تاريخ التقديم 14/2 تاريخ القبول 20/3 تاريخ النشر 25/4
حقوق الطباعة محفوظة لدى مجلة كلية القانون والعلوم السياسية في الجامعة العراقية
حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمؤلف
حقوق النشر محفوظة للناشر (كلية القانون والعلوم السياسية - الجامعة العراقية)
CC BY-NC-ND 4.0 DEED
Printing rights are reserved to the Journal of the College of Law and Political Science at Aliraqia University
Intellectual property rights are reserved to the author
Copyright reserved to the publisher (College of Law and Political Science - Aliraqia University)
Attribution – Non-Commercial – No Derives 4.0 International
For more information, please review the rights and license
اسس شرعية النظام الملكي المغربي
دراسة في عوامل الاستمرار
The foundations of the legitimacy of the Moroccan monarchy: a study of continuity factors
أ. م. د. نادية فاضل عباس فضلي
جامعة بغداد -مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية
PHD. Assis Prof.. Nadia Fadil Abbas Fadle
University of Baghdad/ Center for strategic & International studies
nadia.fadil@cis.uobaghdad.edu.iq
المستخلص
يمثل الملك بالمغرب كياناً مقدساً بوصفه أميراً المؤمنين الذي يحاط بالقداسة والموقع الاعتباري الذي لا يضاهيه أحد، فهو الممثل الأسمى للأمة المغربية ورمز وحدتها وكرامتها وسيادتها وضامن وجود الدولة واستمرارها عبر وجود المؤسسة الملكية الممتدة لعقود طويلة، وهو حامي الوطن والقائم على احترام الدستور وتطبيقه وفق رؤية مرسومة من خلال وجود مؤسسة ملكية عميقة الجذور، وهو يعمل على صيانة حقوق وحريات المواطنين والجماعات والهيئات والمنظمات الأهلية والمدنية وهو الضامن لاستقلال البلاد وسيادة المملكة المغربية، وتنطلق هذه المكانة التي يحظى بها الملك من خلال نسبه الشريف إلى آل الرسول محمد عليه أفضل الصلاة والسلام واستناد شخصه وممارسته للسلطة إلى وجود البيعة والإجماع.
كلمات مفتاحية: المؤسسة الملكية، المغرب، الملك، الشرعية، البيعة، الإجماع
Abstract
In Morocco, the King represents the Commander of the Faithful, who is surrounded by holiness and has an unparalleled legal position. He is the supreme representative of the Moroccan nation, the symbol of its unity and sovereignty, and the guarantor of the permanence and continuation of the state through the presence of the royal institution that extends for many decades. He is the protector of the homeland and ensures that the constitution is respected and implemented according to a vision drawn up through the presence of A deeply rooted royal institution, it works to preserve the rights and freedoms of citizens, groups, bodies, and civil and civil organizations. It is the guarantor of the independence of the country and the possession of the Kingdom of Morocco. This status that the king enjoys stems from his honorable lineage to the Prophet Muhammad, peace and blessings be upon him, and the basis of his person and exercise of authority on the existence of the pledge of allegiance and consensus.
Keywords: royal institution, Morocco, king, legitimacy, allegiance, consensus
المقدمة
لقد واجه النظام الملكي في المغرب أوضاع داخلية معقدة خاصة في السنوات الأخيرة قبل اندلاع الاحتجاجات الشعبية، وبعد نشأة حركة 20 شباط 2011 والتي نتجت عن أجواء الانتفاضات والثورات الشعبية المتلاحقة في عموم الدول العربية، رفعت شعارات ثورية عدة منها «الشعب يريد التغيير» من أجل استعادة كرامة الإنسان المغربي وسط زخم ودفع جماهيري واسع رافق تلك المظاهرات، لقد وضعت هذه التظاهرات النظام الملكي أمام اختبار كبير مفاده شرعية النظام الملكي في المغربي وضرورة الاستجابة لمتطلبات الإصلاح.
أهمية البحث:
تنطلق أهمية البحث في دراسة موضوع شرعية النظام السياسي في المغرب والذي يعد من أهم مواضيع النظم السياسية التي تحفز المفكرين والفقهاء على دراستها بتعمق إذ يمزج النظام ما بين السلطة الدينية والسلطة المدنية للحاكم مع الغلبة للجانب الديني وإسقاطاته على شخص الحاكم.
إشكالية البحث:
هناك العديد من الأسئلة الرئيسية والفرعية التي تبحث في أسس شرعية النظام الملكي المغربي منها.
هل سيبقى الدين الإسلامي الأساس الشرعي الذي تستند إليه المؤسسة الملكية في المغرب في اكتساب شرعيتها من خلال البيعة والإجماع؟ وهل ساهمت المراجعات الدستورية وصدور دستور العام 2011 في تحقيق التوازن بين سلطة الملك والإرادة الشعبية؟
وهل سيستمر التحكم من قبل المؤسسة الملكية في جميع مفاصل الوزارات السيادية رغم طرح آليات الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية؟
فرضية البحث:
تنطلق الدراسة من فرضية أساسية مفادها أن المؤسسة الملكية في المغرب رغم المآخذ الدستورية على طبيعة عملها إلا أنها ستبقى تحظى بمكانه محورية في المجتمع المغربي وأنها الحامي لسيادة وتراب كامل الأراضي المغربية وهذا ما يفسر استمرارية شرعيتها وبقائها مؤسسة فاعلة ومتميزة عن نظيراتها من الملكيات.
منهجية البحث:
بما أن البحث يتناول الأسس التي تقوم عليها المؤسسة الملكية المغربية والشرعية التي يستمد منها النظام، فالمنهج الأساس الذي يكرس لدراسة النظام هو منهج التحليل النظمي بوصفه المنهج الملائم لدراسة موقع المؤسسة الملكية ودورها الفاعل في ممارسة السلطة التنفيذية بعد الإصلاحات وإقرار دستور العام 2011، والطريقة التي يتولى بها حكم المغرب الملك محمد السادس عشر المملكة المغربية.
هيكلية البحث:
لقد قمنا بتقسيم البحث إلى ثلاث مباحث أساسية فالمبحث الأول تناول المؤسسة الملكية في المغرب وخصائصها، أما المبحث الثاني المبحث الثاني: المؤسسة الملكية والنظام السياسي في عهد الملك محمد السادس، أما المبحث الثالث فيتناول المبحث الثالث: المؤسسة الملكية في المغرب بعد إصدار دستور العام 2011.
المبحث الأول
المؤسسة الملكية في المغرب وخصائصها
تبقى المؤسسة الملكية في جميع الأنظمة السياسية التي تتخذ من هذا النظام شكل من أشكال الإدارة والحكم، وهي المؤسسة التي تحظى بقدسية وهيبة تضفي على سيادة الدولة، فضلاً عن أن مكانة الدين في المغرب تحظى بمكانة سامية يستمد منه الملك شرعيته في إدارة شؤون الحكم، وعند الحديث عن طبيعة النظام السياسي والدستوري في المغرب نعود إلى الأسس المرجعية التي وضعها الملك «محمد الخامس».
المطلب الأول: محمد الخامس ابن السلطان مولاي يوسف “
وانقسمت مراحل حكمه إلى المراحل الآتية:
المرحلة الأولى: وهي المرحلة التي امتدت من العام 1927- ١٩61، وتميزت بحكم واقع الحماية الفرنسية والاسبانية والترويج لخطاب عام ارتكز إلى التراث السياسي الإسلامي وبتوظيف مفاهيم الفقه في مجال السلطة والحكم وأهمها مصطلحات البيعة والإجماع والشورى.
أما المرحلة الثانية: كانت قد تميزت بالإعلان عن بعض الإجراءات الدستورية منها البيعة والإجماع والملكية الحاكمة[1].
وعند شرح الإجراءات الدستورية في المملكة المغربية نقوم بتشخيصها تباعاً وهي:
أولا: البيعة:
تعد البيعة في المملكة المغربية رمز النظام السياسي والمنبثقة بطبيعة الحال من الأصول الإسلامية وتجسد البيعة على امتداد عمق التاريخ السياسي في المغرب رابطة روحية– سياسية كانت قد رسخت وثبتت وشائج وروابط ولاء المحكوم للحاكم، وتميزت علاقة الطرفين بالسلم والاحترام المتبادل وعد المؤرخون المغاربة أن الخلافة الناشئة عن البيعة رحمة وامان من الله وسبب أساس في الائتلاف وجمع الناس، واداة رئيسة لتجاوز الانقسامات والصراعات عن طريق الخضوع بالقبول والرضى لسلطة مقدسة والمرتكزة على ركنين اساسيين:
1. السلطان والرعية (الشعب): الملك محمد الخامس منذ الاستقلال حرص على التأكيد على مبدأ البيعة من خلال خطاباته وتأكيده على أن البيعة هي مصدر الشرعية أي (الملك)، إذ أكد «نتحمل أعباء الولاية العظمى التي بايعتنا عليها جماعة أهل الحل والعقد من الوزراء والعلماء والشرفاء والأعيان الذين اجتمعوا في عاصمتنا الشريفة الفاسية»، وحرص الملك “محمد الخامس” على مفهوم البيعة بشكل كبير في إطار إضفاء الديمومة والاستمرارية على شكل الحكم، على الرغم من واقع الحماية الذي جرد السلطان من صلاحياته الزمنية، وأضاف على شخصه طابع شكلي ورمزي[2].ومن اللافت أن كيان النظام الملكي في المغرب تميز بارتكازه على ثلاثية أساسية توازن بين المؤسسة الملكية والسيادة الوطنية والمشروعية الدينية (أمير المؤمنين) وهذا أساس مضمون البحث ، وهذه العلاقة التكاملية تتفاعل مع مبادئ الثقافة العلمانية والتحديث التي يتمسك بها الملوك في المغرب ومنهم الملك الحالي، كما نرى أن النظام المغربي متأثراً بالفكر الغربي عموماً إذ لا يجدون تناقضاّ مع خصوصية مناصبهم، مما يعني توافق الشرعية الدينية مع أشباهها الدستورية والقانونية[3]، وتعود أصول البيعة في المغرب إلى العهد العلوي، إذ أصبحت البيعة تشكل جانباً من نظام الدولة وبما تمثله من رمز أساس للتنظيم السياسي، وبوصفها دستور لتأسيس الدولة أو إعادة تقويتها، وهناك ثلاث نظريات حديثة حول مفهوم البيعة تطرق لها بشكل واضح كبار المفكرين مثل الأستاذ «محمد لحبابي» في بحثه عن ((الحكومة المغربية في مطلع القرن العشرين)) محمد عزيز لحبابي، هو روائي وفيلسوف وشاعر مغربي، كتب باللغتين الفرنسية والعربية، ولد في 25 كانون الثاني في العام 1922 بمدينة بفاس، وتوفي يوم 23 آب في العام 1993 بالرباط يعد لحبابي مؤسسا لمذهب الشخصانية الإسلامية، والسيد «علال الفاسي» في كتاباته مثل ((حفريات عن الحركة الدستورية في المغرب قبل الحماية)) هو أديب وسياسي، ومؤسس حزب الاستقلال وزعيم الحركة الوطنية المغربية، ويمثل أحد أبرز أعلام الحركة الإسلامية الحديثة التي ظهرت في القرن العشرين والتي دعت إلى نوع من السلفية التجديدية، وكذلك ما كتبه الأستاذ «عبد الله العروي» هو مؤرخ ومفكر، يعد من المفكرين الذين اتخذوا التاريخ فلسفة ومنهجاً للتحليل، كما يعد من أنصار القطيعة مع التراث العربي والإسلامي ومن دعاة تبني الحداثة الغربية والديمقراطية كقيمة إنسانية والتي سنتناولها تباعاً[4].
المطلب الثاني: مفهوم البيعة عند المفكرين المغاربة
أـ محمد لحبابي:
وتوصل في كتابه أعلاه فيما يتعلق بالبيعة١- أن السلطان لا يكون مطلق التصرف في الحكم والسلطة، وليس المصدر الوحيد للسلطة بل هو يمارس السلطات محددة، من خلال الدور الأساس الذي يقوم به العلماء في الاستشارة والبيعة نظراً لمعرفتهم بمقاصد الشريعة وأحكامها.
٢- القانون المغربي لم يعرف سوى سلطة وسيادة الأمة والجماعة المغربية.
٣- الجماعة المغربية هي أم للسلطات إذ ترأس عليها السلطان وتستمر في مراقبته بمعنى النظر للبيعة بمنظور قانوني ويعدها دستوراً للأمة يفسر خصائص الحكم في المغرب بوصف أن الأمة توكل السلطان في الحكم نيابة عنها وتحت مراقبها، والبيعة هي التي حددت طبيعة حكم السلطان نظراّ لطابع المراقبة الذي تتضمنه بمعنى وجود قيود على السلطان تحدد نوعاً من التفرد هي:
1- لا يحكم بحرية واستقلال مطلق بل يرجع للاستشارة وأخذ الرأي من أهل الحل والعقد.
2- تصرف السلطان في أموال الناس يكون فيما يرجع عليها بالنفع العام، وهو ما يفرق بين أموال الأمة وأمواله الشخصية.
ب- نظرية علال الفاسي:
يشير المفكر علال الفاسي في كتابه الحركات الاستقلالية الحديث عن بيعة عبد الحفيظ أو البيعة الحفيظية التي انعقدت في العام 1908 والتي «تعد البيعة عقداً بين الملك والشعب يحول نظام الحكم من الملكية المطلقة إلى ملكية دستورية فليس من حق السلطان منذ الآن أن يبرم أي معاهدة تجارية أو سلمية بالرجوع ومصادقة وتقييد المعاهدات المسموح بعقدها بعد الاستشارة»، وينطلق «علال الفاسي» من البيعة المتميزة وهي بيعه مولاي «عبد الحفيظ» ليعطي تفسيراً للبيعة على أنها عقد بين الملك والشعب، يبين نظام الحكم ويخرجه من هذه البيعة مما يعرف بالحكم المطلق إلى الحكم الدستوري[5].
وكانت هذه البيعة قد اشتهرت بالبيعة المشروطة إذ إن العلماء عندما خلعوا أخاه «عبد العزيز» بايعوا «عبد الحفيظ» على شروط أولها إلغاء بنود معاهدة الجزيرة الخضراء وتحرير الثغور، ذلك أنه لما اندفع مع المحتل «عبد العزيز» لأنه فرط بحق الشعب، وقال الشعب إن الثورة هي الوسيلة الأنجح للتخلص من السلطان وخلعه عن السلطة وتم خلع السلطان “عبد العزيز” وتم مبايعة أخيه «عبد الحفيظ» وأكد «علال الفاسي» أن البيعة الحفيظية التي كتبت بمدينة فاس من قبل الوطنيون الممتازون ووضعت صيغتها من قبل السيد «أحمد المواز» أحد رجال الفكر آنذاك ميثاق قومي ودستوري من الصنف الأول “وهي عدت رمزاً للفكر الدستوري الذي ساد في أوروبا منذ القرن الثامن عشر مع مفكري العقد الاجتماعي ممن أكدوا على ضرورة صياغة عقد ينظم العلاقة بين الحاكم والشعب، ولكن الاختلاف الذي يمكن تأشيرة هو الأساس الفكري الذي يتأسس عليه العقد الاجتماعي والبيعة الحفيظية إذ الأول ينطلق من حالة الطبيعة وفق ما تقتضيه النظرية الوضعية ليصل إلى تأكيد أن السيادة للشعب، فالشعب من له حق السلطة التأسيسية الأصلية التي تنشئ الدستور، بموجب هيئة تأسيسية منتخبة أو استفتاء شعبي يحسم في قبول أو رفض مشروع الدستور، في حين أن الحالة المغربية تنطلق من البعد الديني بالأساس والذي يعطي لمجموعة بعينها حق ممارسة السلطة التأسيسية والتي تسمى بأهل الحلّ والعقد، وهؤلاء يكونون عادة من الوجهاء والعلماء وقادة الجيش ومن لهم مكانة في الأمة، فهم من يكونون الفعل التعاقدي بين الحاكم والأمة أو الشعب من خلال عقد البيعة. [6]
ج- نظرية عبد الله العروي:
يرى بأن البيعة بوصفها عهداً بين الرعية والسلطان، وأشار إلى الصعوبات التي تواجه المبايعة ولخص فكرته بالنقاط الآتية[7]:
١- يتم اختيار السلطان من قبل أقلية ممثلة للقصر ورجالات البلاط والخاصة
٢- يعد القصر والخاصة من ممثلي المدن وهم الأقلية الحاكمة
٣- التأكيد بشكل خاص على مكانة القوة والمال والنفوذ في الحصول على التأييد الواسع للشخص المبايع له من قبل الأمة.
وحسب رأينا أن البيعة المشروطة حسب ما أكده «علال الفاسي» هي الأقرب لنظام الحكم في المغرب إذ خرجت من إطار الملكية المطلقة إلى إطار الملكية الدستورية.
ثانياً: الإجماع:
عادة ما يترافق مع مفهوم البيعة مع مفهوم الإجماع وهذا ما حرص على إظهاره الملك «محمد الخامس» بوضوح حتى لا يترك أي مجال للمعارضين وليواجه أي تطلع لمنافسته على الحكم، وقام بجذب بعض العلماء والأعيان لمبايعته، ووجه خطاب إلى الشعب المغربي أكد فيه «وقد علمتم أن بيعتنا الشرعية قد انعقد عليها الإجماع فالخارج عنها يعد خارجاً عن جماعة المسلمين، وقد قال الرسول محمد» صلى الله عليه وسلم “يد الله مع الجماعة”، فقد حذرناكم وأنذرناكم لتتمسكوا بالعروة الوثقى وتلزم الجماعة وتحافظ على ما أمر الله به من الاعتصام بحبل الله الوثيق حيث يقول الله عز وجل” واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا» وإياكم والتفرقة والنكث فقد قال تعالى: «ومن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسنؤتيه أجراً عظيماً «، وهذا يعني أن فكرة الإجماع تنطوي على تكريس سمو المؤسسة الملكية وتعزيز المركز السياسي للملك اتجاه المواطنين من جهة أخرى[8] (٨).
المطلب الثالث: الملكية الحاكمة:
بعد نيل المغرب استقلالها في العام 1956 كان الجميع متفقاً على رفع شعار الملكية الدستورية، بالنسبة للملك أو الحركة الدستورية، لكن لم يكونا متفقين على مضمون هذا الشعار بحيث كانت الحركة الوطنية تقصد بشعار الملكية الدستورية ملكية مقيدة، وكان الملك يقصد بالشعار ملكية حاكمة وليس ملكية غائبة فالعرش المغربي ليس مكان فارغ بل ملكية حاضرة في جميع أركان الدولة المغربية، وعلى الرغم من الانطباع بأن المغرب تسير باتجاه الملكية الدستورية البرلمانية فإن المؤسسة الملكية عملت على ترسيخ سمو سلطتها السياسية واستمرار مشروعيتها التاريخية وإشرافها المباشر على تسيير شؤون الناس[9] (٩).
رابعاً: النسب الشريف:
وما يمكن ربطه أيضاً بأسس شرعية النظام الملكي المغربي هو النسب الشريف، والذي يفرض نفسه ويهيمن على عقل المواطن المغربي والذي يحمل بداخله مضمون بيولوجي والانحدار من السلالة النبوية الشريفة وأيضاً المتضمن الإيمان ببركة الشريف، وسياسي/ إسلامي وهي خلافة الجد النبي محمد عليه الصلاة والسلام كأول زعيم سياسي للأمة الإسلامية، وهذا يعد الأساس في المشروعية والشرعية الدينية للحكم المغربي، وأولويتها في تطور النظام السياسي[10] (١٠)
وفي سياق الحديث عن النظام الملكي المغربي نتناول مرحلة ما بعد الاستقلال واهم خصائص النظام الملكي بالتركيز على مرحلة الملك «الحسن الثاني»، الذي يعد مؤسس النهضة الحديثة للمغرب ومثبت أركان دولة المؤسسات والقانون والذي أسس للمغرب موقع مرموق على المستويين الإقليمي والدولي.
المرحلة الأولى: مرحلة الملك محمد الخامس:
والتي أصدر فيها وثيقة دستورية باسم العهد الملكي في ٨ أيار، 1958 والتي حدد فيها بالتفصيل طبيعة نظام الحكم على أنه ملكية دستورية ذات نظام سياسي تعددي، كما أصدر قانون الحريات العامة في 15 تشرين الثاني 1958 والذي وضع الإطار القانوني لتأسيس الأحزاب السياسية والجمعيات وتميزت هذه المرحلة بما يلي[11]:
أولا: المجلس الوطني الاستشاري: وهو مجلس لا يملك أي صلاحية سلطة تشريعية وتنفيذية، وكان قد ضم 19 عضواً يمثلون مختلف الهيئات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وأسس عام 1956 وتم إنهاء عمله في العام 1959 وقد مارس نوعاً من الرقابة على الحكومة وقام بتقديم توصيات ومشورات لها.
ثانياً: مجلس الدستور: وهذا المجلس أسس في العام 1960، وضم 78 عضواً معين من قبل الملك، وكلف بإعداد دستور البلاد، وحدث داخل المجلس خلافات وانتهى وجوده بوفاة الملك «محمد الخامس» في العام 1961.
ثالثاً: بعد استقالة حكومة «أحمد بلا فريج» [12]*: حدد الملك “محمد الخامس” في العام 1958 خطوات بناء الديمقراطية في المملكة المغربية، والانتقال من الجهاد الأصغر وهي مرحلة الاستقلال إلى الجهاد الأكبر وهي البناء الديمقراطي، وتم التأكيد على سيادة الشعب وفصل السلطات مع تأسيس نظام ديمقراطي.
المرحلة الثانية: مرحلة الملك الحسن الثاني:
حكم الملك الحسن الثاني ما بين العام 1961- ١٩٩٩ وكان قد فرض نظاماً ملكياً قاسياً وصف الملك بكونه رجعي وحديث بذات الوقت فهو شديد التمسك بالتقاليد الموروثة كما أنه معجب إلى حد بعيد بالعقلية الأوروبية، وتعامل بعنف مع معارضيه، وورث الحكم من أبيه وكان قد أبعد أعضاء الحركة الوطنية بقيادة حزب الاستقلال وحزب الاتحاد الوطني للقوات الاشتراكية والذي فاز بأول انتخابات بعد الاستقلال في العام 1958، ولكن الملك الحسن الثاني قام بمنح الأمة دستور جديد في العام 1962 والذي أكد فيها الهيمنة التامة للملك على الحكم والسلطة، وسميت حقبة الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين في عهد الملك «الحسن الثاني» (سنوات الرصاص) لكثرة الاغتيالات والاختطافات لأعضاء الحركة الوطنية المغربية المعارضة للملك[13].
وكان الملك «الحسن الثاني» قد أصدر في ٢/ حزيران/ 1961، القانون الأساس للمملكة المكون من 17 فصلاً وتم إقرار الملكية الدستورية، وتميزت تلك المرحلة بالآتي[14]:
١- مؤسسة الملك: إذ تضمن الفصل التاسع عشر من نص القانون الدستوري المغربي ((أن الملك أمير المؤمنين ورمز وحدة الأمة والضامن لدوام الدولة واستمرارها وحامي حمى الملة والدين والساهر على احترام الدستور وصيانة حقوق وحريات المواطنين والجماعات والهيئات واستقلال البلاد وحوزة المملكة والممثل الاسمي للأمة، فلا استقلالية ولا تقسيم للسلطة لأن الملك هو أساس السلطة ومحورها)).
٢- الحكومة: تتمثل بحكومة صاحب الجلالة، وهي المسؤولة أمامه وليس أمام البرلمان، فهو من يملك حق سحب الثقة من الحكومة وليس البرلمان، بوصفه ممثل الشعب بل مصدر السلطة هو الملك، فهو من يعينها وهو الذي يقيلها حكومة وأفراداً فلا يوجد رئيس للوزراء بل هو الوزير الأول فقط.
٣- البرلمان: وعادة ما يتكون من غرفتي الأولى هي مجلس النواب وتنتخب بالاقتراع العام المباشر، والثانية هي غرفة مجلس المستشارين وتنتخب بطريقة غير مباشرة ورغم أن صلاحيتها متماثلة حسب دستور العام 1962، لكن هذا الدستور كان قد كرس سلطة الملك وتبعية كل المؤسسات للملك لأنه مصدر السلطات.
وفي العام 1996 حصل الدستور على إجماع من خلال استجابة الملك «الحسن الثاني» لمطالب الكتلة الديمقراطية المؤلفة من حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ومنظمة العمل الديمقراطي والتقدم والاشتراكية، وأصبحت الملكية الدستورية أساس لا تراجع عنه من جميع الأطراف والقوى السياسية كما تم إقرار حقوق الإنسان وتوسيع سلطات البرلمان[15].
في ضوء الطرح السابق نرى أن النظام السياسي المغربي يمتاز بخصوصيته والاعتماد على الدين كأساس لإضفاء الشرعية على شخص الملك بالاستناد إلى ثوابت أساسية في الإسلام منها البيعة والإجماع والنسب الشريف، وهذا ما جعل المؤسسة الملكية منذ الاستقلال ولحد تولي الملك «الحسن الثاني» تمتاز بالديمومة والاستمرارية.
المبحث الثاني
المؤسسة الملكية والنظام السياسي
في عهد الملك محمد السادس
في معرض الحديث عن النظام السياسي في المغرب نجد أن المغرب دولة ملكية وراثية تحكمها سلالة حاكمة علوية منذ العام 1666، وأقر دستور المغرب في العام 1962 وتم تعديل الدستور عدة مرات وآخرها عام 2011 بالتفصيل.
المطلب الأول: الملك محمد السادس واعتلاؤه العرش
اعتلى الملك محمد بن الحسن الثاني (محمد السادس) عرش المملكة المغربية في23/ تموز/ 1999، ونال البيعة بصفته أميراً للمؤمنين، وفي 30/ تموز/ 1999 ألقى أول خطاب للعرش وأصبح القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية ولكي يمتص نقمة الجماهير بعد حقبة طويلة من الدكتاتورية أطلق برنامج طموح للإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بما في ذلك إنشاء حكومة جديدة، واهم الخطوات التي اتخذها، هما إنشاء هيئة الإنصاف والمصالحة وإدخال تغييرات على الدستور، إذ أنشأ الملك الجديد هيئة الإنصاف والمصالحة في المغرب للتحقيق وإعادة البحث في انتهاكات حقوق الإنسان في المغرب منذ العام 1956 حتى تاريخ وفاة والده الملك «الحسن الثاني، ولم يترك» الحسن الثاني «لابنه سلطة سياسية مطلقة فحسب بل ترك له أيضاً قوة مالية واقتصادية كبيرة[16].
وبالنسبة للمصالحة الوطنية كانت قد أسست هيئة الإنصاف والمصالحة بقرار ملكي في العام2003، وبدأت عملها الفعلي في العام 2004 بوصفها آلية لتحقيق العدالة الانتقالية، وحدد هدفها بمهمتين:[17]
اولاً: حدد لها مدة زمنية أي تناولت الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان في المغرب بين عامي 1956 و 1999، أي منذ زمن الاستقلال الى وفاة الحسن الثاني وركزت في عملها على الوقائع التي حدثت في حقبة الملك الحسن الثاني (1961-1998) في حين اغفلت الاعوام الاولى للاستقلال بين (1956-1961) حقبة الملك محمد الخامس.
ثانياً: المهمة الثانية تقوم على البحث والتحري في الحوادث التي حدثت في حكم الحسن الثاني ثم تقويم الحوادث الحاصلة بهدف تقديم افكار تسمح بتجاوز تركتها في الحياة السياسية، والهدف من ذلك تحقيق الإنصاف وجبر الضرر ثم بلوغ المصالحة في عهد الملك محمد السادس.
وكان الهدف الأساس من هيئة الإنصاف والمصالحة هي تأسيس لوضعية اجتماعية ينتفي فيها استعمال العنف من طرف الدولة وتمنح فيه الحقوق للمواطنين، فضلاً عن مصالحة المغاربة مع تاريخهم وماضيهم وفي تشبث المغرب بالمبادئ الكونية لحقوق الإنسان وطي صفحة ماضي الانتهاكات في نطاق تسوية سلمية تستبعد أي نوع من المساءلة لمرتكبي الانتهاكات، وجاءت أعمال الهيئة في ظرفية امتازت عموماً بوجود انفراج سياسي مهم لكن من دون أن يصل إلى مستوى المؤسسة لحريات التعبير، وتعد الهيئة أن تجاوز العنف كاستراتيجية للتدبير السياسي مسؤولية الجميع ورهين بالبناء المشترك للوطن وتأهيل المؤسسات لخدمة التعددية والحوار وعلى الدولة والمجتمع معاً تنمية سلوك الحوار وتجاوز استراتيجية العنف السياسي التي كانت في الحقبة السابقة تمنع من إيجاد حلول للقضايا الجوهرية التي تواجهها المغرب[18].
ومن الملاحظ على الملكية الحالية في المغرب كما سبقه من ملكيات ما زالت المشروعية على الأشياء والأمور بواسطة التقديس والعوامل الدينية واحتكاره النصوص الإيمانية وفق وجهة نظر المفكر الفرنسي «جورج بلاندي» تعد السلاح الأنجح وما زال ساري المفعول لضمان استمرار الحكم وترسيخه، ويعد «محمد معتصم من أهم المدافعين عن تقليدية النظام السياسي المغربي وهو سياسي وأستاذ جامعي وكان مستشار الملك «محمد السادس» إذ أكد “أن المؤسسة الملكية بالمغرب عملت بمشروعيتها على السيطرة على الحقل الديني وجعل الإسلام دعامة أيديولوجية أساسية للحكم، وأكد أن الانفصام بين التقنيات الدستورية الغربية والنظام إلى تعمل به وهو انفصام بين عالمية القانون الدستوري والحكم بواسطة الإمامة أدى إلى عدم فاعلية التشريع الدستوري المغربي وضعف محتواه القانوني في مواجهة الممارسة التقليدية، وهذا ما نتج عن سمو التمثيلية الاسمى على التقنيات الحديثة للتمثيلية السياسية وضعف مكانتها في النظام السياسي المغربي[19].
وعند العودة للمادة 19 من الدستور المغربي نجد أنها تنص على «الملك أمير المؤمنين والممثل الاسمي للأمة ورمز وحدتها وضامن دوام الدولة واستمرارها، وهو حامي الدين والقائم على احترام الدستور، وله صيانة حقوق وحريات المواطنين والجماعات والهيئات وهو الضامن لاستقلال البلاد وسيادة المملكة في دائرة حدودها الحقة»، إذا فالمادة 19 لم توضع في الدستور من أجل أداء دور شكلي ورمزي مثل مثيلاته من الدساتير، كما هو في المادة 56 من الدستور الاسباني وإنما جاءت هذه المادة لترسيخ المكانة المتميزة للملوك المغاربة، وطبقاً للمكانة المقدسة والشرعية التي اكتسبها الملك محمد السادس من والده الحسن الثاني» وجده، كان هناك ارتياح نخبوي للحفاظ على المنظومة السلطوية وخاصة بعد تفاقم الخطر الإرهابي دولياً ما بعد العام 2001، فضلاً عن الاعتداءات الإرهابية على مطعم بالدار البيضاء في العام 2003، كما تقلصت الصراعات بين الأحزاب الإسلامية وأحزاب اليسار التي اختارت التحالف والعمل بشكل براغماتي لتفعيل المشاركة السياسية في البرلمان، كما جرى الدفع بالإصلاحات السياسية ودعا الملك في العام 2004 إلى فتح تحقيق في الانتهاكات في عهد والده في حال ثبتت الانتهاكات التي تتعلق بالاختفاء القسري للمتظاهرين بحق المواطنين كي يتم تعويضهم من أجل طي صفحة الماضي[20].
كما استمر الحكم الملكي في الإدارة المغربية بشكل تكنوقراطي، إذ جددت آليات التدخل في الوزارات السيادية دون اللجوء للأساليب القمعية والتي كانت في عهد والده، كما أن النخبة الحاكمة متشبعة بالأساس بثقافة المنظومة الملكية ومنغمسة بفعالية في المشهد السياسي لأنها جزء من المخزن[21]، كما عززت الإصلاحات السياسية سيطرة المؤسسة الملكية على المشهد السياسي في المغرب، لأنها أساسا كانت في معظمها تنبثق عنها وتخدم استمرارية حكمها، وما عزز من شرعية الملك «محمد السادس» استمرار حضوره القوي والفاعل في ترسيخ النظام السياسي من خلال تحديد أهداف وآليات تحقيق الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية[22].
المطلب الثاني: صلاحيات الملك في النظام السياسي المغربي
وعند الحديث عن طبيعة النظام السياسي نجد أن الدستور المغربي لعام 1996 خصص السلطة التنفيذية بالملك وعد شخصه ذا مكانة دينية لا يمس أو تنتهك حرمته، ويعين الملك رئيس الوزراء ويترأس الملك اجتماعات الحكومة ويستطيع حلها، ورئيس الوزراء وحكومته مسؤولون أمام الملك وأمام البرلمان، وينيط الدستور السيادة بالشعب المغربي الذي يمارسها مباشرة بالاستفتاء العام وبشكل غير مباشر بواسطة ممثلية المنتخبين، وتضمن الدستور المغربي أن النظام السياسي يقوم على التعددية السياسية، ويؤسس الدستور أيضا قضاء مستقلاً ترأسه المحكمة العليا المعينة من قبل الملك، كما يحتوي الدستور على نظام للضوابط والتوازنات خاص بالعلاقة بين الملك والبرلمان، ويستطيع الملك حل البرلمان، كما يستطيع أن يطلب من مجلسي البرلمان إجراء مراجعة ثانية لأي مشروع قانون ولأي قانون مقترح ولا يمكن رفض طلبه، كما للملك والبرلمان حق المبادرة بتعديل الدستور، ويجوز للملك طرح التعديل الدستوري المقترح مباشرة على استفتاء عام[23].
وكان الدستور المغربي لعام 1996 قد أقر برلماناً بمجلسين محل البرلمان المؤلف من مجلس واحد، فأسس مجلس نواب من 325 عضواً ينتخب بالاقتراع العام المباشر لمدة خمس سنوات 295 عضواً ينتخبون على صعيد الدوائر الانتخابية المحدثة، و 30 عضواً ينتخبون على الصعيد الوطني، وقد تم التوافق بين الأحزاب السياسية المشاركة على تخصيص اللائحة الوطنية للنساء، ومجلس مستشارين من 270 عضواً مدة ولايته تسع سنوات، كما يجوز للمك بعد التشاور مع رؤساء مجلسي البرلمان ومع رئيس المجلس الدستوري وبعد توجيه خطاب الأمة أن يعلن حالة الطوارئ بمرسوم ملكي ولا تستتبع حالة الطوارئ حل البرلمان، ولكن للملك الحق في حل البرلمان أو أحد مجلسيه بعد التشاور مع رئيسي المجلسين[24].
ويمكن إجمال إنجازات الملك محمد السادس قبل احتجاجات شباط 2011 بشيء من الاختصار[25]:
١- الاهتمام بفرص التعليم بكل مراحله، ففي العام 1999 كان ثلث عدد الأطفال ممن بلغوا سن التعليم غير ملتحقين بعد بالمدارس، وبعد إجراءات متواصلة من الإصلاحات خلال العقد الأول من حقبة حكمه، أصبح معدل الالتحاق بالمدارس على المستوى الابتدائي ما يقارب 97 % من تحقيق الفتيات الصغار أكبر نسبة من الفرص والمكاسب.
٢- الاهتمام بشؤون المرأة ورعايتها إذ أصدر النظام الملكي مدونه الأسرة، إذ تم منح النساء حقوق الطلاق وحضانة الأطفال والوصاية الذاتية، مع رفع الحد الأدنى لسن الزواج إلى 18 عاماً.
3- تراجع مستوى الفقر عن حقبة والده «الحسن الثاني»، بعد العام 1999، عندما كان حوالي 16 % من السكان و 30 % من سكان الارياف يعيشون تحت مستوى خط الفقر وصلت فيما بعد وانخفضت الى 4 % و 19 %.
٤- ارتفعت مديات الحصول على الكهرباء بنسبة 100 % مقارنة ب 18 % في العام 1999 وما سبقها، وبدأت المغرب في عهد الملك «محمد السادس» في مشروع كبير لتطوير برامج الطاقة المتجددة وذلك لتقليل الاعتماد على واردات النفط والغاز من جهة، فضلاً عن تخفيف الآثار السلبية الكبيرة للتغيرات المناخية، وتم تطوير أيضا “محطة نور للطاقة الشمسية” وتعد أكبر مجمع من نوعه في العالم إذ جعلت المغرب مصدراً أساسياً للطاقة إلى أفريقيا وأوروبا.
٥- مواجهة الملك محمد السادس للإرهاب الذي طال المغرب وخاصة بعد الهجمات التي طالت السياح في مواقع سياحية يهودية إذ أكد الملك إلى وجوب القيام بعمليات إصلاح شاملة وإخضاع المساجد والمدارس الدينية إلى رقابة الدولة المشددة والدقيقة، وتأسيس أكاديمية لتدريب الأئمة والطلاب من غرب وشمال أفريقيا.
ساهمت المؤسسة الملكية بمواقفها المتزنة والمحايدة في تعزيز دور المغرب الإقليمي والدولي وعدم تدخلها في الشؤون الداخلية للدول مع احترامها لسيادة الدول وهذا ما يجعل المؤسسة الملكية محط ثقة ووسيط مقبول ومحايد في الصراعات، وما يديم عمل المؤسسة الملكية برئاسة الملك[26].
وما يميز حقبة الملك «محمد السادس» واستمرارية شرعية المملكة المغربية، أن الملكية في المغرب مؤسسة عريقة مثلت دائماً الأمة حتى قبل مجيء البرلمان والاقتراع العام، وكما قلنا سابقاً إن المؤسسة الملكية تستمد استمراريتها ووجودها من الدين والبيعة والنسب والشريف، مترافقة مع كثافة الحضور الرمزي للملك والذي تدعمه وسائل الإعلام وعلى الرغم من الاختلاف في الأسلوب الخطابي بين الملك الراحل «الحسن الثاني» والملك الحالي «محمد السادس» إذ كان الأول في خطاباته يستند على حضورهُ التعبيري وقدراته الخطابية الكبيرة، إذ كانت خطبه تذاع في وسائل الإعلام وبشكل متكرر ولها تأثير كبير على الشعب المغربي، أما الملك محمد السادس فاعتمد على التوظيف المكثف للرموز أسلوبا للحكم عبر خطاب صامت فهو قليل التواصل على النطاق العام إذا ما قورن بحقبة والده[27].
ورغم ما قيل عن إنجازاه وقبل اندلاع احتجاجات العام 2011 هناك معارضين كثر له لهيمنة على السلطة، قام الملك محمد السادس بتهميش البرلمان والأحزاب وأضعف آليات الحكم الرشيد، وفي الانتخابات البلدية التي حدثت وفي حزيران من العام 2009، كان قد حصل حزب «الأصالة والمعاصرة» والذي أسسه صديق الملك منذ الطفولة “فؤاد علي الهمة” على ما يقارب 8 % في حين أن نسبة المشاركة الشعبية بلغت ما يقارب 51 % ويعد “فؤاد” من حاشية الملك وساعد الملك «محمد السادس» وتنسم مراكز قيادية وهذا ما أخذ على الملك «محمد السادس» بأن هذه الأساليب في تقريب الأصدقاء لا تضمن الإصلاح الديمقراطي بل ربما تقوضه مستقبلاً[28].
في ضوء الطرح السابق نجد ومنذ تولي الملك محمد السادس في الثالث والعشرين من العام 1999، أنه قد حصل على البيعة وأصبح أمير المؤمنين خلفاً لوالده مستنداً كما هو حال والده إلى النسب الشريف والبيعة والإجماع وأحيط بقدسية نظراً للمكانة المتميزة التي حضي لها أجداده من قبل حتى وإن كانت كفاءته السياسية وإدارة الحكم والسلطة أقل من فاعلية والده، ولكن ما سجل لصالحه أنه أطلق عملية الإصلاح.
المبحث الثالث
المؤسسة الملكية في المغرب
بعد إصدار دستور العام 2011
شهدت المغرب مثل نظيراتها من الدول العربية التي اندلعت فيها احتجاجات حراك شعبي متسارع قادته الفئة الشابة من الشارع المغربي وفيما التطرق لهذا الموضوع تباعاً:
المطلب الأول: احتجاجات المغرب فبراير 2011
المملكة المغربية شأنها شأن الدول العربية الأخرى يعاني شعبها من مديات عالية من الفقر مع انخفاض الصادرات وتباطؤ النمو الاقتصادي، وقد أدى ظهور الحراك الاحتجاجي في تونس تبعتها مصر في العام 2011، مع سهولة إسقاط نظمها المستبدة التي طالما عرفت بالاستقرار السياسي والنسب المتقدمة من النمو الاقتصادي المتحققة وصداقتها مع الدول الغربية المتقدمة، إلى تحفيز وتعبئة المهمشين من أبناء الشعب المغربي للتنديد بالفساد والبطالة وتدهور الأوضاع الاجتماعية بالمغرب، ومن أبرز مظاهر الحراك الاحتجاجي بالمغرب هو ظهور حركة (20فبراير) التي فرضت ضرورة إنعاش وإحياء علاقة الشعب المغربي بالملك، بعد ان إن مظاهر الفساد وتغلغل الحاشية المقربة من المؤسسة الملكية[29].
نشأت حركة 20 فبراير 2011، في مناخ الاحتجاجات الشعبية التي عمت تونس ثم انتقلت إلى مصر، في سياق أحداث الربيع العربي والتي أطاحت بأنظمة سياسية توصف بالاستبداد والتبعية والفساد، فقد دعا شباب مغاربة عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى التظاهر في 20 فبراير مطالبين بالإصلاحات السياسية مع رفعهم شعار حرية وديمقراطية الآن “و” من أجل الكرامة “، وانضمت للمظاهرات» جماعة العدل والإحسان الإسلامية “وهي فريق إسلامي متشدد ومعارض، وأهم مطالب الحراك دستور ديمقراطي يجسد الإرادة الشعبية الحقيقية للشعب بوصف الشعب مصدر السلطات مع إرساء ملكية برلمانية وحل الحكومة والبرلمان وتشكيل حكومة انتقالية مؤقتة تخضع لإرادة الشعب وإرساء قضاء مستقل ونزيه، مع المطالبة بإطلاق كل المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي وحاكمة المسؤولين ومحاربة الفساد وضمان حياة كريمة والحد من الغلاء المعيشي ورفع الأجور وتعميم الخدمات الاجتماعية[30].
وقبيل ظهور الاحتجاجات بادرت بعض القوى السياسية تردد ضرورة تغيير طريقة الحكم وتغيير العلاقات داخل النسق السياسي من فاعل رئيس وفاعلين غير مؤثرين أو على الهامش إلى معادلة تضمن مشاركة كل الأطراف في الحكم، إلا أن هذه الآراء والمقولات لم تلق تفاعلاً إيجابياً من قبل المؤسسة الملكية المغربية وقد بقيت الأوضاع في المغرب على وتيرة واحدة إلى أن انطلقت موجات التحول الديمقراطي بالعالم العربي في أواخر العام 2010، إذ تأثرت المغرب بالأحداث على الساحة العربية وخرجت فئات وشرائح مختلفة تطالب بإرساء ملكية برلمانية[31].
لقد رفعت حركة عشرين فبراير شعارات تنادي بمحاربة الفساد ومواجهة الاستبداد عبر وضع دستور جديد وديمقراطي، لذا تخوفت المؤسسة الملكية على استمرارية وجودها وشرعيتها وأخذت تنحى منحنى تفاعلي عبر الدعوة للإصلاح الدستوري وتجسد ذلك في خطاب الملك بوصفه رئيساً للدولة يوم 8/ آذار/ 2011، إذ تم على أثره تشكيل لجنة استشارية ملكية بتاريخ 10 آذار 2011 كلفت بمراجعة دستور عام 1996[32].
فيما يلي التطرق للإصلاحات الدستورية التي شهدتها المغرب إذ قام الملك «محمد السادس بتشكيل لجنة لتقديم توصيات بإصلاحات دستورية كما ألقى على شاشات التلفاز كلمة تحدث فيها عن البرنامج الإصلاحي الذي تضمن دستوراً جديداً نص على توسيع نطاق صلاحيات البرلمان مع ضمان استقلالية القضاء على السلطتين التنفيذية والتشريعية وتقييد عدد من صلاحياته، وكل ذلك بهدف تحويل النظام الملكي الدستوري الذي يعطي صلاحيات كبيرة للملك إلى نظام ملكي دستوري شبيه بذلك المعمول به في بعض الديمقراطيات الغربية[33].
أولا: الاستفتاء على دستور العام 2011:
تم الاستفتاء على الدستور الجديد في تموز/ 2011، وقد اختلفت وجهات النظر حوله ما بين مؤيد المنهجية والمضامين التي جاء بها بصفتها خطوة نحو الديمقراطية وما بين معارض لهذه المضامين إذ يرى أن الإصلاح الدستوري لم يستجب لمطلب إقامة الملكية البرلمانية، وأهم ما جاء بالوثيقة الدستورية من نقاط الإقرار بالفصل الأول من الدستور بأن ((نظام الحكم بالمغرب نظام ملكية دستورية، ديموقراطية برلمانية اجتماعية)) وان النظام الدستوري للمملكة يقوم على أساس فصل السلطات وتوازنها وتعاونها والديمقراطية والمواطنة والتشاركية[34].
إن مفهوم السلطة التنفيذية الذي جاء في صلب الخطاب الملكي بتأريخ 8 آذار 2011 يشكل جوهر الإصلاح، ويتعلق الأمر بالمبدأ الرابع الذي أعلن عنه الملك «محمد السادس» والذي يكرس تعزيز مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها مع تعميق ديمقراطية وعصرنة المؤسسات وعقلناها عبر خمس نقاط أساسية أربعة منها ترتبط بالمؤسسة الحكومية تؤكد وجوب انبثاق الحكومة عن الإرادة الشعبية المعبر عنها من خلال صناديق الاقتراع وأن تحظى بثقة الأغلبية في مجلس النواب، كما تم التأكيد على مبدأ تعيين رئيس الحكومة من الحزب المتصدر لانتخابات مجلس النواب وذلك على أساس نتائج الاقتراع إلى جانب تعزيز موقعه كرئيس سلطة تنفيذية فعلية ومسؤولة كما تم التأكيد على دسترة مجلس الحكومة وتحديد وتوضيح اختصاصاته[35].
فيما يتعلق بمضامين دستور العام 2011، يلاحظ لم يأتِ بتغيير جوهري في مكانه الملك في نص الدستور قياساً مع الدساتير السابقة، وهذا مضمون بحثنا في استمرارية شرعية الملك والمؤسسة الملكية إذا استمرت المؤسسة الملكية متمتعة بمجمل الصلاحيات والسلطة اللازمة لقيادة المملكة وضمان استمرارها واستقرارها، وعليه حصلت الوثيقة المصوت عليها شعبياً بالموافقة وأكدت على النقاط الآتية[36]:
١- تحظى الملكية بمكانة متميزة ومحورية في النسيج السياسي والاجتماعي والتاريخي للمغرب، وهذا ما يفسر ديمومتها واستمرارها مؤسسة فاعلة ومميزة عن مثيلاتها من الملكيات أو الأشكال المناظرة أو الشبيهة لها في الدول العربية.
٢- أن الملكية المغربية لا تستمد قوة ديمومتها واستمراريتها من قدرتها على إنتاج المشروعية وتجديد أشكال التواصل من نخب المجمع وشرائحه، بل تستمد ذلك من تعدد أنماط المشروعية وتنوعها وانصهارها وتداخلها، فالنظام السياسي المغربي على امتداد عقود من الاستقلال يجد صعوبة في فهم مفارقة وجود ملكية وفيه للماضي محافظة على التقليد وبها ميل للانفتاح المحدود إلى جانب وجود نخبة وطنية تقاوم من أجل بناء دولة حديثة وقوية على صعيد المؤسسات وآليات العمل الديمقراطي.
3- لقد تمت الإشارة إلى الملكية ودورها في بناء التنظيم الدستوري الجديد، ولكن هي لم تستمر ملكية تنفيذية كما كان الأمر قبل صدور الدستور الجديد 2011، ولا هي تحولت بشكل واضح الى ملكية برلمانية كما طالبت فئات من النخبة السياسية.
4- تضمنت المكانة الوسطى للملكية في الترتيب الجديد في الإمكانيات التي تضمنتها الوثيقة الدستورية، إذ حافظت للملك على الاختصاصات التي دُرجت الدساتير السابقة على إسنادها إياه، في الوقت ذاته أقرت قواعد جديدة من شأنها تقوية السلطة التشريعية وتعزيز دور الحكومة ورئيسها.
٥- لم يختلف الدستور لعام 2011 عن الدساتير السابقة من حيث تضمينه للمكانة الدينية للملك، وعلى الرغم من الاعتراضات على الأحكام الدستورية وخاصة المتعلقة بالمشروعية الدينية وفي مقدمتها الفصل التاسع عشر، فقد تم تثبيت المقتضيات نفسها مع بعض التحويرات فالرقم 19 الذي بقي في الدساتير السابقة، وقد تغير وأصبح يحمل رقم 41 و 42 وهذا التغيير في الترقيم يساعد المغاربة على إعادة تشكيل وعيهم اتجاه هذا الفصل.
المطلب الثاني: موقع الملك في الدستور المغربي
من الملاحظ محورية المؤسسة الملكية داخل البناء الدستوري وهذا ما عكسه حجم الصلاحيات والسلطة الممنوحة لها سواء من الناحية المدنية والتنفيذية بوصفه الملك رئيس الدولة وممثلها الاسمى في الفصل الثاني والأربعون أو من الناحية الدينية متمثلة في اختصاصات الملك بوصفه أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والضامن لحرية ممارسة الأمور الدينية وهذا ما تمثله في الفصل الحادي والأربعون من دستور العام 2011، ومن الناحية القانونية لدى الملك مجموعة كبيرة من الاختصاصات في الظروف العادية والطارئة والاستثنائية كما في الباب الثالث والذي يسمح بهيمنة مؤسسة الملك على باقي المؤسسات والجمع بين السلطات ويتضح من خلال[37]:
1- الملك هو رئيس المجلس الوزاري الفصل 48 ورئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية الفصل 56.
٢- الملك رئيس المجلس الأعلى للأمن الفصل 54.
٣- الملك رئيس المجلس العلمي الأعلى الفصل ٤١
٤- يعين الملك نصف أعضاء المحكمة الدستورية ورئيسها الفصل 130، وتعين خمسة شخصيات بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية مع تولي رئاسة الفصلين 56 و115.
5- ممارسة الملك لاختصاص السلطة التنفيذية فعلياً، وامتدت سلطته إلى المؤسسة التشريعية عبر قدرته على توجيه أعمال المجلس التشريعية ووظائفه الرقابية.
إن مطلب الإصلاح العام 2011 يتجسد في إصلاح بنية الحكم وموقع المؤسسة الملكية المغربية في النسق السياسي مع التركيز على مرحلة الملك الراحل «الحسن الثاني» بين الأعوام 1961-1999 لمدة قاربت الأربعة عقود مع الأحزاب السياسية المعارضة، قبل أن تشهد اضمحلال في عهد الملك «محمد السادس» في مقابل صعود الاحتجاجات المتعلقة بغلاء الأسعار ومشاكل التعليم والصحة وعاد خطاب الإصلاح بقوة مع حركة 20 فبراير 2011، ومما لا يمكن تجاوزه أن فهم مكانة المؤسسة الملكية ومحورية دور الملك في بنية النظام السياسي لا يمكن عزلها عن سياقات غير مرتبطة بالدستور وهي التي تشكلت تأريخياً بناء على أسس سياسية واقتصادية واجتماعية ودينية مما رسخ نظام حكم يقوم على تعايش مجالين سياسيين.
الأول: مغلق لا يسمح بالمنافسة مع الملك على صناعة القرار الاستراتيجي واتخاذ القرارات المهمة داخلياً وخارجياً.
الثاني: مفتوح للمشاركة والتنافس بين الأحزاب للوصول إلى مراكز القرار وإدارة السياسات العامة الخاصة بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية، مع منح هامش لحرية التعبير والرأي للمعارضة واستقلال الهيئات ومنظمات المجتمع المدني.
وفيما يتعلق بعلاقة الملك طبقاً للنص الدستوري والحكومة الحزبية في دستور العام 2011 يلاحظ عدة أمور[38]:
1- لقد كان دستور العام 1992 قد قيد السلطة التقديرية للملك في تعيين الوزراء، إذ أصبح الملك يعين الوزراء باقتراح من الوزير الأول، وأصبح الأخير يشارك مع الملك في التعيين من خلال الاقتراح، ولكن تجربة العام 1992 أثبتت لجوء الملك إلى تجاوز النص الدستوري وتمسكه بسلطته التقديرية التي مارسها بموجب الدساتير السابقة، وعلى الرغم من إلزام الحكومة في دستور 1992 بحصولها على ثقة الأغلبية البرلمانية من خلال التصويت على البرنامج الحكومي إلا أن الحكومات المشكلة بين 1992 و 1998 لم تأخذ بعين الاعتبار نتائج الانتخابات كما سجلت خروجاً عن النهج الديمقراطي.
2- الدستور المعدل لعام 2011 عزز من مكانة رئيس الحكومة ومركزه بين الوزراء، إذ أصبح لاقتراحه الوزراء معنى مهم بوصفه يتحمل مسؤولية حصول حكومته على ثقة مجلس النواب.
3- أن رئيس الحكومة أصبح هو المسؤول عن فريقه الحكومي إذ الزم الملك بموجب الدستور العام 2011 باستشارة رئيس الحكومة لإعفاء وزير وأكثر ولم يعد يملك سلطة مطلقة في إقالتهم كما كان في الدساتير السابقة.
4- أصبح لرئيس الحكومة امتياز يتمتع بسلطة التقرير في استمرار حكومته بحيث صار بإمكانه تقديم استقالته إلى الملك التي يترتب عنها استقالة الحكومة بكاملها، إضافة إلى تمتعه بحق طلب إعفاء عضو أو أكثر من الملك فالوزراء أصبحوا مسؤولين أمام رئيس الحكومة الذي يملك سلطة طلب إقالتهم ما يعزز هذه السلطة أن الملك لم يعد له حق إقالة الحكومة، وما يميز المؤسسة الملكية وصلاحيات الملك بأنها صلاحيات صلاحيات دينية وصلاحيات دستورية[39]:
أ- الصلاحيات الدينية للملك: عادة ما يمارس الملك في المغرب صلاحيات غير دستورية بوصف أميرا للمؤمنين فإن لم تخوله صلاحياته الدستورية التدخل في مسألة ما، وهذا ما يميز المؤسسة الملكية فضلاً عن ذلك أن صلاحيات الملك غير الدستورية تمنح المؤسسة الملكية قدرات تعبيرية وتأويلية واسعة توصف بسلطة التأويل الاستراتيجي، كما تمنحها إمكانية تبرير الأفعال السياسية مع إضفاء الشرعية عليها من دون التعارض مع النص الدستوري أو القانوني.
ب- الصلاحيات الدستورية للملك: يستمد الملك بوصفه رئيساً للدولة مشروعيته من الدستور، لكن الدستور لا يحد من سلطة الملك لأنه السابق عليه، بمعنى أن صلاحيات الملك من الناحية الدستورية تشمل كل شيء فهي تمتد إلى المجالات التشريعية والتنفيذية والقضائية وتتضمن[40].
1- صلاحيات الملك في الظروف الاعتيادية: وتشمل صلاحياته في مجال السلطات الثلاث ففي الجانب التنفيذي تتمثل في تعيين رئيس الحكومة والوزراء وهذا يدل بأن الملك يبقى الرئيس الفعلي للجهاز التنفيذي، كما أنه يرأس المجلس الوزاري، كما يخول المشرع الدستوري الملك حق التدخل المباشر في الحياة البرلمانية من خلال مخاطبته البرلمان دون أن يكون مضمون الخطاب محل نقاش وذكرت في الفصل 28 من دستور 1992-1996 والفصل 52 من دستور العام 2011، مع إمكانية حل البرلمان الفصل 70 من دستور 1992، والفصل 71 من دستور العام 1996 والفصل 51 من دستور العام 2011، كما يمارس الملك سلطات تشريعية وذلك يترأسه المجلس الوزاري الذي يعد القناة القانونية لفحص مشاريع القوانين الصادرة عن رئيس الحكومة، وله الحق أيضا في اتخاذ مبادرة لمراجعة الدستور واللجوء إلى الاستفتاء الشعبي بخصوص مشروع مراجعة الدستور.
2- صلاحيات الملك في الظروف غير الاعتيادية: يقوم الملك بالإعلان عن حالة الاستثناء دون حل البرلمان كما في الفصل 35 من دستور العام 1992 ودستور العمل 1996 والفصل 59 من دستور العام 2011، كما يحق للملك إعلان حالة الحرب بعد إعلام مجلس النواب ومجلس المستشارين بذلك وكذلك يحق له الإعلان عن حالة الحصار لمدة 30 يوماً بموجب الفصل 48 و 49 من دساتير العام 1992 و 1996، كما يوجد ثلاث مسائل رئيسية تؤكد هيمنة الملك في المغرب:
أ- أولها أن الملك غير مستجوب مطلقاً عن أفعاله أو أقواله رغم صلاحياته الدستورية وغير الدستورية الواسعة ولو كان الملك يملك ولا يحكم مثل بعض الدول الأوروبية كبريطانيا على سبيل المثال لكان النص جيداً ولكن الملك في المغرب يملك ويحكم من غير مساءلة وهذا ما يمنحه هيمنة مطلقة على المؤسسات الأخرى.
ب- إعطاء الملك حق مخاطبة الأمة دون أن يكون مضمون خطاب الملك محلاً للنقاش.
ج- جعل النظام الملكي غير قابل للمناقشة والحوار وتمثل في المواد 37 و 39 و 64 في دستور العام 1992-1996- ٢٠١١ إذ نصت أن النواب يتمتعون بالحصانة البرلمانية في إبداء آرائهم ما عدا إذا كان الرأي يجادل في النظام الملكي أو الدين.
ويستخلص من الدستور المغربي لعام 2011 علاقات جديدة بين السلطات يمكن إجمالها من خلال المنطلقات الآتية[41]:
أولا: المؤسسة الملكية طرف فاعل في التوازن: فمن حيث شكل نسق الوثيقة الدستورية الملكية تنازلت للفصل الثاني من الدستور لصالح الحقوق والحريات الأساسية لتشغل بذلك الباب الثالث، وما يهمنا أن الملك لم يعد مقدساً وإنما أصبح شخصه واجب الاحترام ولا تنتهك حرمته.
ثانياً: توازن جديد بين البرلمان والحكومة: لقد توسعت صلاحيات البرلمان في مجال التشريع والمراقبة كما برزت صلاحياته في المجال الدبلوماسي، والحكومة تنبثق من الأغلبية البرلمانية.
ثالثاً: القضاء سلطة مستقلة: لقد اصبح القضاء يرقى الى سلطة ويعزز الباب للسلطة القضائية بتناوله ايضاً المجلس الاعلى للسلطة القضائية ولحقوق المتقاضين وقواعد سير العدالة.
وما يمكن الإشارة إليه أن الملكية في النظام السياسي المغربي تنفرد بسلطة التحكيم والتي هي وظيفة دينية موجودة في الفقه والتي يعمل تحت شعار ((رأي ولي الأمر يرفع الخلاف)) وزمنية حتى ولم تنص عليها في دساتير قبل العام 2011، وما يميز النظام الملكي مبدأين[42].
أ- مبدأ وحدة السلطة المستمد من التقاليد السلطانية والفكر السياسي الإسلامي.
ب- مبدأ الفصل بين السلطات الذي تعود جذوره إلى الفكر الليبرالي الغربي.
فالمبدأ الأول يبين وحدة السلطة السياسية ويحدد القنوات التي ستنتشر من خلالها، أما المبدأ الثاني وهو الأكثر تقييداً والموجود بشكل خاص على مستوى النظام الفرعي الدستوري وهو يسمح عادة بفصل الهيئات والتعاون بين الوظائف السياسية وما يفيد بأن الأول يوافق واحدية الملكية في مقابل مطابقة الثاني مع باقي المؤسسات وسمو الملك هو الذي يؤهله أخيراً يكون حكماً بينها وكلها أي المؤسسات.
ومن دون شك أن دستور المغرب لعام 2011 وسع من سلطة البرلمان وسمح له بإجازة القوانين الخاصة بمعظم القضايا، واتخذ خطوات لحماية استقلال القضاء مع زيادة دور وعدد اللجان المستقلة، ولكن رغم كل الإصلاحات والإجراءات التي وضعت له لم تحد من سلطة الملك[43].
وأخيراً أن دستور المغرب لعام 2011 يستمر في وضع الملك بمكانة خاصة، فهو الملك وأمير المؤمنين والخليفة وحامي حمى الدين والشعب وهو الضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية وهو يرأس المجلس العلمي الأعلى والملك هو رمز وحدة الأمة المغربية ويسهر على احترام الدستور وسير المؤسسات الدستورية، والملك هو الضامن لاستقلال المملكة ويعين الملك كما رأينا رئيس الحكومة من الحزب السياسي الفائز بالانتخابات والذي تصدر أعضائه مجلس النواب، كما يرأس الملك المجلس الوزاري وأشار الدستور إلى حق الملك لحل مجلسي البرلمان.... إلخ من صلاحيات أن الملك في المغرب وعبر المؤسسة الملكية يمارس الكثير من الصلاحيات ويخطئ بمكانة كبيرة ومن هذا استمدت المؤسسة الملكية شرعيتها واستمراريتها في ضوء الشريعة الإسلامية.
الخاتمة
في ضوء ما تقدم نجد أن المؤسسة الملكية في المغرب ما زالت مستمرة بقوة وهي تمثل السلطة التنفيذية التي تحكم وتسود وتسيطر على الساحة السياسية برمتها ويمكن إجمال ذلك بالاستنتاجات الآتية:
1. مما يمكن الإشارة إليه أن دستور العام 2011 والذي جاء عقب الاحتجاجات لم يمس بنية السلطة الملكية، أو يحد منها منذ أول دستور لعام 1962 والتي كرست من هيمنة الملك على النظام السياسي.
2. أن صلاحيات رئيس الحكومة تبقى تغييرات شكلية وصوريه فأي قرار سياسي يحتاج إلى مصادقة الملك وموافقته.
3. إن الوثيقة الدستورية لعام 2011 تتضمن تناقضات واضحة، فهي تقر أن نظام الحكم بالمغرب ملكي دستوري ديمقراطي في ذات الوقت تخول الملك بوصفه رئيساً للدولة صلاحيات كبيرة أبرزها ترأسه للمجلس الوزاري المسؤول عن أهم القضايا
الاستراتيجية في الدولة، كما يعني أن دستور 2011 قد كشف أن المسار الدستوري لم يحدث أي تغيير فيما يخص صنع القرار وتوزيع السلطة نظراً لهيمنة الملك على باقي الوزارات والمؤسسات السيادية منطلقين من صفة القداسة التي يحملها وهي الأساس في استمرارية الملك وأهم عامل في بقاء المؤسسة الملكية.
4- أهمية الدين ضمن التراث الدستوري للمغرب، إذ حافظ الدين الإسلامي على المكانة السامية في الدستور المغربي، وما يعود ذلك على السلطة الروحية للملك وهي امتيازاً ملكياً بموجب إمارة أمير المؤمنين وانتسابه إلى البيت النبوي، وعليه ليس الدستور هو المصدر الوحيد لشرعية الملك بل يستمد شرعيته من عقد البيعة الشرعية للسلطان أو الملك، فالمؤسسة الملكية ليست منتخبة بل هي مؤسسة مبايعة.
[1] عبد العلي حامي الدين، المؤسسة الملكية ومكانه الدين في الدولة، رؤية تركية، العدد 13، ربيع 2015، ص ٧- ٨، وينظر: إبراهيم القادري بوتشيش، قراءة في أصول البيعة بالمغرب: مرتكزاتها وظائفها ودلالاتها، مجلة عصور الجديدة، كلية العلوم الإنسانية والعلوم الإسلامية، جامعة وهران، الجزائر، المجلد 7، العدد 26، افريل 2014، ص 8.
[2] عبد العليم حامي الدين، مصدر سبق ذكره، ص ٨- ٩.
[3] سهام الدريسي، الاستثناء المغربي: بحث في خصوصية التحول الديمقراطي في المغرب، أوراق سياسية، مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات، إسطنبول، 2018، ص ١١.
[4] محمد الفلاح العلوي، البيعة في نظام الحكم بالمغرب، الجذور والامتدادات، مجلة دعوة الحق المغرب، أبريل، 2000، ص ١٠.
[5] المصدر نفسه، ص ١١.
[6] ياسين شادي، البيعة الحفيظية، المركز الديمقراطي العربي، برلين، ألمانيا، 19 كانون الثاني، 2022، ص4
[7] محمد الفلاح العلوي، مصدر سبق ذكره، ص ١٠- ١١.
[8] عبد العلي حامي الدين، مصدر سبق ذكره، ص ٩.
[9] المصدر نفسه، ص ١٠.
[10] هند عروب، متكئات الحكم الملكي في المغرب
[11] عبد العالي الصغيري، النظام السياسي المغربي وديناميته الدستورية، كلية العلوم القانونية، والاجتماعية والاقتصادية، جامعة عبد المالك السعدي، طنجة، المغرب، 2019، ص ٨- ٩.
[12] * أحمد بلافريج: هو سياسي مغربي ولد بالرباط 1908 وتوفي في العام 1990، التحق بجامعة السوربون بباريس من اتباع الزعيم علال الفاسي وكان أحد مؤسسي كتلة العمل الوطني يعد من زعماء الحركة الوطنية المغربية، وترأس ثاني حكومة في المغرب بعد استقلاله في العام 1956 حقبة الملك محمد الخامس كما تولى وزارة الخارجية في نفس الحكومة والممثل الشخصي للحسن الثاني ووزيراً لخارجية في الحكومة الثامنة التي تراس مجلسها الملك، للمزيد ينظر: صحيفة العلم، العدد 25256، المغرب، بتأريخ 21/4/2022.
[13] مصطفى خواص، التحولات السياسية في المغرب الأقصى: من الدولة السعدية إلى اليوم، مجلة التراث، جامعة الجلفة، الجزائر، العدد 10، كانون الأول، 2013، ص 44، وينظر: فاطمة أو فقير، حدائق الملك: الجنرال أو فقير والحسن الثاني ونحن: شهادة ومذكرات، ترجمة ميشيل خوري، ورد للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق، سورية، 2000، ص 72.
[14] عبد العالي الصغيري، مصدر سبق ذكره، ص 10-13.
[15] المصدر نفسه، ص 11.
[16] السيرة الذاتية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس https://www.maroc.ma/ar/content وينظر بالتفصيل: كاثرين غراسيي واريك لوران، الملك المفترس، دار النشر لوسوي، فرنسا، 2012، ص 32
[17] كمال عبد اللطيف، العدالة الانتقالية والتحولات السياسية في المغرب، المركز العربي للابحاث ودراسة السياسات، الدوحة، 2014، ص 36-37.
[18] الحسين العويمر، هيئة الإنصاف والمصالحة في المغرب، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، العدد 464، تشرين الأول/ 2017، ص 92-93.
[19] هند عروب، مصدر سبق ذكره، ص 7، وينظر: محمد المساوي، الديمقراطية التمثيلية والنظام السياسي المغربي بين الحاجة إلى الشرعنة وهاجس الضبط، المجلة العربية للعلوم السياسية، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، العدد 2،2020 ،ص117-118.
[20] ينظر: محمود شريف بسيوني، الدساتير العربية ودراسة مقارنة بمعايير الحقوق الدستورية الدولية، المعهد الدولي لحقوق الإنسان، كلية الحقوق، جامعة دي بول، نيويورك، 2005، ص 366، وينظر سهام الدريسي، مصدر سبق ذكره، ص 29-30، وينظر: محمد المساوي، مصدر سبق ذكره، ص 118.
[21] * المخزن هو مصطلح في اللهجة المغربية ويعني النخبة الحاكمة في المغرب التي تمحورت حول الملك أو السلطات ويتألف المخزن من النظام الملكي والأعيان وملاك الأراضي وكبار العسكريين وشيوخها وزعمائها القبائل ومديرين الأمن وغيرهم من أعضاء المؤسسة التنفيذية، ينظر بالتفصيل: محمد جادور، مؤسسة المخزن في تاريخ المغرب، عرض كتاب من قبل رضوان باتو، مناقشات ومراجعات، مجلة عمران للعلوم الاجتماعية والإنسانية، المركز العربي للأبحاث والسياسات، الدوحة، العدد 215، صيف 2013، ص 199-206.
[22] سهام الدريسي، مصدر سبق ذكره ص 30-31.
[23] سامح سعيد عبود، غروب شمس الأنظمة العربية من نهايات القرن الماضي إلى بدايات القرن الواحد والعشرين، مركز المحروسة للنشر، القاهرة، 2009، ص 421-423.
[24] المصدر نفسه، ص 439-440.
[25] سارة فوير ورضا عيادي، عشرون عاماً من عهد الملك محمد السادس- التطورات المحلية
https://www.washingtonninstitute.org/ar/
[26] يوسف العميري، الملك محمد السادس إصلاحات عظيمة وإنجازات كبرى
https://www.Khaligyoun.com/86129
[27] محمد كولفرني، القانون الدستوري وشرعنة النظام السياسي بالمغرب: قراءة من منظور السوسيولوجيا السياسية، سياسات عربية، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الدوحة، المجلد ٩، العدد ٥٣، تشرين الثاني، 2021 ص 91.
[28] سونيا حجازي، عشر سنوات من حكم الملك محمد السادس
https://ar.qantara.de/content/shr-snwt-mn-hkm-lmlk
[29] سهام الدريسي، مصدر سبق ذكره، ص ٣١- ٣٢.
[30] محمد الاخصاصي، الإصلاحات في المغرب: الحصيلة والمستقبل، في مجموعة باحثين في كتاب مستقبل التغيير في الوطن العربي، المعهد السويدي بالإسكندرية، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، يناير/ 2016، ص 544-545.
[31] غزلان خيي، موقع المؤسسة الملكية في السلطة التنفيذية على ضوء دستور، ٢٠١١، مجلة الدراسات المتكاملة في الاقتصاد والقانون والعلوم التقنية والاتصالات، المغرب، المجلد 1، العدد 1،2021، ص 1-4.
[32] توفيق عبد الصادق، واقع ومستقبل الإصلاحات بالمغرب 2011-2021: دراسة حول موضوع السلطة، مركز القاهرة، لدراسات حقوق الإنسان، 2021، ص ٥٨.
[33] ميسون محمد الجريري، تقارير مراقبة الانتخابات في الدول العربية شبكة الانتخابات في العالم العربي، مركز عمان لدراسة حقوق الإنسان، مطبعة الشعب– إربد، عمان، 2012، ص 35.
[34] عبد الإله سطي، أسئلة الملكية البرلمانية في النظام الدستوري المغربي، مجلة سياسات عربية، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الدوحة، العدد 16، أيار/ 2016، ص 35.
[35] محمد أمين بنعبد الله، تطور مؤسسة الحكومة في الدساتير المغربية، في مجموعة مؤلفين في كتاب التطور الدستوري للمغرب: الجذور التاريخية والتجليات الراهنة والرهانات المستقبلية، أكاديمية المملكة المغربية، أعمال الندوة الدولية، الرباط، 10-11/ تموز/ 2018، ص 88.
[36] محمد بن محمد مالكي، توزيع السلطة في الدساتير العربية الجديدة (المغرب، تونس، مصر) ملحق خاص بالمؤتمر السنوي الرابع، مجلة كلية القانون الكويتية العالمية، أيار/ 2017/ ص 86.
[37] توفيق عبد الصادق، مصدر سبق ذكره، ص ٥٩- 60، وينظر: دستور المغرب الصادر عام 2011
constituteproject .org .p. 13-28
[38] محمد الرضواني، الحكومة التي تلتقط كل شي: محاولة في توصيف الحكومة المغربية بعد دستور، 2011، المجلة العربية للعلوم السياسية، الجمعية العربية للعلوم السياسية، بيروت، العددان ٤٣- ٤٤، صيف خريف ٢٠١٤، ص ١٠٢- ١٠٣.
[39] طروب بحري، الإطار الدستوري وعملية الانتقال الديمقراطي في المغرب، مجلة الباحث للدراسات الأكاديمية، الجزائر، المجلد ٦، العدد ١، جانفي 2019، ص ٢٥٩- ٢٦٠.
[40] المصدر نفسه، ص ٢٦٠- ٢٦١.
[41] غربية صونيا، الإصلاح الديمقراطي في الأنظمة السياسية الملكية: دراسة للنظام السياسي الملكي المغربي شهادة الماستر في العلوم السياسية، أنظمة سياسية مقارنة وحوكمة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم العلوم السياسية، جامعة بسكرة، الجزائر 2014- 2015، ص ٨٧.
[42] نبيل زكاوي، الدولة والدين في الدستور المغربي بين الحماية والاحتماء من حراسة الدين إلى تديين السياسة، مركز الجزيرة للدراسات، الدوحة، 2021، ص 4.
[43] مارينا اوتاوى، الدستور المغربي الجديد: تغيير حقيقي أو مزيد من المراوحة، مركز كارنيغي للشرق الأوسط، حزيران 2011، ص ٣.