تاريخ الاستلام 13/5 تاريخ القبول 20/6 تاريخ النشر 25/7/2024
حقوق الطباعة محفوظة لدى مجلة كلية القانون والعلوم السياسية في الجامعة العراقية
حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمؤلف
حقوق النشر محفوظة للناشر (كلية القانون والعلوم السياسية - الجامعة العراقية)
CC BY-NC-ND 4.0 DEED
Printing rights are reserved to the Journal of the College of Law and Political Science at Aliraqia University
Intellectual property rights are reserved to the author
Copyright reserved to the publisher (College of Law and Political Science - Aliraqia University)
Attribution – Non-Commercial – No Derives 4.0 International
For more information, please review the rights and license
أصول السياسة التشريعية
Origins of legislative policy
م. د. شروق جابر حبيب
وزارة التعليم العالي والبحث العلمي
الدائرة القانونية – مركز الوزارة
Dr.. Shorouk Jaber Habib
Legal Department - Ministry Center Ministry of Higher Education and Research
المستخلص
يُعالج هذا البحث موضوع السياسة التشريعية التي تُعد قطب الرحى في العملية التشريعية لما تمثله من عملية قانونية تفاعلية تتم بين صُناع القرار التشريعي في ضوء متطلبات أفراد الشعب وحاجاتهم لتصب تلك المصالح والحاجات في قوالب قانونية نصية بأسلوب قانوني محكم يمتاز بالبراعة والأتقان في صياغة الأفكار بأسلوب موجز ضمن أطر قانونية ممكنة التطبيق لئن تحكم الوقائع والأحداث السياسية والإقتصادية والاجتماعية المستجدة في المجتمع، ومن ثم ضبط وتحديد الأفكار التي يقوم عليها القانون ضمن فلسفة ورؤية مُعينة للجهات القائمة على إعداده ضمن منظور زمني محدد لضان إستقرار النظام القانوني للدولة وعدم تخبطه وتعارضه وتحقيق.
الكلمات المفتاحية : مصالح افراد الشعب , السياسة التشريعية , تفاعلية قانونية, النظام القانوني
Abstract
This research addresses the issue of legislative policy, which is considered the pivot of the legislative process because it represents an interactive legal process that takes place between legislative decision makers in light of the requirements and needs of the people, so that those interests and needs are poured into textual legal templates in a strict legal style characterized by ingenuity and mastery in formulating ideas in a concise manner within Legal frameworks that can be applied if they govern the emerging political, economic and social facts and events in society, and then control and define the ideas on which the law is based within a specific philosophy and vision for the authorities responsible for preparing it within a specific time perspective to ensure the stability of the state’s legal system and not to be confused or conflicted and to achieve the interests of the people.
key words: Legislative policy, The legal system, Interactive Legal
مقــدمـة
أولاً: تمهيد:
تُعد العملية التشريعية أمر في غاية الأهمية في النظم المقارنة لما تمثله من عملية قانونية تفاعلية تتم بين صُناع القرار التشريعي في ضوء متطلبات أفراد الشعب وحاجاتهم بعدهم أصحاب السيادة الحقيقية والمصلحة من المتأثرين بالقوانين ليأتي دور الجهات المعنية بصياغة القواعد القانونية ومبادئها لتصب تلك المصالح والحاجات في قوالب قانونية نصية بأسلوب موجز ضمن أطر قانونية تحكم الوقائع والأحداث المستجدة في المجتمع[1].
ولعلّ العملية التشريعية ضمن أطارها الفلسفي السالف لا يُمكن أن تأتي ثمارها بغير ضبط وتحديد تتمثل بوضوح الأفكار التي يقوم عليها القانون ضمن فلسفة ورؤية مُعينة للجهات القائمة على إعداده لضان إستقرار النظام القانوني للدولة وعدم تخبطه، وهو ما يستدعي إقرار سياسة واضحة تضبط أنغام العملية التشريعية أصطلح على تسميتها (السياسة التشريعية) لتعني عملية إتخاذ القرارات الفاعلة بعد المفاضلة بين البدائل المتاحة في ضوء أولويات الجماعة ومصالحها [2]، ومن ثم باتت السياسة التشريعية تنصرف إلى الفلسفة التي تحكم عملية التشريع ابتداءً عند التصدي لقضية مُعينة مروراً بتحليلها وتحديد أولويات المجتمع بشأنها ومصالحه أزائها ليتم ترجمة مبادئه الأساس إلى نصوص قانونية وأصدارها على وفق الإجراءات المقررة قانوناً[3] .
ثانيا:ً أهمية البحث:
تتمثل أهمية البحث في كونه يسلط الضوء على الفلسفة التي تحكم عملية تشريع القوانين والمحددات العامة والشروط الموضوعية التي تسن بموجبها القواعد القانونية بما يسهم في فاعلية النصوص القانونية وصلاحيتها للتطبيق العملي.
ثالثاً: فرضية البحث:
يقوم البحث على فرضية مؤادها أهمية الاخذ بالسياسة التشريعية في تشريع القوانين لضمان جودة التشريعات ودقتها وعدم تعارضها وتأتي القوانين معبرة عن المصالح والحاجات العامة المصبة في قوالب قانونية نصية بأسلوب موجز ضمن أطر قانونية تحكم الوقائع والأحداث المستجدة في المجتمع.
رابعاً: هيكلة البحث:
لبيان هذا الموضوع بشكل وافٍ كان لابد من تقسيمه على مبحثين نعالج في المبحث الأول التعريف بالسياسة التشريعية، وندرس في الثاني نطاق السياسة التشريعية وتمييزها من غيرها من المفاهيم الأخرى ثم نختم هذ البحث بخاتمة تتضمن اهم الاستنتاجات والتوصيات التي ندعو للاخذ بها.
المبحث الأول
التعريف بالسياسة التشريعية
أن التطرق إلى التعريف بالسياسة التشريعية يتطلب بادءة ذي بدء توضيح مفهوم السياسات الحكومية وعلاقتها بالمفاهيم الأخرى التي تنظم عمل الحكومة وتضبطها [4]، إذ تنصرف السياسات العامة إلى الأطار الشامل لعمل الدولة الذي تقره الحكومة بغية تنفيذه ضمن سلسلة أولويات مُعينة على نحو يترجم رؤيتها وغاياتها وأهدافها إلى مجموعة من النتائج الملموسة تنعكس في ستراتيجية الحكومة وخططها التنفيذية ضمن أطار عملية تدمج بين الخطة العامة والموازنة العامة للدولة، كما إن هذا المفهوم ليس بمعزل عن المفاهيم الأخرى التي تنظم عمل الحكومة وأرادتها، وإنما مرتبط برؤية الحكومة ورسالتها وأهدافها والمقاصد الكلية النابعة من فلسفتها الدستورية والقانونية[5].
تُشير السياسة إلى عملية إتخاذ القرارات ضمن المفاضلة بين البدائل المتاحة والممكنة في ضوء أولويات إفراد الشعب ومصالح المجتمع، ومن ثم تغدو السياسة التشريعية الفلسفة التي تحكم العملية التشريعية متأثرة بالإعتبارات السياسية السائدة في الدولة ورؤية النظام السياسي بشأن العملية التشريعية لتكون التشريعات التي تسنها السلطة التشريعية إداة رئيسة في تسيير الشؤون العامة من خلال القوانين التي تصدرها[6].
وعلى ذلك يُمكن بيان هذا الموضوع من خلال تقسيمه على مطلبين نُعالج في المطلب الأول ماهية السياسة التشريعية ، وندرس في الثاني المطلب الثاني خصائص السياسة التشريعية وأهدافها.
المطلب الأول: ماهية السياسة التشريعية وخصائصها
من نافلة القول: فأن للسياسة التشريعية مفهوم مُعين وخصائص محددة تميزها عما سواها من المفاهيم القانونية الأخرى، وعلى ذلك يُمكن بيان هذا الموضوع من خلال تقسيم هذا المطلب على ثلاثة فروع نُعالج في الفرع الأول: ماهية السياسة التشريعة، وندرس في الفرع الثاني: دلالة السياسة التشريعية وموقعها من العملية التشريعية، وندرس في الثالث موقع السياسة التشريعية من العملية التشريعية.
الفرع الأول: ماهية السياسة التشريعية
أولا: المعنى اللغوي للسياسة التشريعية: تُسمى باللغة الإنكليزية ( Legislative policy (، وفي اللغة العربية فأنها أسم مُشتق من مصدر (ساسَ)، أي مبادئ مُعتمدة تُتّخذ الإجراءات بناءً لها، ومنها (سياسَةُ البِلادِ)، أي تَوَلِّي أُمورِها وَتَسْيِيرُ أَعْمالِها الدَّاخِلِيّة والخارِجِيَّةِ وَتَدْبيرُ شُؤُونِها، ومنها السياسي؛ وهو من يعمل في مجال السِّياسة، ومتعلِّق بإدارة الشّؤون العامة وتنظيمها سياسيّ محنّك/ مخضرم، ومن ذلك أيضاً السياسة المالية والسياسة الاقتصادية، والسياسة التشريعية.
ثانيا: المعنى الإصطلاحي للسياسة التشريعية: لم يرد تعريف السايسة التشريعية في التشريعات المقارنة، كما نجد قلة من الفقه من تطرق إليها، وإنما نجدها مُصطلحاً ورد منقولاً من فكرة السياسة العامة، فقد تعددت التعريفات التي قيلت بشأن السياسة العامة[7]، ولعلّ ذلك راجع إلى حداثتها، من ذلك نجد تعريفها بأنها:» العلاقة بين الوحدة الحكومية وبيئتها» [8] .
وعلى ذلك يُمكن القول؛ بأنه ليس ثمة تعريف موحد جامع ومانع يُمكن تعميمه على جميع أنواع السياسات العامة على أختلاف مستوياتها ومنظوماتها وقطاعاتها والمجالات التي تعنى بها، فلكل سياسة من السياسات العامة سواء أكانت مالية أم إقتصادية أم اجتماعية أم تشريعية لها خصوصية وطبيعة معينة تجعلها تنفرد بتعريف مُعين[9]، ومن ثم فانه يُراد بالسياسة التشريعية مجموعة من الإجراءات والتدابير التي تحدد معالم التشريعات التي تسنها السلطة المختصة بسن القوانين، لذا فتتحدد معالم هذه السياسة في مجال السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، إذ أن كلا منها يعنى بسن القوانين وإقرارها في مقام إختصاصه الذي رسمه الدستور.
الفرع الثاني: دلالة السياسة التشريعية وموقعها من العملية التشريعية
لما كانت السياسة تعني عملية إتخاذ القرارات الفاعلة بعد المفاضلة بين العديد من البدائل المتاحة والممكنة في ضوء أولويات الجماعة ومصالح المجتمع، فأن السياسة التشريعية تنصرف إلى الفلسفة التي تحكم عملية التشريع ابتداءً من إتخاذ قرار التصدي لموضوع أو قضية مُعينة بالأسلوب التشريعي بالركون إلى معايير مُعينة، ليتم صياغتها بعدها جزءً من النظام القانوني للدولة [10].
وعلى ذلك فان السياسة العامة تُعد المادة الأساس للسياسة التشريعية، حيث يتم أسباغ الصفة القانونية على السياسة العامة للدولة بوسيلتين هما[11]:-
أولا: أضفاء الصفة القانونية على السياسة العامة للدولة بطريقة مباشرة: بموجبها فأن توجهات الحكومة وخططها تظهر على شكل سياسات عامة مكتوبة ليتم ترجمتها إلى خطط وبرامج تنفيذية، ومن ثم تنعكس في قواعد قانونية تشريعية بغية تحقيق هدفين أولهما تمكين الدولة من فرضها على المخاطبين بها من أفراد الشعب والسلطات العامة بإعتبارها قواعد قانونية ملزمة يتعين الأمتثال لحكمها وتنفيذها كونها تجسد سياسة الدولة في الشؤون العامة، وثانيهما لأضفاء الشرعية على السياسة العامة لاسيما وإنها قد تنطوي على تقييد أو مساس بالحقوق والحريات العامة بالحدود التي تمليها طبيعة تنظيم تلكم الحقوق والحريات العامة[12].
ومع صدق ما تقدم، يجب التمييز بين السياسة التشريعية والسياسات العامة للدولة، فالسياسة التشريعية على النحو السالف تختلف عن السياسات العامة التي تعدها الدولة، إذ تُعد عملية صنع السياسات هي ترجمة للرؤيا السياسية للدولة ضمن البرامج والتوجيهات العامة بهدف الوصول إلى مخرجات مُعينة بقصد إحداث تغييرات في الواقع الحالي، لذا فأن صنع السياسات تُعد من أهم وظائف الحكومة كونها تضمن صنع القرار في ضوء الأجندة الوطنية للحكومة في المجالات كافة[13]، وعادة ما تناط مهمة إعداد المسودة الأولية لهذه السياسات لجهة عليا في الدولة (رئيس مجلس الوزراء أو رئيس الجمهورية) على وفق النظام السياسي السائد في الدولة التي تتولى التنسيق بين الجهات السياسية والشركاء في العملية السياسية لضمان صنع سياسات واضحة لمختلف القطاعات، وبصفة عامة فقد جرى العمل في الأنظمة المقارنة بأن علمية صنع السياسة تتضمن تسع مراحل أساسية هي( تحديد الإطار العام للموضوعات، البحث والتوثيق، إجراء المداولات والتوفيق السياسي، صياغة السياسات، عملية التحليل، صنع القرار، تنفيذ السياسات، عمليات المتابعة والمرافقة للتنفيذ، عملية التقويم)[14].
ثانيا: أضفاء الصفة القانونية على السياسة العامة للدولة بطريقة غير مباشرة: تكون من خلال النصوص القانونية التي تتضمنها مشروعات القانون ومقترحاتها وأسلوب صياغتها بأن تجسد السياسة التشريعية للدولة[15]، ولعلّ توضيح ذلك تجلى بما يشير إليه بعض الفقه[16] بأن تُحدد السياسة من خلال الوزارة المعنية حسب قطاعاتها وهي تجسد خططها وما تنوي تحقيقه والأساليب والمبادئ التي تستخدمها لتحقيقها، ومن ثم تحدد أهداف الوزارة وثيقة السياسة، بيد أنها ليست قانوناً، ولكنها تُحدد غالباً بالقوانين الجديدة اللازمة لتحقيق أهدافها، وعادة تُحدد القوانين المعايير والإجراءات والمبادئ التي يجب إتباعها، كما أن مشروعات القوانين تُعد مرحلة من مراحل تمرير السياسة العامة للدولة التي تجسد سياستها القطاعية، لذا بات من الضروري تشريع القوانين لتمكين الحكومة من وضع الأطر المختلفة لتحقيق أهدافها[17].
الفرع الثالث: موقع السياسة التشريعية من العملية التشريعية
لعلّ السياسة التشريعية بالمعنى السالف تمثل عملية إتخاذ القرارات الفاعلة في ضوء أولويات الجماعة ومصالحها بعدها الفلسفة التي تحكم عملية التشريع، لذا فأنها ترتبط أرتباطاً وثيقاً بالعملية التشريعية من جانبين هما[18]:-
أولا: أرتباط السياسة التشريعية بفكرة القانون وأسسه وفلسفته: إذ تُعد الساسية التشريعية الموجه الرئيس لفكرة القانون ومضمونه، فمن الناحية النظرية تسعي السلطة التشريعية إلى إعداد مقترح قانون أو مشروع القانون وسنه ضمن فكرة تتعلق بموضوع مُعين ينصرف القرار العام إلى معالجته تشريعياً بعده يتعلق بمشكلة مهمة يتم تحديد طبيعتها والأهداف المتوخاة من معالجتها تشريعياً، لذا تُعد السياسية التشريعية الموجه الرئيس لفكرة مشروع أو مقترح القانون ومضمونه وفلسفته التشريعية.
ثانيا:أرتباط السياسة التشريعية بإجراءات إعداد مشروعات القوانين وسنها وصياغتها: تتضح معالم هذا الإرتباط بضرورة تجسيد السياسة التشريعية في النصوص القانونية التي تتضمنها مشروعات القوانين، حيث تأتي هذه النصوص أنعكاساً للسياسة التشريعية وترجمة لها ضمن قالب قانوني مُعين يعبر عن جوهر القاعدة القانونية ومحتواها، بل إن صب السياسة العامة للدولة في نصوص قانونية يتضمنها مشروع القانون يُعد أسباغاً للصفة القانونية على السياسة العامة بشكل غير مباشر[19].
وعلى ذلك فأن السياسة التشريعية تُعد المحور الرئيس في العملية التشريعية كونها محددٍ أساس تحكم العملية المذكورة وتضمن دقتها وأنسجامها مع الغايات العليا في الدولة وتُسهم في رصانة النظام القانوني وتناغمه، إلا إنه مع ذلك ثمة إتجاه عام في أغلب الأنظمة المقارنة يعلن تخوفه من الأفراط في سن التشريعات وتضخمها في النظام القانوني للدولة، فضلاً عن كون العملية التشريعية تُعد امراً مرهقاً وثقيلاً لما يحيطها من تعقيدات وتوافقات سياسية ودراسات للواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي السائد في الدولة، والتخوف من عدم فاعلية أغلب التشريعات وعدم تحقيقها للغايات التي شرعت من أجلها أو عدم أمكانية تنفيذها أو عدم رضا المواطنين وأصحاب المصالح عن بعضها لتعارضها مع مصالحهم، لذا بات لزاماً وضع معايير ينبغي أن تسعى التشريعات الجيدة إلى تجسيدها من خلال الرؤيا العامة للعملية التشريعية في معالجة القضايا المختلفة[20].
المطلب الثاني: خصائص السياسة التشريعية وأهدافها
من نافلة القول: فأن السياسة التشريعية تُعد المادة الرئيسة للتشريع وأساسه، ولعلّه تعلق السياسة التشريعية بأهداب التشريع ينصرف معناها إلى القواعد القانونية المكتوبة الصادرة عن السلطة المُختصة في الدولة لتنظيم التعاملات الاجتماعية بين الأفراد وما بينهم والدولة، ومن ثم يُعد التشريع المصدر الأهم من بين مصادر القواعد القانونية والوسيلة الرئيسة في تنظيم شؤون المجتمع بما يفرغه المُشرع من الأحكام في نصوص قانونية مكتوبة موجه إلى المخاطبين بها[21]، لذا بأت للسياسة التشريعية خصائص معينة وأهداف ترنو إليها يُمكن الإفصاح عنها على النحو الآتي:-
الفرع الأول: خصائص السياسة التشريعية
السياسة التشريعية بالمعنى السالف تتميز بالعديد من الخصائص[22]، لعلّ من أهمها:-
أولا: تمثل السياسة التشريعية فلسفة النظام السياسي وطبيعة نظام الحكم: من المُسلم به بأن السياسة التشريعية تتأثر بالمعطيات السياسية القائمة، مما يفضى إلى إيجاد منهج تشريعي يتختلف من نظام إلى آخر، ويتأثر بدرجة كونه نظاماً سلطوياً أو نظاماً ديمقراطياً، فالسياسة التشريعية في الحالة الأولى لا تتيح للمجالس التشريعية دوراً كبيراً في رسم السياسة التشريعية وإعدادها، وإنما يكون للسلطة التنفيذية هذا الدور، وما على السلطة التشريعية إلا تشريع القوانين التي تراها السلطة التنفيذية وتحددها، أما في ظل الأنظمة الديمقراطية التي تمتاز بوجود تعددية سياسية وأحزاب سياسية متعددة فأن السياسة التشريعية تكون عملية مركبة، محصلة تفاعل الأطراف الاجتماعية والقوى السياسية دون أن تكون ثمة غلبة لطرف على طرف آخر في دائرة التأثير التشريعي [23].
ثانيا: تمثل السياسة التشريعية برامج عمل وخطط تتعلق بالعملية التشريعية يتخذها صُناع القرار التشريعي في الدولة: إذ إن السياسة التشريعية تمثل برامج عمل وخطط تتعلق بالعملية التشريعية يتخذها صُناع القرار التشريعي في الدولة على وفق صلاحياتهم الدستورية والقانونية تتسم بالواقعية والمعقولية وتكون قابلة للتنفيذ والقياس والتحليل والتقويم، ومن ثم تختلف عن مُصطلح الأبروتوكيل، أو الأعلان، أو الأشعار أو الأصلاحات التي تتعلق بالجوانب التشريعية[24] ، فهي لا تمثل السياسة التشريعية[25].
ثالثا: تمتاز السياسة التشريعية بالثبات والإستقرار التشريعي: لما كانت السياسة التشريعية تمثل برامج عمل وخطط تتخذها الدولة في مجال تنظيم العملية التشريعية وضبطها بعيداً عن العشوائية في تشريع القوانين والأعتباطية والعفوية في تقديم مشروعات القوانين ومقترحاتها، لذا فأنها تمتاز بالثبات والإستقرار والإستمرارية في نفاذها وفاعليتها، وأن كان لها سقف زمني تنتهي السياسة التشريعية بحلوله، بيد أن ذلك لا يمنع من أن تكون السياسة التشريعية مرحلية أو مؤقتة مرهونة بظروف مُعينة أو لمواجهة مرحلة إنتقالية تتطلبها الحاجة العامة، كما أنها قد تمثل مطالب حكومي تتعلق بالعملية التشريعية تحكم سن القوانين بغية تلبية إحتياجات أفراد الشعب وأشباعها[26].
الفرع الثاني: أهداف السياسة التشريعية
تُسهم السياسة التشريعية في تحديد العديد من الغايات قد تكون أوسع من تلك التي يرنو التشريع تحقيقها، بيد أن أهدافها تختلف بإختلاف النظام السياسي والدستوري السائد في الدولة، لذا تُسهم السياسة التشريعية إلى تحقيق العديد من الأهداف لعلّ من أهمها[27]:-
أولا: تُسهم في تحقيق أهداف التشريع مقاصده: تُسهم السياسة التشريعية في تحقيق أهداف التشريع ومقاصده، ذلك لأنها تنصرف إلى سعي القائمين على إعداد القانون وصياغته ومن ثم دراسة المشكلة المزمع معالجتها تشريعياً بوضع أفضل الحلول الممكنة لمواجهتها وبالتالي ضمان تحقيق القانون لأهدافه، فالقانون ليس مجرد كلمات مدونة على الورق، بل أداة للتغيير الاجتماعي كونه يُسهم في تغيير السلوكيات الاجتماعية لأفراد الشعب، وبالمثل أيضاً سلوكيات المؤسسات العامة لاسيما عندما تأتي هذه القوانين تنفيذاً لسياسة عقلانية ورشيدة تنفذ بفاعلية وجدية، ومن ثم تتمكن الدولة من تنفيذ سياستها بالقوانين التي تطبقها على الحالات العملية، كما تسعى أغلب الأنظمة المقارنة إلى تطبيق سياستها العامة من خلال القوانين التي تشرعها السلطة التشريعية المختصة، ومن ثم أضحى القانون إداة لتخطيط التنمية وهو ما ينطوي على تغييرات واضحة في سلوكيات الأفراد والمؤسسات العامة على حدٍ سواء[28].
ثانيا: تُسهم في جعل التشريع قابلاً للتطبيق والتنفيذ: تُسهم السياسة التشريعية في سن تشريعات قابلة للتنفيذ في الواقع العملي لمواجهة المُشكلة التي شرعت من أجلها، كون القانون جاء بعد دراسة مُعمقة للواقع الفعلي والمُشكلة المُستجدة وتضمن أقتراح الحلول الناجعة لمواجهتها، كما أن السياسة التشريعية تعني أمكانية تطبيق القانون من الناحية المالية كونه جاء بعد دراسة التكلفة المالية المترتبة عليه و جدواه المالية والإقتصادية، وأن فؤائد القانون تبرر تكاليفه، وإن من أهم أركان السياسة التشريعية وضع الأسس التي بموجبها يتم أحتساب التكلفة الإقتصادية للقانون، أو ما يُسمى بدراسة الجدوى الإقتصادية للقانون والتي تعني أن يكون القانون قابلاً للتطبيق عند إنفاذه[29].
ثالثا: تُسهم في ضمان واقعية التشريع: أن السياسة التشريعية تضمن أن يكون القانون النافذ واقعياً وعملياً يتسم بالفاعلية اللازمة لإدارته وتنفيذه بكفاءة وفاعلية[30]، بأن يسعى واضعوا السياسة التشريعية إلى الإنطلاق في رسم السياسة من واقع عملي ومن أرض الواقع الذي يعيشونه لتكون سياستهم واقعية فعلية غير حالمة[31]، ولعلّ هذه الفاعلية تفترض إقتناع أفراد الشعب بأن تطبيق القوانين شرط لضمان مصالحهم وتحسين مستوى حياتهم الاجتماعية والسياسية وتحقيق التنمية الإقتصادية في الدولة، كما تضمن في الوقت ذاته التلاحم والإندماج بين السلطة التشريعية وأفراد الشعب بأن يكون للأولى وزن أجتماعي مستند إلى قاعدة شعبية صلبة تُعد مصدراً فكرياً ملهماً لصانعي القرار التشريعي بمدهم بالأفكار العملية التي تصب في خدمة المصلحة العامة[32]، كما وتُسهم السياسة التشريعية في ضمان قدر مناسب من الإستقرار التشريعي والتنبوء بالأحداث والوقائع التي يُمكن أن تستجد على صعيد الواقع العملي وتلافي العواقب غير المتوقعة أو غير المرغوبة بها أثناء التطبيق[33]، فالتشريعات التي يتم إعدادها على وفق رؤية وسياسة مُعنية تتسم بالثبات والإستقرار تحكمة الظواهر الاجتماعية والإقتصادية الدائمة وتنظمها ولا تأتي لمعالجة ظاهرة طارئة بالأمكان معالجتها بغير الوسيلة التشريعية[34].
رابعا: تُسهم في ضمان حُسن المعالجة التشريعية وفاعليتها: حيث تمكن السياسة التشريعية الجهات القائمة على إعداد القانون وتشريعه من دراسة الظاهرة محل المعالجة، وتوخي الملائمة بأن تكون القيود التشريعية المفرضة على أفراد المجتمع متناسبة مع الفوائد المزمع تحقيقها منه، وأن يكون القانون عادلاً في تطبيقه بين أفراد الشعب كونه يضفي حتمية تطبيقه في الدولة، كون الأفراد سيكونون على قناعة بأن القانون ما هو إلا وسيلة لتحقيق مصالحهم وضبط السلوكيات الاجتماعية غير المرغوبة ويضمن الإستقرار وتحقيق الأمن القانوني[35].
ومن جهة أخرى تضفي السياسة التشريعية على القانون المُشرع الدقة والوضوح والمعقولية من خلال حُسن صياغته على وفق السياسة التشريعية للدولة لاسيما وأن الصياغة التشريعية علم وفن، فهي الوسيلة الفنية التي تستخدم في أنشاء القواعد القانونية النابعة من السياسة التشريعية، حيث يصنع المُشرع هذه القواعد من المعطيات الطبيعية والتأريخية والعقلية والمثالية للمجتمع التي تجسدها السياسة التشريعية، لتغدو مهمة المُشرع والصائغ تحويل هذه المعطيات إلى قواعد قانونية ميسورة الفهم وسهلة التطبيق في أطارها العملي والتطبيقي[36] .
خامسا: تُسهم في ضمان سلامة التشريع من الناحية القانونية والدستورية: إن إقرار السياسة التشريعية وأصدار القوانين على هداها يضمن سلامتها من الناحيتين الدستورية إذا روعي في أعداد القوانين وتشريعها الجوانب الشكلية والموضوعية، ومن ثم يأتي القانون المُشرع مُنسقاً ومنسجماً مع أحكام الدستور والمعاهدات والإتفاقيات الدولية النافذة، كما يأتي غير متعارض مع القوانين النافذة في الدولة أو متناقض معها[37].
المبحث الثاني
نطاق السياسة التشريعية وتمييزها
من غيرها من المفاهيم الأخرى
لعّل السياسة التشريعية بالمعنى السالف تشير إلى نطاق تطبيقها بأن تدور في فلك العملية التشريعية ومدياتها بعدها محددات فكرية وصياغية للنصوص القانونية التشريعية، وهي بهذه المثابة تتجلى بخصوصية مُعينة تميزها عما سواها من الأوضاع القانونية الأخرى التي قد تخالطها في المفهوم والغاية والآثر.
وعلى ذلك يُمكن بيان هذا الموضوع من خلال تقسيمه على مطلبين نُعالج في المطلب الأول: نطاق السياسة التشريعية، ونبحث في المطلب الثاني: تمييز السياسة التشريعية من غيرها من المفاهيم الأخرى.
المطلب الأول: نطاق السياسة التشريعية
لما كانت السياسة التشريعية تدور في فلك العملية التشريعية، لذ فقد عُدت السياسة التشريعية قطب الرحى في إقرار القوانين، فالسياسة التشريعية تتعلق بالنصوص القانونية المُشرعة التي تسنها السلطة التشريعية المُختصة على وفق الإجراءات والأطر المحددة دستورياً، لذا تتخذ نطاقاً مكانياً يتحدد ضمن حدود الأقليم الجغرافي للدولة، كما أن لها نطاقاً زمانياً، كما أن لها نطاقاً موضوعياً نابعاً من موضوع التشريعات التي تعالجها، هو ما يُمكن بيانه على النحو الآتي:-
الفرع الأول: النطاق الزماني والمكاني للسياسة التشريعية
أولا: النطاق الزماني للسياسة التشريعية:
يتمثل النطاق الزمني للسياسة التشريعية بالفترة الزمنية التي تسري في غضونها التشريعات والتي تعبر عن فلسفة الدولة وتوجهاتها في الشؤون العامة مبلورة أياها في النصوص القانونية، ولعلّ هذا النطاق يتوقف على فترة سريان السياسة التي تتحدد بدورها بالبرنامج الذي تسعى السياسة تحقيقه، إذ قد تتحقق بفترة قصيرة الأجل أو متوسطة الأجل أو طويلة الأجل، أو قد تكون السياسة التشريعة طارئة وعارضة تأتي لمواجهة ظروف وأوضاع أستثنائية مُعينة كحالة الحروب أو الكوارث الطبيعية أو الأزمات المالية والإقتصادية التي تتطلب مواجهتها بأجراءات تشريعية خاصة.
ثانيا: النطاق المكاني للسياسة التشريعية:
للسياسة التشريعية نطاق مكاني يتمثل في الرقعة الجغرافية التي تسري في ظلها المنظومة القانونية للدولة، بأن يشمل أقليم الدولة برمتها سواء أكانت دولة بسيطة أم مركبة، أتحادية أم غير أتحادية، تتبع نظام الإدارة المركزية أم اللامركزية، لاسيما في الموضوعات ذات الطابع العمومي والشامل لجميع أفراد المجتمع المتعلقة بالصحة والرعاية الاجتماعية والأمن والقضاء وغيرها، مع عدم الإخلال بأمكانية تفرد السياسة التشريعية بطابع خاص بأن تقر تشريعات خاصة تراعي بعض الجوانب التي تخص بعض المناطق الجغرافية على أساس أقليمي، من ذلك التشريعات المتعلقة باللغات المحلية أو الثقافة والتربية والتعليم لبعض أقاليم الدولة.
الفرع الثاني: النطاق الموضوعي للسياسة التشريعية:
يتمثل النطاق الموضوعي للسياسة التشريعية بالتشريع بعده تجسداً للسياسة التشريعية ومحورها، كما يُمكن أن نجده في التشريعات الثانوية، وهو ما يُمكن بيانه على النحو الآتي:-
التشريع محل السياسة التشريعية وأساسها: يُعد (التشريع) مصدر رسمي من مصادر القانون، ينصرف معناه إلى سن قواعد قانونية على شكل مكتوب وأعطاؤها القوة الملزمة بواسطة السلطة التي منحها الدستور هذه الصلاحية، كما يُطلق أصطلاح (التشريع) على القواعد القانونية ذاتها، أو على النص الذي تضعه السلطة التشريعية، فمصطللح التشريع يستعمل أحياناً بمعنى (المصدر)، ويستعمل أحياناً أخرى بمعنى( القاعدة أو القواعد المُستمدة من هذا المصدر)، وهذا المعنى الأخير يؤدي مُصطلح التشريع بعض ما يؤديه مُصطلح القانون بمعناه الخاص، فيقال تشريع العمل أو التشريع المالي أو التشريع الجنائي وهكذا، وبهذا المعنى الخاص يفيد التشريع معنى القانون المكتوب[38].
هذا وللتشريع أهمية كبيرة على مر العصور وتظهر في العديد من الجوانب تجسد جوهر السياسة التشريعية وغاياتها[39]، فسهولة تعديل التشريع وألغائه يضفي المرونة والسهولة على إعداد السياسة التشريعية وتعديلها وإستجابتها لتطورات المجتمع وظروفه مما يُسهم في تطوير المجتمع وتنميته ويحقق وحدة النظام القانوني في الدولة، ومن ثم باتت أهمية التشريع مُجسدة لأهمية السياسة التشريعية بحكم التلازم والأرتباط، وبالمثل أيضاً أنعكست خصائص التشريع ومميزاته على السياسة التشريعية[40]، حيث يضمن التشريع وضع قواعد قانونية تتوافر فيها خصائص القاعدة القانونية على شكل نصوص مكتوبة تصدرها السلطة المُختصة بوضعها وهو ما يجسد السياسة التشريعية التي تحدد مضمون القاعدة القانونية من خلال النصوص المكتوبة التي يتضمنها التشريع[41]، سوءاً أكان تشريعاً دستورياً[42]، أو عادياً[43]، أو ثانوياً[44]، إذ لا يتخذ التشريع قبيلاً واحداً، بل يتخذ عدة أنواع تتباين في قوتها القانونية وأهميتها تبعاً لموضوعه وإجراءات سنه وإقراره[45].
التشريعات الثانوية بعدها معززة للسياسة التشريعية ومكملة لها: إذا كان الأصل بأن نطاق السياسة التشريعية يتحدد كأصل عام بالتشريع لأهميته والخصائص التي يتمتع بها على النحو السالف بيانه [46]، فأنه مع ذلك يجب عدم أهدار وجود مصادر أخرى تُسهم في فاعلية السياسة التشريعية وكفاءتها لاسيما التشريعات الثانوية، إذ يُمكن أن تُعد محلاً للسياسة التشريعية، أما لكونها معززة للسياسة التشريعية المُتجسدة في النصوص التشريعية، أو مكملة لها من خلال الأنظمة والتعليمات التي تأتي تفصيلاً وتنفيذاً للنصوص التشريعية[47]، بل وقد يكون التشريع الثانوي الإدارة الرئيسة في تنفيذ السياسة بعده الوسيلة الرئيسة في إقرارها وتنفيذها في حالة كون السياسة التشريعية لا تتطلب تدخلاً تشريعياً، بل أن الأنظمة المقارنة تشير إلى براعة صانعي السياسة إلى إقرارها وتنفيذها بإعتماد الخيارات والحلول غير التشريعية في إقرارها وتنفيذها من بالركون صوب الأنظمة والتعليمات[48].
وعلى ذلك فأن التشريع الثانوي يمثل تشريع تفصيلي تسنه السلطة التنفيذية بمقتضى الإختصاص الأصيل المخول لها بموجب الدستور في حالات مُعينة بهدف تسهيل تنفيذ القوانين أو تنظيم المرافق العامة أو المحافظة على الأمن العامة والصحة العامة والسكينة العامة، ويُطلق عليها أحياناً الأنظمة والتعليمات أو اللوائح وهي في مرتبة أدنى في سلم الهرم القانوني في الدولة، لذا تلتزم بالأحكام الموضوعية والشكلية التي يقرها القانون، ولا يتأتي معارضة أو مناقضة له وإلا وعدت مخالفة للقانون، ومن ثم تقسم على أنواع عدة وهي (اللوائح التنفيذية واللوائح التنظيمية والوائح الضرورة ولوائح الضبط) [49]، لذا أضحت للتشريعات الثانوية دوراً مهماً في تحقيق الحكومة التنظيمية (regulatory governance) بعدها وسيلة مهمة لتحقيق الأصلاح التنيظيمي والإقتصادي في العديد من الدول المقارنة[50].
المطلب الثاني:تمييز السياسة التشريعية من غيرها من الأوضاع القانونية الأخرى
إذا كانت السياسة التشريعية تعني مجموعة الإجراءات التي تتضمن المفاضلة بين خيارات متعددة من رسم الإجراء الملائم للعملية التشريعية ومساراتها ضمن رؤيا محددة وواضحة خلال فترة من الزمن، فأن ملامح السياسة التشريعية قد تختلط مع غيرها من المفاهيم القانونية الأخر، لاسيما فكرة الأولوية التشريعية والخطة التشريعية[51]، ومن ثم بات لزماً وضع معالم التمييز ما بين السياسة التشريعية وغيرها من الأوضاع القانونية الأخرى، وهو ما يُمكن بيانه على النحو الآتي:-
الفرع الأول: تمييز السياسة التشريعية من الأولوية التشريعية:
يُمكن التمييز بين السياسة التشريعية والأولوية التشريعية من خلال مُعالجة الجوانب الآتية:-
أولا: معنى الأولوية التشريعية وأهميتها:
معنى الأولوية التشريعية: يُراد بالأولوية التشريعية (legislative priorities) قيام السلطة التنفيذية بتحديد مشروعات القوانين التي لها أهمية على بقية التشريعات بما يضفي منحها أسبقية في السير بإجراءت سنها وتشريعها، ولعلّ الغاية من الأولوية التشريعية هو رغبة الجهات التنفيذية بسرعة أنجاز التشريعات المتعلقة بالمهام الموكلة لها أو ضمن برنامجها الحكومي، أو لتعلقها بمعالجة مشكلة طارئة ضمن نصوص قانونية مُستعجلة، لذا تضفي على مشروع قانون مُعين أو مجموعة من مشروعات القوانين صفة الأولوية لضمان إنجازها من السلطة التشريعية بالسرعة المطلوبة وأعطاها الأسبقية في إجراءات التشريع، بعيداً عن عملية سن التشريعات بطريقة أعتباطية وكيفية[52].
أهمية الأولوية التشريعية: يُسهم تحديد أولويات التشريع في تلافي أشكلات تزاحم مشروعات القوانين المحالة من السلطة التنفيذية إلى السلطة التشريعية وتزايدها، وتلافي التحديد الأعتباطي للتشريعات الناتج عن مطالبات شعبية آنية أو رغبات سياسية عارضة دون مراعاة للأمكانيات المادية والإقتصادية المتاحة والمشاكل التي تحتاج إلى معالجات جذرية[53].
ثانيا: آليات تحديد الأولوية التشريعية: يجري تحديد الأولوية التشريعية عادة في أغلب مشروعات القوانين التي تقدمها الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة بالركون إلى معايير مُعينة تختلف تبعاً لأختلاف النظم المقارنة وتباينها[54]، إلا أنها بشكل عام تجري في أغلب الدول من خلال الوزارة على وفق البرنامج الحكومي أو خطة الدولة وسياستها العامة والخاصة بشأن قطاع مُعين من القطاعات العامة، ومن ثم تقوم الوزارة بالوقوف على رأي المجالس الإستشارية المخصصة بأقرار الأولوية، كما يُمكن تحديد الأولوية التشريعية في بعض الدول من خلال لجنة التشريع بمجلس الوزراء (Cabinet Committee on Legislation) التي يرمز لها أختصاراً (CCL) أو الجهة الرئيسة للصياغة أو جهة حكومية مركزية أخرى تتولى إقرار أولويات التشريع تبعاً للبرنامج الحكومي، في حين لا توجد في بعض الدول جهة مسؤولة عن تحديد الأولوية التشريعية، إذ يرسل الوزراء مشروعات القوانين التي تتعلق بعملهم إلى الجهة التي تتولى الصياغة الرئيسة لمشروع القانون لتتولى صياغته[55].
أما في العراق فيلاحظ من خلال إجراء المسح وإستقراء التشريعات النافذة والآليات المعتمدة في سير العملية التشريعية سواء كمشروعات قوانين أو مقترحاتها غياب أولويات التشريع، فقد عانت السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية من عدم وجود اتفاق واضح ومتجانس ومحدد لأقرار مشروعات القوانين ذات الأولوية حسب أحتياجات أفراد الشعب أو البرنامج الحكومي[56]، لذا نجد أهمال العديد من القوانين ذات الأهمية الملحة على حساب القوانين الأقل أهمية، وكذلك البدء في مجال أو محور قانوني مُعين وعدم أتمامه والأنتقال إلى مجال أخر وهو ما أنتج رزماً قانونية مبتورة وغير قادرة على تحقيق غاياتها، وكذلك عدم تحديث النظام القانوني في الدولة بتشريعات متطورة فاعلة وكفوءة، كما لم تتبع الجهات القائمة على العملية التشريعية فلسفة مُعينة في تحديد أولويات التشريع، فبعض التشريعات جاءت وليدة لحظة مُعينة وحاجة آنية والبعض الآخر وليد الضغط أو مطالب من بعض الجهات المانحة وغيرها، مع الأشارة إلى أنه تم إعداد أولويات الحكومة من التشريعات عام 2008 وصدرت إستناداً إلى قرار مجلس الوزراء المتخذ في جلسته الأعتيادية المنعقدة بتأريخ 8/4/2008[57].
ثالثا: تمييز السياسة التشريعية عن الأولوية التشريعية: تأسيساً على ما تقدم تُحدد الأولوية التشريعية في ضوء تعلق بعض مشروعات القوانين بالبرنامج الحكومي أو أهميتها المالية والإقتصادية، من ثم تحدد الأولوية التشريعية في ضوء معايير السياسة التشريعية، بل وتستمد الأولوية التشريعية مادتها الأولية من (البرنامج الحكومي) الذي يتضمن تحديد الأولويات التي تسعى الحكومة إلى تنفيذها ضمن برنامجها الإنتخابي المُعلن عنه ثم برنامجها الحكومي المقرّ من السلطة التشريعية المُختصة، وهو ما يختلف عن مُصطلح (الستراتيجية) الذي يُراد به الأساليب المتبعة في تنفيذ البرنامج الحكومي والتي عادة ما تكون مقترنة بعمر الحكومة البالغ (4) سنوات، والذي يختلف بدوره عن مُصطلح (البرامج والمشاريع) التي تُعد إجراءات تنفيذية للخطة الستراتيجية مُصاغة في ضوء البرنامج الحكومي وضمن أهداف السياسة التي ترنو الدولة بلوغها كونها تُعد بوصلة للستراتيجية[58].
الفرع الثاني: تمييز السياسة التشريعية من الخطة التشريعية:
يُمكن التمييز بين السياسة التشريعية والخطة التشريعية من خلال معالجة الجوانب الآتية:-
أولا: معنى الخطة التشريعية وأهميتها:
معنى الخطة التشريعية: يُراد بها الجدول الزمني لمشروعات القوانين التي يجب على السلطة التنفيذية عرضها على السلطة التشريعية للسير بإجراءات تشريعها، إذ تعمد بعض الدول إلى قيام السلطة التنفيذية بتحديد مشروعات القوانين التي يجب عرضها على السلطة التشريعية خلال فترة زمنية معنية -عادة ما تكون سنة- وضمن جدول محدد لتتمكن الجهات التنفيذية من المباشرة في إعداد هذه المشروعات بشكل أكثر تفصيلاً ودقة ليتم عرضها على السلطة التشريعية في مواعيدها المُحددة في البرنامج الزمني، وعلى ذلك تمثل الخطة التشريعية ورقة عمل ذات جدول زمني وخارطة تشريعية تشير إلى القوانين التي ستشرع خلال فترة زمنية قادمة، كما تتضمن الخطة التشريعية معايير لترتيب الأولويات في إعداد القوانين سواء أكانت مشروعات القوانين ضمن سلة تشريعية واحدة أم منفردة، كما وتُعد الخطة التشريعية منهجية لعمل الحكومة والوزارات والهيئات العامة في الدولة تتضمن مجموعة من المعايير منها أن تقدم هذه القوانين إصلاحاً مالياً أو اجتماعياً أو إقتصادياً وأن تكون أضطرارية ومدروسة من جميع الجوانب لاسيما المالية، وأن تكون مقبولة من أفراد الشعب [59].
هذا ولقد أخذت السلطة التنفيذية ممثلة بمجلس الوزراء بالخطة التشريعية وتطبيقها في النظام القانوني العراقي بموجب توجيهاته في الجلسة الإعتيادية الثالثة عشر المنعقدة بتأريخ 9/12/2014 من خلال مراجعة مشروعات القوانين المحالة من الحكومة إلى مجلس النواب وإعادة النظر بشأنها وتحديد الأولويات منها وفقاً للأطار العام للبرنامج الحكومي للسنوات (2014-2018) وتقديم رؤيا نهاية بشأنها إلى مجلس الوزراء[60].
أهمية الخطة التشريعية: لما كانت الخطة التشريعية تُعد جدولاً زمنياً لسير مشروعات القوانين، لذا بات لها أهمية كونها تمكن السلطة التنفيذية من إعداد مشروعات القوانين وتمريرها إلى السلطة التشريعية في موعدها المقرّر في الجدول الزمني المتفق عليه، ومن ثم تنظيم سير العملية التشريعية على أسس ومواعيد محددة وواضحة متفق عليه، ومن ثم التروي في إعداد مشروعات القوانين على وفق أولوياتها والأطمئنان إلى مشروعات القوانين المحالة إلى السلطة التشريعية بأنها ستشرع ضمن جدولها الزمني، لذا نجد سعي العديد من الدول إلى عرض الخطة التشريعية على السلطة التشريعية للموافقة عليها ابتداءً[61].
ثانيا: متطلبات البرمجة التشريعية: تتمثل في مسألتين هما:-
الأتفاق على البرامج التشريعية: تُعد مسألة الأعداد الجيد للقانون من أهم متطلبات جودة النظام القانوني في الدولة، لذا تهتم الأنظمة المقارنة بالإعداد الجيد لمشروع القانون من حيث توفر الوسائل والأدوات اللازمة لإنجاحه، من ذلك على سبيل المثال؛ وجود جهة متخصصة في رئاسة السلطة التنفيذية مسؤولة عن العمل مع الوزارات من أجل تخطيط ووضع برنامج تشريعي لأحالته لرئيس الدولة أو مجلس الوزراء للموافقة عليه، ووجود ضوابط تحدد الأجراء الواجب إتباعه من الوزارات المعنية عند تقديم طلباتها لتضمين مشروعاتها البرامج ضمن أولويات الحكومة ليتم التعامل مع هذه الطلبات على وفق الأولويات العليا للدولة[62]، وكذلك وجود جدول زمني لأنهاء البرنامج سنوياً، على أن يُسبق بفترة كافية من موعد أنعقاد جلسة السلطة التشريعية وذلك لأتاحة الوقت الكافي لأنهاء مشروعات القوانين والموافقة على البرنامج المتفق عليه من رئاسة الدولة، وكذلك وجود إجراءات مُعينة للتعامل مع المشاريع المُستعجلة التي تنشأ بعد الموافقة على البرنامج التشريعي، ومطالبة الوزارات بعدم الشروع في تحضير مشروعات القوانين التي لم تحظ بالموافقة على تضمينها في البرنامج، على أنه بمجرد تنفيذ البرنامج الزمني للتشريعات تصبح الجداول الزمنية حتمية، كما يجب إتخاذ القرارات فيما يتعلق بمواعيد عرض مشروعات القوانين على السلطة التشريعية، وتحدد مركزياً الجداول الزمنية لتحضيرها[63]، كما يجب تنفيذها من السلطة التنفيذية ومراقبة هذا التنفيذ، على أن ذلك يتطلب قيام كل وزارة بوضع خطة داخلية لتنفيذ الجدول الزمني لضمان عرض المشروعات ضمن التوقيتات المحددة لها وتوفير الإمكانيات المادية والبشرية اللازمة للعمل على تنفيذها[64].
إستخدام منهج الغايات والوسائل: يُعد هذا المنهج أن الغايات والأهداف التي يُعلن عنها واضعوا السياسات أمر مُسلم به، حيث يضع مستخدمو المنهج حلولاً تشريعية بديلة للوصول إلى تلك الأهداف، ويختارون الحلول التي تبدو أكثر ملائمة ونتائج إيجابية وتحقق الغايات المرجوة، كما إن إستخدام هذا المنهج ينسجم مع الفلسفة الوضعية في الفصل بين الحقائق والقيم ويرفض الأعتراف بأرتباط البحث عن الحقائق بتحديد الأهداف الأساس للقانون، تاركاً القرار الحاسم لتقييم واضعي السياسات في منهج الغايات والوسائل (يستخدم واضعو السياسات الحقائق في المقام الأول للمرونة بين التكاليف ومزايا الوسائل البديلة لبلوغ الأهداف المحددة مُسبقاً) [65]، ويتم عكس ذلك بأهداف القانون التي تضعها السلطة القائمة على التشريع، مع ملاحظة إن أعتماد المنهج التدريجي في ظل تعقد الحياة العامة فأنه يغدو من المتعذر التنبوء بتبعات القوانين الجديدة، لذا ينصح بالتطرق إلى المشاكل موضوعة البحث وأقتراح الحلول الأكثر فاعلية والأقل تغييراً في الشؤون العامة أو من شأنها أحداث تغيرات اجتماعية طفيفة وتدريجية ولا ينتج عنها تخبط في إداء السياسة العامة[66].
ثالثا: خصوصية الخطة التشريعية:
ثمة أختلاف بين الأولوية التشريعية والخطة التشريعية حيث تُحدد الأولوية التشريعية أسبقية بعض مشروعات القوانين عما سواها من المشروعات الأخرى، لتأتي الخطة التشريعية ضمن مواعيد زمنية تحدد توقيتات عرض هذه المشروعات على السلطة التشريعية، وبالمثل أيضاً ثمة تباين بين السياسة التشريعية والخطة التشريعية حيث أن السياسة التشريعية (Policy Legislative) تختلف عن الخطة التشريعية (Legislative Plan) في أن الأولى تمثل الهدف المراد تحقيقه، أما الثانية فهي المخطط العام للأسلوب الذي سيتم به تحقيق هذا الهدف [67].
الفرع الثالث: تمييز السياسة التشريعية من الستراتيجية التشريعية:
يُمكن التمييز بين السياسة التشريعية والستراتيجية التشريعية من خلال الآتي:-
أولا: معنى الستراتيجية التشريعية وأهميتها:
معنى الستراتيجية التشريعية: يُراد بها التوجهات الرئيسة التي تحكم مهام الدولة وواجباتها التي تضعها الجهة التنفيذية وتقرها السلطة التشريعية، وتُعد دالة العملية التشريعية وأجندتها للفترة المقبلة، فالستراتيجية التشريعية تتعلق بــ(الخطة الستراتيجية) التي توضع من الحكومة بموافقة الهيئة التشريعية على وفق المهام والواجبات المتعلقة بعمل الدولة التي تحددها نصوص الدستور ومبادئه العليا كونها تمثل الأهداف الرئيسة لعمل الدولة وممارستها لمهامها وواجباتها الأساس، وهو ما يتطلب أقراره بتشريعات تتوافق مع مهام الحكومة وواجباتها[68]، وهي تختلف عن (الخطط والبرامج الحكومية) التي تلتزم بها الحكومة بعد فوزها بالإنتخابات وتشكيلها بنيلها ثقة البرلمان[69]، إذ تلتزم بها الدولة ضمن برنامجها الحكومي المُعلن، بأن توضع ضمن برنامج الحكومة أثناء المرحلة الإنتخابية وقبل نيلها الثقة من البرلمان ويصادق عليها البرلمان مع مصادقته على منح الثقة للحكومة[70]، ومن ثم تُعد عملية صنع السياسات هي الترجمة للرؤية السياسية للدولة إلى البرامج والقوانين والتوجيهات العامة بهدف الوصول إلى مخرجات معينة تهدف إلى إحداث تغييرات في الواقع السائد، لذا فأن صنع السياسات تُعد ومن أهم وظائف الحكومة تضمن صنع القرار ضمن الأجندة الوطنية للحكومة في المجالات كافة [71].
أهمية الستراتيجية التشريعية: تُسهم الستراتيجية التشريعية في تنظيم العملية التشريعية وحسُن سيرها بتشريع القوانين المهمة والفاعلة التي تحتاجها الدولة في تنظيم الشؤون العامة.
ثانيا: اليات أعداد الستراتيجية التشريعية:
نلاحظ في العراق وجود العديد من الستراتيجيات التي تقترحها الجهات الحكومية المُختصة ممثلة بوزاراتها وجهاتها غير المرتبطة بوزارة وتقرها الحكومة تنال قطاع مُعين من القطاعات الاجتماعية أو الإقتصادية أو المؤسسية، من ذلك ستراتيجية تطوير القطاع الخاص (2014-2030) [72]، وكذلك سترتيجية مكافحة الفقر وسترتيجية مكافحة الفساد[73]، حيث تتولى كل منها جانباً مهماً من الجوانب التي تعاني من تراجعها والحاجة إلى تلافي آثارها السلبية، وهنا ينبغي الأشارة بأن الستراتيجية الأخيرة المتعلقة بمكافحة الفــــــــــساد جاءت تنفيــــــذاً لأتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003 [74] التي صادق عليها العراق بالقانون رقم (35) لسنة 2007 لتشمل مختلف المستويات التنظيمية وتوزيع الأدوار بينها وترتيب الأولويات والنتائج المتوقعة على مجموعة من الأسس الموضوعية المهنية والشفافة، كما تضمنت هذه الستراتيجية مقترح تشريع قوانين يتطلب تشريعها إستكمالاً لمتطلبات تنفيذ الستراتيجية المذكورة منها(قانون هيئة النزاهة، وقانون مكاتب المفتشين العموميين وقانون الرقابة المالية، وقانون مكافحة الفساد) أضافة إلى مقترح تشريعات قوانين أخرى مهمة مفاعلية لمكافحة الفساد كمشروع قانون لتنظيم المناقصات والمشتريات، لمعالجة تمويل الأحزاب السياسية، وحماية الشهود والمخبرين والضحايا، وحق الأطلاع، وتنظيم رواتب موظفي الدولة من الدرجات العليا والخاصة[75].
من ذلك نجد تضمن قرار مجلس الوزراء رقم (68) لسنة 2014 [76] قيام مكتب وزير الدولة لشؤون المحافظات ومجلس النواب بمفاتحة مجلس النواب لغرض حثه على الأسراع في تشريع القوانين المهمة التي سبق أحالتها اليهم[77]، وكذلك قرار مجلس الوزراء رقم (21) لسنة 2015 [78] بشأن (مشاريع القوانين المتعلقة بالبرنامج الحكومي) المتضمن الموافقة على تصنيف مشاريع القوانين المهمة المحالة إلى مجلس النواب بالشكل الذي ينسجم مع البرنامج الحكومي وكما يأتي: أولاً: المشاريع ذات الطبيعة الإقتصادية[79]. ثانياً: المشاريع ذات الطبيعة الأمنية[80]. ثالثاً: المشاريع ذات الطبيعة الخدمية[81]. رابعاً: المشاريع ذات الطبيعة العلمية والبيئية[82] )، كما تضمن ترتيب مشاريع القوانين المرسلة من الحكومة إلى مجلس النواب تبعاً لتسلسلها، وكذلك قرار مجلس الوزراء رقم (41) لسنة 2017 بشأن الأسراع في تشريع القوانين المهمة المتعلقة بالبرنامج الحكومي[83]، كما نجد ذات الأمر في البرنامج الحكومي الذي جسده قرار مجلس الوزراء رقم (9) لسنة 2020 بشأن الأصلاح الإداري ومكافحة الفساد[84]، حيث تضمن فقرات اساسية في تقليص الهياكل الإدارية للدولة وتشريع القوانين التي تتطبلها نجاح الحكومة الإلكترونية، فضلاً عن مكافحة الفساد وأصلاح نظام المشتريات الحكومية وتفعيل دور مجلس الخدمة[85].
خاتمة
في خاتمة هذا البحث يمكن ان نخرج بمجموعة من الاستنتاجات والتوصيات التي ندعو المُشرع العراقي للاخذ بها نبينها على النحو الآتي:-
أولاً: الاستنتاجات:
تبين لنا بان السياسة التشريعية تُشير إلى عملية إتخاذ القرارات ضمن المفاضلة بين البدائل المتاحة والممكنة في ضوء أولويات إفراد الشعب ومصالح المجتمع، وانها الفلسفة التي تحكم العملية التشريعية متأثرة بالإعتبارات السياسية السائدة في الدولة ورؤية النظام السياسي بشأن العملية التشريعية، وانه ليس ثمة تعريف موحد جامع ومانع يُمكن تعميمه على جميع أنواع السياسات العامة على أختلاف مستوياتها ومنظوماتها وقطاعاتها والمجالات التي تعنى بها، فلكل سياسة من السياسات العامة سواء أكانت مالية أم إقتصادية أم اجتماعية أم تشريعية لها خصوصية وطبيعة معينة تجعلها تنفرد بتعريف مُعين، بيد انه بصفة عامة يُراد بالسياسة التشريعية مجموعة من الإجراءات والتدابير التي تحدد معالم التشريعات التي تسنها السلطة المختصة بسن القوانين، لذا فتتحدد معالم هذه السياسة في مجال السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، كما وقفنا على كيفية إضفاء الصفة القانونية على السياسة التشريعية أولها؛ أضفاء الصفة القانونية على السياسة العامة للدولة بطريقة مباشرة: بموجبها فأن توجهات الحكومة وخططها تظهر على شكل سياسات عامة مكتوبة ليتم ترجمتها إلى خطط وبرامج تنفيذية، وثانيها: أضفاء الصفة القانونية على السياسة العامة للدولة بطريقة غير مباشرة: تكون من خلال النصوص القانونية التي تتضمنها مشروعات القانون ومقترحاتها وأسلوب صياغتها بأن تجسد السياسة التشريعية للدولة.
وان السياسة التشريعية بالمعنى السالف ترتبط أرتباطاً وثيقاً بالعملية التشريعية من جانبين هما؛ أولهما أرتباط السياسة التشريعية بفكرة القانون وأسسه وفلسفته: إذ تُعد الساسية التشريعية الموجه الرئيس لفكرة القانون ومضمونه، وثانيهما أرتباط السياسة التشريعية بإجراءات إعداد مشروعات القوانين وسنها وصياغتها: بان تتجسد السياسة التشريعية في النصوص القانونية التي تتضمنها مشروعات القوانين، حيث تأتي هذه النصوص أنعكاساً للسياسة التشريعية وترجمة لها ضمن قالب قانوني مُعين يعبر عن جوهر القاعدة القانونية ومحتواها، كما وقفنا على خصائص السياسة التشريعية تتمثل؛ بانها تمثل فلسفة النظام السياسي وطبيعة نظام الحكم، وتمثل برامج عمل وخطط تتعلق بالعملية التشريعية يتخذها صُناع القرار التشريعي في الدولة، وتمتاز السياسة التشريعية بالثبات والإستقرار التشريعي، كما وقفنا على ما تُسهم الى تحقيقه السياسة التشريعية، بان تُسهم في تحقيق أهداف التشريع مقاصده، وفي جعل التشريع قابلاً للتطبيق والتنفيذ، وضمان واقعية التشريع، وحُسن المعالجة التشريعية وفاعليتها، وسلامة التشريع من الناحية القانونية والدستورية، كما ودرسنا نطاق السياسة التشريعية، منطلقين من فكرة اعتبارها تدور في فلك العملية التشريعية، لذ فقد عُدت السياسة التشريعية قطب الرحى في إقرار القوانين كونها تتعلق بالنصوص القانونية المُشرعة التي تسنها السلطة التشريعية المُختصة على وفق الإجراءات والأطر المحددة دستورياً، لذا تتخذ نطاقاً أمكانياً يتحدد ضمن حدود الأقليم الجغرافي للدولة، كما أن لها نطاقاً زمانياً، كما أن لها نطاقاً موضوعياً نابعاً من موضوع التشريعات التي تعالجها.
كما عالج هذا البحث تمييز السياسة التشريعية عن غيرها من المفاهيم القانونية التي قد تخالطها، لاسيما فكرة الأولوية التشريعية والخطة التشريعية، فقد تعرضنا الى الأولوية التشريعية التي تتمثل بقيام السلطة التنفيذية بتحديد مشروعات القوانين التي لها أهمية على بقية التشريعات بما يضفي منحها أسبقية في السير بإجراءت سنها وتشريعها، وتعرضنا الى موقف التشريع العراقي فيلاحظ من خلال إجراء المسح وإستقراء التشريعات النافذة والآليات المعتمدة في سير العملية التشريعية سواء كمشروعات قوانين أو مقترحاتها غياب أولويات التشريع، فقد عانت السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية من عدم وجود اتفاق واضح ومحدد لأقرار مشروعات القوانين ذات الأولوية حسب أحتياجات أفراد الشعب أو البرنامج الحكومي، لذا نجد أهمال العديد من القوانين ذات الأهمية الملحة على حساب القوانين الأقل أهمية، وكذلك البدء في مجال أو محور قانوني مُعين وعدم أتمامه والأنتقال إلى مجال أخر وهو ما أنتج رزماً قانونية مبتورة وغير قادرة على تحقيق غاياتها، كما تعرضنا الخطة التشريعية باعتبارها الجدول الزمني لمشروعات القوانين التي يجب على السلطة التنفيذية عرضها على السلطة التشريعية للسير بإجراءات تشريعها، إذ تعمد بعض الدول إلى قيام السلطة التنفيذية بتحديد مشروعات القوانين التي يجب عرضها على السلطة التشريعية خلال فترة زمنية معنية -عادة ما تكون سنة- وضمن جدول محدد لتتمكن الجهات التنفيذية من المباشرة في إعداد هذه المشروعات بشكل أكثر تفصيلاً ودقة ليتم عرضها على السلطة التشريعية في مواعيدها المُحددة في البرنامج الزمني، أما الستراتيجية التشريعية فيُراد بها التوجهات الرئيسة التي تحكم مهام الدولة وواجباتها التي تضعها الجهة التنفيذية وتقرها السلطة التشريعية، وتُعد دالة العملية التشريعية وأجندتها للفترة المقبلة.
ثانيا: التوصيات:
في ضوء ما تقدم من استنتاجات توصلنا الى التوصيات الآتية:-
التأكيد على دراسة السياسة التشريعية باعتبارها احدى الموضوعات المهمة المتعلقة بالإجراءات التشريعية لما تمثله من عملية تخطيط وتنظيم للعملية التشريعية، ونوصي بان تكون ضمن مفردات مادة الصياغة التشريعية المقترح تدريسها الى طلبة كلية القانون المرحلة الثالثة.
اعتماد السياسة التشريعية من الجهات القائمة على العملية التشريعية المتمثلة بالسلطة التشريعية (مجلس الاتحاد ومجلس النواب) والسلطة التنفيذية متمثلة (بمجلس الوزراء ورئيس الجمهورية) بغية ضمان دقة وسلامة التشريعات الصادرة في الدولة.
التأكيد على تشريع قانون مجلس الاتحاد واناطة مهام رسم السياسات العامة للدولة ومنها السياسة التشريعية التي تحكم التشريعات التي تصدر عن مجلس النواب ومجلس الوزراء.
التأكيد الأقسام المعنية بالبحوث والدراسات في مجلس النواب ومجلس الوزراء بركون صوب فكرة الأولوية التشريعية التي تضمن قيام السلطة التنفيذية بتحديد مشروعات القوانين التي لها أهمية على بقية التشريعات بما يضفي منحها أسبقية في السير بإجراءت سنها وتشريعها، بغية تحقيق غايات الجهات التنفيذية بسرعة أنجاز التشريعات المتعلقة بالمهام الموكلة لها أو ضمن برنامجها الحكومي، أو لتعلقها بمعالجة مشكلة طارئة ضمن نصوص قانونية مُستعجلة.
[1] يُنظر: آرنولد.ج.هايد نمايمر، هيو هيكلو، كلرولين تيش أدامز، السياسات العامة المقارنة، سياسات الخيار الاجتماعي في امريكا و اوربا واليابان، ترجمة: امل الشرقي ود. فاروق منصور، بدون مكان نشر ودار نشر، بدون سنة، ص19-وما بعدها.
[2] يُنظر: آن سيدمان. وروبرت سيدمان ، ونالين ابيسيكيري، الصياغة التشريعية من أجل التغيير الاجتماعي الديمقراطي، دليل الصائغين، ترجمة بدعم من برنامج الامم المتحدة الانمائي، برنامج إدارة الحكم في الدول العربية، القاهرة، مكتب صبرة للتالف والترجمة، 2005، ص19.
[3] يُنظر: جيمس أندرسون، صنع السياسات العامة، ترجمة د.عامر الكبيسي، عمان، دار المسيرة للنشر والتوزيع، 2010، ص7.
[4] يُنظر:
Guide to Making Legislation, Cabinet Office, UK. 2015, P9.
[5] يُنظر: دليل الصاغة التشريعية، مجلس النواب العراقي، بغداد، 2014، ص30.
[6] يُنظر:
Guide to Making Legislation, Op.cit, P9-10.
[7] من هذه التعاريف؛ « الحلقات التي تربط بين الحكومة وبيئتها المحطية بها»، أوالخطوط العريضة المحددة لكيفية تحقيق الاهداف العامة»، أو» القواعد التنظيمية المعبرة عن فسلفة الدولة ووظائفها»، أو» مجموعة القوانين والانظمة والقواعد الموجهة لافعال الحكومة المتعلقة بالجتمع»، أو»القرارات السياسية التي تنطلق وتتفرع منها القرارات التنظيمية»، أو» برامج عمل تتبناها الجهات الحكومية وتلتزم بتنفيذها» وغيرها من التعاريف الأخرى.
أشار اليها: د. عامر خضير الكبيسي، السياسات العامة مدخل لتطوير اداء الحكومات، القاهرة، المنظمة العربية للتنمية الإدارية، 2008، ص3.
[8] يُنظر: جيمس أندرسون، صنع السياسات العامة، مصدر سابق، ص14.
[9] يُنظر: د. عامر خصير الكبيسي، مصدر سابق، ص 5-6.
[10] يُنظر: د. اكرم الوتري، د. اكرم الوتري، فن اعداد وصياغة القوانين، مجلة القضاء، العدد الثالث، السنة (26) ، ص 54-55.
[11] يُنظر:
Calabresi G. Common Law for the age of statutes. Cambridge (Mass.), 1981, p87.
[12] يُنظر:
Louis –Philippe Pigeon, Drafting and Interperting Legislation, Canada- Toronto, CARSWELL, 1988, P18.
[13] يُنظر:
Calabresi G. op.cit, p89.
[14] يُنظر:
Hurst J. Dealing with statutes. N.Y. Bennion F. Statute Law. L. 1980, p23.
[15] يُنظر:
LAW DRAFTING AND LEGISLATIVE PROCESS IN THE REPUBLIC OF SERBIA AN ASSESSMENT, December 2011, p3-4.
[16] يُنظر:
Louis –Philippe Pigeon, op.cit, P28.
[17] يُنظر:
Australia. Office of the Parliamentary Counsel. Giving Written Drafting Instructions in the Australian Government. Canberra, 2014.
[18] يُنظر:
CHRISTOPHER J. WALKER, FEDERAL AGENCIES IN THE LEGISLATIVE PROCESS: TECHNICAL ASSISTANCE IN STATUTORY DRAFTING, The Ohio State University Michael E. Moritz College of Law, ADMINISTRATIVE CONFERENCE OF THE UNITED STATES, 2015 , P34.
[19] يُنظر:
Hurst J. op.cit, p10-11.
[20] يُنظر:
Louis –Philippe Pigeon, op.cit, P22.
[21] يُنظر: كيت باتشت، ورقة عمل حول تحضير وصياغة وادارة التشريعات، بيروت، ورشة عمل لتطوير نموذج للصياغة التشريعية للبرلمانات العربية، برنامج الامم المتحدة الانمائي، برنامج إدارة الحكم في الدول العربية، يناير 2003، ص3.
[22] يُنظر في هذا المعنى: د. عامر خصير الكبيسي، مصدر سابق، ص 10-11.
[23] يُنظر: علي الصاوي، الصياغة التشريعية للحكم الجيد، اطار مقترح للدول العربية، ورشة عمل حول تطوير نموذج للصياغة التشريعية للبرلمان العربية، برنامج الامم المتحدة، برنامج إدارة الحكم في الدول العربية، 2003، ص5.
[24] من ذلك قرار مجلس الوزراء رقم (404) لسنة 2013 المتخذ في جلسته الاعتيادية الحادية والاربعين المنعقدة بتاريخ 24/2/2013 المتضمن(اقرار وثيقة خارطة عمل وخارطة طريق برنامج الاصلاح الاداري في جمهورية العراق للسنوات (2014-2018). قرار غير منشور. حيث تضمنت الفقرة (4/4/1) منها المتعلقة بمجالات الاصلاح (اصلاح المنظومة القانونية وقوانين الوظيفة العامة من خلال مراجعة وتعديل وتنفيذ القوانين والقرارات المتعلقة بالاصلاح الاداري بتفعيل مواد الدستور ذات الاعلاقة بالاصلاح الاداري واصلاح القوانين ذات العلاقة بالوظيفة العامة).
[25] يُنظر:
Calabresi G. op.cit, p95.
[26] يُنظر:
British Columbia. Office of Legislative Counsel, Ministry of Justice. Guide to Preparing Drafting Instructions, 2013. P43.
[27] يُنظر:
D.M.Olson. Democratic Legislative Institutions. A comparative view. 1994. P.3-4.
[28] يُنظر:
Crabbe, VCRAC ‘Legislative Drafting’: London: Cavendish Publishing, 1993.
[29] يُنظر: ورقة عمل تحسين نوعية القوانين والوائح، منظمة التعاون والانماء الاقتصادية (OECD) ، الاساليب الاقتصادية والقانونية والادارية، 1994، ص 59.
[30] يُنظر:
British Columbia. Op.cit, p65.
[31] يُنظر: كيت باتشت، مصدر سابق، ص3.
[32] يُنظر: السيد علي موسى، العملية التشريعية في الدول العربية، الخبرات المقارنة والدروس المستفادة، ورشة عمل حول تطوير نموذج للصياغة التشريعية للبرلمانات العربية، برنامج الامم المتحدة، برنامج إدارة الحكم في الدول العربية، 2003، ص2.
[33] يُنظر:
Hurst J. op.cit, p15.
[34] يُنظر:
Elliott, David. Preparing Drafting Instructions for Legislation. Canada: David C. Elliott Legislative Drafting Services, 1997.
[35] يُنظر:
Louis –Philippe Pigeon, op.cit, P30.
[36] يُنظر:
European Commission Legal Service: Legal Revisers Group. Seminars on the Quality of Legislation. Brussels, 29 August 2006.
[37] يُنظر:
British Columbia. Op.cit, p66.
[38] يُنظر:
D.M.Olson. op.cit. P76.
[39] يُنظر: توفيق حسن فرج، المدخل للعلوم القانونية، (النظرية العامة للقانون)، الاسكندرية، الدار الجامعية، 1990، ص200.
[40] يُنظر: توفيق حسن فرج، مصدر سابق، ص200.
[41] يُنظر: د. عبد المنعم فرج الصدة، اصول القانون، الاسكندرية، منشاة المعارف، 1994، ص11-12.
[42] يُعد الدستور القانون الاعلى البلاد، وهو أعلى التشريعات قوة ومكانة، إذ تأتي في المرتبة الأولى بينها، إذ يحدد شكل الدولة ونظام الحكم فيها ويبين السلطات العامة ويحدد اختصاصاتها وعلاقتها مع بعضها البعض ويحدد الحقوق والحريات العامة، والتشريع الدستوري يستمد قوته ومكانته بحكم الموضوعات التي يتناولها والشكليات والإجراءات التي أتبعت في سنه، لذا فهو يقع في قمة النظام القانوني في الدولة ويتوجب على التشريعات الإعتيادية والثانوية أن تأتي تطبيقاً له ولا يتأتي لها مخالفته والا كانت مخالفة للدستور ولا قيمة قانونية لها. يُنظر: عبد المنعم فرج الصدة، مصدر سابق، ص102-103.
[43] وهي القواعد القانونية التي تسنها السلطة التشريعية بمقتضى صلاحياتها الدستورية المققرة لها، وقد يطلق عليها تسمية القانون بالمعنى الخاص أوالضيق لذها المصطلح الذي يقصد به قاعدة أومجموعة القواعد القانونية التي تضعها السلطة التشريعية في وثيقة مكتوبة، وذلك تمييزاً بينها وبين التشريع الفرعي أوالثانوي الذي يطلع عليه تسمية الأنظمة أوالتعليمات.
[44] وهو التشريع التفصيلي الي تسنه السلطة التنفيذية بمقتضى الإختصاص الأصيل المخول لها في الدستور في حالات معينة بهدف تسهيل تنفيذ القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية أوتنظيم المرافق العامة أوالمحافظة على الأمن العامة والصحة العامة والسكينية العامة، ويطلق عليها احياناً الأنظمة والتعليمات أواللوائح وهي في مرتبة أدنى في سلم الهرم القانوني في الدولة لذا تلتزم بالأحكام الموضوعية والشكلية التي يقرها القانون ولأي تأتي لها مخالفها وإلا عدت مخالفة للقانون، وتقسم على ثلاثة انواع وهي اللوائح التنفيذية والتنظيمية ولوائح الضبط.
[45] يُنظر: توفيق فرج ، المصدر السابق، ص217-219.
[46] يُنظر:
Helen Xanthaki, Legislative drafting: a new sub-discipline of law is born, 2013, p1.
[47] يُنظر:
British Columbia. Op.cit, p87.
[48] يُنظر:
Segametsi Mothibatsela &John Wilson,op.cit, p20.
[49] يُنظر:
Elliott, op.cit, p34-35.
[50] يُنظر:
Doern, B. and R. Johnson (eds.), Rules, Rules, Rules, Rules. Multilevel Regulatory Governance, University of Toronto Press, Toronto, (2006), p9.
[51] يُنظر في هذا المعنى: آن سيدمان. وروبرت سيدمان ، ونالين ابيسيكيري، الصياغة التشريعية من أجل التغيير الاجتماعي الديمقراطي، مصدر سابق، ص73-وما بعدها.
[52] يُنظر:
Gt. Brit. Committee Appointed by the Lord President of the Council to Report on the Preparation of Legislation. Report (The ‘Renton Report’). London: Sweet & Maxwell, 1975. Cmnd 6053.
[53] يُنظر في هذا المعنى: آن سيدمان. وروبرت سيدمان ، ونالين ابيسيكيري، الصياغة التشريعية من أجل التغيير الاجتماعي الديمقراطي، مصدر سابق، ص77-79.
[54] يُنظر:
D.M.Olson. op.cit. P12-14.
[55] يُنظر في هذا المعنى: آن سيدمان. وروبرت سيدمان ، ونالين ابيسيكيري، الصياغة التشريعية من أجل التغيير الاجتماعي الديمقراطي، مصدر سابق، ص85.
[56] يُنظر:
Elliott, op.cit, p39-40.
[57] مبلغة للوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة كافة بموجب كتاب الأمانة العامة لمجلس الوزراء ذي العد (ش .ز/10/1/أعمام/8393) في 20/4/2008 (غير منشور).
[58] يُنظر:
Louis –Philippe Pigeon, op.cit, P43.
[59] يُنظر:
Effective regulationry institutions for a state based on the ruleof law, workshop for high –level officals of the government of IRAQ, hosted by the government of TURKEY,2011,P1.
[60] معلومات حصل عليها الباحث من ملفات الامانة العامة لمجلس الوزراء . المذكرة الداخلية لدائرة شؤون مجلس الوزراء المرقمة (م.د.ش.ز/10/1/296) في 10/12/2013 المعنونة إلى الدائرة القانونية. (غير منشورة)
[61] يُنظر:
Gt. Brit.op.cit,p43-44.
[62] يُنظر:
Effective regulationry institutions for a state based on the ruleof law, op.cit,P23-24.
[63] يُنظر:
Elliott, op.cit,p 50-52.
[64] يُنظر:
D.M.Olson. op.cit. p43-44.
[65] يُنظر: من ذلك اعمام الامانة العامة لمجلس الوزراء المرقم (ق/2/2/7/20052) في 6/7/2009 الذي تضمن التركيز مشروعات القوانين التي تنطوي على زيادة الموارد المالية للدولة وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
[66] يُنظر:
D.M.Olson. op.cit. p45.
[67] يُنظر:
Gt. Britain. Office of the Parliamentary Counsel. Drafting Guidance. London, 2014.
[68] يُنظر:
Effective regulationry institutions for a state based on the ruleof law, op.cit,P34-36.
[69] يُنظر:
Elliott, op.cit, p70.
[70] يُنظر:
Gt. Brit.op.cit,p65-67.
[71] يُنظر:
A Guide to legislation and legislative process in British Columbia, part 2, Principlies of legislative draftimg, Office of legislative counsel, Ministry of justice, 2013, p2.
[72] ينظر: ستراتيجية تطوير القطاع الخاص (2014-2030) المقرة من مجلس الوزراء، نيسان/2014.
[73] يُنظر: ينظر: دراسات في الاطر التشريعية والمؤسسة للاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد للسنوات(2010-2014)، هيئة النزاهة،
[74] يُنظر: المادة (5/1) من الاتفاقية المذكورة.
[75] يُنظر: دراسات في الاطر التشريعية والمؤسسة للاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد للسنوات(2010-2014)، هيئة النزاهة، ص66.
[76] يُنظر: قرار مجلس الوزراء المذكور آنفاً المبلغ بموجب كتاب الامانة العامة لمجلس الوزراء المرقم بالعدد (ش.ز/10/1/31/34683) في 12/11/2014 . (غير منشور),
[77] وقد تضمن القرر المذكور (11) احد عشر قانوناً تتمثل بمشروعات القوانين الآتي( مشروع قانون الاحزاب السياسية، مشروع قانون منع استعمال وانتشار الاسلحة الكاتمة. مشروع قانون حرية التعبير عن الراي والاجتماع والتظاهر السلمي، مشروع قانون الهيئة العامة لمراقبة تخصيص الايرادات الاتحادية، مشروع قانون جرائم المعلوماتية، مشروع قانون تاسيس المؤسسات الصحية اللاهلية. مشروع قانون اعفاء الشركات العراقية والاجنبية المنفذة للمشاريع الاستثمارية من الضرائب والرسوم، مشروع قانون التضمين، مشروع قانون تنظيم زرع الاعضاء البشرية ومنع الاتجار بها. مشروع قانون هيئة دعاوى الملكية. مشروع قانون المحكمة الاتحادية العليا).
[78] يُنظر: قرار مجلس الوزراء المبلغ بموجب كتاب الامانة العامة لمجلس الوزراء المرقم بالعدد (ش.ز/10/1/31/1056) في 14/1/2015 (غير منشور).
[79] حيث تضمنت (16) مشروعاً تم تحديد سبعة مشاريع تبدأ بمشروع قانون النفط والغاز وتنتهي بمشروع قانون اعفاء الشركات الاجنبية والمقاولين الثانونين الاجانب المتعاقدين في عقود التراخيص من الرسوم.
[80] حيث تضمنت (21) واحد وعشرون مشروعاً تم تحديد (14) اربعة عشر مشروعاً تبدأ بمشروع قانون مكافحة الارهاب وتنتهي بمشروع قانون الحفاظ على الوئائق.
[81] حيث تضمنت (25) مشروعاً تم تحديد (8) مشاريع تبدأ بمشروع قانون الاتصالات والمعلوماتية وتنتهي بمشروع قانون المخدرات والمؤثرات العقلية.
[82] حيث تضمنت (4) مشاريع تم تحديد (3) مشاريع تبدأ بمشروع قانون مكاتب الاستشارات العلمية والفنية في وزارة العلوم التكنولوجيا وتنتهي بمشروع قانون المجمع العلمي العراقي.
[83] قرار متخذ من مجلس الوزراء في جلسته الاعتيادية الثامنة المنعقدة بتاريخ 14/2/2017 مبلغ بموجب كتاب الامانة العامة لمجلس الوزراء المرقم (ش.ز.ل/10/1/3/10/4952) في 16/2/2017.(غير منشور).
[84] يُنظر: قرار مجلس الوزراء المبلغ بموجب كتاب الامانة العامة لمجلس الوزراء المرقم بالعدد (ش.ز/10/1/اعمام/10072) في 13/5/2020 (غير منشور).
[85] حيث تضمن القرار المذكور الفقرات الآتية: « 1. تقليص وترشيد الهياكل الإدارية للدولة عن طريق قيام كل جهة حكومية بتقديم رؤيتها في هذا المجال إلى الامانة العامة لمجلس الوزراء.2. أخذ الإجراءات الملائمة بتشريع القوانين التي تطلبها عملية انجاح الحكومة الالكترونية، وقيام الوزارات والجهات الحكومية بالاسراع في اجراءاتها لاتمتة اعمال وخاصة في مجال اتمتة الكمارك= =والضريبة وتقديم تقارير شهرية عن نسب انجازها إلى الامانة العامة لمجلس الوزراء. 3. قيام هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية الاتحادي بالتنسيق مع الامانة العامة لمجلس الوزراء لغرض اعادة دراسة مشروعات القوانين المتعلقة بمكافحة الفساد وبما يفعل من إجراءات المكافحة ويقوي نجاعتها والتاكيد على تعزيز دور المؤسسات المعنية بذلك. 4. التاكيد على حرية تبادل المعلومات وحق الحصول عليها من خلال الاسراع بتشريع قانون حق الحصول على المعلومة. 5. تكليف وزارة التخطيط بالتنسيق مع الجهات المعنية، لغرض مراجعة تعليمات تنفيذ العقود الحكومية والضوابط الملحقة بها، وبما يضمن تحديث المعايير المعتمدة في إحالة المناقصات، وقيام بتحديث المعايير المعتمدة في اختيار المشاريع الاستثمارية. 6. رفد مجلس الخدمة العامة الاتحادي بالملاكات الوظيفية الملائمة من اجل اخذ دوره وممارسة مهامه».