حقوق الطباعة محفوظة لدى مجلة كلية القانون والعلوم السياسية في الجامعة العراقية

حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمؤلف

حقوق النشر محفوظة للناشر (كلية القانون والعلوم السياسية - الجامعة العراقية)

CC BY-NC-ND 4.0 DEED

Printing rights are reserved to the Journal of the College of Law and Political Science at Aliraqia University

Intellectual property rights are reserved to the author

Copyright reserved to the publisher (College of Law and Political Science - Aliraqia University)

Attribution – Non-Commercial – No Derives 4.0 International

For more information, please review the rights and license

DOI: 10.61279/2nhcyk37

تاريخ التقديم 25/6     تاريخ القبول 9/7

تاريخ النشر 25/10/2024

العجز الديمقراطي في النظام السياسي للاتحاد الاوروبي

The democratic deficit in the European Union political system

م.د. لؤي سعد عبيد

الجامعة العراقية-كلية القانون والعلوم السياسية

Dr. Luay saad Ubaid

University of al Iraqia/ College of Law and Political Science

Luay.s.ubaid@aliraqia.edu.iq

المستخلص

عانت الدول الأوروبية من ويلات الحروب، أشدها الحربين العالميتين والتي كانت نتائجها مدمرة اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا. ونتيجة لذلك عادت الى اذهان القادة والمفكرين الأوروبيين فكرة توحيد القارة الأوروبية وإخراجها من حالة الانقسام والحروب إلى فضاء السلام والوحدة والتعاون. ولذلك سعت عدد من الدول الأوروبية إلى اتباع طريق التعاون الاقتصادي كخطوة أولى فبدأوا بتأسيس المجموعة الاقتصادية الأوروبية، التي مرت بمراحل عدة لتشكل فيما بعد الاتحاد الأوروبي الذي أخذ مشروع الوحدة الأوروبية إلى ما هو أبعد من مجرد التعاون الاقتصادي، إذ أصبح دوره اقتصادياً وسياسياً. ومن أجل إدارة عملية بناء الوحدة الأوروبية وتحقيق المصلحة المشتركة لدول الاتحاد، أنشأ الاتحاد الأوروبي هيكلاً مؤسسياً وتنظيمياً شكل نظاماً سياسياً وقانونياً ذا طبيعة فريدة. وحققت نجاحا كبيرا في هذا الصدد، ولكن في ظل التطورات التي حدثت في الاتحاد الأوروبي والذي تمثل بزيادة الدول التي انضمت إلى الاتحاد، والدور المتزايد الذي لعبه الاتحاد الأوروبي ككيان فوق وطني انتقلت له العديد من الصلاحيات التي كانت ضمن اختصاص الدولة الوطنية وتم التنازل عنها لصالح مؤسساتها المختلفة. وهو ما جعل عمل النظام السياسي في الاتحاد الأوروبي بيروقراطيا ويفتقر إلى الزخم الديمقراطي، مما جعله متهما بالعجز الديمقراطي والافتقار إلى الشفافية المؤسسية والمعايير الديمقراطية مثل المساءلة والتمثيل والمشاركة الحقيقية المنصوص عليها في معاهدة الاتحاد الأوروبي وهي الأساس للحكم على الأداء الديمقراطي للاتحاد الأوروبي.

الكلمات المفتاحية: الديمقراطية، العجز الديمقراطي، الاتحاد الاوروبي، الديمقراطية الأوروبية، فوق الوطنية.
 

Abstract

European countries suffered from the ravages of war, the most severe of which were the two world wars, the results of which were socially, economically and politically devastating. As a result, the idea of ​​uniting the European continent and bringing it out of a state of division and wars into a space of peace, unity and cooperation returned to the minds of European leaders and thinkers. Therefore, a number of European countries sought to follow the path of economic cooperation as a first step, so they began by establishing the European Economic Community, which went through several stages to later form the European Union, which took the European unity project beyond mere economic cooperation, as its role became economic and political. In order to manage the process of building European unity and achieve the common interest of the Union countries, the European Union established an institutional and organizational structure that formed a political and legal system of a unique nature. It achieved great success in this regard, but in light of the developments that took place in the European Union, which represented the increase of countries that joined the Union, and the increasing role that the European Union played as a supranational entity, many of the powers that were within the jurisdiction of the national state were transferred to it and were waived in favor of its institutions. different. This made the work of the political system in the European Union bureaucratic and lacked democratic momentum, which made it accused of democratic deficit and lack of institutional transparency and democratic standards such as accountability, representation and real participation stipulated in the European Union Treaty. It is the basis for judging the democratic performance of the European Union.

Keywords: Democracy, democratic deficit, European Union, European democracy, Supernationalism.

المقدمة

أوروبا الموحدة، هي فكرة كان يحلم بها الكثير من الأوروبيين سياسيين ومفكرين وفلاسفة منذ العصور القديمة الا انهم عجزوا عن تحقيقه رغم المحاولات المتكررة على مر التاريخ. لكن بعد الحربين العالميتين وما تركته من اثار دمار وخراب في القارة الاوروبية وعلى كافة الأصعدة، تطورت دينامية سياسية وفكرية لا سابق لها في محاولة إعادة فكرة الوحدة الأوروبية من اجل وضع حد للصراعات والحروب التي مزقت القارة. وبالفعل تحققت أولى الخطوات بتأسيس الجماعة الاقتصادية الأوروبية بموجب معاهدة روما عام 1957م، والتي منها انبثق الاتحاد الأوروبي.

يوحي اسم الجماعة الاقتصادية الأوروبية بان نية الدول الأعضاء كانت اقتصادية، الا ان الهدف قد تغير بسبب النجاح الذي حققته والذي بدوره شجع الدول الأوروبية الأخرى للدخول في هذه الجماعة مما تطلب زيادة مجالات التعاون والدفع في مسيرة الوحدة والتكامل السياسي وذلك بتقنين ومأسسة التعاون السياسي بين الدول الأعضاء، وبالفعل تم ذلك من خلال معاهدة ماستريخت عام 1992م، التي تشكل بموجبها الاتحاد الأوروبي. 

أصبح الاتحاد الأوروبي كيان سياسي يتمتع بشخصية قانونية دولية مستقلة ولكنها شخصية من طبيعة مختلفة فلا هو يشبه المنظمات الدولية ولا هو يشبه الدول، فنظامه السياسي الخاص يتكون من مؤسسات تمتلك صلاحيات تمكنها ليس فقط ان تكون في موقف اقوى من الدول الأعضاء، وانما بالاحتكاك والتفاعل المباشر مع مصالح المواطنين والجماعات في الدول الأعضاء وترتيب حقوق وواجبات مباشرة في مواجهتهم، الا ان هذه المؤسسات تُركت دون ان تنمو بها الديمقراطية والمسائلة مما ولد فجوة واضحة بينها وبين المواطنين حتى أصبحت هذه الفجوة يشار لها في كثير من الأحيان بالعجز الديمقراطي وهو واحد من ابرز الانتقادات الموجهة للاتحاد الأوروبي.

أولا. أهمية البحث:

تأتى اهمية البحث من كونه يتطرق لموضوع يتعلق في اهم الانتقادات التي توجه للنظام السياسي في الاتحاد الأوروبي الا وهو العجز الديمقراطي الذي يمثل تحدياً حقيقياً امام سعيه نحو إرساء أسس بناء الوحدة الأوروبية ونشر النهج الديمقراطي الذي يعد اهم اهداف الاتحاد الأوروبي.

ثانياً. إشكالية البحث:

تمحورت إشكالية البحث حول مسألة العجز الديمقراطي في مؤسسات الاتحاد الأوروبي التي جاءت كنتيجة طبيعة لبنيته المؤسسية الفريدة والتي جعلت طريقة اتخاذ القرارات عبر تلك المؤسسات بعيدة عن هموم ورغبات الشعوب الأوروبية، هذا الواقع يثير بلا شك العديد من التساؤلات التي يحاول البحث التعامل معها ومنها:

كيف يعمل النظام السياسي للاتحاد الأوروبي؟

ما مدى وجود العجز الديمقراطي في مؤسسات الاتحاد وهل تختلف نسبته من مؤسسة الى أخرى؟

ثالثاً. فرضية البحث:

ينطلق البحث من فرضية مفادها (ان الديمقراطية كنظام للحكم يستجيب لرغبات المواطنين، لا يمكن له الازدهار في النظام السياسي للاتحاد الأوروبي او أي نظام عابر للحدود الوطنية تنقسم وحداته الأساسية بشدة بسبب انقساماته المختلفة من جهة وافتقاده للفصل بين السلطات من جهة أخرى).

رابعاً. منهجية البحث:

اعتمد البحث على منهج التحليل النظمي لتحليل مؤسسات النظام السياسي للاتحاد الاوروبي لمعرفة مدى وجود العجز الديمقراطي فيها، فضلاً عن استخدام المنهج الوصفي لوصف حالة الاتحاد الأوروبي من حيث نشأته، دوافعه، وتوضيح خصائصه وطبيعته.

خامساً. هيكلية البحث:

وفقاً لإشكالية البحث وفرضيته جرى تقسيم البحث على مبحثين فضلاً عن مقدمة وخاتمة حيث تناول المبحث الأول دراسة النظام السياسي للاتحاد الأوروبي، اما المبحث الثاني فقد تطرق الى العجز الديمقراطي في النظام السياسي للاتحاد الأوروبي.

المبحث الاول

النظام السياسي للاتحاد الاوروبي

المطلب الأول: طبيعة النظام السياسي للاتحاد الاوروبي:

لطالما كانت طبيعة الأوروبي وهويته محل جدل فيما اذا يمكن تصوره منظمة دولية او اقليمية او دولة او اتحاد فيدرالي او كونفدرالي. وبالرغم من امتلاك الاتحاد الأوروبي سمات وخصائص لا توجد الا في المنظمات الدولية الحكومية الا انه لا يمكن عده بأي شكل من الاشكال ضمن المنظمات الدولية لأنه يمتلك سمات وخصائص تفوق سمات المنظمات، اذ ان بعض المؤسسات في الاتحاد تتمتع في مجالات معينة بسلطات تفوق سلطات الدول الأعضاء، فضلاً عن استطاعتها اتخاذ قرارات ملزمة وقابلة للتطبيق الفوري والتلقائي في داخل الدول الاعضاء[1].

ويميل الباحثون المهتمون بالاتحاد الأوروبي في بعض الأحيان الى نسب العناصر الويستفالية للدولة الى الاتحاد الأوروبي وخاصة بعد مناقشة بعض قضايا السياسة الخارجية كالهجرة والامن والحدود، ويجادل البعض بان الاتحاد الأوروبي اشبه بإمبراطورية من امبراطوريات القرون الوسطى اكثر من كونه دولة تقليدية، فالصلاحيات الممنوحة للاتحاد تغطي مجموعة واسعة من المجالات بدءاً من العدالة والدفاع، وسياسة النقل والسياسة التجارية، لذلك يبدو في كثير من النواحي وكأنه دولة قومية ذات وظائف تشريعية وتنفيذية محددة مع كل زخارف الدولة القومية كالعلم والعملة الموحدة وجواز السفر الذي زادت من ذلك الانطباع[2].

فيما يتعلق بالنظام السياسي للاتحاد الأوروبي، فهناك صورة للأنظمة السياسية يتفق عليها المختصون بالنظم السياسية المقارنة فقد حاولوا في الخمسينيات من القرن الماضي وضع اطار مشترك لتحليل مجموعة معقدة من النظم السياسية الموجودة في العالم، وحددوا اربع خصائص أساسية لجميع الأنظمة السياسية الديمقراطية هي نفسها متوفرة في الاتحاد الأوروبي وهي[3]:

وجود مؤسسات لصنع القرار الجماعي، وقواعد تحكم العلاقات بين المؤسسات وداخلها.

 يسعى المواطنون الى تحقيق تطلعاتهم وطموحاتهم السياسية اما بشكل مباشر من خلال النظام السياسي، او بشكل غير مباشرة من خلال منظمات وسيطة مثل الأحزاب السياسية وجماعات المصالح.

 تؤثر القرارات الجماعية في النظام السياسي على توزيع الموارد، وتخصيص القيم الاجتماعية والسياسية عبر النظام بأكمله.

 هناك تفاعل مستمر بين تلك المخرجات السياسية والمطالب الجديدة على النظام، والقرارات الجديدة الناتجة عن تفاعلها.

على الرغم مما سبق لا يمكن توصيف الاتحاد الأوروبي بالدولة كونه لم يؤدي الى ذوبان او اضمحلال الدول المكونة له او اضعافها على المستوى القانوني او السياسي، وحتى مشروع دستوره المطروح لا يماثل الدساتير القائمة في الدولة التقليدية[4].

اما فيما يتعلق بكون الاتحاد الأوروبي اتحاداً فيدرالياً، فمن المعروف ان الاتحاد الفيدرالي يقوم على دستور يقسم السلطات بين المركز والاقاليم، وتتولى الحكومة المركزية تمثيل الدولة الفيدرالية في العلاقات الخارجية وتطبق قراراتها مباشرةً على جميع مواطنيها. وعند تطبيق هذه السمات على الاتحاد الأوروبي نجد ان الدول الأعضاء قد تنازلت عن بعض حقوقها السيادية في ميدان معين فقط هو الشؤون الاقتصادية، في حين انها لم تتنازل عن الحقوق السيادية في ميادين السياسة الخارجية والدفاع، فلا توجد سياسة خارجية ودفاعية موحدة بل توجد أجهزة تتولى تنسيق السياسة الخارجية والأمنية للدول الأعضاءـ فضلاً عن عدم وجود حكومة مركزية. لذا لا يمكن اعتبار الاتحاد الأوروبي اتحاداً فيدرالياً[5]. وفي الوقت نفسه، لا يمكن ان يكون الاتحاد الأوروبي اتحاداً كونفدرالياً، لان الاتحاد الفيدرالي ينشأ نتيجة اتفاق بعض الدول على إقامة هيئة مشتركة تمنحها الدول قدراً من الصلاحيات يمكن من خلالها وضع سياسة عامة موحدة للدول الأعضاء، قوامها المحافظة على استقلال هذه الدول ومنع الحروب بينها وتدعيم العلاقات الاقتصادية والسياسية. مع احتفاظ كل دولة عضو في الاتحاد بسيادتها الداخلية والخارجية وبنظام الحكم القائم فيها. ولو أجرينا مقارنة بين الاتحاد الكونفدرالي والاتحاد الأوروبي نجد ان هناك عدة فوارق بينهما. اذ نجد في الاتحاد الكونفدرالي تكون الهيئة المشتركة للاتحاد مشكلة من أعضاء يمثلون حكوماتهم ويتحدثون باسمها في حين يكون تشكيل بعض مؤسسات الاتحاد الأوروبي كالمفوضية والبرلمان والمحكمة من رعايا الدول الأعضاء الذين يمارسون اختصاصاتهم باستقلال عن حكوماتهم. فضلاً عن عدم وجود محكمة عليا في الاتحاد الكونفدرالي لتسوية النزاعات بين الدول الأعضاء على عكس الاتحاد الأوروبي الذي يتمتع بوجود هذه المحكمة الذي يمتد اختصاصاها ليشمل إضافة الدول ورعاياها[6].

وبالنظر الى الصلاحيات الممنوحة للاتحاد الأوروبي واختصاصاته يلاحظ تمتعه بالشخصية القانونية المستقلة عن الشخصية القانونية للدول الأعضاء ومختلف الفاعلين الدوليين الاخرين. فهي شخصية ليست مكبلة بالقيود المفروضة على المنظمات الدولية الحكومية التقليدية، ولا هي شخصية ذات حرية مطلقة بالقدر نفسه المعترف به للدول، بل هي شخصية ذات طابع خاص تجمع بين بعض سمات الشخصية القانونية الممنوحة للمنظمات والدول. اذ تتمتع بعض مؤسسات الاتحاد الأوروبي سيما عند اتخاذ قراراتها في اطار الأنشطة الاقتصادية والتجارية بصلاحيات وسلطات تمكنها في ان تصبح في موقف اقوى في مواجهة الدول الأعضاء، واكثر من ذلك تمكنها من الاحتكاك والتفاعل المباشر مع مصالح المواطنين في الدول الأعضاء وترتيب حقوق وواجبات مباشرة في مواجهتهم[7]

يمكن القول ان الاتحاد الأوروبي كيان يجسد نظاماً سياسياً لم تتضح معالمه بشكل نهائي وثابت، ولايزال هيكله المؤسسي في حالة تطور وتحول مستمرين لكي يواكب ما يطرأ عليه من توسع مستمر سواء على المستوى الافقي باكتساب أعضاء جدد او باتساع نشاطاته وتطاق صلاحياته على المستوى العمودي. لذلك يعد الاتحاد الأوروبي في الوضع الراهن نظام فريد من نوعه لم يسبق له مثيل انعكس على هيكله التنظيمي واطاره المؤسسي واجهزته[8].

المطلب الثاني: مؤسسات الاتحاد الأوروبي:

يتكون النظام السياسي للاتحاد الأوروبي في المقام الأول من مؤسسات رئيسة([9]*) مسؤولة عن صنع القرار، وإدارة وتنظيم شؤون الاتحاد وتنفيذ الأهداف التي نصت عليها في المعاهدات المنشئة للاتحاد الأوروبي.

اولاً. المجلس الأوروبي:

يتكون من رؤساء الدول او رؤساء حكومات الدول الأعضاء باستثناء فرنسا التي تمثل في المجلس بواسطة رئيس الدولة ورئيس الحكومة، ويضم رئيس المفوضية الأوروبية والممثل الأعلى للسياسة الخارجية والامن المشترك، ويعاونهم وزراء الخارجية وعضو من المفوضية الأوروبية. ويحق لكل عضو في المجلس الأوروبي ان يساعده وزير من حكومته دون تحديد طبيعة اختصاص هذا الوزير، غير ان وزراء الخارجية لهم الحق الكامل بالمشاركة في اجتماعات المجلس، كما يحق لرئيس المفوضية ان يساعده عضو من المفوضية الاوروبية[10].

للمجلس الأوروبي دوراً مهم بشكل خاص في العديد من إجراءات تعيين المسؤولين رفيعي المستوى في الاتحاد الأوروبي مثل[11]:

انتخاب رئيس المجلس الأوروبي بالأغلبية المؤهلة لولاية مدتها سنتين ونصف قابلة للتجديد مرة واحدة. وهذه الصلاحية استحدثتها معاهدة لشبونة لأول مرة في عام 2009.

يقترح رئيس المفوضية الأوروبية بالأغلبية المؤهلة مع مراعاة نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي.

المجلس الأوروبي هو المسؤول عن تعيين الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية وغالبا ما يشار اليه باسم كبير دبلوماسيي الاتحاد الأوروبي. ويتطلب اتخاذ القرار بشأن المرشح المقترح تصويتاً بأغلبية مؤهلة معززة ويجب الاتفاق عليه مع رئيس المفوضية. ويجوز للمجلس الأوروبي أيضاً أن يقرر إنهاء فترة ولاية الممثل الأعلى التي تبلغ مدتها خمسة سنوات، ويتطلب ذلك ايضاً تصويتاً بأغلبية مؤهلة.

تعيين كامل أعضاء المفوضية الاوروبية، وتعيين المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي ECB))، بما في ذلك رئيس البنك المركزي الأوروبي.

يتمثل الدور الرئيس للمجلس الاوروبي في وضع الخطوط العامة لسياسات الوحدة الاوروبية، وتقديم التوجيهات العامة لمؤسسات الاتحاد الأوروبي الاخرى. لهذا السبب ينظر الى المجلس الاوروبي على انه مؤسسة بين الحكومات وليس مؤسسة فوق الحكومات وفوق قومية. بمعنى انه مجال يظهر فيه دور الدول الاعضاء، ولا يعد مؤسسة ذات سلطات فوق سلطات الدول الاعضاء. اما رئيس المجلس الاوروبي فهو المسؤول عن حسن سير اعمال المجلس ويعمل على التنسيق وتحقيق التوافق بين الدول اعضاء المجلس كما يتولى تمثيل الاتحاد في السياسة الخارجية والامن المشترك دون الافتئات على اختصاصات الممثل الاعلى للاتحاد الاوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الامنية[12].

ثانيا. مجلس الاتحاد الأوروبي (المجلس الوزاري):

وفقاً للمادة (203) من معاهدة ماستريخت يتألف مجلس الوزراء من ممثل واحد عن كل دولة عضو في الاتحاد الأوروبي ويجب يكون على مستوى وزاري ومفوضاً له صلاحية التحدث باسم حكومة الدولة التي يمثلها، فلا يجوز ان توفد الدولة العضو موظفين حكوميين مهما علت مراتبهم الوظيفية لتمثيلها في اجتماعات هذا المجلس، بل يتعين عليها ايفاد ممثلين سياسيين بدرجة وزير[13]. وتختلف عضوية مجلس الوزراء باختلاف الموضوع محل البحث، فيجتمع وزراء الزراعة لمواضيع الزراعة، ووزراء المالية لمواضيع الموازنة وهكذا. ويستثنى من ذلك وزراء الخارجية فوضعهم خاص اذ يجتمعون شهرياً ما عدا شهر آب ليناقشوا المسائل المتعلقة بالسياسة الخارجية ويقومون بعملية التنسيق العام لاجتماعات الوزراء في القطاعات الاخرى[14].

يعقد المجلس اجتماعاته طوال السنة بمقره العام في مدينة بروكسل باستثناء اجتماعات ابريل ويونيو واكتوبر فأنها تعقد في لوكسمبورغ، كما يجوز عند الضرورة، وبموافقة المجلس بالإجماع عقد الاجتماعات خارج مقر المجلس الدائم والاستثنائي. ويتولى وزير احد الدول الأعضاء رئاسة المجلس بالتناوب لمدة ستة اشهر وحسب الحروف الابجدية للدول[15]. ويجتمع وزراء الاتحاد الأوروبي علنًا عندما يناقشون أو يصوتون على مشاريع القوانين التي سيتم إقرارها، وعادةً ما تتطلب القرارات أغلبية مؤهلة 55% من البلدان (مع 27 عضوًا حاليًا، وهذا يعني 15 دولة) تمثل 65% على الأقل من إجمالي سكان الاتحاد الأوروبي. يمكن مشاهدة الجلسات العامة للمجلس مباشرة بجميع لغات الاتحاد الأوروبي. وعندما يكون اجتماع المجلس علنياً تكون محاضره وتصويتاته كذلك. ولمنع اتخاذ قرار، هناك حاجة إلى استثناء 4 دول على الأقل (تمثل 35% على الأقل من إجمالي سكان الاتحاد الأوروبي) - فالموضوعات الحساسة مثل السياسة الخارجية والضرائب تتطلب التصويت بالإجماع (جميع الدول لصالحها). الأغلبية البسيطة مطلوبة في المسائل الإجرائية والإدارية[16].

يعد المجلس، إلى جانب البرلمان الأوروبي، الهيئة الرئيسية لصنع القرار في الاتحاد الأوروبي، ويؤدي الوظائف التالية[17]:

التفاوض واعتماد قوانين الاتحاد الأوروبي، بالتعاون مع البرلمان الأوروبي، بناءً على مقترحات من المفوضية الأوروبية.

ينسق سياسات دول الاتحاد الأوروبي.

تطوير السياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي، بناءً على إرشادات المجلس الأوروبي.

يبرم الاتفاقيات بين الاتحاد الأوروبي والدول الأخرى أو المنظمات الدولية.

يعتمد الميزانية السنوية للاتحاد الأوروبي - بالاشتراك مع البرلمان الأوروبي.

ثالثا: المفوضية الأوروبية:

المفوضية الاوروبية هي الهيئة التنفيذية البيروقراطية للاتحاد الأوروبي ومقرها بروكسل، وهي مسؤولة عن وضع مقترحات القوانين والسياسات والتي تشرف بعد ذلك على تنفيذها بمجرد اعتمادها، وتعزيز المصالح العامة للتكامل الاوروبي. وهي اكثر مؤسسات الاتحاد الأوروبي انتشاراً اذ يعمل موظفوها في العديد من المقرات في المدن الاقليمية في جميع انحاء الاتحاد الاوروبي والعواصم الوطنية في العالم، وتعمل على تشجع الدول الاعضاء على مواءمة قوانينها وانظمتها ومعاييرها، وبوصفها قوة دافعة وراء العديد من المبادرات الهامة لسياسة الاتحاد الاوروبي تعد محرك التكامل الاوروبي. فاذا كان المجلس الوزاري يعتبر اطاراً لتمثيل مصالح الدول الاعضاء، فان المفوضية تمثل اطاراً للتعبير عن مصالح الاتحاد الاوروبي ككل[18].

كانت مدة ولاية المفوضية اربع سنوات واصبحت بموجب معاهدة لشبونة م (17/3) خمس سنوات لكي تتماشى مع فترة ولاية البرلمان الاوروبي. ومع ذلك قد تنتهي ولاية المفوضية ككل قبل استكمال مدتها في حالتين. الأولى، ان يقوم البرلمان الاوروبي بالتصويت على اقتراح توجيه اللوم للمفوضية، ففي هذه الحالة يقوم اعضاء المفوضية بما فيهم الممثل السامي بتقديم استقالتهم م (17/8) من معاهدة الاتحاد الاوروبي. الثانية، في حالة الاستقالة الجماعية لأعضاء المفوضية م (246) من معاهدة سير عمل الاتحاد. وفي كلتا الحالتين عليهم الاستمرار في تحمل مهام وظيفتهم حتى يتم الاستعاضة بمفوضية جديدة[19].

تتألف المفوضية الاوروبية من هيئة المفوضين والمجالس الاستشارية وعدد كبير من الادارات العامة وعدد من الادارات الخاصة. وتتكون هيئة المفوضين من (الرئيس والاعضاء) والمجالس الاستشارية. وهم يمثلون الجهاز السياسي للمفوضية، اما الادارات العامة والادارات الخاصة فهي تمثل الجهاز الاداري للمفوضية[20]. وتتكون هيئة المفوضين من رئيس المفوضية، وثمانية نواب للرئيس، من بينهم ثلاثة نواب رئيس تنفيذيين، والممثل السامي للاتحاد للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، و18 مفوضًا، كل منهم مسؤول عن حقيبة. وتعد المفوضية الأوروبية الهيئة التنفيذية للاتحاد الأوروبي. ويمثل دورها الرئيس في اقتراح قوانين وسياسات جديدة، ومراقبة تنفيذها، وإدارة ميزانية الاتحاد الأوروبي. وتضمن المفوضية أيضًا تطبيق سياسات وقوانين الاتحاد الأوروبي بشكل صحيح عبر الدول الأعضاء، والتفاوض على الاتفاقيات الدولية نيابة عن الاتحاد الأوروبي، وتخصيص التمويل. وعلاوة على ذلك، فهي تمثل مصالح الاتحاد الأوروبي على الساحة العالمية، مما يضمن اتباع نهج منسق بين دول الاتحاد الأوروبي[21]. كما لها صلاحيات واسعة في قبول الأعضاء الجدد في الاتحاد الاوروبي[22].

رابعا: البرلمان الأوروبي:

 يمكن القول ان الاتحاد الاوروبي له مجلس تشريعي تقليدي ذو مجلسين نفس ما معمول به في المجالس التشريعية في الدول الفيدرالية، اذ يمثل المجلس الوزاري الدول، بينما يمثل البرلمان الاوروبي المواطنين. وبغض النظر عما اذا كان المجلس تقليدياً ام لا فأن العملية السياسية في الاتحاد الاوروبي ليست قاصرة فقط على الحكومات ولكنها تضم ايضا البرلمان المنتخب مباشرة من المواطنين الاوروبيين[23].

يتكون برلمان الاتحاد الأوروبي وفقاً لانتخابات يونيو 2024، من (720) نائب يتم انتخابهم لمدة خمسة سنوات بشكل مباشر من قبل الناخبين في جميع الدول الأعضاء لتمثيل مصالح الناس فيما يتعلق بوضع قوانين الاتحاد الأوروبي والتأكد من أن مؤسسات الاتحاد الأوروبي الأخرى تعمل بشكل ديمقراطي. ولا يتم تنظيم أعضاء البرلمان الأوروبي في مجموعات سياسية. ولا يتم تنظيمهم حسب الجنسية، بل حسب الانتماء السياسي[24]. ولا يمثل أعضاء البرلمان الأوروبي البلد الذي اُنتخبوا منه، بل هو نائب لشعب الاتحاد كله. ولذلك فان اعضاء البرلمان الاوروبي ينخرطون في جماعات سياسية داخل البرلمان الاوروبي ذات اهتمامات تمتد الى اوروبا باسرها، ويفسر ذلك ان الاحزاب الاوروبية تنتشر وتمتد في عدة دول اوروبية ناهيك عن المواطن في اي دولة عضو هو مواطن في الاتحاد الاوروبي باسره، مما يعني انه تم تخطي الحواجز الفكرية والمادية التي تعيق انتشار الافكار السياسية والحزبية في الاتحاد الاوروبي مع تنامي صفة المواطنة للاتحاد باسره[25].

يضطلع البرلمان الأوروبي بثلاثة أدوار رئيسة هي[26]:

تشريعية: يقوم البرلمان الاوروبي بإقرار قوانين الاتحاد الأوروبي بالتعاون مع مجلس الاتحاد الأوروبي بناءً على مقترحات المفوضية الأوروبية، والبت في الاتفاقيات الدولية، واتخاذ قرار بشأن التوسعات، ومراجعة برنامج عمل المفوضية ومطالبتها باقتراح التشريعات.

إشرافية: اي الرقابة الديمقراطية على جميع مؤسسات الاتحاد الأوروبي، وانتخاب رئيس المفوضية والموافقة على المفوضية كهيئة مع إمكانية التصويت على مذكرة لوم تلزم المفوضية بالاستقالة، والموافقة على طريقة إنفاق ميزانيات الاتحاد الأوروبي، ودراسة طلبات المواطنين وإجراء الاستفسارات، ومناقشة السياسة النقدية مع البنك المركزي الأوروبي، واستجواب المفوضية والمجلس، ومراقبة الانتخابات.

الميزانية: يقوم البرلمان الأوروبي وضع ميزانية الاتحاد الأوروبي بالتعاون مع المجلس، الموافقة على ميزانية الاتحاد الأوروبي طويلة الأجل، «الإطار المالي المتعدد السنوات».

خامساً. محكمة العدل الأوروبية:

تعد محكمة العدل الاوروبية بمثابة السلطة القضائية للنظام السياسي للاتحاد الاوروبي[27]. مقرها لوكسمبورغ، وهي مجتمع قضائي يضم محكمة العدل نفسها، ومحكمة الدرجة الاولى والبدائية، ومحاكم متخصصة منصوص عليها في المادة (19) من معاهدة الاتحاد الاوروبي، على غرار المحكمة الوظيفية العامة في الاتحاد الاوروبي[28].

تتألف المحكمة حالياً من 27 قاضياً من كل دولة عضو في الاتحاد و11 من المحامين العموميين، يعينون لمدة ستة سنوات قابلة للتجديد، بالتراضي العام بين حكومات الدول الاعضاء بعد التشاور مع هيئة مسؤولة عن ابداء الرأي حول ملائمة المرشحين المحتملين لأداء الواجبات المعينة على ان يكون استقلالهم «لا يرقى اليه شك» ويملكون المؤهلات اللازمة للتعيين وحاصلين على اعلى المناصب القضائية في بلدانهم، أو يتمتعون بكفاءة معترف بها[29]. ولا يشترط ان تختار الدولة العضو للقاضي ان يكون من رعاياها، الا ان الممارسة العملية جرت ان تختار كل دولة قاضياً في المحكمة يكون من جنسيتها[30].

اهم اختصاصات المحكمة[31]:

الفصل في المنازعات بين الدول الأعضاء في الاتحاد حول تفسير القوانين والمعاهدات والاتفاقيات ذات الصلة.

الفصل في المنازعات والخلافات بين اجهزة الاتحاد من ناحية وبين الدول الأعضاء من ناحية أخرى، او بين اجهزة الاتحاد فيما بينها.

حل المنازعات بين الافراد والشركات من ناحية وبين الدول الأعضاء من ناحية أخرى، حول الحقوق والالتزامات.

تفسير الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي يبرمها الاتحاد الأوروبي.

البت في المسائل المحالة اليها من المحاكم الوطنية، وتحديد القوانين واجبة التطبيق.

المبحث الثاني

العجز الديمقراطي في الاتحاد الأوروبي.

المطلب الأول. واقع الديمقراطية الأوروبية:

يرتبط مفهوم العجز الديمقراطي بالبناء الأوروبي، ورغم حداثة عهده نسبياً، الا انه أصبح بالفعل تعبير وشعاراً عصرياً. ومع ذلك يتم استخدام مصطلح العجز الديمقراطي بدلالات مختلفة. تاريخياً، ظهر المصطلح لأول مرة في أوائل السبعينيات عندما استخدمه عضو حزب العمال البريطاني (ديفيد ماركاند) لوصف ضعف الشرعية الديمقراطية لمؤسسات الجماعة الأوروبية، واقترح اجراء انتخابات مباشرة للأعضاء الذين تم تعيينهم من قبل برلماناتهم الوطنية المعنية بشكل غير مباشر للأعضاء المنتخبين في البرلمان الاوروبي[32].

تمثل العجز الديمقراطي فيما يتعلق بالسوق المشتركة، ومن بعدها الاتحاد الأوروبي في ضعف سلطة البرلمان الأوروبي وضعف المشاركة في انتخاباته، ووجود فجوة بين السياسيين الاوربيين والرأي العام الأوروبي. وهو نفس الانتقاد الموجه الى الأمم المتحدة لاحتكار الدول الخمسة الكبرى دائمة العضوية في مجلس الامن حق النقض، وعدم قدرة الجمعية العامة على اتخاذ قرارات ملزمة. وفي مرحلة ما بعد الحرب الباردة وفي اطار التحولات الديمقراطية في شرقي أوروبا واسيا، تم تجديد استعمال المصطلح ليشير الى العجز الديمقراطي في الدول المتحولة حديثاً الى الديمقراطية، ثم اصبح هذا المصطلح يستخدم في الإشارة الى ازمة الديمقراطية بصفة عامة[33].

بعد الحرب العالمية الثانية، استغرق إرساء الديمقراطية في أوروبا بعض الوقت، فقد كان توحيد الديمقراطية في أوروبا الغربية امراً ضرورياً لاستقرار وازدهار القارة التي مزقتها الحرب والتقليل من مخاطر القومية المتطرفة وعدم إمكانية الحروب المستقبلية. كان على الحكومات تقديم دول ديمقراطية قوية تضمن المشاركة الشعبية في صنع القرار من خلال التصويت والمساءلة والتعبير عن الرأي. وقد مهدت هذه التطورات السياسية الطريق لخلق بيئة سياسية واقتصادية مثالية لإحياء الحلم السابق لأوروبا الموحدة الذي تجسد في نهاية المطاف بتأسيس الاتحاد الاوروبي[34].

منذ انشاء الاتحاد الأوروبي اخذ على عاتقه هدف نشر الديمقراطية في قارة أوروبا، وقد كان أحد اهم الشروط المسبقة لانضمام للدول الاوروبية في الاتحاد هو ان يكون لها نظام سياسي ديمقراطي حقيقي، لذلك منعت دول من عضوية الاتحاد الأوروبي (البرتغال، اسبانيا، اليونان) بسبب انها كانت خاضعة للدكتاتوريات الحديثة ولم تكن عودتهم للديمقراطية في ثمانينيات القرن العشرين شرطاً اساسياً للعضوية في الاتحاد الاوروبي فحسب، بل ان الانتماء للاتحاد كان في حد ذاته مظهراً ضمنياً للديمقراطيات في تلك البلدان[35]. علاوة على ذلك، يؤدي الاتحاد الأوروبي دوراً مهماً

في سياسته الخارجية على للبلدان المرشحة للعضوية اذ يضع شروطاً في برامج المساعدات الخارجية، اذ تشمل حقوق الانسان والديمقراطية وسيادة القانون والحكم الرشيد، من العناصر التي يضعها الاتحاد الاوروبي كأساس في تحديد الاعتمادات المخصصة لها، ولقد لخص خافيير سولانا الممثل السامي السابق للاتحاد الاوروبي الحكمة الرئيسة من وراء ذلك عندما قال «لدينا مهمة مشتركة تتمثل في الدفاع وتوسيع مستمر لحدود ديمقراطية دائمة وسليمة لنتقاسم مع الاخر في الحقوق والفرص التي تتمتع بها»[36].

على رغم من موقف الاتحاد الأوروبي الداعم للديمقراطية في الدول الأعضاء واوروبا والعالم بأسره، الا ان التطورات التي حدثت طوال مسيرة الاتحاد الأوروبي صاحبها انتقادات وجدلاً اكاديمياً حول الديمقراطية داخل النظام السياسي للاتحاد، فهناك من يرى ان مؤسسات الاتحاد الاوروبي تعاني من العجز الديمقراطي، والبعض الاخر يرى عدم وجوده، ولكل من الفريقين حججه ومبرراته. وكل ذلك يعود الى عدم فهم طبيعة الاتحاد الأوروبي ونظامه السياسي. فالكثير من النقاد يُطالب الاتحاد الأوروبي بتطبيق الديمقراطية التقليدية للدولة القومية، من حيث وجود مؤسسات سياسية تشريعية وتنفيذية وقضائية، وإتاحة السبل للمواطنين للمشاركة في تشكيل السياسات التي تؤثر على حياتهم وحقهم في اختيار من يحكمهم. الا ان ذلك يتنافى مع خصوصية الاتحاد الأوروبي الفريدة. فلا يمكن لمفهوم ديمقراطية الاتحاد الأوروبي ان يكون هو نفسه مفهوم ديمقراطية الدولة القومية[37]، فهو لا يتمتع بمفرده بأي من السمات التقليدية لسيادة الدولة القومية سواء الاعتراف الدولي من الدول الأخرى، والاستقلال فيما يتعلق بالسياسة الخارجية الموحدة والسيطرة على الأنشطة داخل وعبر حدوده، أو السلطة الحصرية أو تنظيم السلطة داخل النظام السياسي بل يتقاسم هذه الاختصاصات بدرجات متفاوتة وبطرق مختلفة مع الدول الأعضاء[38]. ولا يستمد الاتحاد الأوروبي الطابع الديمقراطي من إرادة عامة يبلورها (عقد اجتماعي) مفترض مبرم بين الحكام والمحكومين، كما هو الحال بالنسبة للدول، وانما من اتفاق سياسي ارادي مقنن بصورة معاهدة يتم ابرامها بين دول مستقلة ذات سيادة[39].

إن الاتحاد الأوروبي عبارة عن مجموعة فريدة من المؤسسات في السياسة العالمية في التاريخ الحديث، وهو الشكل الأول والأكثر تقدمًا للقومية فوق الوطنية، وبما أن النزعة فوق الوطنية غير مسبوقة في التاريخ الحديث، فقد اضطر الاتحاد الأوروبي إلى تطوير مؤسسات دون مخطط مسبق. فالمعروف ان أحد المفاهيم الأساسية للديمقراطية هو التنافس على المناصب السياسية. لكن الإباء المؤسسين للاتحاد الأوروبي ومنهم (جان مونيه) الموظف المدني الفرنسي الذي لم يتم انتخابه قط لمنصب لم يتصوروه كمشروع ديمقراطي بقدر ما تصوروه كمشروع تكنوقراطي، اذ تسعى المؤسسات الأوروبية إلى توحيد القارة. من خلال إدارة غير مرئية إلى حد كبير للاقتصاد الأوروبي من الأعلى[40]. علاوة على ذلك، كانت فكرة التنافس الديمقراطي محدودة عمداً في نموذج الاتحاد الأوروبي لان مصممين الاتحاد رأوا أن المنافسات الوطنية والصراعات الإيديولوجية هي الأسباب الجذرية للحرب والدمار الاقتصادي، فإن الرغبة الحالية في الديمقراطية تتطلب سياسات متضاربة. ولكن عندما ننظر إلى قرار إنشاء اتحاد أوروبي أقل ديمقراطية في سياقه التاريخي، فإنه يصبح منطقياً تماماً. فإلى جانب الأسباب الواضحة للسلام والاستقرار، كان المقصود من الاتحاد الأوروبي وضع خطوط عريضة وقواعد أساسية يستفيد منها الجميع. وكان من شأن المنافسة السياسية على المناصب أن تؤدي بطبيعتها إلى تكتل المصالح، وممارسة الضغط، وبعض «الآثار الجانبية» الأقل إنتاجية للنظام الديمقراطي. لم تكن الديمقراطية هي الأولوية الرئيسية خلال مراحل بناء النظام السياسي وخلق السوق في مشروع التكامل الأوربي. إلى جانب الطبيعة التوافقية لعملية صنع القرار في الاتحاد الأوروبي، كان من الصعب للغاية تحقيق التغيير الديمقراطي. ومع ذلك، فإن هذا النموذج التكنوقراطي، في مجتمعنا المعاصر، جلب معه الانفصال الذي يقع في قلب العجز الديمقراطي. ولكن مع مرور الوقت وتزايد نفوذ الاتحاد الأوروبي على حياة الناس، أصبح من الواضح أنه في حاجة إلى إظهار الشرعية الديمقراطية[41].

يمكن القول ان الاتحاد الأوروبي هو مثالاً للموجة الرابعة من الديمقراطية، وبما أن لديه هيكله الفريد وتشكيله كمؤسسة، فمن الواضح أن لديه فهمه الخاص للديمقراطية. ففي سياق العلاقات المتشابكة بين مجلس الاتحاد الأوروبي ومفوضية الاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي، طور الاتحاد نظامه الديمقراطي الخاص الذي يسمى في الأدبيات العلمية باسم «أوربا الديمقراطية»[42].

المطلب الثاني: مؤشرات العجز الديمقراطي والشرعية الأوروبية:

اكثر الانتقادات التي توجه الى الاتحاد الأوروبي تتمحور حول ضعف شرعية مؤسسات الاتحاد وعدم التوافق والتوازن بين سلطاتها، فضلاً عن عدم الرضا عن أدائها من قبل الشعوب الأوروبية بسبب عدم قدرتها على التأثير في قراراتها، مستدلين بذلك على ضعف المشاركة السياسية للمواطنين على مستوى الاتحاد.

اولاً: عدم التوازن بين السلطات:

من اهم المعايير المحددة للطبيعة الديمقراطية للأنظمة السياسية عموماً هو مبدأ الفصل والتوازن بين السلطات الثلاث (التشريعية، التنفيذية، القضائية). وان هذا المعيار ليس واضحاً تماماً في النظام السياسي للاتحاد الأوروبي، فقد يبدوا هذا النظام وكأنه ينطوي للوهلة الأولى على فصل واضح بين السلطات من حيث وجود سلطة تنفيذية متمثلة بالمجلس والمفوضية، وسلطة تشريعية متمثلة بالبرلمان، وسلطة قضائية متمثلة بمحكمة العدل الأوروبية. الا ان هذا الفصل مازال شكلياً الى حد كبير بسبب الخلط والتداخل بين طبيعة وصلاحيات السلطات القائمة خصوصاً بين السلطتين التشريعية والتنفيذية لدرجة يتعذر معها القول بان الاتحاد الأوربي هو نظام سياسي قائم على الفصل بين السلطات[43]. ان ذلك يعود الى المعاهدات الأوروبية التي لا تعترف صراحة بالفصل بين السلطات، فالمادة (13) من معاهدة الاتحاد الأوروبي تسرد فقط المؤسسات دون منحها الوظيفة او الاختصاص المناسب. اما الفقرة (1) من المادة (16) خصصت المهام التشريعية المتعلقة بالميزانية بشكل مشترك بالمجلس والبرلمان. كما تشير المادة (17) من ذات المعاهدة الى المهام التنفيذية للمفوضية الأوروبية لكنها تضيفها الى وظائفها التنسيقية والإدارية. ولم يكن للفصل بين السلطات اعتراف الا في السوابق القضائية لمحكمة العدل الأوروبية من اجل ضمان قدرة المؤسسات المختلفة على العمل بشكل مستقل[44].

أن المشكلة الأساسية للاتحاد الأوروبي تكمن في ان هناك تحول في السيطرة السياسية من أنظمة الحكم البرلمانية الديمقراطية على المستوى الوطني الى نظام الحكم الذي يركز على السلطة التنفيذية على المستوى الأوروبي والتي يمثلها كل من المفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي، وهما غير مسؤولين امام البرلمانات الوطنية ويتخذان قراراتهما سراً وفي كثير من الأحيان دون الرجوع الى رغبات ومصالح المواطنين الأوروبيين. وهذا يعني ان أجزاء من قرارات الاتحاد الأوروبي لا تخضع للمراقبة ولا السيطرة من جانب مواطني الدول الأعضاء لا بشكل مباشر ولا من قبل ممثليهم[45]. مما جعل المشككون في جدوى الاتحاد الأوروبي يقولوا ان الاتحاد السياسي لا يمكنه النجاح بسبب عدم وجود (شعب) أوروبي لتمثله تلك المؤسسات[46].

إن عمليات صنع السياسات في الاتحاد الأوروبي تخضع إلى حد كبير لهيمنة البيروقراطيات والحكومات التي لا توفر مجالًا كبيرًا للمؤسسات البرلمانية (سواء البرلمانات الوطنية أو البرلمان الأوروبي) للتدخل ولممارسة الأدوار التي يُعتقد تقليدياً أنها السمات المميزة للهيئات التشريعية في السياسات الديمقراطية الليبرالية. إن الاعتراض الأكثر وضوحا على القياس مع المؤسسات الوطنية هو أن البنية المؤسسية الفريدة للاتحاد الاوروبي قد تم تصميمها من خلال المعاهدات التي تم التصديق عليها حسب الأصول من قبل جميع البرلمانات الوطنية. إحدى السمات المميزة للجماعة الأوروبية هي استحالة تعيين الوظائف على مؤسسات محددة. وبالتالي، ليس لدى المفوضية الأوروبية هيئة تشريعية، بل لديها عملية تشريعية تلعب فيها المؤسسات السياسية المختلفة أدوارًا مختلفة. وبالمثل، لا توجد جهة تنفيذية محددة[47].

ثانياً. ضعف الشرعية الديمقراطية للمؤسسات:

وفقاً للمادة (10) من معاهدة الاتحاد الأوروبي من المفترض ان يرتكز الاتحاد على الديمقراطية التمثيلية اذ نصت  في الفقرة الأولى على ان يقوم عمل الاتحاد على الديمقراطية التمثيلية[48]. فهناك مصدران للشرعية الديمقراطية في الاتحاد الأوروبي مصدر مباشرة من خلال البرلمان الأوروبي المنتخب، وغير مباشرة من خلال الممثلين الوطنيين المنتخبين بشكل غير مباشر في المجلس وفي المجلس الأوروبي، وكلا المصدرين يستمدان شرعيتهما من الشعب الأوروبي والتي وفقاً لمعايير الشرعية الديمقراطية يجب أن يكون لهذا الشعب شعور بالهوية المشتركة والقيم المشتركة. فعندما لا يربط الناس أنفسهم بوحدة ما، يمكنهم أن ينظروا إلى القرارات التي تتخذها الوحدة على أنها تدخل غير كاف في حياتهم. فقط في حالة الشعور بالانتماء للمجتمع، يمكن ضمان الشرعية الديمقراطية الكاملة التي لا جدال فيها[49].

1-البرلمان الأوروبي: في كل ديمقراطية تمثيلية، يجب أن تكون الانتخابات حدثا رئيساً في الحياة الديمقراطية لأي بلد لأنها توفر الشرعية والمساءلة، شريطة أن يكون هناك أقصى قدر من مشاركة المواطنين. ومع ذلك لم يكن الأوروبيين متحمسين لانتخابات البرلمان الأوروبي بقدر حماسهم للانتخابات الوطنية[50]. فعلى مر الوقت تكونت معادلة فرضت نفسها على النظام السياسي للاتحاد الأوروبي: برلمان + انتخابات = ديمقراطية. لكن هاتين السمتين البرلمانية والانتخابية لم تأتيا بالفطرة بل تم اكتسابها تدريجياً ومع ذلك لم ينتج عنهما تعزيز لشرعية الاتحاد الأوروبي. رغم ان هذه المعادلة تتضمن عنصراً مجهولاً ذا أهمية كبرى وهو المشاركة، التي تتراجع من دورة انتخابية لاخرى. حتى ان النظام السياسي للاتحاد الأوروبي اصبح اليوم واكثر من أي وقت مضى يفتش عن (الشعب الأوروبي)[51]. فعلى الرغم من التغييرات العديدة في معاهدات الاتحاد الأوروبي، لا يزال برلمان الاتحاد الأوروبي أضعف من الهيئات التنفيذية مثل المجلس والمفوضية لأن التشريعات في الاتحاد الأوروبي يتم اتخاذها من خلال إجراءات التشاور، ويتمتع البرلمان بسلطة متساوية مع المجلس بموجب إجراءات اتخاذ القرار المشترك. بالإضافة إلى ذلك، يتم تعيين المفوضين من قبل حكومات الدول الأعضاء، ولا تمنع سلطة النقض ضد خيارات الحكومات المفوضين من أن يصبحوا هم من يضعوا جداول الأعمال الرئيسية. ولذلك، فإن فقدان قوة البرلمانات الوطنية لم يتم تعويضه من خلال زيادة قوة البرلمان الأوروبي، مما أدى إلى ضعف العلاقة بين المواطنين وأعضاء البرلمان الأوروبي[52].

ويرتبط بانخفاض اهتمام المواطنين بحقيقة عدم وجود انتخابات أوروبية حقيقية، حيث لا يوجد نظام حزبي على مستوى أوروبا. وهذا يعيق تطور الديمقراطية على مستوى الاتحاد الأوروبي. فأثناء الانتخابات، لا يصوت المواطنون لشخصيات أو أحزاب سياسية على مستوى الاتحاد الأوروبي، بل لسياسييهم الوطنيين الذين يركزون دائماً على القضايا الوطنية في حملاتهم الانتخابية. ولذلك، فإن الاختيار الذي تم اتخاذه ليس له سوى تأثير غير مباشر على نتائج السياسة على مستوى الاتحاد الأوروبي[53].وحتى «الطفرة» التي حدثت في انتخابات 2019 و2024، في زيادة نسبة المشاركة في الانتخابات العابرة للحدود الوطنية الوحيدة في العالم كانت في الحقيقة بسبب عنصر «التصويت الاحتجاجي» المعتاد، حيث يستخدم العديد من الناخبين الانتخابات للتنفيس عن إحباطهم من حكوماتهم الوطنية التي عادة ما تكون وسطية، لأنهم يحاولون إرسال رسالة حول القضايا الوطنية إلى الحكومة وينظرون إلى انتخابات الاتحاد الأوروبي باعتبارها وسيلة غير مهمة للقيام بذلك[54].

2-المجلس بشقيه (الأوروبي والوزاري): في محاولة لقادة دول الاتحاد الأوروبي في إضفاء الطابع الديمقراطي فقد ادخلوا العامل الديمغرافي الى نظام التصويت في المجلس وبات التأثير لكل دولة عضو مرتبط بعدد سكانها وبالتالي أصبحت عملية اتخاذ القرار مرتبطة بعدد السكان عن طريق آلية (الأغلبية المزدوجة)، الا ان تلك الآلية لا تعبر بالضرورة عن إرادة الشعوب التي ايدت قرار ما لانها لم تخرج من اطار العلاقات بين الحكومات والتي تتوفر في كل المنظمات الدولية، فضلاً عن قرارات المجلس التي غالباً ما تتخذ عن طريق التوافقات التي يتم الاتفاق عليها من جانب مجموعات العمل ولجان المجلس التي تعينها الحكومات[55].

تعرض المجلس للانتقاد، لانه المؤسسة الأكثر سرية وغير شفافة بين مؤسسات الاتحاد الأوروبي[56]. ومع التغييرات التي أدخلتها معاهدة لشبونة، يتعين على المجلس أن يجتمع علنًا عندما يعتمد رسميًا مشروع قانون تشريعي بموجب الإجراء التشريعي العادي. ومع ذلك، فإن المناقشات والمفاوضات الحقيقية حول غالبية القوانين لا تزال تجري في مجموعات العمل التابعة للمجلس وفي «الحكومة السرية الحقيقية» للاتحاد الأوروبي، COREPER، لجنة الممثلين الدائمين. ولا يمكن لأعضاء البرلمانات الوطنية والبرلمان الأوروبي الحصول على معلومات من مجموعات العمل تلك أثناء المفاوضات. وتثير هذه السرية مشكلة ثقة شعوب الاتحاد الأوروبي[57].

3-المفوضية الأوروبية: تعد المفوضية الأوروبية المؤسسة الأكثر انتقاد من نشطاء المجتمع المدني والمدافعين عن الديمقراطية، اذ عُدت بوصفها جسماً مؤلفاً من الخبراء تفتقر الى الشرعية. صحيح ان المفوضية الأوروبية تشكل بعد موافقة البرلمان الأوروبي، لكن في حقيقة الامر غير منتخبة من مواطني الاتحاد الأوروبي بل معينة من جانب حكومات الدول الأعضاء. وبالنظر الى حجم تأثير المفوضية وتدخلها في الحياة العامة والشخصية للمواطنين كونها المؤسسة التي تنفذ سياسات الاتحاد يجب ان تخضع لإرادة المواطنين[58].

ان ازمة الديمقراطية الاكثر عمقاً تتجسد في المفوضية وآلية عملها، صحيح ان السلطة التنفيذية موزعة بين المجلس (بشقيه الأوروبي والوزاري) والمفوضية، اذ ينفرد كل منهما بصلاحيات في مجال خاص مع وجود صلاحيات مشتركة بينهما، مع ذلك تمارس المفوضية عملها باستقلال شبه تام عن مجلس الوزراء، وبالتالي فهي سلطة لها سمات بيروقراطية خاصة تجعلها اقرب ما تكون الى حكومة «موظفين» منها الى حكومة «تمثيلية»، أي حكومة بالمعنى السياسي للكلمة[59].

تمتلك المفوضية الحق الحصري في بدء التشريعات في الاتحاد الأوروبي. تسمح هذه السيطرة على الأجندة التشريعية للمفوضية بتحديد أولويات الاتحاد الأوروبي والتحكم في تنفيذها بشكل مستقل عن الدول الأعضاء. وعلى الرغم من أن لديه وظائف مماثلة للحكومات الوطنية، إلا أنها ليست مسؤولة بشكل مباشر أمام البرلمان الأوروبي، أو بعبارة أخرى، أمام شعوب الاتحاد الأوروبي. وهذا يجعل المفوضية هي الهيئة «الامتيازية» الوحيدة من الأشخاص غير المنتخبين في العالم التي تتمتع بالحق الحصري في اقتراح القوانين[60]. ويمثل هذا شذوذاً ديمقراطياً كبيراً إذا ما قارنا النظام السياسي الأوروبي بنظام أي دولة من الدول الأعضاء. وبالإضافة إلى ذلك، فإن هذا الوضع الشاذ ينتهك المبدأ الديمقراطي الأساسي المتمثل في تقسيم السلطات[61].

لا تزال المفوضية تحتكر المبادرة التشريعية. في الواقع، فإن التطبيق المتسق لمعايير الشرعية المستمدة من الممارسات الديمقراطية للمؤسسات الوطنية المألوفة، مثل برلمان يتمتع بسلطة مستقلة للمبادرة التشريعية، وسلطة تنفيذية مسؤولة أمام البرلمان، وانتخابات شعبية لتحديد من سيحكم - يؤدي إلى استنتاج مفاده أن العجز الديمقراطي في الاتحاد الأوروبي هو في الواقع ذو شقين. أولا، السلطة التنفيذية (مجلس الوزراء والمفوضية) وليس البرلمان، هي المسؤولة عن التشريع: وثانيا، داخل السلطة التنفيذية، يتمتع الفرع البيروقراطي (المفوضية) بقوة غير عادية فيما يتعلق بالفرع السياسي (المجلس). ويخضع أعضاؤها، من حيث المبدأ على الأقل لرقابة البرلمانات الوطنية. علاوة على ذلك، وبسبب سيادة القانون الأوروبي على القانون الوطني، فإن حكومات الدول الأعضاء، المجتمعة في المجلس، يمكنها السيطرة على برلماناتها بدلاً من أن تخضع لسيطرتها[62].

إن بنية الاتحاد الأوروبي البيروقراطية ولدت احساس لدى شرائح حزبية وفئات مجتمعية باوليغارشية الاتحاد الأوروبي وتدخله السافر بتسيير شؤونهم المحلية والسيطرة على دواليب قرارهم السيادي، مما اشعر مواطني أوروبا بحكم نخبة برلمانية منفصلة عنهم، تقطن بروكسل وتتدخل في حياتهم، وتفرض عليهم اجراءات وقوانين لم يصوتوا عليها. وذلك بحكم طبيعة عمل مؤسسات الاتحاد في بروكسل، والتي ما زالت تنظم علاقتها مع المواطنين بطريقة غير مباشرة[63].

الخاتمة

حاول الاتحاد الأوروبي منذ تأسيسه انشاء نظام سياسي فوق وطني ذات طبيعة خاصة لم يكن مألوفاً في السابق يعمل على تعزيز الية التكامل من خلال مؤسسات يعهد اليها الوصول بمسيرة الوحدة نحو الهدف المنشود وهو الوحدة الأوروبية، الا ان تلك المؤسسات لم تكن مبنية على أسس ديمقراطية في بداية تكوينها، وعلى الرغم من أن هذا النقص لم يكن يُنظر إليه على أنه مشكلة مهمة في البداية، لكن بعد التطورات التي طرأت على الاتحاد الأوروبي وتعاظم دوره الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي أصبحت مسألة الديمقراطية في انظام السياسي للاتحاد الأوروبي احد اكبر التحديات التي تواجهه.

من خلال دراسة موضوع العجز الديمقراطي في النظام السياسي للاتحاد الاوروبي توصلنا الى استنتاجات عدة لعل أبرزها:

ان العجز الديمقراطي في النظام السياسي في الاتحاد الأوروبي ارتبط منذ البداية بإشكالية بناء مؤسسات غير ديمقراطية.

الطبيعة الفريدة التي أنشأ على أساسها النظام السياسي للاتحاد الأوروبي جعل من غير الممكن مقارنته من الناحية الديمقراطية بديمقراطية الأنظمة السياسية في الدول القومية.

هناك مكامن خلل في البنى السياسية للاتحاد الأوروبي أسهمت في وجود العجز الديمقراطي الا ان نسبته تختلف من مؤسسة الى أخرى، فهناك ديمقراطية تمثيلية يتمتع بها البرلمان الأوروبي الا انها ضعيفة بعض الشيء، على عكس المفوضية الأوروبية ذات الطبيعة البيروقراطية.

أحد أسباب العجز الديمقراطي هو التشابك في اختصاصات وصلاحيات مؤسسات الاتحاد الأوروبي، وعدم وجود فصل واضح بين سلطاتها.

من الممكن التغلب او تقليل العجز الديمقراطي في الاتحاد الأوروبي من خلال تعزيز الشرعية الديمقراطية للبرلمان الأوروبي عن طريق توسيع أكبر لصلاحياته وتعزيز ثقة الشعب الأوروبي فيه. فضلاً تعزيز الشرعية الديمقراطية للمفوضية الأوروبية.

قائمة المصادر

المصادر باللغة العربية

أولا: الكتب.

أبو الخير احمد عطية عمر، النظام المؤسسي للاتحاد الاوروبي، ط 1، دار النهضة العربية، القاهرة، 2007.

انطونين كوهين، النظام السياسي للاتحاد الاوروبي، ترجمة جان ماجد جبور، مؤسسة الفكر العربي، بيروت، 2015.

 جيمس جوردن فينليسون، يورجن هابرماس مقدمة قصيرة جداً، ترجمة احمد محمد الروبي، مؤسسة هنداوي، المملكة المتحدة، 2017.

حسن نافعة، الاتحاد الأوروبي والدروس المستفادة عربياً، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2004.

صدام مرير الجميلي، الاتحاد الأوروبي ودورة في النظام العالمي الجديد، دار المنهل اللبناني، بيروت، 2009.

عبد الرؤوف هاشم بسيوني، المفوضية الاوروبية الحكومة المركزية للاتحاد الاوروبي، دار النهضة العربية، القاهرة، 2000.

عبد العظيم الجنزوري، الاتحاد الأوروبي «الدولة الاتحادية الكونفدرالية»، دار النهضة العربية، القاهرة، 1999.

محمد دحام كردي، مستقبل الاتحاد الأوروبي «دراسة في التأثير السياسي والدولي»، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2013.

محمد مصطفى كمال وفؤاد نهرا، صنع القرار في الاتحاد الاوروبي والعلاقات العربية-الاوروبية، ط 1، مركز دراسات الوحدة العربي، بيروت، 2001.

محمود محمد الامام، تجارب التكامل العالمية ومغزاها للتكامل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2004.

منذر الشاوي، فلسفة الدولة، دار الذاكرة للنشر والتوزيع، بغداد، 2012.

وائل احمد علام، البرلمان الأوروبي «دراسة للجهاز الشعبي في الاتحاد الاوروبي»، دار النهضة العربية، القاهرة، 1998.

ثانيا: الرسائل والاطاريح.

احمد رائف انس، الاتحاد الأوروبي والقوة الإلزامية للأعمال القانونية الصادرة عنه، أطروحة دكتوراه غير منشورة، قسم القانون الدولي العام، كلية الحقوق، جامعة القاهرة، 2013.

حسين إبراهيم شمعون، مسار الاتحاد الأوروبي ومستقبله سياسياً واقتصادياً، رسالة دبلوم غير منشورة، الجامعة اللبنانية/ كلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية، 2018.

لؤي سعد عبيد، الاندماج والتكامل في دول الاتحاد الأوروبي «اسبانيا انموذجاً»، أطروحة دكتوراه غير منشورة، كلية العلوم السياسية، جامعة بغداد، 2019.

ثالثاً: الدوريات.

أشرف محمد عبد الله ياسين، عوامل وانماط التحول الديمقراطي في افريقيا «دراسة لإشكالية العجز الديمقراطي»، مجلة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، مجلد 17، العدد 2، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، 2016.

كوثر طه ياسين، النظام السياسي للاتحاد الأوروبي «دراسة تحليلية»، مجلة دراسات دولية، المجلد 20، العدد 84، مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، جامعة بغداد، 2021.

رابعاً: الانترنت.

بعد صعود اليمين المتطرف.. ما أهمية البرلمان الأوروبي؟، الشرق للأخبار،

https://asharq.com/politics/90855/

https://european-union.europa.eu

References 

John Gaffney, Political parties and the European Union, In a group of researchers, Political parties and the European Union, London and New York, 1996.                                                                                                                     

Abdullah Kadir Faqe Ibrahim, The democratic deficit in the European Union (EU), Journal of University of Raparin, Vol 6, no 2, The University of Raparin, October 2019, p143.

Cem Yalcin, Challenging the future: the democratic deficit of the EU from a federalist perspective, Poznan University of economics review, Volume 14, Number 3, Poznań University of Economics and Business, Poznań, Poland, 1014.

Chris Terry, Close the gapTackling Europes democratic deficit”, The Electoral Reform Society, London, (N.D).

Chrlstoph Mollers, The Three Branches a Comparative Model of Separation of Powers, Oxford University Press, UK, 2013.

Dexter Lee, The European Unions Democratic Deficit and Options for EU Democracy in the 21st Century, EU Centre in Singapore, Singapore, 2014.

Giandomenico Majone, EuropesDemocratic Deficit’: The Question of Standards, European Law Journal, Vol. 4, No. 1, Blackwell Publishers Ltd, USA, March 1998.

Kübra Dilek Azman, The Problem ofDemocratic Deficitin the European Union, nternational Journal of Humanities and Social Science Vol. 1 No. 5, Centre for Promoting Ideas, USA, May 2011.

Lizette G. Howard, European Union Institutions, Democratic Discourse, and the Color Revolutions, a dissertation submitted in partial fulfillment of the requirements for the degree of Doctor of Philosophy, College of Arts and Sciences, University of South Florida, 2013.

Lucia Vesnic-AlujevicRodrigo Castro Nacarino, The EU and its democratic deficit: problems and (possible) solutions, European View, Volume 11, Issue 1, Martens Centre for European Studies, Brussels, 2012.

Mikhail Milev, Democratic Deficit in the European Union, Masters thesis, International Center for European Formation, European Graduate Institute, International Studies,2004-2003

Nick Pioline, Dimensions of the European Unions Democratic DeficitThe EUs Path to Democracy after Lisbon”, Masters Thesis, International Relations & Diplomacy, universiteit Leiden, Huanda, 2012.

The treaty on European union, Official Journal of the European Union, Volume 53, European union, 30 March 2010.

First: books.

Abu Al-Khair Ahmed Attia Omar, The Institutional System of the European Union, 1st edition, Dar Al-Nahda Al-Arabiya, Cairo, 2007.

Antonin Cohen, The Political System of the European Union, translated by Jean Majid Jabour, Arab Thought Foundation, Beirut, 2015.

James Gordon Finlayson, Jurgen Habermas a Very Short Introduction, translated by Ahmed Muhammad Al-Roubi, Hindawi Foundation, United Kingdom, 2017.

Hassan Nafaa, The European Union and Arab Lessons Learned, Center for Arab Unity Studies, Beirut, 2004.

Saddam Murir Al-Jumaili, The European Union and its Course in the New World Order, Dar Al-Manhal Al-Lubani, Beirut, 2009.

Abdel Raouf Hashim Bassiouni, European Commission, Central Government of the European Union, Dar Al-Nahda Al-Arabiya, Cairo, 2000.

Abdel Azim Al-Ganzouri, The European UnionThe Confederate Federal State”, Dar Al-Nahda Al-Arabi, Cairo, 1999.

Muhammad Dahham Kurdi, The Future of the European Union, “A Study in Political and International Influence,” Al-Halabi Human Rights Publications, Beirut, 2013.

Muhammad Mustafa Kamal and Fouad Nahra, Decision-making in the European Union and Arab-European relations, 1st edition, Arab Center for Unity Studies, Beirut, 2001.

Mahmoud Muhammad Al-Imam, Global Integration Experiences and their Meaning for Arab Integration, Center for Arab Unity Studies, Beirut, 2004.

Munther Al-Shawi, Philosophy of the State, Dar Al-Zakhira for Publishing and Distribution, Baghdad, 2012.

Wael Ahmed Allam, The European Parliament: A Study of the Popular Apparatus in the European Union, Dar Al Nahda Al Arabiya, Cairo, 1998.

Second: Theses and dissertations.

Hussein Ibrahim Chamoun, the path of the European Union and its political and economic future, unpublished diploma thesis, Lebanese University/Faculty of Law and Political and Administrative Sciences, 2018.

Luay Saad Obaid, Integration and Integration in European Union CountriesSpain as a Model”, unpublished doctoral thesis, College of Political Science, University of Baghdad, 2019.

Third: Periodicals.

Ahmed Fares Idris Al-Hayali, The Role of the European Union in Protecting Human Rights, Journal of Regional Studies, Volume 16, Issue 54, University of Mosul, 2022.

Ashraf Muhammad Abdullah Yassin, Factors and Patterns of Democratic Transition in Africa, “A Study of the Problem of the Democratic Deficit,” Journal of the Faculty of Economics and Political Science, Volume 17, Issue 2, Faculty of Economics and Political Science, Cairo University, 2016.

Kawthar Taha Yassin, The Political System of the European Union, Journal of International Studies, Volume 20, Issue 84, Center for Strategic and International Studies, University of Baghdad, 2021.

 

[1] محمد دحام كردي، مستقبل الاتحاد الأوروبي «دراسة في التأثير السياسي والدولي»، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2013، ص 115.

[2]  Lizette G. Howard, European Union Institutions, Democratic Discourse, and the Color Revolutions, a dissertation submitted in partial fulfillment of the requirements for the degree of Doctor of Philosophy, College of Arts and Sciences, University of South Florida, 2013, P 29.

[3] كوثر طه ياسين، النظام السياسي للاتحاد الأوروبي «دراسة تحليلية»، مجلة دراسات دولية، المجلد 20، العدد 84، مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، جامعة بغداد، 2021، ص 254.

[4] محمود محمد الامام، تجارب التكامل العالمية ومغزاها للتكامل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2004، ص 546.

[5] عبد العظيم الجنزوري، الاتحاد الأوروبي «الدولة الاتحادية الكونفدرالية»، دار النهضة العربية، القاهرة، 1999، ص 33.

[6] احمد رائف احمد رائف انس، الاتحاد الأوروبي والقوة الإلزامية للأعمال القانونية الصادرة عنه، أطروحة دكتوراه غير منشورة، (قسم القانون الدولي العام، كلية الحقوق، جامعة القاهرة، 2013)، ص ص 61، 62.

[7] حسن نافعة، الاتحاد الأوروبي والدروس المستفادة عربياً، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2004، ص ص 38، 39.

[8] صدام مرير الجميلي، الاتحاد الأوروبي ودورة في النظام العالمي الجديد، دار المنهل اللبناني، بيروت، 2009، ص 59.

[9] يضم الاتحاد الأوروبي الى جانب مؤسساته الرئيسة الخمسة عدد من الأجهزة الفرعية منها استشارية ومنها ذات طابع فني وهي ليست محل دراستنا في هذا البحث.

[10] أبو الخير احمد عطية عمر، النظام المؤسسي للاتحاد الاوروبي، ط 1، دار النهضة العربية، القاهرة، 2007، ص 53.

[11] https://european-union.europa.eu,The role of the European Council in nominations and appointments - Consilium

[12] لؤي سعد عبيد، الاندماج والتكامل في دول الاتحاد الأوروبي «اسبانيا انموذجاً»، أطروحة دكتوراه غير منشورة، كلية العلوم السياسية، جامعة بغداد، 2019)، ص 60.

[13] حسن نافعة، مصدر سبق ذكره، ص 195.

[14] صدام مرير الجميلي، مصدر سبق ذكره، ص ص 64،63.

[15] أبو الخير احمد عطية عمر، مصدر سبق ذكره، ص 63-65.

[16]  https://european-union.europa.eu/institutions-law-budget/institutions-and-bodies/search-all-eu-institutions-and-bodies/council-european-union_en

[17] https://european-union.europa.eu/institutions-law-budget/institutions-and-bodies/search-all-eu-institutions-and-bodies/council-european-union_en

[18] محمد مصطفى كمال وفؤاد نهرا، صنع القرار في الاتحاد الاوروبي والعلاقات العربية-الاوروبية، ط 1، مركز دراسات الوحدة العربي، بيروت، 2001، ص 45.

[19] احمد رانف انس، مصدر سبق ذكره، ص 92.

[20] عبد الرؤوف هاشم بسيوني، المفوضية الاوروبية الحكومة المركزية للاتحاد الاوروبي، دار النهضة العربية، القاهرة، 2000، ص55.

[21]  https://european-union.europa.eu/institutions-law-budget/institutions-and-bodies/search-all-eu-institutions-and-bodies/european-commission_en

[22] صدام مرير الجميلي، مصدر سبق ذكره، ص 70.

[23] لؤي سعد عبيد، مصدر سبق ذكره، ص 100.

[24] https://www.europarl.europa.eu/portal/en

[25] انظر: وائل احمد علام، البرلمان الأوروبي «دراسة للجهاز الشعبي في الاتحاد الاوروبي»، دار النهضة العربية، القاهرة، 1998، ص ص 39-40،

[26] https://www.europarl.europa.eu/portal/en

[27] ابو الخير احمد عطية عمر، مصدر سبق ذكره، ص 160.

[28] انطونين كوهين، النظام السياسي للاتحاد الاوروبي، ترجمة جان ماجد جبور، (مؤسسة الفكر العربي، بيروت، 2015)، ص 53.

[29] https://curia.europa.eu/jcms/jcms/Jo2_7024/en/#composition

[30] ابو الخير احمد عطية عمر، مصدر سبق ذكره، ص 161.

[31] صدام مرير الجميلي، مصدر سبق ذكره، ص 73.

[32]  Mikhail Milev, Democratic Deficit in the European Union, Masters thesis, International Center for European Formation, European Graduate Institute, International Studies,2004-2003, p p 5,6.

[33] أشرف محمد عبد الله ياسين، عوامل وانماط التحول الديمقراطي في افريقيا «دراسة لإشكالية العجز الديمقراطي، مجلة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، مجلد 17، العدد 2، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2016، ص 106.

[34]  Dexter Lee, The European Unions Democratic Deficit and Options for EU Democracy in the 21st Century, EU Centre in Singapore, Singapore, 2014, p 3.

[35]  John Gaffney, Political parties and the European Union, In a group of researchers, Political parties and the European Union, London and New York, 1996, p 1.                                                                                                                      

[36] لؤي سعد عبيد، مصدر سبق ذكره، ص ص 221-222.

[37] Kübra Dilek Azman, The Problem ofDemocratic Deficitin the European Union, nternational Journal of Humanities and Social Science Vol. 1 No. 5, Centre for Promoting Ideas, USA, May 2011, p 243.

[38] ينظر: منذر الشاوي، فلسفة الدولة، دار الذاكرة للنشر والتوزيع، بغداد، 2012، ص 150-157.

[39] محمد محمود الامام، مصدر سبق ذكره، ص 548.

[40] Chris Terry, Close the gapTackling Europes democratic deficit”, The Electoral Reform Society, London, (N.D), P 10.

[41] Nick Pioline, Dimensions of the European Unions Democratic DeficitThe EUs Path to Democracy after Lisbon”, Masters Thesis, International Relations & Diplomacy, universiteit Leiden, Huanda, 2012. P 9.

[42] Kübra Dilek Azman, op,cit, p 244.

[43] حسن نافعة، مصدر سبق ذكره، ص 43.

[44] Chrlstoph Mollers, The Three Branches A Comparative Model of Separation of Powers, Oxford University Press, UK, 2013, p 170  .

[45] Mihail Milev, op, cit, p 9.

[46] جيمس جوردن فينليسون، يورجن هابرماس مقدمة قصيرة جداً، ترجمة احمد محمد الروبي، مؤسسة هنداوي، المملكة المتحدة، 2017، ص 140.

[47] Giandomenico Majone, EuropesDemocratic Deficit’: The Question of Standards, European Law Journal, Vol 4, No 1, Blackwell Publishers Ltd, USA, March 1998,p 8.

[48] The treaty on European union, Official Journal of the European Union, Volume 53, European union, 30 March 2010, p 20.

[49]  Mihail Milev, op, cit -p 22.

[50] Lucia Vesnic-AlujevicRodrigo Castro Nacarino, The EU and its democratic deficit: problems and (possible) solutions, European View, Volume 11, Issue 1, Martens Centre for European Studies, Brussels, 2012, p 65.

[51] انطونين كوهين، مصدر سبق ذكره، ص 117.

[52]  Abdullah Kadir Faqe Ibrahim, The democratic deficit in the European Union (EU), Journal of University of Raparin, Vol 6, no 2, The University of Raparin, October 2019, p143.

[53] Lucia Vesnic-AlujevicRodrigo Castro Nacarino, op, cit, p 66.

[54] بعد صعود اليمين المتطرف.. ما أهمية البرلمان الأوروبي؟، الشرق للاخبار،

 https://asharq.com/politics/90855/

[55] حسين إبراهيم شمعون، مسار الاتحاد الأوروبي ومستقبله سياسياً واقتصادياً، رسالة دبلوم غير منشورة، الجامعة اللبنانية/ كلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية، 2018، ص 68.

[56] Chrlstoph Mollers,  op, cit, p 180.

[57] Cem Yalcin, Challenging the future: the democratic deficit of the EU from a federalist perspective, Poznan University of economics review, Volume 14, Number 3, Poznań University of Economics and Business, Poznań, Poland, 1014, p 29.

[58] حسين إبراهيم شمعون، مصدر سبق ذكره ، ص 67.

[59] حسن نافعة، مصدر سبق ذكره، ص 44.

[60] Cem Yalcin, op, cit, p 28.

[61] Lucia Vesnic-AlujevicRodrigo Castro Nacarino, op, cit, p 67.

[62] Giandomenico Majone, op, cit, p 7.

[63] لؤي سعد عبيد، مصدر سبق ذكره، 128.