية اركنساس (توم كوتون) عن توجهه في هذا الخصوص وقال «يجب ان تكون سياسة الولايات المتحدة تغيير النظام ولا افهم كيف يمكن لأحد ان يقول ان امريكا آمنة في ظل وجود دكتاتورية ثيوقراطية”.[48]

اذ ان سعي إيران لامتلاك التقانة النووية ليس اثباتاً لمبادئها العقائدية او الايديولوجية بل هي تسعى لإثبات وجودها وبسط نفوذها وسيطرتها في وسط اقليمي ودولي معادي لها يسعى الى محاصرتها، فوجدت إيران في امتلاك هذه التقنية تفرداً جديداً يساعدها في مواجهة المد المعارض لها يضاف الى جملة المميزات الإستراتيجية الفريدة التي تمتلكها من موقع وموارد طبيعية وامكانات بشرية.[49]

ان حالة النزاع وحالات عدم الاستقرار في منطقة الشرق الاوسط لا تتطابق مع الاهداف الاستراتيجية للولايات المتحدة فيها، وسعيها المستمر للمحافظة على مصالحها في المنطقة لذلك فهي تسعى دائماً لإنهاء اي حالة من حالات عدم الاستقرار في المنطقة وعلى راسها ظاهرة الارهاب التي اتُهمت إيران مراراً بانها ترعاه وتقدم الدعم والتمويل له،[50] وتدرك الولايات المتحدة ان الارهاب ظاهرة يمكن تفكيكها في منطقة الشرق الاوسط، وربما تشكل الادراك الامريكي خاصة بعد الحرب على افغانستان والعراق والذي تمثل في انها ظاهرة يمكن محاصرتها وتقليل آثارها من خلال التحالف الدولي والاقليمي الذي تقوده الولايات المتحدة الامريكية ومن خلال محاصرة منابعه واي جهة تحاول تمويل او دعم افراده خاصة إيران التي تُتهم بدعمها للإرهاب خاصة بعد ان صُنف الحرس الثوري الإيراني بانه منظمة ارهابية، بالإضافة الى سياسة إيران المزعزعة للأمن والسلم الاقليمي والدولي ومن ضمنها استمرارها في برنامجها النووي، وبعد ان اثبتت التجارب في مناطق عديدة ان القوة العسكرية لم تكن كافية لتحقيق الاهداف كافة، سواء بإحراز الامن والاستقرار في العراق وافغانستان او تحقيق هدف مكافحة الارهاب.[51]

فقد تعمل الولايات المتحدة على زيادة الحصار المفروض على إيران منذ العام 1979 ودعم معارضيها الذي يتصاعد بين الحين والآخر بتحالف قوى الغرب وقرارات مجلس الامن وصولاً الى ما قد يسمح بالإطاحة بنظام الحكم، فقد عملت الولايات المتحدة الامريكية طوال سنين الى انشاء التحالفات الغرض منها حصار إيران عسكرياً وامنياً وحشد الرأي العام على المستويين الاقليمي والدولي ضد إيران على اساس انها مهددة للأمن والسلم الاقليمي راعية للإرهاب بالإضافة الى هذا تسعى الى امتلاك السلاح النووي مما يؤدي الى تهديد صريح للدول الاقليمية والنظام الدول.[52]

وبحسب مسودة لمشروع الشرق الاوسط الكبير الذي تقوده الولايات المتحدة الامريكية ان الشرق الاوسط يمثل تحدياً وفرصة فريدة للمجتمع الدولي في ان يستطيع صياغة شراكة مع قادة الاصلاح في الشرق الاوسط الكبير ويجب على الولايات المتحدة الامريكية ان تقود مبادرة لتشجيع الاصلاح الاجتماعي والسياسي والاقتصادي في المنطقة، وما دام هناك اعداداً من المحرومين من حقوقهم الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وهي في تزايد في هذه المنطقة،  فان حالة عدم الاستقرار والارهاب والهجرة غير الشرعية والجريمة الدولية في تزايد مستمر وهو ما يشكل خطراً على المصالح الامريكية في منطقة حيوية وإستراتيجية بالنسبة لها بالإضافة الى انها تشكل في ذات الوقت خطراً على الأمن والسلم الاقليمي والدولي.[53]

ويشرح (جيل دورونسورو) وهو من كبار رجال المحافظين حول استراتيجية الفوضى الخلاقة فيقول انها تتضمن استغلال عناصر من داخل المجتمع تتطلع نحو التغيير (وهو ما استخدمته في احداث الربيع العربي)، ودعمها عبر تحريك الاعلام المحلي والعالمي واختراع رمز يمكنهم التوحد حوله وزيادة الضغط الدولي تجاه القوى التي يعرضونها. فبعد الاخفاقات العسكرية التي شهدتها الولايات المتحدة الامريكية في كلاً من افغانستان والعراق ادركت ان احداث التغيير لابد ان يأتي من الداخل عبر تحريك قوى اجتماعية او قوى معارضة للنظام السياسي، فالحاجة الى احداث الفوضى الخلاقة سببه ان الحاجة الى احداث اي تغيير من قبل قوى خارجية لابد وان يكون مؤيد من قوى داخلية اخرى مساعدة له وهذا ربما ما تسعى الولايات المتحدة الى تحقيقه في إيران عبر دعم قوى المعارضة والشارع الإيراني المطالب بحقوقه وحرياته من نظام يصفه بالقمعي خاصة وان الولايات المتحدة الامريكية تعاني من فقدان مصداقيتها بين دول الشرق الاوسط خاصة بعد تجربتي افغانستان والعراق، وبالتالي فهي بحاجة الى احداث الفوضى الخلاقة للوصول الى اهدافها التي تُعد من أسس الفكر الامريكي. كما واكد (مايكل ليدين) وهو من كبار المحافظين ان فكرة التغيير عن طريق الفوضى الخلاقة ذات جذور في الفكر الليبرالي فالفوضى الخلاقة هي عنصر اساسي في فكرنا داخل مجتمعنا وخارجه «فنحن ندمر النظام القديم كل يوم ... ولطالما خشي اعدائنا من هذه الزوبعة المؤلمة من الطاقة الخلاقة التي تهدد تقاليدهم ينبغي علينا تدميرهم لنتقدم نحو مهمتنا التاريخية»[54]، وهو ما يمكن ان يحدث ايضاً من خلال زيادة العقوبات المفروضة على إيران بسبب برنامجها النووي، سواء بسبب عدم إيفاء إيران بالتزاماتها الدولية في هذا المجال او من خلال عدم التوصل الى اتفاق ورغبة التحالف الدولي بزعامة الولايات المتحدة الامريكية في ان تضع حداً لقدرات إيران المتزايدة والمهددة لمصالح واهداف تلك الدول.

ثالثاً: مستقبل الدور الايراني في ضوء الاتفاق النووي

عملت ايران على الاستفادة القصوى من دخولها في الاتفاق النووي في العام 2015، من اجل تحقيق مجموعة من الاهداف على الصعيدين الداخلي والخارجي، فقد سمح لها الاتفاق بتقليل جانب كبير من العقوبات التي كانت تعاني منه خلال عقود طويلة، بالاضافة الى انشاء علاقات اقتصادية وسياسية قائمة على الثقة بعد ان توصلت ايران الى اتفاق نووي مع الدول الكبرى، اذ اسهم الاتفاق النووي الذي توصلت له ايران في العام2015 مع الولايات المتحدة الامريكية( لغاية عام 2018) و مجموعة 5+1 في ان تكون ايران اكثر ثباتاً وتاثيراً في مجرى العلاقات والتفاعلات الاقليمية والدولية ،اذ ازال هذا الاتفاق جانباً كبيراً من الشكوك الدولية حول طبيعة ومستقبل البرنامج النووي الايراني، ونوايا ايران الحقيقة في ان تجعل هذا التقنية  تهديداً فعلياً لامنها واستقرارها، خاصة وان الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية روجت لعقود كثيرة ان ايران هي التهديد الاشد خطورة على جوارها الاقليمي، وكذلك على مصلحة واهداف الدول الكبرى في منطقة مهمة وحيوية كمنطقة الشرق الاوسط ،التي تمثل منبع  للطاقة ومعبر اساسي له، وقد اسهم خروج الولايات المتحدة الامريكية من الاتفاق النووي عام 2018،[55] في احداث خرقاً كبيراً في الاتفاق ،الامر الذي ادى لفرض عقوبات امريكية جديدة على ايران شمل كل القطاعات الاقتصادية وبصورة اساسية قطاع النفط والبتروكمياويات، فضلاً عن انها عزلت ايران عن النظام المالي العالمي ،[56] وهو مادفع الاخيرة الى عدم التزام بعدد من بنود الاتفاق خاصة فيما يتعلق بتخصيب اليورانيوم عند مستوى نقاوه3,67 % ، وايقاف تصدير اليورانيوم المخصب الى دول اخرى، على الرغم من استمرار باقي الدول بالالتزام ببنود الاتفاق الا ان خروج الولايات المتحدة الامريكية عزز حالة عدم الثقة في التعامل مع الولايات المتحدة من قبل ايران، وقد مثل عودة الولايات المتحدة الامريكية الى المفاوضات بشأن البرنامج النووي الايراني مع مجيئ ادارة ( جو بايدن ) الى الحكم في العام 2021 ، وتاكيده على رغبة الولايات المتحدة الامريكي في سلك الطرق الدبلوماسية كافضل وسيلة للحل خطوة مهمة من اجل الوصول الى اتفاق مع ايران يرضي الاطراف المتفاوضة وينهي معه سنوات طوال من الاخذ والرد والعقوبات التي لم تستطع معها اياً من الدول وقف ايران في المضي قدماً في تطوير برنامجها النووي . وانطلاقاً من سعي ايران لممارسة ادواراً اكثر تاثيراً وفاعلية على المستويين الاقليمي والدولي ، فقد سعت ايران الى الدخول في مفاوضات جديدة مع الجانب الامريكي للتوصل الى اتفاق معها فيما يخص البرنامج النووي ،[57] خاصة وان ايران لازالت تعاني من كثير من المشكلات على الصعيد الداخلي والتي قد تهدد امنها وسلامها الداخلي، مما يدفعها الى محاولة احياء الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة ، خاصة وان هناك اهداف لدى كل من المطرفين لعقد مثل هكذا اتفاق ، فالولايات المتحدة الامريكية تدرك بان الطرق الدبلوماسية هي افضل وسيلة للتعامل مع ايران ، خاصة وان ايران تمتلك من عناصر القوة والتحالفات الدولية والاذرع الاقليمية ، ما يجعل اي دولة تستبعد الدخول في عمل عسكري ضدها، بلاضافة الى سعي ايران المستمر لتفعيل دورها الاقليمي والدولي والذي تمثل في شركتها الاستراتيجية مع الصين كحليف اساسي لها ومستورد مهم للنفط الايراني (تستورد الصين حوالي مليون برميل يومياً من النفط الايراني)، كذلك روسيا[58] والتي عملت على مساندتها في حربها ضد اوكرانيا ودعمها بالطائرات المسيرة،والتي مثلت احدى النقاط التي تقف في وجه الوصول الى اتفاق نووي امريكي – ايران ،  اذ تعمل ايران على تدعيم دورها الاقليمي والدولي من خلال اللجوء الى دول اخرى قد تتشارك معها توجها ضد الولايات المتحدة الامريكية كالحالة مع الصين وروسيا، في محاولة لكسر القيود المفروض عليها اقتصادياً وسياسياً، وكذلك لايصال رسالة الى بقية الدولة بان الضعوطات التي تمارس عليها قد لا تكون بالتاثير المتوقع ، مع وجود حلفاء اخرين لايران تستطيع من خلالهم كسر القيود المفروضة عليها.[59] اذ تثير السياسات التي تتبعها ايران دولياً واقليمياً وحتى على الصعيد الداخلي فيما يتعلق بحقوق الانسان وحق التعبير التي تتهم ايران بانتهاكه شكوك ومخاوف العديد من الدول تجاه ايران، وهو ما دفع اطرافاً عديدة داخل الكونغرس الامريكي في الوقف امام اي مساعي امريكية للتوصل الى اتفاق ، ووصفو الاخير بانه بمثابة مكأفاة لايران على سياساتها المهددة للامن والسلم الدوليين . و تسعى ايران لممارسة ادواراً اكثر فاعلية وتاثيراً بعد عقد الاتفاق النووي وخروج الولايات المتحدة الامريكية منه في محاولة لتعزيز الموقف الايراني  من خلال الدخول شراكات دولية كالحالة مع روسيا والصين و امنية وستراتيجية اقليمية قائمة على اساس تفعيل الادوار لتلك الدول باعتبارها هي القادرة على ادارة وحماية امن وسلامة امنهم الاقليمي ، كالحالة مع اعادة العلاقات مع المملكة العربية السعودية و فتح السفارات والعمل الدبلوماسي معها في العام 2023 ،[60] وتقليل مخاوف جوراها الاقليمي من امتلاك ايران التقنية النووي التي قد تمكنها مستقبلاً من حيازة السلاح النووي ، او ان يصل هذا السلاح لجماعات وتنظيمات تدعمها ايران، وهو مايمثل خطراً كبيراً على امن واستقرار المنطقة ، خاصة وان ايران تعمل على دعم اذرعها الاقليمية في عدد من دول المنطقة كالحالة مع سوريا ولبنان واليمن وحركات المقاومة في فلسطين، كتاكيد لدور ايران الاقليمي الذي تطمح الى تعزيزه وزيادة اثره و يمكنها من امتلاك عنصر قوة تتفرد به ايران على دول الجوار ومشكلاً عنصراً مضافً الى عناصر القوة الاخرى التي تمتلكها ايران،[61] لذا فقد مثل الاتفاق النووي الايراني احد المعطيات التي وظفت من قبل ايران لتقليل حدة القلق التي تبديه الدول الاقليمية والدولية تجاهها( مع اعلان ايران المستمر بانها لا تطمح في اي وقت لامتلاك سلاح نووي) كونها دولة مهددة للامن والسلم الدوليين، وهو مايسمح لايران بممارسة ادواراً اقليمية ودولية اكثر فاعلية ، خاصة مع رغبة الادارة الايرانية في كسر حاجز العزلة التي تم فرضه على ايران كاحدى تداعيات البرنامج النووي الايراني، ولكي تستطيع ايران من ممارسة دورها كدولة لها ثقلها الاقليمي والدولي على اعتبار ان ايران تمتلك كل المؤهلات والعناصر لممارسة مثل هكذا ادوار .

الخاتمة:

تعد إيران دولة اقليمية فاعلة ومؤثرة على المستوى الاقليمي والدولي، وقد عملت إيران على إحياء برنامجها النووي منذ ثمانينات القرن العشرين، وقد تمسكت إيران بحقها في إعادة هذا البرنامج رغم الحصار الدولي والاقليمي الذي فرض عليها، اذ ترى إيران انها كدولة  لها الحق في امتلاك التقنية النووية اسوة بغيرها من الدول التي تمتلك هذه التقنية، خاصة وان برنامج إيران النووي وبحسب ما تدلي الاخيرة وما تصرح به انه لأغراض سلمية وبما يخدم الاقتصاد الإيراني. وتعد إيران برنامجها النووي أحد عناصر قوتها كدولة والتي لا يمكن ان تتخلى عنه. فالنسبة لها اضاف البرنامج النووي الإيراني الكثير من التأثير لقوة إيران بالإضافة الى ما تمتلكه إيران من عناصر قوة ودور إيران على الصعيدين الاقليمي والدولي والذي يجب عليه ان تمارسه (وفقاً للإدراك الإيراني). وبالنسبة لإيران فقد سعت خلال سنوات طوال لان تستطيع من ان تتوصل الى اتفاق فيما يخص برنامجها النووي مع المجتمع الدولي مع ما تعرضت له إيران من حصار دولي واقليمي لتثنيها عن التقدم في مشروعها خاصة وان إيران تعد في مدرك الكثير من الدول دولة مهددة لها ومهددة للأمن والسلم الدوليين بصورة عامة، ولذلك سعت إيران الى ان تتوصل الى اتفاق نووي تستطيع من خلاله ترميم الداخل الإيراني الذي تضرر بشكل كبير جراء سنوات الحصار الاقتصادي الطويلة واقتصادها المتراجع، وربما هذا ما اشتركت به مع الولايات المتحدة الامريكية، فمع مجيئ الادارة الامريكية الجديدة بزعامة (جو بايدن)، أكد الاخير على رغبة الولايات المتحدة الامريكية في التوصل الى اتفاق مع إيران فيما يخص برنامجها النووي مؤكداً ان السنوات السابقة التي تخللتها عقوبات قاسية على إيران لم تثني الاخيرة من الاستمرار في تطوير برنامجها، وان الولايات المتحدة الامريكية يجب عليها ان تضع حلاً لهذا الملف الذي ظل لعقود طويلة يشغل المجتمع الدولي، وهو ما تسعى إيران الى تحقيقه في الفترة القادمة مستغلة بذلك عامل الوقت لإعادة ترميم الاقتصاد الإيراني واعادة جانب من علاقاتها الاقليمية والدولية التي تأثرت بشكل كبير من جراء العقوبات والحصار المفروض عليها فيما تحقق مصالحها واهدافها التي تسعى لها.

الاستنتاجات:

سعي إيران للوصول الى اتفاق نووي طويل الامد مع المجتمع الدولي، الغرض منه الاستفادة في الوقت الحالي والمستقبلي، من خلال النهوض بالوضع الإيراني الداخلي والاقتصاد الإيراني والاستعداد للمضي قدماً ببرنامجها النووي بعد تلافيها عدداً من المشكلات التي تعاني منها إيران جراء العقوبات الدولية المفروض عليها.

يمثل استمرار فرض العقوبات الاقتصادية والسياسية على إيران أحد العقبات التي تواجهها لممارسة دور اقليمي أكثر فاعلية وتأثير.

تدرك الولايات المتحدة الامريكية مدى اهمية ودور إيران في المنطقة، وان وصول إيران الى مراحل متقدمة في برنامجها النووي، يمثل تهديداً واضحاً لها ولحلفائها في المنطقة، ولذلك سعت الولايات المتحدة الامريكية بإدارتها الجديدة الى الوصول الى اتفاق نووي تسعى من خلاله الى وقف تطور إيران في هذا المجال، خاصة بعد اداركها بان أياً من العقوبات الدولية المفروضة على إيران لم تثني ذلك التقدم.

يمثل عدم وصول إيران الى اتفاق نووي عقبة حقيقة تقف امام إيران اليوم، خاصة وإنها قطعت شوطاً كبيراً في برنامجها النووي بالإضافة الى استمرار فرض العقوبات الدولية عليها، التي جعلتها تعاني من كثير من الازمات على المستوى الداخلي، لذا فان مزيد من العقوبات الدولية المشددة على إيران سوف يمثل خطراً حقيقياً على الدولة الايرانية وهو ما دفعها الى ان تندمج بمفاوضات على مستوى جديد من الجدية والمرونة للوصول الى اتفاق يرضي جميع الاطراف.

ان دور إيران الاقليمي سوف يترتب وبشكل كبير على طبيعة التفاعلات الدولية والاقليمية التي تكون فيها إيران،  والمتوقعة بصورة اساسية على ما يتم التوصل اليه بشأن البرنامج النووي الإيراني سواء من حيث الالتزام من قبل الاطراف المتفاوضة، او من حيث التراجع وعدم الالتزام بالاتفاق والعودة الى نقطة البداية.

 

[1]   عمر كامل حسن، المجالات الحيوية الشرق اوسطية في الاستراتيجية الايرانية، ط1، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، 2015، ص177.

[2]   British Petroleum, Statistical Review of World Energy 2021 70th Edit, (London, 2021), p 16

[3]   British Petroleum, op.cit, p34.

[4]   عمر كامل حسن، مصدر سبق ذكره، ص180، ص182.

[5]   المصدر نفسه، ص182-184.

[6]   British Petroleum, op.cit, p34.

[7]    روجر هاورد، نفط إيران ودوره في تحد نفوذ الولايات المتحدة، ترجمة مروان سعد الدين، الدار العربية للعلوم-ناشرون، ط1، بيروت، 2007، ص 20-22.

[8]    عرفات علي جرغون، العلاقات الايرانية الخليجية الصراع .. الانفراج.. التوتر ، العربي للنشر والتوزيع ، القاهرة ، 2016، ص195.

[9]    رمزي محمود ، الاقتصاد السياسي الدولي للطاقة ، دار التعليم الجامعي ، القاهرة ، 2022، ص 136.

[10]   عمر كامل حسن، مصدر سبق ذكره، ص 192- 193.

[11]   ويلفرد بو ختا ، من يحكم ايران ؟ بنية السلطة السلطة في الجمهورية الاسلامية في ايران ، مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية،ط1، ابو ظبي ، 2003 ، ص11.

[12]   حسين علي مكطوف، إيران والمنهج الديمقراطي تداول السلطة بين المحافظين والاصلاحيين في الجمهورية الاسلامية الايرانية انموذجا، مركز العراق للدراسات، ط1، بيروت، 2014، ص119-120.

[13]    نجلاء مكاوي واخرون، الإستراتيجية الايرانية في الخليج العربي، مركز صناعة الفكر للدراسات والابحاث، ط1، بيروت، 2015، ص 3 -14.

[14]    Eva Patricia Rakel, Power, Islam, and Political Elite in Iran, Brill, LeidenBoston, 2009, p 3.

[15]    فاطمة هارون العمارات، العلاقات الروسية – الايرانية وابعادها على الامن القومي العربي (2011-2018)، دار الخليج للنشر والتوزيع، عمان، 2020، ص 111.

[16]   Anoushiravan Ehteshami and Reza Molvi, Iran and the International System, Routledge, London and New York, 2012, p 27.

[17]     ممدوح بريك محمد، النفوذ الايراني في المنطقة العربية على ضوء التحولات في السياسة الامريكية تجاه المنطقة 2003-2011، دار المنهل، عمان، 2014، ص 173-174.

[18]   نجلاء مكاوي واخرون، مصدر سبق ذكره، ص53.

[19]   الدستور الايراني، وزارة الشؤون الخارجية الايرانية، الموقع الرسمي للوزارة، شبكة المعلومات الدولية (الانترنيت)،

 https://ar.mfa.ir/portal/viewpage/3984

[20]   نجلاء مكاوي واخرون، مصدر سبق ذكره، ص54.

[21]   محمد محمود مهدي، السنوات السمان العلاقات الامريكية – الايرانية التقارب الاستثنائي ، العربي للنشر والتوزيع ، القاهرة، 2021، ص57 .

[22]    ستار جبار علاي ، البرنامج النووي الايراني تحليل البعدين الداخلي والخارجي ، العربي للنشر والتوزيع ، القاهرة ، 2020، ص 221 .

[23]    جاك كارافيلي و سبياستيان ماير، مواجهة صعبة اما فريق الامن القومي الامريكي الجديد تجاه ايران وكوريا الشمالية، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الاسلامية، الرياض ، 2018، ص9.

[24]     محمد عباس ناجي ، تكتيكات متعددة : كيف ادارت ايران والقوى الدولية المفاوضات النووية، مجلة السياسة الدولية، العدد 201، القاهرة ، 2015 ، ص 150 .

[25]   ستار جبار علاي ، مصدر سبق ذكره، ص218.

[26]    فيكتور بولمر ، امبراطورية في حالة تراجع الولايات المتحدة الامريكية بين الماضي والحاضر والمستقبل ، ترجمة توفيق سخان،المركز العربي للابحاث ودراسة السياسات، ط1، بيروت ،2022، ص554.

[27]   ستار جبار علاي ، مصدر سبق ذكره، ص218 .

[28]    ستار جبار علاي ، العرب والطاقة النووية البرامج النووية العربية الاسلامية ، العربي للنشر والتوزيع، القاهرة، 2021،ص244.

[29]    محمد الهاجري ، الاتفاق النووي الايراني – الغربي وتداعياته على مجلس التعاون، مجلة رؤية تركية، العدد 15 ، 2015، ص167 .

[30]    عائشة ال سعد ،محددات السياسة الخارجية الايرانية وابعادها تجاه دول الخليج في سياق مناقشات النووي الايراني،المركز العربي للابحاث ودراسة السياسات،ط1،بيروت، 2018،ص16.

[31]    ياسر عبد الحسين، السياسة الخارجية الايرانية مستقبل السياسة في عهد الرئيس حسن روحاني، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، ط1، بيروت، 2015، ص222.

[32]    المصدر نفسه، ص 225.

[33]    ريز ارليخ، اجندة إيران اليوم، ترجمة رامي الريس، الدار العربية للعلوم ناشرون، ط1، بيروت، 2019، ص58.

[34]     ياسر عبد الحسين، مصدر سبق ذكره، ص 231.

[35]            Farhad Rezaei, Bidens Sanctions Strategy Cannot Stop an Iranian Nuclear Weapon, The National Interest, New York, International Network,

 https://nationalinterest.org/feature/biden%E2%80%99s-sanctions-strategy-cannot-stop-iranian-nuclear-weapon-203575.

[36]    عادل علي عبد الله، محركات السياسة الايرانية في منطقة الخليج العربي، دار مدارك للنشر، ط2، دبي، 2012، ص 158.

[37]    المصدر السابق، ص162.

[38]     عادل علي عبد الله، مصدر سبق ذكره، ص 158-159.

[39]     المصدر نفسه ذكره، ص161.

[40]     Marianna Charountaki, Iran and Turky: International and Regional Engagement in The Model East, Bloomsburry, USA, 2018, P 158.

[41]    ريز ارليخ، مصدر سبق ذكره، ص65.

[42]   Michael Eisenstadt, Irans Nuclear Hedging Strategy, The Washington Institute for Near East Policy, USA, 2023, p 22.  

[43]    عبد الحميد العيد، قراءة في علاقات إيران الاقليمية والدولية، دار أمجد للنشر والتوزيع، ط1، الاردن، 2018، ص 56.

[44]    احمد نوري النعيمي، السياسة الخارجية الايرانية بين الثوابت والمتغيرات، دار أمجد للنشر والتوزيع، ط1، الاردن، 2017، ص 280-281.

[45]   ريز ارليخ، مصدر سبق ذكره، ص 58.

[46]   Lelia Alikarami, Women and Equality in Iran Law, Society and Activism, L.B. Tauris, London, 2019, p 186.

[47]    ريز ارليخ، مصدر سبق ذكره، ص60.

[48]   المصدر نفسه، ص 70- ص 75.

[49]   Potrick M. Cronin, Double Trouble: Iran and North Korea as Challenges to International Security, Bloomsbury Academic, University of Michigan, 2008, p2.

[50]   Kenneth Katzman, Terrorism: Near Eastern Group and State Sponsors, Nova Science Publishers, USA, 2008, p 42.  

[51]    عبد الحميد العيد، مصدر سبق ذكره، ص 59.

[52]    عبد الستار قاسم، امن النفط في الخليج في ظل التغييرات الجارية، مجلة حمورابي، مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجية، العدد الرابع، بغداد، 2012، ص 164-175.

[53]     عمر كامل حسن، مصدر سبق ذكره، ص 435.

[54]    المصدر السابق، ص 439.

[55]    عبد الوهاب سيف بحييح ، العلاقات السعودية الايرانية وامن الخليج العربي ، دار عناونين للنشر ، ط1، القاهرة،  2023، ص132

[56]     جودت بهجت واخرون، دول الخليج العربية وايران جذور التنافس في النظام الاقليمي الخليجي وتجلياته، المركز العربي للابحاث والدراسات السياسية ، ط1، بيروت، 2023، ص29.

[57]    جبار ستار علاي ، العرب والطاقة النووية البرامج النووية العربية الاسلامية ، مصدر سبق ذكره ، ص246.

[58]    محمد محمود مهدي، امريكا وجماعات الضغط ايران ومؤسسات صنع القرار، العربي للنشر والتوزيع، القاهرة ،2023،ص194.

[59]     علا رفيق منصور ، التحوط الاستراتيجي في السياسة الايرانية تجاه الولايات المتحدة الامريكية، المركز العربي للدراسات ودراسة السياسات ، بيروت ، 2022،ص281.

[60]          زيد عبد الوهاب ، الاتفاق السعودي الايراني محددات النجاح والفشل ، مركز دراسات الشرق الاوسط، اسطنبول ،2023 ،ص3.   

[61]          يحيى حلمي رجب ، الاتفاق النووي الايراني و تداعياته الاقليمية والدولية و رؤية مستقبلية للمنطقة العربية ، دار بدائل للنشر والتوزيع ، 2022 ، ص88،