حقوق الطباعة محفوظة لدى مجلة كلية القانون والعلوم السياسية في الجامعة العراقية

حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمؤلف

حقوق النشر محفوظة للناشر (كلية القانون والعلوم السياسية - الجامعة العراقية)

CC BY-NC-ND 4.0 DEED

Printing rights are reserved to the Journal of the College of Law and Political Science at Aliraqia University

Intellectual property rights are reserved to the author

Copyright reserved to the publisher (College of Law and Political Science - Aliraqia University)

Attribution – Non-Commercial – No Derives 4.0 International

For more information, please review the rights and license

DOI: 10.61279/751b9g29

مسؤولية السلطة التنفيذية عن الحسابات الختامية

في ظل قرار المحكمة الاتحادية العليا

بالعدد 190/ اتحادية / 2023

Responsibility of the Executive Authority for the Final Accounts under the Decision of the Federal Supreme Court No. 190/Federal/2023

 م. م  كوثر باسم التميمي

 A. p  Kawther Basim Al tameme

التعليق

ان الهدف من مناقشة مشروع الحساب الختامي من قبل مجلس النواب لغرض اقراره هو التحقق من تنفيذ الموازنة العامة وعدم خروج وحدات الصرف عن الحدود المرسومة لها , والكشف عن الانحراف في التنفيذ والحيلولة دون الاسراف والتبذير للمحافظة على المال العام , لذا فأن اهمية الحساب الختامي لا تقل عن اهمية الموازنة العامة , لذا فأن عدم اعدادها من قبل السلطة التنفيذية او اقرارها من قبل السلطة التشريعية يلقي بأثاره على المال العام [1], اذ ان مجلس النواب هو المسؤول عن الرقابة على عمليات الصرف جميعها , ولا يجوز له ان يهمل دراسة مشروع الحساب الختامي ويفقده الغاية المتوخاة منه [2] , ففي الوقت الذ لم يلتزم مجلس الوزراء بالمواعد المحددة التي ينبغي له ان يقدم مشروع الحساب الختامي , فأن مجلس النواب هو الاخر لم يدرك اهمية مناقشته واقراره فتهاون في تأخر مجلس الوزراء بتقديمه , ولم يثير مسؤوليته السياسية [3] .

وقد قضت المحكمة الاتحادية العليا في هذا الخصوص عند الطعن بعدم تقديم الحسابات الختامية للسنوات (2016- 2019 ) بأنها ( انها لا تجد اي سند دستوري او قانوني للحكم بألزام مجلس النواب بعدم تشريع قانون الموزانة العامة ما لم يتم تقديم الحسابات الختامية للسنة السابقة معها , اذ اشارت الى ان ذلك وان كان يرتب مسؤولية قانونية على الجهات المختصة بتقديم تلك الحسابات وفقاً لما اوجبه الدستور والقانون في حال امتناعها او تقصيرها في ذلك , وحيث انه من اولى مهام المحكمة الاتحادية العليا وفقاً لاختصاصاتها المنصوص عليها في الدستور وفي قانونها الوقوف بوجه الانحراف الدستوري والقانوني للسلطتين التشريعية والتنفيذية واعادتها بموجب قرارات باتة وملزمة الى صحيح الدستور والقانون , اذ ان المادة (93/ثالثا) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 قد نص على اختصاص المحكمة الاتحادية العليا بالفصل في القضايا التي تنشأ عن تطبيق القوانين الاتحادية والزام من يمتنع عن تطبيقها )[4] .

ونجد بدورنا ان المحكمة قد بينت موقفها في القضية محل البحث في العديد من الجوانب , ففي الوقت الذي اشارت الى انها لا تجد اي سند دستوري او قانوني للحكم بألزام مجلس النواب بعدم تشريع قانون الموزانة العامة ما لم يتم تقديم الحسابات الختامية للسنة السابقة معها , نجد ان دستور جمهورية العراق لسنة 2005 قد نص في المادة (62/اولاً) منه على ان « يقدم مجلس الوزراء مشروع قانون الموازنة العامة والحساب الختامي الى مجلس النواب لأقراره « , اذ ان اعداد الموازنة للسنة القادمة لا بد ان يكون وفق ما تم التوصل اليه من بيانات في الحساب الختامي فيعد الحساب الختامي بمثابة المرتسم الذي يبين اوجه الصرف والانفاق للسنة المالية السابقة , وهنا نجد ان استخدام ( واو العطف ) في تحديد تقديم الحساب الختامي هو معطوف على تقديم الموزانة العامة الاتحادية فحكم الحساب الختامي هو حكم الموازنة العامة في الزامية التقديم , واستعمال حرف (الواو) في أي جملة يسمى عطف النسق , اذ ان للعطف نوعان الأول يسمى ب(عطف البيان) وهو اسم جامد يتبع اسما سابقاً عليه ويخالفه في لفظه ويوافقه في معناه للدلالة على ذاته  والنوع الثاني يسمى ب( عطف النسق ) وهو محور البحث وهو العطف بحرف من حروف العطف المعروفة وسمي بذلك لأنه ينسق الكلام بعضه على بعض بحيث يأخذ المعطوف نسق المعطوف عليه في أحكام معينة [5] , ولابد من الاشارة الى ان عدم تحديد ميعاد صريح بنص الدستور لهذا التقديم لا يخلي مسؤولية السلطة التنفيذية (الحكومة ) عن مهمتها في تقديمه وفق المواعيد المقررة قانوناً , اذ اشار المشرع في قانون الادارة المالية الاتحادي رقم (6) لسنة 2019 المعدل الى ان يتولى مجلس الوزراء مناقشة مشروع قانون الموازنة العامة الاتحادية للسنة القادمة واقراره وتقديمه الى مجلس النواب قبل منتصف شهر تشرين الاول من كل سنة [6] , وان الحساب الختامي للدولة اي (البيانات المالية الاتحادية) هي قائمة المركز المالي للدولة (الموجودات والمطلوبات ) كما هي في 31/12 من كل سنة , وحساب قياس النتيجة الذي يتضمن الايرادات والمصروفات والكشوفات الاخرى للسنة المنتهية فيها , ومرحلة الحسابات الختامية هي الفترة اللاحقة للسنة المالية والمخصصة لتسوية الحسابات الموقوفة التي تعذرت تسويتها خلال السنة المالية السابقة لغرض عرض البيانات المالية ولا تحتوي على معاملات قبض او دفع فعلية وتبدأ في اليوم (1/1) من السنة المالية اللاحقة لسنة الموازنة وتنتهي في (31/1)  من السنة ذاتها[7] , كما نص المشرع في المادة (28) من قانون الادارة المالية الاتحادية النافذ رقم(6) لسنة 2019 المعدل على ان « اولاً: يعلن وزير المالية تاريخ غلق الحسابات الختامية للسنة المالية المنتهية على ان لا يتجاوز 31/ 1 من السنة اللاحقة . ثانياً : تقدم وحدات الانفاق والادارات الممولة ذاتياً حساباتها الختامية الى ديوان الرقابة المالية الاتحادية في موعد اقصاه نهاية شهر اذار من السنة اللاحقة .ثالثاً: يصدر ديوان الرقابة المالية الاتحادي تقريره عن الحسابات المنصوص عليها في ( ثانياً) من هذه المادة في موعد اقصاه نهاية شهر حزيران من السنة اللاحقة « [8], وفي ذلك اشارة صريحة على المدد المقررة والملزمة بموجب القانون , كما ان الاسباب الموجبة لقانون الادارة المالية الاتحادية بينت ان هذا القانون يلزم كل جهة منفذة وتحديد مسؤولية وزارة المالية في مرحلة التنفيذ اضافة الى تحديد مواعيد لتقديم الحسابات الختامية [9] .

كما ان المحكمة كانت خجولة في طرحها لمسؤولية الحكومة في حالة الامتناع عن تطبيق القوانين متجاهلة في ذلك اثار ذلك, اذ يترتب على تأخر الحكومة او عدم تقديمها الحساب الختامي تأخراً في تقديم الموزانة العامة فالبيانات التي يتم تقديمها في الموزانة العامة السابقة لها دور كبير في بيان الموقف المالي للدولة , وبالتالي سهولة معرفة ذلك المركز عندما يراد اعداد الموازنة العامة للسنة الجديدة واعطاء صورة واضحة عن المركز الاقتصادي للدولة  , كما ان المسؤولية للحكومة هنا تثار لعدم قيامها بالواجبات المقررة لها بموجب الدستور , اذ ان تقديم البيان المالي بموجب الحساب الختامي يبين اوجه الانفاق الفعلي وبالتالي يشكل رقابة على الاموال العامة والتصرف بها من خلال بيان اوجه هدر المال ومحاسبة الجهات المسؤولة وبالتالي الحد من ظاهرة الفساد المالي والاداري في الدولة , اذ نص الدستور في المادة (27/ اولاً) منه على ان « للأموال العامة حرمة , وحمايتها واجب على كل مواطن « [10] .

وفي الوقت الذي اتجهت المحكمة الى تقرير ان من اولى مهامها وفقاً لاختصاصاتها المنصوص عليها في الدستور وفي قانونها الوقوف بوجه الانحراف الدستوري والقانوني للسلطتين التشريعية والتنفيذية واعادتها بموجب قرارات باتة وملزمة الى صحيح الدستور والقانون , فكان الاجدر بالمحكمة ان توجه السلطة التشريعية الى اخذ دورها في اثارة مسؤولية الحكومة السياسية عن عدم تقديم الحسابات الختامية للسنوات السابقة , وذلك بالركون الى احدى الوسائل الخاصة بتحريك المسؤولية السياسية ( السؤال , طرح موضوع عام للنقاش , الاستجواب , سحب الثقة)[11] , اذ ان على الرغم من عدم وجود نص يقضي بصريح العبارة بالدور التوجيهي للمحكمة الاتحادية العليا الا ان طبيعة المحكمة الاتحادية بوصفها الجهة المختصة عن تطبيق القوانين والحيلولة دون انحراف السلطات في عدم القيام بمهامها (الامتناع عن تطبيق القوانين ) , لكون تقديم الحسابات الختامية لا يقل اهمية عن تقديم الموازنة العامة للدولة , ولا يمكن القول ان ذلك يشكل تجاوزاً لمبدأ الفصل بين السلطات لكون المحكمة تمارس دوراً رقابياً على السلطات [12] , اذ أن المحكمة وجهت أوامرها في احدى القضايا تضمنت نواهي تقع على عاتق باقي السلطات منها « عدم قيام السلطة التشريعية بواجباتها الدستورية وخصوصاً إقرار قانون الموازنة ، عدم اكتمال تكوين السلطة التنفيذية رغم تجاوز كل المدد الدستورية ) [13] , وعليه على الرغم من الزام المحكمة رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية بتقديم الحسابات الختامية وفقاً لاحكام المادة (62/اولاً)  من دستور جمهورية العراق لعام 2005 واحكام قانون الادارة المالية الاتحادية رقم (6) لسنة 2019 المعدل , الا اننا كما بينا سابقاً لابد ومن الضروري ان يتم تقرير مسؤوليتها بتوجيه السلطة التشريعية بأستخدام وسائلها الرقابية لضمان ذلك.

 

 

[1] حسن سلمان رشيد, سلطة مجلس النواب العراقي في الموازنة العامة , رسالة ماجستير , كلية القانون , جامعة كربلاء , 2018 , ص125

[2] شيماء نعمة عبود , الاختصاصات غير التشريعية للبرلمان , رسالة ماجستير , كلية الحقوق , جامعة الاسكندرية , 2017,ص115.

[3] حامد جسوم حمزة , دور ديوان الرقابة المالية الاتحادي في حماية المال العام , رسالة ماجستير , كلية القانون , جامعة بابل , 2015, ص91.

[4] ينظر : قرار المحكمة الاتحادية العليا رقم (190 / اتحادية / 2023) منشور على الموقع الالكتروني :

 https://www.iraqfsc.iq/searchkrar2.php

تاريخ الزيارة  16/9/2024 .

[5]د. عبدة الراجحي , التطبيق النحوي , منشورات دار المسيرة للنشر والطباعة , عمان , الاردن , 2012 , ص396.

[6]ينظر : المادة (11) من قانون الادارة المالية الاتحادي رقم (6) لسنة 2019 المعدل . منشور على موقع وزارة العدل العراقية :

 https://www.moj.gov.iq/view.4420/

تاريخ الزيارة 13/9/2024.

[7] ينظر: (1/ثالثا, عاشرا) من قانون الادارة المالية الاتحادية رقم (6) لسنة 2019 المعدل .

[8] المادة (28) من قانون الادارة المالية الاتحادية النافذ رقم(6) لسنة 2019 المعدل .

[9] ينظر:الاسباب الموجبة من  قانون الادارة المالية الاتحادية رقم (6) لسنة 2019 المعدل .

[10] المادة (27) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 النافذ .

[11] ينظر المادة (61 / سابعاً, ثامناً ) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 النافذ .

[12] ينظر : المادة (39) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 النافذ , والمادة (4) من قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم (30) لسنة 2005 المعدل .

[13] القضية 132 /اتحادية /2022  في 9/7/ 2022  ينظر في ذلك أ.د علي هادي عطية الهلالي , توجيه القضاء الدستوري أوامر ملزمة للسلطات في ظل الدعاوى المردودة القضية 132 لسنة 2022 انموذجاً , مقال منشور على موقع المحكمة الاتحادية العليا :

 https://www.iraqfsc.iq/news.4862/

  تاريخ الزيارة 18/9/2024 .