حقوق الطباعة محفوظة لدى مجلة كلية القانون والعلوم السياسية في الجامعة العراقية

حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمؤلف

حقوق النشر محفوظة للناشر (كلية القانون والعلوم السياسية - الجامعة العراقية)

CC BY-NC-ND 4.0 DEED

Printing rights are reserved to the Journal of the College of Law and Political Science at Aliraqia University

Intellectual property rights are reserved to the author

Copyright reserved to the publisher (College of Law and Political Science - Aliraqia University)

Attribution – Non-Commercial – No Derives 4.0 International

For more information, please review the rights and license

DOI: 10.61279/vgdm5s80

تاريخ الاستلام 10/4       تاريخ القبول 12/5

تاريخ النشر 25/10/2024

تغير المناخ والنزاعات المسلحة

معالجة في القانون الدولي الإنساني

 (النزاع في دارفور أنموذجاً)

Climate Change and Armed Conflict

 Address in International Humanitarian Law

(Conflict in Darfur as a Model)

أ.د  عبدالأمير عبدالحسن إبراهيم

كلية السلام الجامعة

Prof.  Dr. Abdulameer Abdulhassn Ibrahim

Al-Salam University College

amiralshemary@gmail.com

المستخلص

تسعى هذه الورقة البحثية إلى تكييف طبيعة العلاقة بين تغير المناخ والنزاعات المسلحة، وتحديد مدى استجابة القانون الإنساني الدولي لحماية عناصر البيئة من آثارها بوصفها أعيان مدنية تحتاج إلى حماية من أعمال مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية قبل وخلال وبعد انتهاء العمليات العسكرية.

إن لتغير المناخ تداعيات تتجسد في زيادة الهجرة غير النظامية واستنزاف موارد المجتمعات المضيفة، فضلاَ عن تسارع عمليات التنافس في التسلح واندلاع الصراعات المحلية والدولية.

يساهم تغير المناخ في زيادة النزاعات المسلحة التي غالبا ما تحدث عبر مسارات غير مباشرة تجعل الفئات الأكثر ضعفاً أكثر عرضة للخطر، يضطرون فيها إلى النزوح عن بلادهم بسبب اندلاع النزاعات وشعورهم بالآثار التي يرتبها تغير المناخ على ظروف معيشتهم.

وكان للقانون الإنساني الدولي استجابة في معالجة تلك الآثار عبر طرح مبادرات تجسدت بقيام اللجنة الدولية للصليب الأحمر تحديث المبادئ التوجيهية عام 2020 بشأن حماية البيئة الطبيعية في النزاعات المسلحة، وتقديم لجنة القانون الدولي عام 2022، إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، مسودة مبادئ بشأن حماية البيئة في إطار العلاقة بالنزاعات المسلحة.

وفي دراسة حالة الصراع في دارفور في السودان، أظهرت سلسلة الأحداث، أن القضايا النظامية مثل الفقر وزيادة تعرض المجتمع لتغير المناخ والنزاعات المسلحة تساهم في إلحاق الإضرار بالبيئة وتدهورها. 

لقد باتت تأثيرات تغير المناخ أكثر وضوحا في تأثيراتها البيئية، وسيكون لها تأثير مزعزع للاستقرار بشكل متزايد على المجتمعات في أنحاء مختلفة من العالم، إذ يمكن لتغير المناخ أن يجعل الوضع البيئي قابلاً للتحول إلى أزمات إنسانية وأمنية.

كلمات مفتاحية: تغير المناخ، المنازعات المسلحة، القانون الدولي الإنساني، الهجرة غير النظامية. 
 

Abstract

This research paper seeks to adapt the nature of the relationship between climate change and armed conflicts and to determine the extent to which international humanitarian law responds to protecting elements of the environment from its effects as a civilian entity that needs protection from the actions of civil and military state institutions before, during and after the end of military processes.

    Climate change has repercussions that include increased illegal immigration, the depletion of the resources of host communities, the acceleration of arms competition, and the outbreak of local and international conflicts.

  Climate change contributes to an increase in armed conflicts, which often occur through indirect paths, making the most vulnerable groups more vulnerable to danger, as they are forced to flee their countries due to the outbreak of conflicts and feel the effects of climate change on the circumstances of their life.

International humanitarian law has responded to addressing these effects by putting forward initiatives, embodied by the International Committee of the Red Cross updating the guidelines in 2020 on protecting the natural environment in armed conflicts, and the International Law Commission presenting in 2022, to the United Nations General Assembly, draft principles on environmental protection About armed conflicts.

In examining the case of the conflict in Darfur in Sudan, the series of events showed that systemic issues such as poverty, increased societal vulnerability to climate change, and armed conflicts contribute to environmental damage and degradation.

The effects of climate change have become more evident in their environmental impacts. They will have an increasingly destabilizing effect on societies in different parts of the world, as climate change can make the environmental situation vulnerable to turning into humanitarian and security crises.

Keywords: Climate change, Armed conflicts, humanitarian international law, Illegal immigration.

المقدمة

بات العالم يتغير بشكل كبير في بناه الاجتماعية والاقتصادية والأمنية نتيجة لتداعيات ظاهرة تغير المناخ التي ستستمر في عكس تأثيراتها لتصبح أكثر وضوحًا في المستقبل القريب.

لقد أصبحت تأثيرات تغير المناخ أكثر وضوحا، وسيكون لها تأثير مزعزع للاستقرار بشكل متزايد على المجتمعات في جميع أنحاء العالم.

وقد اتخذت التداعيات الناجمة عن تغير المناخ أشكال مختلفة من الظواهر البيئية كالاحتباس الحراري، وتغير في أنماط الطقس، وزيادة الكوارث الطبيعية وارتفاع منسوب مياه البحار، وغيرها من الظواهر التي سيكون لها آثار ضارة وتأثير جذري على حياة سكان الأرض، تتجلى في شكل موجات هجرة غير نظامية ينتج عنها حصول تنافس واسع على الموارد مثل المياه والأراضي الصالحة للزراعة وفرص العمل الأخرى التي من المرجح أن تنشأ عنها توترات بين الدول أو الجماعات البشرية المحلية التي من الممكن أن تتطور نزاعات مسلحة.

وبسبب الزيادة الكبيرة في أعداد المهاجرين غير النظاميين تتزايد الضغوط على الدول لتبني سياسات داخلية للأمن المجتمعي تسعى فيها حماية هويتها الوطنية وقيمها وثقافتها من التآكل والضمور، فضلاً عما تتحمله من أعباء اقتصادية واجتماعية وأمنية، قد ينشأ عنها اتساع في التوترات والنزاعات المسلحة.

لقد أبدى العالم عن حالة من الفشل في الحد من انبعاثات الكربون بما ينسجم مع أحكام اتفاق باريس للمناخ، لعام 2015 لإبقاء ظاهرة الاحتباس الحراري في حدود أقل من درجتين مئويتين.

وقد تمثلت نتائج هذا الفشل في زيادة أكبر في انتشار وشدة الظواهر الجوية المتطرفة، وارتفاع أسرع في مستوى سطح البحر وزيادة خطر إحداث نقاط تحول مناخية لا رجعة فيها، مثل انهيار الغطاء الجليدي في غرب القطب الجنوبي أو فقدان الغطاء الجليدي.

إن سرعة وحجم هذه التغييرات لها عواقب فورية ضارة ستلحق بالنظام لبيئي والتنوع البيولوجي، فضلاً عن، تهديده للأبعاد الأساسية لرفاهية الإنسان، وما ستولد عنها من فرص اندلاع نزاعات مسلحة على المستويين المحلي والدولي.

وفي دراسة حالة النزاع في دارفور يمكن للقضايا النظامية مثل الفقر أن تعكس تأثيرها في زيادة تعرض المجتمع لتغير المناخ، كما يمكن وللنزاعات المسلحة أيضًا تساهم في الإضرار بالبيئة وتدهورها.

أهداف البحث:

- التعرف على التغيرات المناخية في المفاهيم والمظاهر والآثار.

- تحديد طبيعة العلاقة السببية بين تغير المناخ والنزاع المسلح.

- التعرف على آثار ظاهرة التغيرات المناخية في نشوء النزاع في دارفور.

- الاستجابة القانونية المتمثلة في المبادئ التوجيهية للصليب الأحمر وتوصيات لجنة القانون الدولي. 

أهمية الموضوع:

تبرز أهمية الموضوع النابعة من أهمية قواعد القانون الدولي الإنساني في حماية البيئة من التغيرات المناخية التي تخلفها النزاعات المسلحة، فحتى وقت قريب لم يحظ التغير المناخي باهتمامات المجتمع الدولي، فجل اهتماماته كان منصبا على حماية المدنيين في أوقات النزاعات المسلحة وضمان احترام حفوفهم من قبل أطراف النزاع. إلا أن التهديدات التي يفرضها تغير المناخ والتدهور البيئي في العديد من الدول التي شهدت نزاعات مسلحة باتت تحظى باهتمام متزايد من قبل المجتمع الدولي من خلال التحديثات التي طالت قواعد القانون الدولي الإنساني في حماية البيئة خلال النزاعات المسلحة.

مشكلة البحث:

تتسم العلاقة السببية بين التغير المناخي والصراع بعدم الوضوح، فلم تكشف الأدبيات وجود تأثيراً قويا وعاماً يربط المناخ ببداية الصراع، غير أن التغيرات المناخية تساهم في الصراع في ظل بعض الظروف ومن خلال مسارات معينة على وجه الخصوص الطروف المناخية تولد النزاعات على الأراضي الخصبة في المناطق التي تعتمد على الزراعة وبالاشتراك والتفاعل مع العوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الأخرى مثل انخفاض مستوى التنمية الاقتصادية والتهميش السياسي، وهو ما متوفر في الحالة المختارة في دارفور.

وللبحث تساؤل رئيس يتمثل في الآتي: إلى أي مدى أثرت التغيرات المناخية على النزاع في دارفور؟

ويتفرع عن السؤال الرئيس عدد من الأسئلة الفرعية، كما يأتي:

1.  ما هو تغير المناخ، وما طبيعة علاقته السببية مع النزاع المسلح؟

2. كيف يتم تفسر التغيرات المناخية نشأة الصراع في دارفور؟

3. إلى أي مدى عززت عوامل التغير المناخي وندرة الموارد الطبيعية ومستوى التنمية والتهميش السياسي في النزاع المسلح في دارفور؟

4. ما أثر التدهور البيئي في اتساع النزاع المسلح وشمل مساحة إقليم دارفور منذ عام 2003؟

4. ما درجة تكامل المبادئ الصادرة عن لجنة القانون الدولي في 2022  مع المباديء التوجيهية للجنة الدولية للصليب الأحمر في ضع رؤية لمراعاة الاعتبارات البيئية في أوقات النزاع؟

فرضية البحث:

ؤدي التغيرات المناخية إلى اتساع مساحة النزاع في المناطق التي تعاني بالفعل من أثار نزاع مستدام،إذ “ كلما كانت مؤسسات الدولة السياسية والخدمية غير فعالة، يصعب فيها حصول الأفراد المعرضون لظروف مناخية على خدمات أساسية، كلما اتسعت فرص اندلاع نزاع مسلح”.

لقد عززت عوامل التغير المناخي وحالة ندرة الموارد الطبيعية ومستوى التنمية والتهميش السياسي في النزاع المسلح في دارفور.

مناهج البحث:

لإثبات فرضية البحث، تم استخدام المنهج الاستنباطي كمنهج رئيس، وتم تعزيزه بمدخلين مساعدين هما مدخل التحليل الوصفي ومدخل دراسة حالة.

هيكلية البحث:

توزع متن لورقة البحثية على عدد من االمحاور تناولت مدخل مفاهيمي لمصطلحات تغير المناخ والنزاع المسلح، والعلاقة السببية بين تغير المناخ والنزاع المسلح والآراء الفكرية بصددها والنتائج التي تسببت فيها وأهمها الهجرة غير النظامية والتغيرات البيئية، كما تم تناول الإطار القانوني للصراع المسلح والبيئة ومبادرات تحديثه، واختتم المتن باستعراض دراسة حالة الصراع المسلح وتغير المناخ في دارفور.

دراسات سابقة

تناول العديد من الباحثين في بحوثهم العلاقة بين تغير المناخ والصراع المسلح. نستعرض جانب من الدراسات والبحوث، كما يأتي.

(دكتور تشيس) بحث نشر في عام 2022 صدر عن جامعة واشنطن في سان لويس تناول أثر تغير المناخ على نشوب النزاعات المسلحة المحلية والدولية في إطار تفاعلي بين المتغيرين، فضلاً عن انعكاسات التحديثات التي طالت قواعد القانون الدولي الإنساني على حماية حقوق الإنسان في المناطق التي تكون عرضة لتغير المناخ، مع تناول النزاع في كل من سوريا ودارفور نموذجي دراسة حالة.

Chase Doctor, A Destabilized World: The Effects of Climate Change on Armed Conflict and International Humanitarian Law, Fall 2022.

(زياني نوال)، القانون الدولي الإنساني وتحديات التغير المناخي، جامعة حسيبة بن بوعلي، الشلف، الجزائر، 30/ 12/ 2023.

أصبح القانون الدولي الإنساني في عصرنا الحاضر يواجه العديد من التحديات والعقبات، في مقدمتها قضية تغير المناخ والتدهور البيئي الذي تخلفه النزاعات المسلحة، فمعاناة الإنسان أثناء النزاعات المسلحة بنوعيها الدولية وغير الدولية تزداد حدتها وفظاعتها خاصة مع التطور التكنولوجي والعلمي الذي نتج عن ظهور أساليب وأسلحة حديثة للقتال تلحق أضرارا بالغة بالبيئة وتسبب، على المدى الطويل، موجات متفاوتة ومتلاحقة من التغيرات المناخية.

(رافائيل روفيني) عام 2007 “ا لهجرة الناجمة عن التغيرات المناخ والصراعات المسلحة”.

 توصلت الدراسة إلى أن العديد من الأشخاص الذين يعيشون في «البلدان الأقل نمواً» من المرجح أن يغادروا بلدانهم لأن آثار تغير المناخ تشجع على الهجرة، وأن ذلك سوف يحدث عبئاً اقتصادياٌ على الدول المستقبلة، وسوف تعزز المنافسة على الموارد الثمينة.

Reuveny, R. (2007). Climate Change Induced Migration and Violent Conflict. Political Geography, 26, 656. http://dx.doi.org/10.1016/j.polgeo.2007.05.001

(فالي كوبي)، دراسة أجريت عام 2019، بحثت في العلاقة بين تغير المناخ والنزاعات المسلحة. خرجت باستنتاج كل عام، “ إن من المرجح أن تؤدي التغيرات المناخية إلى اتساع مساحة النزاع في المناطق التي تعاني بالفعل من أثار نزاع مستدام، وحيث تكون المؤسسات السياسية والخدمية غير فعالة، يصعب حصول الأفراد المعرضون لظروف مناخية على خدمات أساسية تؤمن لهم متطلبات حياة كريمة.

Koubi, V. (2019). Climate change and conflict. Annual Review of Political Science, 22(1), 343–360. https://doi.org/10.1146/annurev-polisci-050317-070830

لقد كان للتطورات الأخيرة التي أدخلت على قواعد القانون الدولي الإنساني في الاستجابة لتغير المناخ، وما قامت به (اللجنة الدولية للصليب الأحمر) من تحديث للمبادئ التوجيهية لعام 2020 بشأن حماية البيئة الطبيعية في المناطق النزاعات المسلحة، ومشروع مبادئ لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة بشأن حماية البيئة فيما يتعلق بالنزاعات المسلحة (PERAC)، تحديثات هامة للحد من آثار التغير المناخ في زعزعة حفظ السلم والأمن الدوليين.

تميزت هذة الورقة الحثية عن الدراسات السابقة، في كشفها عن الفجوة بحثية، أنها ربطت في إشكالية البحث بين متغيرات تغير المناخ والنزاعات المسلحة ودرجة معالجة قواعد القانون الإنساني والمباديء التوجيهة للجنة الدولية للصليب الأحمر الآثار التي تخلفها النزاعات المسلحة نتيجة تغير المناخ ، فضلاً عما يؤديه ضعف بسط النظام السياسي سلطته  على إقليم الدولة في تشكيل متغير وسيط يحفز تحريك المنازعات المسلحة نتيجة للتغير المناخي.

قائمة مختصرات:

ICRC: International Committee of the Red Cross

IHL: International Humanitarian Law

ILC: International Law Commission 

PERAC: Protection of the Environment in Relation to Armed Conflict

المحور الأول:

تغير المناخ والنزاع المسلح – مدخل مفاهيمي.

النزاع المسلح: تعرف اللجنة الدولية للصليب الأحمر بأنها: «النزاعات المسلحة الدولية التي تنشأ بين دولتين أو أكثر، والنزاعات المسلحة غير الدولية، بين القوات الحكومية والقوات المسلحة غير الحكومية المجموعات، أو بين هذه المجموعات فقط»[1].

وعرفها الدكتور ناصف يوسف حتى فيعرف النزاع على «أنه تصادم أو تعارض بين اتجاهات مختلفة، أو عدم توافق المصالح بين الطرفين أو أكثر مما يدفع بالأطراف المعنية مباشرة إلى عدم القبول بالوضع القائم ومحاولة تغييره»[2]

البيئة : هي «المحيط أو الوسط الذي يعيش فيه اإلنسان أو غيره وإكتساب معارف وثقافات» ، إذ تشمل البيئة العناصر الطبيعية كالهواء والماء والتربة والموارد الطبيعية المختلفة، والعناصر البشرية كالعمران والصناعة وغيرها من أنشطة الإنسان.[3]

تغير المناخ:  بعني التحولات طويلة الأجل في درجات الحرارة وأنماط التغيرات الإيكولوجية الأخرى.[4]

مهاجر المناخ: هو “الشخص الذي ينتقل إلى بلد أو منطقة جديدة بسبب تغير المناخ، بعد أن بات من الصعب الاستمرار في العيش أو العمل”[5].

القانون الدولي الإنساني IHL: هو قانون الحرب أو قانون النزاعات المسلحة، وهو «مجموعة من القواعد التي تسعى، لأسباب إنسانية، إلى الحد من آثار النزاع المسلح. إنه القانون الذي يحمي الأشخاص الذين لا يشاركون، أو لم يعودوا، يشاركون بشكل مباشر في الأعمال العدائية، ويفرض القيود على وسائل وأساليب الحرب”. [6]

المؤتمرات الدولية: “مؤتمر باريس للمناخ في كانون الأول عام 2015» ، وهو مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ الذي عقد في باريس للتوصل إلى اتفاق عالمي جديد بشأن المناخ، بهدف الحد من متوسط ارتفاع ​​درجة الحرارة العالمية إلى أقل من درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الصناعة.[7]

ويرتبط التعاون الدولي بشأن تغير المناخ ارتباطاً وثيقاً بالاهتمامات الرئيسة للبشرية التي تتمثل في تحقيق تنمية مستدامة في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، بينها العلاقة بين تغير المناخ والنزاعات المسلحة التي تنتج عنها وإنفاذ قواعد القانون الدولي البيئي IEL.

المحور الثاني

البيئة الطبيعية والصراع المسلح والقانون.

تغير المناخ Climate Change:

يشير تغير المناخ إلى التحولات طويلة الأجل في درجات الحرارة وأنماط الطقس التي يمكن أن تكون التحولات طبيعية، بسبب التغيرات في نشاط الشمس أو الانفجارات البركانية الكبيرة. ومنذ القرن التاسع عشر، كانت الأنشطة البشرية هي المحرك الرئيس لتغير المناخ، التي ترجع أساسًا إلى حرق الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز[8].

وتؤثر الأزمات المناخية والبيئية الحالية على جميع مناحي الحياة، من الصحة الجسدية والعقلية إلى الغذاء والمياه وسبل العيش. ورغم أن الجميع يتأثر بها، فإن أثرها يكون أشد وقعاً على المجتمعات الأكثر فقرًا وتهميشًا في أماكن كالصومال، التي أضعفتها عقود من النزاع والهشاشة، وأجبر الجفاف المتكرر السكان على ترك ديارهم – وكذلك فعلت الفيضانات ، وهو الحال ذاته، في دارفور، فقد أدى الجفاف والتصحر والهشاشة والتهميش السياسي والسياسات التمييزية ، التي مارستها الحكومة في السودان، بين أطياف سكان المنطقة إلى اندلاع نزاعات مسلحة أثرت في استقرارها الأمني والمعيشي[9].

إن تغير المناخ يشكل أزمات مستدامة لا يمكن إنكارها سيكون لها تداعيات بيئية ضارة تنعكس بآثارها على عموم دول العالم تؤدي إلى الانتقال الجماعي إلى بيئة طبيعية غير متوازنة.

القانون الدولي الإنساني IHL:

أصبح القانون الدولي الإنساني[10]* في عصرنا الحاضر يواجه العديد من التحديات والعقبات، على رأسها قضية تغير المناخ والتدهور البيئي الذي تخلفه النزاعات المسلحة، وهو يعني، إن الإنسان يعاني من آثار النزاعات المسلحة بنوعيها الدولية والداخلية التي تزداد حدتها وفظاعتها خاصة مع التطور التكنولوجي والعلمي الرهيب الذي أسفر عن ظهور أساليب وأسلحة حديثة للقتال قادرة على الحاق أضرار جسيمة بالبيئة وتسبب على المدى الطويل في حدوث موجات متفاوتة ومتلاحقة من التغيرات المناخية. وهنا يبرز دور وفعالية قواعد القانون الدولي الإنساني في مواجهة التغيرات المناخية وحماية البيئة والإنسان خلال النزاعات المسلحة، التي لا تبدو ملائمة في ظل التغيرات التكنولوجية المتطورة خاصة في مجال الصناعة االعسكرية[11].

إن قواعد القانون الدولي الإنساني لازالت تشكل أحد الأطر المتاحة لحماية البيئة من التغيرات التي تطرأ عليها خلال النزاعات المسلحة. غير أن النزاعات المسلحة المعاصرة التي أخلت بالتوازن البيئي وخلفت آثار طويلة الأمد على البيئة، تشي بأن قواعد القانون الدولي الإنساني ذات الصلة بحماية البيئة الطبيعية يشوبها بعض القصور، وبالأخص ما ورد في المادتين  35 و 55 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1949، فضلاً عن ذلك التحديات المعاصرة التي يوجهها القانون الدولي الإنساني في ظل تطور القدرات التسليحية وأساليب القتال التي تستخدمها في الحروب، التي تثير إشكالية عن مدى فعالية قواعد القانون الدولي الإنساني[12]، وبشكل محدد ، تغاضي قواعد القانون الدولي الإنساني عن الأضرار العرضية التي تلحق بالبيئة، وهو ما يفتح الباب واسعا أمام احتجاج أطراف الصراع عندما يتم وصف أو تكييف حالات تدمير أو التعدي  على عناصر البيئة  بأنه كان في إطار ما يعرف بالأضرار العرضية[13].

وكثيرًا ما يتعرض الأشخاص الذي يعيشون في ظروف نزاع مسلح إلى التغيرات بيئية جسيمة، ـ فتشقُّ عليهم حياتهم اليومية ليس بسبب العنف الذي يتعرضون له فحسب، بل أيضًا بسبب تغير المناخ والبيئة، لأنهم في أغلب الأحيان لا يكونون مؤهلين في مواجهة مخاطر التغيرات المناخية المتكررة.

 

 تأثيرات تغير المناخ:

   تصنيف تأثيرات تغير المناخ إلى فئتين رئيستين، أولاً: تأثيرات فورية، مثل الظواهر الجوية المتطرفة وأنماط الطقس المكثفة، إذ ساهم تغير المناخ في جعل درجات حرارة أكثر دفئاً، بعد أن شهد العالم ارتفاع في ​​درجات الحرارة منذ القرن العشرين، وبمعدل متزايد خلال الثلاثين عامًا الماضية بشكل خاص.[14]

لقد أدى ارتفاع درجات الحرارة إلى حصول موجات حارة، وأمراض مرتبطة بالحرارة، وأوجد ظروفًا مشجعة لاندلاع حرائق الغابات وانتشارها. كما أن ارتفاع درجات الحرارة يشجع الرطوبة على التبخر، مما يؤدي إلى تفاقم المشكلة هطول الأمطار وحصول الفيضانات، فيما تؤدي ارتفاع درجة حرارة المحيطات إلى زيادة تواتر وشدة هذه الظاهرة العواصف المدمرة مثل الأعاصير التي تتسبب في كثير من الأحيان إلى إلحاق أضرار جسيمة بالمنازل والمجتمعات، مما يؤدي إلى وفيات وتشريد للبشر وخسائر اقتصادية. ومع تطور أنماط الطقس وزيادة سخونة الكرة الأرضية، تتشكل حالة الندرة في الموارد المائية التي تؤدي بغياب الغطاء النباتي إلى حدوث حالات الجفاف التي يمكن بدورها أن تشجع في تكون العواصف الرملية والترابية القاسية التي يمكنها أن تحرك مليارات الأطنان من الرمال عبر القارات.[15]

أما الفئة ثانياً، فهي تشتمل على تأثيرات بطيئة مثل ارتفاع منسوب سطح البحر أو اتساع مستويات التصحر، فالتصحر هو تدهور يطال الأراضي الجافة التي تنعدم فيها الإنتاجية البيولوجية، بحيث تتحول المناطق التي كانت تتسم تربتها بالخصوبة لتصبح قاحلة. ونتيجة للتحول المناخي، فقد نمت بؤر التصحر الساخنة على مدى العقود العديدة الماضية، لتطال بتأثيراتها 500 مليون نسمة من الناس في عام 2015، ونتيجة لذلك، تضاءلت الإنتاجية الزراعية والدخل، خاصة في مناطق جنوب وشرق آسيا، ومنطقة الصحراء في شمال أفريقيا، والشرق الأوسط[16].

ومن ناحية أخرى، فإن ارتفاع مستويات المحيطات يشكل أيضًا تهديدًا للسواحل والمجتمعات الجزرية والسكان بشكل عام، إذ تمتص المحيطات العبء الأكبر من الحرارة الناتجة عن ظاهرة الاحتباس الحراري وهذا يؤدي إلى زيادة حجمها، حيث يتمدد الماء عندها يدفئ. كما يؤدي ذوبان الأنهار الجليدية والصفائح الجليدية أيضًا إلى ارتفاع مستوى سطح البحر مع ذوبان الجليد بسبب ارتفاع درجة الحرارة[17]، إذ سوف يضطر بعض السكان إلى التحرك إلى مناطق أخرى لما يؤديه ارتفاع سطح البحر من تهديد للبنية التحتية ومتطلبات الحياة.

إن التأثيرات، موضوع البحث، ليست سوى جزء من العديد من التغيرات المثيرة للقلق نتيجة لتغير المناخ والتي أصبحت شائعة في حياتنا اليومية، وأن آثارها الضارة بدأت تطال صحة واستقرار السكان التي يأتي في مقدمتها تهديد الأمن الغذائي وسوء التغذية. كما ويؤثر تغير درجات الحرارة وأنماط الطقس على المحيطات والغطاء الثلجي والجليدي والمراعي فضلا عن تدمير مصايد الأسماك ومحاصيل الماشية أو إنتاج المحاصيل[18].

وستعاني صحة الإنسان مع تزايد تأثيرات تغير المناخ وضوحا بفعل تلوث الهواء، وانتشار الأمراض، والظواهر الجوية القاسية، والنزوح القسري، والضغوط على الصحة العقلية، وزيادة الجوع وسوء التغذية في الأماكن التي لا يستطيع الناس فيها النمو أو العثور على ما يكفي من الغذاء[19].

وفي إحصائيات بيئية، فإن ثلاثة عشر مليون شخص يموتون كل عام بسبب العوامل البيئية، بل إن المزيد منهم يقعون في براثن الفقر وتأثيراته الاجتماعية والصحية ، وتزايد التنافس على المحاصيل والمنازل والوظائف، وأن “ تغير المناخ سيصبح متغيرًا من متغيرات السياسة الداخلية للدول يتحول إلى يقين فيما يتعلق بإحداث تغييرات اقتصادية واجتماعية “، وأن جانباً من هذه التأثيرات ستؤدي إلى زعزعة استقرار المجتمعات مع تزايد الفقر والهجرة على مستوى العالم.[20]

أن تداعيات تغير المناخ في أشكالها المختلفة تنعكس على كفاية الموارد الطبيعية الكفيلة بتأمين متطلبات حياة الأفراد بسبب محدوديتها، وهو ما سيؤدي إلى التنافس في الحصول عليها، والهجرة إلى مناطق أكثر قدرة على توفيرها، والتحفيز في اندلاع نزاعات مسلحة بسبب العلاقة غير المباشرة بين تغير المناخ والنزاع المسلح.

الهجرة غير النظامية بسبب المناخ:

إن إحدى أبرز عواقب تغير المناخ، التي قد يكون لها تأثير على القانون الدولي الإنساني، هي الهجرة الجماعية، وأن الزيادة المذهلة في أعداد المهاجرين لن تؤدي إلا إلى زيادة تدهور الموارد البيئية بسبب محدوديتها النسبية، فمهاجرو المناخ، وهم موجودون بالفعل وفي تزايد في الوقت الحاضر، ينزحون من ديارهم بسبب الجفاف أو ندرة الموارد أو الكوارث الطبيعية. وفي هذا الصدد أشارت مدونة القانون والسياسة الإنسانية باللجنة الدولية للصليب الأحمر أن « ليس هناك شك في أن ملايين [المهاجرين] الآخرين سوف يهاجرون بسبب الآثار التي ستترتب على تغير المناخ ، آخذين بنظر الاعتبار العدد الكبير من المهاجرين اليوم ، ففي عام 2019، كان هناك 272 مليون مهاجر معتمد على مستوى العالم (بما في ذلك 25.9 مليون لاجئ، و164 مليون عامل، و3.5 مليون طالب لجوء)، وهو رقم قياسي جديد نسبة إلى عدد سكان العالم الذين انتقل معظمهم من  عالم الجنوب إلى الدول المتقدمة الشمال العالمي”[21].

إن الأعداد الكبيرة من المهاجرين ستحتاج إلى المأوى والغذاء والرعاية الصحية، التعليم والضروريات الأساسية عند الوصول إلى المجتمع الجديد، وهو ما سيجهد الموارد في الدول المضيفة، ويمكن أن تسبب أيضًا في حصول توترات ثقافية وكراهية للأجانب عملاً بمقولة « إذا كنت لا تستطيع العيش في مكان ما، عليك أن تتحرك”، ولكن الهجرة والنزوح تخلق التوتر والعبء الاقتصادي داخل الدول المستقبلة، ونظراً لندرة الموارد، فإن هناك احتمالاً كبيراً أن يتحول السلوك الداخلي للدول إلى سياسات قومية لحماية هويات وقيم وثقافات تلك الدول أو ما يسمى (الأمن المجتمعي) بسبب كراهية الأجانب، وهو ما يمكن أن يخلق السياسية والاضطرابات المجتمعية[22].

المحور الثالث

العلاقة السببية والارتباط بين

الصراع المسلح وتغير المناخ

تطرح التغيرات المناخية التي يشهدها العالم السؤال التالي: وهل ننشأ النزاعات المسلحة نتيجة لتغير المناخ؟ وهل سيترتب عليها المزيد من التسلح؟

أثبت الواقع إن الآثار المجتمعة لتغير المناخ والتدهور البيئي والنزاعات المسلحة تهدد الحقوق الأساسية للإنسان في مقدمها الحق في الحياة والغذاء، فضلاً عن أنها تثير ظاهرة النزوح المناخي كأثر غير مباشر لتغير المناخ، وهذا ما حدث في كل من السودان وسوريا واليمن وغيرها من الدول التي شهدت نزاعات مسلحة[23].

لقد تنازعت الرؤى المطروحة للعلاقة السببية بين تغير المناخ والنزاعات المسلحة لتتراوح بين حدي التهويل والتهوين، ففي الوقت الذي اتجهت فيه دراسات عدة إلى الربط المباشر بين التغيرات المناخية والصراع، اتجهت دراسات أخرى إلى نفي وجود علاقة مباشرة، مستندةً في ذلك إلى أن النزاعات المسلحة غالبًا ما تكون محصلة للعديد من العوامل (غير المناخ) المتهيئة والأكثر أهمية وحسمًا في تعزيز وجودها أحيانًا وخلقها في أحايين أخرى، ومع ذلك فإن العلاقات بين تغير المناخ والنزاع والهشاشة السياسية والاقتصادية ليست علاقات بسيطة وخطية، وأن الآثار المتزايدة لتغير المناخ لا تؤدي تلقائيًّا إلى مزيدٍ من الهشاشة والنزاعات المسلحة.[24]

بشـكل عـام، يتفق المختصون علـى أن تغيـر المنـاخ لا يتسـبب بشـكل مباشـر فـي وقوع النزاع المســلح بــل أنــه عامــل مضاعــف للنزاع يزيــد مــن مخاطر وقوعه مـن خلال تفاقـم عوامـل أخرى اجتماعيـة واقتصاديـة وسياسية وبيئيـة[25]، بمعنى آخر وجود علاقة غير مباشرة بين التغيرات المناخية والنزاعات المسلحة، فالتغيرات المناخية لا تخلق النزاعات من العدم، إنما هي تعمل على تفاقم أوضاع متوترة، أو أنها تنشأ بسبب التنافس على موارد محدودة بين دول وجماعات.[26]

أن تغير المناخ يعمل بمثابة متغير وسيط يؤثر على العوامل الأخرى التي تساهم اندلاع النزاع، كما أن تغير المناخ ليس العامل المرجح في التسبب في أي نزاع على حدة، بل إن تغير المناخ يؤدي إلى تفاقم النزاعات من خلال جعل العوامل التي أدت إليها أكثر حدة وتأثيراً.[27]

المحور الرابع

الإطار القانوني للنزاعات المسلحة والبيئة

يركز القانون الدولي الإنساني على حماية أولئك الذين يعانون بالفعل من أضرار النزاعت المسلحة، وليس على منع الصراعات، وبالرغم من ذلك، فإن اللجنة الدولية للصليب الأحمر، التي « تعمل كحارس للقانون الدولي الإنساني»، تسعى لفهم الأسباب الجذرية للنزاعات المسلحة، إلا أن ذلك ليس محور التركيز الأساسي للمنظمة[28]، وتؤكد أن مهمة اللجنة الدولية تركز على نقاط الضعف الموجودة مسبقًا ونقاط الضعف المتداخلة بين النزاع المسلح وتغير المناخ، إذ “ ليس الأمر أن مسألة السبب والنتيجة ليست ذات قيمة، لكن اللجنة الدولية تنظر إلى أن الناس يتأثرون بكلا الأمرين، كما أن الذين تأثروا بالفعل بالنزاعات المسلحة سيزيد تعرضهم للتغير المناخ والعكس صحيح”. وتسلط نقاط الضعف المتداخلة هذه الضوء على أهمية وجود تدابير حماية أماكن إقامة أفراد المجتمع الأكثر ضعفًا والعمل على مكافحة تغير المناخ – حتى في أوقات الحرب. إن الصراعات المسلحة تلحق الضرر بالبيئة بطرق عديدة. حتى قبل أن تبدأ تلك النزاعات وتأخذ شكلها المسلح، إذ إن بناء القوات العسكرية وتدريبها والحفاظ عليها « يؤدي إلى انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكاربون وتعطيل المناظر الطبيعية و الإضرار بالموارد البرية والبحرية، وإحداث  أشكال مختلفة من التلوث الكيميائي والضوضائي نتيجة استخدام الأسلحة، والطائرات والمركبات”[29].

وفي الواقع، تطلق أكبر الجيوش المزيد من غاز ثاني أكسيد الكربون في العديد من مناطق عملياتها في دول مختلفة من العالم، وخلال النزاعات المسلحة ذاتها، فإن التأثير البيئي يمكن أن يختلف بشكل كبير بناءً على مدة الحرب وموقعها ووسائلها وشدتها. وعلى سبيل المثال، غالبًا ما تتطلب النزاعات عالية الحدة تحركات واسعة النطاق للمركبات التي تحتاج إلى كميات كبيرة من الوقود يمكن أن يسبب ضرراً واسع النطاق للمناظر الطبيعية الحساسة والتنوع الجغرافي. كما ويمكن لاستخدام المتفجرات فعل الشيء ذاته إذا استخدمت في المناطق الحضرية، إذ إنها يمكن أن تسبب في تلوث الهواء والتربة والمياه نتيجة للحطام والركام الذي تخلفه. كما أن تقنيات الأرض المحروقة، بما في ذلك الهجمات على المناطق الزراعية والبنى التحتية الصناعية والنفطية أو يمكن أن تساهم في زيادة التلوث البيئي.[30]

إن هذه الأمثلة ما هي إلا بعض من الوسائل العديدة التي يمكن أن تؤدي بها النزاعات المسلحة إلى تفاقم تغير المناخ والمساهمة فيه تدهور البيئة الطبيعية، وأن قواعد القانون الدولي الإنساني يجب أن تتطور للرد على العواقب والتهديدات المتمثلة في تغير المناخ التي تسببها النزاعات المسلحة والتي نوردها في المبادرتين التاليتين:

المبادئ التوجيهية للجنة الدولية للصليب الأحمر بشأن حماية البيئة الطبيعية في الصراع المسلح:

Guidelines on the protection of the natural environment in armed conflict.   (September 25, 2020).

استجابت اللجنة الدولية للصليب الأحمر (ICRC) بنشر مبادئ توجيهية بشأن حماية البيئة الطبيعية في النزاعات المسلحة، مع قواعد وتوصيات لحماية البيئة بموجب القانون الدولي الإنساني، لتعكس تطورات جديدة في القانون الدولي البيئي والقانون الدولي الإنساني العرفي[31].

تسعى المبادئ التوجيهية للجنة الدولية للصليب الأحمر “ إلى سد الفجوة بين الواقع الحالي للنزاعات والتركيز على قصور قواعد المعاهدات الحالية التي تتناول على وجه التحديد النزاعات ذات الصلة بالضرر البيئي من خلال جمع قواعد القانون الدولي الإنساني الحالية ذات الصلة “[32].

هنالك أربعة أجزاء من المبادئ التوجيهية لعام 2020: الحماية المحددة للبيئة الطبيعية بموجب القانون الدولي الإنساني، حماية البيئة الطبيعية بموجب القانون الدولي الإنساني بشكل عام، وحماية البيئة الطبيعية من خلال القواعد المتعلقة بأسلحة محددة، وأخيرًا، احترام القانون الدولي الإنساني وتنفيذه ونشره قواعد حماية البيئة الطبيعية. وبدلاً من إضافة قاعدة جديدة إلى هذه القواعد، فإنهم ببساطة يفسرون القانون الدولي الإنساني الحالي مع التركيز على حماية البيئة. على سبيل المثال، القاعدة 7 من الجزء الثاني، “التناسب في الهجوم، إذ من المتوقع أن يلحق شن هجوم على هدف عسكري ضررًا عرضيًا للبيئة الطبيعية»  ، مما يحظر الإفراط في التعامل مع الميزة العسكرية الملموسة والمباشرة المتوقعة» اعتماداً على مبدأ التناسب المعروف في القانون الدولي الإنساني[33]، إذ تشير قواعد القانون الدولي الإنساني العرفي إلى مبدأ (التمييز والتناسب) [34]*،أي تناسب الوسائل والأضرار الناجمة عن العمليات العسكرية على السكان المدنيين ، والتمييز بين الأهداف العسكرية والأعيان المدنية التي تم إعادة تفسيرها لتشمل البيئة بوصفها أعيان مدنية.

تهدف المبادئ التوجيهية لعام 2020 إلى أن تكون « أداة مرجعية» للدول والجماعات المسلحة الأطراف النزاعات، وأي جهات فاعلة أخرى قد تحتاج إلى تفسير القانون الدولي الإنساني وتطبيقه بقصد تسهيل اعتماد تدابير ملموسة لتعزيز احترام قواعد القانون الدولي الإنساني التي تحمي حقوق الإنسان والبيئة الطبيعية، بما في ذلك تعزيز هذه القواعد وإدماجها في أدلة القواعد العسكرية والأدلة والسياسات الوطنية والأطر القانونية “[35].

وتقترح المبادئ التوجيهية توصيات لأطراف النزاع المسلح من أجل الحد من الآثار البيئية للنزاعات المسلحة. من خلال دراسات الأثر البيئي من أجل تحديد وتعيين «المناطق البيئية في أهميتها أو هشاشتها كمناطق منزوعة السلاح”.[36]

وعلى الرغم من أن بعض جوانب المبادئ التوجيهية لعام 2020 قد تكون مفرطة في التفاؤل من حيث التنفيذ، إلا أنها تعد تطوراً مهماً للقانون الدولي الإنساني للحد من أضرار النزاعات المسلحة وانعكاساتها على البيئة الطبيعية وما يترتب على ذلك من عواقب على السكان المتضررين الذين يعتمدون في معيشتهم على عناصر البيئة.[37]

بشكل عام، فإن القيادات السياسية والعسكرية في الدول أو قيادات الفاعلين من غير الدول، في النزاعات المسلحة، غالباً ما يركزون على تحقيق الأهداف العسكرية ولا يألون اهتماماً بمعالجة الآثار التي يرتبها النزاع المسلح على عناصر البيئة وما يخلفه ذلك من انتشار للأوبئة والأمراض يصاب بها سكان المناطق القريبة من مسرح العمليات.

مشروع مبادئ حماية البيئة في الصراعات المسلحة[38]* (PERAC):

Draft principles on protection of the environment in relation to armed conflicts,2022.

على غرار المبادئ التوجيهية المحدثة للجنة الدولية للصليب الأحمر (ICRC)، فقد تم اعتماد مسودة مبادئ PERAC)) الصادرة عن لجنة القانون الدولي ILC)) في آيار عام 2022 تهدف إلى وضع رؤية لتشجيع مراعاة الاعتبارات البيئية في أوقات النزاع. ومع ذلك، تتمتع مشاريع المبادئ بنطاق أوسع وأكثر شمولاً، وتوسع نطاق التحليل ليشمل تدابير» يجب أخذها قبل اندلاع النزاع المسلح وإلى حالات ما بعد النزاع “[39].

تناول المبدأ 11  من الباب الخامس مسؤولية مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية ويؤكد على أنه “ ينبغي على الدول أن تتخذ التدابير المناسبة التي تهدف إلى ضمان قدرة مؤسسات الدولة على تحمل المسؤولية عن الضرر الذي تسببه للبيئة، بما في ذلك ما يتعلق بصحة الإنسان في المناطق المتأثرة بالنزاع”[40].

ويناقش المبدأ 22 من الباب الخامس عمليات السلام، ويرى أنه ينبغي لأطراف النزاع المسلح أن تعالج مسألتي  “حماية حقوق الإنسان، واستعادة البيئة المتضررة نتيجة للنزاع» في إطار إبرام اتفاقيات السلام[41]. فيما يشير المبدأ 26 إلى مخلفات الحرب وهو أحد القواعد الواردة في الباب الخامس “ المبادئ القابلة للتطبيق بعد انتهاء النزاع المسلح.» وتنص على أنه “يجب على أطراف النزاع المسلح أن تسعى، في أقرب وقت ممكن، لإزالة أو التخلص من السموم أو غيرها من مخلفات الحرب الخطرة التي تقع ضمن ولايتها القضائية أو سيطرتها التي تسبب أو تخاطر بالتسبب في الحاق الضرر بالبيئة”[42].

وبشكل عام، تعمل المبادئ الواردة في الجزء الثاني من مشروع مبادئ حماية البيئة في الصراعات المسلحة على توسيع نطاق PERAC لتغطية قضايا حقوق الإنسان والأضرار التي تنشأ عن نشاطات مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية خلال النزاعات والحروب، في حين أن المبادئ التوجيهية لعام 2020 قد اعتمدت في الغالب على قواعد القانون الدولي الإنساني وحده، فضلاً على ذلك، فإن تطبيق مسودة مبادئ PERAC، موجهة إلى كل من الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية، وتشمل كل من النزاعات المسلحة الدولية والنزاعات المسلحة غير الدولية مثل الحروب الأهلية.

وعلى الرغم من وجود بعض الاختلافات بين المبادئ التوجيهية للجنة الدولية للصليب الأحمر[43]*ومشروع مبادئ لجنة القانون الدولي، التي هي أكثر شمولاً،، فإن هاتين المبادرتين تمثلان أمرًا إيجابيًا في اتجاه جديد للمستقبل[44] في حماية حقوق الإنسان وحماية البيئة في النزاعات المسلحة.

المحور الخامس

النزاع المسلح في دارفور- دراسة حالة.

عانت منطقة شمال دارفور وأجزاء من غرب وجنوب دارفور من حالات الجفاف المتكررة، كما ظلت غلة المحاصيل منخفضة بسبب عدم انتظام سقوط الأمطار وانتشار الآفات ونقص المدخلات الزراعية، فضلاً عن تضاءل الثروة الحيوانية بسبب انحسار مساحات المراعي وندرة المياه، مما ساهم في حصول موجات هجرة غير منظمة ونشوب نزاعات قبلية نتيجة للتنافس على الموارد الطبيعية وضعف الدولة في بسط سلطتها على مساحات واسعة من الإقليم[45].

أدى التصحر والجفاف في السودان إلى ندرة الموارد والتنافس بين المجموعات العرقية للحصول على الضروريات الأساسية للحياة، وبينما تتكون منطقة دارفور في السودان من مناطق بيئية متنوعة،  فقد زحفت الصحراء الكبرى على منطقة الساحل بشمال السودان في العقود التي سبقت اندلاع الحرب عام 2003، إذ شهدت منطقة الصحراء الكبرى الزحف جنوبًا بمسافة ميل تقريبًا كل عام مع انخفاض في متوسط ​​هطول الأمطار السنوي بمقدار 15 إلى 30 بالمائة” نتيجة لتغير المناخ واضطراب الطقس[46].

وتعد الزراعة صناعة كبيرة ومورداً اقتصادياً هاماً وسلة غذاء في السودان، ففي عام 2010، كانت 80% من إجمالي القوى العاملة في البلاد مشاركة في العمل الزراعي - فالبلاد تتعرض بشكل عام للتأثيرات والتقلبات البيئية، وهي حالة خاصة يعاني منها إقليم دارفور، حيث تعاني المنطقة من أمراض مزمنة وحالات جفاف منهكة[47].

وهناك نظامان زراعيان رئيسيان في السودان: صغار المزارعين الذين يعتمدون على إنتاج المحاصيل المطرية Rain fed Agriculture وهم في الغالب الرعاة العرقيون الأفارقة، والبدو، الذين ينتمون إلى العرق العربي.

ويعود الصراع بين هذه المجموعات العرقية إلى “ التصحر سريع الحركة الذي أدى إلى تآكل توافر الموارد الطبيعية لدعم سبل العيش والتعايش السلمي بين هذين المجموعات، يعد أن بدأت المراعي وممراتها في السودان تتقلص بسرعة أدت إلى اندلاع صراعات قبلية لم يكن لأنظمة حيازة الأراضي المجتمعية التقليدية تسويتها بالتحكيم” [48].

ونتيجة للعداء والتوتر بين تجمعات سكانية عرقية متنافسة في منطقة دارفور ( العرب والأفارقة)،  فقد نظمت جماعات متمردة أفريقية ، في عام 2003، احتجاجًا على سياسات الرئيس السوداني السابق عمر البشير السوداني الذي كان يفضل بشدة العرب العرقيين في دارفور ودعم الجماعات البدوية العربية في النزاعات على الأراضي مع المزارعين الأفارقة، إذ عمدت قبائل بدوية من أصول عربية إلى تشكيل ميليشيات ردا على التهديد من الجماعات المتمردة الأفريقية، كانت قوات (الجنجوبد) أحد الأمثلة على الجماعات المسلحة غير الرسمية للنزاع في السودان ، وهي “مجموعة شبه عسكرية حظيت بدعم من نظام البشير المتعاطف كانوا طليعة حملة التطهير العرقي ضد السكان الأفارقة «[49].

لقد كان لهذا النزاع تأثير كبير على البلاد ورفاه مواطنيها بعد نزوح أكثر من 2.7 مليون شخص منذ بدء الصراع في عام 2003، وكانت تقديرات الوفيات محل خلاف كبير، تراوحت بين تقديرات محافظة غير جديرة بالثقة، بلغت 10.000 حالة وفاة، عرضتها الحكومة السودانية، وأخرى تقديرات للأمم المتحدة تراوحت بين 300.000 إلى 400.000 أو أكثر من الوفيات. ومع ذلك، فإن الصراع في دارفور لم يكن يقتصر حصراً بين المجموعتين العرقيتين، العرب والأفارقة، فقد امتدت إلى صراعات بينية اندلعت بين قبائل عربية تم استهدافها من قبل مجموعات رعوية العربية الأخرى في منافستها على الأرض والغذاء والماء، وقد حدث ذلك بالفعل، فضلاً عن التنافس على الموارد بين بعض المجتمعات الأفريقية المستقرة أيضًا[50].

إضافة إلى المنافسة بين المجموعات السكانية القاطنة في جنوب السودان، فإن من المرجح أن يكون النزاع في دارفور قد تأثر بالآثار التي خلفها تغير المناخ التي أثرت على المنطقة. وعلى الرغم من وجود بعض الجدل حول ما إذا كان الجفاف ناجمًا بالكامل عن تغير المناخ وحده أم لا، فمن المؤكد أن الجفاف قد تفاقم بسبب تغير المناخ، وكان الأمر كذلك، فإن تغير أنماط الطقس في السنوات التي سبقت الجفاف قد أدت إلى انعدام الأمن في المنطقة بسبب نقص الموارد المائية وتراجع الإنتاج الزراعي والحيواني التي أدى الجفاف إلى تفاقمها[51].

لقد أدت زيادة حالة الجفاف وندرة المياه وحاجة الرعاة إلى مناطق جديدة للرعي إلى تهجير الرعاة الذين ينتمون بشكل رئيس إلى أصول عربية في شمال دارفور باتجاه الجنوب بحثاً عن مراعي أكثر خصوبة تسببت في حصول تداعيات سلبية على الاستقرار السياسي والأمني تمثلت في انهيار التركيبة الاجتماعية التقليدية وزيادة مستوى الفقر والمجاعة بين السكان وتصاعد المنافسة على الموارد المائية وحصول أضرار في البيئة ، وهو ما أدى إلى تصاعد النزاعات المسلحة بين الرعاة والمزارعين وبين القبائل بشكل عام، فضلاً عن حصول زيادة في انتهاكات حقوق الإنسان وتصاعد أعداد ضحايا الصراعات العرقية [52].

خريطة السودان توضح الموقع الجغرافي لإقليم دارفور

المصدر:

                                                                                          https://ar.wikipedia.org/wiki/

الخاتمة والاستنتاجات:

توصلت الورقة البحثية إلى أن العلاقة بين النزاع المسلح وتغير المناخ هي علاقة ترابطية سببية غير مباشرة، أو أن تغير المناخ يمثل متغيراً وسيطاً بين المتغير المستقل وبين النزاع المسلح بوصفة متغيراً تابعاً، بمعنى آخر أن تغير المناخ يعد أحد العوامل التي تسبب في اندلاع النزاعات في المناطق الهشة سياسياً واقتصادياً، وأن العوامل الناتجة عن التغيرات المناخية تمتلك القدرة على زيادة احتمالات اندلاع النزاعات المسلحة وتصاعد التوترات وزعزعة استقرار المجتمعات.  

وعلى الرغم من وجود عدد من الدراسات التي تناولت العلاقة بين التغيرات المناخية وتصاعد النزاعات بين الدول، وزيادة الوعي بالعلاقة بين التغير المناخي والأمن، فقد دفع أهمية هذه العلاقة وانعكاساتها على الأمن البيئي، الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع وعددًا متزايدًا من الدول نحو تصنيف تغير المناخ على أنه تهديد للأمن العالمي والوطني.

لقد أدت الأنشطة البشرية إلى نشوء عالم غير متوازن توالت في إطاره تداعيات ناجمة عن تغير المناخ، وتجسدت في تغير أنماط الطقس، التي كان لها تأثير مزعزع في الاستقرار العالمي الحق أضراراً متنوعة أصابت سكان الأرض.

ومن بين تداعيات تغير المناخ تدفقات الهجرة غير النظامية التي تمثلت في نزوح الناس بسبب الجفاف أو ندرة الموارد أو الكوارث الطبيعية، واضطرارهم البحث عنها في أماكن أخرى، أدت إلى إجهاد موارد المجتمعات المضيفة، وربما ما سيؤديه من توترات معادية للأجانب أيضًا.

ويظـل عامـل الهشاشـة والضعـف الـذى يعانـى منـه النظام السياسي في السودان الـذى يـؤدى إلـى العجـز عـن توفيـر الخدمـات الأساسية لأفراد المجتمع السوداني في دارفور وحمايتهم مــن تداعيــات التغيــرات المناخيــة، عامل هام إطــار محاولــة فهــم العالقـة بيـن التغيـرات المناخيـة والصـراع المسلح.

توضح حالة النزاع في دارفور خطر اندلاع صراعات مسلحة بالتزامن مع آثار التغير المناخي، إلا أنه يجب الحذر من المبالغة في تبسيط تعقيدات أسباب النزاع المسلح، فبدلا من أن تكون السبب الوحيد يمكن النظر إلى تغير المناخ بوصفه محركاً للصراع، وعاملا مضاعفاً للتهديد، إذ يمكن لتغير المناخ أن يؤدي إلى تفاقم الصراعات القائمة وحصول ندرة في الموارد وزيادة في الهجرة الجماعية، وعليه، فإن تغير المناخ يمكن أن يساهم في نشأة النزاع الذي بدوره يعمل على زيادة تعرض المجتمع لآثاره تغير المناخ.

لقد ساهمت التغيرات المناخية في تأجيج العديد من النزاعات، إذ ساهم التصحر إلى جانب عدم الاستقرار السياسي والأمني إلى تفجير النزاع في دارفور، ما يعني أن الدول التي تعاني بالفعل من هشاشة سياسية ستكون أهم مراكز العنف المرتبطة بالمناخ وأحداث الهجرة القسرية مستقبلاَ.

ويعترف القانون الدولي الإنساني بنقاط الضعف المتداخلة لدى أولئك الذين يتأثرون بالنزاعات المسلحة وعواقب تغير المناخ عليهم، وأهمية حماية الأشخاص المتعرضون لخطر النزاع المسلح الذي في حد ذاته له تأثير ضار على البيئة.

لقد استجاب القانون الدولي الإنساني من خلال وضع قواعد وتوصيات لحماية البيئة أثناء الصراع تمثلت في المبادرتين الرئيسيتين هما المبادئ التوجيهية للجنة الدولية للصليب الأحمر لعام 2020 ومسودة لجنة القانون الدولي المبادئ، المعتمدة في عام 2022. وبينما يُنظر إلى هذه المبادرتين في المقام الأول على أنها مكملة لبعضهما، إلا أن هناك اختلافات في نطاق الاثنين، فالثانية هي الأوسع نطاقًا لاعتمادها على مجموعة متنوعة من القوانين مثل القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان. وبشكل عام، يُنظر إلى مبادرات تطوير الإطار القانوني على أنها تطور إيجابي للقانون الدولي الإنساني للمساعدة في حماية حقوق الإنسان البيئية وتقليل إسهامات النزاعات المسلحة في تغير المناخ.

والحقيقة، إن هناك ضغط زمني كبير للتحرك بسرعة للتعامل مع تهديدات تغير المناخ التي تلوح في الأفق قبل حصول تداعيات لا رجعة عنها، وذلك في ضوء بطيء استجابة القانون لمتطلبات حماية البيئة، إذ يتطلب وضع الأمور في صيغة قانونية أو اتفاقية دولية شارعة إجراء جولات تفاوض وعقد مؤتمرات دولية بين العديد من ممثلين الدول قبل أن تدخل حيز النفاذ كما في نموذجها اتفاقية باريس للمناخ في عام 2015 التي دخلت حيز النفاذ في عام 2020.

إن تغير المناخ يشكل تهديد وجودي عاجل للعالم، وأن المجتمع الدولي مدعو للعمل معًا لتطوير حلول مبتكرة لحماية الأرض وسكانها الأكثر ضعفًا، فقد جسد واقع حال التغيرات المناخية وجود معادلة غير متوازنة الأطراف تمثلت في تحمل الأطراف الدولية والتجمعات السكانية الأقل مساهمة في التسبب بالتغيرات المناخية أضراراً أشد جسامة من تلك الأطراف التي كانت السبب المباشر في إحداثها.

المصادر

المصادر العربية

1. أميره محمد عبد الحليم، التغيرات المناخية والصراعات في العامل العربي، مجلة آفاق عربية وإقليمية، العدد 11، القاهرة، 2022.

2. بدون مؤلف، تخلف آثارًا لا تمحي: محاولة إنقاذ قانونية للبيئة في زمن الحروب، مجلة الإنساني، المركز الإقليمي للإعلام، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، 13 تشرين الثاني 2022.

3. بدون مؤلف، ما هو تغير المناخ؟، الأمم المتحدة – العمل المناخي، تشرين 2023.

4. حتى ناصيف يوسف، النظرية في العالقات الدولية، دار الكتاب العربي، بيروت ،1985.

5. رشا عطوة عبد الكريم وباسم خالد، انعكاسات ظاهرة التغيرات المناخية على الصراعات الداخلية في أفريقيا، مجلة كلية السياسة والاقتصاد –جامعة بني سويف، العدد العشرون، تشرين الأول 2023.

6. رشيد الحمد، محمد سعيد طاير، نبي البيئة ومشكالتها ، دار عالم المعرفة، الكويت 1979 .

7. زياني نوال، القانون الدولي الإنساني وتحديات التغير المناخي، المجلة الأفريقية للدراسات القانونية والسياسية، المجلد 7، العدد 2، الجزائر، 2023.

8. عزة هاشم، كيف تؤثر التغيرات المناخية على قضايا الصراع في العالم؟، المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أبو ضبي 8 تشرين الأول 2019.

9. عصام العطية، القانون الدولي العام، ط4، جامعة بغداد ،1987.

10. اللجنة الدولية للصليب الأحمر، نغير المناخ والنزاعات، 20/ 10/2021.

11. المادتين ،35 55 من البروتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جنيف في 12 آب 1949 والمتعلق بضحايا المنازعات الدولية المسلحة، تم التصديق بتاريخ 8 حزيران ،1977 دخل حيز النفاذ بتاريخ 7 كانون الأول 1978.

12. مستاك يحي محمد لمين، قضية دارفور وأبعادها الإقليمية و الدولية دراسة من ، 2003-2015، رسالة ماجستير في العلوم السياسية ، جامعة مولود معمري ، 2013.

13. مشروع مبادئ حماية البيئة في النزاعات المسلحة: تم تبنيها من قبل لجنة القانون الدولي في الجلسة 37 لسنة 2022 التي أرسلت إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة.

14. موسى عبد الحفيظ القنيدي، حماية البيئة في أوقات النزاعات المسلحة، مجلة الإنساني، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، العدد ،65.

15. نيلس ميلزر، القانون الدولي الإنساني - مقدمة شاملة، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، جنيف، 16 آب 2016.

References 

1. Abbass, K., Qasim, M. Z., Song, H., Murshed, M., Mahmood, H., & Younis, I. (2022). A review of the global climate change impacts, adaptation, and sustainable mitigation measures. Environmental Science and Pollution Research, 29(28).

2. Causes and effects of climate change. (n.d.). Climate Action; United Nations. Retrieved November 24, 2022.

3. Climate change indicators: Weather and climate. (2016, June 27) [Reports and Assessments]. United States Environmental Protection Agency.

4. Climate migrant. Cambridge English Dictionary. Retrieved November 25, 2022.

5. Doctor, Chase, «A Destabilized World: The Effects of Climate Change on Armed Conflict and International Humanitarian Law» (2022). Independent Study Project (ISP) Collection.

6. Draft principles on protecting the environment in relation to armed conflicts. (2022, May 20). International Law Commission. United Nations General Assembly.

7. Evan Gray Smith, A Destabilized World: The Effects of Climate Change on Armed, SIT Graduate Institute/SIT Study Abroad, Fall 2022.

8. Govt. Sudan, Understanding Darfur conflict, relief web,19 Jan 2005.

9. Guidelines on protection of the natural environment in armed conflict. (2020, September 25). [Publication]. International Committee of the Red Cross.

10. How does war damage the environment? (2020, June 4). Conflict and Environment Observatory.

11. How is the termArmed Conflictdefined in international humanitarian law? - ICRC. (2008, March 17). International Committee of the Red Cross

12. How is the termArmed Conflictdefined in international humanitarian law? - ICRC. (2008, March 17). International Committee of the Red Cross

13. Kelley, C. P., Mohtadi, S., Cane, M. A., Seager, R., & Kushnir, Y. (2015). Climate change in the Fertile Crescent and implications of the recent Syrian drought. Proceedings of the National Academy of Sciences, 112(11),

14. Lehto, M. (2021, May 27). Overcoming the disconnect: Environmental protection and armed conflicts. Humanitarian Law & Policy Blog.

15. Mirzabaev, A., & Wu, J. (2022, February 28). Chapter 3: Desertificationspecial report on climate change and land. Intergovernmental Panel on Climate Change. New legal protections for the environment in relation to armed conflict. (2022, July 16).

16. Mulinen, Frederic de. Handbook on the Law of War for Armed Forced. Geneva: ICRC, 1989.

17. Pantazopoulos, S. (2022, August 4). The ILC Draft Principles on Protecting the Environment in Armed Conflict. Articles of War; Lieber Institute West Point.

18. Reuveny, R. (2021). Climate-related migration and population health: Social science-oriented dynamic simulation model. BMC Public Health, 21(1), 598.

19. Sandoz, Y. (1998, December 31). The International Committee of the Red Cross as guardian of international humanitarian lawICRC.

20. Smith, E. G. (2020). Climate Change and Conflict: The Darfur Conflict and Syrian Civil War. UVM College of Arts and Sciences College Honors Theses.

21. Sova, C. (2017, November 30). The first climate change conflict.

22. World Food Program USA. Yu, V. (2022, November 24). Climate Change and International Humanitarian Law.

23.https://climate-box.com/textbooks/3-how-to-prevent-dangerous-climate-change/

           

 

[1]  How is the termArmed Conflictdefined in international humanitarian law? - ICRC. (2008, March 17). International Committee of the Red Cross https://www.icrc.org/en/doc/resources/documents/article/other/armed-conflict-article-17 0308.

للمزيد يراجع: عصام العطية، القانون الدولي العام، ط4، جامعة بغداد ،1987، ص423.

[2] حتى ناصيف يوسف، النظرية في العالقات الدولية، دار الكتاب العربي، بيروت ،1985 ص 293.

[3] رشيد الحمد، محمد سعيد طاير، نبي البيئة ومشكالتها ، دار عالم المعرفة، الكويت 1979 ص 21. 

[4] ينظر في: موقع الأمم المتحدة، العمل المناخي، ما هو التغير المناخي؟

https://www.un.org/ar/climatechange/what-is-climate-change

[5] Climate migrant. Cambridge English Dictionary. Retrieved November 25, 2022, from https://dictionary.cambridge.org/dictionary/english/climate-migrant.

[6] How is the termArmed Conflictdefined in international humanitarian law? - ICRC. (2008, March 17). International Committee of the Red Cross https://www.icrc.org/en/doc/resources/documents/article/other/armed-conflict-article-17 0308.htm

[7] https://climate-box.com/textbooks/3-how-to-prevent-dangerous-climate-change

[8] بدون مؤلف، ما هو تغير المناخ؟، الأمم المتحدة – العمل المناخي، تشرين 2023.

https://www.un.org/ar/climatechange/what-is-climate-change

[9] اللجنة الدولية للصليب الأحمر، نغير المناخ والنزاعات، 20/ 10/2021.

https://www.icrc.org/ar/what-we-do/climate-change-conflict

[10]*القانـون الدولـي الإنساني (يشار إليه بقانون النزاعات المسلحة أو قانون الحرب): هـو مجموعـة القواعـد التـي تسـعى إلـى الحـد مـن التبعـات الإنسانية للنزاعـات المسـلحة الذي يهدف إلى تقييـد وسـائل وأسـاليب القتـال التـي قـد تسـتخدمها أطـراف نـزاع معيـن، وضمـان الحمايـة والمعاملة الإنسانية للأشخاص الذين لا يشـاركون مشـاركة مباشـرة في العمليات العدائية أو كفوا عـن المشـاركة فيهـا.

ينظر في: نيلس ميلزر، القانون الدولي الإنساني - مقدمة شاملة، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، جنيف، 16 آب 2016، ص17.

[11] نقلاً عن: زياني نوال، القانون الدولي الإنساني وتحديات التغير المناخي، المجلة الأفريقية للدراسات القانونية والسياسية، المجلد 7، العدد 2، الجزائر، 2023، ص 144-168.

[12] ينظر في: المادتين 35) و55) من البروتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جنيف في 12 آب 1949 والمتعلق بضحايا المنازعات الدولية المسلحة، تم التصديق بتاريخ 8 حزيران ،1977 ودخل حيز النفاذ بتاريخ 7 كانون الأول 1978.

[13] نقلاً عن: موسى عبد الحفيظ القنيدي، حماية البيئة في أوقات النزاعات المسلحة، مجلة الإنساني، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، العدد ،65 ص 15.

[14] Climate change indicators: Weather and climate. (2016, June 27). [Reports and Assessments]. United States Environmental Protection Agency. https://www.epa.gov/climate-indicators/weather-climate.

[15] Causes and effects of climate change. (n.d.). Climate Action; United Nations. Retrieved November 24, 2022, https://www.un.org/en/climatechange/science/causes-effects-climate-change.

[16]  Mirzabaev, A., & Wu, J. (2022, February 28). Chapter 3: Desertificationspecial report on climate change and land. Intergovernmental Panel on Climate Change. New legal protections for the environment in relation to armed conflict. (2022, July 16). IUCN. https://www.iucn.org/story/202207/new-legal-protections-environment-relation-armedconflict

[17]  Causes and effects of climate change, Op ,Cit..

[18] Abbass, K., Qasim, M. Z., Song, H., Murshed, M., Mahmood, H., & Younis, I. (2022). A review of the global climate change impacts, adaptation, and sustainable mitigation measures. Environmental Science and Pollution Research, 29(28), 42539–42559. https://doi.org/10.1007/s11356-022-19718-6.

[19] Causes and effects of climate change, Op ,Cit.

[20]  Doctor, Chase, “A Destabilized World: The Effects of Climate Change on Armed Conflict and International Humanitarian Law” (2022). Independent Study Project (ISP) Collection. 3528, p.11-12.

https://digitalcollections.sit.edu/isp_collection/3528.

[21] Reuveny, R. (2021). Climate-related migration and population health: Social science-oriented dynamic simulation model. BMC Public Health, 21(1), 598. https://doi.org/10.1186/s12889-020-10120-w

[22] Doctor, Chase, Op., Cit., p.12.

[23] زياني نوال، مصدر سبق ذكره، ص 148.

[24] نقلاً عن: عزة هاشم، كيف تؤثر التغيرات المناخية على قضايا الصراع في العالم؟، المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أبو ظبي 8 تشرين الأول 2019.

[25] نقلاً عن: أميره محمد عبد الحليم، التغيرات المناخية والصراعات في العامل العربي، مجلة آفاق عربية وإقليمية، العدد 11، القاهرة، 2022، ص42.

[26] نقلاً عن: رشا عطوة عبد الكريم وباسم خالد، انعكاسات ظاهرة التغيرات المناخية على الصراعات الداخلية في أفريقيا، مجلة كلية السياسة والاقتصاد –جامعة بني سويف، العدد العشرون، تشرين الأول 2023، ص 34.

[27]  Evan Gray Smith, A Destabilized World: The Effects of Climate Change on Armed, SIT Graduate Institute/SIT Study Abroad, Fall 2022, p.5.

[28] Sandoz, Y. (1998, December 31). The international committee of the red cross as guardian of international humanitarian lawIcrc. https://www.icrc.org/en/doc/resources/documents/misc/about-the-icrc-311298.htm

[29] How does war damage the environment? (2020, June 4). Conflict and Environment Observatory. https://ceobs.org/how-does-war-damage-the-environment/

[30] Ibid.

[31] Guidelines on protection of natural environment in armed conflict. (2020, September 25). [Publication]. International Committee of the Red Cross.

[32] Lehto, M,Op. , Cit.

[33] Guidelines on protection of natural environment in armed conflict, Op., Cit., p.7.

[34]* ينص القانون الدولي الإنساني على أنه يجب على أطراف النزاع التمييز بين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية، ولا سيما باستخدام أساليب معينة للحرب. ومع ذلك، فإن الهجوم على هدف شرعي قد يسبب ضررًا للمدنيين والأعيان المحمية بموجب القانون الدولي الإنساني. ويُكمِّل مبدأ التناسب المبادئ الأخرى للقانون الدولي الإنساني مثل مبدأ التمييز لتقييم شرعية الأنشطة= =العسكرية. ويحظر القانون الدولي الإنساني الهجمات التي قد تسبب “خسارة في أرواح المدنيين أو إلحاق أضرارًا بالأعيان المدنية، أو أن تُحدث خلطًا من هذه الخسائر والأضرار.

ينظر في:

 Mulinen, Frederic de. Handbook on the Law of War for Armed Forced. Geneva: ICRC, 1989.

[35] Guidelines on protection of natural environment in armed conflict, Op., Cit., p.7

[36] Mulinen, Frederic de, Op., Cit., p.7.

[37] Doctor , Chase, Op,,Cit,,p.23.

[38]*مشروع مبادئ حماية البيئة في النزاعات المسلحة: تم تبنيها من قبل لجنة القانون الدولي في الجلسة 37 لسنة 2022 التي أرسلت إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لتبنيها.

https://legal.un.org/ilc/texts/instruments/english/draft_articles/8_7_2022.pdf

[39] Lehto, M. (2021, May 27). Overcoming the disconnect: Environmental protection and armed conflicts. Humanitarian Law & Policy Blog. https://blogs.icrc.org/law-and-policy/2021/05/27/overcoming-disconnect-environmental -protection-armed-conflicts/

[40] Ibid, p.3.

[41] Draft principles on protection of the environment in relation to armed conflicts. (2022, May 20). International Law Commission. United Nations General Assembly, p.5.

[42] Ibid, p.5.

[43]* قبل نحو ما يزيد على ثلاثين عامًا، أصدرت لجنة القانون الدولي وثيقتها «المبادئ التوجيهية بشأن حماية البيئة الطبيعية»، بناءً على طلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة، كان المجتمع الدولي يعاني من الدمار البيئي الذي خلفته حرب الخليج الثانية (1990-1991). وبعد مرور عقود على هذه الواقعة، فإن هناك ملايين الأشخاص الذين تسببت الأضرار البيئية الناجمة عن الحرب في خروج حياتهم عن مسارها الطبيعي.=

  =ينظر في: بدون مؤلف، تخلف آثارًا لا تمحي: محاولة إنقاذ قانونية للبيئة في زمن الحروب، مجلة الإنساني، المركز الإقليمي للإعلام، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، 13 تشرين الثاني 2022.

[44] . Pantazopoulos, S. (2022, August 4). The ILC Draft Principles on Protecting the Environment in Armed Conflict. Articles of War; Lieber Institute West Point. https://lieber.westpoint.edu/ilc-protection-environment-armed-conflict

[45] Govt. Sudan, Understanding Darfur conflict, relief web,19 Jan 2005.conflict https://reliefweb.int/report/sudan/understanding-darfur-

[46] Sova, C. (2017, November 30). The first climate change conflict. World Food Program USA. https://www.wfpusa.org/articles/the-first-climate-change-conflict/

[47] Smith, E. G. (2020). Climate Change and Conflict: the Darfur Conflict and Syrian Civil War. UVM College of Arts and Sciences College Honors Theses. 70. https://scholarworks.uvm.edu/castheses,p.70 .

[48] Sova, C.,Op., Cit.

[49] Smith, E. G. (2020)., Op., Cit, p. 22.

[50] Doctor, Chase, Op., Cit., p.15.

[51] Kelley, C. P., Mohtadi, S., Cane, M. A., Seager, R., & Kushnir, Y. (2015). Climate change in the Fertile Crescent and implications of the recent Syrian drought. Proceedings of the National Academy of Sciences, 112(11), 3241–3246. https://doi.org/10.1073/pnas.1421533112

[52] مستاك يحي محمد لمين، قضية دارفور وأبعادها الإقليمية و الدولية دراسة من ، 2003-2015، رسالة ماجستير في العلوم السياسية ، جامعة مولود معمري ، 2013، ص 41.