حقوق الطباعة محفوظة لدى مجلة كلية القانون والعلوم السياسية في الجامعة العراقية

حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمؤلف

حقوق النشر محفوظة للناشر (كلية القانون والعلوم السياسية - الجامعة العراقية)

CC BY-NC-ND 4.0 DEED

Printing rights are reserved to the Journal of the College of Law and Political Science at Aliraqia University

Intellectual property rights are reserved to the author

Copyright reserved to the publisher (College of Law and Political Science - Aliraqia University)

Attribution – Non-Commercial – No Derives 4.0 International

For more information, please review the rights and license

DOI: 10.61279/pvahgm08

تاريخ التقديم 11/6     تاريخ القبول 25/8

تاريخ النشر 25/10/2024

دور القانون الدولي في مكافحة الافلات من العقاب لمرتكبي الجرائم الدولية

The role of international law in combating impunity for

perpetrators of international crimes

م.د عمر عبود خليل

كلية بلاد الرافدين الجامعة/ديالى-قسم القانون

Dr. Omar Abbood Khaleel

Bilad Alrafidain University College/Diyala- Law Department

Dr.omer@bauc14.edu.iq

المستخلص

لقد ازداد الاجرام ضراوة  وتنوعت مظاهره في الحقبة المعاصرة في كل انحاء العالم حتى صارت كل دولة مهما بلغ تقدمها الحضاري ومهما بلغت قوتها، لا تستغني عن الدخول في علاقات تعاون متبادل مع غيرها من الدول من اجل تنسيق الجهود في مكافحة الجريمة، فلم تعد جهودها الداخلية كافية لمنع او تقليص حجم الجرائم المرتكبة، وذلك بسبب التقدم التكنولوجي الهائل الذي اجتاح العالم مما ساعد في ظهور انماط جديدة من الجرائم على المستوى الوطني والاقليمي والعالمي، ومن اهم هذه الجرائم الجريمة المنظمة الدولية.

اهم ما يسجل للسياسة الدولية الجزائية المعاصرة انها سمحت بقيام انماط من القضاء الدولي الجنائي لمساءلة الافراد جزائيا عن الجرائم الاشد خطورة على سلامة البشرية وامنها، فمنذ العقد الاخير من القرن العشرين راح المجتمع الدولي يشهد ولادة فعلية وتدريجية لانظمة قضائية متنوعة خاصة ومختلطة، واهمها على الاطلاق إنشاء المحكمة الجنائية الدولية الدائمة والتي من شأنها ان تضع حد لافلات الجلادين من العقاب في مناطق شتى من العالم، حيث يسود قمع القرون الوسطى وتهدر كرامة الانسان بدون احساس بالذنب او الخوف من العقاب او سلطة القانون.

الكلمات المفتاحية: المحكمة الجنائية الدولية ،الافلات من العقاب، الاتفاقيات الدولية، الجرائم الدولية، الامم المتحدة   

Abstract

Crime has increased in ferocity and its manifestations have diversified in the contemporary era in all parts of the world to the point that every country, no matter how advanced its civilization and no matter how powerful, cannot do without entering into mutual cooperation relations with other countries in order to coordinate efforts in combating crime. Its internal efforts are no longer sufficient. To prevent or reduce the volume of crimes committed, due to the tremendous technological progress that has swept the world, which has helped in the emergence of new types of crimes at the national, regional and global levels, and the most important of these crimes is international organized crime.

The most important thing recorded for contemporary international criminal policy is that it has allowed the establishment of patterns of international criminal justice to hold individuals criminally accountable for crimes that are most dangerous to the safety and security of humanity. Since the last decade of the twentieth century, the international community has witnessed the actual and gradual birth of various private and mixed judicial systems, the most important of which is the establishment of A permanent International Criminal Court, which would put an end to the impunity of executioners in various regions of the world, where medieval oppression prevails and human dignity is wasted without a sense of guilt, fear of punishment, or the rule of law.

Keywords: International Criminal Court, impunity, international agreements, international crimes, the United Nations.

المقدمة

ان ظاهرة الافلات من العقاب وتداعياتها الخطيرة خاصة في ظل تزايد الجرائم الدولية وتنوعها، كان لابد من وجود جزاءات رادعة لمواجهة خطورتها واثارها المدمرة التي تمس المصالح والقيم الجوهرية التي طالما حرص المجتمع الدولي على حمايتها والمحافظة عليها[1].

ومن هذا المنطلق بدأ الضمير الانساني يتحرك ضد الاعمال الوحشية وجرائم القتل الجماعي، وذلك بالدعوة لايجاد نوع من المحاكم تتولى محاكمة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة ضد البشرية، ولقد تصاعدت الجهود الدولية للمطالبة بضرورة وضع حد للافلات من العقاب عن الجرائم الدولية الخطيرة المرتكبة بحق الانسان وما يترتب عنها من تداعيات على السلم والامن الدوليين، وهذا الواقع يتطلب قيام نظام مساءلة دولي جنائي موضوعي يقضي على فوضى الانتقام والقصاص الذاتي، ويقيد تصرفات المحاربين.

تنبه المجتمع الدولي الى خطورة الجريمة الدولية وبذل جهود حثيثة في مكافحتها والحد من مخاطرها، فعلى صعيد منظمة الامم المتحدة  تبنت في الدورة الخامسة والخمسين هذه المسألة المهمة  وابرمت العديد من الاتفاقيات في هذا المجال، وانشئت محاكم دولية لمحاكمة مرتكبي هذه الجرائم.

اهمية البحث

تكتسي دراسة مكافحة الافلات من العقاب لمرتكبي الجرائم الدولية في الوقت الراهن اهمية بالغة، باعتبارها من الموضوعات المهمة  والدقيقة  والمتشابكة في مجال الدراسات القانونية، وتعد ظاهرة الافلات من العقاب من اهم المعضلات التي تقف كحجر عثرة للسمو بالمجتمع الدولي وبلوغه ارقى درجات العدالة الجنائية الدولية، حيث اضحت مشكلة كبيرة تستدعي بان يكون لها مجالا واسعا في البحث العلمي خاصة في ظل الانتهاكات المروعة التي تتعرض لها البشرية في الوقت الراهن، بسبب طغيان الحكام واستبدادهم وتضارب مصالح الدول على حساب القيم الانسانية.

هدف البحث

يهدف البحث الى محاولة تسليط الضوء على واحدة من بين ابرز واعقد الاشكالات القانونية التي تقف كعقبة امام تحقيق العدالة الجنائية وهي مسألة الافلات من العقاب، ولتحقيق هذا الهدف سنبين الجهود الدولية والوطنية للتصدي للدول التي تعرف افلاتا متواصلا للجلادين ومرتكبي الجرائم الدولية من العقاب، والمعوقات التي تحول دون بلوغها هذه الغاية.

تساؤلات البحث

باعتبار ان مكافحة ظاهرة الافلات من العقاب لمرتكبي الجرائم الدولية تمثل اكبر تحدي يواجهه المجتمع الدولي من خلال تعدد وتنوع انماط العدالة الجنائية الدولية، وبناء على ذلك يهدف البحث الى الاجابة على التساؤلات الاتية:

ماهية الافلات من العقاب لمرتكبي الجرائم الدولية؟  وما هي الجهود الدولية المبذولة لتعزيز مكافحته؟

هل العقوبات الدولية الجنائية التي كرستها الممارسات الدولية كفيلة لسد فجوة الافلات من العقاب؟

ما هو الاساس القانوني لمكافحة افلات مرتكبي الجرائم الدولية من العقاب ؟ وما هي الضمانات التي يكفلها للحد من هذه المعضلة؟

منهج البحث

نظرا لطبيعة الاشكالات القانونية المطروحة كان من الواجب الاعتماد على مناهج علمية اقتضتها طبيعة البحث، ولتحقيق ذلك تم اعتماد المنهج التحليلي كمنهج اساسي للالمام اكثر بكافة جوانب الموضوع والعناصر المتعلقة به، والمنهج التاريخي لمعرفة الجهود المبذولة لمكافحة هذه الظاهرة والمجسدة  في مختلف الوثائق الدولية، وكذلك استعنا بالمهنج الوصفي لتسليط الضوء على بعض الحالات التطبيقية لمعاقبة مرتكبي الجرائم الدولية.

تقسيمات البحث

المطلب الاول: مكافحة الافلات من العقاب في الاتفاقيات الدولية.

الفرع الاول: مكافحة الافلات من العقاب في اطار اتفاقيات  القانون الدولي الانساني.

الفرع الثاني: دور الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان في مكافحة الافلات من العقاب .

المطلب الثاني: اختصاص المحاكم الجنائية الدولية في مكافحة الافلات من العقاب لمرتكبي الجرائم الدولية.

الفرع الاول: نظام المحكمة الجنائية الدولية المؤقتة ليوغسلافيا السابقة.

الفرع الثاني: نظام المحكمة الجنائية الدولية الخاصة برواندا.

الفرع الثالث: مكافحة الافلات من العقاب في إطار نظام روما الاساسي لعام 1998

المطلب الأول

مكافحة الافلات من العقاب في الاتفاقيات الدولية

الالتزام الدولي بمتابعة الجرائم الدولية الاشد خطورة وفقا للقانون الدولي يمكن ان ينشأ عن احد مصدري القانون الدولي الاتفاقي او العرفي، حيث يمكن للدولة قبول الالتزام بواجب المتابعة بمجرد انضمامها الى الاتفاقيات الدولية التي تنص على متابعة انواع الجرائم الدولية، وبالمقابل يمكن ان تشكل قاعدة عرفية موجودة ضمن القانون الدولي التزاما بمتابعة بعض الجرائم حتى اذا لم تعترف الدولة بمثل هذا الالتزام، حيث نجد ضمن نصوص المعاهدات الدولية لحقوق الانسان والقانون الدولي الانساني شرطا يقضي بضمان الدول الاطراف معاقبة مرتكبي الجرائم محل المعاهدة او الاتفاقية، ويكون ذلك باتخاذ اجراءات جنائية بحق الجناة من خلال تفعيل نظامها القضائي او السماح لجهة قضائية اخرى مختصة بمقاضاتهم[2]، وسوف نسلط الضوء على الاتفاقيات الدولية التي تضمنت اجراءات قضائية ردعية لوضع حد لافلات المسؤولين عن ارتكاب الجرائم الدولية من العقاب، حيث نخصص الفرع الاول لاتفاقيات القانون الدولي الانساني، اما الفرع الثاني فنخصصه للاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان.

الفرع الاول: مكافحة الافلات من العقاب في اطار اتفاقيات القانون الدولي الانساني

تمثل اتفاقيات جنيف الاربع لعام 1949 والبرتوكولين الاضافيين الملحقين بها لعام 1977 الاطار القانوني لقواعد القانون الدولي الانساني، ولكي تكون هذه النظم ذات مصداقية وفعالية لابد ان تكون قادرة على معاقبة انتهاكات الاحكام التي اوردتها، لذا الزمت هذه الاتفاقيات الدولية الاطراف المتعاقدة فيها باتخاذ الاجراءات التشريعية اللازمة لتتمكن بموجب قوانينها الوطنية من فرض العقاب على كل من يخرق قواعدها[3]، وسنسلط الضوء على سبل سد فجوة الافلات من العقاب في ظل اتفاقيات جنيف الاربع كالاتي:

اولا: اتفاقيات جنيف الاربع لعام 1949

تعتبر جرائم الحرب من الجرائم الخطيرة التي تنتهك  قوانين الحرب المعروفة ايضا بالقانون الدولي الانساني، وتمثل هذه الانتهاكات  الخطيرة  جدا بموجب هذه القوانين  بحيث تنطوي على امكانية مساءلة الافراد جنائيا على الصعيد المحلي والدولي، حيث تهدف قوانين الحرب الى حماية الاشخاص غير المشاركين في الاعمال العدائية، او الذين توقفوا عن المشاركة فيها.

وضعت اتفاقيات جنيف نظام ردع عالمي للانتهاكات الجسيمة قائم على اساس اولوية المحاكمة على التسليم، فجميع الدول ملزمة باحترام وكفالة احترام احكام الاتفاقيات طبقا لنص المادة الاولى المشتركة، وهو التزام عام يفترض قيام الدول بكل ما يلزم من اجل تطبيق احكام اتفاقيات جنيف الرامية الى حماية بعض فئات الاشخاص والممتلكات جنائيا، ومن ثم فالدولة ملزمة خاصة باعمال الاحكام الاتفاقية التي تشكل العمود الفقري لنظام الحماية الجنائية وذلك بمتابعة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة حيثما وجدوا، والقيام بهذا الواجب يتطلب قبل كل شي البحث عن مرتكبي جرائم الحرب من طرف جميع الدول اينما ارتكبوا افعالهم، فلا يوجد في القانون الدولي ما يمنع دولة ما من تنفيذ واجبها بالعمل على احترام احكام الاتفاقيات عن طريق البحث عن الاشخاص المتهمين بارتكاب جرائم الحرب وان لم يكونوا متواجدين على اقليمها، وتتخذ من اجل ذلك ما يلزم من الاجراءات لضبط واحضار هؤلاء الاشخاص الى اقليمها لمحاكمتهم.

يستند مبدأ الاختصاص الجنائي العالمي على اساس تعاقدي نجده واضحا فيما تنص عليه المادة (49) من اتفاقية جنيف الاولى، المادة (50) من اتفاقية جنيف الثانية، المادة (129) اتفاقية جنيف الثالثة، والمادة (146) من اتفاقية جنيف الرابعة والتي الزمت الدول باتخاذ اجراءات تشريعية وتنفيذية لقمع الجرائم الدولية وضمان معاقبة مرتكبيها[4]

اذ تضع اتفاقيات جنيف الاربع لسنة 1949 التزاما صريحا بالبحث ومحاكمة المتهمين المتواجدين على اقليمها او تسليمهم الى دولة اخرى، وتجيز ضمنيا متابعة الشخص غيابيا وذلك لتشجيع عملية متابعة كل المتهمين حيثما وجدوا، فيجب التمييز بين ما هو مسموح به  وبين ما هو الزامي، كالتمييز بين اعمال المتابعة واعمال المحاكمة الذي يعتبر اساسيا، فالاعمال الفعلي لاتفاقيات جنيف والردع العالمي الحقيقي لا يتاتى الا من خلال النتائج  المترتبة على هذا التمييز، ومن الدول التي  نصت في انظمتها القضائية على الاختصاص العالمي مع بعض الاختلافات في الاصول والقواعد بلجيكا، بريطانيا، هولندا، اسبانيا، سوسيرا والدول الاسكندنافية[5].

ثانيا: البروتوكولين الاضافيين لعام 1977

الحق باتفاقيات جنيف الاربع لعام 1949 بروتوكولين اضافيين تم ابرامهما عام 1977 ، الاول منها خاص لحماية ضحايا النزاعات المسلحة الدولية، والثاني يخص ضحايا النزاعات المسلحة غير الدولية[6]، وقد نصت المادة (85) من البروتوكول الاضافي الاول على تطبيق الاحكام المتعلقة بالمخالفات الجسيمة التي حددها البروتوكول، كما اضافت افعالا  تعتبر من المخالفات الجسيمة والتي تعد بمثابة جرائم حرب وتستوجب المساءلة الجنائية الدولية.

كما تم التاكيد ايضا على مبدأ الاختصاص الجنائي العالمي في نص المادة (86/1) من البروتوكول الاضافي الاول، حيث طالبت الدول المتعاقدة  واطراف النزاع بقمع الانتهاكات الجسيمة واتخاذ الاجراءات اللازمة لمنع كافة الانتهاكات الاخرى لاتفاقيات جنيف وذلك من خلال سن التشريعات اللازمة التي تسمح بولاية قضائية عالمية على مرتكبي الجرائم الدولية[7]

اما البروتوكول الاضافي الثاني لم يتضمن نصا قانونيا يقضي باجبار الدول على توقيع عقوبات جزائية على الانتهاكات الواقعة على قواعد القانون الدولي الانساني في اطار النزاعات المسلحة غير الدولية، وكل ما اشار اليه البروتوكول الثاني هو اجبار او الزام الدول بنشر البروتوكول مسؤولية النشر حسب نص المادة (19) التي نصت» ينشر هذا الملحق على اوسع نطاق ممكن»، وقد اظهرت التطورات امكانية المقاضاة عن جرائم الحرب في النزاعات الداخلية دون الحاجة للعثور على نوع من الصلة مع الحرب الدولية من خلال الاعتماد على انظمة اساسية خاصة والقانون الدولي العرفي، فقد منح النظام الاساسي لمحكمة روندا سلطة قضائية على الانتهاكات الخطيرة للمادة الثالثة المشتركة والبروتوكول الاضافي الثاني، كما فسرت محكمة يوغسلافيا نظامها الاساسي ليسمح بمعاقبة مرتكبي الانتهاكات الخطيرة للمادة الثالثة المشتركة ولقوانين واعراف الحرب في النزاعات الداخلية، واتى نظام روما الاساسي ليحدد بشكل واضح في المادة الثامنة منه في الفقرة (2/ج و ه) جنائية العديد من الافعال التي ترتكب اثناء النزاعات الداخلية[8], حيث ان مقاضاة الجناة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الانساني سواء ارتكبت اثناء نزاعات مسلحة دولية ام غير دولية، هو ما يتطابق مع التزامات الدول بموجب الاتفاقيات جنيف الاربع لعام 1949 والبروتوكول الاضافي الاول عام 1977 المصادقة عليهم على نطاق واسع وذلك من اجل سد فجوة الافلات من العقاب.

الفرع الثاني: دور الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان في مكافحة الافلات من العقاب

سنتناول في هذا الفرع مسألة مكافحة الافلات من العقاب في اطار الاتفاقيات الدولية الردعية والتي تضمن نصوصها احكام تلزم الدول بضرورة اتخاذ الاجراءات اللازمة لفرض العقوبات المناسبة على من تثبت ادانتهم بارتكاب جرائم دولية .

اولا: اتفاقية منع جريمة الابادة الجماعية والعقاب عليها عام 1948

اقرت الاتفاقية الدولية لمنع جريمة الابادة الجماعية والمعاقبة عليها على امكانية محاكمة مرتكبي الجرائم الدولية[9]، اما امام القضاء الوطني في دولتهم او امام محاكم الدولة التي ارتكبت الجريمة على اقليمها، او امام محكمة جنائية دولية يتم انشائها لهذا الغرض، وقد انحصر النظام العقابي الذي كرسته الاتفاقية في الاختصاص الاقليمي بسبب غياب محكمة جنائية دولية مختصة بمعاقبة جرائم ابادة الجنس البشري منذ تاريخ ابرام الاتفاقية الى غاية انشاء المحكمة الجنائية الدولية عام 1998، وبالتالي فان نظام القمع الذي تبنته الاتفاقية غير فعال نظرا للعلاقة الوطيدة الموجودة بين جرائم ابادة الجنس البشري وسلطات دولة القاضي المختص اقليميا، لان اي ملاحقة او محاكمة لمرتكبي هذه الجرائم ستكون صورية، حيث لا يمكن تصور معاقبة الدولة لنفسها اذ من المستحيل ان يقدم الحكام واعوانهم امام العدالة للعقاب على ما ارتكبوه، لانه غالبا ما ترتكب هذه الجريمة من قبل الحكومات او بايعاز منها[10]

عليه ان ما تضمنته اتفاقية منع جريمة الابادة الجماعية والعقاب عليها وما ورد لاحقا في نظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية من نصوص تعد كافية  وتغطي  جميع حالات الابادة الجماعية، غير ان الاشكال يمكن في التطبيق العملي لهذه النصوص فالعلاقات بين الدول وتشابك المصالح ادى الى تغليب الاعتبارات السياسية على حساب النصوص القانونية.

ثانيا: اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة او العقوبة القاسية او اللاانسانية او المهينة لعام 1984

في ظل تفشي ظاهرة افلات مرتكبي التعذيب من العقاب، تظافرت الجهود الدولية والمحلية  لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية او اللاانسانية او المهينة، ولتوفير الحماية للاشخاص الذين حرموا من حريتهم من التعذيب واتخاذ كافة التدابير الفعالة لمنعه،  فضلا عن نشر ثقافة حظره، حيث كان التعذيب مشروعا لفترة طويلة من الزمن واصبح بعدها من اساليب التحقيق المشروعة للحصول على الادلة كما استخدمته معظم الانظمة كوسيلة للعقابب[11].

فالدولة يمكن لها ان تصدر قوانين يمكنها من تفعيل ولايتها القضائية على الجرائم التي تخالف احكام القانون الدولي، حتى لو ارتكبت على اشخاص لا يحملون جنسيتها او على اراض من غير اراضيها، فالتعذيب من الجرائم الخطيرة  والتي بالامكان ملاحقة مرتكبها في اي بلد استنادا الى احكام قوانيين الولاية القضائية العالمية[12].

اهتمت الامم المتحدة بحظر التعذيب وسوء المعاملة من خلال استراتيجية ممتدة ارتكزت على صياغة منظومة قانونية مكونة من احكام واليات عمل تعتمد على التقارير والشكاوى ولجان المراقبة، وقضاء دولي اكتملت مؤسساته بدخول نظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية حيز النفاذ الذي ادرج التعذيب ضمن الجرائم الداخلة في اختصاصها الموضوعي، كما سعى المجتمع الدولي الى تضمين التشريعات الداخلية للدول قواعد دستورية وقانونية من شأنها ان تضمن حق الانسان في عدم التعرض للتعذيب والمعاملات القاسية او اللاانسانية او المهينة، وكذلك يحظر التعذيب وسوء المعاملة بموجب المعاهدات الاقليمية لحقوق الانسان منها الميثاق الافريقي لحقوق الانسان والشعوب المادة (5)، الاتفاقية الامريكية لحقوق الانسان المادة (3) والميثاق العربي لحقوق الانسان المادة (13) كما توجد معاهدتان اقليميتان تتعلقان تحديدا بالتعذيب الاولى اتفاقية الدول الامريكية لمنع التعذيب والمعاقبة عليها لعام 1985 والثانية هي الاتفاقية الاوربية لمنع التعذيب والمعاملة او العقوبة اللاانسانية او المهينة عام  1989 [13].

ثالثا: الاتفاقية الدولية لحماية جميع الاشخاص من الاختفاء القسري لسنة 2006

جريمة الاختفاء القسري من الجرائم الجسمية والخطرة لما لها من اثار تتجاوز تلك التي تصيب الشخص المختفي،  لينال جميع افراد اسرته لما يصيب غيابه المفاجئ الطويل من عذاب نفسي يعد في حد ذاته انتهاكا خطيرا لابسط القواعد الانسانية[14] .

اوجبت اتفاقية عام 2006 على الدول الاطراف فيها، باتخاذ كافة التدابير لتجريم الاختفاء القسري في قوانينها الداخلية، وتحميل المسؤولية الجنائية لاي فرد يرتكب او يأمر او يوصي بارتكابها او يحاول ارتكابها او يكون متواطئا او يشترك بارتكابها، كما اشارت الى قيام الدول الاطراف في الاتفاقية بفرض عقوبات ملائمة تأخذ في الاعتبار جسامة وقسوة هذه الجريمة، وعالجت ايضا موضوع التعاون بين الدول الاطراف من اجل القبض على مرتكبي هذه الجريمة.

فقد انشأت الاتفاقية الدولية لجنة تعنى بحالات الاختفاء القسري، وتقوم هذه اللجنة باستلام تقارير الدول الاطراف عن التدابير التي اتخذت من اجل تنفيذ التزاماتها وفق هذه الاتفاقية، ويحق للجنة ان تبدي اية ملاحظات او توصيات الى اية دولة بشأن ما ورد في التقرير، كما يمكن للجنة ان تقوم بزيارات الى اية دولة طرف في الاتفاقية، اذا كانت هناك معلومات تفيد بارتكاب هذه الدولة انتهاكات جسيمة لاحكام هذه الاتفاقية بعد التشاور مع الدولة المعنية، ويجوز لها ايضا في حالة تلقيها معلومات تفيد بان الاختفاء القسري يطبق بشكل عام او منهجي، ان تقوم بعرض المسألة بصفة مستعجلة على الجمعية العامة للامم المتحدة وذلك عن طريق الامين العام[15].

ولقد ادت التجارب المؤسفة التي مرت بها الكثير من دول امريكا اللاتينية الى اصرار وفودها على ادراج هذه الجريمة في النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية ضمن الجرائم التي ترتكب ضد الانسانية والتي تدخل في اختصاصها الموضوعي، وعليه فان الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري التابع للامم المتحدة يشجع المزيد من الدول على التصديق على نظام روما الاساسي وتضمين الجرائم التي تدخل ضمن الاختصاص الموضوعي للمحكمة الجنائية الدولية في الاختصاص الوطني، بما في ذلك جريمة الاختفاء القسري كجريمة ضد الانسانية.

المطلب الثاني

اختصاص المحاكم الجنائية

في مكافحة الافلات من العقاب لمرتكبي الجرائم الدولية

نتيجة لكثرة الحروب التي تعرض لها المجتمع الدولي، كان لابد من التصدي الرادع لعدم تكرارها عن طريق ايجاد نوع من المواثيق الدولية يحاكم بموجبها مجرموا الحرب، بحيث لا يمكن لهم التذرع بعدم وجود قضاء دولي جنائي للتهرب من مسؤوليتهم، وعلى هذا الاساس فقد تم التصديق على عدة مواثيق انشأت بموجبها محاكم جنائية دولية ظرفية تتحمل عبء تحقيق العدالة الدولية، استجابة لآمال الانسانية في تحطيم حصون وحصانات سياسة الافلات من العقاب عن الجرائم الدولية المرتكبة، وكذلك تم انشاء محكمة جنائية دولية دائمة بموجب ميثاق روما الاساسي كصورة من صور القضاء الجنائي الدولي، لتحقيق رسالتها السامية في ارساء دعائم العدالة الجنائية الدولية عن طريق تأمين سيادة القانون الدولي وتطبيق احكام القانون الدولي الانساني، وذلك بملاحقة الجناة وسد فجوة الافلات من العقاب والمساهمة في القضاء على الجرائم الدولية[16].

وسوف نتطرق في هذا المطلب الى دراسة مكافحة ظاهرة الافلات من العقاب في انظمة المحاكم الجنائية الدولية المؤقتة والدائمة .

الفرع الاول: نظام المحكمة الجنائية الدولية المؤقتة ليوغسلافيا السابقة

في مطلع التسعينات من القرن الماضي شهد العالم على جرائم جسيمة اثر تفكك يوغسلافيا السابقة، حيث ارتكب مجرموا من صرب البوسنة مجازر بشعة  بحق المسلمين والكروات لم يسلم منه حتى الاطفال والنساء والشيوخ، بعدها تحرك مجلس الامن وشكل لجنة من اجل ان تحقق في تلك الجرائم بموجب القرار رقم (780) في عام 1992، وبعد ان قدم اول تقرير مؤقت للجنة، اصدر مجلس الامن القرار رقم (808) عام 1993 المتضمن انشاء محكمة جنائية دولية خاصة، من اجل محاكمة مرتكبي هذه الجرائم والانتهاكات في اراضي يوغسلافيا السابقة، منذ العام 1991 [17].

كان الغرض من هذا القرار رد فعل المجتمع الدولي على هذه الجرائم الصارخة لمحاكمة مجرمي الحرب عبر تشكيل محكمة جنائية دولية لمحاكمتهم، وذلك من اجل الاسهام في دعم السلام بمحاكمة المسؤولين عن جرائم ابادة الجنس البشري والقتل والتعذيب والاغتصاب، وردع من تسول له نفسه ارتكاب المزيد من انتهاكات القانون الدولي الانساني الذي يحدد قواعد حماية المدنيين اثناء الحرب وعدم قبول حصانة مخططي ومرتكبي هذه الجرائم من العقاب[18].

تناولت المادة الاولى من نظام المحكمة على ان من سلطاتها محاكمة الاشخاص المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الانساني، والتي ارتكبت في اراض يوغسلافيا السابقة منذ عام 1991، فالاشخاص المعنيين بالمساءلة امام هذه المحكمة هم الاشخاص الطبيعيين فقط دون المنظمات والدول، الذين خططوا او حرضوا او امروا او ساعدوا او ارتكبوا احدى الجرائم الداخلة في اختصاصها الموضوعي،  والتي تشمل الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف الاربع لسنة 1949، انتهاكات قوانين واعراف الحرب، جرائم الابادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية.

ان النظام الاساسي للمحكمة نص على عقوبة واحدة فقط وهي عقوبة الحبس ولم يتضمن باقي العقوبات وابرزها عقوبة الاعدام، لكن فظاعة الجرائم الدولية والوحشية التي ارتكبت بها وما خلفته من نتائج جسيمة  التي ترتبت عليها، تجعل الابقاء على عقوبة الاعدام امرا له مبرر ولو على سبيل الردع، اذ قررت المحكمة على التركيز من اجل مقاضاة كبار الزعماء السياسيين والقادة العسكريين، واحالة قضايا الخاصة بالمتهمين من الرتب الوسطى الى المحاكم الوطنية، وتعاضمت اهمية المحكمة في عام 2002  عندما بدأت بمحاكمة ( سلوبدان ميلوزفيتش) والذي تولى الدفاع عن نفسه.

انتهت مهام المحكمة في ديسمبر عام 2017 بعد ان تم الحكم بالسجن المؤبد على(راتكوا ميلاديتش) المتسبب الرئيسي في مجزرة سريبرينيتسا عام 1995، اما القائد العسكري لكروات البوسنة ( سولوبدان برالياك) فقد انتحر بشرب السم عقب نطق الحكم  بادانته بالسجن لمدة 20 سنة في نوفمبر 2017 بسبب ارتكابه جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية.

الفرع الثاني: نظام المحكمة الجنائية الدولية الخاصة برواندا

شهدت رواندا مطلع العام 1994 حربا اهلية ارتكبت فيها مجازر تقشعر منها الابدان، نتج عنها الالاف من الضحايا واللاجئين والمتشردين بسبب الاعمال القتالية بين قبائل الهوتو والتوتسي والتي شاركت فيها جميع قطاعات المجتمع الرواندي المدعومة من خارج البلاد، ونتيجة للانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان والقانون الدولي الانساني عبر جرائم الابادة الجماعية بين الاطراف المتقاتلة، مما حذا بالمجتمع  الدولي الى انشاء محكمة خاصة من اجل معاقبة المجرمين، بموجب قرار صادر من مجلس الامن رقم (955) عام 1994 بالاستناد الى الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة، واتخذت المحكمة من اروشا بتنزانيا مقرا لها[19]، وذلك لمعاقبة الاشخاص الذين ارتكبوا تلك الجرائم في اقليم رواندا واراضي الدول المجاورة لها.

وانعقد الاختصاص الموضوعي لهذه المحكمة  وفقا لنظامها الاساسي لمحاكمة الاشخاص المسؤولين عن ارتكاب جرائم الابادة الجماعية، الجرائم ضد الانسانية، الانتهاكات الجسيمة للمادة (3) المشتركة لاتفاقيات جنيف الاربع ، والبروتوكول الثاني لعام 1977 الخاص بالنزاعات المسلحة غير الدولية[20]، اما فيما يخص الاختصاص الشخصي فقد اقتصر على الاشخاص الطبيعيين فقط حسب المادة الخامسة من نظام المحكمة، حيث تضمنت مبدأ المسؤولية الجنائية الفردية عن الجرائم المرتكبة ومبدأ عدم الاعتداد بالصفة الرسمية وكذلك الجرائم التي يرتكبها المرؤوس لا تعفي رئيسه من المسؤولية.

اصدرت المحكمة الجنائية الدولية لرواندا اول احكامها في سبتمبر عام 1998 ضد رئيس وزراء رواندا السابق» كامبيندا» الذي شارك في ارتكاب الكثير من الجرائم التي وقعت ، وحكمت عليه بالسجن المؤبد، وحكمت كذلك على محافظ رواندا بعقوبة السجن المؤبد، وصدر الحكم بالسجن المؤبد على رئيس بلدية تابا برواندا « كايسوا» لارتكابه جرائم دولية، ووجهت المحكمة اتهامات الى (93) شخصا،  وادانت (61) منهم بينهم متهمين كبار من  سياسيين وضباط الذين تسببوا حسب منظمة الامم المتحدة بابادة اكثر من (800) الف شخص خلال 3 اشهر من عام 1994، واصدرت المحكمة اخر احكامها في 14/12/2015 بعد ان اعلن مجلس الامن انتهاء مهمتها في 31/12/2015، علما ان المحكمة لم تنتهي من مهامها بشكل نهائي فلا يزال هناك (9) متهمين في حالة فرار و(6) قضايا لا تزال قيد النظر، وبالرغم من ذلك فان هذه المحكمة تأتي في طليعة  المحاكم الافريقية التي  كافحت  من اجل تعزيز مبدأ عدم الافلات من العقاب.

وللعلم ان هذه المحكمة  ابرمت عدد من الاتفاقيات مع عدة بلدان افريقية ، الهدف منها هو قضاء المدانين بالجرائم الداخلة في اختصاصها عقوبتهم في سجونها، ومن بينهم جمهورية مالي، جمهورية بنين ومملكة سوزيلند وقد تم بالفعل نقل (6) مدانين الى دولة مالي نهاية عام 2001 [21].

من خلال ما سبق نخلص الى انه بالرغم من ان هذه المحكمة قد تميزت عما سواها بانها لم يفرضها الغالب على المغلوب في نزاع دولي، فلهذه المحكمة اجهزة قضائية تابعة لمجلس الامن الذي انشأها كما تعاني من المشاكل الادارية والصعوبات الاجرائية، وايا كان فلا يمكن انكار اهميتها على المستوى القانوني لا سيما تكريسها لمبدأ المسؤولية الفردية عن الجرائم الدولية، ومبدأ محاكمة رؤساء الدول كاستثناء عن الحصانة بالنسبة للجرائم الدولية التي يقترفونها، وبالتالي المساهمة في تراجع ظاهرة الافلات من العقاب عن الجرائم الدولية المرتكبة اثناء النزاعات المسلحة الدولية او الداخلية.

  الفرع الثالث: مكافحة الافلات من العقاب في إطار نظام روما الاساسي لعام 1998

ان النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية  يشكل اهم الخطوات التي قطعها المجتمع الدولي نحو اضفاء الفاعلية على القانون الدولي الجنائي ويعد إطاره المرجعي موضوعيا واجرائيا، ونتيجة لاهمية مسألة مكافحة الافلات من العقاب فقد تم النص عليها في ديباجة ميثاق روما الاساسي التي تحدد مقاصد وتوجهات عمل المحكمة الجنائية الدولية، حيث اوضحت فيها الحاجة والضرورة الدولية لقيامها نظرا لتزايد الجرائم الدولية التي تهدد امن المجتمع الدولي وسلمه من جهة، وتضمن إقرارا دوليا بالعجز عن مكافحتها نظرا لافتقاد الاجهزة الدولية الرئيسية القائمة للجهاز القضائي الدولي الجنائي والفعال من جهة اخرى[22].

يعتبر ميلاد المحكمة الجنائية الدولية اهم حدث عرفه العصر الحديث ، حيث تعتبر محكمة دائمة وهذه الصفة هي التي تعطيها الخصوصية  وتميزها عن غيرها من المحاكم السابقة ، وانها منتظمة التشكيل[23]، فهي هيئة مستقلة  ولها الشخصية القانونية الدولية، فهي لا تعتبر كيان فوق الدول،  بل هي كيان مماثل لغيره من الكيانات الاخرى القائمة، فالمحكمة لا تتعدى على سيادة الدول او تتخطى نظمها القضائية[24].    

واما فيما يتعلق بتحديد الطبيعة القانونية لهذه المحكمة وذلك فيما يخص علاقاتها مع اجهزة الامم المتحدة الاخرى ومدى امكان اعتبارها من ضمن هذه الاجهزة، فانه ينبغي التاكيد ان المحكمة ليست جهازا من اجهزة الامم المتحدة إلا ان لها صلة وثيقة بالامم المتحدة عن طريق عدد من الاتفاقيات الرسمية[25]، اما بالنسبة للعلاقة بين مجلس الامن و المحكمة  فانها جاءت  كتطبيق لسلطة  مجلس الامن في الامور الخاصة بالسلم والامن الدوليين، فان النظام الاساسي للمحكمة اعطى لمجلس الامن حق سلطة تحريك الدعوى الجنائية امام المحكمة الجنائية الدولية بموجب المادة (13/ب) منه، وكذلك الحق في طلب وقف الاجراءات امام المحكمة وفق المادة (16).

يتمثل الاختصاص الموضوعي للمحكمة الجنائية الدولية بما تضمنته المادة (5) من نظامها الاساسي، وذلك بالنظر في الجرائم الاشد خطورة والتي هي موضوع اهتمام المجتمع الدولي باسره،  وهذه الجرائم هي الابادة الجماعية، الجرائم ضد الانسانية، جرائم الحرب وجريمة العدوان.

جريمة الابادة الجماعية او جرائم ابادة الجنس البشري هي الافعال الهدف منها القضاء على الجنس البشري واستئصاله من مكان معين[26]، وعندما تم النص على الجرائم الداخلة في اختصاص المحكمة وحصرتها بالجرائم الاشد خطورة، لم تكن هناك اشكالية في ادراج هذه الجريمة ضمن اختصاص المحكمة.

تعتبر الجرائم ضد الانسانية حديثة العهد على الصعيد الدولي، حيث ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية، ويعتبر تأثيم الافعال المكونة  لهذه الجرائم  وسيلة ذات فعالية من اجل توفير الحماية الجنائية لحقوق الانسان في اوقات السلم او في اوقات الحرب، بل وتمثل احد الضمانات الاساسية للحد من طغيان  الحكام  الذين يتنكرون للقيم الانسانية العليا ، ويهدرون حقوق بعض الفئات او الجماعات الانسانية لاسباب سياسية او دينية او عنصرية[27].

نصت المادة (8) من النظام الاساسي على اختصاص المحكمة بنظر جرائم الحرب، لاسيما عندما ترتكب هذه الجريمة في اطار خطة او سياسة عامة، او في اطار عملية ارتكاب واسعة النطاق لهذه الجرائم، حيث اختصت المحكمة  بهذه الجرائم في حالة قيام النزاعات المسلحة الدولية  والنزاعات المسلحة غير الدولية[28].  

ان ممارسة المحكمة اختصاصها بالنظر في جريمة العدوان مرهون بقرار من مجلس الامن يقر بوقوع عمل عدواني، وفي حالة عدم قيام المجلس باتخاذ قرار في غضون ستة اشهر بعد تاريخ الابلاغ يجوز للمدعي العام البدء بالتحقيق، شريطة ان تكون الشعبة التمهيدية في المحكمة قد اذنت بذلك، وان لايكون مجلس الامن قد قرر خلاف ذلك طبقا للمادة (16) من النظام الاساسي للمحكمة.

يعتبر تقرير مبدأ المسؤولية  الجنائية  للافراد من الامور الاساسية لمنع وقوع الجرائم الدولية وقمعها، فبعد ان كانت محكمة العدل الدولية باعتبارها المؤسسة القضائية الوحيدة في المجال الدولي المختصة بالمنازعات التي تنشأ بين الدول دون ان تكون لها ولاية قضائية على الجرائم الدولية التي يرتكبها الافراد.

وقد تم النص على الاختصاص الشخصي للمحكمة في الباب الثالث من النظام الاساسي، والتي اكدت على اختصاصها يقتصر على محاكمة الاشخاص الطبيعيين التي تكون مسؤوليتهم بصفتهم الفردية، عن ارتكاب اية جريمة دولية من الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة،  فالمسؤولية الجنائية عن الجرائم لا تقع الا على عاتق الانسان وتقع عليه تلك المسؤولية بصفته الفردية، وايا كانت درجة المساهمة في الجريمة سواء كان فاعل اصلي او شريك او محرض، وسواء اتخذ صورة الامر او الاغراء او الحث او التحريض او غير ذلك من صور المساهمة الجرمية، ويشترط في الشخص الذي يتحمل تبعة المسؤولية  ان لا يقل عمره عن ثمانية عشر عام وقت ارتكابه للجريمة التي نسبت اليه[29].

تختص المحكمة بالجرائم الواردة في المادة (5) من نظام روما الاساسي، وتكون الاولوية للنظر في هذه الجرائم للسلطات الوطنية داخل الدول، اما اذا تبين للمحكمة بان هذه السلطات عاجزة عن الاضطلاع بتلك المهمة لسبب او لاخر، فان الاختصاص ينعقد  للمحكمة الجنائية الدولية ويتضح ذلك من نص المادة (17) من النظام الاساسي المتعلقة بمقبولية الدعوى[30]، فقد تضمنت الفقرة (1) منها ان اختصاص المحكمة ينعقد بنظر الدعوى على الرغم من نظرها من قبل المحاكم الوطنية في حالتين، اولهما حالة عدم قدرة او رغبة القضاء الوطني وثانيها حالة عدم نزاهة وصورية الحكم الصادر من القضاء الوطني.

الخاتمة:

نظرا للافلات المتواصل للجلادين ومهندسي الحروب من العقاب وما يترتب عليه من اثار سلبية، خاصة في ظل التزايد المستمر لارتكاب ابشع الجرائم الدولية فظاعة، مما استوجب على المجتمع الدولي الى بذل جهود حثيثة للحد من انتشار هذه الظاهرة من خلال ابرام العديد من الاتفاقيات الدولية، واقرار النظام القانوني الدولي قواعد لتفادي افلات الجناة من العقاب والتي تعد بمثابة اداة لقمع الجرائم الدولية، وجعل العدالة الجنائية فعالة في مواجهة هذه الطائفة من الجرائم، حيث يعد توقيع العقاب على مرتكبي الجرائم الدولية عنصرا هاما للحد من تلك الجرائم وحماية حقوق الانسان والحريات الاساسية وتعزيز السلم والامن الدوليين، وتوجت هذه العملية بانشاء انماط مختلفة من المحاكم الجنائية الدولية الخاصة، وتم استحداث الية ردعية دائمة لتسليط العقاب تتمثل في المحكمة الجنائية الدولية.

اولا: النتائج

ان المجتمع الدولي يطمح الى تكريس العدالة الجنائية الدولية بموجب الياته القضائية المتعددة لممارسة سلطاتها الوقائية والردعية والعقابية تجاه اولئك العابثين بامن البشرية وسلامة ارواحها.

رغم العقبات العديدة التي تعرقل تكريس العدالة الجنائية الدولية الصارمة  والتي تكون كفيلة بمنع الافلات من العقاب، فان تنوع الاليات الراهنة يعد خطوة مهمة من اجل تدعيم السلم والامن الدوليين وتعزيز الاحترام للقانون الدولي.

يمثل نظام روما الاساسي قفزة نوعية في تطور قواعد القانون الدولي الجنائي، كونه محطة مضيئة للجهود الدولية من اجل الحد من ارتكاب الجرائم الدولية ومكافحة الافلات من العقاب، الامر الذي يجعل منه احد دعائم العدالة الدولية الجنائية.

ثانيا: التوصيات

تفعيل قواعد القضاء الدولي الجنائي من اجل حماية حقوق الانسان، وذلك بتظافر جهود الدول والتعاون من اجل معاقبة مرتكبي الجرائم الدولية مع ضرورة ملائمة قواعد القضاء الوطني مع نظام روما الاساسي من اجل سد فجوة الافلات من العقاب.

ضرورة وجود قضاء وطني يتمتع بالاستقلال ومحايدا، ويكون قادرا على ان يتعامل مع الجرائم الدولية، وهو ما يتطلب اعداد وتدريب قضاة على دراية بمبادئ القانون الدولي الجنائي.

ضرورة توسيع الاختصاص الموضوعي للمحكمة الجنائية الدولية باضافة جرائم اخرى لا تقل خطورتها عن الجرائم المدرجة في المادة الخامسة من نظامها الاساسي، مثل جرائم الارهاب الدولي، صناعة وبيع واستخدام الاسلحة الفتاكة والمحرمة دوليا وغيرها من الجرائم.

ضرورة ادراج عقوبة الاعدام ضمن العقوبات المنصوص عليها في النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية، حتى تتناسب الجرائم الدولية المرتكبة مع العقوبات المقررة لها، اضافة الى تحديد حد ادنى للعقوبات.

المراجع

اولا: المواد(2-3-4) من النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية لرواندا.

ثانيا: الكتب

1- د.الطاهر منصور: 2000، القانون الدولي الجنائي – الجزاءات الدولية، دار الكتاب                 الجديد، بيروت .

2- د. سامي محمد عبد العال: 2015، الجزاءات الجنائية في القانون الدولي العام، دار  الجامعة الجديدة ، الاسكندرية .

3- د. سعده سعيد: نطاق اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، دار المطبوعات الجامعية، الاسكندرية.

4- سوسن احمد عزيزة: 2012، غياب الحصانة في الجرائم الدولية، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت.

5- سوسن تمر خان بكة: 2006، الجرائم ضد الانسانية في ضوء احكام النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت.

6- د. عادل جدادوة: 2023، مكافحة مرتكبي الجرائم الدولية من العقاب، دار الجامعة الجديدة، الاسكندرية.

7- عادل ماجد: 2001، المحكمة الجنائية الدولية والسيادة الوطنية، مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، القاهرة.

8- د.عبد الفتاح السراج: 2001، مبدأ التكامل في القضاء الجنائي الدولي، دار النهضة العربية، القاهرة.

9- د.عبدالفتاح بيومي حجازي: 2006،المحكمة الجنائية الدولية، دار الفكر الجامعي،الاسكندرية.

10- د.عبد الواحد محمد الفار: 1996، الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها، دار النهضة العربية، القاهرة.

11- د.علي جميل حرب: 2010، القضاء الدولي الجنائي – المحاكم الجنائية الدولية، دار المنهل، لبنان.

12- د.عمر محمود المخزومي :2008، القانون الدولي الانساني في ضوء المحكمة الجنائية الدولية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، مصر.

13- د.محمود شريف بسيوني: 2004، المحكمة الجنائية الدولية، مدخل لدراسة احكام واليات الانفاذ الوطني للنظام الاساسي، دار الشروق، القاهرة، ط1.

14- هبة عبد العزيز المدور: 2009، الحماية من التعذيب في اطار الاتفاقيات الدولية والاقليمية، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت.

ثالثا: الرسائل العلمية

1- العناني حسام: 2017، الية العفو عن الجرائم الدولية في منظور القانون الدولي، اطروحة لنيل درجة الدكتوراه كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة ام البواقي، الجزائر.

2- ناصري مريم: 2009، فعالية العقاب على الانتهاكات الجسيمة لقواعد القانون الدولي الانساني، رسالة لنيل درجة الماجستير في القانون جامعة الحاج لخضر، الجزائر.

رابعا: المجلات والدوريات

1- د.احمد تقي فضيل: 2000، جريمة الاختفاء القسري وفقا للنظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية، مجلة واسط للعلوم الانسانية، كلية الحقوق جامعة واسط، العدد 20.

2- زياد ربيع: 2015، جريمة الابادة الجماعية، مجلة دراسات دولية، كلية الحقوق جامعة جرش، الاردن.

3- د.ضاري خليل محمود: 2009، المحكمة الجنائية الدولية المنشئة بموجب نظام روما الاساسي في ضوء المعايير الدولية لاستقلال القضاء، مجلة الحقوق، الكويت، المجلد السادس.

4- د.عادل عثمان حمزة: 2009، محكمة العدل والجنايات الدوليتين، مجلة دراسات دولية، جامعة بغداد، العدد(40).

5- د. نزار حمدي قشطة: 2014، مبدأ الاختصاص الجنائي العالمي في نظام العدالة الدولية بين النظرية والتطبيق، مجلة الجامعة الاسلامية للدراسة الاسلامية، فلسطين، المجلد 22 العدد 2.

خامسا: مواقع الانترنت

1- براء منذر كمال عبد اللطيف: 2012، علاقات المحكمة الجنائية الدولية دراسة مقارنة، بحث مقدم الى مؤتمر التنمية البشرية والامن في عالم متغير المنعقد بجامعة الطفيلية الاردن متوفر على الموقع الالكتروني   http://www.achr.eu

2- د.محمد امين الميداني: انتهاء ولاية المحكمة الجنائية الدولية المؤقتة، محكمة رواندا نموذجا، مقال متوفر على الرابط  www.acihl.org  

3- ميرفت رمشاوي: 2012، مكافحة التعذيب وسوء المعاملة في القانون الدولي، المجلة الالكترونية لمنظمة العفو الدولية، العدد 22 على الموقع الالكتروني:

 www.amnestymena.org/arlmagazine/issue

4- د.هيثم المناع: 2004، سجن ابو غريب من المشهد الى الجريمة والعقاب، الشبكة العربية لحقوق الانسان مقال على الرابط: www.anhri.net/iraq/makal      

References

First: Articles (2-3-4) of the Statute of the International Criminal Tribunal for Rwanda.

Second: Article (15 bis paragraph 6, 8) of the Statute of the International Criminal Court.

Second: Books

-1 Dr. Al-Taher Mansour: 2000, International Criminal Law - International Sanctions, Dar Al-Kitab Al-Jadeed, Beirut.

-2 Dr. Sami Muhammad Abd Al-Aal: 2015, Criminal Sanctions in Public International Law, Dar Al-Jamiah Al-Jadida, Alexandria.

-3 Dr. Saada Saeed: The Scope of Jurisdiction of the International Criminal Court, Dar Al-Matbouat Al-Jamiah, Alexandria.

-4 Sawsan Ahmed Aziza: 2012, Absence of Immunity in International Crimes, Al-Halabi Legal Publications, Beirut.

-5 Sawsan Tamr Khan Bakkah: 2006, Crimes against Humanity in Light of the Provisions of the Statute of the International Criminal Court, Al-Halabi Legal Publications, Beirut.

-6 Dr. Adel Jedadowa: 2023, Combating International Crimes from Impunity, Dar Al-Jamia Al-Jadida, Alexandria

-7 Adel Maged: 2001, The International Criminal Court and National Sovereignty, Al-Ahram Center for Political and Strategic Studies, Cairo.

-8 Dr. Abdel Fattah Al-Sarraj: 2001, The Principle of Complementarity in International Criminal Justice, Dar Al-Nahda Al-Arabiya, Cairo.

 -9 Dr. Abdel Fattah Bayoumi Hijazi: 2006, The International Criminal Court, Dar Al-Fikr Al-Jamii, Alexandria.

-10 Dr. Abdel Wahid Muhammad Al-Far: 1996, International Crimes and the Authority to Punish Them, Dar Al-Nahda Al-Arabiya, Cairo.

-11 Dr. Ali Jamil Harb: 2010, International Criminal Justice - International Criminal Courts, Dar Al-Manhal, Lebanon.

-12 Dr. Omar Mahmoud Al-Makhzoumi: 2008, International Humanitarian Law in Light of the International Criminal Court, Dar Al-Thaqafa for Publishing and Distribution, Egypt.

-13 Dr. Mahmoud Sharif Bassiouni: 2004, The International Criminal Court, Introduction to the Study of the Provisions and Mechanisms of National Enforcement of the Statute, Dar Al-Shorouk, Cairo, 1st ed.

-14 Dr. Mahja Muhammad Abdul Karim: The Role of International Criminal Courts in Establishing the Rules of International Law, Dar Al-Jamia Al-Jadida, Alexandria, 2018.

-15 Hiba Abdul Aziz Al-Madwar: 2009, Protection from Torture within the Framework of International and Regional Agreements, Al-Halabi Legal Publications, Beirut.

Third: Scientific Theses

 -1 Al-Anani Hossam: 2017, The Mechanism of Amnesty for International Crimes from the Perspective of International Law, A Thesis for a PhD Degree, Faculty of Law and Political Science, University of Umm Al-Bouaghi, Algeria.

-2 Nasri Maryam: 2009, The Effectiveness of Punishment for Serious Violations of the Rules of International Humanitarian Law, A Thesis for a Masters Degree in Law, University of Hadj Lakhdar, Algeria.

Fourth: Magazines and periodicals

-1 Dr. Ahmed Taqi Fadhil: 2000, The crime of enforced disappearance according to the Statute of the International Criminal Court, Wasit Journal of Humanities, College of Law, University of Wasit, Issue 20.

-2 Ziad Rabie: 2015, The crime of genocide, Journal of International Studies, College of Law, University of Jerash, Jordan.

 -3 Dr. Dhari Khalil Mahmoud: 2009, The International Criminal Court established under the Rome Statute in light of international standards for the independence of the judiciary, Journal of Law, Kuwait, Volume VI.

 -4 Dr. Adel Othman Hamza: 2009, The International Court of Justice and Criminal Court, Journal of International Studies, University of Baghdad, Issue (40.

 -5 Dr. Nizar Hamdi Qishta: 2014, The Principle of Universal Criminal Jurisdiction in the International Justice System between Theory and Practice, Journal of the Islamic University for Islamic Studies, Palestine, Volume 22, Issue 2.

Fifth: Websites

 -1 Baraa Munther Kamal Abdul Latif: 2012, Relations of the International Criminal Court, a Comparative Study, a research presented to the Conference on Human Development and Security in a Changing World held at the University of Tafilah, Jordan, available on the website http://www.achr.eu

 -2 Dr. Muhammad Amin Al-Maydani: The End of the Term of the Temporary International Criminal Court, the Rwanda Tribunal as a Model, an article available on the link www.acihl.org

 -3 Mervat Ramshawi: 2012, Combating Torture and Ill-Treatment in International Law, Amnesty Internationals Electronic Magazine, Issue 22 on the website: www.amnestymena.org/arlmagazine/issue

 -4 Dr. Haitham Al-Manna: 2004, Abu Ghraib Prison from the Scene to Crime and Punishment, the Arab Network for Human Rights, an article on the link: www.anhri.net/iraq/makal

-5 The official website of the International Criminal Tribunal for the former Yugoslavia:http://www.icty.org/fr

   

 

[1] د.سامي محمد عبد العال: 2015، الجزاءات الجنائية في القانون الدولي العام، دار الجامعة الجديدة ،  الاسكندرية، ص 11 .

[2] العناني حسام: 2017، الية العفو عن الجرائم الدولية في منظور القانون الدولي، اطروحة لنيل درجة الدكتوراه كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة ام البواقي، الجزائر، ص147.

[3] ناصري مريم: 2009، فعالية العقاب على الانتهاكات الجسيمة لقواعد القانون الدولي  الانساني، رسالة لنيل  درجة الماجستير في القانون جامعة الحاج لخضر، الجزائر، ص56.

[4] د. نزار حمدي قشطة: 2014، مبدأ الاختصاص الجنائي العالمي في نظام العدالة الدولية بين النظرية والتطبيق، مجلة الجامعة الاسلامية للدراسة الاسلامية، فلسطين، المجلد 22 العدد 2، ص609.

[5] سوسن احمد عزيزة: 2012، غياب الحصانة في الجرائم الدولية، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت ، ص12.

[6] د.عمر محمود المخزومي :2008، القانون الدولي الانساني في ضوء المحكمة الجنائية الدولية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، مصر، ص225.

[7] د. نزار حمدي قشطة: مرجع سابق ، ص 609

[8] عادل جدادوة: 2023، مكافحة مرتكبي الجرائم الدولية من العقاب، دار الجامعة الجديدة، الاسكندرية، ص122.

[9] زياد ربيع: 2015، جريمة الابادة الجماعية، مجلة دراسات دولية، كلية الحقوق جامعة جرش، الاردن، ص96

[10] د.عادل جدادوة: مرجع سابق، ص127.

[11] هبة عبد العزيز المدور: 2009، الحماية من التعذيب في اطار الاتفاقيات الدولية والاقليمية، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، ص 14 .

[12] ميرفت رمشاوي: 2012، مكافحة التعذيب وسوء المعاملة في القانون الدولي، المجلة الالكترونية لمنظمة العفو الدولية، العدد 22 على الموقع الالكتروني: www.amnestymena.org/arlmagazine/issue

[13] د.هيثم المناع: 2004، سجن ابو غريب من المشهد الى الجريمة والعقاب، الشبكة العربية لحقوق الانسان مقال على الرابط:            www.anhri.net/iraq/makal      

[14] سوسن تمر خان بكة: 2006، الجرائم ضد الانسانية في ضوء احكام النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، ص258 -259. 

[15] د.احمد تقي فضيل: 2000، جريمة الاختفاء القسري وفقا للنظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية، مجلة واسط للعلوم الانسانية، كلية الحقوق جامعة واسط، العدد 20، ص199-200.

[16] د.ضاري خليل محمود: 2009، المحكمة الجنائية الدولية المنشئة بموجب نظام روما الاساسي في ضوء المعايير الدولية لاستقلال القضاء، مجلة الحقوق، الكويت، المجلد السادس، ص199.

[17]براء منذر كمال عبد اللطيف: 2012، علاقات المحكمة الجنائية الدولية دراسة مقارنة، بحث مقدم الى مؤتمر التنمية البشرية والامن في عالم متغير المنعقد بجامعة الطفيلية الاردن متوفر على الموقع الالكتروني   http://www.achr.eu

[18] د.الطاهر منصور: 2000، القانون الدولي الجنائي – الجزاءات الدولية، دار الكتاب الجديد، بيروت ، ص145-146.

[19] د.عمر محمود المخزومي: مرجع سابق، ص173-175.

[20] المواد(2-3-4) من النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية لرواندا.

[21] د.محمد امين الميداني: انتهاء ولاية المحكمة الجنائية الدولية المؤقتة، محكمة رواندا نموذجا، مقال متوفر على الرابط

www.acihl.org

[22] د.علي جميل حرب: 2010، القضاء الدولي الجنائي – المحاكم الجنائية الدولية، دار المنهل، لبنان، ص 180.

[23] عادل ماجد: 2001، المحكمة الجنائية الدولية والسيادة الوطنية، مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، القاهرة، ص96.

[24] د.محمود شريف بسيوني: 2004، المحكمة الجنائية الدولية، مدخل لدراسة احكام واليات الانفاذ الوطني للنظام الاساسي، دار الشروق، القاهرة، ط1، ص20.

[25] د.عادل عثمان حمزة: 2009، محكمة العدل والجنايات الدوليتين، مجلة دراسات دولية، جامعة بغداد، العدد(40)، ص58.

[26] د.عبد الفتاح بيومي حجازي: 2006، المحكمة الجنائية الدولية، دار الفكر الجامعي، الاسكندرية، ص313.

[27] د.عبد الواحد محمد الفار: 1996، الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها، دار النهضة العربية، القاهرة، ص289.

[28] د.عبد الفتاح السراج: 2001، مبدأ التكامل في القضاء الجنائي الدولي، دار النهضة العربية، القاهرة، ص48-49.

[29] د. عادل جدادوة: مرجع سابق، ص185- 186.

[30] د. سعده سعيد: نطاق اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، دار المطبوعات الجامعية، الاسكندرية، ص93.