حقوق الطباعة محفوظة لدى مجلة كلية القانون والعلوم السياسية في الجامعة العراقية

حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمؤلف

حقوق النشر محفوظة للناشر (كلية القانون والعلوم السياسية - الجامعة العراقية)

CC BY-NC-ND 4.0 DEED

Printing rights are reserved to the Journal of the College of Law and Political Science at Aliraqia University

Intellectual property rights are reserved to the author

Copyright reserved to the publisher (College of Law and Political Science - Aliraqia University)

Attribution – Non-Commercial – No Derives 4.0 International

For more information, please review the rights and license

DOI: 10.61279/es4nw357

تاريخ الاستلام 1/1 تاريخ القبول 13/2

تاريخ النشر 25/٤/2025

الجوانب القانونية لعملة البيتكوين

«دراسة مقارنة»

The division of benefits and its role in managing common money in civil law

«A comparative study»

د. أسيـــل عبــد الأمير عبــد علــــي

وزارة التعليم العالي والبحث العلمي

Dr.Aseel Abd al-ameer Abd ali

Ministry of Higher Education and Scientific Research

aselabd28@gmail.com

المستخلص

يُعدُّ البيتكوين من العملات الرقمية المشفرة التي ظهرت في الآونة الاخيرة والتي يتم تداولها عالمياً عبر الانترنت كوسيلة للدفع الالكتروني نتيجة للتقدم التكنولوجي وتحول التجارة الالكترونية، فهذه العملات لا تتمتع بوجود مادي ملموس، ولا تصدر من الجهات الرسمية ولا تخضع لرقابتها .

ونود التنويه الى أن التطور الكبير الذي شهدناه في مجال العمل الالكتروني هو الذي ساهم في ايجاد طرق دفع الكترونية ونشوء فكرة تبادل للقيمة من خلال وسيط الكتروني الذي يمثل البيتكوين حلاً لهذه المشكلة من خلال جعل التمويلات المالية المباشرة سريعة وشفافة ويمكن ان نتتبعها بسهولة، الامر الذي اكسب الوضع غير النقدي للمعاملات التجارية قبولا ومهد الطريق لتأمين هذه العملة الرقمية وتواجدها ومن هنا ارتأينا دراسة عملة البيتكوين وبيان آلية عملها والتطلع الى تعريفها من قبل المنظمات الدولية والبنوك المركزية وبيان موقف التشريعات منها والآراء الفقهية والاقتصادية حول تكييفها وتحديد طبيعتها القانونية للتوصل في نهاية المطاف الى طريقة محتملة لتنظيم العملات بالنظر الى الطرق الني اتبعتها التشريعات المقارنة ....

الكلمات المفتاحية: البيتكوين، عملة رقمية، مشفرة، تنظيم تشريعي، طبيعة قانونية.

Abstract:

We would like to note that the great development we have witnessed in the field of electronic work is what contributed to the creation of electronic payment methods and the emergence of the idea of ​​exchanging value through an electronic intermediary, which represents Bit coin as a solution to this problem by making direct financial financing fast and transparent and we can easily track it, which gained the non-cash status of commercial transactions acceptance and paved the way for securing this digital currency and its presence. From here, we decided to study Bit coin and explain its mechanism of operation and look forward to defining it by international organizations and central banks and explaining the position of legislation on it and the jurisprudential and economic opinions on adapting it and determining its legal nature to ultimately reach a possible way to regulate currencies in light of the methods followed by comparative legislation….

Keywords: Bit coin, digital currency, encrypted, legislative regulation, legal nature.

المقدمة :

شهد العالم في السنوات الأخيرة تطوراً هائلاً في التكنولوجيا الرقمية، مما أدى إلى ظهور العديد من الابتكارات التي أثرت بشكل جذري على مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والقانونية. من بين هذه الابتكارات، برزت العملات المشفرة، وعلى رأسها البيتكوين، التي تُعتبر العملة الرقمية الأولى والأكثر شهرة وانتشاراً على مستوى العالم.

يمثل البيتكوين نقلة نوعية في مجال المال والأعمال، حيث يعمل خارج نطاق السيطرة التقليدية للمؤسسات المالية والحكومات، معتمداً على تقنية البلوك تشين اللامركزية التي تتيح تسجيل المعاملات بشكل آمن وشفاف. ومع تزايد استخدام البيتكوين وتبنيه من قبل الأفراد والشركات وحتى بعض الحكومات، برزت العديد من الإشكاليات القانونية التي تتطلب دراسة متعمقة وتحليلاً مقارناً لفهم الأطر القانونية المتعلقة به.

اهمية البحث :

تبرز أهمية هذا الموضوع من كونه يمس العديد من الجوانب القانونية والاقتصادية التي تؤثر على النظام المالي العالمي. فالبيتكوين، رغم كونه ابتكاراً تكنولوجياً، أثار العديد من التساؤلات حول طبيعته القانونية وتصنيفه ضمن النظم القانونية المختلفة. هل يُعتبر البيتكوين عملة قانونية؟ أم أنه يُصنف كأصل رقمي؟ وما هي القواعد التي تحكم استخدامه وتداوله؟ كما أن الطبيعة اللامركزية لهذه العملة خلقت تحديات قانونية جديدة، مثل كيفية مكافحة الجرائم المالية المرتبطة بها، كغسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وكذلك كيفية حماية المستخدمين من التقلبات الكبيرة في قيمتها. ومن هنا، تتجلى أهمية دراسة هذا الموضوع، ليس فقط لفهم الأطر القانونية التي تحكم البيتكوين، بل أيضاً للمساهمة في تطوير سياسات تشريعية وتنظيمية توازن بين تشجيع الابتكار وحماية النظام المالي.

هدف البحث :

تأتي أسباب دراسة هذا الموضوع نتيجة لعدة عوامل. أولاً، الزيادة المطردة في استخدام البيتكوين عالمياً، سواء كوسيلة للدفع أو كأداة للاستثمار، جعلت من الضروري دراسة الأطر القانونية التي تحكمه. ثانياً، التفاوت الكبير في التعامل القانوني مع البيتكوين بين الدول، حيث تبنت بعض الدول سياسات داعمة لتشجيع استخدام العملات المشفرة، بينما فرضت دول أخرى قيوداً صارمة أو حتى حظرت استخدامها، يطرح تساؤلات حول أفضل الممارسات القانونية في هذا السياق. ثالثاً، قلة الدراسات المقارنة التي تتناول هذا الموضوع بعمق، رغم أهميته المتزايدة. يُعد هذا البحث محاولة لسد هذه الفجوة من خلال تقديم دراسة مقارنة تشمل الأطر القانونية للبيتكوين في أنظمة قانونية مختلفة، مثل الولايات المتحدة، وبريطانيا، والاتحاد الأوروبي، بهدف استخلاص الدروس والتوصيات التي يمكن أن تفيد صناع القرار في الدول الأخرى.

اشكالية البحث:

أن المشكلة البحثية التي يسعى هذا البحث لمعالجتها، تتمثل في التحديات القانونية التي يثيرها البيتكوين وطبيعته الفريدة. فمن جهة، يواجه البيتكوين صعوبة في التكييف القانوني، حيث يختلف تصنيفه بين الدول؛ ففي بعض الأنظمة القانونية يُعتبر البيتكوين عملة، بينما يُعامل في أنظمة أخرى كأصل رقمي أو سلعة. ومن جهة أخرى، تثير الطبيعة اللامركزية للبيتكوين تساؤلات حول كيفية تطبيق القوانين عليه، خاصة في مجالات مثل الضرائب، ومكافحة غسل الأموال، وحماية المستهلك. كما أن استخدام البيتكوين في الأنشطة غير القانونية يثير تساؤلات حول كيفية تطوير آليات رقابية فعالة دون التضحية بمزايا اللامركزية التي تُعد من أبرز سماته.

منهجية البحث:

يعتمد البحث على المنهج التحليلي المقارن. يقوم المنهج الوصفي بتوضيح طبيعة البيتكوين وتطوره واستخداماته، بينما يُستخدم المنهج التحليلي لفحص النصوص القانونية والقرارات القضائية المتعلقة بالبيتكوين في الأنظمة القانونية المختلفة. أما المنهج المقارن، فيُستخدم لتسليط الضوء على أوجه التشابه والاختلاف بين الأطر القانونية للبيتكوين في الولايات المتحدة، وبريطانيا، والاتحاد الأوروبي، بهدف استخلاص الدروس والتوصيات.

المبحث الاول

ماهية عملة البيتكوين ومزاياها وعيوبها

إنَّ بيان ماهية عملة البيتكوين يتطلب التعرف على مفهومها (أولاً), وبيان خصائصها(ثانياً) وهذا ما سنبينَّه في فرعين وعلى النحو الآتي:

المطلب الاول: مفهوم عملة البيتكوين

البيتكوين : هو أحد أبرز الابتكارات التقنية في العصر الحديث، والذي أثار نقاشات واسعة في المجالات الاقتصادية والقانونية والفقهية. بدأت العملة بالظهور عام 2009 من خلال شخص مجهول أو مجموعة من الأشخاص تحت الاسم المستعار «ساتوشي ناكاموتو»، بهدف تقديم نظام مالي رقمي مستقل عن السيطرة التقليدية للمؤسسات المالية والحكومات. لفهم البيتكوين بشكل شامل، يتطلب الأمر دراسة التعريفات اللغوية والاصطلاحية والفقهية، إضافة إلى استعراض التعريفات الواردة في التشريعات المختلفة وتحليلها للوصول إلى تعريف قانوني مقترح يمكن أن يعكس طبيعة هذه العملة وأبعادها القانونية [1] .

من الناحية اللغوية، يمكن تقسيم كلمة «بيتكوين» (Bitcoin) إلى جزأين: «بيت» (Bit) وهي أصغر وحدة رقمية في الحوسبة، و»كوين» (Coin) وتعني العملة المعدنية. وبالتالي، يجمع المصطلح بين البعدين الرقمي والمالي، مما يعكس طبيعة البيتكوين كعملة رقمية تعتمد على التقنية والتداول الافتراضي بدلاً من الوسائل التقليدية[2] .

أما اصطلاحاً، فالبيتكوين يُعرف بأنه : عملة رقمية مشفرة تعمل على نظام لامركزي يسمى البلوك تشين. تُستخدم هذه العملة كوسيلة للتبادل يتم تخزينها والتحقق منها بواسطة شبكة من الحواسيب دون الحاجة إلى طرف ثالث مثل البنوك. تختلف البيتكوين عن العملات التقليدية من حيث عدم وجود شكل مادي لها، واعتمادها بالكامل على التشفير لضمان أمان المعاملات ومنع التزوير. يعتمد البيتكوين على ما يُعرف بـ «التعدين»، وهو عملية حسابية معقدة تُستخدم لإصدار عملات جديدة والتحقق من صحة المعاملات[3].

اما على الصعيد الفقهي، قدم العديد من الفقهاء القانونيين تعريفات متنوعة للبيتكوين، تعكس تباين الرؤى حول طبيعته القانونية. على سبيل المثال، يرى الفقيه الألماني «فولفغانغ كيرشنر» أن البيتكوين يُعد أصلاً رقمياً وليس عملة بالمعنى التقليدي، نظراً لعدم صدوره عن جهة سيادية وعدم إلزاميته كوسيلة للدفع. ويعتبر كيرشنر أن البيتكوين يُشبه الأصول المالية الأخرى مثل الأسهم والسندات من حيث قابليته للتداول، لكنه يتميز عنها بعدم وجود قيمة أساسية ترتبط به مثل الأصول المادية أو الإنتاج الاقتصادي [4].

أما الفقيه البريطاني «جوناثان فورد»، فقد وصف البيتكوين بأنه «وسيلة دفع رقمية غير قانونية لكنها شرعية». ويعني بذلك أن البيتكوين، رغم عدم اعتراف العديد من الدول به كعملة قانونية، يمكن استخدامه في التبادل التجاري طالما أن الطرفين المتعاملين يقبلان به كوسيلة للدفع. ويرى فورد أن البيتكوين يمثل تحدياً للنظم المالية التقليدية، مما يفرض ضرورة تطوير أطر قانونية جديدة تتماشى مع هذا الابتكار[5] .

ويرى الباحث الفرنسي جان تيبو أن البيتكوين هو رمز رقمي يتم تداوله عبر شبكة لامركزية كوسيلة للتبادل، لكنه لا يحمل خصائص العملة القانونية لأنه لا يصدر عن سلطة حكومية معترف بها. ويعتبر أن البيتكوين يشبه نظام المقايضة الرقمي، حيث يعتمد على قبول الأطراف المتعاملين به، لكنه يفتقر إلى القيمة الثابتة التي تميز العملات القانونية [6].

من جهة أخرى، يصف الكاتب الأمريكي جوزيف ستايغلر البيتكوين بأنه : أصل مالي جديد يعتمد على التشفير لضمان الأمان، ويتميز بكونه عملة غير سيادية، مما يجعله وسيلة لتجاوز الأنظمة المالية التقليدية. ويشير إلى أن البيتكوين يشكل تحدياً كبيراً للنظم المالية المركزية، لكنه يرى أن غياب التنظيم القانوني قد يحد من استقراره على المدى الطويل[7] .

وفي السياق العربي، قدم الدكتور محمد جاد الحق من مصر تعريفه للبيتكوين، حيث اعتبرها عملة افتراضية قائمة على نظام تشفير خاص، تُستخدم كوسيلة للتبادل عبر الإنترنت، لكنها ليست عملة شرعية بالمعنى القانوني لأنها لا تحمل ضماناً حكومياً أو غطاءً مالياً ملموساً. ويرى أن البيتكوين يُثير إشكاليات قانونية كبيرة، خاصة في التعاملات العابرة للحدود، نظراً لغياب التنظيم الدولي الموحد الذي ينظم استخدام هذه العملة [8] .

أما الباحث السعودي عبدالله بن ناصر الحجيلي، فقد قدم تعريفاً مختلفاً للبيتكوين، حيث وصفه بأنه وحدة رقمية مستقلة عن السلطات المالية التقليدية، تعمل عبر تقنية البلوك تشين كوسيلة لتبادل القيم والخدمات، وتُعتبر ذات طبيعة هجينة بين الأصول المالية والعملة الافتراضية ويشير إلى أن البيتكوين يحتاج إلى تنظيم شرعي وقانوني لضبط استخدامه، خاصة مع تصاعد استخدامه في الأنشطة غير المشروعة مثل غسيل الأموال وتمويل الإرهاب[9] .

تُظهر هذه التعريفات، سواء من الفقه الغربي أو العربي، تنوعاً في النظرة إلى البيتكوين بين اعتباره وسيلة للتبادل، وأصل مالي، وأداة اقتصادية مبتكرة. كما تعكس التحديات المشتركة التي يواجهها المجتمع الدولي في فهم طبيعة هذه العملة المشفرة ووضع إطار قانوني متماسك لتنظيم استخدامها، بما يحقق التوازن بين تشجيع الابتكار وضمان الاستقرار القانوني والاقتصادي.

وفيما يتعلق بالتشريعات، تختلف التعريفات القانونية للبيتكوين من دولة إلى أخرى. في الولايات المتحدة، تُصنف البيتكوين ضمن فئة الأصول الرقمية، حيث اعتبرتها هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC) في إطارها التنظيمي لعام 2019 ليست عملة قانونية بل سلعة رقمية تخضع لتنظيمات الأصول المالية[10].

أما في الاتحاد الأوروبي، فقد أصدر البرلمان الأوروبي التشريع رقم 858/2019 المعروف بلائحة الأسواق في الأصول الرقمية، حيث عرّف العملات الرقمية بأنها : «أصول مشفرة تُستخدم كوسيلة للتبادل أو التخزين الرقمي للقيمة، يتم تداولها عبر منصات رقمية لامركزية، ولا تعتبر عملة قانونية صادرة عن دولة أو بنك مركزي». يعكس هذا التعريف اهتمام الاتحاد الأوروبي بوضع إطار تنظيمي موحد لتداول العملات الرقمية بين الدول الأعضاء[11]. في المقابل، تعتبر اليابان البيتكوين وسيلة دفع قانونية، وفقاً للتعديلات التي أُدخلت على قانون خدمات الدفع الياباني عام 2017 [12].

التشريع البريطاني يميز بين البيتكوين كأصل مالي وبين العملات التقليدية. تُشرف هيئة السلوك المالي البريطانية (FCA) على تنظيم التعاملات التي تستخدم البيتكوين، لكنها لا تعترف به كعملة قانونية. وقد أكدت الهيئة على أهمية حماية المستثمرين من المخاطر المرتبطة بالتداول في العملات الرقمية، نظراً للتقلبات الكبيرة في قيمتها وغياب الضمانات التقليدية [13]

عند تحليل هذه التعريفات، يمكننا ملاحظة أن الفقهاء والمشرعين يواجهون صعوبة في تصنيف البيتكوين بسبب طبيعته الفريدة. من جهة، يتمتع البيتكوين بخصائص العملة، مثل كونه وسيلة للتبادل وقابليته للقسمة والنقل. ومن جهة أخرى، يفتقر إلى الخصائص التقليدية للعملة القانونية، مثل الاعتراف الحكومي والإلزامية كوسيلة للدفع. كما أن تقلبات قيمته واعتماده على تقنية غير مركزية تُعقد المسألة القانونية، حيث يصعب إخضاعه للنظم التقليدية المعتمدة على التنظيم المركزي. تُظهر التعريفات الفقهية والقانونية كذلك تفاوتاً كبيراً في النظرة إلى البيتكوين. فبينما يراه البعض مجرد أصل رقمي أو سلعة مالية، يراه آخرون عملة رقمية ذات طبيعة مبتكرة تتطلب إطاراً قانونياً خاصاً. وقد أدى هذا التفاوت إلى ظهور تحديات قانونية جديدة، مثل تحديد المسؤولية القانونية في حال فقدان البيتكوين أو استخدامه في أنشطة غير مشروعة، وتطوير أنظمة ضريبية تتناسب مع طبيعة التعاملات الرقمية.

بناءً على ما سبق، يمكن اقتراح تعريف قانوني شامل للبيتكوين يأخذ في الاعتبار جميع الأبعاد الفقهية والتشريعية المرتبطة به. يُعرف البيتكوين بأنه : «أصل رقمي مشفر يُستخدم كوسيلة للتبادل أو الاستثمار، يعمل على نظام لامركزي يعتمد على تقنية البلوك تشين، ويتميز بعدم خضوعه لسلطة مركزية أو تنظيم قانوني تقليدي». يعكس هذا التعريف الطابع الرقمي للبيتكوين، مع الإشارة إلى طبيعته كوسيلة للتبادل والاستثمار. كما يبرز الجانب اللامركزي الذي يُعد أحد أبرز سماته، مع مراعاة عدم الاعتراف القانوني التقليدي به في العديد من الدول. ويمثل هذا التعريف محاولة لتقديم رؤية شاملة ومتكاملة حول طبيعة البيتكوين، تجمع بين الفهم التقني والقانوني والاقتصادي. ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر هو تطوير إطار قانوني عالمي يمكنه التعامل مع البيتكوين والعملات المشفرة الأخرى بشكل يوازن بين تشجيع الابتكار وضمان استقرار النظام المالي.

المطلب الثاني: مزايا وعيوب عملة البيتكوين

استخدام البيتكوين، باعتبارها إحدى أبرز العملات الرقمية المشفرة، أثار جدلاً واسعاً على المستوى القانوني والاقتصادي نظراً لما تقدمه من مزايا عديدة وما تطرحه من تحديات وعيوب. البيتكوين، التي تعتمد على تقنية البلوك تشين، أصبحت ظاهرة عالمية تُستخدم في مجموعة متنوعة من المجالات، من التجارة الإلكترونية إلى الاستثمار، وحتى في بعض الحالات كوسيلة للتهرب من القيود الاقتصادية. ومع ذلك، فإن تقييم استخدامها يتطلب توازناً دقيقاً بين استعراض الفوائد والعيوب المرتبطة بها[14].

اولاً- مزايا البيتكوين :

من بين أبرز مزايا استخدام البيتكوين:

 مسألة اللامركزية على رأس قائمة المزايا، فالبيتكوين ليست تحت سيطرة أي جهة مركزية أو حكومة، مما يجعلها وسيلة تبادل مستقلة وغير خاضعة للتدخلات السياسية أو الاقتصادية. هذا يوفر للمستخدمين حرية أكبر في التعامل بعيداً عن القيود التي تفرضها البنوك المركزية أو المؤسسات المالية التقليدية. اللامركزية تُعتبر عاملاً مهماً في زيادة الثقة بين المستخدمين الذين يبحثون عن نظام مالي مستقل يحد من التأثيرات السلبية الناتجة عن القرارات الاقتصادية الحكومية، خاصة في الدول التي تعاني من تضخم مرتفع أو انهيار العملة المحلية [15]

 ميزة أخرى للبيتكوين هي السرعة والكفاءة في المعاملات. على عكس التحويلات البنكية التقليدية التي قد تستغرق أياماً لإتمامها، خاصة في العمليات الدولية، يمكن للبيتكوين إتمام المعاملات في غضون دقائق، بغض النظر عن المسافات الجغرافية. هذه السرعة تُعد ميزة كبيرة للشركات والأفراد الذين يحتاجون إلى إتمام الصفقات بسرعة، مما يعزز من مرونة الأعمال ويقلل من التكاليف المرتبطة بعمليات الوساطة البنكية [16]

 كما أن البيتكوين توفر مستوى عالياً من الخصوصية للمستخدمين. بينما تُسجل جميع المعاملات على شبكة البلوك تشين، تظل هوية الأطراف المعنية مخفية خلف عناوين رقمية. هذا يجعل من البيتكوين وسيلة جذابة للأفراد الذين يفضلون الحفاظ على خصوصيتهم في التعاملات المالية، خاصة في ظل تزايد المخاوف من تتبع البيانات الشخصية واستخدامها بشكل غير قانوني[17] .

 إضافة إلى ذلك، يُعتبر البيتكوين أداة استثمارية جذابة نظراً لإمكانية تحقيق أرباح كبيرة بسبب تقلبات قيمتها. على الرغم من أن هذا التقلب يُعد تحدياً، إلا أنه جذب العديد من المستثمرين الذين يسعون لتحقيق عوائد مرتفعة في فترة زمنية قصيرة. البيتكوين أيضاً تُعتبر وسيلة للتحوط ضد التضخم، حيث إنها غير مرتبطة بالسياسات النقدية للبنوك المركزية التي قد تؤدي إلى فقدان قيمة العملات التقليدية[18].

ثانيا- عيوب البيتكوين

ورغم هذه المزايا، لا يمكن تجاهل العيوب والتحديات التي تواجه استخدام البيتكوين:

الطبيعة غير المنظمة للبيتكوين تُثير قلقاً قانونياً كبيراً. العديد من الدول لم تعتمد حتى الآن إطاراً تنظيمياً واضحاً للتعامل مع البيتكوين، مما يخلق حالة من عدم اليقين القانوني للمستخدمين والمستثمرين على حد سواء. غياب التنظيم يجعل من الصعب حماية حقوق الأطراف المعنية وضمان الشفافية في المعاملات[19] .

التقلب الكبير في قيمة البيتكوين يُشكل تحدياً رئيسياً. بينما يُنظر إلى هذا التقلب على أنه فرصة للمستثمرين، فإنه يُسبب قلقاً كبيراً للمستخدمين الذين يعتمدون عليها كوسيلة للدفع أو التبادل. انخفاض قيمة البيتكوين بشكل حاد في فترات زمنية قصيرة قد يؤدي إلى خسائر مالية كبيرة، مما يجعلها وسيلة غير موثوقة لإجراء المعاملات اليومية [20] .

تُعتبر البيتكوين وسيلة مُفضلة للأعمال غير القانونية. بسبب طبيعتها التي تضمن الخصوصية وصعوبة تتبع المستخدمين، تُستخدم البيتكوين في تمويل الأنشطة غير المشروعة مثل غسيل الأموال، تجارة المخدرات، وتمويل الإرهاب هذه الاستخدامات غير القانونية تُسبب قلقاً كبيراً للمشرعين والجهات التنظيمية، مما دفع العديد من الحكومات إلى فرض قيود صارمة على تداولها[21] .

التأثير البيئي السلبي يُعد من أبرز العيوب المرتبطة بالبيتكوين. عملية التعدين، التي تُعد ضرورية للحفاظ على أمان شبكة البلوك تشين، تتطلب استهلاكاً هائلاً للطاقة. هذا الاستهلاك الكبير للكهرباء له تأثيرات بيئية سلبية، خاصة في ظل الاعتماد على مصادر طاقة غير متجددة في العديد من البلدان [22] .

عدم قابلية البيتكوين للاستخدام كعملة قانونية في العديد من الدول يُشكل عائقاً أمام انتشارها. غياب الاعتراف القانوني بها يجعل من الصعب استخدامها كوسيلة دفع مقبولة على نطاق واسع، مما يحد من قدرتها على أن تحل محل العملات التقليدية. إضافة إلى ذلك، فإن تقلبها يجعل من الصعب تسعير السلع والخدمات بدقة، مما يُعقد من استخدامها في الحياة اليومية [23]

أخيراً، مشكلة الأمان تُعد من القضايا الرئيسية التي تواجه البيتكوين. على الرغم من أن تقنية البلوك تشين توفر مستوى عالياً من الأمان، إلا أن محافظ العملات الرقمية ومنصات التداول تُعتبر عرضة للهجمات الإلكترونية. العديد من المستخدمين فقدوا أموالهم بسبب الاختراقات أو النصب، مما يُبرز الحاجة إلى تطوير تقنيات أمان أفضل لحماية أموال المستخدمين[24] .

خلاصة الراي، يمكننا القول إن البيتكوين تحمل مزيجاً من المزايا والعيوب التي تجعلها موضوعاً مثيراً للجدل. المزايا مثل اللامركزية، السرعة، الخصوصية، والإمكانيات الاستثمارية تجعلها وسيلة مالية مبتكرة تحمل وعداً كبيراً لمستقبل النظام المالي العالمي. ومع ذلك، فإن العيوب مثل التقلب الكبير، غياب التنظيم، الاستخدامات غير القانونية، والتأثيرات البيئية تُشكل تحديات كبيرة تحتاج إلى معالجة. لتحقيق أقصى استفادة من البيتكوين وتقليل مخاطرها، يجب على الدول وضع أطر تنظيمية واضحة ومتوازنة تأخذ بعين الاعتبار هذه التحديات دون خنق الابتكار. فقط من خلال هذا التوازن يمكن للبيتكوين أن تحقق إمكانياتها الكاملة كجزء من النظام المالي العالمي ومن الجدير بالإشارة الى وجود علاقة وثيقة بين البيتكوين والبلوكشين، إذ كلاهما يمثلان اثنين من الابتكارات التقنية التي أثرت بشكل كبير في الاقتصاد العالمي، وأحدثت تحولاً جذرياً في طريقة التفكير بشأن المال، التكنولوجيا، والقانون. البيتكوين هي العملة الرقمية الأكثر شهرة، والبلوكشين هو التقنية التي تمثل العمود الفقري لها. لفهم العلاقة بين هذين العنصرين، من الضروري استكشاف البعد القانوني والتقني لكل منهما، مع التركيز على كيفية تنظيم الدول المختلفة لهذه العلاقة، خاصة في الولايات المتحدة، بريطانيا، الاتحاد الأوروبي، وغيرها من الدول التي اعتمدت تشريعات أو سياسات محددة لتعزيز أو تقييد استخدام هذه التكنولوجيا[25] .

البلوكشين هو نظام توزيع رقمي يسمح بتسجيل المعاملات بطريقة لامركزية وآمنة وشفافة. يعتمد النظام على تقنيات التشفير وآليات التوافق لضمان صحة المعاملات وعدم إمكانية تغييرها بعد تسجيلها. هذه التقنية لا تقتصر على العملات الرقمية فحسب، بل تمتد لاستخدامات أوسع تشمل العقود الذكية، سلاسل التوريد، التمويل اللامركزي، والتصويت الإلكتروني. أما البيتكوين، فهو التطبيق الأول والأكثر شهرة لتقنية البلوكشين، حيث تُستخدم التقنية لتسجيل جميع المعاملات التي تتم باستخدام العملة الرقمية بطريقة آمنة ومشفرة [26] .

من الناحية القانونية، البيتكوين والبلوكشين يثيران العديد من القضايا التنظيمية التي تختلف من دولة إلى أخرى بناءً على الأطر التشريعية والسياسات الوطنية. في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، هناك تباين في التعامل مع البيتكوين والبلوكشين بين الهيئات التنظيمية. لجنة الأوراق المالية والبورصات (SEC) تنظم البيتكوين عندما يُعتبر ورقة مالية، بينما لجنة تداول السلع الآجلة (CFTC) تعتبر البيتكوين سلعة. على المستوى التقني، ولايات مثل وايومنغ وديلاوير كانت سباقة في إصدار تشريعات تعترف باستخدام البلوكشين لتسجيل العقود الذكية والشركات. على النقيض، نجد أن الاتحاد الأوروبي، رغم اعترافه بإمكانات البلوكشين، إلا أنه يتخذ نهجاً أكثر توحيداً من خلال لائحة الأسواق في الأصول المشفرة (MiCA) التي تهدف إلى تنظيم استخدام التقنية في إصدار وتداول العملات الرقمية[27] .

في بريطانيا، يُنظم البلوكشين ضمن قوانين قائمة مثل قانون حماية البيانات وقوانين مكافحة غسيل الأموال. هيئة السلوك المالي (FCA) تُشرف على تطبيقات البلوكشين في القطاع المالي لضمان الامتثال للقوانين، خاصة تلك المتعلقة بحماية المستهلك ومكافحة الاحتيال. من جهة أخرى، أصدرت فرنسا قانون PACTE لعام 2019، الذي يوفر إطاراً قانونياً شاملاً للأصول المشفرة واستخدام البلوكشين[28] يتم استخدام البلوكشين في فرنسا لتسجيل السندات والعقود، مما يعكس رغبة الدولة في تعزيز الابتكار مع وضع ضوابط قانونية واضحة [29] اما في الصين، رغم حظرها العملات الرقمية مثل البيتكوين، تعتبر من أبرز الدول التي استثمرت في تطوير تقنية البلوكشين. مشروع شبكة الخدمات القائمة على البلوكشين (BSN) الذي أطلقته الحكومة الصينية يهدف إلى تعزيز الابتكار في استخدام البلوكشين في مجالات مثل التمويل وسلاسل التوريد. ومع ذلك، تفرض الصين قيوداً صارمة على التطبيقات المرتبطة بالتقنية لضمان الأمن القومي والسيطرة على البيانات[30]

ان العلاقة بين البيتكوين والبلوكشين ليست مجرد علاقة تقنية، بل تمتد إلى النواحي القانونية والاقتصادية والاجتماعية. البيتكوين يعتمد بالكامل على البلوكشين كوسيلة لتسجيل المعاملات بطريقة آمنة وشفافة. من الناحية القانونية، البيتكوين غالباً ما يُنظم كأصل مالي أو وسيلة دفع، بينما يُنظر إلى البلوكشين كتقنية يمكن استخدامها في مجموعة واسعة من التطبيقات. هذا التمييز بين الجوانب التقنية والمالية يثير تحديات تنظيمية معقدة تتطلب تعاوناً بين الجهات التشريعية والتقنية. ومن أبرز التحديات القانونية المرتبطة بتقنية البلوكشين هو التنسيق الدولي، نظراً للطبيعة العابرة للحدود لهذه التقنية. تتطلب البلوكشين معايير قانونية موحدة لضمان استخدامها بشكل آمن وفعال. في الوقت نفسه، تواجه الدول تحديات تقنية في فهم آليات عمل البلوكشين وكيفية تضمينها في الإطار القانوني. كما أن قضايا حماية البيانات تشكل عائقاً كبيراً أمام تنظيم البلوكشين، خاصة في الاتحاد الأوروبي، حيث تطبق اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR)[31]

من الجوانب المهمة الأخرى للعلاقة بين البيتكوين والبلوكشين هو استخدام العقود الذكية. العقود الذكية هي برامج تُنفذ تلقائياً عند توافر شروط معينة، ويتم تسجيلها وإدارتها عبر البلوكشين. هذه العقود تُعتبر أداة قانونية وتقنية جديدة تتطلب إعادة تعريف المفاهيم التقليدية للعقود. من الناحية القانونية، تعترف بعض الدول مثل الولايات المتحدة وفرنسا بالعقود الذكية كأداة قانونية، بينما لا تزال دول أخرى تدرس كيفية تنظيمها[32].

لتنظيم العلاقة بين البيتكوين والبلوكشين بشكل فعال، هناك حاجة إلى أطر قانونية مرنة تأخذ بعين الاعتبار التطور السريع للتكنولوجيا. يجب أن تكون هذه الأطر قادرة على تعزيز الابتكار مع ضمان الامتثال للقوانين. يمكن تحقيق ذلك من خلال وضع معايير دولية تُسهل التنسيق بين الدول وتحد من التناقضات التنظيمية. بالإضافة إلى ذلك، من المهم تعزيز التوعية بين المشرعين والقضاة والمحامين حول آليات عمل البلوكشين لتجنب سوء الفهم وتطبيق القوانين بطريقة عادلة وفعالة[33] على الرغم من التحديات، فإن العلاقة بين البيتكوين والبلوكشين تمثل فرصة كبيرة لتحقيق الكفاءة والشفافية في العديد من القطاعات. من خلال تطوير الأطر القانونية والتنظيمية المناسبة، يمكن للدول أن تستفيد من إمكانات هذه التقنية مع تقليل المخاطر المرتبطة بها. تظل المسألة الأساسية هي تحقيق التوازن بين تعزيز الابتكار وحماية حقوق الأفراد وضمان استقرار النظام المالي. إن التطور المستمر للتكنولوجيا يتطلب أن تكون القوانين قادرة على التكيف بسرعة لمواكبة التحديات والفرص الجديدة التي تطرحها البيتكوين والبلوكشين[34]

المبحث الثاني

الطبيعة القانونية للبيتكوين

البيتكوين، باعتبارها ظاهرة حديثة ومعقدة، أثارت جدلاً واسعاً حول طبيعتها القانونية، حيث تتباين الرؤى التشريعية والفقهية في تحديد ما إذا كانت تُعتبر سلعة، أو أصلًا رقميًا، أو نقودًا، أو أي تصنيف قانوني آخر. وتعكس هذه الرؤى اختلاف النهج التنظيمي بين الدول بناءً على أنظمتها القانونية واحتياجاتها الاقتصادية. في الولايات المتحدة، تُعامل البيتكوين بطرق مختلفة حسب السياق القانوني. على سبيل المثال، تُصنفها هيئة تداول السلع الآجلة (CFTC) على أنها سلعة بموجب قانون تبادل السلع لعام 1936، مما يعني أنها تخضع لتنظيم الأسواق والعقود الآجلة للسلع [35] في المقابل، ترى هيئة الأوراق المالية والبورصات (SEC) أن البيتكوين ليست ورقة مالية لأنها لا تمثل حصة في شركة أو التزامًا دينياً، لكنها قد تكون خاضعة لقوانين مكافحة الاحتيال إذا استخدمت كوسيلة لجمع الأموال من المستثمرين[36] .

وفي بريطانيا، تعتبر هيئة السلوك المالي (FCA) البيتكوين «أصلًا مشفرًا غير منظم»، مما يعني أنها ليست نقودًا قانونية ولا تخضع للتنظيم باعتبارها سلعة أو أداة مالية، ولكنها قد تخضع للقوانين ذات الصلة بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. ينظر النظام القانوني البريطاني إلى البيتكوين كوسيلة لتخزين القيمة أو نقلها، مما يجعل استخدامها متاحًا بحرية نسبية مع وجود ضوابط محددة للتداول[37].

أما في فرنسا، فقد اتخذت الحكومة نهجًا أكثر صرامة من خلال تصنيف البيتكوين كأصل رقمي. وفقًا لقانون Pacte الصادر عام 2019، تُعتبر البيتكوين نوعًا من الأصول الرقمية التي يمكن تداولها بين الأفراد أو عبر منصات التداول، لكنها ليست عملة قانونية. يشدد القانون الفرنسي على ضرورة تسجيل مقدمي خدمات الأصول الرقمية لدى السلطات المختصة، مما يُبرز التركيز على حماية المستهلك ومنع الأنشطة غير المشروعة[38] وفي الاتحاد الأوروبي ككل، تُعتبر البيتكوين أداة مالية ذات طبيعة خاصة. وفقًا للتشريع رقم 858/2019 المعروف بلائحة الأسواق في الأصول الرقمية، تُصنف البيتكوين كأصل مشفر يُستخدم كوسيلة لتخزين القيمة أو التبادل، لكنها ليست عملة قانونية. يعكس هذا التصنيف رغبة الاتحاد الأوروبي في وضع إطار قانوني موحد لتداول البيتكوين مع احترام خصوصية الدول الأعضاء [39].

من الجانب الفقهي، تتعدد الآراء بين الفقهاء حول الطبيعة القانونية للبيتكوين. في الولايات المتحدة، يرى الفقيه جوزيف ستايغلر أن البيتكوين أقرب إلى أصل مالي أو سلعة، إذ تُستخدم كأداة استثمارية لكنها تفتقر إلى الخصائص التي تجعلها عملة قانونية، مثل الثبات في القيمة والاعتراف الحكومي [40] .

بينما يرى الفقيه البريطاني جوناثان هيل أن البيتكوين تُشكل وسيلة مبتكرة لتخزين القيمة، لكنها ليست نقودًا لأنها لا تخضع لتنظيم مركزي ولا تُستخدم كوسيلة دفع مقبولة على نطاق واسع [41] .

في السياق الفرنسي، يُشير الفقيه مارك روتيه إلى أن البيتكوين تُعد أصلًا رقميًا ذا طبيعة اقتصادية جديدة، لكنه لا يحمل الصفة القانونية للعملات أو السلع التقليدية، مما يجعله في منطقة قانونية رمادية [42] بينما يرى محمد جاد الحق من مصر أن البيتكوين تمثل وحدة رقمية مستقلة يمكن تصنيفها كوسيلة تبادل افتراضية، لكنها ليست عملة شرعية لأنها لا تصدر عن جهة سيادية ولا تحمل غطاءً ماليًا ملموسًا[43] .

تحليل هذه الآراء يُبرز أوجه الاختلاف بين كون البيتكوين سلعة أو أصلًا رقميًا أو نقودًا. إذا نظرنا إليها كسلعة، فإن طبيعتها المادية المفقودة تُثير تساؤلات حول كيفية تقييمها وضمان استقرار قيمتها. وإذا اعتُبرت أصلًا رقميًا، فإنها تندرج ضمن الأصول المالية الحديثة التي تعتمد على التكنولوجيا، مما يجعلها عرضة لمخاطر التلاعب والتقلب. أما إذا اعتُبرت نقودًا، فإن غياب الاعتراف الحكومي بها وعدم قدرتها على أداء وظائف النقود التقليدية الثلاث ( وسيلة للتبادل، وحدة قياس، مخزن للقيمة) يجعل هذا التصنيف محل نقاش. بالتالي، يمكن القول إن الطبيعة القانونية للبيتكوين تعتمد بشكل كبير على السياق القانوني والاقتصادي للدولة. في حين تسعى الدول الغربية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي إلى إيجاد توازن بين تشجيع الابتكار التكنولوجي وحماية الأنظمة المالية، تميل بعض الدول الأخرى إلى الحذر وتنظيم البيتكوين بصرامة لتجنب التحديات القانونية والاقتصادية المرتبطة بها. في النهاية، يتطلب التصنيف القانوني للبيتكوين توافقًا دوليًا على تعريفها ووضع إطار قانوني مرن وشامل يعكس طبيعتها المبتكرة ويواجه التحديات التي تفرضها وعليه فان الطبيعة القانونية للبيتكوين تدور حول فرضيات سنناقشها من خلال المطالب الاتية :

المطلب الاول: قبول عملة البيتكوين في اداء الالتزامات النقدية

عملة البيتكوين تمثل واحدة من أبرز الظواهر المالية والاقتصادية التي أثارت نقاشات قانونية عميقة حول طبيعتها القانونية ومدى إمكانية اعتمادها كوسيلة لسداد الالتزامات المالية التي يكون محلها دفع مبلغ من النقود. هذه النقاشات تتعلق بالسؤال المحوري حول ما إذا كانت البيتكوين تُعتبر نقودًا بالمعنى القانوني التقليدي، أم أنها تمثل نوعًا من الأصول الرقمية أو السلع القابلة للتداول. لتحليل هذا الموضوع، يجب استعراض الأطر القانونية والتشريعية والفقهية والقضائية المتعلقة بالبيتكوين في عدد من الدول مثل الولايات المتحدة، وبريطانيا، والاتحاد الأوروبي، وغيرها.

في الولايات المتحدة، الوضع القانوني للبيتكوين يختلف بناءً على السياق الذي تُستخدم فيه. فعلى سبيل المثال، تصنف مصلحة الضرائب الأمريكية (IRS) البيتكوين كأصل رقمي وليس كعملة قانونية، مما يعني أن استخدامها كسداد للالتزامات المالية يخضع لقواعد الضرائب على الأصول، بما في ذلك فرض ضرائب على الأرباح الرأسمالية الناتجة عن ارتفاع قيمة البيتكوين. في الوقت نفسه، اعترفت بعض الولايات مثل وايومنغ بالبيتكوين كوسيلة للتبادل، مما يوفر بعض الغطاء القانوني لاستخدامها في تسوية الالتزامات. ومع ذلك، لا يزال هناك غموض حول كيفية تطبيق القوانين الفيدرالية المتعلقة بالعملات على البيتكوين، مما يجعل استخدامها في سداد الالتزامات محلًا للنقاش والجدل[44] .

في بريطانيا، البيتكوين ليست معترفًا بها كعملة قانونية، لكنها تُعتبر أصولًا قابلة للتحويل. هيئة السلوك المالي البريطانية (FCA) أصدرت توجيهات واضحة بشأن الأصول الرقمية، حيث اعتبرت البيتكوين «رمزًا تبادليًا» وليس «نقدًا إلكترونيًا». وبالتالي، يمكن استخدام البيتكوين في سداد الالتزامات المالية فقط إذا وافق الطرفان على ذلك. هذا الاعتراف الضمني يضع البيتكوين في إطار قانوني مختلف عن النقود التقليدية، حيث إنها لا تحمل نفس الصفة الإلزامية للعملة الوطنية في المعاملات. مع ذلك، هناك حالات قضائية في بريطانيا أظهرت استعداد المحاكم للنظر في العقود التي تتضمن الدفع بالبيتكوين، ما يفتح المجال لاستخدامها بشكل أوسع [45] .

في الاتحاد الأوروبي، الوضع القانوني للبيتكوين يختلف بين الدول الأعضاء، حيث لا توجد سياسة موحدة حتى الآن. محكمة العدل الأوروبية (CJEU) أصدرت حكمًا في عام 2015 يعتبر أن البيتكوين ليست سلعة، وبالتالي فإن تداولها معفى من ضريبة القيمة المضافة. ومع ذلك، فإن هذا الحكم لا يعني أن البيتكوين تُعتبر عملة قانونية. في ألمانيا، على سبيل المثال، تم الاعتراف بالبيتكوين كـ»وحدة حساب» يمكن استخدامها في التداولات المالية، ما يجعلها وسيلة ممكنة لسداد الالتزامات إذا وافق الأطراف على ذلك. في المقابل، دول مثل فرنسا وضعت قيودًا أكثر صرامة على استخدام البيتكوين في المعاملات المالية، حيث يُنظر إليها كأصل رقمي يخضع لقوانين مكافحة غسيل الأموال[46] .

في الصين، ورغم الحظر الصارم على العملات الرقمية، فإن هناك اعترافًا ضمنيًا بأهمية تقنية البلوكشين التي تدعم البيتكوين. الحكومة الصينية لا تسمح باستخدام البيتكوين كوسيلة قانونية لسداد الالتزامات المالية، لكن يمكن استخدامها كأصل استثماري تحت ضوابط مشددة. هذا الموقف يعكس قلق السلطات من تأثير العملات الرقمية على الاستقرار المالي الوطني، مع السماح باستخدام التكنولوجيا نفسها لتحسين الكفاءة في القطاعات الأخرى[47].

من الناحية الفقهية، آراء الفقهاء تتفاوت بشكل كبير حول الطبيعة القانونية للبيتكوين وإمكانية استخدامها لسداد الالتزامات. هناك من يرى أن البيتكوين يمكن أن تُعامل كأموال بناءً على القبول الاجتماعي لها كوسيلة تبادل، وهو موقف يرتكز على النظريات التقليدية للنقود التي تعتمد على الثقة والقبول. في المقابل، هناك من يعارض هذا الرأي ويرى أن البيتكوين، نظرًا لتقلب قيمتها الكبير وغياب ضمان حكومي، لا يمكن أن تُعتبر نقودًا بالمعنى القانوني[48] .

أما في النظام القضائي، فقد شهدت بعض المحاكم قضايا تتعلق باستخدام البيتكوين في سداد الالتزامات. في الولايات المتحدة، صدرت أحكام قضائية تعترف بالبيتكوين كأصل يمكن استخدامه في العقود المالية. على سبيل المثال، في قضية United States v. Ulbricht، أُقر بأن البيتكوين يُعتبر وسيلة تبادل صالحة، رغم أنه ليس عملة قانونية [49] في بريطانيا، قضية AA v. Rainer Böhme, أكدت أن البيتكوين يُعتبر «ملكية»، مما يفتح المجال لاستخدامه في تسوية الديون[50] هذه الأحكام القضائية تعكس توجهاً متزايداً للاعتراف القانوني بالبيتكوين في نطاقات محدودة.

التحدي الأساسي في استخدام البيتكوين لسداد الالتزامات المالية يكمن في تقلب قيمته. هذا التقلب يجعل من الصعب تحديد القيمة الفعلية للالتزامات المسددة بالبيتكوين في وقت معين. إضافة إلى ذلك، هناك قضايا قانونية تتعلق بحماية المستهلكين، حيث يمكن أن يؤدي انخفاض قيمة البيتكوين بشكل مفاجئ إلى خسائر كبيرة للطرف الذي يقبلها كوسيلة دفع. هذا الأمر دفع بعض الدول إلى فرض قيود على استخدام البيتكوين كوسيلة لتسوية الديون، بينما لجأت دول أخرى إلى توفير أطر قانونية لتنظيم هذا الاستخدام[51] .

على الصعيد الفني، تقنية البلوكشين التي تقوم عليها البيتكوين توفر مستوى عالياً من الشفافية والأمان في تسجيل المعاملات، مما يجعلها جذابة كوسيلة للدفع. ومع ذلك، هذه التقنية تثير أيضاً قضايا قانونية جديدة، مثل كيفية التعامل مع النزاعات التي قد تنشأ عن أخطاء تقنية أو اختراق أمني. هذه القضايا تطرح أسئلة حول دور القوانين التقليدية في معالجة التحديات التي تفرضها العملات الرقمية، وما إذا كانت هناك حاجة لتطوير أطر قانونية جديدة [52] .

بناءً على التحليل السابق، يمكن القول إن البيتكوين تمثل ظاهرة مالية وقانونية تتحدى القواعد التقليدية للنقود. استخدام البيتكوين في سداد الالتزامات المالية يعتمد بشكل كبير على القوانين الوطنية وقبول الأطراف المتعاقدة. بينما أظهرت بعض الدول مرونة في تبني البيتكوين ضمن أطر قانونية معينة، لا يزال هناك الكثير من العمل المطلوب لتحقيق تنظيم شامل يضمن حماية جميع الأطراف ويعالج القضايا المتعلقة بالتقلبات والقوانين المالية. لذا، يُعد النقاش القانوني حول البيتكوين مستمراً ومفتوحاً لمزيد من التطورات في المستقبل[53] .

المطلب الثاني: آلية حماية المستخدمين للعملات المشفرة

تُعدُّ العملات المشفرة من أبرز الابتكارات التقنية في العصر الحديث، حيث أسهمت في إحداث تحول جذري في نظم المدفوعات والتبادلات المالية حول العالم. ومع هذا التطور الكبير، برزت الحاجة إلى وضع أطر قانونية تنظم استخدام هذه العملات وتحمي مستخدميها من المخاطر المختلفة، مثل الاحتيال، وغسيل الأموال، والتقلبات السوقية الحادة. ومن بين المناطق التي أولت اهتمامًا كبيرًا بهذا الموضوع الولايات المتحدة، وبريطانيا، والاتحاد الأوروبي، حيث تطورت التشريعات والتنظيمات بشكل ملحوظ لمواكبة هذا المجال الديناميكي.

في الولايات المتحدة، يتم التعامل مع العملات المشفرة ضمن إطار تنظيمي معقد، يعتمد على طبيعة الاستخدام والمخاطر المرتبطة بها. مصلحة الضرائب الأمريكية (IRS) تعتبر العملات المشفرة مثل البيتكوين والإيثريوم ملكية خاضعة للضريبة، وهو ما يعني أن أي أرباح يتم تحقيقها من تداول أو بيع هذه العملات تُعامل على أنها مكاسب رأسمالية. بالإضافة إلى ذلك، لجنة الأوراق المالية والبورصات (SEC) تراقب بعناية الأصول الرقمية التي تصنف كأوراق مالية، لضمان امتثالها لقوانين الأوراق المالية الفيدرالية. أما لجنة تداول السلع الآجلة (CFTC)، فهي تُشرف على العملات المشفرة التي تُعتبر سلعًا، مثل البيتكوين، وتعمل على مكافحة التلاعب والغش في الأسواق المرتبطة بها[54] على الرغم من هذا الإطار القانوني متعدد الأوجه، فإن حماية المستخدمين للعملات المشفرة في الولايات المتحدة تظل تحديًا كبيرًا. القوانين الحالية تُلزم منصات التداول وشركات الخدمات المالية المرتبطة بالعملات المشفرة بالامتثال لقوانين مكافحة غسيل الأموال (AML) ومعرفة العميل (KYC)، وهو ما يساهم في الحد من استخدام هذه العملات في الأنشطة غير المشروعة. كما أن هناك قوانين على مستوى الولايات، مثل قانون “BitLicense” في نيويورك، الذي يفرض متطلبات صارمة على الشركات العاملة في هذا المجال، بما في ذلك الاحتفاظ بالاحتياطيات المالية وتقديم تقارير دورية. ومع ذلك، تواجه السلطات تحديات كبيرة في ملاحقة الجرائم السيبرانية المرتبطة بالعملات المشفرة، حيث إن الطبيعة اللامركزية لهذه العملات تجعل من الصعب تعقب العمليات الاحتيالية واسترداد الأموال المسروقة [55] .

أما في بريطانيا، فقد اتخذت هيئة السلوك المالي (FCA) دورًا رياديًا في تنظيم العملات المشفرة وحماية المستخدمين. الهيئة أصدرت في عام 2020 قواعد تلزم الشركات التي تقدم خدمات مرتبطة بالأصول المشفرة بالتسجيل والحصول على تراخيص، مع الالتزام بقوانين مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. كما حظرت الهيئة في وقت لاحق بيع بعض المنتجات المالية المعقدة المرتبطة بالعملات المشفرة للمستهلكين الأفراد، مبررة ذلك بارتفاع مستوى المخاطر وعدم فهم معظم المستخدمين لهذه المنتجات بشكل كافٍ. هذا يعكس توجه بريطانيا نحو تنظيم صارم يهدف إلى حماية المستخدمين من المخاطر المالية المرتبطة بتقلب أسعار العملات المشفرة [56] فضلا عن ذلك، اعتبرت المحاكم البريطانية العملات المشفرة كأصول قابلة للتنفيذ بموجب القانون العام، مما يمنح المستخدمين حماية قانونية في حالة النزاعات المتعلقة بملكية العملات أو استخدامها. ومع ذلك، تواجه بريطانيا تحديات مستمرة في تطبيق القوانين، لا سيما مع تطور تقنيات جديدة مثل التمويل اللامركزي (DeFi) الذي يتيح للأفراد إجراء معاملات مالية بدون وسيط. هذا يتطلب وضع قوانين جديدة تعالج هذه الظواهر وتحمي المستخدمين من المخاطر المرتبطة بها، مثل فقدان السيطرة على الأصول أو التعرض للاحتيال[57].

في الاتحاد الأوروبي، شهدت السنوات الأخيرة تطورًا ملحوظًا في الأطر القانونية والتنظيمية المرتبطة بالعملات المشفرة، بهدف تعزيز حماية المستخدمين وتحقيق الاستقرار في الأسواق المالية. إحدى المبادرات البارزة هي لائحة الأسواق في الأصول الرقمية (MiCA)، التي تهدف إلى وضع قواعد موحدة لتنظيم الأصول الرقمية في جميع دول الاتحاد. هذه اللائحة تُلزم الشركات التي تقدم خدمات العملات المشفرة بالامتثال لمتطلبات شفافية صارمة، وتقديم معلومات واضحة للمستخدمين حول المخاطر المحتملة، وضمان حماية الأصول الرقمية من القرصنة أو الاختراقات.[58] كما تفرض قوانين الاتحاد الأوروبي على منصات التداول الالتزام بإجراءات مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، بما في ذلك التحقق من هوية المستخدمين والإبلاغ عن أي أنشطة مشبوهة. فضلا عن ذلك، توفر قوانين حماية المستهلك في الاتحاد الأوروبي، مثل توجيه الخدمات المالية عن بعد، إطارًا قانونيًا يضمن حقوق المستخدمين عند شراء أو تداول العملات المشفرة عبر الإنترنت. هذا يشمل حق التراجع عن الصفقات خلال فترة زمنية محددة وحق الحصول على تعويض في حالة وقوع خسائر ناتجة عن إهمال المنصة[59] على الرغم من هذه التطورات، يواجه الاتحاد الأوروبي تحديات كبيرة في توحيد التشريعات بين الدول الأعضاء، حيث تختلف السياسات التنظيمية بناءً على الأولويات الوطنية. بعض الدول، مثل ألمانيا، اعترفت بالعملات المشفرة كأدوات مالية ووضعت قوانين صارمة لتنظيمها، في حين أن دولًا أخرى، مثل بلغاريا، لا تزال تتعامل مع هذه الأصول بحذر شديد. هذا التفاوت يؤدي إلى تفاوت في مستويات حماية المستخدمين ويؤثر على تطور السوق بشكل عام [60] علاوة على ذلك، يواجه الاتحاد الأوروبي صعوبات في التعامل مع الجرائم السيبرانية المرتبطة بالعملات المشفرة، مثل الاحتيال وسرقة المحافظ الرقمية. الجهود الحالية تركز على تعزيز التعاون بين السلطات الوطنية وتطوير تقنيات جديدة لتعقب العمليات غير المشروعة. كما أن هناك مبادرات لتطوير شبكات بلوكتشين أوروبية محلية تُستخدم في تسهيل التبادلات الرقمية وضمان الأمان والشفافية [61]

بوجه عام، تسعى الولايات المتحدة، وبريطانيا، والاتحاد الأوروبي إلى تحقيق توازن دقيق بين تشجيع الابتكار في مجال العملات المشفرة وحماية المستخدمين من المخاطر. على الرغم من اختلاف الأطر القانونية والتنظيمية، فإن هناك توافقًا عامًا على أهمية تعزيز الشفافية والمساءلة في الأسواق الرقمية. التحديات القائمة تتطلب من المشرعين والمختصين في القانون مواكبة التطورات التقنية باستمرار ووضع سياسات مرنة تتناسب مع طبيعة هذا المجال المتغير بسرعة. حماية المستخدمين للعملات المشفرة ليست مجرد مسألة قانونية، بل هي أيضًا قضية اجتماعية واقتصادية تتطلب تعاونًا دوليًا لضمان تحقيق الأمان والاستقرار في هذا القطاع.

المطلب الثالث: مآل العملات المشفرة

مع تزايد استخدام هذه العملات وانتشارها بين الأفراد والمؤسسات، ظهرت تساؤلات قانونية جديدة تتعلق بمصير هذه الأصول الرقمية بعد وفاة أصحابها، خاصةً في ظل الطبيعة الفريدة للعملات المشفرة التي تجمع بين السرية والتعقيد التقني [62] ويزداد التحدي في تحديد كيفية حماية حقوق الورثة وضمان حصولهم على هذه الأصول دون تعرضها للضياع أو الاستغلال، وهو ما يثير اهتمام السلطات القانونية والتنظيمية في كل من الولايات المتحدة، وبريطانيا، والاتحاد الأوروبي[63]. ففي الولايات المتحدة، يشكل مآل العملات المشفرة بعد وفاة صاحبها تحديًا قانونيًا نظرًا للطبيعة الخاصة لهذه الأصول. العملات المشفرة تُخزن عادة في محافظ رقمية تُدار بواسطة مفاتيح خاصة تُعتبر الوسيلة الوحيدة للوصول إلى الأصول. إذا لم يقم صاحب المحفظة بتوفير معلومات حول المفاتيح الخاصة لورثته أو ترك خطة واضحة لتوريثها، فإن الأصول قد تصبح غير قابلة للوصول، وبالتالي تضيع بشكل كامل. وللتعامل مع هذا الوضع، بدأت بعض الولايات الأميركية في تعديل قوانين الإرث لإدراج الأصول الرقمية ضمن التركة. على سبيل المثال، قانون الوصول الموحد للأصول الرقمية الذي اعتمدته عدة ولايات يمنح الوكلاء القانونيين والورثة إمكانية الوصول إلى الحسابات الرقمية، بما في ذلك المحافظ المشفرة، بشرط تقديم المستندات القانونية المطلوبة مثل وصية صريحة أو تفويض قانوني[64] .

ومع ذلك، لا يزال الإطار القانوني غير موحد في جميع الولايات الأميركية، مما يخلق فجوة قانونية تؤثر على حماية حقوق الورثة. إلى جانب ذلك، قد تواجه شركات تقديم خدمات العملات المشفرة، مثل منصات التداول، صعوبات قانونية وتقنية في التعامل مع طلبات الورثة، خاصةً إذا لم يكن هناك دليل واضح يثبت وفاة صاحب الحساب أو هويته القانونية. ولهذا السبب، بدأت بعض المنصات في توفير خدمات مخصصة لتسهيل عملية نقل الأصول الرقمية إلى الورثة، مثل إعداد خطط للتوريث الرقمي أو تقديم خيارات «الوريث الرقمي»، التي تتيح لأصحاب الحسابات تعيين ورثة مباشرون يمكنهم الوصول إلى الأصول بعد الوفاة [65].

أما في بريطانيا، فالقانون التقليدي للإرث لا يزال يُطبق على الأصول الرقمية بما في ذلك العملات المشفرة، ولكن الطبيعة التقنية لهذه الأصول تُضيف طبقة من التعقيد القانوني. عند وفاة صاحب الأصول الرقمية، يجب أن يكون هناك دليل قانوني واضح يسمح للورثة بالوصول إلى المحفظة الرقمية واسترداد الأصول. هذا يتطلب عادة تقديم شهادة وفاة قانونية وصكوك إثبات الوصاية أو التركة. ومع ذلك، قد تواجه الورثة تحديات إضافية في التعامل مع منصات العملات المشفرة، خاصةً إذا كانت المنصة موجودة خارج بريطانيا أو تلتزم بسياسات صارمة بشأن السرية[66] .

وفي ظل غياب تشريعات موحدة تغطي العملات المشفرة، يعتمد القضاء البريطاني على المبادئ العامة للقانون المدني والتجاري لحل النزاعات المتعلقة بإرث الأصول الرقمية. المحاكم البريطانية، مثلها مثل الأميركية، تعترف بأهمية إدراج العملات المشفرة ضمن التركة، وتُشجع الأفراد على اتخاذ تدابير وقائية لضمان نقل أصولهم الرقمية بشكل سلس إلى ورثتهم. ومن بين التدابير الشائعة إنشاء وصايا تتضمن تفاصيل حول الأصول الرقمية أو تخزين المفاتيح الخاصة في خدمات موثوقة مثل الأمناء الرقميين أو منصات الحفظ الآمنة.

أما على مستوى الاتحاد الأوروبي، فإن التعامل مع مآل العملات المشفرة يتفاوت بشكل كبير بين الدول الأعضاء بسبب غياب إطار قانوني موحد ينظم الإرث الرقمي. ومع ذلك، ظهرت بعض المبادرات في السنوات الأخيرة لتوفير حماية أفضل لحقوق الورثة. لائحة الأسواق في الأصول الرقمية (MiCA)، التي أقرها الاتحاد الأوروبي مؤخرًا، تُعتبر خطوة هامة نحو وضع قواعد شاملة تنظم الأصول الرقمية، بما في ذلك الجوانب المرتبطة بإرث هذه الأصول. اللائحة تُلزم منصات التداول بتوفير شفافية أعلى وتسهيل الوصول إلى الأصول الرقمية في حالة الوفاة أو العجز[67] .

بعض الدول الأوروبية، مثل ألمانيا وفرنسا، اتخذت خطوات إضافية لمعالجة هذه القضية. على سبيل المثال، في ألمانيا، تُعتبر العملات المشفرة أصولًا قانونية تدخل ضمن التركة، ويمكن للورثة الوصول إليها بناءً على القوانين الوطنية للإرث. في فرنسا، أُدخلت تعديلات على القوانين المدنية تسمح بإدراج الأصول الرقمية في الوصايا أو الاتفاقيات العائلية. ورغم هذه الخطوات، لا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه الورثة، خاصةً إذا لم يقم صاحب الأصول بتوفير تفاصيل واضحة حول مكان تخزين المفاتيح الخاصة أو كيفية الوصول إليها [68] .

على المستوى العملي، يوصي الخبراء القانونيون في الولايات المتحدة، وبريطانيا، والاتحاد الأوروبي الأفراد الذين يمتلكون عملات مشفرة باتخاذ خطوات استباقية لضمان حماية حقوق ورثتهم. من بين هذه الخطوات إعداد وصايا رقمية تتضمن تفاصيل حول الأصول الرقمية، وتخزين المفاتيح الخاصة في خدمات آمنة أو استخدام تقنيات مبتكرة مثل المحافظ متعددة التوقيع التي تتطلب موافقة أكثر من طرف للوصول إلى الأصول. كما يُنصح بالاستعانة بمستشارين قانونيين متخصصين في الأصول الرقمية لضمان الامتثال للقوانين المحلية والدولية [69] بالإضافة إلى ذلك، يمكن تعزيز حماية الورثة من خلال تطوير تقنيات جديدة تُسهل عملية نقل الأصول الرقمية بعد الوفاة. بعض الشركات التقنية بدأت بالفعل في تقديم خدمات مبتكرة مثل العقود الذكية التي تُنفذ تلقائيًا شروط نقل الأصول إلى الورثة عند تحقق ظروف معينة، مثل تقديم شهادة وفاة. ومع ذلك، تتطلب هذه الحلول مزيدًا من التطوير والتعاون بين الجهات التقنية والقانونية لضمان فعاليتها وحمايتها من الاختراقات أو التلاعب[70].

في المجمل، تُعتبر قضية مآل العملات المشفرة وحماية حقوق الورثة من الضياع موضوعًا معقدًا يتطلب تضافر الجهود بين الأنظمة القانونية والتقنية. ورغم التقدم المحرز في الولايات المتحدة، وبريطانيا، والاتحاد الأوروبي، إلا أن الحاجة لا تزال قائمة لوضع أطر قانونية موحدة وشاملة تُعالج جميع الجوانب المرتبطة بإرث العملات المشفرة. يتطلب ذلك تعزيز التعاون الدولي، وتوفير توعية قانونية واسعة للمستخدمين، وتشجيع الابتكار في مجال الحماية الرقمية لضمان حقوق الورثة في عالم يزداد تعقيدا.

الخاتمة :

بعد الانتهاء من كتابة بحثنا الموسوم : الجوانب القانونية لعملة البيتكوين فقد توصلنا الى نتائج وتوصيات نحاول ندرجها في ادناه :

اولا - النتائج :

من النتائج التي توصلنا اليها ما يلي :

يُعد البيتكوين من العملات الرقمية الافتراضية التي لا يمكن ايجادها بصورة واقعية (ملموسة) وانما توجد فقط بشكل الكتروني على اجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة .

لا يمكن اضفاء صفة العملة بمفهومه المطلق على البيتكوين لأنها ليست عملة قانونية تصدر عن جهة رسمية مناط اليها مهمة اصدارها قانونا .

ان استخدام العملات الرقمية المشفرة ينطوي على مخاطر كبيرة تتمثل بعمليات الاحتيال وتهريب الاموال واستخدامها كغطاء لعمليات غسيل الاموال .

 يمكن ان تتحول عملة البيتكوين الى عملة آمنة لها دورها في ولادة اعمال لها الدور الكبير في تسهيل عمليات التجارة بشكل اسرع إذا ما تم تنظيمها من قبل الحكومات المركزية من خلال تنظيم العمل بها وفق ضوابط دقيقة وانشاء هيئة دولية تقوم بالرقابة عليها وفرض الرسوم والضرائب والتراخيص اللازمة لممارستها .

ان مشروعية العملات الرقمية المشفرة أمر مختلف عليه بين دول العالم منهم من اجازها مثل المانيا ومنهم من جرمها وفرض عقوبات جزائية عليها مثل الجزائر .

ثانيا: التوصيات:

ندعو الجهات التشريعية والبنوك المركزية في العالم الى ايجاد تنظيم قانوني دولي للعملات المشفرة كونها ذات طبيعة عالمية غير محددة بنطاق جغرافي معين .

ضرورة حث الدول على ضرورة ضبط عملية تداول العملات المشفرة وحصر تداولها على التجارة الدولية فقط دون السماح بتداولها محليا في معاملات الافراد والتجار .

ضرورة ايلاء الرقابة على الاموال المحولة من الخارج الاهمية القصوى والتأكد من عدم ارتباطها بالعملات الافتراضية من خلال التحقيق مع مالك الحساب المصرفي من قبل الجهات المختصة الامر الذي يسهم في تقليل التداول خوفا من الملاحقة القانونية .

ضرورة تركيز الدول اهتمامها على وضع ضوابط للنظام المالي للعملات الرقمية الافتراضية وحظر التعامل بها لحين اعداد دراسة مفصلة حول الموضوع ومعرفة اثرها السلبي على الاقتصاد المحلي والعملة والوطنية .

واخيرا وليس اخرا نقترح على المشرع العراقي سن تشريع يمنع التداول بالعملات الرقمية الافتراضية غير القانونية وضرورة التشديد وفرض العقوبات الصارمة على مخالفة القوانين التي تنظم هذا الشيء.

المراجع

أحمد خالد عبد الله، البتكوين وأثرها على الأنظمة الاقتصادية والسياسية، الطبعة الثانية، دار الكتب القانونية، لبنان، 2020.

أحمد عبد الرحمن عبد الله، «البيتكوين والعملات الرقمية: دراسة في المفاهيم والتحديات القانونية»، الطبعة الأولى، دار الفكر القانوني، مصر، 2020 .

حسن عبد المجيد، الإطار القانوني للعملات الرقمية في التشريعات العربية والدولية، الطبعة الأولى، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2021.

خالد عبد الحميد، «البيتكوين: دراسة قانونية.» دار النهضة العربية للنشر والتوزيع، القاهرة، مصر، 2019

خالد عبد الحميد، «البيتكوين: دراسة قانونية.» دار النهضة العربية للنشر والتوزيع، القاهرة، مصر، 2019.

عبد الرحمن عبد القادر، البيتكوين والعملات الرقمية: الأبعاد القانونية والاقتصادية، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، مصر، 2022.

عبد الله احمد النصيرات، تقنية البلوكشين: الثورة الرقمية الجديدة، الطبعة الأولى، دار المسيرة، الأردن، 2021 .

ماهر الحلواني، الكتل المتسلسلة، العملات المشفرة والقانون المالي الدولي : البيتكوين والعملات الرقمية، دراسة تحليلية أكاديمية، بدون دار نشر، 2018 .

محمد جاد الحق، «العملات الافتراضية بين التشريع والاقتصاد: دراسة قانونية»، الطبعة الثانية، دار النهضة العربية، مصر، 2020 .

محمد سعيد، البتكوين والبلوكشين: الفرص والتحديات القانونية، الطبعة الأولى، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية ، 2020 .

محمد عبد الله الشمري، «التقنيات الحديثة للعملات الرقمية: البيتكوين نموذجاً»، الطبعة الثانية، دار النهضة العربية، بيروت، لبنان، 2021 .

محمد محمود أحمد، «التقنيات المالية والعملات الرقمية: التحديات القانونية،» مجلة القانون والاقتصاد، المجلد 45، العدد 3، 2020.

محمود حسن الشناوي، «تقنيات البلوكشين وأثرها على القانون التجاري،» مجلة العلوم القانونية والاقتصادية، تصدر عن کلية الحقوق جامعة عين شمس، المجلد 42، العدد 2، 2021 .

ثانياً - البحوث والمقالات:

عبد الله حسن الشحي، «التحديات القانونية للعملات المشفرة،» المجلة العربية للقانون والتقنية، العدد 6، 2021 .

محمد محمود أحمد، «التقنيات المالية والعملات الرقمية: التحديات القانونية،» مجلة القانون والاقتصاد، المجلد 45، العدد 3، 2020.

محمود حسن الشناوي، «تقنيات البلوكشين وأثرها على القانون التجاري،» مجلة العلوم القانونية والاقتصادية، تصدر عن کلية الحقوق جامعة عين شمس، المجلد 42، العدد 2، 2021.

معمر بن طرية: العقود الذكية المدمجة في «البلوك تشين»، مجلة كلية القانون الكويتية العالمية –ملحق خاص -2 مايو 2019 ،مايو 2019 ، العدد 6- أبحاث المؤتمر السنوي الدولي ، المستجدات القانونية المعاصرة: قضايا وتحديات 14، الجزء الأول .

ثالثا - الرسائل العلمية:

حوالف عبد الصمد، النظام القانوني لوسائل الدفع الإلكتروني، أطروحة دكتوراه، كلية الحقوق والعلوم السياسية ، جامعة تلمسان، 2014 – 2015 .

رند محمد مهيمن فتحي الادهم، نحو تنظيم قانوني للعملات الرقمية (دراسة مقارنة)، رسالة ماجستير مقدمة الى جامعة الشرق الاوسط،2023.

صفاء متعب فجة الخزاعي، التنظيم القانوني لانتقال التركة الرقمية : دراسة مقارنة، أطروحة دكتوراه مقدمة الى كلية القانون جامعة كربلاء ، 2020.

رابعا – المصادر والمراجع باللغة الانكليزية :

John Smith, Understanding Bitcoin: Legal, Economic, and Technical Dimensions, 1st Edition, Cambridge University Press, United States, 2018.

Wolfgang Kirchner, “Legal and Economic Perspectives on Bitcoin: A Digital Asset,” 2nd Edition, Springer, Germany, 2020..

Jonathan Ford, “The Legal Challenges of Digital Payment Systems: Bitcoin as a Case Study,” 1st Edition, Oxford University Press, United Kingdom, 2018.

Jean Thibault, “Cryptocurrencies and Legal Systems: A Comparative Analysis,” 3rd Edition, Editions Gallimard, France, 2019.

Joseph Stiegler, “The Cryptocurrency Revolution: Understanding Bitcoin and Its Global Impact,” 1st Edition, Harvard University Press, USA, 2021

Financial Services and Markets Act 2000 (amended by the Financial Services Act 2021) and FCA Guidance

Nakamoto, Satoshi, Bitcoin: A Peer-to-Peer Electronic Cash System, Self-published, 2008.

Antonopoulos, Andreas M., Mastering Bitcoin: Unlocking Digital Cryptocurrencies, 2nd edition, O'Reilly Media, United States, 2017.

Tapscott, Don & Tapscott, Alex, Blockchain Revolution: How the Technology Behind Bitcoin and Other Cryptocurrencies is Changing the World, Portfolio Penguin, United States, 2016.

Casey, Michael J. & Vigna, Paul, The Age of Cryptocurrency: How Bitcoin and the Blockchain Are Challenging the Global Economic Order, 1st edition, St. Martin's Press, United States, 2015.

Bryans, David P., Bitcoin and Money Laundering: Mining for an Effective Solution, Indiana Law Journal, Vol. 89, Indiana University, United States, 2014.

Golumbia, David, The Politics of Bitcoin: Software as Right-Wing Extremism, University of Minnesota Press, United States, 2016.

Blandin, Apolline, et al. “The European Cryptocurrency Ecosystem.” University of Cambridge Centre for Alternative Finance, 2020.

Aviv. Zohar,”Bitcoin: Under the Hood.” Communications of the ACM, vol. 58, no. 9, 2015.

Antonopoulos, Andreas M. Mastering Bitcoin: Unlocking Digital Cryptocurrencies. O'Reilly Media, 2014.

 

[1] John Smith, Understanding Bitcoin: Legal, Economic, and Technical Dimensions, 1st Edition, Cambridge University Press, United States, 2018, p. 45.

[2] أحمد عبد الرحمن عبد الله، «البيتكوين والعملات الرقمية: دراسة في المفاهيم والتحديات القانونية»، الطبعة الأولى، دار الفكر القانوني، مصر، 2020، ص. 23.

[3] محمد عبد الله الشمري، «التقنيات الحديثة للعملات الرقمية: البيتكوين نموذجاً»، الطبعة الثانية، دار النهضة العربية، بيروت، لبنان، 2021، ص. 45.

[4] Wolfgang Kirchner, “Legal and Economic Perspectives on Bitcoin: A Digital Asset,” 2nd Edition, Springer, Germany, 2020, p. 67.

[5] Jonathan Ford, “The Legal Challenges of Digital Payment Systems: Bitcoin as a Case Study,” 1st Edition, Oxford University Press, United Kingdom, 2018, p. 102.

[6] Jean Thibault, “Cryptocurrencies and Legal Systems: A Comparative Analysis,” 3rd Edition, Editions Gallimard, France, 2019, p. 89.

[7] Joseph Stiegler, “The Cryptocurrency Revolution: Understanding Bitcoin and Its Global Impact,” 1st Edition, Harvard University Press, USA, 2021, p. 56.

[8] محمد جاد الحق، «العملات الافتراضية بين التشريع والاقتصاد: دراسة قانونية»، الطبعة الثانية، دار النهضة العربية، مصر، 2020، ص. 134.

[9] محمد جاد الحق، «العملات الافتراضية بين التشريع والاقتصاد: دراسة قانونية»، المرجع السابق، ص. 134.

[10] U.S. Securities and Exchange Commission (SEC), USA, 2019.

[11] European Parliament, Regulation (EU) 858/2019.

[12] Article 2(5) of the Law on Payment Services (Japan) (2017).

[13] Financial Services and Markets Act 2000 (amended by the Financial Services Act 2021) and FCA Guidance

[14] Nakamoto, Satoshi, Bitcoin: A Peer-to-Peer Electronic Cash System, Self-published, 2008, p 19

[15] أحمد خالد عبد الله، البتكوين وأثرها على الأنظمة الاقتصادية والسياسية، الطبعة الثانية، دار الكتب القانونية، لبنان، 2020،  ص 108.

[16] Antonopoulos, Andreas M., Mastering Bitcoin: Unlocking Digital Cryptocurrencies, 2nd edition, OReilly Media, United States, 2017, p 120.

[17] محمد جاد الحق، «العملات الافتراضية بين التشريع والاقتصاد: دراسة قانونية»، المصدر السابق، ص 144.

[18] Tapscott, Don & Tapscott, Alex, Blockchain Revolution: How the Technology Behind Bitcoin and Other Cryptocurrencies is Changing the World, Portfolio Penguin, United States, 2016, pp. 80-85

[19] Casey, Michael J. & Vigna, Paul, The Age of Cryptocurrency: How Bitcoin and the Blockchain Are Challenging the Global Economic Order, 1st edition, St. Martins Press, United States, 2015, pp. 90-95

[20] رند محمد مهيمن فتحي الادهم، نحو تنظيم قانوني للعملات الرقمية (دراسة مقارنة)، رسالة ماجستير مقدمة الى جامعة الشرق الاوسط،2023، ص 46 .

[21] عبد الرحمن عبد القادر، البيتكوين والعملات الرقمية: الأبعاد القانونية والاقتصادية، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، مصر، 2022، ص. 130-131.

[22] Bryans, David P., Bitcoin and Money Laundering: Mining for an Effective Solution, Indiana Law Journal, Vol. 89, Indiana University, United States, 2014, p 441.

[23] Golumbia, David, The Politics of Bitcoin: Software as Right-Wing Extremism, University of Minnesota Press, United States, 2016, pp. 50.

[24] حسن عبد المجيد، الإطار القانوني للعملات الرقمية في التشريعات العربية والدولية، الطبعة الأولى، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2021، ص 95.

[25] محمد سعيد، البتكوين والبلوكشين: الفرص والتحديات القانونية، الطبعة الأولى، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2020، ص. 98-100.

[26] Nakamoto, Satoshi, Bitcoin: A Peer-to-Peer Electronic Cash System, Whitepaper, 2008, p 261.

[27] Tapscott, Don & Tapscott, Alex, Blockchain Revolution: How the Technology Behind Bitcoin Is Changing Money, Business, and the World, Portfolio, United States, 2016, pp. 99-100.

[28] Mougayar, William, The Business Blockchain: Promise, Practice, and Application of the Next Internet Technology, Wiley, United States, 2016, pp. 54-55

[29] Werbach, Kevin, The Blockchain and the New Architecture of Trust, The MIT Press, United States, 2018, pp. 83-85

[30] Casey, Michael J., The Truth Machine: The Blockchain and the Future of Everything, St. Martins Press, United States, 2018, p 104.

[31] De Filippi, Primavera & Wright, Aaron, Blockchain and the Law: The Rule of Code, Harvard University Press, United States, 2018, p 88.

[32] عبد الله احمد النصيرات، تقنية البلوكشين: الثورة الرقمية الجديدة، الطبعة الأولى، دار المسيرة، الأردن، 2021، ص. 70.

[33] محمد سعيد، البتكوين والبلوكشين: الفرص والتحديات القانونية، الطبعة الأولى، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2020، ص. 99-100.

[34] Antonopoulos, Andreas M., Mastering Bitcoin: Unlocking Digital Cryptocurrencies, OReilly Media, United States, 2014, p 130.

[35] انظر هيئة تداول السلع الآجلة (CFTC): لجنة تداول السلع الآجلة (2015). «إشعار موظفي اللجنة بشأن العملات الافتراضية. تعتبر هيئة تداول السلع الآجلة البيتكوين سلعة بموجب قانون تبادل السلع لعام 1936. وبالتالي، يخضع البيتكوين للتنظيم من قبل الهيئة في الأسواق والعقود الآجلة للسلع.

 Commodity Futures Trading Commission (CFTC) Regulation, Retrieved from: https://www.cftc.gov

[36] هيئة الأوراق المالية والبورصات (SEC): هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (2017). «إطار تحليل ‘عقود الاستثمار’ للأصول الرقمية. اذ ترى هيئة الأوراق المالية والبورصات أن البيتكوين ليست ورقة مالية لأنها لا تمثل حصة في شركة أو التزامًا ماليًا، لكنها قد تخضع لقوانين مكافحة الاحتيال إذا تم استخدامها لجمع الأموال من المستثمرين.

U.S. Securities and Exchange Commission (SEC) View: Securities and Exchange Commission. (2017). “Framework forInvestment ContractAnalysis of Digital Assets.” Retrieved from: https://www.sec.gov

[37] انظر هيئة السلوك المالي البريطانية (2019 FCA) إرشادات بشأن الأصول المشفرة «تعتبر هيئة السلوك المالي في بريطانيا البيتكوين «أصلًا مشفرًا غير منظم»، مما يعني أنه ليس نقودًا قانونية ولا يُصنف كسلعة أو أداة مالية. ومع ذلك، فهو يخضع للقوانين المتعلقة بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب».

[38] انظر قانون Pacte الفرنسي (2019). وبموجبه تعتبر فرنسا البيتكوين كأصل رقمي. ولا يُعتبر عملة قانونية، يمكن تداول البيتكوين بين الأفراد أو عبر منصات التداول، مع ضرورة تسجيل مقدمي خدمات الأصول الرقمية لدى السلطات المختصة.

Pacte Law Gouvernement Français. (2019). «Loi PacteRetrieved from: https://www.legifrance.gouv.fr

[39] الاتحاد الأوروبي - اللائحة رقم 858/2019 بشأن أسواق الأصول الرقمية وتُصنف اللائحة 858 البيتكوين كأصل مشفر يُستخدم كوسيلة لتخزين القيمة أو التبادل، لكنه ليس عملة قانونية. تهدف هذه اللائحة إلى وضع إطار قانوني موحد لتداول البيتكوين في الاتحاد الأوروبي مع احترام خصوصية الدول الأعضاء.

European Parliament. (2019). “Regulation (EU) 858/2019 on Markets in Crypto-Assets.” Official Journal of the European Union. Retrieved from: https://eur-lex.europa.eu

[40] Joseph Stigler, Bitcoin as a Financial Asset, Edition, Publisher, Country, Year of Publication, P 307.

[41] Jonathan Hill, Bitcoin and the Storage of Value: A Legal Perspective, Edition, Publisher, Country, Year of Publication, P 482.

[42] Marc Rocher, Legal Perspectives on Digital Assets: The Case of Bitcoin, Edition, Publisher, Country, Year of Publication, P 295.

[43] محمد جاد الحق، «العملات الافتراضية بين التشريع والاقتصاد: دراسة قانونية»، المصدر السابق، ص. 138.

[44] De Filippi, Primavera, and Aaron Wright. Blockchain and the Law: The Rule of Code. Harvard= =University Press, United States, 2018, p 109; IRS (Internal Revenue Service). “IRS Virtual Currency Guidance.” United States, 2014, URL: https://www.irs.gov

[45] Nakamoto, Satoshi. “Bitcoin: A Peer-to-Peer Electronic Cash System.” 2019, p 248; FCA (Financial Conduct Authority). “Guidance on Cryptoassets.” London, United Kingdom, 2019, URL: https://www.fca.org.uk

[46] European Central Bank. “Virtual Currency Schemes.” Frankfurt, Germany, 2015, URL: https://www.ecb.europa.eu

[47] محمد محمود أحمد، «التقنيات المالية والعملات الرقمية: التحديات القانونية،» مجلة القانون والاقتصاد، المجلد 45، العدد 3، 2020، ص 382.

[48] خالد عبد الحميد، «البيتكوين: دراسة قانونية.» دار النهضة العربية للنشر والتوزيع، القاهرة، مصر، 2019، ص 296 & عبد الله حسن الشحي، «التحديات القانونية للعملات المشفرة،» المجلة العربية للقانون والتقنية، العدد 6، 2021، ص 279.

[49] United States v. Ulbricht, 31 F. Supp. 3d 540 (S.D.N.Y. 2014).

[50] AA v. Rainer Böhme, [2019] EWHC 3556 (Comm) UK.

[51] محمود حسن الشناوي، «تقنيات البلوكشين وأثرها على القانون التجاري،» مجلة العلوم القانونية والاقتصادية، تصدر عن کلية الحقوق جامعة عين شمس، المجلد 42، العدد 2، 2021، ص 311.

[52] Aviv. Zohar,”Bitcoin: Under the Hood.” Communications of the ACM, vol. 58, no. 9, 2015, p 113.

[53] Antonopoulos, Andreas M. Mastering Bitcoin: Unlocking Digital Cryptocurrencies. OReilly Media, 2014, P 447.

[54] Lansky, Jan. “Possible State Approaches to Cryptocurrencies.” Journal of Systems Integration, vol. 9, no. 1, 2018, pp. 19-31, Securities and Exchange Commission (SEC): Framework forInvestment ContractAnalysis of Digital Assets (2019): Details how the SEC assesses whether digital assets are considered securities, https://www.sec.gov

[55] IRS Notice 2014-21: Provides guidance on the tax treatment of virtual currencies like Bitcoin and Ethereum, https://www.irs.gov.

[56] Financial Conduct Authority (FCA): “Guidance on Cryptoassets (PS19/22, https://www.fca.org.uk.

[57] British Blockchain Association: “Cryptocurrencies and Legal Frameworks in the UK», https://www.britishblockchainassociation.org

[58] Markets in Crypto-Assets Regulation (MiCA): Official regulation proposal for cryptocurrencies in the EU (2020), https://www.europarl.europa.eu

[59] European Central Bank (ECB): Crypto-Assets: Implications for Financial Stability, Monetary Policy, and Payments and Market Infrastructures (2019), https://www.ecb.europa.eu

[60] Blandin, Apolline, et al. “The European Cryptocurrency Ecosystem.” University of Cambridge Centre for Alternative Finance, 2020, P 528.

[61] Ibid.

[62] ماهر الحلواني، الكتل المتسلسلة، العملات المشفرة والقانون المالي الدولي: البتكوين والعملات الرقمية، دراسة تحليلية أكاديمية، بدون دار نشر، 2018، ص، 8& معمر بن طرية: العقود الذكية المدمجة في «البلوك تشين»، مجلة كلية القانون الكويتية العالمية –ملحق خاص -2 مايو 2019 ، العدد – 6- أبحاث المؤتمر السنوي الدولي ، المستجدات القانونية المعاصرة: قضايا وتحديات 14، الجزء الأول، ص 53.

[63] eaving a Digital Legacy - The future of the Memorial , https://www.lexikin.com/guide/leaving-digital-legac

[64] صفاء متعب فجة الخزاعي، التنظيم القانوني لانتقال التركة الرقمية : دراسة مقارنة، أطروحة دكتوراه مقدمة الى كلية القانون جامعة كربلاء ، 2020، ص 199.

[65] حوالف عبد الصمد ، النظام القانوني لوسائل الدفع الإلكتروني ، أطروحة دكتوراه ، كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة تلمسان ، 2014 – 2015 ، ص 141- 142.

[66] Arthur, Charles. 2011. “Bitcoin Value Crashes below Cost of Production as Broader Use Stutters.” theguardian.com, 18 October. http://www.theguardian.com/technology/2011/oct/18/bitcoin-value-crash-cryptocurrency

[67] Internal Revenue Service(IRS ), Notice 2014-21, www.irs.gov/pub/irs-drop/n-14-21.pdf

[68] OECD Report on Taxing Virtual Currencies (2020): Covers tax policies for digital assets in multiple jurisdictions.

[69] IMF Staff Discussion Note (2021): “The Rise of Digital Money: Regulatory Challenges, p538.

[70] Decision confirming Bitcoins use as a commodity under the CFTCs jurisdiction, p284.