حقوق الطباعة محفوظة لدى مجلة كلية القانون والعلوم السياسية في الجامعة العراقية
حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمؤلف
حقوق النشر محفوظة للناشر (كلية القانون والعلوم السياسية - الجامعة العراقية)
CC BY-NC-ND 4.0 DEED
Printing rights are reserved to the Journal of the College of Law and Political Science at Aliraqia University
Intellectual property rights are reserved to the author
Copyright reserved to the publisher (College of Law and Political Science - Aliraqia University)
Attribution – Non-Commercial – No Derives 4.0 International
For more information, please review the rights and license
تاريخ التقديم 1/6 تاريخ القبول 10/9
تاريخ النشر 25/10/2024
مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات
في السوابق القضائية
للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان
The principle of Legality
in the Criminal law in the Case law
of The European Court of Human Rights
أ.م.د. رافد خيون دبيسان
مركز وزارة التعليم العالي والبحث العلمي (الدائرة القانونية)
Assistant Professor Dr Rafid Khayun Debisan
Ministry of Higher Education and Scientific Research
rafid4912@gmail.com
المستخلص:
تَسَامَقَ مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، فَأَنَاخَ بِذُؤَابَةِ قانون العقوبات الحديث، ولَا مِرَاءَ في أَنَّه انْبَثَقَ بدعوة جَمٍّ من فلاسفة عصر التنوير، الَّذين أَسْدَوا إليه شَأْواً بالغاً، فأخذ يَتَّسِقُ في قانون العقوبات الرُّوسي والأمريكي والفرنسي، ومع تَوَالِي الأَمَدِ آتَى أُكُلَهُ نُضْجاً وازْدِهَاراً، وجَنَحَ إلى المواثيق العالمية والاتفاقات الدولية، عَقِبَ الحرب العالمية الثانية، حَتَّى غَدَا مبدأً بارزاً، يَنْضَوِي إلى لُجَّةِ الفقرة الأولى من المادة السابعة، ويَتَفَيَّأُ في ظِلَالِ دَوْحَةِ الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان الأَرُوْمَةِ.
ويَسْتَبِيْنُ الرُّشْدِ من القَوْلِ إِنَّه لَمَّا أَلْفَيْتُ أَنَّ مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، أَوْدَقَ عَنَائِنَ الاسْتِدْلَالِ التَّفْسِيْرِيِّ في قضاء المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، حَدَا بي أَنْ أَسْبِرَ غَوْرَهُ تَحْصِيْلاً وبَيَاناً، فَشَرَعْتُ بهذا البحث الذي وَسَمْتُهُ بعنوان (مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات في السوابق القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان)، ذلك بِغْيَةَ اسْتِبْلَاجِ الدَّلَالَةِ المَنُوْطَةِ بِمَقَاصِدِ حَدِّهِ، واسْتِجْلَاءِ مُسَوِّغَاتِ التَّنَاوِلِ والشُّمُوْلِ في مَنَاحِيْهِ، ولِمَا فيه من مَادَّةٍ مِدْرَارَةٍ، تَعْضُدُ في إعداد بَحْثٍ عِلْمِيٍّ، يَرْفِدُ نظرية هذا المبدأ في الدَّرس القانونيِّ.
الكلمات المفتاحية: جرائم، عقوبات، شرعية جنائية، المحكمة الاوربية، حقوق الانسان
Abstract
The principle of the legality of crimes and punishments became consistent with the modern penal code, and there is no doubt that it emerged at the invitation of many philosophers of the Age of Enlightenment, who paid great attention to it, so it began to be coherent in the Russian, American and French penal code, and with the passage of time it came He became mature and prosperous, and inclined to adhere to covenants. universality and international agreements, following World War II, until they became a prominent principle, It joins the first paragraph of Article Seven, and hides in the shadow of the shadow of the European Convention on Human Rights.
(The principle of the legality of crimes and punishments in the case law of the European Court of Human Rights), in order to clarify the significance attached to the purposes of its definition, and to clarify the justifications for its coverage and inclusion in its aspects, and because of Article M A study that supports the preparation of scientific research that supports the theory of this principle in the legal lesson.
Keywords: crimes, penalties, criminal legitimacy, European Court, human rights.
المقدمة
أولاً: موضوع البحث:
إن أساس قانون العقوبات الحديث هو مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، وقد دعا إليه الكثير من فلاسفة عصر التنوير مثل روسو وبيكاريا وديدرو وفولتير، إذْ وضع ابتداء في قانون العقوبات الروسي، ثم في إعلان الاستقلال الأمريكي في سنة 1776م، ثم في إعلان حقوق الإنسان والمواطن الفرنسي في سنة 1789م. وبعد الحرب العالمية الثانية انتقل هذا المبدأ إلى المواثيق العالمية والاتفاقات الدولية ومن بينها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في سنة 1948م، ومنها موضوع بحثنا وهو الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، وقد تبنتها الفقرة الأولى من المادة السابعة إذْ نصت على أنه ((لا يجوز إدانة أي شخص بسبب ارتكابه فعلاً أو الامتناع عن فعل لم يكن يعتبر وقت وقوع الفعل أو الامتناع عن جريمة في القانون الوطني أو القانون الدولي. ولا يجوز توقيع عقوبات أشد من تلك المقررة وقت ارتكاب الجريمة)) فضلاً عمَّا وصفته المحكمة الأوروبية في قضية afkaris v Cyprus بما يأتي ((إن الضمانة المنصوص عليها في المادة السابعة، تمثل عنصراً جوهرياً لمبدأ سيادة القانون، بل ولها دور هام في نظام حماية حقوق الإنسان في الاتفاقية.... ويجب أن يفسر هذه المبدأ ويطبق، بما يتفق مع أغراضه وغاياته، بشكل يوفر حماية فعالة من التعسف في المحاكمة والاتهام والعقاب)).
ثانياً: إشكالية البحث:
بمراجعة الموضوع والتمعن فيه نرى أنه يثير مشكلة أساسية، مفادها ما هي الآلية التي يجري فيها تفسير المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لمبدأ الشرعية للجرائم والعقوبات؟ ومن هذه المشكلة الأساسية يتمورد لدينا الكثير من الأسئلة، منها هل يمكننا أن نتوصل إلى بيان تعريف مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات في قضاء المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان؟ وما هي مبررات مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات في قضاء المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان؟
ثالثاً: منهجية البحث:
استعنتُ بالمنهج التحليلي في كتابة هذا البحث، إذ انطوى بشكل أساس على تحليل أحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لغرض الإجابة عن تساؤلات البحث والتوصل إلى التوصيات بغية معالجة إشكاليته.
رابعاً: خطة البحث:
في ضوء ما تقدم قسَّمتُ هذا البحث على مبحثين ، ناقشتُ في المبحث الأول مفهوم مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات في قضاء المحكمة الاوروبية لحقوق الإنسان، من جهة التعريف والآثار لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات في مطلبين، أما المبحث الثاني فاقتصر على بيان تفسير المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، على النحو الآتي :
المبحث الأول: مفهوم مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات.
المطلب الأول : تعريف مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات.
المطلب الثاني: آثار مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات.
المبحث الثاني: تفسير المحكمة الأوروبية لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات.
المطلب الأول: تعريف المحكمة الأوروبية للقانون وشروط قاعدة التجريم والعقاب.
المطلب الثاني: تعريف الجريمة والعقوبة في السوابق القضائية للمحكمة الأوروبية.
المبحث الأول
مفهوم مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات
كان يعني هذا المبدأ في السابق، أن الجهة الوحيدة المخولة لبيان الأفعال التي تعد جرائم ولبيان العقوبات الخاصة بها هي السلطة التشريعية فحسب، ويعني ذلك أن مهمة السلطة القضائية هي تطبيق القانون الجنائي فقط, ثم حصل له تطور فسمح للسلطة التنفيذية فضلاً عن السلطة التشريعية، بتحديد الأفعال التي تشكل جرائم وبتحديد العقوبات المناسبة لها، أي أن هذا المبدأ اكتسب حيوية أكثر ممَّا كانت عليه الحال سابقاً في عصر الثورة الفرنسية .
كذلك تطور هذا المبدأ اليوم واكتسب حيوية أكثر من قبل، إذْ أصبح مبدأً يشير إلى أية قاعدة مكتوبة أو غير مكتوبة، أي يمكن أن يدخل العرف في تحديد الجرائم والعقوبات، بل في الاستناد إلى نصوص اتفاقات دولية، كما سأشير إلى ذلك في سياق قضاء المحكمة الأوروبية، بل في صعيد القانون الدولي الجنائي أيضاً, وعليه سوف أناقش في هذا المبحث تعريف مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات في المطلب الأول، والمطلب الثاني سأخصصه لبيان آثار مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، على النحو الآتي:
المطلب الأول: تعريف مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات
إن هذا المبدأ ينطوي على فهم مفاده أن القانون وحده هو من يحدد الجرائم ويبين العقوبات المناسبة لها, ويسمى هذا المبدأ باللغة اللاتينية (nullum crimen, nulla poena sine lege), ويعني ألَّا نستعمل القياس في تفسير نصوص قانون العقوبات لتحديد الجرائم والعقوبات، وبشكل عام يجب ألَّا نستعمل التفسير الواسع لنصوص قانون العقوبات، فهو يقوم على تحديد مضمون المبدأ الذي يوعز إلى القانون حصراً في تحديد الجريمة والعقوبة، وكذلك يجب أن تكون القاعدة الجنائية واضحة وذات عبارات محددة وأن يكون بالإمكان الوصول إلى هذه القاعدة أو ما يسمى بمبدأ إمكانية الوصول ((Accessibility أو ما يسمى بمبدأ إمكانية التوقع (Foreseeability) أي ما يشكل انتهاكها جريمة وتفرض عليها عقوبة[1].
ويقصد به أي فعل من أفعال الأفراد لا يمكن عدُّه جريمة ما لم يرد ذكر ذلك السلوك صراحة في نص القانون ويصفه وصفاً نافياً للجهالة ويقرر له جزاءً مناسباً بنص المادة القانونية.
يتجسد هذا المبدأ بنص الدستور العراقي عليه في المادة (19/ ثانياً)، وكذلك في المادة (1) من قانون العقوبات العراقي الساري رقم (111 لسنة 1969 المعدل) إذْ نصت على أنه ((لا عقاب إلا على فعل أو امتناع إلا بناء على قانون ينص على تجريمه وقت اقترافه، ولا يجوز توقيع عقوبات أو تدابير احترازية لم ينص عليها القانون)).
ويمثل مبدأ الشرعية الحد الفاصل بين اختصاص المشرع واختصاص المحكمة فليس للأخيرة أن تعدَّ فعلاً ما جريمة ما لم ينص عليه القانون.
ويعني أيضاً ألَّا يكون للقاضي أي اختصاص في مجال التجريم والعقاب، فلا يستطيع أن يعدَّ فعلاً ما جريمة من دون وجود قاعدة قانونية تجرم هذا الفعل وتحدد له عقوبة. ويجب على القاضي حينما يطبق القاعدة الجنائية أن يتبين عدم وجود أي سبب من أسباب الإباحة أو موانع العقاب، التي من شأنها أن تجعل الفعل مباحاً كما هي الحال في الدفاع الشرعي وموانع المسؤولية مثل الجنون المطبق، والتي من شأنها ألَّا تجعل الشخص يعاقب على الفعل الذي ارتكبه[2].
لكن التعريف يطرح تساؤلات متعددة منها: ما الذي تعنيه الجريمة؟ وما الذي تعنيه العقوبة؟ وما معنى القانون؟
أولاً الجريمة (Crime):
لمفهوم الجريمة معنى ضيق ومعنى واسع، سأوضحهما تباعاً:
المعنى الضيق (Stricto sensu): يقابل الاتجاه التقليدي في قانون العقوبات الذي يعرف الجريمة بأنها: كل سلوك خارجي إيجابي أو سلبي حرمه القانون وقرر له عقاباً إذ صدر عن إنسان مسؤول[3].
ويرد هنا تساؤل مفاده لماذا نسبتُ هذا التعريف إلى المعنى الضيق لكلمة الجريمة؟ إذْ أرى أن هذا التعريف يقتصر في تحديد الجريمة على التشريعات فحسب من دون النظر إلى المصادر الأخرى للقانون مثل العرف أو القانون الدولي العرفي، إذْ إن الفقه الذي وضع هذا التعريف كان يتمسك بقصر هذا التعريف على التشريعات أو القوانين التي تصدر عن الدولة فحسب[4].
المعنى الواسع للجريمة (Latsu Sensu): تعني الجريمة خطأً عاماً، وهي فعل إجرامي ينتهك قوانين الدولة ويرفضه المجتمع، وهي أي فعل أو امتناع يحظره القانون ويمكن أن يعاقب مرتكبه بالغرامة أو السجن، مثل القتل والسرقة والاغتصاب وقيادة العجلة تحت تأثير الكحول وعدم دفع الضرائب[5].
ويرد هنا تساؤل مفاده كيف يكون لهذا التعريف معنى أوسع؟ إذْ أشار واضع التعريف إلى ما يدل على العرف بعبارات واضحة وصريحة مثل عبارة (يرفضه المجتمع)، واستعمل أيضاً عبارة (قوانين الدولة) ولم يستعمل عبارة (تشريعات الدولة)، فبهذا احتاط من الدلالة على المعنى الضيق لمفهوم الجريمة. وأورد كذلك لدى المعنى الواسع لمفهوم الجريمة عبارة (أي فعل أو امتناع) ولم يقل (فعل) فقط، فبهذا احتاط من الإشارة إلى المعنى الضيق لمفهوم الجريمة، ووضع بعض الأمثلة لأغراض توضيحية فقط.
وهذا يثير تساؤلاً مفاده، ما معنى القانون هنا؟ وهل يعني هذا أن الفعل لكي يكون جريمة يجب أن يكون هناك نص تشريعي يحدد الجرائم أو العقوبات؟ أو هل له مدلول آخر؟
ثانياً: العقوبة (Punishment):
كما للجريمة مدلول ضيق وواسع، كذلك فإن للعقوبة مدلولاً ضيقاً وواسعاً.
1- المعنى الضيق للعقوبة (Stricto Sensu): هو الجزاء الذي يقرره القانون على من يرتكب فعلاً أو امتناعاً يعدُّه القانون جريمة، وتتمثل بإيلام يصيبه مرتكب الفعل لمصلحة المجتمع والفرد، وتتمثل مصلحة المجتمع بالردع العام لبقية أفراد المجتمع عن ارتكاب الجريمة ، أمَّا مصلحة الفرد فتتمثل بتقويمه وإصلاحه[6].
يُصِرُّ أنصار هذا الاتجاه على أن ما يحدد العقوبة في القانون الجنائي هو التشريعات فحسب، ولا يمكن أن يمتد إلى العرف أو إلى الاتفاقات الدولية أو إلى القانون الدولي العرفي، فليس للقاضي أن يفرض أية عقوبة لم ينص عليها القانون[7].
2- المعنى الواسع للعقوبة(Latsu Sensu):
نتيجة لما سبق يمكنني أن أعرف العقوبة بالمعنى الواسع بأنها : كل إيلام مادي أو جسدي أو نفسي يفرضه القانون أو العرف على من يرتكب فعلاً إيجابياً أو سلبياً يخالفهما[8].
إذن الفرق الأساسي بين الاتجاه الأول والثاني، هو طريقة تعريفهما لكلمة القانون، فحينما يكتفي الاتجاه الأول بالمعنى الضيق للقانون – أي التشريعات بكل أنواعها -، فإن الاتجاه الثاني يتوسع بتعريف كلمة العقوبات.
ويستخلص ممَّا تقدم أن مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات لا ينطبق على القانون الدولي الجنائي، لأن هذا المبدأ بحسب مفهومه في القانون الجنائي الداخلي الوطني يتطلب تشريعاً أي قانوناً مكتوباً صادراً عن سلطة مختصة بالتشريع، أو عن سلطة مفوضة بذلك من السلطة التشريعية المختصة، وهو ما لا يتحقق لدى القانون الدولي الجنائي[9].
وهذه النتيجة التي تبدو منطقية في الظاهر هي التي دفعت بعض الفقهاء إلى المطالبة بإعطاء المحكمة الدولية سلطة تقديرية في إضفاء صفة الجريمة على الفعل وفي تقدير العقوبة، وهو ما يعني استبعاد هذا المبدأ من مجال القانون الدولي الجنائي. وهذا الرأي لا يمكن الأخذ به لأنه يمنح المحكمة الدولية سلطة غير محدودة في إضفاء صفة الجريمة الدولية على أي فعل، وفي تحديد أركانها ثُمَّ الحكم فيها، أي أنه يجعل القاضي الدولي يجمع بين يديه وظيفتين يجب الفصل بينهما، وهما وظيفة تحديد الجرائم الدولية وأركانها ووظيفة الحكم في توافرها أو عدم توافرها وهو ما لا يجوز قانوناً [10].
وأرى أن الاتجاه الأول هو الأفضل في تعريف مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، لأن النصوص القانونية بخلاف العرف إذْ تتسم بالوضوح والدقة، فمن شأنها أن تحفظ حقوق الأفراد وحرياتهم.
إذْ من الصحيح أن القوانين العقابية قد يعتريها نقص، غير أن هذا لا يعني أن نستعين بالعرف أو القانون الدولي العرفي، فبالإمكان أن نعوض عنهما بالكثير من النصوص القانونية التي تحدد الجرائم والعقوبات.
المطلب الثاني: آثار مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات
تترتب على مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات مجموعة من الآثار، بعضها يتعلق بالعدالة والمساواة، وبعضها الآخر يتعلق بعدم جواز رجعية قواعد التجريم أو حماية الفرد من تعسف السلطة، وغيرها من الآثار، وهذا ما سوف نبينه في هذا المطلب من خلال الفقرات الآتية:
أولاً: يحقق هذا المبدأ العدالة، فلا يعاقب أي شخص عن فعل لم يكن جريمة وقت ارتكابه، وبذلك يكون الشخص بمأمن من المسؤولية الجنائية بشكل تعسفي، فلو لم يحدد القانون كون الفعل جريمة وارتكبه شخص ما، ثم حدده القانون ونشر فهنا ليس من العدل أن يعاقب الشخص، إذ لم يكن الشخص على دراية وجرت معاقبته، فستكون القوانين العقابية مجافية لحس العدالة.
ثانياً: يؤدي هذا المبدأ إلى تحقيق المساواة، إذْ إن الأشخاص الذين يرتكبون فعلاً لم يجرمه نص قانوني يكونون جميعهم بمأمن عن المسؤولية، وكذلك الحال بعد صدور القانون ونشره، إذْ يعاقب الأشخاص جميعهم الذين يرتكبون الجريمة بشكل متساوٍ لدى القانون[11].
ثالثاً: عدم جواز رجعية قواعد التجريم والعقاب بشكل عام، طالما لا يكون بإمكان عقاب الشخص على فعل لم يُجْرَمْ حينما ارتكبه. فيعني هذا لو صدرت قاعدة أجرمت الفعل بعد ارتكابه فلا يكون بالإمكان معاقبة الشخص على هذا الفعل، غير أن لهذا المبدأ استثناء يتمثل برجعية القانون الجنائي الأصلح للمتهم[12]، ولهذا الاستثناء مقتضيات تتطلَّبها العدالة.
رابعاً: حماية الشخص من تعسف السلطات، إذ إن وجود قاعدة جنائية تحدد أن الفعل جريمة وتبين عقوبته، يحمي الشخص من أي تعسف ممكن للسلطات عن طريق فرض عقوبة على الشخص بشأن فعل لا يشكل جريمة، فلو أصدرت السلطات أمراً بإلقاء القبض على شخص بالاشتباه به بارتكاب فعل لا يشكل جريمة، فسيكون بإمكانه أن يطعن بالقرار لدى القضاء.
خامساً: يمنع هذا المبدأ تشظي الأحكام القضائية، فقد يؤدي عدم وجود قواعد جنائية تبين الجرائم والعقوبات، إلى تناقض أحكام المحاكم فيما يشكل من الأفعال جرائم، وفيما يحدد عقوبات هذه الأفعال، فعلى سبيل التمثيل لو اعتمدنا على السوابق القضائية لتحديد العقوبات السالبة للحرية، لرأينا مدة العقوبات تتبدَّل زيادةً ونقصاناً بين الحين والآخر[13].
سادساً: لا يجوز للقاضي استعمال القياس- وتعرفه موسوعة ستانفورد للفلسفة بأنه: (المقارنة بين شيئين أو نظام الأشياء، الذي يبين أوجه الشبه بين شيئين)[14] - في مجال التجريم والعقاب. أي لا يمكن أن يقيس فعلاً مباحاً على فعل مُجْرَمٍ لتطابق العلل بينهما. ففي حال ما إذا كان الفعل (أ) مُجْرَماً لعلة (ب)، وكان الفعل (ج) مباحاً ، وأن له علة تجريم الفعل (أ) نفسها وهي (ب)، فلا يمكن للقاضي أن يستعمل القياس هنا، وكذلك الحال لدى العقوبات إذ لا يمكن للقاضي أن يستعمل القياس لفرض عقوبة على شخص ما[15].
سابعاً: من الآثار الأخرى لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، مبدأ إقليمية القانون الجنائي الذي يعني سريان القانون الجنائي على الجرائم التي تقع بضمن نطاق إقليم الدولة، إذْ إن شرعية الجرائم والعقوبات تعني أن قانون الدولة لا يسري إلَّا في داخل حدود الدولة التي وضعته، وبذلك فإن الجرائم التي ترتكب في داخل حدود نطاق سريان القاعدة الجنائية، يطبق عليها القانون الجنائي لتلك الدولة. إذْ إن لقانون العقوبات نطاقاً زمانيًّا ومكانيًّا، فإن نطاق قانون العقوبات الزماني هو ما يلي تاريخ صدور هذه القاعدة الجنائية، ونطاقه المكاني هو داخل حدود إقليم الدولة. بعدما كان المبدأ السائد في القوانين القديمة مثل القانون الروماني هو مبدأ شخصية القوانين الجنائية، أي في حال ما لو ارتكب المواطن الروماني جريمة خارج حدود الامبراطورية الرومانية لسرى عليه القانون الروماني[16].
ثامناً: يحقق مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات مبدأ الأمن القانوني، لتوضيح ذلك ينبغي تعريف مبدأ الأمن القانوني: فهو (مبدأ يُسعى من خلاله إلى ضمان استقرار النظام القانوني ولضمان حقوق الإنسان بصيغة الأمن الإنساني والمجتمعي)[17]. ويعرف أيضاً بأنه قدر من الاستقرار في القواعد القانونية التي تنظم العلاقات بين الأفراد مع بعضهم بعضاً من جانب وبين الأفراد والدولة من جانب آخر، ولا يعني هذا عدم تغيير القواعد القانونية وإنما يعني ضرورة الثبات النسبي حماية للمراكز القانونية. إن مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات يحقق مبدأ الأمن القانوني من خلال وجود قواعد قانونية تحدد السلوك الذي يشكل جرائم وتحدد العقوبة المناسبة لها، إذ لو كانت مسألة تقدير كون الفعل جريمة وكون العقوبة المناسبة لها متروكة للقاضي أو لبقية سلطات الدولة لحصل اضطراب في المراكز القانونية للأفراد، مما يؤثر في عدم تحقيق مبدأ الأمن القانوني[18].
المبحث الثاني
تفسير المحكمة الأوروبية لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات
إن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، هي محكمة تابعة لمجلس أوروبا، ومقرها في ستراسبورغ في فرنسا. أُنْشِئَتْ هذه المحكمة في سنة 1959م، وتضمن احترام دول الاتحاد الأوروبي لحقوق الإنسان وضماناتها، التي نصت عليها الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
إذْ إن المحكمة تتألف من (47) قاضياً منتخباً، يمثل كل قاضٍ إحدى الدول الأعضاء، وتنظر في الدعاوى التي يقدمها الأفراد أو الدول في بعض الأحيان حينما يكون هناك أدعاء بانتهاك حقوق الأفراد. وحينما تحكم المحكمة بوجود انتهاك لحقوق الأفراد وضماناتهم، وتُصْدِرُ من أجل ذلك حكمها، فعلى الدول الأعضاء الامتثال لهذه القرارات[19].
من الجدير بالذكر أن ضمان شرعية الجرائم والعقوبات قد ذُكِرَ في الفقرة الأولى من المادة السابعة من الاتفاقية، وهو نص لا يمكن للدول أن تتخلى عن التزاماتها إزاءه (non-derogable) حتى في وقت الطوارئ. وبهذا يكون هذا النص بضمن النصوص ذات القيمة العليا في الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان إلى جانب حظر الاسترقاق والتعذيب. ومن الجدير بالذكر أيضاً أن القضايا التي تُطْرَحُ لدى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان وتتعلق بهذا المبدأ قليلة جداً، إذْ أجرى الباحث (greer) دراسة بينت أن هناك (9) انتهاكات للمادة السابعة بين الأعوام 1999م – 2005م ، مقارنة بالمادة السادسة التي جرى انتهاكها لأكثر من (2000) مرة في المدة الزمنية نفسها[20].
عليه سأشرع في هذا المبحث بالعمل على إبراز تفسير المحكمة الأوروبية لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات في مطلبين، سأبيِّن في المطلب الأول تعريف المحكمة الأوروبية للقانون وشروط قاعدة التجريم والعقاب، وسأُبدي في المطلب الثاني تعريف المحكمة الأوروبية للجريمة وللعقوبة.
المطلب الأول: تعريف المحكمة الأوروبية للقانون وشروط قاعدة التجريم والعقاب
بينت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان معنى مصطلح القانون في الكثير من أحكامها المتعلقة بالمادة السابعة، وأشارت إلى أن معنى القانون هو أية قاعدة قانونية سواء أكانت سابقة قضائية أم عرفاً أم اتفاقية دولية أم تشريعاً، ومن هذه الأحكام حكمها في قضية (Kafkaris v Cyprus) التي بينت فيها ما يأتي: ((ويكون لكلمة قانون المشار إليها في المادة السابعة، نفس معنى كلمة القانون بموجب أحكام الاتفاقية الأوروبية والذي يعني التشريعات والسوابق القضائية .... وفي هذا الصدد فإن المحكمة الأوروبية لا تستخدم كلمة القانون للإشارة للمعنى الشكلي لهذا المصطلح بل المعنى الموضوعي له. فهي تعني التشريعات الفرعية والتشريعات والقانون غير المكتوب....))[21].
وفي قضية (Kononov v. Latvia) بين المشتكي – وهو عسكري سابق - عدم وجود نصوص قانونية وطنية لمحاسبته عمَّا ارتكبه في مدة الحرب العالمية الثانية، وكان جواب المحكمة هو أن المسؤولية يمكن أن تحدد بموجب اتفاقية لاهاي:
((إن عدم وجود نص يبين أن الفعل جريمة في القانون الوطني، لا يعد كافياً لرفع المسؤولية الفردية عن جرائم الحرب. وأشارت المحكمة أن نصوص جرائم الحرب في اتفاقية لاهاي تمثل قواعد خاصة تطبق فيما يتعلق بمسؤولية القادة العسكريين عنها. ولكون المدعي هو قائد عسكري، فلهذا كان عليه أن يقيم المخاطر الناجمة عن العملية العسكرية التي قامت بها القوات التابعة له في قرية...))[22].
إذْ إن المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان جعلت القانون العام ((Common Law بضمن نطاق مصطلح القانون في قضية SW & CR v UK))، فكانت هذه القضية تتمحور بشأن اتهام زوجين بإجبار زوجتيهما على ممارسة الجنس معهما، فبعد أن كان القانون العام في المملكة المتحدة لا يعدُّ اغتصاب الزوج لزوجته جريمة، عدل مجلس العموم عن ذلك في قضيته (Regina v R[23])، وبهذا جرت محاسبة الزوجين على إجبار زوجتيهما على ممارسة الجنس معهما، وبينت المحكمة ما يأتي :
(( إن التطورات التي تحصل عن طريق وضع القضاة للقوانين هي جزء ضروري ومترسخ في التقاليد القانونية. وإن منطوق المادة السابعة لا يتعارض مع مسألة توضيح قواعد المسؤولية الجزائية من قبل القضاة))[24].
ففي قضية (Custers & Others)، رأت المحكمة أن التشريعات الفرعية يمكن أن تعدَّ قانوناً بموجب أحكام المادة السابعة، بشرط أن يستند إلى أساس في القوانين المحلية[25].
أمَّا في قضية Jorgic v Germany)) و(Vasiliauskas v. Lithuania)، فقد نظرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في الدعويين بموجب أحكام اتفاقية منع الإبادة الجماعية ومكافحتها لسنة 1948م([26]).
وبعد أن بيَّنتُ تعريف القانون بموجب المادة السابعة في ضوء الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، فلا بُدَّ من بيان شروط القاعدة القانونية، بوصفها أساساً لجعل القاعدة القانونية قاعدة تجريم وعقاب، إذْ أوردت السوابق القضائية للمحكمة الأوروبية شرطين لكي تعدَّ القاعدة قانوناً بموجب المادة السابعة، بمعنى أن تتوافق القاعدة القانونية مع مبدأي إمكانية الوصول (Accessibility) وإمكانية التنبؤ(Foreseeability).
إذْ يُعرف مبدأ إمكانية الوصول بأنه: مدى إمكان المدعي من أن يصل إلى القاعدة وأن يعلم مضمونها، مثل قضية(G. v. France)[27] التي سعت فيها المحكمة إلى بيان مدى إمكان المدعي من أن يصل إلى أوامر السلطة التنفيذية، وكذلك قضية ((Custers, Deveaux and Turk v. Denmark [28]، التي نظرت فيها المحكمة في مسألتين بعد مصادقة دولة الدنمارك على الاتفاقية للتأكد من مراعاة مبدأ إمكانية الوصول: فهل أدمجت الدولة الاتفاقية في القانون المحلي؟ وهل نشرتها في الصحف المحلية؟ وكذلك قضية (Korbely v. Hungary) التي تأكدت فيها المحكمة من إمكان المدعي من الوصول إلى نص اتفاقية جنيف لسنة 1949م، إذْ جرم الفعل الذي ارتكبه المدعي، في الوقت نفسه لم يكن القانون الوطني يجرم هذا الفعل[29].
أمَّا مبدأ إمكانية التنبؤ(Foreseeability) فيعني معرفة الفرد معنى النص حتى لو كان بمساعدة التفسير القضائي بعد أخذ الاستشارة القانونية الملائمة، من أجل معرفة أي فعل أو امتناع يجعل الشخص مسؤولاً جنائياً، وما الجزاء المناسب لهذا الفعل المرتكب أو الامتناع[30].
وقد بينت المحكمة في سياق هذه المسألة في قضية (Cantoni v. France) وقضية (Kokkinakis v. Greece)، أن حاجة الفرد إلى معرفة معنى القاعدة القانونية لا تعني بالضرورة أن يكون للقاعدة معنى ثابت لا يتغير، بسبب الحاجة المستمرة إلى القواعد القانونية التي تتكيف مع التغيرات المتنوعة، وهذا ما يجعل الغموض عنصراً حتمياً في القواعد القانونية، ممَّا يعني أن وجود بعض الغموض في القاعدة القانونية لا يعني عدم اتفاقها مع أحكام الاتفاقية الأوروبية[31]. إذْ أكدت المحكمة مسألة بارزة في هذه القضية وفي غيرها من القضايا، تتجلَّى في الحاجة المستمرة إلى التفسير القضائي للنصوص الجنائية وإلى التكييف مع الظروف المتنوعة[32].
المطلب الثاني: تعريف الجريمة والعقوبة في السوابق القضائية للمحكمة الأوروبية
لم تعرف المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (الجريمة)، بل اقتصرت على البحث في مفهوم (العقوبة)، وبهذا سوف أسعى إلى بيان تعريف (العقوبة) في السوابق القضائية للمحكمة الأوروبية، ثم سأرى ما إذا كان بالإمكان أن أستنبط تعريف (الجريمة) منها([33])، إذْ بينت المحكمة الأوروبية في قضية (G.I.E.M. S.R.L. and Others v. Italy) أنه:
(( يجب أن تكون المحكمة حرة في تقييم ما إذا كان الإجراء جزاءً بمعنى الفقرة الأولى من المادة من دون أن تولي اهتماماً بالشكليات))[34].
إن أول معيار بارز لدى المحكمة لبيان ما إذا كانت هناك عقوبة على الشخص، هو ما إذا كان الإجراء محل النظر في القضية قد أمرت به السلطات بعد إسناد تهمة جزائية على الشخص[35] ولكن ليس هذا هو المعيار الوحيد الكافي لبيان وجود العقوبة , فمن العوامل البارزة الأخرى التي تتَّبعها المحكمة لبيان ما إذا كان الإجراء جزاءً هي:
هدف الإجراء العقابي وطبيعته بشكل أكثر دقة.
طريقة تصنيف الإجراء في القانون المحلي.
إجراءات فرض العقوبة.
جسامة الإجراء محل النظر في الدعوى، ولكن المحكمة الأوروبية لا تعير لمسألة جسامة الإجراء أهمية كبيرة لبيان ما إذا كان الإجراء عقوبة، لأن الكثير من التدابير الردعية التي تتَّخذها السلطات قد تكون ذات تأثير جسيم في الفرد، مثل العقوبات الانضباطية[36].
ظروف تنفيذ الجزاء محل النظر في الدعوى، تكون لها أهمية لبيان ما إذا كان الإجراء جزاءً[37].
وقد طبقت المحكمة هذه المعايير في سياق قضية(Welch v UK)، لبيان ما إذا كان إجراء المصادرة جزاءً على وفق معنى الفقرة الأولى من المادة السابعة. وتوصلت المحكمة إلى نتيجة مفادها أن الجزاء هو المصادرة على وفق معنى الفقرة الأولى من المادة السابعة، لكن فرض المصادرة من لدن الحكومة البريطانية بشكل رجعي جعل تصرف الحكومة البريطانية يخالف الفقرة الأولى من المادة السابعة[38].
أمَّا في قضية (Jamil v. France) فقد عدَّت المحكمة إجراء حبس شخص لم يدفع غرامة تأخير سداده دين شخص ما من دون أن يثبت إعساره جزاءً[39].
وكذلك عدَّت المحكمة الأوروبية مصادرة قطعة أرض لقيام ذويها بأعمال بناء غير مشروعة بقرار من المحكمة الجنائية جزاءً، لأن قرار المحكمة الإيطالية له غايات عقابية ووقائية[40].
وكذلك عدَّت المحكمة الأوروبية الكثير من قرارات المحاكم الألمانية بالحبس الاحتياطي ومن بينها (M. v. Germany) جزاءً، لأن القرار له غايات عقابية ووقائية، فضلاً عن أن مدة الحبس الاحتياطي غير محددة في قرار المحاكم الإيطالية[41].
بهذا يمكنني تعريف العقوبة على وفق معايير المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بأنها: أي إجراء يصدر عن السلطات المختصة، وله أهداف عقابية، ويستند إلى قانون معين.
أمَّا الجريمة فلا أرى أن معايير تحديد ما إذا كان الإجراء عقوبة، تكفي لتحديد مفهوم الجريمة في السوابق القضائية.
الخاتمة
أولاً: النتائج:
إن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ترى أن الهدف من مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات هو حماية الأفراد من التعسف في المحاكمة والعقوبات.
إن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لخَّصت مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات من جهتين، الأولى أنها تربط العقوبة بالغاية أو القصد، والثانية أنها تختص بفرض العقوبة من خلال إجراءات فرضها, أمَّا كلمة قانون فتقصد به المحكمة الاتفاقات الدولية والسوابق القضائية والتشريعات الرئيسة والفرعية.
لم تُعرِّف المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (الجريمة)، بل اقتصرت على البحث في مفهوم (العقوبة).
إن العقوبة تُعرَّف على وفق معايير المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بأنها: أي إجراء يصدر عن السلطات المختصة، وله أهداف عقابية، ويستند إلى قانون معين.
ثانيا: التوصيات
ندعو المحكمة الاتحادية العليا بوصفها المحكمة الدستورية العليا في العراق إلى ضرورة التفسير القضائي للنصوص الجنائية والدستورية للحاجة الماسة إليها، ولاسيَّما التي يكتنفها الغموض، فضلاً عن تكييفها مع الظروف المتنوعة.
نأمل من المحكمة الاتحادية العليا العراقية بوصفها المحكمة الدستورية العليا أن تأخذ بتوجهات المحكمة الأوروبية لحقوق الانسان فيما يتعلق بمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات.
نأمل من المحكمة الاتحادية العليا في العراق أن تأخذ بالسوابق القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان وأن تُضمِّنها في أحكامها للإفادة منها.
المصادر:
أولا- المصادر العربية:
الكتب:
1- د. علي حسين الخلف ود. سلطان عبد القادر الشاوي، المبادئ العامة لقانون العقوبات، مكتبة السنهوري، بدون رقم الطبعة.
البحوث:
د. حابس الفواعرة، احترام مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات بين التشريع والقضاء، مجلة الحقوق والعلوم الإنسانية، المجلد الحادي عاشر.
د. عادل علي المانع، الأمن القانوني الجنائي مفهومه وأساسه، مجلة الأمن والحياة، كلية الحقوق جامعة الكويت، العدد 248.
د. علي عبد القادر القهوجي، مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات في القانون الدولي الجنائي، مجلة كلية القانون الكويت العالمية.
جواهر الحبور، السلطة التقديرية للقاضي في إصدار العقوبة بين حديها الأدنى والأعلى، جامعة الشرق الأوسط، كلية للحقوق جامعة الشرق الأوسط.
References
- Books:
-1Valsmis Mitsilgas, EU Criminal Law, Oxofrd and Portland, Hart Publishing, USA & Canada, 2009.
-2 Merita Kettunen, Legitimizing European Criminal Law Justification and Restrictions, Comparative, European & International Criminal Justice, Springer, volume 2, 2020.
- Researches:
-1 Cian C. Murphy, The Principle of Legality in Criminal Law under the ECHR, European Human Rights Law Review, Vol. 2, p. 192, 2010.
-2 Cherneva Boyka Ivaylova, Legal Security as a Principle in Lawmaking, State and the Individual, No 2(14), 2017.
-3 Daniel Grădinaru, The Principle of Legality, RAIS Conference Proceedings - The 11th International RAIS Conference on Social Sciences.
-4 Rollin M. Perkins, The Territorial Principle in Criminal Law, 22 Hastings L.J, 1971, 1155.
- Article:
-1 Analogy and Analogical Reasoning, Stanford Encyclopedia of philosophy, 2013, the link:
((https://plato.stanford.edu/entries/reasoninganalogy/#:~:text=An%20analogy%20is%20a%20comparison,that%20relies%20upon%20an%20analogy)).
-2 What is the European Court of Human Rights?, Equality and Human Rights Commission, the link:
((https://www.equalityhumanrights.com/en/what-are-human-rights/how-are-your-rights-protected/what-european-court-human-rights)).
-3 The principle of legality in the Criminal law, Up Counsel, the link:
((https://www.upcounsel.com/lectl-the-principle-of-legality-in-the-criminal-law)).
- Guides:
-1 Guide for Article 7, the European Court of Human Rights, 2021.
- The European Court of Human rights Cases:
-1 Cantoni v. France, the European Court of Human Rights, Application no. 17862/9, 1996.
-2 Custers, Deveaux and Turk v Denmark, the European Court of Human Rights, applications no. 11843/03,11847/03 and 11849/03, 2007.
-3 G. v. France, the European Court of Human Rights, (Application no. 15312/89), 1995.
-4 G.I.E.M. S.R.L. and Others v. Italy, the European Court of Human Rights, Application no. 1828/06, 2018.
-5 Jamil v. France, the European Court of Human Rights, applications no. 11/1994/458/539, 1989.
-6 lnseher v. Germany ,The European Court of Human Rights, Applications no.10211/12 and 27505/14.
-7 Jorgic v Germany, the European Court of Human Rights, application no. 74613/01, 2007 &
-8 Kafkaris v Cyprus, the European Court of Human Rights, applicant no. 21906/04, 2004.
-9 Kokkinakis v. Greece, the European Court of Human Rights, Application no. 14307/88, 1993.
-10 Kononov v. Latvia, The European Court of Human Rights, Application no. 36376/04, 2010.
-11 Korbely v. Hungary, the European Court of Human Rights, Application no. 9174/02, 2008.
-12 M. v. Germany, the European Court of Human Rights, (Application no. 19359/04), 2009.
-13 Sud Fondi srl and Others v. Italy, the European Court of Human Rights, Application no. 75909/01, 2007.
-14 SW & CR v UK, The European Court of Human Rights, Applications no. 20166/92, 1995.
-15 Welch v UK, The European Court of Human Rights, application no. 17440/90 ,1995.
-16 Vasiliauskas v. Lithuania, the European court of Human Rights, Application no. 35343/05, 2015.
- The house of Lords:1- Regina v R (Marital Rape Exemption) [1992] 1 AC 599. Sources
Books:
-1Ali Hussein Al-Khalaf, Dr. Sultan Abdul Qadir Al-Shawi, General Principles of Penal Law, Al-Sanhouri Library, without edition number.
Research:
-1 Habes Al-Fawaara, Respecting the Principle of Legitimacy of Crimes and Punishments between Legislation and the Judiciary, Journal of Law and Human Sciences, Volume Eleven.
-2 Adel Ali Al-Manea, Criminal Legal Security: Its Concept and Basis, Security and Life Magazine, Faculty of Law, Kuwait University, No. 248.
-3 Ali Abdul Qader Al-Qahwaji, The Principle of Legitimacy of Crimes and Punishments in International Criminal Law, Kuwait International Law College Journal.
-4Jawaher Al-Habour, The Judge’s Discretionary Power in Issuing a Sentence Between the Minimum and Maximum Limits, Middle East University, Faculty of Law, Middle East University.
[1] Daniel Grădinaru, The Principle of Legality, RAIS Conference Proceedings - The 11th International RAIS Conference on Social Sciences.
[2] د. حابس الفواعرة، احترام مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات بين التشريع والقضاء، مجلة الحقوق والعلوم الإنسانية، المجلد الحادي عاشر، 354-358.
[3] د. علي حسين الخلف ود. سلطان عبد القادر الشاوي، المبادئ العامة لقانون العقوبات، مكتبة السنهوري، بدون رقم الطبعة، 2015، ص 134.
[4] د. علي حسين الخلف ود. سلطان عبد القادر الشاوي، المبادئ العامة لقانون العقوبات، المصدر السابق، ص 133.
[5] Dr. Thotakura , Crime: A Conceptual Understanding, volume 4, Indian Journal of Applied Research, Page 196.
[6] جواهر الحبور، السلطة التقديرية للقاضي في إصدار العقوبة بين حديها الأدنى والأعلى، جامعة الشرق الأوسط، كلية للحقوق جامعة الشرق الأوسط، 2013، 23.
[7] المصدر السابق، ص37.
[8] Dr. Thotakura , Crime: A Conceptual Understanding, Op.Cit, page 197.
[9] وهذا هو ما يتمسك به الدفاع أمام محكمة نور مبرج
H. Donnedieu de Vabre: le jugement de Nuremberg et le principe de la légalité des délits et des peines, R.D.P.C. 1947 p. 813.
[10] قال بهذا الرأي البارون ديسكامب Descamps والذي قدمه إلى لجنة الفقهاء في 13 يوليو 1920، وهي اللجنة التي شكلها مجلس عصبة الأمم من عشرة فقهاء في القانون الدولي سنة 1920 برئاسة البارون ديسكامب، وقد أقرت اللجنة المشروع المقدم من الرئيس عن إنشاء محكمة للعدل الجنائي الدولي بغالبية خمسة أصوات ضد ثلاثة وغياب اثنين من الأعضاء) تختص بمحاكمة المجرمين الدوليين، الدكتور محمد محي الدين عوض دراسات في القانون الدولي الجنائي، مجلة القانون والاقتصاد، ص 240، 955
[11] د. علي عبد القادر القهوجي، مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات في القانون الدولي الجنائي، مجلة كلية القانون الكويت العالمية، ص 72.
[12] حابس الفواعرة، احترام مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات بين التشريع والقضاء، ص350.
[13] Valsmis Mitsilgas, EU Criminal Law, Oxofrd and Portland, Hart Publishing, USA & Canada, 2009, page 20.
[14] Analogy and Analogical Reasoning, Stanford Encyclopedia of philosophy, 2013, the link:
((https://plato.stanford.edu/entries/reasoning-analogy/#:~:text=An%20analogy%20is%20a%20comparison,that%20relies%20upon%20an%20analogy)).
[15] The principle of legality in the Criminal law, Up Counsel, the link:
((https://www.upcounsel.com/lectl-the-principle-of-legality-in-the-criminal-law)).
[16] Rollin M. Perkins, The Territorial Principle in Criminal Law, 22 Hastings L.J, 1971, 1155.
[17] Cherneva Boyka Ivaylova, Legal Security as a Principle in Lawmaking, State and the Individual, No 2(14), 2017, 23.
[18] د. عادل علي المانع، الأمن القانوني الجنائي مفهومه وأساسه، مجلة الأمن والحياة، كلية الحقوق جامعة الكويت، العدد 248، 2003.
[19] What is the European Court of Human Rights?, Equality and Human Rights Commission, the link:
(( https://www.equalityhumanrights.com/en/what-are-human-rights/how-are-your-rights-protected/what-european-court-human-rights)).
[20] Cian C. Murphy, The Principle of Legality in Criminal Law under the ECHR, European Human Rights Law Review, Vol. 2, p. 192, 2010, page 1.
[21] Kafkaris v Cyprus, the European Court of Human Rights, applicant no. 21906/04, 2004.
[22] Kononov v. Latvia, The European Court of Human Rights, Application no. 36376/04, 2010.
[23] Regina v R (Marital Rape Exemption) [1992] 1 AC 599.
[24] SW & CR v UK, The European Court of Human Rights, Applications no. 20166/92, 1995.
[25] Custers, Deveaux and Turk v Denmark, the European Court of Human Rights, applications no. 11843/03,11847/03 and 11849/03, 2007.
[26] Jorgic v Germany, the European Court of Human Rights, application no. 74613/01, 2007 &
Vasiliauskas v. Lithuania, the European court of Human Rights, Application no. 35343/05, 2015.
[27] G. v. France, the European Court of Human Rights, (Application no. 15312/89), 1995.
[28] Custers, Deveaux and Turk v Denmark, the European Court of Human Rights, applications no. 11843/03,11847/03 and 11849/03, 2007.
[29] Korbely v. Hungary, the European Court of Human Rights, Application no. 9174/02, 2008.
[30] Guide for Article 7, the European Court of Human Rights, 2021.
[31] Cantoni v. France, the European Court of Human Rights, Application no. 17862/9, 1996 &
Kokkinakis v. Greece, the European Court of Human Rights, Application no. 14307/88, 1993.
[32] Merita Kettunen, Legitimizing European Criminal Law Justification And Restrictions, Comparative, European & International Criminal Justice, Springer, volume 2, 2020.
[33] إذ لم يرد في الدليل الإرشادي للمادة السابعة تعريف الجريمة، يراجع في ذلك:
Guide for Article 7, Op.Cit.
واكدت على ذلك بعض الكتاب مثل :
Cian C. Murphy, Op.cit, page 7.
[34] G.I.E.M. S.R.L. and Others v. Italy, the European Court of Human Rights, Application no. 1828/06, 2018. The Court said:
((the Court must be free to go beyond appearances and autonomously assess whether a specific measure is, substantively, a “penalty” within the meaning of Article 7 § 1)).
[35] Ibid.
[36] يراجع:
Guide for Article 7, Op.Cit, page 9.
[37] lnseher v. Germany ,The European Court of Human Rights, Applications no.10211/12 and 27505/14.
[38]Welch v UK, The European Court of Human Rights, application no. 17440/90 ,1995.
[39]Jamil v. France, the European Court of Human Rights, applications no. 11/1994/458/539, 1989.
[40]Sud Fondi srl and Others v. Italy, the European Court of Human Rights, Application no. 75909/01, 2007.
[41]M. v. Germany, the European Court of Human Rights, (Application no. 19359/04), 2009.