تاريخ الاستلام 10/4       تاريخ القبول 12/6         تاريخ النشر 25/7

حقوق الطباعة محفوظة لدى مجلة كلية القانون والعلوم السياسية في الجامعة العراقية

حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمؤلف

حقوق النشر محفوظة للناشر (كلية القانون والعلوم السياسية - الجامعة العراقية)

CC BY-NC-ND 4.0 DEED

Printing rights are reserved to the Journal of the College of Law and Political Science at Aliraqia University

Intellectual property rights are reserved to the author

Copyright reserved to the publisher (College of Law and Political Science - Aliraqia University)

Attribution – Non-Commercial – No Derives 4.0 International

For more information, please review the rights and license

DOI: 10.61279/f9bj1b97

تأثير تقنيات الذكاء الاصطناعي على الحقوق الواردة في الدستور العراقي لسنة 2005

دراسة تحليلية

The Impact of Artificial Intelligence Technologies on the Rights Contained in the Iraqi Constitution

An Analytical Study

أ.م. رؤى علي عطية

الجامعة التقنية الوسطى - الكلية التقنية الادارية بغداد

أ. د. اشرف رمال

الجامعة اللبنانية - كلية الحقوق

Roua’a Ali Atiyah

Middle Technical University/Administrative Technical College Baghdad

Pr. Dr. Ashraf Rammal /

 Lebanese University - Faculty of Law

rouarmy@mtu.edu.iq

achraf.rammal@ul.edu.lb

المستخلص

تعد تقنيات الذكاء الاصطناعي من ابرز ما وصل اليه العلم في عصر التكنلوجيا الرقمية  وحتى من اجملها , لما لها من مميزات و خصائص مهمة جعلت منها محط اهتمام العالم اجمع لما اخترعت من تطبيقات مهمة تسهل الحياة اليومية للمواطنين والدول كما في صناعة الروبوت و منصات رقمية و اليكترونية التي تعمل بشكل تلقائي في بعض الأحيان نتيجة البرمجة والتصنيع و القدرة على التعلم الالي  و التنبؤ العالي مثال ذلك التطبيقات الذكية على الهواتف , عمليات الدفع الاليكتروني , تنظيم السير و الطائرات المسيرة , تطبيقات تمييز الوجوه , وغيرها العديد من التقنيات التي تبنتها حتى المؤسسات الحكومية لتسهيل العمل  

و بهذا اصبح يمثل تحدي للدول في مجال تشريع قوانين على مختلف الأصعدة لحماية المواطنين  وحماية الدولة و منع التجاوز في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي بحيث يلوث او يدنس الحقوق والحريات الواردة في الدساتير بشكل عام و الدستور العراقي بشكل خاص . و أصبح الضعف القانوني لمواجهة التحديات يزيد من الشكوك حول القدرة على حماية البيانات والحريات الشخصية للمواطن بالإضافة الى تحديد المسولية القانونية عن الأفعال الضارة لتطبيقات و تقنيات الذكاء الاصطناعي من المسؤول عنها وان هذا التناحر و التباعد بين الذكاء الاصطناعي والقانون و ضعفه من ناحيته يرتب عرقة عجلة التطور التقني في مجال الذكاء الاصطناعي .

فمع التطور التكنلوجي برزت الحاجة الى وجود و خلق اطار قانوني جديد لتنظيم الحياة التقنية و يستدعي مواكبة التشريعات القانونية على مستوى العالم , حيث لا يوجد في العراق منظومه تشريعية قانونية لحماية

المستخدم لتقنيات الذكاء الاصطناعي او للمتضرر من تقنيات الذكاء الاصطناعي وسبل تعويضه .

الكلمات المفتاحية : الطبيعة القانونية , الانسان الالي , الذكاء الاصطناعي

 Abstract

Artificial intelligence techniques are one of the most prominent science in the era of digital technology and even one of the most beautiful, because of its important features and characteristics that made it the focus of the attention of the whole world because of the important applications that were invented that facilitate the daily life of citizens and countries, as in the robot industry and digital and electronic platforms that sometimes work automatically as a result of programming, manufacturing, the ability to machine learning and high prediction, for example, smart applications on phones,  Electronic payment operations , traffic and drone organization , face recognition applications , And many other technologies adopted by even government institutions to facilitate work.

Thus, it has become a challenge for countries in the field of enacting laws at various levels to protect citizens, protect the state and prevent abuse in the use of artificial intelligence techniques so as to pollute or desecrate the rights and freedoms contained in the constitutions in general and the Iraqi constitution in particular. The legal weakness to meet the challenges increases doubts about the ability to protect the data and personal freedoms of the citizen, in addition to determining the legal responsibility for the harmful acts of artificial intelligence applications and techniques who is responsible for them, and that this rivalry and divergence between artificial intelligence and the law and its weakness on its part arranges the wheel of technical development in the field of artificial intelligence. With the technological development, the need has emerged to exist and create a new legal framework to regulate technical life and requires keeping pace with legal legislation worldwide, as there is no legal legislative system in Iraq to protect

The user of artificial intelligence techniques or the victim of artificial intelligence techniques and ways to compensate him.

Keywords: legal nature, robot, artificial intelligence,

المقدمة

يعتبر الدستور العراقي الصادر والمنتخب في سنة 2005 الركيزة الأساسية التي تبنى عليها الحقوق والحريات الأساسية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمواطنين العراقيين، فقد حدد الدستور العراقي  المواد من (15 و لغاية  47) هي حقوق و حريات للمواطنين تشمل كافة الأصعدة والجوانب الحياتية  , و الذي يهمنا هو الحق في الخصوصية الشخصية كما جاء في المادة /17 منه و الحق في الحياة والامن والحرية كما جاء في المادة 15 منه و كذلك مبدا المساواة بين المواطنين كما جاء في المادة/ 14 ,و حرية التعبير كما في المادة / 38 والحق في محاكمة عادلة كما في المادة / 19.

فلقد شهد العالم في السنوات العشر الأخيرة تطورا هائلا في مجال تقنيات الذكاء الاصطناعي، مما اثار في استخدام تلك التقنيات مخاوف المواطنين لأنها تخترق خصوصيتهم الشخصية وحتى على الصعيد الوطني او الدولي فان تقنيات الذكاء الاصطناعي يتدخل في شؤونه دول لاختراقه المنظومات الأمنية و تأثير تقنيات الذكاء الاصطناعي على الحق في الخصوصية و كذلك تأثيرها على الحق في المساواة وعدم التمييز بين المواطنين باعتبار مبدأ مساواة المواطنين كافة امام القانون بغض النظر عن أي فروقات .

أهمية البحث:

ان موضوع البحث له أهمية كبيرة على الصعيد الوطني والمحلي فيسعى البحث الى محاولة تقديم رؤية موضوعية لصناع القرار و القوانين لكي يضعوا تأثيرات تقنيات الذكاء الاصطناعي على النصوص والحقوق الدستورية الواردة في الدستور العراقي لسنة 2005 و محاولة سد الثغرات ان وحدت بالإضافة لوجود تحديات قانونية واخلاقية التي تنشا من استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لنساهم في وضع اطار قانوني متكامل كما في الدول المتقدمة بهذا المجال بحكي المواطنين و حرياتهم مع الحقوق المعطاة لهم .

المشكلة البحثية:

تبنى الدستور العراق سنة 2005 مبدأ المساواة القانونية ومبدأ الحماية الشخصية والحرية  غير ان نسبة الخروقات على الحريات الشخصية و العدالة والمساواة  غير مرضية و غير محققة فعليا لهذين المبدئين و مدى تأثير تقنيات الذكاء الاصطناعي على الحق في الخصوصية .

اهداف البحث :

نسعى في هذه الدراسة الوقوف على العوائق التي ‏تحيل دون التمتع بالحرية الشخصية المقررة في الدستور العراقي  ،وإيجاد الحلول اللازمة ‏لمعوقات التمتع بالحقوق والحريات الواردة في الدستور العراقي لسنة 2005 بالنسبة لتقنيات الذكاء الاصطناعي التي تستخدم بشكل غير صحيح او يخرق حدود الحريات الشخصية , و تقديم توصيات حول كيفية التوفيق بين استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي و الحقوق الواردة في الدستور العراقي بما يضمن حماية حقوق الأساسية للإنسان .

منهجية البحث:

اعتمد المنهج التحليلي في تحليل نصوص الدستور العراقي لسنة 2005 إلى جانب الدراسة الميدانية للحصول على البيانات والمعلومات في مجال حماية حقوق و حريات المواطن من تدخلات  تطبيقات الذكاء الاصطناعي .

‏خطة البحث:

‏لغرض الوصول إلى الهدف من بحثنا ‏ ‏قسمناها إلى مطلبين ‏خصصنا الأول منه  لدور الدستور العراقي في حماية حقوق و حريات الانسان  والذي سنبحث فيه  ‏مبدأ المساواة ، ‏ومبدا الحرية الشخصية  والحق في الخصوصية ، ‏اما الثاني منه ‏سنتناول فيه معوقات و تأثير تقنيات الذكاء الاصطناعي على تلك الحقوق في العراق ، ‏والذي سنبحث فيه تقنيات الذكاء الاصطناعي . و بعدها تم التوصل للخاتمة من نتائج والتوصية لحلول لكل معوق من المعوقات .

المطلب الأول

دور الدستور في حماية حقوق وحريات الانسان

تعد حقوق الإنسان القلب النابض لدساتير فهي جزء لصيق في الوثيقة الدستورية وبما أن الحق هو مكنة أو سلطة يقررها المشرع، عليه فإن ما يتبناه الدستور من حقوق ما هو إلا قرار سيادي من الدولة شعبا ونظامه حاكما غير أن هذه السيادة تكون مقيدة متى ما الدولة تبنت بنود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و المعاهدات الدولية المتعلقة بالحقوق والحريات ‏أن النهج الذي يعزز الديمقراطية في الدولة هو مدى تبنيها مفاهيم حقوق الإنسان فلا ديمقراطية في نظام لا يؤمن بحقوقه المواطن التي تضمن له الفكر الحر والاحترام المتبادل[1] ، و لعبت الدساتير دورا مهما في إعطاء الحقوق والحريات للمواطن فهي جزء ‏لا يتجزأ من  الدولة وتبعا لذلك فهي معنية بالحقوق الواردة في الدستور.

أولا: المساواة

‏يعتبر حق المساواة العماد الأساس الذي تقوم عليه الحقوق وهو الركيزة  والضرورة والواجبة لتحقيق مفهوم التمكين للمرأة فتبني الدساتير حق المساواة دون تمييز بسبب الجنس هو الضمان الحقيقي لتمكين المواطنين من اخذ الحقوق قانونا [2]  ‏وذكره في الوثيقة الدستورية يضفي عليه وصف العلوية وفقا لمبدأ سمو الدساتير وحسب منظور هانز كلسن بعلوية القاعدة الدستورية للهرم التشريعي وعدم مخالفة القواعد القانونية الأدنى لها وإلا أصيبت في مشروعيتها [3]  ، ويقوم مبدأ المساواة في احد عناصره على عدم التمييز بين الرجل والمرأة  في التمتع بالحقوق والحريات وهو ما أشار إليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ١٩٤٨ فمنه «أن لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق  والحريات دون تمييز...» [4]

تماشيا مع ما استهله في مادته الأولى بإن «جميع الأفراد يولدون أحرارا متساويين في الكرامة والحقوق»  فالمساواة صفة اصيلة لصيقة بالإنسان وكرامته. [5] 

وتبنت ‏الدساتير هذا المبدأ باعتباره تجسيدا للديموقراطية ‏وصدق الدكتور ثروت بدوي ‏بتشبه مبدأ المساواة بروح لجسد الديمقراطية دونه انتفى الوجود. [6] 

‏والمساواة القانونية المقصود بها خضوع جميع الأفراد للقانون فهم سواسيه أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو الدين أو الوضع الاجتماعي أو الاقتصادي وهذا المبدأ يستند في وجوده إلى المادة /7 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي جاء فيها كل الناس سواسيه أمام القانون ولهم الحق في التمتع بحماية متكافئة دون تفرقة و لا تعني المساواة القانونية  ( انها مساواة فعلية يتساوى بها المواطنون في الحريات والحقوق اينما كانت مراكزهم القانونية بل هي المساواة القانونية رهينة في شروطها الموضوعية التي ترتبط في اساسها الى طبيعة الحق الذي يكون محلا لها )[7].  ‏

ومع ذلك ورغم تبني الكثير من الدول الإعلان العالمي غير أننا نلاحظ أنه في ‏الواقع خالفت ‏ ‏القوانين هذا المبدأ على سبيل المثال ما حدث في الولايات المتحدة الأمريكية في عام ١٩٧٠ عندما طعنت الرئيس السابق للمحكمة العليا  في قضية روث بادر غنيسبورغ  ‏في القوانين التي تمنح للزوجات العسكريين من الرجال فقط خدمات صحية ولم تمنح  أزواج التابعين لقوات الجيش من الأنصار النسوي [8]  ‏ورغم انه لم ينص صراحة في أصل دستور الولايات المتحدة الأمريكية على مبدأ المساواة غير انه واستنادا إلى التعديل التاسع عشر للدستور الذي تم إقراره في 1791 ان «تعداد الدستور لحقوق المعينة لا يجوز أن يفسر على انه إنكار لحقوق أخرى يتمتع بها الشعب أو انتقاص منها»[9]  ‏

إشارت المحكمة العليا في الولايات المتحدة الأمريكية لأكثر من مرة إلى الإعلان العالمي في قراراتها لتفسير القوانين المعنية بحقوق الإنسان. [10]

ويتبين لنا أن المشرع الدستوري العراقي  في دستور 2005   ‏تأثره  في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بالنص على بالمساواة القانونية  «العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس. [11] 

‏ ‏فكانت غاية المشرع واضحة بأن تكون المساواة ‏ألتي قصدها هي ‏المساواة القانونية ‏انسجاما مع وجوب تجريد القاعدة القانونية و عموميتها فالقانون واحد للجميع ويطبق على الجميع ، ‏ ‏والسؤال الذي يطرح هل أن المساواة تمتد إلى المساواة في الحقوق ؟ والجواب يكون ‏بالإيجاب  ‏فالمقصود بالمساواة القانونية هي المساواة أمام القانون وبما أن الحقوق ما هي إلا مكانة يقررها القانون فتبعا لذلك يمتد أثر المساواة القانونية إلى المساواة في الحقوق والحريات. ورغم ان دستور 2005 في كثير من النصوص هي تتشابه مع قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية  سنة 2004  الملغى غير أنه لم يعتمد نص المادة /12 منه والتي كانت أكثر توفيقا في النص على أن العراقيون كافة متساوون في حقوقهم بصرف النظر عن الجنس أو الرأي أو المعتقد أو القومية أو الدين أو المذهب أو الاصل وهم سواء أمام القانون...»، ‏بقانون إدارة الدولة العراقية ذكر المساواة أمام القانون والمساواة في الحقوق دون تمييز بسبب الجنس وكان الأفضل المشرع الدستوري العراقي اعتماد ذات المسلك في النص صراحة على المساواة في التمتع بالحقوق، ‏ ‏ويمكن أن نلمس تطبيق لهذه المادة ما جاء في المادة /18 من الدستور بان يعتبر عراقيا من ولد لاب عراقي او لام عراقية فلم يميز حسب الجنس في منح الجنسية وهذا خلاف لما كان المشرع قبل دستور 2005 حيث كانت الجنسية العراقية تمنح لمن ولد خارج العراق لاب عراقي حصرا ولم يمنح هذا الحق للأم العراقية. [12] 

وبهذا فأن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي يستوجب المساواة في الاستخدام كذلك من ناحية وقوع خطا من المستخدم وكيفية تعويض او جبر الضرر نتيجة الاستخدام الخاطئ للتقنية ,مثال ذلك وجدت دراسة ان الأشخاص من أصحاب البشرة السوداء اكثر خطورة من أصحاب البشرة البيضاء عند استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي الشرطة التنبؤية الCOMPAS [13]  و كذلك الحال في حالة افراز اللذين يعبرون الحدود فان تقنيات الذكاء الاصطناعي المعتمد على التشغيل الالي تعتمد في التدقيق على أساس السمات الموضوعية مثل التاريخ الجنائي و التقييم الذاتي والتعرف على الوجوه بواسطة الذكاء الاصطناعي والذي وصف من قبل الحكومات بانه غير عادل و غير شفاف[14]وهذا مما يشكل خطورة في حال عدم استعمال نمبدأ المساواة بين المواطنين ان عدم المواكبة بين النصوص الدستورية وتقنيات الذكاء الاصطناعي تجعل هناك ثغرة بين النصوص الدستورية و التطبيق الفعلي التقني مما يسبب ظهور ممارسات سلبية لتقنيات الذكاء الاصطناعي تجعلها تؤثر على الحق في المساواة بين الافراد بشكل عام و بين الدول بشكل خاص, لذا اصبح من الواجب وضع حماية بنص دستوري للمساواة بين الافراد عند الاعتداء على حقهم في المساواة من خلال تتبع التقنية لحياتهم الخاصة  او من حيث الإيجابية باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي باعتبار ان الحق في المساواة و الحق في التعليم و عدم التمييز من اهم الحقوق الدستورية  كما اكدتها المادة / 14 من الدستور العراقي.                                                                                      

ثانيا- الحق في  حرية الخصوصية الشخصية :[15]

ان الحق في الخصوصية والحرية الشخصية تعتبر من الحقوق المهمة للمواطن والفرد والتي تمس الانسان بذاته و تعد هذه الحرية من الحقوق الملتصقة بصفة الانسان و بكرامته و حتى سمعته حيث تعتبر الخصوصية في تعريف البعض من الفقهاء بانها جزء من حياة الانسان الذي له اسرار شخصية  ومشاعر ذاتية و خصائص متميزة لايمكن الاحتفاظ بالخصوصية الا في مناخ ملائم مهئ لها في سبيل البقاء [16]وعرفها  البعض الاخر مقدرة الانسان لمشاركته ظروفه الشخصية بالوقت والمكان الذي يراه هو مناسباً مع الاخرين دون قيد او شرط كان يتكلم عن أفكاره او ظروفه الشخصية او نوازع عقله الباطن للأخرين من تلقاء نفسه  نظرا لأهمية هذا الحق و قدسيته لارتباطه بالحق في الحياة والكرامة والسمعة , وهو بهذا يحتاج هذا الحق الى حماية قانونية منظمة لتحمي الحرية في الخصوصية الشخصية للفرد  [17]. واخرين عرفوا الحياة الخاصة بانها[18] عكس تماما الحياة العامة أي ليس لها علاقة بالحياة العامة او العملية التي تكون امام الناس وانما بين الانسان ونفسه او ظروفه و عائلته او احبابه اوهي كل ما له من حياة اسرية عندما يعيش خلف باب مغلق وليس لاحد الحق ان يقتحم عالم اسراره والتطفل عليه .

إن نص المادة /17 من الدستور العراقي والذي أشار الى الحق في الحرية الشخصية لم يتعارض والمادة / 40 منه باعتبار ان حرية الاتصالات والمراسلات  بكل انواعها حتى الرقمية والاليكترونية تعتبر مصونة ولا يمكن الاطلاع عليها الا في الحالات الأمنية و التي تمس امن البلد و لكن يكون ذلك عن طريق القضاء  و بهذا تعد للمواطن ضمانة قانونية وردت في قلب الدستور الذي هم الأعلى و الاسمى في البلد الا انه لم ينص على ذلك في قوانين خاصة تبين للمواطنين ما هو جائز وما هو غير جائز. [19]  ، وأشار الدستور العراقي لسنة 2005 لذلك المبدأ ‏بالنص إلى حرية الاتصالات والمراسلات بكافة اشكالها مكفولة بالحماية من القانون ولا يجوز مراقبتها او الكشف عنها الا بقرار قضائي و ضرورة قانونية او امنية تخص امن البلد[20]  ، كذلك أجمعت المواثيق والاتفاقيات الدولية في العالم عن التزام الدول بالاحترام للحق في الخصوصية الشخصية للأفراد سواء كانوا مواطنيها ام أجانب [21] ، واستمر العمل بهذا التكاتف الدولي من اجل الحماية القانونية لهذا الحق الخاص بالفرد والمواطن[22].

وان الاتحاد الأوربي اهتم بموضوع الحماية الدولية لحماية خصوصية الافراد و اصدار تعليمات بحماية الافراد من أنشطة التقييم الالي للبيانات و لمواجهة التطور التقني و التكنلوجي لمعالجة البيانات و اعتبره من الأمور المهمة الخاصة بحقوق الانسان و لا يمكن تجاوزه او التغاضي عنه لحماية خصوصية الافراد و المعلومات و السرية من التسرب عبر الحاسب الالي او الخدمات الاليكترونية  ‏[23] .

المطلب الثاني

تأثير تقنيات الذكاء الاصطناعي

على الحقوق الواردة في الدستور العراقي

كانت ولا زالت هيئة الأمم المتحدة النصير العالمي لقضايا حقوق الانسان والحريات العامة والتي تعمل  بجهد حثيث  للمساواة بين الجنسين ‏وإعطاء الحريات والحقوق للأفراد و اهتمت في الآونة الأخيرة بالذكاء الاصطناعي بتجميع الحقوق عن طريق التطبيقات في عام 2017 , حيث أصبحت تطبيقات الذكاء الاصطناعي متطورة الى حد بعيد و لا يمكن التكهن به لأنها اكثر ما تستعمل للأمور الحساسة الخاصة بالأفراد لاحتياجاتهم الخاصة بها  و اصبح من المفروض وضع أنظمة خاصة قانونية لحماية الحقوق والحريات من تدخل الذكاء الاصطناعي فيها  [24] ، ‏ورغم تبني كثير من الدول توجهات الأمم المتحدة بالانضمام إلى ‏الاتفاقيات وتبنيها لمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص الا ان هناك فجوات و عدم مواكبة التطورات التكنلوجية و وضعها في اطار حماية الحقوق والحريات الخاص بالإنسان في الدساتير بشكل عام والدستور والقوانين العراقية بشكل خاص ., و بهذا المبحث سنتطرق الى الذكاء الاصطناعي و ماهيته مع الأهمية في فقرة أولى وتأثير الذكاء الاصطناعي على الحقوق والحريات الأساسية الواردة في الدستور العراقي لسنة 2005 في فقرة ثانية .

أولا : تقنيات الذكاء الاصطناعي .

ان تعريف الذكاء الاصطناعي له مفاهيم عدة حيث وضع العديد من الفقهاء في الاختصاص تعاريف مختلفة له  حيث عرفه البعض على انها أصول المعلومات ذات حجم كبير و بسرعة عالية يتطلب معالجة المعلومات لاتخاذ القرار و تعزيز المواقف  ( {[25] ، ‏ و عرفه البعض الاخر بانه تيار من العلم والتقنيات الذي يضم طرقا و نظريات و تقنيات تنشئ الات تستطيع محاكاة والتنافس مع الذكاء البشري  [26]  , والبعض الاخر عرفه بانه بعض أجزاء من علوم الحاسبات الالية تهدف الى تصميم أنظمة ذكية ذات مستوى عالي الدقة بحيث يوازي الذكاء البشري لعملها على محاكاة السلوك الإنساني[27].

من التعاريف السابقة يتبين ان الذكاء الاصطناعي هو عبارة عن تقنيات برمجها الانسان و قام بتغذيتها  بالبيانات والمعلومات الدقيقة بجهد يعبر عن عصارة العلم الذي درسه الهدف منه هو تصميم أنظمة ذكية عالية السرعة والدقة  تسهل الحياة اليومية بجهد اقل و كلفة متوسطة .

لقد كانت التشريعات الغربية اكثر معرفة و دراية للتطورات و كل ما يؤثر على الحياة اليومية للإنسان لذلك بدأت عدة استراتيجيات تشريعية منها في ما ظهر في أمريكا و منها ما ظهر في فرنسا والتي قاموا بتسميتها ب بوادر التنظيم القانوني او استراتيجية  للذكاء الاصطناعي في عام 2017  [28] 

من التعريفات الحديثة التي اقترحتها المجموعة الاوربية للذكاء الاصطناعي بانه أنظمة متعددة صنعها البشر تعمل بشكل منسق لهدف معين مبرمج عليه من خلال العالم الرقمي و القيام بتحليل البيانات للوصول الى نتيجة افضل و هدف معين  حيث بين الاتحاد بان المخاطر يجب ان تقيم عند توقع الخطأ او عند الإنتاج للتطابق مع المتطلبات الخاصة بالتكنلوجيا المعتمدة والمتطورة [29] ان الاستخدام المتزايد  لتكنلوجيا الذكاء الاصطناعي و تطبيقاته المتعددة في وسائل التواصل الاجتماعي بشكل عام و بالأمور القانونية والقضايا القانونية التي تمس حياة الافراد والناس او الانسان بشكل خاص جعلت الأنظار تلتفت الى أهميته الذكاء الاصطناعي واهمية حقوق وحريات الانسان أي ان الذكاء الاصطناعي سلاح ذو حدين , فهناك الكثير من الفوائد فيما يخص السلك القانوني باستعمال الذكاء الاصطناعي بشكل كلي او جزئي كما في التحقق من صحة الصدور للوثائق  او العقود او برامج قانونية كما يتم تسوية المنازعات عن طريق الانترنيت أيضا ,

حيث ظهرت كلمة قانونية شائعة هي العقود الذكية الذي ظهرت تلك التسمية قبل ثلاث عقود من الزمن [30] ، ‏يقوم هذا النظام على ‏ ‏اجراء الاتفاقيات والمعاملات التجارية الكترونيا الهدف هو تنفيذ شروط العقد رقميا بشكل دقيق و تسهيل عمل الافراد و هناك أيضا تطبيقات تتعامل مع القضايا القانونية بشكل مستقل و دقيق منها المنازعات التي تحصل في حوادث المرورية في الشوارع كما ان هناك تعليم الي جديد يعمل على ذلك عن طريق برامج تقنية قانونية بتغذية البرنامج بالأمور والأنظمة القانونية  [31]‏.

اما التشريعات العربية فكانت مفتقرة للمصطلح في قوانينها منها القانون المصري الذي لم يذكر في قانونه المدني أي مصطلح للذكاء الاصطناعي و كذلك القانون المدني العراقي لم يعرفه ولا ذكره كون البلاد العربية تعتبر غير متقدمة في مجال الصناعات وليست مصدرة لها وانما مستوردة[32] اما في القوانين الخاصة[33] كما في قانون وزارة التعليم العالي والبحث العلمي فقد نص على تشكيل الهيئة العراقية للحاسبات الا ان عدم السيطرة على المجال الرقمي وانتشار استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي و خاصة بعد فترة انتشار فيروس كورونا  في العراق جعل الوزارة تلغي الهيئة المذكورة و تحولها الى جامعة مختصة محاولة للوصول بالعالم الرقمي الى مستوى بقية البلدان في هذا المجال , و للوصول الى الذكاء البشري عن طريق المحاكاة للسلوك الإنساني من خلال برمجة الحاسبات الالية لحل مجموعة من المشاكل و تحويلها الى حلول تفيد البشرية اجمع و تمكين الآلات الخاصة بالذكاء الاصطناعي على معالجة شاملة لكل المعلومات المدخلة فيها عن طريق الانسان , حيث تبرز أهمية الذكاء الاصطناعي بتسهيل المعاملات اليومية للأفراد في كل المجالات و خاصة المجال القانونية عند تطبيقها في المحاكم و ابرز تطبيق يحتوي على جميع النصوص القانونية محدثة بشكل يومي مع القرارات القضائية الذي يوفر ميزة البحث لاي معلومة قانونية بكل سهولة[34]

ثانيا- تأثير الذكاء الاصطناعي على الحقوق والحريات الواردة في الدستور العراقي لسنة 2005 :

تعد الحقوق والحريات الموجودة في الدستور العراقي لسنة 2005 اهم الضمانات التي كفلها الدستور للإنسان و كذلك القوانين والمواثيق الدولية والاعلان العالمي لحقوق الانسان بما لا يتعارض مع ثوابت و مبدئ المجتمع و تقاليده الاصلية الملتصقة به من اهم تلك الحقوق والحريات هي الحق في المساواة , الحق في الامن والحرية و العيش في ظروف بيئية سليمة , الحرية الشخصية,  حرية التعبير عن الرأي ,حرية التفكير ,حرية المعتقد و حرية التنقل والسفر[35]، ‏ وهو ما أكدته اغلب الدساتير لأنها متماشية مع الإعلان العالمي لحقوق الانسان و ميثاق الأمم المتحدة, حيث نص الدستور على ان كل الحقوق والحريات الواردة أعلاه هي مكفولة حمايتها من قبل الدولة و لا يجوز الحرمان منها .

الى جانب ذلك ان التطور السريع في التكنولوجيا و خاصة تطبيقات الذكاء الاصطناعي و ما يدخل الى البيت العراقي من انتهاك للخصوصية  ,  ومن الحريات الخاصة بالتعبير والفكر و الرأي  و تزايد تطبيقات او منصات التواصل الاجتماعي المختلفة له أهمية بالغة في ظل الاعداد المتزايدة التي تستخدم هذه التطبيقات و لساعات طويلة باليوم الواحد , حيث أشار احد المواقع والاحصائيات  الى زيادة عدد المستخدمين 2 مليار و 77 مليون مستخدم عام 2019 في حين كان عدد المستخدمين في عام 2010 هو 97 مليون تقريبا أي ان النسبة هي ما تعادل 285% في اقل من 10 سنوات للتطبيقات و هي في تزايد مستمر خاصة بعد سنة التحول و الركود في البيت وهي سنة 2020 ظهور فايروس كوفيد 19 [36]

‏ان منصات التواصل الاجتماعي هي شبكات تفاعلية تتيح للمواطنين والمستخدمين لها التواصل في أي وقت واي مكان في العالم و ظهور تلك التطبيقات غير من مفهوم التواصل و الصلة بين الناس كونها تعزز العلاقات لكن من خلف الشاشة و لا تعززها في الحقيقة و أصبحت تلك التطبيقات متعددة الوظائف بالإضافة للتواصل هي وسيلة للتعبير عن الراي والفكر و الحرية و حتى العمل والوارد الاقتصادي للفرد بحيث اصبح لاغنى عنها في بعض المجتمعات  ومن ابرز تطبيقات الذكاء الاصطناعي والتواصل الاجتماعي هي التويتر , الفيسبوك, اليوتيوب , الانستغرام , الواتس اب  [37] .

ان استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي من خلال منصات التواصل الاجتماعي المذكورة أعلاه والمعروفة من اجل التعبير عن الحريات الشخصية للأفراد و التعبير عن الر أي والفكر و بنفس الوقت مواجهة التحديات التي تواجه الدولة والمجتمع من بعض الآراء التي لا تتناسب مع تقاليد ومبادئ و دين المجتمع و منها أيضا مواجهة اراء العنف والإرهاب و خطابات الكراهية و الطائفية والتحريضية والشائعات المضللة .

ويعد الذكاء الاصطناعي اكثر كفاءة ومقدرة على الكشف عن المحتوى غير المناسب و غير قانوني والذي لا يتماشى مع الدساتير والقوانين الدولية و أهمها ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الانسان و الإعلان العالمي لحقوق الانسان بحيث بالإمكان ازالته لما له من دقة وكفاءة عالية تفوق الذكاء البشري والقدرة البشرية حيث بإمكان تطبيقات الذكاء الاصطناعي و خاصة تويتر و فيس بوك و الغوغل حتى من إزالة حسابات الروبوت المزيف و تحديد المحتوى بشكل استباقي لاعتماده على خوارزميات التعلم الالي , حيث اعلن فيس بوك على عمليات إزالة كل ما يرتبط بالإرهاب بنسبة 99.5%  و نسبة98% من الحسابات الوهمية  و نسبة 96% من النشاطات الجنسية  و نسبة 86% من المحتوى العنيف  [38]‏‏. ‏

ان استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي يبقى يثير قلقا واسعا بشأن اثر تلك التطبيقات على الافراد والمواطنين خاصة في مجال التعبير عن الرأي و الحرية الشخصية حيث ان الدولة او المشرع العراقي له العديد من المخاوف بشأن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في تنظيم المحتوى حيث تتمكن الوزارة الخاصة بالاتصالات من  حجب المحتوى غير اللائق و غير القانوني و تقييده  في حين لا يمكن تقييد الاستهزاء والسخرية والتنمر ,على سبيل المثال في قضية عرضت امام محكمة العدل الدولية قالت بان الأنظمة الالية التي لا تميز بين المحتوى القانوني و غير القانوني هي انظمة فاشلة لأنها تنتقص من الحريات الخاصة بالأفراد  [39] .

نظرا لخطورة الاثار المترتبة على استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي فيما يعرض حياة وحقوق وحريات الافراد للخطر في كل وقت الحالي والمستقبلي بسبب زيادة التطورات التقنية و كثرة استعمال البرمجيات و مواقع التواصل الاليكتروني الذاتية العمل يتوجب على مجلس النواب تضمين تشريع وخاصة عمل وزارة الاتصالات العراقية لغرض مجابهة مخاطر القرصنة والتهكير والجرائم الاليكترونية ومنها الرقمية على ان تتم المراعات بين الابداع والاستخدام الأمثل للتطبيقات وليس المخاطر التي تنشأ عن استخدامها[40].

ومن ضمن انتهاك الحريات الشخصية و حق التعبير عن الراي هو استخدام الكاميرات الذكية ذات القدرة العالية على تحليل الصور والمقاطع المتحركة من خلال تطبيقات و برمجيات الذكاء الاصطناعي و ما يمس ذلك من حياة الشخصية للافراد بنشر الصورة خلال ثواني الى العالم ,حيث يستوجب توفر الامن القانوني للمعاملات المنجزة والمساندة من خلال المراقبة[41]   .

وللارتباط الوثيق بين حريات وحقوق الانسان خاصة الحق في الخصوصية والحق في حرية التعبير عن الرأي فأن تأثير تطبيقات و تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي عليهم مهم من حيث التعرف على الوجوه اثناء مثلا التظاهر السلمي[42] مما يؤثر على حرية الافراد في التعبير عن اراءهم  و مترددين في الإفصاح عما يجول في خاطرهم إزاء ذلك التعرف و ملاحقة السلطات لهم , حيث تمارس الحكومات ضغطا على الشركات الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعي من اجل ان تكون على مقدرة من إزالة المحتويات التي تسئ اليهم او الضارة نتيجة حرية التعبير عن الراي والفكر فهذه الملاحقة تزيد من الانتهاكات على حقوق الانسان في هذا المجال. حيث تؤثر تقنيات الذكاء الاصطناعي على حرية التعبير عن الرأي والفكر[43] والخصوصية الشخصية عن طريق نظام المقترحات او التوصية التي تظهر في منصات التواصل الاجتماعي والتي تكون ضارة غير نافعة وتمس الذوق العام منها مشاهد اباحية او خطاب الكراهية او مشاهد متطرفة مما يؤثر على المجتمع بشكل عام وعلى الاسرة وعدم سيطرة الاهل على أولادها بشكل خاص , لهذا نجد ان مواقع التواصل الاجتماعي و تقنيات الذكاء الاصطناعي تجعل او تعمل على جعل المستخدمين لها بمثابة مدمنين للمحتوى المعروض[44] على سبيل المثال ما قام به فيسبوك بالتعاون مع باحثين من جامعة كورنيل لأجراء دراسة عن العدوى العاطفية لما يقارب عن (700000 ) سبعمائة الف مستخدم على موقع الFacebook والتي توصلت الى ان المشاعر والعواطف تنتقل عبر المنصات بشكل كبير مما يؤثر على حريات المواطنين في الراي والفكر والمعتقد والدين وحتى التظاهر .

عليه نجد من خلال الاطلاع على المصادر والنسب بان تأثير الذكاء الاصطناعي على الحقوق والحريات الواردة في دستور جمهورية العراق لسنة 2005  منها حرية التعبير عن الراي و حرية الفكر و الحرية الشخصية و الحق في العيش بأمان نلاحظ الكثير من المخاوف بشان الاستخدام من قبل الاهل ومن قبل الحكومات في تنظيم المحتوى و محاولة الحجب للمحتوى الضار او ما يسمى بالهابط و تقييده من قبل وزارة الاتصالات و وزارة الداخلية بالتعاون فيما بينهما .

‏الخاتمة

في نهاية بحثنا ‏ ‏يصبح لزاما علينا ذكر ما توصلنا إليه من استنتاجات وما نوصي به من مقترحات ‏تسهم في معالجة تأثيرات تقنيات الذكاء الاصطناعي على الحقوق والحريات الخاصة بحقوق الانسان و الواردة في الدستور العراقي لسنة 2005 والاعلان العالمي لحقوق الانسان وكل المواثيق الدولية التي تحمي الحقوق والحريات للأفراد  :

أولا- الاستنتاجات

‏ان النص على الحقوق والحريات منها حرية الراي و الفكر والحرية الشخصية والتظاهر السلمي ومبدأ المساواة وتكافؤ الفرص في الدساتير بشكل عام والدستور العراقي بشكل خاص  لا يمكن أن يعتبر ‏المؤثر الحقيقي ‏لحماية تلك الحقوق والحريات ‏ ‏من تأثيرات  تقنيات الذكاء الاصطناعي متى ما كانت مجرد نصوص غير مترجمة إلى واقع  ملموس.

إن ‏عدم وجود قانون يحمي الافراد من تأثير تقنيات الذكاء الاصطناعي و تطبيقاته  ‏ورغم ذلك لا وجود  لتمثيل حقيقي لها في التشريعات الحديثة ما هو الا مؤشر لعدم احترام حقوق الانسان المنصوص عليه وهو ما يهدم ‏مبدأ المساواة  والتعبير والراي والفكر والمعتقد والدين والحرية الشخصية ‏الذي نصت عليه اغلب الدساتير بما فيها الدستور العراقي لسنة 2005.

‏ان حقوق الانسان و حرياته لم تكن بعيدة عن تأثيرات الذكاء الاصطناعي الذي اصبح يستخدم في كل الأمور في الحياة واصبح لا غنى عنه منه  .

‏ان تقنيات الذكاء الاصطناعي ساهمت في تقديم الدعم للافراد والحكومات في حالة التعرف على المحتوى الهابط او غير القانوني والمتطرف لكنها لم تفلح في القضاء عليها وانما حاولت التمييز في المحتويات و تقديم مقترحات ومن ثم على الحكومات عليها عملية الحجب او الحظر .

ان استخدامات تقنيات الذكاء الاصطناعي في المراقبة الجماعية يمكن ان يؤدي الى انتهاك الخصوصية الفردية وهو ما يتعارض مع الحقوق الدستورية الواردة في الدستور لسنة 2005 .

ان تقنيات الذكاء الاصطناعي يمكن ان يؤثر على حريات أساسية للمواطنين والواردة بالدستور لسنة 2005 من خلال الرقابة و التلاعب بالمحتوى في وسائل التواصل الاجتماعي  وقد يؤدي الى فقدان فقدان وظائف المواطنين التقليدية الكلاسيك وهو قد يؤثر في على الكثير من الحريات منها الحق في العمل والعيش الكريمة .

ثانيا - التوصيات:

ينبغي على الدولة ان تصوغ قوانين تحمي الانسان من تاثيرات تقنيات الذكاء الاصطناعي من اجل مكافحة منصات التواصل الاجتماعي التي تضلل الراي العهام او تضلل القيم والمبادئ

‏تطوير وانشاء اطار قانوني و تنظيمي واضح المعالم لضمان استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل يحترم الحقوق والحريات الواردة في الدستور العراقي لسنة 2005 لضمان الشفافية في تحديد المسؤولية عند انتهاك حقوق الانسان

تنظيم دورات تدريبية للموظفين وحملات توعية للمواطنين ككل حول مخاطر الذكاء الاصطناعي من حيث الإيجابيات والسلبيات و عدم الانخراط فيه بشكل غير واعي.

‏وضع الية وسياسة صارمة وقوية لحماية البيانات للمواطنين لضمان عدم استخدامها من قبل المغرضين لانتهاك خصوصية الافراد مع وضع عقوبات لذلك في التشريعات.

‏تنظيم هيئة مستقلة من مجموعة من المبرمجين في مجال الذكاء الاصطناعي والمختصين من القانونيين لغرض مراقبة وتقييم تأثيرات تقنيات الذكاء الاصطناعي على الحقوق والحريات الواردة في الدستور العراقي بشكل دوري ومستمر.

وضع اطار دولي لتشجيع تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي باستعمال القيم الأخلاقية لكل مجتمع من المجتمعات وعدم سيطرة مجتمع واحد على باقي المجتمعات .

 

[1] حقوق الانسان في الصكوك الدولية والدساتير بين الواقع والمأمول ,ص21

[2] استخدم مصطلح التمكين القانوني لاول مرة في سنة 2001بموجب تقرير مؤسسة آسيا والذي عرفه بأنه (( استخدام القانون في زيادة السيطرة التي يمارسها المحرومون على حياتهم «نقلا عن دكتور ليث ذنون حسين ,تمكين حقوق المرأة في الدستور العراقي / مجلة جامعة تكريت الحقوق / كلية الحقوق / السنة الخامسة / العدد1 جزء 1 /سنة 2020 /ص381

[3] بشير لبانجي ,يوسف دحماني /مبدأ تدرج القواعد القانونية واثاره على الوظيفة القضائية / رسالة ماجستير /جامعة العقيد آكلي محند اولحاج / كلية الحقوق والعلوم السياسية / قسم القانون العام /2015 /ص8

[4] المادة /2 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان لسنة 1948

[5] د. سمير داوود سلمان ,لمى على الظاهري علي مجيد احمد العكيلي ,بحوث دستورية/ط 1/ المركز القومي للإصدارات القانونية,2016 /ص 55

[6] ميثم حسين الشافعي /مبدأ المساواة كضمان للحقوق والحريات العامة ,ص4

[7] و هذا ما اكد عليه القضاء الدستوري في مصر بموجب حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 37 لسنة للسنة 9 قضائية دستورية في 19 مايو سنة 1990 : مجموعة احكام المحكمة الدستورية العليا ,الجزء الرابع ,ص 256 

[8] Michael Weiss and Cathy ,feminist jurisprudence; equal rights or Neo-paternalism, Young Policy Analysis  No.256,Cato institute, June 19,1996,page1-2

[9] التعديل التاسع لدستور الولايات المتحدة الامريكية لسنة 1789

[10] Hurst Hannum ,the status of the universal declaration of human  rights in national law ,ga .j.INT&comp.l,p304

[11] المادة /14 من الدستور العراقي لسنة 2005

[12] المادة /4 من قانون الجنسية  العراقية الملغي رقم (34) لسنة 1963

[13]Julia Dressel ,Hany Farid, The accuracy, fairness, and limits of predicting recidivism, Science Advances Vol4 , no1 ,eaao5580,2018 p3

[14] د. محمد احمد سلامة مشعل , الذكاء الاصطناعي و اثاره على حرية التعبير قي مواقع التواصل الاجتماعي , مجلة البحوث القانونية والاقتصادية , العدد 77 , السنة 2021 ص 460

[15] نص المادة /17 من الدستور العراقي ان لكل فرد الحق في الخصوصية الشخصية بما لا يتنافى مع حقوق الاخرين والآداب العامة كما نصت المادة/15 منه على ان لكل فرد الحق في الحياة والامن والحرية ....الخ المادة 

[16] ممدوح خليل بحر ,حماية الحياة الخاصة في القانون الجنائي المقارن , أطروحة دكتوراه , جامعة القاهرة , مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع , الأردن , 1996.ص158

[17] د. حلا احمد محمد , اثر تطورات التكنلوجيا على الحق في الخصوصية , مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية , المجلد 11 العدد 43 جامعة كركوك السنة2022 ص 560.

[18] ممدوح خليل بحر , المصدر السابق , ص 159

[19] زينب محمد جميل الضناوي , الحماية القانونية للخصوصية على الانترنيت في ظل الجهود الدولية والداخلية , بخث منشور في وقائع المؤتمر الدولي المحكم حول الخصوصية في مجتمع المعلوماتية , مركز جيل للبحث العلمي , طرابلس 2019 , ص32

[20] المادة 40من الدستور العراقي لسنة 2005

[21] حيث تبنت الأمم المتحدة سنة 1989 ميثاق يتعلق باستخدام الحاسبة في تدقيق بيانات الشخصية للأفراد و في سنة 1999 أصدرت الجمعية العامة دليل لتنظيم هذا الاستخدام  .

[22] General Assembly Resolution no.68/67 of 2013 ,The Right to Privacy in the digital age ,a/res/68/167,2013.      

[23] دليل حماية  معطيات الاتصالات عام 1997  و دليل الاتصالات عام 2000 ودليل الاقدم لعام 1995 لحماية بيانات الافراد

[24]  https://www.ohchr.org/ar/stories/2024/6/artificial-intelligence-game-changer-sustainable-development

حيث ايدت بتوافر مبادئ توجيهية عملية بشان اعتماد نهج قائم على حقوق الانسان في تطوير تكنلوجيا الذكاء الاصطناعي يما  يضمن دعم تلك التكنلوجيا

[25] Gabriele Buchholtz, Artificial Intelligence and legal tech .challenges to the rule of law , the Irish times , springer nature Switzerland AG 2020,2018 p180 ,available online at

 www.gartner.com/it-glossary/big-data

[26] الفقرة 1 و 2 من القسم 9 من الامر التنفيذي المرقم 13859 في 11/2/2019 الخاص بالحفاظ على القيادة الامريكية في الذكاء الاصطناعي.

[27] د. عبد الاله إبراهيم الفقي، الذكاء الاصطناعي والنظم الخبيرة دار الثقافة للنشر والتوزيع , السنة 2012 ص6  :

https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%86%D8%B8%D8%A7%D9%85%D8%A3%D8%A8%D9%88%D9%8A#cite_note-1

[28] حيث قدم السيناتور الأمريكي ماريا كأنتيل مشروع جديد عام 2017 يعنى بالاستراتيجية الخاصة بالذكاء الاصطناعي لتقديم الاستشارات القانونية للحكومة  ومنها ما سمي باللجنة الاستشارية الوطنية للذكاء الاصطناعي كما في فرنسا عام 2017

راجع ذلك في مؤلف د. ايمن محمد الاسيوطي , الجوانب القانونية لتطبيق الذكاء الاصطناعي ,دار مصر للنشر والتوزيع , طبعة أولى , السنة 2020,ص 21 .

[30] Nick Szabo ,smart contract 1994   

انظر الموقع الاتي

 www.fon.hum.uva.nl/rob/courses/informationinspeech.

[31] انظر الموقع الاتي:

 www.fon.hum.uva.nl/rob/courses/informatininspeech 

[32] د. سلوان فرنسيس يوسف , الذكاء الاصطناعي و دوره المستقبلي في العراق , مقال منشور في جريدة الزمان عام 2021 شهر فبراير اليوم 17

[33] نص المادة / 35 من قانون وزارة التعليم العالي والبحث العلمي رقم 40 لسنة 1988 المعدل

[34] تطبيق قانونجي انظر الرابط https://t.me/lawer_th1

[35] راجع المواد من (14 ولغاية 46 ) من الدستور العراقي لسنة 2005‏.

[36] Samuel Piltch, Detecting Hate Speech in Tweets Using an Attentive Neural Network, available at this site. https://samuelpiltch.com/assets/research/detecting-hate-speech-in-tweets-using-an-attentive-neural-network.pdf

[37] زينة سعد نوشي  مع بيرق حسين جمعة الربيعي , شبكات التواصل الاجتماعي و حرية التعبير عن الحقوق الفردية والتنوع الاجتماعي / الفيسبوك نموذجا , مجلة الباحث العلمي , العدد38 , الشهر أكتوبر تشرين الأول , السنة 2017 , ص 40-42

[38] Katarina Kirsova, Artificial Intelligence and Disinformation , How AI Changes the way Disinformation is produced, Disseminated and can be countered ,SECURITY AND HUMAN RIGHTS29 ,2018 55018 p 60.

[39] case c-70/10 scarlet extended ECLI:EU:C:2011:771,para 52 :case c-360/10 SABAM ECLI:EU:C:2012:85<para50 .

site web. https://curia.europa.eu/juris/liste.jsf?language=en&num=c-70/10

[40] سحر عبد الستار امام, انعكاسات العصر الرقمي على قيم وتقاليد  القضاء , المجلة المصرية للدراسات القانونية والاقتصادية , مصر , العدد العاشر ,ص 200

[41] ايمن محمد السيوطي , الجوانب القانونية لتطبيق الذكاء الاصطناعي , دار مصر للنشر والتوزيع , ط1 ,القاهرة , مصر الستة 2020  ,ص38

[42] انظر المادة / 38 /ثالثا من الدستور العراقي لسنة 2005

[43] المادة /42   من الدستور العراقي لسنة 2005

[44] و هو ما يطلق عليهم الHOOKED  انظر في

 Tiana Bucher<if then algorithmic power and polities ,oxford studies in digital law ,2018  p 43