حقوق الطباعة محفوظة لدى مجلة كلية القانون والعلوم السياسية في الجامعة العراقية
حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمؤلف
حقوق النشر محفوظة للناشر (كلية القانون والعلوم السياسية - الجامعة العراقية)
CC BY-NC-ND 4.0 DEED
Printing rights are reserved to the Journal of the College of Law and Political Science at Aliraqia University
Intellectual property rights are reserved to the author
Copyright reserved to the publisher (College of Law and Political Science - Aliraqia University)
Attribution – Non-Commercial – No Derives 4.0 International
For more information, please review the rights and license
تاريخ التقديم 10/7 تاريخ القبول 13/8
تاريخ النشر 25/10/2024
حجية الأوامر الولائية وآلية تنفيذها
((دراسة مقارنة))
The authority of the state orders and the mechanism of their implementation
((Comparative study))
الباحثة: راويه نعمان عباس
أ.د. مروان القطب
الجامعة الإسلامية في لبنان-كلية الحقوق
Researcher: Rawya Naaman Abbas
Professor Dr. Marwan Al-Qutb
Islamic University in Lebanon-the Faculty of Law
المستخلص
يكون القرار الإداري ملزماً لمن صدر بحقه وللإدارة سلطة تنفيذه من دون اللجوء إلى القضاء وفقاً للقانون ومن دون الحاق الضرر بذوي الشأن , لأن القرار لايسري بحق ذوي الشأن إلا إذا علموا به بوسائل العلم المقررة قانوناً .
وعند قيام الأفراد بالطعن بالالغاء في القرارات الإدارية أمام المحاكم الإدارية المختصة نوعياً ومكانياً فإن ذلك لا يرتب وقف تنفيذ القرار الإداري وللإدارة التمهل في تنفيذ القرار الإداري أو تنفيذه على مسؤوليتها , والعلة الغائية في ذلك هو عدم توقف نشاط الإدارة وأهدافها المرجوة في تحقيق المصلحة العامة بالطعن في قراراتها الإدارية , وبذلك يكون الطعن بالالغاء لا يوقف تنفيذ القرار الإداري من حيث الأصل.
ذ إن الأمر الولائي على العكس من ذلك إذ إنه أمر أو إجراء إداري مؤقت يصدره القاضي المختص في الدعوى المنظورة أمامه وفي الحالات والشروط المبينة قانوناً على العريضة المقدمة من أحد أطراف الخصومة المشتملة على وقائع وأسانيد والمعززة بالمستندات الثبوتية في موضوع مستعجل يتعذر تدارك آثاره فيما لو أستمرت الإدارة بتنفيذه والمضي قدماً نحو السريان به.
الكلمات المفتاحية: الأوامر الولائية , القضاء المستعجل , وقف التنفيذ , السلطات , الحجية , القرار , الجدية , الاستعجال
Abstract
The administrative decision is binding upon those against whom it was promulgated, and the administration has the authority to implement it without resorting to the judicature [in accordance with the law] and without inflicting harm to the stake holders, because the decision does not apply to those stake holders unless they become aware of it through the legally-established means of awareness.
When individuals lodge an appeal for the annulment of administrative decisions before the [qualitatively and spatially] competent administrative courts, this does not lead to staying the execution of the administrative decision, and the administration can decelerate the implementation of the administrative decision or implement it on its own responsibility. The purposeful cause for this, is that the administration’s activity would not be interrupted and its desired goals [in achieving the public interest] would not be fell short through appealing its administrative decisions, and thus the appeal for the annulment does not thwart the implementation of the administrative decision basically.
However, the nature of the order of commitment is the opposite, as it is an order or a temporary administrative procedure promulgated, by the judge who considers the case before him/ her, in the cases and conditions [legally] stated on the petition [submitted by one of the opposing parties] that encompasses facts and evidence and supported by supporting documents about an urgent matter whose effects cannot be remedied if the administration continues to implement it and moves forward towards validating it.
Key words: Orders of commitment, urgent case, stay of execution, authorities, binding force, decision, seriousness, expedition.
المقدمة
أولاً: أهمية البحث:-
إن لجوء المواطنين إلى القضاء لإصدار الأحكام ليس غاية في حد ذاته، بل وسيلة لتحقيق غاية تتجلى في إجبار المحكوم عليه كي يرد الحق لصاحبه قهراً، فلو قبل الأطراف فض خصوماتهم رضائياً لما كان لمرفق القضاء أي دور بينهم، وهذا اللجوء إلى القضاء يتوخى منه استصدار الأحكام وتنفيذها على خصومهم, والاحكام القضائية لا تصدر الإ بعد دراسة نقاط النزاع وتدقيقها والاستماع الى اقوال اطراف الدعوى ومستنداتهم ونتائج التحقيق وبعد تبادل الاراء بين القضاة من أجل احقاق الحق والحفاظ على المصلحة العامة .
ثانياً:منهج البحث:-
إن المنهج المتبع في إعداد هذا البحث هو منهج الدراسة القانونية المقارنة ويتحقق فيها بإتخاذ قوانين جمهورية مصر العربية محلاً للمقارنة بينها وبين القانون والقضاء والفقه العراقي على نحو تحليل الآراء ومناقشتها ونقدها من جانب إن تطلب الأمر ذلك وبيان الفوارق الجلية في الإختلافات التشريعية والقضائية من جانب آخر.
ثالثاً: مشكلة البحث:-
من المعروف أن الوظيفة الرئيسة للقضاء والمحاكم ومنها المحاكم الإدارية والدستورية , هي الحسم والفصل في القضايا المرفوعة والمعروضة أمامها بين الخصوم من خلال إصدار الاحكام القضائية التي تقرر فيها المحكمة المختصة بإرجاع الحقوق الى أصحابها الشرعيين أو حفظ المراكز القانونية وحمايتها بقوة القانون، بعد قيامها بسلسلة من الإجراءات القضائية والقانونية التي أسهمت في تأسيس وتكوين قناعة المحكمة بإصدارها مثل هذا الحكم , والقرارات القضائية إما تكون أصلية صادرة بصفة قضائية والتي تكون ملزمة ولها حجية الأمر المقضي به بعد إكتسابه درجة البتات، وإما تكون ولائية تقتصر على اتخاذ إجراءات تحفظية وقتية هي في الواقع إجراءات إدارية محضة , إذ قد أناط قانون الإجراءات المدنية والإدارية لقاضي الاستعجال اختصاصاً يمارسه وفق ضابط الاستعجال والجدية وعدم المساس بأصل الحق بغية اصدار الأوامر الولائية في الطلبات الولائية الاستعجالية التي ترفع بالتبعية للدعوى الأصلية ، وتتمتع الدعاوى الاستعجالية التي أسند المشرع لقاضي الاستعجال اختصاص نظرها بالمميزات الإجرائية للدعوى الاستعجالية ، كقصر مواعيدها، والقوة التنفيذية للأمر الصادر فيها وطرق الطعن المقررة ضده التي تحكم الطعن في الأوامر الاستعجالية , وأن القاعدة في القانون الإداري أن القرارات الإدارية تعد نافذة من وقت صدورها، ولا يؤثر على نفاذها مجرد الطعن فيها أمام القضاء إعمالا للأثر غير الواقف للطعن، إلا أن بطء إجراءات التقاضي و الطابع التحقيقي لإجراءات المنازعة الإدارية، فإن الفصل في الدعوى قد يأخذ حيزاً من الوقت، مما قد يؤدي بظهور نتائج ضارة للمدعي نتيجة تنفيذ القرار المطعون فيه , وقد يصل الأمر إلى حد استحالة تنفيذ حكم الإلغاء , ولتفادي ذلك أجاز قانون الإجراءات المدنية و الإدارية للمدعي أن يطلب اصدار امر ولائي لايقاف تنفيذ هذا القرار إلى حين الفصل في دعوى الإلغاء من طرف المحكمة.
رابعاً: اهداف البحث:-
ينبغي أن تظل خصومة الطعن قائمة لحين الفصل في خصومة الوقف وأصدار الامر الولائي بإيقاف تنفيذ القرار الإداري المطعون فيه إعمالاً لمبدأ التبعية , إذ ترتبط اصدار الأمر الولائي بدعوى الطعن بالإلغاء وجوداً وعدماً , فإذا ما حدث ثمة عارض في خصومة الطعن أدى إلى انقضائها ترتب على ذلك انقضاء خصومة الوقف لزوال محلها وهو ما يسمى الانقضاء التبعي لخصومة وقف التنفيذ , ففي هذه الحالة هنا تنقضي دعوى وقف تنفيذ القرار الإداري المطعون فيه من دون حكم في موضوعها كأثر لانقضاء خصومة الطعن ويُعدّ ذلك من مظاهر تبعية الوقف للطعن هذا الهدف وغيره مما سيتم بيانه في بحثنا.
خامساً: تقسيم البحث:-
سنقسم هذا البحث على مقدمة ومطلبين , سنفرد المطلب الأول منه المطلب الأول لبيان حجية الأحكام الصادرة عن القضاء الإداري الولائي , وسنخصص المطلب الثاني منه الى دراسة تنفيذ الأحكام الصادرة عن الأوامر الولائية , ثم سننتهي بخاتمة تحتوي على أم النتائج والمقترحات , وعلى النحو الآتي:
المطلب الأول
حجية الأحكام الصادرة عن القضاء الإداري الولائي
سنقسم هذا المطلب على ثلاثة فروع سنبين في الفرع الاول تعريف حجية الأحكام , وسندرس في الفرع الثاني شروط حجية الأحكام , وسنتناول في الفرع الثالث منه أنواع حجية الأحكام , وعلى النحو الأتي:
الفرع الاول: تعريف حجية الأحكام
إن قوة القضية المقضية أو ما يعرف بحجية الأمر المقضى به تدل في اللغة على أن هناك أمر سبق عرضه على القضاء وتم الفصل فيه بحكم قضائي، وأن هذا الحكم حجة بما فصل فيه وأنه يُعدّ مطابقا للحقيقة ، ولا يجوز للخصوم أن يعاودوا الالتجاء إلى القضاء في شأن الأمر الذي سبق الفصل فيه، فإذا رفع أحد الخصوم بشأن هذا الأمر كان للخصم الآخر أن يدفع هذه الدعوى بما يسمى (بحجية الشيء المقضي أو بسبق الفصل أو بحجية الأمر المقضى به). ومضمون هذه الحجية أن الحكم متى صدر يُعدّ عادة، أي يتضمن إرادة القانون الحقيقية في الحالة المعروضة وصحيحاً، وموافقاً للقانون[1]، وهو نتيجة إجراءات صحيحة فيقصد بحجية الأمر المقضى به أن الحكم يتمتع بنوع من الحرمة فلا يمكن اعادة طرح ما حكم به في دعوى جديدة ، فالقانون هنا يفترض أن الحكم هو عنوان الحقيقة، أي أنه صدر صحيحاً من حيث إجراءاته وموافقاً للقانون ، وأن ما قضى به هو الحق بعينه من حيث الموضوع ، فالحجية قرينة ذات شقين , تسمى إحداهما قرينة الصحة والآخر قرينة الحقيقة , وحجية الشيء المقضى به تلعب دورها خارج الخصومة التي صدر فيها الحكم الحائز لهذه الحجية، فهي تلعب هذا الدور بالنسبة للمستقبل، بمعنى أنه تكفل احترام الحكم الصادر بالنسبة للمستقبل فلا يجوز إعادة طرح هذا النزاع بذات عناصره على أية محكمة أخرى بعد صدور حكم قطعي في موضوعه، وأن إعادة طرح النزاع بدعوى جديدة في مثل هذه الحالة يترتب عليه عدم قبول الدعوى وهذا يعد من النظام العام , وبجانب هذا الأثر السلبي، يترتب على الحجية أثر إيجابي، إذ تؤدي الحجية إلى احترام مضمون الحكم القضائي , وتختلف حجية الأمر المقضي عن قوة الأمر المقضي، فالحجية والقوة فكرتان مختلفتان: فحجية الأمر المقضي، هي عبارة عن قرينة قانونية، مفادها أن الحكم متى صدر يُعدّ صحيحة و معاد، ويتمتع بالحجية بمجرد صدوره وإن كان يقبل الطعن بطرق الطعن العادية , أما قوة الأمر المقضي أو قوة الشيء المحكوم فيه، فهي مرتبة يصل إليها الحكم إذا أصبح غير قابل للطعن فيه بالطرق العادي , سواءً أكان قد صدر غير قابل للطعن فيه أو أصبح كذلك بانقضاء مواعيد الطعن أو برفض الطعن أو عدم قبوله , والحجية تثبت العمل القضائي، لأنه يمثل حماية تأكيدية، تأكيد قضائي للحقوق والمراكز القانونية المتنازعة، وتكون الحجية للعمل القضائي سواءً تضمن قضايا جنائية أو إدارية أو مدنية، ويستوي في ذالكم أن يكون الحكم صادرة من محكمة مختصة نوعية وقيميا ومحليا أو غير مختصة ما دام لم يطعن فيه ولم يلغى من محكمة عليا، وذلك لأن اعتبارات الحجية تعلو عن قواعد الاختصاص النوعي والقيمي والمحلي، فهي أكثر اتصالاً بالنظام العام[2].
أما بالنسبة لأحكام القضاء الإداري وقوة الشيء المقضي به فأن الأحكام الصادرة في دعوى الإلغاء بحجية الشيء المحكوم به مثل سائر الأحكام القطعية، ويقصد بحجية الشيء المحكوم به كما قلنا سابقاً أن المحكمة استنفدت ولايتها بعد إصدارها للحكم القطعي وليس لها الحق في الرجوع عما قضت به أو أن تعدل فيه، وإن كان لها أن تفسره، وتصحح ما قد يكون قد وقع فيه من خطأ مادي، هذا من ناحية الشكل والإجراءات , أي يمتنع على المحكمة أن تنظر الدعوى مرة أخرى، إذ استنفذت المحكمة ولايتها بمجرد إصدارها الحكم، ويصبح الحكم قطعياً بمجرد صدوره من المحكمة، وليس للمحكمة الحق في الرجوع عن حكمها، كما ليس لها الحق في تعديله, ومن ناحية موضوع الدعوى، فإن الحكم الصادرة في الدعوى الإلغاء يُعدّ عنواناً للحقيقة والعدالة، فما تضمنه الحكم يُعدّ قرينة غير قابلة لإثبات العكس، ولا يمكن قبول إثبات عكس ذلك، ولا يجوز عرض النزاع تارةً أخرى على أي محكمة كانت، مما يستدعي الأمر أن تكون الأحكام واضحة لا تقبل التأويل وخالية من الغموض وفي حدود طلبات المدعي[3], فبالنسبة للقضاء الأردني فقد نصت المادة 26 من قانون محكمة العدل العليا الأردنية بالنسبة للأحكام الصادرة من حكمة العدل العليا على أن (يكون حكم المحكمة في أي دعوى تقام لديها قطعياً لا يقبل أي اعتراض أو مراجهة بأي طريق من الطرق ويتوجب تنفيذه بالصورة التي صدر إذا تضمن الحكم إلغاء القرار الإداري موضوع فتعتبر جميع الإجراءات والتصرفات القانونية والإدارية التي قامت بموجب القرار ملغاة من تاريخ صدور ذلك القرار) , وفي مصر تنص المادة 101 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية في المصر على أن (الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق، ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية....) فالمشرع يفترض فرضاً غير قابل لإثبات العكس وهي أن الحكم عنوان الحقيقة، وأن الحقيقة القضائية قرينة قاطعة على الحقيقة الواقعية، وجب أن تكون هذه القرينة قاطعة لا يجوز دحضها[4].
كما قرر قانون مجلس الدولة المصري رقم 47 لسنة ١٩٧٢ سريان القواعد الخاصة بقوة الشيء المحكوم فيه علي جميع أحكام المجلس، على أن تكون الأحكام الصادرة بالإلغاء حجة على الكافة وفي ذلك تقول المادة ٥٢ من القانون المذكور نفسهُ (تسري في شأن جميع الأحكام القواعد الخاصة بقوة الشيء المحكوم فيه أن الأحكام الصادرة بالإلغاء تكون حجة علي الكافة) , فإذا كانت أحكام مجلس الدولة الصادرة في دعاوى الإلغاء تحوز حجية الشيء المحكوم فيه أسوة بسائر الأحكام القضائية[5]، إلا أنها تزيد عليها في أن حجيتها مطلقة absolue وليست نسبية، بحيث يستفيد منها ليس أطراف الخصومة فحسب , وإنما كل من كانت له مصلحة بالقرار المطعون فيه أو يكون مس مركزه القانوني، ومرد ذلك طبيعة قضاء الإلغاء، الذي يُعدّ قضاء موضوعياً ، يحتج به على الكافة , فالحكم بالغاء قرار إداري يجعل هذا القرار كأن لم يكن فتمحي آثاره ولا يحتج به في مواجهة أي فرد ، وبالتالي يستطيع كل انسان غير المدعي الذي صدر حكم الإلغاء لصالحة، ان يتمسك بهذا الإلغاء , والحكم بالالغاء يكون حجة على الكافة، سواءً تعلق الأمر بقرارات ادارية تنظيمية أو فردية، وهذا طبيعي إذ من غير المعقول أن يكون القرار منعدما بالنسبة للبعض وقائما بالنسبة للبعض الآخر[6].
أما ما يتعلق بالقضاء الإداري في العراق فان الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري ومحكمة قضاء الموظفين غير المطعون فيه وحكم المحكمة الادارية العليا يتمتع بحجية الشيء المقضى به كسائر الأحكام القطعية وتكون حجة فيما قضت به من الحقوق ، فقد جاء في قانون مجلس الدولة العراقي رقم 65 لسنة 1979 المعدل في المادة (7/ثامناً/ج ) إذ نصت على : (...... يكون قرار المحكمة غير المطعون فيه وقرار المحكمة الإدارية العليا الصادر نتيجة الطعن باتاً وملزما) , إذ إن القرار القضائي البات الصادر من المحاكم يكون حجة على الكافة بما فصل فيه من الحقوق , ففي قرار للمحكمة الأدارية العليا في العراق جاء في مضامينه : “... لدى التدقيق والمداولة من الهيئة العامة في مجلس شورى الدولة وجد أن المدعي أقام الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري يدعي فيها أنه معين بوظيفة مستشار للأمن القومي وأن المدعى عليه دولة رئيس الوزراء – إضافة لوظيفته أصدر الأمر الديواني المرقم (١٤٨) في ٧/ ٥/ ٢٠٠٩ المتضمن إنهاء فترة تكليفه بمهام مستشار الأمن القومي اعتباراً من 9/4/2009 ويطلب إلغاء هذا الأمر قررت محكمة القضاء الإداري بتاريخ 29/7/2009 في الدعوى المرقمة (١٤٤/ ق/ ٢٠٠٩) إحالة الدعوى إلى مجلس الانضباط العام حسب الاختصاص، وبنتيجة المرافعة أصدر مجلس الانضباط العام قراره المرقم (۱۲۳۳/م/ ۲۰۰۹) برد الدعوى لإقامتها خارج المدة القانونية وصدق القرار تمييزاً لدى الهيئة العامة في مجلس شورى الدولة في الدعوى المرقمة (١٩١/ انضباط/ تمييز / ٢٠١٠) في 29/4/2010 ، أقام المدعي الدعوى أمام المحكمة الاتحادية يطلب فيها إلغاء الأمر الديواني المذكور آنفاً لعدم دستوريته فأصدرت المحكمة في الدعوى المرقمة (٧٤/ اتحادية/ ٢٠١٠) في 23/11/2010 قرارها برد الدعوى لعدم الاختصاص مشيرة إلى أن النظر في صحة صدور الأمر الديواني المرقم (148) في 7/ 5/ ۲۰۰۹ يخرج من اختصاص المحكمة الاتحادية العليا ويدخل في اختصاص محكمة القضاء الإداري استناداً إلى أحكام المادة (7/ ثانياً/ د) من قانون مجلس شورى الدولة المرقم (65) لسنة 1979 فأقام المدعي الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري التي قررت بالاضبارة المرقم (458/ ق/ ٢٠١٠) في 3/30/ ٢٠١١ إحالة الدعوى إلى مجلس الانضباط العام للنظر فيها حسب الاختصاص فأصدر مجلس الانضباط العام قراره المرقم (477/م/ ٢٠١١) في ١٢/ ٤/ ٢٠١١ برفض الإحالة لعدم الاختصاص وأعيدت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري التي قررت بتاريخ 20/4/2011 إحالة الدعوى إلى الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة لتحديد الجهة المختصة بنظر الدعوى حيث أن المحكمة الاتحادية العليا أصدرت قرارهـا الـمـرقـم (٧٤/ اتـحـاديـة/ ٢٠١٠) في 23/11/2020 بعقد الاختصاص بنظر الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري وحيث أن المادة (94) من الدستور تنص على أن (قرارات المحكمة الاتحادية العليا باتة وملزمة للسلطات كافة) وحيث أن البند (ثانياً) من المادة (5) من قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم (30) لسنة ٢٠٠٥ ينص على أن (الأحكام والقرارات التي تصدرها المحكمة الاتحادية العليا باتة) وحيث أن القرار القضائي البات يكون حجة على الكافة بما فصل فيه، لذا تقرر إحالة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للنظر فيها وفقاً للقانون، وإشعار مجلس الانضباط بذلك وصدر القرار بالاتفاق استناداً إلى أحكام البند (ثالثاً) المادة (7) من قانون المجلس رقم (65) لسنة 1979 في 6/من رجب/ ١٤٣٢هـ الموافق 9/6/2011 م))[7].
ومن نافلة القول يتضح لنا جلياً أن حجية الاحكام القضائية نسبية وتسري على اطراف النزاع كافة (اي اطراف الدعوى الصادر بها الحكم القضائي ومس الحكم مركزهم القانوني ومصلحتهم الشخصية) , فمتى ما صدر الحكم القضائي واصبح باتاً وملزماً فيمكن لاطراف الخصومة التمسك بحجيته فلا يجوز رفع الدعوى بذات الموضوع ومن قبل ذات الاشخاص بصفاتهم امام القضاء , ففي هذه الحالة يقوم القضاء برد الدعوى لسبق الفصل فيها كون ذلك من النظام العام , ماعدا حكم الالغاء الصادر بحق قرار إداري مطعون بعدم مشروعيته امام القضاء فتكون حجيته مطلقة تسري بحق اطراف الدعوى (دعوى الإلغاء) ويسري بحق من لم يكونوا اطراف فيها كون دعوى الالغاء دعوى موضوعية وتخاصم قرار إداري لعدم مشروعيته , فإلغاء هذا القرار الإداري هو تصحيح لعدم المشروعية الموسوم بها القرار لذا يسري حكم الإلغاء على الكافة .
الفرع الثاني: شروط حجية الأحكام
تناولنا في الفرع المذكور انفاً ان حجية الاحكام تعني ان الحكم الصادر من المحكمة يحوز قوة الأمر المقضي به , ولا يجوز رفع دعوى سبق وان فصل فيها من قبل القضاء وصدر حكماً صحيحاً وموافقاً للقانون واصبح الحكم ملزماً وقطعياً , لكن لهذه الحجية شروطاً معينة منها ما يتعلق بذات الحكم لكي يتمتع الحكم بحجية الشي المحكوم به وشروطاً أخرى يجب توافرها لكي يمكن للخصوم التمسك بحجية الحكم المقضي به , لذا سوف نتناول هذه الشروط على قسمين :
أولاً : الشروط المتعلقة بالحكم ذاته :
أ/ أن يكون الحكم قضائياً : والحكم القضائي هو الحكم الصادر عن أحد الجهات القضائية المختصة والتي تتمتع بالولاية القضائية اللازمة لإصداره، وسواء كانت المحكمة مصدرة الحكم شرعية أو تجارية أو مدنية أو إدارية، وبغض النظر عن درجتها سواءً أكانت محكمة بداءة أو محكمة استئناف، وكذلك المحاكم التي تشكل بموجب قوانين خاصة كمحاكم الجمارك والمحاكم العسكرية وغيرها من أنواع المحاكم الخاصة الأخرى، وحتى تثبت الحجية للحكم القضائي فيجب أن يكون صادراً من محكمة مختصة نوعياً بإصداره , وبالتالي إذا كان الحكم الذي يدفع بحجيته صادراً عن محكمة إدارية في مسألة تختص بها المحاكم الشرعية، فلا يجوز التمسك بحجية المقضي فيه كونه صادراً من محكمة غير مختصة، إلا أنه واستثناء من ذلك فإن الحكم الصادر عن محكمة لا ولاية لها في إصداره وفقا للمثال السابق يبقى يتمتع بحجية الأمر المقضي فيه أمام نفس المحكمة الصادر منها والمحاكم التي تنتمي لذات الجهة القضائية، فالحكم الصادر من محكمة إدارية في مسألة لا تختص بها نوعياً لا يحوز على حجية في مواجهة المحكمة المختصة نوعياً إلا إنه يحوز الحجية في مواجهة المحاكم الإدارية , فبالنسبة للقانون الأردني فقد جاء في المادة ( 52 ) من قانون التحكيم على : ( تحوز أحكام المحكمين الصادرة طبقا لهذا القانون حجية الأمر المقضي به وتكون واجبة النفاذ بمراعاة الأحكام المنصوص عليها فيه) , أي أن الأحكام الصادرة عن المحكمين والهيئات التحكيمية تتمتع بحجية الأمر المقضي فيه من وقت صدور حكم التحكيم.
أما ما يتعلق بالأحكام القضائية الأجنبية فلا تحوز حجية الأمر المقضي فيه إلا من تاريخ صدور قرار المصادقة عليها من لدن المحكمة المختصة بذلك لإضفاء الصيغة التنفيذية عليه , فقد نصت المادة ( 3 ) من قانون تنفيذ الأحكام الأجنبية الأردني على: ( يجوز تنفيذ الحكم الأجنبي في المملكة الأردنية الهاشمية بإقامة دعوى لتنفيذه أمام محكمة بدائية).
وكذا الحال في مصر , إذ يجب ان يكون الحكم صادراً عن هيئة قضائية لكي يمكن للخصوم التمسك بحجية الأمر المقضي به , إذ جاء في حكم لمحكمة النقض المصرية (نقض 4/3/1980 الطعن رقم 994 سنة 45 ق) , إذ ورد في مضامين الحكم التالي : "... تقتصر الحجية على القرارات الصادرة من محكمة أو هيئة قضائية مشكلة تشكيلاً صحيحا في خصومة رفعت إليها وفق قواعد القانون . أي تقتصر الحجية على الأحكام بالمعنى الخاص للعبارة ، أي على الأعمال القضائية .... دون غيرها من الأعمال القانونية . ويستوى ليكتسب الحكم الحجية أن يكون صادراً في مادة مدنية أو إدارية أو جنائية أو أن يكون صادرا من محكمة مدنية أو جنائية أو إدارية أو أن يكون صادرا من محكمة تتبع جهة قضائية من هيئة قضائية متخصصة ذات اختصاص قضائي كهيئات التحكيم بين شركات القطاع العام المشكلة طبقاً لقانون المؤسسات العامة رقم 60 لسنة 1971، أو يكون صادراً من محكمة خاص عملا بالمادة 501 من قانون المرافعات ، ويستوى أن يكون الحكم صادراً في منازعة موضوعية متعلقة بأصل الحق أو في منازعة تتصل بتنفيذ حكم ما ، أو في تفسير حكم أو تصحيحه , كما يستوى أن يكون الحكم صادرا من محكمة مختصة نوعياً وقيمياً ومحلياً أو غير مختصة ، ما دام لم يطعن عليه ولم يبلغ من محكمة عليا ، وذلك لأن اعتبارات الحجية تعلو عن قواعد الاختصاص النوعي والقيمي والمحلى ويستوى أن يكون الحكم صادرا في طلبات أصلية مفتتحة للخصومة أو في طلبات عارضة أو عند التدخل أو اختصام الغير . ويستوى أن يكون الحكم صادراً في خصومة نشأت بناء على طعن في قرار صدر من لجنة ذات اختصاص قضائي ، كما هو الحال بالنسبة إلى الطعن في قرارات لجان الطعن بمصلحة الضرائب أو في قرارات لجان الطعن بمصلحة الضرائب أو قرارات لجان تقدير القيمة الإيجارية عملاً بقانون المساكن ، أو أن يكون أمر أداء اعتبره القانون بعدئذ بمثابة حكم قطعى (راجع المواد 201 وما يليها من قانون المرافعات) ويستوى ليكتسب الحكم الحجية – في ظل قانون المرافعات - متى كان صادراً من محكمة تتبع جهة قضائية ، أن يكون صادرا من جهة قضائية مختصة أو غير مختصة وذلك لأن المادة 110 من قانون المرافعات أوجبت على المحكمة بعد الحكم بعدم أوجبت على المحكمة بعد الحكم بعدم اختصاصها بنظر الدعوى ولو كان عدم اختصاصها متعلقاً بوظيفة الجهة القضائية التابعة لها المحكمة أن تحيل الدعوى إلى الجهة القضائية المختصة ، وبالحالة التي هي عليها أي باعتداد بما صدر فيها من إجراءات وحكم الإحالة يفرض على هذه الجهة ومع ذلك القانون أحكام النقض الصادرة عكس هذا الرأي في ظل القانون السابق ..."[8].
ب/ يجب ان يكون الحكم القضائي قطعياً : يمكن القول ههنا ان الاحكام القضائية التي تصدر من جهة قضائية على وفق اجراءات صحيحة وموافقة لصحيح حكم القانون تنقسم من حيث قوتها وحجيتها المترتبة عليها إلى أحكام قطعية وأحكام غير قطعية , وفي موضوع بحثنا هنا فأن الحكم لكي يكون متمتع بحجية الامر المقضي به يجب أن يكون قطعياً , والحكم القطعي هو الذي يحسم النزاع في موضوع الدعوى ويفصل في الطلبات الموضوعية المقدمة من الخصوم أو في شق منها أو في مسألة متفرعة عن موضوع الدعوى ، سواءً تعلقت بالموضوع ذاته ، مثل تكييف العقد أو ما يتعلق بالإجراءات ، مثل مسألة قبول الدعوى ، أو تعلقت بالإثبات مثل جواز أو عدم جواز الإثبات بطريق معين أو تعلقت باختصاص المحكمة سواءً بالقضاء باختصاصها أم بعدم اختصاصها , فالحكم القطعي – وفقا لمفهوم محكمة النقض المصرية – هو الحكم الذي يضع حدا للنزاع في جملته أو في جزء منه أو في مسائل متفرعة عنه بحكم حاسم لا رجوع فيه من جانب المحكمة التي أصدرته[9], ويتميز الحكم القطعي بأنه بصدوره تستنفد المحكمة ولايتها بشأن ما فصلت فيه، لذا يجب تسبيب الحكم ، وقانون المرافعات التي يقضى بأنه " يجب أن تشتمل الأحكام على الأسباب التي بنيت عليها ، وإلا كانت باطلة " فإذا فصلت المحكمة في مسألة من المسائل المعروضة عليها ، انقطعت سلطتها بشأنها ، وخرجت بالتالي هذه المسألة عن لايتها بحيث يستنفد القاضي سلطته ، فلا يستطيع إعادة بحث هذه المسألة أو العدول عن قراره بشأنها أو تعديله ، ولا يستطيع الخصوم آثارة هذه المسألة أمامه مرة أخرى ولو باتفاقهم كون ذلك يعدّ من النظام العام ، لذلك فإن سلطة القاضي داخل الخصومة تستفد بالنسبة لكل مسألة يفصل فيها بحكم صحيح وموافق للقانون , ما بالنسبة للاحكام غير القطعية فهي الاحكام التي لا تفصل في الخصومة المعروضة أمام القضاء وبالتالي لا يتمتع الحكم غير القطعي بالحجية التي يتمتع بها الحكم القطعي مثل الحكم الصادر من القضاء خلال السير في إجراءات الخصومة بشأن تنظيم الخصومة او بإثباتها ، مثل الحكم الصادر بضم دعويين أو الحكم الصادر بالإحالة للخبير او بالإحالة للتحقيق أو بانتقال المحكمة للمعاينة فهذه الأمثلة من الأحكام لا تحسم موضوع النزاع أو جزء منه بين الخصوم , فهذه الأمثلة من الأحكام لا تحسم موضوع النزاع أو جزء منه بين الخصوم , ويتميز الحكم غير القطعى ، بأن المحكمة التي أصدرته لا تستنفد ولايتها بإصداره ، ولا تتقيد به ، فيجوز لها تعديله أو تغييره أو العدل عنه ، وعدم الأخذ بالنتيجة التي انتهت إليها فيه ، كذلك لا تلتزم المحكمة بتسبيبه ، وهو ما نص عليه المشرع بالنسبة للأحكام الصادرة باتخاذ إجراء من إجراءات الإثبات من عدم لزوم تسبيبها , وبإنقضاء الخصومة تزول جميع هذه الاحكام غير القطعية وتلغى كا إجراءات الخصومة بما في ذلك رفع الدعوى[10].
ثانياَ : الشروط المتعلقة بالدفع بحجية الأمر المقضي به :
الشرط الأول للدفع بالحجية وحده الخصوم : يقصد بوحدة الخصوم أن يكون النزاع في الدعوى القضائية الأولى الصادر فيها الحكم القضائي القطعي والنزاع في الدعوى القضائية الثانية الجديدة بين ذات الخصوم أنفسهم بصفاتهم ، أي يشترط فضلا عن وحدة الخصوم وحدة صفاتهم أيضا ، فالحكم الذي يصدر في الدعوى التي يرفعها النائب أو الوكيل يكون حجة على الأصل ، ولكن ذلك لا يمنع الوكيل أو النائب من رفع دعوى جديدة عن ذات النزاع مستنداً إلى ذات السبب في الدعوى الأولى بصفته الشخصية , اي بمعنى إن الحكم لا تثبت له الحجية إلا بالنسبة لطرفي الخصومة ، ويشترط للتمسـك بحجية الحكم أن يكون الخصوم في الدعوى الأولى هم بذواتهم الخصوم في الدعوى التالية ، فلا تقوم الحجية متى كان الخصمان في الدعوى الأولى قد تغير أحدهما أو كلاهما في الدعوى الثانية , وتمتد حجية الحكم القضائي لتشمل خلف الخصم ، سواءً أكان خلفاً عاماً كالوراثة أو خلفاً خاصاً كالمشتري للعين , فهؤلاء يكون محكوماً لهم أو عليهم بحسب ما يكون الحكم قد صدر لمصلحة مورثهم أو ضده , الحكم يُعدّ حجة على الخلف سواءً أكان خلفاً عاماً أو خاصاً ، ويكون الحكم حجة على الخلف العام في حدود الحقوق التي يتلقاها عن المورث ، والحكم حجة على الخلف الخاص في حدود ما تلقاه منه , غير أن هذا الحكم ليس مطلقا ، فالوارث لا يكون الحكم الصادر لمورثه أو ضده حجة له أو عليه إلا في الحقوق التي يتلقاها مباشرة عن المورث وفي حدود نصيبه منها ، وعلى ذلك يُعدّ الوارث من الغير بالنسبة للتصرفات التي تصدر من مورثه في مرض الموت ، أو التي تنطوي في حقيقتها على وصية ، لأن القانون أعطى الوارث الحق في الطعن فيها ، فلا تنفذ في حقه إلا في حدود الثلث ، فالوارث يستمد حقه في ذلك من القانون ، وليس من مورثه كما أنه لا حجية للأمر المقضي به إلا بالنسبة للخصوم الحقيقيين في الدعوى ، التي كان النزاع قائما بينهم ، وفصلت فيه المحكمة لصالح أيا منهم ، أما من تم إدخاله في الدعوى سواءً من جانب الخصوم الحقيقيين في الدعوى أو المحكمة ، بغير أن توجه إليه طلبات ما ، فهو غير ملزم بإبداء دفاع أو دفوع ، ما دام لم تودد اليه طلبات ، ومن ثم فإن الحكم لا تكون له حجية الأمر المقضي به في مواجهته ، فيجوز له رفع دعوى جديدة على ذات الخصوم بذات صفاتهم عن ذات موضوع النزاع محلاً وسبباً ، دون أن يمكن التمسك في مواجهته بقاعدة حجية الأمر المضي به تأسيساً على أنه كان خصم مدخل في الدعوى السابقة , وليس خصـماً حقيقياً لم توجه إليه طلبات , وإن حجية الأحكام القضائية في المسائل المدنية لا تقوم إلا بين من كانوا طرفاً في الخصومة حقيقة أو حكما ولا يستطيع الشخص الذي قد صدر لمصلحته حكم سابق الاحتجاج به على من كان خارجاً عن الخصومة ولم يكن ممثلاً فيها , كما يشترط لوحدة الخصوم ، أن يكون أحد هؤلاء الخصوم خصما للأخر في النزاع الذي صدر فيه الحكم لا خصماً معه ، فإذا رفعت دعوى على شخصين من شخص ثالث ، فإن الحكم الذي يصدر في الدعوى وإن كان حجة على المدعى عليهما قبل الشخص الثالث ، إلا أنه ليس حجة لأحدهما على الأخر ، إذ لم يكن أحداً منهما خصما لزميله.
أما في العراق فقد قضت الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة سابقاً (المحكمة الإدارية العليا في مجلس الدولة حالياً) أن الحكم الصادر من المحاكم العراقية الحائز درجة البتات حجة بما فصل فيه من الحقوق ومانعاً من سماع الدعوى مرة اخرى اذا اتحد اطراف الدعوى ولم تتغير صفاتهم وتعلق النزاع بذات الحق محلاً وسبباً استناداً للمادة (105) من قانون الاثبات رقم (۱۰۷) لسنة 1979 , إذ ورد في حيثيات الحكم ومضامينه التالي: "... لدى التدقيق والمداولة وجدت الهيئة العامة في مجلس شورى الدولة ان الطعن التمييزي مقدم ضمن المدة القانونية فقررت قبوله شكلا ولدى عطف النظر على الحكم المميز وجد ان المدعية (المميزة) كانت احدى منتسبات وزارة الصحة وبعد حصولها على شهادة البكلوريوس نقلت الى منظمة الطاقة الذرية وتم تسكينها في الدرجة السادسة من سلم الرواتب الملحق بأمر سلطة الائتلاف المؤقتة (المنحلة) رقم (٣٠) لسنة ٢٠٠٣ في حين ترى انها تستحق الدرجة الرابعة وقد امتنع المدعى عليه من الاستجابة لطلبها بتعديل درجتها حيث تبين ان المدعية سبق ان اقامت الدعوى امام مجلس الانضباط العام برقم(560/ مدنية/ ٢٠٠٤) حول ذات الموضوع وقد اصدر المجلس قراره المرقم (468/٢٠٠٤) في 24/10/2004 برد الدعوى لاقامتها خارج المدة القانونية واكتسب القرار الدرجة القطعية وحيث ان المادة (105) من قانون الاثبات رقم (١٠٧) لسنة 1979 تنص على ان (الاحكام الصادرة من المحاكم العراقية التي حازت درجة البتات تكون حجة بما فصلت فيه من الحقوق اذا اتحد اطراف الدعوى ولم تتغير صفاتهم وتعلق النزاع بذات الحق محلاً وسببا) مما استوجب رد الدعوى لسبق الفصل فيها وحيث ان مجلس الانضباط العام قد التزم بوجهة النظر المتقدمة فقد قرر تصديق الحكم المميز ورد الاعتراضات التمييزية وتحميل المميزة رسم التمييز..."[11].
أما ما يتعلق بالشرط الثاني المتعلق بالدفع بحجية الأمر المقضي به وحدة المحل : ويقصد بوحدة المحل، وحدة موضوع الدعوى أي الحق أو المركز القانوني الذي يطالب به المدعي في عريضة دعواه ويسعى إلى حمايته، فمن أجل اكتساب الحكم حجية الأحكام، يجب اتحاد الموضوع في الدعويين، أي أن يكون موضوع الدعوى الجديدة هو ذات موضوع الدعوى التي فصل فيها الحكم السابق، وعلى العكس إذا لم يكن طلب الخصم هو نفس طلبه السابق فلا تتحقق هذه القاعدة، علماً بأن العبرة هي ليست بطلبات الخصوم، وإنما العبرة بالاحكام الصادرة من المحكمة المحكمة، والقاعدة أن الأحكام لا تكون حجة إلا فيما فصلت فيه من الحقوق، وهذا هو مضمون قاعدة نسبية اثر الأحكام من حيث المضمون، أما ما لم تفصل فيه المحكمة بالفعل، فلا يكون موضوعاً لحكم يتمتع بحجية الأحكام، وأن تقدير وجود اتحاد في الموضوع في الدعويين يخضع لسلطة القاضي التقديرية باعتباره مسألة واقعية إلا أنه يكون خاضعاً لرقابة محكمة التمييز[12].
أما ما يتعلق بالعراق فان حجية الاحكام الصادر من المحاكم العراقية الحائزة درجة البتات تكون مانعاً من سماع الدعوى مرة ثانية لذات السبب اذا اتحد اطراف الدعوى ولم تتغير صفاتهم , فقد جاء في حكم للمحكمة الأدارية العليا (حالياً) :"...لدى التدقيق والمداولة من الهيئة العامة في مجلس شورى الدولة وجد ان الطعن التمييزي مقدم ضمن المدة القانونية فقرر قبوله شكلا" ولدى عطف النظر على القرار المميز وجد انه صحيح وموافق للقانون ذلك ان المدعي (المميز) يعترض على الامر الاداري الـمـرقـم (٢٤٢٥) في 6/3/ ٢٠٠7 الصادر من المدعي عليه المتضمن تسكينه في الدرجة الرابعة المرحلة العاشرة وحيث انه سبق لمجلس الانضباط العام ان فصل في هذا الاعتراض في الدعوى المرقمة (١٤٩/ مدنية/ ٢٠٠٧) في22/7/٢٠٠٧ واكتسب القرار الدرجة القطعية، وحيث ان الحكم الصادر من المحاكم العراقية الحائز درجة البتات يكون حجة بما فصل فيه من الحقوق ومانعاً من سماع الدعوى مرة اخرى اذا اتحد اطراف الدعوى ولم تتغير صفاتهم وتعلق النزاع بذات الحق محلاً وسبباً استناداً الى احكام المادة (١٠٥) من قانون الاثبات رقم (۱۰۷) لسنة 1979، وحيث ان مجلس الانضباط العام قد التزم بوجهة النظر القانونية المتقدمة وقضى برد الدعوى لسبق الفصل فيها، لذا قرر تصديق القرار المميز ورد الطعون التمييزية وتحميل المميز رسم التمييز..))[13].
ومن نافلة القول يتضح للباحثة جلياً أن كل حكم قضائي قطعي يفصل النزاع في منطوقه، فهو متمتع بحجية الأمر المقضي، وبالتالي يمكن الدفع أو التمسك بهذه الحجة في أي دعوى لاحقة، شريطة إتحاد الدعويين والأسباب وكذا الخصوم , إضافة الى أن الحكم يجب ان يكون قضائياً صادراً من جهة قضائية وفق الاجراءات الصحيحة الموافقة لصحيح حكم القانون وأن تكون المحكمة مختصه بالفصل في الدعوى نوعياً اي وظيفياً وان يكون الحكم قطعياً اي فاصلاً في موضوع الخصومة المرفوعة للقضاء ليكون متمتع بحجية الأمر المقضي به .
الفرع الثالث: أنواع حجية الأحكام
أن قوة القضية المقضية او ما يسمى بحجية الامر المقضي به تعرف بأن هناك امر معروض على القضاء وتم الفصل به بحكم قضائي وهذا الحكم يتمتع بالحجية ولا يجوز للخصوم الالتجاء الى القضاء في شأن هذا الامر لسبق الفصل فيه , وبخلافه سيتم الدفع بحجية الأمر المقضي به , ولهذه الحجية انواع مختلفة سنتطرق لها في هذا الفرع بنوع من الإيجاز قد تتخد الحجية أشكال متعددة فإما أن تكون نسبية أو تكون مطلقة، كما يمكن أن تلعب دورا إيجابيا فتكون بذلك حجية إيجابية، أو في حال العكس تكون حجية سلبية، كما يمكن أيضاً أن تكون حجية شكلية فقط أو أن تتجاوز المضهر الخارجي للحكم فتكون بذلك حجية مادية، وعلى النحو الأتي:
اولاً : الحجية النسبية والحجية المطلقة:-
تعد الحجية النسبية إذا اقتصر أثرها على الخصوم في الدعوى التي صدر بشأنها الحكم، وعلى النزاع ذاته الذي فصل فيه محلاً وسبباً، ويشترط لإعمال هذه الحجية إتحاد الخصوم واتحاد الموضوع واتحاد السبب وعلى النحو التفصيلي الذي ذكرناه انفاً عند التطرق لشروط الحجية ومن ثم فيترتب على جميع أشخاص القانون العام والخاص، أن يلتزموا بهذه الحجية شرط أن يكون المتقاضون قد أثاروها من عند أنفسهم إدعاءً أو دفاعاً، لكون هذه الحجية لا تتعلق بالنظام العام، وأثرها نسبي ينحصر ما بين الخصوم أنفسهم في الدعوى التي صدر فيها الحكم، وبالتالي لايجوز للقاضي أن يثيرها تلقائياً , إذ إن العلة الغائية في أن تكون الحجية نسبية هو ان القاضي يعتمد على الادلة والبراهين التي يقدمها الخصوم في الدعوى ويكاد أن يكون محايداً في حكمه وفقاً لهذه الأدلة لذا يكون الحكم ذو حجية نسبية مقتصرة على اطراف الخصومة ولا يحتج بالحكم بحق الاخرين , ففي حكم لمحكمة النقض المصرية بالعدد (نقض / 7/7/1994، الطعن 6069 لسنة 63 ق) إذ ورد في مضامينه: : “...الأصل في حجية الأحكام أنها نسبية لا يضار ولا يقيد منها غير الخصوم الحقيقيين)) وحكم المحكمة المذكورة بالعدد (نقض 19/4/1967 ، الطعن 7 لسنة 35 ق جاء فيه ما نصه (( حجية الأحكام تقتصر على أطراف الخصومة فيها ولا تتعداهم الى الخارجية عنها فمن لم يخاصم بنفسه أو بنائب عنه لا يكون الحكم حجة عليه...”[14].
أما فيما يخص الحجية المطلقة فهي لا تخضع أعمالها لأي شرط من الشروط السابقة، فأثر الحكم يمتد بحجيته إلى الكافة، أي الخصوم وغير الخصوم في الدعوى، ونظراً لكون الحكم الحائز للحجية المطلقة متحرراً من شرط اتحاد السبب، فإن الحكم يعمل أثره ويحق التمسك به في أي دعوى، ولو اختلفت في سببها عن الدعوى التي صدر بشأنها الحكم الحائز للحجية المطلقة، ولعل الغاية الأساسية من الحجية المطلقة هذه، هي إلزام القضاء بعدم اصدار أحكام متعارضة ومتناقضة، ومن تم فإنها تخول لصاحب العلاقة التمسك بالحكم السابق، واتخاده أساساً لطلباته الجديدة، فالمحكمة المنظور أمامها الدعوى الجديدة التي تسند في طلبها لدعوى سابقة، يجب عليها أن تلتزم بعدم بحث أو مناقشة ما سبق وأن قضى فيه بحكم سابق، أو أن تتخذ من هذا الحكم أساس لقضائها في الدعوى الجديد[15].
هذا ويختلف مدى الأثر الذي يعود لقوة القضية المحكمة تبعاً للجهات القضائية الصادرة منها الأحكام والموضوع الذي فصلت فيه , وبوجه عام تُعدّ الاحكام الصادرة من المحاكم الجزائية والقرارات الصادرة في دعوى الإلغاء الصادرة من القضاء الاداري ذات قوة مطلقة ، أي انها تسري على الكافة ، أما الأحكام الصادرة من المحاكم المدنية والقرارات الاخرى الصادرة من القضاء الاداري التي لا تقضي بالالغاء فتكون لها حجية نسبية , وبذلك لا يحتج على الإدارة بحجية الامر المقضي به عن الأحكام الصادرة من المحاكم المدنية بموضوع مدني التي ذكرناها سابقاً وحدة الخصوم ووحدة الموضوع ووحدة السبب , ولا تسري عليها بالاخص ما لم تكن طرفاً فيها وكذا الحال بالنسبة للحكم الصادر من القضاء الاداري وغير القاضي بالغاء في دعوى الألغاء , أما الأحكام الصادرة من المحاكم الجزائية فتكون لها قوة مطلقة ولكن شرط أن تكون الاحكام قطعية وحاسمة للنزاع وصادرة من سلطة قضائية لها ولاية الفصل في الدعوى المعروضة أمامها , ويُعدّ الحكم الجزائي قطعياً بعد استنفاد طرق الطعن العادية وطريق التمييز بشأنه أو بعد انقضاء المدد اللازمة للطعن فيه , وعلى ذلك لا يتمتع بحجية الامر المقضي به بالنسبة لقرار حفظ الأوراق الصادر من النيابة العامة ، ولا لقرار قاضي التحقيق أو الهيئة الاتهامية الصادر بمنع المحاكمة , هذا وان الحجية المطلقة تتمتع بها الاحكام الجزائية الصادرة بالادانة أو التبرئة ، وللأسباب الواردة فيه والتي تشكل الركن الضروري لهذا المنطوق , أما المسائل المدنية التي قد يقضي بها هذا الحكم فهو لا يتمتع بصددها بالحجية المطلقة بل بحجية نسبية على غرار الاحكام المدنية , ويذهب مجلس الدولة الفرنسي أيضاً الى عدم اقرار حجية الأمر المقضي به إلا للحكم الجزائي الذي فصل في النزاع وأصبح حكماً قطعياً وبالاستناد الى أسباب واضحة وصريحة بامر الإدانة أو التبرئة , وعلى ذلك فإنه لم يمنح هذه القوة لقرار بالتبرئة غير معلل أو مستند الى الشك ، بحيث لا تلتزم به بالتالي لا الإدارة ولا القضاء الإداري , وتعدّ الوقائع التي يستند اليها الحكم الجزائي للقضاء بالادانة أو التبرئة ، والتي تشكل الركن الضروري لمنطوقه ، ثابتة وصحيحة على وجه مطلق ، فلا يجوز أن يعارضها فيما بعد قرار صادر من الإدارة ولا حكم صادر من القضاء الإداري , على انه يشترط لذلك أن يكون الحكم الجزائي قد أصبح قطعياً , فإذا كان صادراً في الدرجة البدائية قاضيا بالادانة واستند اليه بعد ذلك في قرار يقضي بعقوبة تأديبية ، فيكون هذا القرار غير مشروع ، حتى لو تأيد الحكم الجزائي استئنافاً لأن مشروعية القرار القاضي بالعقوبة تقدر بتاريخ صدوره الجزائي بالادانة الصادر استئنافاً , غير انه اذا نقضت محكمة التمييز القرار الاستئنافي وأبطلت بالتالي الادانة المقررة فيه ، فيؤدي ذلك الى اعتبار العقوبة التأديبية المسندة الى تلك الادانة غير مشروعة وتلتزم الإدارة بالنظر في أمر اعادة الموظف الى وظيفته , ومن جهة اخرى لا تمتد حجية الأمر المقضي به الى النتائج القانونية التي استخلصها القاضي الجزائي من الوقائع التي تثبتها وبنى حكمه عليها , على أن الوصف القانوني للوقائع قد يكتسب قوة مطلقة عندما يدخل هذا الوصف كعنصر مكون للجريمة التي فصل فيها الحكم الجزائي , ومتى اكتسب الحكم القضائي حجية الامر المقضي به سواء أكانت حجية مطلقة أم قوة نسبية بعد أن مثلت الإدارة كطرف في الدعوى ، تلتزم الإدارة بتنفيذه كالافراد بالذات والتقيد بمضمونه ، حتى اذا تجاهلته أو تصرفت بخلاف ما يقضي به اعتبر تصرفها غير مشروع وقابلا للإلغاء , فقضي مثلا بان قرار المحافظ الذي رفض تنفيذ قرار مجلس شورى الدولة اللبناني القاضي بإلغاء قرار سابق للمحافظ يرفض فيه الترخيص بالبناء للمستدعي هو قرار مخالف لحجية الامر المقضي به ويستوجب الغائه , كما قضي بأن حسم وزارة الاشغال ، في معرض تنفيذها لحكم صادر من مجلس شورى الدولة اللبناني قضى بإلزامها بأداء مبلغ من المال ، جزءاً من هذا المبلغ ادعت انه سبق للمحكوم له أن تنازل عنه ، هو عمل مخالف لحجية الأمر المقضي به ويستوجب بالتـالي الغائه , وقضي كذلك بأن المرسوم المتضمن تصنيف المستدعي تنفيذاً لقرار صادر لصالحه مجلس الشورى اللباني يجب أن يكون ذا مفعول اعلاني لا انشائي ، فاذا اعتبر هذا المرسوم المستدعي مصنفاً من تاريخ صدوره وليس من تاريخ رفض الإدارة المقضي بإلغائه من قبل مجلس الشورى ، فيكون مستوجباً للإلغاء وقضي أيضا بأن قوة القضية المحكمة الناشئة عن الأحكام القاضية الصادرة بالإلغاء تمنع على الإدارة معاودة إصدار ذات القرار الاداري بذات الأسباب والغاية التي استندت اليها في قرارها السابق , ومن ثم لا يجوز للوزير أن يقرر تطبيق عقوبة على أحد الموظفين بأثر رجعي بعد أن قرر مجلس الشورى إبطال هذه العقوبة[16].
وإستناداً لما سبق ذكره اتضح للباحثة أن الاحكام الجزائية الصادرة من المحاكم الجزائية , والاحكام الصادرة من القضاء الإداري والقاضية بإلغاء قرار إداري لعدم مشروعيته تتمتع بالحجية المطلقة اي أنها تسري على الكافة سواءً أكانوا اطراف في الخصومة أم لم يكونوا , أما الاحكام الصادرة في المسائل المدنية وبقية أحكام القضاء الإداري فإنها تتمتع بحجية نسبية اي لا يدفع بحجتها إلا من كان طرفاً في الخصومة ومس الحكم الصادر صحيحاً ووفقاً للقانون مركزه القانوني , شريطة توافر جميع الشروط التي ذكرناها سابقاً للتمتع بالحجية من (أي يكون الحكم قضائياً صادراً من جهة مختصة ولائياً بإصداره أضافةً الى كون الحكم قطعياً , مع توافر شرط وحدة الخصوم والسبب والموضوع في الخصومة المعروضة مرة أخرى أمام القضاء) .
ثانياً: الحجية الإيجابية والحجية السلبية:-
تلعب حجية الأمر المقضي دورين إثنين، فأما الأول إيجابي ويتمثل في احترام مضمون الأحكام والتقيد بها من طرف القضاء عند الفصل في موضوع دعوى أخرى يثار ذات الموضوع الذي سبق البت فيه بموجب حكم قضائي، بحيث وجب التعامل مع مضمون ذلك الحكم السابق بمنطق الحقيقة المطلقة والمسلم بها، وأما الدور السلبي للحجية فيتمثل في عدم إمكانية الفصل في الخصومة التي سبق أن صدر بشأنها حكم سابق حائز لحجية الأمر المقضي به، لا أمام نفس المحكمة ولا أمام المحاكم الأخرى من نفس الدرجة، حتى وإن ظهرت أدلة واقعية جديدة في القضية لم تتم إثارتها من قبل أمام القضاء[17].
ثالثاً: الحجية الشكلية والحجية المادية:-
بالاضافة إلى التصنيفات التي سلف ذكرها بخوص أنواع الحجية، فهناك جانب من الفقه من يقر بوجود تصنيف ثالث لأنواع الحجية، وهو الحجية الشكلية والحجية المادية، إذ تعني الحجية الشكلية أن الحكم قد استنفد طرق الطعن فيه أو انقضاء مددها وبهذا فالحكم أصبح قطعياً (أي غير قابل للطعن)، والحجية بهذا المفهوم نجدها تتفق مع مفهوم قوة الأمر المقضي، بحيث لا ينظر فيها إلا للمنظر الخارجي للأحكام، أما الحجية المادية فهي احترام ما جاء في مضمون الحكم في كل خصومة لاحقة، ولا يجوز مخالفته أو معارضته، حتى لا نكون بذلك أمام أحكام متعارضة صادرة من القضاء[18].
رابعاً: الحجية الدائمة والحجية المؤقتة:-
حجية الحكم كما تكون دائمة تمنح حماية قضائية مستمرة تكون أيضاً مؤقتة فالأحكام الوقتية أو المستعجلة وإن كانت لا تقيد محكمة الموضوع ولا تحوز حجية بالنسبة لثبوت الحق أو نفيه إلا أنها تحوز حجية مؤقتة تستمر طالما لم تتغير الظروف التي دعت إلى إصدارها والحكم الابتدائي يحوز ايضاً حجية مؤقتة تظل ملازمة له ولو طعن عليه بطريق الاستئناف إلى أن يقضى في هذا الاستئناف فإذا تأيد الحكم عادت إليه حجيته وبلغ درجة أعلى من عدم جواز المساس به هي قوة الأمر المقضى وإذا الغي زال وزالت عنه تلك الحجية , وإن محكمة النقض المصرية ترى في حكمها (نقض ٢/٩/ ١٩٩٨ – الطعن 107 لسنة ٦٤ ق ، ونقض ۲۰ / ۱۰ / ١٩٩٤ – الطعن ٢٧٢٦ لسنة 60 ق ، ونقض IV/١٩٨٠/٥ - الطعن ا٣٢ لسنة ٤٥ ق ) الذي ورد فيه ما نصه: “...أن الحكم الابتدائى يحوز حجية مؤقتة تقف بمجرد رفع الاستئناف عنه وتظل موقوفة إلى أن يقضي في الاستئناف فإذا تأيد الحكم عادت إليه حجيته وإذا الغي زالت عنه هذه الحجية ويترتب على وقف حجية الحكم نتيجة لرفع الاستئناف عنه أن المحكمة التي يرفع إليها نزاع فصل فيه هذا الحكم لا تتقيد بهذه الحجية طالما لم يقضي برفض الاستئناف قبل أن تصدر حكمها في الدعوى...”, وكذلك الأمر الصادر من محكمة النقض المصرية بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مؤقتاً لحين الفصل في الطعن ليس إلا حكماً وقتياً مرهوناً بالظروف التي صدر فيها ، ولا يتصل إلا بما تضمنه من قضاء بإجراء أو بمنع التنفيذ مؤقتاً. ومن ثم فإنه لا يحوز قوة الأمر المقضى بالنسبة لشكل الطعن أو موضوعه[19].
واخيراً يلزم القول بأن لهذه الحجية اهميتها القانونية اياً كان نوعها ويترتب على عدم احترام هذه الحجية عقوبات جزائية قانونية لذا يلزم جميع من يسري الحكم بشأنه والذي صدر وفقاً لإجراءات صحيحة وموافقة للقانون احترام هذا الحكم وتنفيذه , وفي ذلكم ذهبت المحكمة الإدارية العليا المصرية في حكم لها ورد في مضامينه التالي: “... ومن حيث أن المادة (72) من الدستور تنص على أنه -تصدر الأحكام وتنفذ باسم الشعب ويكون الامتناع عن تنفيذها من جانب الموظفين العموميين المختصين جريمة يعاقب عليها القانون والمحكوم له في هذه الحالة حق رفع الدعوى الجنائية مباشرة إلى المحكمة المختصة، وتنص المادة (52) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 72 على أن، تسري في شأن جميع الأحكام القواعد الخاصة بقوة الشيء المحكوم فيه... ومن حيث أن مفاد ما تقدم أن الأحكام التي تصدر من محاكم مجلس الدولة تسرى في شأنها القواعد الخاصة بقـوة الشيء المحكوم فيه فيما فصلت فيه وهى حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيها باعتبارها عنوان الحقيقة صدرت باسم الشعب ويجب تنفيذها باسمه، وإهـدارها بالامتناع عن تنفيذها أو تعطيله، فضلا عن تعارضها وتصادمها مع أحكام الدستور ومروقاً منها، يمثل جريمة جنائية وافتئاتا على سلطة القضاء والاستهانة بأحكامه وتعطيلا لحسن سير العدالة، ويكون حتما مقضيا الامتثال لتلك الأحكام وتنفيذها حسبما قضت به في منطوقها والأسباب المكملة له والانصياع لها من جانب الحكام والمحكومين، والقول بغير ذلك يفرغ المبادئ الدستورية من مضمونها ومنها حق التقاضي واستقلال القضاء وحجية الأحكام وسيادة الشعب ...”[20].
أما ما يتعلق بحجية الاحكام الصادرة من القضاء المستعجل في طلب وقف التنفيذ (حجية الاوامر الولائية) , فقد ذهب جانب من الفقه إلى أن الحكم الصادر في طلب وقف التنفيذ سواءً بالقبول أو برفض الوقف لا يتمتع بحجية الامر المقضي به وذلك باعتباره حكماً غیر فاصل في الموضوع ولذا فهو لا يحوز حجية الأمر المقضى فهذه الحجية لا تترتب إلا للأحكام التي تفصل في طلبات الخصوم الموضوعية أو دفوعهم الموضوعية بينما الحكم الصادر في طلب الوقف وهو حكم وقتى يفصل في طلب باتخاذ إجراء وقتی لحين الفصل في الطلب الموضوعي ولذلك يتخلف بالنسبة له المفترض الأساسي لترتب الحجية.. ورغم أن أنصار ذلك الرأي يرون أن الحكم الصادر في طلب الوقف يُعدّ حكماً قطعياً إلا أنه لا يحوز الحجية لكونه لا يفصل في حقوق موضوعية وكونه حكماً وقتياً , بينما ذهب جانب اخر من الفقه على عكس الاتجاه السابق إذ ايد ان للاوامر الولائية الصادر من القضاء بوقف تنفيذ القرار الإداري المطعون في مشروعيته لها حجية وتسري عليها كافة كونه هذا الحكم يفصل في خصومة لكن على نحو مستعجل لذا يتمتع هذا الحكم بالحجية فلا يجوز للقاضي الذي اصدره ان ينظر في الطلب مرة اخرى ولا يجوز للخصوم رفع ذات الطلب لسبق الفصل فيه بالقبول او برفض الوقف[21].
واستناداً لما تم ذكره من حيثيات يتضح للباحثة جلياً أن الاحكام الخاصة بالحجية تسري ذاتها على الاحكام الصادرة بوقف تنفيذ القرارات الإدارية (الاوامر الولائية) كون هذه الاحكام تدخل في نطاق الاحكام القضائية وأن الحكم الصادر من قبل محكمة الموضوع في طلب الامر الولائي المقدم بالتبعية لدعوى الغاء القرار الاداري المطعون فيه لعدم مشروعيته لا يقيد المحكمة المذكورة عند فصلها في الدعوى الاصلية (دعوى الغاء القرار الإداري) إذ بإمكان المحكمة المذكورة عدم قبول دعوى الإلغاء بالرغم من حكمها السابق في قبول الطلب الولائي المستعجل القاضي بإيقاف القرار الإداري محل دعوى الإلغاء (محل الطعن) وهذا يعود للطبيعة المستعجلة الخاصة بطلبات وقف التنفيذ , إذ إن الحكم الصادر بوقف تنفيذ القرار الإداري تقتصر حجيته على موضوع الحكم وما صدر فيه من مسائل أولية إضافةً الى كون حجية حكم وقف التنفيذ تكون مؤقتة ولا يتقيد فيها قاضي الإلغاء عند النظر في دعوى الغاء القرار الاداري.
المطلب الثاني
تنفيذ الأحكام الصادرة عن الأوامر الولائية
بغية الإحاطة بموضوع بحثنا على نحو موجز غير مخل سنقوم بتقسيم هذا المطلب على ثلاثة فروع سنتناول في الفرع الأول وقف تنفيذ القرار محل الطعن , وسنبين في الفرع الثاني إمتناع الجهة الإدارية المدعى عليها عن تنفيذ الحكم , وسنخصص الفرع الثالث لدراسة إلغاء الأمر محل الطعن وتصديق الأوامر الولائية , وعلى النحو الاتي :
الفرع الأول: وقف تنفيذ القرار محل الطعن
يُعدّ وقف تنفيذ القرار الإداري المطعون بإلغائه استثناءً مـن الأصـل العام , إذ إن الاصل وهو نفاذ القرار الإداري رغم إقامة دعوى بإلغائه والاستثناء هو وقف تنفيذ القرار الإداري المطعون فيه لعدم مشروعيته وغاية ذلك تدارك الآثار الضارة لتنفيذ قرار إداري مـن المرجح إلغائه ، إذ إن عدم وقف تنفيذ القرار المطعون فيه قد يؤدي الى ترتيب اثار يستحيل تداركها حال إلغاء القرار بحيث يفقد ذلك الإلغاء قيمته العملية كأثر لتنفيذ القرار الإداري محل الطعن وتحققـت به الأضرار التي كان الطاعن يسعى بطعنه لتداركها , وهذا الاستثناء ضرورة لازمة لتحقيق التوازن بين مصلحة الإدارة في نفاذ قراراتها المطعون بإلغائها تحقيقا لفاعلية العمـل الإداري مـن جهة، ومصلحة الفرد الطاعن عليها بالإلغاء في ألا يصيبه من تنفيذ تلك القـرارات باضرار يتعذر تداركها وذلك من خلال إيقاف تنفيذها بحكم مستعجل (إصدار الامر الولائي القاضي بإيقاف تنفيذ القرار الإداري المطعون فيه) لحين الفصل في طلب إلغائها , لذا سنفرد اولاً للقرارات الإدارية الخاضعة لنظام وقف التنفيذ كأثر للطعن بإلغائها , وسنخصص ثانياً للقرارات التي لا تخضع للطعن بالإلغاء ونظام وقف التنفيذ , وعلى النحو الأتي:
أولاً: القرارات الإدارية الخاضعة لنظام وقف التنفيذ كأثر للطعن بإلغائها: سنتناول بشان موضوع بحثنا ههنا القرارت السلبية والقرارات المعدومة والقرارات المنفصلة عن العقد الإداري وعلى النحو الأتي :
أ/ وقف تنفيذ القرارات السلبية : القرار الإداري السلبي يتحقق عندما ترفض الجهة الإدارية أو تمتنع عن اتخاذ إجراء كان من الواجب عليها اتخاذه بحكم القانون , اي حين تمتنع الإدارة عن الرد علـى الطلب المقدم لها من الأفراد على الرغم من أنها ملزمة بذلك الرد وفقـا للقـوانين أو اللوائح ومن ثم فليس كل امتناع من الإدارة عن الرد على طلب مقـدم إليهـا يشكل قرارا سلبيا ، إذ يقتصر ذلك على حالة إلزام المشرع لها بالرد ، ومـا عدا ذلك يدخل في نطاق سلطتها التقديرية والتي تتيح للإدارة اختيـار توقيـت إصدار قرارها بما يتلاءم مع تحقيق الصالح العام , إذ أضفت المادة 11 من قانون مجلس الدولة المصري على امتناع الإدارة أو رفضها الرد على الطلب المقدم إليها صفة القرار الإداري وبالتالي يكون محلاً لدعوى الإلغاء وطلب وقف التنفيذ بالتبعية إذ نصت على أنه: (( يعتبر في حكم القرارات الإدارية رفض الإدارة أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجـب عليها اتخاذه وفقاً للقوانين واللوائح )) , وقد ذهبت المحكمة الإدارية العليا في هذا الشـأن في حكم لها تضمن ما يلي : (( سـكوت الإدارة لا يشكل دائما قراراً سلبياً ، بل يجب لقيام هذا القرار أن تكـون الإدارة ملزمة بموجب القوانين واللوائح بإصداره ، أما إذا كان امتناعها داخلا في نطاق سلطتها التقديرية فلا يعد هذا الامتناع بمثابة قرار سلبي))[22], أما المشرع العراقي فقد أورد نصاً يتعلق بالقرار الإداري السلبي في المادة (7/ سادسا) من قانون مجلس الدولة رقم 65 لسنة 1979 المعدل التي نصت على: ( يعد في حكم الأمر أو القرار رفض أو امتناع الموظف أو الهيئة عن اتخاذ أمر أو قرار كان من الواجب عليهما اتخاذه قانوناً).
ولمعرفة ما هو مفهوم وقف تنفيذ القرار الإداري السلبي فإننا لم نجد تعريفاً جامعاً مانعاً لذلك، بل وجدنا تعريفاً لمفهوم وقف تنفيذ القرار الإداري بوجه عام: وهو طلب مستعجل يقدمه الطاعن بالقرار الإداري تبعاً لدعوى الإلغاء ، يروم فيه تدارك آثار تنفيذ هذا القرار التي قد يتعذر تداركها في حالة قبول دعوى إلغائه ، وأن عدم وجود تعريف صريح لمفهوم وقف تنفيذ القرار الإداري السلبي، لا يعني عدم إمكانية إعطاء تعريف له، لذا يمكن تعريف وقف تنفيذ القرار الإداري السلبي بأنه: ( إلزام القضاء الإداري بإصدار قرار إداري إيجابي أو سلبي في الموقف الذي سكتت عنه )، وطلب وقف تنفيذ القرار الإداري هو استثناء من المبدأ القائل أن الطعن بالإلغاء لا يوقف تنفيذ القرار الإداري أي استثناء من الأصل العام , إذ ان الاصل العام هو استمرارية نفاذ القرار الإداري المطعون فيه ، فليس للطعن بالإلغاء إذن أثر واقف على تنفيذ القرارات الإدارية، وذلك تفادياً لعرقلة سير العمل الإداري من خلال طعون كيدية، والتي تهدف إلى التسويف والمماطلة على حساب المصلحة العامة التي سعت الإدارة على تحقيقها بالقرار الإداري المطعون فيه، ولكن هنا يجوز للمحكمة أن تأمر بوقف التنفيذ إذا طلب ذلك في صحيفة الدعوى ورأت المحكمة أن نتائج التنفيذ يتعذر تداركها ، فالقضاء بوقف تنفيذ القرار الإداري السلبي سلطة تقديرية للمحكمة المختصة بنظر دعوى إلغاء محل طلب وقف التنفيذ، إذ تقضي المحكمة بقبول الطلب أو رفضه في ضوء ما يثبت لديها من خلال الفحص الظاهري لأوراق من توافر أو عدم توافر شروطه، ورقابة القضاء في وقف التنفيذ القرار السلبي هي رقابة وقائية غرضها حماية الأفراد من تعسف الإدارة، فهي لیست رقابة ملائمة، وإنما هي رقابة مشروعية لا تفلت منها السلطة التقديرية مهما اتسع نطاقها .
ولأن قرار الإدارة السلبي يأخذ نفس حكم قرارها الإيجابي مـن حيـث إجازة الطعن بإلغائه وفق ما ذهب إليه قانون مجلس الدولة المصري فإن ذلـك القـرار يكون بالتبعية خاضعاً لنظام وقف التنفيذ, وقد تأكد ذلك بحكم لمحكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 101 لسنة 36 ق , جلسة 1/7/1982 والذي ذهبت في مضامينه إلى : “...وقف تنفيذ قرار الإدارة السلبي المتمثل في امتناعها عن منح إحدى المدرسات شهادة تفيد إنهاء خدمتها.
ب / وقف تنفيذ القرارات المعدومة : ذهب جانب من الفقه الى تعريف القرار المعدوم بأنه : (ذلك القرار الذي لحقت به مخالفة جسيمة أفقدته صفة القرار، وهبط به إلى مجرد العمل المادي الذي لا يتمتع بشيء من الحصانة المقررة للقرارات الإدارية) , وعرفه الفقه العراقي بأنه: (فكرة قضائية المنشأ ، تلحق القرار الإداري – المصاب بعيب جسيم وواضح - يترتب عليه فقدانه لصفته الإدارية وتحوله إلى مجرد عمل مادي ليس بذي أثر) , نستخلص من التعاريف السابقة للقرار المنعدم ، أن أغلبية الفقه إتفقت على أن القرار الإداري المنعدم هو: ((ذلك القرار الإداري المصاب بعيب جسيم وواضح يترتب عليه فقدانه لصفته الإدارية وتحوله الى مجرد عمل مادي ليس بذي أثر))[23], ولما كانت القاعدة العامة هي جواز طلب وقف تنفيذ القرارات الإداريـة محـل دعوى الإلغاء , هنا يثار التساؤل حول مدى أمكانية طلب وقف التنفيذ (الاوامر الولائية) بشأن القرارات المنعدمة , الأصل أن القرارات الإدارية المنعدمة تأخذ حكم العمل المادي، من حيث اعتبارها مجرد عقبة مادية في سبيل استعمال ذوى الشأن لمراكزهم القانونية المشروعة، بمعنى أنها لا ترتب أية آثار قانونية من شأنها تحميل الأفراد بالتزامات أو واجبات أو تعدل من مراكزهم القانونية المشروعة، ومن ثم فهي – على خلاف القرارات الإدارية المعيبة - غير قابلة للتنفيذ الجبرى على الأفراد، ومن هنا فلا حاجة أصلاً للطعن بإلغائها من قبل الأفراد، الا اذا قامت الإدارة بتنفيذ قرار معدوم ، فيغدو هذا التنفيذ في حد ذاته غير مشروع، إضافة على تحقق المصلحة من الطعن فيها لكونها معدومة , وعليه استقر القضاء الإداري على أن انعدام القرار الإداري يبرر طلب وقف تنفيذه من دون النظر إلى توافر شروط وقف التنفيذ، بمعنى أن الإنعدام وحده يكفي لتأسيس الطلب المستعجل بإزالة هذه العقبة , فقد جاء في حكم لمحكمة القضاء الإداري المصرية , إذ ورد في مضامينه : (( إجازة وقف تنفيذ القرارات متى استظهر القاضي في معرض فحصه لجدية وقف تنفيذ القرار انه قرار منعدم ))[24].
ج/ وقف تنفيذ القرارات الإدارية المنفصلة عن العقد الإداري: القرارات الإدارية المنفصلة عن العقد الإداري هي قرارات تسهم في تكوين العقد الإداري ويستهدف اتمامه الا انه ينفصل عن هذا العقد ويختلف عنه في طبيعته , الأمر الذي يجعل الطعن عليه بالإلغاء جائزاً سواءً من احد المتعاقدين او يكون الإلغاء من غيرهم[25], ففي العراق، فقد عمل المشرع على تقييد اختصاص محكمة القضاء الإداري وذلك بإخراج منازعات العقود الإدارية من دائرة اختصاص المحكمة وترك الأمر هذا إلى اختصاص المحاكم العادية مع ذلك فان اختصاص محكمة القضاء الإداري ينحصر بإلغاء القرارات الإدارية المنفصلة عن العقد الإداري فقد جاء في أحدى قراراتها الصادر في 28/11/1990 التالي: (إلغاء قرار الإحالة الصادر عن فرع زراعة وري واسط لبطلان إجراءات المزايدة استناداً إلى قانون بيع وإيجار أموال الدولة رقم 32 لسنة 1986 وإعادة إجراءات الإعلان عن تأجيرها وفق القانون)[26].
أما ما يتعلق بالطعن بإلغـاء القـرارات المنفصلة ، إذ يجوز للمتعاقد مع الإدارة ولكل ذي مصلحة الطعن بإلغائهـا وطلب وقف تنفيذها بالتبعية .إلا أنه يشترط لقبول طعن المتعاقد بإلغاء ووقف تنفيذ القرار المنفصـل عن العقد أن يستند في طعنه لمخالفة القرار للقانون بمعنـى توجيـه الطعـن لمخاصمة القرار الإداري موضوعياً ، فلا يجوز أن يستند في طعنه إلى حقوقه الشخصية المتولدة عن العقد ، حيث نكون هنا بصدد منازعة حقوقيـة يخـتص بنظرها قاضي العقد وليس قاضي الإلغاء الذي يقتصر نطاق اختصاصه علـى دعوى المشروعية وفي تأكيد لاختصاص قاضي الإلغاء بالنظر في مشروعية القـرارات عن العقد الإداري فقد ذهبت المحكمة الإدارية العليا في مصر في قرارها في الطعن رقم 724 لسنة 24 ق, جلسة 16/1/1982 الذي جاء فيه: “...إلـى أن القـرار الإداري الصادر بشطب أحد المتعهدين من عداد الموردين المحليين لاستعماله الغش في تنفيذ التزاماته التعاقدية يعتبر من القرارات الإدارية النهائيـة بحيـث يقبل الطعن فيها بالإلغاء في المواعيد المقررة قانونا ، وتنظر الطعن فيها محاكم مجلس الدولة في إطار ولايتها بإلغاء القرارات الإدارية النهائية...”[27].
ومن خلال ما تقدم ذكره آنفاً يتضح للباحثة جلياً أن القرارت الادارية السلبية والقرارات الادارية المنعدمة , والقرارات الادارية المنفصلة عن العقد الاداري يجوز الطعن فيها بالالغاء امام المحاكم الادارية وطلب وقف تنفيذها بالتبعية خوفاً من دون ان يرتب تنفيذ القرار خلال فترة اجراءات دعوى الالغاء المطولة الى ترتيب أثار يصعب تداركها لاحقاً لو صدر حكم القضاء في دعوى الالغاء بإلغاء القرار الاداري المطعون فيه , على أن يقدم طلب الإلغاء مباشرة للقضاء بطلب تبعاً لدعوى الألغاء .
ثانياً / القرارات التي لا تخضع للطعن بالإلغاء ونظام وقف التنفيذ : سنتناول في موضوع بحثنا ههنا أنموذجاً القرار الإداري الصادر بناءً على غش (او تدليس) والقرار الإداري الذي لم ينشر والقرار الذي يُعارض حُجية الأمر المقضي به , وعلى النحو الاتي :
أ/ القرار الإداري الصادر بناءً على غش (او تدليس): إذا كان مبدأ حصانة القرارات المعيبة بعد فترة زمنية ينطوي على حماية حسني النية الذين يتطلعون إلى استقرار اوضاعهم الإدارية فإنْ هذه الحجة تنتفي في حالة كون عدم المشروعية التي تلحق القرار من فعل هؤلاء الأشخاص , إذ ان الغش او التدليس (Fraud) –كما هو معلوم- من عيوب الرضا, فإذا ما كان القرار قد صدر نتيجة غش او خداع من ذي مصلحة فأنه يكون باطلاً[28], والقانون والقضاء الإداري اسبغا نوعاً من الحماية على القرارات الإدارية السليمة او المعيبة, التي يتحصن بفوات مدد الطعن بالإلغاء القضائي, بمنع الإدارة من الرجوع فيها لمصلحة المستفيد, وقد ضحى القضاء الإداري لتحقيق هذه الغاية بأصل هام هو وجوب إحترام القانون, والزام الإدارة بتصحيح اوضاعها المخالفة للقانون, ومن ناحية أخرى راعى القضاء مركز المستفيد من القرار الإداري المعيب لأنه غالباً حسن النيه قد لا يعلم بعيوب القرار الإداري في الأقل وقد وقف من الإدارة موقفاً سلبياً والإدارة هي التي أخطأت, فعليها ان تتحمل نتيجة الخطأ, ومن الجهة المقابلة قد حجب القضاء الحماية عن المستفيد من القرار المعيب إذا استعمل طرقاً تدليسية او احتيالية بإيهام الإدارة بإصدار القرار لمصلحتهِ فحينئذ يكون غير جدير بالحماية, وقد اباح لجهة الإدارة الحق في سحب قرارها من دون التقيد بميعاد معين, وان القاعدة المستقرة في القضاء الإداري ان الغش يفسد كل شيء (Frauss Omnia Torrum)[29].
وقد طبق القضاء الإداري الفرنسي هذه القاعدة في حكمهِ في قضية Sarovitch بتاريخ 12/4/1935, في ان احد الأجانب قد تمكن من خداع السلطات الفرنسية والحصول على الجنسية الفرنسية بناءً على إخفاء اوراق ومستندات وحقائق عن شخصهِ وماضيه عن السلطات المختصة, وصدر المرسوم بمنحهِ الجنسية الفرنسية بتاريخ 9/6/1926, ثم حدث ان اكتشفت السلطات الفرنسية هذا الغش والخداع بمضي بضع سنوات من منحه الجنسية, ولذا فقد صدر مرسوم في اول ابريل 1931 بسحب قرار منح الجنسية سالفة الذكر, فطعن في القرار الساحب لمخالفته للقانون وقد قضى المجلس برفض الطعن وشرعية السحب[30].
وهذا ما جاءت به المادة (11) من قانون التجنيس الفرنسي الصادر في 19/10/1945 إذْ إنّ مرسوم منح الجنسية يمكن الرجوع فيه إذا ما تبين ان صاحب الشأن لم يكن حائزاً الشروط الواجب توافرها, كما تلزم الإدارة بالرجوع في مرسوم التجنس إذا ما تبين ان صاحب الشأن سيء الأخلاق والسلوك او قدم معلومات كاذبة لخداع السلطات للحصول على الجنسية[31].
أما بالنسبة إلى موقف القضاء المصري فلقد سارت محكمتا القضاء الإداري والإدارية العليا, على نهج مجلس الدولة الفرنسي فيما يتعلق بإمكانية سحب القرارات المبنية على غش او تدليس من دون التقيد بميعاد الطعن, وقد طبقت المحكمة الإدارية العليا هذه القاعدة في حكمها بتاريخ 29/6/1976 إذ جاء فيه : ((...ان صدرو القرار من جهة الإدارة نتيجة غش او تدليس من جانب المستفيد, هذا الحق غير جدير بالحماية التي يسبغها القانون على المراكز القانونية السليمة, ولا يمكن ان يفيد من غشه طبقاً للقاعدة البريتورية في الفقه ان الغش يفسد كل شيء, فهذه الحالة توجب سحب القرار دون التقيد بموعد الستين يوماً, فتصدر جهة الإدارة قرارها بالسحب في اي وقت حتي بعد فوات هذا الموعد))[32].
ومن خلال استقراؤنا للأحكام العديدة الصادرة من القضاء الإداري المصري نرى بأنه قد غلب فكرة القرارات المبنية على سلطة مقيدة, والقرارات المبنية على سلطة تقديرية على فكرة الغش والتدليس وكان يهدف إلى توسيع المبررات التي تستطيع من خلالها الإدارة اعمال السحب من دون التقيد بالمواعيد المقررة له[33].
أما ما يخص موقف القضاء الإداري في العراق فقد اخذ بفكرة سحب القرار الإداري الصادر بناءً على الغش والتدليس, ومن تطبيقاته في هذا المجال قرار مجلس الأنضباط العام (محكمة قضاء الموظفين حالياً) الذي جاء فيه : : “...ان للإدارة الحق في الرجوع عن قراراها الذي صدر بناءً على استعمال احد الأشخاص سندات غير صحيحة لإيهام الإدارة لتصدر قرار لصالحه...”[34], وكذلك من الأحكام الأخرى للقضاء الإداري العراقي المحكمة الادارية العليا إذ جاء في احد قراراتها بأن : “...القرار الإداري السليم لا يمكن إلغاؤه الا إذا شابه غش او تزوير...”[35], ويلحظ على هذا القرار انه لم يحدد مدة زمنية معينة لإلغاء مثل هذا النوع من القرارات إلا إن المنطق القانوني يفترض أن الإدارة قد لا تعلم بواقعة الغش والتدليس ضمن المدة القانونية لذا فأن هذا المفهوم ينصرف إلى امكانية سحب القرارات المبنية على الغش والتدليس في كل وقت ومن دون التقيد بمدة محددة[36].
تخلص الباحثة مما تقدم ذكره آنفاً , ان الغش يعيب القرار الإداري, بحيث يكون للإدارة الحق في إلغاء هذا القرار او سحبه من دون التقيد بميعاد الطعن متى اكتشفت هذا الغش, وبالتالي سوف لا يتحصن مثل هذا القرار ضد الإلغاء, بل يبقى للإدارة الرجوع فيه وبالتالي فان الإدارة بسحبها لقراراتها الإدارية المبنية على غش او تدليس تكون باثر رجعي فيعدّ القرار الاداري كان لم يكن وبالتالي لا يمكن للافراد المعنيين بالقرار الاداري والذي مس مركزهم القانوني الطعن بإلغاء هذا القرار وبالتالي لا يمكن تقديم طلب بوقف تنفيذه لان القرار يُعدّ كأن لم يكن بسحبه من قبل الإدارة.
ب/ القرار الإداري الذي لم ينشر : الأصل ان القرار الإداري إذا صدر مستكملاً مقومات إصدارهِ وشروط صحته ونفاذه, اصبح من شأنه ان يولد حقوقاً ومزايا لصاحب الشأن, ويمتنع على جهة الإدارة سحبهُ او الغاؤه إذا انقضت المواعيد المقررة لتحصن القرار الإداري, ولذلك فإن القرار الإداري انما يحدث آثاره في مواجهة الإدارة من تاريخ صدوره, ولكن لا ينتج آثاره في مواجهة اصحاب الشأن الا بالشهر بالنسبة إلى الغير, ولهذا فقد استقر القضاء الإداري الفرنسي في احد احكامه في قضية (Adje-trival) بتاريخ 29/4/1964 إذ قضى فيها: “...بشرعية سحب القرارات الإدارية التي لم تنشر او لم تعلن في أي وقت دون التقيد بالمواعيد المقررة للسحب قانوناً...”, وهذا ما درج عليه القضاء الإداري الفرنسي في احكامه الحديثة ايضاً[37].
إذن فالقرار الإداري لعدم نشره او اعلانه, لا يتحصن بمضي المدد المقررة في دعوى الإلغاء, إلا ان يثبت علم صاحب الشأن به, وللجهة الإدارية حق سحبه إذا لم يتم نشره او اعلانه وهذا مايتفق مع العقل والمنطق السليم, لأن القرار الإداري السليم انما يكتسب حصانته بمجرد صدوره بأعلانه لصاحب الشأن[38].
أما بالنسبة إلى موقف القضاء الإداري المصري, فلقد استقر على إمكانية سحب القرار الإداري الذي لم يعلن ولم ينشر للغير (أصحاب الشأن), إذ يظل ميعاد الطعن فيه مفتوحاً وبالتالي يعد من قبيل القرارات الإدارية غير القابلة للتحصن, ومن الأحكام التي جاءت بها محكمة القضاء الإداري المصرية على وجه الخصوص: “...إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه ما دام القرار الإداري لم ينشر ولم يعلن لصاحب الشأن فيه, فأن طلب إلغائه يظل مفتوحاً إلى ان يثبت علمهُ به علماً يقينياً شاملاً لمحتوياته وتفصيلاته...”[39].
والملاحظ على مجلس الدولة المصري, انه لم يُعدّ أشهار القرار شرطاً لازماً لصحتهِ لأنه من المسلم به في القضاء والفقه الإداريين, ان القرار الإداري يعد موجوداً قانوناً بمجرد تمام إصداره من السلطة المختصة وبالشكل المطلوب, الا انه لا يجوز الأحتجاج به على الغير الا من تاريخ النشر او الاعلان, ومعنى هذا ان القرار يعد موجوداً ونافذاً بالنسبة إلى السلطة الإدارية لكن تطبيقهُ على الأفراد لايكون جائزاً الا بعد ان يصل إلى علمهم بالنشر او الإعلان, ويترتب على ذلك ايضاً ان النشر لا يعد من اركان القرار الإداري, الا إذا نص على خلاف ذلك, وان القرار يعد موجوداً وصحيحاً ولو لم ينشر, ولكن القرار الإداري غير المنشور لا يحتج به قبل الأفراد[40].
أما عن موقف القضاء الإداري العراقي فإنه تبنى الحل نفسهِ المذكور آنفاً وذلك من خلال فصله بين نفاذ القرار الإداري والاحتجاج به, فالقرار الإداري يكون نافذاً من تاريخ صدوره الا أنه لا يسري بحق ذوي الشأن إلا من تاريخ التبليغ به بوسائل التبليغ المعروفة, فقد جاء في المادة (15/ثالثاً) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 المعدل النافذ: (يشترط ان يقدم الطعن لدى مجلس الأنضباط العام (محكمة قضاء الموظفين حالياً) خلال (30) يوماً من تاريخ تبليغ الموظف برفض التظلم حقيقة أو حكماً).
وظاهر النص المذكور يفيد بأن تبليغ صاحب الشأن هو الأسلوب المعتمد لكي تبدأ منه المدة القانونية للطعن, فإن لم يتم التبليغ فإن مدة الطعن تبقى مفتوحة لحين تبليغه, وان المشرع العراقي وفقاً لما ورد بنص المادة (7/ثانياً/ط) من قانون مجلس الدولة المعدل (قانون التعديل الثاني), أخذ بفكرة العلم اليقيني إذ جاء في المادة المذكورة: (... ويكون قراراها قابلاً للطعن به تمييزاً لدى الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ التبلغ به او اعتباره مبلغاً...), وعبارة (اعتباره مبلغاً) يمكن الأستدلال بها على أخذ المشرع والقضاء العراقيين بفكرة العلم اليقيني في مجال سريان ميعاد الطعن بالقرارات الإدارية.
ج/ القرار الإداري الذي يُعارض حُجية الأمر المقضي به : المقصود بحُجية الأمر او الشيء المقضي به ان المحكمة قد استنفدت ولايتها بعد اصدار الحكم القطعي وليس لها الحق في الرجوع عما قضت به او ان تعدل فيه وان كان لها ان تفسره او تصحح ما قد يكون قد وقع فيه من خطأ مادي, هذا وان الحكم الصادر يعد عنواناً للحقيقة والعدالة ولا يمكن قبول إثبات العكس ولا يجوز عرض النزاع امام محكمة اخرى الا بأستعمال الطرق المقررة للطعن بالأحكام[41].
إذ ان من المبادىء المسلم بها في القضاء الإداري ان الحكم الصادر بالإلغاء يكون ذا حُجية مطلقة, وأثره لا يقتصر على اطراف الخصومة وانما يمتد إلى الغير, ويمكن بالتالي لكل ذي مصلحة ان يتمسك به سواء كان خصماً في الطعن ام لا, وهو يعد عنوان الحقيقة فيما قضى به[42].
كما ان الغاء القرار الإداري المعيب عن طريق القضاء, هو اعدام للقرار بأثر رجعي وبالتالي زوال القرار وتجريده من قوته القانونية واعتباره كأن لم يكن أطلاقاً, والنتيجة الطبيعية لإعدام القرار المحكوم بإلغائه بأثر رجعي, هو عدم تحصن القرارات المترتبة عليه, وسقوطها بصفة تلقائية وكأنها لم تكن, وذلك لإنعدام سندها الذي قامت عليه, وحتى لو لم يطعن فيها بالإلغاء ولكنه يفترض على جهة الإدارة القيام بسحب هذه القرارات[43].
إذن أهم ما يميز القرارات الإدارية المخالفة لحُجية الشيء المقضي به انه بإمكان الإدارة سحبها في كل وقت من دون التقيد بميعاد معين.
أما موقف القضاء والفقه في فرنسا فقد أكدا الحُجية المطلقة لأحكام الإلغاء كما قررا الأثر الرجعي له, فمجلس الدولة الفرنسي يرى بأن على الإدارة ان تسحب القرارات الفردية المخالفة لحُجية الشيء المقضي به ولا تتقيد في ذلك بالمواعيد المقررة للسحب وانما لها ان تسحبها في أي وقت تشاء على ان يتجه أثر السحب إلى إعدام القرار الإداري بأثر رجعي وسقوط جميع القرارات المترتبة عليه التي صدرت بالأستناد إليه[44].
أما موقف القضاء الإداري في مصر فنذكر ان المادة (52) من قانون مجلس الدولة المصري رقم (47) لسنة 1972 النافذ نصت على حُجية أحكام الإلغاء, إذ جاء فيها: (تسري في شأن جميع القواعد الخاصة بقوة الشيء المحكوم فيه, على ان الأحكام الصادرة بالإلغاء تكون حُجة على الكافة).
وبالنسبة للموقف في العراق من القرارات التي تعارض حُجية الشيء المقضي به, فتجدر الإشارة ان المشرع العراقي قد ذكر في المادة (105) و(106) من قانون الإثبات رقم 107 لسنة 1979 المعدل النافذ بأن الأحكام التي حازت درجة البتات تكون حجة بما فصلت فيه من الحقوق[45].
وكذلك فقد نصت المادة (7/ثامناً/ج) من قانون مجلس الدولة العراقي المعدل على مايأتي: (يكون قرار المحكمة غير المطعون فيه وقرار المحكمة الادارية العليا الصادر نتيجة الطعن باتاً وملزماً).
وتخلص الباحثة هنا في موضوع القرارات التي لا تخضع للطعن بالإلغاء ونظام وقف التنفيذ وهي القرار الإداري الصادر بناءً على غش (او تدليس) والقرار الإداري الذي لم ينشر والقرار الذي يُعارض حُجية الأمر المقضي به لوحظ أن هذه القرارات لا تتقيد بمواعيد الطعن وبالتالي تكون هذه القرارات غير محصنة وبإمكان الإدارة سحبها في اي وقت وأن الإدارة بسحبها للقرارات الاداري يكون بأثر رجعي وبالتالي يعدّ القرار كأن لم يكن فلا يمكن الطعن به بالإلغاء ولا يمكن تقديم طلب وقف التنفيذ بالتبعية وذلك لانعدام محل دعوى الإلغاء وبالتالي انعدام محل طلب الامر الولائي .
الفرع الثاني: إمتناع الجهة الإدارية المدعى عليها عن تنفيذ الأوامر الولائية
يُعدّ ضمان تنفيذ الاحكام والقرارات الصادرة من الجهات القضائية من المبادىء الدستورية إلا أن تنفيذها ضد الإدارة تعتريه بعض الأشكاليات سواءً تعلق الأمر بتنفيذ حكم يتضمن تعويض مالي أو إلغاء قرار إداري صادر من أحد أشخاص القانون العام وهذا راجع الى الامتيازات التي يكفلها القانون لصالح الإدارة , إذ أن طرفي الدعوى الإدارية غير متساويين، فالإدارة وأشخاصها الإعتباريين يمتلكون من الوسائل القانونية والقضائية والإدارية ما يمكنهم من تنفيذ ما يصدر لصالحها من أحكام، وذلك لتمتعها بإمتيازات وسلطات تعطيها القدرة على قهر المحكوم عليه , أما بالنسبة للطرف الآخر فإنه لا يملك مثل تلك الوسائل ليتمكن من إقتضاء حقه الذي أقر له بحكم واجب التنفيذ، ونتيجة لذلك فإن امتناع الإدارة عن تنفيذ أحكامها يشكل مخالفة قانونية تستوجب على الإدارة التعويض .
كما أن من الواجب على الإدارة تنفيذ حكم الإلغاء فإلامتناع عن التنفيذ يمنح الحق لصاحب الشأن في رفع دعوى الغاء جديدة ضد قرارها بالامتناع عن تنفيذ حكم الإلغاء ويستوي ان يكون قرارها بالامتناع عن التنفيذ إيجابيا او سلبيا أي بمعنى يستوي ان تصدر الإدارة قراراً صريحاً او ان تمتنع عن قرار كان الواجب عليها اتخاذه طبقا للقوانين واللوائح , ونتيجة لامتناع الإدارة عن تنفيذ الحكم الصادر بالالغاء مسؤوليتها عن تعويض الضرر الذي لحق بمن صدر الحكم لصالحه ، اذ ان لصاحب الشأن ان يتقدم بطلب التعويض الى القضاء الإداري , ويلاحظ في هذا الشأن انه حتى في الحالات التي لا يعد فيها امتناع الإدارة عن تنفيذ حكم الإلغاء خطا يستوجب مسؤوليتها كامتناعها عن تنفيذ الحكم حفاظا على النظام العام والصالح العام فان مسؤوليتها في التعويض تنعقد على أساس نظرية التبعية او المخاطر، من دون اخلال بمسؤولية الموظف الشخصية، وتحمله للمسؤولية بمقدار اسهامه في الاخلال بالالتزام المقرر بتنفيذ الحكم وذلك طبقا للقواعد العامة[46].
ففي فرنسا استخدم القضاء أسلوب الضغط المالي لإلزام الإدارة على تنفيذ الاحكام القضائية , إذ إن القاضي الإداري إذا كان لا يملـك حـق توجيـه أوامـر لجهـة الإدارة لتنفيذ أحكامه ، لكن بإمكانه الضغط على الإدارة بأسلوب الضغط المـالي علـى جهـة الإدارة لحملها على التنفيذ ، وأن جهة الإدارة ملتزمة بتنفيذ الحكم ، فإذا لم تـوف بهذا الالتزام ، فإن للقاضي الإداري حسب القانون الفرنسي إلزامها بدفع مبلغ معين عن كل فترة تأخير إلى أن تقوم بالتنفيذ , وللجوء القضاء لهذا الأسلوب ينبغي توافر شرطين فأما الأول : وجود التزام على جهة الإدارة بالتنفيذ، وهذا الالتزام أساسه ما يتمتع به الحكم الإداري من حجية الحكم المقضي به على الجميع، والتي يكتسب بها الحكم قوة تنفيذية تفرض على جهة الإدارة بوجه خاص احترامه , وأما الثاني وجوب أن يكون التنفيذ ممكنا وبخلافه يكون اللجوء الى هذا الاسلوب عديم الجدوى لاستحالة التنفيذ[47].
كما وذهب قانون وقضاء بعض الدول الى تجريم فعل امتناع الإدارة عن تنفيذ الاحكام القضائية , وان المشرع المصري كان أكثر اهتماما وسعيا في الحفاظ على حجية الأحكام والقرارات القضائية ، بان جعل تحريم امتناع الموظف من التنفيذ مبدأ دستوريا، فقد أشار إلى ذلك في المادة 72 من دستور 1972 بقوله: تصدر الأحكام وتنفذ باسم الشعب، ويكون الامتناع عن تنفيذها او تعطيل تنفيذها من جانب الموظفين العموميين المختصين جريمة يعاقب عليها القانون، وللمحكوم له في هذه الحالة حق رفع الدعوى الجنائية مباشرة إلى المحكمة» , كما نصت المادة 123 من قانون العقوبات المصري على انه: « يعاقب بالحبس والعزل كل موظف عمومي استعمل سلطة وظيفته في وقف تنفيذ حكم أو أي أمر صادر من المحكمة او من اية جهة مختصة، كذلك يعاقب كل موظف عمومي امتنع عمدا عن تنفيذ حكم أو أمر مما ذكر بعد مضي ثمانية أيام من إنذاره من محضر إذا كان تنفيذ الحكم أو الأمر داخلا في اختصاص الموظف» , كما قرر في الوقت ذاته، عقوبة العزل والتي تعني طبقا للمادة 26 من قانون العقوبات» الحرمان من الوظيفة نفسها، ومن المرتبات المقررة لها، سواء كان المحكوم عليه بالعزل عاملا في وظيفته وقت صدور الحكم عليه او غير عامل .ولا يجوز تعيينه في وظيفة أميرية ولا نيله أي مرتب مدة يقدرها الحكم، وهذه المدة لا يجوز ان تكون أكثر من ست سنوات ولا اقل من سنة[48].
كما وتجدر الإشارة إلى أن إسراف المحاكم المصرية في استخدام إمكانية إيقاف تنفيذ العقوبة في جريمة الامتناع عن التنفيذ، أدى الى تحويل نص المادة 123 من قانون العقوبات من نظام للمسؤولية الجنائية لسبب عدم تنفيذ الحكم من قبل الإدارة إلى مجرد أسلوب لحث الإدارة عن التنفيذ، فالذي يحدث عملياً في مصر ان تقضي المحكمة بعقوبة على الموظف الممتنع عن التنفيذ، ثم يطعن في الحكم بالمعارضة الاستئناف حسب الحالات، فتقضي المحكمة بإيقاف تنفيذ العقوبة. وهو الأمر الذي افقد النص فعاليته كرادع للإدارة ، مدام ان الموظفين المختصين بالتنفيذ يكونون متأكدين من موقف المحكمة بمجرد مبادرتهم بتنفيذ الحكم المراد تنفيذه[49].
أما في العراق فقد تناول قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969 المعدل في المادة (329) ببنودها موضوع الامتناع عن تنفيذ الاحكام القضائية الباتة المكتسبة للدرجة القطعة , إذ نصت المادة المذكورة أعلاه على:( 1 - يعاقب بالحبس وبالغرامة او باحدی هاتين العقوبتين كل موظف او مکلف بخدمة عامة استغل وظيفته في وقف او تعطيل تنفيذ الاوامر الصادرة من الحكومة او احكام القوانين والانظمة او اي حكم او امر صادر من احدى المحاكم او اية سلطة عامة مختصة او في تاخير تحصيل الاموال او الرسوم ونحوها المقررة قانونا. 2 - يعاقب بالعقوبة ذاتها كل موظف او مكلف بخدمة عامة امتنع عن تنفيذ حكم اوامر صادر من احدى المحاكم او من اية سلطة عامة مختصة بعد مضي ثمانية ايام من انذاره رسميا بالتنفيذ متى كان تنفيذ الحكم او الامر داخلا في اختصاصه.3 - تطبق العقوبات ذاتها على الموظف او الوكيل الرسمي الذي يسرح، ينزل درجة، ينقل، يهدد، يرهب، يميز ضد، يضايق، ينتقم باي طريقة اخرى من اي شخص يبلغ او يتعاون مع لجنة النزاهة العامة العراقية او المفتش العام في الوزارة او ديوان الرقابة المالية العليا او اي جهة حكومية اخرى مختصة بالتحقيق وفضح الفساد واساءة التصرف من قبل المسؤولين عن المؤسسات العامة).
لكن يثار هنا تساؤل مفادهُ هل يتم الاعتداد بالوقت الذي يتم فيه تقديم طلب الأمر الولائي أم بوقت الفصل فيه , وللإجابة على هذا التساؤل حسب تمام التنفيذ للقرار المطعون فيه , فإذا كان تمام التنفيذ وقت الفصل في طلب الامر الولائي كان الطلب مرفوضاً وإذا كان تمام التنفيذ لاحقاً على تقديم طلب الامر الولائي فالعبرة بقبول او رفض هذا الطلب تكون بوقت الفصل فيه , وفي ذلك قضت المحكمة الإدارية العليا في مصر وفي ذلك قضت المحكمة الإدارية العليا بأن: «...العلاقة بين إجراءات وقف التنفيذ وفكرة الاستعجال مسألة منطقية... ولذلك فإن الاستعجال يعبر عنه في إجراءات وقف التنفيذ بوجود ضرر جسيم من جراء تنفيذ القرار المطعون فيه أو ضرر يتعذر أو يستحيل إصلاحه ، وعلى هدى ما تقدم فإن تنفيذ القرار المطعون فيه يعد ركناً أساسياً في تقدير توافر شروط الاستعجال وذلك على اعتبار أنه إذا كان تنفيذ القرار المتنازع عليه لا يحول دون قبول طلب إلغائه والحكم به، فإن الأمر على العكس من ذلك في حالة الحكم الصادر بوقف التنفيذ إذ أن هذا الحكم ليس له أثر رجعي، ومن ثم فإنه عندما ينتج القرار المتنازع عليه كل آثاره القانونية فإنه لن يكون هناك سبباً للقضاء بوقف التنفيذ.. الأمر الذي يترتب عليه انتفاء ركن الاستعجال... ويتعين تبعاً لذلك الحكم برفض وقف التنفيذ....».
إذن يتضح للباحثة أن ذات الأحكام التي تسري بدعوى إلغاء القرار الإداري محل الطعن بالإلغاء هي نفسها التي تسري بالنسبة للأمر الولائي من حيث امتناع جهة الإدارة عن تنفيذ الأمر الولائي القاضي بوقف تنفيذ أمر الإدارة , إذ ان الامر الولائي يتمتع بذات الحجية التي يتمتع بها حكم الإلغاء , فهو يتمتع بالحجية المطلقة في حال قبوله وبالحجية النسبية في حال رفضه كون طلب الامر الولائي قدم بالتبعية لدعوى الالغاء وفي صحيفة الدعوى ذاتها وان كان يتمتع بحجية مؤقتة كونه يحكم في حالة مستعجلة بتوافر فيها شرطي الجدية والاستعجال فأن هذا الحكم المؤقت (الأمر الولائي) تزول جميع اثاره بمجرد صدور الحكم في دعوى الالغاء الاصلية , إذ ان الحكم في طلب الامر الولائي يعدم اية قيمة قانونية للحكم الصادر بطلب الامر الولائي كونه ينتهي ويستنفد بمجرد صدور الحكم في دعوى الإلغاء.
الفرع الثالث: إلغاء الأمر محل الطعن وتصديق الأوامر الولائية
تمثل القرارات الإدارية مظهراً هاماً من مظاهر الإمتيازات التي تتمتع بها الإدارة باعتبارها سلطة عامة تسعى إلي تحقيق المصلحة العامة، لأنها أداة فعالة لإنجاز نشاطها الإداري في معظم مجالات العمل الإداري , إذ يصدر القرار الإداري بإرادة الإدارة المنفردة، ويعتبر نافذاً من دون توقف على موافقة أصحاب الشأن أو رضائهم، ويفترض فيه أنه مشروع وصحيح، وعلى من ينازع في ذلك أن يلجأ إلى القضاء الإداري مثبتاً ما يشوبه من عيب أو عيوب طالباً إلغاءه ، ويصدر القرار الإداري متمتعاً بقوة ملزمة للأفراد ، وتملك الإدارة سلطة تنفيذة بالطريق المباشر , من دون حاجة إلى الإلتجاء إلى القضاء وذلك في حدود القوانين واللوائح، وبدون الحاق ضرر بأصحاب الشأن، لأن القرار لا يسري في حقهم إلا إذا علموا به عن طريق الوسيلة المقررة لذلك وتتمتع الإدارة بسلطة تقديرية بالنسبة للوقت الذي تنفذ فيه قرارها، فهي غير ملزمة بتنفيذه فور صدوره، وإنما تختار الوقت الملائم لهذا التنفيذ وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة , فرفع دعوى الإلغاء لا يؤدي بذاته إلي وقف تنفيذ القرار الاداري , وقد فصلنا سابقاً بوجود قرارات إدارية تجيز تقديم طلب الامر الولائي الذي يقضي بوقف تنفيذ القرارات المطعون فيها , وقرارات لا يجوز الطعن فيها بالإلغاء وبالتالي لا يجوز تقديم طلب الامر الولائي لوقف تنفيذها كونها تخضع لنظام التظلم الوجوبي امام الإدارة[50].
وبخصوص موضوع بحثنا ههنا يمكن القول ان الحكم الصادر بوقف التنفيذ يُعدّ ملزماً ولابد من تنفيذه جبرياً فيما يخص القرارات التي تقبل الطعن بإلغاء وتقديم طلب الامر الولائي , ويقتصر التنفيذ على ما فصل فيه الامر الولائي من مسائل أولية وينفذ بحق من صدر الامر الولائي ضده (أما بعدم تنفيذ القرار او عدم الاستمرار بتنفيذه اذا بدء التنفيذ) وقد اجيز للمحكمة أن تأمر بتنفيذه فوراً بموجب مسودته من دون اللجوء الى المسودة التنفيذية وذلك نظراً لصفة الأستعجال المتوافرة فيه وهذا أمر يعود لسلطة القاضي التقديرية , ويتحدد نطاق تنفيذه في منطوق الأمر الولائي الصادر بوقف التنفيذ إما بوقف التنفيذ كلياً للقرار الاداري المطعون بعدم مشروعيته أو بوقف التنفيذ جزئياً, اما النطاق الزمني لتنفيذ الامر الولائي فيكون منذ صدوره الى حين البت في موضوع الدعوى الاصلية.
كما يمكن القول بان مع رجحان إلغاء القرار الإداري المطعون فيه بدعوى الإلغاء وهو ما يتضح للقاضي من ظاهر اوراق دعوى الالغاء ودون المساس بأصل الحق - أن هناك احتمالاً كبيراً لإلغاء القرار الإداري لعدم مشروعيته، وما دام الأمر كذلك فلا داعي لتنفيذ قرار مصيره الإلغاء وبالتبعية يمكن للخصوم ان يقدم طلب الامر الولائي لوقف تنفيذ هذا القرار , ومن باب مفهوم المخافة إذا كان القرار مشروع وأنه لا محل لإلغائه، فبالتالي لا محل لوقف تنفيذه تبعاً لذلك , ويترك تقدير ذلك لقاضي الموضوع إذ يجب ان تكون نظرته أولية , فإذا وجد قاضي الموضوع ان ظاهر اوراق دعوى الإلغاء أن هناك أسباب جديه ترشح لإلغاء القرار الإداري موضوعا إضافة الى توافر الاستعجال ، فإن هذا يبرر وبالتبعية اصدار امر ولائي يقضي بوقف تنفيذ هذا القرار لتدارك وقوع أثار لا يمكن تلافيها لاحقاً ، أما إذا وجدها أسباب سطحيه فهذا يعني سلامة القرار الإداري المطعون فيه وتعذر الغائه اي ان القرار مشروعا، وتبعاً لذلك لا يجوز قبول طلب الامر الولائي المراد به وقف تنفيذ القرار المطعون بعدم مشروعيته , لذا يشترط لإصدر أمر ولائي لوقف تنفيذ القرار أن يكون مرجحا الغاء هذا القرار[51].
لذا يشترط لتنفيذ الامر الولائي بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه ان يكون مرجحاً الغاء هذا القرار , ففي حكم لدائرة وقف التنفيذ المصرية جاء فيه ما نصه : «...وترى المحكمة دون أن يكون في ذلك أي مساس بما لمحكمة الموضوع من كامل حقها في أن تبت في هذه المسألة، أن هذا السبب الذي يتقدم به المدعون في الطعن علي القرار الوزاري يمكن اعتباره من الأسباب الجدية التي تسوغ وقف التنفيذ...»[52].
وبناءً على ما تقدم ذكرهُ ، يتضح للباحثة أن النطاق الموضوعي لتنفيذ الأحكام الاوامر الولائية القاضية بوقف التنفيذ إنما يقتصر على الأحكام الصادرة بوقف تنفيذ القرارات الإدارية من دون سواها، لأنها هي الوحيدة التي تتضمن إلزام المحكوم عليه بالقيام بعمل، بحيث يتوجب على الجهة الإدارية أن تلتزم بناء على الحكم الصادر بوقف تنفيذ قرارها الانصياع للحكم والمبادرة إلى تنفيذه وإعمال مقتضاه بأن تكف فورا عن التنفيذ. فإذا استمرت الإدارة في تنفيذ القرار على الرغم من صدور الحكم بوقفه، كان ذلك غصبا يلزمها أشد التعويض، إضافة إلى كونه جريمة جزائية هـي الامتناع عن تنفيذ حكم قضائي كما ذكرنا سابقاً , غير أنه على خلاف الحكم الصادر في دعوى الإلغاء والذي يستلزم من الإدارة إعادة الحال إلى ما كان عليه بهدم القرار الإداري المحكوم بإلغائه كأنه لم يكن، وهدم القرارات الإدارية والمراكز القانونية التي ترتبت على صدور ذلك القرار، ثم بناء حالة جديدة على هذا الأساس، فإن الحكم الصادر بوقف تنفيذ القرار الإداري لا يكون له إلا تأثيرات مستقبلية فقط، دون أن يكون له أثر رجعي، لذا فعند صدور حكم من القضاء الإداري بإلغاء القرار الأداري المطعون بعدم مشروعيته , يلغى القرار وتزول جميع اثاره بأثر رجعي من تاريخ صدوره , ويصدق الامر الولائي القاضي بوقف القرار الإداري الملغى وتكون له اثاراً مستقبلية فقط من دون الاثر الرجعي.
الخاتـمة
الحمدُ للهِ رب العالمين بَدءاً ومُختتماً, وبعد: فقد أكبَبتُ في هذا البحث على دراسة موضوع (حجية الأوامر الولائية وآلية تنفيذها–دراسة مقارنة) وتمكَّنتُ من التَّوصُّل إلى الاستنتاجات والمقترحات الإجماليَّة الآتية:
أولاً: الاستنتاجات:-
الأوامر الولائية هي : قرارات صادرة من المحكمة المختصة ذات طبيعة مؤقتة وذو طابع إداري ولها قوة القانون.
تتجلى الأوامر الولائية المستعجلة في ميدان القضاء الإداري في أنها قرارات صادرة عن محاكم القضاء الإداري تهدف إلى وقف تنفيذ القرارات الإدارية وتصدر بصورة تبعية لدعوى الإلغاء الأصلية.
أن طبيعة الأمر الولائي وحجيته جاء في أسباب رفض التظلم ان المادة (153/1) من قانون المرافعات المدنية العراقي رقم 83 لسنة 1969 المعدل ليس لها محل للتطبيق أمامها. وبما ان الأوامر الولائية، والتي تسمى الأوامر على العرائض، تعد من وظائف القضاء الثانوية إلى جانب وظيفته الرئيسية في حسم النزاع والفصل فيها عندما تنشأ بين أشخاص القانون الخاصة والعامة، وبما أن فقه قانون المرافعات الإداري أشار إلى أن الأمر الولائي ليس بحكم قضائي فاصل في الدعوى وإنما هو من الأعمال القضائية التي تباشرها المحكمة عرضاً عند النظر في أصل الدعوى من جهة الموضوع وتكون هذه الأوامر القضائية أقرب إلى أعمال الإدارة القضائية للدعوى وأطلق عليها اسم الأعمال الولائية.
أن حجية الاحكام القضائية نسبية وتسري على اطراف النزاع كافة (اي اطراف الدعوى الصادر بها الحكم القضائي ومس الحكم مركزهم القانوني ومصلحتهم الشخصية) , فمتى ما صدر الحكم القضائي واصبح باتاً وملزماً فيمكن لاطراف الخصومة التمسك بحجيته فلا يجوز رفع الدعوى بذات الموضوع ومن قبل ذات الاشخاص بصفاتهم امام القضاء , ففي هذه الحالة يقوم القضاء برد الدعوى لسبق الفصل فيها كون ذلك من النظام العام , ماعدا حكم الالغاء الصادر بحق قرار إداري مطعون بعدم مشروعيته امام القضاء فتكون حجيته مطلقة تسري بحق اطراف الدعوى (دعوى الإلغاء) ويسري بحق من لم يكونوا اطراف فيها كون دعوى الالغاء دعوى موضوعية وتخاصم قرار إداري لعدم مشروعيته.
كل حكم قضائي قطعي يفصل النزاع في منطوقه، فهو متمتع بحجية الأمر المقضي، وبالتالي يمكن الدفع أو التمسك بهذه الحجة في أي دعوى لاحقة، شريطة إتحاد الدعويين والأسباب وكذا الخصوم , إضافة الى أن الحكم يجب ان يكون قضائياً صادراً من جهة قضائية وفق الاجراءات الصحيحة الموافقة لصحيح حكم القانون وأن تكون المحكمة مختصه بالفصل في الدعوى نوعياً اي وظيفياً وان يكون الحكم قطعياً اي فاصلاً في موضوع الخصومة المرفوعة للقضاء ليكون متمتع بحجية الأمر المقضي به.
أن الاحكام الخاصة بالحجية تسري ذاتها على الاحكام الصادرة بوقف تنفيذ القرارات الإدارية (الاوامر الولائية) كون هذه الاحكام تدخل في نطاق الاحكام القضائية وأن الحكم الصادر من قبل محكمة الموضوع في طلب الامر الولائي المقدم بالتبعية لدعوى الغاء القرار الاداري المطعون فيه لعدم مشروعيته لا يقيد المحكمة المذكورة عند فصلها في الدعوى الاصلية (دعوى الغاء القرار الإداري) إذ بإمكان المحكمة المذكورة عدم قبول دعوى الإلغاء بالرغم من حكمها السابق في قبول الطلب الولائي المستعجل القاضي بإيقاف القرار الإداري محل دعوى الإلغاء (محل الطعن) وهذا يعود للطبيعة المستعجلة الخاصة بطلبات وقف التنفيذ.
ثانياً: المقترحات:-
نأمل من المشرع العراقي أن يقوم بتعديل قانون مجلس الدولة رقم 65 لسنة 1979 الساري بأن يوحد إجراءات التقاضي بين محكمة قضاء الموظفين ومحكمة القضاء الإداري, بغية التسهيل على المتقاضي في استيفاء حقه من كلتا المحكمتين, وذلك بمعرفة المتقاضي المدد الزمنية بصورة موحدة ولا اختلاف في الشكليات البتة فيما يخص القرارات الصريحة وكذلك فيما يخص القرارات الإدارية غير الصريحة .
نأمل من المشرع العراقي تشريع قانون جديد يُسمى قانون الإجراءات الإدارية ليكون القانون الإجرائي لقانون مجلس الدولة الساري , على أن يتضمن في ثناياه مدد الطعن في القرارات الإدارية الصريحة بنوعيها المدنية والانضباطية وكذلك على أن يتضمن مدد الطعن في القرارات غير الصريحة الضمنية والسلبية المتعلقة بحقوق الخدمة المدنية والانضباطية , بنصوص جلية لئلا يكون هناك لبس أو غموض لدى صاحب الشأن الطاعن في المحاكم الإدارية.
نأمل من مجلس الدولة العراقي إعداد مشروع تعديل لقانون مجلس الدولة يضم التعديلات الستة التي كان آخرها القانون رقم 71 لسنة 2017 قانون التعديل السادس لقانون مجلس الدولة , وعلى أن يتضمن هذا المشروع إشارة صريحة وواضحة لمدد الطعن في القرارات الإدارية غير الصريحة وتوحد معه النصوص الإجرائية للطعن في القرارات الانضباطية.
نتمنى على المشرع العراقي أن يُشرع قانون الإثبات الإداري أسوةً بقانون الإثبات رقم (107) لسنة 1979 الخاص بالدعاوى المدنية , لكي تكون الدعوى الإدارية أكثر خاصية مما هي عليه حالياً , ثم لا ضير في أن يكون قانون الإثبات المشار إليه آنفاً هو المرجع الذي يسري على الدعوى فيما لم يرد فيه نص خاص في قانون الإثبات الإداري الجديد.
نأمل من المشرع العراقي تعديل قانون مجلس الدولة وإضافة نص تشريعي في قانون مجلس الدولة يُذكر فيه تفاصيل واجراءات الطعن أمام محكمة قضاء الموظفين على نحو تفصيلي , لا أن يترك الأمر إلى نصوص تشريعية شتى بعضها في قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم 14 لسنة 1991 المعدل وبعضها في قانون المجلس نفسه , وذلك لكي يتم توحيد الأمر اسوةً بالطعن في محكمة القضاء الإداري والتي هي إحدى تشكيلات مجلس الدولة.
نأمل من الشمرع العراقي تعديلاً تشريعياً لقانون مجلس الدولة يتضمن ذكر الأوامر الولائية الإدارية على نحو تفصيلي وأن يقاس في ذلك الأوامر الولائية الصادرة عن القضاء العادي في العراق والمنصوص عليه تفصيلاً في قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 المعدل وبالتالي القياس على النصوص القانونية مع الأخذ بعين الاعتبار الفوارق الجلية بين النصوص القانونية.
المصادر:
أولا: الكتب القانونية:
1. إدوار عيد: القضاء الإداري , الجزء الثاني , (دعوى الابطال_دعوى القاضاء الشامل) , مكتبة زين الحقوقية , 1975.
2. حسني درويش عبد الحميد: نهاية القرار الإداري عن غير طريق القضاء, دراسة مقارنة, من دون ذكر دار نشر, الطبعة الثانية, 2008.
3. رحيم سليمان الكبيسي: حرية الإدارة في سحب قراراتها الإدارية, دراسة مقارنة في النظم الفرنسية والمصرية والعراقية, بدون ذكر دار نشر,2000.
4. سامي جمال الدين: الدعاوى الادارية (دعوى الغاء القرارات الادارية دعاوى التسوية) , منشأة المعارف بالاسكندرية , الطبعة الثانية , 2003.
5. سليمان محمد الطماوي: النظرية العامة للقرارات الإدارية، دراسة مقارنة، دار الفكر العربي، القاهرة، طبعة مزيدة ومنقحة، 2006.
6. شاب توما منصور: القانون الإداري , الجزء الاول , دار الطبع والنشر الاهلية, 1971.
7. عباس مجيد الشمري: الأحوال الطارئة على ميعاد رفع دعوى الإلغاء (دراسة مقارنة) , مكتبة زين الحقوقية والأدبية , الطبعة الأولى , 2020.
8. عبدالحكم فودة: الخصومة الإدارية أحكام دعوى الإلغاء والصيغ النموذجية لها , الجزء الأول , منشأة المعارف بالاسكندرية , 2003.
9. عبدالحكم فودة: الخصومة الإدارية أحكام دعوى الإلغاء والصيغ النموذجية لها , دار المطبوعات الجامعية , بدون ذكر رقم طبعة , 1996 , الاسكندرية.
10. عبدالعزيز عبدالمنعم خليفة: آثار الطعن بإلغاء القرار الإداري (أثر الطعن بالإلغاء على تنفيذ القرار الإداري الآثار الإدارية والمالية لحكم الإلغاء) , منشأة المعارف بالإسكندرية , الطبعة الأولى , 2011.
11. مازن ليلو راضي: موسوعة القضاء الإداري , المجلد الأول , المؤسسة الحديثة للكتاب , لبنان , الطبعة الاولى , 2016.
12. محمد صلاح الدين فايز محمد: وقف تنفيذ الحكم الإداري من محكمة الطعن في قضاء مجلس الدولة , دار الجامعة الجديدة , 2017.
13. موسى شحادة: القانون الإداري , منشورات جامعة القدس , الطبعة الأولى , 1996.
ثانياً:الرسائل والأطاريح الجامعية:
1. أزهر عبدالحسين عبدالله: تحصن القرار الإداري ضد الإلغاء (دراسة مقارنة) , رسالة ماجستير مقدمة إلى مجلس كلية القانون بالجامعة المستنصرية , 2014.
2. برهان شلال: القرار الإداري المنعدم , رسالة ماجستير مقدمة الى جامعة العربي بن مهيدي _أم البواقي_ كلية الحقوق والعلوم السياسية , قسم الحقوق , 2017 .
3. سلمى طلال عبد الحميد: القرارات التي يجوز سحبها وإلغائها دون التقيد بميعاد الطعن, أطروحة دكتوراه مقدمة إلى مجلس كلية الحقوق, جامعة النهرين, 2010.
4. فتحية هنيش: ضمانات تنفيذ الأحكام والقرارات القضائية , رسالة ماجستير مقدمة إلى جامعة محمد خضير بسكرة , كلية العلوم والحقوق والعلوم السياسية , قسم الحقوق , 2012_2013.
ثالثاً: البحوث القانونية:
1. رشا عبد الرزاق جاسم: الطعن بالإلغاء في القرارات الإدارية المنفصلة عن العقد الإداري , بحث منشور في مجلة الحقوق في كلية القانون , الجامعة المستنصرية.
2. صدام خزعل يحي: الحكم القضائي الضمني وصلاحيته للتنفيذ الجبري (دراسة مقارنة) , بحث منشور في مجلة جامعة تكريت للحقوق , السنة (2) المجلد (2) العدد (3) الجزء (1) آذار 2018.
3. ياسر محمد عبدالعال: الوسائل القضائية للحد من امتناع الإدارة عن تنفيذ الحكم القضائي (دراسة مقارنة) , بحث منشور في مجلة كليات الشرق العربي للدراسات العليا في المملكة العربية السعودية , الرياض , العدد (70) , ديسمبر , 2019.
رابعاً: مصادر الانترنت:-
1. آسية المسك: حجية الأمر المقضي به في ميدان المنازعات , مقال متاح عبر الشبكة العنكبوتية عبرالرابط التالي : droitetentreprise.com
2. أمل خميس اليحيائي: مفهوم حجية الحكم القضائي , مقال منشور عبر الشبكة العنكبوتية (الانرتنت) عبر الرابط التالي almerja.com.
3. حجية الأحكام القضائية في القانون المصري : شذرات قانونية في حجية الأحكام القضائية , مجموعة أحكام قضائية مصرية متاحة عبر الشبكة العنكبوتية عبر الرابط التالي: azizavocate.com
4. حجية الأمر المقضي به في المنازعات الضريبية: مقال منشور عبر الشبكة العنكبوتية الانترنت عبر الرابط التالي: maroclaw.com
5. عبدالعزيز عمار: أنواع الحجية في القانون (مطلقة_نسبية_مؤقتة) , مقال منشور عبر الشبكة العنكبوتية الانترنت عبر الرابط التالي: azizavocate.com
6. عبدالعزيز عمار: أنواع الحجية في القانون (مطلقة_نسبية_مؤقتة) , مقال منشور عبر الشبكة العنكبوتية الانترنت عبر الرابط التالي: azizavocate.com
7. ماهية القرار المنفصل عن العقود الإدارية: مقال منشور عبر الشبكة العنكبوتية في موقع (محاماة نت) عبر الرابط التالي: mohamah.net
8. هورامان محمد سعيد: حجية الجكم القضائي الصادر بالدعوى , مقال منشور عبر الشبكة العنكبوتية (الانترنت) عبر الرابط التالي : bibliotdroit.com
References
First: Legal books:
1. Edward Eid: Administrative Judiciary, Part Two, (The Nullification Lawsuit_The Comprehensive Judge Lawsuit), Zain Legal Library, 1975.
2. Hosni Darwish Abdel Hamid: The End of the Administrative Decision Other Than Through the Judiciary, A Comparative Study, Without Mentioning a Publishing House, Second Edition, 2008.
3. Rahim Suleiman Al-Kubaisi: The Freedom of the Administration to Withdraw Its Administrative Decisions, A Comparative Study in the French, Egyptian and Iraqi Systems, Without Mentioning a Publishing House, 2000.
4.Sami Gamal El-Din: Administrative Lawsuits (A lawsuit to cancel administrative decisions, settlement lawsuits), Maaref Establishment in Alexandria, second edition, 2003.
5.Suleiman Muhammad Al-Tamawi: The General Theory of Administrative Decisions, a Comparative Study, Dar Al-Fikr Al-Arabi, Cairo, expanded and revised edition, 2006.
6. Shab Toma Mansour: Administrative Law, Part One, Al-Ahlia Printing and Publishing House, 1971
7. Abbas Majeed Al-Shammari: Emergency Conditions on the Date of Filing a Cancellation Suit (Comparative Study), Zain Legal and Literary Library, first edition, 2020.
8 Abdel-Hakam Fouda: Administrative Litigation, Provisions of the Cancellation Suit and its Model Forms, Part One, Maaref Establishment in Alexandria, 2003.
9. Abdel-Hakam Fouda: Administrative Litigation, Provisions of the Cancellation Suit and its Model Forms, Dar Al-Matbouat Al-Jami›ah, without mentioning the edition number, 1996, Alexandria.
10. Abdel Aziz Abdel Moneim Khalifa: Effects of the appeal to cancel the administrative decision (The effect of the appeal to cancel on the implementation of the administrative decision, the administrative and financial effects of the cancellation ruling), Maaref Establishment, Alexandria, first edition, 2011.
.11 Mazen Lilo Radi: Encyclopedia of Administrative Judiciary, Volume One, Modern Book Foundation, Lebanon, first edition, 2016.
.12 Muhammad Salah al-Din Fayez Muhammad: Suspension of the implementation of the administrative ruling by the Court of Appeal in the State Council Judiciary, Dar al-Jamiah al-Jadida, 2017.
.13 Musa Shahada: Administrative Law, Al-Quds University Publications, first edition, 1996.
Second: University Theses and Dissertations:
.1 Azhar Abdul Hussein Abdullah: The immunization of the administrative decision against cancellation (a comparative study), a master›s thesis submitted to the Council of the Faculty of Law at Al-Mustansiriya University, 2014.
.2 Burhan Shalal: The void administrative decision, a master›s thesis submitted to the University of Arab Ben M›hidi _Umm Al-Bawaqi_ College of Law and Political Science, Department of Law, 2017.
.3 Salma Talal Abdul Hamid: Decisions that may be withdrawn and cancelled without adhering to the appeal deadline, PhD thesis submitted to the Council of the College of Law, University of Nahrain, 2010.
.4 Fatiha Hanish: Guarantees for the implementation of judicial rulings and decisions, Master›s thesis submitted to the University of Muhammad Khadir Biskra, College of Science, Law and Political Science, Department of Law, 2012_2013.
Third: Legal research:
.1 Rasha Abdul Razzaq Jassim: Appeal for cancellation of administrative decisions separate from the administrative contract, research published in the Journal of Law at the College of Law, Al-Mustansiriya University.
.2 Saddam Khazal Yahya: Implicit judicial ruling and its validity for compulsory execution (comparative study), a research published in Tikrit University Journal of Law, Year (2), Volume (2), Issue (3), Part (1), March 2018.
.3Yasser Muhammad Abdul Aal: Judicial means to limit the administration›s refusal to implement the judicial ruling (comparative study), a research published in the Journal of Arab East Colleges for Graduate Studies in the Kingdom of Saudi Arabia, Riyadh, Issue (70), December, 2019.
Fourth: Internet sources: -
.1 Asiya Al-Mask: The authority of the final judgment in the field of disputes, an article available on the Internet via the following link: droitetentreprise.com
2. Amal Khamis Al-Yahyaei: The concept of the authority of the judicial ruling, an article published on the Internet via the following link: almerja.com.
3. The authority of judicial rulings in Egyptian law: Legal fragments on the authority of judicial rulings, a collection of Egyptian judicial rulings available online via the following link: azizavocate.com
4. The authority of the final judgment in tax disputes: An article published online via the Internet via the following link: maroclaw.com
5. Abdel Aziz Ammar: Types of authority in law (absolute_relative_temporary), An article published online via the Internet via the following link: azizavocate.com
6. Abdel Aziz Ammar: Types of authority in law (absolute_relative_temporary), An article published online via the Internet via the following link: azizavocate.com
7. The nature of the decision separate from administrative contracts: An article published online on the website (Muhamah Net) via the following link: mohamah.net
8. Horaman Mohamed Saeed: The authority of the judicial ruling issued in the lawsuit, An article published online via the Internet via the following link: bibliotdroit.com
[1] أمل خميس اليحيائي: مفهوم حجية الحكم القضائي , مقال منشور عبر الشبكة العنكبوتية (الانرتنت) عبر الرابط التالي almerja.com.
[2] أمل خميس اليحيائي: المصدر السابق نفسه.
[3] هورامان محمد سعيد: حجية الجكم القضائي الصادر بالدعوى , مقال منشور عبر الشبكة العنكبوتية (الانترنت) عبر الرابط التالي : bibliotdroit.com
[4] هورامان محمد سعيد: حجية الجكم القضائي الصادر بالدعوى المصدر السابق نفسه.
[5] عبدالحكم فودة: الخصومة الإدارية أحكام دعوى الإلغاء والصيغ النموذجية لها , الجزء الأول , منشأة المعارف بالاسكندرية , 2003 , ص 309_310.
[6] عبدالحكم فودة: المصدر نفسه , ص 309_310.
[7] قرار الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة (المحكمة الإدارية العليا حالياً في مجلس الدولة حالياً) بالدعوى المرقمة (1/تنازع اختصاص/2011) بتاريخ 9/6/2011 نقلاً عن مازن ليلو راضي: موسوعة القضاء الإداري , المجلد الأول , المؤسسة الحديثة للكتاب , لبنان , الطبعة الاولى , 2016 , ص 340_341.
[8] حجية الأحكام القضائية في القانون المصري : شذرات قانونية في حجية الأحكام القضائية , مجموعة أحكام قضائية مصرية متاحة عبر الشبكة العنكبوتية عبر الرابط التالي: azizavocate.com
[9] أمل خميس اليحيائي: مفهوم حجية الحكم القضائي , مصدر سابق.
[10] أمل خميس اليحيائي: مفهوم حجية الحكم القضائي , المصدر السابق نفسه.
[11] قرار الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة (المحكمة الإدارية العليا حالياً في مجلس الدولة حالياً) بالدعوى المرقمة (123/انضباط/تمييز/2006) بتاريخ 15/5/2006 نقلاً عن مازن ليلو راضي: موسوعة القضاء الإداري, المجلد الأول, مصدر سابق, ص332_333.
[12]ياسر باسم ذنون السبعاوي , صدام خزعل يحي: الحكم القضائي الضمني وصلاحيته للتنفيذ الجبري (دراسة مقارنة) , بحث منشور في مجلة جامعة تكريت للحقوق , السنة (2) المجلد (2) العدد (3) الجزء (1) آذار 2018., ص 133_134.
[13] قرار الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة (المحكمة الإدارية العليا حالياً في مجلس الدولة حالياً) بالدعوى المرقمة (30/انضباط/تمييز/2008) بتاريخ 14/2/2008 نقلاً عن مازن ليلو راضي: موسوعة القضاء الإداري, المجلد الأول, مصدر سابق, ص338_339.
[14] عبدالعزيز عمار: أنواع الحجية في القانون (مطلقة_نسبية_مؤقتة) , مقال منشور عبر الشبكة العنكبوتية الانترنت عبر الرابط التالي: azizavocate.com
[15] آسية المسك: حجية الأمر المقضي به في ميدان المنازعات , مقال متاح عبر الشبكة العنكبوتية عبرالرابط التالي : droitetentreprise.com
[16] إدوار عيد: القضاء الإداري , الجزء الثاني , (دعوى الابطال_دعوى القاضاء الشامل) , مكتبة زين الحقوقية , 1975, ص 259 وما بعدها.
[17] حجية الأمر المقضي به في المنازعات الضريبية: مقال منشور عبر الشبكة العنكبوتية الانترنت عبر الرابط التالي: maroclaw.com
[18] المصدر نفسه.
[19] عبدالعزيز عمار: أنواع الحجية في القانون (مطلقة_نسبية_مؤقتة) , مقال منشور عبر الشبكة العنكبوتية الانترنت عبر الرابط التالي: azizavocate.com
[20] عباس مجيد الشمري: الأحوال الطارئة على ميعاد رفع دعوى الإلغاء (دراسة مقارنة) , مكتبة زين الحقوقية والأدبية , الطبعة الأولى , 2020 , ص 155.
[21] محمد صلاح الدين فايز محمد: وقف تنفيذ الحكم الإداري من محكمة الطعن في قضاء مجلس الدولة , دار الجامعة الجديدة , 2017 , ص 317_318.
[22] عبدالعزيز عبدالمنعم خليفة: آثار الطعن بإلغاء القرار الإداري (أثر الطعن بالإلغاء على تنفيذ القرار الإداري الآثار الإدارية والمالية لحكم الإلغاء) , منشأة المعارف بالإسكندرية , الطبعة الأولى , 2011 , ص34.
[23] برهان شلال: القرار الإداري المنعدم , رسالة ماجستير مقدمة الى جامعة العربي بن مهيدي _أم البواقي_ كلية الحقوق والعلوم السياسية , قسم الحقوق , 2017 , ص26.
[24] سامي جمال الدين: الدعاوى الادارية (دعوى الغاء القرارات الادارية دعاوى التسوية) , منشأة المعارف بالاسكندرية , الطبعة الثانية , 2003 , ص339_340.
[25] ماهية القرار المنفصل عن العقود الإدارية: مقال منشور عبر الشبكة العنكبوتية في موقع (محاماة نت) عبر الرابط التالي:
mohamah.net
[26] رشا عبد الرزاق جاسم: الطعن بالإلغاء في القرارات الإدارية المنفصلة عن العقد الإداري , بحث منشور في مجلة الحقوق في كلية القانون , الجامعة المستنصرية , ص11.
[27] عبدالعزيز عبدالمنعم خليفة : آثار الطعن بإلغاء القرار الإداري (أثر الطعن بالإلغاء على تنفيذ القرار الإداري الآثار الإدارية والمالية لحكم الإلغاء) , منشأة المعارف بالإسكندرية , الطبعة الأولى , 2011., ص38_39.
[28] سليمان محمد الطماوي: النظرية العامة للقرارات الإدارية، دراسة مقارنة، دار الفكر العربي، القاهرة، طبعة مزيدة ومنقحة، 2006., ص 718.
[29] أزهر عبدالحسين عبدالله: تحصن القرار الإداري ضد الإلغاء (دراسة مقارنة) , رسالة ماجستير مقدمة إلى مجلس كلية القانون بالجامعة المستنصرية , 2014 , ص 90.
[30] سلمى طلال عبد الحميد: القرارات التي يجوز سحبها وإلغائها دون التقيد بميعاد الطعن, أطروحة دكتوراه مقدمة إلى مجلس كلية الحقوق, جامعة النهرين, 2010, ص 158.
[31] رحيم سليمان الكبيسي: حرية الإدارة في سحب قراراتها الإدارية, دراسة مقارنة في النظم الفرنسية والمصرية والعراقية, بدون ذكر دار نشر,2000, ص 423.
[32] حسني درويش عبد الحميد: نهاية القرار الإداري عن غير طريق القضاء, دراسة مقارنة, من دون ذكر دار نشر, الطبعة الثانية, 2008, ص 362-363.
[33] موسى شحادة: القانون الإداري , منشورات جامعة القدس , الطبعة الأولى , 1996., ص 382 ومابعدها.
[34] قرار مجلس الإنضباط العام رقم 233/1979 في 6/9/1979 أوردته,د.سلمى طلال عبد الحميد, مصدر سابق, ص 161.
[35] رقم الدعوى التمييزية 48/انضباط/تمييز/2006 في 6/3/2006 , رقم الأعلام (47), قرارات وفتاوى مجلس الدولة لعام 2006, ص 441.
[36] أزهر عبدالحسين عبدالله: تحصن القرار الإداري ضد الإلغاء (دراسة مقارنة) , مصدر سابق , ص 92.
[37] حسني درويش عبد الحميد: مصدر سابق, ص 368 وما بعدها.
[38] موسى شحادة: مصدر سابق, ص 384.
[39] حسني درويش عبد الحميد: مصدر سابق, ص 371.
[40] للمزيد حول ذلكم ينظر شاب توما منصور: القانون الإداري , الجزء الاول , دار الطبع والنشر الاهلية, 1971., ص 402 وما بعدها.
[41] سلمى طلال عبد الحميد: مصدر سابق, ص 172.
[42] حسني درويش عبد الحميد: مصدر سابق, ص 384.
[43] سليمان محمد الطماوي, النظرية العامة للقرارات الإدارية, مصدر سابق, ص 725.
[44] للمزيد في ذلكم ينظر حكم مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ 26/ تشرين الثاني/1912 في قضية (Boussuge)
Gustave peiser Droit administratife, 19edition,Dalloz,1998,p128.
[45] إذ نصت المادة (105) من قانون الاثبات رقم 107 لسنة 1979 على: (الأحكام الصادرة من المحاكم العراقية التي حازت درجة البتات تكون حُجة بما فصلت فيه من الحقوق إذا اتحد أطراف الدعوى ولم تتغير صفاتهم وتعلق النزاع بذات الحق محلاً وسبباً) , كذلك نصت المادة (106) من القانون نفسه على: (لا يجوز قبول دليل ينقض حجية الاحكام الباتة).
[46] وسام صبار العاني: إخلال الإدارة بتنفيذ حكم الإلغاء , مقال منشور عبر الشبكة العنكبوتية (الانترنت) عبر الرابط التالي:
almerija.com
[47] ياسر محمد عبدالعال: الوسائل القضائية للحد من امتناع الإدارة عن تنفيذ الحكم القضائي (دراسة مقارنة) , بحث منشور في مجلة كليات الشرق العربي للدراسات العليا في المملكة العربية السعودية , الرياض , العدد (70) , ديسمبر , 2019 , ص 1005_1006.
[48] فتحية هنيش: ضمانات تنفيذ الأحكام والقرارات القضائية , رسالة ماجستير مقدمة إلى جامعة محمد خضير بسكرة , كلية العلوم والحقوق والعلوم السياسية , قسم الحقوق , 2012_2013 , ص 41 وما بعدها.
[49] المصدر نفسه: ص 47.
[50] عبدالحكم فودة: الخصومة الإدارية أحكام دعوى الإلغاء والصيغ النموذجية لها , دار المطبوعات الجامعية , بدون ذكر رقم طبعة , 1996 , الاسكندرية., ص 365.
[51] عبدالحكم فودة: الخصومة الإدارية أحكام دعوى الإلغاء والصيغ النموذجية لها , المصدر السابق نفسه , ص 365.
[52] المصدر نفسه: ص366.